الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 مارس 2017

الطعن 47790 لسنة 72 ق جلسة 17 / 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 61 ص 446

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم, هادي عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة ووليد عادل.
---------------
(61)
الطعن 47790 لسنة 72 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها. 
مثال.
(2) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه. 
مثال.
(3) استدلالات. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم مؤدى تحريات الشرطة التي استند إليها. لا قصور. أساس ذلك؟
(4) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. موضوعي. 
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) قصد جنائي. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. تقدير توافره. موضوعي. 
مثال لتسبيب سائغ في توافر نية القتل لدى الطاعن في جريمة قتل عمد.
(6) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". عقوبة "العقوبة المبررة".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. حد ذلك؟ 
نعي الطاعن على الحكم في خصوص سبق الإصرار. غير مقبول. ما دام قد دانه بعقوبة القتل العمد دون سبق إصرار.
(7) إثبات "خبرة" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق الدليلين القولي والفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق. 
ليس للمحكمة التعرض لإصابات لم يكن لها أثر في إحداث الوفاة. متى أنصب الحكم على إصابة بعينها نسب للمتهم إحداثها وأثبتها التقرير الطبي واطمأنت أنه محدثها. 
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأطباء الشرعيون. مناط تعيينهم؟ 
للمحكمة المفاضلة بين تقارير الخبراء والأخذ منها بما تراه واطراح ما عداه. علة ذلك؟ 
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. 
النعي على المحكمة قعودها عن إجابة طلب لم يبد أمامها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز. 
الجدل في تقدير المحكمة لعمل الخبير. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع الموضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. 
مثال.
(10) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. 
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(12) حكم "بيانات الديباجة". دعوى مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم اشتراط القانون إيراد بيانات المدعين بالحقوق المدنية في مكان معين من الحكم. 
المنازعة في صفة المدعين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(13) دعوى مدنية. تعويض. ضرر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله. كفايته لبيان وجه الضرر المستوجب للتعويض. 
عدم بيان الحكم الضرر بنوعيه المادي والأدبي. لا يعيبه. علة ومفاد ذلك؟
(14) قانون "القانون الأصلح" "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها".
صدور القانون 95 لسنة 2003 واستبداله عقوبتي السجن المؤبد والمشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة. ظاهره. أصلح للمتهم. نصه على تنفيذ الأحكام الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون. مفاده: زوال آثار عقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها. أثر ذلك؟
--------------
1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، كذلك فإن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن الحكم من قصور لا محل له.
2 - لما كان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية "وحيث أورى تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه مصاب بجرح رضي بشكل حرف "U" بأبعاد نحو 12 سم ويقع بيمين مقدم فروة الرأس إلى الخط المنصف مباشرة عند مستوى منبت الشعر الأمامي ولأعلى ومصاب بتكدم منسحج بلون محمر بأبعاد نحو 7×8 سم ويقع بيسار الجبهة إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم ومن عند أسفل مستوى حاجب العين اليسرى مباشرة وحتى يسار مقدم فروة الرأس مع وجود انخساف عظمي مقابل التكدم وتهتك وانفجار بمقلة العين اليسرى وكذلك جرح رضي سطحي بطول 1 سم ويقع بيسار أعلى خلفية فروه الرأس إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم وأعلى مستوى منبت الشعر الخلفي بحوالي 11 سم وأن إصابتيه الأولى والثانية حيوية وحديثة وذات طبيعة رضية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب راض وذو ثقل أياً كان نوعه وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان زوجة المجني عليه بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة أما إصابته الأخيرة فهي سطحية وبسيطة ولا دخل لها بإحداث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، وتعزى وفاته لإصاباته الرضية الحيوية الحديثة بيمين مقدم الفروة وبيسار الجبهة وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة قبوة وقاعدة وبأعلى عظام الحجاب الأيسر وتهتكات بالسحايا وبأنسجة سطح المخ وما صاحب ذلك من نزيف دماغي وهبوط بالمراكز الحيوية الدماغية"، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير الصفة التشريحية يكون في غير محله، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
3 - لما كان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن على غير أساس.
4 - لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات معززة بما أسفرت عنه تحريات الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
5 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله "وحيث إن جريمة القتل العمد تختلف عن غيرها من جرائم الاعتداء على النفس بعنصر خاص هو أن يتعمد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن المحكمة تستظهره من وقائع الدعوى وملابساتها، وقد تجلى ذلك من وجود خلاف سابق بين المتهم والمجني عليه واستدراج المتهم للأخير واستئجاره له لكي يقوم بري أرضه في غيبته ثم حضوره له خلسة حاملاً فأس ومباغتته له بالضرب على رأسه بالجزء الحديدي الثقيل من الفأس أكثر من مرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته"، لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمر داخلي يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغاً يكفي لإثبات توافر هذه النية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على قيام نية القتل - من الظروف والملابسات التي أوضحتها - هو تدليل سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه وفقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
7 - من المقرر أنه ليس بلازم قيام التطابق بين الدليلين القولي والفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه منقولاً عن شهود الإثبات - زوجة المجني عليه ونجليه - أنهم شاهدوا الطاعن يضرب المجني عليه على رأسه بفأس ضربتين فكان أن أحدث به الإصابتين اللتين كشف عنهما تقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته، ومن ثم فلا يقدح في سلامة هذا الاستخلاص ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من حدوث جرح رضي سطحي بفروة الرأس لا دخل لها في حدوث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، ويكون ما يثيره الطاعن في شأن تناقض الدليل القولي مع الدليل الفني غير سديد، ذلك أن الأصل أنه متى كان الحكم قد أنصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم يكن لها من أثر في إحداث الوفاة، هذا إلى أن الحكم قد فطن إلى وجود الإصابة الرضية السطحية الثالثة برأس المجني عليه وأرجعها إلى سقوطه أرضاً عقب إصابته طبقاً لما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية بشأنها، بما ينحسر عن الحكم قالة التناقض في هذا الصدد.
8 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بتشريح جثة المجني عليه من أطباء مصلحة الطب الشرعي، وكان هؤلاء الأطباء لا يعينون إلا بعد التأكد من كفايتهم وصلاحيتهم لأعمال القسم الذي يعينون به وذلك طبقاً لما تقضي به المادتان 18، 35 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام القضاء، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقرير هذا الطبيب الشرعي، فإن منعى الطاعن بعدم خبرته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير، وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه، إذ الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي في هذا الخصوص، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً، إذ أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله، ولما كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاعه الذي لم يستهدف منه في الواقع سوى التشكيك في أدلة الثبوت القائمة في الدعوى، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبد أمامها، ولا تثريب على المحكمة وقد وضحت لديها الواقعة مثار المنازعة إن هي لم تر من جانبها ضرورة لاتخاذ هذا الإجراء.
9 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعن من منازعة في مكان الحادث - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه - وأطرحته في قولها "وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن أن المتهم الحقيقي بارتكاب الواقعة هو.... شقيق المتهم الماثل، فأن المحكمة تلتفت عن ذلك ولا تطمئن إليه ولا تعول عليه ولا تأخذ به لأن اعتراف المدعو/ .... جاء متناقضاً مع باقي الأدلة خاصة أن المكان الذي أشار إليه المذكور لم يعثر به على آثار دماء والمكان الذي أشار إليه باقي الشهود عثر السيد وكيل النيابة به أثناء المعاينة على آثار دماء أخذ منها عينة ثبت من تقرير الطب الشرعي أنها دماء آدمية سيما وأن المذكور عدل عن اعترافه بارتكاب الواقعة"، وهو قول يسوغ به اطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة.
10 - لما كان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
11 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال زوجة المجني عليه وولديه وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض.
12 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدعيين بالحقوق المدنية هما والد المجني عليه/ .... وزوجته/ .... عن نفسها وبصفتها وصية على ولدي المجني عليه القصر.... و....، وقد ادعيا مدنياً قِبل المتهم بمبلغ 501 جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المؤقت، وكان القانون لا يشترط إيراد تلك البيانات في مكان معين من الحكم، فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول، فضلاً عن أنه لا يجوز المنازعة في صفة المدعيين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض.
13 - لما كان يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي، ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفة بالتعويض، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها، وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه، فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم.
14 - لما كان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهره معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن لمحكمة النقض أن تصحح الحكم الصادر في هذه الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه "... واعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال"، بما يعني أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض أداة "فأس" وتوجه إلى المكان الذي أيقن سلفاً وجوده به وما إن ظفر به حتى كال له ضربتين على رأسه بالأداة سالفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى مدنياً والد وزوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر كل على حدة قِبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات، بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحق المدني والد المجني عليه وزوجته عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر منه تعويضاً مؤقتاً مبلغاً وقدره خمسمائة وواحد جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المدني المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مبنى أوجه الطعن التي وردت بتقرير الأسباب المقدم من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان، ذلك بأنه لم يحط بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة، واكتفى بإيراد نتيجة تقرير الصفة التشريحية - الذي عول عليه كدليل إثبات - دون بيان مضمونه من حيث موقف الضارب والمضروب وتاريخ حدوث الوفاة والفترة الزمنية بين حدوث الإصابات وحصول وفاة المجني عليه، كما استند الحكم إلى تحريات الشرطة دون أن يورد مضمونها وكيف خلص إلى سلامتها وسنده في ذلك رغم ما ساقه الطاعن من قرائن على عدم صحتها، وما ساقه الحكم تدليلاً على نية القتل لدى الطاعن لا يعدو أن يكون تحديداً للأفعال المادية التي قارفها والأداة التي استخدمها وإصابات المجني عليه الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهو ما لا يصلح لإثبات توافر هذه النية لديه، فضلاً عن أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر سبق الإصرار والتي تؤكد ظروف الحادث انتفاءه، وأثار الدفاع عن الطاعن قيام تعارض بين الدليلين القولي والفني لأن مفاد أقوال شهود الإثبات - زوجة المجني عليه وولديه - أن الطاعن ضرب المجني عليه بالفأس على رأسه ضربتين يتناقض مع ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من وجود ثلاث إصابات بالمجني عليه وهي بهذه المثابة لا تحدث من ضربتين وقدم الدفاع تقريراً استشارياً - أغفلته المحكمة - يفيد أن الإصابة الثالثة لا تحدث من السقوط على الأرض كما جاء بتقرير الصفة التشريحية وهو ما يدل على عدم خبرة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح الجثة غير أن المحكمة أطرحت دفاعه بعبارة مجملة لا تنهض رداً عليه وقعدت عن تحقيقه عن طريق كبير الأطباء الشرعيين بلوغاً لوجه الحق فيه، كما التفتت المحكمة عن دفاع الطاعن المبني على المنازعة في مكان الحادث تأسيساً على أن شقيقه.... اعترف بالتحقيقات بأنه هو الذي قتل المجني عليه في مكان آخر غير ذلك الذي حدده شهود الإثبات سالفي الذكر بما يناقض الصورة التي ألبسها الحكم للواقعة خاصة وأن الطبيب الشرعي لم يحدد المكان الذي أخذ منه عينة الدماء، هذا إلى أن الحكم ومحضر الجلسة خلا كلاهما من أسماء المدعين بالحقوق المدنية وصفاتهم وصلتهم بالمجني عليه، وأن المحكمة في قضائها في الدعوى المدنية بالتعويض لم تبين وجه الضرر بشقيه المادي والأدبي الذي أصاب المدعين بالحقوق المدنية ولم يستظهر ما إذا كان هذا الضرر ناشئاً عن الجريمة التي دان الطاعن بها، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، كذلك فإن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن الحكم من قصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية "وحيث أورى تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه مصاب بجرح رضي بشكل حرف "U" بأبعاد نحو 12 سم ويقع بيمين مقدم فروة الرأس إلى الخط المنصف مباشرة عند مستوى منبت الشعر الأمامي ولأعلى ومصاب بتكدم منسحج بلون محمر بأبعاد نحو 7×8 سم ويقع بيسار الجبهة إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم ومن عند أسفل مستوى حاجب العين اليسرى مباشرة وحتى يسار مقدم فروة الرأس مع وجود انخساف عظمي مقابل التكدم وتهتك وانفجار بمقلة العين اليسرى وكذلك جرح رضي سطحي بطول 1 سم ويقع بيسار أعلى خلفية فروة الرأس إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم وأعلى مستوى منبت الشعر الخلفي بحوالي 11 سم وأن إصابتيه الأولى والثانية حيوية وحديثة وذات طبيعة رضية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب راض وذو ثقل أياً كان نوعه وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان زوجة المجني عليه بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة أما إصابته الأخيرة فهي سطحية وبسيطة ولا دخل لها بإحداث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، وتعزى وفاته لإصاباته الرضية الحيوية الحديثة بيمين مقدم الفروة وبيسار الجبهة وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة قبوة وقاعدة وبأعلى عظام الحجاب الأيسر وتهتكات بالسحايا وبأنسجة سطح المخ وما صاحب ذلك من نزيف دماغي وهبوط بالمراكز الحيوية الدماغية"، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير الصفة التشريحية يكون في غير محله، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات معززة بما أسفرت عنه تحريات الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله "وحيث إن جريمة القتل العمد تختلف عن غيرها من جرائم الاعتداء على النفس بعنصر خاص هو أن يتعمد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن المحكمة تستظهره من وقائع الدعوى وملابساتها، وقد تجلى ذلك من وجود خلاف سابق بين المتهم والمجني عليه واستدراج المتهم للأخير واستئجاره له لكي يقوم بري أرضه في غيبته ثم حضوره له خلسة حاملاً فأس ومباغتته له بالضرب على رأسه بالجزء الحديدي الثقيل من الفأس أكثر من مرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته"، لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمر داخلي يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغاً يكفي لإثبات توافر هذه النية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على قيام نية القتل - من الظروف والملابسات التي أوضحتها - هو تدليل سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه وفقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم قيام التطابق بين الدليلين القولي والفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه منقولاً عن شهود الإثبات - زوجة المجني عليه ونجليه - أنهم شاهدوا الطاعن يضرب المجني عليه على رأسه بفأس ضربتين فكان أن أحدث به الإصابتين اللتين كشف عنهما تقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته، ومن ثم فلا يقدح في سلامة هذا الاستخلاص ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من حدوث جرح رضي سطحي بفروة الرأس لا دخل لها في حدوث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، ويكون ما يثيره الطاعن في شأن تناقض الدليل القولي مع الدليل الفني غير سديد، ذلك أن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم يكن لها من أثر في إحداث الوفاة، هذا إلى أن الحكم قد فطن إلى وجود الإصابة الرضية السطحية الثالثة برأس المجني عليه وأرجعها إلى سقوطه أرضاً عقب إصابته طبقاً لما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية بشأنها، بما ينحسر عن الحكم قالة التناقض في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بتشريح جثة المجني عليه من أطباء مصلحة الطب الشرعي، وكان هؤلاء الأطباء لا يعينون إلا بعد التأكد من كفايتهم وصلاحيتهم لأعمال القسم الذي يعينون به وذلك طبقاً لما تقضي به المادتان 18، 35 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام القضاء، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقرير هذا الطبيب الشرعي، فإن منعى الطاعن بعدم خبرته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير، وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه، إذ الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي في هذا الخصوص، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً، إذ إن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله، ولما كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاعه الذي لم يستهدف منه في الواقع سوى التشكيك في أدلة الثبوت القائمة في الدعوى، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبد أمامها، ولا تثريب على المحكمة وقد وضحت لديها الواقعة مثار المنازعة إن هي لم تر من جانبها ضرورة لاتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعن من منازعة في مكان الحادث - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه - وأطرحته في قولها "وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن أن المتهم الحقيقي بارتكاب الواقعة هو.... شقيق المتهم الماثل، فأن المحكمة تلتفت عن ذلك ولا تطمئن إليه ولا تعول عليه ولا تأخذ به لأن اعتراف المدعو/ .... جاء متناقضاً مع باقي الأدلة خاصة أن المكان الذي أشار إليه المذكور لم يعثر به على آثار دماء والمكان الذي أشار إليه باقي الشهود عثر السيد وكيل النيابة به أثناء المعاينة على آثار دماء أخذ منها عينة ثبت من تقرير الطب الشرعي أنها دماء آدمية سيما وأن المذكور عدل عن اعترافه بارتكاب الواقعة"، وهو قول يسوغ به أطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال زوجة المجني عليه وولديه وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدعيين بالحقوق المدنية هما والد المجني عليه/ ..... وزوجته/ ..... عن نفسها وبصفتها وصية على ولدي المجني عليه القصر.... و....، وقد ادعيا مدنياً قِبل المتهم بمبلغ 501 جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المؤقت، وكان القانون لا يشترط إيراد تلك البيانات في مكان معين من الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول، فضلاً عن أنه لا يجوز المنازعة في صفة المدعيين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي، ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفة بالتعويض، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها، وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه، فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصاريف المدنية. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهرة معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن لمحكمة النقض أن تصحح الحكم الصادر في هذه الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه "... واعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال"، بما يعني أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه.

الطعن 13014 لسنة 72 ق جلسة 17 / 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 60 ص 442

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسين مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عمر محمود بريك, محمد محمد السيد, صلاح محمد أحمد نواب رئيس المحكمة ومحمد فريد محروس.
--------------
(60)
الطعن 13014 لسنة 72 ق
جريمة "أركانها". قصد جنائي. إخلال عمدي في تنفيذ الالتزامات التعاقدية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القصد الجنائي ركن من أركان الجريمة. وجوب ثبوته فعلياً واستظهار الحكم له والتدليل عليه. 
عدم استظهار الحكم قصد الطاعن وتدليله على تعمده الإخلال بعقد المقاولة المدعي الإخلال به. قصور يوجب نقضه. 
مثال.
----------------
لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "إن المتهم تسلم أربعين طن أرز من مضرب.... التابع لشركة.... لنقلها على سيارته، باعتباره مقاول نقل من الباطن من قبل جمعية نقل البضائع بالـ.... بموجب سند الشحن رقم....، ولكنه لم يقم بتنفيذ ذلك وأخذ الحمولة لنفسه، مما ألحق ضرراً جسيماً بأموال شركة.... تمثل في قيمة هذه البضاعة"، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وإفادة شركة.... وبوليصة شحن الحمولة وأمر التشغيل الصادر من جمعية نقل البضائع إلى الطاعن ثم خلص إلى إدانته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي ركن من أركان الجريمة فيتعين أن يكون ثبوته فعلياً، فقد كان على الحكم أن يستظهر عناصر مساهمته في ارتكاب الجريمة، وأن يدلل على ذلك بياناً واضحاً يكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، فلا يغنيه في ذلك ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى بأنه مقاول نقل من الباطن من قبل جمعية نقل البضائع بالـ.... دون أن يقيم الدليل على ذلك وبعد أن خلت الواقعة كما حصلها الحكم وأدلتها مما يدل يقيناً على توافر هذه الصفة ولم يستظهر الحكم قصد الطاعن ولم يدلل على تعمده الإخلال بعقد المقاولة المدعى الإخلال به، مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أخل عمداً بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عقد النقل الذي ارتبطت به جمعية نقل البضائع بالسيارات بالـ.... مع شركة.... - التي تساهم الدولة بنصيب في رأس مالها - بأن استلم أربعين طن أرز أبيض من مضرب.... التابع لشركة.... لنقلها على سيارته إلى مستودع تعبئة الأرز بالـ.... بموجب سند شخصي رقم.... فلم يقم بنقلها إلى تلك الجهة واستأثر بها لنفسه وترتب على ذلك ضرراً جسيم بأموال شركة.... بلغ أربعون ألف جنيه وهو ما يمثل قيمة كمية الأرز آنفة البيان حال كونه متعاقداً من الباطن ووسيطاً في نقلها عن أحد أعضاء الجمعية على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 116 مكـرراً ج/ 1, 4, 118 مكرراً/ 1, 2, 5, 119/ ز من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ أربعين ألف جنيه عما أسند إليه ونشر منطوق هذا الحكم على نفقة المحكوم عليه في الجرائد اليومية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
--------------
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإخلال العمدي في تنفيذ عقد نقل بين شركة.... - التي تساهم الدولة بنصيب في رأس مالها - وجمعية نقل البضائع بالـ.... باعتباره ناقلاً من الباطن لدى الجمعية الأخيرة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، بأن التفت عن دفاعه بانتفاء صلته بالشركة المجني عليها وأنه ليس طرفاً في العقد المبرم بينها وبين الجمعية، مما ينفي الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانه بها، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "إن المتهم تسلم أربعين طن أرز من مضرب.... التابع لشركة.... لنقلها على سيارته، باعتباره مقاول نقل من الباطن من قبل جمعية نقل البضائع بالـ.... بموجب سند الشحن رقم....، ولكنه لم يقم بتنفيذ ذلك وأخذ الحمولة لنفسه، مما ألحق ضرراً جسيماً بأموال شركة.... تمثل في قيمة هذه البضاعة"، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وإفادة شركة.... وبوليصة شحن الحمولة وأمر التشغيل الصادر من جمعية نقل البضائع إلى الطاعن ثم خلص إلى إدانته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي ركن من أركان الجريمة فيتعين أن يكون ثبوته فعلياً، فقد كان على الحكم أن يستظهر عناصر مساهمته في ارتكاب الجريمة، وأن يدلل على ذلك بياناً واضحاً يكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، فلا يغنيه في ذلك ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى بأنه مقاول نقل من الباطن من قبل جمعية نقل البضائع بالـ.... دون أن يقيم الدليل على ذلك وبعد أن خلت الواقعة كما حصلها الحكم وأدلتها مما يدل يقيناً على توافر هذه الصفة ولم يستظهر الحكم قصد الطاعن ولم يدلل على تعمده الإخلال بعقد المقاولة المدعى الإخلال به، مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث غير ذلك من أوجه الطعن.

الطعن 19888 لسنة 72 ق جلسة 15/ 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 59 ص 436

جلسة 15 من نوفمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي د/ سري صيام نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، عزمي الشافعي ود/ عادل أبو النجا نواب رئيس المحكمة.
-----------
(59)
الطعن 19888 لسنة 72 ق
دستور. محاماة. قانون "تفسيره". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه. أساس وعلة ذلك؟ 
توقيع عقوبة الغرامة على كل محام منتدباً كان أو موكلاً عن المتهم لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه. المادة 375 إجراءات. 
عدم تمكين المحامي من إبداء دفاعه. لا يتحقق به الغرض الذي أوجب الشارع من أجله حضوره مع متهم بجناية. أثره: بطلان إجراءات المحاكمة.
-------------------
لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة الموضوع بجلسة .... بهيئة مغايرة للهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قررت التأجيل لجلسة .... لحضور المحامي الأصيل، ثم قررت تأجيلها لجلسة .... للقرار السابق وبتلك الجلسة قررت المحكمة تأجيلها لجلسة .... كطلب الدفاع لحضور المحامي الأصيل ولمناقشة بعض الأمور الفنية ومناقشة كبير الأطباء الشرعيين، ثم أجلتها لجلسة .... كطلب الدفاع للاستعداد للمرافعة، وفي الجلسة المحددة نظرت الهيئة التي أصدرت الحكم في الدعوى لأول مرة بتشكيلها الجديد، وأجلت نظر الدعوى لجلسة .... لحضور المحامي الأصيل، حيث حضر الدفاع بتلك الجلسة ولم يترافع، فأصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وكانت المادة 67 من الدستور توجب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها القانون أن تكون الاستعانة إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا تتحقق ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه وحرصاً من الشارع على ضمان فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام، منتدباً كان أم موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية، إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم، فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضاها الحال، لما كان ذلك، وكانت الطلبات التي أبداها المحامي بجلسة سابقة وعدم تمكين المحكمة له من إبداء ثمة دفاع، يتنافى والغرض الذي من أجله أوجب الشارع حضور محام مع المتهم بجناية ويقصر عن بلوغ هذا الغرض ويعطل حكمة تقريره، فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة بطلاناً أثر في الحكم، بما يوجب نقضه والإعادة حتى تتاح للمحكوم عليه فرصة الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً أمام سلطة القضاء.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم: أ- قتلوا/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض خمسة أسلحة نارية مششخنة "بنادق آلية" وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية من الأسلحة النارية سالفة الذكر قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية ست جنايات أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر
1- قتلوا/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته
2- قتلوا/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته
3- شرعوا في قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكامهم الرماية
4- شرعوا في قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكامهم الرماية
5- شرعوا في قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكامهم الرماية
6- شرعوا في قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكامهم الرماية
ب- أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلية" مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه
ج- أحرز كل منهم ذخائر "عدة طلقات" مما تستعمل على الأسلحة النارية سالفة الذكر حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/45، 1/46، 230، 2/234 من قانون العقوبات والمواد 2/1، 6، 26 /3، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 101 لسنة 1980، 165 لسنة 1981 والبند "ب" من القسم الثاني من الجدول الثالث الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995، مع إعمال المادتين 17، 2/32 من قانون العقوبات، بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى وإحراز أسلحة وذخائر بغير ترخيص قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة لم تستمع لمرافعة الدفاع ولم تندب محامياً لأدائه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة الموضوع بجلسة .... بهيئة مغايرة للهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قررت التأجيل لجلسة .... لحضور المحامي الأصيل، ثم قررت تأجيلها لجلسة .... للقرار السابق وبتلك الجلسة قررت المحكمة تأجيلها لجلسة .... كطلب الدفاع لحضور المحامي الأصيل ولمناقشة بعض الأمور الفنية ومناقشة كبير الأطباء الشرعيين، ثم أجلتها لجلسة .... كطلب الدفاع للاستعداد للمرافعة، وفي الجلسة المحددة نظرت الهيئة التي أصدرت الحكم في الدعوى لأول مرة بتشكيلها الجديد، وأجلت نظر الدعوى لجلسة .... لحضور المحامي الأصيل، حيث حضر الدفاع بتلك الجلسة ولم يترافع، فأصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وكانت المادة 67 من الدستور توجب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها القانون أن تكون الاستعانة إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا تتحقق ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه وحرصاً من الشارع على ضمان فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام، منتدباً كان أم موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية، إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم، فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضاها الحال، لما كان ذلك، وكانت الطلبات التي أبداها المحامي بجلسة سابقة وعدم تمكين المحكمة له من إبداء ثمة دفاع، يتنافى والغرض الذي من أجله أوجب الشارع حضور محام مع المتهم بجناية ويقصر عن بلوغ هذا الغرض ويعطل حكمة تقريره، فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة بطلاناً أثر في الحكم، بما يوجب نقضه والإعادة حتى تتاح للمحكوم عليه فرصة الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً أمام سلطة القضاء.

الطعن 20863 لسنة 72 ق جلسة 9 / 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 58 ص 429

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ بهيج القصبجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ جاب الله محمد جاب الله، يحيى محمود نواب رئيس المحكمة، حازم بدوي وياسر الهمشري.
------------
(58)
الطعن 20863 لسنة 72 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
تقديم الطاعن أسباب تكميلية لا تحمل تاريخاً وغير مؤشر عليها بما يفيد إيداعها وقيدها بالسجل المعد لذلك في الميعاد القانوني. يفقدها شرط قبولها. وجوب الالتفات عنها.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". بطلان. حكم "بطلانه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نيابة عامة. نظام عام. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب اشتراك القاضي الذي يفصل في الدعوى في تحقيقها بنفسه. 
دخول الدعوى في حوزة المحكمة. يوجب عليها عند تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب أحد قضاتها أو قاضيا آخر لتحقيقه. إحالتها إلى سلطة التحقيق لذلك. غير جائز لزوال ولايتها وانتهاء اختصاصها. المادة 294 إجراءات. 
بطلان الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تجريه النيابة العامة بناء على ندب المحكمة لها أثناء سير الدعوى. متعلق بالنظام العام. استناد الحكم إليه. يبطله. لا يعصمه من ذلك رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء. أثر ذلك. 
مثال.
(3) مواد مخدرة. غرامة. عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون".
عقوبة جريمة زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار؟ الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. 
المادة 17 من قانون العقوبات. تجيز إبدال العقوبات المقيدة للحرية في مواد الجنايات فحسب دون عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها. أساس ذلك؟ 
إغفال الحكم لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤبد. خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة وأثر ذلك.
------------
1 - لما كان وكيل الطاعن قدم أسباباً تكميلية لاحقه لتلك التي بنى عليها الطعن لا تحمل تاريخاً وغير مؤشر عليها بما يفيد إيداعها، ولم تقيد في السجل المعد لذلك في الميعاد المحدد قانوناً، فإنها تكون قد فقدت شرط قبولها ويتعين لذلك الالتفات عنها.
2 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة ..... أن الدفاع عن الطاعن قرر أنه ليس المقصود بالاتهام، وقد قدرت المحكمة هذا الدفاع وعهدت إلى النيابة العامة إجراء تحقيق يتم فيه سؤال رجال الإدارة والاستعانة بأوراق تحقيق الشخصية والسجل المدني لتحديد ما إذا كان المقبوض عليه هو .... المقصود بالاتهام من عدمه، فقد قامت النيابة العامة بتنفيذ هذا القرار، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ما نصه "وتعول المحكمة على ما تضمنه محضر التحري المحرر بمعرفة الرائد ... من أن ... هو اسم الشهرة لـ ... وأن الاسمين لشخص واحد، كما تعول المحكمة على ما تضمنه التحري المحرر بمعرفة الرائد ... وعلى ما تضمنته باقي المستندات المقدمة من النيابة العامة"، وكان ما انتهى إليه الحكم من ذلك غير سديد ذلك بأنه من المقرر أن القاضي الذي يفصل في الدعوى يجب أن يكون قد اشترك في تحقيقها بنفسه وسمع أوجه دفاع الخصوم فيها وهو مبدأ مستقر في أصول المحاكمات، وكان من المقرر أنه ليس للمحكمة أن تحيل الدعوى إلى سلطة التحقيق بعد أن دخلت في حوزتها، بل لها إذا تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب أحد أعضائها أو قاضياً آخر لتحقيقه على ما جرى به نص المادة 294 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك بأنه بإحالة الدعوى من سلطة التحقيق على قضاه الحكم تكون ولاية السلطة المذكورة قد زالت وفرغ اختصاصها ومن ثم يكون الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تقوم به النيابة العامة بناء على ندب المحكمة إياها في أثناء سير المحاكمة باطلاً، وهو بطلان متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي لا يعصمه رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء، وكانت المحكمة قد أجابت الدفاع إلى طلبه استيفاء التحقيق بالتحقق عما إذا كان المتهم هو المقصود بالاتهام من عدمه مما يبين منه جدية هذا الطلب، فإنه كان يتعين عليها أن تقوم بهذا الإجراء بنفسها أو بمن تندبه من أعضائها، فإذا كانت تقاعست عن اتخاذ هذا الإجراء على الوجه القانوني فإن الحكم المطعون فيه وقد استند في قضائه إلى ذلك الدليل الباطل يكون باطلاً ومنطوياً على إخلال بحق الدفاع، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعن.
3 - لما كانت العقوبة المقررة لجريمة زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار طبقاً لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 122 لسنة 1989، 95 لسنة 2003 هي الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 95 لسنة 2003 جواز تبديل الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 33 سالفة البيان بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤبد المقضي بها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح الحكم وتقضي وفقاً للقانون، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه معيباً بالإخلال بحق الدفاع الذي له الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون، فإن هذه المحكمة لا تملك التعرض لما تردى فيه الحكم من خطأ في القانون إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين المتهم مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإعادة.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: زرع بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر "القنب" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28، 33/ج، 1/42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم (5) الملحق بالقانون الأول ومع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة النبات المخدر المضبوط
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
-----------
المحكمة
وحيث إن وكيل الطاعن قدم أسباباً تكميلية لاحقة لتلك التي بنى عليها الطعن لا تحمل تاريخاً وغير مؤشر عليها بما يفيد إيداعها، ولم تقيد في السجل المعد لذلك في الميعاد المحدد قانوناً، فإنها تكون قد فقدت شرط قبولها ويتعين لذلك الالتفات عنها
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بمذكرة أسبابه المقدمة في الميعاد أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه دفع بأنه ليس الشخص المقصود بالاتهام مستدلاً على ذلك بمستندات رسميه قدمها، بيد أن المحكمة أطرحت تلك المستندات وعولت على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها بدلالة أن التحريات المبدئية في الدعوى لم تتوصل إلى أن للطاعن اسم شهرة، فضلاً عن أن التحريات الأخيرة أجريت قبل صدور الحكم بفترة وجيزة بناء على تكليف المحكمة للنيابة العامة بإجراء تحقيق لتحديد عما إذا كان الطاعن هو المعني بالاتهام من عدمه، كما اطمأنت المحكمة إلى أقوال الشهود ومعاينة النيابة وكونت عقيدتها منها على الرغم أن شهادة محرر محضر الضبط ومدير الجمعية الزراعية والقائم بإعمال شيخ الخفراء لا تساند الحكم فيما ذهب إليه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة ..... أن الدفاع عن الطاعن قرر أنه ليس المقصود بالاتهام، وقد قدرت المحكمة هذا الدفاع وعهدت إلى النيابة العامة إجراء تحقيق يتم فيه سؤال رجال الإدارة والاستعانة بأوراق تحقيق الشخصية والسجل المدني لتحديد ما إذا كان المقبوض عليه هو ... المقصود بالاتهام من عدمه، فقد قامت النيابة العامة بتنفيذ هذا القرار، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ما نصه "وتعول المحكمة على ما تضمنه محضر التحري المحرر بمعرفة الرائد ... من أن ... هو اسم الشهرة لـ ... وأن الاسمين لشخص واحد، كما تعول المحكمة على ما تضمنه التحري المحرر بمعرفة الرائد ... وعلى ما تضمنته باقي المستندات المقدمة من النيابة العامة"، وكان ما انتهى إليه الحكم من ذلك غير سديد ذلك بأنه من المقرر أن القاضي الذي يفصل في الدعوى يجب أن يكون قد اشترك في تحقيقها بنفسه وسمع أوجه دفاع الخصوم فيها وهو مبدأ مستقر في أصول المحاكمات، وكان من المقرر أنه ليس للمحكمة أن تحيل الدعوى إلى سلطة التحقيق بعد أن دخلت في حوزتها، بل لها إذا تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب أحد أعضائها أو قاضياً أخر لتحقيقه على ما جرى به نص المادة 294 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك بأنه بإحالة الدعوى من سلطة التحقيق على قضاة الحكم تكون ولاية السلطة المذكورة قد زالت وفرغ اختصاصها ومن ثم يكون الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تقوم به النيابة العامة بناء على ندب المحكمة إياها في أثناء سير المحاكمة باطلاً، وهو بطلان متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي لا يعصمه رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء، وكانت المحكمة قد أجابت الدفاع إلى طلبه استيفاء التحقيق بالتحقق عما إذا كان المتهم هو المقصود بالاتهام من عدمه مما يبين منه جدية هذا الطلب، فإنه كان يتعين عليها أن تقوم بهذا الإجراء بنفسها أو بمن تندبه من أعضائها، فإذا كانت تقاعست عن اتخاذ هذا الإجراء على الوجه القانوني فإن الحكم المطعون فيه وقد استند في قضائه إلى ذلك الدليل الباطل يكون باطلاً ومنطوياً على إخلال بحق الدفاع، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعن

ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أغفل القضاء بالغرامة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى إدانة المطعون ضده بجريمة زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار وعاقبة طبقاً للمواد 28، 33/ج، 1/42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول، ثم أوقع عليه عقوبة السجن المؤبد ومصادرة المخدر المضبوط، بعد إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار طبقاً لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 122 لسنة 1989، 95 لسنة 2003 هي الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 95 لسنة 2003 جواز تبديل الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 33 سالفة البيان بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤبد المقضي بها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح الحكم وتقضي وفقاً للقانون، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه معيباً بالإخلال بحق الدفاع الذي له الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون، فإن هذه المحكمة لا تملك التعرض لما تردى فيه الحكم من خطأ في القانون إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين المتهم مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإعادة 

الطعن 18645 لسنة 72 ق جلسة 8 / 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 57 ص 420

جلسة 8 من نوفمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي أبو العلا، أحمد عمر محمدين، محمد عبد العال وعابد راشد نواب رئيس المحكمة.
------------
(57)
الطعن 18645 لسنة 72 ق
إثبات "بوجه عام". دستور. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم" "سلطاتهم". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
المادة 1/41 من الدستور. مؤداها. 
الدستور هو القانون الوضعي الأسمى. له الصدارة على ما دونه من التشريعات. تعارضها معه. يوجب التزام أحكامه. سواء كان التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل به. 
سلطة مأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس؟ المادتان 34، 35 إجراءات. 
المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية. مفادها. 
حالة التلبس بالجريمة. وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيامها بإحدى حواسه. تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن شاهد أو إقرار المتهم. لا يغني عن ذلك. ما دام لم يشهدها أو يشهد أثراً ينبئ بذاته عن وقوعها. 
تقدير قيام حالة التلبس. موضوعي. شرطه؟ 
لمأمور الضبط القضائي التحقق من عدم مخالفة السيارات بالطرق العامة أحكام قانون المرور. شرط ذلك؟ 
اقتصار الحكم في اطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش بإقرار الطاعنين بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة بحيازتهما للمخدر المضبوط. لا يصلح رداً على الدفع. علة وأثر ذلك؟ 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟ 
مثال .
---------------
لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه وحال قيام الملازم أول .... رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بمركز .... بتفقد الحالة الأمنية بدائرة المركز أبصر وقوف سيارة ملاكي تحمل رقم .... ملاكي .... ماركة بيجو وبها المتهمان ....، .... وبسؤالهما عن تحقيق شخصيتيهما وتراخيص السيارة أجابا نفياً فاتصل بالملازم أول/ .... معاون مباحث مركز ..... لمعاونته وبفحص السيارة بمعرفة الأخير اشتبه في صحة أرقامها وتم تفتيش السيارة بمعرفته أيضاً عثر بها على جوال من البلاستيك أسفل الإطار الاحتياطي بفضه تبين به خمس لفافات كبيرة الحجم بكل منها نبات أخضر يشبه نبات البانجو المخدر وقد ثبت أن المضبوطات من المواد المخدرة هي لنبات الحشيش المخدر وأنهم يحتفظون بها على نحو مؤثم" وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وما أوراه تقرير المعمل الكيماوي كما أورد مؤدى إقراري الطاعنين بالواقعة في تحقيقات النيابة العامة، ثم عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وتفتيشهما وتفتيش السيارة والدليل المستمد منها لكونها وليدة إجراءات باطلة بقوله بعد أن سرد سابقة قضائية "وكان الثابت من وقائع الدعوى أن المتهمين كانا يقفان في وقت متأخر من الليل على جانب الطريق بالسيارة المضبوطة وإذ قام شاهد الإثبات الأول بالاتجاه نحوهما لاستكناه أمرهما إلا أنهما لم يقدما ما يفيد شخصيتيهما أو يقدما تراخيص السيارة المضبوطة وإذ استعان بشاهد الإثبات الثاني وحضر الأخير وإذ اشتبه في أرقام لوحتها المعدنية وقام بتفتيشها وتفتيش المتهمين وأقر المتهمان على نحو ما سلف تبيانه - بحيازتهما للمضبوطات من المواد المخدرة وذلك بمحضر الضبط وتحقيق النيابة فإن الإجراءات التي اتخذت حيالهما وحيال السيارة تكون قد جاءت متفقة مع صحيح الواقع والقانون متعيناً رفض هذا الدفع والالتفات عنه". لما كان ذلك، وكانت المادة 1/41 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر يستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة. وذلك وفقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاً من التنقل أو كان دون ذلك من القيود، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطات القضائية المختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى، صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يُصدر أمراً بضبطه وإحضاره، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، فإذا جاز القبض على الشخص، جاز تفتيشه، وإن لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلين، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أم متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس، أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير، صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم فيما سلف سرده أن شاهد الإثبات الثاني بادر إلى تفتيش سيارة الطاعنين بعد أن اشتبه في صحة أرقام لوحاتها المعدنية، فعثر على جوال أسفل الإطار الاحتياطي للسيارة، ولم يتبين ما احتواه من مخدر إلا بعد فضه له، ومن ثم فإنه لم يكن أمام جريمة متلبس بها، وبالتالي فلم يكن له أن يتعرض للطاعنين بالقبض أو التفتيش ولا تفتيش السيارة التي كانا يستقلانها دون مبرر، أما وأنه قد فعل، فإن إجراءه يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة، ذلك أنه ولئن كان من حق مأمور الضبط القضائي التحقق من عدم مخالفة السيارات في الطرق العامة أحكام قانون المرور، وهو في مباشرته لهذا الإجراء إنما يقوم بدوره الإداري الذي خوله إياه القانون، إلا أن ذلك مشروط بمراعاة ضوابط الشرعية المقررة للعمل الإداري، فلابد له أن يستهدف مصلحة عامة وأن يكون له سند من القانون وأن يلتزم بالحدود اللازمة لتحقيق غاية المشرع من منحه هذه الصلاحية وأن يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية وإلا وصف عمله بعدم المشروعية والانحراف بالسلطة، إضافة إلى أن الحكم لم يستظهر الصلة بين ما قال به شاهد الإثبات الأول من مشاهدته الطاعنين يقفان بسيارتهما على جانب الطريق في وقت متأخر من الليل وعدم تقديمهما له ما يثبت شخصيتهما وترخيص السيارة وبين ما أجراه شاهد الإثبات الثاني من تفتيش، ولم يبين كذلك ما إذا كانت الوقائع المتقدمة تشكل جريمة من الجنح التي يجوز فيها القبض على الطاعنين ومن ثم تفتيشهما وتفتيش سيارتهما تبعاً لذلك من عدمه. وكان ما تساند إليه الحكم في نطاق اطراحه الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بأن الطاعنين أقرا في محضر الضبط وتحقيق النيابة العامة بحيازتهما للمواد المخدرة المضبوطة، لا يصلح رداً على الدفع، لأن ذلك الإقرار هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على الإجراءات المدفوع ببطلانها، فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على صحتها. لما كان ذلك، فإن القبض الذي وقع على الطاعنين وتفتيشهما وسيارتهما - دون استصدار أمر قضائي - يكون وبحسب صورة الواقعة التي حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته في غير حالة تلبس بالجريمة التي دانهما بها أو توافر الدلائل الكافية على اتهامهما بها، ودون أن يوضح ما إذا كان الطاعنان قد قارفا ثمة جنحة مما تجيز القبض والتفتيش، وكان ما أورده الحكم تبريراً لاطراح الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش - فضلاً عن قصوره - لا يتفق وصحيح القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، خطأ حجبه عن الأنظار فيما قد يكون في الدعوى من أدلة أخرى مستقلة عن الإجراء الباطل الذي عول عليه، آخذاً بشهادة من أجراه، ولا يغني عن ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا بطل أحدها تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 29، 1/38، 1/42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم "1" من الجدول رقم "5" الملحق بالقانون الأول والمواد 112/ 1، 2 من القانون رقم 12 سنة 1999 أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه فساد في الاستدلال واعتوره خطأ في القانون، ذلك بأن الطاعنين دفعا ببطلان القبض عليهما وتفتيشهما والسيارة التي كانا يستقلانها لمباشرة هذه الإجراءات في غير الحالات التي يجيزها القانون، بيد أن الحكم رد على الدفع بما لا يصلح لاطراحه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه وحال قيام الملازم أول ...... رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بمركز ...... بتفقد الحالة الأمنية بدائرة المركز أبصر وقوف سيارة ملاكي تحمل رقم .... ملاكي .... ماركة بيجو وبها المتهمان ......، ...... وبسؤالهما عن تحقيق شخصيتيهما وتراخيص السيارة أجابا نفياً فاتصل بالملازم أول/ ..... معاون مباحث مركز ..... لمعاونته وبفحص السيارة بمعرفة الأخير اشتبه في صحة أرقامها وتم تفتيش السيارة بمعرفته أيضاً عثر بها على جوال من البلاستيك أسفل الإطار الاحتياطي بفضه تبين به خمس لفافات كبيرة الحجم بكل منها نبات أخضر يشبه نبات البانجو المخدر وقد ثبت أن المضبوطات من المواد المخدرة هي لنبات الحشيش المخدر وأنهم يحتفظون بها على نحو مؤثم" وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وما أوراه تقرير المعمل الكيماوي كما أورد مؤدى إقراري الطاعنين بالواقعة في تحقيقات النيابة العامة، ثم عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وتفتيشهما وتفتيش السيارة والدليل المستمد منها لكونها وليدة إجراءات باطلة بقوله. بعد أن سرد سابقة قضائية "وكان الثابت من وقائع الدعوى أن المتهمين كانا يقفان في وقت متأخر من الليل على جانب الطريق بالسيارة المضبوطة وإذ قام شاهد الإثبات الأول بالاتجاه نحوهما لاستكناه أمرهما إلا أنهما لم يقدما ما يفيد شخصيتيهما أو يقدما تراخيص السيارة المضبوطة وإذ استعان بشاهد الإثبات الثاني وحضر الأخير وإذ اشتبه في أرقام لوحتها المعدنية وقام بتفتيشها وتفتيش المتهمين وأقر المتهمان - على نحو ما سلف تبيانه - بحيازتهما للمضبوطات من المواد المخدرة وذلك بمحضر الضبط وتحقيق النيابة فإن الإجراءات التي اتخذت حيالهما وحيال السيارة تكون قد جاءت متفقة مع صحيح الواقع والقانون متعيناً رفض هذا الدفع والالتفات عنه". لما كان ذلك، وكانت المادة 1/41 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر يستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة. وذلك وفقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاً من التنقل أو كان دون ذلك من القيود، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطات القضائية المختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى، صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يُصدر أمراً بضبطه وإحضاره، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، فإذا جاز القبض على الشخص، جاز تفتيشه، وإن لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلين، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أم متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس، أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير، صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم - فيما سلف سرده - أن شاهد الإثبات الثاني بادر إلى تفتيش سيارة الطاعنين بعد أن اشتبه في صحة أرقام لوحاتها المعدنية، فعثر على جوال أسفل الإطار الاحتياطي للسيارة، ولم يتبين ما احتواه من مخدر إلا بعد فضه له، ومن ثم فإنه لم يكن أمام جريمة متلبس بها، وبالتالي فلم يكن له أن يتعرض للطاعنين بالقبض أو التفتيش ولا تفتيش السيارة التي كانا يستقلانها دون مبرر، أما وأنه قد فعل، فإن إجراءه يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة، ذلك أنه ولئن كان من حق مأمور الضبط القضائي التحقق من عدم مخالفة السيارات في الطرق العامة أحكام قانون المرور، وهو في مباشرته لهذا الإجراء إنما يقوم بدوره الإداري الذي خوله إياه القانون، إلا أن ذلك مشروط بمراعاة ضوابط الشرعية المقررة للعمل الإداري، فلابد له أن يستهدف مصلحة عامة وأن يكون له سند من القانون وأن يلتزم بالحدود اللازمة لتحقيق غاية المشرع من منحه هذه الصلاحية وأن يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية وإلا وصف عمله بعدم المشروعية والانحراف بالسلطة، إضافة إلى أن الحكم لم يستظهر الصلة بين ما قال به شاهد الإثبات الأول من مشاهدته الطاعنين يقفان بسيارتهما على جانب الطريق في وقت متأخر من الليل وعدم تقديمهما له ما يثبت شخصيتهما وترخيص السيارة وبين ما أجراه شاهد الإثبات الثاني من تفتيش، ولم يبين كذلك ما إذا كانت الوقائع المتقدمة تشكل جريمة من الجنح التي يجوز فيها القبض على الطاعنين ومن ثم تفتيشهما وتفتيش سيارتهما تبعاً لذلك من عدمه. وكان ما تساند إليه الحكم في نطاق اطراحه الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بأن الطاعنين أقرا في محضر الضبط وتحقيق النيابة العامة بحيازتهما للمواد المخدرة المضبوطة، لا يصلح رداً على الدفع، لأن ذلك الإقرار هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على الإجراءات المدفوع ببطلانها، فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على صحتها. لما كان ذلك، فإن القبض الذي وقع على الطاعنين وتفتيشهما وسيارتهما دون استصدار أمر قضائي يكون وبحسب صورة الواقعة التي حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته في غير حالة تلبس بالجريمة التي دانهما بها أو توافر الدلائل الكافية على اتهامهما بها، ودون أن يوضح ما إذا كان الطاعنان قد قارفا ثمة جنحة مما تجيز القبض والتفتيش، وكان ما أورده الحكم تبريراً لاطراح الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش - فضلاً عن قصوره - لا يتفق وصحيح القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، خطأ حجبه عن الأنظار فيما قد يكون في الدعوى من أدلة أخرى مستقلة عن الإجراء الباطل الذي عوّل عليه، آخذاً بشهادة من أجراه، ولا يغني عن ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا بطل أحدها تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.