الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 يونيو 2015

دستورية التمييز في جنس خبراء محكمة الأسرة

قضية رقم 56 لسنة 27 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

    بالجلسة العلنية المنعقدة يـوم السبت الحادى عشر من إبريل سـنة 2015م، الموافق الثانى والعشرين من جمادى الآخرة سنة1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتورحنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع    أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
       فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 56 لســنة 27 قضائية " دستورية " .

المقامة من
السيد / عماد الحسينى عبد العزيز الجناينى

ضــــــــــــــد
1- السيد رئيس مجلس الـــــــــــوزراء
2- السيد وزير العـــــــــــــدل
3- السيدة / هند صلاح محمد سالم

الإجراءات
بتاريخ التاسع من مارس سنة 2005، أودع المدعي صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا في ختامها الحكم بعدم دستورية المواد (2) و(11) و(14) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004.
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت في ختامها الحكم؛ أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا:برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
 حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها الأخيرة كانت قد أقامت الدعوى رقم 215 لسنة 2004 أمام محكمة الأسرة بقليوب؛ضد المدعي، بطلب الحكم بإلزامه بأداء مبلغ خمسة آلاف جنيه قيمة مؤخر صداقها، على سند من القول بأنها تزوجت منه بصحيح العقد الشرعي على صداق قدره خمسمائة جنيه وواحد ، وقدطلقها غيابيًّا ولم يراجعها؛ فطالبته بمؤخر صداقها فلم يستجب؛ مما حدا بها إلى إقامة تلك الدعوى. وبجلسة 6/1/2005، دفع المدعي بعدم دستورية المواد (2) و(11) و(14) من قانونإنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
 وحيث إن المادة (2) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة2004 تنص على أن :"تؤلف محكمة الأسرة من ثلاثة قضاة يكون أحدهم على الأقل بدرجةرئيس بالمحكمة الابتدائية، ويعاون المحكمة في الدعاوى المنصوص عليها في المادة(11) من هذا القانون خبيران أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين، والآخر من الأخصائيين النفسيين، يكون أحدهما على الأقل من النساء.
وتؤلف الدائرة الاستئنافية من ثلاثة من المستشارين بمحكمة الاستئناف يكون أحدهمعلى الأقل بدرجة رئيس بمحاكم الاستئناف، وللدائرة أن تستعين بمن تراه من الأخصائيين.
ويعين الخبيران المشار إليهما من بين المقيدين في الجداول التي يصدر بها قرارمن وزير العدل بالاتفاق مع وزير الشئون الاجتماعية أو وزير الصحة، بحسب الأحوال".
 وحيث إن المادة (11) من القانون ذاته تنص على أن :"يكون حضور الخبير ينال منصوص عليهما في المادة (2) من هذا القانون جلسات محكمة الأسرة وجوبيًّا في دعاوى الطلاق والتطليق والتفريق الجسماني والفسخ وبطلان الزواج وحضانة الصغير ومسكن حضانته وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به وكذلك في دعاوى النسب والطاعة.
وللمحكمة أن تستعين بهما في غير ذلك من مسائل الأحوال الشخصية إذا رأت ضرورةلذلك.
وعلى كل منهما أن يقدم للمحكمة تقريرًا في مجال تخصصه."
وحيث إن المادة (14) من قانون إنشاء محاكم الأسرة المشار إليه تنص على أنه"مع عدم الإخلال بأحكام المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، تكون الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الاستئنافية غير قابلة للطعن فيها بطريق النقض".
 وحيث إنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت مسألة دستورية المادة (14) من قانون إنشاء محاكم الأسرة المشار إليه، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 6/4/2014، في القضية رقم 24 لسنة 33 قضائية "دستورية" الذي قضى برفض الدعوى، وتم نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (16) مكررًا (ب) بتاريخ 20/4/2014، وكان مقتضى نصي المادتين( 48 و 49 ) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أى جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد،فمن ثم تكون الدعوى بالنسبة إلى المادة (14) المشار إليها غير مقبولة.
 وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطهاأن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة علىمحكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعى عليها الأخيرة إلزام المدعى بقيمة مؤخر صداقها، وكان المدعى يبغى من دعواه الماثلة ألا يعاون محكمة الأسرة - التي تنظر هذا النزاع - أكثر من خبير واحد من النساء، ومن ثم فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على عبارة "على الأقل"الواردة بعجز الفقرة الأولى من المادة (2) من قانون إنشاء محاكم الأسرة المشار إليه،الذى نص على أن :"يكون أحدهما على الأقل من النساء"، وفيها ينحصر نطاق الدعوى الماثلة.
 وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه، مخالفته لنصوص المواد (8) و(40)و(68) من دستور سنة 1971، على سند من أن هذا النص لا يمنع أن يكون الخبيران المعاونان لمحكمة الأسرة من النساء، لكنه يمنع أن يكون الخبيران من الرجال، بما يؤدى إلى محاباة النساء في شأن ما تتضمنه التقارير المقدمة للمحكمة، وبذلك يقيم النص المطعون فيه تمييزًا تحكميًّا غير مبرر، وهو ما يُعد إخلالاً بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة وتقييدًا لحق التقاضي.
 وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستورتمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
 وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المطعون عليها في ضوء أحكام الدستور المعدَّل الصادر سنة 2014 .
 وحيث إن التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وفقًا لنص المادة (9) من الدستور، مؤداه أن الفرص التي تلتزم الدولة بأن تتيحها لمواطنيها مقيدة بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة الحق وأهدافه ومتطلباته، ويتحقق بها ومن خلالها التكافؤ في الفرص والمساواة أمام القانون، بما يتولد عن تلك الشروط في ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تتحدد على ضوئها ضوابط الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين في الانتفاع بهذه الفرص، بحيث إذا استقر لأى منهمحقه وفق هذه الشروط، فلا يجوز من بعد إجراء أى تمييز بينه وبين من يماثله فى مركزه القانوني، وإلا كان ذلك مساسًا بحق قرره الدستور.
 وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ - فى جوهره- وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعما لها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتأيه محققًا للصالح العام. وقد أكد الدستور القائم بنص المادة (11) منه؛ على كفالة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكامه، كما حرص على كفالة حق المرأة في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. إذ كان ذلك، وكان من المقرر أيضًا أن صور التمييز المجافية للدستور، وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، بما مؤداه أن التمييزالمنهي عنه دستوريًا هو ما يكون تحكميًا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يُعتبر مقصودًالذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراضإطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها. إذ أن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيمًا تشريعيًّا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، كان التمييز انفلاتًا وعسفًا، فلا يكون مشروعًا دستوريًا.
 وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في تنظيمه لحق التقاضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا ، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغي التزامها، وفي إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يباشر الحق في التقاضي في نطاقها، وبما لا يصل إلى إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا، فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا، التزامًا بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق في صورتها الأكثر اعتدالاً.
 وحيث إنه من المقرر كذلك - في قضاء هذه المحكمة - أن لكل مواطن حق اللجوء إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعة الخصومة القضائية، وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها، مهيأ للفصل فيها، وهذا الحق مخول للناس جميعًا، فلا يتمايزون فيما بينهم في ذلك، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية في مجال سعيهم لرد العدوان على حقوقهم، فلا يكون الانتفاع بهذا الحق مقصورًا على بعضهم، ولا منصرفًا إلى أحوال بذاتها ينحصر فيها، ولا محملاً بعوائق تخص نفرًا من المتقاضين دون غيرهم، بل يتعين أن يكون النفاذ إلى ذلك الحق، من ضبطًا وفق أسس موضوعية لا تمييز فيها، وفي إطار من القيود التي يقتضيها تنظيمه، ولا تصل في مداها إلى حد مصادرته.
 وحيث إن المشرع قد تغيا من قانون إنشاء محاكم الأسرة الذى حوى النص  المطعون فيه - وعلى ما تضمنته الأعمال التحضيرية لهذا القانون - سرعة حسم المنازعات المتصلة بالأسرة؛ لما تتسم به هذه المنازعات من طبيعة خاصة تتعلق، في جوهرها، بأخص أمور العلاقات الإنسانية، وما استلزمه ذلك من إيجاد آلية جديدة تتغيا تحقيق عدالة أوفى وأقرب منالاً، وتكون في الوقت ذاته ملائمة لطبيعة المنازعات الأسرية وأشخاصها؛ والصغار منهم على وجه الخصوص، مما حدا بالمشرع، من أجل تحقيق هذه الغاية، إلى إنشاء محاكم الأسرة التي يقوم عليها قضاة مؤهلون ومتخصصون، ويعاون المحكمة  خبيران أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين، والآخر من الأخصائيين النفسيين، يكون أحدهما على الأقل من النساء، ويكون حضورهما جلسات محكمة الأسرة وجوبيًّا في دعاوى الطلاق والتطليق والتفريق الجسماني والفسخ وبطلان الزواج وحضانة الصغير ومسكن حضانته وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به، وكذلك في دعاوى النسب والطاعة، كما يكون للمحكمة أن تستعين بهما في غير ذلك من مسائل الأحوال الشخصية إذا رأت ضرورة لذلك، ويبدأ دورهما بعد أن فشلت محاولات الصلح في مكتب تسوية المنازعات الأسرية بالمحكمة، وأضحى لزامًا تسوية النزاع قضائيًّا، فيقع على عاتقهما عبء معاونة القضاة؛ عن طريق بحث الحالة الاجتماعية والنفسية للطفل المحضون والأطراف المتنازعة على حضانته، وكذلك في المنازعات الأخرى المشار إليها، ويقدم كل منهما تقريرًا إلى المحكمة بما أسفر عنه بحثه للحالة المعروضة، ولا يعدو هذا التقرير كونه تقريرًا استرشاديًّا، كما أن وجوب حضورهما جلسات المحكمة يُقصد منه تقديم الخبرة والمشورة الفنية المتخصصة - كل فى مجاله - من أجل معاونة القضاة في الإحاطة بجوانب النزاع، دون أن يندرجا فى تشكيل محكمة الأسرة، ودون أن تلتزم المحكمة برأي أي منهما، حيث يكون لها وحدها القول الفصل فيما تسطره في حكمها، ودون أن يؤثر فى ذلك كون الخبير رجلاً أم امرأة، بيد أن ما أوجبه المشرع - بالنص المطعون فيه - من أن يكون أحد الخبيرين، على الأقل، من النساء؛ مرجعه أن منازعات الأسرة تدور فى أغلبها حول النساء والأطفال، حيث يكون لرأي المرأة فيها أهمية بالغة؛ باعتبارها - بطبيعتها- الأكثر تفهمًا في هذا المجال، وعلى أساس أن بعض مسائل الأحوال الشخصية لا يُقبل فيها شرعاً إلا قول النساء، ولا يُقبل فيها قول الرجال، مثل العدة والحيض وما إلى ذلك، وهو ما يُعد قاعدة موضوعية تبرر تفضيل المرأة في هذا الصدد، ومن ثم فإن النص المطعون فيه، وإن مايز بين الرجال والنساء- على النحو السالف البيان - إلا أن هذا التمييز؛ وقد شُيد على أساس القاعدة الموضوعية المشار إليها، فإنه ينهض تمييزًا مبررًا غير قائم على أساس تحكمى.
 وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المشرع بتقريره النص المطعون فيه المشار إليه، قد أعمل سلطته التقديرية في شأن التنظيم الإجرائي للخصومة في المنازعات والدعاوى التي تختص بنظرها محاكم الأسرة، بأن وضع للحماية القضائية للمتقاضين أمامها نظامًا للتداعي يقوم على أساس نوع المنازعة، مما مؤداه ربط هذا التنظيم الإجرائي للخصومة في مجمله بالغايات التي استهدفها المشرع من هذا القانون، والتي تتمثل - على ما يتضح جليًا من أعماله التحضيرية - في تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص في نظر المنازعات ذات الطابع الأسري، وفق أسس موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا منهيًّا عنه بين المخاطبين بها، وكان هذا التنظيم لا يناقض جوهر حق التقاضي ولا ينتقص منه أو يقيده، بل هو تنظيم إجرائي للخصومة القضائية المتعلقة بالأسرة؛ وضعه المشرع - فى إطار سلطته التقديرية في المفاضلة بين الأنماط المختلفة لإجراءات التداعى - ودون التقيد بقالب جامد يحكم إطار هذا التنظيم، في ضوء ما ارتآه من وجوب استعانة محكمة الأسرة برأي كل من الخبيرين، من أجل استجلاء الأمور المتعلقة ـ في أغلبها ـ بالمرأة والطفل، وهو لا يعدو أن يكون رأيًا استشاريًّا غير ملزم للمحكمة عند فصلها في النزاع المطروح أمامها، ومن ثم يكون ما قرره المشرع بالنص الطعين، في إطار تنظيمه لإجراءات التقاضي أمام محكمة الأسرة، قائمًا على أسس مبررة وتوخى به تحقيق مصلحة مشروعة، ومن ثم تنتفي قالة الإخلال بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة كما لا يتضمن تقييدًا لحق التقاضى.
 وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه لا يُعد مخالفًا لأحكام المواد(9و11و53و97) من الدستور، كما لا يخالف أي أحكام أخرى فيه، مما يتعين معه القضاء برفض هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في دستورية قرارات رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات

قضية رقم 227 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
    بالجلسة العلنية المنعقدة يـوم السبت الحادى عشر من إبريل سـنة 2015م، الموافق الثانى والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور حنفى على جبالى ومحمد عبدالعزيز الشناوى وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى  نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع      أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
    فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 227 لســنة 20 قضائية " دستورية " .
 المقامة من
السيدة / غادة سمير إبراهيم وريدة

ضـــــــد
1- السيد رئيس الجمهوريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
2- السيد رئيس مجلس الشعــــــــــــــــــــــــــــــــــب
3- السيد رئيس مجلس الـــــــــــــــــــــــــــــــــــوزراء
4- السيد رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات

الإجراءات
  بتاريخ التاسع من ديسمبر سنة 1998، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 230 لسنة 1986 فيما تضمنه من اشتراط أن تكون المدة الكلية والبينية اللازمة لشغل الوظيفة مدة خبرة عملية فعلية فى الجهاز أو فى عمل مناسب يقره مكتب الجهاز بالنسبة للوظائف الفنية الرقابية.
   وقدم كل من الجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة قضايا الدولة مذكرة بطلب الحكم أصليًّا : بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، واحتياطيًّا : برفضها.
    وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
   ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
 المحكمة
       بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
   حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعية كانت تعمل بوظيفة مراجع مساعد بالجهاز المركزى للمحاسبات، وحصلت على إجازة خاصة لرعاية طفلها، وإذ أجرى الجهاز حركة ترقيات لوظيفة مراجع، بموجب القرار رقم 1536 لسنة 1994، متخطيًا إياها لعدم استيفائها المدة البينية اللازمة للترقية والتى استلزم قرار رئيس الجهاز رقم 230لسنة 1986 أن تكون مدة خدمة فعلية، فقد أقامت الدعوى رقم 36 لسنة 42 قضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها، طالبة الحكم بإلغاء قرار رئيس الجهاز المشار إليه فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية لوظيفة مراجع، وأثناء نظرها دفعت بعدم دستورية قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 230 لسنة 1986، وإذقدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
  وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى يسبق الخوض فى شروط قبولها أو موضوعها، ولما كان الدستور الحالى قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بين اختصاصاتها وحدد ما يدخل فى ولايتها حصرًا مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص فى النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعى باعتباره من صرفًا إلى النصوص القانونية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحيتها التى ناطها الدستور بها، وأن تنقبضتلك الرقابة – تبعًا لذلك – عما سواها .
    وحيث إن قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 230 لسنة 1986 ( المطعون فيه ) قد انطوى على قواعد تنظيمية عامة تسرى على جميع العاملين بالجهاز، من شاغلى الوظائف العليا، والوظائف الفنية الرقابية، ومن ثم فإن الفصل فى دستوريةهذا القرار يدخل فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يغدو معه الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه .
   وحيث إن المادة (29) من قانون الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 – قبل تعديلها بالقانون رقم157 لسنة 1998 – كانت تنص على أن " تنظم شئون العاملين بالجهاز لائحة خاصة تصدر بقرار من مجلس الشعب له قوة القانون بناء على اقتراح أحد أعضائه أو رئيس الجهاز وتتضمن كافة القواعد المنظمة لشئونهم .... "، وتنفيذًا لحكم هذه المادة صدرت لائحة العاملين بالجهاز بقرار مجلس الشعب بجلسة 14 يناير 1992 متضمنة النص فى المادة (1)منها على أن " يضع مكتب الجهاز أحكام ترتيب وتوصيف وتقويم الوظائف وقواعد إعادة التقويم ...."، ونصت المادة (51) منها على أن " لرئيس الجهاز منح إجازة خاصة بدون أجر للمدة التى يحددها فى الأحوال الآتية:-
1-    ...................
2-     للعاملة لرعاية طفلها وذلك بحد أقصى عامان فى المرة الواحدة ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية .
ولا يجوز أن تتصل هذه الإجازة بإعارة أو بأى نوع من الإجازات .
.............................
وتدخل مدة الإجازة فى حساب المعاش وفى استحقاق العلاوة وفى حساب مدة الترقية مع مراعاة شروط شغل الوظيفة ............." .
 وحيث إن رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أصدر القرار رقم 473 لسنة 1979 فى شأن ترتيب وتوصيف الوظائف للعاملين بالجهاز، كما أصدر القرار رقم 230 لسنة 1986 ( المطعون فيه ) معدلاً القرار السالف الذكر، وناصًّا فى المادة (1) منه على أن " يضاف إلىشروط شغل الوظيفة ببطاقات وصف الوظائف العليا والوظائف الفنية الرقابية بند جديد نصه الآتى : " يشترط أن تكون المدة الكلية والبينية اللازمة لشغل الوظيفة مدة خبرة عملية فعلية فى الجهاز أو فى عمل مناسب يقره الجهاز "، وبتاريخ 11/6/2013 أصدر رئيس الجهاز القرار رقم 1508 لسنة 2013 بإنهاء العمل بقراره رقم230 لسنة 1986 ( المطعون فيه).
 وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ذلك وكان النزاع الموضوعى ينصب على الطعن فى القرار الصادر بتخطى المدعية فى الترقية لوظيفة مراجع بالجهاز بزعم عدم استيفائها المدة البينية الفعلية اللازمة للترقية إعما لاً لأحكام القرار المطعون فيه، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة فى الدعوى الماثلة تكون متحققة، ولا ينال منها إنهاء العمل بذلك القرار بموجب قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 1508 لسنة 2013، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء القاعدة القانونية لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية منقبل من طبقت عليهم خلال فترة نفاذها .
 وحيث إن المدعية تنعى على القرار المطعون فيه أنه أهدر الحماية المقررة للأسرة والمرأة العاملة بالمواد 9، 10، 11 من دستور عام 1971 كما أخل بمبدأ المساواة حيث أوجد مغايرة فى المعاملة بين العام لات بالجهاز اللاتى يشغلن الوظائف الفنية الرقابية، وغيرهن ممن يشغلن الوظائف الإدارية، فضلاً عن المغايرة فى المعاملة بين العاملات بالجهاز وأقرانهن من العاملات اللاتى يخضعن لنظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، حيث تجوز ترقية العاملة الحاصلة على إجازة خاصة لرعاية الطفل دون اشتراط أن تكون المدة البينية اللازمة للترقية مدة خدمة فعلية .
 وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ أن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التى تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . ومع ذلك، فإذا كان الدستور القائم ليس له أثررجعى، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر التشريع المطعون فيه فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا التشريع قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو تم استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور . متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد صدر فى ظل العمل بأحكام الدستور الصادر عام 1971، ثم انتهى العمل به فى ظل الدستور الصادر عام 2012، ومن ثم فإن حسم أمر دستورية ذلك القرار يتم فى ضوء أحكام الدستور الصادر عام 2012 .
 وحيث إنه ولئن كان قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة يُعد الشريعة العامة التى تسرى على جميع العاملين بالجهات الإدارية المختلفة، إلا أن الطبيعة الخاصة للنشاط الذى تزاوله بعض هذه الجهات أو الاشتراطات اللازم توفرها فى العاملين بها قد يقتضى إفراد هؤلاء العاملين بأحكام خاصة تختلف باختلاف ظروف ومقتضيات وطبيعة العمل فى كل منها، ومن بين هذه الجهات الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث صدر بتنظيمه قانون خاص، تضمن نصًّا يقضى بإصدار لائحة لتنظيم شئون العاملين فيه، متضمنة كافة القواعد المنظمة لشئونهم، وتكون لها قوة القانون، وتنفيذًا لذلك صدرت لائحة العاملين بالجهاز بقرار مجلس الشعب بجلسة 14/1/1992، وخولت المادة (1) منها مكتب الجهاز فى وضع أحكام ترتيب وتوصيف وتقويم الوظائف، ونزولاً على ذلك النص صدر القرار المطعون فيه مشترطًا أن تكون المدة الكلية والبينية اللازمة لشغل الوظائف العليا والوظائف الفنية الرقابية مدة خبرة عملية فعلية فى الجهاز أو فى عمل مناسب يقره مكتب الجهاز.
 وحيث إن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها،ولا يكون وصفها وترتيبها من فصلاً عن متطلباتها التى تكفل للمرافق التى يديرهاعما لها حيويتها واطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامهاالتخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعما لها أو تفقد اتصالها ببعض أو تدرجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد عما لها علميًّا وفنيًّا، فلا يلى شئونها غير القادرين حقًّا على تصريفها، سواء أكان عملهم ذهنيًّا أم مهنيًّا أم يدويًّا .
 وحيث إن ماتقدم مؤداه، أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التى تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والخبرة اللازمة لها،ولا يجوز بالتالى أن يكون التعيين فى وظيفة بذاتها أو الترقية منها إلى ما يعلوها،عملاً آليًّا يفتقر إلى الأسس الموضوعية، أو من فصلاً عن عوامل الخبرة والجدارةالتى يتم على ضوئها اختيار من يتولاها، ولا مجرد تطبيق جامد لمقاييس صماء لا تأخذ فى اعتبارها خصائص كل وظيفة ومكانتها، والحد الأدنى للتأهيل لها، وغير ذلك من مقوماتها الموضوعية المحددة تحديدًا دقيقًا، وعلى تقدير أن تقويم الوظيفة إنما يرتبطب أهميتها الحقيقية .
 وحيث إن الأصل فى الأقدمية الوظيفية أن تكون معبرة عن مدة خدمة فعلية قضاها العامل قائمًا بأعباء عمله أو وظيفته، وهى بذلك لا تفترض، ولا يجوز حسابها على غير حقيقتها سواءبزيادتها أو إنقاصها، كما أن شروط الترقية إلى الوظائف، وبخاصة الوظائف الفنية أو العليا يجب أن تعبر عن الانحياز إلى الأصلح والأكثر عطاء، كما هو الحال فى اشتراط القرار المطعون فيه أن تكون المدة الكلية أو البينية اللازمة لشغل الوظائف الفنية والرقابية بالجهاز المركزى للمحاسبات مدة فعلية وليست حكمية حتى لا يُعهد بأعمال هذه الوظائف لغير من يؤدونها بحقها، فلا يكونون عبئًا عليها يُقيدها أو يُضعفها، بل يثرونها من خلال خبرة سابقة وجهد خلاق يتفاعل مع مسئولياتها .
 وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون يتحقق بأى عمل يهدر الحماية القانونية المتكافئة، تتخذه الدولة سواء من خلال سلطتها التشريعية أو عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أيًّا من هاتين السلطتين لا يجوز أن تفرض مغايرة فى المعاملة ما لم يكن ذلك مبررًا بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التى يتوخاها العمل التشريعى الصادر عنه ما، وكان لا صحة للقول بأن كل تقسيم تشريعى يُعتبر تصنيفًا منافيًا لمبدأ المساواة، بل يتعين دومًا أن يُنظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعية تلك الأغراض، واتصال هذه الوسائل منطقيًّا بها، ولا يتصور بالتالى أن يكون تقييم التقسيم التشريعى من فصلاً عن الأغراض التى يتغياها المشرع  .
 وحيث إن المراكز القانونية التى يتعلق بها مبدأ المساواة أمام القانون، هى التى تتحد فى العناصر التى تُكون كلاًّ منها – لا باعتبارها عناصر واقعية لم يُدخلها المشرع فى اعتباره – بوصفها عناصر اعتد بها مرتبًا عليها أثرًا قانونيًّا محددًا، فلا يقوم هذاالمركز إلا بتضاممها، بعد أن غدا وجوده مرتبطًا بها فلا ينشأ أصلاً إلا بثبوتها . لما كان ذلك، وكان المركز القانونى للعامل فى الجهاز المركزى للمحاسبات، وإن اتفق فى بعض معطياته مع المركز القانونى لقرينه من العاملين المدنيين بالدولة، إلا أنه يختلف فى العديد منها نظرًا للطبيعة الخاصة لوظيفة الجهاز المركزى للمحاسبات والتى تتمثل فى الرقابة المالية بشقيها المحاسبى والقانونى، ومن ثم فإن المغايرة فى بعضالأحكام القانونية بينهما – طالما اتفقت مع الغرض من تقريرها بما قد يترتب عليها من مفارقة فى المعاملة الوظيفية – تغدو مبررة من زاوية دستورية، مهما بدت بعيدة حسابيًّا عن الكمال .
وحيث إنه لا وجه للقول بأن ثمة تمييزًا بين العاملين بالجهاز ممن يشغلون وظائف فنية ورقابية وبين من يشغل منهم وظائف تنظيمية وإدارية ذلك أن الطائفة الأولى من الوظائف تتطلب خبرة خاصة تمكن القائمين عليها من كشف المخالفات المحاسبية والقانونية والتى لن تتوافرفى أفراد هذه الطائفة إلا بممارسة العمل الفعلى وليس الحكمى ببقاء العامل أو العاملة مدة زمنية فى الدرجة الأدنى حكمًا دون ممارسة أعمال هذه الوظيفة الفنية .
 وحيث إن ما تنعاه المدعية على القرار المطعون فيه من إخلاله بالحماية المقررة للأسرة والمرأة العاملة مردود بأن المادة (10) من الدستور الصادر عام 2012 إذ نصت على أن الأسرة أساس المجتمع .... وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها، وتكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام، فقد دلَّ ذلك على أن عمل المرأة لا يجوز أن يخل بواجباتها نحو أسرتها أو يجور عليها، تقديرًا بأن مسئوليتها أصلاً وابتداءً تحتم عليها أن تحسن تدبير شئون بيتها وأولادها وعلى الأخص من خلال تربيتهم ورعايتهم بصورة رشيدة حانية، وأن عليها أن تجرى موازنة دقيقة بين واجباتها قبلهم –وهم مسئوليتها الأساسية – وبين عملها، بما مؤداه أن احتياجها إلى العمل أو تفوقها فيه أو كسبها منه لا يجوز أن يصرفها عن روابطها الأصلية بأسرتها ولا أن يبدد تماسكها، بل ينبغى أن يكون حق بيتها من الأمن والاستقرار مقدمًا على ما سواه، كماأن كفالة الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام، لا يعنى أنتُمنح المرأة العاملة مزايا خاصة بها بالمخالفة لأحكام الدستور أو أن تتحرر من الخضوع للقاعدة القانونية ذاتها التى يخضع لها باقى العاملين من الرجال كاشتراط النص الطعين أن تكون المدة الكلية والبينية اللازمة للترقية مدة خدمة فعلية بالعمل بالجهاز أو فى عمل مناسب يقره مكتب الجهاز، الأمر الذى لا مخالفة فيه لأحكام الدستور .
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان لا دليل من القرار المطعون فيه – على النحو المتقدم – على إخلاله بمبدأ المساواة، أو الحماية المقررة للأسرة والمرأة العاملة أو مخالفته للدستور من أى وجه آخر، فإن الحكم برفض الدعوى الماثلة يكون متعينًا .
فلهــذهالأسبــاب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وإلزام المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الضوابط الدستورية لتقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد بينها

قضية رقم 16 لسنة 37 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من مارس سنـة 2015م، الموافـق العاشر من جمادى الأولى سنة 1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / أنور رشاد العاصى  النائب الأول لرئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين:الدكتور/حنفى على جبالى ومحمد عبدالعزيز الشناوى والسيد عبد المنعم حشيشومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولـــــس فهمى اسكنــدر    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجـدول المحكمـة الدستوريةالعليـا برقـم 16 لسنة 37 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / جمــــــــــــال علــــــــــــــــىزهـــــــــــــــــــــــــــــــران
ضـــــــــــــد
1 -  السيد رئيسالجمهوريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
2 -  السيد رئيسمجلــــــــــــــــــــــــــــــس الوزراء
3 -  السيد / رئيس اللجنة العلياللانتخابات

الإجــــــــــراءات
ـــــــــــــ
       بتاريخ الخامسمن فبراير سنة 2015 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (4، 6، 10) من قانون مجلس النواب الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 2014، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب .

       وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصليًا : الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفةوالمصلحة . واحتياطيًا : بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص الفقرة الثانية من المادة(6) من قانون مجلس النواب المشار إليه، ورفض الدعوى فيما عدا ذلك .
       وبعد تحضيرالدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
       ونُظرتالدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمــــــــــة
       بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
       حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 26992 لسنة 69 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى عليه الثالث، بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العليا للانتخابات رقم 1لسنة 2015 بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس النواب 2015، قولاً منه أن هذا القرار مشوب بعيب عدم المشروعية، ومخالفة أحكام الدستور، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نصوص المواد (4، 6، 10) من قانون مجلس النواب والقرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليهما، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة .
     وحيث إن المدعى طلب بجلسة 25/2/2015 الحكم بعدم دستورية القرارين بقانون المطعون فيهما لعدم تضمينهما نص بعزل أعضاء الحزب الوطنى المنحل وجماعة الإخوان المسلمين، وعدمتضمين نص المادة (8) من قانون مجلس النواب شرط حسن السيرة والسمعة، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى منه أمام محكمة الموضوع قد اقتصر على نصوص المواد (4، 6،10) من قانون مجلس النواب وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليهما، وهى النصوص التى انصب عليها تقدير المحكمة لجدية هذا الدفع، وتصريحها للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فإن الدعوى الماثلة تنحل فى هذا الشق إلى دعوى دستورية أصلية أقيمت بالمخالفة لنص المادة (29 / ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للنصوص المتقدمة .
  وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن ما تغياه المشرع بنص المادة (30) من قانون المحكمةالصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوىالبيانات الجوهرية التى تكشف بذاتها عن ماهية المسألة الدستورية التى يعرض علىالمحكمة الدستورية العليا أمر الفصل فيها وكذلك نطاقها، بما ينفى التجهيل بها، كى يحيط كل ذى شأن بجوانبها المختلفة، وليتاح لهم جميعًا – على ضوء تعريفهم بأبعادالمسألة الدستورية المطروحة عليها – إبداء ملاحظاتهم وردودهم وتعقيباتهم فى المواعيد التى حددتها المادتان (37، 44 مكررًا 1) من قانون هذه المحكمة المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 26 لسنة 2014، بحيث تتولى هيئة المفوضين تحضير الموضوع المعروض عليها وإعداد تقرير برأيها فى شأنه طبقًا لنص المادة (40) من ذلك القانون .
   وحيث إن المدعى لم يضمن صحيفة دعواه النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة طبقًا لنص المادة (30) من قانون هذه المحكمة، بالنسبة للأحكام الخاصة بالانتخاب بالنظام الفردى التى تضمنها نص المادة (4) من قانون مجلس النواب، ونصوص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه، والجداول المرفقة به المتعلقة بهذا النظام، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذه النصوصفى الحدود المتقدمة.
وحيث إن المادة (4) من قانون مجلس النواب سالف الذكر تنص على أن : " تُقسم جمهورية مصر العربية إلى عدد من الدوائر تخصص للانتخاب بالنظام الفردى، وعدد (4) دوائر تخصص للانتخاب بنظام القوائم، يخصص لدائرتين منهما عدد (15) مقعدًا لكل منها، ويخصص للدائرتين الأخرتين عدد (45) مقعدًا لكل منهما، ويحدد قانون خاص عدد ونطاق ومكونات كل منها .
................................"
 كما تنص المادة (6) من القانون ذاته على أن : " يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النوابأن يظل العضو محتفظًا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة، أو غيَّر انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبيًّا، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس .
وفى جميعالأحوال لا تسقط عضوية المرأة إلا إذا غيَّرت انتماءها الحزبى أو المستقل الذىأُنتخبت على أساسه " .
وتنص المادة (10) على أن " يقدم طلب الترشح لعضوية مجلس النواب، فى الدوائر المخصصةللانتخاب بالنظام الفردى، من طالبى الترشح كتابة إلى لجنة انتخابات المحافظة التىيختارها للترشح، خلال المدة التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات على ألا تقل عنخمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشح .
ويكون طلبالترشح مصحوبًا بالمستندات الآتية :
       ................................................
    إيصال إيداع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، تودع خزانة المحكمة الابتدائية المختصة بصفة تأمين.
- .............
   وتسرى الأحكام المنصوص عليها فى الفقرات السابقة على مترشحى القوائم، على أن يتولى ممثل القائمة الانتخابية اتخاذ إجراءات ترشحهم بطلب يقدم على النموذج الذى تعده اللجنة العليا للانتخابات، مصحوبًا بالمستندات التى تحددها اللجنة لإثبات صفة كل مترشح بالقائمة، وبإيصال إيداع مبلغ ستة آلاف جنيه بصفة تأمين للقائمة المخصص لها (15) مقعدًا ويزاد هذا المبلغ إلى ثلاثة أضعاف للقائمة المخصص لها (45) مقعدًا .
       ......................".
       وتنص المادة الثانية من قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب على أن " تقسم جمهورية مصر العربية إلىمائتين وسبع وثلاثين دائرة انتخابية تخصص للانتخاب بالنظام الفردى، كما تقسم إلى أربع دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم "، وتنص المادة الثالثة على أن " يحدد نطاق ومكونات كل دائرة انتخابية وعدد المقاعد المخصصة لها، ولكل محافظة، طبقًا للجداول المرافقة، بما يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات،والتمثيل المتكافئ للناخبين "
       وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة – وتندمج فيه الصفة – هو من الشروطالجوهرية التى لا تقبل الدعوى الدستورية فى غيبتها، وقوامها أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومةبأكملها أو شق منها فى الدعوى الموضوعية، ويتحدد مفهومها على ضوء عنصرين أولينيحددان مضمونها، أولهما : أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، ويتعين أن يكونهذا الضرر مباشرًا، مستقلاً بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية،وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً . وثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعىأصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلالبالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكنأن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عند رفعها .
       وحيث إن نص المادة (6) من قانون مجلس النواب تتناول بالتنظيم حالة إسقاط العضوية عند فقد الصفةأو تغيير الانتمــــــــــاء الحزبى الذى تم انتخاب العضو على أساسهما، وكان المدعىلم يكتسب عضوية مجلس النواب، وبالتالى لم ينطبق عليه هذا النص بحسبانه من غير المخاطبين بأحكامه، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة فى هذا الشق من الدعوىتكون منتفية .
وحيث إن دستور سنة 2014 القائم قد أولى صفة "المواطنة" أهمية بالغة، إذ قرنها، بنصأولى مواده، بسيادة القانون، وجعل منهما أساساً للنظام الجمهوري الديمقراطي الذيتقوم عليه الدولة، ونص كذلك في المادة (4) منه على أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين،  كما كفل في المادة (87) منه مشاركة المواطن في الحياة العامة كواجب وطني، وجعل لكل مواطن الحق في  الانتخاب والترشح وإبداء الرأي فيالاستفتاء، وفي هذا السبيل؛ تلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، وأوجب  في المادة (102) منه مراعاة  التمثيل المتكافئ للناخبين، ومؤدى ذلك كله ـوفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ـ أن تحقيق السيادة للشعب، لا يتأتى إلا من خلال كفالة حق المواطنين جميعاً في انتخاب قادتهم وممثليهم في إدارة دفة الحكم،متى توافرت فيهم شروط الانتخاب، ويكون لكل مواطن حق إبداء الرأي في  الانتخابات والاستفتاءات، ومن ثم لا يجوز حرمان أي مواطن من ممارسة هذا الحق الدستوري، إلا إذا حال بينه وبين ممارسته مبرر موضوعي مؤقت أو دائم ـ يرتد في أساسه إلى طبيعة حق الاقتراع وما يقتضيه من متطلبات كبلوغ سن معينة تؤهله لتقدير اختياراته، وألا تعتريه عاهة ذهنية تفقده هذه القدرة، كما أن حق المواطنة يستلزم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة، ولا يجوز تقييده أو الانتقاص منه إلا لمبرر موضوعي يتطلبه ولا يشكل في حد ذاته مخالفة دستورية. 
وحيث إنه متى كان ما تقدم؛ وكان المدعي، باعتباره مواطناً، قد ثبتت له صفة الناخب؛ إعما لاً لما نصت عليه المادة (87) من الدستور من التزام الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدةبيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، وقد خلت أوراق الدعوى الراهنة مما يستفاد منه أن صفة الناخب قد زايلته أو أنه قد تجرد منها لأي سبب، فضلاً عن أنه لم يثبت بالأوراق قيام أي مانع يحول بينه وبين مباشرة حقوقه السياسية، وكان قد طعن أمام محكمة الموضوع على قرار رئيس اللجنة العليا للانتخابات رقم (1) لسنة 2015؛ طالباً وقف تنفيذه ثم إلغائه، مستهدفاً وقف إجراء انتخابات مجلس النواب؛ ثم أقام دعواه الدستورية الراهنة طالباً الحكم بعدم دستورية المادتين(4) و (10) من قانون مجلس النواب و القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه، لمخالفتها أحكام الدستور، استناداً إلى أن تلك النصوص قد أهدرت مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لعدم مساواتها بين عدد المرشحين فى القوائم، ولما كانت النصوص المطعون فيها تمس المركز القانوني للمدعي، بصفته ناخباً، وتؤثر فيه، ومن ثم تتوافر للمدعي المصلحة الشخصية المباشرة في دعواه الماثلة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنه نص المادة (4) من قانون مجلس النواب المشار إليه من تخصيص عدد (4) دوائر للانتخاب بنظام القوائم، يخصص لدائرتين منها عدد (15)مقعدًا لكل منهما، وتخصص للدائرتين الأخريين عدد (45) مقعدًا لكل منهما، وما تضمنه نص المادة (10) من هذا القانون من إطلاق حرية طالبى الترشح فى الترشح فى المحافظةالتى يختارها، وكذا تحديد قيمة التأمين المقرر إيداعه خزانة المحكمة الابتدائيةالمختصة بالنسبة لطالب الترشح فى الدوائر المخصصة للانتخاب بنظام القائمة المخصصلها عدد (15) مقعدًا، وكذا عجز المادة الثانية من القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014سالف الذكر ونص المادة الثالثة من القرار بقانون ذاته فى مجال انطباقه علىالانتخابات بنظام القوائم، وجدول دوائر القوائم المرفق به دون غيرها .
       وحيث إن المدعى ينعى على نص المادة (4) من قانون مجلس النواب، وعجز المادة الثانية من القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه ونص المادة الثالثة من القرار بقانــــونذاته فى مجال انطباقه على الانتخاب بنظام القوائم، وجدول دوائر القوائم المرفق به،مخالفتهــــــا لمبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص، لعدم مساواتها بين عددالمرشحين فى القوائم على مستوى الجمهورية .
       وحيث إن الدستور قد حرص فى المادة (4) منه على كفالة مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص،باعتبارها أساسًا لبناء المجتمع وتحقيق وحدته الوطنية، وقواعد ضابطة لسلطة المشرع فى تنظيم الحقوق والحريات والواجبات العامة، كما قرن العدل بالعديد من نصوصه،كالمواد (8، 27، 81، 93، 99) منه، غير أنه خلا فى الوقت ذاته من تحديد لمعناه، إلا أن مفهوم العدل سواء بمبناه أو أبعاده لا يعدو – كما جرى قضاء هذه المحكمة – أن يكون نهجًا متواصلاً منبسطًا على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازنًا بالقسطتلك الأعباء التى يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهمعدوانًا، بل تطبيقها فيما بينهم إنصافًا، وإلا صار القانون منهيًا للتوافق فى مجالتنفيذه، مصادمًا لمبادئ العدل، وغدا إلغاؤه لازمًا.
       وحيث إنمضمون مبدأ تكافؤ الفرص الذى يلتزم المشرع بتحقيقه بين جميع المواطنين دون تمييز،طبقًا لنصوص المواد (4، 9، 27) من الدستور، إنما يتصل – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، وأن إعما له يقع عند التزاحم عليها،وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية تتحدد وفقًا لأسس موضوعيةيقتضيها الصالح العام .
       وحيث إن مبدأالمساواة الذى كفلته المادتان (4، 53) من الدستور مؤداه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز لأى من السلطتين التشريعية أو التنفيذية أن تباشراختصاصاتها التشريعية التى ناطها الدستور بها بما يخل بالحماية المتكافئة التىكفلها للحقوق جميعها، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها أو التى حددها القانون،وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التى اعتد الدستور بها، لا تتناولالقانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتهاأوضاع لها مشكلاتها، وأنه تغيا بالنصوص التى تضمنها تحقيق أغراض بذواتها من خلالالوسائل التى حددها، وكلما كان القانون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيما بينها، وكان تقديره فى ذلك قائمًا على أسس موضوعية، مستلهمًاأهدافًا لا نزاع فى مشروعيتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية فى شأن أشخاصتتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلباتها، كان القانون واقعًا فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع، ولا يعتبر بالتالى قانونًا مشتبهًا فيه، بل متضمنًاتمييزًا مبررًا، لا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التى توخاها وسعى إليها بعيدة عن الكمال، ولا يكون تطبيقها عملاً قد أخل بها .
       وحيث إنهوإن كان للمشرع سلطة تقديرية فى اختيار النظام الانتخابى طبقًا لنص المادة (102)من الدستور، إلا أن سلطته فى هذا الشأن ليست مطلقة بل تجد حدها فى عدم الخروج علىالقيود والضوابط التى قررها الدستور، وعدم المساس بالحقوق والحريات التى كفلها،والتمكين للواجبات العامة وممارستها دون قيود أو أعباء تثقلها أو تنتقص منها أو منأحد مكوناتها، ومن بين هذه الضوابط والقيود ما استلزمته المادة (102) من الدستور،وأوجبت على المشرع مراعاته عند تقسيم الدوائر الانتخابية، وهو تحقيق التمثيل العادل للسكان والمحافظات، بحيث لا تستبعد من التقسيم وتحديد الدوائر أية محافظة من المحافظات، أو الكتل السكانية، والتى تتوافر لها الشروط والمعايير التى سنهاالمشرع، والضوابط التى وضعها الدستور لذلك، أو ينتقص من حقها فى هذا الشأن على أىوجه من الوجوه، هذا فضلاً عن وجوب التقيد فى كل ذلك بتحقيق التمثيل المتكافئ للناخبين، بحيث يمثل النائب فى أية دائرة انتخابية ذات العدد من الناخبين الذى يمثله النواب فى الدوائر الأخرى، ولا يعنى ذلك أن يكون التساوى بين أعداد من يمثلهم النائب فى كل دائرة تساويًا حسابيًا مطلقًا، وإنما يكفى أن تكون الفروق بينهذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة فى حدود المعقول، متى كان ذلك، وكانت الأحكام التى تضمنها نص المادة (4) من قانون مجلس النواب، ونص المادتين الثانية والثالثة من القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه – فى حدود نطاقها المتقدم – والجدول المرفق به الخاص بدوائر القوائم، قداختارت للانتخاب بنظام القوائم تقسيم جمهورية مصر العربية إلى عدد (4) دوائر، وخصص لاثنين منها عدد (45) مقعدًا لكل منها، وتتكون أولاهما وهى دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا من عدد (6) محافظات، وعدد الناخبين بها 21,280,268 ناخبًا، وعدد سكانها 31,826,460 مواطنًا، وتضم ثانيتهما وهى دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد (11) محافظة، وعدد الناخبين فيها 19,715,314 ناخبًا، وعدد سكانها 33,321,638 مواطنًا، وقد خصص المشرع للدائرتين الأخريين عدد (15) مقعدًا لكل منها، وتشمل أولاهما وهى دائرة قطاع شرق الدلتا (7) محافظات، وعدد الناخبين فيها 6,729,018 ناخبًا، وعددسكانها 10,747,074 مواطنًا، وتضم ثانيتهما وهى دائرة قطاع غرب الدلتا عدد (3)محافظات، وعدد الناخبين فيها 7,309,449 ناخبًا، وعدد سكانها 10,918,551 مواطنًا،كما قضت الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون مجلس النواب المشار إليه بأن ينتخبعن كل دائرة عدد من الأعضاء يتناسب وعدد السكان والناخبين بها، بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والمتكافئ للناخبين، مما مؤداه أن التنظيم المتقدم قدالتزم الضوابط الدستورية لتقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد بينها، وأن نعى المدعى علىهذه النصوص مخالفتها لمبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص فى غير محله حريًابالالتفات عنه، وإذ لا تخالف تلك النصوص أى نص آخر فى الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى بالنسبة لها فى حدود نطاقها المتقدم .
       وحيث إن المدعى ينعى على عبارة " التى يختارها للترشح " الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة (10) من قانون مجلس النواب، مخالفتها نص المادة (102) من الدستور، بمقولة أن إطلاق هذا النص حق طالب الترشح فى اختيار المحافظة التىيختارها للترشح، يخالف الضوابط التى حددها نص هذه المادة، والتى تستلزم أن يكونالمرشح من أبناء المحافظة أو المولودين أو العاملين بها أو المقيمين فيها .
       وحيث إنالدستور نص صراحة فى المادة (87) منه الواردة بالباب الثالث الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة، على حقى الترشيح والانتخاب باعتباره ما من الحقوقوالواجبات العامة للمواطنين، التى حرص الدستور – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة –على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، لضمان إسهامهم فى اختيار قياداتهموممثليهم فى إدارة دفة الحكم فى البلاد وتكوين المجالس النيابية ورعاية مصالحالجماعة، وهما حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما، باعتباره ما لازمين لزومًا حتميًا لإعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريًا، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ومعبرة تعبيرًا صادقًاعنها، هذا ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى ممارسة هذين الحقين، وإنماجاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارستهما واجبًا وطنيًايتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التىكفلها الدستور وأكد عليها فى المادة (4) منه، والتى لا تتحقق لها أبعادها الكاملة إلابضمان هذين الحقين، وكفالة ممارسة المواطنين لهما ممارسة جدية وفعالة، دون قيودتفرغهما من مضمونهما وتعطل جوهرهما، أو تنتقص منهما أو تؤثر فى بقائهما، أو تتضمنإهدارًا أو مصادرة لهما، ومن أجل ذلك قضت المادة (92) من الدستور بأن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا، ولم تجز للمشرع عندتنظيم ممارستها أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها، وهو الالتزام الذى يقيد المشرععند تناوله تقسيم الدوائر الانتخابية، طبقًا للمعايير التى تضمنتها المادة (102)من الدستور، والتى أوجبت تحقيق التمثيل العادل للسكان والمحافظات، والتمثيلالمتكافئ للناخبين، وعلى ذلك فإذا ما حرص المشرع فى تنظيمه لحق الترشح بنص الفقرة الأولى من المادة (10) من قانون مجلس النواب على إطلاق حق المرشح فى اختيارالمحافظة التى يترشح فيها، هادفًا بذلك كفالة هذا الحق وضمان حرية ممارسته بما يحقق له مضمونه وأطره الدستورية، باعتباره أحد أهم مظاهر وتطبيقات ممارسةالمواطنين لحقوقهم السياسية، وأحد الوسائل الديمقراطية للتعبير عن آرائهم وإسهامهمفى الحياة العامة، فإن هذا النص لا يكون مصادمًا لنص المادتين (87، 102) من الدستور، كما لا يخالف أى نص آخر فيه، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى بالنسبة له.
وحيث إن المدعى ينعى على التفرقة التى حواها نص المادة (10) من قانون مجلس النواب فى قيمةالتأمين المقرر إيداعه خزانة المحكمة الابتدائية المختصة بالنسبة لطالب الترشح فىالدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى، والقائمة المخصص لها عدد (15) مقعدًا،تضمنها تمييزًا غير مبررًا بينهما يخالف مبدأ المساواة .
       وحيث إن المادة (10) من قانون مجلس النواب قد ألزمت طالب الترشح بأن يرفق بطلب الترشحإيصال إيداع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه خزانة المحكمة الابتدائية المختصة كتأمينبالنسبة لطالب الترشح فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى، ومبلغ ستة آلافجنيه بالنسبة للقائمة المخصص لها عدد (15) مقعدًا، وكانت الغاية من هذا التأمينكما أوضحها نص المادة (26) من قانون مجلس النواب هى خصم تكاليف إزالة الملصقاتالانتخابية منه، على أن يرد هذا المبلغ أو المتبقى منه بعد خصم تلك التكاليف إلىالمرشح خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وإذ راعىالمشرع فى تقدير قيمة التأمين مقدار التكلفة الفعلية لإزالة الملصقات، والمسئوليةعن ذلك، وكان تقديره فى كل هذا قائمًا على أسس موضوعية، هادفًا إلى تحقيق غايات لا خلاف حول مشروعيتها، وكافلاً تطبيقها على من تتماثل مراكزهم القانونية بما لايجاوز متطلباتها، فإن نعى المدعى مخالفة ذلك النص لمبدأ المساواة، يكون فى غيرمحله حقيقًا بالالتفات عنه، وإذ لا يخالف النص المطعون فيه أى نص آخر فى الدستور، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى طعنًا عليه .
فلهــــــذه الأسبــــاب
       حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
            أمين السر                                                    النائبالأول لرئيس المحكمة

الأحد، 7 يونيو 2015

انعدام ولاية جهة القضاء العادي بالفصل في المنازعات الضريبية

قضية رقم 2 لسنة 36 قضائية المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يـوم السبت الرابع عشر من مارس سـنة2015م، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة 1436 هـ .
برئاسةالسيد المستشار / عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : أنور رشاد العاصى والدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة 
وحضورالسيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضورالسيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لســنة 36 قضائية "منازعة تنفيذ " .

المقامة من السيد وزير المالية
بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات

ضــــد
السيد رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية
لنقل البضائع بالسيارات بمحافظة أسيوط

الإجراءات
بتاريخ الرابع من فبراير سنة2014، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا في ختامها؛ أولاً: الأمر، وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط في الاستئناف رقم 1412 لسنة 87 قضائية بجلسة 14/5/2013 لحين الفصل في الموضوع، ثانيًا: الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7/4/2013 في القضية رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية",وبعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط في الاستئناف المشار إليه.
وقدم المدعى عليه مذكرة بدفاعه ؛ طلب في ختامها الحكم؛ أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم جوازنظرها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق,والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه كان قد أقام ضد المدعي الدعوى رقم 3334 لسنة 2009 أمام محكمة أسيوط الابتدائية، وطلب في ختامها الحكم بإلزام المدعي برد مبلغ 300ر531154 جنيهًا؛ قيمة ضريبة المبيعات التي سبق تحصيلها منه، وأثناء نظر الدعوى؛ تقدم المدعي بطلب عارض طلب فيه إلزام المدعى عليه بأداء مبلغ 44ر1010941 جنيهًا. وبجلسة 30/10/2012 قضت محكمة أول درجة برفض الطلب العارض، وبإلزام المدعي وآخرين بأن يؤدوا إلى المدعى عليه المبلغ المطلوب رده السالف البيان؛ استنادًا إلى ما جاء بتقرير الخبير، فطعن عليه المدعي أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 1412لسنة 87 قضائية، حيث قضت بجلسة 14/5/2013 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ7/4/2013 في الدعوى الدستورية رقم 162 لسنة 31 قضائية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005. وإذ ارتأى المدعي أن حكم محكمة استئناف أسيوط السالف الذكر، وقد فصل في النزاع الموضوعي باعتبار أنه صاحب الاختصاص الأصيل فيه، فإنه يُعد عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، ومن ثم فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونًا - بمضمونها - دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يُفترض أن تكون قد حالت فعلاً، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذيعطل مجراها.
وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/4/2013 في القضية الدستورية رقم 162 لسنة 31 قضائية، والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 15 مكررًا (ب) بتاريخ 17/4/2013، قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005، وكان النص الأول يجري على أن: "...... وللمسجل الطعن في تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صيرورته نهائيًّا " كما كان النص الآخر يجري على أنه "..... وفي جميع الأحواليحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار". وأسست المحكمة الدستورية العليا حكمها المشار إليه على أنه لما كان المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة إلى قانون هذه الضريبة وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذًا لأحكامه؛ فإن المنازعة في هذا القرار تُعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص المادة (174) من دستور سنة 2012، وإذ أسندالنصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادمًا لأحكام الدستور الذي أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم طبقًا لنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت محكمة استئناف أسيوط قد قضت في الاستئناف رقم 1412 لسنة 87 قضائية، بجلسة 14/5/2013 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، ومن ثم يكون هذا الحكم قد طبق في شأن المدعي النصين التشريعيين المشار إليهما، بالرغم من انعدام ولاية جهة القضاء العادي بالفصل في المنازعات الضريبية – على ما سلفبيانه - مخالفًا بذلك ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7/4/2013 في القضية الدستورية رقم 162 لسنة 31 قضائية، وتبعًا لذلك يشكل حكم محكمة استئناف أسيوط المشار إليه عقبة عطلت تنفيذ هذا الحكم، مما يتعين معه القضاءبإزالتها. 
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة استئناف أسيوط المشار إليه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ الماثلة، بما مؤداه أن قيام هذه المحكمة - طبقًا لنص المادة (50) من قانونها - بمباشرة اختصاص البت في موضوع منازعة التنفيذ فإن طلب وقف التنفيذ المقدم من المدعي يكون - وعلى ما جرى به قضاؤها - قد بات غير ذي موضوع.
فلهذهالأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013 في القضية رقم 162لسنة 31 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط بجلسة 14/5/2013 في الاستئناف رقم 1412 لسنة 87 قضائية.

الاثر المباشر لعدم دستورية نص ضريبي غير مانع من اعتباره اصلح للمتهم

قضية رقم 2 لسنة 35 قضائية المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من مارس سنـة 2015م،الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سـنة 1436 هـ.
برئاسة السيد المستشار/عدلى محمود منصور    رئيس المحكمـــة
وعضويـة السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى وعبدالوهاب عبدالرازق والدكتور حنفى على جبالى ومحمـد خيرى طـهالنجار ورجب عبدالحكيم سليـم والدكتور حمدان حسن فهمى                             نواب رئيس المحكمـة
وحضور السيد المستشار/محمود محمد غنيم             رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبدالسميع                  أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيـدةبجـدول المحكمة الدستورية العليا
بـرقم 2 لسنة 35قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة من
السيد/ أليفتريوستيودور كريتيس
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد وزير العدل
3- السيد وزير المالية
4- السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
"الإجراءات"
   بتاريخ الخامس من يناير سنة 2013، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولاً:بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية (الدائرة 12جنح مستأنف شرق) بجلسة 22/10/2012 فى القضية رقم 27467 لسنة 2004 جنح العطارين، والمستأنفة برقم 13869 لسنة 2006  جنح سشرق. ثانياً: عدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية (الدائرة12 جنح مستأنف شرق) بجلسة 22/10/2012 فى القضية رقم 27467 لسنة 2004 جنح العطارين،والمستأنفة برقم 13869 لسنة 2006 جنح س شرق، باعتباره يشكل عقبة مادية وعائقًا يحول دون تنفيذ مقتضى حكمى المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 113 لسنة 28قضائية "دستورية" والدعوى رقم 114 لسنة 28 قضائية "دستورية".
     وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها،طلبت فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
    وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة "
     بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
  حيث إن الوقائع تتحصل- على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية متهمة إياه بأنه فى خلال الفترة من شهر يناير 1998 وحتى شهرمايو 1999 - بدائرة قسم العطارين- تهرب من أداء الضريبة بأن قدم بيانات خاطئة عن مبيعاتهظهر فيها عجز مقداره 10% عما ورد بالإقرار، وطلبت عقابة بالمواد (1 و 2 و 15 و 43و 44/6 و 47/1، 8) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11لسنة 1991، وقيدت الواقعة برقم 27467 لسنة 2004 جنح العطارين، وبجلسة 21/3/2006،قضت تلك المحكمة حضوريًّا بتغريم المتهم - المدعى- مبلغ ألف جنيه، وأداء مبلغ 40ر128308 جنيهًا، بالإضافة إلى الضريبة الإضافية؛ وإذ لم يرتض المدعى هذا الحكمفقد طعن عليه بالاستئناف رقم 13869 لسنة 2006 جنح مستأنف شرق الإسكندرية، وحال نظر الاستئناف دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 فيما تضمنته من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل،وسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992، وقدرت المحكمة جديةهذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام المدعى دعواه الدستورية رقم114 لسنة 28 قضائية "دستورية". وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة13/11/2011 فى القضية رقم 113 لسنة 28 "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم11 لسنة 1991، قبل تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل. وبسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و 143 لسنة 1992". وقدنشر هذا الحكم بالعدد (47 مكرراً) من الجريدة الرسمية بتاريخ 27/11/2011، وإعما لاًلحجية هذا الحكم فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/3/2012 حكمها فى الدعوى رقم 114 لسنة 28 قضائية "دستورية" – التى أقامها المدعى-"باعتبار الخصومة منتهية"، ويبدى المدعى أن الدعوى الموضوعية رقم 13869لسنة 2006 جنح مستأنف شرق الإسكندرية قد تم تعجيلها من الوقف قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فقضت المحكمة حضوريًّا اعتباريًّا بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المدعى على هذا الحكم بطريقالمعارضة الاستئنافية، وتدوول نظرها بالجلسات، وبجلسة 22/10/2012، قضت المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً، وفى الموضوع برفضها، وتأييد الحكم المعارض فيه؛وأسست قضاءها على أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 113 لسنة28 قضائية "دستورية" لم يحدد أى تاريخ لسريان الحكم بعدم الدستورية، بما مؤداه سريان هذا الحكم بأثر مباشر، وأن البين من أوراق الدعوى أن النيابة العامةقد أحالت المتهم- المدعى- عن المخالفة الماثلة قبل صدور ذلك الحكم؛ وإذ ارتأىالمدعى أن هذا الحكم يعتبر عقبة أمام تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا المشار إليهما، فقد أقام الدعوى الماثلة.
    وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التى تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونًا- بمضمونها- دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هى محل منازعة التنفيذ التى تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبه عليها، وتتدخلالمحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التى يفترض أن تكون قد حالت فعلاً،أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، وسبيلها فى ذلكالأمر بالمضى فى تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطل مجراها.
   وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 قد نص فى مادته الأولى على أن "يستبدل بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة1979 النص الآتى: "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر هذا الحكم ما لم يحددالحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميعالأحوال إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستوريةهذا النص".
   وحيث إن مفاد هذا النص- وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - تعطيل قوة نفاذ النص الضريبى المحكوم بعدم دستوريته من اليوم التالى لنشر الحكم، وعدم جواز تطبيقه على المراكز القانونية للخصوم فىالأنزعة الضريبية المتداولة أمام جهات القضاء، حتى ما كان قائمًا فى تاريخ سابقعلى نشر الحكم فى الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق الضريبية والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناءً على حكم قضائى بات، صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا- سالف الذكر- فى الدعوى الدستورية رقم 113 لسنة 28 قضائية،الصادر بجلسة 13/11/2011، والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (47 مكررًا)بتاريخ 27/11/2011، قضى: أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التىيجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل. ثانياً: بسقوط قرارىوزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992". كما قضت أيضًا فى القضية رقم 114 لسنة 28 قضائية "دستورية"- التى كان المدعى قد أقامها طعنًا علىالنصوص ذاتها- بجلسة 4/3/2012 بانتهاء الخصومة فيها.
وحيث إنه لما كان ماتقدم، وكانت محكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية قد قضت فى القضية رقم 13869 لسنة2006 جنح مستأنف شرق بجلسة 22/10/2012 بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً، ورفضهاموضوعًا وتأييد الحكم المعارض فيه، ومن ثم يكون هذا الحكم قد طبق فى شأن المدعى النصوص التشريعية المشار إليها، بالرغم من عدم جواز تطبيقها على المراكز القانونية للخصوم فى الأنزعة الضريبية المتداولة أمام جهات القضاء –على ما سلف بيانه-مخالفًا بذلك ما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدستورية رقم 113لسنة 28 قضائية، وتبعًا لذلك فإن الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف الإسكندرية المشار إليه يعد عقبة عطلت تنفيذ هذا الحكم، مما يتعين معه القضاء بإزالتها.
ولا ينال مما تقدم،قالة أن الحكم الصادر ضد المدعى قد صدر فى اتهام جنائى منبت الصلة بالنصوص المقضىبعدم دستوريتها فى القضية الدستورية رقم 113 لسنة 28 قضائية، ذلك أن الحكم الأخير قد أزال السند القانونى الذى جرى على أساسه تعديل الإقرارات المقدمة من المدعى إلى مصلحة الضرائب ومن ثم ينهار الأساس القانونى للاتهام الجنائى المسند إليه، ويكون الحكم الذى انبنى عليه وصدر ضده عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إنه عن طلب المدعى وقف تنفيذ حكم محكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية سالف الذكر، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ الماثلة،بما مؤداه أن مباشرة هذه المحكمة- طبقًا لنص المادة (50) من قانونها- اختصاص البتفى أصل النزاع فإن طلب وقف التنفيذ المقدم من المدعى يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/11/2011فى القضية رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف الإسكندرية بجلسة 22/10/2012 فى القضية رقم 13869 لسنة2006 جنح مستأنف شرق الإسكندرية المؤِّيد لحكم محكمة جنح العطارين الصادر بجلسة21/3/2006 فى القضية رقم 27467 لسنة 2004، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.