الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 فبراير 2018

الطعن 5299 لسنة 62 ق 5 / 4 / 1994 مكتب فني 45 ق 74 ص 467


برئاسة السيد المستشار /محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن أبو سليمه.
--------------
- 1 دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة . موضوعي . لا يستأهل ردآ خاصا .
من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها .
- 2  مواد مخدرة . نقض " اجراءات الطعن . الصفة والمصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط أسفل الأريكة . مادام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه .
لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان على الجواهر المخدرة المضبوطة تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء الفعلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط اسفل الأريكة ما دام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليما لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه .
- 3 قانون " القانون الاصلح". مواد مخدرة
صدور القانون رقم 122 لسنة 1989 بعد ارتكاب الفعل في جريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار. عدم اعتباره قانون أصلح من القانون 182 لسنة 1960 المعمول به وقت ارتكابه. أساس ذلك؟
لما كان القانون رقم 122 لسنه 1989 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 182 لسنه 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - المعمول به بعد تاريخ الواقعة - لم يجعل الفعل المكون لجريمة احراز وحيازة جوهر المخدر بغير قصد من المقصود فعلا غير معاقب عليه ولم يقرر له عقوبة أخف من العقوبة التي كانت مقررة في القانون رقم 182 لسنه 1960 المعمول به وقت ارتكابه ومن ثم لا يتحقق بالقانون رقم 122 لسنه 1989 بالنسبة للطاعن معنى القانون الاصلح .
- 4  قانون " تطبيق القانون وسريانه".
تعاقب قانوناُ دون أن يكون الثاني أصلح للمتهم . وجوب تطبيق الأول على الأفعال التي وقعت قبل إلغائه لامتناع تطبيق الثاني . أساس ذلك .
المقرر أنه إذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني اصلح للمتهم يجب دائما تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله وذلك لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره .
- 5  عقوبة " تطبيق العقوبة". مواد مخدرة . نقض " حالات الطعن - الخطأ في تطبيق القانون".
احراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي او الاستعمال الشخصي . عقوبته السجن والغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة المواد 27 ، 38 ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 . قضاء الحكم بالأشغال الشاقة بدلاً من السجن . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه .
لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى أن احراز وحيازة المحكوم عليه للمخدر لم يكن للإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي واعمل في حقه حكم المواد 37،38،42 من القانون رقم 182 لسنه 1960 في شأن مكافحة المخدرات والتي تعاقب على تلك الجريمة بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة لما كان ذلك فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بدلا من عقوبة السجن وبغرامة قدرها خمسين ألف جنيه بدلا من ثلاثة آلاف جنيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيح وفقا للقانون .
- 6  محكمة النقض " اختصاص الدوائر الجنائية بها". نقض "الطعن للمرة الثانية". نقض " نظر الطعن والحكم فيه".
حق محكمة النقض في تصحيح الخطأ في القانون دون تحديد جلسة لنظر الموضوع . المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959 .
لما كان العيب الذى شاب الحكم مقصور على مخالفة القانون فإنه يتعين وفقا للقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنه 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان سيقتضى التعرض لموضوع الدعوى الجنائية.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز وحاز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين "أفيون وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ثانياً: أحرز سلاحاً ابيض (مطواه) بغير ترخيص، وإحالته إلي محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة الجوهر المخدر والمطواة المضبوطين
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم ... لسنة .... القضائية) ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلي محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة أخرين. ومحكمة الإعادة -أمام دائرة أخري قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 1/38، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير والمواد 1/1، 1/25 مكرر، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم واحد الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة المضبوطات والنقود باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ..... إلخ.

--------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أغفل الرد على دفاع الطاعن بشيوع التهمة بالنسبة للجواهر المضبوطة أسفل الأريكة كما قضي عليه بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبغرامة خمسين ألف جنيه في حين أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي السجن والغرامة التي لا تجاوز ثلاثة ألاف جنيه مما يعيبه بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الجواهر المخدرة المضبوطة تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء الفعلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط أسفل الأريكة مادام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليما لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه لما كان ذلك ولئن كان القانون رقم 122 لسنة 1989 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - المعمول به بعد تاريخ الواقعة - لم يجعل الفعل المكون لجريمة إحراز وحيازة المخدر بغير قصد من القصود فعلا غير معاقب عليه ولم يقرر له عقوبة أخف من العقوبة التي كانت مقررة في القانون رقم 182 لسنة 1960 المعمول به وقت ارتكابه ومن ثم لا يتحقق بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بالنسبة للطاعن معنى القانون الأصلح لما هو مقرر من إنه إذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم يجب دائما تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله وذلك لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى أن إحراز وحيازة المحكوم عليه للمخدر لم يكن للإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وأعمل في حقه حكم المواد 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات والتي تعاقب على تلك الجريمة بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة ألاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. لما كان ذلك فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاثة سنوات بدلا من عقوبة السجن وبغرامة قدرها خمسين ألف جنيه بدلا من ثلاثة ألاف جنيه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون. لما كان ذلك ولئن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية إلا أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصور على مخالفة القانون فإنه يتعين وفقا للقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع مادام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون بالنسبة للعقوبتين المقيدة للحرية والغرامة المحكوم بهما عليه بجعل الأولى السجن ثلاث سنوات والثانية بتغريمه ثلاثة ألاف جنيه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 25720 لسنة 59 ق 31 / 3 / 1994 مكتب فني 45 ق 72 ص 462


برئاسة السيد المستشار /صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /حسين الشافعي محمد حسين وحسن أبو المعالى أبو النصر نواب رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمى.
-----------
إجراءات " اجراءات المحاكمة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". معارضة . نقض " اسباب الطعن . ما يقبل من اسباب الطعن".
عدم جواز الحكم في المعارضة بغير سماع دفاع المعارض إذا كان تخلفه بعذر المرض من الأعذار القهرية . و لو لم يقعد الأنسان . متى خشى عاقبة الإهمال فيه . اهدار الشهادة المثبتة لعذر المرض لمطلق القول بانها قصد منها اطالة أمد التقاضي . يعيب الحكم .
من المقرر أنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر ضده، إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة التي صدرت لنظر معارضته راجعا إلى عذر قهري، وكان المرض من الأعذار القهرية ولو لم يقعد الانسان ما دام يخشى عاقبة الاهمال فيه ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في اطراحه الشهادة الطبيعة المقدمة من المدافع عن الطاعن للتدليل على عذره الذى حال بينه وبين حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، إلى مطلق القول بأن المحكمة تلتفت عنه وترى فيه اطالة امد التقاضي، دون بيان لفحوى الشهادة الطبية ودليل المحكمة فيما اعتقدته بأن المقصود بذلك هو اطالة امد التقاضي، حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة سلامة الاسباب التي من أجلها رفض الحكم التعويل عليه، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
-----------
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه: أعطي له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسون جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ علي سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف. ومحكمة بنها الابتدائية (مأمورية قليوب) (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن
فطعن الاستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن قدم شهادة طبية تدليلا على مرض الطاعن، وطلب أجلا لحضوره، إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وأطرحت عذره بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إنه من المقرر إنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر ضده، إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة التي حددت لنظر معارضته راجعا إلى عذر قهري، وكان المرض من الأعذار القهرية ولو لم يقعد الإنسان مادام يخشى عاقبة الإهمال فيه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في اطراحه الشهادة الطبية المقدمة من المدافع عن الطاعن للتدليل على عذره الذي حال بينه وبين حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، إلى مطلق القول بأن المحكمة تلتفت عنه وترى فيه إطالة أمد التقاضي، دون بيان لفحوى الشهادة الطبية ودليل المحكمة فيما اعتقدته بأن المقصود بذلك هو إطالة أمد التقاضي، حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة سلامة الأسباب التي من أجلها رفض الحكم التعويل عليها، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه. والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 17867 لسنة 59 ق 30 / 3 / 1994 مكتب فني 45 ق 70 ص 455


برئاسة السيد المستشار /أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /على الصادق عثمان وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة ومجدى أبو العلا.
--------------
إيجار اماكن . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
اقتسام المؤجر مع المستأجر الأصل قيمة ما يجنيه الأخير من مقابل لقاء تنازله عن العين المؤجرة . تنازلا في حق المؤجر . غير مؤثم . أساس ذلك. ادانة الطاعن بجريمة خلو الرجل . دون الالتفات إلى دفاعه أن ما تقاضاه من نقود المجنى عليه كان مقابل تنازل الأخير عن حق الانتفاع بالوحدة المؤجرة . قصور .
لما كانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه: "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50%من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض..." والبين من هذا النص ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلاً عادلاً لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحاً أو ضمنياً بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين المؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - في خصوص الدعوى - يعد هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية وجوداً أو عدماً مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه وهى على بينة من حكم القانون بشأنه، أما وقد سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه والإعادة.
-------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته مؤجراً تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار "خلو رجل" وطلبت عقابه بالمواد 1، 1/26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالمادتين 24، 3/35 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ومحكمة أمن الدولة الجزئية ..... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه مبلغ أثني عشر ألف جنيه يؤول لصندوق الإسكان بمحافظة الإسكندرية وإلزامه برد مبلغ ستة آلاف جنيه للمجني عليه استأنف المحكوم عليه ومحكمة .... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط
فطعن الاستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

-------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خلو الرجل قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن دفاعه قام على أن اقتضاءه النقود - بفرض صحته، وهو مؤجر - كان مقابل تنازل المستأجر الأصلية....... عن حق الانتفاع بالوحدة المؤجرة -، وقد أباح المشرع في المادة 30 من القانون رقم 126 لسنة 1981 هذا الفعل، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها - تحقيقا لمبنى الطعن - أن الطاعن قدم مذكرة إلى محكمة ثاني درجة، بما تضمنه دفاعه الوارد به. لما كان ذلك، وكانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه: (يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ......) والبين من هذا النص ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلا عادلا لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلا نافذا في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحا أو ضمنيا بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين مؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - في خصوص الدعوى - يعد هاما وجوهريا لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية وجودا أو عدما مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره كشفا لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت اطراحه وهي على بينة من حكم القانون بشأنه، أما وقد سكتت عنه إيرادا له وردا عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الأحد، 18 فبراير 2018

عدم دستورية الدعم المالي خارج قانون الموازنة العامة


القضية رقم 86 لسنة 17 ق "دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 7 فبراير سنة 1998 الموافق 10 شوال سنة 1418 ه
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله .
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر           أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 86 لسنة 17 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة اسمنت بورتلاند بحلوان
ضد
1 - السيد / رئيس مجلس الوزراء
2 - السيد / أحمد عبد القادر السيد بصفته نقيب التطبيقيين
" الإجراءات "
بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1995 أودع المدعى بصفته هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية الشطر الأول من البند خامساً من المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية .
قدمت كل من هيئة قضايا الدولة ، ونقابة المهن الفنية التطبيقية ، مذكرة بدفاعها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن نقابة المهن الفنية التطبيقية ، كانت قد أقامت الدعوى رقم 3771 لسنة 1993 مدنى ، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، ضد عدد من الشركات المنتجة للإسمنت - ومن بينها الشركة المدعية - بطلب ندب خبير حسابي لتقدير قيمة دمغة نقابة المهن التطبيقية المستحقة عليها وما يستجد من مبالغها، وكذلك رسم الإنتاج المقرر عن إنتاج كل شيكارة أسمنت بمليم واحد، وذلك ابتناء على أنها دين تقرر فى ذمتها بمقتضى حكم البند "خامساً" من المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974بشأن نقابة المهن الفنية التطبيقية . وبجلسة 24/10/1995 دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية الشطر الأول من البند المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية ، فأقامتها. وبجلسة 27/2/1996 قضت بوقف الدعوى تعليقاً لحين الفصل فى الطعن الراهن بعدم الدستورية .
وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية تنص على أن " تتكون إيرادات النقابة من:
"خامساً": حصيلة رسم قدره مليم واحد على إنتاج الشيكارة من الإسمنت وزن 50 كيلو جرام.......".
وحيث إن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، إسهاماً من جهتهم فى أعبائها وتكاليفها العامة وهم يدفعونها لها بصفة نهائية ، ودون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها ومن ثم كان فرضها مرتبطاً بمقدرتهم التكليفية ، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطاً بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام - وعوضاً عن تكلفته - وإن لم يكن بمقدارها متى كان ذلك، وكان الرسم المفروض بمقتضى قانون نقابة المهن الفنية التطبيقية على إنتاج الشيكارة الواحدة من الإسمنت، لا تقابله خدمة فعلية ، تكون النقابة قد بذلتها لمن يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة من الناحية القانونية ، وهى بعد ضريبة لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تمتد إليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها في إطار هذه الدائرة وحدها، بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمي للدولة - وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية - مرتباً لدينها في ذمة الممول، مما مؤداه: تكافؤ الممولين في الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالي - و بالقوة ذاتها - كلما توافر مناطها في أية جهة داخل حدودها الإقليمية ، وهو ما يعنى أنها ضريبة عامة يقوم التماثل فيما بين الممولين بصددها، على وحدة تطبيقها من الناحية الجغرافية ،وليس بالنظر إلى مقدار الضريبة التي يؤدونها، ذلك أن التعادل بينهم في نطاقها ليس فعلياً، بل جغرافياً.
وحيث إن من المقرر أن الضريبة التي يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون - وعلى ما تدل عليه المادتان (61، 119) من الدستور - هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية والأسس الموضوعية التي لا تقوم إلا بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية التي ينبني عليها النظام الضريبي ضابطاً لها في الحدود المنصوص عليها في المادة (38) من الدستور، فإن أصل الحق في الضريبة محل النزاع الماثل، يكون مطروحاً على المحكمة الدستورية العليا بقوة النصوص الدستورية ذاتها، لتقول كلمتها في شأن دستوريتها.
وحيث إن الضريبة العامة يحكمها أمران لا ينفصلان عنها، بل تتحدد دستوريتها على ضوئهما معاً:
أولهما: أن الأموال التي تجبيها الدولة من ضرائبها وثيقة الاتصال بوظائفها الحيوية ، وبوجه خاص ما تعلق منها بتأمين مجتمعها، والعمل على تطويره. وقيامها على وظائفها هذه، يقتضيها أن توفر بنفسها -ومن خلال الضريبة وغيرها من الموارد- المصادر اللازمة لتمويل خططها وبرامجها. والرقابة التي تفرضها السلطة التشريعية -بوسائلها- على هذه الموارد ضبطاً لمصارفها، هي الضمان لإنفاذ سياستها المالية التي لا يجنح الاقتصاد معها نحو أعاصير لا تؤمن عواقبها، وبوجه خاص في نطاق العمالة ، وضمان استقرار الأسعار، وصون معدل معقول للتنمية ، وكذلك حد أدنى لمواجهة أعباء الحياة .
وهذه القواعد والضوابط التي تهيمن بها السلطة التشريعية على الإنفاق العام، هي التي يتعين أن تنزل عليها السلطة التنفيذية ، فلا تحيد عنها أو تعدل فيها، لضمان ألا يكون هذا الإنفاق إسرافاً أو تبديداً أو إرشاءً أو إغواء، بل أميناً، مقتصداً ورشيداً. وهى بعد قواعد لا يجوز على ضوئها جر مبالغ من الخزانة العامة قبل تخصيصها وفقاً للقانون، بما يكفل رصدها على الأغراض التي حددها، والتي لا يجوز أن تتحول السلطة التنفيذية عنها، ولا أن تعدل فيها بإرادتها المنفردة
بما مؤداه: أن ربط الموارد في جملتها، بمصارفها تفصيلاً، وإحكام الرقابة عليها، يعد إلتزاماً دستورياً يقيد السلطة التشريعية ، فلا يجوز لها أن تناقض فحواه بعمل من جانبها، إذ هو جوهر اختصاصها في مجال ضبطها لمالية الدولة ، وإرساء قواعدها وفقاً لأحكام المواد (115، 116، 120) من الدستور.
ثانيهما: أن الضريبة العامة -وبغض النظر عن جوانبها التنظيمية التي تعتبر من آثارها العرضية غير المباشرة - لا تزال مورداً مالياً، بل هي كذلك أصلاً وابتداءً. ومن ثم تتضافر مع غيرها من الموارد التي تستخدمها الدولة لمواجهة نفقاتها الكلية ، سواء في ذلك تلك التي يكون طابعها منتظماً أو طارئاً، بما مؤداه: أن استخدامها لمواردها تلك، لا ينفصل عن واجباتها الدستورية التي تقتضيها أن تكون مصارفها مسخرة لتحقيق النفع العام لمواطنيها.
ومن ثم يكون النفع العام -أو ما يعبر عنه أحياناً بأكبر منفعة جماعية - قيداً على إنفاقها لإيراداتها، وكذلك شرطاً أولياً لاقتضائها لضرائبها ورسومها.
وحيث إن ما تقدم مؤداه: أن أغراض التمويل تعتبر قيداً على السلطة الضرائبية يقارنها ولا يفارقها، وحدا من الناحية الدستورية على ضوابط إنفاق المال العام. ولا يعنى ما تقدم أن الدولة لا تستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التي تراها لتعينها بها على النهوض بمسئولياتها وتطوير نشاطها، بل يجوز ذلك بشرطين:
أولهما: أن تكون الأغراض التي تقوم عليها هذه الجهة وفقاً لقانون إنشائها، وثيقة الاتصال بمصالح المواطنين في مجموعهم، أولها آثارها على قطاع عريض من بينهم، مما يجعل دورها في الشئون التي تعنيهم حيوياً.
ثانيهما: أن يكون دعمها مالياً مطلوباً لتحقيق أهدافها، على أن يتم ذلك - لا عن طريق الضريبة التي تفرضها السلطة التشريعية ابتداء لصالحها لتعود إليها مباشرة غلتها - بل من خلال رصد ما يكفيها بقانون الموازنة العامة وفقاً للقواعد التي نص عليها الدستور، وفى إطار الأسس الموضوعية التي يتحدد مقدار هذا الدعم على ضوئها.
وحيث إن الأصل فى الضريبة - وباعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً- أن يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي تم تدبيرها، لتفقد كل منها ذاتيتها، ولتشكل جميعها نهراً واحداً لإيراداتها الكلية Consolidated Funds؛ وكان النص المطعون فيه قد فرض الضريبة المتنازع عليها لصالح نقابة بذاتها، واختصها بحصيلتها التى تؤول مباشرة إليها، فلا تدخل خزانة الدولة ، أو تقع ضمن مواردها ليمتنع استخدامها فى مجابهة نفقاتها، فإنها تكون فى حقيقتها معونة مالية رصدتها الدولة لتلك النقابة - لا عن طريق الضوابط التى فرضها الدستور فى شأن الإنفاق العام - ولكن من خلال قيام الضريبة المطعون عليها بدور يخرجها عن مجال وظائفها، ويفقدها مقوماتها لتنحل عدماً، وهو ما يقتضى الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام المواد (61، 115، 116، 119، 120) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية البند "خامساً" من المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية ، فيما نص عليه من تخويلها حق اقتضاء رسم قدره مليم واحد على إنتاج الشيكارة من الأسمنت وزن 50 كيلو جرام، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

عدم دستورية المعونة المالية المرصودة مباشرة قبل الدخول لخزينة الدولة

القضية رقم 54 لسنة 19 ق "دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 7 مارس سنة 1998 الموافق 8 ذو القعدة سنة 1418 هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر                  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي على جبالي  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر       أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 54 لسنة 19 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة اسمنت بورتلاند بحلوان
ضد
1- السيد / رئيس مجلس الوزراء
2- السيد / الممثل القانوني لنقابة المهن العلمية
" الإجراءات "
بتاريخ 19 مارس سنة 1997، أقام المدعى بصفته الدعوى الماثلة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً فى ختامها الحكم بعدم دستورية الفقرة (أ) من البند الرابع من المادة (79) من القانون رقم 80 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن العلمية ، المعدل بالقانون رقم 120 لسنة 1983.
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة ، ونقابة المهن العلمية مذكرة بدفاعها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة المدعية ، كانت قد أقامت الدعوى رقم 14129 لسنة 1996 مدنى ، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ، طالبة الحكم بإلزام نقابة المهن العلمية برد مبلغ 622ر476937 جنيهاً والفوائد القانونية اعتباراً من صيرورة هذا الحكم نهائياً وحتى تاريخ السداد، وذلك ابتناء على أن هذا المبلغ كانت قد سددته الشركة المدعية إعمالاً لنص الفقرة (أ) من البند الرابع من المادة (79) من القانون رقم 80 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن العلمية ، والمعدل بالقانون رقم 120 لسنة 1983، وبجلسة 24/2/1997 دفعت الشركة المدعية ، بعدم دستورية هذا النص، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية فأقامتها. وبجلسة 30/6/1997 قضت بوقف الدعوى تعليقاً لحين الفصل في الطعن الراهن بعدم الدستورية .
وحيث أن المادة (79) من القانون رقم 80 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن العلمية ، والمعدل بالقانون رقم 120 لسنة 1983 تنص على أن تشمل إيرادات النقابة ما يأتي :-
...................
4- ما تحصله النقابة من فئات دمغات المهن العلمية التي تنتجها الشركات المنتجة للكيماويات الصناعية ، وتعتبر جزءاً من عناصر التكلفة على النحو التالي :-
أ- طن الأسمنت ............ 2 قرش".
وحيث أن من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، إسهاماً من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة . وهم يدفعونها لها بصفة نهائية ، ودون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها. ومن ثم كان فرضها مرتبطاً بمقدرتهم التكليفية ، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطاً بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام- وعوضاً عن تكلفته- وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكان الرسم المفروض بمقتضى قانون نقابة المهن العلمية على إنتاج كل طن من الأسمنت، لا تقابله خدمة فعلية ، تكون النقابة قد بذلتها لمن يتحملون بها، فإنه ينحل إلى ضريبة من الناحية القانونية .
وهى بعد ضريبة لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تمتد إليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها في إطار هذه الدائرة وحدها، بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمي للدولة - وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية - مرتباً لدينها في ذمة الممول، مما مؤداه: تكافؤ الممولين في الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالي - وبالقوة ذاتها- كلما توافر مناطها في أية جهة داخل حدودها الإقليمية ، وهو ما يعنى أنها ضريبة عامة يقوم التماثل فيما بين الممولين بصددها، على وحدة تطبيقها من الناحية الجغرافية ، وليس بالنظر إلى مقدار الضريبة التي يؤدونها، ذلك أن التعادل بينهم في نطاقها ليس فعلياً، بل جغرافياً.
وحيث أن من المقرر أن الضريبة التي يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون- وعلى ما تدل عليه المادتان (61، 119) من الدستور- هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية والأسس الموضوعية التي لا تقوم إلا بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية التي ينبني عليها النظام الضريبي ضابطاً لها في الحدود المنصوص عليها في المادة (38) من الدستور، فإن أصل الحق في الضريبة محل النزاع الماثل، يكون مطروحاً على المحكمة الدستورية العليا بقوة النصوص الدستورية ذاتها، لتقول كلمتها في شأن دستوريتها.
وحيث أن الضريبة العامة يحكمها أمران لا ينفصلان عنها، بل تتحدد دستوريتها على ضوئهما معا:
أولهما: أن الأموال التي تجبيها الدولة من ضرائبها، وثيقة الاتصال بوظائفها الحيوية ، وبوجه خاص ما تعلق منها بتأمين مجتمعها، والعمل على تطويره. وقيامها على وظائفها هذه، يقتضيها أن توفر بنفسها- ومن خلال الضريبة وغيرها من الموارد- المصادر اللازمة لتمويل خططها وبرامجها.
والرقابة التي تفرضها السلطة التشريعية - بوسائلها- على هذه الموارد ضبطاً لمصارفها، هي الضمان لإنفاذ سياستها المالية التي لا يجنح الاقتصاد معها نحو أعاصير لا تؤمن عواقبها، وبوجه خاص في نطاق العمالة ، وضمان استقرار الأسعار، وصون معدل معقول للتنمية ، وكذلك حد أدنى لمواجهة أعباء الحياة .
وهذه القواعد والضوابط التي تهيمن بها السلطة التشريعية على الإنفاق العام، هي التي يتعين أن تنزل عليها السلطة التنفيذية ، فلا تحيد عنها أو تعدل فيها، لضمان ألا يكون هذا الإنفاق إسرافاً أو تبديداً أو إرشاءً أو إغواء، بل أميناً، مقتصداً ورشيداً. وهى بعد قواعد لا يجوز على ضوئها جر مبالغ من الخزانة العامة قبل تخصيصها وفقاً للقانون، بما يكفل رصدها على الأغراض التي حددها، والتي لا يجوز أن تتحول السلطة التنفيذية عنها، ولا أن تعدل فيها بإرادتها المنفردة .
بما مؤداه: أن ربط الموارد في جملتها، بمصارفها تفصيلاً، وإحكام الرقابة عليها، يعد والتزاماً دستورياً يقيد السلطة التشريعية ، فلا يجوز لها أن تناقض فحواه بعمل من جانبها، إذ هو جوهر اختصاصها في مجال ضبطها لمالية الدولة ، وإرساء قواعدها وفقاً لأحكام المواد (115، 116، 120) من الدستور.
ثانيهما: أن الضريبة العامة - وبغض النظر عن جوانبها التنظيمية التي تعتبر من آثارها العرضية غير المباشرة - لا تزال مورداً مالياً، بل هي كذلك أصلاً وابتداءً. ومن ثم تتضافر مع غيرها من الموارد التي تستخدمها الدولة لمواجهة نفقاتها الكلية ، سواء في ذلك تلك التي يكون طابعها منتظماً أو طارئاً، بما مؤداه: أن استخدامها لمواردها تلك، لا ينفصل عن واجباتها الدستورية التي تقتضيها أن تكون مصارفها مسخرة لتحقيق النفع العام لمواطنيها.
ومن ثم يكون النفع العام- أو ما يعبر عنه أحياناً بأكبر منفعة جماعية - قيداً على إنفاقها لإيراداتها، وكذلك شرطاً أولياً لاقتضائها لضرائبها ورسومها.
وحيث أن ما تقدم مؤداه: أن أغراض التمويل تعتبر قيداً على السلطة الضرائبية يقارنها ولا يفارقها، وحدا من الناحية الدستورية على ضوابط إنفاق المال العام. ولا يعنى ما تقدم أن الدولة لا تستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التي تراها لتعينها بها على النهوض بمسئولياتها وتطوير نشاطها، بل يجوز ذلك بشرطين:
أولهما: أن تكون الأغراض التي تقوم عليها هذه الجهة وفقاً لقانون إنشائها، وثيقة الاتصال بمصالح المواطنين في مجموعهم؛ أو تؤثر على قطاع عريض من بينهم، مما يجعل دورها في الشئون التي تعنيهم حيوياً.
ثانيهما: أن يكون دعمها مالياً مطلوباً لتحقيق أهدافها، على أن يتم ذلك- لا عن طريق الضريبة التي تفرضها السلطة التشريعية ابتداء لصالحها لتعود إليها مباشرة غلتها- بل من خلال رصد ما يكفيها بقانون الموازنة العامة وفقاً للقواعد التي نص عليها الدستور، وفى إطار الأسس الموضوعية التي يتحدد مقدار هذا الدعم على ضوئها.
وحيث أن الأصل في الضريبة - وباعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً -أن يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي تم تدبيرها، لتفقد كل منها ذاتيتها، ولتشكل جميعها نهراً واحداً لإيراداتها الكلية Consolidated Funds؛ وكان النص المطعون فيه قد فرض الضريبة المتنازع عليها لصالح نقابة بذاتها، واختصها بحصيلتها التي تؤول مباشرة إليها، فلا تدخل خزانة الدولة ، أو تقع ضمن مواردها ليمتنع استخدامها في مجابهة نفقاتها، فإنها تكون في حقيقتها معونة مالية رصدتها الدولة لتلك النقابة - لا عن طريق الضوابط التي فرضها الدستور في شأن الإنفاق العام- ولكن من خلال قيام الضريبة المطعون عليها بدور يخرجها عن مجال وظائفها، ويفقدها مقوماتها لتنحل عدماً، وهو ما يقتضي الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام المواد (61، 115، 116، 119، 120) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة (أ) من البند (4) من المادة (79) من القانون رقم 80 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن العلمية المعدل بالقانون رقم 120 لسنة 1983، فيما نص عليه من تخويلها حق اقتضاء رسم دمغة قدره قرشان على إنتاج كل طن أسمنت، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .