الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 مايو 2016

الأصل في النصوص التشريعية تطابقها مع أحكام الدستور

الطعن 143 لسنة 33 قضائية "دستورية " جلسة 2/4/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من إبريل سنة 2016م، الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 143 لسنة 33 قضائية "دستورية".

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 274 لسنة 2009 أمام محكمة العجوزة الجزئية؛ طلبًا للحكم بإلزام الشركة المصرية لخدمات النقل والتجارة بأن تؤدي لها مبلغ 4270 دولارا وفوائده القانونية، ومبلغ خمسمائة ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي، لعدم التزامها بتسليم البضاعة المتفق على نقلها, وبجلسة 29/3/2010 قضت تلك المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل في موضوعها في الدعوى رقم 2589 لسنة 2003 مدني كلي شمال الجيزة، وألزمت الشركة المدعية بالمصروفات، فطعنت على هذا الحكم بالاستئناف رقم 641 لسنة 2010 أمام محكمة الجيزة الابتدائية، حيث قضت بجلسة 30/9/2010 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبناء على ذلك أصدر رئيس المحكمة أمر تقدير الرسوم بموجب المطالبة رقم 991 لسنة 2010/ 2011 بمبلغ 25943.72 جنيهًا قيمة الرسم النسبي، وبمبلغ 12971.86 جنيهًا قيمة رسم صندوق الخدمات، فأقامت الشركة المدعية التظلم رقم 159 لسنة 2011 أمام محكمة الدقي الجزئية، بطلب الحكم بإلغاء قائمة الرسوم المشار إليها؛ على سند من القول بأن حكم أول درجة إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى؛ فإنه لم يفصل في موضوعها، مما مؤداه أن الشركة المدعية لا تُعتبر خاسرة لدعواها، وبجلسة 4/6/2011 دفعت بعدم دستورية القانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، وطلبت أجلاً لاتخاذ إجراءات إقامة الدعوى الدستورية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد وفقًا لما أقام به المدعي دعواه في حدود ما صرحت به محكمة الموضوع بعد تقديرها جدية الدفع بعدم الدستورية مرتبطًا بالطلبات الموضوعية وكان المدعي قد قصر دعواه الدستورية الماثلة على طلب الحكم بعدم دستورية القانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، فمن ثم يتحدد نطاق الدعوى الماثلة في نصوص هذا القانون دون سواها، وينحسر - تبعًا لذلك - عن نصي المادتين (14) و(16) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه
وحيث إن المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن: "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: أ- ........... ب- إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي؛ أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادًا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم تُرفع الدعوى في الميعاد اُعتبر الدفع كأن لم يكن". 
وتنص المادة (30) من القانون ذاته على أنه: "يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة؛ بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المُدعى بمخالفته وأوجه المخالفة". 
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ما تغياه قانونها بنص المادة (30) منه، من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية أو قرار الإحالة بيانًا بالنص التشريع المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه هذه المخالفة، هو ألاّ تكون صحيفة الدعوى أو قرار الإحالة مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة؛ ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيًا؛ فلا تصير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطرابًا حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعًا من إعداد دفاعهم ابتداءً وردًا وتعقيبًا في المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى وإعداد تقرير يكون فيه تعيين هذه المسائل ممكنًا، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئًا عن حقيقتها
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك أن الأصل في النصوص التشريعية هو افتراض تطابقها مع أحكام الدستور، ويتعين - تبعًا لذلك - وإعمالاً لهذا الافتراض، وكشرط مبدئي لإنفاذ محتواه، أن تكون المطاعن الموجهة إلى هذه النصوص جلية في معناها، واضحة في الدلالة على المقصود منها، لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض، وبوجه خاص؛ كلما كان النص التشريعي المطعون فيه مكونًا من عدة أجزاء يقوم كل منها مستقلا عن الآخر في مضمونه؛ إذ يتعين على الطاعن أن يبين على وجه التحديد أيها وقع في تقديره منافيًا لأحكام الدستور، وإلا كان الطعن غير مقبول
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت الشركة المدعية قد دفعت أمام محكمة الدقي الجزئية بعدم دستورية القانون رقم 126 لسنة 2009 المشار إليه، فصرحت المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية، ثم قضت بوقف الدعوى تعليقًا، وذلك تأسيسًا على أن الحكم في الدعوى الموضوعية يتوقف على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا في شأن القانون المطعون فيه دون أن يتوافر أمامها دفع واضح المعالم عن النصوص التشريعية - محل الطعن - والنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه تلك المخالفة، بما مؤداه انتفاء القول بتقدير محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، ليضحى تصريحها بإقامة الدعوى الدستورية واردًا على غير محل، ومن ثم تغدو الدعوى الماثلة غير مستوفية للأوضاع الشكلية المنصوص عليها بالمادتين (29/ ب) و(30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الإغفال التشريعي مسألة تخويل الزوج خيار فسخ عقد الزواج

الطعن 93 لسنة 30 قضائية  "دستورية " جلسة 2/4/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من إبريل سنة 2016م، الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 93 لسنة 30 قضائية "دستورية".

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها الأولى كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 177 لسنة 2006 أسرة مركز المنصورة، أبدت فيها أنها زوجة له بموجب العقد المؤرخ 12/8/2005، بيد أن المدعي أساء عشرتها؛ بأن ضربها وسبها، وبدد منقولات الزوجية، فضلاً عن امتناعه عن الإنفاق عليها، وطلبت في ختام صحيفة دعواها تطليقها منه طلقة بائنة
وأثناء نظر الدعوى أقام المدعي ضد المدعى عليها الأولى دعوى فرعية طلب فيها فسخ عقد الزواج؛ على سند من مرض المدعية، قبل العقد، بمرض لا يمكن الشفاء منه، وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1929، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، أقام الدعوى الماثلة
وحيث إن المدعي وان دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985, وعاود المطالبة في ختام صحيفة دعواه الدستورية بعدم دستورية هذه المادة، بيد أنه وقد أثبت بمتن صحيفة الدعوى الدستورية نص المادة (9) من القانون 25 لسنة 1920، ووجه مناعيه لتلك المادة، فيما زعمه من إخلالها بالمساواة بين الزوج والزوجة، حين منحت الزوجة، دون الزوج، الحق في طلب فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم, ومن ثم يكون حقيقة نعي المدعي منصبا على طلب عدم دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985
وحيث إنه من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة إلا باجتماع شرطين: أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعيا مباشرا ممكنًا تداركه قد لحق بالمدعي، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه
وحيث إن المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المشار إليه تنص على أن "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيبًا مستحكمًا لا يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به. فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق"، وواضح من هذا النص أنه قد رخص للزوجة في طلب التفريق للعيب، وقد أورد النص أمثلة للعيوب التي تجيز لها ذلك، إلا أنه يجمعها أنها من العيوب المَرَضية المستحكمة التي لا يمكن البرء منها أو يمكن ذلك بعد زمن طويل، بحيث لا يمكنها معها المقام معه إلا بضرر، لما كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية التي أقامتها المدعى عليها الأولى ضد زوجها المدعي قد انصبت على طلب القضاء بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، لأسباب حصرتها في إساءة عشرتها بتعديه عليها بالسب والقذف والضرب وامتناعه عن الإنفاق عليها وتبديده لمنقولات الزوجية وتهديده إيّاها، وهو ما يخضع لحكم المادة (6) من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، حال أن نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 قد تناول حق الزوجة في طلب التفريق للعيوب المَرَضية المستحكمة، ولم يتناول بالتنظيم مسألة تخويل الزوج خيار فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم في الزوجة أو للغش والتدليس والآثار المترتبة على ذلك، ومن ثم يكون المرجع في شأن هذا الأمر وقد سُكِت عنه إلى أرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة، طبقًا للمادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية التي تنص على أن "تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة "باعتباره النص الحاكم لهذا الموضوع، وتبعًا لذلك فإن الفصل في دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المار ذكره، لا يكون ذا أثر أو انعكاس على الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع، وقضاء تلك المحكمة فيها، ولا يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني عما كان عليه قبل رفع الدعوى الدستورية الماثلة، أو يحقق له مراميه في الدعوى الموضوعية أو دعواه الفرعية المرتبطة بها، مما تنتفي معه مصلحته الشخصية في الطعن على هذا النص، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

تقدير محكمة الاستئناف للدفع بعدم الدستورية قبل ضم مفردات الدعوى

الطعن 313 لسنة 23 قضائية  "دستورية " جلسة 2/4/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من إبريل سنة 2016م، الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 313 لسنة 23 قضائية "دستورية".

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - استأجر مورث المدعيات – إيطالي الجنسية – من المدعى عليه الرابع، عين النزاع المبينة بالأوراق، بغرض استعمالها سكنًا له ولأفراد عائلته، الحاملين للجنسية الإيطالية. وبعد وفاته بتاريخ 24/3/1996، اكتسبت ابنته – المدعية الثالثة – الجنسية المصرية اعتبارا من 16/6/1998, بموجب القرار الوزاري رقم 2233 لسنة 1998. وبتاريخ 26/11/1998 أقام المدعى عليه الرابع الدعوى رقم 19751 لسنة 1998 إيجارات، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد المدعيات، طلبًا للحكم بطردهن من العين المؤجرة، وتسليمها له خالية، لانتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر. وبجلسة 28/3/2001, أجابته المحكمة لطلباته، تأسيسًا على أن الخطاب في الفقرة الرابعة من المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981, ينصرف فحسب إلى الزوجة المصرية وأولادها من المستأجر غير المصري، فضلاً عن انتهاء العقد بوفاة المستأجر قبل اكتساب ابنته الجنسية المصرية. فاستأنفت المدعيات ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد الاستئناف برقم 2635 لسنة 5 قضائية، وأثناء نظره بجلسة 31/7/2001, قدمت المدعيات مذكرة, أبدين فيها دفعًا بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (17( من القانون المشار إليه. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت المدعيات الدعوى الماثلة
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليه الرابع بعدم قبول الدعوى لعدم اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا على النحو المقرر بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، على سند من أن محكمة الاستئناف صرحت للمدعيات بإقامة الدعوى الدستورية، قبل ضم مفردات الدعوى، بما يكشف عن عدم تقديرها لجدية الدفع بعدم الدستورية الذي أبدي من قبلهن بجلسة 31/7/2001، فمردود بأن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع بعدم الدستورية يفترض أمرين، أولهما: أن يكون النص التشريعي محل الدفع لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي، وثانيهما: أن تكون للمطاعن الدستورية في شأن هذا النص ما يظاهرها. متى كان ذلك، وكانت مذكرة المدعيات المقدمة بالجلسة المشار إليها، قد تضمنت فضلاً عما ورد في صحيفة الاستئناف بشأن قضاء محكمة أول درجة بطردهن من عين النزاع، لعدم توافر شروط سريان عقد الإيجار لهن وفقًا لما يوجبه نص الفقرة الرابعة من المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، فقد اشتملت المذكرة أيضًا على دفع بعدم دستورية ذلك النص، لما ارتأته المدعيات من أوجه عوار شابته. ومن ثم، يكون تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع المبدى بعدم دستورية ذلك النص قد أنبنى على أساس سليم، وهو ما تأكد بقضائها الصادر بجلسة 27/11/2001، بوقف الاستئناف تعليقًا لحين الفصل في القضية الدستورية الماثلة
وحيث إن المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، قد اشتملت على أربع فقرات، نصت أولاها على أن "تنتهي بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدد المحددة قانونًا لإقامتهم بالبلاد". ونصت ثانيتها على أن "وبالنسبة للأماكن التي يستأجرها غير المصريين في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاءها إذا ما انتهت إقامة المستأجر غير المصري في البلاد". ونصت ثالثتها على أن "وتثبت إقامة غير المصري بشهادة من الجهة الإدارية المختصة، ......". ونصت الفقرة الرابعة على أن "ومع ذلك، يستمر عقد الإيجار، بقوة القانون، في جميع الأحوال، لصالح الزوجة المصرية ولأولادها منه، الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة، ما لم يثبت مغادرتهم البلاد نهائيا". 
وحيث إن هيئة قضايا الدولة، والمدعى عليه الرابع، دفعا بعدم قبول الدعوى فيما جاوز الفقرة الرابعة من النص المطعون فيه
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها بموجب نص البند (ب) من المادة) 29) من قانونها المشار إليه، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيه جديته. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع – والثابت بمحضر جلسة 31/7/2001، وفي مذكرة دفاع المدعيات – قد انصرف إلى نص الفقرة الرابعة من المادة) 17) من القانون رقم 136 لسنة 1981، وفي هذه الحدود اقتصر تقدير الجدية وتصريح محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية. ومن ثم، فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد في تلك الفقرة وحدها، دون باقي فقرات تلك المادة، لتضحى إقامة الدعوى بشأنها، بمثابة دعوى مباشرة، لم تتصل بالمحكمة الدستورية العليا على النحو المقرر بقانونها
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها – وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ولا تعتبر المصلحة متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعي - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررا مباشرا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، تدور حول طلب استمرار عقد إيجار المسكن لأولاد المستأجر غير المصري، من زوجته غير المصرية، الذين اكتسبوا الجنسية المصرية، بعد وفاته. وكان النص المطعون فيه قد قصر استمرار عقد إيجار المستأجر الأجنبي بعد انتهاء إقامته بالبلاد، على الزوجة المصرية ولأولادها من زوجها المستأجر غير المصري، فإن مصلحة المدعية الثالثة في الطعن على ذلك النص تكون متحققة، بحسبان أن الفصل في دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه المباشر على الطلبات في الدعوى الموضوعية. ويتحدد نطاق الدعوى الماثلة فيما تضمنه نص الفقرة الرابعة من المادة) 17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، من قصر استمرار عقد الإيجار على أولاد الزوجة المصرية من زوجها المستأجر غير المصري، عند انتهاء إقامته بالبلاد، فعلاً أو حكمًا، دون أولاده من الزوجة غير المصرية، الذين اكتسبوا الجنسية المصرية بعد انتهاء العقد
وحيث إن المدعيات قصرن نعيهن على النص التشريعي المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - مخالفته لمبدأ المساواة المقرر بنص المادة) 40) من دستور سنة 1971، التي أقيمت الدعوى الدستورية في ظل العمل بأحكامه؛ إذ قصر استمرار عقد إيجار المسكن على أولاد الزوجة المصرية من زوجها المستأجر غير المصري، عند انتهاء إقامته بالبلاد، دون أولاده من الزوجة غير المصرية، الذين اكتسبوا الجنسية المصرية، بما يُعد تمييزا في الحقوق بين الطائفتين، لا يستند إلى مبرر موضوعي
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، لكونها أسمى القواعد الآمرة. ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه – في النطاق السالف تحديده – من خلال أحكام الدستور الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية؛ والذي ردد مبدأ المساواة في المادة (53) منه
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في السلطة التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها وتعتبر تخومًا لها لا يجوز تخطيها، تقديرا بأن الدستور لا يكفل للحقوق ضمانتها إلا بقصد توكيد فعاليتها بما يحول بين المشرع وإهدار الحقوق التي كفلها، أو تهميشها عدوانًا على مجالاتها الحيوية التي يرتبط وجودها بها، فلا تتنفس إلا من خلالها
وحيث إن مبدأ المساواة أمام القانون – وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها – مؤداه أنه لا يجوز لأي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية أن تباشر اختصاصاتها التي ناطها الدستور بها، بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي حددها القانون. وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التي اعتد الدستور بها لا تتناول القانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها، وأنه تغيا بالنصوص التي تضمنها تحقيق أغراض بذواتها من خلال الوسائل التي حددها. وكلما كان القانون مغايراً بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيما بينها، وكان تقديره في ذلك قائمًا على أسس موضوعية، مستلهمًا أهدافًا لا نزاع في مشروعيتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم، بما لا يجاوز متطلباتها، كلما كان القانون واقعًا في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع، ولو تضمن تمييزا مبررا، لا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التي توخاها وسعى إليها، بعيدة حسابيا عن الكمال
وحيث إن التطور التشريعي الذي لحق قوانين إيجار المساكن، يكشف بجلاء عن أن المشرع في سعيه لمواجهة أزمة المساكن، الناجمة عن قلة المعروض منها، وازدياد الطلب عليها، كان حريصًا على حماية الأسرة المصرية بتوفير المأوى لها. فنص في المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، على أنه لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة، إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، إلا أنه نظراً لما تكشف للمشرع من وجود الكثير من المساكن المؤجرة لغير المصريين غير مستغلة، بعد انتهاء إقامتهم بالبلاد، فقد أورد قيدًا على قاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، ضمنها نص المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، بانتهاء عقد إيجار المستأجر غير المصري، بقوة القانون، بانتهاء المدة المحددة قانونًا لإقامته بالبلاد، على أن يستثنى من ذلك حالة الزوجة المصرية وأولادها منه، الذين كانوا يقيمون بالعين، فيستمر العقد لهم، ما لم يثبت مغادرتهم البلاد نهائيا. وبموجب قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 14/4/2002, في القضية الدستورية رقم 6 لسنة 20 القضائية، فقد تم مد نطاق هذا الاستثناء ليشمل الزوج المصري ولأولاده من زوجته المستأجرة غير المصرية عند انتهاء إقامتها بالبلاد فعلاً بمغادرتها أو حكمًا بوفاتها. باعتبار أن الغاية التي توخاها المشرع، وسعى إلى تحقيقها من خلال نص الفقرة الرابعة من المادة) 17) من القانون رقم 136 لسنة 1981، هي حماية الأسرة المصرية، بتوفير مكان يأويها تهجع إليه، ويكفل استقرارها، تلك الأسرة التي يكون على رأسها - في تاريخ سابق أو معاصر لانتهاء عقد الإيجار – زوجة أو زوج يتمتع بالجنسية المصرية، فيمتد سريان عقد الإيجار لأي منهما، ولأولاده من المستأجر غير المصري الذي انتهت المدة المحددة قانونًا لإقامته بالبلاد
وحيث إن ما نعته المدعيات من إخلال النص المطعون فيه بمبدأ المساواة، لقصره امتداد سريان عقد إيجار المستأجر غير المصري، عند انتهاء المدة المحددة قانونًا لإقامته بالبلاد، على أولاده من زوجته المصرية، دون أولاده من زوجته غير المصرية، الذين اكتسبوا الجنسية المصرية، فمردود بأن المدعية الثالثة لم تكتسب الجنسية المصرية إلا اعتبارا من 16/6/1998, بعد انتهاء عقد إيجار مورثها بوفاته بتاريخ 24/3/1996, فضلا عن كون والدتها – المدعية الأولى - حتى تاريخ انتهاء العقد، غير مصرية، شأنها شأن المدعية الثانية – ابنة المستأجر – فكلاهما يتمتع بالجنسية الإيطالية، ومن ثم لم يكن أيٌّ من أفراد أسرة المستأجر غير المصري، يتمتع بالجنسية المصرية في تاريخ انتهاء عقد الإيجار بوفاته. ومن ثم، فإن مركزهن القانوني يختلف عن المركز القانوني لأولاد الزوجة أو الزوج مصري الجنسية، الذين ينصرف إليهم الخطاب في النص المطعون فيه
وعلى ذلك تنتفي قالة أن التنظيم الذي أوجده المشرع بموجب النص المطعون فيه ينطوي على إخلال بمبدأ المساواة، لوقوعه في إطار السلطة التقديرية التي يملكها، وابتناء التمييز الذي انطوى عليه على أسس موضوعية تبرره، لا تنال من مشروعيته الدستورية، إذ استهدف به حماية الأسرة المصرية بتوفير مكان يأويها، ويحميها، ويكفل استقرارها، وهو التزام يقع على عاتق الدولة على النحو الذي عنته المادة (10) من الدستور القائم، من أن "الأسرة أساس المجتمع،.............. وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها". وفي الحين ذاته، فقد كفل النص المطعون فيه – ضمنًا – حماية الملكية الخاصة للمالك المؤجر، على النحو الذي عنته المادة (35) من الدستور – المقابلة لنص المادة (34) من دستور سنة 1971 – بعدم حرمانه من استغلال العين المؤجرة بعد انتهاء المدة المحددة قانونًا لإقامة المستأجر غير المصري بالبلاد
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي حكم آخر من الدستور، ومن ثم فإنه يتعين القضاء برفض هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيات المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

حالة الطوارئ نظام استثنائي يستهدف غاية محددة فلا يجوز التوسع في تطبيقه

الطعن 137 لسنة 34 قضائية  "دستورية " جلسة 2/4/2016
باسم الشعب 

المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من إبريل سنة 2016م، الموافق الرابع والعشرين من جمادي الآخرة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 137 لسنة 34 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بحكمها الصادر بجلسة 17 من يناير سنة 2009 ملف الدعوى رقم 462 لسنة 61 قضائية.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة قانونًا

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي سبق أن أقام الدعوى رقم 462 لسنة 61 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن تسليمه ترخيص بناء لدور أرضي وأحد عشر دورا علويا، بحد أقصى ستة وثلاثون مترا، على أرض العقار، المملوك له، رقم 11 شارع البحيرة جناكليس قسم الرمل بالإسكندرية ومشتملاته، موضوع الملف رقم 53 لسنة 2006م حي شرق، واعتباره ممنوحًا بقوة القانون، وفي الموضوع بإلغاء القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسليم المدعي الترخيص بشروطه المشار إليها؛ وذلك على سند من أنه في مستهل عام 2006م تقدم لحي شرق الإسكندرية بطلب ترخيص لبناء دور أرضي على قطعة الأرض المشار إليها، وقيد طلبه بالملف رقم 53 لسنة 2006م حي شرق الإسكندرية، ونظرا لارتفاع سعر الأرض على نحو يجعل الترخيص بالبناء لأقل من الحد الأقصى للارتفاع غير مجد اقتصاديا، فقد تقدم بطلب إلى محافظ الإسكندرية ملتمسًا الترخيص له بالبناء بارتفاع ستة وثلاثين مترا بحسبانه الحد الأقصى وفقًا للقانون، فوافق المحافظ في 16 من يونيو سنة 2006، على التصريح له بالبناء بارتفاع ستة وثلاثين مترا، بيد أن الحي رفض إصدار الترخيص، تأسيسًا على أن العقد المسجل، للعقار محل طلب الترخيص، وصفه بأنه منزل دور أرضي وبناء داخل حديقة محاطة بسور، وأنه هدم ذلك البناء دون الحصول على ترخيص بالهدم، مما حدا بالمدعي إلى معاودة التظلم إلى المحافظ، والذي أشر على تظلمه بالتصديق على الترخيص، وبالرغم من أن طلب الترخيص قد استوفى جميع شروطه، فإن حي شرق الإسكندرية امتنع عن إعطائه الترخيص، وإذ ارتأت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية أن قراري رئيس مجلس الوزراء وأمر نائب الحاكم العسكري العام وقرار وزير الإسكان والمرافق سالفي الذكر، بما اشتملت عليه من حظر إقامة بناء على أرض عقار سبق هدمه دون ترخيص إلا في حدود الارتفاع الذي كان عليه دون أي تجاوز، يعد اعتداءً على الملكية الخاصة التي يحميها الدستور، فضلاً عن وقوعها في حومة مخالفة المادتين (86 و144) من دستور سنة 1971، فقد قضت بجلستها المنعقدة في 17 من يناير سنة 2009: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996، والمادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003، والبند ثالثًا من المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998، والمادة (11) مكررا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة، على سند من سبق حسم المحكمة الدستورية العليا للمسألة الدستورية المحالة من محكمة القضاء الإداري وذلك بحكمها الصادر بجلسة الرابع من يناير سنة 2009 في القضية رقم 146 لسنة 25 قضائية "دستورية". 
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، أما ما لم يكن مطروحًا على المحكمة، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا تمتد إليه تلك الحجية، لما كان ذلك؛ وكان الحكم الصادر في القضية رقم 146 لسنة 25 قضائية "دستورية"، قد قضى: أولاً: بعدم دستورية نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996، ونص البند ثانيًا من المادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998، ونص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003، وذلك فيما تضمنته من حظر الموافقة على طلب الترخيص في التعلية، صراحة أو ضمنًا, بالنسبة للمباني التي بُدئ في إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدِّل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976، إلا في الحدود التي كان مسموحًا بها قبل هذا التاريخ، ثانيًا: بسقوط ما يقابل هذا الحظر من أحكام وردت بكل من نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 والمادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998. وكان الحكم الصادر من المحكمة بجلستها المعقودة بتاريخ 15 من يناير سنة 2006 في القضية رقم 74 لسنة 23 قضائية "دستورية"، قد قضى: أولاً: بعدم دستورية نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية، ثانيًا: بعدم دستورية نص المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، ثالثًا: بعدم دستورية نص المادة 11 مكررا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 المضاف بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، رابعًا: بسقوط ما يقابل هذا الحظر من أحكام وردت بكل من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996، والمادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 المشار إليهما، فإن هذين الحكمين تقتصر حجيتهما على هذا النطاق وحده، ولا تتجاوزها إلى ما سواها من بقية أجزاء المواد الواردة بقرار الإحالة، مما يتعين معه رفض هذا الدفع
وحيث إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 بشأن حدود الترخيص في تعلية المباني وقيود الارتفاع بمدينة الإسكندرية ينص في مادته الأولى على أن
"يحظر الموافقة على طلب الترخيص في التعلية في مدينة الإسكندرية، ............... 
كما يحظر في ذات المدينة الموافقة .........، أو على إقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يُشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز". 
كما تنص المادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003 بشأن تحديد ارتفاعات المباني لبعض المناطق بمحافظات جمهورية مصر العربية على أن
"يحظر الموافقة على إقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز ما لم توجد اشتراطات بنائية معتمدة لموقع العقار تنص على ارتفاعات أقل فيطبق الارتفاع الأقل، وذلك في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية". 
كما ينص أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 في مادته الثانية على أن "يحظر في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية
أولاً: ................ 
ثانيًا: ................. 
ثالثًا: إقامة، وكذا الموافقة صراحة أو ضمنًا على طلب الترخيص بإقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يُشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز". 
وتنص مادته الثالثة على أن: "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من ارتكب أو شرع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة
وتسري العقوبة كذلك بحسب الأحوال على كل ممثل لشخص اعتباري عام أو خاص أو لجهاز أو جهة حكومية أو غير حكومية وقع الفعل أو الشروع بتكليف منه، وعلى المقاول والمهندس المشرف على التنفيذ
كما يعاقب بذات العقوبة كل من ساهم أو اشترك في الجريمة، أو لم يقم بواجبه في منعها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، من العاملين المختصين بشئون التنظيم وغير ذلك من الجهات الإدارية المختصة
................". 
وتنص المادة (11) مكررا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المضافة بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 180 لسنة 1998 على أن
"يحظر الموافقة على ........ إقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز، وذلك في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية". 
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية المتصلة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، ومن ثم فإن هذه المحكمة سوف تبسط رقابتها في شأن استيفاء النصوص التشريعية المحالة من محكمة الموضوع للأوضاع الشكلية في ضوء أحكام الدستور الصادر عام 1971.
وحيث إن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على تنفيذ القوانين وإعمال أحكامها، غير أن الدستور - استثناءً من هذا الأصل، وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها - عهد إليها في حالات محددة أعمالاً تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين فنصت المادة (144) من دستور سنة 1971 على أن "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها. ويجوز أن يعين القانون من يصدر القوانين اللازمة لتنفيذه". 
ومؤدى هذا النص، أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات التي تختص بإصدار اللوائح التنفيذية فقصرها على رئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك أو من يعينه القانون لإصدارها، بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستوري، والا وقع عمله اللائحي مخالفًا لنص المادة (144) المشار إليها، كما أن القانون متى عهد إلى جهة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه استقل من عيَّنه القانون دون غيره بإصدارها
وحيث إن البين من استعراض أحكام قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أنه ينص في مادته الأولى على إضافة فصل ثان مكرر للائحة التنفيذية لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء الصادرة بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 268 لسنة 1996 ورد به نص المادة (11) مكررا (5) الذي يقضي بحظر الموافقة على إقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، وكانت نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 قد خلت من أية أحكام تنظم فرض قيود الارتفاع على المباني، أيا كانت, باستثناء ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (13) المضافة بالقانون رقم 101 لسنة 1996 من أنه "ولا يجوز زيادة الارتفاع الكلي للبناء على مرة ونصف عرض الشارع بحد أقصى 36 متراً، ولرئيس مجلس الوزراء في حالة الضرورة القصوى تحقيقًا لغرض قومي أو مصلحة اقتصادية أو مراعاة لظروف العمران تقييد أو إعفاء منطقة أو جزء منها أو مبنى بذاته من الحد الأقصى للارتفاع"، بما مؤداه أن القانون خول رئيس مجلس الوزراء وحده، وبضوابط محددة، سلطة تقييد الارتفاع للمباني أو الإعفاء منه، ومن ثم فإن ما ورد بنص المادة (11) مكررا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المضافة بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998، من حظر الموافقة على إقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يشرع في هدمه بغير ترخيص إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل، يكون قد صدر مجاوزا حدود الاختصاص المعقود لوزير الإسكان، عدوانًا على اختصاص حجزه القانون استئثاراً لرئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي يخالف حكم المادة (144) من دستور سنة 1971
وحيث إن البين من استعراض أحكام قانون الطوارئ الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 معدلاً بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أنه قضى في المادة (1) منه بأنه "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء". 
كما نصت المادة (3) منه على أن "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام وله على وجه الخصوص
1- وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية
2- الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، على أن تكون الرقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلان مقصورة على الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي
3- تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها
4- تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال والاستيلاء على أي منقول أو عقار ويتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون التعبئة العامة فيما يتعلق بالتظلم وتقدير التعويض
5- سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة
6- إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة
ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في الفقرة السابقة، على أن يُعرض هذا القرار على مجلس الشعب في المواعيد وطبقًا للأحكام المنصوص عليها في المادة السابقة". 
وتنص المادة (17) من ذات القانون على أن "لرئيس الجمهورية أن ينيب عنه من يقوم مقامه في اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون كلها أو بعضها وفي كل أراضي الجمهورية أو في منطقة أو مناطق معينة منها". 
وحيث إن التدابير التي ناطت المادة (3) من القانون رقم 162 لسنة 1958 برئيس الجمهورية اتخاذها متى أعلنت حالة الطوارئ مردها تعرض الأمن والنظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر، والغاية من تقريرها المحافظة على أمن الوطن والمواطنين معًا، وكل تدبير أو إجراء يتخذ في هذا الشأن ينبغي أن يرتبط بهذه الغاية دون سواها، وقد خلت تلك التدابير، من إعطاء رئيس الجمهورية سلطة إصدار تشريع لتنظيم أمر معين حتى ولو كان يدور حول تحقيق تلك الغاية، وله - إن شاء ذلك - أن يلجأ إلى السلطة التي حددها المشرع الدستوري لإصدار هذا التشريع، وإذ كان هذا هو حال الأصيل عند ممارسة سلطة الطوارئ، فإن من ينيبه ذلك الأصيل للقيام ببعض اختصاصاته ليس له أن يباشر اختصاصًا لا يمنحه قانون حالة الطوارئ للأصيل، بل إن هذا الأخير لا يملك إضافة تدابير أخرى إلى تلك المحددة بنص المادة (3) من ذلك القانون، يؤيد ذلك أن قانون الطوارئ ما هو إلا نظام خاص قُصد به دعم السلطة التنفيذية وتزويدها بمكنات معينة تحد بها من الحقوق والحريات العامة بهدف مواجهة ظروف طارئة تهدد السلامة العامة أو الأمن القومي للبلاد مثل الحرب وأخطار التهديد الخارجي والاضطرابات التي تهدد الأمن الداخلي، أو حدوث وباء أو ما شابه ذلك من أمور وثيقة الصلة بالسلامة العامة والأمن القومي، وهو بهذه المثابة محض نظام استثنائي يستهدف غاية محددة فلا يجوز التوسع في تطبيقه، ويتعين التزام التفسير الضيق لأحكامه. ولتأكيد الطبيعة الاستثنائية لهذا النظام نصت المادة (48) من دستور سنة 1971 على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وانذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز - استثناءً في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب – أن يُفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقًا للقانون "فعبارات هذا النص صريحة وواضحة الدلالة على أن الرقابة المحددة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام إنما تكون في الأمور ذات الصلة بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وهو ما يتعين التقيد به أيضًا بالنسبة للأوامر أو التدابير التي تصدر من السلطة التي حددها قانون حالة الطوارئ والتي تتمثل في رئيس الجمهورية أو من ينيبه عند إصدارها أيا من التدابير المنصوص عليها في المادة (3) من ذلك القانون
وحيث إن أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 ينص في مادته الثانية بند ثالثًا على "حظر إقامة، وكذا الموافقة صراحة أو ضمنًا على طلب الترخيص بإقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يُشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز"، كما قررت المادة الثالثة منه عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة لكل من خالف حكم المادة الثانية أو شرع في ذلك، وتسري العقوبة المشار إليها على كل ممثل لجهة حكومية وقع الفعل أو الشروع بتكليف منه، كما يعاقب بذات العقوبة كل من ساهم أو اشترك في الجريمة أو لم يقم بواجبه في منعها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها من العاملين المختصين بشئون التنظيم وغير ذلك من الجهات الإدارية المختصة، وإذ كان تنظيم الأمر المتقدم يتصل بالمصلحة العامة ومقتضياتها إلا أنه لا يعد من قبيل التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام والتي تعلن من أجلها حالة الطوارئ، ومن ثم فليس للسلطة التي حددها قانون الطوارئ من سبيل إلا ولوج أسلوب التشريع العادي بضوابطه وإجراءاته من أجل وضع تنظيم تشريعي يقيم توازنًا دقيقًا بين حقوق أصحاب تلك العقارات في استغلالها على النحو الذي يكفل لهم مصالحهم، وبين مقتضيات الحفاظ على تلك الثروة العقارية وما تمثله من تراث قومي، وإذ تنكب أمر نائب الحاكم العسكري رقم 2 لسنة 1998 هذا الطريق فإنه يكون قد وقع في حومة مخالفة نص المادة (86) من دستور 1971 الذي عهد بسلطة التشريع إلى مجلس الشعب، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية نص المادة الثانية من هذا الأمر فيما تضمنه من حظر إقامة، وكذا الموافقة صراحةً أو ضمنًا على طلب الترخيص بإقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يُشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز
وحيث إن المادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 رصدت عقوبة جنائية لمن يخالف الحظر المنصوص عليه في المادة الثانية منه، فإن القضاء بسقوط أحكامها تبعًا للقضاء بعدم دستورية النص المتعلق بها يكون لازمًا
وحيث إن قرار الإحالة ينعي على الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 بشأن حدود الترخيص في تعلية المباني وقيود الارتفاع بمدينة الإسكندرية، والمادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003 بشأن تحديد ارتفاعات المباني لبعض المناطق بمحافظات جمهورية مصر العربية، مخالفتها لحكم المادة (144) من دستور سنة 1971، والاعتداء على حق الملكية، بحرمان صاحب العقار المهدوم بغير ترخيص من الانتفاع بماله
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المضافة بالقانون رقم 101 لسنة 1996، بعد أن بينت الحدود القصوى للارتفاعات التي يحظر مخالفتها، ناطت برئيس مجلس الوزراء تقييد الحد الأقصى للارتفاع في منطقة أو جزء منها لأسباب عددتها حصرا، ومن بينها تحقيق مصلحة اقتصادية أو مراعاة لظروف العمران، بما مؤداه أن القانون قد خول رئيس مجلس الوزراء، إصدار القرارات التنظيمية بضوابط تقييد ارتفاعات المباني أو الإعفاء منها، ومن ثم فإن قراري رئيس مجلس الوزراء، سالفي البيان، يكونان قد صدرا في حدود التفويض التشريعي، منضبطين بأحكام المادة (144) من دستور سنة 1971, ويغدو ما أورده حكم الإحالة، في هذا الشأن، لا محل له
وحيث إن الملكية، في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة, لم تعد حقا مطلقًا، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكمًا، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها
وحيث إن الدستور قد حرص على النص على صون الملكية الخاصة، وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود وبالقيود التي أوردها باعتبار أنها في الأصل ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذي بذله الفرد بكَدِّه وعرقه، وبوصفها حافز كل شخص إلى الانطلاق والتقدم؛ إذ يختص دون غيره بالأموال التي يملكها. وكانت الملكية في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة, لم تعد حقا مطلقًا، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي وانما يجوز تحميلها بالقيود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التي يجريها المشرع، ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية، ومن ثم كان مقبولاً دستوريا أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مستهديًا بوجه خاص بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها بل غايتها خير الفرد والجماعة
وحيث إنه متى كان ذلك؛ وكان تقييد الحد الأقصى لارتفاع المباني المقامة على أرض عقار سبق هدمه دون ترخيص بحدود الارتفاع الذي كان عليه المبنى قبل هدمه دون أي تجاوز، قد تغيا مراعاة ضوابط واشتراطات التخطيط العمراني، والأوضاع الاقتصادية للبلاد، واعلاء سيادة القانون، فلا يظفر مُخالف القانون بثمار مخالفته، دونما مراعاة للطابع العمراني للمنطقة التي رام إقامة بنائه فيها، ملتفتًا عما قد يُكبده للدولة من أضرار تتمثل في تكلفة توفير الخدمات والمرافق لبنائه، وانعكاس ذلك على كفاءة وكفاية الخدمات التي تقدمها لسائر المواطنين ممن التزموا أحكام القانون، ومن ثم فإن الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 والمادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003 فيما تضمناه من تقييد الحد الأقصى لارتفاع المباني المقامة على أرض عقار سبق هدمه بحدود الارتفاع الذي كان عليه قبل هدمه تكونان قد صدرتا في إطار السلطة التقديرية للمشرع لتنظيم حق الملكية، متوائمتين مع متطلبات الواقع والظروف الاقتصادية والاجتماعية، وما تتطلبه من القضاء على تنامي ظاهرة البناء العشوائي المخالف للقوانين واللوائح، وهو ما يتفق مع الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية، الأمر الذي يضحى معه النعي عليهما بمخالفة أحكام المواد (33 و35 و36) من الدستور لا أساس له متعينًا رفضه
وحيث إن هذين النصين لا يتعارضان مع أي نص آخر من الدستور
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولاً: بعدم دستورية نص المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر إقامة بناء أو الترخيص بإقامة بناء على أرض عقار سبق هدمه دون ترخيص إلا في حدود الارتفاع الذي كان عليه دون أي تجاوز
ثانياً: بعدم دستورية نص المادة (11) مكررا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 المضاف بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر إقامة بناء أو الترخيص بإقامة بناء على أرض عقار سبق هدمه دون ترخيص إلا في حدود الارتفاع الذي كان عليه دون أي تجاوز
ثالثاً: بسقوط نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 في مجال تطبيقه على الأفعال المنصوص عليها في المادة الثانية من الأمر ذاته
رابعاً: رفض ما عدا ذلك من طلبات.