الطعن 98 لسنة 30 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا
جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 22
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017م،
الموافق الرابع من رجب سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو
ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد
العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 98 لسنة 30
قضائية "دستورية".
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعي، في الجنحة رقم 509 لسنة 2005 جناح
عتاقة بأنه بتاريخ 2005/5/4، بدائرة قسم عتاقة، بصفته صاحب منشأة ينتج عنها مخلفات
تصرف في مجاري المياه، لم يشغل وحدات معالجتها فور بدء تشغيل تلك المنشآت، وطلبت
عقابه بالمواد (1 و2/4) من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل
والمجاري المائية من التلوث، و(34/1 و89) من القانون في شأن البيئة الصادر
بالقانون رقم 4 لسنة 1994، وبجلسة الرابع من مايو سنة 2006، قضت محكمة جنح عتاقة
حضوريا بتغريم المتهم مبلغ عشرة آلاف جنيه، فاستأنف المدعي هذا الحكم، وقيد
الاستئناف برقم 3440 لسنة 2006 جنح مستأنف السويس، وبجلسة 17 من فبراير سنة 2008،
عدلت محكمة الجنح المستأنفة مواد الاتهام، باستبدال المواد (69 و70 و72) بالمادتين
(34/1 و89) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1944. وبالجلسة
ذاتها دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (72) من القانون في شأن البيئة الصادر
بالقانون رقم 4 لسنة 1994، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة
الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة.
بتاريخ الثامن عشر من مارس سنة 2008، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع
صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طلبا للحكم بعدم دستورية نص المادة
(72) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن المادة (4) من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر
النيل والمجاري المائية من التلوث، تنص على أنه "لا يجوز التصريح بإقامة أية
منشآت ينتج عنها مخلفات تصرف في مجاري المياه.
ومع ذلك يجوز لوزارة الأشغال العامة والموارد المائية دون غيرها، عند
الضرورة وتحقيقا للصالح العام، التصريح بإقامة هذه المنشآت إذا التزمت الجهة
المستخدمة لها بتوفير وحدات لمعالجة هذه المخلفات بما يحقق المواصفات والمعايير
المحددة وفقا لأحكام هذا القانون، وعلى أن يبدأ تشغيل وحدات المعالجة فور بدء
الاستفادة بالمنشآت، وتسري أحكام المادة (3) من هذا القانون على هذه المنشآت.
وتمنح المنشآت القائمة مهلة عام من تاريخ العمل بهذا القانون لتدبير
وسيلة لمعالجة مخلفاتها وإلا سحب الترخيص الممنوح لها، ولوزارة الري في هذه الحالة
اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الصرف على مجاري المياه بالطريق الإداري ودون
الإخلال بالعقوبات الواردة بهذا القانون".
وتنص المادة (69) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4
لسنة 1994 على أن "يحظر على جميع المنشآت بما في ذلك المحال العامة والمنشآت
التجارية والصناعية والسياحية والخدمية تصريف أو إلقاء أية مواد أو نفايات أو
سوائل غير معالجة من شأنها إحداث تلوث في الشواطئ المصرية أو المياه المتاخمة لها
سواء تم ذلك بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة، ويعتبر كل يوم من
استمرار التصريف المحظور، مخالفة منفصلة".
وتنص المادة (70) من القانون ذاته على أنه "يشترط للترخيص بإقامة
أية منشآت أو محال على شاطئ البحر أو قريبا منه ينتج عنها تصريف مواد ملوثة
بالمخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له أن يقوم طالب الترخيص بإجراء
دراسات التأثير البيئي ويلتزم بتوفير وحدات لمعالجة المخلفات، كما يلتزم بأن يبدأ
بتشغيلها فور بدء تشغيل تلك المنشآت".
حين تنص المادة (72) منه - قبل تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2009 -
على أنه "مع مراعاة أحكام المادة (96) من هذا القانون، يكون ممثل الشخص
الاعتباري أو المعهود إليه بإدارة المنشآت المنصوص عليها في المادة (69) التي تصرف
في البيئة المائية مسئولا عما يقع من العاملين بالمخالفة لأحكام المادة المذكورة،
وعن توفير وسائل المعالجة طبقا للمعايير والمواصفات الواردة باللائحة التنفيذية
لهذا القانون. وتوقع عليه العقوبات المنصوص عليها في المادة (87) من هذا القانون".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى مناطها أن
يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، مما مؤداه أن
تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية، وليس من معطياتها
النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم
تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها، أو بطلانها على
النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ويتعين دوما أن يكون الضرر منفصلا عن
مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنا
تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدا في مصدره إلى النص المطعون فيه.
لما كان ذلك، وكان الاتهام المسند للمدعي هو أنه "بصفته صاحب
منشأة ينتج عنها مخلفات تصرف في مجاري المياه، لم يشغل وحدات معالجتها فور بدء
تشغيل تلك المنشآت"، وهو الاتهام الذي يجد معينه من الواقعة المنسوبة إلى
المتهم، والذي ما برح مسندا إليه، لم تطاله محكمة الجنح المستأنفة بالتعديل؛ إذ
اقتصر التعديل الذي أجرته، بجلسة 17 من فبراير سنة 2008، على مواد الاتهام دون وصف
التهمة، وكانت جريمة تصريف المخلفات في مجاري المياه دون تشغيل وحدات معالجتها فور
بدء تشغيل المنشأة، إنما تقع إخلالا بالالتزام القانوني الذي رتبه في حق المدعي نص
المادة (4) من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية
من التلوث، ونص المادة (69) وعجز المادة (70) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون
رقم 4 لسنة 1994، دون نص المادة (72) من القانون آنف البيان المطعون فيه، ومن ثم
فإن الفصل في دستورية النص الأخير لن يكون له أي انعكاس على الدعوى الموضوعية،
والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتضحى الدعوى المعروضة – لما
تقدم - قمينة بعدم القبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي
المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.