الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 نوفمبر 2017

الطعن 3708 لسنة 65 ق جلسة 25 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 96 ص 642

جلسة 25 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي الصباغ والبشري الشوربجي وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة وفتحي جودة.

---------------

(96)
الطعن رقم 3708 لسنة 65 القضائية

(1) رشوة. تلبس. تفتيش "إذن التفتيش. بطلانه". نقض "المصلحة في الطعن". قبض.
نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه ببطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات. غير مجد: ما دام الحكم قد أثبت توافر حالة التلبس بأخذه مبلغ الرشوة من الشاهد الثاني.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". استدلالات.
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً في التوقيع على محضر التحريات. كفاية أن تطمئن المحكمة إلى صحة تلك التوقيعات.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات التحقيق". بطلان.
بطلان التسجيل لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل.
لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم اتخاذها إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم في أكثر من موضع أن المتهم تقاضى الرشوة. النعي عليه بالقصور لعدم بيان مبلغ الرشوة. غير مقبول.
(6) رشوة. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة الرشوة. مناط توافره.
(7) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بأن اعتراف الطاعن صدر عن إكراه وقع عليه أو وعد أو إغراء. موضوعي. لا تجوز إثارته لأول مرة أمام النقض. علة ذلك.
(8) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(9) رشوة. عقوبة "الإعفاء منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إخبار الراشي أو الوسيط بالجريمة وكذا اعترافه بها صنوان في تحقق العذر المعفى من عقوبة الرشوة. علة ذلك.
(10) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
حصول الاعتراف أمام المحكمة. لا يجوز للقاضي أن يضع له قيوداً من عند نفسه. حد ذلك.
استناد الحكم في الإدانة إلى اعتراف الطاعن. انتهاؤه في أسبابه إلى إنكاره التهمة. يعيبه.

------------------
1 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - مما لم ينازع فيه الطاعن - أن الضابط المقدم..... لم يقم بالقبض على الطاعن إلا بعد أن رآه رؤية العين حال أخذه مبلغ الرشوة من الشاهد الثاني ودسه في جيبه، مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس تبيح للضابط القبض عليه وتفتيشه دون إذن من النيابة العامة في ذلك، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن - بفرض صحته - في صدد بطلان إذن من النيابة بالقبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان محضري التحريات والضبط لتوقيعها بتوقيعات غير واضحة بقوله "أن المحكمة تطمئن إلى صحة تلك التوقيعات المذيل بها المحضران المنوه عنهما وأنهما صادران عن محررهما وكان القانون لا يستلزم شكلاً معيناً للتوقيع على تلك المحاضر أو أن تكون التوقيعات عليها مقروءة وكان المتهم لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء ما في هذا الشأن فإن المحكمة تلتفت عما أثاره الدفاع في هذا الشأن" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه صحيح في القانون وسائغ للرد على الدفع، ما دام أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً في التوقيع على هذه المحاضر وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة تلك التوقيعات وصدورها عمن حررها - والذي ردد فحوى محاضره في التحقيقات التي أخذت بها المحكمة - فيكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
3 - لما كان من المقرر أن بطلان التسجيل بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل كأقوال رجل الضبط عما باشره من إجراءات ونمى إليه من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن على أقوال المقدم.... رئيس مكافحة جرائم الأموال العامة، وأقوال المجني عليه "المبلغ"...... واعتراف المتهم الثاني "الوسيط" وهي أدلة سائغة وكافية لحمل قضائه، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأن تقرير خبير الأصوات أثبت أن الصوت الوارد على الشريط المسجل للحوار بين المتهمين والمبلغ مطابق لبصمة صوت كل من المتهمين "الطاعنين" والمبلغ وأن أوراق تفريغ الشريط المشار إليه تضمنت عبارات تدول حول وقائع الرشوة أوردها الحكم، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات بقالة إجرائها بمنأى عن المأذون له بالتسجيل ما دام أنه لم يستطرد إليها إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة - هذا إلى أن المحكمة قد تناولت هذا الدفاع وردت عليه بما أفصحت عنه من أنها تطمئن إلى أن الشريط الذي تم تسجيله حال لقاء المبلغ بالمتهمين وتسليمه مبلغ الرشوة هو ذلك الذي تم تفريغه بمعرفة خبير الإذاعة والمثبت محتواه في محضر التفريغ المرفق بالأوراق - والذي أوردت المحكمة في مدونات حكمها مؤداه - وأضافت أن دور المبلغ في عملية التسجيل اقتصر على مجرد حمله لجهاز التسجيل لدى لقائه بالمتهمين، وهو الجهاز الذي زوده به ضابط الواقعة وأعطاه التعليمات في شأنه وكانت إجراءات تسجيل الحوار بينه وبين المتهمين قد تمت تحت بصر الضابط المختص وإشرافه وقد خلت الأوراق مما ينبئ عن أن المبلغ كان له دور في التسجيل أو إغفال جزء من الحوار فضلاً عن أن ما تم تسجيله يتفق والمدة التي استغرقها لقاؤه بالمتهمين "خمس دقائق". لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يضحى جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
4 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما في شأن مطابقة شريط التسجيل أو ما يزعمه من تعرضه للعبث من قبل المبلغ فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذها إجراء لم يطلب منها.
5 - لما كانت مدونات الحكم قد أبانت في أكثر من موضع أن المتهم الأول "الطاعن" تقاضى مبلغ الرشوة لقاء التغاضي عن تحرير محضر مخالفة مبان خاصة بالمبلغ أقامها غير مطابقة لشروط الترخيص، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله.
6 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه - الشاهد الثاني - لقاء عدم تحرير محضر المخالفة ضده، فهذا مما يتحقق به معنى الاتجار في الوظيفة ويقوم به القصد الجنائي كما هو معرف في القانون.
7 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أن اعتراف المتهم الثاني صدر عن إكراه وقع عليه أو وعد أو إغراء بالإعفاء من العقاب، فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا أيضاً مما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من قالة الدفع بإكراه وقع عليه من الضابط، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول لا سيما وأن الحكم المطعون فيه لم يسند إليه اعترافاً أو إقراراً بالجريمة التي دانه بها.
8 - لما كان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال المدعو..... إطراحه لها، لما هو مقرر في أصول الاستدلال من أن المحكمة لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه وتقيم عليه قضاءها، وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - لما كان نص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات قد جرى بأن "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها" ومفاد هذا النص بصريح لفظه وواضح دلالته - أن إخبار الراشي أو الوسيط بالجريمة، وكذا اعترافه بها. صنوان في تحقيق العذر المعفي من عقوبة الرشوة، فيقوم أحدهما مقام الآخر في ترتيب الإعفاء من هذه العقوبة، إذ من المقرر أن علة هذا الإعفاء هي أن الراشي - أو الوسيط - يؤدي باعترافه أو بإخباره على السواء - خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذي ارتكابها وتسهيل إثبات الجريمة عليه.
10 - من المقرر أنه إذا حصل الاعتراف لدى المحكمة فما دام القانون لم يشترط له أي شرط بل جاء لفظه فيه مطلقاً خالياً من كل قيد زمني أو مكاني أو كيفي فلا يجوز أن يضع له القاضي قيوداً من عند نفسه، بل كل ما له هو أن يتحقق من حصول مدلول لفظ الاعتراف وهو إقرار الشخص بكل وقائع الجريمة وظروفها إقراراً صريحاً لا مواربة فيه ولا تضليل، فمتى وقع هذا المدلول حق الإعفاء بدون نظر إلى أي أمر آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن عول في إدانة الموظف المرتشي على ما قدمه الطاعن من اعتراف أسهم في تسهيل إثبات الجريمة عليه، قد وضع على إعفاء الطاعن - كوسيط - قيوداً من عند نفسه لا تستفاد من نص القانون المار ذكره - على نحو ينبئ عن خطئه في تأويله وتطبيقه، ويدل على اختلال فكرته عن عناصر واقعة الدعوى في خصوص دور الطاعن فيها، وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، لما أفصح عنه في سياقه المتقدم - مخالفاً لما انتهت إليه أسبابه من أن المتهمين (ومنهما الطاعن) أنكرا التهمة وأنه لا يعول على إنكارهما وهو ما يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى في خصوص هذا الطاعن، ويكون الحكم معيباً متعيناً نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً - مدير قطاع الإدارة الهندسية..... طلب لنفسه من..... مبلغ مائتي وخمسين جنيهاً وأخذ منه بواسطة المتهم الثاني مبلغ مائتي جنيه على سبيل الرشوة مقابل الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته هو التغاضي عن اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة بشأن مخالفة شروط الترخيص بالعقار ملك المبلغ. المتهم الثاني: توسط في رشوة موظف عمومي هو المتهم الأول مدير قطاع الإدارة..... للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته على النحو المبين بالتهمة الأولى. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا ببني سويف لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

أولاً: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول: -
من حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه التفت عن الدفع ببطلان إذن المراقبة وتسجيل المحادثات لابتنائه على تحريات غير جدية، فأغفله إيراداً ورداً، وتناول - في رد غير سائغ - الدفع ببطلان محاضر التحريات، لعدم وضوح التوقيعات المذيلة بها، وكذلك الدفع ببطلان إجراءات التسجيل لاتخاذها بمعرفة المبلغ بمنأى عن مأمور الضبط القضائي المأذون له فيها فلم تجر المحكمة تحقيقاً لاستجلاء سلامة التسجيل من العبث، وخلا الحكم من بيان مقابل الرشوة أو ماهية الأعمال المخالفة التي ارتكبها المبلغ ودفع الرشوة للتغاضي عنها، كما خلا من استظهار القصد الجنائي لدى الطاعن، ولم يرد على دفاعه بانتفاء علمه بواقعة الرشوة، أو دفعه بالإكراه الواقع عليه من الضابط، والإغراء الذي انخدع به المتهم الثاني الوسيط ليستمر في اعترافه ضد الطاعن للإعفاء من العقاب، ولم يأبه الحكم بأقوال المدعو..... الذي شهد بأن الطاعن لا شأن له بالواقعة، وذلك كله ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - مما لم ينازع فيه الطاعن - أن الضابط المقدم..... لم يقم بالقبض على الطاعن إلا بعد أن رآه رؤية العين حال أخذه مبلغ الرشوة من الشاهد الثاني ودسه في جيبه، مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس تبيح للضابط القبض عليه وتفتيشه دون إذن من النيابة العامة في ذلك، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن - بفرض صحته - في صدد بطلان إذن النيابة بالقبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان محضري التحريات والضبط لتوقيعهما بتوقيعات غير واضحة بقوله "أن المحكمة تطمئن إلى صحة تلك التوقيعات المذيل بها المحضران المنوه عنهما وأنهما صادران عن محررهما وكان القانون لا يستلزم شكلاً معيناً للتوقيع على تلك المحاضر أو أن تكون التوقيعات عليها مقروءة وكان المتهم لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء ما في هذا الشأن فإن المحكمة تلتفت عما أثاره الدفاع في هذا الشأن" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه صحيح في القانون وسائغ للرد على الدفع، ما دام أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً في التوقيع على هذه المحاضر وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة تلك التوقيعات وصدورها عمن حررها - والذي ردد فحوى محاضره في التحقيقات التي أخذت بها المحكمة - فيكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن بطلان التسجيل بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل كأقوال رجل الضبط عما باشره من إجراءات ونمى إليه من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن على أقوال المقدم..... رئيس مكافحة جرائم الأموال العامة، وأقوال المجني عليه "المبلغ"...... واعتراف المتهم الثاني "الوسيط" وهي أدلة سائغة وكافية لحمل قضائه، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأن تقرير خبير الأصوات أثبت أن الصوت الوارد على الشريط المسجل للحوار بين المتهمين والمبلغ مطابق لبصمة صوت كل من المتهمين "الطاعنين" والمبلغ وأن أوراق تفريغ الشريط المشار إليه تضمنت عبارات تدول حول وقائع الرشوة أوردها الحكم، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات بقالة إجرائها بمنأى عن المأذون له بالتسجيل ما دام أنه لم يستطرد إليها إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة - هذا إلى أن المحكمة قد تناولت هذا الدفاع وردت عليه بما أفصحت عنه من أنها تطمئن إلى أن الشريط الذي تم تسجيله حال لقاء المبلغ بالمتهمين وتسليمه مبلغ الرشوة هو ذلك الذي تم تفريغه بمعرفة خبير الإذاعة والمثبت محتواه في محضر التفريغ المرفق بالأوراق - والذي أوردت المحكمة في مدونات حكمها مؤداه - وأضافت أن دور المبلغ في عملية التسجيل اقتصر على مجرد حمله لجهاز التسجيل لدى لقائه بالمتهمين، وهو الجهاز الذي زوده به ضابط الواقعة وأعطاه التعليمات في شأنه وكانت إجراءات تسجيل الحوار بينه وبين المتهمين قد تمت تحت بصر الضابط المختص وإشرافه وقد خلت الأوراق مما ينبئ عن أن المبلغ كان له دور في تسجيل أو إغفال جزء من الحوار فضلاً عن أن ما تم تسجيله يتفق والمدة التي استغرقها لقاؤه بالمتهمين "خمس دقائق". لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يضحى جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما في شأن مطابقة شريط التسجيل أو ما يزعمه من تعرضه للعبث من قبل المبلغ فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذها إجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد أبانت في أكثر من موضع أن المتهم الأول "الطاعن" تقاضى مبلغ الرشوة لقاء التغاضي عن تحرير محضر مخالفة مبان خاصة بالمبلغ أقامها غير مطابقة لشروط الترخيص، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه - الشاهد الثاني - لقاء عدم تحرير محضر المخالفة ضده، فهذا مما يتحقق به معنى الاتجار في الوظيفة ويقوم به القصد الجنائي كما هو معرف في القانون، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم كافياً للرد على قالة انتفاء علم الطاعن بواقعة الرشوة فإن النعي بهذه القالة يكون غير سليم. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أن اعتراف المتهم الثاني صدر عن إكراه وقع عليه أو وعد أو إغراء بالإعفاء من العقاب، فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا أيضاً مما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من قالة الدفع بإكراه وقع عليه من الضابط، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول لا سيما وأن الحكم المطعون فيه لم يسند إليه اعترافاً أو إقراراً بالجريمة التي دانه بها. لما كان ذلك، وكان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال المدعو..... إطراحه لها، لما هو مقرر في أصول الاستدلال من أن المحكمة لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه وتقيم عليه قضاءها، وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني: -
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التوسط في رشوة برغم اعترافه بها حتى جلسة الحكم قد شابه التناقض في التسبيب، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دان المحكوم عليه الأول بتهمة قبول الرشوة - أخذاً باعتراف الطاعن بالتوسط ثم أورد في أسبابه أنه لا يعول على إنكار المتهمين - حالة أنه اعترف في جميع مراحل الدعوى، واستحدث الحكم لإعفاء الوسيط شرطاً لم يوجبه القانون إذ اشترط أن يؤدي اعترافه إلى الكشف عن الجريمة وهو ما لم يرد في نص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن قام على طلب إعفائه من العقاب تأسيساً على اعترافه بالتوسط لدى المبلغ في طلب الرشوة وتسليمها إلى المتهم الأول، وبقى على اعترافه حتى صدر الحكم المطعون فيه، والذي يبين منه أنه عول في إدانة المتهم الأول على ما اعترف به الطاعن من توسطه في طلب الرشوة له وإقراره للضابط بذلك وحضوره واقعة أخذ المتهم الأول ومبلغ الرشوة، بيد أن الحكم المطعون فيه رد على طلبه الإعفاء بقوله: "إن مناط الإعفاء من العقاب أن يكون الاعتراف صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط دون نقص أو تحريف، وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته. وأن مهمة الوسيط في هذه الحالة هي أداء خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف بالموظف الذي ارتكبها وتسهيل إثبات الجريمة عليه، وكان الثابت من الأوراق أن المجني عليه - المبلغ - هو الذي أبلغ بالواقعة موضوع الاتهام بعد أن تردد عليه المتهم الثاني طالباً منه الرشوة للمتهم الأول ودفعه المبلغ لأداء المطلوب منه ومساومته على المبلغ المطلوب دفعه وقيامه حسب ما أبداه في أقواله بالحيلولة دون تحرير محضر مخالفة للمبلغ ثم تمام اللقاء بينهم جميعاً ودفع مبلغ الرشوة ولم يكن للمتهم الثاني "الطاعن" دور في الكشف عن الجريمة الأمر الذي ينتفي معه موجب الإعفاء من العقاب بالنسبة له ويضحى دفاعه في هذا الشأن غير سديد وتلتفت المحكمة عنه". لما كان ذلك، وكان نص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات قد جرى بأن "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها. ومفاد هذا النص بصريح لفظه وواضح دلالته - أن إخبار الراشي أو الوسيط بالجريمة، وكذا اعترافه بها صنوان في تحقيق العذر المعفي من عقوبة الرشوة، فيقوم أحدهما مقام الآخر في ترتيب الإعفاء من هذه العقوبة، إذ من المقرر أن علة هذا الإعفاء هي أن الراشي - أو الوسيط - يؤدي باعترافه أو بإخباره على السواء - خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها وتسهيل إثبات الجريمة عليه، وكان من المقرر أنه إذا حصل الاعتراف لدى المحكمة فما دام القانون لم يشترط له أي شرط بل جاء لفظه فيه مطلقاً خالياً من كل قيد زمني أو مكاني أو كيفي فلا يجوز أن يضع له القاضي قيوداً من عند نفسه، بل كل ما له هو أن يتحقق من حصول مدلول لفظ الاعتراف وهو إقرار الشخص بكل وقائع الجريمة وظروفها إقراراً صريحاً لا مواربة فيه ولا تضليل، فمتى وقع هذا المدلول حق الإعفاء بدون نظر إلى أي أمر آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن عول في إدانة الموظف المرتشي على ما قدمه الطاعن من اعتراف أسهم في تسهيل إثبات الجريمة عليه، قد وضع على إعفاء الطاعن - كوسيط - قيوداً من عند نفسه لا تستفاد من نص القانون المار ذكره - على نحو ينبئ عن خطئه في تأويله وتطبيقه، ويدل على اختلال فكرته عن عناصر واقعة الدعوى في خصوص دور الطاعن فيها، وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، لما أفصح عنه في سياقه المتقدم - مخالفاً لما انتهت إليه أسبابه من أن المتهمين (ومنهما الطاعن) أنكرا التهمة وأنه لا يعول على إنكارهما وهو ما يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى في خصوص هذا الطاعن، ويكون الحكم معيباً متعيناً نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منه.

الطعن 25268 لسنة 63 ق جلسة 25 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 95 ص 638

جلسة 25 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الإكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عشيش وأحمد جمال الدين وحسن أبو المعالي ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة.

--------------

(95)
الطعن رقم 25268 لسنة 63 القضائية

شيك بدون رصيد. إجراءات "إجراءات المحاكمة". تزوير "الادعاء بالتزوير". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير المحكمة جدية الادعاء بتزوير ورقة يتوقف الفصل في الدعوى عليها وإحالته للنيابة العامة لتحقيقه ووقف الدعوى لهذا الغرض وجوب تربص الفصل في الادعاء فيه من الجهة المختصة. مخالفة ذلك قصور وإخلال بحق الدفاع.
مثال: لتسبيب معيب في جنحة شيك بدون رصيد طعن عليه بالتزوير.

----------------
لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن دفع بتزوير الشيك محل الدعوى، فاستجابت المحكمة له وقررت وقف السير في الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لتحقيق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكانت المادة 297 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه إذا رأت الجهة المنظورة أمامها الدعوى وجهاً للسير في تحقيق التزوير تحيل الأوراق إلى النيابة العامة ولها أن توقف الدعوى إلى أن يفصل في التزوير من الجهة المختصة إذا كان الفصل في الدعوى المنظورة أمامها يتوقف على الورقة المطعون عليها، وكان مفاد ذلك أنه كلما كانت الورقة المطعون عليها بالتزوير منتجة في موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة الجنائية ورأت المحكمة من جدية الطعن وجهاً للسير في تحقيقه فأحالته إلى النيابة العامة وأوقفت الدعوى لهذا الغرض - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه ينبغي على المحكمة أن تتربص الفصل في الادعاء بالتزوير من الجهة المختصة سواء بصدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور الحكم في موضوعه من المحكمة المختصة وصيرورة أيهما نهائياً، وعندئذ يكون للمحكمة أن تمضي في نظر موضوع الدعوى الموقوفة والفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في موضوع الدعوى مستنداً في إدانة الطاعن إلى ذلك الشيك دون أن يتربص الفصل في الادعاء بالتزوير، ودون أن يعرض لدفاعه بتزوير الشيك مع أنه دفاع جوهري يتصل بالدليل المقدم في الدعوى بحيث إذا صح لتغير وجه الرأي فيها، ومن ثم فقد كان لزاماً على المحكمة أن تعرض في حكمها لهذا الدفاع وأن تمحصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أما وأنها لم تفعل والتفتت عنه كلية، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح إيتاي البارود ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيكاً بدون رصيد قد شابه قصور والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه تمسك أمام محكمة الموضوع بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره، بيد أن المحكمة لم تعرض في حكمها لهذا الدفاع الجوهري، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن دفع بتزوير الشيك محل الدعوى، فاستجابت المحكمة له وقررت وقف السير في الدعوى وأحالتها للنيابة العامة لتحقيق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكانت المادة 297 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه إذا رأت الجهة المنظورة أمامها الدعوى وجهاً للسير في تحقيق التزوير تحيل الأوراق إلى النيابة العامة ولها أن توقف الدعوى إلى أن يفصل في التزوير من الجهة المختصة إذا كان الفصل في الدعوى المنظورة أمامها يتوقف على الورقة المطعون عليها، وكان مفاد ذلك أنه كلما كانت الورقة المطعون عليها بالتزوير منتجة في موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة الجنائية ورأت المحكمة من جدية الطعن وجهاً للسير في تحقيقه فأحالته إلى النيابة العامة وأوقفت الدعوى لهذا الغرض - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه ينبغي على المحكمة أن تتربص الفصل في الادعاء بالتزوير من الجهة المختصة سواء بصدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور الحكم في موضوعه من المحكمة المختصة وصيرورة أيهما نهائياً، وعندئذ يكون للمحكمة أن تمضي في نظر موضوع الدعوى الموقوفة والفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في موضوع الدعوى مستنداً في إدانة الطاعن إلى ذلك الشيك دون أن يتربص الفصل في الادعاء بالتزوير، ودون أن يعرض لدفاعه بتزوير الشيك مع أنه دفاع جوهري يتصل بالدليل المقدم في الدعوى بحيث إذا صح لتغير وجه الرأي فيها، ومن ثم فقد كان لزاماً على المحكمة أن تعرض في حكمها لهذا الدفاع وأن تمحصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أما وأنها لم تفعل والتفتت عنه كلية، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع، بما يوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الجمعة، 3 نوفمبر 2017

الطعن 13435 لسنة 62 ق جلسة 22 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 94 ص 634

جلسة 22 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة وعبد الفتاح حبيب.

----------------

(94)
الطعن رقم 13435 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً لتفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها.
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية. "مسئولية جنائية".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية قانوناً وفق نص المادة 62 عقوبات. ماهيته.
الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية.
(3) حكم "بيانات الديباجة. "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الحكم من بيان صدوره باسم الشعب. لا يبطله.
(4) حكم "بيانات الديباجة". محضر الجلسة.
محضر الجلسة. يكمل الحكم في سائر بيانات الديباجة عدا تاريخ صدوره.
(5) حكم "بيانات الديباجة" "بطلانه". بطلان. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال الحكم إثبات اسم ممثل النيابة في الحكم سهواً. لا يبطله. ما دام أن محضر الجلسة قد تضمن تمثيلها في الدعوى.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم - كافياً لتفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك محقق لحكم القانون.
2 - من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية.
3 - لما كان خلو الحكم من بيان صدوره باسم الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته ولا يرتب بطلانه على ما قضت به هيئة المواد الجنائية وهيئة المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرهما بهذه المحكمة مجتمعين فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
4 - لما كان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص أسماء الخصوم في الدعوى والهيئة التي أصدرته وسائر بيانات الديباجة عدا التاريخ وكان يبين من مراجعة محضر جلسة المحكمة الابتدائية أنها استوفت ذلك البيان فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
5 - من المقرر أن عدم اشتمال الحكم على اسم ممثل النيابة لا يعدو أن يكون سهواً لا يترتب عليه البطلان، طالما أن الثابت في محضر الجلسة أن النيابة كانت ممثلة في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة..... شرع وآخر مجهول في سرقة المنقول "تسجيل" المملوك لـ...... وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبساً بها. وطلبت محاكمته بالمواد 45/ 1، 47، 317/ رابعاً وخامساً، 321 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قسم إمبابة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ. استأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل والنفاذ.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم - كافياً لتفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك محقق لحكم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته وقت ارتكاب الجريمة بسبب مرضه النفسي ورد عليه بما يسوغ إطراحه، وكان من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية، فإذا كان ذلك، وكان نوع المرض الذي ركن إليه الدفاع على فرض صحته لا يؤثر في سلامة عقله وصحته وإدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه فإن ما أورده الحكم كاف وسائغ في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن خلت ديباجته من بيان المحكمة التي أصدرته إلا أنه يبين من مراجعة الحكم الابتدائي ومحضر جلسته أنها استوفت ذلك البيان فإن استناد الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي يكون سليماً. لما كان ذلك، وكان خلو الحكم من بيان صدوره باسم الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته ولا يرتب بطلانه على ما قضت به هيئة المواد الجنائية وهيئة المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرهما بهذه المحكمة مجتمعتين فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص أسماء الخصوم في الدعوى والهيئة التي أصدرته وسائر بيانات الديباجة عدا التاريخ وكان يبين من مراجعة محضر جلسة المحكمة الابتدائية أنها استوفت ذلك البيان فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن عدم اشتمال الحكم على اسم ممثل النيابة لا يعدو أن يكون سهواً لا يترتب عليه البطلان، طالما أن الثابت في محضر الجلسة أن النيابة كانت ممثلة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - وكان الطاعن لا يجحد أن تمثيلها كان صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 29747 لسنة 59 ق جلسة 21 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 93 ص 630

جلسة 21 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(93)
الطعن رقم 29747 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره". دعوى مدنية "الصفة والمصلحة فيها".
قيام الادعاء بالحقوق المدنية في مرحلتي الاستدلال والتحقيق. شرطه وأساسه.
(2) دعوى مدنية. دعوى جنائية. تعويض. نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
على الحكم الصادر في الدعوى الجنائية الفصل في التعويضات المدنية المطلوبة في الدعوى المدنية المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية. أساس ذلك.
للمدعي بالحقوق المدنية الرجوع إلى ذات المحكمة إذا أغفلت الفصل في التعويضات. المادة 193 مرافعات.
خلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل لها. يوجب تطبيقها. أثر ذلك: عدم جواز الطعن بالنقض من المدعي بالحقوق المدنية في الحكم الذي أغفل الفصل في الدعوى المدنية. علة ذلك.

---------------
1 - إن قانون الإجراءات الجنائية إذ نص في المادة 27 منه على أن "لكل من يدعي حصول ضرر له من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية في الشكوى التي يقدمها إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي، وفي هذه الحالة يقوم المأمور المذكور بتحويل الشكوى إلى النيابة العامة مع المحضر الذي يحرره وعلى النيابة العامة عند إحالة الدعوى إلى قاضي التحقيق أن تحيل معها الشكوى المذكورة" وفي المادة 28 منه على أن "الشكوى التي لا يدعي فيها مقدمها بحقوق مدنية تعد من قبيل التبليغات، ولا يعتبر الشاكي مدعياً بحقوق مدينة إلا إذا صرح بذلك في شكواه أو في ورقة مقدمة منه بعد ذلك أو إذا طلب في إحداهما تعويضاً ما" فإن واضح من هذين النصين أنه يشترط لقيام الادعاء بالحقوق المدنية في مرحلتي الاستدلال والتحقيق أن يكون بطلب صريح سواء في الشكوى المقدمة لمأمور الضبط القضائي أو النيابة العامة أو أثناء سير التحقيق.
2 - من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية وذلك عملاً بنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن هو أغفل الفصل فيها فإنه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، عملاً بنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهي قاعدة واجبة، الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان البين من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في الدعوى المدنية ولم تفصل فيها، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية، بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن انتويا قتله وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض جسماً صلباً "شومة" وما أن ظفرا به حتى انهال عليه المتهم الأول ضرباً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى...... والد المجني عليه قبل المتهمين مدنياً بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما نسب إليهما.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب، ذلك بأنه من الإشارة إلى الدعوى المدنية التابعة وأغفل الفصل فيها، بما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن قانون الإجراءات الجنائية إذ نص في المادة 27 منه على أن "لكل من يدعي حصول ضرر له من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية في الشكوى التي يقدمها إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي، وفي هذه الحالة يقوم المأمور المذكور بتحويل الشكوى إلى النيابة العامة مع المحضر الذي يحرره وعلى النيابة العامة عند إحالة الدعوى إلى قاضي التحقيق أن تحيل معها الشكوى المذكورة" ونص في المادة 28 منه على أن "الشكوى التي لا يدعي فيها مقدمها بحقوق مدنية تعد من قبيل التبليغات. ولا يعتبر الشاكي مدعياً بحقوق مدينة إلا إذا صرح بذلك في شكواه أو في ورقة مقدمة منه بعد ذلك أو إذا طلب في إحداهما تعويضاً ما" وواضح من هذين النصين أنه يشترط لقيام الادعاء بالحقوق المدنية في مرحلتي الاستدلال والتحقيق أن يكون بطلب صريح سواء في الشكوى المقدمة لمأمور الضبط القضائي أو النيابة العامة أو أثناء سير التحقيق. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن محامي الطاعن ادعى مدنياً في مواجهة المطعون ضدهما، بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وذلك في محضر جلسة نظر تجديد حبسهما المؤرخ 20/ 5/ 1986، ومن ثم فقد انعقدت للادعاء بالحقوق المدنية مقومات الطلب الصريح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية وذلك عملاً بنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن هو أغفل الفصل فيها فإنه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصل في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان البين من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في الدعوى المدنية ولم تفصل فيها، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية، بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة.

الطعن 30165 لسنة 59 ق جلسة 20 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 92 ص 616

جلسة 20 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعلي شكيب نائبي رئيس المحكمة ورشاد قذافي وفرحان بطران.

-------------------

(92)
الطعن رقم 30165 لسنة 59 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2)
دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوعهما بناء على الإذن رداً عليه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش.
(3)
دفوع "الدفع بنفي التهمة".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 (4)
إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي تجمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: إطراحها.
(5)
محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
المنازعة في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة.
 (6)
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. كفاية قضائها بالإدانة رداً عليه.
 (7)
تربح. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 عقوبات. مناط تحققها.
جناية التربح من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة. علة ذلك.
 (8)
تربح. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط لتحقق جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة. كفاية مجرد المحاولة ولو لم يتحقق ربح أو منفعة. أساس ذلك.
مثال لتسبيب سائغ تتوافر به الأركان القانونية لجناية التربح.
 (9)
تربح. موظفون عموميون. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه. موضوعي. ما دام سائغاً. كفاية أن يكون الموظف في جريمة التربح مختصاً بجزء من العمل الذي تربح منه. ولو يسير.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
 (10)
تربح. اتفاق. اشتراك "طرقه". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاشتراك في الجريمة. لا يلزم التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة. كفاية استخلاصه من أدلة الدعوى وملابساتها.
الاشتراك بطريق الاتفاق. هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه.
مثال لتسبيب سائغ في جريمة الاشتراك في التربح.
 (11)
تربح "الاشتراك في التربح". جريمة "أركانها".
اقتصار دور الطاعن على الاشتراك في جريمة التربح. لا محل لتوافر صفة ما في حقه أو وجوب التحقق من اختصاصه بالعمل محل التربح أو الحصول على ربح أو منفعة.
 (12)
تربح. اشتراك. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة في مقدار المبلغ محل جريمة التربح لأول مرة أمام النقض. غير جائزة.

---------------
1 - إن الطاعن وإن كان قد قرر بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد تناول دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بذلك ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله ذلك لأن الثابت للمحكمة أن المتهم الأول ضبط بعد صدور إذن النيابة العامة في صباح يوم..... وإذ ووجه بالتهمة أرشد عن ثمن السكر الذي كان يحتفظ به في منزله وتم ضبطه" وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاًَ منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما ورد به الحكم المطعون فيه على الدفع سالف الذكر سائغاً في إطراحه، فإن ما يثير الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم وجوده بمكان الحادث وعدم ارتكابه الجريمة مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن النعي بأن الواقعة لا تعدو جنحة بيع بأزيد من التسعيرة المقررة أو أنها محض شروع في ارتكاب الجريمة فذلك لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل الفصل فيه بغير معقب.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهه يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها.
7 - من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه - بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة.
8 - من المقرر أنه لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة وجاء بالمذكرة للقانون 63 لسنة 1975 أن التشريع الجنائي المقارن يولى اهتماماً خاصاً بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل من موظف عام أياً كان وجهه نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره بدون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثماً على إطلاقه وأن يكون تظفير غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من قيام الطاعن الأول - الذي لا يجحد صفته كمفتش تموين بمراقبة تموين..... - بالاتفاق مع الطاعن الثاني وهو زميله في العمل ذاته والاشتراك مع الثالث والرابع في مقارفة الجريمة التي أوردها الحكم تفصيلاً والتي دانهما بها بما يتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات سالف الذكر.
9 - لما كان من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - المحكوم عليه الثاني - أنه يعمل موظفاً "مفتش تموين" بمراقبة تموين..... شأن الأول وكان مكلفاً بالإشراف على توزيع السلعة محل الاتهام واستظهر في مدوناته اختصاصه بالعمل الذي حاول التربح منه. وكان لا يشترط في جريمة التربح أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل الذي تربح منه بل يكفي أن يكون مختصاً بجزء منه وأي قدر من الاختصاص ولو يسير يكفي ويستوفى الصورة التي يتخذها اختصاصه بالنسبة للعمل ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن اختصاصه بالعمل والصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة والجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن اتفق مع الطاعن الأول ومعهما الثالث والرابع على بيعه كمية السكر المشار إليها بالسعر الذي اتفقوا عليه للمتهم الثالث وتنفيذاً لهذا الاتفاق قام الثالث بدفع ثمنها وإحضار سيارة لنقلها وأنهما قد حصلا لنفسيهما على ربح من جراء ذلك هو الفرق بين السعر الرسمي والسعر الذي اشترى به الثالث - كما أثبت الحكم أن الطاعن الثاني كان يراقب الطريق أثناء تحميل السيارة بالسكر وأنه فر هارباً وقت ضبط السيارة فإن الحكم إذ استخلص من ذلك أن الطاعن اشترك مع الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التربح التي دانهما بها فإنه يكون استخلاصاً سائغاً ومؤدياً إلى ما قصده الحكم منه ومنتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ذلك أن الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناط لعقاب الشريك.
11 - لما كان دور المحكوم عليه الثاني الطاعن قد اقتصر على الاشتراك في جريمة التربح فلا محل لتوافر صفة ما في حقه أو وجوب التحقق من اختصاصه أو حصوله على ربح أو منفعة من وراء ذلك.
12 - لما كان الحكم قد أثبت بأدلة منتجة اشتراك الطاعن في مقارفة الجريمة التي دانه بها مع الأول وحدد المبلغ الذي حصلا عليه والذي لا يماري الطاعن في أن له أصله الصحيح في الأوراق وإذ كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع فيما يثيره بوجه الطعن فليس له أن يبدي هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -.... (طاعن). 2 -..... (طاعن). 3 -..... (طاعن). 4 -..... بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً: اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف عام حسن النية "وهو مدير وأمين عهدة مجمع.... التابع لشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية إحدى وحدات القطاع العام" على اختلاس كمية السكر المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها خمسمائة وثمانية وثمانون جنيهاً المملوكة للشركة سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته وذلك بأن اتفق معه المتهمان الأول والثاني على بيع كمية من السكر إلى أحد التجار كما عرفة المتهمون المذكورون بالمتهم الرابع الذي توسط بينهم وبين المتهم الثالث واتفقوا جميعاً على شراء هذا الأخير كمية بأزيد من السعر الرسمي وقام المتهم الثالث بدفع ثمنها وأحضر سيارة وحملها بكمية السكر المتفق عليها ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: المتهمان الأول والثاني بصفتهما موظفين عامين (مفتش تموين بإدارة تموين...) ومكلفين بالإشراف على توزيع السلع التموينية بالمجمع الاستهلاكي سالف البيان حصلا لنفسهما وحاولا الحصول للمتهمين الثالث والرابع بدون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتهما وذلك بأن مكنا المتهم الثالث من الحصول على كميات السكر المضبوطة بسعر الكيلو مائة وعشرون قرشاً حالة كونه سعره الرسمي سبعون قرشاً وذلك بقصد إعادة بيعه بالسوق السوداء بأزيد من سعر الشراء بغرض الحصول لنفسيهما وللمتهم الرابع على ربح قدره جنيه أربعمائة وعشرون جنيهاً بالإضافة إلى ما يحصل عليه المتهم الثالث نتيجة بيعه كمية السكر في السوق السوداء بأزيد من سعر شرائها. ثالثاً: المتهمان الأول والثاني أيضاً بصفتهما سالفة البيان أخلا عمداً بنظام توزيع السلع المبينة بالتحقيقات والمتعلقة بقوت الشعب والمعهود إليهما الإشراف على توزيعها للمستهلكين طبقاً لنظام معين على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: المتهمان الثالث والرابع: اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمتين المبينتين في الوصفين ثانياً وثالثاً وذلك بأن اتفقا معهما وساعداهما في ارتكابها على النحو المبين بالتحقيقات ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. خامساً المتهم الثالث: اشترى لغير الاستعمال الشخصي بقصد إعادة البيع سلعة تموينية "سكر" تصرف عن طريق إحدى شركات القطاع العام على النحو المبين بالتحقيقات. سادساً: اتفقوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف عام حسن النية "هو مدير وأمين عهدة المجمع الاستهلاكي سالف الذكر" على بيع سلعة تموينية مسعرة جبرياً "سكر" بأزيد من السعر الرسمي المقرر وذلك بأن اتفقوا مع الموظف المذكور وساعدوه في ارتكاب هذه الجريمة على النحو المبين بالأوراق فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثلاثة الأول وغيابياً للرابع عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41، 115، 116/ 1، 2، 118 مكرراً/ أ من قانون العقوبات والمواد 3 مكرراً/ ب بند أ، 5، 56، 57، 60 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1980 والمواد 5، 9، 11، 13/ 1، 14، 16، 20 من القانون رقم 163 لسنة 1950 المعدل مع إعمال المادتين 30، 32/ 2 من قانون العقوبات. أولاً: ببراءة جميع المتهمين من التهمة الأولى. ثانياً: بحبس كل من....، .....، ......، ..... لمدة سنة واحدة مع الشغل ومصادرة المبلغ المضبوط وتغريمهم مبلغ 420 جنيه وذلك بعد أن عدلت وصف التهمة باستبعاد ما نسب للمتهم الثاني في البندين ثانياً وثالثاً واستبعاد البند سادساً من الاتهام.
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثالث..... وإن كان قد قرر بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني قد استوفى أوضاعه المقررة في القانون ومن ثم فهو مقبول شكلاً.


أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول.....:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الحصول على ربح بدون حق من أعمال وظيفته والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة قد شابه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك أنه دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لإجرائهما قبل صدور إذن بذلك إلا أن الحكم أطرح الدفع بما لا يسوغ وعول الحكم على أقوال المبلغ وضابط الشرطة رغم أن أقوالهما جاءت مرسلة وذلك لعدم وجوده بمكان الواقعة وليس له ثمة عمل بالمجمع الاستهلاكي كما أن دفاعه قام على أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة بيع بأزيد من السعر المقرر إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يعرض له مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان جريمتي التربح والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بذلك ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله ذلك لأن الثابت للمحكمة أن المتهم الأول ضبط بعد صدور إذن النيابة العامة في صباح يوم 14/ 4/ 1988 وإذ ووجه بالتهمة أرشد عن ثمن السكر الذي كان يحتفظ به في منزله وتم ضبطه". وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاًَ منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم المطعون فيه على الدفع سالف الذكر سائغاً في إطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم تواجده بمكان الحادث وعدم ارتكابه الجريمة مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وهو موظف عمومي مفتش تموين يتولى الإشراف على بيع سلعة تموينية حصل لنفسه والمتهم الثاني بدون حق على ربح من أعمال وظيفته بأن مكن المتهم الثالث من الحصول على كميات السكر المضبوطة بسعر الكيلو جرام مائة وعشرون قرشاً حال كون سعره الرسمي سبعين قرشاً محققاً بذلك ربحاً قدره أربعمائة وعشرين جنيهاً وهو ما يعد إخلالاً عمدياً بالنظام المقرر لتوزيع السلعة وقد أورد الحكم على ثبوت الواقعة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن ضبط كمية السكر المبيعة واعتراف المتهمين الثالث والرابع وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن النعي بأن الواقعة لا تعدو جنحة بيع بأزيد من السعر المقرر أو أنها محض شروع في ارتكاب الجريمة فذلك لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهه يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها.


ثانياً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني.....:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة من المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين أنفتي البيان خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن المتهم الأول لا تتوافر له صفة الموظف العام اللازمة لقيام جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 بالمعنى المحدد في المادة 119 من قانون العقوبات إذ أنه لا يختص بتوزيع سعلة السكر وإن كان يشرف على ذلك دون سلطة فعلية وبانتفاء صفة الموظف العام عن الأول فإن جريمة الاشتراك تنتفي بالنسبة له كما أن الحكم لم يدلل على اشتراكه في جريمة التربح وأوجه المساعدة فيها ذلك أن مجرد وجوده على مسرح الجريمة لا يقطع بوجود اتفاق أو مساعدة كما أن ما نسب إليه ليس إلا شروعاً في ارتكاب الجريمة ذلك أن السيارة ضبطت أثناء تحميلها دون أن تصل إلى حيازة المتهم الثالث فضلاً عن أن المبلغ الذي تم ضبطه مع الأول هو 1000 جنيه في حين أن المبلغ الذي كان يتعين ضبطه 402 جنيه على أساس ثمن كمية السكر كما لم يثبت حصوله لنفسه على شيء من هذا المبلغ مما يعيب الحكم بالتناقض ويقطع بعدم صحة الواقعة كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله تتحصل في أن المتهمين....، .... مفتشين التموين بمراقبة تموين.... اللذين أشرفا على توزيع كميات من السكر من مجمع..... التابع لشركة الأهرام للجمعيات الاستهلاكية للجمهور خلال شهر.... سنة.... استرشاداً بالبطاقات التموينية اتفقا مع.... مدير وأمين عهدة المجمع المذكور على بيع كمية من السكر في السوق السوداء وقدرها 840 كيلو جرام بسعر الكيلو جرام مائة وعشرون قرشاً بدلاً من السعر المحدد وهو سبعون قرشاً متربحين بذلك من وظيفتهما قدره خمسون قرشاً في الكيلو جرام الواحد واشترك معهما المتهم الرابع..... بأن ساعدهما وعرفهما بالمتهم الثالث..... الذي قبل الشراء لإعادة البيع في السوق السوداء ليحقق لنفسه ربحاً وإذ أبلغ مدير المجمع الشرطة التي أعدت كميناً بالقرب من المجمع وفي.... تم ضبط كمية من السكر المتفق على بيعها محملة في سيارة أجرة التي أحضرها المتهم الثالث وقبيل الضبط توجه مدير المجمع بالمتهمين الثاني والثالث إلى بيت المتهم وهناك سلم المتهم الثالث مدير المجمع مبلغ ألف جنيه أعطاها للمتهم الأول الذي سلمه منه مبلغ عشرة جنيهات من أجرة السيارة في حضور المتهم الثاني وعندئذ أشر المتهم الأول برصيد السكر المثبت في دفتر المجمع الخاص بذلك ثم غادر ثلاثتهم المنزل إلى المجمع لتسليم السكر ثم تم التحميل في السيارة وكان المتهم الثاني يراقب الطريق أمام المجمع وعند ضبط الشرطة للسكر المبيع لاذا بالفرار.... وبعد استئذان النيابة العامة تم ضبط المتهمين بكمية السكر المبيعة.." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال..... مدير وأمين عهدة مجمع.... بالجيزة والعقيد.... مدير مباحث تموين الجيزة والسيد...... الضابط بمباحث تموين الجيزة ومن ضبط كمية السكر المبيعة واعتراف المتهمين الثالث والرابع وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه - بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة وجاء بالمذكرة للقانون رقم 63 لسنة 1975 أن التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماماً خاصاً بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام أياً كان وجهه نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثماً على إطلاقه وأن يكون تظفير غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من قيام الطاعن الأول - الذي لا يجحد صفته كمفتش تموين بمراقبة تموين.... - بالاتفاق مع الطاعن الثاني وهو زميله في العمل ذاته والاشتراك مع الثالث والرابع في مقارفة الجريمة التي أوردها الحكم تفصيلاً والتي دانهما بها بما يتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - المحكوم عليه الثاني - أنه يعمل موظفاً "مفتش تموين" بمراقبة تموين..... شأن الأول وكان مكلفاً بالإشراف على توزيع السلعة محل الاتهام واستظهر في مدوناته اختصاصه بالعمل الذي حاول التربح منه. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التربح أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل الذي تربح منه بل يكفي أن يكون مختصاً بجزء منه وأي قدر من الاختصاص ولو يسير بل يكفي ويستوفى الصورة التي يتخذها اختصاصه بالنسبة للعمل ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن اختصاصه بالعمل والصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة والجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون نعيه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن اتفق مع الطاعن الأول ومعهما الثالث والرابع على بيعه كمية السكر المشار إليها بالسعر الذي اتفقوا عليه للمتهم الثالث وتنفيذاً لهذا الاتفاق قام الثالث بدفع ثمنها وإحضار سيارة لنقلها وأنهما قد حصلا لنفسيهما على ربح من جراء ذلك هو الفرق بين السعر الرسمي والسعر الذي اشترى به الثالث - كما أثبت الحكم أن الطاعن الثاني كان يراقب الطريق أثناء تحميل السيارة بالسكر وأنه فر هارباً وقت ضبط السيارة فإن الحكم إذ استخلص من ذلك أن الطاعن اشترك مع الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التربح التي دانهما بها فإنه يكون استخلاصاً سائغاً ومؤدياً إلى ما قصده الحكم منه ومنتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ذلك أن الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناط لعقاب الشريك ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد غير سديد هذا فضلاً عن أنه لما كان دور المحكوم عليه الثاني الطاعن قد اقتصر على الاشتراك في جريمة التربح فلا محل لتوافر صفة ما في حقه أو وجوب التحقق من اختصاصه أو حصوله على ربح أو منفعة من وراء ذلك ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت بأدلة منتجة اشتراك الطاعن في مقارفة الجريمة التي دانه بها مع الأول وحدد المبلغ الذي حصلا عليه والذي لا يمارى الطاعن في أن له أصله الصحيح في الأوراق وإذ كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع فيما يثيره بوجه الطعن فليس له أن يبدي هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين رفضه موضوعاً
.

الطعن 30164 لسنة 59 ق جلسة 20 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 91 ص 610

جلسة 20 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وسلامه أحمد عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة. وزغلول البلشي وعبد الرحمن فهمي.

---------------

(91)
الطعن رقم 30164 لسنة 59 القضائية

(1) مواد مخدرة. تلبس. تفتيش "التفتيش بغير إذن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة التلبس. موضوعي. ما دام سائغاً.
تخلي الطاعن عن اللفافة التي تحوي المخدر طواعية واختياراً. تتوافر به حالة التلبس.
الجدل الموضوعي. لا تجوز إثارته أمام النقض.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده؟
المنازعة في صورة الواقعة التي اطمأنت إليها المحكمة من أقوال شاهد الإثبات. غير مقبولة.
(4) مواد مخدرة. إثبات "خبرة".
تحديد كنة المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها. لا يصلح فيه غير التحليل. خطأ الضابط في التعرف على نوع المادة المضبوطة. لا أثر له.
(5) مواد مخدرة.
وجوب العقاب على إحراز المواد المخدرة مهما كان المقدار ضئيلاً. متى كان له كيان مادي محسوس.

----------------
1 - لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن قد تخلى عن اللفافة التي تحوي المادة المخدرة من تلقاء نفسه - أي طواعية واختياراً - إثر مشاهدته الضابط فإن ذلك مما يرتب حالة التلبس بالجريمة التي تبيح التفتيش والقبض ويكون ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع. تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع. ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بمقولة أن الضابط اختلق حالة التلبس ليصحح الإجراء الباطل، أو حيلولة مكان وقوف الضابط من وقوع الحادث على الصورة التي رواها لا يكون له من محل.
4 - لما كان الكشف عن كنه المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير التحليل ومن ثم فإن خطأ الضابط في التعرف على نوع المادة المضبوطة يكون غير ذي أثر.
5 - لما كان القانون لم يعين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة إذ العقاب واجب حتماً مهما كان القدر ضئيلاً متى كان له كيان محسوس أمكن تقديره فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "هيروين" بدون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد التعاطي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال. ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لأن الواقعة لم تكن في حالة تلبس وقد اختلق الضابط هذه الحالة في تصوير لا يتفق مع العقل والمنطق ليصحح بها الإجراء الباطل. غير أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ، كما أن مكان وقوف الضابط يحول دون وقوع الحادث على الصورة التي رواها في شأن ارتباك الطاعن أو تخليه عن المخدر، هذا إلى أن الحكم أورد أن المادة لمخدر الهيروين خلافاً لما قرره الضابط من أنها كوكايين وبالمخالفة أيضاً لما ورد بتقرير التحليل من أنها تحتوي على هيروين والتي لم تحدد نسبته كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه أثناء قيام الضابط بتفقد حالة الأمن والنظام بدائرة القسم وبدخوله والقوة المرافقة له من رجال الشرطة لإحدى المقاهي وكان المتهم يقف بالقرب من بابها وما أن شاهده هذا الأخير حتى بدت عليه علامات الارتباك وألقى بشيء من يده فالتقطه وتبين له أنها لفافة من الورق بداخلها مسحوق يشتبه أن يكون مخدر فقام بضبطه وبمواجهته أقر له بإحرازه بقصد التعاطي. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الضابط ومما ثبت من تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد عرض الحكم من بعد ذلك للدفع ببطلان التفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إن المتهم قد أنكر ما نسب إليه ودفع الحاضر معه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، كما شكك في صحة الواقعة... إلا أن المحكمة وقد اطمأنت إلى صحة الاتهام على نحو ما تقدم فإنها لا تعول على إنكار المتهم، كما أن حالة التلبس قد توافرت من تخلي المتهم من تلقاء نفسه عن اللفافة التي تحتوي على المخدر المضبوط ومن ثم فإن ما ذهب إليه الدفاع في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن قد تخلى عن اللفافة التي تحوي المادة المخدرة من تلقاء نفسه - أي طواعية واختياراً - إثر مشاهدته الضابط فإن ذلك مما يرتب حالة التلبس بالجريمة التي تبيح التفتيش والقبض ويكون ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بمقولة أن الضابط اختلق حالة التلبس ليصحح الإجراء الباطل، أو حيلولة مكان وقوف الضابط من وقوع الحادث على الصورة التي رواها لا يكون له من محل. لما كان ذلك، وكان الكشف عن كنه المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير التحليل ومن ثم فإن خطأ الضابط في التعرف على نوع المادة المضبوطة يكون غير ذي أثر، فضلاً عن أن تعرف الضابط على نوع المخدر المضبوط إنما كان على سبيل الاشتباه حسبما أورد الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان القانون لم يعين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة إذ العقاب واجب حتماً مهما كان القدر ضئيلاً متى كان له كيان محسوس أمكن تقديره - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 22984 لسنة 62 ق جلسة 19 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 90 ص 607

جلسة 19 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.

----------------

(90)
الطعن رقم 22984 لسنة 62 القضائية

حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". شهادة سلبية.
التمسك ببطلان الحكم لعدم إيداعه والتوقيع عليه خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره. رهن بالحصول من قلم الكتاب على شهادة سلبية. لا يغني عن تقديم تلك الشهادة تأشيرة كتاب الجلسة ومدير الشئون الجنائية بأن القضية طرف السيد القاضي لكتابة الأسباب.

----------------
من المقرر أنه يجب على الطاعن لكل يكون له التمسك ببطلان الحكم لعدم إيداعه والتوقيع عليه خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره الحصول من قلم الكتاب على شهادة سلبية مستوفاة للشروط التي تتطلبها المادة 312 إجراءات دالة على أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى على الرغم من انقضاء ذلك الميعاد، وكان لا يغني عن تقديم تلك الشهادة سواء الإفادة المؤشر بها من كاتب الجلسة على الطلب المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته - في اليوم الثلاثين من تاريخ صدور الحكم - أو تلك الإفادة المؤشر بها من كاتب الجلسة ومدير الشئون الجنائية على الطلب المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته والتي تفيد كل منهما أن القضية طرف السيد القاضي لكتابة أسباب الحكم. ما دام الثابت أن الطاعن لم يحصل من قلم الكتاب على الشهادة موضوع الطلب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها تهربت من أداء ضريبة الاستهلاك على السلعة التي تقوم ببيعها. وطلبت عقابها بالمواد 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 35، 36 من القانون رقم 133 لسنة 1981. وادعى السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على الاستهلاك مدنياً قبل المتهمة بمبلغ 623 جنيه و700 مليم على سبيل التعويض. ومحكمة جنح مركز طوخ قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة خمسمائة جنيه والمصادرة وإلزامها بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدني مبلغ ألفين وخمسمائة جنيه على سبيل التعويض. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وببراءة المتهمة مما أسند إليها. استأنف المدعي بالحقوق المدنية (بصفته) ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أنه يجب على الطاعن لكي يكون له التمسك ببطلان الحكم لعدم إيداعه والتوقيع عليه خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره الحصول من قلم الكتاب على شهادة سلبية مستوفاة للشروط التي تتطلبها المادة 312 إجراءات، دالة على أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى على الرغم من انقضاء ذلك الميعاد، وكان لا يغني عن تقديم تلك الشهادة سواء الإفادة المؤشر بها من كاتب الجلسة على الطلب المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته - في اليوم الثلاثين من تاريخ صدور الحكم - أو تلك الإفادة المؤشر بها من كاتب الجلسة ومدير الشئون الجنائية على الطلب المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته والتي تفيد كل منهما أن القضية طرف السيد القاضي لكتابة أسباب الحكم. ما دام الثابت أن الطاعن لم يحصل من قلم الكتاب على الشهادة موضوع الطلب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 15 لسنة 63 ق جلسة 18 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 88 ص 598

جلسة 18 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الإكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عشيش وأحمد جمال الدين وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة.

----------------

(88)
الطعن رقم 15 لسنة 63 القضائية

دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى السائغة الفصل فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. جوهري. وجوب تعرض الحكم له إيراداً ورداً عليه. إغفال ذلك. قصور. لا يغير من ذلك عدم إبداء دفاعه هذا أمام محكمة أول درجة. أساسه؟

-----------------
لما كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو دفاع جوهري من شأنه أن يهدم التهمة موضوع الدعوى لبنائه على سبق الفصل فيها، فقد كان واجباً على المحكمة أن تحققه وتفصل فيه، أما وهي لم تفعل واكتفى الحكم بالنص في منطوقه على رفض هذا الدفع دون أن يورد في أسبابه مسوغات هذا الرفض فإن الحكم يكون معيباً بالقصور، ولا يغير من ذلك، كون الطاعن لم يبد دفاعه هذا أمام محكمة أول درجة، لما هو مقرر أن التأخير في الإدلاء بالدفع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخر لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يحق له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه تجلية للحقيقة وهداية للصواب، وإذ ما كان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه - قد خالف هذا النظر في الرد على الدفع المشار إليه واكتفاء بقضائه بمنطوقه على رفض الدفع فكأنه خلا من الرد، فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المملوكة له والمحجوز عليها لصالح.... المسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بيلا قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية "مأمورية بيلا الاستئنافية" قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفض الدفع المبدى من المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بالاكتفاء بحبس المتهم شهراً مع الشغل.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول معارضة الطاعن الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع بتعديل العقوبة المقضى بها في الحكم الغيابي الاستئنافي قد انطوى على قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم... لسنة.... جنح مستأنف بيلا، إلا أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه دون أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وتفصل فيه، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن الطاعن دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ولكن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه دون أن تعرض بأسبابه إلى هذا الدفع، ونص في منطوقه على القضاء برفض الدفع المبدى من الطاعن. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو دفاع جوهري من شأنه أن يهدم التهمة موضوع الدعوى لبنائه على سبق الفصل فيها، فقد كان واجباً على المحكمة أن تحققه وتفصل فيه، أما وهي لم تفعل واكتفى الحكم بالنص في منطوقه على رفض هذا الدفع دون أن يورد في أسبابه مسوغات هذا الرفض فإن الحكم يكون معيباً بالقصور، ولا يغير من ذلك، كون أن الطاعن لم يبد دفاعه هذا أمام محكمة أول درجة، لما هو مقرر أن التأخير في الإدلاء بالدفع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأن أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يحق له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه - وتحقيقه تجلية للحقيقة وهداية للصواب، وإذ ما كان الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد خالف هذا النظر في الرد على الدفع المشار إليه واكتفاء بقضائه بمنطوقه على رفض الدفع فكأنه خلا من الرد، ويكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه والإعادة.

الطعن 13023 لسنة 62 ق جلسة 18 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 87 ص 593

جلسة 18 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ البشري الشوربجي وسمير مصطفى نائبي رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور وفتحي جوده.

----------------

(87)
الطعن رقم 13023 لسنة 62 القضائية

(1) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقديم شكوى في حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه. لا يعد قذفاً. شرط ذلك.
استخلاص قصد التشهير. موضوعي.
(2) سب وقذف. محكمة النقض "سلطتها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القذف المعاقب عليه. ماهيته.
استخلاص قاضي الموضوع وقائع القذف. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(3) سب وقذف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم أن الطاعنة نسبت للمدعي بالحق المدني ارتكابه العديد من المخالفات والجرائم وقيامه بالتهرب من الرسوم الجمركية وتلاعبه في النقد الأجنبي واستعماله طرقاً احتيالية وتزويره في العقود والنصب والتهرب من الضرائب. كفايته لتوافر جريمة القذف.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً على الواقعة المراد إثباتها. كفاية استخلاصه بالاستنتاج من الظروف والقرائن.
(5) سب وقذف. قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة القذف. مناط توافره؟
تحصيل الحكم المطعون فيه عبارات قصد منها النيل من المجني عليه. كفايته بياناً للقصد الجنائي.

--------------
1 - لما كان من المقرر أنه وإن حق تقديم شكوى في حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه، لا يعد قذفاً معاقباً عليه، إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون البلاغ صادقاً مقترناً بحسن النية ولا تشوبه شائبة من سوء القصد، فإن استبان للمحكمة - أن التبليغ عن الوقائع محل الاتهام لم يكن بالصدق، وإنما قصد به مجرد التشهير بالمجني عليه والنيل منه، وهذا من الموضوع الذي تستقل به المحكمة استخلاصاً من وقائع الدعوى وظروفها، دون معقب عليها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن النعي على حكمها في هذا الشأن لا يكون له محل.
2 - إن الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه وأنه إذا كان من حق قاضي الموضوع أن يستخلص من وقائع القذف من عناصر الدعوى فإن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرمى عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بما أورده من أن الطاعنة نسبت للمدعي بالحق المدني أنه ارتكب العديد من المخالفات والجرائم وقام بالتهرب من الرسوم الجمركية وتلاعب في النقد الأجنبي وأنه استعمل طرقاً احتيالية وأنه قام بالتزوير في العقود والنصب على شركة..... والتهرب من الضرائب، وهو بلا شك مما ينطوي على مساس بكرامة المدعي بالحق المدني ويدعو إلى احتقاره بين مخالطيه ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيش فيه وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة به في القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن للمحكمة أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤدياً عقلاً للنتيجة التي انتهت إليها وأنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
5 - لما كان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق فيها متى أذاع القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو احتقاره عند الناس ولا يؤثر في توافر هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أي معتقداً صحة ما رمى به المجني عليه من وقائع القذف، ولما كان الثابت من العبارات التي حصلها الحكم أنها بطبيعتها عبارات قصد بها النيل من المجني عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد الطاعنة بوصف أنها نسبت إليه أموراً لو صحت لأوجبت عقابه عنها بأن قام بالعديد من المخالفات والجرائم مستغلاً صفته وطلب عقابها بالمادتين 302/ 1، 303 من قانون العقوبات وبإلزامها بأن تؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهمة مائتي جنيه وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة. استأنفت ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السب والقذف العلني التي دانت الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان حق تقديم شكوى في حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه، لا يعد قذفاً معاقباً عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون البلاغ صادقاً مقترناً بحسن النية ولا تشوبه شائبة من سوء القصد، فإن استبان للمحكمة - وهو الحال في الدعوى الماثلة أن التبليغ عن الوقائع محل الاتهام لم يكن بالصدق، وإنما قصد به مجرد التشهير بالمجني عليه والنيل منه، وهذا من الموضوع الذي تستقل به المحكمة استخلاصاً من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن النعي على حكمها في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه وإنه وإذا كان من حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى فإن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرمى عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، وكان الحكم المطعون فيه بما أورده من أن الطاعنة نسبت للمدعي بالحق المدني أنه ارتكب العديد من المخالفات والجرائم وقام بالتهرب من الرسوم الجمركية وتلاعب في النقد الأجنبي وأنه استعمل طرقاً احتيالية وأنه قام بالتزوير في العقود والنصب على شركة..... والتهرب من الضرائب، وهو بلا شك مما ينطوي على مساس بكرامة المدعي بالحق المدني ويدعو إلى احتقاره بين مخالطيه ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيش فيه وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة به في القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤدياً عقلاً للنتيجة التي انتهت إليها وأنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه - من أن المتهمة لم تستطع إثبات كل ما رمت به المدعي بالحق المدني وأنه حتى على فرض ثبوت ارتكابه بعض ما جاء بالمحضر الإداري فإن الأمور الأخرى لم تستطع إثباتها ولو صحت هذه العبارات فإنها تنال من المدعي بالحق المدني وتحط من كرامته وقدره بين أهله - يكون استنتاجاً سائغاً لا شائبة فيه ويكون نعي الطاعنة في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق فيها متى أذاع القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو احتقاره عند الناس ولا يؤثر في توافر هذا القذف أن يكون القاذف حسن النية أي معتقداً صحة ما رمى به المجني عليه من وقائع القذف، ولما كان الثابت من العبارات التي حصلها الحكم أنها بطبيعتها عبارات قصد بها النيل من المجني عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة.