الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

الطعن 5954 لسنة 64 ق جلسة 13 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 33 ص 231

جلسة 13 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة وفرحان بطران.

-------------------

(33)
الطعن رقم 5954 لسنة 64 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن.
(2) إثبات "معاينة" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استناد الحكم إلى معاينة النيابة لمكان الحادث من وجود طاقية المجني عليه وآثار لدمائه بمكان الحادث. كقرينة معززة ومؤيدة لما ارتكن إليه من أدلة أخرى. لا يعيبه.
(3) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إقامة الطاعن دفاعه على نفي وقوع الحادث في المكان الذي وجدت فيه جثة المجني عليه. موضوعي. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام". نيابة عامة.
للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية. أساس ذلك؟
(6) سلاح. عقوبة "العقوبة التكميلية". مصادرة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "نظر الطعن والحكم فيه".
تسليم السلاح من المرخص له إلى غيره. يلغى ترخيصه ويوجب مصادرته. أساس ذلك. المادتان 10 و30 من القانون 394 لسنة 1954.
إغفال الحكم القضاء بمصادرة السلاح مع وجوب الحكم بها. مخالف للقانون. يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه.

------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فإنها ثابتة في حق المتهمين من انتوائهما قتل المجني عليه للخلاص منه ومن إعداد المتهم الثاني لسلاحه الناري "بندقية خرطوش" وقيامه بتسليم ذلك السلاح إلى نجله المتهم الأول الذي بادر بإطلاق العيار الناري الذي أصابه بمقدم البطن في الوقت الذي كان المتهم الثاني يقف لحمايته شاداً من أذره وما أتاه المتهمان على هذا النحو قاطع الدلالة على قصد إزهاق روح المجني عليه ولا يحمل قصداً آخر....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على النحو المار ذكره هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد.
2 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث من وجود طاقية المجني عليه وآثار لدمائه بمكان الحادث وإنما استندت إلى تلك الآثار كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتقريراً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من معاينة النيابة دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة قبل الطاعن ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ومن ثم فلم تكن في حاجة إلى أن تورد مؤدى ما جاء بمذكرة النيابة المشار إليها في هذا التقرير ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المتمثل في أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع من منازعة في توقيت الحادث وزمانه ومكانه فهي على غير سند جدي ذلك أن الثابت بأقوال كل من شاهدي الإثبات الأولى والثاني قد حددا توقيت الحادث بما يتفق وحدوثه فيما بين الساعة 8 ص، الساعة 9 ص ويتناسب مع زمن نقل المجني عليه ووصوله إلى المستشفى وأن المحضر المثبت به إخطار الحادث وخلوه من توقيت الإبلاغ فهو لا ينال من الواقعة وثبوت صحتها لكون ذلك مرجعه إلى محرر ذلك المحضر وعن المكان فقد حدد بأقوال الشاهدين بأنه بجوار الجدار الكائن عند مفترق الطريق المؤدي للناحية الشمالية وتأكد صحة وقوع الحادث بذلك المكان من معاينة النيابة العامة وعثورها على بقع دماء داكنة اللون مختلطة بالأتربة وأن المجني عليه عقب إطلاق النار عليه وسقوطه قد تم نقله من ذلك المكان إلى مكان تواجد سيارة الإسعاف بجوار شريط السكة الحديد حتى يتسنى نقله إلى المستشفى لكون المكان الأول الذي حدثت به الواقعة هو طريق فرعي وسط الزراعات كما هو ثابت بالمعاينة مما يضحى معه التشكيك في المكان غير سديد" فإن ذلك من الحكم هو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن هذا إلى أن هذا الدفاع لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت السابقة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
5 - لما كانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد أجازت للنيابة العامة فيا يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون جائزاً.
6 - من المقرر أن تسليم السلاح إلى غير مرخص له في حيازته أو إحرازه يترتب عليه إلغاء الترخيص وفقاً لحكم المادة العاشرة من القانون 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر الأمر الذي يستوجب مصادرة السلاح حتماً عملاً بنص المادة 30 من القانون المذكور فإن الحكم المطعون فيه إذا أثبت في حق المطعون ضده الثاني - صاحب السلاح المضبوط - واقعة تسليمه السلاح المرخص له بحمله للمطعون ضده الأول غير المرخص له بحيازته أو إحرازه واعتبره مسئولاً جنائياً عنها بما يؤدي بالضرورة وعملاً بحكم المادة العاشرة سالفة الذكر إلى إلغاء الترخيص الصادر له بحمل السلاح وحظر وتجريم إحرازه وتداوله بالنسبة إليه والغير مما كان يتعين معه القضاء بعقوبة مصادرة هذا السلاح طبقاً لنص المادة 30 سالفة البيان باعتبار هذه العقوبة من العقوبات التكميلية الواجب الحكم بها ولا يقدح في ذلك ما هو مقرر من وجوب تفسير هذا النص على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية ما دام الحكم قد أثبت مسئولية المطعون ضده الثاني - صاحب السلاح المرخص له - جنائياً فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرة السلاح مع وجوب الحكم بها يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتوقيع عقوبة المصادرة بالإضافة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المحكوم بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ... "طاعن" 2 - ...... بأنهما أولاً: - قتلا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحاً نارياً "بندقية" حملها الأول والمسلمة إليه من الثاني وتبعاه إلى المكان الذي أيقنا سلفاً توجهه إليه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول عياراً نارياً بينما كان الثاني يقف بجواره يشد من أزره ويراقب الطريق قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته. ثانياً: المتهم الأول أ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش". ب - أحرز ذخيرة "طلقة" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. ثالثاً: - المتهم الثاني: سلم سلاحه المرخص له بحمله إلى المتهم الأول وذلك بغير ترخيص. وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 3، 6، 26/ 1 - 5، 29 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المحكوم عليه الأول "الطاعن" بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً لما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة المحكوم عليه الثاني بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات لما أسند إليه.
فطعن كلاً من المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى طعن المحكوم عليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل لديه واستند إلى ما أثبتته معاينة النيابة العامة من وجود طاقية المجني عليه وآثار لدمائه بمكان الحادث دون أن يبين سنده في أنها خاصة بذلك المجني عليه واكتفى بإيراد نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد مضمونه ورد بما لا يصلح رداً على دفاعه بأن المجني عليه لم يقتل في المكان الذي حدده شاهد الإثبات بدلالة عدم وجود آثار دماء وعدم العثور على أية طلقات في هذا المكان مما يعيب الحكم.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فإنها ثابتة في حق المتهمين من انتوائهما قتل المجني عليه للخلاص منه ومن إعداد المتهم الثاني لسلاحه الناري "بندقية خرطوش" وقيامه بتسليم ذلك السلاح إلى نجله المتهم الأول الذي بادر بإطلاق العيار الناري الذي أصابه بمقدم البطن في الوقت الذي كان المتهم الثاني يقف لحمايته شاداً من أزره وما أتاه المتهمان على هذا النحو قاطع الدلالة على قصد إزهاق روح المجني عليه ولا يحمل قصداً آخر....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على النحو المار ذكره هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث من وجود طاقية المجني عليه وآثار لدمائه بمكان الحادث وإنما استندت إلى تلك الآثار كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتقريراً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من معاينة النيابة دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة قبل الطاعن ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إصابة المجني عليه إصابة نارية حيوية حديثة نشأت بسبب عيار ناري واحد خرطوش مقاس 12 مم أصابه بمقدم جدار البطن في اتجاه أساسي من الأمام للخلف وأطلق عليه من مسافة في حدود أكثر من المتر وأقل من ثلاثة أمتار وأن وفاة المذكور نشأت لما أحدثته إصابته النارية بالبطن من تهتك بالأحشاء البطنية وما صاحب ذلك من نزيف داخلي وخارجي وصدمة نزيفية ومن الجائز حدوث تلك الإصابة وفق التقرير الوارد بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة وكان الطاعن لا يدعي أن هناك تصويراً آخر للحادث يخالف ذلك التصوير ورد بمذكرة النيابة حسبما حصله تقرير الصفة التشريحية وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ومن ثم فلم تكن في حاجة إلى أن تورد مؤدى ما جاء بمذكرة النيابة المشار إليها في هذا التقرير ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المتمثل في أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع من منازعة في توقيت الحادث وزمانه ومكانه فهي على غير سند جدي ذلك أن الثابت بأقوال كل من شاهدي الإثبات الأولى والثاني قد حددا توقيت الحادث بما يتفق وحدوثه فيما بين الساعة 8 ص، والساعة 9 ص ويتناسب مع زمن نقل المجني عليه ووصوله إلى المستشفى وأن المحضر المثبت به إخطار الحادث وخلوه من توقيت الإبلاغ فهو لا ينال من الواقعة وثبوت صحتها لكون ذلك مرجعه إلى محرر ذلك المحضر وعن المكان فقد حدد بأقوال الشاهدين بأنه بجوار الجدار الكائن عند مفترق الطريق المؤدي للناحية الشمالية وتأكد صحة وقوع الحادث بذلك المكان من معاينة النيابة العامة وعثورها على بقع دماء داكنة اللون مختلطة بالأتربة وأن المجني عليه عقب إطلاق النار عليه وسقوطه قد تم نقله من ذلك المكان إلى مكان تواجد سيارة الإسعاف بجوار شريط السكة الحديد حتى يتسنى نقله إلى المستشفى لكون المكان الأول الذي حدثت به الواقعة هي طريق فرعي وسط الزراعات كما هو ثابت بالمعاينة مما يضحى معه التشكيك في المكان غير سديد" فإن ذلك من الحكم هو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن هذا إلى أن هذا الدفاع لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت السابقة التي أوردها الحكم بينها أقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن طعن المحكوم عليه يكون على غير أساس من القانون أو الوقائع متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى طعن النيابة العامة هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم دان المطعون ضده الثاني بجريمة تسليم سلاحه المرخص إلى المطعون ضده الأول الغير مرخص له بإحرازه وأغفل القضاء بعقوبة مصادرة هذا السلاح المضبوط مع وجوب الحكم بها عملاً بنص المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل مما يعيب الحكم ويوجب نقضه جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون.
حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر غيابياً بالنسبة إلى المطعون ضده الثاني...... إلا أنه كانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون جائزاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المحكوم عليهما - المطعون ضدهما - بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ودان أولهما أيضاً بجريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بدون ترخيص كما دان ثانيهما بجريمة تسليم السلاح المرخص له إلى المطعون ضده الأول الغير مرخص له بإحرازه وانتهى إلى عقاب المطعون ضدهما بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات و1/ 1، 3، 6، 26/ 1 - 5، 29 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ثم قال "وحيث إن التهم المسندة لكل من المتهمين قد ارتبطت ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين اعتبارها لكل منهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها وذلك عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات" ثم أوقع الحكم على المطعون ضدهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وأغفل المصادرة وكان تسليم السلاح إلى غير مرخص له في حيازته أو إحرازه يترتب عليه إلغاء الترخيص وفقاً لحكم المادة العاشرة من القانون 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر الأمر الذي يستوجب مصادرة السلاح حتماً عملاً بنص المادة 30 من القانون المذكور فإن الحكم المطعون فيه إذا أثبت في حق المطعون ضده الثاني - صاحب السلاح المضبوط - واقعة تسليمه السلاح المرخص له بحمله للمطعون ضده الأول غير المرخص له بحيازته أو إحرازه واعتبره مسئولاً جنائياً عنها بما يؤدي بالضرورة وعملاً بحكم المادة العاشرة سالفة الذكر إلى إلغاء الترخيص الصادر له بحمل السلاح وحظر وتجريم إحرازه وتداوله بالنسبة إليه والغير مما كان يتعين معه القضاء بعقوبة مصادرة هذا السلاح طبقاً لنص المادة 30 سالفة البيان باعتبار هذه العقوبة من العقوبات التكميلية الواجب الحكم بها ولا يقدح في ذلك ما هو مقرر من وجوب تفسير هذا النص على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية ما دام الحكم قد أثبت مسئولية المطعون ضده الثاني - صاحب السلاح المرخص له - جنائياً فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرة السلاح مع وجوب الحكم بها يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتوقيع عقوبة المصادرة بالإضافة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المحكوم بها.

الطعن 5714 لسنة 64 ق جلسة 11 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 31 ص 214

جلسة 11 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الإكيابى ومحمد عبد الواحد وأنس عماره وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(31)
الطعن رقم 5714 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
المنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة. جدل موضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(2) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستوجب في الأصل رداً صريحاً. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الواقعة. واجبها تمحيصها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً وتعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة. حد ذلك؟
(4) ضرب "أحدث عاهة". ظروف مشددة. سبق إصرار. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي. استنتاجه من ظروف الدعوى وعناصرها. ما دام موجبها لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار سبق الإصرار في جريمة ضرب أحدث عاهة.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إدراك معاني إشارات الأبكم. موضوعي.
(6) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لإعادة الكشف على المجني عليه. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.

-------------------
1 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك تعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي قد يكون من شأنها تغيير نوع الجريمة وتغليظ العقوبة ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى الجنائية لم تتغير. وليس عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية من ضرورة تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن بقوله "عن توافر ظرف سبق الإصرار فهو قائم في حق المتهم أخذاً بما استبان للمحكمة من أقوال الشاهد الأول أنه كانت توجد خلافات سابقة بين المتهم والمجني عليه نشأت منذ خمسة وعشرين يوماً سابقة على الحادث بسبب امتناع المتهم عن سداد ما في ذمته من مبالغ نقدية باقي ثمن الماشية التي اشتراها من المجني عليه وشريكه الأمر الذي كان من شأنه أن دفع المجني عليه وشريكه إلى الإبلاغ ضد المتهم لنقطة شرطة حاجر شطا في يوم 5/ 1/ 1991 حيث انتهت الإجراءات إلى استدعاء شيخ خفراء القرية للمتهم الذي اضطر تحت وطأة الإبلاغ ضده بسداد ما تبقى في ذمته لخصومه الأمر الذي كان من شأنه أن ولد الضغينة في صدره نحو المجني عليه ففكر في هدوء وروية في اليوم السابق على الحادث على الانتقام من المجني عليه وراح يترقب عودته إلى القرية بحسبان أن من شأن عمل المجني عليه في تجارة المواشي التردد على القرية للبيع والشراء واتصل علمه بوجود المجني عليه يوم الحادث بالقرية فحمل المتهم عصا غليظة واستعان بأولاده وراح يتحسس مكان المجني عليه بالقرية وما أن ظفر به حتى بادره بالعدوان بغير مسوغ أو إتيان المجني عليه أمراً من شأنه أن يكون دافعاً للمتهم في التعدي عليه، الأمر الذي تخلص معه المحكمة أن اعتداء المتهم على المجني عليه كان مسبوقاً بعزم أكيد ومصمم عليه أقدم عليه المتهم في هدوء وروية وفي فترة سابقة على الحادث أمكن فيها المتهم أن يقلب الأمر على عقبيه ووازنه في هدوء وروية ما بين الإقدام على الجريمة أو الإحجام عنها وانعقدت إرادته على الاعتداء بالضرب على المجني عليه انتقاماً منه لما فرط منه في اليوم السابق على الحادث من إجباره على السداد تحت وطأة شكايته لدى الشرطة" وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظرف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم تقديره، وكان ما أورده الحكم كافياً في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المجني عليه قد شهد بالإشارة ما يفيد أن المتهم ضربه فأحدث إصابته فإن إدراك المحكمة لمعاني الإشارات أمر موضوعي يرجع إليها وحدها فلا معقب عليها في ذلك.
6 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها في أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب الطبيب الشرعي لإعادة الكشف على المجني عليه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمي بالجمجمة بالجدارية اليسرى والتي تقلل من كفاءته وقدرته على العمل. وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاعه قام على أن الواقعة مجرد مشاجرة وقع الاعتداء فيها على المجني عليه من أكثر من شخص مما ينبئ عن شيوع الاتهام إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم جوهريته، كما أن المحكمة أضافت إلى القيد والوصف ظرف سبق الإصرار رغم عدم توافره لدى الطاعن ودون أن تمكنه من حق الدفاع والاستعداد في شأن هذا التعديل فضلاً عن أنها لم تستجب إلى طلب الدفاع بإعادة عرض المجني عليه على الطبيب الشرعي لبيان حالته النهائية خاصة وأنها أشارت في حكمها إلى أن إصابته أفقدته القدرة على النطق نظراً لحديثه بالإشارة بجلسة المحاكمة دون الاستعانة بأهل الخبرة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما استخلصته المحكمة من إشارة المجني عليه بجلسة المحاكمة وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أن الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، كما أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك تعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي قد يكون من شأنها تغيير نوع الجريمة وتغليظ العقوبة ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى الجنائية لم تتغير. وليس عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية من ضرورة تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذ طلب ذلك، فإذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعن بتهمة إحداث عاهة مستديمة فتبينت المحكمة من الشواهد والأدلة المطروحة على بساط البحث في الجلسة توافر ظرف سبق الإصرار فهذا من حقها في فهم الواقع في الدعوى وتحرى حكم القانون فيه، ولا معقب عليها فيما ارتأت ما دامت قد أقامت قضائها على ما سوغه، ولا يعتبر ما أجرته المحكمة تغييراً في الواقعة بل تعديلاً في التهمة بردها إلى الوصف الصحيح المنطبق عليها. ولما كانت المحكمة قد نبهت الطاعن إلى هذا التعديل فترافع بلسان محاميه على أساسه دون اعتراض منهما أو طلب التأجيل فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن بقوله "عن توافر ظرف سبق الإصرار فهو قائم في حق المتهم أخذاً بما استبان للمحكمة من أقوال الشاهد الأول أنه كانت توجد خلافات سابقة بين المتهم والمجني عليه نشأت منذ خمسة وعشرين يوماً سابقة على الحادث بسبب امتناع المتهم عن سداد ما في ذمته من مبالغ نقدية باقي ثمن الماشية التي اشتراها من المجني عليه وشريكه الأمر الذي كان من شأنه أن دفع المجني عليه وشريكه إلى الإبلاغ ضد المتهم لنقطة شرطة حاجر شطا في يوم 5/ 1/ 1991 حيث انتهت الإجراءات إلى استدعاء شيخ خفراء القرية للمتهم الذي اضطر تحت وطأة الإبلاغ ضده بسداد ما تبقى في ذمته لخصومه الأمر الذي كان من شأنه أن ولد الضغينة في صدره نحو المجني عليه ففكر في هدوء وروية في اليوم السابق على الحادث على الانتقام من المجني عليه وراح يترقب عودته إلى القرية بحسبان أن من شأن عمل المجني عليه في تجارة المواشي التردد على القرية للبيع والشراء واتصل علمه بوجود المجني عليه يوم الحادث بالقرية فحمل المتهم عصا غليظة واستعان بأولاده وراح يتحسس مكان المجني عليه بالقرية وما أن ظفر به حتى بادره بالعدوان بغير مسوغ أو إتيان المجني عليه أمراً من شأنه أن يكون دافعاً للمتهم في التعدي عليه، الأمر الذي تخلص معه المحكمة أن اعتداء المتهم على المجني عليه كان مسبوقاً بعزم أكيد ومصمم عليه أقدم عليه المتهم في هدوء وروية وفي فترة سابقة على الحادث أمكن فيها المتهم أن يقلب الأمر على عقبيه ووازنه في هدوء وروية ما بين الإقدام على الجريمة أو الإحجام عنها وانعقدت إرادته على الاعتداء بالضرب على المجني عليه انتقاماً منه لما فرط منه في اليوم السابق على الحادث من إجباره على السداد تحت وطأة شكايته لدى الشرطة". وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم تقديره، وكان ما أورده الحكم كافياً في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المجني عليه قد شهد بالإشارة ما يفيد أن المتهم ضربه فأحدث إصابته فإن إدراك المحكمة لمعاني الإشارات أمر موضوعي يرجع إليها وحدها فلا معقب عليها في ذلك، ولم يدع الطاعن في طعنه أن ما فهمته المحكمة مخالف لما أشار به الشاهد، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهدة مستديمة، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب الطبيب الشرعي لإعادة الكشف على المجني عليه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء، هذا فضلاً عن أن المحكمة عرضت لطلب الدفاع في هذا الشأن وأطرحته برد سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5275 لسنة 64 ق جلسة 11 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 30 ص 210

جلسة 11 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا والبشري الشوربجي وسمير مصطفى وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(30)
الطعن رقم 5275 لسنة 64 القضائية

(1) جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". هتك عرض. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب الأخذ بالتقويم الهجري في حساب عمر المجني عليه في جريمة هتك العرض أخذاً بالقاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
عدم جواز الأخذ في تفسير قانون العقوبات بطريق القياس لغير صالح المتهم. أساس ذلك؟
(2) اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة الجنايات "اختصاصها".
إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات بوصفها جناية. ثبوت أنها جنحة بعد التحقيق والمرافعة. على المحكمة الفصل فيها. تكييفها بأنها جنحة قبل التحقيق والمرافعة. وجوب القضاء بعدم الاختصاص بها وإحالتها إلى المحكمة الجزئية.

-------------------
1 - لما كانت المادة 269 من العقوبات إذ سكتت عن النص على التقويم الذي يعتد به في حساب عمر المجني عليه في الجريمة المنصوص عليها فيها - وهو ركن من أركانها - فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجري الذي يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي والتي تقضي بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضيق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في تفسير قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لأنه من المقرر أن لا جريمة ولا عقوبة بغير نص ومتى كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذه القاعدة القانونية التي تعتبر أصلاً هاماً من أن أصول تأويل النصوص العقابية. وكان حساب عمر المجني عليه بالتقويم الهجري على أساس تاريخ ميلاده الثابت في شهادة ميلاده والذي لم يجادل فيه يجعل منه وقت وقع الفعل الذي نسب إلى الطاعن مقارفته يزيد عن سبع سنوات فإنه يكون معيباً بالخطأ في تأويل القانون.
2 - لما كان نص المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية، أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها" يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أنه إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينه في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة الجزئية، أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إليها أصلاً بوصف الجناية ولم تر هي أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد إجراء التحقيق أو بعد تلاوة أقوال الشهود وسماع مرافعة الدفاع عن الخصوم فإن عليها أن تحكم فيها باعتبارها كذلك وليس لها أن تحكم بعدم اختصاصها نوعياً بالفصل في الدعوى وإحالتها للمحكمة الجزئية، ومن ثم فإن مباشرة محكمة الجنايات تحقيقاً في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - يجعلها المختصة بنظرها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض الطفل...... بغير قوة أو تهديد بأن استدرجه إلى المحل الخاص به ثم حسر عنه ملابسه وأولج قضيبه في دبره فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي حال كونه لم يبلغ السابعة من عمره. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 269 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض طفل لم يبلغ السابعة من عمره بغير قوة أو تهديد قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه حسب سن المجني عليه بالتقويم الميلادي مع أنه يجب قانوناً الأخذ بالتقويم الهجري الذي يجعل سن المجني عليه تزيد على سبع سنوات وقت وقوع الفعل الذي نسب إليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد حصل واقعة الدعوى في قوله "إن الواقعة حسبما استخلصتها المحكمة من التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة وما دار بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهم...... وشهرته....... هتك عرض الطفل ..... وهو دون السابعة من عمره بغير قوة أو تهديد بأن استدرجه إلى صندرة داخل حانوته وحسر عنه ملابسه وفسق به فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي". لما كان ذلك، وكان البين أن الحكم المطعون فيه قد حسب سن المجني عليه بالتقويم الميلادي على أساس ما ثبت لديه من شهادة ميلاده أنه من مواليد 20/ 6/ 1985 وخلص إلى أن المجني عليه لم يجاوز السبع السنوات وقت وقوع الحادث في 15/ 5/ 1992 وكانت المادة 269 من العقوبات إذ سكتت عن النص على التقويم الذي يعتد به في حساب عمر المجني عليه في الجريمة المنصوص عليها فيها - وهو ركن من أركانها - فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجري الذي يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي والتي تقضي بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في تفسير قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لأنه من المقرر أن لا جريمة ولا عقوبة بغير نص ومتى كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذه القاعدة القانونية التي تعتبر أصلاً هاماً من أن أصول تأويل النصوص العقابية. وكان حساب عمر المجني عليه بالتقويم الهجري على أساس تاريخ ميلاده الثابت في شهادة ميلاده والذي لم يجادل فيه يجعل منه وقت وقوع الفعل الذي نسب إلى الطاعن مقارفته يزيد على سبعة سنوات فإنه يكون معيباً بالخطأ في تأويل القانون. لما كان ذلك، وكانت الواقعة بذلك تعد جنحة وفقاً للفقرة الأولى من المادة 269 عقوبات وكان نص المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية، أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها" يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أنه إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينه في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة الجزئية، أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إليها أصلاً بوصف الجناية ولم تر هي أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد إجراء التحقيق أو بعد تلاوة أقوال الشهود وسماع الدفاع عن الخصوم فإن عليها أن تحكم فيها باعتبارها كذلك وليس لها أن تحكم بعدم اختصاصها نوعياً بالفصل في الدعوى وإحالتها للمحكمة الجزئية، ومن ثم فإن مباشرة محكمة الجنايات تحقيقاً في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - يجعلها المختصة بنظرها فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه الإعادة إلى ذات محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم مشكلة بهيئة أخرى.

الطعن 2208 لسنة 64 ق جلسة 8 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 28 ص 194

جلسة 8 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي وحسين الشافعي ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(28)
الطعن رقم 2208 لسنة 64 القضائية

(1) ارتباط. دعوى جنائية "حق التصدي". محكمة الجنايات "سلطتها". محكمة النقض "سلطتها".
الأصل. الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة. علة ذلك؟
لمحكمة الجنايات والدائرة الجنائية بمحكمة النقض عند نظر الموضوع بناء على طعن للمرة الثانية إقامة الدعوى العمومية على غير من أقيمت عليهم أو عن وقائع أخرى غير المسندة إليهم أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها. حد ذلك؟
(2) رشوة. محكمة أمن الدولة "الإجراءات أمامها". نيابة عامة. نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون". نظام عام.
قضاء محكمة أمن الدولة العليا بنفسها في جناية طلب وقبول رشوة التي أقامتها النيابة العامة على الطاعن أمامها على أساس ارتباطها بجناية عرض رشوة على موظف عمومي والتي اشترك فيها مع آخر غير طاعن. دون إحالتها إلى النيابة للتحقيق أو تترك لها حرية التصرف في التحقيقات التي تجرى بصدد تلك الجناية المرتبطة. خطأ في القانون.
مرافعة الدفاع في التهمتين وعدم اعتراضه على توجيه التهمة الجديدة بالجلسة. لا أثر له. علة ذلك؟
(3) نقض "أثر الطعن".
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. توجب امتداد أثر نقض الحكم لمحكوم عليه آخر.

------------------
1 - لما كانت المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وهذا نصها "إذا رأت محكمة الجنايات في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو هناك جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها فلها أن تقيم الدعوى على هؤلاء الأشخاص، أو بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون، وللمحكمة أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجراءات التحقيق وفي هذه الحالة تسري على العضو المندوب جميع الأحكام الخاصة بقاضي التحقيق، وإذ صدر قرار في نهاية التحقيق بإحالة الدعوى إلى المحكمة وجب إحالتها إلى محكمة أخرى. ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذي قرروا إقامة الدعوى. وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطاً لا يقبل التجزئة وجب إحالة القضية كلها إلى محكمة أخرى" قد دلت على أنه وإن كان الأصل هو الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة حرصاً على الضمانات الواجب أن تحاط بها المحاكمات الجنائية إلا أنه أجيز من باب الاستثناء لمحكمة الجنايات وكذا الدائرة الجنائية لمحكمة النقض في حالة نظر الموضوع بناء على الطعن في المرة الثانية عملاً بالمادة 12 من ذات القانون لدواع من المصلحة ولاعتبارات قدرها المشرع نفسه وهي بصدد الدعوى المعروضة عليها أن تقيم الدعوى العمومية على غير من أقيمت الدعوى عليهم أو عن وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها ولا يترتب على استعمال هذا الحق الذي يطلق عليه "حق التصدي للدعوى الجنائية ''droit d'evocation غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجرى التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فإذا ما رأت النيابة أو المستشار المندوب إحالة الدعوى إلى المحكمة فإن الإحالة يجب أن تكون إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى.
2 - لما كانت محكمة أمن الدولة العليا حين نظرت الدعوى التي أقامتها النيابة العامة على الطاعن أمامها بجناية طلب وقبول الرشوة إنما فعلت ذلك على أساس ارتباطها بجناية عرض رشوة على موظف عمومي والتي اشترك فيها مع آخر غير الطاعن ثم حكمت فيها هي بنفسها دون أن تحيل الدعوى إلى النيابة للتحقيق إن كان له محل ودون أن تترك للنيابة حرية التصرف في التحقيقات التي تجرى بصدد تلك الجناية المرتبطة وبذلك تكون قد أخطأت بمخالفتها نص صريح القانون ولا يؤثر في ذلك القول بأن الدفاع عن الطاعن قبل المرافعة في التهمتين ولم يحصل منه اعتراض على توجيه التهمة الجديدة إليه بالجلسة لأن ما أجرته المحكمة على ما سلف ذكره وقع مخالفاً للنظام العام لتعلقه بأصل من أصول المحاكمات الجنائية لاعتبارات سامية تتصل بتوزيع العدالة على ما يقضي به القانون عن التهمتين معاً.
3 - وجوب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ..... (طاعن) 2 - ..... بأنهما عرضا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته هو...... المحامي بالشئون القانونية بالهيئة العامة للأبنية التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم مبلغ مائة ألف جنيه قدما له منه مبلغ ألفين وثمانمائة جنيه مقابل التغاضي عن استيفاء المسندات الواجب توافرها قانوناً لاتخاذ إجراءات إتمام شراء الهيئة المذكورة للمدرسة المملوكة للمتهم الثاني وشقيقه وبقيمة أعلى من المستحق لها ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منهما وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالجيزة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 104، 109 مكرراً، 110 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه عشرة آلاف جنيه. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه. ثالثاً: مصادرة مبلغ الرشوة المضبوطة وقدرها ألفين وثمانمائة جنيه وذلك بعد إضافتها تهمة هي أن المتهم الأول وهو موظف عمومي ومدير الأبنية بمديرية...... التعليمية طلب وقبل لنفسه وطلب لغيره...... المحامي بالإدارة العامة للأبنية التعليمية مبالغ تعادل خمسون مثل القيمة الإيجارية السنوية لمدرسة الفتح الإعدادية وذلك للإخلال بواجبات وظيفته مقابل التغاضي عن استيفاء المستندات اللازمة لإثبات شراء المدرسة المذكورة وشرائها بالقيمة الأعلى المستحق لها.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وبني على بطلان في الإجراءات ذلك أن الطاعن أحيل وآخر إلى محكمة أمن الدولة العليا بجناية عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته دون غيرها أما جناية طلب وقبول مبالغ رشوة لنفسه ولغيره للإخلال بواجبات وظيفته والتي أسندت للطاعن (المتهم الأول) فقد تقدمت بها النيابة إلى المحكمة أثناء نظرها الجناية الأولى ووجهتها إلى المتهم وطلبت نظر التهمتين معاً لقيام الارتباط بينهما فوافقت المحكمة على ذلك - كما وافق الدفاع أيضاً ووجهت المحكمة التهمة الجديدة إلى الطاعن وسألته عنها أيضاً وحكمت بعد أن فرغت من نظر الدعوى لثبوت التهمتين ووقعت عليه عقوبة الجريمة الأشد مع مخالفة ذلك لصريح نص المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن وآخر بأنهما بدائرة قسم الجيزة عرضاً رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته...... ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منهما الأمر المعاقب عليه بالمواد 104، 109 مكرراً و110 من قانون العقوبات وأمرت بإحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وفي جلسة المحاكمة طلبت النيابة توجيه تهمة أخرى إلى المتهم الأول (الطاعن) وقالت أن التهمة هي "أن المتهم الأول وهو موظف عمومي مدير الأبنية بمديرية ....... التعليمية طلب وقبل لنفسه وطلب لغيره....... المحامي بالإدارة العامة للأبنية التعليمية مبالغ تعادل خمسون مثل القيمة الإيجارية السنوية لمدرسة...... وذلك للإخلال بواجبات وظيفته مقابل التغاضي عن استيفاء المستندات اللازمة لإثبات شراء المدرسة المذكورة وشرائها بالقيمة الأعلى للمستحق لها مع تطبيق مواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة والدفاع وافق على المرافعة في التهمتين وسُئل المتهم الطاعن عن التهمتين فأنكر" وبعد أن فرغت المحكمة من نظر الدعوى أدانت الطاعن بالتهمتين بعد إضافة المادة 103 من قانون العقوبات واعتبرت الجريمتين وقعتا تنفيذاً لغرض جنائي واحد وأنهما مرتبطتان ارتباطاً لا يقبل التجزئة فيتعين تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الجريمة الأشد بعد أن آخذت المحكوم عليهما بقسط من الرأفة في نطاق الحق المخول لها بنص المادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وهذا نصها "إذا رأت محكمة الجنايات في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو هناك جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها فلها أن تقيم الدعوى على هؤلاء الأشخاص، أو بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون، وللمحكمة أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجراءات التحقيق، وفي هذه الحالة تسري على العضو المندوب جميع الأحكام الخاصة بقاضي التحقيق، وإذ صدر قرار في نهاية التحقيق بإحالة الدعوى إلى المحكمة وجب إحالتها إلى محكمة أخرى. ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى. وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطاً لا يقبل التجزئة وجب إحالة القضية كلها إلى محكمة أخرى" قد دلت على أنه وإن كان الأصل هو الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة حرصاً على الضمانات الواجب أن تحاط بها المحاكمات الجنائية إلا أنه أجيز من باب الاستثناء لمحكمة الجنايات وكذا الدائرة الجنائية لمحكمة النقض في حالة نظر الموضوع بناء على الطعن في المرة الثانية عملاً بالمادة 12 من ذات القانون لدواعي من المصلحة العليا ولاعتبارات قدرها المشرع نفسه وهي بصدد الدعوى المعروضة عليها أن تقيم الدعوى العمومية على غير من أقيمت الدعوى عليهم أو عن وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها ولا يترتب على استعمال هذا الحق الذي يطلق عليه "حق التصدي للدعوى الجنائية ''droit d'evocation غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجرى التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فإذا ما رأت النيابة أو المستشار المندوب إحالة الدعوى إلى المحكمة فإن الإحالة يجب أن تكون إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى. لما كان ذلك كله، وكانت محكمة أمن الدولة العليا حين نظرت الدعوى التي أقامتها النيابة العامة على الطاعن أمامها بجناية عرض رشوة على موظف عمومي والتي اشترك فيها مع آخر غير طاعن ثم حكمت فيها هي بنفسها دون أن تحيل الدعوى إلى النيابة للتحقيق إن كان له محل ودون أن تترك للنيابة حرية التصرف في التحقيقات التي تجرى بصدد تلك الجناية المرتبطة وبذلك تكون قد أخطأت بمخالفتها نص صريح القانون، ولا يؤثر في ذلك القول بأن الدفاع عن الطاعن قبل المرافعة في التهمتين ولم يحصل منه اعتراض على توجيه التهمة الجديدة إليه بالجلسة لأن ما أجرته المحكمة على ما سلف ذكره وقع مخالفاً للنظام العام لتعلقه بأصل من أصول المحاكمات الجنائية لاعتبارات سامية تتصل بتوزيع العدالة على ما يقضي به القانون عن التهمتين معاً، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر..... لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك دون حاجة إلى بحث وجوه الطعن الأخرى.

الاثنين، 18 سبتمبر 2017

الطعن 4731 لسنة 65 ق جلسة 6 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 27 ص 179

جلسة 6 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة وعمر بريك ويوسف عبد السلام.

-----------------

(27)
الطعن رقم 4731 لسنة 65 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إيراد الحكم مؤدى إقرار الطاعن لرجال المباحث بقتل المجني عليها لدى بيانه لمؤدى أقوال شاهد الإثبات. النعي عليه بالقصور. غير مقبول.
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام".
العبرة في المحاكمات الجنائية. باقتناع القاضي.
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بالتناقض دون الإفصاح عن ماهيته. وخلو الحكم من التناقض. غير سديد.
(6) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير الخبراء. لا معقب عليه.
(7) سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر ظرف سبق الإصرار. موضوعي.
(8) قتل عمد. سبق إصرار. قصد جنائي. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجمع بين ظرفي سبق الإصرار والارتباط. لا يخالف القانون. الفصل في هذه المسألة. موضوعي.
(9) نقض "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة. قتل عمد. سبق إصرار. اقتران. عقوبة "العقوبة المبررة".
النعي بعدم توافر ظرف سبق الإصرار. لا جدوى منه. ما دامت العقوبة التي نص عليها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد بغير سبق الإصرار المقترن بجناية أخرى.
(10) إثبات "اعتراف" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي. ما دام سائغاً.
عدم التزام المحكمة بعرض الطاعن على خبير مختص. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
(11) نيابة عامة. إعدام نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
(12) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام. 

الحكم بالإعدام. ما يلزم تسبيب لإقراره؟

------------------
1 - لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجنائي وتنم عما يضمره في صدره، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل في قوله (... أن المحكمة تلتفت عما جاء بأقوال المتهم بأنه لم يكن ينتوي قتل المجني عليها، وتطمئن إلى إقراره لرجال المباحث بانتوائه قتلها على النحو السالف الذكر، بالإضافة إلى ما قرر به في تحقيق النيابة من أنه قام بالضغط بيده على عنق المجني عليها حتى سكنت حركتها، وقد كشف تقرير الصفة التشريحية عن أن الوفاة حدثت نتيجة اسفكسيا الخنق الناشئ عن الضغط اليدوي الشديد المتصل على أعلى الرقبة وهو ما يبين منه بجلاء أن الجاني كان يقصد قتل المجني عليها لا مجرد إخافتها وإرهابها كما زعم، هذا فضلاً عما قرر به في التحقيق من أنه خوفاً من ألا تكون المجني عليها قد ماتت فقد قام بلف الإيشارب الخاص بها على عنقها، وقد وجد معقوداً حوله، وهو ما يؤكد أن ما اقترفه معها كان بنية قتلها، خاصة وأنه قام بإغلاق النافذة بالشيش والزجاج وأشعل النار بالحجرة وأغلق بابها وثبت غلقه من الخارج بعصاه حتى لا يترك لها أي فرصة للنجاة.) وكان البين من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أورده الحكم من إقرار المتهم لرجال المباحث بانتوائه قتل المجني عليها له صداه وأصله الثابت في أقوال العقيد......، والرائد........ بتحقيقات النيابة العامة وكان ما ساقه الحكم - فيما تقدم - كاف وسائغ في إثبات توافر نية القتل لدى الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى إقرار الطاعن لرجال المباحث بقتل المجني عليها لسرقة مصاغها - لدى بيان لمؤدى أقوال العقيد...... - بما يكشف عن إلمامه به - فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن العبرة من المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليها بإدانة المتهم أو ببراءته، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق.
4 - من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم، بحيث إن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - لما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض الذي يشير إليه في أسباب طعنه بين تقرير الأدلة الجنائية الذي أخذ به الحكم بشأن الحريق، وبين تقرير آخر لم يأخذ به، وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه، فإن الاستناد إلى هذا التقرير الآخر - الذي لم يأخذ به الحكم - في دعوى التناقض يكون على غير أساس.
6 - من المقرر أنه لا معقب على قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير.
7 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً من ذلك الاستنتاج.
8 - من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يحول دون الجمع بين ظرفي سبق الإصرار والارتباط إذا ما توافرت أركانهما، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار ثم استخلص رابطة السببية بين القتل والسرقة من أقوال العقيد....... والرائد ......، ومن إقرار الطاعن لهما بانتوائه قتل المجني عليها لسرقة مصاغها، وكان الفصل في هذه المسألة من الأمور الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع عند نظر الدعوى بغير معقب.
9 - لما كانت عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد - بغير سبق إصرار - المقترن بجناية الحريق العمد التي أثبتها الحكم في حقه، فإن ما يثيره الطاعن من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار وقصوره في بيان نية القتل في جريمة الشروع فيه المقترنة، أو الارتباط السببي بين القتل والسرقة - بفرض صحة كل ذلك - يكون غير مجد.
10 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه دون معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة - من بعد - بعرض الطاعن على خبير مختص لبيان سبب إصاباته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
11 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصيل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته.
12 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه. كما أن إجراءات المحكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 - من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم، وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتلها ثم توجه إليها بمسكنها وباغتها عقب دلوفها إلى غرفة نومها بإطباقه بكلتا يديه على عنقها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودعت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين تلتها وهي أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان وضع عمداً ناراً في مسكنها بأن أوصل مصدر لهب بملاءة سريرها فحدث الحريق المبين آثاره بالتحقيقات وبتقرير قسم الأدلة الجنائية المرفق فشرع بذلك في قتل نجلها الصغير..... والذي كان موجوداً معها بمسكنها بأن أوصد عليه الباب وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة الأهالي له وإنقاذه، كما ارتبطت بها جنحة أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق المشغولات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر من مسكنها على النحو المبين بالأوراق وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي مع تحديد جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 234/ 2 - 3، 252/ 1، 317/ 1 أولاً من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجنايتي حريق عمد وشروع في قتل والمرتبط بجنحة سرقة قد أخطأ في الإسناد، وشابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن ما ساقه في بيان نية القتل يخالف الثابت في الأوراق ولا يكفي لإثبات توافرها، ولم يورد مؤدى إقرار الطاعن لرجال المباحث الذي عوّل عليه في هذا الشأن، ولم يدلل تدليلاً كافياً على ثبوت جريمة الحريق العمد في حق الطاعن واستند في ذلك إلى تقرير قسم الأدلة الجنائية رغم تناقضه مع تقرير آخر من نفس الجهة دون أن يعن برفع هذا التناقض. ورغم أن استدلاله على توافر ظرف سبق الإصرار جاء فاسداً، فقد جمع بينه وبين الارتباط بالجنحة وجعلهما معاً عماداً لقضائه ودون أن يبين رابطة السببية بين القتل والسرقة، كما فات الحكم أن يدلل على نية القتل في جريمة الشروع فيه، ودفع الطاعن ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لصدوره وليد إجراءات باطلة وإكراه مادي ترك به الإصابات التي أثبتها وكيل النيابة المحقق، غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يصلح، ودون أن تتحقق المحكمة من سبب تلك الإصابات عن طريق المختص فنياً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله (..... أن المتهم....... لخلاف بينه وبين خاله زوج المجني عليها........ ولما يضمره أيضاً من ضغينة للأخيرة بسبب الخلاف الناشب بين شقيقها وزوجته شقيقة المتهم لعدم قيامه بالإنفاق عليها، ولحاجته هو إلى المال، فقد انتوى قتل المجني عليها وسرقة مصاغها، وتوجه إلى مسكنها في صبيحة يوم......... حال وجود زوجها في عمله وأولادها في مدارسهم عدا طفل رضيع، وطرق الباب ففتحت له، فقام بخنقها بالضغط بيديه على عنقها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها ثم قام بسرقة حليها - أربعة أساور وخاتم وقرط وسلسلة - وأشغل النار في غرفة نومها حيث توجد جثتها. بأن أوصل مصدر لهب بفراش غرفتها وأشعل النار بها وأغلق باب الغرفة - الذي يفتح إلى الخارج - وأحكم غلقه عليها بأن ثبت به من الخارج عصا مرتكزة على الأرض، وترك طفلها......... في الشقة وأوصد الباب عليه وولى هارباً، إلى أن طرقت بعض جاراتها الشقة فلم تفتح وسمعن بكاء الطفل واكتشفن تصاعد الدخان من شقتها فاستغثن وتم اقتحام الشقة وإنفاذ الغلام وإطفاء الحريق.) وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من أقوال كل من.........، ........، ........، .........، ...........، ...........، .........، ...... والعقيد.......... والرائد............. ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير قسم الأدلة الجنائية، ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة بخنقه المجني عليها والاستيلاء على مصاغها. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في صدره، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل في قوله (... أن المحكمة تلتفت عما جاء بأقوال المتهم بأنه لم يكن ينتوى قتل المجني عليها، وتطمئن إلى إقراره لرجال المباحث بانتوائه قتلها على النحو السالف الذكر، بالإضافة إلى ما قرر به في تحقيق النيابة من أنه قام بالضغط بيده على عنق المجني عليها حتى سكنت حركتها، وقد كشف تقرير الصفة التشريحية عن أن الوفاة حدثت نتيجة اسفكسيا الخنق الناشئ عن الضغط اليدوي الشديد المتصل على أعلى الرقبة وهو ما يبين منه بجلاء أن الجاني كان يقصد قتل المجني عليها لا مجرد إخافتها وإرهابها كما زعم، هذا فضلاً عما قرر به في التحقيق من أنه خوفاً من ألا تكون المجني عليها قد ماتت فقد قام بلف الإيشارب الخاص بها على عنقها، وقد وجد معقوداً حوله، وهو ما يؤكد أن ما اقترفه معها كان بنية قتلها، خاصة وأن قام بإغلاق النافذة بالشيش والزجاج وأشعل النار بالحجرة وأغلق بابها وثبّت غلقه من الخارج بعصاه حتى لا يترك لها أي فرصة للنجاة.) وكان البين من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أورده الحكم من إقرار المتهم لرجال المباحث بانتوائه قتل المجني عليها له صداه وأصله الثابت في أقوال العقيد.......... والرائد........... بتحقيقات النيابة العامة وكان ما ساقه الحكم - فيما تقدم - كاف وسائغ في إثبات توافر نية القتل لدى الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى إقرار الطاعن لرجال المباحث بقتل المجني عليها لسرقة مصاغها - لدى بيان لمؤدى أقوال العقيد......... - بما يكشف عن إلمامه به فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لجناية الحريق العمد التي تلت جريمة قتل المجني عليها وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله (وحيث إنه عن واقعة وضعه النار عمداً في غرفة المجني عليها فهي ثابتة في حقه من قيامه بإغلاق نافذة الغرفة عليها بالشيش والزجاج وغلقه باب الحجرة من الخارج بالنحو سالف البيان ووجود أعواد كبريت مشتعلة الرأس في مكان الحريق وثبوت اشتعال الحريق نتيجة إيصال مصدر حراري سريع ذو لهب مكشوف كعود ثقاب بمكان الاحتراق مما يكشف عن قيامه بإشعال النار في الغرفة عامداً لإشفاء غليله وقطع كل سبيل أمام أي احتمال لنجاة المجني عليها.....، بالإضافة إلى إقراره لرجال المباحث بإشعاله النار في الغرفة على أثر خنقه المجني عليها وسرقة مصاغها.....). لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة من المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليها بإدانة المتهم أو ببراءته، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالماً له مأخذه الصحيح من الأوراق. ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث إن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باّقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ما تقدم، وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة والقرائن التي سلفت الإشارة إليها التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعن من وضع النار عمداً في مسكن المجني عليها، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض الذي يشير إليه في أسباب طعنه بين تقرير الأدلة الجنائية الذي أخذ به الحكم بشأن الحريق، وبين تقرير آخر لم يأخذ به، وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه، فإن الاستناد إلى هذا التقرير الآخر - الذي لم يأخذ به الحكم - في دعوى التناقض يكون على غير أساس. فضلاً عن أنه لا معقب على قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر ظرف سبق الإصرار وأثبت توافره في حق الطاعن بقوله (ومن حيث إنه عن سبق الإصرار فهو متوافر لديه، وهو ما يبين من الخلاف الذي كان بينه وبين خاله زوج المجني عليها، وما يضمره من ضغينة للمجني عليها، لعدم إنفاق شقيقها على زوجته شقيقة المتهم، وإحجام المجني عليها وزوجها عن التدخل لإنهاء هذا النزاع، بل إن أخته أبلغته قبل أيام من وقوع الحادث - كما قررت - بما قالته لها المجني عليها حين ذهبت إليها شاكية من أن عليها أن تترك أولادها وترحل إلى أهلها في الصعيد. وهو مما زاد من حنق المتهم على المجني عليها، فانتوى قتلها وأصر عليه وسرقة مصاغها للإنفاق منه على نفسه وعلى شقيقته تلك، خاصة أنه كان يمر بضائقة مالية ولا يجد عملاً، فسعى إليها في مسكنها لتنفيذ ما عزم عليه في غيبة زوجها وأولادها عدا ذلك الطفل الرضيع وهو المنقطع عن زيارة خاله منذ فترة بعيدة ويعرف رأي المجني عليها المسبق في مشكلة شقيقته، وبالتالي فإن المحكمة تلتفت عما قال به في التحقيق من أنه ذهب إلى المجني عليها لمناقشة تلك المشكلة معها، إذ هو قول يتنافر ومجريات الأحداث وكافة ظروف الواقعة السالف بيانها، فضلاً عما جاء بتحريات المباحث وما أقر به للشاهدين السابع والثامن على نحو ما سلف.). لما كان ذلك، وكان المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج. وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - يكفي في الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن، وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون. فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يحول دون الجمع بين ظرفي سبق الإصرار والارتباط إذا ما توافرت أركانهما، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار - على نحو ما سلف بيانه - ثم استخلص رابطة السببية بين القتل والسرقة من أقوال العقيد....... والرائد..........، ومن إقرار الطاعن لهما بانتوائه قتل المجني عليه لسرقة مصاغها، وكان الفصل في هذه المسألة من الأمور الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع عند نظر الدعوى بغير معقب، فإن الحكم يكون بريئاً مما رماه به الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكانت عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد - بغير سبق إصرار - المقترن بجناية الحريق العمد التي أثبتها الحكم في حقه، فإن ما يثيره الطاعن من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار وقصوره في بيان نية القتل في جريمة الشروع فيه المقترنة، أو الارتباط السببي بين القتل والسرقة - بفرض صحة كل ذلك - يكون غير مجد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان اعترافه لصدوره إثر حجز باطل ونتيجة إكراه مادي وأطرحه بقوله (.... لما كان الثابت بالأوراق أن وكيل النيابة المحقق أصدر أمراً في صبيحة يوم......... بضبط المتهم وإحضاره وكانت المحكمة تطمئن إلى محضر ضبطه المؤرخ......... المتضمن قيام رجال المباحث بضبطه في كمين أعد له في منطقة........ في هذا التاريخ، وقد تم عرضه على النيابة في التاريخ المذكور حيث تم استجوابه، ومن ثم تلتفت عن مقولة احتجازه منذ تاريخ سابق على ذلك وضربه لحمله على الاعتراف طوال تلك الفترة، أما عما وجد به من إصابات فقد أثبت المحقق مناظرته لعموم جسم المتهم ومشاهدته وجود إصابات بمعصم يده اليمنى وقرر له المتهم أنها من القيد الحديدي، كما لاحظ وجود إصابة قديمة أعلى أنفه عليها قشرة وآثار "مكركروم" أفاد المتهم أنها من جراء ارتطامه بالأرض، والمحكمة تطمئن إلى سلامة أقواله هذه بشأن إصاباته وسلامة اعترافه لما سلف بيانه ولما يلي أيضاً: أولاً: إن الإصابات التي وجدت بمعصم يده اليمنى هي بالفعل في مكان وضع القيد الحديدي بما يتفق وما قرره المتهم في هذا الخصوص، كما أن البين من حالة إصابة أنفه ووجود قشرة عليها أنها حدثَت قبل ضبطه. ثانياً: إن المتهم حضر أمام السيد قاضي المعارضات وأنكر ولم يشر هو أو المحامية التي حضرت معه في إحدى الجلسات في المعارضة إلى وقوع ثمة اعتداء عليه وأنه أكره على الأقوال التي أدلي بها. ثالثاً: إن البين من متابعة إجابات المتهم حال استجوابه أنه كان في حل من أمره يعترف بما يريد الاعتراف به وينكر ما يعن له إنكاره من وقائع، فأنكر انتواءه القتل ونفى اعتزامه السرقة ونفض يده من إشعال الحريق، ووجه بما جاء بتحريات المباحث وبما نسبوه إليه من إقرار بذلك فأصر على الإنكار، وهو ما يبين منه أنه لم يكن تحت وطأة أي إكراه حين أدلى بأقواله أمام المحقق. رابعاً: إن شقيقة المتهم الشاهدة الخامسة شهدت بأنها قابلت شقيقها بعد ضبطه فأقر لها بارتكاب الحادث على النحو الذي قرر به هو من بعد في تحقيق النيابة... دون أن تشير إلى أن شقيقها تعرض لثمة اعتداء عليه أو أنها لاحظت وقوعه تحت وطأة أي إكراه للإقرار لها بما سلف، مما يبين منه أيضاً أن ما اعتراف به من وقائع سواء لشقيقته أو في تحقيق النيابة جاء طواعية منه واختياراً لا قصراً عنه وإجباراً...) وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن الإكراه سائغاً في تفنيده وفي نفي الصلة بين إصابات الطاعن وبين الاعتراف الذي أدلي به في التحقيق وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه دون معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة - من بعد - بعرض الطاعن على خبير مختص لبيان سبب إصاباته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء، ومن ثم فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصيل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه. كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 - من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم، وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 17855 لسنة 61 ق جلسة 6 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 26 ص 175

جلسة 6 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وبدر الدين السيد ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلش.

-----------------

(26)
الطعن رقم 17855 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(2) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". أمر حفظ. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
البلاغ الكاذب. لا عقاب عليه. إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله.
كذب الوقائع المبلغ عنها. ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب. أثر ذلك؟
العبرة في كذب البلاغ أو بصحته. بحقيقة الواقع.
الأمر الصادر من الجهة الإدارية بحفظ البلاغ أو التحقيق الإداري الذي أجرته في شأنه. ليس دليلاً على عدم صحة الوقائع المبلغ بها. أثر ذلك؟
خلو الحكم من بيان الوقائع المبلغ عنها والألفاظ التي تضمنتها شكوى الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية استناده في إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها على مجرد عجز الطاعن عن تقديم الدليل على صحتها وأن الجهة الإدارية أمرت بحفظ البلاغ. قصور.

------------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً.
2 - لما كان القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان كذب الوقائع المبلغ عنها ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب بحيث يجب الحكم بالإدانة أن يثبت كذلك البلاغ، ولا يصح القول بأنه إذا عجز المبلغ عن الإثبات فإن بلاغه يعتبر كذباً، إذ العبرة في كذب البلاغ أو صحته هي بحقيقة الواقع، وكان الأمر الذي تصدره الجهة الإدارية بحفظ بلاغ قدم إليها أو بحفظ التحقيق الإداري الذي أجرته في شأنه لا ينهض دليلاً على عدم صحة الوقائع التي انطوى البلاغ عليها، ولا يقيد المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب أو يحجبها عن واجبها في تمحيص الوقائع المبلغ عنها لتقدر بنفسها مدى صحتها أو كذبها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الوقائع المبلغ عنها والألفاظ التي تضمنتها شكوى الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية، لمراقبة ما إذا كانت هذه الوقائع وتلك الألفاظ تستوجب عقوبة المدعي بالحقوق المدنية من عدمه، واعتمد في إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها على مجرد عجز الطاعن عن تقديم الدليل على صحتها وأن الجهة الإدارية قد أمرت بحفظ البلاغ المقدم إليها في شأنها، فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل له.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن أمام محكمة قسم أول المنصورة بوصف أنه أبلغ كذباً ضده بأشياء غير صحيحة وبسوء نية كما هو موضح بعريضة الدعوى. وطلب عقابه عملاً بالمادة 305 عقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وأدلة الثبوت عليها، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن واتخذ من مجرد عجز الطاعن عن إثبات صحة الواقع المبلغ عنها دليلاً على كذب بلاغه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه واعتنق أسبابه - بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن أبلغ كذباً ضد المدعي بالحقوق المدنية بشكوى تقدم بها إلى مدير أمن.... متهماً إياه بالقذف والسب في حقه، وتحرر عن تلك الشكوى المحضر رقم .... لسنة.... إداري قسم أول.... الذي انتهى بالحفظ، واستدل الحكم على كذب الوقائع المبلغ عنها من مجرد حفظ الشكوى التي تقدم بها الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية وعلمه بأن الوقائع المبلغ عنها لا تشكل ثمة جريمة يعاقب عليها القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً. وكان القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان كذب الوقائع المبلغ عنها ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب بحيث يجب للحكم بالإدانة أن يثبت كذلك البلاغ، ولا يصح القول بأنه إذا عجز المبلغ عن الإثبات فإن بلاغه يعتبر كذباً، إذ العبرة في كذب البلاغ أو صحته هي بحقيقة الواقع، وكان الأمر الذي تصدره الجهة الإدارية بحفظ بلاغ قدم إليها أو بحفظ التحقيق الإداري الذي أجرته في شأنه لا ينهض دليلاً على عدم صحة الوقائع التي انطوى البلاغ عليها، ولا يقيد المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب أو يحجبها عن واجبها في تمحيص الوقائع المبلغ عنها لتقدر بنفسها مدى صحتها أو كذبها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الوقائع المبلغ عنها والألفاظ التي تضمنتها شكوى الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية، لمراقبة ما إذا كانت هذه الوقائع وتلك الألفاظ تستوجب عقوبة المدعي بالحقوق المدنية من عدمه، واعتمد في إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها على مجرد عجز الطاعن عن تقديم الدليل على صحتها وأن الجهة الإدارية قد أمرت بحفظ البلاغ المقدم إليها في شأنها، فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل له والموجب لنقضه والإعادة.

الطعن 5207 لسنة 64 ق جلسة 4 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 24 ص 157

جلسة 4 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الإكيابي ومحمد عبد الواحد وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة ورضا القاضي.

------------------

(24)
الطعن رقم 5207 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "الادعاء بالتزوير". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى. من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
(3) سرقة "سرقة بإكراه". عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القضاء بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للسرقة بإكراه في طريق عام من شخصين فأكثر بغير أن يترك الإكراه أثر جروح بالمجني عليه. أثره: عدم قبول النعي على الحكم في شأن إصابات المجني عليه.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق محكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين. متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "اعتراف" إكراه. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حضور ضابط الشرطة التحقيق. لا يعيب إجراءاته. سلطان الوظيفة في ذاته. لا يعد إكراهاً. ما دام لم يستطل إلى المتهم بأذى مادياً كان أو معنوياً. مجرد الخشية منه لا تعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف. ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادته من ذلك.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". تحقيق. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحقق. مباشرة بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم. حد ذلك؟
(7) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
حق المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة. باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. لا يجوز أمام محكمة النقض.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام الحكم أن  يورد من أقوال الشهود. إلا ما يقيم عليه قضاءه.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
حق المحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد اطمأنت إليها.
تناقض أقوال المجني عليه في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً.
(10) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي لا يستوجب رداً صريحاً. كفاية أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة.

------------------
1 - من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه.
3 - لما كان الحكم قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للسرقة بإكراه في طريق عام من شخصين فأكثر بغير أن يترك الإكراه أثر جروح بالمجني عليه المنصوص عليها في المادة 315/ 2 من قانون العقوبات، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الطبي بإصابات المجني عليه لا يكون مقبولاً.
4 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
5 - من المقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته وما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر كله في ذلك إلى محكمة الموضوع.
6 - من المقرر أن القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات.
7 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان أوجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض أقوال المجني عليه في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
10 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان عله إطرحها إياها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين - سبق الحكم عليهم - بأنهم سرقوا مبلغ ألفين ومائتين وخمسة وستين جنيهاً المملوك لـ...... بالإكراه بأن اعترضوا طريقه وهددوه بالمدى التي شهرها المتهم الأول واعتدوا عليه بالضرب بقصد إرهابه وشل مقاومته وقد ترك الضرب أثر جروح بالمجني عليه فتكمنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة سرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان التقرير الطبي الموقع على المجني عليه لاصطناعه وتزويره، بدلالة وجود تعديلات في بياناته، ولعدم وجود أصل له في المستشفى وسهولة اصطناعه، ولأنه يحمل ذات رقم وتاريخ تقرير طبي مغاير لشخص آخر قدمت صورته الرسمية، وأن المحقق لم يناظر إصابات المجني عليه، بيد أن المحكمة لم تحقق هذا الدفع، وردت عليه رداً معيباً استندت فيه إلى اختلاف التقريرين وأن المقدم من الدفاع صورة تقرير، مما ينم عن عدم تفهم المحكمة لحقيقة هذا الدفع ومستند الطاعن، كما أن المدافع دفع ببطلان اعتراف...... - الذي سبق الحكم عليه - لصدوره نتيجة الوعد والتغرير، بدلالة أن عضو النيابة المحقق أمر بإخراج الموجودين من غرفة التحقيق وقت الإدلاء بهذا الاعتراف، كما أن الضابط كان موجوداً أثناء التحقيق، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع رداً غير سائغ، وعول الحكم على تحريات الشرطة رغم عدم صحتها، ورد على الدفع ببطلان تلك التحريات لعدم جديتها رداً قاصراً، كما عول الحكم على أقوال المجني عليه رغم عدم صحتها، فضلاً عن تضارب أقواله في محضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة في تصوير الواقعة وتحديد أدوار المتهمين، وعدم تحدثه عن السرقة بإكراه إلا بمناسبة إجابته على سؤال من المحقق بعد مرحلة طويل من التحقيق، وأن شاهديه كذباه في شهادتهما، كما أن التهمة ملفقة للطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه واعتراف........ - الذي سبق الحكم عليه - في حق الطاعن، وما جاء بتحريات الشرطة والتقرير الطبي، وحصلها بما مجمله أنه أثناء سير المجني عليه في طريق عام نزل الطاعن وآخرون - سبق الحكم عليهم - من سيارة وحملوا المجني عليه بالقوة إلى داخلها وشهر المحكوم عليه الأول مدية في وجهه وضربوه وتمكنوا من شل مقاومته وسرقة مبلغ 2265 جنيه أخذها الطاعن من جيبه، وقد ترك الاعتداء أثر إصابات بالمجني عليه، ثم جردوه من ملابسه وألقوا به في النيل، وفروا هاربين. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بتزوير التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه، وأطرحه في قوله "حيث إن الدفع ببطلان التقرير الطبي لاختلاقه واصطناعه فإن الثابت أن الحاضر مع المتهم قدم صورة من تقرير طبي باسم...... والتشخيص الثابت بهذا التقرير يخالف التشخيص الخاص بالمجني عليه...... والثابت بالتقرير الطبي بالمجني عليه أنه يوجد جرح قطعي بالذراع الأيمن في حين أن صورة التقرير الطبي التي تقدم بها الحاضر مع المتهم ثابت بها جرح قطعي باليد اليسرى، وأن الثابت بالتقرير الخاص بالمجني عليه وجود خدوش وسحجات بالركبة اليمنى في حين أن الثابت بصورة التقرير كدمة بالركبة اليمنى، أي أن هناك اختلاف كلي وجزئي بين التقرير الأصلي الخاص بالمجني عليه وصورة التقرير التي تقدم بها الحاضر مع المتهم، وبالتالي تصادم الأدلة القولية الأدلة الفنية وتبين أن صورة التقرير الطبي التي تقدم بها الدفاع تختلف إطلاقاً عن التقرير الأصلي الخاص بالمجني عليه، فتلتفت المحكمة عن هذا الدفع". ولما كان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، وكان هذا الذي قاله الحكم سائغاً ومن شأنه يؤدي إلى ما رتب عليه من إطراح دفاع الطاعن بتزوير التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه وطلبه الاستعلام من المستشفى بقصد التشكيك في التقرير الطبي، ولا ينال من ذلك ما أورده من أن الدفاع قدم صورة - بفرض أنها صورة معتمدة رسمياً - لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، فضلاً عن أنه لما كان الحكم قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للسرقة بإكراه في طريق عام من شخصين فأكثر بغير أن يترك الإكراه أثر جروح بالمجني عليه المنصوص عليها في المادة 315/ 2 من قانون العقوبات، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الطبي بإصابات المجني عليه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعتراف المحكوم عليه الآخر...... في حق الطاعن وأطرحه لاطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف لاتفاقه مع أقوال المحكوم عليهم من قبل وأقوال المجني عليه، وكان المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أنه من المقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته وما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر كله في ذلك إلى محكمة الموضوع، وكان القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات، وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه منع من الاطلاع على ما أثبته المحقق في التحقيقات بشأن اعتراف المحكوم عليه الأول - بل إنه يسلم في أسباب طعنه بوجود محاميه أثناء التحقيق، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات، ورد عليه في قوله "حيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فإنه من المستقر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها، وأن المحكمة تطمئن إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش والتي أسفرت عن ضبط المتهمين والمبالغ التي سرقوها من المجني عليه، فتلتفت المحكمة عن هذا الدفع". ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان أوجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض أقوال المجني عليه في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال المجني عليه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان عله إطراحها إياها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 7934 لسنة 63 ق جلسة 4 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 23 ص 153

جلسة 4 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة.

----------------

(23)
الطعن رقم 7934 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف وليد الإكراه لا يعول عليه ولو كان صادقاً.
وجوب بحث المحكمة الصلة بين الاعتراف وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيامه في استدلال سائغ.
(2) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إطراح الحكم الدفع ببطلان الاعتراف استناداً إلى أنه حصل أمام النيابة دون أن يذكر المعترف أن إكراهاً وقع عليه وأن النيابة ناظرته ولم تلحظ به إصابات. إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
سكوت الطاعن عن إثارة واقعة الإكراه الحاصل عليه في أية مرحلة من مراحل التحقيق لا ينفي وقوع الإكراه. مادياً أو أدبياً.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

-------------------
1 - من المقرر أن الاعتراف لا يعول عليه - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره، وإذ كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيام هذا الإكراه في استدلال سائغ.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان الاعتراف بقالة إن الطاعن لم يثر في أية مرحلة من مراحل التحقيقات أن إكراهاً وقع عليه وأن النيابة العامة ناظرته ولم تلحظ به إصابات، وكان هذا الذي أورده الحكم تبريراً لاستناده إلى الدليل المستمد من اعتراف الطاعن ليس من شأنه أن يؤدي إليه إهدار ما دفع به من بطلان هذا الاعتراف لما يمثله من مصادرة لدفاع الطاعن قبل أن ينحسم أمره لأنه لا يصح في منطق العقل والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف الحاصل أمام جهة من جهات التحقيق لأنه كان وليد الإكراه باطمئنانه إلى هذا الاعتراف لحصوله أمام تلك الجهة ولعدم ذكر من نسب إليه الاعتراف أمامها أنه كان مكرهاً عليه لو أنها ناظرته فلم تلحظ به إصابات، ما دام أنه ينازع في صحة ذلك الاعتراف أمام الجهة، كما أن سكوت الطاعن عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق - كما يذهب الحكم - ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع الإكراه في أية صورة من صوره مادية كانت أم أدبية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - إلى اعتراف الطاعن فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "أفيون وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن الإحراز مجردٌ من أحد القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين "حشيش وأفيون" قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبب ذلك بأنه استند في قضائه إلى ما عزى إلى الطاعن من اعتراف رغم بطلانه وأطرح دفاعه في هذا الشأن بما لا يصلح لإطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهم فمردود إذ أن النيابة العامة كفلت له كل الضمانات القانونية وناظرته ولم تلحظ به أية إصابات وأحاطته علماً بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها وبأن النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق، ولم يقل المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيقات بأن ضغط أو إكراه مادي أو أدبي قد وقع عليه لحمله على الاعتراف الأمر الذي يضحى معه الدفع في غير محله". لما كان إكراه كائناً ما كان قدره، وإذ كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيام هذا الإكراه في استدلال سائغ، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان الاعتراف على السياق المتقدم بقالة أن الطاعن لم يثر في أية مرحلة من مراحل التحقيقات أن إكراهاً وقع عليه وأن النيابة العامة ناظرته ولم تلحظ به إصابات، وكان هذا الذي أورده الحكم تبريراً لاستناده إلى الدليل المستمد من اعتراف الطاعن ليس من شأنه أن يؤدي إليه إهدار ما دفع به من بطلان هذا الاعتراف لما يمثله من مصادرة لدفاع الطاعن قبل أن ينحسم أمره لأنه لا يصح في منطق العقل والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف الحاصل أمام جهة من جهات التحقيق لأنه كان وليد الإكراه باطمئنانه إلى هذا الاعتراف لحصوله أمام تلك الجهة ولعدم ذكر من نسب إليه الاعتراف أمامها أنه كان مكرهاً عليه لو أنها ناظرته فلم تلحظ به إصابات، ما دام أنه ينازع في صحة ذلك الاعتراف أمام الجهة، كما أن سكوت الطاعن عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق - كما يذهب الحكم - ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع الإكراه في أية صورة من صوره مادية كانت أم أدبية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - إلى اعتراف الطاعن فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 18232 لسنة 60 ق جلسة 4 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 22 ص 150

جلسة 4 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(22)
الطعن رقم 18232 لسنة 60 القضائية

حكم "بطلانه". قضاة "صلاحية القاضي للفصل في الدعوى". بطلان.
وجوب امتناع القاضي عن الاشتراك في الحكم في الطعن متى كان الحكم المطعون فيه صادراً منه. مخالفة ذلك. أثره: بطلان الحكم في الطعن. المادة 247 إجراءات جنائية.

------------------
من حيث إنه يبين من مطالعة محاضر الجلسات والأحكام الصادرة في الدعوى أن السيد القاضي ..... الذي أصدر حكم محكمة أول درجة بتاريخ........ بحبس المتهمة شهراً مع الشغل، قد جلس بعد ذلك كرئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بجلسة..... لما كان ذلك، وكانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "يمتنع على القاضي أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أو أن يشترك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه" وجاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على هذه المادة "أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجم الخصومة وزناً مجرداً". لما كان ذلك، وكان رئيس الهيئة الاستئنافية التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أصدر حكماً ابتدائياً بإدانة الطاعن وكان القانون قد أوجب امتناع القاضي عن الاشتراك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بددت المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لها والمحجوز عليها إدارياً لصالح الإصلاح الزراعي والمسلمة إليها على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلستها لنفسها إضراراً بالجهة الحاجزة، وطلبت عقابها بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز الدلنجات قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهمة شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه استأنفت ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضت وقضى في معارضتها باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بطلانه لاشتراك القاضي الذي أصدر حكم أول درجة في الحكم الصادر في المعارضة الاستئنافية.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة محاضر الجلسات والأحكام الصادرة في الدعوى أن السيد القاضي..... الذي أصدر حكم محكمة أول درجة بتاريخ...... بحبس المتهمة شهراً مع الشغل، قد جلس بعد ذلك كرئيس للهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بجلسة..... لما كان ذلك، وكانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "يمتنع على القاضي أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أو أن يشترك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه"، وجاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على هذه المادة أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجم الخصومة وزناً مجرداً". لما كان ذلك، وكان رئيس الهيئة الاستئنافية التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أصدر حكماً ابتدائياً بإدانة الطاعنة وكان القانون قد أوجب امتناع القاضي عن الاشتراك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً ويتعين نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.