الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

الطعن 3585 لسنة 81 ق جلسة 7 / 11 /2012 مكتب فني 63 ق 112 ص 621

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عمر محمدين، نادي عبد المعتمد، نائبي رئيس المحكمة، أبو الحسين فتحي وأشرف فريج.

--------------

(112)
الطعن رقم 3585 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد. دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قتل عمد. شروع. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جناية القتل العمد. تميزها قانوناً بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه. مناط تحقق هذا القصد؟
وجوب تحدث الحكم بالإدانة في جناية القتل العمد أو الشروع فيها عن الركن المعنوي استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة عليه وبيانها بياناً واضحاً.
مثال لتسبيب معيب في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار بما يدل عليه وبيان الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنه وكيفية انتهائها إلى ثبوته.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها.
مثال لتسبيب معيب في استظهار ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(4) قتل عمد. قانون "تطبيقه" "تفسيره". إكراه. سرقة. اقتران. ظروف مشددة. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
المادة 234/ 1، 2 عقوبات. مفادها؟
انتهاء الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه. دون مراعاة نص المادة 234 عقوبات. بالنظر إلى جناية القتل العمد مجردة عن ذلك الظرف عند توقيعها عقوبة الإعدام على الطاعنين. خطأ في تطبيق القانون. كون هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للفقرة الثالثة من هذه المادة. لا يغير من ذلك. أساس وعلة وأثر ذلك؟
-----------------
1- لما كان المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: "تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ..... رئيس مباحث قسم ..... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري قسم ..... بضبط وإحضار كل من (1) ..... (2) ..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات "توك توك" بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية ...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجني عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجني عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه"، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: "لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ..... لسنة ..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجني عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذي أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجني عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجني عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض ذلك أن ما أقرا به هو أنهما بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجني عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجني عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجني عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجني عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله.
3- لما كان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: "فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجني عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار" . لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه.
4- لما كانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانوناً وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معاً تبين أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما وهو فعل الاعتداء الذي وقع على المجني عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفاً مشدداً لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشدداً للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقاً لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفاً مشدداً هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام، لما كانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1- قتلا المجني عليه/ ...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض أداة "حبلاً" بأن استقل معه المتهم الأول الدراجة النارية "توك توك" التي يقودها المجني عليه وتتبعهما المتهم الثاني بدراجة نارية أخرى "توك توك" واستدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة ليلاً وما إن ظفرا به حتى كبلاه وخنقاه بالأداة "حبل" وألقيا به في مياه "بحر موسى" قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المجني عليه بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة وكبلاه وخنقاه واستوليا على الدراجة النارية "توك توك" التي كان يقودها والتصرف في بعض محتوياتها وكان ذلك ليلاً بالطريق العام على النحو المبين بالتحقيقات. 2- أحرز أداة "حبل" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يكون لحملها مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234/ 2، 314، 315/ ثانياً عقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً / 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 عقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة کل منهما بالإعدام. ثانياً: بإلزام كل منهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
ثانياً: عن عرض النيابة العامة للقضية:
حيث إن عرض النيابة العامة للقضية استوفى مقومات قبوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها: "تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ...... رئيس مباحث قسم ...... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري قسم ..... بضبط وإحضار كل من (1) ...... (2) ...... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات "توك توك" بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية ..... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجني عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجني عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه"، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: "لما كان ذلك وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ..... لسنة ....... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجني عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذي أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجني عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطله الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجني عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض - ذلك أن ما أقرا به هو أنهما - بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجني عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجني عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجني عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجني عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: "فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدا الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجني عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار"، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى کما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدا الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانوناً وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معاً تبين أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما وهو فعل الاعتداء الذي وقع على المجني عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه رکن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفاً مشدداً لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشدداً للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقاً لنص المادة 3/ 234 من قانون العقوبات لا المادة 2/ 234 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفاً مشدداً هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة التي قرر القانون لها - عند توافرها - عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ذلك، وكانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

الطعن 41358 لسنة 75 ق جلسة 10 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 81 ص 482

جلسة 10 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمود محاميد، منصور القاضي، مصطفى حسان ومحمد عبد الحليم نواب رئيس المحكمة.

----------------

(81)
الطعن رقم 41358 لسنة 75 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". أحوال شخصية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. قانون "الاعتذار بالجهل بالقانون".
الجهل بالواقع المختلط بالجهل بقاعدة مقررة في غير قانون العقوبات. اعتبار الجهل في جملته جهلاً بالواقع ينتفي به القصد الجنائي.
مثال في الجهل بأحكام قانون الأحوال الشخصية في شأن موانع الزواج.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت. إغفال التحدث عنها. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
-----------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما من الجريمة المسندة إليهما في قوله "وحيث إنه من المقرر قانوناً أنه متى كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهمين حين مباشرة عقد النكاح وهو مشروع في ذاته قررا بسلامة نية أمام المأذون وهو يثبته لهما عدم وجود مانع من موانعه كانا في الواقع يجهلان وجوده، وكانت المحكمة بناء على وقائع الدعوى وأدلتها المعروضة عليها قد اطمأنت إلى هذا الدفاع وعدتهما معذورين يجهلان وجود ذلك المانع ..... وأن جهلهما في هذه الحالة لم يكن لعدم علمهما بحكم أحكام قانون العقوبات وإنما هو جهل بقاعدة مقررة في قانون آخر هو قانون الأحوال الشخصية وهو جهل مركب من جهل بهذه القاعدة القانونية وبالواقع في وقت واحد مما يجب قانوناً في المسائل الجنائية اعتباره جهلاً بالواقع، وكان الحكم قد اعتبر الظروف والملابسات التي أحاطت بهذه دليلاً قاطعاً على صحة ما اعتقده من أنهما كانا يباشران عملاً مشروعاً للأسباب المقبولة التي يبرر لديها هذا الاعتقاد مما ينتفي معه القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة التزوير، وحيث إنه إعمالاً لما سلف وترتيباً عليه, ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهمين قد أقرا أمام المأذون حال تحرير عقد الزواج محل الواقعة خلوهما من الموانع الشرعية وقد أقر المتهم بتحقيقات النيابة بجهلة بوجود مانع وأصر على ذلك الدفاع أمام المحكمة، وكانت المحكمة تطمئن إلى ذلك الدفاع هذا فضلاً عن عدم توافر ركن القصد الجنائي في التزوير، الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك القضاء ببراءة المتهمين مما نسب إليهما عملاً بنص المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم المطعون فيه هي أن المتهمين حين مباشرة عقد النكاح وهو عمل مشروع في ذاته قررا بسلامة نية أمام المأذون وهو يثبته لهما عدم وجود مانع من موانعه كانا في الواقع يجهلان وجود هذا المانع، وكانت المحكمة بناء على وقائع الدعوى وأدلتها المعروضة عليها قد اطمأنت إلى هذا الدفاع وعدتهما معذورين يجهلان وجود ذلك المانع وأن جهلهما في هذا الحالة لم يكن لعدم علمهما بحكم من أحكام قانون العقوبات وإنما هو جهل بقاعدة مقررة في قانون آخر هو قانون الأحوال الشخصية وهو جهل مركب من جهل بهذه القاعدة القانونية وبالواقع في وقت واحد مما يجب قانوناً في المسائل الجنائية اعتباره في جملته جهلاً بالواقع، ولما كان الحكم قد اعتبر الظروف والملابسات التي أحاطت بهذا العذر دليلا قاطعاً على صحة ما اعتقده المطعون ضدهما من أنهما كانا يباشران عملاً مشروعاً وذلك للأسباب المعقولة التي تبرر لديهما هذا الاعتقاد مما ينتفي معه القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة التزوير، ومن ثم يكون الحكم إذ قضى ببراءة المتهمين قد طبق القانون تطبيقاً سليماً، ويكون منعى النيابة العامة في هذا الصدد غير سديد.
2- من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين، وكانت محكمة الموضوع فيما خلصت إليه من ذلك لم تتجاوز حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير ذي محل وهو لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في موضوع الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: اشتركا فيما بينهما والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو ..... مأذون ناحية ..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة عقد زواجهما رقم ..... والمقيدة بسجل الأحوال المدنية برقم ..... بتاريخ ...... حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويره بأن أقرا أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية على الرغم من أن المتهم الأول زوج شقيقة والدة المتهمة الثانية فحرر لمأذون عقد الزواج على هذا الأساس وتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للأول وغيابياً للثانية ببراءة كل من .... و..... مما هو منسوب إليهما وبمصادرة المحرر المزور المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة الاشتراك مع المأذون الحسن النية في ارتكاب تزوير في وثيقة زواجهما قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك أنه أسس قضاءه ببراءة المطعون ضدهما على عدم توافر القصد الجنائي في حقهما لعدم علمهما بالقاعدة الشرعية التي تحرم الجمع بين الزوجة وابنة أختها مع أن الثابت من التحقيقات وأوراق الدعوى ما يقطع بعلمهما بهذا المانع الشرعي، كما التفت الحكم عن أقوال شهود الإثبات الدالة على صحة إسناد الاتهام في حق المطعون ضدهما، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما من الجريمة المسندة إليهما في قوله "وحيث إنه من المقرر قانوناً أنه متى كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهمين حين مباشرة عقد النكاح وهو مشروع في ذاته قررا بسلامة نية أمام المأذون وهو يثبته لهما عدم وجود مانع من موانعه كانا في الواقع يجهلان وجوده، وكانت المحكمة بناء على وقائع الدعوى وأدلتها المعروضة عليها قد اطمأنت إلى هذا الدفاع وعدتهما معذورين يجهلان وجود ذلك المانع ..... وأن جهلهما في هذه الحالة لم يكن لعدم علمهما بحكم أحكام قانون العقوبات وإنما هو جهل بقاعدة مقررة في قانون آخر هو قانون الأحوال الشخصية وهو جهل مركب من جهل بهذه القاعدة القانونية وبالواقع في وقت واحد مما يجب قانوناً في المسائل الجنائية اعتباره جهلاً بالواقع، وكان الحكم قد اعتبر الظروف والملابسات التي أحاطت بهذه دليلاً قاطعاً على صحة ما اعتقده من أنهما كانا يباشران عملاً مشروعاً للأسباب المقبولة التي يبرر لديها هذا الاعتقاد مما ينتفي معه القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة التزوير، وحيث إنه إعمالاً لما سلف وترتيباً عليه، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهمين قد أقرا أمام المأذون حال تحرير عقد الزواج محل الواقعة خلوهما من الموانع الشرعية وقد أقر المتهم بتحقيقات النيابة بجهله بوجود مانع وأصر على ذلك الدفاع أمام المحكمة، وكانت المحكمة تطمئن إلى ذلك الدفاع هذا فضلاً عن عدم توافر ركن القصد الجنائي في التزوير، الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك القضاء ببراءة المتهمين مما نسب إليهما عملاً بنص المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم المطعون فيه هي أن المتهمين حين مباشرة عقد النكاح - وهو عمل مشروع في ذاته - قررا بسلامة نية أمام المأذون وهو يثبته لهما عدم وجود مانع من موانعه كانا في الواقع يجهلان وجود هذا المانع، وكانت المحكمة بناء على وقائع الدعوى وأدلتها المعروضة عليها قد اطمأنت إلى هذا الدفاع وعدتهما معذورين يجهلان وجود ذلك المانع وأن جهلهما في هذه الحالة لم يكن لعدم علمهما بحكم من أحكام قانون العقوبات وإنما هو جهل بقاعدة مقررة في قانون آخر هو قانون الأحوال الشخصية وهو جهل مركب من جهل بهذه القاعدة القانونية وبالواقع في وقت واحد مما يجب قانوناً في المسائل الجنائية اعتباره في جملته جهلاً بالواقع، ولما كان الحكم قد اعتبر الظروف والملابسات التي أحاطت بهذا العذر دليلاً قاطعاً على صحة ما اعتقده المطعون ضدهما من أنهما كانا يباشران عملاً مشروعاً وذلك للأسباب المعقولة التي تبرر لديهما هذا الاعتقاد مما ينتفي معه القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة التزوير، ومن ثم يكون الحكم إذ قضى ببراءة المتهمين قد طبق القانون تطبيقاً سليماً، ويكون منعى النيابة العامة في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين، وكانت محكمة الموضوع فيما خلصت إليه من ذلك لم تتجاوز حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير ذي محل وهو لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في موضوع الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 10985 لسنة 80 ق جلسة 14 / 1 / 2012 مكتب فني 63 ق 9 ص 82

جلسة 14 يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الحفيظ, ربيع شحاتة, نبيل مسعود وعباس عبد السلام نواب رئيس المحكمة.
--------------
(9)
الطعن 10985 لسنة 80 ق
(1) استيلاء على أموال أميرية. تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. موظفون عموميون. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 عقوبات. مناط تحققها؟ 
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟ 
استخلاص القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً. غير لازم. ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه. 
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمتي الاستيلاء على مال عام والتزوير في محرر عرفي.
(2) شروع. استيلاء على أموال أميرية. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". تزوير "أوراق عرفية".
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في استظهار أركان جريمتي الشروع في الاستيلاء على المال العام والإضرار العمدي. غير مجد. ما دامت المحكمة طبقت حكم المادة 32 عقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد. 
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمة التزوير. غير مجد. طالما عاقبته بعقوبة تدخل في حدود المقررة لجناية الاستيلاء على المال العام التي دانه بها مجردة من الظروف المشددة بارتباطها بجريمة تزوير محرر عرفي أو استعماله.
(3) رد. استيلاء على أموال أميرية.
رد الجاني مقابل المال الذي استولى عليه. لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء. علة ذلك؟
(4) رد. استيلاء على أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جزاء الرد يدور مع موجبه مع بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه. أساس ذلك؟ 
قضاء الحكم المطعون فيه برد الطاعن للمال المستولى عليه رغم ثبوت رده له. يعيبه. أثر ذلك؟
(5) غرامة. استيلاء على أموال أميرية. عقوبة "الإعفاء منها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
قيام المتهم بسداد المبلغ المستولى عليه. لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 عقوبات. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. أثر ذلك؟ المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.
(6) استيلاء على أموال أميرية. عزل. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه".
قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن والغرامة دون العزل من وظيفته. خلافاً لما تقضي به المادة 118 عقوبات. خطأ. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة ذلك؟
----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه في غضون الفترة من عام .... حتى ..... سنة .... وعلى أثر إسناد عمليات غسيل كلى للمرضى المعالجين على نفقة الدولة بمستشفى المتهم قام المذكور بالاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال مديرية الشئون الصحية ..... وذلك حيلة بقصد إضاعة المال على ربه والذي يعمل في ذات الحين موظفاً عاماً كبير أطباء بشريين بدرجة مدير عام بمستشفى الكلية التعليمي جامعة .... فقد هداه تفكيره إلى القيام بمطالبة مديرية الشئون الصحية والاستيلاء بغير حق على تلك الأموال وساند طلبه بكتابات مزورة أثبت بها على خلاف الحقيقة القيام بإجراء عمليات غسيل كلوي وصرف دواء لعدد من المرضى بأن أثبت بهذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد ...... مريضاً من المرضى الصادر لصالحهم قرارات وزارية بالعلاج على نفقة الدولة على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة .... محتجاً بصحة ما أثبت بها زوراً وصرف مبالغ قدرها .... وشروعه في الاستيلاء على مبالغ أخرى قدرها .... وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو وقف صرف المطالبات عقب ضبط الواقعة، كما أن المتهم أضر عمداً بأموال مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... بلغت قيمته ..... بأن قام بالاستيلاء على مبلغ ..... بغير حق مما أضاع على الجهة المشار إليها سلفاً المبلغ وفوائده كما أنه استعمل مواد فاسدة تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مديرية الشئون الصحية بمحافظة ..... التابعة لوزارة الصحة حال كونه غير عالم بفسادها وذلك بأن قام باستخدام مياه غير مطابقة للمواصفات القياسية في الأجهزة الخاصة بالغسيل الكلوي". وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال ..... عضو الرقابة الإدارية و....... و...... وأعضاء اللجان المشكلة ومما أثبت بملاحظات النيابة العامة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم للقصد الجنائي لدى الطاعن في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر مع المتهم بانتفاء القصد الجنائي فمردود بما هو مقرر قانوناً أن القصد الجنائي العام في جناية الاستيلاء بعنصريه عن علم وإرادة وهو أن يعلم المتهم بصفته كموظف عام وأن المال الذي استولى عليه مال عام أو أنه تحت يد إحدى الجهات التي نص عليها القانون ويتعين أن يعلم بماهية فعله وأن من شأنه الاعتداء على ملكية المال وعلى الأقل إخراج المال من حيازة الجهة العامة التي تحوزه. لما كان ذلك، وكان المتهم موظفاً عاماً كبير أطباء البشريين عالماً تمام العلم بهذه الصفة وقام وهو عالم بهذه الصفة بالاستيلاء على أموال مديرية الشئون الصحية ...... باستخدام طرق احتيالية من خلال قيامه بتزوير مطالبات تضمنت على - خلاف الحقيقة - قيامه بمعالجة مرضى تبين وفاتهم في تواريخ سابقة على تحرير تلك المطالبات وأوهم الجهة الحائزة للمال بأحقيته في هذا المال بمقر عمله في علاج المرضى واستولى بهذه الطريقة من الاحتيال على مبلغ ....... جنيهاً وشرع في الاستيلاء على مبلغ ....... جنيهاً وهو ما تأيد بتحريات هيئة الرقابة الإدارية وما قرره شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة تمام الاطمئنان وما أقر به المتهم بالتحقيقات بقيامه بتحرير المطالبات المزورة والتوقيع عليها ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن غير سديد يستوجب الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكانت الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولى الموظف العام أو من في حكمه على مال الدولة أو غيرها في الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه، وإذ كان البين مما سطره الحكم المطعون فيه فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن بصدد جريمتي الشروع في الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدي لا يجدى به نفعاً لأنه بفرض قصور الحكم في استظهار أركان تلك الجرائم فإن ذلك يوجب نقضه ما دامت المحكمة طبقت على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد. هذا إلى انتفاء مصلحته في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانه الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر أو استعماله.
3 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء رد الجاني مقابل المال الذي قام بالاستيلاء عليه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، فإن نعي الطاعن بأنه سدد المبالغ المستولى عليها لا يكون له محل.
4 - من المقرر أن المادة 118 من قانون العقوبات نصت على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته، كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". لما كان ذلك، وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نفسه أن الطاعن رد ما استولى عليه من مال، فإن الحكم إذ قضى بالرد يكون معيباً بما يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من رد.
5 - من المقرر أن قيام المتهم بسداد المبلغ المستولى عليه لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 من قانون العقوبات، وكان المال الذي استولى عليه الطاعن وأخرجته مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... محدداً بمبلغ ..... جنيه على وجه القطع لا يدخل فيه فوائد أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع، فإنه ما كان للمحكمة - حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة المبلغ المستولى عليه وتقضي بالغرامة على هذا الأساس ما دام أن المبالغ المستولى عليها هي وحدها التي يتعين حسابها بالنسبة لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام، أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسبما أوضحته الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 الحكم بتصحيح الخطأ، والحكم بمقتضى القانون، وذلك بجعل مقدار الغرامة المقضي بها مبلغ ....... جنيه ما دام تصحيح الحكم لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغاً مساوياً لما تم الاستيلاء عليه إلا أنه لم يقض بعزله من وظيفته على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون في هذا الصدد، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- بصفته موظفا عاما – كبير أطباء وحدة الكلى الصناعية بمستشفى .... التعليمي التابع لجامعة .... إحدى جامعات وزارة التعليم العالي – استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ ..... جنيها من أموال مديرية الشئون الصحية محافظة .... التابعة لوزارة الصحة وكان ذلك حيلة بأن تقدم بمطالبات مزورة بالقيمة آنفة البيان إلى إدارة شئون العلاج الحر بالمديرية سالفة الذكر تضمنت – على خلاف الحقيقة – قيامه بإجراء عمليات غسيل كلوي وصرف دواء لعدد من المرضى قاصدا من ذلك الاستيلاء على المبلغ آنف البيان وقد ارتبطت تلك الجناية بجريمتي تزوير محررات عرفية واستعمالها ارتباطا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان وبصفته سالفة الذكر غير بقصد التزوير موضوع المطالبات المبينة عددا ووصفا بالتحقيقات وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت بهذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد سبعة عشر مريضا من المرضى الصادر لصالحهم قرارات وزارية بالعلاج على نفقة الدولة على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة ..... محتجا بصحة ما أثبت بها زورا ولصرف المبلغ آنف البيان وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 215 من قانون العقوبات على النحو المبين بالأوراق. 2- بصفته آنفة البيان شرع في الاستيلاء بغير حق وبينة التملك على مبلغ .... جنيها من أموال مديرية الشئون الصحية بمحافظة ..... وكان ذلك حيلة بأن تقدم بمطالبات مزورة تضمنت – على خلاف الحقيقة – قيامه بعمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد من المرضى قاصدا من ذلك الاستيلاء على المبلغ المذكور وخاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته به وهو وقف صرف المطالبات آنفة البيان عقب ضبط الواقعة وقد ارتبطت تلك الجناية بجريمتي تزوير محررات عرفية واستعمالها ارتباطا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان وبصفته سالفة الذكر غير بقصد التزوير موضوع المطالبات المبينة عددا ووصفا بالتحقيقات وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت في هذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد من المرضى على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة .... محتجا بصحة ما أثبت بها زورا ولصرف المبلغ آنف البيان وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 215 عقوبات على النحو المبين بالأوراق. 3- بصفته سالفة الذكر استعمل مواد فاسدة تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... التابعة لوزارة الصحة حال كونه غير عالم بفسادها وذلك بأن قام باستخدام مياه غير مطابقة للمواصفات القياسية في الأجهزة الخاصة بعمليات الغسيل الكلوي على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 113/ 1، 2، 116 مكررا/ 1، 116 مكررا ج/ 3، 118، 118 مكررا، 119/ أ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات وبعد إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه برد المبلغ المختلس وبتغريمه مبلغا مساويا له وبحظر بمزاولة النشاط لمدة ثلاث سنوات وبنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه بإحدى الجرائد القومية الرسمية
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .......... إلخ.

-----------------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاستيلاء على مال عام والشروع فيه المرتبطين بجريمتي التزوير في محررات عرفية واستعمالها مع العلم بتزويرها والإضرار العمدي بالمال العام وجريمة استعمال مادة فاسدة غير عالم بفسادها تنفيذاً لعقد مقاولة قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون إذ حرر بصيغة عامة معماة دون أن يعني ببيان جريمة الشروع في الاستيلاء أو يدلل تدليلًا سائغاً على توافر القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء والتزوير إذ استدل على توافره في حق الطاعن من مجرد كون الطاعن كبير أطباء بشريين وهو ما لا يوفر علم الطاعن بالتزوير والتفت الحكم عن دفاع الطاعن بانتفاء الضرر في جريمة الإضرار العمدي أو باقي الوقائع لسداده كافة المبالغ محل الاتهام. هذا إلى أن الحكم قضى بإلزام الطاعن برد مبلغ ...... جنيهات وتغريمه مبلغاً مساوياً له رغم إثبات الحكم بمدوناته سداد الطاعن لهذا المبلغ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه في غضون الفترة من عام ... حتى .... سنة .... وعلى أثر إسناد عمليات غسيل كلى للمرضى المعالجين على نفقة الدولة بمستشفى المتهم قام المذكور بالاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال مديرية الشئون الصحية ..... وذلك حيلة بقصد إضاعة المال على ربه والذي يعمل في ذات الحين موظفاً عاماً كبير أطباء بشريين بدرجة مدير عام بمستشفى الكلية التعليمي جامعة ....... فقد هداه تفكيره إلى القيام بمطالبة مديرية الشئون الصحية. والاستيلاء بغير حق على تلك الأموال وساند طلبه بكتابات مزورة أثبت بها على خلاف الحقيقة القيام بإجراء عمليات غسيل كلوي وصرف دواء لعدد من المرضى بأن أثبت بهذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد ...... مريضاً من المرضى الصادر لصالحهم قرارات وزارية بالعلاج على نفقة الدولة على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة ...... محتجاً بصحة ما أثبت بها زورا وصرف مبالغ قدرها ....... جنيهاً "وشروعه في الاستيلاء على مبالغ أخرى قدرها ...... جنيهاً وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو وقف صرف المطالبات عقب ضبط الواقعة، كما أن المتهم أضر عمداً بأموال مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... بلغت قيمته ...... جنيهات بأن قام بالاستيلاء على مبلغ ....... جنيهاً بغير حق مما أضاع على الجهة المشار إليها سلفاً المبلغ وفوائده كما أنه استعمل مواد فاسدة تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مديرية الشئون الصحية بمحافظة ..... التابعة لوزارة الصحة حال كونه غير عالم بفسادها وذلك بأن قام باستخدام مياه غير مطابقة للمواصفات القياسية في الأجهزة الخاصة بالغسيل الكلوي". وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال ..... عضو الرقابة الإدارية و....... و...... وأعضاء اللجان المشكلة ومما أثبت بملاحظات النيابة العامة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم للقصد الجنائي لدى الطاعن في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر مع المتهم بانتفاء القصد الجنائي فمردود بما هو مقرر قانوناً أن القصد الجنائي العام في جناية الاستيلاء بعنصريه من علم وإرادة وهو أن يعلم المتهم بصفته كموظف عام وأن المال الذي استولى عليه مال عام أو أنه تحت يد إحدى الجهات التي نص عليها القانون ويتعين أن يعلم بماهية فعله وأن من شأنه الاعتداء على ملكية المال وعلى الأقل إخراج المال من حيازة الجهة العامة التي تحوزه. لما كان ذلك، وكان المتهم موظفاً عاماً كبير الأطباء البشريين عالماً تمام العلم بهذه الصفة وقام وهو عالم بهذه الصفة بالاستيلاء على أموال مديرية الشئون الصحية ...... باستخدام طرق احتيالية من خلال قيامه بتزوير مطالبات تضمنت - على خلاف الحقيقة - قيامه بمعالجة مرضى تبين وفاتهم في تواريخ سابقة على تحرير تلك - المطالبات وأوهم الجهة الحائزة للمال بأحقيته في هذا المال بمقر عمله في علاج المرضى واستولى بهذه الطريقة من الاحتيال على مبلغ ...... جنيهاً وشرع في الاستيلاء على مبلغ ....... جنيهاً وهو ما تأيد بتحريات هيئة الرقابة الإدارية وما قرره شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة تمام الاطمئنان وما أقر به المتهم بالتحقيقات بقيامه بتحرير المطالبات المزورة والتوقيع عليها ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن غير سديد يستوجب الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكانت الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولي الموظف العام أو من في حكمه على مال الدولة أو غيرها في الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه، واذ كان البين مما سطره الحكم المطعون فيه فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله
هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن بصدد جريمتي الشروع في الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدي لا يجدي به نفعاً لأنه بفرض قصور الحكم في استظهار أركان تلك الجرائم فإن ذلك يوجب نقضه ما دامت المحكمة طبقت على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد. هذا إلى انتفاء مصلحته في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانه الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر أو استعماله. لما كان ذلك، وكان لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء رد الجاني مقابل المال الذي قام بالاستيلاء عليه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، فإن نعي الطاعن بأنه سدد المبالغ المستولى عليها لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 118 من قانون العقوبات نصت على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112, 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكررا فقرة أولى, 114, 115, 116, 116 مكررا, 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته، كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112, 113 فقرة أولى وثانية ورابعة, 113 مكررا فقرة أولى, 114, 115, بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". لما كان ذلك، وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نفسه أن الطاعن رد ما استولى عليه من مال، فإن الحكم إذ قضى بالرد يكون معيباً بما يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من رد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قيام المتهم بسداد المبلغ المستولى عليه لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 من قانون العقوبات، وكان المال الذي استولى عليه الطاعن وأخرجته مديرية الشئون الصحيحة بمحافظة .... محدداً بمبلغ ....... جنيه على وجه القطع لا يدخل فيه فوائد أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع، فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة المبلغ المستولى عليه وتقضي بالغرامة على هذا الأساس ما دام أن المبالغ المستولى عليها هي وحدها التي يتعين حسابها بالنسبة لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام، أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، واذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين - حسبما أوضحته الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - الحكم بتصحيح الخطأ, والحكم بمقتضى القانون، وذلك بجعل مقدار الغرامة المقضي بها مبلغ ...... جنيه ما دام تصحيح الحكم لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغاً مساوياً لما تم الاستيلاء عليه إلا أنه لم يقضي بعزله من وظيفته على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون في هذا الصدد، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.

الطعن 5221 لسنة 81 ق جلسة 1 / 3 / 2012 مكتب فني 63 ق 36 ص 245

جلسة 1 مارس سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد القوي أحمد، رأفت عباس، طارق سليم نواب رئيس المحكمة ود. أحمد البدري.
---------------
(36)
الطعن 5221 لسنة 81 ق
طفل. عقوبة "تطبيقها". إثبات "أوراق رسمية" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
وجوب استظهار الحكم بإدانة الطفل سنه بمستند رسمي أو بمعرفة أهل الخبرة. علة وأساس ذلك؟ 
تقدير سن الطفل. موضوعي. تعرض محكمة النقض له. غير جائز. شرط ذلك؟ 
عدم استظهار الحكم المطعون فيه سن الطاعن طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل. قصور. أثر ذلك: وجوب نقضه والإعادة للطاعنين. علة ذلك؟
مثال.
------------------
لما كان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أن سن الطاعن سبع عشرة سنة، وقد أورد الحكم في مدوناته حضور الباحث الاجتماعي الذي قدم عنه تقريراً لأنه "طفل". لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن المذكور بجريمة السرقة بالإكراه، وهي الجريمة المؤثمة عقاباً بالمادة 315/ أولاً، ثانياً من قانون العقوبات، ومواد القانون رقم 394 لسنة 1954، وإذ كانت الجريمة التي دين بها الطاعن عملاً بمواد العقاب سالفة الذكر هي السجن المؤبد أو المشدد، إلا أنه لما كان الثابت من الحكم أن الطاعن "طفل"، فقد وجب استبدال العقوبة المنوه عنها فيما سلف بعقوبة أخف منها على السياق الذي تضمنه نص المادة 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 في شأن إصدار قانون الطفل، وذلك إذا لم يجاوز سن "الطفل" الثامنة عشرة، ولم يبلغ الخامسة عشر. أما إذا لم تجاوز سنه الخمس عشرة سنة ميلادية كاملة فقد تعين وجوباً الاكتفاء بالحكم عليه بأحد التدابير المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الطفل آنف الذكر. ومن ثم فقد أضحى تعيين سن المتهم الذي يعامل بأحكام هذا القانون مسألة أولية يتوقف عليها تعيين العقوبة التي توقع عليه أو قدرها، مما يوجب على الحكم الصادر بإدانته أن يستظهر في مدوناته سن المتهم "الطفل" بالمعنى الذي بينته المادة الثانية من القانون المذكور بموجب شهادة ميلاده، أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر، وإلا تعين تقدير السن بمعرفة أهل الخبرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان الأصل أن تقدير السن هو أمر متعلق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له، إلا أن محل ذلك أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في هذا الشأن، وإذ كان الحكم المطعون فيه رغم أنه عامل الطاعن باعتبار أنه "طفل" إلا أنه لم يعن البتة باستظهار سنه على السياق الذي نصت عليه المادة الثانية من القانون 12 لسنة 1996 سالفة الذكر، ولا يكفي في هذا المقام ما أورده الحكم من أن الطاعن الأول طفل، مادام أنه لم يفصح عن سنده في ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وهو ما يتسع له وجه الطعن، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة له وللطاعن الآخر وذلك لحسن سير العدالة، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الآخر.
------------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- ..... "طاعن" 2- .... 3- ... 4- .... "طاعن" بأنهم: 1- المتهمون من الأول حتى الثالث: سرقوا الدراجة البخارية "توك توك" المبين وصفاً وقيمة بالأوراق المملوك لـ...... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على ..... وذلك بأن استوقفه الثاني والثالث حال سيره بالطريق العام واستدرجاه لطريق خال من المارة بزعم توصيلهما وأشهرا في وجهه سلاحين أبيضين "سكينين" وأوثقاه بإحدى الأشجار حال قيام الأول بمراقبة الطريق لهما بموقع الحادث حتى إتمامه فبثوا الرعب في نفسه وشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات. 2- المتهمان الثاني والثالث: أحرزا بغير ترخيص سلاحين أبيضين "سكينين". 3- المتهم الرابع: أخفى شيئاً "دراجة بخارية" والمتحصلة من جناية السرقة آنفة البيان بأن قام بشرائها من المتهمين الثلاثة المذكورين مع علمه بكونها متحصلة من تلك الجناية
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والرابع وغيابياً للثاني والثالث عملاً بالمادتين 44 مكرراً/2، 315/ أولاً، ثانياً من قانون العقوبات والمادتين 1/1، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 6 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون، والمواد 2/1، 95، 112/ 1، 2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 الصادر في شأن إصدار قانون الطفل والمعدل مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما هو منسوب إليهما. ثانياً: بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليه. ثالثاً: بمعاقبة المتهم الأخير بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما هو منسوب إليه
فطعن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.
--------------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن ..... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة سرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب إذ اعتوره الغموض والإبهام، ذلك أنه أسند له دوراً مع باقي المتهمين في ارتكاب الجريمة تمثل في سيره خلف "التوك توك" الذي يستقله المتهمان الثاني والثالث قيادة المجني عليه رغم أن هذا الأخير لم يتعرف على الطاعن عند عرضه عليه في جمع من أشباهه، كما خلت الأوراق مما يفيد ما نسبه إليه الحكم، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أن سن الطاعن سبعة عشر سنة، وقد أورد الحكم في مدوناته حضور الباحث الاجتماعي الذي قدم عنه تقريراً لأنه "طفل". لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن المذكور بجريمة السرقة بالإكراه، وهي الجريمة المؤثمة عقاباً بالمادة 315/ أولاً، ثانياً من قانون العقوبات، ومواد القانون رقم 394 لسنة 1954، وإذ كانت الجريمة التي دين بها الطاعن عملاً بمواد العقاب سالفة الذكر هي السجن المؤبد أو المشدد، إلا أنه لما كان الثابت من الحكم أن الطاعن "طفل"، فقد وجب استبدال العقوبة المنوه عنها فيما سلف بعقوبة أخف منها على السياق الذي تضمنه نص المادة 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 في شأن إصدار قانون الطفل وذلك إذا لم يجاوز سن "الطفل" الثامنة عشرة، ولم يبلغ الخامسة عشرة. أما إذ لم تجاوز سنه الخمس عشرة سنة ميلادية كاملة فقد تعين وجوباً الاكتفاء بالحكم عليه بأحد التدابير المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الطفل آنف الذكر. ومن ثم فقد أضحى تعيين سن المتهم الذي يعامل بأحكام هذا القانون مسألة أولية يتوقف عليها، تعيين العقوبة التي توقع عليه أو قدرها، مما يوجب على الحكم الصادر بإدانته أن يستظهر في مدوناته سن المتهم "الطفل" بالمعنى الذي بينته المادة الثانية من القانون المذكور بموجب شهادة ميلاده، أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر، وإلا تعين تقدير السن بمعرفة أهل الخبرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان الأصل أن تقدير السن هو أمر متعلق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له، إلا أن محل ذلك أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في هذا الشأن، وإذ كان الحكم المطعون فيه رغم أنه عامل الطاعن باعتبار أنه "طفل" إلا أنه لم يعن البتة باستظهار سنه على السياق الذي نصت عليه المادة الثانية من القانون 12 لسنة 1996 سالفة الذكر، ولا يكفي في هذا المقام ما أورده الحكم من أن الطاعن الأول طفل، مادام أنه لم يفصح عن سنده في ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وهو ما يتسع له وجه الطعن مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة له وللطاعن الآخر وذلك لحسن سير العدالة، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الآخر.

الاثنين، 15 أغسطس 2016

الطعن 15906 لسنة 80 ق جلسة 9 / 2 / 2012 مكتب فني 63 ق 34 ص 238

برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الجواد موسى, حاتم كمال, عامر عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة وخالد سليمان.
------
- 1  تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض".
القضاء بتوافر الخطأ المستوجب للتعويض. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
- 2  تعويض "صور التعويض: التعويض عن الخطأ الشخصي: التعويض عن إساءة استعمال الحق"
الاستعمال المشروع للحق. لا يرتب مسئولية عما ينشأ عن ذلك من ضرر للغير. اعتبار استعمال صاحب الحق استعمالا غير مشروع. شرطه. انتفاء كل مصلحة له في استعماله. المادتان 4، 5 مدني.
مؤدى المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر للغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يستحق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.
- 3  تعويض "صور التعويض: التعويض عن الخطأ الشخصي: التعويض عن إساءة استعمال الحق"
معيار الموازنة بين مصلحة الحق وبين الضرر الواقع على الغير. معيار مادي دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور.
المقرر أن معيار الموازنة بين المبتغي في هذه الصورة - إساءة استعمال الحق - وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً، إذ لا تتبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب.
- 4  بنوك "عمليات البنوك: سلطة البنك في منح القرض". تعويض "الخطأ الموجب للتعويض".
للبنك سلطة رفض أو منح القرض لاعتبارات يقدرها حفاظا على أمواله. م 3 من قرار رقم 65 لسنة 1975 بشأن تأسيس شركة مساهمة باسم البنك الصناعي. امتناع البنك الطاعن عن تمويل اختراع المطعون ضده. مرده. سوء حالته المادية وتعثره في سداد قروض وتسهيلات سابقة. صدور تعليمات البنك المركزي بمنع منح قروض للمتعسرين ولو بضمانات كافية. أثره. انحسار ركن الخطأ الموجب للتعويض. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.
مفاد نص المادة الثالثة من الباب الأول من القرار رقم 65 لسنة 1975 بشأن تأسيس شركة مساهمة باسم البنك الصناعي بأن يكون التمويل لصناعة متكاملة لعناصر النجاح وبحاجة إلى المال المطلوب وأن تُفرض هذه القروض في الأغراض الصناعية التي مُنحت من أجلها بما يعني أن للبنك سلطة منح القرض للعميل أو رفضه لاعتبارات يقدرها هو للحفاظ على أمواله. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن امتناع البنك الطاعن عن تمويل اختراع المطعون ضده كان مرده سوء حالة الأخير المالية وتعسره في سداد ما عليه من ديون تمثلت في قرض وتسهيلات سابقة بما يعد من العملاء الممنوع التعامل معهم وفقاً لتعليمات البنك المركزي التي تحظر على البنوك منح أية تسهيلات لهؤلاء العملاء المتعسرين حتى ولو كانت بضمانات كافية واستدل البنك على صحة مسلكه في هذا الصدد بإقامة العديد من القضايا للمطالبة بمستحقاتها قبل المطعون ضده ولا يغير من ذلك أنها أقيمت بعد حظر التعامل معه لأنه من نافلة القول أن تعسر المدين كان قائماً عن تعاملات تراكمية سابقة ألجأت البنك إلى إقامة هذه الدعاوى قبله بعد أن لم تجد نفعاً المطالبات الودية، وبذلك فإن دعوى المطعون ضده قد انحسر عنها أحد أركان المسئولية المستوجبة للتعويض وهو ركن الخطأ، وهو ما أيده تقرير الخبير من أن موقف البنك لا يشكل خطأ في جانبه ولا يوجد ضرر لحق بالمطعون ضده لعدم ثبوت هذا الخطأ، كما أن مسلك البنك على هذا النحو لا يعد انحرافاً عن السلوك المألوف أو تعسفاً في استعمال الحق بغية الإضرار بالمطعون ضده أو النكاية به وإنما كان استعمالاً لحق مشروع له، قصدا منه الحفاظ على أمواله ومنع إهدارها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ...... لسنة 2002 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن وآخر بأن يؤديا له بالتضامن مبلغ 6000000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً .... على سند من القول أنه قام بتصنيع واختراع مفتاح كهربائي أوتوماتيكي بمصر من خامات محلية, وتقدم بطلب للجنة التصنيع المحلي ببنك ........ للحصول على قرض لتمويل هذا المشروع التي قامت بتحويله للبنك الطاعن, إلا أنه رفض منحه هذا القرض مخالفاً بذلك الغرض الذي أنشئ من أجله مما يعد ذلك تعسفاً منه في استعمال حقه في التمويل مما يستوجب التعويض المطالب به فكانت دعواه, وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب رفض الدعوى الأصلية وإلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً جراء إساءة حق التقاضي, ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى, وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى للتحقيق, وبتاريخ 28/ 4/ 2009 حكمت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية, استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 65ق الإسكندرية, وبتاريخ 28/ 7/ 2010 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بالتعويض المادي والأدبي الذي قدرته. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة, وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, إذ أسس قضاءه بالتعويض على خطأ البنك الطاعن برفضه تمويل اختراع المطعون ضده وتعسفه في استعمال حقه, حال أن امتناعه عن هذا التمويل كان بسبب توقفه عن سداد قروض سابقة منحت له مما يعد من العملاء المحظور التعامل معهم وفقاً لتعليمات البنك المركزي بدليل إقامة بنك مصر ضده العديد من القضايا للمطالبة بمستحقاته قبله, وهو ما ينتفي معه ركن الخطأ في جانبه وذلك ما أيده تقرير الخبير المنتدب في الدعوى بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض, وأن مؤدى المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر للغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق. كما أن معيار الموازنة بين المبتغي في هذه الصورة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً, إذ لا تتبع فكرة إساءة استعمال الحق لدواعي الشفقة وإنما هي من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب, ولما كان ذلك وكان مفاد نص المادة الثالثة من الباب الأول من القرار رقم 65 لسنة 1975 بشأن تأسيس شركة مساهمة باسم البنك الصناعي بأن يكون التمويل لصناعة متكاملة لعناصر النجاح وبحاجة إلى المال المطلوب وأن تقرض هذه القروض في الأغراض الصناعية التي منحت من أجلها بما يعني أن للبنك سلطة منح القرض للعميل أو رفضه لاعتبارات يقدرها هو للحفاظ على أمواله. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن امتناع البنك الطاعن عن تمويل اختراع المطعون ضده كان مرده سوء حالة الأخير المالية وتعسره في سداد ما عليه من ديون تمثلت في قروض وتسهيلات سابقة بما يعد من العملاء الممنوع التعامل معهم وفقاً لتعليمات البنك المركزي التي تحظر على البنوك منح أية تسهيلات لهؤلاء العملاء المتعسرين حتى ولو كانت بضمانات كافية واستدل البنك على صحة مسلكه في هذا الصدد بإقامة العديد من القضايا للمطالبة بمستحقاتها قبل المطعون ضده ولا يغير من ذلك أنها أقيمت بعد حظر التعامل معه لأنه من نافلة القول أن تعسر المدين كان ناتجاً عن تعاملات تراكمية سابقة ألجأت البنك إلى إقامة هذه الدعاوى قبله بعد أن لم تجد نفعاً معه المطالبات الودية, وبذلك فإن دعوى المطعون ضده قد انحسر عنها أحد أركان المسئولية المستوجبة للتعويض وهو ركن الخطأ, وهو ما أيده تقرير الخبير من أن موقف البنك لا يشكل خطأ في جانبه ولا يوجد ضرر لحق بالمطعون ضده لعدم ثبوت هذا الخطأ, كما أن مسلك البنك على هذا النحو لا يعد انحرافاً عن السلوك المألوف أو تعسفاً في استعمال الحق بغية الإضرار بالمطعون ضده أو النكاية به وإنما كان استعمالاً لحق مشروع له, قصداً منه الحفاظ على أمواله ومنع إهدارها, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وبما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وإذ التزم الحكم المستأنف النظر المتقدم فإنه يتعين تأييده ورفض الاستئناف المقام تبعاً له