الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 مايو 2017

تصريف المخلفات في مجاري المياه معاقب عليه بقانوني البيئة وحماية نهر النيل

الطعن 98 لسنة 30 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 22
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017م، الموافق الرابع من رجب سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 98 لسنة 30 قضائية "دستورية".
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعي، في الجنحة رقم 509 لسنة 2005 جناح عتاقة بأنه بتاريخ 2005/5/4، بدائرة قسم عتاقة، بصفته صاحب منشأة ينتج عنها مخلفات تصرف في مجاري المياه، لم يشغل وحدات معالجتها فور بدء تشغيل تلك المنشآت، وطلبت عقابه بالمواد (1 و2/4) من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، و(34/1 و89) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، وبجلسة الرابع من مايو سنة 2006، قضت محكمة جنح عتاقة حضوريا بتغريم المتهم مبلغ عشرة آلاف جنيه، فاستأنف المدعي هذا الحكم، وقيد الاستئناف برقم 3440 لسنة 2006 جنح مستأنف السويس، وبجلسة 17 من فبراير سنة 2008، عدلت محكمة الجنح المستأنفة مواد الاتهام، باستبدال المواد (69 و70 و72) بالمادتين (34/1 و89) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1944. وبالجلسة ذاتها دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (72) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة
بتاريخ الثامن عشر من مارس سنة 2008، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طلبا للحكم بعدم دستورية نص المادة (72) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (4) من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، تنص على أنه "لا يجوز التصريح بإقامة أية منشآت ينتج عنها مخلفات تصرف في مجاري المياه
ومع ذلك يجوز لوزارة الأشغال العامة والموارد المائية دون غيرها، عند الضرورة وتحقيقا للصالح العام، التصريح بإقامة هذه المنشآت إذا التزمت الجهة المستخدمة لها بتوفير وحدات لمعالجة هذه المخلفات بما يحقق المواصفات والمعايير المحددة وفقا لأحكام هذا القانون، وعلى أن يبدأ تشغيل وحدات المعالجة فور بدء الاستفادة بالمنشآت، وتسري أحكام المادة (3) من هذا القانون على هذه المنشآت
وتمنح المنشآت القائمة مهلة عام من تاريخ العمل بهذا القانون لتدبير وسيلة لمعالجة مخلفاتها وإلا سحب الترخيص الممنوح لها، ولوزارة الري في هذه الحالة اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الصرف على مجاري المياه بالطريق الإداري ودون الإخلال بالعقوبات الواردة بهذا القانون". 
وتنص المادة (69) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994 على أن "يحظر على جميع المنشآت بما في ذلك المحال العامة والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية والخدمية تصريف أو إلقاء أية مواد أو نفايات أو سوائل غير معالجة من شأنها إحداث تلوث في الشواطئ المصرية أو المياه المتاخمة لها سواء تم ذلك بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة، ويعتبر كل يوم من استمرار التصريف المحظور، مخالفة منفصلة". 
وتنص المادة (70) من القانون ذاته على أنه "يشترط للترخيص بإقامة أية منشآت أو محال على شاطئ البحر أو قريبا منه ينتج عنها تصريف مواد ملوثة بالمخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له أن يقوم طالب الترخيص بإجراء دراسات التأثير البيئي ويلتزم بتوفير وحدات لمعالجة المخلفات، كما يلتزم بأن يبدأ بتشغيلها فور بدء تشغيل تلك المنشآت". 
حين تنص المادة (72) منه - قبل تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2009 - على أنه "مع مراعاة أحكام المادة (96) من هذا القانون، يكون ممثل الشخص الاعتباري أو المعهود إليه بإدارة المنشآت المنصوص عليها في المادة (69) التي تصرف في البيئة المائية مسئولا عما يقع من العاملين بالمخالفة لأحكام المادة المذكورة، وعن توفير وسائل المعالجة طبقا للمعايير والمواصفات الواردة باللائحة التنفيذية لهذا القانون. وتوقع عليه العقوبات المنصوص عليها في المادة (87) من هذا القانون". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، مما مؤداه أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها، أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ويتعين دوما أن يكون الضرر منفصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدا في مصدره إلى النص المطعون فيه
لما كان ذلك، وكان الاتهام المسند للمدعي هو أنه "بصفته صاحب منشأة ينتج عنها مخلفات تصرف في مجاري المياه، لم يشغل وحدات معالجتها فور بدء تشغيل تلك المنشآت"، وهو الاتهام الذي يجد معينه من الواقعة المنسوبة إلى المتهم، والذي ما برح مسندا إليه، لم تطاله محكمة الجنح المستأنفة بالتعديل؛ إذ اقتصر التعديل الذي أجرته، بجلسة 17 من فبراير سنة 2008، على مواد الاتهام دون وصف التهمة، وكانت جريمة تصريف المخلفات في مجاري المياه دون تشغيل وحدات معالجتها فور بدء تشغيل المنشأة، إنما تقع إخلالا بالالتزام القانوني الذي رتبه في حق المدعي نص المادة (4) من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، ونص المادة (69) وعجز المادة (70) من القانون في شأن البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، دون نص المادة (72) من القانون آنف البيان المطعون فيه، ومن ثم فإن الفصل في دستورية النص الأخير لن يكون له أي انعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتضحى الدعوى المعروضة – لما تقدم - قمينة بعدم القبول
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على شخص المدين (المفلس)

الطعن 49 لسنة 28 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 12
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017م، الموافق الرابع من رجب سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 49 لسنة 28 قضائية "دستورية".

------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 2003/10/30 صدر حكم في الدعوى رقم 30 لسنة 2003 إفلاس كلي جنوب القاهرة بإشهار إفلاس شركة "......." ....... و...... - المدعيان في الدعوى الدستورية المعروضة -، وبجلسة 2004/9/22 تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 3612 لسنة 120 ق استئناف القاهرة، وإذ تقدم المدعى عليه السابع بطلب إلى قاضي التفليسة للتحفظ على شخص المدعيين، فقرر عرض الأمر على محكمة أول درجة في غرفة مشورة، التي أصدرت بجلسة 2005/7/28 حكما بالتحفظ على شخص المدعيين لمدة ثلاثة أشهر وذلك بوضعهما تحت مراقبة الشرطة، مع تنفيذ ذلك الحكم بمسودته الأصلية، تظلم المدعيان من الحكم طالبين إلغاءه، وأثناء نظر التظلم بجلسة 2006/2/6 دفعا بعدم دستورية نص المادة (586) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقاما الدعوى المعروضة
بتاريخ الأول من أبريل سنة 2006، أقام المدعيان هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طلبا للحكم بعدم دستورية نص المادة (586) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (586) من قانون التجارة المشار إليه تنص على أن "1- يجوز للمحكمة بناء على طلب قاضي التفليسة أو النيابة العامة أو أمين التفليسة أو المراقب أن تأمر عند الاقتضاء بالتحفظ على شخص المفلس أو بمنعه من مغادرة البلاد لمدة محددة قابلة للتجديد. وللمفلس أن يتظلم من هذا الأمر دون أن يترتب على التظلم وقف تنفيذه
2- وللمحكمة أن تقرر في كل وقت إلغاء أمر التحفظ على شخص المفلس أو أمر المنع من مغادرة البلاد". 
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه مخالفته لنصوص المواد (41، 64، 65) من دستور سنة 1971 في شأن الحرية الشخصية وسيادة القانون واستقلال القضاء، وكذا المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تأسيسا على ما تضمنه هذا النص من عدوان صارخ على حرية المدين المفلس، وذلك بمنح المحكمة سلطة التحفظ على شخصه لمجرد إعساره في سداد ديونه وتوقفه عن الدفع
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان البين من الأوراق تظلم المدعيين من الحكم الصادر بالتحفظ على شخصيهما بوضعهما تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاثة أشهر، والذي تساند إلى البند (1) من المادة (586) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، فيما نص عليه من أن "يجوز للمحكمة بناء على طلب قاضي التفليسة أو النيابة العامة أو أمين التفليسة أو المراقب أن تأمر عند الاقتضاء بالتحفظ على شخص المفلس". ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذا النص - محددا نطاقا على النحو سالف البيان - يكون ذا أثر وانعكاس على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتتوافر بذلك المصلحة الشخصية المباشرة للمدعيين في الطعن عليه
وحيث إن المقرر كذلك في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص القانونية المطعون فيها، لا تحول بينها ومد نطاق الدعوى إلى النصوص التي أنبتتها كلما آل إبطالها إلى زوال ما تفرع عنها، أو اتصل بها اتصال قرار. أو مد هذا النطاق إلى النصوص القانونية التي ترتبط ارتباطا عضويا بحكم اللزوم العقلي بالنص التشريعي المطعون فيه. إذ كان ذلك، وكان صدر نص البند (2) من المادة (561) من قانون التجارة المشار إليه يجرى على أنه "وللمحكمة - عند الضرورة - أن تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على شخص المدين ...."، وكان هذا النص يرتبط عضويا بالنص المطعون فيه، لكونه أجاز ابتداء أن يتضمن حكم شهر الإفلاس اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على شخص المدين. وقد استصحب النص المطعون فيه الحكم ذاته، ومد آجال تطبيقه إلى ما بعد صدور حكم شهر الإفلاس، لتتصل حلقات التحفظ على شخص المفلس اعتبارا من تاريخ الحكم بشهر إفلاسه حتى إنهاء التفليسة. ومن ثم فإن ارتباط حكم هاتين المادتين عضويا يغدو متحققا، وبالتالي لا يجوز قصر نطاق الدعوى المعروضة على النص المطعون فيه وحده، بل يكون نطاقها مشتملا بالضرورة على أصل القاعدة التي تفرع عنها النصان، ممثلا في التحفظ على شخص المدين المحكوم بشهر إفلاسه، الأمر الذي يمتد معه نطاق الدعوى المعروضة ليتضمن – أيضا - صدر البند (2) من المادة (561) من قانون التجارة المشار إليه
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية جميعها، مؤداها خضوع هذه القواعد وأيا كان تاريخ العمل بها، لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية
وحيث إن المناعي التي عاب بها المدعيان النص المطعون فيه – والتي تنسحب أيضا على الحكم الموضوعي الوارد في النص الذي امتد إليه نطاق هذه الدعوى - تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي معين لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها القضائية على هذين النصين في ضوء أحكام الدستور القائم الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية
وحيث إن مفاد صدر نص البند (2) من المادة (561)، والبند (1) من المادة (586) من قانون التجارة المشار إليه، جواز التحفظ على شخص المفلس، في حال الضرورة أو عند الاقتضاء، لمدة لم يعينها النصان، وتستقل محكمة الإفلاس بتحديدها، وتجديدها بغير ضابط من النصين، سواء أمرت محكمة الموضوع بهذا الإجراء، أو كان ذلك بناء على طلب قاضي التفليسة أو النيابة العامة أو أمين التفليسة أو المراقب، في تاريخ صدور حكم الإفلاس، أو بعد صدوره، "وذلك إذا رأت في مسلكه استخلصت من تصرفاته عدم تعاونه مع أمين التفليسة، وعدم تنفيذ قرارات قاضيها، وإتيانه تصرفات من شأنها الإضرار بجماعة الدائنين"، على نحو ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون، بما يتأدى في النصين إلى التحفظ على شخص من حكم بإشهار إفلاسه بأي صورة من صور التحفظ، والتي تتماهى – أثرا - مع بدائل الحبس الاحتياطي المشرعة ضمن إجراءات التحقيق الجنائي، والتي يمكن أن تستطيل إلى تخوم التدابير الاحترازية التي يكون مناط إقرارها توقي خطورة إجرامية تهدد أمن المجتمع وسكينته
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة حرص الدستور - في سبيل حماية الحريات العامة - على كفالة الحرية الشخصية لاتصالها بكيان الفرد منذ وجوده، وإحاطتها بضمانات عديدة لحمايتها، وما يتفرع عنها من حريات وحرمات، ورفعها إلى مرتبة القواعد الدستورية، فلا يجوز للمشرع العادي أن يخالف تلك القواعد، وما تضمنته من كفالة لصون تلك الحريات، وإلا جاء عمله مخالفا للشرعية الدستورية
وحيث إن نص المادة (54) من الدستور القائم قد احتفى بالحرية الشخصية، رافعا إياها إلى مصاف الحقوق اللصيقة بشخص المواطن، والتي لا تقبل بصريح نص الفقرة الأولى من المادة (92) من ذلك الدستور تعطيلا ولا انتقاصا، كما لا تنفصم البتة عن شخص الإنسان، ولا يؤذن بمفارقتها إياه، منتهجا في ذلك قيم المجتمعات الديمقراطية، التي تلتزم بأطر وضوابط الدولة القانونية، جاعلا من الحرية الشخصية رافدا أساسيا لغيرها من الحقوق والحريات، يشاركها السبب والعلة، ويقاسمها الهدف والغاية، متشددا في حمايتها، آمرا بصونها، مانعا - بمقتضى نص المادة (99) من الدستور - تقادم جرم العدوان عليها، ناهيا عن المساس بها، إلا لجريمة جنائية متلبس بها، أو لمقتضى أمر قضائي مسبب يستلزمه تحقيق تجريه الجهة القضائية المختصة في غير أحوال التلبس بها، بما يوجب أن يتضمن النص الجنائي المقرر للإجراءات المقيدة للحرية تعيينا لهذه الإجراءات، وأحوال تطبيقها وأسبابها، ونطاقها وأطرها وضوابطها الحاكمة لها، مع كفالة الحقوق الدستورية لمن تتخذ قبله أي من هذه الإجراءات، وأخصها إبلاغه بأسباب ذلك، مع إحاطته كتابة بحقوقه، وكفالة حقيه في التقاضي والدفاع بأطرهما التي عينها الدستور، وحرص على تضمينها نص المادة (54) منه، شاملة الحق في التظلم أمام القضاء من هذه الإجراءات، والفصل فيه خلال أسبوع من تاريخ اتخاذ الإجراء، وهي ضمانات أوجب الدستور على القانون التزامها، وأن يكون النص المقيد للحرية محققا لها، وإلا وقع في حومة مخالفة الدستور
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مبدأ خضوع الدولة للقانون - وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة (94) من الدستور القائم - يحدد على ضوء مفهوم ديمقراطي مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية، مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية بالنظر إلى مكوناتها وخصائصها
وحيث إن المقرر قانونا أن تطبيق التدابير التحفظية، بحكم أو أمر قضائي، لا يكون إلا على من تتوافر فيه مظاهر خطورة إجرامية تهدد المجتمع، فلا يحق التدخل بتدابير الدفاع الاجتماعي لمواجهة أفراد لم يرتكبوا جريمة، أو لم تبد عليهم مظاهر خطورة إجرامية، مما مؤداه أنه ولئن كان السماح بإنزال التدبير التحفظي ينطوي على افتئات على حرية الشخص، إلا أنه يتعين خضوع هذه التدابير، في أحوال توقيعها لمبدأ الشرعية الدستورية
وحيث إن النصين التشريعيين محل الرقابة الدستورية في الدعوى المعروضة، إذ يجيزان التحفظ على شخص المحكوم عليه بشهر إفلاسه، ولو بحكم غير نهائي، ودون أن يكون متهما بإفلاس بالتدليس أو بالتقصير، فإنهما ينطويان على تقييد الحرية الشخصية لمن حكم بإشهار إفلاسه بغير انتهاج الوسائل القانونية التي كفلها الدستور، ودون الالتزام بالقيود والضوابط الدستورية التي تحكم تقرير أي من الإجراءات المقيدة للحرية وأحوالها وفقا لنص المادتين (54، 92) من الدستور، بحسبان إطلاق رخصة الحكم بالتحفظ على شخص المدين المفلس يعد في حقيقته تقييدا لحريته، دون جرم قارفه، بما يؤكد قسوة ذلك التحفظ، على نحو يعطل حق المشمولين به في النفاذ إلى ألوان الحياة وأشكالها في مجتمعهم، ويعوق اندماجهم في القيم التي يؤمنون بها. متى كان ذلك، وكانت وسائل منع المحكوم بإشهار إفلاسه من الإضرار بحقوق دائنيه تجد مشروعيتها الدستورية في كل إجراء يكفل حماية هذه الحقوق، دون أن يستطيل ذلك إلى المساس بالحرية الشخصية للمحكوم بشهر إفلاسه في أصلها وجوهرها، كما هو الحال في التحفظ على شخصه المقرر بالنصين المار ذكرهما، طالما لم ينسب إليه ارتكاب فعل أو امتناع تؤثمه نصوص جرائم التفالس بالتدليس أو بالتقصير
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النصين المطعون فيهما في حدود نطاقهما المتقدم، يكونان مخالفين لأحكام المواد (54) و(92) و(94) من الدستور، بما يوجب الحكم بعدم دستوريتهما
وحيث إن عجز البند (2) من المادة (561) من قانون التجارة فيما ينص عليه من أنه "ولا يجوز للمحكمة أن تأمر بهذا الإجراء في حكم شهر الإفلاس إذا طلب المدين شهر إفلاسه خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة (553) من هذا القانون"، يرتبط ارتباطا لا يقبل التجزئة بصدر النص ذاته الذي أبطله الحكم في الدعوى المعروضة. كما هو الشأن بالنسبة للبند (2) من المادة (586) من القانون ذاته فيما تضمنه من أنه "وللمحكمة أن تقرر في كل وقت إلغاء أمر التحفظ على شخص المفلس" والذي يرتبط إعماله بتطبيق نص البند (1) من هذه المادة، المقضي بعدم دستوريته في الدعوى المعروضة في حدود نطاقه المبين آنفا، ومن ثم يغدو متعينا سقوط أحكام البندين المذكورين، في مجال تطبيق النصين المقضي بعدم دستوريتهما في هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولا: بعدم دستورية صدر البند (2) من المادة (561) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 فيما نص عليه من أنه "وللمحكمة، عند الضرورة، أن تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على شخص المدين"، وعبارة "بالتحفظ على شخص المفلس"، الواردة بنص البند (1) من المادة (586) من القانون ذاته
ثانيا: بسقوط عجز نص البند (2) من المادة (561)، وعبارة "أمر التحفظ على شخص المفلس" المنصوص عليها في البند (2) من المادة (586) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999
ثالثا: بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 لعدم نشره

الطعن 104 لسنة 26 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 3
باسم الشعب 

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017م، الموافق الرابع من رجب سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 104 لسنة 26 قضائية "دستورية".

----------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد تعاقدت مع محافظ الإسكندرية بتاريخ 1998/5/21 على استغلال أرض الحديقة الدولية بالإسكندرية، وقامت، تبعا لذلك، بزيادة الرقعة الزراعية والمنشآت السياحية بها، وكانت تقوم بسداد مطالبات توريد المياه للمدعى عليه الرابع بسعر (60) قرشا للمتر المكعب، يضاف إليه مبلغ (21) قرشا مقابل الصرف الصحي، إلا أنها فوجئت بتاريخ 2001/4/11 بمطالبته لها بسداد مبلغ (102331.6) جنيها فروق أسعار توريد المياه عن الفترة من يناير 1999 حتى مارس 2001، على سند من أن الشركة المدعية تعتبر شركة خاضعة لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار. وإذ لجأت الشركة المدعية للجنة التوفيق في المنازعات الإدارية بطلب براءة ذمتها من هذه المطالبة، التي أوصت برفض الطلب، فأقامت أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 4019 لسنة 2002 مدني کلي، طلبا للحكم ببراءة ذمتها من دين المطالبة، واستندت في ذلك إلى سابقة قضاء المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2000/5/6 في القضية رقم 87 لسنة 20 قضائية "دستورية" بعدم دستورية قراري محافظ الإسكندرية رقمي 274 لسنة 1991 و33 لسنة 1995 فيما تضمناه من زيادة تعريفة بيع المياه لشركات الاستثمار عما هو مقرر للشركات والمحلات التجارية. وقد انتدبت محكمة الموضوع خبيرا في تلك الدعوى انتهى في تقريره إلى أن المدعى عليه الرابع يستند في زيادة تعريفة بيع المياه للشركة المدعية إلى القرار الصادر منه برقم 109 لسنة 1996، ولم يستند إلى القرارين المحكوم بعدم دستوريتهما، وأن هذا القرار حدد سعر بيع المياه للاستخدام الإنتاجي والاستثماري، الذي يشمل الأغراض السياحية والاستثمارية، بما يزيد على ما هو مقرر للشركات والمحال التجارية، وانتهى التقرير إلى عدم أحقية الشركة في دعواها، لأنها خاضعة للفقرة رقم (4) من القرار المشار إليه، فدفعت الشركة بعدم دستورية هذا القرار فيما قرره من زيادة سعر بيع المياه للشركات التي تعمل في المجالات الاستثمارية والسياحية عن غيرها من الشركات والمحال التجارية، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى المعروضة

بتاريخ الرابع من مايو سنة 2004، أقامت الشركة المدعية هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، فيما قرره من زيادة أسعار بيع المياه للشركات ذات الأغراض السياحية والاستثمارية، عما هو مقرر للشركات والمحال التجارية الأخرى
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والمدعى عليه الرابع مذكرة، طلبا فيهما الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة

وحيث إن قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 ينص في المادة الثانية منه على أن "رفع تعريفة مياه الشرب لكافة الاستخدامات اعتبارا من أول يناير 1996 بنسبة 20% وذلك على النحو التالي
نوعيات الاستخدامات شهريا السعر الحالي السعر الجديد اعتبارا من 1996/1/1 
4- الاستخدام الإنتاجي الاستثماري
يشمل الأغراض السياحية والاستثمارية مثل: المستشفيات الخاصة، فنادق الدرجة الأولى، الملاهي، دور اللهو، مطاعم الدرجة الأولى، شركات الاستثمار والمناطق الحرة، المناطق السياحية. 85 102 
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1639 لسنة 1968 بإنشاء الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية، قد نص في مادته الأولى على تبعية هذه الهيئة لوزير الإسكان والمرافق، كما نص في مادته الرابعة على اختصاصها باقتراح تعريفة بيع المياه، وفي المادة السادسة على سريان هذه التعريفة بعد اعتمادها من الوزير المختص. ثم عدلت تبعية هذه الهيئة إلى محافظ الإسكندرية بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2420 لسنة 1971، ومن ثم غدا محافظ الإسكندرية - دون غيره – هو المختص بإصدار القرارات المتضمنة تعريفة بيع المياه بالإسكندرية
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص التشريعية المطعون فيها لا يحول بينها رد هذه النصوص إلى الأصول التي أنبتتها كلما آل إبطالها إلى زوال ما تفرع عنها، أو اتصل بها اتصال قرار. متى كان ذلك، وكان قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، قد أورد في ديباجته الإشارة إلى قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 الصادر بتاريخ 1996/2/18 بشأن اعتماد التعريفة الجديدة للمياه والصرف الصحي بمحافظة الإسكندرية، وردد في نصوص مواده ذات ما ورد في هذا القرار الأخير. وكان اختصاص تلك الهيئة في هذا الشأن – حسبما ورد بالمادة الرابعة من قرار إنشائها – هو اقتراح تعريفة بيع المياه، والتي لا تسري إلا بعد اعتمادها من المحافظ المختص، والتي صدر بشأنها قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 المار ذکره، ومن ثم فإن هذا القرار - فيما ورد به من زيادة أسعار بيع المياه من الهيئة المدعى عليها الرابعة – يمثل السند اللائحي المقرر قانونا لإقرار هذه التعريفة، ويغدو بذلك مطروحا حكما على هذه المحكمة، ومحلا لرقابتها الدستورية في هذه الدعوى، لارتباطه الذي لا يقبل الفصل أو التجزئة بالقرار المطعون عليه الصادر من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية
وحيث إن المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى الموضوعية يدور حول محاسبة الشركة المدعية؛ باعتبارها شركة تعمل في المجالات السياحية والاستثمارية، عن قيمة استهلاكها من المياه بأسعار تزيد على ما هو مقرر بالنسبة للشركات والمحال التجارية الأخرى، فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنه البند (4) من قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996، من زيادة أسعار بيع المياه للأغراض السياحية والاستثمارية على ما هو مقرر للشركات والمحال التجارية الأخرى
وحيث إن الشركة المدعية تنعي على القرار المطعون فيه، في النطاق المحدد سلفا، مخالفته للمواد (4، 8، 32، 34، 40) من دستور سنة 1971، بمقولة أنه أخل بالمساواة بين الشركات التي تعمل في مجال السياحة والاستثمار، والشركات التجارية الأخرى، واعتدى على الملكية الخاصة
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرا سابقا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية، سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، فمن ثم فإن نصوص الدستور الصادر عام 1971 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، تكون هي الواجبة التطبيق في شأن مدى استيفاء ذلك القرار لأوضاعه الشكلية
وحيث إن الدولة القانونية – وعلى ما تنص عليه المادة (65) من الدستور الصادر عام 1971 - هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها أيا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، وكان مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارا للدولة القانونية، تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم عليها نظام الحكم على ما تقضي به المواد (1، 3، 4) من ذلك الدستور
وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها يعتبر شرطا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها بالتالي يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها. وكان ذلك مؤداه أن دخول القاعدة القانونية مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معا وتتكاملان؛ هما نشرها وانقضاء المدة التي حددها المشرع لبدء العمل بها
وحيث إن من المقرر أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يعتبر كافلا وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها، حائلا دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيا. وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها – وهم من الأغيار في مجال تطبيقها – متضمنا إخلالا بحرياتهم أو الحقوق التي كفلها الدستور لهم، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفصل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تنشر، لا تتضمن إخطارا كافيا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والواجبات على اختلافها، وعلى الأخص ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية، والحق في الملكية
وحيث إن كل قاعدة قانونية لا تكتمل في شأنها الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها کذلك، فلا يستقيم بنيانها. وكان تطبيقها في شأن المشمولين بحكمها – مع افتقارها لقوالبها الشكلية – لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدا على كل تصرفاتها وأعمالها
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 المطعون فيه، لم ينشر في الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية" بالمخالفة لنص المادة (188) من الدستور الصادر عام 1971، ومن ثم فإن تطبيقه على المخاطبين بأحكامه – ومنهم الشركة المدعية – قبل نشره، يزيل عنه صفة الإلزام، فلا يكون له قانونا من وجود لمخالفته المواد (64، 65، 188) من ذلك الدستور، متعينا لذلك القضاء بعدم دستوريته برمته، وبسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، لارتباطه بقرار المحافظ المشار إليه ارتباطا لا يقبل الفصل أو التجزئة، لينهدم بجميع أحكامه تبعا للقضاء بعدم دستورية هذا القرار
وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر، إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخا آخر لسريانه. لما كان ذلك، وتقديرا من المحكمة للآثار المالية التي تترتب على إعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم دستورية القرار المطعون فيه، وسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة المار ذكره، فإنها تعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخا لإنفاذ أثاره، دون إخلال باستفادة الشركة المدعية منه
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولا: بعدم دستورية قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996، وسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996
ثانيا: تحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخا لإنفاذ آثاره
ثالثا: إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الخميس، 4 مايو 2017

قرار مجلس الوزراء 2259 لسنة 2014 بشأن إنشاء "المجلس الأعلى للأمن السيبراني"

 الجريدة الرسمية العدد  50مكرر (أ) بتاريخ 15 / 12 / 2014
بعد الاطلاع على الدستور؛ 
وعلى قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003؛ 
وعلى القانون رقم 15 لسنة 2004 بتنظيم التوقيع الإلكتروني وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات؛ 
وعلى ما عرضه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ 
وبعد موافقة مجلس الوزراء؛ 
قرر:

المادة 1
يُنشأ مجلس أعلى لأمن البُنى التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتبع رئاسة مجلس الوزراء يُسمى "المجلس الأعلى للأمن السيبراني" ويُشكل برئاسة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعضوية ممثلي وزارات (الدفاع، الخارجية، الداخلية، البترول والثروة المعدنية، الكهرباء والطاقة المتجددة، الصحة والسكان، الموارد المائية والري، التموين والتجارة الداخلية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات) وجهاز المخابرات العامة، البنك المركزي المصري، ممثل لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء, ممثل لوزارة المالية وممثل لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري, ممثل عن هيئة الرقابة الإدارية, ممثلاً لرئاسة الجمهورية عدد (3) من ذوي الخبرة في الجهات البحثية والقطاع الخاص يُرشحهم المجلس ويصدر بتعيينهم قرار من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
المادة 2
يختص المجلس المشار إليه بالمادة الأولى بوضع استراتيجية وطنية لمواجهة الأخطار والهجمات السيبرانية والإشراف على تنفيذ تلك الاستراتيجية وتحديثها تمشياً مع التطورات التقنية المتلاحقة.
المادة 3
يقوم أعضاء المجلس بمراجعة مهامه وتشكيل أمانة فنية تنفيذية تابعة له وما يتبعها من إدارات ومراكز في جلساته الأولى، يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصاتها ومعاملتها المالية قرار من رئيس مجلس الوزراء.
المادة 4
ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

قانون 14 لسنة 2017 بتعديل القانون 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية

الجريدة الرسمية العدد  17مكرر (أ) بتاريخ 30 / 4 / 2017
قرر مجلس النواب القانون الآتي نصه, وقد أصدرناه:
المادة 1
يستبدل بنص المادة العاشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية, النص الآتي
المادة العاشرة
لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حالة حصول جهات الأمن, وقبل الميعاد المحدد لبدء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة, بناء على معلومات جدية أو دلائل, عن وجود ما يهدد الأمن والسلم التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة لإلغاء أو إرجاء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها, ويصدر القاضي قرارا مسببا فور تقديم الطلب إليه, على أن تبلغ به الجهة الإدارية مقدم الإخطار فور صدوره, ولذوي الشأن التظلم من القرار وفقا للقواعد المقررة بقانون المرافعات المدنية والتجارية.

المادة 2

ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية, ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة, وينفذ كقانون من قوانينها.

الأربعاء، 3 مايو 2017

الطعن 1415 لسنة 66 ق جلسة 9 / 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 141 ص 838

برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سيد محمود يوسف، بليغ كمال، شريف سامي الكومي وأحمد علي راجح نواب رئيس المحكمة.
--------------
- 1  دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى".
الطلبات في الدعوى. العبرة في تحديدها بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن العبرة في تحديد الطلبات هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
- 2  دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى".
تأسيس الطاعنين دعواهم بعدم الاعتداد بنزع عقار التداعي من تحت يدهم على ملكية الطاعن الأول للمساحة المتنازع عليها منه بشرائها من مورثه. طلبات موضوعية. اعتبار الحكم المطعون فيه تلك الطلبات رد حياة للعقار دون أن يفطن لحقيقة طلباتهم وصرف جهده لبحث شروط طلب الحيازة. قصور وفساد.
إذ كان البين من مطالعة الأوراق أن حقيقة جوهر طلبات الطاعنين ومرماها هي عدم الاعتداد بنزع عقار التداعي من تحت يد الطاعنين وأسسوا دعواهم على ملكية الطاعن الأول للمساحة المتنازع عليها من عقار التداعي بالشراء من مورثه – والده – بالعقد المؤرخ 1/1/1975، وهي طلبات موضوعية بطبيعتها، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يفطن لحقيقة طلبات الطاعنين واعتبر أن طلباتهم هي رد حيازة عقار النزاع وصرف جهده لبحث شروط طلب الحيازة فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين وآخر - اختصم في الطعن - أقاموا الدعوى ....... لسنة 1991 مدني شمال الجيزة الابتدائية على المطعون ضدهم انتهوا فيها إلى الحكم بعدم الاعتداد بمحضر التسليم المؤرخ 3/5/1988 ورد حيازتهم لعقار التداعي على سند من أن الطاعن الأول يمتلك مساحة 59م2 بعقار التداعي بالشراء من والده بالعقد المؤرخ 1/1/1975 المقضي بصحته ونفاذه، وإذ تعرض له في ملكيته المطعون ضدهما الثاني والثامن بادعاء أنه استأجرها من والدته المطعون ضدها الأولى التي ادعت شراءها له من زوجها مورث المطعون ضدهم الثاني ومن الرابعة حتى الأخير بعقد البيع المؤرخ 1/1/1967 المرفوع بشأنه الدعوى ...... لسنة 1988 مدني كلي الجيزة وانتهت صلحا ونفذ بعقد الصلح على المساحة محل النزاع بمحضر التسليم المؤرخ 3/5/1988 فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى قاضي التنفيذ. طعن على هذا الحكم بالاستئناف ........ لسنة 111 ق القاهرة فقضت المحكمة بإلغاء الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظرها بعد أن كيفت الطلبات في الدعوى أنها بطلان حكم إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وعدم الاعتداد بمحضر التسليم
حكمت محكمة أول درجة بالطلبات بحكم استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف ......... لسنة 112 ق القاهرة، وبتاريخ 10/1/1996 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط حق الطاعنين في الادعاء بالحيازة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنه اعتبر أن طلباتهم في الدعوى تجعلها من دعاوى الحيازة على الرغم من أن طلبهم مؤسس منذ بداية دعواهم على ملكية العقار وعدم الاعتداد بمحضر التسليم المؤرخ 3/5/1988 الذي تسلم بمقتضاه المطعون ضدهم العقار المملوك للطاعن الأول وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في تحديد الطلبات هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. وكان البين من مطالعة الأوراق أن حقيقة جوهر طلبات الطاعنين ومرماها هي عدم الاعتداد بنزع عقار التداعي من تحت يد الطاعنين وأسسوا دعواهم على ملكية الطاعن الأول للمساحة المتنازع عليها من عقار التداعي بالشراء من مورثه - والده - بالعقد المؤرخ 1/1/1975، وهي طلبات موضوعية بطبيعتها، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يفطن لحقيقة طلبات الطاعنين واعتبر أن طلباتهم هي رد حيازة عقار النزاع وصرف جهده لبحث شروط طلب الحيازة فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.