جلسة 29 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة ومصطفى كامل عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله وشبل حسن.
------------------
(21)
الطعن رقم 42141 لسنة 59 القضائية
(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها".
تضمن المحرر أمراً من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين. اعتباره شيكاً.
(2) شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
عدم الاعتداد بالبيان المطبوع بالشيك. ما دام وجد بيان آخر مناقض له محرر بخط يد الساحب. علة ذلك؟
تعويل الحكم على البيان المطبوع بالشيك رغم تناقضه مع البيان المحرر بالحروف عن نوع العملة وانتهاؤه إلى تخلف أحد الشروط الشكلية له. خطأ في القانون.
(3) نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
كون الخطأ الذي تردى فيه الحكم قد حجبه عن نظر الموضوع. وجوب أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.
2 - من المقرر أنه لا يعتد ببيان مطبوع طالما وجد بيان آخر مناقض له محرر بخط يد الساحب، لأن العبرة في هذه الحالة تكون بالبيان المحرر بخط اليد باعتبار أنه - دون البيان المطبوع - هو الذي يكشف عن إرادة الساحب وقصده في الالتزام بما حرره. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها لم تجحد توقيعها على الشيك، بل وأقرت في مذكرات دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن قيمة الشيك سبعون ألف دولار، وكان علمها بعدم وجود مقابل للوفاء بهذا الشيك ثابتاً مما جاء بإفادة البنك من أن سبب الامتناع عن صرفه هو "عدم وجود حساب" للمطعون ضدها لديه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على بيان مطبوع على ورقة الشيك رغم تناقضه مع البيان المحرر بالحروف عن نوع العملة موضوع الشيك، وخلص من ذلك إلى تخلف أحد شروط الشيك من الورقة محل الاتهام، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في خصوص الدعويين الجنائية والمدنية.
3 - لما كان الخطأ الذي تردى فيه الحكم قد حجبه عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.
الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح النزهة ضد المطعون ضدها بوصف أنها أعطت لها بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابها بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وبإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهمة ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ثلاثة ألاف جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامها بأن تؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت المحكوم عليها ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة جنح النزهة محلياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. والنيابة العامة قيدت الدعوى برقم... جنح الرمل. وطلبت معاقبة المتهمة بمادتي الاتهام سالفتي الذكر. ومحكمة جنح الرمل قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة سنوات مع الشغل وكفالة ثلاثة آلاف جنيه وبإلزامها بأن تؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت المحكوم عليها ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمة مما هو منسوب إليها ورفض الدعوى المدنية.
فطعن كل من المدعية بالحقوق المدنية والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية تنعيان على الحكم المطعون فيه - كل فيما يخص دعواه - أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدها من تهمة إعطاء شيك بدون رصيد ورفض الدعوى المدنية، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الشيك قد استوفى كافة شروطه الشكلية وأن قيمته محددة بالأرقام والحروف، وأن الاختلاف في نوع العملة فيه يُرجع في شأنه لإرادة المتعاقدين وهي العملة المحددة كتابة بالحروف دون البيان المطبوع بالورقة قرين المبلغ بالأرقام، خاصة وأن إفادة البنك برفض صرف قيمة الشيك أساسها عدم وجود حساب للمطعون ضدها طرفه، وتضيف المدعية بالحقوق المدنية، أن المتهمة أقرت الشيك ولم تجحده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الوجهة من النظر على سند من تخلف أحد الشروط الشكلية للشيك - وهو تحديد قيمته - فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدها من التهمة المسندة إليها ورفض الدعوى المدنية قبلها على سند من أن مبلغ الشيك كُتب بالأحرف "سبعون ألف دولار" بينما كُتب رقم 70000 قرين كلمة جنيه المطبوعة على المحرر، وأنه بذلك يكون الشيك غير محدد من حيث العملة التي يُصرف بها، وأنه لاختلاف قيمة الدولار عن قيمة الجنيه، فإن الشيك يكون قد افتقد أحد مقوماته الشكلية، وهو تحديد قيمته مما يجعله غير قابل للصرف. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كان المحرر يتضمن أمراً من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين، فإنه في هذه الحالة يعتبر أداة وفاء مستحق الدفع بمجرد الاطلاع، ويعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات، فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك. وكان البين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الشيك موضوع الاتهام قد استوفى كافة البيانات التي يتطلبها القانون لاعتباره شيكاً يسري في التعامل مجرى النقود، فالثابت أنه قد تضمن أمراً بدفع مبلغ معين تحدد كتابة بالحروف بأنه "سبعون ألف دولار" في التاريخ المبين به، وحَددت الساحبة المبلغ بالأرقام بذات الرقم أيضاً وهو 70000، وبذلك تكون إرادتها في صرف هذا المبلغ بالدولار قد تحددت على نحو قاطع، لا ينال منه وقوع الرقم الذي حررته كتابة أسفل كلمة الجنيه المطبوعة، إذ ليس من شأن ذلك أن يلحق بالشيك أي تجهيل من حيث قيمته أو نوع العملة التي يُصرف بها، ذلك أنه لا يعتد ببيان مطبوع طالما وجد بيان آخر مناقض له محرر بخط الساحب، لأن العبرة في هذه الحالة تكون بالبيان المحرر بخط اليد باعتبار أنه - دون البيان المطبوع - هو الذي يكشف عن إرادة الساحب وقصده في الالتزام بما حرره، لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها لم تجحد توقيعها على الشيك، بل وأقرت في مذكرات دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن قيمة الشيك سبعون ألف دولار، وكان علمها بعدم وجود مقابل للوفاء بهذا الشيك ثابتاً مما جاء بإفادة البنك من أن سبب الامتناع عن صرفه هو "عدم وجود حساب" للمطعون ضدها لديه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على بيان مطبوع على ورقة الشيك رغم تناقضه مع البيان المحرر بالحروف عن نوع العملة موضوع الشيك، وخلص من ذلك إلى تخلف أحد شروط الشيك من الورقة محل الاتهام، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في خصوص الدعويين الجنائية والمدنية، وإذ كان الخطأ الذي تردى فيه الحكم قد حجبه عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.