الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 يناير 2015

الطعن 79257 لسنة 75 ق جلسة 20/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 121 ص 1005

جلسة 20 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد حسين مصطفى ، إبراهيم الهنيدي ، حسن الغزيري وربيع شحاتة نواب رئيس المحكمة .
------------
(121)
الطعن 79257 لسنة 75 ق
(1) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه .
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة .
(2) إثبات " اعتراف " " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
الاعتراف في المسائل الجنائية . عنصر من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . لمحكمة الموضوع ألا تعول عليه متى كان وليد إكراه أو تراءى لها مخالفته للحقيقة والواقع .
التحريات وحدها لا تصلح أن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها .
خلو الأوراق من دليل لإسناد تهمتي القتل والسرقة إلى المتهمين غير الأدلة التي ساقتها النيابة العامة وأهدرتها المحكمة . أثره : وجوب القضاء ببراءة المتهمين .
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمتي قتل عمد وسرقة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع قاضي الدعوى واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه ، وحسبه أن يتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة .
2 - لما كانت المحكمة وهي في مقام وزن الأدلة التي ارتكنت إليها النيابة العامة في إسناد تهمة قتل ..... عمداً إلى المتهمين ، ترى أن هذه الواقعة ذاتها قد تنازعتها دعويان تستقل كل منهما عن الأخرى ، الأولى هي الدعوى المطروحة ضد كل من المتهمين ..... و.... وثالث سبق القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته ، والثانية تحمل رقم ..... لسنة .... جنايات مركز ..... ضد كل من المتهمين ، .... و..... ، وقد نسجت خيوط الاتهام في كل من هاتين الدعويين من اعترافات المتهمين مؤيدة بتحريات الشرطة . لما كان ذلك ، ولئن كانت الأدلة التي حملت الاتهام في كل من الدعويين متساوية في القوة إلا أنها مضادة في الاتجاه ، إذ جاءت في آخراهما ناسخة لما ابتنيت عليه أولاهما ، وهوت بها في مكان سحيق تبوأت فيه مباوئ الكذب الذي بات مبدأها ومنتهاها . لما كان ذلك ، وكان دفاع المتهمين الماثلين قد قام على بطلان الاعتراف المعزو إليهما لصدوره وليد إكراه ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها ألا تعول عليه ولو كان صادقاً متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره أو تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن إلى هذا البطلان لما تكشف عنه الأوراق من القبض على المتهمين وحجزهما بغير أمر من السلطات ما يزيد على الشهر ، أخذاً بأقوالهما المؤيدة بالبرقيتين المرسلتين إلى كل من وزير الداخلية والنائب العام في تاريخ سابق على تحرير محضر ضبطهما ، الأولى مؤرخة ..... والثانية مؤرخة ..... بما تحملاه من استغاثة والد المتهم ..... من القبض على ابنه المذكور وحجزه بدون وجه حق ، وكذا من الإكراه الذي لا تجد المحكمة بداً من التسليم به بعد قعود المحقق عن تحقيقه ، فضلاً عما تراءى للمحكمة من مخالفة هذا الاعتراف للحقيقة والواقع سيما وقد اعترف متهمان آخران في الجناية رقم ..... لسنة ..... مركز ..... باقترافهما ذات الجريمة وضبط دراجة المجني عليه البخارية - المسروقة - بإرشاد أولهما ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه من المقرر أن التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، وكانت المحكمة ترى في التحريات التي أجراها كل من المقدم ..... والرائد .... ما يجافي حقيقة الواقع على ما شهد به اللواء ..... في الجناية رقم ..... لسنة ..... مركز ..... بعدم صحة هذه التحريات ، وما اعترف به متهمان آخران باقترافهما ذات الواقعة التي حررت بشأنها تلك التحريات ، الأمر الذي ترى معه المحكمة اطراحها وعدم التعويل عليها في مقام الإثبات . لما كان ذلك ، وقد أهدرت الأدلة التي ساقتها النيابة العامة للتدليل على ثبوت واقعة قتل المجني عليه ..... في حق المتهمين ..... و..... وقد خلت أوراق الدعوى من دليل آخر على إسناد جرائم القتل وإحراز السلاح والسرقة في حقهما ، فإنه يتعين القضاء ببراءتهما مما أسند إليهما .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاًّ من 1- ..... 2- ..... 3- ..... بأنهم وآخر سبق الحكم عليه :- أولاً : المتهمان الأول والثاني وآخر سبق الحكم عليه : قتلوا ..... . عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله ، وأعدو لذلك الغرض أدوات صلبة حادة " سكينتان ومطواة قرن غزال " ، وما إن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً في أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : المتهمان الأول والثاني وآخر سبق الحكم عليه : أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء " سكينتين ومطواة قرن غزال " . ثالثاً : المتهمان الأول والثاني وآخر سبق الحكم عليه : سرقوا ليلاً الدراجة البخارية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . رابعاً : المتهم الثالث : أخفى الدراجة البخارية المتحصلة من الجريمة موضوع الاتهام السابق مع علمه بذلك . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 44 /1 مكرر ، 230 ، 316 مكرر ثانياً وثالثاً ، 317/ 4 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25 مكرراً ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين 10 ، 11 من الجدول الأول الملحق ، بمعاقبة المتهمين الأول والثاني لكل منهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما هو منسوب لكل منهما ، وبمعاقبة المتهم الثالث بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليه .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت حضورياً بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى . ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمادتين 14، 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية والمواد 30 ، 32 ، 230 ، 316 مكرراً /2، 3 ، 317 /4 عقوبات ، 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 81 والبندين رقم 10 ،11 من الجدول الأول والملحق أولاً : بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة كل من ..... و..... ومصادرة السلاح المضبوط . ثانياً : بمعاقبة كل من المتهمين ..... و.... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليهما ومصادرة السلاحين المضبوطين .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ...... .. إلخ .
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إنه سبق وأن قضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه للمرة الثانية وتحديد جلسة لنظر الموضوع .
من حيث إن النيابة العامة أسندت إلى كل من 1- .... 2- ..... 3- ..... 4- .... أنهم :- أولاً : المتهمون من الأول إلى الثالث (أ) قتلوا ...... . عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتلة وأعدوا لذلك الغرض أدوات صلبة راضة " سكينتين ومطواة قرن غزال " ، وما إن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً في أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته . (ب) أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء " سكينتين ومطواة قرن غزال " . (ج) سرقوا ليلاً الدراجة البخارية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر . ثانياً : المتهم الرابع ، أخفى الدراجة البخارية المتحصلة من الجريمة موضوع الاتهام السابق مع علمه بذلك ، وطلبت عقابهم طبقاً لمواد الاتهام ، وقد ركنت النيابة في إثبات الاتهام قبلهم إلى أقوال المقدم ...... والرائد ..... والملازمين الأول ..... و ..... و ..... ، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، فقد شهد المقدم ...... مفتش مباحث مركز ...... . بأن تحرياته دلته على أن المجني عليه كان قد ارتبط بعلاقة عاطفية مع بنت المتهم الأول ثم تطورت هذه العلاقة إلى معاشرة جنسية آثمة أثمرت عن حمل تلك الفتاة سفاحاً ، وإذ شاع هذا النبأ بين أهل القرية وبات الخزي والعار ملازمين لأهل الفتاة أينما وجدوا توالت الجلسات فيما بين المتهمين الثلاثة الأول - الأول والد الفتاة والثاني عمها والثالث زوج عمتها - لتدارس ذلك الأمر المشين ، وهداهم تفكيرهم إلى الانتقام من المجني عليه ، واتفقوا على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء " سكينتين ومطواة قرن غزال " ، واستدرجوه في وقت متأخر من الليل إلى طريق مظلم مؤدى إلى قرية ...... بدعوى توصيلهم بدراجته البخارية بأجر إلى تلك القرية ، وإذ تيقنوا من خلو الطريق حينئذ من المارة طلبوا من المجني عليه الوقوف بدراجته لأمر ما ، وما إن وقف حتى انهالوا عليه طعناً بتلك الأسلحة فأردوه قتيلاً واستولوا على دراجته البخارية حيث أخفاها المتهم الثالث لدى المتهم الرابع مع علم الأخير بأنها مسروقة ، فاستصدر إذناً من النيابة العامة بتاريخ ..... لضبط المتهمين المذكورين وندب الرائد ..... لتنفيذه ، وشهد الرائد ..... رئيس مباحث مركز .... بمضمون ما شهد به الشاهد الأول وأضاف بأنه انتقل وكل من الملازمين الأول .... ، ..... و..... إلى محل إقامة المتهمين المذكورين بتاريخ ...... . لضبطهم نفاذاً لإذن النيابة العامة ، وبضبطهم وبمواجهتهم بما أسفرت عنه التحريات أقروا لهم باقترافهم الجريمة بدافع الانتقام من المجني عليه وفق التصوير الذي ورد بأقوال الشاهد الأول ، كما تم ضبط الأسلحة المستخدمة في الجريمة بإرشادهم ولم يتمكنوا من ضبط الدراجة البخارية المسروقة ، وشهد كل من الملازمين الأول ..... و..... و..... معاوني مباحث مركز ..... بمضمون ما شهد به الشاهد الثاني ، وثبت من تقرير الصفة التشريحية إصابة المجني عليه بجرح ذبحي غائر بمنتصف مقدم العنق طوله 12 سم ، وستة جروح قطعية بأعلى ومنتصف مقدم يمين الصدر تتراوح أطوالها ما بين 2 ، 4 سم ، وجرح قطعي بطول 3 سم بأعلى مقدم يسار الصدر ، وجرح قطعي بطول 8 سم بأعلى يمين البطن ، وستة جروح قطعية بأطوال تتراوح ما بين 2 ، 5 سم بأعلى مقدم العضد الأيمن ، وجرح قطعي بطول 5 سم بأعلى مقدم الساعد الأيمن ، وثلاثة جروح قطعية بطول 2 سم بظهر اليد الأيمن وجرح قطعي بطول 5 سم براحة اليد اليمنى ، وثلاثة جروح قطعية بظهر اليد اليسرى تتراوح أطوالها ما بين 1 ، 3 سم ، وجرح قطعي براحة اليد اليسرى بطول 5 سم ، وأربعة جروح قطعية تتراوح أطوالها ما بين 1 ، 3 سم بظهر أصابع اليد اليسرى . وهذه الإصابات حيوية حديثة حدثت من جسم أو أجسام صلبة حادة من مثل الأسلحة البيضاء المضبوطة وتعزى الوفاة إلى تهتك بالرئتين والكبد والأوعية الدموية الرئيسية بيمين العنق ، كما ثبت من معاينة مكان الحادث وجود ثلاث بقع دموية على الطريق الأسفلتي على مسافة خمسين متر تقريباً من مكان الجثة . وبسؤال المتهم الأول بتحقيقات النيابة قرر بأنه عندما علم باعتداء المجني عليه جنسياً على ابنته وشاع نبأ حملها سفاحاً بين أهل قريته أفصح عما ألم به من خزي وعار للمتهم الثاني شقيقه الذي تقفى شخص المعتدي على تلك الفتاة وتوصل إلى أنه يعمل سائقاً لدراجة بخارية لنقل الركاب بالأجرة وقد اشتهر بعلاقاته النسائية وصمم على قتله انتقاماً منه إلا أنه - المتهم الأول - اعترض على هذه الفكرة مفوضاً أمره إلى الله ، وفي مساء يوم ..... حضر إليه شقيقه المذكور وأيقظه من نومه مخبراً إياه بانه استدرج المجني عليه إلى منزل المتهم الثالث زوج شقيقتهما وطلب منه مرافقته إلى ذلك المكان لتنفيذ فكرة القتل ، بيد أنه رفض مصاحبته فأفصح له شقيقه المذكور عن تصميمه على قتل المجني عليه بالاشتراك مع المتهم الثالث الذي يعلم بكافة تفصيلات الفكرة وسببها ، ثم حضر إليه شقيقه في صباح اليوم التالي وأخبره بأنه والمتهم الثالث قتلا المجني عليه واستولى المتهم الثالث على الدراجة البخارية الخاصة به - المجني عليه - ونفى إقراره لضابط المباحث باشتراكه مع المتهمين الآخرين في قتل المجني عليه وأضاف بأنه احتجز منفرداً بديوان مركز شرطة ..... لمدة تناهز أربعين يوماً سابقة على عرضه على النيابة العامة . وبسؤال المتهم الثاني ..... بتحقيقات النيابة قرر بأنه حال عودته من عمله مساء يوم ..... ولدى مروره أمام منزل المتهم الأول - شقيقه - حيث كان الأخير يجالس المتهم الثالث فدعواه إلى مجلسهما وطلبا منه استدعاء المجني عليه من موقف الدراجات البخارية لتوصيلهما بدراجته إلى مكان ما فأجابهما ، وإذ عاد إليهما رفقة المجني عليه بدراجته طلبا منه مرافقتهما إلى حيث يذهبان كما طلبا من المجني عليه مجالستهم ريثما يحتسوا جميعاً مشروب الشاي ، ولما حان وقت تحركهم إلى المكان الذي يقصدانه طلبا منه أن يسبقهم إلى بداية الطريق الأسفلتي مترجلاً حيث تنوء الدراجة بحملهم جميعاً عبر شوارع القرية الغير ممهدة ، وما إن بلغوا مكان انتظاره لهم حتى أصر المتهمان الأول والثالث يركبان الدراجة خلف المجني عليه وقد وقفوا على بعد منه يقارب الخمسة أمتار حيث تناهى إلى سمعه حديث بينهم أعقبه تأوه المجني عليه ، وأبصر المتهمين الأول والثالث ينهالان عليه ضرباً بأشياء تشبه السكاكين حتى سقط أرضاً ، ثم ضربه المتهم الثالث في رقبته بما كان يحمله وتركاه ملقى على الأرض ، ثم قام المتهم الثالث بقيادة الدراجة البخارية متجهاً بها إلى قرية ..... ، ثم عاد وأنكر بعد حضور محاميه جلسة التحقيق علمه بهذه الجريمة ، وقال إنه ظل محتجزاً بديوان مركز الشرطة لمدة ناهزت الأربعين يوماً قبل عرضه على النيابة تعرض خلالها للتعذيب بالضرب بالسياط والصعق الكهربائي في مواضع حساسة من جسده لحمله على الاعتراف ، وأملى عليه الضابط الرواية التي أدلى بها قبل عدوله ، وأضاف بأنه شفي من إصاباته التي تخلفت عن تعذيبه بفوات مدة طويلة على حدوثها مما تنتفي معه جدوى توقيع الكشف الطبي عليه . وبسؤال المتهم الثالث ..... بتحقيقات النيابة قال : بأن المتهم الأول شقيق زوجته دعاه إلى منزله ليلاً بعد أن أنهى إليه عزمه وشقيقه المتهم الثاني على قتل المجني عليه انتقاماً منه لاعتدائه جنسياً على ابنته وحملها منه سفاحاً ، فتوجه إليه واتفقوا فيما بينهم على أن يقوم المتهم الثاني باستدراج المجني عليه بدراجته البخارية من موقف الدراجات بدعوى توصيلهم إلى مكان ما ، وإذ عاد به أجلسوه معهم ريثما يحتسي كوباً من الشاي ، وإذ تأخر الوقت من الليل طلب المتهم الأول منه توصيلهم إلى قرية ..... وركب ثلاثتهم خلفه على الدراجة وفي الطريق طلب المتهم الأول الوقوف لقضاء حاجته ، وما إن وقف المجني عليه بالدراجة حتى انهال عليه المتهمان الأول والثاني ضرباً بسكين ومطواة حتى أردوه قتيلاً ، بينما وقف هو - المتهم الثالث - مذهولاً وقاد الدراجة إلى ورشة المتهم الرابع - ابن عمه - وتركها لديه بعد أن أحاطه علماً بظروفها ، ثم عاد وأنكر بعد حضور محاميه التحقيق علمه بهذه الجريمة معللاً أقواله السابقة بأنها وليده الإكراه الواقع عليه سيما وقد احتجز بديوان مركز الشرطة لمدة أربعين يوماً سابقة على عرضه على النيابة العامة تعرض خلالها للضرب بالسياط والصعق بالكهرباء وأضاف بأنه شفي من كافة الإصابات التي تخلفت عن هذا التعذيب بفوات مدة طويلة على حدوثها ، وبسؤال المتهم الرابع ...... السيد أنكر ما نسب إليه من إخفائه الدراجة البخارية وقال بأنه قبض عليه بتاريخ ..... واقتيد إلى مركز شرطة ..... وظل محتجزاً به حتى عرض على النيابة بتاريخ ..... وتعرض خلال هذه الفترة للتعذيب بالضرب بالسياط والصعق بالكهرباء وبسؤال ..... بتاريخ ..... قرر بأنه لدى تواجده بورشة المتهم الرابع في يوم ..... تم القبض على الأخير ولم يطلق سراحه بعد ، وأرفق بالأوراق برقية تلغرافية مرسلة من والد المتهم الثالث إلى النائب العام بتاريخ ..... ، تحمل استغاثته من احتجاز ابنه المذكور بمركز شرطة ..... منذ يوم ..... وأخرى مماثلة مرسلة إلى وزير الداخلية ، وحيث حضر المتهمان بجلسة اليوم ومعهما محاميهما واعتصما بالإنكار وتمسك دفاعهما ببطلان الاعتراف المعزو إليهما بتحقيقات النيابة ، ورد ما سبق إثارته أمام محكمة جنايات ..... من أن متهمين آخرين اعترفا في الجناية رقم ..... لسنة ..... مركز ..... بارتكابهما ذات الواقعة منوهاً إلى تداول طعن النيابة العامة في الحكم الصادر في الجناية الأخيرة بجلسة اليوم أمام هذه المحكمة ، فأمرت المحكمة بضم صورة من مفردات تلك الجناية للطعن الحالي وتبين من الاطلاع عليها أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية فيها قبل كل من 1- ..... 2- ..... 3- المقدم ..... 4- الرائد ..... 5- النقيب ..... 6- النقيب ..... 7- النقيب ..... لأنهم في غضون شهري ..... سنة ..... بدائرة مركز ..... محافظة ..... ، أولاً : المتهمان الأول والثاني : قتلا ..... ذات المجني عليه في الدعوى المطروحة عمداً مع سبق الإصرار حال اقتران تلك الجناية بجناية أخرى بأن سرقا الدراجة البخارية المملوكة للمجني عليه المذكور بالطريق العام حال حمل الأول لسلاح أبيض " سكين " .... ثانياً : المتهمون من الثالث إلى السابع - شهود الإثبات في الدعوى الماثلة - بصفتهم موظفين عموميين " مفتش مباحث ورئيس مباحث ومعاوني مباحث مركز ..... " عذبوا المتهمين الثلاثة الأول في الدعوى الراهنة لحملهم على الاعتراف بارتكابهم جناية قتل المجني عليه المذكور وسرقة دراجته واستعملوا القسوة مع المتهم الرابع فيها . استناداً إلى اعتراف كل من المتهمين الأول والثاني بالتحقيقات ، وما شهد به كل من اللواء ..... ، ..... ، ..... ، ..... ، ..... ، ..... ، ..... و..... ، فقد اعترف المتهم الأول ..... بسبق ارتكابه والمتهم الثاني العديد من السرقات وأنه دأب وحده على الاتجار في المواد المخدرة ونقل كميات منها بالدراجة البخارية قيادة المجني عليه مع علم الأخير بذلك ، وإذ تعرض للتفتيش ذات مرة في أعقاب توصيل المجني عليه له بما يحرزه من مخدرات شك في أن يكون المجني عليه قد أبلغ عنه فتولدت لديه فكرة الانتقام منه وعقد العزم على قتله واصطحب المتهم الثاني وكمنا للمجني عليه في المكان الذي أيقن مروره بدراجته فيه وما إن أبصره قادماً حتى أوعز للمتهم الثاني استيقافه بدعوى توصيلهما إلى المكان الذي أرشده عنه ، وركبا خلفه ، ولدى مرورهم بمكان مظلم طلب من المجني عليه الوقوف بزعم سقوط أحد نعليه من قدمه وإذ توقف الأخير بدراجته بادر بذبحه بسكين من مقدمة عنقه وألقاه أرضاً وطعنه عدة طعنات حتى لفظ أنفاسه ، واستولى والمتهم الثاني على الدراجة وأخفاها بمنزله حتى تمكن من تغيير لونها بالاستعانة بعامل دوكو يدعي ..... ، ثم وضع عليها لوحتين بأرقام مختلفة واستخدمها فيما يرتكبه من سرقات ، ولدى قيامه وأخرين بسرقة مسكن بإحدى قرى مركز ..... استغاث قاطنوه فلاذ ورفاقه بالفرار تاركين تلك الدراجة حيث تم ضبطها والتحفظ عليها بمركز ..... واعترف المتهم الثاني ...... باشتراكه في سرقة الدراجة البخارية وقرر بمضمون ما قرر به المتهم الأول نافياً صلته بجريمة القتل وعلمه بنية المتهم الأول بشأنها . وشهد اللواء ...... مفتش المباحث الجنائية بمصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية بأن تحرياته دلته على أن المتهمين الأول والثاني هما مرتكبا جريمة قتل المجني عليه وسرقة دراجته البخارية وفق تصوير المتهم الأول للواقعة ، وانتفاء صلة كل من ..... ، ..... و..... بهاتين الجريمتين وإخفاء الدراجة المسروقة ، فضلاً عن عدم صحة التحريات التي أجراها المتهمان الثالث والرابع في هذا الخصوص ، وأضاف بضبط الدراجة المسروقة بمعرفة خفراء ناحية ..... مركز ..... وشهد ..... خفير نظامى بناحية ..... مركز ..... بأنه عثر على دراجة بخارية ملقاه بأحد شوارع الناحية فتم التحفظ عليها وتسليمها إلى مركز الشرطة ، كما ثبت من تقرير المعمل الجنائي طمس الرقم المدون على شاسيه الدراجة وموتورها وقد أفلحت المعالجة الكيماوية في التعرف على مفردات الرقم المدون على الموتور وشهد ..... الموظف المختص بوحدة مرور ..... بأن رقم الموتور الذي كشف عنه تقرير المعمل الجنائي ينطبق على البيانات المثبتة بملف الدراجة رقم ..... التي كان يقودها المجني عليه في التوقيت الذي قتل فيه . كما شهد ..... بأنه قام بطلاء دراجة بخارية بمنزل المتهم الأول وتغيير لونها من اللون الأحمر إلى اللون الأزرق بناء على طلب الأخير . وشهد ..... بأنه أبصر كلاً من المتهمين ..... و..... في حالة إعياء بمركز شرطة ..... وأخبره كل منهما بتعرضه للتعذيب لحمله على الاعتراف ، كما شهدت ..... بأنها أبصرت شقيقها ..... موثق بالحبال معصوب العينين ويتعرض للضرب بالسياط لحمله على الاعتراف بقتل المجني عليه وسرقة دراجته ، وشهد ...... بأنه أبصر شقيقيه ..... بمركز شرطة ..... معصوبي العينين موثقين بالحبال يعذبان بالضرب بالسياط ويصعقان بالتيار الكهربائي لحملهما على الاعتراف . كما شهد .... بانه توجه إلى مركز شرطة ..... لزيارة ابنه ..... عقب القبض عليه فأحضره المتهم الثالث له عارياً موثقاً بالحبال وطلب منه أن ينصح ابنه المذكور بالاعتراف ، وشهدت ..... بان المتهم السابع قبض عليها عقب القبض على زوجها .... وشقيقيها ... فأبصرت زوجها عاري الجسد معصوب العينين يعاني من آثار التعذيب .
وحيث إنه من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع قاضي الدعوى واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه ، وحسبه أن يتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة وهي في مقام وزن الأدلة التي ارتكنت إليها النيابة العامة في إسناد تهمة قتل ..... عمداً إلى المتهمين ترى أن هذه الواقعة ذاتها قد تنازعتها دعويان تستقل كل منهما عن الأخرى ، الأولى هي الدعوى المطروحة ضد كل من المتهمين ..... و..... وثالث سبق القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته ، والثانية تحمل رقم ..... لسنة ..... جنايات مركز ..... ضد كل من المتهمين ، ..... و..... ، وقد نسجت خيوط الاتهام في كل من هاتين الدعويين من اعترافات المتهمين مؤيدة بتحريات الشرطة . لما كان ذلك ، ولئن كانت الأدلة التي حملت الاتهام في كل من الدعويين متساوية في القوة إلا أنها مضادة في الاتجاه ؛ إذ جاءت في آخراهما ناسخة لما ابتنيت عليه أولاهما وهوت بها في مكان سحيق تبوأت فيه مباوئ الكذب الذي بات مبدأها ومنتهاها . لما كان ذلك ، وكان دفاع المتهمين الماثلين قد قام على بطلان الاعتراف المعزو إليهما لصدوره وليد إكراه ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها ألا تعول عليه ولو كان صادقاً متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره أو تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن إلى هذا البطلان لما تكشف عنه الأوراق من القبض على المتهمين وحجزهما بغير أمر من السلطات ما يزيد على الشهر أخذاً بأقوالهما المؤيدة بالبرقيتين المرسلتين إلى كل من وزير الداخلية والنائب العام في تاريخ سابق على تحرير محضر ضبطهما ، الأولى مؤرخة ..... والثانية مؤرخة ..... بما تحملاه من استغاثة والد المتهم ..... من القبض على ابنه المذكور وحجزه بدون وجه حق ، وكذا من الإكراه الذي لا تجد المحكمة بداً من التسليم به بعد قعود المحقق عن تحقيقه ، فضلاً عما تراءى للمحكمة من مخالفة هذا الاعتراف للحقيقة والواقع سيما وقد اعترف متهمان آخران في الجناية رقم ..... لسنة ..... مركز ..... باقترافهما ذات الجريمة ، وضبط دراجة المجني عليه البخارية - المسروقة - بإرشاد أولهما ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه من المقرر أن التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، وكانت المحكمة ترى في التحريات التي أجراها كل من المقدم ..... والرائد ..... ما يجافي حقيقة الواقع على ما شهد به اللواء ..... في الجناية رقم ..... لسنة ..... مركز ..... بعدم صحة هذه التحريات ، وما اعترف به متهمان آخران باقترافهما ذات الواقعة التي حررت بشأنها تلك التحريات ، الأمر الذي ترى معه المحكمة اطراحها وعدم التعويل عليها في مقام الإثبات . لما كان ذلك ، وقد أهدرت الأدلة التي ساقتها النيابة العامة للتدليل على ثبوت واقعة قتل المجني عليه ..... في حق المتهمين ..... و..... وقد خلت أوراق الدعوى من دليل آخر على إسناد جرائم القتل وإحراز السلاح والسرقة في حقهما ، فإنه يتعين القضاء ببراءتهما مما أسند إليهما .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأربعاء، 28 يناير 2015

الطعن 31881 لسنة 69 ق جلسة 20/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 120 ص 1001

جلسة 20 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / محمد حسين مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / إبراهيم الهنيدي ، عبد الفتاح حبيب ، حسن الغزيري ومحمود عبد الحفيظ نواب رئيس المحكمة .
-------------
(120)
الطعن 31881 لسنة 69 ق
أسباب الإباحة وموانع العقاب " العمل الطبي " . إصابة خطأ . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . خطأ . مسئولية جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
الخطأ هو الركن المميز في الجرائم غير العمدية . وجوب بيانه والتدليل عليه من الأوراق .
إباحة عمل الطبيب . شرطها : مطابقة ما يجريه للأصول الفنية المقررة . التفريط في اتباع هذه الأصول أو مخالفتها يوفر المسئولية الجنائية والمدنية . متى توافر الضرر .
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جريمة إصابة خطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه : " أن المدعية بالحق المدني ذهبت إلى مستشفى ..... المركزي وهي في حالة إعياء شديد ، وحال متابعة الطبيب المتهم لحالتها طمأنها وطلب منها العودة باكر دون إجراء العمل الطبي اللازم لإسعافها ، على الرغم من توافر جميع الآلات والمعدات اللازمة بالمستشفى لاستقبال مثل تلك الحالات ..... ، وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أن إهمال الطبيب إهمال طبي جسيم استناداً إلى أنه كان يتعين إجراء جراحة عاجلة للمدعية بالحق المدني .... وحيث إنه لما كان ركن الخطأ ثابت في حق المتهم من إنه لم يقم بإجراء الجراحة اللازمة وعدم تدخله جراحياً وقت حضور المريضة المستشفى وكذا الضرر المادي والأدبي الذي لحق بالمدعية بالحق المدني من استئصال رحمها ، وكذا انقطاع آمالها في انجاب أطفال مما يؤرق حياتها . ولما كان الثابت من توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر والنتيجة على النحو سالف البيان .. ولما كان ذلك ، وقد اطمأنت المحكمة لأسانيد ودعائم الدعوى ... إلى إدانة الطبيب ، ومن ثم تقضي بمعاقبته وفقاً لنص المادة 244/1 ، 2 من قانون العقوبات والمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، مع إلزامه بالمصاريف عملاً بالمادة 313 إجراءات جنائية " . لما كان ذلك ، وكان الخطأ في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم ، فإنه يجب أن يبين الحكم عنصر الخطأ المرتكب وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول الفنية المقررة ، فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر – بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله ، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من تحويل الطاعن المريضة إلى مستشفى ..... العام ، وعدم إجراء جراحة لها بمستشفى ..... المركزي ، مما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر قدر الحيطة الكافية التي قعد عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها وكذا بيان الظروف المحيطة بإجراء العملية الجراحية للمجني عليها بمستشفى ..... المركزي وأثر ذلك كله على قيام أو عدم قيام ركن الخطأ وتوافر رابطة السببية أو انتفائها ، كما لم يعن الحكم باستظهار الخطأ الشخصي الذي وقع من الطاعن وأغفل الحكم الرد على ما ورد بأقوال الطب الشرعي أمام محكمة ثاني درجة من أنه لا يمكن إجراء عملية جراحية بمستشفى ...... المركزي بدون وجود طبيب التخدير ومسئول بنك الدم ، فإن الحكم إذ أغفل بيان كل ما تقدم يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : تسبب خطأ في إصابة المجني عليها .... بالإصابة الواردة بتقرير الطب الشرعي والتي نشأ عنها إصابتها بعاهة مستديمة ، وكان ذلك نتيجة إخلال المتهم إخلالاً جسيماً بما تفرضه أصول وظيفته ، وذلك على النحو المبين بالأوراق ، وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 ، 2 من قانون العقوبات . وادعى كل من المجني عليها والمتهم مدنياً كل قبل الآخر بمبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت . ومحكمة جنح مركز .... قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل ، وكفالة ألف جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت . استأنف ومحكمة ... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم ثلاثمائة جنيهاً .
فطعن الأستاذ / ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... . إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإصابة الخطأ وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأنه لم يستظهر ركن الخطأ في جانبه إذ إنه لم يكن نوبتجياً بالمستشفى يوم الواقعة ، ولم يقم بإجراء عملية جراحية للمجني عليها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ، قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه : " أن المدعية بالحق المدني ذهبت إلى مستشفى .... المركزي وهي في حالة إعياء شديد ، وحال متابعة الطبيب المتهم لحالتها طمأنها وطلب منها العودة باكر دون إجراء العمل الطبي اللازم لإسعافها على الرغم من توافر جميع الآلات والمعدات اللازمة بالمستشفى لاستقبال مثل تلك الحالات .... ، وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أن إهمال الطبيب إهمال طبي جسيم استناداً إلى أنه كان يتعين إجراء جراحة عاجلة للمدعية بالحق المدني .... وحيث إنه لما كان ركن الخطأ ثابت في حق المتهم من أنه لم يقم بإجراء الجراحة اللازمة وعدم تدخله جراحياً وقت حضور المريضة المستشفى ، وكذا الضرر المادي والأدبي الذي لحق بالمدعية بالحق المدني من استئصال رحمها وكذا انقطاع آمالها في انجاب أطفال مما يؤرق حياتها . ولما كان الثابت من توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر والنتيجة على النحو سالف البيان .. ولما كان ذلك ، وقد اطمأنت المحكمة لأسانيد ودعائم الدعوى ... إلى إدانة الطبيب ، ومن ثم تقضي بمعاقبته وفقاً لنص المادة 244 /1 ، 2 من قانون العقوبات والمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، مع إلزامه بالمصاريف عملاً بالمادة 313 إجراءات جنائية " . لما كان ذلك ، وكان الخطأ في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم فإنه يجب أن يبين الحكم عنصر الخطأ المرتكب . وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول الفنية المقررة فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر – بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله ، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من تحويل الطاعن المريضة إلى مستشفى ..... العام ، وعدم إجراء جراحة لها بمستشفى ..... المركزي مما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر قدر الحيطة الكافية التي قعد عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها وكذا بيان الظروف المحيطة بإجراء العملية الجراحية للمجني عليها بمستشفى ...... المركزي وأثر ذلك كله على قيام أو عدم قيام ركن الخطأ وتوافر رابطة السببية أو انتفائها ، كما لم يعن الحكم باستظهار الخطأ الشخصي الذي وقع من الطاعن وأغفل الحكم الرد على ما ورد بأقوال الطب الشرعي أمام محكمة ثاني درجة من أنه لا يمكن إجراء عملية جراحية بمستشفى ...... المركزي بدون وجود طبيب التخدير ومسئول بنك الدم فإن الحكم إذ أغفل بيان كل ما تقدم يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 27268 لسنة 76 ق جلسة 19/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 119 ص 997

جلسة 19 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عمر بريك ، عبد التواب أبو طالب ، محمد سعيد ومحمد متولي عامر نواب رئيس المحكمة .
---------------
(119)
الطعن 27268 لسنة 76 ق
رشوة . موظفون عموميون . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان كاف لمؤدى أدلة الإدانة وسرد مضمون كل دليل بطريقة وافية تبين مدى تأييده للواقعة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة . أساس ذلك ؟
اكتفاء الحكم بسرد ما استمعت إليه النيابة العامة وشاهدته من تسجيلات دون بيان مضمونها واستظهار الوقائع التي استنتجت منها المحكمة ارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة وإجماله ذلك الدليل على نحو مبهم لا يبين مدى تأييده للواقعة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة . قصور يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون صحيحاً .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لأدلة الإدانة التي أقام عليها قضاءه ، ومنها الاستماع إلى أشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو والاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة ، واكتفى في بيان مضمونها على مجرد القول : " وثبت من استماع النيابة العامة لأشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو المضبوطة على ذمة القضية ارتكاب المتهمين لجرائم الرشوة المسندة إليهم ، كما ثبت من الاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة إخطار المتهمين الأول والثاني للمتهم الثالث بسرعة إعدادهما المستخلصات عن الأعمال التي قام بتنفيذها بمنطقة .... وإصدار الشيكات الخاصة بها وتسليمها إلى مندوب شركة .... حتى يتمكن من صرف مستحقاته لدى الشركة الأخيرة ، واتفاق المتهمين الأول والثاني مع المتهم الثالث على اللقاء به في مقر شركته عقب الانتهاء من إعداد كل مستخلص خاص به " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر وفق نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل - فيما يشتمل عليه - على بيان كاف لمؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة ، فلا تكفي الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها . وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بسرد لما استمعت إليه النيابة العامة وشاهدته من محادثات ولقاءات بين المتهمين بأشرطة التسجيل وأشرطة الفيديو والمحادثات الهاتفية دون أن يبين مضمون تلك التسجيلات بطريقة وافية ، ولم يستظهر الوقائع التي استنتجت منها المحكمة ارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة ، بل أجمل ذلك الدليل على نحومبهم وغامض لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة في الدعوى ، مكتفياً بالعبارة المرسلة آنفة البيان الواردة بالمحادثات الهاتفية والتي لا يستدل منها اقتراف الطاعنين لجريمة الرشوة سيما وأن الطاعن ...... ينكر صوته في هذه التسجيلات . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم على النحو المار بيانه لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وهو ما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاًّ من (1) ...... (2) ..... (3) ...... بأنهم :- أولاً : المتهم الأول ......... : (1) بصفته موظفاً عمومياً " مدير عام ...... . " طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ، بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث مبلغ مائة وتسعين ألف جنيه وسوار من الذهب قيمته ثلاثة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل اعتماد مستخلصات الأعمال التي ينفذها بمنطقة ...... تمهيداً لصرف مستحقاته عنها على النحو المبين بالتحقيقات .
(2) بصفته سالفة البيان طلب عطية للإخلال بواجب من واجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثالث مبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على اعتماد جزء من الأعمال التي ينفذها ...... على أنها أعمال تمت في منطقة صخرية ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . (3) بصفته سالفة البيان طلب عطية للإخلال بواجب من واجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثالث مبلغ مليون جنيه على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على امتداد إسناد تنفيذ عقدي تعميق وتوسيع ...... بنسبة 25 ٪ من جملة قيمة الأعمال المسندة فعلاً والبالغة تسعة وتسعين مليون جنيه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : المتهم الثاني : .... : بصفته موظفاً عمومياً " ...... " طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم المتهم الثالث مبلغ أربعين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تسهيل صرف مستحقاته عن الأعمال التي ينفذها لجهة عمله ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثاً : المتهم الثالث .... : (1) قدم رشوة لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً /1 على النحو المبين بالتحقيقات . (2) قدم رشوة لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته موضوع الاتهام الوارد بالبند ثانياً على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103 ، 104 ، 107 مكرراً ، 110 من قانون العقوبات ، مع إعمال أحكام المادتين 17 ، 32 من ذات القانون أولاً : بمعاقبة ..... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات ، وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه لما أسند إليه وبمصادرة المبلغ النقدي وقدره 60000 ستون ألف جنيه والسوار الذهبي المضبوطين . ثانياً : بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه . ثالثاً : بإعفاء ...... من العقوبة .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك أنه عول في إدانتهما على الدليل المستمد من سماع أشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو والاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة دون بيان مضمونها بطريقة وافية مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لأدلة الإدانة التي أقام عليها قضاءه ومنها الاستماع إلى أشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو والاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة ، واكتفى في بيان مضمونها على مجرد القول : " وثبت من استماع النيابة العامة لأشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو المضبوطة على ذمة القضية ارتكاب المتهمين لجرائم الرشوة المسندة إليهم ، كما ثبت من الاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة إخطار المتهمين الأول والثاني للمتهم الثالث بسرعة إعدادهما المستخلصات عن الأعمال التي قام بتنفيذها بمنطقة ..... ، وإصدار الشيكات الخاصة بها وتسليمها إلى مندوب شركة ...... حتى يتمكن من صرف مستحقاته لدى الشركة الأخيرة ، واتفاق المتهمين الأول والثاني مع المتهم الثالث على اللقاء به في مقر شركته عقب الانتهاء من إعداد كل مستخلص خاص به " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر وفق نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل - فيما يشتمل عليه - على بيان كاف لمؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة ، فلا تكفي الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها . وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بسرد لما استمعت إليه النيابة العامة وشاهدته من محادثات ولقاءات بين المتهمين بأشرطة التسجيل وأشرطة الفيديو والمحادثات الهاتفية دون أن يبين مضمون تلك التسجيلات بطريقة وافية ، ولم يستظهر الوقائع التي استنتجت منها المحكمة ارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة ، بل أجمل ذلك الدليل على نحو مبهم وغامض لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة في الدعوى ، مكتفياً بالعبارة المرسلة آنفة البيان الواردة بالمحادثات الهاتفية ، والتي لا يستدل منها اقتراف الطاعنين لجريمة الرشوة سيما وأن الطاعن ..... ينكر صوته في هذه التسجيلات . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم على النحو المار بيانه لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 89916 لسنة 75 ق جلسة 19/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 118 ص 987

جلسة 19 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / طه سيد قاسم ، فؤاد حسن ، محمد سامي إبراهيم ومحمد مصطفى أحمد العكازي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(118)
الطعن 89916 لسنة 75 ق
(1) طفل . قانون " تفسيره " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . محكمة الطفل " اختصاصها " .
محكمة الأحداث هي المختصة دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في الجرائم كافة . حد ذلك ؟ المادة 122/1 من القانون 12 لسنة 1996 بشأن الطفل .
مثال .
(2) طفل . إثبات " خبرة " . محكمة الطفل " الإجراءات أمامها " . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها ". محكمة أمن الدولة.
وجوب حضور خبيرين من الأخصائيين الاجتماعيين أحدهما من النساء على الأقل بمحكمة الأحداث وعليهما تقديم تقرير لها عن حالة الطفل . حضورهما أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا . غير لازم . لها الاستعانة بمن تراه لبحث ظروف الطفل . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح في الأوراق.
(5) إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له . لا ينال من سلامة أقواله .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم . لا يعيبه .
مثال .
(7) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . مواد مخدرة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم .
اقتصار التعديل على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة إحراز مواد مخدرة . لا يقتضي تنبيه الدفاع . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر بنص المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 التي وقعت الجريمة في ظله أنه وإن كان الأصل عملاً بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف ، كما تختص بالجرائم المنصوص عليها في المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من القانون المار ذكره ، إلا أن الفقرة الثانية للمادة 122 من قانون الطفل نصت على أن يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنه خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من صورة تحقيق شخصية الطاعن الثاني الحدث ، التي طويت عليها المفردات المضمومة ، أن عمره أكثر من خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة وأنه قدم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة إحراز جوهر مخدر ومعه في هذه التهمة آخران بالغان . فإن محكمة الجنايات التي عاقبته هي المختصة في صحيح القانون بمحاكمته في هذه الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر قد أصاب صحيح القانون ، ويضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص غير سديد .
2 - من المقرر أن المادة 121 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ( المقابلة للمادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974 الملغي ) وإن أوجبت أن يعاون محكمة الأحداث خبيران من الأخصائيين إحداهما على الأقل من النساء يكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً ، وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، وذلك قبل أن تصدر محكمة الأحداث حكمها ، وأنه يتعين مرعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث مما يقطع بدخول الخبيرين في تشكيل أي من محكمتي أول وثاني درجة ، إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا ، وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه ، ولا يساغ القول في هذا الصدد أن المادة 127 من قانون الطفل وقد أوجبت على المحكمة في حالة التعرض للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الطفل أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً بحالته يوضح العوامل التي دفعت الطفل للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه ، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة . لا يجوز أن ينصرف حكم هذا النص على كل المحاكم بما فيها محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا ، لأن المشرع في نصوص محاكمة الحدث في المواد 121 ، 122 ، 123 ، 124 ، 126 إنما كان يخاطب محكمة الأحداث باسمها ، وكذلك فعل في المادتين 129 ، 132 مما يفيد أن نص المادة 127 موجه إلى محكمة الأحداث بحكم استصحاب المخاطب السابق على هذه المادة واللاحق عليها ، ولو أراد المشرع إعمال حكم المادة 127 أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لما أعوزه النص على ذلك صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 122 ، لكنه استثنى محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا من دور الباحث الاجتماعي ووجوب الاستماع إليه بعد وضعه تقريراً عن الحدث كما فعل من قبل عندما عهد بمهمة الباحث الاجتماعي للنيابة العسكرية عند محاكمة الحدث أمام المحاكم العسكرية ، والذي تقرر بالقانون رقم 72 لسنة 1975 ، وعندما عهد بمهمته أيضاً للنيابة العامة عند محاكمة الحدث أمام محكمة أمن الدولة العليا والذي تقرر بالقانون رقم 97 لسنة 1992 . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن الثاني الحدث لعدم استماع المحكمة لأقوال المراقب الاجتماعي بشأنه يفيد تمسكه بما توجبه المادة 127 من قانون الطفل عن دور المراقب الاجتماعي ووجوب استماع المحكمة له بشأن حالة الطفل . وكانت هذه المادة على السياق المتقدم لا تلتزم بها لا محكمة الجنايات ولا محكمة أمن الدولة العليا . وكان الطاعن لا يماري في أن للمحكمتين المذكورتين عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 122 أن تبحث بنفسها ظروف الطفل إذ لم تر الاستعانة بمن تراه من الخبراء ، وإذا لم تر محكمة الجنايات ندب خبير ففي ذلك ما يعني أنها وجدت من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيق ومرافعة ومن التقرير المقدم من الرقابة الاجتماعية في شأن هذا الطاعن ما يمكنها بحكم خبرتها من الإحاطة بظروف الطفل ، وإذ لم ينع الطاعن بأن ثمة ظروف أو اعتبارات غابت عن الأوراق ولم تحط بها محكمة الجنايات ولم يكشف عن ماهيتها للوقوف على جدواها ومدى الاعتبار بها في محاكمة الطفل فإن نعيه لمجرد عدم استماع المحكمة للمراقب الاجتماعي بشأن حالته يكون غير مقبول .
3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وأخذت بها وبما شهد به فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
4 - من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق .
5 - من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم على شهادة الضابط وحده ليس فيه ما يخالف القانون وينحل ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
6 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه فإنه لا يجدى الطاعنين ما يثيرانه ، بدعوى الخطأ في الإسناد بفرض صحته من خطأ الحكم فيما حصله من أقوال ضابط الواقعة شاهد الإثبات من أنه أبلغ من المصدر السري بأن الطاعنين والمتهم المقضي ببراءته يحرزون المواد المخدرة في حين أن أقوال هذا الشاهد تضمنت أنه أبلغ من مصدره السري بأن المتهم المقضي ببراءته وآخرين يحرزون المواد المخدرة . ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7 - من المقرر أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذا كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهي واقعة إحراز المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مراد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لديهما واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحرازهما للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : أحرزا بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر ( قمم وأزهار نبات القنب المجفف ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/ 1، 42 /1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 سنة 1989 ، والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، والمعدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 269 سنة 2002 . أولاً : بمعاقبة ...... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه . ثانياً : بمعاقبة ..... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه . ثالثاً : مصادرة الجوهر المخدر المضبوط . وذلك باعتبار أن الإحراز بغير قصد من القصود المسماة ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات .
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وران عليه البطلان ، وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن أسبابه خلت من تحديد الوثيقة التي استدل منها على تحديد سن الطاعن الثاني الحدث والذي له أثره الجوهري في تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى فضلاً عن صدور الحكم المطعون فيه دون استماع المحكمة لأقوال المراقب الاجتماعي بشأن حالته ، هذا إلى أن دفاع الطاعنين قام من بين ما قام عليه على عدم معقولية رواية الضابط وتصويره للواقعة وانفراده بالشهادة دون باقي أفراد القوة المرافقة له ، بيد أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع بغير مبرر سائغ ناسباً إلى ضابط الواقعة قولاً بأن المصدر السري أبلغه بأن الطاعنين والمتهم المقضي ببراءته يحرزان مواد مخدرة ، وذلك على خلاف ما قرره الضابط من أنه أبلغ بأن المتهم المقضي ببراءته وآخرين يحرزون مواد مخدرة . وأخيراً فإن المحكمة عدلت وصف التهمة من إحراز بقصد الاتجار إلى إحراز مجرد من القصود دون تنبيه الدفاع إلى ما أجرته من تعديل في وصف التهمة المسندة إلى الطاعنين ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بنص المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 التي وقعت الجريمة في ظله أنه وإن كان الأصل عملاً بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف كما تختص بالجرائم المنصوص عليها في المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من القانون المار ذكره ، إلا أن الفقرة الثانية للمادة 122 من قانون الطفل نصت على أن يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنة خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل ، واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من صورة تحقيق شخصية الطاعن الثاني الحدث التي طويت عليها المفردات المضمومة أن عمره أكثر من خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة وأنه قدم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة إحراز جوهر مخدر ومعه في هذه التهمة آخران بالغان . فإن محكمة الجنايات التي عاقبته هي المختصة في صحيح القانون بمحاكمته في هذه الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 121 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ( المقابلة للمادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974 الملغي ) وإن أوجبت أن يعاون محكمة الأحداث خبيران من الأخصائيين ، إحداهما على الأقل من النساء يكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، وذلك قبل أن تصدر محكمة الأحداث حكمها ، وأنه يتعين مراعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث ، مما يقطع بدخول الخبيرين في تشكيل أي من محكمتي أول وثاني درجة إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه ، ولا يساغ القول في هذا الصدد أن المادة 127 من قانون الطفل وقد أوجبت على المحكمة في حالة التعرض للانحراف ، وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الطفل أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً بحالته يوضح العوامل التي دفعت الطفل للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه ، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة . لا يجوز أن ينصرف حكم هذا النص على كل المحاكم بما فيها محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لأن المشرع في نصوص محاكمة الحدث في المواد 121 ، 122 ، 123 ، 124 ، 126 إنما كان يخاطب محكمة الأحداث باسمها ، وكذلك فعل في المادتين 129 ، 132 مما يفيد أن نص المادة 127 موجه إلى محكمة الأحداث بحكم استصحاب المخاطب السابق على هذه المادة واللاحق عليها ، ولو أراد المشرع إعمال حكم المادة 127 أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لما أعوزه النص على ذلك صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 122 ، لكنه استثنى محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا من دور الباحث الاجتماعي ووجوب الاستماع إليه بعد وضعه تقريراً عن الحدث ، كما فعل من قبل عندما عهد بمهمة الباحث الاجتماعي للنيابة العسكرية عند محاكمة الحدث أمام المحاكم العسكرية والذي تقرر بالقانون رقم 72 لسنة 1975 ، وعندما عهد بمهمته أيضاً للنيابة العامة عند محاكمة الحدث أمام محكمة أمن الدولة العليا ، والذي تقرر بالقانون رقم 97 لسنة 1992. لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن الثاني الحدث لعدم استماع المحكمة لأقوال المراقب الاجتماعي بشأنه يفيد تمسكه بما توجبه المادة 127 من قانون الطفل عن دور المراقب الاجتماعي ووجوب استماع المحكمة له بشأن حالة الطفل . وكانت هذه المادة على السياق المتقدم لا تلتزم بها لا محكمة الجنايات ولا محكمة أمن الدولة العليا. وكان الطاعن لا يماري في أن للمحكمتين المذكورتين عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 122 أن تبحث بنفسها ظروف الطفل إذ لم تر الاستعانة بمن تراه من الخبراء ، وإذا لم تر محكمة الجنايات ندب خبير ففي ذلك ما يعني أنها وجدت من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيق ومرافعة ومن التقرير المقدم من الرقابة الاجتماعية في شأن هذا الطاعن ما يمكنها بحكم خبرتها من الإحاطة بظروف الطفل وإذ لم ينع الطاعن بأن ثمة ظروف أو اعتبارات غابت عن الأوراق ولم تحط بها محكمة الجنايات ولم يكشف عن ماهيتها للوقوف على جدواها ومدى الاعتبار بها في محاكمة الطفل فإن نعيه لمجرد عدم استماع المحكمة للمراقب الاجتماعي بشأن حالته يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وأخذت بها وبما شهد به فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق . كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى فإن تعويل الحكم على شهادة الضابط وحده ليس فيه ما يخالف القانون ، وينحل ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ، فإنه لا يجدى الطاعنين ما يثيرانه ، بدعوى الخطأ في الإسناد - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما حصله من أقوال ضابط الواقعة شاهد الإثبات من أنه أبلغ من المصدر السري بأن الطاعنين والمتهم المقضي ببراءته يحرزون المواد المخدرة ، في حين أن أقوال هذا الشاهد تضمنت أنه أبلغ من مصدره السري بأن المتهم المقضي ببراءته وآخرين يحرزون المواد المخدرة . ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذا كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهي واقعة إحراز المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مراد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لديهما واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحرازهما للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 26137 لسنة 67 ق جلسة 18/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 117 ص 984

جلسة 18 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / أمين عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / فتحي الصباغ ، مصطفى صادق ، خالد مقلد نواب رئيس المحكمة ومحمد زغلول .
--------------
(117)
الطعن 26137 لسنة 67 ق
قتل خطأ . جريمة " أركانها " . خطأ . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " . رابطة السببية .
الخطأ هو الركن المميز في الجرائم غير العمدية .
سلامة الحكم بالإدانة في جريمة القتل الخطأ . توجب بيان عنصر الخطأ وإيراد الدليل عليه مردوداً لأصل ثابت بالأوراق .
اتخاذ الحكم مما ورد بتقرير الطب الشرعي من عدم تتبع المتهم لحالة المجني عليها وملاحظتها بعد إجراء العملية الجراحية ما يوفر الخطأ في جانبه دون بيان كيفية سلوكه أثناء وبعد العملية لبيان سبب النزيف ومدى توقع حصوله واستظهار قدر الحيطة الكافية التي تفرضها عليه أصول مهنته لمنع حدوثه والتي قعد عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها وأثر ذلك على قيام الخطأ ورابطة السببية أو انتفاؤها . قصور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المقرر أن الخطأ في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم فإنه يجب لسلامة الحكم فيها بالإدانة أن يبين عنصر الخطأ المرتكب وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل صحيح ثابت في الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ مما ورد بتقرير الطب الشرعي من أن وفاة المجني عليها نتيجة نزيف دموي عقب العملية الجراحية التي أجريت لها وأن احتمال حصول نزيف داخلي بعد العملية أمر وارد ، وكان من الواجب تتبع وملاحظة حالة المجني عليها بعد العملية للتأكد من عدم حصول نزيف والتدخل السريع جراحياً في حالة حصوله ، ومن مجرد ما ورد بالأوراق من أن الطاعن غادر المستشفى بعد إجراء العملية ، ما يوفر في جانبه الخطأ الذي أشار إليه في مدوناته من أنه يتمثل في عدم تتبع حالة المجني عليها وملاحظتها بعد إجراء العملية ، دون أن يبين كيفية سلوكه أثناء إجراء العملية وبعدها لبيان سبب النزيف ومدى توقع حصوله ، ويستظهر قدر الحيطة الكافية التي قعد الطاعن عن اتخاذها وكانت تفرضها عليه أصول مهنته لمنع حدوث النزيف أو لتفادي حصول نتائج ضارة في حالة حدوثه ، ومدى العناية التي فاته بذلها ، وأثر ذلك كله على قيام أو عدم قيام ركن الخطأ وتوافر رابطة السببية أو انتفائها ، فإن الحكم إذ أغفل بيان كل ما تقدم يكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : تسبب خطأ في موت ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم تبصره ومخالفته لما تفرضه عليه أصول وظيفته كطبيب بأن أجرى عملية جراحية وتركها عقب العملية تنزف حتى حدثت الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها . وطلبت عقابه بالمادة 238/1 ، 2 من قانون العقوبات . وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بأن يؤدي له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت . ومحكمة جنح مركز ...... قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة عشرين جنيهاً ، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيه كتعويض مدني مؤقت . عارض المحكوم عليه وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه . استأنف المحكوم عليه ومحكمة ...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع ببطلان الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيه تعويض مدني مؤقت .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك بأنه لم يستظهر ركن الخطأ بما يوفره في حقه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان الخطأ في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم فإنه يجب لسلامة الحكم فيها بالإدانة أن يبين عنصر الخطأ المرتكب ، وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل صحيح ثابت في الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ مما ورد بتقرير الطب الشرعي من أن وفاة المجني عليها نتيجة نزيف دموي عقب العملية الجراحية التي أجريت لها وأن احتمال حصول نزيف داخلي بعد العملية أمر وارد ، وكان من الواجب تتبع وملاحظة حالة المجني عليها بعد العملية للتأكد من عدم حصول نزيف والتدخل السريع جراحياً في حالة حصوله ، ومن مجرد ما ورد بالأوراق من أن الطاعن غادر المستشفى بعد إجراء العملية ، ما يوفر في جانبه الخطأ الذي أشار إليه في مدوناته من أنه يتمثل في عدم تتبع حالة المجني عليها وملاحظتها بعد إجراء العملية دون أن يبين كيفية سلوكه أثناء إجراء العملية وبعدها لبيان سبب النزيف ومدى توقع حصوله ، ويستظهر قدر الحيطة الكافية التي قعد الطاعن عن اتخاذها وكانت تفرضها عليه أصول مهنته لمنع حدوث النزيف أو لتفادي حصول نتائج ضارة في حالة حدوثه ، ومدى العناية التي فاته بذلها وأثر ذلك كله على قيام أو عدم قيام ركن الخطأ وتوافر رابطة السببية أو انتفائها ، فإن الحكم إذ أغفل بيان كل ما تقدم يكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 22875 لسنة 67 ق جلسة 18/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 116 ص 980

جلسة 18 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / أمين عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى صادق ، عبد الرحمن أبو سليمة ، خالد مقلد رئيس المحكمة ومحمد زغلول .
-------------
(116)
الطعن 22875 لسنة 67 ق
حكم " إصداره " " بطلانه " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
وجوب وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة الثلاثين يوماً من النطق بها . وإلا كانت باطلة . ما لم تكن صادرة بالبراءة . أساس ذلك؟
صدور حكم الإدانة دون تحرير نسخته الأصلية . اعتباره خالياً من الأسباب . إيداع مسودة أسباب الحكم ملف الدعوى موقعاً عليها من القاضي . غير كاف . علة ذلك ؟
مسودة الحكم . مشروع . للمحكمة كامل الحرية في تغييره بالنسبة للوقائع والأسباب . حد ذلك ؟
عدم إنشاء الحكم المطعون فيه أسباب مستقلة وأخذه بأسباب الحكم الابتدائي بعد تعديله . إحالة إلي أسباب حكم لا وجود له . يبطله . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المقرر أن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي قد صدر في.... . بإدانة الطاعنة ، ولم تحرر نسخته الأصلية حتى الآن ، على ما يبين من الاطلاع على المفردات ، فإنه يكون في الواقع قد خلا من أسبابه ، ولا يشفع في هذا أن تكون مسودة أسباب ذلك الحكم قد أودعت ملف الدعوى موقع عليها من القاضي الذي أصدره إذ العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن ، أما مسودة الحكم فإنها لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفي إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب بما لا تتحدد به حقوق الخصوم عند إيراده الطعن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتعديل الحكم الابتدائي بعد أن أفصح عن أخذه بأسبابه فإنه يكون قد أحال إلى أسباب حكم لا وجود له ، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما أضاف من أسباب اقتصر على قوله : " حيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمة ثبوتاً كافياً أخذاً بما جاء في محضر الضبط وأن المتهمة لم تدفع بثمة دفع أو دفاع مقبول فالمحكمة تقضي بإدانتها طبقاً لمواد الاتهام إلا أنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة ترى استعمال الرأفة بتعديل الحكم المستأنف على النحو الذي سيرد بالمنطوق " فإنه يكون قد أغفل بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها كما أغفل إيراد الأدلة التي استخلص منها الإدانة مخالفاً في ذلك حكم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بني عليها بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن .
ــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بوصف أنها : أتلفت وآخرون المنقولات والأموال الثابتة والمبينة بمسكن الزوجية على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابها بالمادة 361 /1 ، 2 من قانون العقوبات . وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمة بأن تؤدي له مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت . ومحكمة جنح قسم .... قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام حبس المتهمة شهرين مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامها بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت . استأنفت المحكوم عليها ومحكمة .... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت غيابياً بسقوط الحق في الاستئناف . عارضت المحكوم عليها استئنافياً وقضي في معارضتها بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهمة ثلاثمائة جنيه والتأييد فيما عدا ذلك .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الإتلاف العمدي قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وذلك بما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي قد صدر في ..... بإدانة الطاعنة ، ولم تحرر نسخته الأصلية حتى الآن ، على ما يبين من الاطلاع على المفردات ، فإنه يكون في الواقع قد خلا من أسبابه ، ولا يشفع في هذا أن تكون مسودة أسباب ذلك الحكم قد أودعت ملف الدعوى موقع عليها من القاضي الذي أصدره إذ العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن ، أما مسودة الحكم فإنها لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفي إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب بما لا تتحدد به حقوق الخصوم عند إيراده الطعن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتعديل الحكم الابتدائي بعد أن أفصح عن أخذه بأسبابه فإنه يكون قد أحال إلى أسباب حكم لا وجود له ، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما أضافه من أسباب اقتصر على قوله : " حيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمة ثبوتاً كافياً أخذاً بما جاء في محضر الضبط وأن المتهمة لم تدفع بثمة دفع أو دفاع مقبول فالمحكمة تقضي بإدانتها طبقاً لمواد الاتهام إلا أنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة ترى استعمال الرأفة بتعديل الحكم المستأنف على النحو الذي سيرد بالمنطوق " فإنه يكون قد أغفل بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، كما أغفل إيراد الأدلة التي استخلص منها الإدانة مخالفاً في ذلك حكم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بني عليها بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 88808 لسنة 75 ق جلسة 13/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 114 ص 969

جلسة 13 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عاطف عبد السميع ، محمد عبد الحليم نائبي رئيس المحكمة ، محمود قزامل وجمال شعلان .
-------------
(114)
الطعن 88808 لسنة 75 ق
طفل . استئناف " ما يجوز استئنافه من الأحكام " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام ".
الطعن بالنقض في الحكم الصادر بتسليم الطفل لوالديه . غير جائز . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت المادة 132 من قانون الطفل الصادر بالقانون 12 لسنة 1996 ، قد نصت على أنه " يجوز استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث عدا الأحكام التي تصدر بالتوبيخ وبتسليم الطفل لوالديه أو لمن له الولاية عليه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتسليم الطفل لوالديه وهو ما لا يجوز استئنافه أصلاً ، ومن ثم لا يجوز الطعن عليه بطريق النقض من باب أولى مما يكون معه الطعن غير جائز .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة ...... بوصف أنه : تسبب بخطئه في جرح ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه بأن ألقى عليه قطعة خشبية أحدثت إصابته بعينه اليسرى ، ونشأ عنها عاهة مستديمة تقدر بنحو35% على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابه بالمادة 244/1، 2 من قانون العقوبات والمادتين 95/1 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل . ومحكمة جنح أحداث ..... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتسليم الحدث المتهم لولي أمره . استأنف ومحكمة ..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف . عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه .
فطعن الأستاذ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الولي الطبيعي للمحكوم عليه القاصر في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن المادة 132من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 قد نصت على أنه " يجوز استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث عدا الأحكام التي تصدر بالتوبيخ وبتسليم الطفل لوالديه له الولاية عليه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتسليم الطفل لوالديه وهو ما لا يجوز استئنافه أصلاً ، ومن ثم لا يجوز الطعن عليه بطريق النقض من باب أولى مما يكون معه الطعن غير جائز .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 21861 لسنة 67 ق جلسة 11/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 113 ص 963

جلسة 11 ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن هيكل ، مدحت دغيم ، محمد خالد عبد العزيز نواب رئيس المحكمة ومهاد خليفة .
-----------
(113)
الطعن 21861 لسنة 67 ق
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن بالنقض دون إيداع الأسباب . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) طب . أسباب الإباحة وموانع العقاب " العمل الطبي " . مسئولية جنائية .
الأصل تجريم أي مساس بجسم المجني عليه . أساس ذلك ؟
إباحة فعل الطبيب . أساسها : استعمال حق مقرر بمقتضى القانون.
مساءلة من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب عما يحدثه بالغير من جروح على أساس العمد . إعفاؤه لا يكون إلا بقيام حالة الضرورة .
مثال .
(3) هتك عرض . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
إدخال المتهم في روع المجني عليهما قدرته على علاجهما من مرضهما وإنزاله سروال المجني عليها الأولى وملامسة ظهرها وتحسس ثدي الثانية وبطنها وساقها . مفاده : تحقق جريمة هتك العرض بالقوة .
مناط تحقق القصد الجنائي في جريمة هتك العرض بالقوة . اتجاه إرادة الجاني لارتكاب الفعل المكون للجريمة عالماً بأنه يخل بالحياء العرضي لمن وقع عليه . مهما كان الباعث . مخالفة الحكم ذلك . خطأ في القانون وفساد في الاستدلال .
(4) هتك عرض . طب . نصب . ارتباط . عقوبة " تقديرها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
تطبيق المادة 32 عقوبات . مناطه ؟
جرائم هتك العرض بالقوة والنصب ومزاولة مهنة الطب بدون ترخيص . قوامها أفعال متعددة تنفيذاً لغرض إجرامي واحد . أثر ذلك ؟
تقدير العقوبة . موضوعي . أثر ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان المحكوم عليه ...... . وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً .
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مجملة أن المطعون ضده يعمل تاجراً واستطاع الاستيلاء على مبلغ واحد وأربعين جنيهاً وخمسين مليماً من المجني عليها ...... ، بعد أن أدخل في روعها صلته بالجان وقدرته على علاجها وابنتها ...... من الأمراض التي تعانيان منها وبعد استقباله لهما في محله الكائن بمدينة ..... ، قام بإتيان بعض الحركات والتصرفات التي يفهم منها اتصاله بذلك الجان ، ثم قام بعد ذلك بتوقيع الكشف الطبي عليهما وإعطائهما بعض الحقن كعلاج . وبعد أن انتهى الحكم إلى إدانة المطعون ضده عن جريمتي النصب ومزاولة مهنة الطب دون أن يكون اسمه مقيداً بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء البشريين ، برر قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة هتك العرض بقوله : " وحيث إنه إزاء ما أدلت به المجني عليها من أقوال أمام المحكمة من أن المتهم لم يلامس مواطن العفة بها وأن ملامسته لصدر ابنتها ..... كان بغرض العلاج فقط فإن جريمة هتك العرض تنحسر من الأوراق وتنهار معها أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة والتي عولت عليها في اتهامها للمتهم ، الأمر الذي يتعين معه الحكم ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه عملاً بالمادة 304/1 أ.ج " . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يجرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله على إجازة علمية طبقاً للقواعد والأوضاع التي نظمتها القوانين واللوائح ، وهذه الإجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهن الحصول عليه قبل مزاولتها فعلاً ، وينبني على القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب هو استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون ، وأن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من الجروح وما إليها باعتباره معتدياً ، أي على أساس العمد ، ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية ، وهي منتفية في ظروف هذه الدعوى .
3 - لما كان ما أورده الحكم من أن المطعون ضده بعد أن أدخل في روع المجني عليهما مقدرته على معالجتهما من مرضهما وأنزل عن المجني عليها الأولى سروالها ولامس ظهرها وخلع عن الثانية ملابسها وتحسس بيده ثديها وبطنها وساقها ، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم ، كاف وسائغ لقيام جريمة هتك العرض بالقوة ، ولتوافر القصد الجنائي فيها ، إذ إن كل ما يتطلبه القانون لتحقق هذا القصد ، هو أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الذي تتكون منه الجريمة ، وهو عالم بأنه يخل بالحياء العرضي ، لمن وقع عليه ، مهما كان الباعث الذي حمله إلى ذلك . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستخلص من قيام المطعون ضده بعلاج المجني عليهما رغم أنه لا يملك حق مزاولة مهنة الطب وفق ما سلف أن الاعتداء على عوراتهما بالصورة التي أوردها لا يعد من قبيل هتك العرض ، فإنه فضلاً عن ترديه في الخطأ في تطبيق القانون يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال .
4 - من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ، أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال كمل بعضها بعضاً فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في هذه الفقرة ، وكانت جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة بالمادة 268 من ذات القانون وجريمتا النصب ومزاولة مهنة الطب بدون ترخيص في الدعوى الراهنة قوامها أفعال متعددة تنفيذاً لغرض إجرامي واحد هو قيام المطعون ضده بإيهام المجني عليها ونجلتها بقدرته على علاجهما من مرضهما عن طريق الاستعانة بالجن بما يتحقق معه الارتباط الذي يوجب تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر ومعاقبة المطعون ضده بالجريمة الأشد ، وهي جريمة هتك العرض بالقوة التي قضى فيها ببراءة الأخير ، وكان تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن الطاعن بأنه : أولاً : هتك عرض ...... ، ...... بالقوة بأن أدخل في روعهما قدرته على علاجهما من مرضهما وأنزل عن الأولى سروالها ولامس ظهرها وموطن العفة بها وخلع عن الثانية ملابسها وتحسس بيده ثديها وبطنها وساقيها حال كونها لم تبلغ ستة عشر عاماً كاملة على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : توصل إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين قدره بالتحقيقات والمملوك ل ...... . باستعمال طرقاً احتيالية ، وذلك بإيهامها بوجود واقعة مزورة بأن أدخل في روعها صلته بالجن وقدرته على علاجها وكريمتها من المرض بالاستعانة بالجن على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثاً : زاول مهنة الطب دون أن يكون مقيداً بسجل الأطباء أو جدول نقابة الأطباء البشريين . وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 336/1 من قانون العقوبات و1، 10/1 من القانون 415 لسنة 1954 المعدل بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ستة أشهر عن التهمتين الثانية والثالثة وبراءته من التهمة الأولى .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه ... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة هتك العرض بالقوة قد شابه فساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على انتفاء القصد الجنائي لدى المطعون ضده رغم ثبوت توافره في حقه بما جاء بأقوال المجني عليهما من قيامه بملامسة مواطن العفة من جسديهما بيديه وهو ما تأيد بتحريات المباحث ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مجملة أن المطعون ضده يعمل تاجراً واستطاع الاستيلاء على مبلغ واحد وأربعين جنيهاً وخمسين مليماً من المجني عليها ...... بعد أن أدخل في روعها صلته بالجان وقدرته على علاجها وابنتها ...... من الأمراض التي تعانيان منها ، وبعد استقباله لهما في محله الكائن بمدينة ...... قام بإتيان بعض الحركات والتصرفات التي يفهم منها اتصاله بذلك الجان ، ثم قام بعد ذلك بتوقيع الكشف الطبي عليهما وإعطائهما بعض الحقن كعلاج . وبعد أن انتهى الحكم إلى إدانة المطعون ضده عن جريمتي النصب ومزاولة مهنة الطب دون أن يكون اسمه مقيداً بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء البشريين برر قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة هتك العرض بقوله : " وحيث إنه إزاء ما أدلت به المجني عليها من أقوال أمام المحكمة من أن المتهم لم يلامس مواطن العفة بها وان ملامسته لصدر ابنتها ...... كان بغرض العلاج فقط ، فإن جريمة هتك العرض تنحسر من الأوراق وتنهار معها أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة والتي عولت عليها في اتهامها للمتهم الأمر الذي يتعين معه الحكم ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه عملاً بالمادة 304/1أ.ج ". لما كان ذلك ، وكان الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يجرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله على إجازة علمية طبقاً للقواعد والأوضاع التي نظمتها القوانين واللوائح ، وهذه الإجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهن الحصول عليه قبل مزاولتها فعلاً ، وينبني على القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب هو استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون ، وأن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من الجروح وما إليها باعتباره معتدياً ، أي على أساس العمد ، ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية ، وهي منتفية في ظروف هذه الدعوى . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من أن المطعون ضده بعد أن أدخل في روع المجني عليهما مقدرته على معالجتهما من مرضهما وأنزل عن المجني عليها الأولى سروالها ولامس ظهرها ، وخلع عن الثانية ملابسها وتحسس بيده ثديها وبطنها وساقها ، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم ، كاف وسائغ لقيام جريمة هتك العرض بالقوة ، ولتوافر القصد الجنائي فيها ، إذ إن كل ما يتطلبه القانون لتحقق هذا القصد ، هو أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الذي تتكون منه الجريمة ، وهو عالم بأنه يخل بالحياء العرضى ، لمن وقع عليه ، مهما كان الباعث الذي حمله إلى ذلك . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستخلص من قيام المطعون ضده بعلاج المجني عليهما رغم أنه لا يملك حق مزاولة مهنة الطب وفق ما سلف أن الاعتداء على عوراتهما بالصورة التي أوردها لا يعد من قبيل هتك العرض فإنه فضلاً عن ترديه في الخطأ في تطبيق القانون يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال . وإذ كان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال كمل بعضها بعضاً فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في هذه الفقرة ، وكانت جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة بالمادة 268 من ذات القانون ، وجريمتا النصب ومزاولة مهنة الطب بدون ترخيص في الدعوى الراهنة ، قوامها أفعال متعددة تنفيذاً لغرض إجرامي واحد هو قيام المطعون ضده بإيهام المجني عليها ونجلتها بقدرته على علاجهما من مرضهما عن طريق الاستعانة بالجن بما يتحقق معه الارتباط الذي يوجب تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر ومعاقبة المطعون ضده بالجريمة الأشد ، وهي جريمة هتك العرض بالقوة التي قضى فيها ببراءة الأخير ، وكان تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ