الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 مارس 2018

الطعن 15943 لسنة 63 ق جلسة 16 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 181 ص 1203

جلسة 16 نوفمبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار / محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.
----------
(181)
الطعن 15943 لسنة 63 ق
(1) حكم "بيانات حكم الإدانة"" تسبيبه . تسبيب غير معيب ". جريمة " أركانها ".  نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
حكم الإدانة . وجوب اشتماله على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة وأدلة الثبوت . المادة 310 إجراءات . مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة رشوة .
(2) جريمة " أركانها ".  رشوة . موظفون عموميون " اختصاصهم". اختصاص . حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".  نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
جريمة الرشوة مناط تحققها . لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة ما إذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من جانب الموظف حقا أو غير حق مثال .
(3) إثبات " شهود" . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والفصل فيها".  نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". إثبات " شهود" .
إيراد الحكم أقوال الشاهد كما هي في الأوراق -من عدم اختصاص الطاعنين بالمرور على المحلات التجارية التي تتعامل في المواد الغذائية والتفتيش عليها لضبط مخالفتها –لا ينال من سلامة ما استقر في وجدان المحكمة من اختصاص الطاعنين بذلك العمل.
(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم .ماهيته . 
مثال.
(6) اختصاص " الاختصاص المحلي ". تفتيش " إذن التفتيش . إصداره ""بياناته" . نيابة عامة . رشوة . دفوع " الدفع ببطلان اذن التفتيش".
عدم إيجاب القانون ذكر الاختصاص المكاني مقرونا ًباسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش .
(7) إثبات " اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. ولو عدل عنه . متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
(8) إثبات " اعتراف " . إكراه . دفوع" الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب".
البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه الإكراه موضوعي.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع تحصيل أقوال الشاهد وتفهمها واستخلاص مراميها غير مفيدة بالأخذ بالأقوال الصريحة أو بمدلولها الظاهر مادامت لم تحرف الشهادة عن موضوعها .
(10) إجراءات " إجراءات التحقيق ".  حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب". نيابة عامة . اثبات " خبرة". استدلالات . مأمور الضبط القضائي. دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
حق عضو النيابة كرئيس للضبطية القضائية الاستعانة بأهل الخبرة . دون حلف يمين. أساس ذلك ؟ حق محكمة الموضوع الأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات . ولو كان في محاضر جمع الاستدلالات . مادامت مطروحة للبحث. عدم التزام المحكمة بالتعرض لدفاع ظاهر البطلان . مثال .
(11) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي استند إليها الحكم
(12) عقوبة " تطبيقها " " نوعها" " عقوبة تكميلية" . غرامة " الغرامة النسبية". نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون". 
العقوبة الأصلية . توقع منفردة دون أن يكون القضاء بها معلقا على الحكم بعقوبة أخرى . العقوبات الأصلية للجنايات . مقصورة على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن . أساس ذلك . الغرامة . عقوبة تكميلية . إذا قضى بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى في جناية . الغرامة المنصوص عليها بالمادة 103 عقوبات . ماهيتها . الغرامة النسبية المقضي بها على جملة متهمين فاعلين كانوا أو شركاء . تضامنية بينهم . عدم التنفيذ عليهم جميعا بأكثر من مقدارها المحدد بالحكم . أساس ذلك. انزال الحكم المطعون فيه عقوبة الغرامة النسبية على كل من المحكوم عليهما . خطأ . يعيبه .
(13) محكمة النقض " سلطتها".  نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
حق محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين أنه مبنى على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله . أساس ذلك .
----------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى أنه أثناء وجود ..... و .... صاحب شركة .... لتعبئة البقول ببندر ..... في مخزن الشركة حضر إليهما الطاعنان مفتشا الأغذية بمديرية الصحة .... وقاما بمعاينة كمية من الأرز كانت في أجولة لم تعبأ بعد فوجدا أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي وكان بصحبتهما .... مراقب عام الأغذية بإدارة الشئون الوقائية بـ ...... وقام الطاعن الثاني بأخذ إقرار .... بعدم تسليم كمية الأرز التالفة إلا في حضور أحد منهما ثم عاد الطاعنان بعد حوالى ساعة وطلبا منه ثلاثة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل عدم الإبلاغ عن كمية الأرز التالفة الموجودة بالمخزن وإعدامها وتم الاتفاق معهما على دفع ألفى جنيه أعطى لهما منه ألفا والألف الثانية اتفق على تسليمها إلى الطاعن الأول بمسكنه فقام بالإبلاغ وتم القبض على الطاعن الأول متلبساً بتقاضي الألف جنيه المتبقية كما تم ضبط الإقرار لدى الطاعن الثاني ، ثم دلل الحكم على هذه الواقعة بما أورده من الأدلة التي تنتجها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ، أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما ، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
2 - لما كان من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق متى طلب المرتشي الرشوة مقابل الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته ولو ظهر أنه غير حق ، وإذن فإذا كان الغرض الذى من أجله طلب الطاعنان الرشوة هو التغاضي عن تحرير محضر عن واقعة ضبط كمية الأرز المنوه عنها لدى مالكيها ، وكان تحرير المحضر يدخل في اختصاص الطاعنين بوصفهما مفتشا أغذية بمديرية الصحة بـ .... ومن عملهما التفتيش على محلات الأغذية لمراقبة تنفيذ القوانين الخاصة بها وتحرير المحاضر لمخالفاتها بصفتهما من رجال الضبطية القضائية في هذا الشأن وكان لا أثر في قيام جريمة الرشوة ثبوت توافر جريمة مخالفة قانون الأغذية أو عدم توافرها ، ما دام أن القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الامتناع عنه من جانب الموظف ــ حقاً أو غير حق فإن ما يثار عن قصور الحكم في استظهار توافر عناصر جريمة غش الأغذية من واقع القانون الذى يحكمها ، يكون في غير محله .
3 - لما كان من حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، وهو الحال في الدعوى المطروحة ــ فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بفرض صحته . يكون على غير سند .
4 - لما كان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه ما أورده في أقوال الشاهد الأول كما هي في الأوراق من أنه لا يدخل في اختصاص الطاعنين المرور على المحلات التجارية التي تتعامل في المواد الغذائية والتفتيش عليها لضبط مخالفتها ، إذ أن ما أورده الحكم من ذلك لا ينال مما استقر في وجدان المحكمة ــ بالأدلة السائغة ــ من اختصاص الطاعنين بالتفتيش على محلات الأغذية لمراقبة تنفيذ القوانين الخاصة بها وتحرير المحاضر لمخالفتها ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
5 - لما كان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وكان ما يثار من وجود اختلاف في أقوال الشهود في شأن خلو أقوال الشاهد الثاني مما يفيد أن الشاهد الثالث أعطى الإشارة المتفق عليها لاستلام الطاعن الأول باقي الرشوة ــ وخلو أقوال الشاهد الثالث من ذلك أيضاً ، واختلاف أقوال الشاهدين الأول والثاني عن أقوال الشاهدين الثالث والرابع ــ بشأن تحديد مكان استلام باقي الرشوة وتاريخ إبلاغ الثالث والرابع بالحادث ، وخلو أقوال الشاهدين الأول والثاني والشاهدين الثالث والرابع مما يفيد اتفاق الأخيرين مع الطاعنين على دفع باقي الرشوة للطاعن الأول في مسكنه دون شهادتهم جميعاً بشأن واقعة طلب الطاعنين وأخذهما للرشوة وضبط الأول منهما يتقاضى الألف جنيه الثانية في مقابل إخلالهما بواجبات وظيفتهما ، على نحو ما حصل الحكم ، فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ ، فإنه ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على طلب الطاعنين للرشوة وأخذها في مقابل الإخلال بواجبات وظيفتهما ، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد أو مخالفة الثابت في الأوراق ، ويكون النعي عليه في هذا الشأن في غير محله .
6 - لما كان من المقرر أنه لا يصح أن ينعى على الإذن عدم بيان اسم النيابة التي يتبعها مصدر الإذن إذ أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ، وكان لا نزاع في أن إذن التفتيش قد صدر ممن يختص بإصداره ، فغن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الإذن .
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وغن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع .
8 - من المقرر أنه لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها .
9 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها ، وهى في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر .
10 - من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما يخوله قانون الإجراءات الجنائية لسائر رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة باهل الخبرة وطلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين ، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك في محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها ، فإنه لا على المحكمة وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة ــ لو أنها أخذت بتقرير خبير الأصوات ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته بحسبانها ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها ما دام أنها كانت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالتفنيد والمناقشة ولا عليها من بعد ــ إن هي لم تعرض في حكمها لما أثاره الدفاع في هذا الشأن ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً لقضائه بالإدانة ، فإنه لا محل لما يثار من دعوى الإخلال بحق الدفاع .
11 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس .
12 - لما كانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساسي المباشر للجريمة والتي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثاني من الكتاب المذكور ويبين من مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة العاشرة العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة إذا قضى بها في الجناية بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة مكملة لها. لما كان ذلك. فإن عقوبة الغرامة التي نصت عليها المادة 103 من قانون العقوبات تعد عقوبة تكميلية وهي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 منه وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن ألف جنيه ــ ويكون الضعف في حالة تطبيق المادة 104 من ذات القانون. ولما كانت المادة 44 المذكورة قد نصت على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الإلزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك وكان إعمال هذا النص يوجب الحكم على المتهمين معاً بهذه الغرامة متضامنين ولا يستطاع التنفيذ عليهم جميعاً بأكثر من مقدارها المحدد بالحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أنزل عقوبة الغرامة النسبية على كل من المحكوم عليهما فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
13 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لصالح المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بنى على خطأ في تطبيق القانون ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من تغريم كل من الطاعنين مبلغ ألفى جنيه وتصحيحه بجعل هذه الغرامة واحدة وذلك بالنسبة للطاعنين متضامنين .
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بصفتهما موظفين عموميين (مفتشى أغذية بـ ..... طلبا وأخذا رشوة للإخلال بأعمال وظيفتهما بأن طلبا من ... و..... مبلغ ثلاثة ألاف جنيه أخذا منه ألفى جنيه على سبيل الرشوة مقابل التغاضي عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبلهما والامتناع عن الإبلاغ عن حصة الأرز المضبوطة لديهما والغير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمخالفة للقواعد والنظم المقررة في هذا الشأن - وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنى سويف لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 103،104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما ألفى جنيه وعزله من وظيفته
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... الخ .
------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجريمة الرشوة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق وأخطأ في الإسناد وفي القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع, ذلك أن الحكم لم يستظهر من واقع نصوص القانون 10 لسنة 1966 أركان الجريمة التي قيل أن الرشوة طلبت وأخذت للتغاضي عنها وهذه الجريمة غير متوافرة في الأوراق ومن ثم فلا سلطان للطاعنين بشأن موضوعها, ونقل الحكم أقوال الشاهدين الأول والثاني من قائمة أدلة الثبوت مع أنها إما مخالفة للثابت في الأوراق أو لا أصل لها, فقد أورد الحكم في أقوال الشاهد الأول أن تحرياته أفادت أن المتهمين من اختصاصهما المرور على المحلات التجارية التي تتعامل في المواد الغذائية مع أنه شهد بعكس ما قرره في تحرياته, وأورد في أقوال الشاهد الثاني أن الشاهد الثالث أعطى الإشارة المتفق عليها فسارع إلى مسكنه لضبط الرشوة مع أنه لم يذكر هذه الرواية لا في محضر تحرياته المحرر بتاريخ .... ولا في التحقيقات ولم يذكرها الشاهد الثالث. وأحال الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهدين الأول والثاني رغم اختلاف كل منها في شأن بيان مكان أخذ الرشوة وتاريخ إبلاغ الثالث والرابع الحادث, وأورد الحكم في أقوال الشاهد الأول أنه شهد بحصول اتفاق بين الطاعن الأول والشاهدين الثالث والرابع على دفع ألف جنيه للطاعن الأول في مسكنه مع أن أقواله خلت من ذلك كما خلت منها أقوال الشاهدين, وادعى الشاهد الثاني بحصول الاتفاق على خلاف ما شهد به الشاهدان الثالث والرابع, وعول الحكم على تقرير خبير الأصوات دون أن يعرض للدفع ببطلان أعماله لأدائها بغير حلف يمين, واطرح الحكم دفع الأول ببطلان إذن النيابة لخلوه من اسم النيابة التابع لها مصدر الإذن, واعترافه لكونه وليد إكراه برد غير سائغ, وعول على اعترافه دون أن يمحصه ويطابقه على الواقع والقانون, ولم يوضح الحكم سند ما انتهى إليه من إخلاله بواجبات وظيفته وما أورده من ذلك جاء بصفة عامة غامضة, كما لم يبين سبب افتراضه أن الأرز غير صالح للاستهلاك الآدمي وحصل في بيانه واقعة الدعوى أنه غير صالح للاستهلاك الآدمي وفي أقوال الشاهد الأول أنه غير صالح للتعبئة, ودانه الحكم مع أنه لم يكن له دور في معاينة الأرز أو تحرير الإقرار, كما أنه لم يأخذ الإقرار أو الشهادة الصحية معه عند انصرافه في المرة الأولى, ولم يبين الحكم دلالة هذه الأوراق وعدل الحكم وصف التهمة المنسوبة إليه بأن جعل سبب دفع الرشوة التغاضي عن اتخاذ الإجراءات القانونية والامتناع عن الإبلاغ, مع أن الامتناع عن الإبلاغ هو مظهر التغاضي كما ورد في الاتهام, ولم ينبهه إلى ذلك وقضى الحكم بعزله من علمه بغير سند من القانون, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بيانا لواقعة الدعوى أنه أثناء وجود.......و....... صاحبا شركة ...... لتعبئة البقول ببندر.... في مخزن الشركة حضر إليهما الطاعنان مفتشا الأغذية بمديرية الصحة بـ....... وقاما بمعاينة كمية من الأرز كانت في أجواله لم تعبأ بعد فوجدا أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي وكان بصحبتهما....... مراقب عام الأغذية بإدارة الشئون الوقائية بـ...... وقام الطاعن الثاني بأخذ إقرار ... بعدم تسليم كمية الأرز التالفة إلا في حضور أحد منهما ثم عاد الطاعنان بعد حوالي ساعة وطلبا منه ثلاثة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل الإبلاغ عن كمية الأرز التالفة الموجودة بالمخزن وإعدامها وتم الاتفاق معهما على دفع ألفي جنيه أعطي لهما منه ألفا والألف الثانية اتفق على تسليمها إلى الطاعن الأول بمسكنه فقام بالإبلاغ وتم القبض على الطاعن الأول متلبسا بتقاضي الألف جنيه المتبقية كما تم ضبط الإقرار لدى الطاعن الثاني, ثم دلل الحكم على هذه الواقعة بما أورده من الأدلة التي تنتجها. لما كان ذلك, وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصتها منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما, وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة, فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق متى طلب المرتشي الرشوة مقابل الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته ولو ظهر أنه غير حق, وإذن فإذا كان الغرض الذي من أجله طلب الطاعنان الرشوة هو التغاضي عن تحرير محضر عن واقعة ضبط كمية من الأرز المنوه عنها لدى مالكيها, وكان تحرير المحضر يدخل في اختصاص الطاعنين بوصفهما مفتشا أغذية بمديرية الصحة بـ....... ومن عملهما بالتفتيش على محلات الأغذية لمراقبة تنفيذ القوانين الخاصة بها وتحرير المحاضر لمخالفاتها بصفتهما من رجال الضبطية القضائية في هذا الشأن, وكان لا أثر في قيام جريمة الرشوة ثبوت توافر جريمة مخالفة قانون الأغذية أو عدم توافرها, ما دام أن القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الامتناع عنه من جانب الموظف حقا أو غير حق فإنا ما يثار عن قصور الحكم في استظهار توافر عناصر جريمة غش الأغذية من واقع القانون الذي يحكمها, يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان من حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة, وهو الحال في الدعوى المطروحة, فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بفرض صحته. يكون على غير سند. لما كان ذلك, وكان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه ما أورده في أقوال الشاهد الأول كما هي في الأوراق من أنه لا يدخل في اختصاص الطاعنين المرور على المحلات التجارية التي تتعامل في المواد الغذائية والتفتيش عليها لضبط مخالفاتها, إذ أن ما أورده الحكم من ذلك لا ينال مما استقر في وجدان المحكمة - بالأدلة السائغة - من اختصاص الطاعنين بالتفتيش على محلات الأغذية لمراقبة تنفيذ القوانين الخاصة بها وتحرير المحاضر لمخالفاتها, ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وكان ما يثار من وجود اختلاف في أقوال الشهود في شأن خلو أقوال الشاهد الثاني مما يفيد أن الشاهد الثالث أعطى الإشارة المتفق عليها لاستلام الطاعن الأول باقي الرشوة - وخلو أقوال الشاهد الثالث من ذلك أيضا, واختلاف أقوال الشاهدين الأول والثاني عن أقوال الشاهدين الثالث والرابع - بشأن تحديد مكان استلام باقي الرشوة وتاريخ إبلاغ الثالث والرابع بالحادث, وخلو أقوال الشاهدين الأول والثاني والشاهدين الثالث والرابع مما يفيد اتفاق الأخيرين مع الطاعنين على دفع باقي الرشوة للطاعن الأول في مسكنه دون شهادتهم جميعا بشأن واقعة طلب الطاعنين وأخذهما للرشوة وضبط الأول منهما يتقاضى الألف جنيه الثانية في مقابل إخلالهما بواجبات وظيفتهما, على نحو ما حصل الحكم, فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ, فإنه ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على طلب الطاعنين للرشوة وأخذها في مقابل الإخلال بواجبات وظيفتهما, ومن ثم ينحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد أو مخالفة الثابت في الأوراق, ويكون النعي عليه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه لا يصح أن ينعى على الإذن عدم بيان اسم النيابة التي يتبعها مصدر الإذن إذ أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقرونا باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش, وكان لا نزاع في أن إذن التفتيش قد صدر ممن يختص بإصداره, فإن الحكم يكون سليما فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الإذن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وأن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه, ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها, وكان الحكم المطروح قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول على اطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن الأول لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه على صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإنه يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها, وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر. لما كان ذلك, وكان الحكم قد أورد في أقوال الشاهد الأول أن الطاعنين قررا بعد معاينة مخزن الشاهدين الثالث والرابع أن كمية الأرز تالفة وغير صالحة للتعبئة على خلاف ما ذهب إليه الطاعن الأول من أنه أورد في شهادته عبارة غير صالحة للتعبئة فقط, وكانت عبارة تالفة وغير صالحة للتعبئة تعني أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي - حسبما اقتنع الحكم. وحصل في واقعة الدعوى كما أوردها في مدوناته، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما يخوله قانون الإجراءات الجنائية لسائر رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهيا أو بالكتابة بغير حلف يمين, ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك في محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها, فإنه لا على المحكمة وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - لو أنها أخذت بتقرير خبير الأصوات ولو لم يحلف يمينا قبل مباشرة مأموريته بحسبانها ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصرا من عناصرها ما دام أنها كانت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالتفنيد والمناقشة ولا عليها من بعد - إن هي لم تعرض في حكمها لما أثاره الدفاع في هذا الشأن ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة, هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساسا لقضائه بالإدانة, فإنه لا محل لما يثار من دعوى الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك, وكانت عقوبة العزل التي أنزلها الحكم على الطاعن الأول تتفق وصحيح القانون, فإن منعاه في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان باقي ما يثيره الطاعنان, لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية, وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساسي المباشر للجريمة والتي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقا على الحكم بعقوبة أخرى وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثاني من الكتاب المذكور ويبين من مراجعه هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة العاشرة العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة إذا قضي بها في الجناية بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة مكملة لها. لما كان ذلك, فإن عقوبة الغرامة التي نصت عليها المادة 103 من قانون العقوبات تعد عقوبة تكميلية وهي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 منه وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن ألف جنيه - ويكون الضعف في حالة تطبيق المادة 104 من ذات القانون. ولما كانت المادة 44 المذكورة قد نصت على انه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الإلزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك، وكان إعمال هذا النص يوجب الحكم على المتهمين معا بهذه الغرامة متضامنين ولا يستطاع التنفيذ عليهم جميعا بأكثر من مقدارها المحدد بالحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلا منهم بنصيب منه, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أنزل عقوبة الغرامة النسبية على كل من المحكوم عليهما فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون, وإذ كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لصالح المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضي به من تغريم كل من الطاعنين مبلغ ألفي جنيه وتصحيحه بجعل هذه الغرامة واحدة وذلك بالنسبة للطاعنين متضامنين ورفضت الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 29333 لسنة 63 ق جلسة 15 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 180 ص 1197

جلسة 15 نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام وأحمد عبد الرحمن وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(180)
الطعن رقم 29333 لسنة 63 القضائية

(1) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوعهما بناءً على الإذن رداً عليه.
(2) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه".
طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى رجل الضبط المأذون له. حقه في أن يستعين في تنفيذه بأعوانه أو بغيرهم من رجال السلطة العامة. حد ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اشتراط ثبوت أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي كتابة. غير لازم. علة ذلك؟
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الإعراض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم. ما دامت لم تستند إليها في قضائها بالإدانة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.

------------------
1 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً سائغاً لإطراحه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
2 - من المقرر أن طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره.
3 - لما كان من المقرر أنه لا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة، لأن من يجري التفتيش في هذه الحال لا يجريه باسم من ندب وإنما يجريه باسم النيابة العامة الآمرة، وكان الطاعن لا يماري في أن المندوب الأصلي قد استعان بغيره لضبط وتفتيش الطاعن بعد أن رافقه إلى منزله فإن الدفع ببطلان تنفيذ الإذن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
4 - من المقرر أن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا محل له.
5 - من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال شهود النفي فأطرحتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جوهراً مخدراً "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات الفيوم لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول الأول الملحق والمستبدل بالقانون الأخير بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط والصديري المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه أطرح دفاعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بذلك، بما لا يسوغ إطراحه وتغاضى عما أثاره الدفاع عن الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لخلو الأوراق مما يفيد انتداب المأذون له بالتفتيش للضابط الذي أجراه كما أن إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش جاء باطلاً لعدم جدية التحريات وأعرض الحكم عن شهادة شهود النفي بجلسة المحاكمة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير التحليل بالمعامل الكيماوية بالطب الشرعي ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بذلك ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة فإن المحكمة تطمئن إلى حصول القبض والتفتيش بعد صدور إذن النيابة العامة وتطمئن إلى أقوال شهود الإثبات تمام الاطمئنان" وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً سائغاً لإطراحه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره، هذا فضلاً عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن إذن النيابة العامة بالتفتيش قد صدر كتابة، وأنه أجاز لمأمور الضبط القضائي الذي ندب للتفتيش أن يندب غيره من مأموري الضبط لإجرائه ولا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة، لأن من يجري التفتيش في هذه الحال لا يجريه باسم من ندب، وإنما يجريه باسم النيابة العامة الآمرة، وكان الطاعن لا يماري في أن المندوب الأصلي قد استعان بغيره لضبط وتفتيش الطاعن بعد أن رافقه إلى منزله فإن الدفع ببطلان تنفيذ الإذن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ.... أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال شهود النفي فأطرحتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الأربعاء، 7 مارس 2018

الطعن 17815 لسنة 61 ق جلسة 15 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 179 ص 1193

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.

------------------

(179)
الطعن رقم 17815 لسنة 61 القضائية

نصب. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة النصب. ما يشترط لتوافرها؟
مجرد الأقوال والادعاءات الكاذبة مهما بلغ قائلها في توكيدها. غير كافية لتحقق جريمة النصب. وجوب تدعيمها بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحتها.
إغفال الحكم الطرق الاحتيالية التي استخدمها الطاعن والصلة بينها وبين تسليم المجني عليه المبلغ موضوع الاتهام. قصور.

-----------------
لما كانت جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية هذا الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في مال الغير ممن لا يملك التصرف وقد نص القانون على أن الطرق الاحتيالية في جريمة النصب يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها لما كان ذلك وكان من المقرر أن مجرد الأقوال والادعاءات الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تكفي وحدها لتكوين الطرق الاحتيالية بل يجب لتحقق هذه الطرق في جريمة النصب أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته وكان الحكم لم يبين الطرق الاحتيالية التي استخدمها الطاعن والصلة بينها وبين تسليم المجني عليه المبلغ موضوع الاتهام فإنه يكون مشوباً بالقصور في استظهار أركان جريمة النصب التي دان الطاعن بارتكابها.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الفيوم ضد الطاعن بوصف أنه استعمل طرقاً احتياليةً الغرض منها تحصيل مبالغ من الطالب بدون وجه حق وطلب عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس الطاعن شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة النصب قد شابه القصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن لم يستظهر الطرق الاحتيالية التي كان من شأنها التأثير على المجني عليه وحمله على تسليم ماله للطاعن، فضلاً عن أن ما صدر عن الطاعن - بفرض وقوعه - لا يعدو أن يكون مجرد أقوال وادعاءات لا تكفي وحدها لتكوين الطرق الاحتيالية الواجب تحققها في جريمة النصب بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص المادة 336 من قانون العقوبات وما تتطلبه من توافر الطرق الاحتيالية استطرد مباشرة إلى القول "وعليه وكان الثابت مما أبانت عنه أوراق الدعوى أن المتهم عند عرضه مشروع شراء مواد البناء للمجني عليه أوهمه أنه يعمل في ذلك المجال مع شريك آخر له الأمر الذي أدى إلى حصوله على المبلغ منه وقد تأيد ذلك بأقوال شاهدي المجني حيث ذكرا أن المتهم قرر في حضورهما مصمماً على احتياله أنه دفع هذا المبلغ على ذمة شراء الحديد والأسمنت.... وكانت المحكمة تطمئن لأقوال شاهدي المجني عليه مما تقوم به الجريمة في حق المتهم ويتعين معاقبته عملاً بالمادة 336 عقوبات..." لما كان ذلك وكانت جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية هذا الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في مال الغير ممن لا يملك التصرف وقد نص القانون على أن الطرق الاحتيالية في جريمة النصب يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن مجرد الأقوال والادعاءات الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تكفي وحدها لتكوين الطرق الاحتيالية بل يجب لتحقق هذه الطرق في جريمة النصب أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته وكان الحكم لم يبين الطرق الاحتيالية التي استخدمها الطاعن والصلة بينها وبين تسليم المجني عليه المبلغ موضوع الاتهام فإنه يكون مشوباً بالقصور في استظهار أركان جريمة النصب التي دان الطاعن بارتكابها، بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

الطعن 29049 لسنة 63 ق جلسة 14 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 178 ص 1180

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

------------------

(178)
الطعن رقم 29049 لسنة 63 القضائية

(1) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". مسئولية جنائية "الإعفاء منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصر الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 منه. تصدي المحكمة للإعفاء. يكون من بعد إسباغها الوصف الصحيح على واقعة الدعوى.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم بيان نوع المخدر ومصدره ومسكن الطاعن محدداً بمحضر الاستدلال. غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات.
(3) مواد مخدرة. تفتيش "الرضا بالتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الرضا بالتفتيش. للمحكمة استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتاجه من دلائل مؤدية إليه.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان التفتيش.
(4) نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بمسكنه. ما دام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط بمحله.
(5) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تحصيل أقوال الشاهد وتفهمها واستخلاص مراميها غير مقيدة بالأخذ بالأقوال الصريحة أو بمدلولها الظاهر. ما دامت لا تحرف الشهادة عن موضعها.
تحصيل أقوال الشاهد بما لا يخرج عن مؤداها. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان إقرار الطاعنين قبل الآخر. غير مجد. ما دام الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(11) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر. قوامه: العلم بكنه المادة المخدرة.
تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تثريب على المحكمة في قضائها. متى اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط وجرى تحريزه هو ما صار تحليله وكذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل.
(13) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(14) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. كفاية استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(15) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

--------------------
1 - لما كان الأصل وفقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون، وكان تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وأعمل في حقهما حكم المادتين 37، 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن دعوى الإعفاء من العقاب التي يثيرها الطاعن الأول تكون غير مقبولة، بما يضحى معه النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، وكان عدم بيان نوع المخدر ومصدره ومسكن الطاعن الثاني محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون سديداً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني ببطلان تفتيش الشقة الكائنة بشارع.... لأن إذن النيابة لم يشملها ورد عليه بقوله "أن الضابط عندما أجرى تفتيش محل السوبر ماركت المملوك للمتهم وعثر فيه على الهيروين المضبوط أخبرة المتهم أنه يحتفظ بكمية أخرى في شقة خاصة به في الدور السابع من عمارة تحت الإنشاء بشارع.... وأرشده إليها وقام بفتحها بمفتاح كان معه حيث تم ضبط المخدرات الموجودة بها بما يقطع أن تفتيش هذه الشقة كان برضاء المتهم وموافقته الصريحة وعن إرادة حرة من جانبه واختيار، وليس بلازم أن تكون هذه الموافقة ثابتة بكتابة صادرة من المتهم". وكان ما قاله الحكم من ذلك سائغاً وصحيحاً في القانون ذلك بأن الرضاء بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه، فإن التفتيش على الصورة التي انتهت إليها المحكمة يكون صحيحاً مشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم يخالف القانون في شيء.
4 - لا مصلحة للطاعن الثاني في التمسك ببطلان إجراءات تفتيش مسكنه الكائن بشارع.... وما أسفر عنه من ضبط المخدر به ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر الذي ضبط بمحله.
5 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ضبط المخدر بمحل الطاعن الثاني يجعل جريمة حيازة المخدر متلبساً بها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقوم بتفتيش مسكنه دون حاجة لصدور إذن من النيابة بذلك، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن الإذن بالتفتيش لم يشمل مسكنه على خلاف ما أورده الحكم بمدوناته - بفرض وقوعه - لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على حيازة الطاعن الثاني للمخدر، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة.
6 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها، وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، وكان البين مما أورده الطاعن الثاني بأسباب طعنه - أن ما حصله الحكم من أقوال المقدم.... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات له سنده الصحيح من الأوراق، ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما يخرج عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها سيطرة الطاعن على درج مكتبه الكائن بمحله الذي ضبط به المخدر وبسط سلطانه عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الطاعن الأول لا يجادل في أن أقوال الشاهد الثاني متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها.
9 - لما كان من المقرر إن تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بهذا الوجه من الطعن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر، وإنما أقام قضاءه على أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية، فإن النعي ببطلان إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر يكون غير مجد.
11 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه مخدر - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير سند.
12 - لما كان من المقرر أن المحكمة متى كانت قد اطمأنت إلى أن المخدر الذي تم ضبطه وجرى تحريزه هو ما صار تحليله، واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
13 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
14 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
15 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه والتي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: الأول أحرز والثاني حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "هيروين وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمهما مائة ألف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. باعتبار أن إحراز المخدر وحيازته مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين "هيروين وحشيش" بغير قصد من القصود المنصوص عليها في القانون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاع الطاعن الأول قائم على حقه في التمتع بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل على أساس أنه الذي أرشد عن الطاعن الثاني وتم ضبطه بناء على ذلك، بيد أن الحكم لم يعرض له بالإيراد أو الرد، ودفع الطاعن الثاني ببطلان الإذن بالتفتيش وما ترتب عليه لعدم جدية التحريات التي بني عليها بدلالة خلوها من تحديد مسكنه ونوع المخدر ومصدره ورد الحكم على ذلك بما لا يصلح رداً كما دفع ببطلان إجراءات تفتيش الشقة الكائنة بشارع....، وبطلان الإقرار المنسوب إليه لعدم معقوليته ورد الحكم عليه بما لا يسوغ ولم يستظهر رضاء الطاعن بتفتيشها وأورد الحكم في معرض تحصيله لواقعة الدعوى وأقوال الشاهد الأول أن الإذن شمل مسكنه بما لا أصل له في الأوراق، وحصل أقوال الشاهد الأول على خلاف الثابت بالتحقيقات، وعول على أقوال الشاهد الثاني ولم يورد مؤداها واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، كما عول على أقوال الشاهدين رغم تناقضها، وعلى إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر رغم بطلانه، والتفت عن دفاع الطاعن الثاني بعدم العلم بكنه المخدر المضبوط، وأن ما تم ضبطه غير ما جرى تحليله بدلالة اختلاف الأوزان، كما التفت عن الدفع بعدم معقولية الواقعة وشيوع التهمة وتلفيقها، ولم يعرض للمستندات المقدمة من الطاعن الثاني ودلالتها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي حيازة وإحراز الجوهرين المخدرين التي دان الطاعنين بهما، وأقام عليهما في حقهما أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل وفقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون، وكان تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وأعمل في حقهما حكم المادتين 37، 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن دعوى الإعفاء من العقاب التي يثيرها الطاعن الأول تكون غير مقبولة، بما يضحى معه النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، وكان عدم بيان نوع المخدر ومصدره ومسكن الطاعن الثاني محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني ببطلان تفتيش الشقة الكائنة بشارع.... لأن إذن النيابة لم يشملها ورد عليه بقوله "إن الضابط عندما أجرى تفتيش محل السوبر ماركت المملوك للمتهم وعثر فيه على الهيروين المضبوط أخبرة المتهم أنه يحتفظ بكمية أخرى في شقة خاصة به في الدور السابع من عمارة تحت الإنشاء بشارع.... وأرشده إليها وقام بفتحها بمفتاح كان معه حيث تم ضبط المخدرات الموجودة بها بما يقطع أن تفتيش هذه الشقة كان برضاء المتهم وموافقته الصريحة وعن إرادة حرة من جانبه واختيار، وليس بلازم أن تكون هذه الموافقة ثابتة بكتابة صادرة من المتهم". وكان ما قاله الحكم من ذلك سائغاً وصحيحاً في القانون ذلك بأن الرضاء بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه، فإن التفتيش على الصورة التي انتهت إليها المحكمة يكون صحيحاً مشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم يخالف القانون في شيء. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن الثاني في التمسك ببطلان إجراءات تفتيش مسكنه الكائن بشارع.... وما أسفر عنه من ضبط المخدر به ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر الذي ضبط بمحله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ضبط المخدر بمحل الطاعن الثاني يجعل جريمة حيازة المخدر متلبساً بها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقوم بتفتيش مسكنه دون حاجة لصدور إذن من النيابة بذلك، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن الإذن بالتفتيش لم يشمل مسكنه على خلاف ما أورده الحكم بمدوناته - بفرض وقوعه - لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على حيازة الطاعن الثاني للمخدر، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها، وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، وكان البين مما أورده الطاعن الثاني بأسباب طعنه - أن ما حصله الحكم من أقوال المقدم.... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات له سنده الصحيح من الأوراق، ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما يخرج عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها سيطرة الطاعن على درج مكتبه الكائن بمحله الذي ضبط به المخدر وبسط سلطانه عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الطاعن الأول لا يجادل في أن أقوال الشاهد الثاني متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بهذا الوجه من الطعن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر، وإنما أقام قضاءه على أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية، فإن النعي ببطلان إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر يكون غير مجد، ولما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه مخدر - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الثاني بأن ما تم ضبطه غير ما جرى تحليله، بأن الفروق في الأوزان ضئيلة وأن الموازين قد تختلف في درجة حساسيتها، كما أن عملية الوزن قد تختلف في دقتها هي الأخرى، وأن المحكمة تطمئن إلى أن ما تم ضبطه من مخدر هو ما جرى تحليله. وكان من المقرر أن المحكمة متى كانت قد اطمأنت إلى أن المخدر الذي تم ضبطه وجرى تحريزه هو ما صار تحليله، واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه والتي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا ً.

الطعن 20568 لسنة 62 ق جلسة 13 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 177 ص 1177

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة ونير عثمان.

-----------------

(177)
الطعن رقم 20568 لسنة 62 القضائية

دعوى جنائية. دعوى مدنية "وقفها". استئناف "نظره والحكم فيه". معارضة "نظرها والحكم فيها". حكم "بطلانه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". بطلان.
وجوب وقف نظر استئناف المدعي بالحق المدني للحكم الابتدائي الغيابي الصادر على المتهم حتى يفصل في المعارضة المرفوعة منه في هذا الحكم. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ في تطبيق القانون.

------------------
من المقرر أنه ما دامت المعارضة المرفوعة من المتهم في الحكم الغيابي الصادر عليه لم يفصل فيها فلا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تنظر الدعوى بناء على استئناف المدعي بالحق المدني هذا الحكم بل يجب عليها في هذه الحالة أن توقف الفصل في الاستئناف حتى يفصل في المعارضة وإلا كان حكمها باطلاً. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعنة ضمنت مذكرتها المقدمة أمام المحكمة الاستئنافية والمؤرخة.... أن حكم أول درجة قد صدر ضدها غيابياً وأنها قامت بالطعن عليه بالمعارضة. وطلبت إيقاف نظر الاستئناف حتى يفصل في المعارضة المقامة منها، وكان يبين من كتاب نيابة النقض الجنائي - المرفق بأوراق الطعن - أن الطاعنة عارضت في الحكم الغيابي الصادر بجلسة.... وما زالت المعارضة منظورة ومتداولة ومؤجلة لجلسة.... - لما كان ذلك وكانت المحكمة الاستئنافية قد نظرت الاستئناف المقدم من المدعي بالحق المدني وقضت في موضوعه قبل الفصل في هذه المعارضة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتطبيق القانون بإيقاف النظر في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني حتى يفصل في المعارضة المرفوعة من المتهمة في الحكم الغيابي المستأنف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها تهربت من أداء ضريبة الاستهلاك بأن استعملت الكحول في تحضير المشروبات على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابها بالمواد 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 38، 53، 54/ 9 من القانون رقم 133 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 102 لسنة 1982 وادعت هيئة قضايا الدولة عن السيد/ وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب مدنياً قبل المتهمة بمبلغ ألف ومائتي جنيه ومحكمة جنح شبين الكوم قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وإلزامها أن تؤدي للمدعي بالحق المدني الضرائب المستحقة وتعويض قدره مثلي الضريبة والمصادرة استأنفت هيئة قضايا الدولة عن "المدعي بالحق المدني بصفته" ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهمة خمسمائة جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة التهرب من سداد ضريبة الاستهلاك قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المحكمة الاستئنافية نظرت الدعوى وفصلت في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية بصفته على الرغم من أنها عارضت في هذا الحكم وطلبت من المحكمة الاستئنافية إيقاف نظر الاستئناف حتى يفصل في معارضتها مما كان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن توقف نظر الاستئناف إلى حين الفصل في المعارضة. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أنه ما دامت المعارضة المرفوعة من المتهم في الحكم الغيابي الصادر عليه لم يفصل فيها فلا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تنظر الدعوى بناء على استئناف المدعي بالحق المدني هذا الحكم بل يجب عليها في هذه الحالة أن توقف الفصل في الاستئناف حتى يفصل في المعارضة وإلا كان حكمها باطلاً. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعنة ضمنت مذكرتها المقدمة أمام المحكمة الاستئنافية والمؤرخة.... أن حكم أول درجة قد صدر ضدها غيابياً وأنها قامت بالطعن عليه بالمعارضة. وطلبت إيقاف نظر الاستئناف حتى يفصل في المعارضة المقامة منها، وكان يبين من كتاب نيابة النقض الجنائي - المرفق بأوراق الطعن - أن الطاعنة عارضت في الحكم الغيابي الصادر بجلسة.... وما زالت المعارضة منظورة ومتداولة ومؤجلة لجلسة.... لما كان ذلك وكانت المحكمة الاستئنافية قد نظرت الاستئناف المقدم من المدعي بالحق المدني وقضت في موضوعه قبل الفصل في هذه المعارضة فإنها تكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتطبيق القانون بإيقاف النظر في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني حتى يفصل في المعارضة المرفوعة من المتهمة في الحكم الغيابي المستأنف.

الطعن 14669 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 176 ص 1173

جلسة 12 نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور.

------------------

(176)
الطعن رقم 14669 لسنة 59 القضائية

التماس إعادة النظر "حالاته". قانون "تفسيره". محكمة النقض "سلطتها" "نظر الطعن والحكم فيه". بناء.
الوقائع والأوراق الواردة في المادة 441/ 5 إجراءات لجواز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية في مواد الجنايات والجنح. وجوب أن تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمل التبعية الجنائية.
اعتبار الواقعة الجديدة بذاتها حاسمة في النيل من دليل إدانة الطالب بالنسبة للتهمة التي عوقب من أجلها الحكم بموجب الحكم موضوع الطلب على نحو يؤدي إلى براءته منها. أثره: قبول الطلب وإلغاء الحكم موضوعه وبراءته مما أسند إليه.
مثال في جريمة إقامة بناء بدون ترخيص.

-------------------
لما كانت المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على جواز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح في خمس حالات تناولت الأخيرة منها حالة إذا ما حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المقصود بهذه الحالة أن تدل الوقائع أو الأوراق بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمل التبعة الجنائية ولما كان البين من الشهادة الإدارية الصادرة من حي شرق الإسكندرية في تاريخ لاحق على تاريخ صدور الحكم نهائياً في الدعوى موضوع الطلب أنه قد ثبت من المعاينة على الطبيعة والتحقيق أن الطالب لا يمتلك العقار محل الاتهام وأن المحضر رقم.... لسنة 1986 الذي حرر لقيامه ببناء هذا العقار دون ترخيص، قد حرر بطريق الخطأ. هذا وقد ثبت من تحقيقات النيابة العامة صحة هذه الشهادة الإدارية وما تضمنته من بيانات. وكانت هذه الواقعة الجديدة وما قدم بشأنها من ورقة جديدة والدالة على أن الطالب لا يمتلك العقار المحرر بشأنه محضراً بمقولة بناء بدون ترخيص وأدين بسببها بالحكم موضوع الطلب، مجهولة من المحكمة والمحكوم عليه إبان المحاكمة ولا يغير من جهالة الطالب بها دفاعه المؤسس على المستندات المقدمة للمحكمة الاستئنافية بجلسة.... والذي اقتصر على منازعته في قيمة المباني، ما دام أن واقعة عدم ملكيته للعقار المحرر عنه محضر البناء بدون ترخيص لم تتحقق إلا بعد صدور الحكم الاستئنافي النهائي، والتي لم تكن معلومة للمحكمة، ولم يثبت أنه كان للمحكوم عليه - الطالب - دفاع بشأنها أمامها، وإذ كان من شأن تلك الواقعة الجديدة القائمة على دليل مقبول بذاتها حاسمة في النيل من دليل إدانة الطالب بالنسبة إلى تهمة إقامة بناء بدون ترخيص والذي عوقب من أجلها بموجب الحكم موضوع الطلب، على نحو يؤدي إلى براءته منها، فإن ذلك مما يوجب قبول الطلب، والقضاء بإلغاء الحكم موضوعه القاضي بتغريمه 12600 جنيهاً وإزالة المباني، وببراءته من التهمة المنسوبة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الملتمس بأنه أقام البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وطلبت عقابه بمواد القانون 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح البلدية بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 12600 جنيهاً والإزالة. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بعدم قبول الطعن شكلاً ثم عاود وطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" ومحكمة النقض قضت بعدم قبول الطعن مع مصادرة الكفالة.
فتقدم المحكوم عليه بالتماس إعادة النظر للمستشار النائب العام وقررت لجنة إعادة النظر قبول الطلب وإحالته إلى محكمة النقض للنظر فيه... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من وقائع طلب التماس إعادة النظر الماثل أنه بني على نص الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية وأساسه إنه بعد الحكم نهائياً على الطالب بتاريخ 19/ 10/ 1982 في القضية.... جنح مستأنف شرق الإسكندرية ظهرت وقائع وأوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة من شأنها ثبوت براءة المحكوم عليه، ويتمثل ذلك في الشهادة الإدارية الصادرة من حي شرق الإسكندرية التي تفيد عدم ملكية الطالب العقار موضوع محضر المخالفة رقم.... ومحل الاتهام في القضية سالفة الذكر، وإن هذا المحضر حرر ضده بطريق الخطأ.
ومن حيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطالب بوصف أنه في يوم.... أقام بناء قبل الحصول على ترخيص وقد قضت محكمة أول درجة غيابياً بتغريم الطالب 12600 جنيهاً وإزالة المباني. فعارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف وقضت محكمة ثاني درجة بتاريخ.... بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. لما كان ذلك، وكانت المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على جواز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح في خمس حالات تناولت الأخيرة منها حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المقصود بهذه الحالة أن تدل الوقائع أو الأوراق بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمل التبعة الجنائية، ولما كان البين من الشهادة الإدارية الصادرة من حي شرق الإسكندرية في تاريخ لاحق على تاريخ صدور الحكم نهائياً في الدعوى موضوع الطلب أنه قد ثبت من المعاينة على الطبيعة والتحقيق أن الطالب لا يمتلك العقار محل الاتهام وأن المحضر رقم.... الذي حرر لقيامه ببناء هذا العقار دون ترخيص، قد حرر بطريق الخطأ. هذا وقد ثبت من تحقيقات النيابة العامة صحة هذه الشهادة الإدارية وما تضمنته من بيانات. وكانت هذه الواقعة الجديدة وما قدم بشأنها من ورقة جديدة والدالة على أن الطالب لا يمتلك العقار المحرر بشأنه محضراً بمقولة بناءه بدون ترخيص وأدين بسببها بالحكم موضوع الطلب، مجهولة من المحكمة والمحكوم عليه إبان المحاكمة ولا يغير من جهالة الطالب بها دفاعه المؤسس على المستندات المقدمة للمحكمة الاستئنافية بجلسة.... والذي اقتصر على منازعته في قيمة المباني، ما دام أن واقعة عدم ملكيته للعقار المحرر عنه محضر البناء بدون ترخيص لم تتحقق إلا بعد صدور الحكم الاستئنافي النهائي، والتي لم تكن معلومة للمحكمة، ولم يثبت أنه كان للمحكوم عليه - الطالب - دفاع بشأنها أمامها، وإذ كان من شأن تلك الواقعة الجديدة القائمة على دليل مقبول بذاتها حاسمة في النيل من دليل إدانة الطالب بالنسبة إلى تهمة إقامة بناء بدون ترخيص والذي عوقب من أجلها بموجب الحكم موضوع الطلب، على نحو يؤدي إلى براءته منه، فإن ذلك مما يوجب قبول الطلب، والقضاء بإلغاء الحكم موضوعه القاضي بتغريمه 12600 جنيهاً وإزالة المباني، وبراءته من التهمة المنسوبة إليه.

الطعن 21073 لسنة 63 ق جلسة 22 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 187 ص 1248

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج ومصطفى محمد صادق نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

------------------

(187)
الطعن رقم 21073 لسنة 63 القضائية

(1) موظفون عموميون. تعدي على أرض فضاء مملوكة للدولة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة التعدي على أرض فضاء مملوكة للدولة المبينة بالمادة 115 مكرراً من قانون العقوبات. لا تستلزم قصداً خاصاً.
إثبات الحكم أن الطاعن وهو من العاملين بإحدى شركات القطاع العام تعدى على أرض فضاء مملوكة لها بغير سند. كفايته لتوافر الجريمة.
(2) دعوى جنائية "قيود تحريكها". نيابة عامة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الأصل أن حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها. مطلق. القيد على حريتها في هذا الشأن. استثناء بنص تشريعي.
جريمة التعدي على أرض فضاء مملوكة لإحدى الشركات المبينة بالمادة 119 مكرراً عقوبات. خلوها من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها.
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.

------------------
1 - لما كان القانون لم يستلزم للجريمة المنصوص عليها في المادة 115 مكرراً من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بها قصداً خاصاً وكان الحكم قد أثبت أخذاً بأقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن أنه وهو من العاملين بإحدى شركات القطاع العام تعدى على أرض فضاء مملوكة لها بغير سند وهو ما يكفي في إثبات توافر عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها ومن ثم فإن ما يثيره بشأن قصور الحكم في استظهار الركنين المادي والمعنوي لديه يكون في غير محله.
2 - لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد على القيد إلا استثناء بنص من الشارع، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن جريمة التعدي على أرض فضاء مملوكة للشركة التي يعمل بها بإقامة إنشاءات عليها المؤثمة بالمادة 115 مكرراً من قانون العقوبات التي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند. ولا على الحكم إن هو التفت عن دفاعه في هذا الصدد - على فرض إثارته - لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً عامل بشركة.... إحدى وحدات القطاع تعدى على الأرض الفضاء المملوكة لها والمبينة الحدود والمعالم بالمحضر بأن أقام إنشاءات بها دون التصريح له بذلك على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 115 مكرراً/ 1، 2، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه وعزله لمدة سنة واحدة من وظيفته ورد العقار المغتصب مع إزالة ما عليه من مبان على نفقته وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاثة سنوات.
فطعن في هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور لتفصل فيها من جديد مشكلة من دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس الطاعنة مدة ستة أشهر مع الشغل وبتغريمه خمسمائة جنيه وعزله من وظيفته لمدة سنة وبرد العقار المغتصب وإزالة ما عليه من مبان على نفقته وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الأستاذ.... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية".... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على أرض فضاء مملوكة لإحدى وحدات القطاع العام التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وبني على إجراءات باطلة ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أنه أقام بناء في حدود حق انتفاعه ولم يقصد سلب حيازة الأرض التي أقيم عليها غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع برد قاصر دون أن يدلل على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانه بها، وأغفل دفاعه بأن الدعوى الجنائية تم تحريكها بناء على بلاغ محامي الشركة دون رئيس مجلس إدارتها حسبما اشترطه القانون كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "أن المتهم وهو من العاملين بشركة.... قد منح مؤقتاً وبمناسبة وظيفته مسكناً يقيم فيه داخل حدود الشركة، وقد استغل المتهم اتصاله بالشركة وتعدى على قطعة أرض فضاء ملك للشركة المذكورة ويطل عليها مسكنه وأقام بها حجرتين وصالة ومنافعهما بغير تصريح بذلك من الشركة". وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بعدم توافر القصد الجنائي لديه ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عما أورده الدفاع من قوله بعدم توافر القصد الجنائي لدى المتهم بالبناء على الأرض الفضاء المتصلة بمسكنه بحسب أن مآل الأرض والإنشاءات إلى الشركة المالكة مستقبلاً فمردود بأن نص المادة 115 مكرراً من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 34 لسنة 1984 أن المشرع عمد بهذا النص المضاف إلى إسباغ الحماية على أملاك الدولة من التعدي عليها أو سلب حيازتها وذلك بتجريم كافة صور التعدي سواء بالزراعة أو الإنشاءات أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة كانت وفق صريح لفظ النص. فلم يجرم المشرع التعدي بالغراس أو الإنشاءات فحسب وإنما جاوز ذلك إلى كافة صور التعدي حتى وإن كان الإشغال أو الانتفاع أياً كانت طريقته وذلك بغية الحفاظ على الممتلكات العامة واحترام هيبة الدولة وذلك لا يتأتى إلا بمنع كافة صور التعدي وفق ما ورد بصريح النص، ومن ثم فإن القصد الجنائي في هذه الجريمة العمدية يتحقق من مجرد علم الجاني أن ما تعمد إقامته من إنشاءات أو غراس أو أشغال أو انتفاع إنما يقع على أرض مملوكة لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات بغير حق دون اشتراط لقصد خاص أن تنصرف نية الجاني إلى سلب الحيازة بقصد التملك. لما كان ذلك، وكان الثابت بالتحقيقات واعتراف المتهم نفسه أن الأرض الفضاء المتصلة بالسكن المسلم إليه مؤقتاً للانتفاع به بحكم وظيفته بالشركة هي ملك لها وقد عمد إلى إقامة الإنشاءات عليها لضيق السكن المسلم إليه وحاجته إلى توسعته - وفق ما انبثق من اعترافه - فإنه لا ينفي عنه تعمد المعتدي القول بأن الأرض والمنشآت مآلها مستقبلاً إلى الجهة المالكة لأن التعدي على الأرض الفضاء بالإنشاءات التي أقامها والانتفاع بها وقع بإرادة حرة واعية بأن الأرض ملك للشركة التي يعمل بها وأنها إحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات بما يوفر في حقه القصد الجنائي في الفعل المجرم بالمادة 115 مكرراً من قانون العقوبات المشار إليها بغير وجوب لأن تكون نيته قد اتجهت إلى سلب الحيازة بقصد التملك". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يصلح رداً على دفاع الطاعن بعدم توافر القصد الجنائي لديه وكافياً في الدلالة على توافره ذلك بأن القانون لم يستلزم للجريمة المنصوص عليها في المادة 115 مكرراً من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بها - قصداً خاصاً وكان الحكم قد أثبت أخذاً بأقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن أنه وهو من العاملين بإحدى شركات القطاع العام تعدى على أرض فضاء مملوكة لها بغير سند وهو ما يكفي في إثبات توافر عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها، ومن ثم فإن ما يثيره بشأن قصور الحكم في استظهار الركنين المادي والمعنوي لديه يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص من الشارع، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن جريمة التعدي على أرض فضاء مملوكة للشركة التي يعمل بها بإقامة إنشاءات عليها المؤثمة بالمادة 115 مكرراً من قانون العقوبات التي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند، ولا على الحكم إن هو التفت عن دفاعه في هذا الصدد - على فرض إثارته - لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 14313 لسنة 61 ق جلسة 22 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 186 ص 1244

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

-------------------

(186)
الطعن رقم 14313 لسنة 61 القضائية

شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
دفاع الطاعن بأن تظهير الشيك للمدعي بالحقوق المدنية كان تظهيراً توكيلياً. جوهري. وجوب أن تحققه المحكمة بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بأسباب سائغة. اكتفاؤها في الرد عليه بالقول بأن تظهير الشيك يعد تظهيراً ناقلاً للملكية. قصور وفساد في الاستدلال.

----------------------
من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك لحامله أو لأمر شخص معين أو إذنه يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية وأن تداوله يكون بالطرق التجارية ومن شأن تظهيره - متى وقع صحيحاً - أن ينقل ملكية قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة تظهيره من الدفوع مما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي حرر الشيك لأمره وإنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره ولا يحول تظهير الشيك دون وقوع الجريمة بل تقع الجريمة في هذه الحالة على المظهر إليه طالما أنه قد أصابه ضرر ناشئ منها ومتصل بها اتصالاً سببياً مباشراً، وذلك ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أرد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً، وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - على النحو السابق إيراده - يعد في صورة الدعوى دفاعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها لانتفاء الضرر عن المدعي بالحقوق المدنية وبالتالي عدم قبول الدعوى، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى إطراحه، أما وهي لم تفعل واكتفت بقولها أن تظهير الشيكين يعد تظهيراً ناقلاً للملكية، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن القائم على أن تظهير الشيكين كان تظهيراً توكيلياً للشواهد التي ساقها وليس تظهيراً ناقلاً للملكية. فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح.... ضد الطاعن بوصف أنه أصدر له بسوء نية شيكين بدون رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. المحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس الطاعن ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة خمسة آلاف جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس الطاعن سنة مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ.... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيكين بدون رصيد وإلزامه بالتعويض، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أنه دفع بأن تظهير الشيكين من المستفيد إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية ما كان إلا تظهيراً توكيلياً الأمر الذي تنتفي به صفة المدعي بالحقوق المدنية في تحريك الدعوى بالطريق المباشر، غير أن الحكم دانه رغم ذلك وأطرح دفعه في هذا الشأن بما لا يصلح لإطراحه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أصدر شيكين مسحوبين على بنك.... لصالح.... الذي قام بتظهيرهما إلى المدعي بالحقوق المدنية وقد أفاد البنك المسحوب عليه بعدم وجود رصيد للطاعن، كما أن البين من بين ما قام عليه دفاع الطاعن أن تظهير الشيكين للبنك المدعي بالحقوق المدنية كان تظهيراً توكيلياً لتحصيل قيمتها وقيدها في حساب المظهر بدلالة ما أثبت على ظهر الشيكين من أنه يجرى التحصيل لحساب المستفيد بالبنك، ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، إلا أن محكمة أول درجة قضت برفض الدفع سالف الذكر وبإدانة الطاعن وإلزامه بالتعويض المؤقت تأسيساً على القول بأن "الشيكين موضوع التهمة صدرا لأمر المستفيد.... وقام المستفيد بتظهيرها للمدعي المدني فإن هذا الأخير يكون هو المضرور من الجريمة". وإذ استأنف الطاعن قضت محكمة ثاني درجة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه سنة مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك، وقد أطرح الحكم المطعون فيه دفع الطاعن بأن تظهير الشيكين كان تظهيراً توكيلياً بقوله: "وأن عبارة التظهير الناقل للملكية والمذيلة بتوقيع المستفيد الأول.... على الشيكين للبنك المدعي بالحق المدني واضحة لا لبس فيها ولا غموض". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك لحاملة أو لأمر شخص معين أو إذنه يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية وأن تداوله يكون بالطرق التجارية ومن شأن تظهيره - متى وقع صحيحاً - أن ينقل ملكية قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة تظهيره من الدفوع ما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي حرر الشيك لأمره وإنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره ولا يحول تظهير الشيك دون وقوع الجريمة بل تقع الجريمة في هذه الحالة على المظهر إليه طالما أنه قد أصابه ضرر ناشئ منها ومتصل بها اتصالاً سببياً مباشراً، وذلك ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أرد بالتوقيع أن يكون تظهير توكيلياً، وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - على النحو السابق إيراده - يعد في صورة الدعوى دفاعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها لانتفاء الضرر عن المدعي بالحقوق المدنية وبالتالي عدم قبول الدعوى، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى إطراحه، أما وهي لم تفعل واكتفت بقولها أن تظهير الشيكين يعد تظهيراً ناقلاً للملكية، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن القائم على أن تظهير الشيكين كان تظهيراً توكيلياً للشواهد التي ساقها وليس تظهيراً ناقلاً للملكية، فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.