الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 نوفمبر 2017

الطعن 7028 لسنة 64 ق جلسة 7 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ق 47 ص 326

جلسة 7 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ووفيق الدهشان وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(47)
الطعن رقم 7028 لسنة 64 القضائية

(1) إحالة. ضرب "أفضى إلى موت" بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قرار الإحالة. إجراء سابق على المحاكمة. الطعن ببطلانه لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهود".
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شاهدين لم يطلب سماعهما. غير مقبول.
مثال.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة. أو ضمناً.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قرار المحكمة بتأجيل الدعوى لإعلان الشهود. تحضيري. لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(7) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة. دون بيان العلة في ذلك أو تحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى.
(9) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها تقدير الدليل".
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. متى كانت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(10) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
(12) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
لمحكمة الموضوع التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(13) إثبات "بوجه عام". "شهود". حكم "حجيته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
البيان المعول عليه في الحكم. هو الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي. دون غيره.
مثال.
(14) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". ضرب "أفضى إلى موت". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقيدة المحكمة. قيامها على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
مثال.
(15) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لم تثق بما شهدوا به. إشارتها إلى أقوالهم. غير لازم. ما دامت لم تستند إليها. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. دلالته عدم اطمئنانها لأقوالهم فأطرحتها.
(16) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت.

-----------------
1 - لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافعين عنه لم يثر شيئاً بشأن عدم إعلانه بأمر الإحالة. وكان هذا الإجراء سابقاً على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام لم يدفع به أمام محكمة الموضوع.
2 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الطاعن حضرها بمحاميين ترافعا بعد سماع شهادة بعض الشهود وطلبا الحكم ببراءة الطاعن ولم يكن لأيهما طلب آخر، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شاهدين بَّينهما.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
4 - من المقرر أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض.
7 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها.
9 - لما كان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم بفرض حصوله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
11 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
12 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على تقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة رغم قصورهما عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
13 - لما كان البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع، فإن تزيد الحكم فيما أورده في تحصيله واقعة الدعوى من استحالة العشرة بين المجني عليها والمتهم... وأنه أضمر في نفسه شراً لها وهو قول خارج عن سياق تدليله على ثبوت تهمة إحداثه عمداً إصابات المجني عليها التي أودت بحياتها - لا يمس منطقه والنتيجة التي انتهت إليها ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله.
14 - لما كان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني فإنه لا يضير الحكم أن يورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعن أشعل النار بجسد المجني عليها بولاعة ثم يورد على لسان المجني عليها وباقي الشهود أنه أشعل النار بملابسها لأن المشترك بين التعبيرين واحد هو أن الطاعن قصد إصابة المجني عليها، وهو ما عبرت عنه المجني عليها فيما أورده الحكم بأقوالها من أن الطاعن "كان يقصد إصابتها بحرق بسيط فقط".
15 - من المقرر أن للمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها وأن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن بذاته الرد على شهادة شهود النفي وأنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.
16 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جرح عمداً...... بأن أشعل النيران بملابسها على النحو المبين بالأوراق فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياتها ولم يكن يقصد من ذلك قتلاً ولكن الجرح أفضى إلى موتها وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى..... والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الجرح المفضي إلى الموت قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في الإسناد وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يعلن بأمر الإحالة، ولم تستمع المحكمة إلى شاهدي الإثبات مساعد الشرطة...... والدكتور/ .....، رغم تأجيلها نظر الدعوى من قبل لسماعهما، ولم تبين سبب عدولها، وعّول الحكم في إدانته على أقوال المجني عليها رغم تناقضها إذ قررت أنه أشعل بها النار ثم عادت وقررت أنه هو الذي أطفأها ونقلها إلى المستشفى وتناقض أقوالها مع ما ورد بتقرير الصفة التشريحية الذي أورى أنه منطقة البطن ليس بها آثار حروق مع أنها قررت أنه أشعل النار بوسط قميصها، وعلى أقوال والدها مع أنه لم يشاهد شيئاً وعلى أقوال أمها رغم ما قررته بالمحضر المؤرخ 21/ 11/ 1992 من أن ابنتها أبلغتها أن زوجها كان يحاول إطفاءها وليس هو الذي أشعل النار بها، وعلى التحريات مع أنها لم تقطع بأنه هو مرتكب الحادث وعلى تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد منه بيان كيفية حدوث إصابات المجني عليها ودون أن يقطع التقرير بإمكان حصول الواقعة كما قررتها المجني عليها بشكل مؤكد، وإيراده أن المجني عليها تعاني من مرض صدري مزمن أدى إلى هزال فيجوز أن تكون الوفاة بسببه، كما لم يبين الحكم رابطة السببية بين جروح المجني عليها والوفاة التي لم يقطع بسببها، وأورد الحكم في تحصيله واقعة الدعوى ما يفيد استحالة العشرة بينه وبين المجني عليها وما يفيد أنه أضمر لها شراً وأشعل النار في جسدها بقداحة بغير سند من الأوراق وعلى خلاف ما قررته المجني عليها من أن النار اشتعلت بملابسها وهو قول لا يفيد إشعال النار بجسدها، والتفت الحكم عن دفاعه بأن خلافاته السابقة مع المجني عليها هو سبب اتهامه بارتكاب الحادث الذي يرجع في حقيقته إلى القضاء والقدر نتيجة انفجار موقد الغاز وهو ما تأيد بأقوال الشاهدين.... و ....... ولم يورده أو يرد عليه، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافعين عنه لم يثر شيئاً بشأن عدم إعلانه بأمر الإحالة. وكان هذا الإجراء سابقاً على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الطاعن حضرها بمحاميين ترافعا بعد سماع شهادة بعض الشهود وطلبا الحكم ببراءة الطاعن ولم يكن لأيهما طلب آخر، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شاهدين بينَّهما، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان الشاهدين ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع التدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم بفرض حصوله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على تقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة رغم قصورهما عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليها التي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها في قوله "وأن السببية قد قامت ونهضت فيما بين الفعل وهو إشعال النار والنتيجة وهي الوفاة وقد قطع في خصوص ذلك تقرير الصفة التشريحية بما يوفر في حق المتهم ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بوفاة المجني عليها ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا فعل إشعال النار بالمجني عليها لما حدثت تلك الإصابات والتي أودت بحياتها بما يوفر إثبات علاقة السببية" فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع، فإن تزيد الحكم فيما أورده في تحصيله واقعة الدعوى من استحالة العشرة بين المجني عليها والمتهم...... وأنه أضمر في نفسه شراً لها وهو قول خارج عن سياق تدليله على ثبوت تهمة إحداثه عمداً إصابات المجني عليها التي أودت بحياتها - لا يمس منطقه والنتيجة التي انتهت إليها ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني فإنه لا يضير الحكم أن يورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعن أشعل النار بجسد المجني عليها بولاعة ثم يورد على لسان المجني عليها وباقي الشهود أنه أشعل النار بملابسها لأن المشترك بين التعبيرين واحد هو أن الطاعن قصد إصابة المجني عليها - وهو ما عبرت عنه المجني عليها فيما أورده الحكم بأقوالها من أن الطاعن "وكان يقصد إصابتها بحرق بسيط فقط". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها وأن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن بذاته الرد على شهادة شهود النفي وأنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 25614 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ق 46 ص 316

جلسة 7 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(46)
الطعن رقم 25614 لسنة 63 القضائية

(1) بناء. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
واقعة مخالفة البناء لأحكام القانون وإقامة بناء بدون ترخيص. وصفان ملازمان لفعل البناء.
(2) بناء. قانون "سريانه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". "أثر الطعن" عقوبة "تطبيقها". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة البناء بغير ترخيص. متتابعة الأفعال. متى كانت أعمال البناء متعاقبة ومتوالية ولو لم يكشف عن بعضها إلا بعد الحكم في بعضها الآخر. أثر ذلك؟
لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. وجوب امتداد أثر نقض الحكم لطاعنين آخرين.
مثال لتسبيب معيب لرفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.

------------------
1 - من المقرر أن مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، إذ هما قرينان متلازمان لفعل البناء ويتداخلان في وصفه القانوني.
2 - لما كانت جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية، إذ هي حينئذ تقوم على نشاط وإن اقترف في أزمنة متوالية إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والاعتداء فيه يسقط على حق واحد مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون بمعنى أنه إذا صدر حكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو لم يكتشف أمرها إلا بعد صدور الحكم، ومفاد ذلك أن الحكم نهائياً بإدانة متهم في جريمة إقامة بناء بغير ترخيص يحول دون محاكمته مرة أخرى عنها، أو عن أية جريمة أخرى من جرائم مخالفة البناء لأحكام القانون، إذ هما - البناء بغير ترخيص، ومخالفة البناء لأحكام القانون - قرينان متلازمان يتداخلان في وصفه القانوني، حتى ولو لم يكتشف أمر أيهما إلا بعد صدور الحكم في جريمة منهما سواء كانت الجريمة إقامة بناء بدون ترخيص أو إقامته مخالفاً لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنح التي بينها. على أن موضوع هذه الجنح إقامة عدة أدوار متكررة بغير ترخيص والبناء في الردود وأن هناك مغايرة بينه وبين موضوع الاتهام المسند للطاعنين في الدعوى المطروحة على خلاف ما أثبته الحكم بمدوناته فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين عن التهمة الأولى التي عاقبهم عنها بالمادة 22 مكرراً المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 إلى القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء باعتبارها الجريمة الأشد في قوله عنهم "أنهم لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم .... شارع...... الأصول الفنية المقررة وذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطاء واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة، كما استخدموا مواد بناء (زلط) غير مطابق للمواصفات المقررة، وسوء توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان المرخص بها رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات" إذ أن هذه الأفعال التي أوردها الحكم - في الاتهام الأول الذي أنزل عقوبته على الطاعنين، يندرج في أفعال الدعاوى التي سبق الحكم على الطاعنين فيها، وهي إقامة أدوار متكررة بدون ترخيص والبناء في الردود - حسبما أشار الحكم - وذلك بحسب الأصل المقرر - السابق بيانه - في حدود الأدوار التي أقامها الطاعنون بدون ترخيص حتى ولو لم تكن قد اكتشفت إلا بعد الحكم فيها ولم يستظهر الحكم، فيما عدا ذلك، ما إذا كانت مخالفات التنفيذ الأخرى تتعلق بأدوار أخرى أقيمت بعد الحكم على الطاعنين في آخر ما أسند إليهم من أعمال التعلية أو قبله فيندرج فيها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباً فوق تناقضه فيما أورده بشأن المغايرة في أفعال الأدوار المقامة بغير ترخيص، بالقصور في البيان بعدم استظهاره أساس المغايرة - في غيرها - مما أورده بشأن عيوب التنفيذ، التي تدخل وتندرج في إقامة الأدوار الأخرى بغير ترخيص، إذا تعلقت بها وكانت مما تندمج فيها، وقد أسلس هذا العيب الحكم إلى خطأ آخر، هو أنه أنزل حكم المادة 22 مكرراً - المار بيانها - على الطاعنين قبل أن يستظهر أن الغش وسوء التنفيذ - كانا متعلقين بمبان أخرى لاحقة في إقامتها على تلك التي أقامها الطاعنون بغير ترخيص، وعلى بدء سريان حكم المادة المنوه عنها، مما يعيبه كذلك بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان. لما كان ما تقدم، فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين وكذلك بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)...... "طاعنة" (2)..... "طاعن" (3)..... "طاعن" (4) ..... "طاعن" (5).... (6)..... أولاً: المتهمون الأول والثاني والثالث: (1) لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم... شارع..... الأصول الفنية المقررة وذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطاء واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة واستخدموا مواد بناء (زلط وحديد تسليح) غير مطابق للمواصفات المقررة مع سوء في توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد من بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو الموضح بالتحقيقات. (2) أقاموا البناء - آنف البيان - مخالفاً للرسومات المعتمدة من شركة......... ومن إدارة......... والتي منح الترخيص على أساسها وقاموا بتعلية ستة طوابق دون الحصول على ترخيص بذلك. ثانياً: المتهمون الرابع والخامس والسادس: (1) أهملوا والمتهم المتوفى....... إهمالاً جسيماً في تصميم البناء سالف البيان - ولم يلتزموا في إعداد الرسومات بالأصول الفنية والمواصفات القياسية المصرية المعمول بها بأن صمموا قطاعات أعمدة لا تتحمل بأمان الأحمال الرأسية التي كانت قائمة عليها وأساءوا توزيعها على مساحة البناء، ولم يراعوا في اختيار النظام الإنشائي مقاومة القوى الأفقية الناتجة عن تأثير الرياح فأضاف ذلك إجهادات إضافية على الأعمدة علاوة على الإجهادات الناتجة عن الأحمال الرأسية. (2) أهملوا والمتهم المتوفى ..... إهمالاً جسيماً في الإشراف على تنفيذ بناء على العقار سالف البيان فسمحوا للمتهمين من الأول إلى الثالث باستخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات ودون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات مع سوء توزيع الحديد بالهيكل الخرساني للبناء وعدم جودة الخلط لمكونات الخرسانة المسلحة، وسمحوا لهم أيضاً بتعلية ستة طوابق دون ترخيص وأشرفوا على تنفيذ بنائها رغم أن الهيكل الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها. ثالثاً: المتهمون جميعاً: (1) تسببوا بأخطائهم - موضوع التهم السابقة - وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء وبإخلالهم إخلالاً جسيماً بما يفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة الإجهادات الكلية على قطاعات أعمدة العقار - سالف البيان - مما أفقد البناء معامل الأمان الذي تقتضيه المواصفات المصرية القياسية وجعله في حالة اتزان لحظي بحيث انهار فور وقوع الزلزال يوم 12/ 10/ 1992 دون أن يتمكن شاغلوه من النجاة بحياتهم وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة سبعة وستين شخصاً وإصابة ثمانية أشخاص - المبينة أسماؤهم بالتحقيقات. (2) تسببوا بأخطائهم موضوع التهمة السابقة - في إتلاف المنقولات المملوكة لشاغلي وحدات العقار - وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 4/ 1، 5/ 3، 11/ 1، 12/ 6، 22/ 1، 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 والمواد 238/ 1 - 2 - 3، 244/ 1 - 2 - 3، 378/ 6 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهمين الأولى والثاني والثالث بالسجن لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الرابع والسادس بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمهم مليون جنيه عما أسند إليهم. ثانياً: بحظر التعامل نهائياً مع كل من الأولى حتى الثالث. ثالثاً: بشطب اسم كل من المتهم الرابع والسادس من سجلات نقابة المهندسين لمدة خمس سنوات. رابعاً: براءة المتهم الخامس مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليهم الأولى والثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان الأولى والثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم عدم مراعاة الأصول الفنية في إقامة بناء بتنفيذ تصميم مخالف لرسومات الترخيص رغم علمهما بما شابه من أخطاء واستخدام مواد بناء بالمخالفة للمواصفات المقررة من حيث الكمية والنوع وطريقة الاستخدام وتعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم عدم صلاحية الهيكل الخرساني الإنشائي لإقامتها وذلك بطريق العمد وإقامته بالمخالفة للرسوم المعتمدة والقتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال، قد شابه فساد في الاستدلال وتناقض وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم أطرح دفعهما بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنح التي بينها، استناداً إلى أن الأحكام في هذه الجنح صدرت عن مخالفتها للترخيص الممنوح للطاعنة الأولى بتعلية عدة أدوار متكررة بغير ترخيص والبناء في الردود وأنها تختلف عن الجرائم المسندة إليهما في هذه الدعوى وهي عدم الالتزام بالأصول الفنية المقرر باستخدام كميات من مواد البناء دون الحد الأدنى المقرر طبقاً للمواصفات، مع أن الواقعة المعروضة منسوب للطاعنين فيها إضافة مبان ستة أدوار بدون ترخيص، كما أن باقي الوقائع فيها تدخل في وقائع الجنح السابقة لوحدة الغرض الذي قصدوا إليه. وأنزل عليهما الحكم أقصى العقوبة المنصوص عليها في المادة 22 مكرراً المضافة إلى قانون المباني بالقانون رقم 30 لسنة 1983. باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد، مع أن هذا القانون صدر بعد إتمامهم أعمال البناء، فلا تسري عليهما أحكامه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بموجب محاضر الجنح المقيدة ضد المتهمين الأولى والثاني أرقام..... لسنة .... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... جنح...... فإن هذا الدفع أيضاً ظاهر الفساد ولا يستقيم وصحيح القانون، ذلك أن هذه الأحكام صدرت عن مخالفة المتهمين الأولى والثاني للترخيص الممنوح للأولى وذلك بتعلية عدة أدوار متكررة بغير ترخيص وبالبناء في الردود التي كان يتعين تركها بغير بناء، وهي جميعاً جرائم تختلف عن الجرائم المسندة إليهما بموجب قرار الاتهام في هذه الدعوى، كان أن الواقعة في هذه الدعاوى تختلف عن تلك التي تحرر عنها الجنح آنفة الذكر فالأولى عن عدم التزام بالأصول الفنية المقررة وذلك باستخدام كميات من مواد البناء دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية القياسية في حين أن الأخيرة كما سلف القول عن تعلية البناء بموجب الترخيص الصادر للمتهمة الأولى ومن ثم لا يمكن القول بوحدة الواقعة حتى يستطيع المتهم التمسك بقوة الأمر المقضي للأحكام السابقة، يضاف إلى ذلك أن المحضر المقيد برقم.... لسنة.... جنح......... لم يصبح فيه الحكم باتاً بعد وهو المحضر المحرر عن استكمال الدور الرابع عشر ومخالفة الترخيص بالنسبة للتعديلات في البدروم والدور الأرضي، وبالترتيب على ذلك فإنه لا يجوز الدفع بقوة الأمر المقضي إذا كان الدعاوى الجديدة مؤسسة على واقعة مختلفة في عناصرها عن الواقعات السابقة، وفضلاً عن جماع ما تقدم فإن الجرائم التي تقع بالمخالفة لقوانين البناء هي كما سلف القول جرائم متتابعة الأفعال لأن السلوك الإجرامي يمتد فيها مدة من الزمن وأن الأحكام السابقة التي يحتج بها المتهمان الأولى والثاني تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على تلك الأحكام أما ما يحصل بعد ذلك من تدخل لإرادة المتهمين في استمرار الحالة الجنائية يكون جريمة جديدة يجوز محاكمتهما من أجلها ولا تكون للأحكام السابقة أية حجية أو اعتبار في صدورها لأن جرائم البناء تتكون من جملة أفعال متعاقبة ترتكب لغرض واحد ولا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص بهذه الأفعال عند تكرارها إلا إذا اتحد الحق المنصوص عليه المحمي بنص واحد فإذا اختلف وكان الاعتداء قد وقع بناء على نشاط إجرامي خاص عن طريق تكرار الفعل المترتب في مناسبات مختلفة فإن السبب لا يكون واحداً رغم وحدة الغرض أو كان الغرض واحداً أو الحق واحداً إلا أن لكل منهما ذاتية مستقلة وبتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين بجلاء أن الوقائع التي يتم محاكمة المتهمين عنها لها ذاتية مستقلة عن ذاتية الواقعة المطروحة، ومن ثم يضحى هذا الدفع على غير ركاز من الواقع أو القانون خليقاً بالرفض". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، إذ هما قرينان متلازمان لفعل البناء ويتداخلان في وصفه القانوني، وأن جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية، إذ هي حينئذ تقوم على نشاط وإن اقترف في أزمنة متوالية إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والاعتداء فيه يسقط على حق واحد مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون بمعنى أنه أصدر حكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو لم يكتشف أمرها إلا بعد صدور الحكم، ومفاد ذلك أن الحكم نهائياً بإدانة متهم في جريمة إقامة بناء بغير ترخيص يحول دون محاكمته مرة أخرى عنها أو عن أية جريمة أخرى من جرائم مخالفة البناء لأحكام القانون، إذ هما - البناء بغير ترخيص، ومخالفة البناء لأحكام القانون - قرينان متلازمان يتداخلان في وصفه القانوني، حتى ولو لم يكتشف أمر أيهما إلا بعد صدور الحكم في جريمة منهما سواء كانت الجريمة إقامة بناء بدون ترخيص أو إقامته مخالفاً لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنح التي بينها على أن موضوع هذه الجنح إقامة عدة أدوار متكررة بغير ترخيص والبناء في الردود وأن هناك مغايرة بينه وبين موضوع الاتهام المسند للطاعنين في الدعوى المطروحة على خلاف ما أثبته الحكم بمدوناته فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين عن التهمة الأولى التي عاقبهم عنها بالمادة 22 مكرراً المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 إلى القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء باعتبارها الجريمة الأشد في قوله عنهم "إنهم لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم... شارع....... الأصول الفنية المقررة وذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطاء واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة، كما استخدموا مواد بناء (زلط) غير مطابق للمواصفات المقررة، وسوء توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات" إذ أن هذه الأفعال التي أوردها الحكم - في الاتهام الأول الذي أنزل عقوبته على الطاعنين، يندرج في أفعال الدعاوى التي سبق الحكم على الطاعنين فيها، وهي إقامة أدوار متكررة بدون ترخيص والبناء في الردود - حسبما أشار الحكم - وذلك بحسب الأصل المقرر - السابق بيانه - في حدود الأدوار التي أقامها الطاعنون بدون ترخيص حتى ولو لم تكن قد اكتشفت إلا بعد الحكم فيها ولم يستظهر الحكم، فيما عدا ذلك، ما إذا كانت مخالفات التنفيذ الأخرى تتعلق بأدوار أخرى أقيمت بعد الحكم على الطاعنين في آخر ما أسند إليهم من أعمال التعلية أو قبله فيندرج فيها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباً فوق تناقضه فيما أورده بشأن المغايرة في أفعال الأدوار المقامة بغير ترخيص، بالقصور في البيان بعدم استظهاره أساس المغايرة - في غيرها - مما أورده بشأن عيوب التنفيذ، التي تدخل وتندرج في إقامة الأدوار الأخرى بغير ترخيص، إذ تعلقت بها وكانت مما تندمج فيها، وقد أسلس هذا العيب الحكم إلى خطأ آخر، هو أنه أنزل حكم المادة 22 مكرراً - المار بيانها - على الطاعنين قبل أن يستظهر أن الغش وسوء التنفيذ - كانا متعلقين بمبان أخرى لاحقه في إقامتها على تلك التي أقامها الطاعنون بغير ترخيص، وعلى بدء سريان حكم المادة المنوه عنها مما يعيبه كذلك بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان. لما كان ما تقدم، فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة - بغير حاجه إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعنين وكذلك بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة منهما.

الطعن 6225 لسنة 64 ق جلسة 3 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ق 45 ص 304

جلسة 3 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الإكيابى ومحمد عبد الواحد وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة ورضا القاضي.

-----------------

(45)
الطعن رقم 6225 لسنة 64 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة. استخلاصه. موضوعي.
(2) قتل عمد. ظروف مشددة. سبق إصرار. ترصد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد. موضوعي.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. ترصد. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
انعدام مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم بشأن ظرفي سبق الإصرار والترصد. ما دامت العقوبة الموقعة على كل منهم تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة.
(4) جريمة "أركانها". باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث ليس ركناً من أركان الجريمة. الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة. لا يعيب الحكم.
(5) إثبات "شهود" حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(6) قتل عمد. إثبات "بوجه عام". "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا جناح على الحكم إن استند على الأسلحة المضبوطة. كقرينة معززة ومؤيدة للأدلة الأخرى التي أوردها. ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعنين.
(7) إثبات "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق.
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
حق المحكمة أن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة. متى اطمأنت إليه. وأن تلتفت عما عداه. دون بيان العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى. ما دام له أصل ثابت فيها.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(9) شهادة زور. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة إلى مغايرة شهادة الطاعنين الحق وتأييد الباطل بعد حلف اليمين. بقصد تضليل القضاء ومحاباة المتهمين. والتصميم عليها حتى نهاية الجلسة. بيان كاف وسائغ لجريمة شهادة الزور.
(10) شهادة زور. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توجيه المحكمة تهمة شهادة الزور إلى الطاعنين بالجلسة التي استمعت فيها إلى شهادتهما في حضورهما. لا إخلال بحق الدفاع.
انتفاء مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم بخصوص عدم إدانة شاهدة أخرى.

------------------
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً.
2 - من المقرر أن البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
3 - من المقرر أن لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بشأن ظرفي سبق الإصرار والترصد لأن العقوبة المقضى بها على كل منهم - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظرف من الظروف المشددة.
4 - من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
6 - لما كانت المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصيلة على الأسلحة المضبوطة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من الأسلحة المضبوطة دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعنين.
7 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - وللمحكمة أن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
8 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر شهادة الطاعنين بالجلسة شهادة كاذبة قصداً منها إفلات المتهمين في الجناية من العقاب، وصمما على شهادتهما هذه حتى نهاية الجلسة، وكذلك المحكمة قد اطمأنت إلى مغايرتهما الحق وتأييد الباطل بعد حلف اليمين وذلك بقصد تضليل القضاء ومحاباة المتهمين، فإن الحكم يكون قد حصل جريمة شهادة الزور التي دان الطاعنين بها وأورد في شأنها بياناً كافياً سائغاً.
10 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحكمة التي استمعت فيها المحكمة إلى شهادة الطاعنين في الدعوى أن المحكمة وجهت إلى كل منهما بالجلسة في حضوره تهمة شهادة الزور أمام القضاء - على خلاف ما يدعيه الطاعنان في طعنهما - مما يبرئ الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنين فيما يثيراه بشأن عدم إدانة شاهدة أخرى فإن منعاهما في هذا الصدد يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين الأربعة الأول وآخر بأنهم: أولاً: قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد المجني عليه..... بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وبيضاء (أفرد، بنادق، سنجة) وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه في مثل ذلك الوقت من النهار وما أن ظفروا به أطلقوا عليه عدة طلقات نارية وتعدى عليه الرابع بسلاح حاد قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: شرعوا في قتل المجني عليهما...... و.... بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتل المجني عليه......... فأطلق الأول أعيرة نارية من سلاحه سالف الذكر عليه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا بالمجني عليهما الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركتهما بالعلاج. ثالثاً: المتهمون من الأول إلى الثالث: ( أ ) أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية غير مششخنة (أفرد وبنادق). (ب) أحرزوا ذخائر نارية مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازة أو إحراز سلاحها. رابعاً: المتهم الرابع: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً (سنجة) دون ضرورة شخصية بذلك. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً المواد 41/ 1، 46، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 25 مكرراً، 26/ 1 - 5، 30 - من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول والبند الحادي عشر من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون 97 لسنة 1992 والمادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة المضبوطات وقضت عملاً بنص المادة 294 عقوبات بمعاقبة كلاً من..... و...... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عن شهادتهما زوراً.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنين الأربعة الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع في القتل، وإحراز أسلحة نارية غير مششخنة، وذخيرتها، وسلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والتناقض. ذلك بأن الحكم لم يدلل على ما أورده في مدوناته من وجود خصومة ثأرية سابقة بين عائلتي الطاعنين والمجني عليه القتيل، كما لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين، كما أحال في بيان أقوال الشاهدة..... إلى ما شهدت به........ بتحقيقات النيابة العامة، وفي بيان أقوال الشاهد....... إلى ما شهد به...... بتلك التحقيقات، رغم اختلاف أقوال كل من هؤلاء الشهود، وأورد عن أقوال الشاهدتين سالفتي الذكر بجلسة المحاكمة أنهما شهدا بمثل ما شهدا به بتحقيقات النيابة العامة رغم اختلاف روايتهما في المرحلتين، ولم يبين مضمون شهادة النقيب..... ومحضره بشأن الأسلحة المضبوطة، ورغم أن الشهود...... و..... و..... نفوا بجلسة المحاكمة صدق شهادتهم بالتحقيقات وقرروا أنها كانت نتيجة إكراه وإيعاز من رجال الشرطة، وتمسك الطاعنون بعدم صحة أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع رداً غير سائغ، هذا إلى أن المدافع عن الطاعنين تمسك في دفاعه بتناقض الدليلين القولي والفني، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ به إطراحه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والشروع في القتل، وإحراز أسلحة نارية مششخنة، وذخيرتها، وسلاح أبيض بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وهي مستمدة من أقوال شهود الإثبات..... و..... و........ و...... و..... بتحقيقات النيابة العامة، ومن التقارير الطبية الشرعية ومعاينة النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين في قوله "حيث إنه عن نية القتل والشروع فيه فقد توافرت في حق المتهمين إذ أن نيتهم قد انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليه..... من الضغينة الثأرية السابقة ومن إعدادهم بندقيتين وفردين وسنجة وهي أسلحة قاتلة بطبيعتها وتوجيه أعيرتهم وضرباتهم إليه في مواضع قاتلة من جسده الرأس والوجه والرقبة والصدر ومن بشاعة ومقدار إصاباته على النحو الذي فصله تقرير الصفة التشريحية وعدم تركهم مكان الحادث إلا بعد أن أعملوا فيه كافة أسلحتهم وإجهازهم عليه رغم محاولته الفرار وقد ساهم كل منهم في تنفيذ الجريمة حتى أزُهقت روحه وذلك يكشف بيقين عن ثبوت نية القتل لديهم ومتى كانوا قد انتووا القتل وتعمدوه فإنهم جميعاً يكونوا مسئولين جنائياً عن الشروع في قتل المجني عليهما..... و..... صاحبي الدار التي اقتحموها وراء المجني عليه وإصابتهما بطلقات أعيرتهم التي أطلقوها تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه، وأنه عن سبق الإصرار فمتوافر من الضغينة الكامنة في نفوسهم من جراء الخصومة الثأرية القائمة بينهم وبين المجني عليه ومن إعدادهم السلاح اللازم في تنفيذها وتحينهم للزمان والمكان بما يقطع بأنهم فكروا وصمموا وترووا قبل مقارفتهم جريمتهم، وأنه عن الترصد فثابت من تربصهم وترقبهم للمجني عليه في الطريق الذي توقعوا مروره فيه بعد خروجه من المسجد عائداً إلى بيته ليتوصلوا بذلك من الاعتداء عليه". ولما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وإذ كان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق به توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد حسبما هم معرفون به في القانون، فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بشأن ظرفي سبق الإصرار والترصد لأن العقوبة المقضى بها على كل منهم - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظرف من الظروف المشددة، وكان ما يثيره الطاعنون في شأن الخصومة الثأرية السابقة لا يعيب الحكم لما هو من مقرر من أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في شأن ما تقدم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، فإنه لا ضير على الحكم إذ أحال في بيان مؤدى شهادة.... إلى ما أورده من أقوال الشاهدة.....، وفي بيان مؤدى شهادة ...... إلى ما أورده من أقوال الشاهد.....، بتحقيقات النيابة العامة، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أن...... و.... شهدتا بجلسة المحاكمة بمضمون ما قررتاه بالتحقيقات له أصل ثابت في الأوراق - على ما يبين من مطالعة أقوالهما بمحضر جلسة المحاكمة، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بدعوى الخطأ في الإسناد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن استعرض أدلة الدعوى أورد عن الأسلحة المضبوطة قوله "وقد تعززت هذه الأدلة بضبط الأسلحة المستعملة في ارتكاب الحادث بمعرفة النقيب.... الذي أرشده المتهمون إلى مكان إخفائها والتي ثبت من التقرير الطبي الشرعي جواز حدوث إصابات المجني عليهم من مثلها". وإذ كان الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على الأسلحة المضبوطة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من الأسلحة المضبوطة دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعنين، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعنون من أن أقوال الشهود بالتحقيقات ملفقة بمعرفة الشرطة وأنه عدلوا عن أقوالهم بجلسة المحاكمة ورد عليه بقوله "إن المحكمة تطمئن إلى أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة خاصة وأن النيابة لم تلحظ ثمة ما يشير إلى إكراه وقع على أي منهم وهو يدلي بشهادته وأقواله أمامها، وعدم تأثر إرادته بأي مؤثر خارجي، ومن ثم تلتفت المحكمة عما حاوله شهود الإثبات أمامها من قلب للحقائق أو إخفائها ومغايرتهم للحق وتأييد الباطل بعد حلف اليمين، وتطرح كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بأقوالهم التي حملتها تحقيقات النيابة العامة". وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم في اطمئنانه لأقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة التي عول عليها سائغاً، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وللمحكمة أن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها - وهو ما لا يجادل فيه الطاعنون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعنون بدعوى تناقض الدليلين القولي والفني وأطرحه في قوله "إن ما أثاره الدفاع بأن هناك تناقض بين الدليل القولي والفني لأن إصابة العين اليسرى النافذة إلى المخ لا يمكن للمجني عليه معها الحركة ولو لأمتار بدخول منزل المجني عليهما الآخرين للاحتماء فيه لأنها تحدث وفاته فوراً أو بعد لحظة من حدوثها - لا سند له، إذ أن الأوراق قد خلت من شاهد يقطع بأن إصابة العين اليسرى للمجني عليه كانت هي أولى إصاباته، وما ورد ذلك إلا في تحريات الشرطة التي التفتت عنها المحكمة ولم تعول عليها في هذا الشأن، ويؤيد ذلك تعدد إصابات المجني عليه ووجود أربع إصابات منها من مسافات بعيدة والأخرى من مسافات قريبة، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى ما قرره الطبيب الشرعي الذي أجرى التشريح من أن الأرجح لديه أن الإصابات البعيدة هي التي أصابت المجني عليه أولاً وأن باقي إصاباته القريبة إنما كانت بعد أن تمكنوا منه ووقع في قبضة أيديهم، ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع في هذا الشأن". ولما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ومن ثم فإن قالة التناقض بين أقوال الشهود وبين الدليل الفني تكون منتفية، ويضحى تعييب الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن الطاعنين الخامس والسادس ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشهادة الزور قد شابه القصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يدلل على توافر أركان جريمة الشهادة الزور في حقهما، لأن روايتهما بمحضر جلسة المحاكمة هي الرواية الصحيحة، كما أن المحكمة لم تنبه كل منهما إلى تهمة شهادة الزور، ولم تعاقب الشاهدة.... مثل الطاعنين بجريمة الشهادة الزور، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال الطاعنين بتحقيقات النيابة من رؤيتهما للمتهمين يرتكبون الحادث، وما شهدا به بجلسة المحاكمة بعد تحليفهما اليمين القانونية وأصرا عليه لحين قفل باب المرافعة في الدعوى من أنهما لم يشاهدا الحادث، وما قرراه أمام المحكمة من أن أقوالهما بتحقيقات النيابة العامة غير صحيحة وأنها نتيجة إيعاز من الشرطة، فند أقوالهما بتحقيقات النيابة العامة والتي تأيدت بأقوال باقي الشهود بتلك التحقيقات وماديات الدعوى، وأبدى اطمئنانه إلى صحتها وخلوها من أية عيوب للقرائن التي ساقها في معرض رده على دفاع المتهمين - على ما سلف بيانه، وخلص الحكم إلى إدانة الطاعنين بجريمة الشهادة الزور التي وجهتها إليهما المحكمة بجلسة المحاكمة في قوله "وحيث إنه عن جريمة شهادة الزور، ولما كان الشاهدان...... و..... قد تعمدا تغيير الحقيقة في وقائع شهادتهما بإنكار الحق وتأييد الباطل بقصد تضليل القضاء وكان من شأن شهادتهما أمام المحكمة أن تسبب ضرراً بتبرئة مجرم وتؤثر في الحكم لصالح المتهمين، ولم يعدلا عن أقوالهما الكاذبة بجلسة المحاكمة حتى أقفل باب المرافعة في الدعوى، فيكونا قد ارتكبا جريمة شهادة الزور الأمر المعاقب عليه بمقتضى المادة 294 عقوبات، مما يتعين أخذهما بمقتضاها مع إلزامهما المصاريف الجنائية عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية". ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر شهادة الطاعنين بالجلسة شهادة كاذبة قصداً منها إفلات المتهمين في الجناية من العقاب، وصمما على شهادتهما هذه حتى نهاية الجلسة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى مغايرتهما الحق وتأييد الباطل بعد حلف اليمين وذلك بقصد تضليل القضاء ومحاباة المتهمين، فإن الحكم يكون قد حصل جريمة شهادة الزور التي دان الطاعنين بها وأورد في شأنها بياناً كافياً سائغاً. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة التي استمعت فيها المحكمة إلى شهادة الطاعنين في الدعوى أن المحكمة وجهت إلى كل منهما بالجلسة في حضوره تهمة شهادة الزور أمام القضاء - على خلاف ما يدعيه الطاعنان في طعنهما - مما يبرئ الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنين فيما يثيراه بشأن عدم إدانة شاهدة أخرى فإن منعاهما في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 47442 لسنة 59 ق جلسة 8 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ق 103 ص 683

جلسة 8 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس والبشري الشوربجي وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة وفتحي جودة.

---------------

(103)
الطعن رقم 47442 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى مدنية "نطاقها". وصف التهمة.
المدعي بالحقوق المدنية. لا علاقة لدعواه بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها. النعي على الحكم. عدم استجابة المحكمة لطلبه تعديل وصف التهمة. غير مقبول.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". وصف التهمة. دعوى مدنية.
تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم تحت أي وصف للواقعة. كفايته للقضاء بالبراءة.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام القاضي الجنائي ببيان الواقعة الجنائية التي قضى فيها بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية. كفاية أن يكون حكمه مسبباً تسبيباً كافياً. أساس ذلك؟

-----------------
1 - لما كان من المقرر أن المدعي بالحق المدني لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها، وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً تعويضاً مدنياً عن الضرر الذي لحقه إذ أن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها، فإن ما ينعاه المدعون بالحق المدني على الحكم المطعون فيه من أن المحكمة التي أصدرته لم تستجب لطلبهم تعديل وصف التهمة لا يكون سديداً.
2 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بالبراءة تأسيساً على قوله "أن المحكمة لا تطمئن إلى صحة أقوال المجني عليها"، ومن ثم فإنه لا جدوى مما ينعاه الطاعنون عليه من عدم الرد على ما جاء بدفاعهم بأن الواقعة انطوت على جرائم أخرى ولم تستعمل المحكمة حقها في رد الواقعة إلى أوصاف هذه الجرائم، لأنه يكفي للقضاء بالبراءة - تحت أي وصف للواقعة - أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة.
3 - لما كان القاضي الجنائي - عملاً بمفهوم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية - ليس ملزماً ببيان الواقعة التي قضى فيها بالبراءة، كما أنه غير ملزم ببيانها إذا قضى بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية معاً، وحسبه أن يكون حكمه مسبباً تسبيباً كافياً وسائغاً، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون من قالة قصور الحكم لعدم بيانه ما أوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في أحكام الإدانة يكون بلا محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما ضربا عمداً المجني عليهما.... و..... على النحو المبين بالأوراق فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق. وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1 عقوبات. وادعى المجني عليهما مدنياً بإلزام المتهمين بأن يؤديا لهما مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بولاق الدكرور قضت حضورياً اعتبارياً بتغريم المتهمين خمسين جنيهاً وإلزامهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية. فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المدعين بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أن المدعي بالحق المدني لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدي عن الوصف الذي يراه هو لها، وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً تعويضاً مدنياً عن الضرر الذي لحقه إذ أن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها، فإن ما ينعاه المدعون بالحق المدني على الحكم المطعون فيه من أن المحكمة التي أصدرته لم تستجب لطلبهم تعديل وصف التهمة لا يكون سديداً، هذا إلى أن البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بالبراءة تأسيساً على قوله "أن المحكمة لا تطمئن إلى صحة أقوال المجني عليها". ومن ثم فإنه لا جدوى مما ينعاه الطاعنون عليه من عدم الرد على ما جاء بدفاعهم بأن الواقعة انطوت على جرائم أخرى ولم تستعمل المحكمة حقها في رد الواقعة إلى أوصاف هذه الجرائم، لأنه يكفي للقضاء بالبراءة - تحت أي وصف للواقعة - أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة - وهو الشأن في الحكم المطعون فيه، فيكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان القاضي الجنائي - عملاً بمفهوم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية - ليس ملزماً ببيان الواقعة التي قضى فيها بالبراءة، كما أنه غير ملزم ببيانها إذا قضى بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية معاً، وحسبه أن يكون حكمه مسبباً تسبيباً كافياً وسائغاً، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون من قالة قصور الحكم لعدم بيانه ما أوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في أحكام الإدانة، يكون بلا محل - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس فيفصح عن عدم قبوله موضوعاً وهو ما يستتبع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 653 لسنة 63 ق جلسة 7 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ق 102 ص 681

جلسة 7 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى نائبي رئيس المحكمة ود. صلاح البرعي وأحمد عبد القوي أحمد.

---------------

(102)
الطعن رقم 653 لسنة 63 القضائية

عقوبة "وقف تنفيذها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
جواز الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة. المادة 55 عقوبات.
قضاء الحكم المطعون فيه بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة سنتين. خطأ في القانون. اتصال الخطأ بتقدير العقوبة. أثره: وجوب النقض والإعادة.

---------------
لما كانت المادة 55 من قانون العقوبات تنص على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة.." لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها على المطعون ضده وهي لمدة سنتين يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، ولما كان إيقاف تنفيذ العقوبة من العناصر التي تلحظها المحكمة عند تقدير العقوبة، وكان الخطأ فيه مع كونه خطأ في القانون إلا أنه متصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً، مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع

أقام الممثل القانوني لبنك التنمية بصفته مدعياً بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز الإسماعيلية ضد الطاعن بوصف أنه أصدر له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلب معاقبته بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وإلزامه بأن يؤدي له بصفته مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة الإسماعيلية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف وإثبات تنازل المدعي بالحق المدني عن دعواه المدنية.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى طعن النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها على المطعون ضده وهي لمدة سنتين، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المادة 55 من قانون العقوبات لا تجيز الحكم بوقف التنفيذ إلا إذا كانت مدة عقوبة الحبس لا تزيد على سنة.
وحيث إنه لما كانت المادة 55 من قانون العقوبات تنص على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة.." لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها على المطعون ضده وهي لمدة سنتين يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، ولما كان إيقاف تنفيذ العقوبة من العناصر التي تلحظها المحكمة عند تقدير العقوبة، وكان الخطأ فيه مع كونه خطأ في القانون إلا أنه متصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً، مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 27028 لسنة 59 ق جلسة 2 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ق 101 ص 675

جلسة 2 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.

---------------

(101)
الطعن رقم 27028 لسنة 59 القضائية

(1) أحزاب سياسية. سب وقذف. محكمة دستورية. قانون "تفسيره". صحافة. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة".
القضاء بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون نظام الأحزاب والفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات وبسقوط الفقرة الثانية منها. مؤداه: عدم مسئولية رئيس الحزب ورئيس تحرير جريدته والمحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر عما ينشر بالجريدة. أساس ذلك؟
(2) دعوى مدنية. اختصاص. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض. ارتباط.
اختصاص محكمة الجنح والمخالفات بنظر الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم. استثناء. قيامه على الارتباط بين الدعويين الجنائية والمدنية ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما، مؤدى ذلك؟
المحكمة الجنائية لا ولاية لها في الفصل في الدعوى المدنية. متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية مناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها. غير معاقب عليه قانوناً. أثر ذلك؟

----------------
1 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 25 لسنة 16 ق بجلسة 2/ 1/ 1995 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والتي كانت تتضمن مسئولية رئيس الحزب مع رئيس تحرير جريدته التي يتم النشر فيها كما قضت في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 ق بتاريخ 1/ 2/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر، وكذلك حالات الإعفاء من تلك المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن....." لما كان ذلك، وإنه على فرض ما يدعيه الطاعن في أسباب طعنه من مخالفة الثابت بالأوراق يكون غير ذي موضوع إذ أن الفعل المسند إلى المطعون ضدهما الأول والثاني يكون بمنأى عن التأثيم إذ أن كليهما لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعى بارتكابها وإنما ادعى الطاعن مسئوليتهما الجنائية عنها باعتبار أحدهما رئيساً لتحرير الجريدة والآخر لكونه رئيساً للحزب الذي يصدر الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات والفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية وهما ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتهما في الدعويين الدستوريتين سالفتي البيان بما مفاده بطريق اللزوم إنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إلى كل منهما بما يستوجب مسئوليتهما عنها.
2 - من المقرر طبقاً لنصي المادة 220، 235 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر في الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية والمرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً. ومن ثم فإن المحكمة الجنائية لا تكون مختصة تبعاً لذلك بنظر الدعوى المدنية بعد أن انحسر عنها الاختصاص بالدعوى الجنائية لانتفاء قيام الجريمة التزاماً بأحكام المحكمة الدستورية العليا. مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فيها وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها ومصادرة الكفالة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد المطعون ضدهم بوصف أنهم الأول والثاني تعمدا الإساءة للمجني عليه بأن ضمنا جريدة..... العدد.... ألفاظاً وعبارات لو صحت لأوجبت عقابه واحتقاره عند أهل وطنه. وطلب عقابهما بالمواد 195، 197، 200، 302، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات والمادة 15 من قانون نظام الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل وإلزامهما متضامنين مع المسئول عن الحقوق المدنية "المطعون ضده الثالث" بأن يؤدوا له مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتغريم كل من المتهمين مائتي جنيه وفي الدعوى المدنية بإلزامهما متضامنين مع المسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً شاملاً ورفض ما عدا ذلك من طلبات. استأنف كل من المحكوم عليهم والمدعي بالحق المدني. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما من تهمة السب والقذف ورفض دعواه المدنية قد خالف الثابت بالأوراق وشابه فساد في الاستدلال، ذلك أنه أقام قضاءه على أن العبارات الواردة بالجريدة وإن كانت تشكل سباً وقذفاً إلا أنها لا تفصح عن أنها قصد بها المدعي بالحق المدني. وذلك خلافاً للثابت بالأوراق من أن الصحيفة إنما قصدت بذلك المدعي بالحق المدني ودأبت على ذلك منذ زمن طويل وآية ذلك ما ثبت من مدونات الحكم الصادر في الدعوى.... جنح قصر النيل وبعض المنشورات الأخرى التي تثبت ذلك والمقدمة للمحكمة. إلا أنها قضت على خلاف الثابت بالأوراق ولم تعرض للدليل المستمد منها مما أوقع الحكم في فساد الاستدلال يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الدعوى أقامها الطاعن بطريق الادعاء المباشر قبل المطعون ضدهم وذكر شرحاً لدعواه أن جريدة حزب.... التي يرأس تحريرها المطعون ضده الأول والثاني باعتباره رئيساً للحزب الذي يصدر تلك الجريدة - والتي تعمدت في مقالاتها الإساءة إليه والتشهير به مما يعد سباً وقذفاً الأمر المعاقب عليه بالمادتين 200، 203 من قانون العقوبات. وطلب في ختام صحيفة دعواه الحكم بتوقيع العقوبة المقررة قانوناً على المطعون ضدهما الأول والثاني وإلزامهما مع المطعون ضده الثالث بصفته أن يؤدوا له مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 28/ 3/ 1987 حضورياً بتغريم المطعون ضدهما الأول والثاني كل مائتي جنيه وفي الدعوى المدنية بإلزامهما والمسئول عن الحقوق المدنية "المطعون ضده الثالث" بالتضامن بدفع مبلغ خمسة آلاف جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. استأنف المطعون ضدهم الحكم ومحكمة الدرجة الثانية قضت في 29/ 6/ 1988 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني المصروفات.
ومن حيث إن المحكمة تشير في بادئ الأمر إلى أن المعروض عليها الدعوى المدنية دون الدعوى الجنائية التي قضى الحكم المطعون فيه بخصوصها بالبراءة لم تطعن عليه النيابة ومن ثم فإن طعن المدعي بالحق المدني يكون مقصوراً على الدعوى المدنية والتي رفعها تبعاً للدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 25 لسنة 16 ق بجلسة 2/ 1/ 1995 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والتي كانت تتضمن مسئولية رئيس الحزب مع رئيس تحرير جريدته التي يتم النشر فيها كما قضت في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 ق بتاريخ 1/ 2/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر. وكذلك حالات الإعفاء من تلك المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة..... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن....". لما كان ذلك، وإنه على فرض ما يدعيه الطاعن في أسباب طعنه من مخالفة الثابت بالأوراق يكون غير ذي موضوع إذ أن الفعل المسند إلى المطعون ضدهما الأول والثاني يكون بمنأى عن التأثيم إذ أن كليهما لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعى بارتكابها وإنما ادعى الطاعن مسئوليتهما الجنائية عنها باعتبار أحدهما رئيساً لتحرير الجريدة والآخر لكونه رئيساً للحزب الذي يصدر الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات والفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية وهما ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتهما في الدعويين الدستوريتين سالفتي البيان بما مفاده بطريق اللزوم إنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إلى كل منهما بما يستوجب مسئوليتهما عنها. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادتين 220، 235 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر في الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عن استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية والمرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن ثم فإن المحكمة الجنائية لا تكون مختصة تبعاً لذلك بنظر الدعوى المدنية بعد أن انحسر عنها الاختصاص بالدعوى الجنائية لانتفاء قيام الجريمة التزاماً بأحكام المحكمة الدستورية العليا سالفة الذكر. مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فيها وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها ومصادرة الكفالة.

الطعن 13981 لسنة 62 ق جلسة 29 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 100 ص 670

جلسة 29 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

------------------

(100)
الطعن رقم 13981 لسنة 62 القضائية

(1) نقد. قانون "تفسيره" "القانون الأصلح". عقوبة "تطبيقها".
العقوبة المقررة لجريمة التعامل بالنقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف والجهات المرخص لها بذلك في مفهوم المادة 14 من القانون 97 لسنة 1976 المعدل.
صدور القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي بعد ارتكاب الفعل وقبل صدور حكم بات في الجريمة المسندة للطاعن يعد أصلح للمتهم من القانون القديم. علة ذلك.
(2) محكمة النقض "سلطتها". قانون "القانون الأصلح".
لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات. قانون أصلح. أساس ذلك.
(3) عقوبة "تطبيقها". وقف تنفيذ. محكمة الموضوع "سلطتها في توقيع العقوبة".
تقدير مسوغات وقف تنفيذ العقوبة. موضوعي. مؤدى ذلك.

------------------
1 - لما كان القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل بالقانون 67 لسنة 1980 قد نص في المادة الرابعة عشرة منه على أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة. وفي حالة العود تضاعف العقوبة، وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها..." إلا أنه لما كان القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والذي صدر بتاريخ 15 من مايو سنة 1994 بعد الحكم المطعون فيه قد نص في مادته الرابعة عشرة على إلغاء القانون رقم 97 لسنة 1976 ونص في المادة الثامنة على معاقبة كل من يخالف أحكام المادة الأولى منه والتي تحظر التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه، فضلاً عن مصادرة المبالغ والأشياء المضبوطة محل الدعوى، أو الحكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة عدم ضبطها، وبذلك فقد ألغى القانون رقم 38 لسنة 1994 عقوبة الحبس التي كانت مقررة لجريمة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص بها بذلك التي دين الطاعن بها في القانون الملغى، كما رفع الحظر الذي كان مفروضاً على القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة التي يحكم بها على المتهم بارتكاب تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، وإن لم يقض على الطاعن بعقوبة الحبس، وإنما قضى بتغريمه مائتي جنيه، وهي دون الحد الأدنى المنصوص عليه في القانون الجديد، إلا أن هذا القانون الأخير يعد مع ذلك أصلح له في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات إذ أنشأ له مركزاً قانونياً أصلح لما اشتملت عليه أحكامه من إجازة وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المقضى بها عليه، وهو ما لم يكن جائزاً من قبل في ظل القانون القديم.
2 - إن الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم.
3 - لما كانت مسوغات الحكم بوقف تنفيذ العقوبة من الأمور الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأن شرع وآخر مجهول في التعامل داخلياً في أوراق النقد الأجنبي - المحتفظ عليه - عن غير طريق المصارف أو الجهات المرخص لها بالتعامل فيه. وطلبت محاكمته بالمادتين 1/ 1 - 2، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 والمواد 3، 18، 22 من اللائحة التنفيذية والقانون رقم 117 لسنة 1991 والمادتين 45، 47 من قانون العقوبات. ومحكمة الشئون المالية بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه ألف جنيه والمصادرة. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الحبس والقضاء بتغريم المتهم مائتي جنيه فقط والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في التعامل في النقض الأجنبي على خلاف أحكام القانون، قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن لم يستظهر أركان الجريمة المستوجبة للعقوبة وخلا من بيان مضمون الأدلة التي تساند إليها في الإدانة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه شرع وآخر مجهول في التعامل داخلياً في أوراق النقد الأجنبي - المحتفظ عليه - عن غير طريق المصارف والجهات المرخص لها بالتعامل فيه، وطلبت عقابه بالمادتين 1/ 1 - 2، 14 من القانون 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون 67 لسنة 1980 وقد دانته محكمة أول درجة على هذا الأساس وقضت غيابياً بحبسه ستة أشهر وتغريمه ألف جنيه ومصادرة النقد الأجنبي المضبوط فعارض، فقضى في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، فقضى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بتغريمه مائتي جنيه والتأييد فيما عدا ذلك. لما كان ذلك، وكان القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل بالقانون 67 لسنة 1980 قد نص في المادة الرابعة عشرة منه على أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، وفي حالة العود تضاعف العقوبة، وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها..." إلا أنه لما كان القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والذي صدر بتاريخ 15 من مايو سنة 1994 بعد الحكم المطعون فيه قد نص في مادته الرابعة عشرة على إلغاء القانون رقم 97 لسنة 1976 ونص في المادة الثامنة على معاقبة كل من يخالف أحكام المادة الأولى منه والتي تحظر التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه، فضلاً عن مصادرة المبالغ والأشياء المضبوطة محل الدعوى، أو الحكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة عدم ضبطها، وبذلك فقد ألغى القانون رقم 38 لسنة 1994 عقوبة الحبس التي كانت مقررة لجريمة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص بها بذلك التي دين الطاعن بها في القانون الملغى، كما رفع الحظر الذي كان مفروضاً على القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة التي يحكم بها على المتهم بارتكاب تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، وإن لم يقض على الطاعن بعقوبة الحبس، وإنما قضى بتغريمه مائتي جنيه، وهي دون الحد الأدنى المنصوص عليه في القانون الجديد، إلا أن هذا القانون الأخير يعد مع ذلك أصلح له في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات إذ أنشأ له مركزاً قانونياً أصلح لما اشتملت عليه أحكامه من إجازة وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المقضى بها عليه، وهو ما لم يكن جائزاً من قبل في ظل القانون القديم. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه، إلا أنه لما كانت مسوغات الحكم بوقف تنفيذ العقوبة من الأمور الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة، كي تتاح للطاعن فرصة محاكمته من جديد على ضوء أحكام القانون رقم 38 لسنة 1994 سالف الذكر، وذلك دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 18327 لسنة 62 ق جلسة 27 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 99 ص 663

جلسة 27 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعلي شكيب وعمر بريك نواب رئيس المحكمة وفرحان بطران.

-----------------

(99)
الطعن رقم 18327 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تقرير التلخيص. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقرير التلخيص. ماهيته.
عدم ترتيب القانون جزاء على ما يشوب التقرير من نقض أو خطأ. النعي بقصور تقرير التلخيص لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(3) اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة ابتدائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قرار الجمعية العامة للمحكمة الابتدائية بتوزيع القضايا على الدوائر المختلفة. لا يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى. المادة 30 من قانون السلطة القضائية.
مخالفة إحدى دوائر المحكمة الابتدائية لقرار الجمعية العامة. لا يترتب عليه بطلان.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في الإثبات باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه. عدم التزامه باتباع قواعد الإثبات المدنية والتجارية.
النعي على المحكمة عدم استجابتها لتحقيق الطعن بالإنكار أو طلب توجيه اليمين الحاسمة للمدعي بالحقوق المدنية. غير مقبول. أساس ذلك؟
سماع المدعي بالحقوق المدنية كشاهد وحلفه اليمين. جائز. المادة 288 إجراءات.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(5) عقوبة "توقيعها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "المصلحة في الطعن".
تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة. موضوعي.
المصلحة. شرط لازم في كل طعن.
مثال لانتقاء المصلحة في الطعن
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم ماهيته؟
مثال لانتفاء التناقض في حكم صادر بالإدانة.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. كفاية استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فإذا ما كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة والإحاطة بظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دانت الطاعن بها وأوردت على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها فإن النعي عليه بالقصور يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات لم يرتب القانون جزاء على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ فإذا كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير فلا يجوز له من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
3 - لما كان البين من مطالعة الأوراق أن المحكمة التي نظرت الاستئناف هي محكمة شمال القاهرة الابتدائية والتي يدخل في اختصاصها نظر استئناف أحكام الجنح الصادرة من محكمة الساحل الجزئية فلا على المحكمة إن التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان لأنه من المقرر أنه ليس من شأن قيام الجمعية العامة للمحكمة الابتدائية بتوزيع القضايا على الدوائر المختلفة طبقاً لنص المادة 30 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى ولا ينبني على قرار الجمعية العمومية بوضع هذه القواعد التنظيمية سلب ولاية إحدى دوائر المحكمة إذا عدل توزيع القضايا إلى دائرة أخرى.
4 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وهو في سبيل تكوين عقيدته غير ملزم باتباع قواعد معينة مما نص عليها في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم استجابة المحكمة لتحقيق الطعن بالإنكار أو طلب توجيه اليمين الحاسمة إلى المدعي بالحقوق المدنية لا يكون له محل، فضلاً عن أن قانون الإجراءات الجنائية لا يعرف سوى اليمين المنصوص عليها في المادة 283 منه والتي يجب أن يحلفها الشاهد قبل أداء الشهادة وهو ما أكدته المادة 288 من هذا القانون بالنسبة للمدعي بالحقوق المدنية وذلك بما نصت عليه من أنه يسمع كشاهد ويحلف اليمين، وإذ لم يطلب الطاعن سماع شهادة المدعي بالحقوق المدنية طبقاً لحكم هذه المادة فإنه لا يكون له - من بعد - أن ينعى على المحكمة عدم قيامها بهذا الإجراء الذي لم يطلبه منها.
5 - من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره بشأن تعديل العقوبة يكون في غير محله، هذا فضلاً عن ما هو مقرر من أن المصلحة شرط لازم في كل طعن فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن تعديل العقوبة بالنزول بها إلى الحد الوارد بالحكم المطعون فيه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
6 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي لأسبابه ثم عدل في منطوقه العقوبة المقضى بها على الطاعن فإن ذلك لا يعد تناقضاً ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألفي جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن أصدر للمدعي بالحقوق المدنية شيكاً بمبلغ 36450 جنيه مسحوباً على بنك مصر فرع بين الصورين وفي تاريخ الاستحقاق تقدم به إلى البنك المسحوب عليه لصرف قيمته فتبين أنه ليس له رصيد، واستدلت المحكمة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بما قرره المدعي بالحق المدني وما ثبت من الاطلاع على الشيك المقدم منه وإفادة البنك المسحوب عليه وخلصت المحكمة من هذه الظروف والأدلة إلى ارتكاب الطاعن لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وبسوء نية المنصوص عليها في المادتين 336، 337 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم آنف البيان كافياً في تفهم الواقعة والإحاطة بظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دانت الطاعن بها وقد أوردت على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها فإن النعي عليه بالقصور يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات لم يرتب القانون جزاء على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير فلا يجوز له من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الأوراق أن المحكمة التي نظرت الاستئناف هي محكمة شمال القاهرة الابتدائية والتي يدخل في اختصاصها نظراً استئناف أحكام الجنح الصادرة من محكمة الساحل الجزئية فلا على المحكمة إن التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان لأنه من المقرر أنه ليس من شأن قيام الجمعية العامة للمحكمة الابتدائية بتوزيع القضايا على الدوائر المختلفة طبقاً لنص المادة 30 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى ولا ينبني على قرار الجمعية العمومية بوضع هذه القواعد التنظيمية سلب ولاية إحدى دوائر المحكمة إذا عدل توزيع القضايا إلى دائرة أخرى. لما كان ذلك، وكانت المحكمة - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى قد اطمأنت إلى صحة توقيع الطاعن على الشيك سند الدعوى للاعتبارات السائغة التي استندت إليها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وهو في سبيل تكوين عقيدته غير ملزم باتباع قواعد معينة مما نص عليها في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم استجابة المحكمة لتحقيق الطعن بالإنكار أو طلب توجيه اليمين الحاسمة إلى المدعي بالحقوق المدنية لا يكون له محل، فضلاً عن أن قانون الإجراءات الجنائية لا يعرف سوى اليمين المنصوص عليها في المادة 283 منه والتي يجب أن يحلفها الشاهد قبل أداء الشهادة وهو ما أكدته المادة 288 من هذا القانون بالنسبة للمدعي بالحقوق المدنية وذلك بما نصت عليه من أنه يسمع كشاهد ويحلف اليمين، وإذ لم يطلب الطاعن سماع شهادة المدعي بالحقوق المدنية طبقاً لحكم هذه المادة فإنه لا يكون له - من بعد - أن ينعى على المحكمة عدم قيامها بهذا الإجراء الذي لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعديل العقوبة يكون في غير محله، هذا فضلاً عن ما هو مقرر من أن المصلحة شرط لازم في كل طعن فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن تعديل العقوبة بالنزول بها إلى الحد الوارد بالحكم المطعون فيه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي لأسبابه ثم عدل في منطوقه العقوبة المقضى بها على الطاعن فإن ذلك لا يعد تناقضاً ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 18890 لسنة 62 ق جلسة 26 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 98 ص 660

جلسة 26 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وأحمد عبد القوي ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن هيكل.

--------------

(98)
الطعن رقم 18890 لسنة 62 القضائية

محال تجارية وصناعية. جريمة "أركانها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الركن المادي في جريمة إقامة محل وإدارته دون ترخيص. ماهيته.
دفاع الطاعن بعدم ملكيته وإدارته للمحل موضوع الجريمة وأن آخر يملكه ويديره. جوهري. وجوب إيراده والرد عليه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.

----------------
إن القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات التجارية والصناعية الذي دين الطاعن بموجبه قد دل على أن الركن المادي في جريمة إقامة محل وإدارته دون ترخيص هو إقامة المحل وإدارته دون ترخيص - وكان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بجلسة..... بأنه ليس مالكاً للمحل موضوع الجريمة المنسوبة إليه ولا مديراً له وأن مالكه الذي أقامه ويديره هو شخص آخر وفقاً للمستندات التي قدمها للمحكمة وطلب أجلاً لتقديم الترخيص، إلا أن المحكمة سكتت عن هذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه، مع كونه دفاعاً جوهرياً من شأنه لو صح أن تندفع به التهمتان المسندتان إلى الطاعن وأن يتغير وجه الرأي في الدعوى ويكون حكمها بإدانة الطاعن فوق إخلاله بحق الدفاع معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أقام محلاً تجارياً وأداره بدون ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18/ 1 من القانون رقم 129 لسنة 1982، ومحكمة جنح بندر المنيا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مبلغ مائة جنيه والغلق. استأنف ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إقامة وإدارة محل تجاري بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام دفاعه على انقطاع صلته بالمحل إلا أن الحكم أغفل دفاعه في هذا الشأن مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل الواقعة في قوله "وحيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن المتهم قد قارف الواقعة آنفة البيان وكان المتهم لم يدفع الدعوى بأي دفع أو دفاع مقبول الأمر الذي يصبح معه الاتهام ثابتاً قبل المتهم ثبوتاً كافياً تطمئن إليه المحكمة ومن ثم نقضي بمعاقبته وفقاً لمواد الاتهام وعملاً بنص المادة 304/ 2 أ. ج" وحيث إن القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات التجارية والصناعية الذي دين الطاعن بموجبه قد دل على أن الركن المادي في جريمة إقامة محل وإدارته دون ترخيص - وكان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بأنه ليس مالكاً للمحل موضوع الجريمة المنسوبة إليه ولا مديراً له وأن مالكه الذي أقامه ويديره هو شخص آخر وفقاً للمستندات التي قدمها للمحكمة وطلب أجلاً لتقديم الترخيص، إلا أن المحكمة سكتت عن هذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه، مع كونه دفاعاً جوهرياً من شأنه لو صح أن تندفع به التهمتان المسندتان إلى الطاعن وأن يتغير وجه الرأي في الدعوى ويكون حكمها بإدانة الطاعن فوق إخلاله بحق الدفاع معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم والتقرير برأي فيما يثيره الطاعن من دعوى الخطأ في تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 47242 لسنة 59 ق جلسة 26 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 97 ص 656

جلسة 26 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة ومصطفى كامل وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وشبل حسن.

---------------

(97)
الطعن رقم 47242 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب بيان حكم الإدانة مضمون كل دليل من أدلة الثبوت وذكر مؤداه. علة ذلك.
(2) ضرب "ضرب بسيط". قانون "تفسيره" "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب أن تبين المحكمة في مجال تطبيق المادة 241 عقوبات أثر الجروح والضربات ودرجة جسامتها. عدم التزامها بذلك عند تطبيق المادة 242 عقوبات. إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بالمادة 241 عقوبات وإغفاله بيان أثر الإصابات التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه على جسمه من مرض أو عجز عن أشغاله الشخصية. قصور.

----------------
1 - من المقرر أن الحكم الصادر بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها، وأن يذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به لكي يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وإلا كان قاصراً.
2 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه حين دان الطاعن طبقاً للمادة 241 من قانون العقوبات قد استند في قضائه - ضمن ما استند إليه من أدلة. إلى التقرير الطبي، واكتفى بالإشارة إلى أن إصابة المجني عليه بكسر بالساعد الأيمن. دون أن يبين المدة اللازمة لعلاجها من واقع التقرير الفني. وكان شرط تطبيق المادة 241 من قانون العقوبات أن يكون المرض أو العجز عن الأشغال الشخصية الذي نشأ عن الضرب أو الجرح قد زاد على عشرين يوماً، وأنه وإن كانت المحكمة ليست ملزمة عند تطبيق المادة 242 من القانون المشار إليه أن تبين الإصابات أو درجة جسامتها على اعتبار أنه يكفي لتطبيق أحكام تلك المادة أن يثبت حصول ضرب ولو لم يتخلف عنه آثار أصلاً، إلا أنه يجب عليها في مجال تطبيق المادة 241 سالفة البيان أن تبين أثر الجروح والضربات ودرجة جسامتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يبين مدى أثر الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه على جسمه من مرض أو عجز عن أشغاله الشخصية، فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه أحدث عمداً بـ...... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، وطلبت عقابه بالمادة 241/ 1، 2 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 241 من قانون العقوبات، قد شابه القصور في البيان ذلك بأنه لم يورد مؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن طالبة عقابه بالمادة 241/ 1، 2 من قانون العقوبات بوصف أنه "أحدث عمداً بـ...... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً"، وذلك على خلاف ما ورد بديباجة الحكم المطعون فيه من أن النيابة العامة طلبت عقابه بمقتضى المادة 242/ 1، 3 من ذات القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعن مبرراً قضاءه بذلك في قوله "وحيث إن الواقعة تخلص فيما أبلغ به وقرره المجني عليه من أن المتهم تعدى عليه بالضرب وإحداث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والذي أورى كسر بالساعد الأيمن والتقرير الطبي مؤرخ...... وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم من أقوال المجني عليه الثابتة بمحضر الشرطة والمؤيدة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق ومن ثم يتعين عقابه طبقاً لمادة الاتهام". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم الصادر بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها، وأن يذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به لكي يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً. وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه حين دان الطاعن طبقاً للمادة 241 من قانون العقوبات قد استند في قضائه ضمن ما استند إليه من أدلة إلى التقرير الطبي، واكتفى بالإشارة إلى أن إصابة المجني عليه بكسر بالساعد الأيمن. دون أن يبين المدة اللازمة لعلاجها من واقع التقرير الفني. وكان شرط تطبيق المادة 241 من قانون العقوبات أن يكون المرض أو العجز عن الأشغال الشخصية الذي نشأ عن الضرب أو الجرح قد زاد على عشرين يوماً، وأنه وإن كانت المحكمة ليست ملزمة عند تطبيق المادة 242 من القانون المشار إليه أن تبين الإصابات أو درجة جسامتها على اعتبار أنه يكفي لتطبيق أحكام تلك المادة أن يثبت حصول ضرب ولو لم يتخلف عنه آثار أصلاً، إلا أنه يجب عليها في مجال تطبيق المادة 241 سالفة البيان أن تبين أثر الجروح والضربات ودرجة جسامتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يبين مدى أثر الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه على جسمه من مرض أو عجز عن أشغاله الشخصية، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .