الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 يناير 2015

الطعن 10717 لسنة 68 ق جلسة 19 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 147 ص 740

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(147)
الطعن رقم 10717 لسنة 68 القضائية

(1) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة" "شهود".
من أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاستعانة بأهل الخبرة بغير حلف يمين. جائز. ما دام التقرير المقدم منهم ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة وعنصراً من عناصرها مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قرار المحكمة في غيبة الطاعن باستمرار إيداعه مستشفى الأمراض العقلية والعصبية لاستكمال المراقبة والفحص. لا يبطله. ما دام يمكنه التمسك لدى المحكمة بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب.
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتقرير الطبي كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على التفات المحكمة طلب الطاعن ضم ملف خدمته العسكرية للوقوف على حالته العقلية والنفسية. غير سديد. علة ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". قتل عمد.
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(9) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل.
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". سبق إصرار. ترصد. مسئولية جنائية. قتل عمد.
اختلاف الحكم فيما أورده في معرض تحصيله للواقعة وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل. لا تناقض. علة وأساس ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. قتل عمد.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(12) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.

----------------
1 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض.
2 - لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير عنه المحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها.
3 - من المقرر أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة.
4 - قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى.
5 - لما كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض.
6 - لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
7 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها.
8 - لما كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى.
10 - لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم.
11 - التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها.
12 - لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا - وآخران مجهولان - المجني عليه ...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعد الأول لذلك سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وتربصوا له وسط ذوي المتهمين المعروضين على النيابات الجزئية بفترتها المسائية حيث أيقنوا وصوله وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً بأجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" والتي استخدمها في قتل المجني عليه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرر، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع أعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن موضوع الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز مطواة قرن غزال بغير ترخيص فقد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان التقرير الطبي من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية لصدوره من مستشفى غير تلك التي أمرت المحكمة بإيداعه وملاحظته فيها، ومن أطباء لم يحلفوا اليمين القانونية، فأطرح الحكم هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه. كما أن تجديد فترة إيداعه المستشفى تم في غيبته.
وأغفلت المحكمة طلبه ضم ملف خدمته العسكرية وقوفاً على سبب إنهائها، فلم تورده ولم ترد عليه. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم الأول - الطاعن الأول - بالتحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره دفاع الطاعن من اعتراضات على التقرير الطبي المودع عن حالة الطاعن وأطرحه في قوله: "وحيث إن ما أثاره الدفاع من اعتراضات على تقرير الخبرة المودع عن حالة المتهم الأول بمقولة أن إيداع المتهم كان بمكان غير المعين من قبل المحكمة إيداعه فيه وعدم حلف يمين من اللجنة التي باشرت المأمورية، فمردود ذلك أن الثابت بجلسة الأول من أبريل سنة 1997 بعد أن أُودع المتهم مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالمعمورة طلبت النيابة العامة استكمال إيداعه مرة أخرى بذات المستشفى فوافقت المحكمة على ذلك، ومن ثم يكون قرارها قد صادف محلاً وتم إيداع المتهم ذات المستشفى، وقدمت اللجنة تقريراً عن حالته العقلية والنفسية بالنتيجة المشار إليها في التقرير، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير آخر لتقدير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله من موقفه في التحقيق ومن حالته النفسية ومن إجاباته على ما وجهت إليه من الأسئلة، ذلك أن تقدير حالة المتهم التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى حتى يفصل فيه قاضي الموضوع، ومن المقرر أيضاً أن التقرير المقدم من اللجنة بدون حلف يمين يكون في قوة الاستدلالات المقيدة التي لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقديرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن - فضلاً عما استبانته من التحقيقات واعترافات المتهم الأول وسلامة عقله وحالته العقلية - أن التقرير المودع من المستشفى سليم ويتفق مع ما قررته المحكمة وطلب الدفاع، ويكون النعي على التقرير والتشكيك في عقلية المتهم مبنياً على غير أساس لعدم ثبوت آفة عقلية مانعة من المسئولية. وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير المقدم عنه للمحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها، فضلاً عما هو مقرر من أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة. ومن ثم فإن هذا النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى. كما أنه إذا كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن تحصيل الحكم للواقعة يناقض تصوير بعض شهود الإثبات لها ولكيفية حدوثها، ففي حين أثبت في مقام تحصيل الواقعة أن دور الطاعن انحصر في مساعدة الطاعن الأول في طرح المجني عليه أرضاً ليمكنه وآخرين من الإجهاز عليه، عاد وأثبت في مقام تدليله على قيام نية القتل أنه كان يحمل سلاحاً انهال به على المجني عليه بعد أن سقط أرضاً. كما استظهر نية القتل لديه بما لا يسوغ توافرها - وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين اتفقت كلمتهما على قتل المجني عليه وأن كلاً منهما أسهم تحقيقاً لذلك بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة حسبما يبين من أقوال شهود الواقعة واعتراف الطاعن الأول على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ورتب عليه أن كلاً من الطاعنين قد ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يعد من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وهو من إطلاقات محكمة الموضوع، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص من أقوالهم الحقيقة استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق، ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً، وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم. وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها. وأنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون - كسابقه - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5806 لسنة 62 ق جلسة 19 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 146 ص 736

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وناجي أحمد عبد العظيم وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة.

--------------

(146)
الطعن رقم 5806 لسنة 62 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة في صدد قواعد التقادم هي بنوع الجريمة التي تنتهي إليها المحكمة.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". تقادم. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". دعوى مدنية "انقضاؤها بمضي المدة". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
مضي أكثر من ثلاث سنوات من أول جلسة نظر فيها الطعن حتى تاريخ نظره بالجلسة التالية دون اتخاذ أي إجراء قاطع للتقادم. أثره: انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. لا تأثير له على الدعوى المدنية المرفوعة معها بالتبعية. علة ذلك؟
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
التفات المحكمة عن دفع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي لديه إيراداً ورداً. قصور.

----------------
1 - العبرة من تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة أو مخالفة هي بالوصف الذي تنتهي إليه المحكمة التي نظرت الدعوى دون التقيد بالوصف الذي رفعت به تلك الدعوى أو ما يراه الاتهام، وذلك في صدد قواعد التقادم التي تسري وفقاً لنوع الجريمة الذي تقرره المحكمة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 16 من ديسمبر سنة 1991 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في 14 من يناير سنة 1992 وقدم أسباب طعنه في 25 من الشهر ذاته، ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ الطعن حتى تاريخ نظره بجلسة 19 من نوفمبر سنة 2000، فإنه يكون قد انقضت مدة تزيد على الثلاث سنين المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الدعوى، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
3 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لديه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بالتعويض المدني المؤقت دون أن يعرض لهذا الدفاع مبيناً وجه الرأي فيه مع أنه من الدفوع الجوهرية التي تلزم المحكمة بأن تناقشها في حكمها وترد عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه في شأن الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: شرع في قتل المجني عليه..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من سلاحه المرخص له بحمله "مسدس عيار 9 م" قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: أطلق عياراً نارياً داخل إحدى القرى. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 241/ 1، 2، 377/ 6 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن الواقعة تشكل جنحة الضرب ومخالفة إطلاق عيار ناري داخل القرية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إنه وإن كانت الدعوى الجنائية قد أحيلت إلى محكمة الجنايات بوصف أن الطاعن قد اقترف جناية الشروع في قتل المجني عليه ومخالفة إطلاق عيار ناري داخل القرية إلا أن محكمة الجنايات بحكمها المطعون فيه انتهت إلى أن الواقعة جنحة ضرب ومخالفة إطلاق عيار ناري داخل القرية ودانت الطاعن على هذا الأساس طبقاً للمادتين 241/ 1 - 2، 377/ 6 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من القانون المذكور. لما كان ذلك، وكانت العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة أو مخالفة هي بالوصف الذي تنتهي إليه المحكمة التي نظرت الدعوى دون التقيد بالوصف الذي رفعت به تلك الدعوى أو ما يراه الاتهام وذلك في صدد قواعد التقادم التي تسري وفقاً لنوع الجريمة الذي تقرره المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 16 من ديسمبر سنة 1991 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في 14 من يناير سنة 1992، وقدم أسباب طعنه في 25 من الشهر ذاته، ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ الطعن حتى تاريخ نظره بجلسة 19 من نوفمبر سنة 2000، فإنه يكون قد انقضت مدة تزيد على الثلاث سنين المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الدعوى، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
حيث إنه فيما يتعلق بالدعوى المدنية، فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ ألزمه بالتعويض المدني المؤقت، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس التي ترشح الواقعة لها، بيد أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لديه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بالتعويض المدني المؤقت دون أن يعرض لهذا الدفاع مبيناً وجه الرأي فيه، مع أنه من الدفوع الجوهرية التي تلزم المحكمة بأن تناقشها في حكمها وترد عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه في شأن الدعوى المدنية.
وحيث إنه لكل ما تقدم، يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للدعوى المدنية.

الطعن 11141 لسنة 61 ق جلسة 19 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 145 ص 733

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ هاني خليل وممدوح يوسف نائبي رئيس المحكمة ومدحت بسيوني وطلعت عبد الله.

----------------

(145)
الطعن رقم 11141 لسنة 61 القضائية

قانون "القانون الأصلح" "تفسيره". صلح. ضرب. محكمة النقض "سلطتها".
النص في الفقرة الأولى من المادة 18 مكرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائية على إجازة صلح المجني عليه أو وكيله الخاص في جريمة الضرب المؤثمة بالمادة 242 عقوبات وفي الفقرة الثانية من ذات المادة بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح. أصلح للمتهم. أساس ذلك؟
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها. أساس ذلك؟

--------------
حيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعنة بجريمة الضرب البسيط المعاقب عليها بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. وكان القانون رقم 174 لسنة 1998 بتعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات قد صدر بعد ذلك الحكم ونص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم 18 مكرر "أ" إلى قانون الإجراءات الجنائية، أجازت للمجني عليه ولوكيله الخاص في الجنحة المنصوص عليها في المادة 242 من قانون العقوبات أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم، ونصت في فقرتها الثانية على أنه يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة. ولما كان الثابت من محضر الصلح الموثق بتاريخ 12/ 5/ 1991 أن المجني عليها قد تصالحت مع الطاعنة عن الجريمة التي دينت بها، فإن القانون الجديد يكون هو الأصلح للمتهمة، وقد صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات وهو الواجب التطبيق ولمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بما هو مخول لها بمقتضى المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحدثت عمداً بالمجني عليها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق التي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة أقل من واحد وعشرين يوماًً وكان ذلك باستخدام أداة. وطلبت عقابها بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بندر بني سويف قضت حضورياً بحبسها أسبوعين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً، استأنفت ومحكمة بني سويف الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبسها أسبوعاً.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعنة بجريمة الضرب البسيط المعاقب عليها بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. وكان القانون رقم 174 لسنة 1998 بتعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات قد صدر بعد ذلك الحكم ونص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم 18 مكرر "أ" إلى قانون الإجراءات الجنائية. أجازت للمجني عليه ولوكيله الخاص في الجنحة المنصوص عليها في المادة 242 من قانون العقوبات أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم، ونصت في فقرتها الثانية على أنه يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة. ولما كان الثابت من محضر الصلح الموثق بتاريخ 12/ 5/ 1991 أن المجني عليها قد تصالحت مع الطاعنة عن الجريمة التي دينت بها، فإن القانون الجديد يكون هو الأصلح للمتهمة وقد صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات وهو الواجب التطبيق، ولمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بما هو مخول لها بمقتضى المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح.

الطعن 13857 لسنة 70 ق جلسة 20 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 149 ص 761

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي الصباغ وعبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(149)
الطعن رقم 13857 لسنة 70 القضائية

بناء. التماس إعادة النظر. قانون "تفسيره".
طلب إعادة النظر في الحكم النهائي الصادر في جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم الإزالة. غير جائز. أساس ذلك؟

--------------
لما كانت المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالات طلب إعادة النظر بمقتضى نصها الذي يجري على أنه "يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية...... بما مفاده أنه لا يجوز طلب إعادة النظر في مواد المخالفات والمعرفة قانوناً بأنها الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه، ولما كانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الملتمس ودانه بها الحكم الصادر في القضية رقم..... لسنة.... والمقيدة برقم..... لسنة .... موضوع الالتماس هي في صحيح القانون تطبيقاً للمادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء مخالفة، إذ نصت هذه المادة على أن "يعاقب المخالف بغرامة لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه عن تنفيذ ما قضى به الحكم أو القرار النهائي من اللجنة المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال وذلك بعد انتهاء المدة التي تحددها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي لتنفيذ الحكم أو القرار". ولا يغير من نوع الجريمة هذه باعتبارها مخالفة ما نص عليه المشرع من توقيع عقوبة الغرامة عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ، إذ لا يعدو ذلك استثناء من مبدأ وحدة الواقعة في الجرائم المستمرة بجعل المشرع كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ واقعة قائمة بذاتها تستحق عنها غرامة مستقلة مقطوعة الصلة عما يسبقها. لما كان ما تقدم، وكان موضوع الطلب المطروح جريمة وصفها الحق في القانون مخالفة، فإنه يتعين القضاء بعدم جواز طلب إعادة النظر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطالب بأنه لم ينفذ قرار الإزالة وطلبت عقابه بالمواد 17، 22، 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح شبرا الخيمة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم ثلاثمائة جنيه. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه عن تنفيذ قرار الإزالة. استأنفت النيابة العامة والمحكوم عليه، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتعديل الحكم المستأنف بجعل الغرامة بواقع جنيه واحد عن كل يوم تأخير عن تنفيذ قرار الإزالة.
فتقدم المحكوم عليه بطلب إعادة النظر للسيد المستشار النائب العام بطلب إلغاء الحكم النهائي الصادر في الجنحة رقم.... لسنة 1996، فقرر إحالته للجنة طلبات إعادة النظر بمحكمة النقض، وقررت اللجنة قبول الطلب وأحالته إلى محكمة النقض للفصل فيه.


المحكمة

وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالات طلب إعادة النظر بمقتضى نصها الذي يجري على أنه يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية...... بما مفاده أنه لا يجوز طلب إعادة النظر في مواد المخالفات والمعرفة قانوناً بأنها الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه، ولما كانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الملتمس ودانه بها الحكم الصادر في القضية رقم...... والمقيدة برقم...... لسنة 1996 جنح مستأنف شمال القاهرة موضوع الالتماس هي في صحيح القانون تطبيقاً للمادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء مخالفة. إذ نصت هذه المادة على أن "يعاقب المخالف بغرامة لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه عن تنفيذ ما قضى به الحكم أو القرار النهائي من اللجنة المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال وذلك بعد انتهاء المدة التي تحددها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي لتنفيذ الحكم أو القرار". ولا يغير من نوع الجريمة هذه باعتبارها مخالفة ما نص عليه المشرع من توقيع عقوبة الغرامة عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ، إذ لا يعدو ذلك استثناء من مبدأ وحدة الواقعة في الجرائم المستمرة بجعل المشرع كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ واقعة قائمة بذاتها تستحق عنها غرامة مستقلة مقطوعة الصلة عما يسبقها. لما كان ما تقدم، وكان موضوع الطلب المطروح جريمة وصفها الحق في القانون مخالفة، فإنه يتعين القضاء بعدم جواز طلب إعادة النظر.

الطعن 6097 لسنة 62 ق جلسة 20 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 148 ص 751

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي الصباغ وسمير مصطفى وعبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(148)
الطعن رقم 6097 لسنة 62 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(2) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جرائم التزوير. مناط تحققه؟
تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً. غير لازم. ما دام قد أورد ما يدل عليه.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لنفي قالة التناقض عن الحكم.
(4) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي لا يلزم لتحققها صدورها بداءة من موظف عمومي. تداخل موظف عمومي في محرر عرفي. أثره: اكتسابه صفة المحرر الرسمي. علة ذلك؟
تدليل الحكم تدليلاً سائغاً على اعتبار التزوير تم في محرر رسمي. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(5) جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تسجيل السفن والمنشآت الواردة بالمادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1949 المعدل. جائز. بناء على طلب مالكيها. أساس ذلك؟
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع. الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل. غير جائز. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها. غير جائز أمام النقض.

------------------
1 - من المقرر أن الاشتراك في التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك في تزوير عقد البيع ثم استعمله بالفعل مما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشق من المنعى يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من أسباب بني عليها قضاءه ببراءة المتهمين الثاني والثالثة هي أنه بعد أن طلبا لتسجيل اللنش إفراغ العقد في الشكل الرسمي، فقد جاءهما خطاب صريح واضح لا لبس فيه ولا غموض، صدر به العقد، من مأمور الشهر العقاري، ممهور بخاتم المأمورية أن العقد تم توثيقه بين أطرافه، فليس يبعد في العقل، أن يركنا وبحسن نية إلى هذه التأشيرة، وأن يعولا على صراحتها، وأن يسجلا تحت هذا الوهم الخاطئ أن سند الملكية عقد رسمي ارتكاناً إلى هذه التأشيرة، ولا يقدح في هذا النظر ما قرره شاهد الإثبات - أنهما كانا يعلمان بأن العقد غير موثق - إذ إن مبنى ما قرره، هو الحدس والتخمين وأن العديد من العقود الرسمية موجودة لديهم، وأن كل ذلك لا ينفي شبهة الشك في نيتهما الجرمية تعويلاً على تلك التأشيرة المزورة التي صدر بها المتهم الأول العقد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من ذلك لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعن من أنه كان يعلم بتزوير التأشيرة الثابتة على عقد البيع موضوع الاتهام - على النحو السابق بيانه - ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم.
4 - من المقرر أنه ليس شرط لاعتبار التزوير واقعاً في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من موظف عمومي، فقد يكون عرفياً في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك، إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمي، ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعاً في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب هذه الصفة وتنسحب رسميته إلى ما سبق من إجراءات، إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر الرسمي وليس بما كان عليه في أول الأمر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب بمدوناته إلى القول إن البيان الذي أثبته المتهم الأول على الصفحة الأولى من العقد المصدق عليه يعتبر في حد ذاته محرراً مزوراً أثبت فيه محرره باتفاق وتحريض ومساعدة المتهم الرابع - الطاعن - على غير الحقيقة أن العقد قد أفرغ في الصورة الرسمية ومهره بتوقيعه وبخاتم مأمورية الشهر العقاري بما يشكل في حق المتهم الأول جرم التزوير في محرر رسمي وفي حق المتهم الرابع جرم الاشتراك في هذا التزوير، فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار التزوير قد تم في محرر رسمي يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون بريئاً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تأويله وقد أضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ومنازعته في أن الواقعة خالية من ثمة جريمة وأن "اللنش" موضوع عقد البيع ليس بسفينة وفقاً لما نص عليه القانون 84 لسنة 1949 المعدل، ومن ثم لا يلزم تسجيله وأن إضافة أية بيانات للعقد لا يعد تزويراً وقد فنده وأطرحه بقوله إنه ليس بمنتج في واقع هذه الدعوى أن يكون "اللنش" موضوع العقد سفينة يتطلب نقل ملكيتها أن يكون رسمياً أم أنه ليس كذلك، إذ العبرة في التزوير هي بالحقيقة الثابتة في المحرر، والحقيقة الثابتة أن العقد مصدق على التوقيع فيه في حين أثبت المتهم الأول وعلى غير الحقيقة أنه أجرى توثيقه، ومن ثم فإن المحكمة لا تجد طائلاً وراء معاينة اللنش بنفسها أو بواسطة أهل الخبرة. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1959 قد جرى نصها على "لا يجوز لأية سفينة أن تسير في البحر تحت العلم المصري إلا إذا كانت مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون، وتعفى من التسجيل السفن الشراعية المخصصة للصيد وسفن "يخوت" النزهة التي لا تزيد حمولتها الكلية على عشرة أطنان، والتي لا تبحر عادة لمسافة أكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً من الشاطئ، وكذا "المواعين" و"البراطيم" و"الصنادل" و"الزوارق" و"القاطرات" و"القوارب" و"الكراكات" و"قوارب الغطاسة" وغير ذلك من المنشآت العائمة التي تعمل عادة داخل الميناء. لما كان ذلك، فإن البين من هذا النص وواضح عبارته وصريح دلالته اتجاه إرادة الشارع إلى جواز تسجيل السفن أو المنشآت العائمة الواردة بالنص إذا طلب مالكوها ذلك، لأن المقرر أن الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، وكان رد المحكمة على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن قد صادف صحيح القانون - على النحو المار - ويسوغ به إطراحه، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنه أولاً: اشترك وآخر بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع..... "موثق بالشهر العقاري....." في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد بيع اللنش "...." المؤرخ ...... بأن حرضاه واتفقا معه على أن يثبت فيه على خلاف الحقيقة أن سند ملكية المتهم الخامس للنش محل العقد حكم مرسى مزاد كما أثبت به أنه تم توقيعه كمحرر رسمي وأعطاه رقم شهر خلافاً للحقيقة فأثبت فيه البيان المزور ومهره بخاتم الشهر العقاري فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخرين قضي ببراءتهما في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو تسجيل اللنش سالف البيان بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أنه تم بيعه بموجب عقد بيع رسمي هو العقد المزور موضوع التحقيق وأمدهما به وقد وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: استعمل محرراً مزوراً هو عقد البيع سالف الذكر - موضوع التهمة الأولى - مع علمه بتزويره، بأن قدمه إلى إدارة التفتيش البحري للتأشير بمضمونه في سجلاته. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 211، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بحبسه سنة مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون كما أخل بحقه في الدفاع، ذلك أنه لم يدلل تدليلاً كافياً على اشتراك الطاعن مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير واستظهار عناصر هذا الاشتراك وطريقته، كما أن الحكم لم يرد - بما يسوغ - على ما أثاره من دفاع مؤداه انعدام القصد الجنائي لديه بعنصريه العام والخاص بدلالة أن رسوم تصديق المستند محل التداعي - عقد بيع السفينة - هي ذاتها رسم التوثيق طبقاً للقانون كما ذهب الحكم - بغير مبرر - إلى القول - تدليلاً على هذا القصد أن علم الطاعن بتزوير التأشيرة الثابتة على العقد - والتي أضافها المتهم الأول بتحريض منه - مفترض دون أن يورد ما يدل على هذا العلم برغم عدم درايته أو خبرته بأعمال التسجيل بهذا العمل واللذين سبق لهما تسجيل العديد من هذه العقود والمفترض فيهما الخبرة والدراية بكنه هذا العمل وأسراره - بمقولة عدم درايتهما بمثل هذه الإجراءات مما يصم الحكم بالتناقض في التسبيب والتخاذل، كما أن الحكم أخطأ في تفسير القانون وتأويله ذلك أن دفاعه قام على أن ثمة تزوير في محرر رسمي لم يقع إذ أن عقد شراء السفينة - محل التداعي - قد أثبتت بياناته الجوهرية الحقيقية وقد وقع عليه أطرافه وأن العقد العرفي انقلب إلى ورقة رسمية بتدخل الموظف العام فيه بداءة إلا أن المحكمة انتهت في حكمها المطعون فيه إلى القول بأن العقد ما زال عرفياً وأنه مصدق على التوقيعات المثبتة فيه، وخلصت إلى إدانة الطاعن عن تهمة الاشتراك في تزوير هذا المحرر على سند من القول إن العبارة التي تمت إضافتها بعد ذلك هي التي أكسبت العقد صفة الرسمية، رغم أن تاريخها هو ذات تاريخ التصديق على التوقيعات وهو...... وأخيراً فقد أثار الدفاع عن الطاعن دفاعاً مؤداه أن الواقعة خالية من ثمة جريمة، ذلك أن "اللنش" موضوع عقد البيع ليس بسفينة وفقاً لما نص عليه القانون 84 لسنة 1949 الخاص بتسجيل السفن التجارية المعدل بالقانون 218 لسنة 1959، ولا يستوجب التسجيل، وأن أية إضافات إلى العقد سند الاتهام لا يعد تزويراً لأنها لا تغير من الحقيقة وليست من البيانات الجوهرية، فضلاً عن أن إجراءات شهر العقارات والتي تطبق على السفن التي تجوب البحار لا تتبع بالنسبة "للنش" موضوع العقد، وبذا لا يحتاج الطاعن لإجراء آخر خلاف التصديق على العقد، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري إيراداً ورداً، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وحاصلها أن المتهم الخامس...... والذي قضي ببراءته - رسا عليه مزاد اللنش...... والذي أضحى اسمه "......" والذي كان مملوكاً لشركة استثمارية ثم باع نصفه للمتهم الرابع....... - الطاعن - بالعقد المؤرخ....... المصدق على توقيعهما فيه بمكتب توثيق....... بمقتضى محضر التصديق المؤرخ........., وتكفل البائع باتخاذ إجراءات تسجيل "اللنش" بالتفتيش البحري، فتقدم بطلب لهذا السبب إلا أنه لما كان "اللنش" مسجلاً في ذلك التفتيش باسم شركة تقوم بالأعمال البحرية وباعتباره سفينة تجوب البحار فقد رفض المتهمان الثاني....... والثالثة........ إجراء هذا التسجيل لكون العقد المقدم لهما مصدقاً على التوقيعات فيه وليس عقداً رسمياً وطلبا منه لإتمام تسجيله لديهما تقديم عقد رسمي، ولما كان إفراغ عقد البيع في صورته الرسمية يتطلب إجراءات ودفع رسم جديد بل قد يستحيل عليه هذا الأمر لكون سند ملكية البائع - المتهم - الخامس - ليس حكماً برسو المزاد، لذلك فقد اتفق المتهم الرابع - الطاعن - مع المتهم الأول...... المسئول عن التوثيق بمكتب توثيق...... وحرضه على تغيير الحقيقة والإيهام بأن العقد قد تم إفراغه في الشكل الرسمي فقام الأخير بوضع بيان مزور على العقد المصدق على التوقيعات فيه نصه "تم توثيق العقد بين طرفيه المذكورين بعاليه برقم.... لسنة....... رسمي...... بتاريخ........ ومهره بتوقيعه وخاتم المأمورية، ثم قام المتهم الرابع - الطاعن - باستعمال هذا المحرر المزور بأن دفع به وما احتواه من بيان مزور إلى المتهمين الثاني والثالثة اللذين قاما وبحسن نية منهما وارتكاناً إلى البيان المزور الصادر من المتهم الأول بتسجيل هذا "اللنش" واضعين ضمن بيانات السجل الجوهرية وعلى غير الحقيقة أن سند الملكية عقد رسمي في حين أن هذا العقد كان ولا يزال عقداً عرفياً بين طرفيه مصدقاً على التوقيعين فيه أمام الموثق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعن في تزوير عقد البيع بقوله "إن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، وقناعة المحكمة التي لا يخالجها أدنى شك أن المتهم الرابع - الطاعن - شريك ضالع مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير موضوع التهمة الأولى المسندة إليه، ذلك أنه هو الذي تقدم إليه بالعقد ليضع عليه هذه العبارة المزورة، واتفق معه على تزويرها، وليس بمقبول في العقل أن يتطوع المتهم الأول لإثبات تلك الحقيقة المزورة من تلقاء نفسه إلا باتفاق وتحريض من هذا المتهم وبقصد استعمالها وإدخال الغش بها على موظفي التفتيش البحري وتم له ما أراد عندما دفع بالعقد وما عليه من بيان مزور إلى المتهمين الثاني والثالثة اللذين قاما بتسجيل "اللنش" في سجلات هذا التفتيش مثبتين في هذا السجل وعلى غير الحقيقة أن سند الملكية عقد رسمي وإلا لامتنعا عن ذلك - طبقاً لما ارتأياه وأياً كان وجه الحق فيه - من أن تسجيل اللنش يقتضي أن يفرغ عقد الملكية في الشكل الرسمي. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً وكافياً في التدليل على اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير، وكان استخلاص الحكم مؤدياً إلى ما قصده منه ومنتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. ذلك أن الاشتراك في التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك في تزوير عقد البيع ثم استعمله بالفعل - على النحو المار بيانه - مما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشق من المنعى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من أسباب بني عليها قضاءه ببراءة المتهمين الثاني والثالثة هي "أنه بعد أن طلبا لتسجيل اللنش إفراغ العقد في الشكل الرسمي، فقد جاءهم خطاب صريح واضح لا لبس فيه ولا غموض، صدر به العقد، من مأمور الشهر العقاري، ممهور بخاتم المأمورية أن العقد تم توثيقه بين أطرافه، فليس يبعد في العقل، أن يركنا وبحسن نية إلى هذه التأشيرة، وأن يعولا على صراحتها، وأن يسجلا تحت هذا الوهم الخاطئ أن سند الملكية عقد رسمي ارتكاناً إلى هذه التأشيرة، ولا يقدح في هذا النظر ما قرره شاهد الإثبات........ أنهما كانا يعلمان بأن العقد غير موثق، إذ أن مبنى ما قرره هو الحدس والتخمين وأن العديد من العقود الرسمية موجودة لديهم، إذ أن كل ذلك لا ينفي شبهة الشك في نيتهما الجرمية تعويلاً على تلك التأشيرة المزورة، التي صدر بها المتهم الأول العقد". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من ذلك لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعن من أنه كان يعلم بتزوير التأشيرة الثابتة على عقد البيع موضوع الاتهام - على النحو السابق بيانه - ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعاً في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من موظف عمومي، فقد يكون عرفياً في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمي، ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعاً في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب هذه الصفة، وتنسحب رسميته إلى ما سبق من إجراءات إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر الرسمي وليس بما كان عليه في أول الأمر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب بمدوناته إلى القول إن البيان الذي أثبته المتهم الأول على الصفحة الأولى من العقد المصدق عليه يعتبر في حد ذاته محرراً مزوراً أثبت فيه محرره باتفاق وتحريض ومساعدة المتهم الرابع - الطاعن - على غير الحقيقة أن العقد قد أفرغ في الصورة الرسمية ومهره بتوقيعه وبخاتم مأمورية الشهر العقاري بما يشكل في حق المتهم الأول جرم التزوير في محرر رسمي وفي حق المتهم الرابع جرم الاشتراك في هذا التزوير، فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار التزوير قد تم في محرر رسمي يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون بريئاً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تأويله، وقد أضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ومنازعته في أن الواقعة خالية من ثمة جريمة وأن "اللنش" موضوع عقد البيع ليس بسفينة وفقاً لما نص عليه القانون 84 لسنة 1949 المعدل، ومن ثم لا يلزم تسجيله، وأن إضافة أية بيانات للعقد لا يعد تزويراً، وقد فنده وأطرحه بقوله "إنه ليس بمنتج في واقع هذه الدعوى أن يكون "اللنش" موضوع العقد سفينة يتطلب نقل ملكيتها أن يكون رسمياً أم أنه ليس كذلك، إذ العبرة في التزوير هي بالحقيقة الثابتة في المحرر والحقيقة الثابتة أن العقد مصدق على التوقيع فيه في حين أثبت المتهم الأول وعلى غير الحقيقة أنه أجرى توثيقه، ومن ثم فإن المحكمة لا تجد طائلاً وراء معاينة اللنش بنفسها أو بواسطة أهل الخبرة". لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1959 قد جرى نصها على "لا يجوز لأية سفينة أن تسير في البحر تحت العلم المصري إلا إذا كانت مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون، وتعفى من التسجيل السفن الشراعية المخصصة للصيد وسفن "يخوت" النزهة التي لا تزيد حمولتها الكلية على عشرة أطنان والتي لا تبحر عادة لمسافة أكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً من الشاطئ وكذا "المواعين" و"البراطيم" و"الصنادل" و"الزوارق" و"القاطرات" و"القوارب" و"الكراكات" و"قوارب الغطاسة"، وغير ذلك من المنشآت العائمة التي تعمل عادة داخل الميناء. لما كان ذلك، فإن البين من هذا النص وواضح عبارته وصريح دلالته اتجاه إرادة الشارع إلى جواز تسجيل السفن أو المنشآت العائمة الواردة بالنص إذا طلب مالكوها ذلك، لأن المقرر أن الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها، فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، وكان رد المحكمة على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن قد صادف صحيح القانون - على النحو المار - ويسوغ به إطراحه، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13347 لسنة 64 ق جلسة 21 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 150 ص 764

جلسة 21 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.

-------------

(150)
الطعن رقم 13347 لسنة 64 القضائية

إعلان. معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إعلان المعارض بالجلسة المحددة لنظر معارضته وجوب أن يكون لشخصه أو في محل إقامته.
قضاء الحكم المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن تأسيساً على إعلان المعارض لجهة الإدارة لعدم الاستدلال. يبطله.

-----------------
لما كان الطاعن أعلن بتاريخ 27 فبراير سنة 1994 للحضور للجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بجهة الإدارة لعدم الاستدلال عليه، ولما كان المقرر أن إعلان المعارض للحضور لجلسة المعارضة يجب أن يكون لشخصه أو في محل إقامته، وإذ قضى الحكم المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن بناء على هذا الإعلان، فإنه يكون باطلاً لقيامه على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وطلبت عقابه بالمواد 107/ أ و107/ ب/ 1 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالجيزة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة. استأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت غيابياً بسقوط الاستئناف. عارض وقضي باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ....... المحامي بصفته وكيلاًَ عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار معارضته الاستئنافية كأن لم تكن قد شابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع، إذ لم يعلن بالجلسة التي نظرت فيها معارضته وصدر فيها الحكم المطعون فيه والتي تغاير تلك التي حددت لنظر المعارضة عند التقرير بها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة - تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن قرر بالمعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي وحددت جلسة 28 ديسمبر سنة 1993 لنظر المعارضة بيد أنها نظرت بجلسة 22 مارس سنة 1994 - بعد تأجيلها إدارياً - والتي لم يحضر بها الطاعن، فقضت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن تأسيساً على أن المعارض لم يحضر تلك الجلسة رغم علمه بها. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن أعلن بتاريخ 27 فبراير سنة 1994 للحضور للجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بجهة الإدارة لعدم الاستدلال عليه. ولما كان المقرر أن إعلان المعارض للحضور لجلسة المعارضة يجب أن يكون لشخصه أو في محل إقامته، وإذ قضى الحكم المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن بناء على هذا الإعلان، فإنه يكون باطلاً لقيامه على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع، مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 1826 لسنة 68 ق جلسة 23 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 154 ص 778

جلسة 23 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان ونير عثمان وأحمد عبد القوي أحمد نواب رئيس المحكمة.

----------------

(154)
الطعن رقم 1826 لسنة 68 القضائية

(1) ضرب "أفضى إلى موت" "ضرب بسيط". قتل خطأ. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
القصد الجنائي في جرائم الضرب المفضي إلى الموت أو إلى العاهة المستديمة أو الضرب البسيط. تحققه: في تعمد الجاني فعل الضرب وهو يعلم أنه يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته.
الجرح الناشئ عن سوء العلاج أو بسبب آخر. يكون جريمة الإصابة الخطأ متى كان الجاني لم يتعمد إحداثه.
(2) قتل خطأ. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
إيراد المحكمة في ختام حكمها ما لا يتفق وما ذكرته من بيان لواقعة الدعوى حسبما حصلتها من التحقيقات وسطرتها في صدر الحكم. يعيب الحكم.

-----------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم الضرب المفضي إلى الموت أو إلى العاهة المستديمة أو الضرب أو الجرح البسيط يتحقق متى تعمد الجاني فعل الضرب أو إحداث الجرح وهو يعلم أن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث على ارتكاب ذلك الفعل، فإذا ثبت من الوقائع أن الجاني لم يتعمد الجرح، وأنه أتى فعلاً لا يترتب عليه عادة حصول الجرح ثم نشأ عن هذا الفعل جرح بسبب سوء العلاج أو بسبب آخر، فلا يمكن اعتباره محدثاً لهذا الجرح عن عمد وإرادة وكل ما تصح نسبته إليه في هذه الحالة هو أنه تسبب بخطئه في إحداث هذا الجرح.
2 - لما كان ما أوردته المحكمة أخيراً لا يتفق وما ذكرته من بيان لواقعة الدعوى حسبما حصلتها وسطرتها في صدر الحكم، وكان لا يمكن لمحكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة واقعة الدعوى مع اضطراب العناصر التي أوردها الحكم عنها، وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، فإن الحكم يكون معيباً متعيناً نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: استعمل القوة والعنف مع موظف عام.... بقيادة مرور الطريق الزراعي السريع..... لحمله بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته هو الاطلاع على رخصتي القيادة والتسيير الخاصتين به بأن غافله حال وقوفه بالطريق السريع لتسيير حركة المرور وحال طلب المجني عليه ترخيص المتهم وإمساكه بالجانب الأيسر بالسيارة انطلق مسرعاً بها يميناً ويساراً رغم تعلق المجني عليه بالسيارة حتى صدمه بسور حديدي جانب الطريق فسقط على الأرض تحت إطار السيارة التي أحدثت إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الإصابات هي التي أودت بحياته وقد بلغ من ذلك مقصده. ثانياً: لم يتبع تعليمات وإرشادات المرور المنظمة لحركة السير وقواعدها. ثالثاً: قاد مركبة آلية بحالة ينجم عنها الخطر وتعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم طالباً إلزامه بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عن التهمة الأولى وتغريمه خمسين جنيهاً عن التهمة الثانية وعشرة جنيهات عن التهمة الثالثة وبإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الواقعة كما أثبتها الحكم وهي أن الشاهد الأول توقف بالسيارة قيادته أمام سيارته فاصطدم بها مما أدى لسقوط المجني عليه - الذي كان متشبثاً بها - وحدوث إصابته لا تكون جريمة الضرب المفضي إلى الموت لانتفاء القصد الجنائي في حقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم الضرب المفضي إلى الموت أو إلى العاهة المستديمة أو الضرب أو الجرح البسيط يتحقق متى تعمد الجاني فعل الضرب أو إحداث الجرح وهو يعلم أن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث على ارتكاب ذلك الفعل، فإذا ثبت من الوقائع أن الجاني لم يتعمد الجرح، وأنه أتى فعلاً لا يترتب عليه عادة حصول الجرح، ثم نشأ عن هذا الفعل جرح بسبب سوء العلاج أو بسبب آخر، فلا يمكن اعتباره محدثاً لهذا الجرح عن عمد وإرادة، وكل ما تصح نسبته إليه في هذه الحالة هو أنه تسبب بخطئه في إحداث هذا الجرح. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أن الطاعن استمر في السير بسيارته - والمجني عليه متشبث بها - فاصطدم بسور حديدي فسقط المجني عليه وحدثت إصابته، ثم عاود وأورد أن الشاهد الثاني تجاوز بسيارته سيارة الطاعن وتوقف أمامها مما أدى لاصطدام السيارة الثانية بالأولى وسقوط المجني عليه، وإذ كان ما أوردته المحكمة أخيراً لا يتفق وما ذكرته من بيان لواقعة الدعوى حسبما حصلتها وسطرتها في صدر الحكم، وكان لا يمكن لمحكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة واقعة الدعوى مع اضطراب العناصر التي أوردها الحكم عنها، وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، فإن الحكم يكون معيباً متعيناً نقضه والإعادة، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 21760 لسنة 64 ق جلسة 23 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 153 ص 774

جلسة 23 من نوفمبر 2000

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان ود. صلاح البرعي وحمد عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.

---------------

(153)
الطعن رقم 21760 لسنة 64 القضائية

إخفاء أشياء مسروقة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب أن يبين الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة السرقة فوق اتصال المتهم بالمال المسروق أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد أنه متحصل من جريمة سرقة أو أن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً لحمل قضائه.
مجرد شراء الطاعن للمسروقات. لا يفيد حتماً علمه.

---------------
من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة - المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات - أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المسروق، أنه كان يعلم علم اليقين بأن المال متحصل من جريمة سرقة، أو أن تكون الوقائع - كما أثبتها الحكم - تفيد بذاتها توافر هذا العلم، وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يتحدث إطلاقاً عن علم الطاعن بأن المشغولات الذهبية التي اشتراها متحصلة من جريمة سرقة ولم يستظهر توافر هذا الركن، وكان مجرد شراء الطاعن لها من المدعو...... لا يفيد - حتماً وعلى وجه اللزوم - علمه بذلك فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما أخفيا المشغولات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ...... والمتحصلة عن جريمة سرقة مع علمهما بذلك. وطلبت عقابهما بالمادة 44 مكرراً من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين طالباً إلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم..... قضت حضورياً بتوكيل عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين شهراً مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة...... الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم والاكتفاء بحبس المتهم الأول أسبوعين مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك وبراءة المتهمة الثانية من الاتهام المسند إليها ورفض الدعوى المدنية بالنسبة لها.
فطعن...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة سرقة، قد شابه قصور في التسبيب، ذلك أنه لم يستظهر ركن العلم، ولم يورد الأدلة التي استخلص منها أن الطاعن كان يعلم عند شرائه المشغولات الذهبية موضوع الإدانة بأنها متحصلة من جريمة سرقة، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله إنها "تتحصل فيما أبلغ به وقرره..... بمحضر الاستدلالات المؤرخ ..... من أن نجلته وتدعى.... كانت تتردد على منزل إحدى زميلاتها بالمدرسة وتدعى..... وأثناء ذلك تعرفت على شقيق الأخيرة المدعو.... وبتاريخ أمس فوجئ بسرقة كمية من الذهب الخاص بنجلته الأخرى وتدعى....... والتي تعمل بدولة الكويت وتضع حرز الذهب طرفه كأمانة وباستعلامه من نجلته والضغط عليها أخبرته أنها قامت بأخذ الذهب وأعطته إلى..... وبالبحث عن الأخير وبمواجهته بما قررته نجلته اعترف له باستلامه الذهب من نجلته وأخبره أنه قام بالتصرف فيه بالبيع لأحد الصياغ بمبلغ ثمانية آلاف جنيه وأرشده عن ذلك الصايغ وقام بالتوقيع على إيصال يفيد استلامه كمية الذهب المبلغ عنها وأضاف أن نجلته....... قامت بسرقة الذهب المبلغ به وذلك بتحريض من المدعو....... وبعد أن أورد الحكم مضمون أقوال الشهود خلص إلى توافر التهمة في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه بالنسبة للمتهم الأول - الطاعن - فإن المحكمة ترى أن التهمة ثابتة في حقه ثبوتاً كافياً وذلك أخذاً بما جاء بأقوال المبلغ وبمحضر الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وقد أيده في أقواله كل من...... وكذلك المتهم...... وإذ كان يقوم بالتصرف في الذهب الذي يحضره نجلة المجني عليه إلى المتهم الأول إلا أن هذه المحكمة تأخذ المتهم الأول بعين الرأفة وتقضي بتعديل العقوبة المقضي بها بجعلها حبس أسبوعين مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك". لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما قرره الشهود والمدعو...... من أن الأخير قام ببيع المشغولات الذهبية المسروقة إلى الطاعن، ولم يشر إلى أن أياً منهم قرر بأن الطاعن كان يعلم عند شرائه لها بأنها مسروقة، وخلت مدوناته مما يفيد استخلاصه توافر هذا العلم لدى الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة - المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات - أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المسروق، أنه كان يعلم علم اليقين بأن المال متحصل من جريمة سرقة أو أن تكون الوقائع - كما أثبتها الحكم - تفيد بذاتها توافر هذا العلم، وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يتحدث إطلاقاً عن علم الطاعن بأن المشغولات الذهبية التي اشتراها متحصلة من جريمة سرقة، ولم يستظهر توافر هذا الركن، وكان مجرد شراء الطاعن لها من المدعو ..... لا يفيد - حتماً وعلى وجه اللزوم - علمه بذلك، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة فيما قضي به من إدانة الطاعن، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 19198 لسنــة 64 ق جلسة 23 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 152 ص 769

جلسة 23 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان ومحمود مسعود وأحمد عبد القوي أحمد نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(152)
الطعن رقم 19198 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟
(2) خيانة الأمانة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". رهن. سرقة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الرهن الذي قصده الشارع في جريمة خيانة الأمانة المعاقب عليها بالمادة 341 عقوبات. الحيازي دون الرسمي.
المتعاقد في عقد الرهن الحيازي الذي يتصور ارتكابه خيانة الأمانة. ماهيته؟
اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضماناً لدين عليه أو على آخر. سرقة. أساس ذلك؟
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعنين دون بيان سنده في إدانتهما بالمادة 341 عقوبات. ومدى توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 323 مكرراً من ذات القانون. قصور.
(3) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر النقض للمحكوم عليها الأخرى التي لم تكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية

---------------
1 - لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان الحكم قاصراً.
2 - من المقرر أن الرهن الذي قصده الشارع في خيانة الأمانة المعاقب عليها بالمادة 341 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه هو الرهن الحيازي دون الرهن الرسمي، والمتعاقد في عقد الرهن الحيازي - كما عرفته المادة 1096 من القانون المدني - الذي يتصور ارتكابه خيانة الأمانة هو المرتهن الذي يتسلم الشيء المرهون بناء على عقد الرهن فيصير في حيازته الناقصة ويلتزم بالمحافظة عليه ورده عيناً إلى الراهن بعد استيفاء حقه، فيستولي عليه مدعياً ملكيته لنفسه منكراً ملكية الراهن له، فلا يتصور وقوع هذه الجريمة من المدين الراهن - الذي ظل الشيء المرهون في حيازته هو ثم تصرف فيه - باعتباره مالكاً له. وكانت المادة 323 مكرراً من قانون العقوبات قد اعتبرت في حكم السرقة اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضماناً لدين عليه أو على آخر، يستوي في ذلك أن يكون الشيء المرهون قد انتقل إلى حيازة الدائن أو ظل الشيء المرهون في حيازة الراهن وسواء كانت لضمان دين عليه أو على آخر دون أن يؤثر في ذلك معنى السرقة - كما هو متعارف عليه - إذ له في هذه الجريمة مدلول آخر خاص به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين دون أن يبين سنده في إدانتهما بالمادة 341 من قانون العقوبات، مع أن الشيء المرهون مقدم من أخرى ضماناً لدين عليها - ولم ينتقل الشيء المرهون إلى حيازة الدائن المرتهن - البنك - كما لم يعرض لدلالة ما انتهى إليه من اختلاس الطاعنين للشيء المرهون من غيرهما في مدى توافر أركان الجريمة المعاقب عليها بالمادة 323 مكرراً من قانون العقوبات، فإن يكون فوق فساده في الاستدلال معيباً بالقصور.
3 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليها الأخرى...... إلا أنها لا تفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنها لم تكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم، ومن ثم لم يكن لها أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليها أثره.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح بولاق أبو العلا ضد كل من 1 - ...... "طاعن" 2 - ..... "طاعن" 3 - ..... بوصف أنهم قاموا بتبديد الآلات المرهونة لصالح بنك التنمية الصناعية المصري وطلبت عقابهم بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل للأول والثاني وغيابياً للثالثة عملاً بمادة الاتهام بحبس كل متهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لكل منهم وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني بصفته مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
استأنف المحكوم عليهما الأول والثاني ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني كما طعن .... المحامي عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهما بجريمة التبديد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه التفت عن دفاعهما من أنهما لم يكونا طرفاً في عقد الرهن ولم يتسلما المنقولات المرهونة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه بموجب عقد قرض مع ترتيب حق رهن تجاري لصالح البنك المطعون ضده أقرض الأخير شركة....... مبلغاً من المال وتم رهن الآلات بمكتب السجل التجاري وبتعديل لاحق زيد مبلغ القرض، وبموجب عقد تعديل تعدل اسم الشركة السالفة إلى شركة...... وشركاه "المتهمين" على أن يتعهد الطاعنان بالحلول محل الشركاء السابقين في سداد مستحقات البنك. ثم خلص الحكم إلى قوله: "لما كان ما تقدم وكان المتهمون قد قاموا بتبديد المنقولات المرهونة لصالح البنك المدعي بالحق المدني بمقتضى عقد الرهن التجاري المصدق عليه برقم...... والمقيد بمكتب السجل التجاري بالقاهرة تحت رقم....... والمرفق صورة ضوئية منه بالأوراق، وكانت أركان جريمة التبديد قد توافرت في الواقعة وكانت المحكمة تطمئن لثبوت التهمة قبل المتهمين لقيامهم بتبديد الآلات المرهونة والسابقة الإشارة إليها ومن ثم يتعين معاقبتهما طبقاً للمادة 341 عقوبات". لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان الحكم قاصراً، وكان من المقرر أن الرهن الذي قصده الشارع في خيانة الأمانة المعاقب عليها بالمادة 341 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه هو الرهن الحيازي دون الرهن الرسمي، والمتعاقد في عقد الرهن الحيازي - كما عرفته المادة 1096 من القانون المدني - الذي يتصور ارتكابه خيانة الأمانة هو المرتهن الذي يتسلم الشيء المرهون بناء على عقد الرهن فيصير في حيازته الناقصة ويلتزم بالمحافظة عليه ورده عيناً إلى الراهن بعد استيفاء حقه، فيستولي عليه مدعياً ملكيته لنفسه منكراً ملكية الراهن له، فلا يتصور وقوع هذه الجريمة من المدين الراهن - الذي ظل الشيء المرهون في حيازته هو ثم تصرف فيه - باعتباره مالكاً له. وكانت المادة 323 مكرراً من قانون العقوبات قد اعتبرت في حكم السرقة اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضماناً لدين عليه أو على آخر، يستوي في ذلك أن يكون الشيء المرهون قد انتقل إلى حيازة الدائن أو ظل الشيء المرهون في حيازة الراهن، وسواء كانت لضمان دين عليه أو على آخر دون أن يؤثر في ذلك معنى السرقة - كما هو متعارف عليه - إذ له في هذه الجريمة مدلول آخر خاص به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين دون أن يبين سنده في إدانتهما بالمادة 341 من قانون العقوبات، مع أن الشيء المرهون مقدم من أخرى ضماناً لدين عليها - ولم ينتقل الشيء المرهون إلى حيازة الدائن المرتهن - البنك - كما لم يعرض لدلالة ما انتهى إليه من اختلاس الطاعنين للشيء المرهون من غيرهما في مدى توافر أركان الجريمة المعاقب عليها بالمادة 323 مكرراً من قانون العقوبات، فإنه يكون فوق فساده في الاستدلال معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. لما كان ما تقدم، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليها الأخرى....... إلا أنها لا تفيد من نقض الحكم المطعون فيه، لأنها لم تكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم ومن ثم لم يكن لها أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليها أثره.

الطعن 15903 لسنة 61 ق جلسة 23 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 151 ص 766

جلسة 23 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب ونير عثمان وأحمد عبد القوي أحمد وحمد عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.

------------------

(151)
الطعن رقم 15903 لسنة 61 القضائية

رشوة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المستخدمون في الشركات الخاصة الذين يخضعون لتبعية رب العمل وسلطته في الرقابة والتوجيه. هم المقصودون بغير الموظف العام في جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرر عقوبات.
خروج المحامي صاحب العمل الذي لا يخضع لسلطة موكله عن التجريم وفقاً لهذا النص. مؤدى ذلك؟

----------------
من المقرر قانوناً أن المقصود بغير الموظف العام المعروض عليه الرشوة في مفهوم هذا النص هم المستخدمون في المشروعات الخاصة الذين يخضعون لتبعية رب العمل في الرقابة والتوجيه والالتزام من جانب المستخدم بالخضوع لهذه السلطة، ويخرج عن هذا المفهوم المحامي صاحب العمل الذي لا يخضع لهذه السلطة - المار بيانها - من موكله - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - فإن الفعل الذي أتاه المطعون ضده يكون بمنأى عن التجريم استناداً إلى النصوص المنظمة لعرض الرشوة وعدم قبولها كما وردت بقانون العقوبات، وهو ما يلتقي مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في نتيجته ويكون الطعن لذلك قد جاء على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: عرض رشوة ولم تقبل لغير موظف عام هو ..... المحامي للامتناع عن أداء عمل هو إشكال في الحكم الصادر لصالح ..... على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمادة 109 مكرراً من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم طالباً إلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة..... قضت حضورياً بتغريم المتهم مائتي جنيه ومصادرة المبلغ محل الضبط وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسين جنيهاً تعويضاً كاملاً. ونهائياً. استأنف، ومحكمة ..... الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، عارض وقضي بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وإلغاء الحكم الغيابي المعارض فيه وقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء ببراءة المتهم مما أُسند إليه ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد المطعون ضده بوصف أنه عرض رشوة على ...... المحامي وهو من غير الموظفين العموميين للامتناع عن أداء عمل من الأعمال الموكلة إليه ولم تقبل منه، وطلبت عقابه بالمادة 109 مكرراً عقوبات، وطلب المدعي بالحقوق المدنية إلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بتغريم المتهم مائتي جنيه ومصادرة المبلغ محل الضبط وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسين جنيهاً تعويضاً كاملاً ونهائياً. استأنف المحكوم عليه وحده، ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضت ذات المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وإلغاء الحكم الغيابي المعارض فيه وقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء ببراءة المتهم مما أُسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استناداً إلى أن المدعي بالحق المدني لا يدخل في مفهوم غير الموظف الوارد في المادة 109 مكرراً عقوبات، وحيث إنه لما كان ذلك وكانت المادة 109 مكرراً عقوبات قد جرى نصها على أنه "من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام. فإذا كان العرض حاصلاً لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتي جنيه" وكان من المقرر قانوناً أن المقصود بغير الموظف العام المعروض عليه الرشوة في مفهوم هذا النص هم المستخدمون في المشروعات الخاصة الذين يخضعون لتبعية رب العمل في الرقابة والتوجيه والالتزام من جانب المستخدم بالخضوع لهذه السلطة، ويخرج عن هذا المفهوم المحامي صاحب العمل الذي لا يخضع لهذه السلطة - المار بيانها - من موكله - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - فإن الفعل الذي أتاه المطعون ضده يكون بمنأى عن التجريم استناداً إلى النصوص المنظمة لعرض الرشوة وعدم قبولها كما وردت بقانون العقوبات، وهو ما يلتقي مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في نتيجته ويكون الطعن لذلك قد جاء على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة.

الطعن 3721 لسنة 70 ق جلسة 3 / 12 / 2000 مكتب فني 51 ق 156 ص 784

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبدر الدين السعيد البدوي وعادل السيد الكناني نواب رئيس المحكمة.

----------------

(156)
الطعن رقم 3721 لسنة 70 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعنتين أسباباً لطعنهما. أثره: عدم قبول طعنيهما شكلاً.
(2) نقض "التقرير بالطعن. ميعاده".
التقرير بالطعن بعد الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً. هو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقاً إذا صدر تحت تأثير إكراه أو تهديد.
الدفع ببطلان الاعتراف. جوهري. على المحكمة مناقشته والرد عليه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(4) دعارة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة. تستلزم لقيامها أن يعد الجاني المحل لذلك الغرض أو يقوم بتشغيله وتنظيم العمل فيه مع الاعتياد على ذلك.
إدانة الطاعنة بجريمة إدارة منزل للدعارة. دون استظهار توافر عنصري الإدارة والعادة والتدليل على قيامهما في حقها. قصور.
(5) دعارة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أثر الطعن".
جريمة تسهيل الدعارة. توافرها بقيام الجاني بأي فعل بقصد تسهيل البغاء لغيره بغرض تمكين هذا الغير من ممارسته. فلا تقوم إذا لم ينصرف قصد الجاني إلى ذلك بصفة أساسية ولو جاء التسهيل عرضاً أو تبعاً.
امتداد أثر الطعن للمحكوم عليها التي كانت طرفاً في الخصومة الاستئنافية وللمحكوم عليهن اللائي لم يقبل طعنهن شكلاً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة ولاتصال وجه الطعن بهن.

---------------
1 - حيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنتين...... فإنه وإن قررت كل منهما بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، فإن طعن كل منهما يكون غير مقبول شكلاً.
2 - حيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنة....... فإنها وإن قدمت أسباب طعنها في الميعاد إلا أنها لم تقرر بالطعن في الميعاد المقرر قانوناً، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
3 - الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً - وهو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقاً - إذا صدر إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، والدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للتدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة وهو ما يعيب الحكم بالقصور بما يبطله.
4 - لما كان مقتضى نص المادتين الثامنة والعاشرة من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مكافحة الدعارة - اللتين طبقهما الحكم على حال الدعوى المطروحة - أن جريمة فتح وإدارة محل للدعارة يستلزم لقيامها نشاطاً إيجابياً من الجاني تكون صورته إما فتح المحل بمعنى تهيئته وإعداده للغرض الذي خصص من أجله أو تشغيله وتنظيم العمل فيه تحقيقاً لهذا الغرض وهي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بتحقق ثبوتها. ولما كانت صورة الواقعة التي أوردها الحكم المطعون فيه لجريمة إدارة منزل للدعارة التي أسندها الحكم للطاعنة الأولى قد خلت من استظهار توافر عنصر الإدارة والعادة والتدليل على قيامهما في حقها بما تقوم به تلك الجريمة، فإنه يكون مشوباً بالقصور.
5 - جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر للشخص الذي يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة فيجب انصراف قصد الجاني إلى تسهيل البغاء فجوراً كان أو دعارة لغيره بغرض تمكين هذا الغير من ممارسته فلا تقوم الجريمة إذا لم ينصرف قصد الجاني إلى ذلك بصفة أساسية ولو جاء التسهيل عرضاً أو تبعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار انصراف قصد الطاعنة الأولى إلى تسهيل دعارة باقي المتهمات ومن إيراد الوقائع المؤدية إلى ذلك وأطلق القول بقيام الجريمة في حقها لمجرد ضبط هؤلاء المتهمات في مسكنها ومعهن الرجال، دون أن يدلل بتدليل سائغ على توافر هذا القصد لديها، فإنه يكون فوق قصوره في التسبيب مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للطاعنين - المار ذكرهم - وكذا المحكوم عليها التي كانت طرفاً في الخصومة الاستئنافية نظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. لما كان ذلك، وكان وجه الطعن الذي بني عليه النقض يتصل بالمحكوم عليهن - اللائي لم يقبل طعنهن شكلاً - فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة لهن أيضاً عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (طاعنة) (2)...... (طاعنة) (3) .... (طاعنة) (4)..... (طاعنة) (5).... (6)..... (7) ..... (طاعنة) (8) ... (9).... (طاعن) (10)...... (11)..... (12) .... (13) ..... بأنهم أولاً: المتهمة الأولى: أدارت مسكنها للدعارة على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: المتهم التاسع: عاون المتهمة الأولى في إدارة مسكنها للدعارة على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: المتهمات من الثانية إلى السابعة: مارسوا الدعارة مع الرجال بدون تمييز وبمقابل مادي على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: المتهمتين الثانية والثامنة: أقامتا بمنزل يدار للدعارة مع علمهما بذلك. خامساً: المتهمين الأولى والثالثة والتاسع والعاشر: عاونوا أنثى على ممارسة الدعارة وسهلوا ذلك حال كونها تبلغ من العمر واحد وعشرين عاماً وهي المتهمة الرابعة. سادساً: المتهمة الأولى والمتهمين من التاسع إلى الثالث عشر: عاونوا أنثى على ممارسة الدعارة وسهلوا لها ذلك نظير مقابل مادي. سابعاً: المتهمة الأولى والمتهمين من التاسع للثالث عشر: حرضوا أنثى على ممارسة الدعارة على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ أ بند أ، 6/ 1 بند أ، 8/ 1، 2، 9 فقرة (1) بند (ب) فقرة 3، 4، 10، 13، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 بشأن مكافحة الدعارة. ومحكمة جنح...... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام. أولاً: بالنسبة للمتهمة الأولى بحبسها ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمها بمبلغ ثلاث آلاف جنيه ووضعها مدة مساوية للعقوبة تحت مراقبة الشرطة وغلق المسكن ومصادرة الأمتعة والأثاث. ثانياً: بحبس المتهم التاسع ثلاث سنوات مع الشغل وبتغريمه خمسمائة جنيه ووضعه تحت المراقبة مدة مساوية للعقوبة. ثالثاً: بحبس المتهمين الثانية والثامنة ستة أشهر مع الشغل والنفاذ. رابعاً: بحبس المتهمين الأولى والتاسع ثلاث سنوات مع الشغل وبتغريمهما ثلاثة آلاف جنيه ووضعهما تحت المراقبة مدة مساوية للعقوبة عما نسب إليهما من الاتهام الخامس. خامساً: بحبس كل من المتهمات الثالثة والرابعة والسابعة ثلاثة سنوات مع الشغل والنفاذ ووضعهن تحت المراقبة مدة مساوية للعقوبة. سادساً: براءة المتهمين الخامسة ومن العاشر حتى الثالث عشر مما نسب إليهم. استأنف المحكوم عليهم ومحكمة...... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنتين الثانية والثالثة...... و...... فإنه وإن قررت كل منهما بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباب لطعنهما، فإن طعن كل منهما يكون غير مقبول شكلاً.
حيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنة السادسة....... فإنها وإن قدمت أسباب طعنها في الميعاد إلا أنها لم تقرر بالطعن في الميعاد المقرر قانوناً، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
حيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليهن الأولى والرابعة والخامسة فإنه قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن مما ينعاه الطاعنين على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم إدارة مسكن للدعارة وتسهيلها وممارسة الدعارة بين الرجال دون تمييز بمقابل مادي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه دفع ببطلان اعترافاتهم أمام النيابة العامة لأنها جاءت وليدة إكراه مادي ومعنوي بيد أن الحكم أغفل هذا الدفع إيراداً ورداً كما لم يعن ببيان أركان كل جريمة واستظهار القصد الخاص وثبوته في حق كل منهم والأفعال التي آتاها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إن البين من مطالعة محضر جلسات محكمة أول درجة أن المدافع الحاضر مع الطاعنة الرابعة دفع ببطلان الاعتراف المعزو إليها أمام النيابة العامة، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات محكمة ثاني درجة - أن الطاعنة الأولى دفعت ببطلان الاعترافات أمام النيابة العامة لكونها وليد إكراه مادي ومعنوي، وإذ كان الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه قد استند في الإدانة إلى اعترافهما بالتحقيقات دون أن يعرض إلى ما قرره الدفاع عنهما أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً - وهو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقاً - إذا صدر إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، والدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة وهو ما يعيب الحكم بالقصور بما يبطله, فضلاً عن أنه لما كان مقتضى نص المادتين الثامنة والعاشرة من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مكافحة الدعارة - اللتين طبقهما الحكم على حال الدعوى المطروحة - أن جريمة فتح وإدارة محل للدعارة يستلزم لقيامها نشاطاً إيجابياً من الجاني تكون صورته إما فتح المحل بمعنى تهيئته وإعداده للغرض الذي خصص من أجله أو تشغيله وتنظيم العمل فيه تحقيقاً لهذا الغرض وهي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بتحقق ثبوتها، ولما كانت صورة الواقعة التي أوردها الحكم المطعون فيه لجريمة إدارة منزل للدعارة التي أسندها الحكم للطاعنة الأولى قد خلت من استظهار توافر عنصري الإدارة والعادة والتدليل على قيامهما في حقها بما تقوم به تلك الجريمة، فإنه يكون مشوباً بالقصور أيضاً في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر للشخص الذي يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة فيجب انصراف قصد الجاني إلى تسهيل البغاء فجوراً كان أو دعارة لغيره بغرض تمكين هذا الغير من ممارسته فلا تقوم الجريمة إذا لم ينصرف قصد الجاني إلى ذلك بصفة أساسية ولو جاء التسهيل عرضاً أو تبعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار انصراف قصد الطاعنة الأولى إلى تسهيل دعارة باقي المتهمات ومن إيراد الوقائع المؤدية إلى ذلك وأطلق القول بقيام الجريمة في حقها لمجرد ضبط هؤلاء المتهمات في مسكنها ومعهن بعض الرجال، دون أن يدلل بتدليل سائغ على توافر هذا القصد لديها، فإنه يكون فوق قصوره في التسبيب مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للطاعنين - المار ذكرهم - وكذا المحكوم عليها "الثامنة" التي كانت طرفاً في الخصومة الاستئنافية نظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. لما كان ذلك، وكان وجه الطعن الذي بني عليه النقض يتصل بالمحكوم عليهن - اللائي لم يقبل طعنهن شكلاً - فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة لهن أيضاً عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 25370 لسنة 64 ق جلسة 3 / 12 / 2000 مكتب فني 51 ق 155 ص 781

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وحسن أبو المعالي أبو النصر وعادل السيد الكناني نواب رئيس المحكمة.

----------------

(155)
الطعن رقم 25370 لسنة 64 القضائية

حكم "بيانات الديباجة" "بطلانه". بطلان. محضر الجلسة. نقض "نطاق الطعن" "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "الصفة والمصلحة في الطعن".
خلو الحكم من تاريخ إصداره يبطله. لا يغير من ذلك اشتمال محضر الجلسة على هذا البيان. علة وأساس ذلك؟
خلو الحكم الابتدائي من تاريخ صدوره يبطله. استطالة البطلان إلى الحكم الاستئنافي الذي أخذ بأسباب ذلك الحكم. علة ذلك؟
لكل ذي شأن التمسك بهذا البطلان. أمام النقض.

--------------
ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به بناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من تاريخ إصداره فإنه يكون باطلاً لخلوه من هذا البيان الجوهري وإذ كان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد أخذ بأسباب هذا الحكم ولم ينشئ لقضائه أسباباً جديدة قائمة بذاتها فإنه يكون باطلاً كذلك لاستناده إلى أسباب حكم باطل وما بني على الباطل فهو باطل ولا يقدح في هذا أن يكون محضر الجلسة قد استوفى بيان تاريخ إصدار الحكم لأنه إذا كان الأصل أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيانات الديباجة إلا أنه من المستقر عليه أن الحكم يجب أن يكون مستكملاً بذاته شروط صحته ومقومات وجوده فلا يقبل تكملة ما نقص فيه من بيانات جوهرية بأي دليل غير مستمد منه أو بأي طريق من طرق الإثبات ولكل ذي شأن أن يتمسك بهذا البطلان أمام محكمة النقض عند إيداع الأسباب التي بني عليها الطعن. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز أتربة ناتجة من تجريف أرض زراعية، وطلبت عقابه بالمادتين 150، 154 من القانون رقم 116 لسنة 1983 ومحكمة جنح...... قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبسه ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وبتغريمه عشرة آلاف جنيه، استأنف ومحكمة...... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف لعقوبة الحبس.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة أتربة ناتجة عن تجريف أرض زراعية قد شابه البطلان ذلك أنه وقد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي ولم ينشئ لنفسه أسباباً خاصة به يكون قد صدر باطلاً لأنه ورد مؤيداً للحكم الابتدائي الذي صدر باطلاً لخلوه من تاريخ إصداره، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به بناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من تاريخ إصداره فإنه يكون باطلاً لخلوه من هذا البيان الجوهري وإذ كان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد أخذ بأسباب هذا الحكم ولم ينشئ لقضائه أسباباً جديدة قائمة بذاتها فإنه يكون باطلاً كذلك لاستناده إلى أسباب حكم باطل وما بني على الباطل فهو باطل ولا يقدح في هذا أن يكون محضر الجلسة قد استوفى بيان تاريخ إصدار الحكم لأنه إذا كان الأصل أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيانات الديباجة إلا أنه من المستقر عليه أن الحكم يجب أن يكون مستكملاً بذاته شروط صحته ومقومات وجوده فلا يقبل تكملة ما نقص فيه من بيانات جوهرية بأي دليل غير مستمد منه أو بأي طريق من طرق الإثبات ولكل ذي شأن أن يتمسك بهذا البطلان أمام محكمة النقض عند إيداع الأسباب التي بني عليها الطعن. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 5406 لسنة 70 ق جلسة 4 / 12 / 2000 مكتب فني 51 ق 157 ص 790

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أسامة توفيق وعبد الرحمن هيكل نائبي رئيس المحكمة وهشام البسطويسي ورفعت حنا.

-----------------

(157)
الطعن رقم 5406 لسنة 70 القضائية

غش. جريمة "أركانها". قصد جنائي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة عرض أغذية مغشوشة للبيع. عمدية. ثبوت علم المتهم بالغش وتعمد إدخاله على المشتري شرط لقيامها.
وجوب إقامة الحكم الدليل على ارتكاب الطاعن الغش أو علمه به علماً واقعياً.
مثال لتسبيب معيب في جريمة عرض أغذية مغشوشة للبيع.

-----------------
حيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه في غضون عام 1998 بدائرة مركز المنيا طرح وعرض للبيع شيئاً من أغذية الإنسان (جبناً) مغشوشاً مع علمه بذلك، ودفع الطاعن التهمة - على ما يبين من مطالعة المفردات المضمومة - بدفاع حاصله أنه لا يعلم بالغش وغير مسئول عنه، وكان الحكم المطعون فيه حين تعرض لعلم المتهم بالغش قال: "وكان المتهم قرر بسؤاله بمحضر الضبط أن صفائح الجبن مشتراة من معمله هذا فضلاً على أنه ثابت بالاستيكر والكارت أن الصفائح من المعمل الخاص بالمتهم الأمر الذي يطمئن معه وجدان المحكمة لارتكابه جريمته بصنع وعرض جبن فاسد ومغشوش سيما وأن المتهم لم يثبت أن الجبن قد صنع في غير معمله أو أنه لم يرتكب فعل الغش مع علمه بذلك....." ويبين من مطالعة المفردات أن دفاع الطاعن قام على أن الصفائح تم إعادة تعبئتها بجبن وزيتون ليس من إنتاجه ولا علم له به. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي دين بها الطاعن هي جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش في الشيء الذي طرحه أو عرضه للبيع وتعمده إدخال هذا الغش على المشتري وكان لا يكفي لإدانة الطاعن أن يثبت الحكم أن الصفائح عليها ملصقات معمله أو أن يطالبه بإثبات عدم علمه بالغش وأن الجبن المضبوط صنع في غير معمله بل لابد أن يقيم الحكم الدليل على أن الطاعن هو الذي ارتكب الغش أو أنه عالم به علماً واقعياً، فإن هذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه لا يكفي لإثبات نسبة الجبن المضبوط إلى الطاعن ولا علمه بالغش مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - طرح وعرض للبيع شيئاً من أغذية الإنسان مغشوشاً وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وطلبت عقابه بالمواد 2/ 1، 7، 8 من القانون رقم 48 سنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980 والمواد 1، 2، 3، 4، 19 من القانون رقم 10 لسنة 1966. ومحكمة جنح مركز المنيا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة عشرة آلاف جنيه والمصادرة ونشر الحكم في جريدتين واسعتي الانتشار على نفقة المتهم. استأنف ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إنتاج جبن مغشوش قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها تدليلاً كافياً، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه طرح وعرض للبيع شيئاً من أغذية الإنسان (جبناً) مغشوشاً مع علمه بذلك، ودفع الطاعن التهمة - على ما يبين من مطالعة المفردات المضمومة - بدفاع حاصله أنه لا يعلم بالغش وغير مسئول عنه، وكان الحكم المطعون فيه حين تعرض لعلم المتهم بالغش قال: "وكان المتهم قرر بسؤاله بمحضر الضبط أن صفائح الجبن مشتراة من معمله هذا فضلاً على أنه ثابت بالاستيكر والكارت أن الصفائح من المعمل الخاص بالمتهم الأمر الذي يطمئن معه وجدان المحكمة لارتكابه جريمته بصنع وعرض جبن فاسد ومغشوش سيما وأن المتهم لم يثبت أن الجبن قد صنع في غير معمله أو أنه لم يرتكب فعل الغش مع علمه بذلك......" ويبين من مطالعة المفردات أن دفاع الطاعن قام على أن الصفائح تم إعادة تعبئتها بجبن وزيتون ليس من إنتاجه ولا علم له به. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي دين بها الطاعن هي جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش في الشيء الذي طرحه أو عرضه للبيع وتعمده إدخال هذا الغش على المشتري وكان لا يكفي لإدانة الطاعن أن يثبت الحكم أن الصفائح عليها ملصقات معمله أو أن يطالبه بإثبات عدم علمه بالغش وأن الجبن المضبوط صنع في غير معمله بل لابد أن يقيم الحكم الدليل على أن الطاعن هو الذي ارتكب الغش أو أنه عالم به علماً واقعياً، فإن هذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه لا يكفي لإثبات نسبة الجبن المضبوط إلى الطاعن ولا علمه بالغش مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.