برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ سيد محمود يوسف، بليغ كمال، شريف سامي الكومي نواب رئيس المحكمة وأحمد
جلال عبد العظيم.
---------------
- 1 ملكية "من صور الملكية:
ملكية الأراضي الصحراوية".
الأراضي غير المملوكة. ماهيتها. الأراضي التي لم يتم حصرها في الخرائط
المساحية التفصيلية أو سجلات مصلحة الأملاك الأميرية أو المكلفات الأميرية. جواز
تملكها بالتعمير. العبرة بوقت التعمير في كونها داخل الزمام أو خارجه. المواد 57
مدني قديم، 874 مدني، 75/3 ، 86 قرار بق 100 لسنة 1964.
إن القانون المدني القديم الصادر بالأمر العالي بتاريخ 28/10/1883 كان
ينص في المادة 57 على أن "أما الأراضي الغير مزروعة المملوكة شرعاً للميري
فلا يجوز وضع اليد عليها إلا بإذن الحكومة ويكون أخذها بصفة أبعادية تطبيقاً
للوائح إنما كل من زرع أرضاً من الأراضي المذكورة أو بنى عليها أو غرس فيها غراساً
يصير مالكاً لتلك الأرض ملكاً تاماً لكنه يسقط حقه فيها بعدم استعماله لها مدة خمس
سنوات في ظرف الخمس عشرة سنة التالية لأول وضع يده عليها"، ثم ألغى هذا النص
بالقانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدني الحالي والمعمول به ابتداءً من
15 أكتوبر سنة 1949 والذي نص في المادة 874 على أن " (1) الأراضي غير
المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة. (2) ولا يجوز تملك هذه الأراضي أو
وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقاً للوائح. (3) إلا أنه إذا زرع مصري
أرضاً غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو
المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة، ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات
متتابعة خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك"، وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي
ما يلي "1- يشمل المال المباح الأراضي غير المزروعة التي ليست ملكاً عاماً
ولا ملكاً خاصاً، وذلك كالصحارى والجبال والأراضي المتروكة، وتعتبر هذه الأراضي
ملكاً للدولة، ولكنها مملوكة لها ملكية ضعيفة إذ يجوز الاستيلاء عليها. 2-
وللاستيلاء على المال المباح طريقان : طريق الترخيص الذي يصدر من الدولة وفقاً
للوائح المقررة، وطريق الاستيلاء الحر وشرطه التعمير ، فمتى زرع أو بنى ولو بغير
ترخيص في أرض مباحة تملكها في الحال بشرط فاسخ هو أن يكف عن استعمالها في الزرع أو
البناء خمس سنوات متواليات في خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك، فالملكية هنا
لا تكسب بالتقادم العادي وإلا وجب أن تتراخى إلى خمس عشرة سنة، وإنما هي تكسب في الحال
معلقة على هذا الشرط الفاسخ، والمطلوب ممن يعمر الأرض أن يزرع أو يبنى وفقاً لما
يمكن أن تعد له الأرض من أغراض، فيكفى أن يجعل الأرض مرعى أو أن يسورها أو ينصب
فيها خياماً متنقلة، وجاء في مناقشات لجنة مجلس الشيوخ للقانون المدني الحالي أن
المقصود بالأراضي التي لا مالك لها هي الأراضي الموات التي لم يتم حصرها في سجلات
مصلحة الأملاك الأميرية ، ثم صدر القرار بالقانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك
الأراضي الصحراوية، ثم لاحظ المشرع ما فيه من قصور وإخلال بالحقوق المكتسبة فأصدر
القرار بالقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية
خاصة والتصرف فيها فنص صراحة في المادة 86 منه على إلغاء الفقرة الثالثة للمادة
874 من القانون المدنى، ونص في المادة 75/3 منه على أن "ويعد مالكاً بحكم
القانون ... (1) كل غارس أو زارع فعلى لحسابه لأرض صحراوية لمدة سنة كاملة على
الأقل سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه وذلك بالنسبة
إلى ما يقوم بزراعته بالفعل من تلك الأراضي في تاريخ العمل بهذا القانون ... (2)
كل من أتم قبل العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه إقامة بناء مستقر
يحيزه ثابت فيه ولا يمكن نقله ... "ولقد استعرضت المذكرة الإيضاحية لهذا
القانون التنظيم القانوني الذي يحكم ملكية الأرض منذ 17 المحرم سنة 1284 هـ
الموافق 21 مايو سنة 1867 بما في ذلك القيود التي فرضت على تملك الأجانب للعقارات
في إقامة الحدود وفى الأراضي الصحراوية، وانتهت إلى احترام حقوق المصريين على وجه
الخصوص الناشئة عن إعمال أحكام المادتين 57 من القانون المدني الملغى و874 من
القانون المدني الحالي في تملك الأراضي الموات كما جاء فيها – بياناً للمادة
الثانية منه – أن المقصود بعبارة الأراضي الواقعة داخل الزمام الأراضي التي تمت
مساحتها مساحة تفصيلية وحصرت في سجلات مصلحة المساحة وفى سجلات المكلفات بمصلحة
الأموال المقررة ، والتي تخضع تبعاً لذلك للضريبة العقارية على الأطيان أما عبارة
الأراضي الواقعة خارج الزمام فتشمل الأراضي التي لم تمسح مساحة تفصيلية ولم يتم
حصرها في سجلات مصلحة المساحة ولا في سجلات المكلفات بمصلحة الأموال المقررة والتي
لا تخضع للضريبة العقارية للأطيان" ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع منذ
صدور القانون المدني القديم قد حافظ على ما قررته الشريعة الإسلامية قبل صدوره
تنفيذاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من أحيا أرضاً مواتاً فهي له"
فأطلق هذا الحكم بالنسبة للمصريين وفى غير أقسام الحدود بالنسبة للأراضي غير
المملوكة وهى الأراضي التي لم يتم حصرها في الخرائط المساحية التفصيلية، أو سجلات
مصلحة الأملاك الأميرية أو المكلفات الأميرية وهذه الأرض وحدها هي التي يجوز تملكها
بمجرد التعمير والعبرة بوقت التعمير في كون الأرض داخل الزمام أو خارجه.
- 2 ملكية "أسباب كسب
الملكية: الحيازة المكسبة للملكية".
الحيازة. جواز أن تكون شائعة كالملكية. ترتيبها لكافة آثار الحيازة
بما فيها اكتساب الملكية بالتقادم على نحو يتفق مع طبيعة الشيوع. الحائز لحصة
مفرزة. اكتسابه ملكيتها بالتقادم مفرزة. الحائز لحصة شائعة. اكتسابه ملكيتها
بالتقادم شائعة مع شركائه. علة ذلك. حيازة الشريك المشتاع من شأنها أن تحمى حقوق
شركائه المشتاعين. حيازة شخصين أو أكثر مساحة من الأرض مملوكة لغيرهم بنية التملك
المدة المكسبة للملكية. أثره. امتلاكهم لها بصرف النظر عما إذا كانوا قد حازوها
شائعة فيما بينهم أو أن كل واحد منهم قد حاز حصته مفرزة فيها. علة ذلك. جواز رفع
حائز واحد دعوى لحماية حقه وحق حائزين أو أكثر في الحيازة ولو كانت مفرزة. شرطه.
أن يكون التعرض صادرا من جهة واحدة. علة ذلك.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه كما يجوز أن تكون الملكية شائعة
فإنه يجوز أن تكون الحيازة شائعة وهى تنتج كافة آثار الحيازة بما فيها اكتساب
الملكية بالتقادم ولكن على نحو يتفق مع طبيعة الشيوع فالحائز لحصة مفرزة يكتسب
ملكيتها بالتقادم مفرزة أما الحائز لحصة شائعة مع آخرين فيكتسب الملكية بالتقادم
شائعة مع شركائه لأن حيازة الشريك المشتاع من شأنها أن تحمى حقوق شركائه المشتاعين
فالمخالطة ليست عيباً في الحيازة ذاتها يعطل أحكامها بالنسبة للكافة وإنما هي عيب
فيما ينشأ عنها من غموض في مواجهة خلطائه أي باقي شركائه المشتاعين دون سواهم إن
المادة 949/2 من القانون المدني تنص على أن " الحيازة إذا اقترنت بإكراه أو
حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها من أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت
عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها، إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب "
فإذا حاز شخصان أو أكثر مساحة من الأرض مملوكة لغيرهم بنية التملك المدة المكسبة للملكية
تملكوها بصرف النظر عما إذا كانوا قد حازوها شائعة فيما بينهم أو أن كل واحد منهم
قد حاز حصته مفرزة فيها لأن أثر الشيوع بصريح النص سالف الذكر مقصور على العلاقة
بين المشتاعين أنفسهم دون سواهم .
- 3 ملكية "أسباب كسب
الملكية: الحيازة المكسبة للملكية".
جواز رفع حائز واحد دعوى لحماية حقه وحق حائزين أو أكثر في الحيازة
ولو كانت مفرزة. شرطه. أن يكون التعرض صادرا من جهة واحدة. علة ذلك .
ليس بلازم اشتراك شخصين أو أكثر في رفع دعوى لحماية حق كل منهم في
الحيازة لمنع تعرض صادر من جهة واحدة أن تكون حيازتهم شائعة فيما بينهم لأن وحدة
مصدر التعرض قد تدفع جماعة يحوز كل فرد فيها حصة مفرزة لأن يتعاونوا في رفع دعوى
واحدة.
- 4 ملكية "أسباب كسب
الملكية: الحيازة المكسبة للملكية".
إقامة الحكم المطعون فيه قضاؤه برفض طلب الطاعنين بثبوت تملكهم لأطيان
النزاع بالإحياء والتقادم لدخولها زمام المدينة وسبق إقامة البائع لمورثهم مع
آخرين دعوى منع تعرض دون بيانه نصيبه مفرزاً وحدوده بما يجعل حيازته مشوبة بالغموض
لكونها شائعة لا تصلح أن تكون مكسبة للملكية ودون بيان الحكم لتاريخ دخولها الزمام
وأن رفع سلفهم لدعوى الحيازة مع جيرانه لا يعنى شيوع حيازتهم كانت شائعة بل هي
مفرزة وأن الشيوع لا يمنع من تملك الأرض بالتقادم في مواجهة غير المشتاعين. خطأ وفساد
وإخلال بحق الدفاع .
إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنين بثبوت
تملكهم لأطيان النزاع بالإحياء والتقادم على أن هذه الأطيان تدخل بزمام إدكو
وبالتالي لا يرد عليها التملك بالإحياء دون بيان لتاريخ دخولها هذا الزمام وأن
البائع لمورثهم سبق أن أقام مع آخرين دعوى منع تعرض دون أن يبين في تلك الدعوى
نصيبه مفرزاً وحدوده بما يجعل حيازته مشوبة بالغموض لكونها حيازة شائعة لا تصلح أن
تكون مكسبة للملكية، وكان ما ساقه الحكم لا يواجه دفاع الطاعنين فإنه يكون قد أخطأ
في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال وجره ذلك إلى الإخلال بحق الدفاع .
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم ...... لسنة 1986 أمام
محكمة دمنهور الابتدائية "مأمورية رشيد" بطلب الحكم بثبوت ملكيتهم
للأطيان المبينة بالصحيفة وإلزام المطعون ضدهم من الأول حتى السادس عشر بالتسليم
على سند تملكهم لتلك الأطيان بالتعمير ووضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية
خلفا عن سلف منذ عام 1940، وإذ تعرض لهم المطعون ضدهم سالفوا الذكر فقد أقاموا
الدعوى ومحكمة أول درجة رفضت الدعوى. استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف رقم ......
لسنة 52 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 19/6/1996 قضت بالتأييد.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض
الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت
النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك أنهم تمسكوا أمام
محكمة الموضوع بأن مورثهم تلقى الحق من سلفه المرحوم ...... الذي بدأ وضع يده على
أطيان النزاع سنة 1940 وتملكها بالتعمير باعتبارها أرضاً خارجة عن الزمام ولا مالك
لها إعمالا لحكم المادة 57 من القانون المدني القديم المقابلة للمادة 874 من
القانون المدني الحالي وظل واضعا اليد عليها إلى أن باعها لمورثهم بعقد ابتدائي
مؤرخ 15/11/1956 فتملكها بالتقادم أيضاً واقترن ذلك البيع بالتسليم فأصبح مورثهم
مالكاً لها امتداداً لحيازة سلفه التي استوفت الشروط القانونية للتملك بالتقادم
دون منازعة من أحد قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 إلى أن نازعه المطعون ضدهم
فيها عام 1971، وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دعواهم فرفض الحكم المطعون
فيه طلبهم وأقام قضاءه على أن أرض النزاع تقع في زمام إدكو فلا يجوز تملكها
بالتعمير، وأن حيازة سلف مورثهم كانت مشوبة بالغموض لأنه استصدر الحكم ...... لسنة
1952 المنشية بمنع تعرض مصلحة الأملاك الأميرية له ولآخرين معه في حيازة 179
فداناً، ومن ثم فحيازته شائعة لا تؤدي لاكتساب ملكية الأرض بالتقادم في حين أن
الأرض وقت تعميرها كانت خارج الزمام، وأن رفع سلفهم للدعوى سالفة الذكر مع جيرانه
لا يعني أن حيازتهم كانت شائعة – بل هي مفرزة – كما أن الشيوع لا يمنع من تملك
الأرض بالتقادم في مواجهة غير المشتاعين مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه في محله، ذلك أن القانون المدني القديم
الصادر بالأمر العالي بتاريخ 28/10/1883 كان ينص في المادة 57 على أن "أما
الأراضي الغير مزروعة المملوكة شرعاً للميري فلا يجوز وضع اليد عليها إلا بإذن
الحكومة ويكون أخذها بصفة أبعادية تطبيقاً للوائح إنما كل من زرع أرضاً من الأراضي
المذكورة أو بني عليها أو غرس فيها غراساً يصير مالكاً لتلك الأرض ملكا تاما لكنه
يسقط حقه فيها بعدم استعماله لها مدة خمس سنوات في ظرف الخمس عشرة سنة التالية
لأول وضع يده عليها"، ثم ألغى هذا النص بالقانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار
القانون المدني الحالي والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949، والذي نص في
المادة 874 على أن "(1) الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً
للدولة. (2) ولا يجوز تملك هذه الأراضي أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة
وفقاً للوائح. (3) إلا أنه إذا زرع مصري أرضاً غير مزروعة أو غرسها أو بني عليها،
تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة،
ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس عشرة سنة
التالية للتملك"، وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي ما يلي "1- يشمل المال
المباح الأراضي غير المزروعة التي ليست ملكاً عاماً ولا ملكاً خاصاً، وذلك
كالصحاري والجبال والأراضي المتروكة، وتعتبر هذه الأراضي ملكاً للدولة، ولكنها
مملوكة لها ملكية ضعيفة إذ يجوز الاستيلاء عليها. 2- وللاستيلاء على المال المباح
طريقان: طريق الترخيص الذي يصدر من الدولة وفقاً للوائح المقررة، وطريق الاستيلاء
الحر وشرطه التعمير، فمتى زرع أو بني ولو بغير ترخيص في أرض مباحة تملكها في الحال
بشرط فاسخ هو أن يكف عن استعمالها في الزرع أو البناء خمس سنوات متواليات في خلال
الخمس عشرة سنة التالية للتملك، فالملكية هنا لا تكسب بالتقادم العادي وإلا وجب أن
تتراخى إلى خمس عشرة سنة، وإنما هي تكسب في الحال معلقة على هذا الشرط الفاسخ،
والمطلوب ممن يعمر الأرض أن يزرع أو يبني وفقاً لما يمكن أن تعد له الأرض من
أغراض، فيكفي أن يجعل الأرض مرعى أو أن يسورها أو ينصب فيها خياما متنقلة، وجاء في
مناقشات لجنة مجلس الشيوخ للقانون المدني الحالي أن المقصود بالأراضي التي لا مالك
لها هي الأراضي الموات التي لم يتم حصرها في سجلات مصلحة الملاك الأميرية، ثم صدر
القرار بالقانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية، ثم لاحظ المشرع
ما فيه من قصور وإخلال بالحقوق المكتسبة فأصدر القرار بالقانون رقم 100 لسنة 1964
بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، فنص صراحة في
المادة 86 منه على إلغاء الفقرة الثالثة للمادة 874 من القانون المدني، ونص في
المادة 75/3 منه على أن "ويعد مالكاً بحكم القانون ... (1) كل غارس أو زارع
فعلي لحسابه لأرض صحراوية لمدة سنة كاملة على الأقل سابقة على تاريخ العمل
بالقانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه وذلك بالنسبة إلى ما يقوم بزراعته بالفعل
من تلك الأراضي في تاريخ العمل بهذا القانون ... (2) كل من أتم قبل العمل بالقانون
رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه إقامة بناء مستقر يحيزه ثابت فيه ولا يمكن نقله
..." ولقد استعرضت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون التنظيم القانوني الذي
يحكم ملكية الأرض منذ 17 المحرم سنة 1284هـ الموافق 21 مايو سنة 1867 بما في ذلك
القيود التي فرضت على تملك الأجانب للعقارات في إقامة الحدود وفي الأراضي
الصحراوية، وانتهت إلى احترام حقوق المصريين على وجه الخصوص الناشئة عن إعمال
أحكام المادتين 57 من القانون المدني الملغي و874 من القانون المدني الحالي في
تملك الأراضي الموات كما جاء فيها – بيانا للمادة الثانية منه – أن المقصود بعبارة
الأراضي الواقعة داخل الزمام الأراضي التي تمت مساحتها مساحة تفصيلية وحصرت في
سجلات مصلحة المساحة وفي سجلات المكلفات بمصلحة الأموال المقررة، والتي تخضع تبعاً
لذلك للضريبة العقارية على الأطيان أما عبارة الأراضي الواقعة خارج الزمام فتشمل الأراضي
التي لم تمسح مساحة تفصيلية ولم يتم حصرها في سجلات مصلحة المساحة ولا في سجلات
المكلفات بمصلحة الأموال المقررة والتي لا تخضع للضريبة العقارية للأطيان"
ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع منذ صدور القانون المدني القديم قد حافظ على ما
قررته الشريعة الإسلامية قبل صدوره تنفيذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم
"من أحيا أرضاً مواتا فهي له" فأطلق هذا الحكم بالنسبة للمصريين وفي غير
أقسام الحدود بالنسبة للأراضي غير المملوكة وهي الأراضي التي لم يتم حصرها في
الخرائط المساحية التفصيلية، أو سجلات مصلحة الأملاك الأميرية أو المكلفات
الأميرية وهذه الأرض وحدها هي التي يجوز تملكها بمجرد التعمير والعبرة بوقت
التعمير في كون الأرض داخل الزمام أو خارجه، كما أنه من المقرر – في قضاء هذه
المحكمة – أنه كما يجوز أن تكون الملكية شائعة فإنه يجوز أن تكون الحيازة شائعة
وهي تنتج كافة آثار الحيازة بما فيها اكتساب الملكية بالتقادم ولكن على نحو يتفق
مع طبيعة الشيوع فالحائز لحصة مفرزة يكتسب ملكيتها بالتقادم مفرزة أما الحائز لحصة
شائعة مع آخرين فيكتسب الملكية بالتقادم شائعة مع شركائه لأن حيازة الشريك المشتاع
من شأنها أن تحمي حقوق شركائه المشتاعين فالمخالطة ليست عيباً في الحيازة ذاتها
يعطل أحكامها بالنسبة للكافة وإنما هي عيب فيما ينشأ عنها من غموض في مواجهة
خلطائه أي باقي شركائه المشتاعين دون سواهم ولذلك تنص المادة 949/2 من القانون
المدني على أن الحيازة إذا اقترنت بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون
لها من أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها،
إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب، فإذا حاز شخصان أو أكثر مساحة من الأرض
مملوكة لغيرهم بنية التملك المدة المكسبة للملكية تملكوها بصرف النظر عما إذا
كانوا قد حازوها شائعة فيما بينهم أو أن كل واحد منهم قد حاز حصته مفرزة فيها لأن
أثر الشيوع بصريح النص سالف الذكر مقصور على العلاقة بين المشتاعين أنفسهم دون
سواهم وكذلك فليس بلازم اشتراك شخصين أو أكثر في رفع دعوى لحماية حق كل منهم في
الحيازة لمنع تعرض صادر من جهة واحدة أن تكون حيازتهم شائعة فيما بينهم لأن وحدة
مصدر التعرض قد تدفع جماعة يحوز كل فرد فيها حصة مفرزة لأن يتعاونوا في رفع دعوى
واحدة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنين
بثبوت تملكهم لأطيان النزاع بالإحياء والتقادم على أن هذه الأطيان تدخل بزمام إدكو
وبالتالي لا يرد عليها التملك بالإحياء دون بيان لتاريخ دخولها هذا الزمام وأن
البائع لمورثهم سبق أن أقام مع آخرين دعوى منع تعرض دون أن يبين في تلك الدعوى
نصيبه مفرزا وحدوده بما يجعل حيازته مشوبة بالغموض لكونها حيازة شائعة لا تصلح أن
تكون مكسبة للملكية، وكان ما ساقه الحكم لا يواجه دفاع الطاعنين فإنه يكون قد أخطأ
في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال وجره ذلك إلى الإخلال بحق الدفاع بما
يوجب نقضه.