الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

الطعن 17705 لسنة 66 ق جلسة 22 / 11 / 1998 مكتب فني 49 ق 188 ص 1324

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد علي عبد الواحد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وفرغلي زناتي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

---------------

(188)
الطعن رقم 17705 لسنة 66 القضائية

إثبات "بوجه عام". قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب ألا تبني المحكمة حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى. ليس لها إقامة قضاءها على أمور لا سند لها من الأوراق.
إيراد الحكم في سياق استدلاله على توافر نية القتل. وقائع لا معين لها من الأوراق. خطأ في الإسناد يعيبه. تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
مثال.

-----------------
إذ كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن علاقة آثمة نشأت بين الطاعنين حالة كون الطاعنة الأولى زوجة للمجني عليه الذي فاجأها والطاعن الثاني يمارسان الزنا في فراش الزوجية فدفعته الأولى بقوة ليسقط أرضاً بينما طعنه الثاني بسكين وجثما فوقه وأطبقا بأيديهما حول عنقه قاصدين قتله حتى لا يفتضح أمرهما فأزهقا روحه. وساق الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استقاها من أقوال الشهود ومن تقرير الصفة التشريحية. إذ عرض الحكم لبيان فحوى الأدلة التي اعتمد إليها في التدليل على مقارفة الطاعنين القتل العمد نقل عن الشاهد الأول..... قوله أن الطاعن الثاني أخبره أن المجني عليه فاجأه والطاعنة الأولى حال ممارستهما الزنا فدفعت هي المجني عليه أرضاً بينما طعنه هو بسكين وجثما معاً فوقه مطبقين بأيديهما حول عنقه منبؤيين قتله حتى فاضت روحه، ثم أحال الحكم على ما شهد به هذا الشاهد في بيان أقوال الشهود من الثاني إلى الرابعة، كما أورد في التقرير الطب الشرعي أن وفاة المجني عليه حدثت بسبب إسفسيكا الخنق بالضغط بالأيدي على العنق، وانتهى الحكم إلى مساءلة كلاً الطاعنين عن القتل العمد لارتكابهما سوياً الأفعال المادية المكونة للركن المادي للجريمة وتوافر نية القتل لديهما كليهما من تمكنهما سوياً من عنقه وإطباقهما عليه حتى أزهقا روحه، لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن كل ما قاله الشاهد الأول بتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن الثاني أخبره بأن المجني عليه فاجأه والطاعنة الأولى في فراش الزوجية وحاول ضربه بسكين فدفعته الطاعنة الثانية بعيداً عن مسار السكين وأنه انتزعه من المجني عليه وضربه به فسقط أرضاً، ولم يقل البتة بأن هذا الطاعن أخبره بأنه والطاعنة الأولى قد خنقاه أو أنهما قصدا قتله. كما وأنه بجلسة المحاكمة اكتفت النيابة العامة والدفاع بأقوال هذا الشاهد كما وردت بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبنى حكمها إلى على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من الأوراق، فإن الحكم إذا أورد لدى تحصيله واقعة الدعوى وسرده شهادة الشاهد الأول، والتي أحال إليها في بيان أقوال ثلاثة الشهود من الثاني إلى الرابعة، وفي سياق استدلاله على توافر نية القتل لدى الطاعنين كليهما، أموراً لا أصل لها في الأوراق اتخذها عمداً لقضائه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بِأنهما: أولاً المتهمان قتلا عمداً..... بأن دفعته المتهمة الأولى أرضاً وانهال عليه الثاني طعناً بآلة حادة "سكيناً" وجثما فوقه وأطبقاً بأيديهم حول عنقه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان القصد من هذه الجناية الهروب والتخلص من ارتكابهما جنحة هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكبا جريمة زنا حالة كون المتهمة الأولى زوجة المجني عليه وكان ذلك في منزل الزوجية المملوك للأخير. ثانياً: المتهم الثاني: أحرز سلاحاً أبيض "سكين" تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازه أو حمله مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 عقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم (11) من الجدول رقم (1) الملحق وإعمال المادة 32/ 2 عقوبات بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد قد انطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأنه اعتمد في إدانتهما على ما حصله من أقوال الشاهد الأول..... من أن الطاعن الثاني أبلغه أنه والطاعنة الأولى جثما فوق المجني عليه وأطبقا بأيديهما حول عنقه قاصدين قتله حتى أوديا بروحه، وهو ما لا أصل له في الأوراق، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن علاقة آثمة نشأت بين الطاعنين حالة كون الطاعنة الأولى زوجة للمجني عليه الذي فاجأها والطاعن الثاني يمارسان الزنا في فراش الزوجية فدفعته الأولى بقوة ليسقط أرضاً بينما طعنه الثاني بسكين وجثما فوقه وأطبقا بأيديهما حول عنقه قاصدين قتله حتى لا يفتضح أمرهما فأزهقا روحه. وساق الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استقاها من أقوال الشهود ومن تقرير الصفة التشريحية. إذ عرض الحكم لبيان فحوى الأدلة التي اعتمد إليها في التدليل على مقارفة الطاعنين القتل العمد نقل عن الشاهد الأول...... قوله أن الطاعن الثاني أخبره أن المجني عليه فاجأه والطاعنة الأولى حال ممارستهما الزنا فدفعت هي المجني عليه أرضاً بينما طعنه هو بسكين وجثما معاً فوقه مطبقين بأيديهما حول عنقه منبؤيين قتله حتى فاضت روحه، ثم أحال الحكم على ما شهد به هذا الشاهد في بيان أقوال الشهود من الثاني إلى الرابعة، كما أورد في التقرير الطب الشرعي أن وفاة المجني عليه حدثت بسبب إسفسيكا الخنق بالضغط بالأيدي على العنق، وانتهى الحكم إلى مساءلة كلاً الطاعنين عن القتل العمد لارتكابهما سوياً الأفعال المادية المكونة للركن المادي للجريمة وتوافر نية القتل لديهما كليهما من تمكنهما سوياً من عنقه وإطباقهما عليه حتى أزهقا روحه، لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن كل ما قاله الشاهد الأول بتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن الثاني أخبره بأن المجني عليه فاجأه والطاعنة الأولى في فراش الزوجية وحاول ضربه بسكين فدفعته الطاعنة الثانية بعيداً عن مسار السكين وأنه انتزعه من المجني عليه وضربه به فسقط أرضاً، ولم يقل البتة بأن هذا الطاعن أخبره بأنه والطاعنة الأولى قد خنقاه أو أنهما قصدا قتله. كما وأنه بجلسة المحاكمة اكتفت النيابة العامة والدفاع بأقوال هذا الشاهد كما وردت بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلى على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من الأوراق، فإن الحكم إذا أورد لدى تحصيله واقعة الدعوى وسرده شهادة الشاهد الأول، والتي أحال إليها في بيان أقوال ثلاثة الشهود من الثاني إلى الرابعة، وفي سياق استدلاله على توافر نية القتل لدى الطاعنين كليهما، أموراً لا أصل لها في الأوراق اتخذها عمداً لقضائه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دونما حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 25451 لسنة 66 ق جلسة 23 / 11 / 1998 مكتب فني 49 ق 192 ص 1347

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة. وأسامة توفيق وهشام البسطويسي.

------------------

(192)
الطعن رقم 25451 لسنة 66 القضائية

حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". مواد مخدرة.
دفاع المتهم بوجود فارق كبير بين وزن المخدر عند ضبطه ووزنه عند تحليله. جوهري يوجب على المحكمة تحقيقه والرد عليه بما ينفيه. إغفال ذلك. قصور.

----------------
لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أن وزن المضبوطات 1.5 جرام بينما وزن ما تم تحليله 2.4 جرام. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن وزن ما تم تحليله 2.4 جرام وقد قام دفاع الطاعن على أن هذا الخلاف يشهد لإنكاره حيازة المخدر. لما كان ذلك. وكان الفرق بين وزن المخدر عند ضبطه ووزنه عند تحليله فرقاً ملحوظاً. فإن ما دفع به الطاعن من دلالة هذا الفارق البين على الشك في التهمة، إنما هو دفاع يشهد له الواقع ويسانده في ظاهر دعواه، ومن ثم كان على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري - في صورة الدعوى بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بما ينفيه، أما وقد سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه فإن حكمها يكون قاصر البيان واجب النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً رغم سبق الحكم عليه بعقوبة الجناية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم واحد الملحق والمعدل مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائه ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه لم يرد على دفاعه أن الحزر المرسل إلى التحليل ليس هو ما ضبط في حوزته بدلالة اختلاف الوزن مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أن وزن المضبوطات 1.5 جرام بينما وزن ما تم تحليله 2.4 جرام. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن وزن ما تم تحليله 2.4 جرام وقد قام دفاع الطاعن على أن هذا الخلاف يشهد لإنكاره حيازة المخدر. لما كان ذلك. وكان الفرق بين وزن المخدر عند ضبطه ووزنه عند تحليله فرقاً ملحوظاً. فإن ما دفع به الطاعن من دلالة هذا الفارق البين على الشك في التهمة، إنما هو دفاع يشهد له الواقع ويسانده في ظاهر دعواه، ومن ثم كان على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري - في صورة الدعوى بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بما ينفيه، أما وقد سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه فإن حكمها يكون قاصر البيان واجب النقض والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 25378 لسنة 66 ق جلسة 23 / 11 / 1998 مكتب فني 49 ق 191 ص 1341

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله ومصطفى كامل وشبل حسن نواب رئيس المحكمة. وهاني حنا.

----------------

(191)
الطعن رقم 25378 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المكاني".
وجوب إثبات بيان دائرة اختصاص المقرر بالطعن بالتقرير.
التقرير بالطعن من رئيس نيابة. غير كاف ما دام لم يثبت به أسمه مقروناً ببيان النيابة العامة التي يعمل بدائرتها. أساس ذلك؟
التقرير بالطعن يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به.
خلو التقرير بالطعن من بيان دائرة اختصاص المقرر. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الدفاع الشرعي.
الدفاع الشرعي عن النفس. ماهيته.
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها.
موضوعي. شرط ذلك؟
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". عقوبة "تقديرها".
جسامة إصابة المحني عليه. لا تدل بذاتها على أن الطاعن لم يكن يرد اعتداء متخوفاً منه. عله ذلك؟
التزام المدافع حدود حقه في الدفاع أثره: القضاء ببراءته. تجاوزه القدر الضروري لهذا الحق. يوجب معاقبته بعقوبة مخففة باعتباره معذوراً.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
حالة الدفاع الشرعي ما يكفي لقيامها؟
تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته. أمر اعتباري. مناطه: الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي فوجئ به.
استناد الحكم في نفي قيام الدفاع الشرعي على عدم التناسب بين فعل الدفاع وفعل الاعتداء. قصور وفساد في الاستدلال.

----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ.... وتقرر بالطعن فيه بطريق النقض من النيابة العامة بتاريخ.... وأثبت به أن المقرر هو الأستاذ/.... رئيس النيابة بتفويض من السيد المستشار المحامي العام الأول بأسيوط، وخلا التقرير من بيان دائرة اختصاص المقرر، ومن ثم فقد استحال التثبت من أن الذي قرر بالطعن هو ممن له صفة في الطعن، ولا يغنى في هذا الصدد أن يكون الطعن قد قرر به من رئيس النيابة ما دام لم يثبت بالتقرير اسمه مقروناً ببيان النيابة العامة التي يعمل بدائرتها، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر منه على الوجه المعتبر قانوناً فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بأي دليل خارج عنه غير مستمد منه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض - كما رسمه القانون - هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة، فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له، وإذ كان الثابت أن هذا الطعن، وإن أودعت أسبابه في الميعاد موقعة من رئيس نيابة استئناف أسيوط، إلا أن التقرير به قد جاء غفلاً من بيان اختصاص المقرر فهو والعدم سواء، فإنه يتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
2 - من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن نفس غيره، وأن تقدير الوقائع المؤدية إلى قيام حالة الدفاع الشرعي أو نفيه، وإن كان من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم في هذا الشأن سليماً لا عيب فيه.
3 - من المقرر أن جسامة إصابة المجني عليه لا تدل بذاتها على أن الطاعن لم يكن يرد اعتداء متخوفاً منه، لأنه لا يشترط بصفة مطلقة لقيام حالة الدفاع الشرعي أن تكون الوسيلة التي أخذ بها المدافع قد استخدمت بالقدر اللازم لرد الاعتداء عنه، وأن يكون النظر إلى الوسيلة من هذه الناحية بعد نشوء الحق وقيامه بحيث إذا تبين بعد ذلك أن المدافع لم يتجاوز حدود حقه في الدفاع قضى له بالبراءة، وإلا جاز معاقبته - إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي قد زادت على القدر الضروري - بعقوبة مخففة باعتباره معذوراً.
4 - من المقرر أنه يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنياً على أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه للحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة ودقيقة تتطلب منه معالجة موقف على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات - لما كان ذلك، وكان كل ما قالته المحكمة في حكمها رداً على دفاع الطاعن لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين، ما وقع من المتهم وما وقع من المجني عليه، وليس فيه ما ينفى قيام حالة الدفاع الشرعي، فإنه يكون - فوق فساد استدلاله - قاصراً قصوراً يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1).... 2 - .... 3 - .... (4)... (طاعن) بأنهم أولاً: قتلوا عمداً..... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض عصياً وأسلحة بيضاء "مطاوي" وترصدوه في المكان الذي أيقنوا سلفاً وجوده فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً وضرباً بالأسلحة والعصي سالفة الذكر فأحدثوا به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء "مطاوي". وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهمين الثلاثة الأوائل بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً...... عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. مع إعمال المادة 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم الرابع بالسجن لمدة سبع سنوات عما أسند إليه باعتبار أن التهمة الأولى ضرب أفضى إلى الموت. ثانياً: ببراءة المتهمين الأول والثاني والثالث مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية المقامة قبلهم.
فطعن كل من المحكوم عليه الرابع والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ..... وتقرر بالطعن فيه بطريق النقض من النيابة العامة بتاريخ..... وأثبت به أن المقرر هو الأستاذ/... رئيس النيابة بتفويض من السيد المستشار المحامي العام الأول بأسيوط، وخلا التقرير من بيان دائرة اختصاص المقرر، ومن ثم فقد استحال التثبت من أن الذي قرر بالطعن هو ممن له صفة في الطعن، ولا يغنى في هذا الصدد أن يكون الطعن قد قرر به من رئيس النيابة ما دام لم يثبت بالتقرير اسمه مقروناً ببيان النيابة العامة التي يعمل بدائرتها، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي شهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر منه على الوجه المعتبر قانوناً فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بأي دليل خارج عنه غير مستمد منه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض - كما رسمه القانون - هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة، فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه تقديم أسباب له، وإذ كان الثابت أن هذا الطعن، وإن أودعت أسبابه في الميعاد موقعة من رئيس نيابة استئناف أسيوط، إلا أن التقرير به قد جاء غفلاً من بيان اختصاص المقرر فهو والعدم سواء، فإنه يتعين الحكم بعد قبوله شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عنه تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس بيد أن الحكم نفي توافرها بأسباب غير سائغة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى بقيام حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعن وأطرحه بقوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع من دفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي، فلما كان من المقرر قانوناً أن الدفاع الشرعي حالة لصد الخطر الحال الغير مشروع والذي يهدد بالإيذاء لحق يحميه القانون بمعني أن يقوم الواقع عليه الخطر بنفسه بدفع الخطر عن طريق كل فعل يكون ضرورياً وملائماً لذلك - وعليه فإنه يشترط أن يكون الخطر حالاً ويهدد بفعل غير مشروع على النفس أو المال، وأخيراً أن يتناسب الدفاع مع جسامة الخطر، ولما كان الثابت بأقوال المتهم أن الفعل الذي وقع عليه من المجني عليه لا يعدو أن يكون مجرد الضرب بعصا وسنجه (إحدى أدوات الوزن) فإنه متى قام بالتقاط المطواة وطعن المجني عليه بها فإن التناسب لا يتوافر مما ترى معه المحكمة الالتفات عن هذا الدفاع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن نفس غيره، وأن تقدير الوقائع المؤدية إلى قيام حالة الدفاع الشرعي أو نفيه، وإن كان من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم في هذا الشأن سليماً لا عيب فيه. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم أنه اعتمد في نفي حالة الدفاع الشرعي على ما قرره من أن قيام الطاعن بالتقاط مطواة وطعن المجني عليه بها لا يتناسب مع الاعتداء الذي وقع من المجني عليه على الطاعن بضربه بعصا وبسنجه ميزان، وإذ كانت جسامة إصابة المجني عليه لا تدل بذاتها على أن الطاعن لم يكن يرد اعتداء متخوفاً منه، لأنه لا يشترط بصفة مطلقة لقيام حالة الدفاع الشرعي أن تكون الوسيلة التي أخذ بها المدافع قد استخدمت بالقدر اللازم لرد الاعتداء عنه، وأن يكون النظر إلى الوسيلة من هذه الناحية بعد نشوء الحق وقيامه بحيث إذا تبين بعد ذلك أن المدافع لم يتجاوز حدود حقه في الدفاع قضى له بالبراءة، وإلا جاز معاقبته - إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي قد زادت على القدر الضروري - بعقوبة مخففة باعتباره معذوراً. وإذا كان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنياً على أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه للحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة ودقيقة تتطلب منه معالجة موقف على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات - لما كان ذلك، وكان كل ما قالته المحكمة في حكمها رداً على دفاع الطاعن لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين، ما وقع من المتهم وما وقع من المجني عليه، وليس فيه ما ينفي قيام حالة الدفاع الشرعي، فإنه يكون - فوق فساد استدلاله - قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 60805 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1998 مكتب فني 49 ق 190 ص 1335

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله ومصطفى كامل وشبل حسن نواب رئيس المحكمة. وهاني حنا.

----------------

(190)
الطعن رقم 60805 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للقاضي تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
جرائم التزوير. لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداها؟
(3) تزوير. "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دام سائغاً.
(4) تزوير "أوراق رسمية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم إسهام الطاعن في ارتكاب التزوير. مفاده: توافر علمه بتزوير المحرر.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(5) دفوع "الدفع بنفي التهمة". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفات المحكمة عنها. مفاده: إطراحها.
(7) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي.
الرد على ما يوجه إلى تلك التقارير من مطاعن. غير لازم. ما دامت قد أخذت بما جاء بها.
عدم التزام المحكمة بإعادة المأمورية إلى الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(8) نقض "أسباب الطعن. ميعاد تقديمها".
تقديم مذكرة إضافية بأسباب الطعن بعد الميعاد. غير مقبول.

---------------
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
2 - من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدىة إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - من المقرر أيضاً أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم.
4 - لما كان الحكم قد أثبت إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير بناء على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحرر حال استعماله، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة.
6 - من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي كذلك لا تلتزم بإعادة المأمورية إلى الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
8 - الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو أي خصم - غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فإن ما أثاره الطاعن في المذكورة المقدمة بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1989 وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: اشترك ومجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو.... الموثق بمأمورية الشهر العقاري والتوثيق بالدخيلة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر التصديق رقم... لسنة 1987 حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن اتفق مع سيدة مجهولة على ذلك وساعدها بأن أمدها بإقرار منسوب صدوره إلى..... يتضمن تنازلها عن دعاوى مقامة ضده وببطاقة عائلية تحمل اسمها فقامت بتقديمها للموظف المذكور وتسمت أمامه باسم صاحبة البطاقة خلافاً للحقيقة فأثبت المذكور ذلك في محضر التصديق على الإقرار وتلقى بصمتها المزورة على المحضر فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى محكمة التنفيذ للاحتجاج بما ورد به وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت .... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ستة أشهر مع الشغل عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه والأستاذ/...... المحامي نيابة عنه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن أياً من الأدلة التي عول عليها لا تقطع بتزوير المحرر ولا تصلح دليلاً على اشتراكه في جريمة التزوير أو علمه بذلك التزوير حال استعماله لذلك المحرر، كما أن المدافع عن الطاعن أقام دفاعه على نفي التهمة بناء على شواهد عددها، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه، كما عول الحكم على تقرير الخبير رغم عدم تحقق الخبير من شخصية المدعية بالحقوق المدنية حال أخذ بصمة أصبعها، مما كان لازمه إعادة المأمورية إلى الخبير لإعادة المضاهاة، وهو ما تمسك بطلبه من المحكمة إلا أن المحكمة لم تجبه إلا ذلك الطلب ولم تعرض له في مدونات الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن قد أحضر إحدى السيدات إلى مكتب التوثيق المختص للتصديق على إقرار صلح وتنازل منسوب صدوره إلى المدعية بالحقوق المدنية لصالحه يفيد تنازلها عن الحكم الصادر لها والذي استشكل في تنفيذه وطلب من هذه السيدة أن تقدم إلى الموظف المختص بطاقتها العائلية حيث قام الموظف بتوثيق الإقرار بعد أن حصل على بصمة إصبعها على الإقرار وكذا الدفتر الخاص بذلك وقد قام الطاعن باستعمال ذلك الإقرار الموثق بأن قدمه إلى المحكمة المختصة بنظر الإشكال آنف الذكر، وأورد الحكم تدليلاً على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة أدلة مستمدة من أقوال المدعية بالحقوق المدنية وكذا الموظف المختص بمكتب التوثيق وما ثبت من تقرير وحدة الأدلة الجنائية وإقرار الطاعنة بالتحقيقات بتقديمه الإقرار المزور لمحاميه الذي قدمه إلى المحكمة المختصة. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً. وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان من المقرر أيضاً أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وأن إثبات الحكم إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير بناء على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحرر حال استعماله، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة. كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي كذلك لا تلتزم بإعادة المأمورية إلى الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، ومن ثم ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو أي خصم - غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فإن ما أثاره الطاعن في المذكرة المقدمة بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1989 وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.

الطعن 12594 لسنة 61 ق جلسة 29 / 11 / 1998 مكتب فني 49 ق 193 ص 1349

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ أنور محمد جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف وفريد عوض علي وحسن أبو المعالي أبو النصر وناجي عبد العظيم نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(193)
الطعن رقم 12594 لسنة 61 القضائية

دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". جريمة "الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة". دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم". بناء.
انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات. بدء حسابها من تاريخ وقوع الجريمة . العبرة في ذلك بتاريخ تمامها وليس بتاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي. وقتية كانت أم مستمرة.
التمييز بين الجريمتين الوقتية والمستمرة. مناطه؟
جريمة إقامة بناء دون ترخيص وغير مطابق للمواصفات تمامها وانتهاؤها بإجراء هذا البناء. لا عبرة لما تستقر عنه من آثار تبقى وتستمر. علة ذلك. عدم الاعتداد بأثر الفعل في تكييفه.
تاريخ تعيين مبدأ وقوع الفعل وتمام الجريمة. موضوعي.

----------------
لما كان من المقرر عملاً بالمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنقضي الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنين، يبدأ احتسابها من تاريخ وقوع الجريمة، والمقصود بذلك هو تاريخ تمام الجريمة - وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي - وقتية كانت أم مستمرة، ومناط التمييز بينهما هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن، فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا، بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولما كانت الواقعة كما وردت في قرار الاتهام هي أن المتهم أقام بناء بغير ترخيص، ومخالفا للمواصفات، فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإجراء هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل من جانبه في ذات الفعل، ولا يؤثر في ذلك ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر، إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه، وإذا كان تكييف الفعل بأنه جريمة وقتية أم مستمرة - على السياق المتقدم - يتعلق بالقانون، فإن تاريخ تعيين مبدأ وقوعه وتمام الجريمة من الأمور الموضوعية. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى ما تضمنته الإفادة المقدمة من دفاع المتهم - والتي لم تنازع النيابة العامة في صحتها - فيما تضمنته من أن البناء قد اكتمل فيما غايته 31/ 12/ 1980 - بدلالة شغله من قبل - فإنه يكون هو الأجل الذي يعتد به في احتساب مدة التقادم، وكان الثابت أنه لم يتخذ ثمة إجراء قاطع للتقادم رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات منذ التاريخ سالف الذكر لأن النيابة العامة - في القليل - ركنت في إسناد تاريخ الفعل لما هو مبين في وصفه على أنه 7/ 1/ 1984 ولم يسأل المتهم بمحضر جمع الاستدلالات من بعد في 27/ 2/ 1984. لما كان ما تقدم، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية، بمضي المدة من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، ومن شأنه أن تندفع به - لو صح - التهمة المسندة إلى المتهم، وكان الحكم المستأنف قد قضى - رغم ذلك - بإدانة المتهم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن مخالفته للواقع في الدعوى، بما يتعين إلغائه، والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وبراءة المتهم عن التهمة المسندة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أقام بناء بدون ترخيص. ثانياً: أقام بناء غير مطابق للأصول الفنية وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح البلدية بالقاهرة قضت حضورياً...... بتغريم المتهم تسعة آلاف وستمائة جنيه قيمة تكاليف مواد البناء وضعف رسم الترخيص عن الأولى وإزالة الأعمال المخالفة عن الباقي. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم.... لسنة.....). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية مغايرة - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتغريم المتهم تسعة آلاف وستمائة جنيه عن الأولى والتصحيح عن الثانية وإيقاف عقوبة الغرامة.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وبجلسة 14 من يونيه سنة 1998 قضت بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة اليوم لنظر الموضوع..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه، وحددت جلسة لنظر الموضوع، عملاً بالمادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن الاستئناف استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الواقعة - على ما يبين من الاطلاع على سائر الأوراق - توجز في أن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه في...... بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة. أولاً: قام بناء بغير ترخيص. ثانياً: أقام بناء غير مطابق للأصول الفنية، وطلبت عقابه بمواد القانون 106 سنة 1976 المعدل بالقانون 30 لسنة 1983...... وقد تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - على النحو المبين بمحاضرها..... إلى أن كانت جلسة....... وبها قبل محام عن المتهم، ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وقدم سنداً للدفع حافظة مستندات طويت على كشف وسمي مستخرج من مصلحة الضرائب العقارية يتضمن ما مفاده أن البناء محل الاتهام - مقام من ستة طوابق - بما استجد - وقد شغل قبل 31/ 12/ 1980. لما كان ذلك وكان من المقرر عملاً بالمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنين، يبدأ حسابها من تاريخ وقوع الجريمة، والمقصود بذلك هو تاريخ تمام الجريمة - وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي - وقتية كانت أم مستمرة، ومناط التمييز بينهما هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية قترة من الزمن، فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هذا، بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولما كانت الواقعة كما وردت في قرار الاتهام هي أن المتهم أقام بناء بغير ترخيص، ومخالفا للمواصفات، فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإجراء هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل من جانبه في ذات الفعل، ولا يؤثر في ذلك ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر، إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه، وإذا كان تكييف الفعل بأنه جريمة وقتية أم مستمرة - على السياق المتقدم - يتعلق بالقانون، فإن تاريخ تعيين مبدأ وقوعه وتمام الجريمة من الأمور الموضوعية. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى ما تضمنته الإفادة المقدمة من دفاع المتهم - والتي لم تنازع النيابة العامة في صحتها - فيما تضمنته من أن البناء قد اكتمل فيما غايته 31/ 12/ 1980 - بدلالة شغله من قبل - فإنه يكون هو الأجل الذي يعتد به في احتساب مدة التقادم، وكان الثابت أنه لم يتخذ ثمة إجراء قاطع للتقادم رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات منذ التاريخ سالف الذكر لأن النيابة العامة - في القليل - ركنت في إسناد تاريخ الفعل لما هو مبين في وصفه على أنه 7/ 1/ 1984 ولم يسأل المتهم بمحضر جمع الاستدلالات من بعد في 27/ 2/ 1984. لما كان ما تقدم، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية، بمضي المدة من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، ومن شأنه أن تندفع به - لو صح - التهمة المسندة إلى المتهم، وكان الحكم المستأنف قد قضى - رغم ذلك - بإدانة المتهم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن مخالفته للواقع في الدعوى، بما يتعين إلغائه، والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وبراءة المتهم عن التهمة المسندة إليه.

الطعن 19120 لسنة 66 ق جلسة 1 / 12 / 1998 مكتب فني 49 ق 194 ص 1353

جلسة الأول من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة. وفؤاد نبوي.

-----------------

(194)
الطعن رقم 19120 لسنة 66 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بأن تحقيقات النيابة تمت في غيبة المتهم. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
(2) نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق".
للنيابة إجراء التحقيق في غيبة المتهم. إذا رأت موجباً لذلك.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 274 إجراءات.
الاستجواب. منعاه: مناقشة المتهم تفصيلياً في أدلة الدعوى إثباتاً أو نفياً.
صحة استجواب المحكمة للمتهم. رهن بقبوله. علة وأساس ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع تلاوة أقوال الشاهد إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. عدم سماعهم أمامها. لا يحول أن تعتمد في حكمها على أقوالهم. ما دامت مطروحة على بساط البحث. المادة 289 إجراءات. استهلال الدفاع مرافعته بطلب مناقشة للمجني عليها الغائبة. تنازله عن سماعها. أثره: صحة القضاء في الدعوى دون سماعها.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(6) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. حقها في الأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل الدعوى دون بيان العلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
أقوال متهم على آخر. شهادة. للمحكمة التعويل عليها في الإدانة. حد ذلك؟
(9) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دفاع موضوعي يثيره المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في الإدانة. حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة من المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: إطراحها.
التفات الحكم عن الرد على دفاع الطاعن الذي لا يتجه إلى نفي الجريمة أو استحالة وقوعها. لا يعيبه.
(11) ارتباط. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". "الطعن. ما لا يقبل منها". خطف. هتك عرض بالقوة. احتجاز بدون أمر أحد الحكام. سرقة "سرقة بالإكراه". إكراه. سلاح.
مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات؟
تقديم قيام الارتباط موضوعي. متى كان ما حصله الحكم يتفق قانوناً مع ما انتهى إليه.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على الارتباط بين جرائم خطف وهتك عرض بالقوة واحتجاز بدون أمر أحد الحكم وسرقة بإكراه وحيازة سلاح أبيض.

-----------------
1 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن تحقيقات النيابة قد جرت في غيبته لا يعدو أن يكون تعييباً لإجراءات الدعوى السابقة على المحاكمة، وإذ لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أي منهما هذا النعي فلا يقبل طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أنه وإن كان من حق المتهم أن يحضر التحقيق الذي تجريه النيابة في تهمة موجهة إليه إلا أن القانون قد أعطى النيابة - استثناء من هذه القاعدة - حق إجراء التحقيق في غيبة المتهم إذا رأت لذلك موجباً فإذا أجرت النيابة تحقيقاً ما في غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه، وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون في التحقيقات من نقص أو عيب حتى تقدرها وهي على بينة من أمرها.
3 - من المقرر أن المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "لا يجوز استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك". قد أفادت بأن الاستجواب بما يعنيه من مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً أو نفياً أثناء نظرها سواء أكان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أم المدافعين عنهم - لما له من خطورة ظاهرة - لا يصح إلا بناء على طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته باعتباره صاحب الشأن الأصلي في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة استجوابه عما نسب إليه بل اقتصر على إنكار التهمة عند سؤاله عنها وهو لا يدعي في طعنه بأن المحكمة منعته من إبداء ما يروم من أقوال أو دفاع فإن ما ينعاه على الحكم من إخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
4 - لما كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت المحكمة تقرير تلاوة الشهادة السابق إبداؤها في التحقيق الابتدائي أو محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً - ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة - وإذ كان الثابت أن محامي الطاعن طلب بجلسة 9 إبريل 1996 مناقشة المجني عليها الغائبة إلا أنه عاد بجلسة المرافعة الختامية في 9 يونيو 1996 وتنازل صراحة عن سماعها اكتفاء بتلاوة أقوالها في التحقيقات ومضي في مرافعته إلى أن اختتمها بطلب الحكم ببراءة الطاعن مما نسب إليه. ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى دون سماع المجني عليها.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
6 - من المقرر أن التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
7 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن بشأن استدلال الحكم بأقوال المتهم الآخر على ارتكابهما الجرائم المشار إليها يكون غير سديد.
9 - لما كان الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
10 - لما كان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على كل دفاع موضوعي يثيره المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة. وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع الطاعن بشأن عدم ملكيته للمنزل محل الواقعة وأن معاينة النيابة له أورت بإحكام غلق بابه خاصة وأنه ليس من شأن صحة دفاع الطاعن المار ذكره نفي الجريمة أو استحالة وقوعها.
11 - من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الدعوى وأدلتها أن المطعون ضده الأول خطف المجني عليها بالتحايل بالاتفاق مع المطعون ضده الثاني وقاما بهتك عرضها بغير رضاها وسرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة لها بطريق الإكراه باستعمال المطواة المضبوطة وانتهى في منطق سليم إلى أن الجرائم الخمس المسندة إلى المطعون ضدهما وليدة نشاط إجرامي واحد ومرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة الأمر الذي يوجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الخطف، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ويضحى منعى النيابة في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ..... (الطاعن) 2 - ..... بأنهما أولاً: خطفا بالتحايل بأن أوهماها بانتظار خطيبها لها بمسكن الأول وقاما باقتيادها لذلك المكان وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان قاما بمواقعتها جنسياً بغير رضاها بأن أشهر الأول مدية في وجهها وهدداها باستمرار احتجازها ما لم يتمكنا من مواقعتها وضرباها فشلوا بذلك مقاومتها وواقعاها رغماً عنها. ثانياً: سرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن ضربها الأول وأشهر في وجهها مدية محدثاً إصابتها المبينة بتقرير الطب الشرعي فشل بذلك مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات. ثالثاً: احتجزا المجني عليها سالفة الذكر بدون أمر أحد الحكام المختصين وفي غير الأحوال المصرح بها في القوانين واللوائح. المتهم الأول. أحرز سلاحاً أبيض (مطواة) بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 280، 290/ 1، 314 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 سنة 1987، 165 سنة 1981 مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن ما نسب للمتهمين في التهمة الأولى هو هتك عرض المجني عليها بالقوة فطعن كل من النيابة العامة والأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: أوجه طعن المحكوم عليه:
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم خطف أنثى وهتك عرض بالقوة والسرقة بالإكراه والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن تحقيقات النيابة العامة قد تمت في غيبة الطاعن مما كان يقتضي من المحكمة استكمال أوجه النقض فيها باستجوابه تفصيلاً فيما أسند إليه وسماع المجني عليها الغائبة والتي عول الحكم على أقوالها رغم ما شابها من تناقض، كما عول على أقوال المحكوم عليه الآخر في حقه وهي لا تنهض دليلاً للإدانة ولم يعن بالرد على دفاعه القائم على نفي صلته بالواقعة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وأنه غير مالك للمنزل محل الواقعة، وأن معاينة النيابة لباب المنزل أبانت إحكام غلقه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها والمقدم...... وإقرار المحكوم عليه الآخر ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وتقرير الإدارة العامة للمعامل الطبية، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن تحقيقات النيابة قد جرت في غيبته لا يعدو أن يكون تعييباً لإجراءات الدعوى السابقة على المحاكمة، وإذ لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أي منهما هذا النعي فلا يقبل طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا إلى أنه وإن كان من حق المتهم أن يحضر التحقيق الذي تجريه النيابة في تهمة موجهة إليه إلا أن القانون قد أعطى النيابة - استثناء من هذه القاعدة - حق إجراء التحقيق في غيبة المتهم إذا رأت لذلك موجباً فإذا أجرت النيابة تحقيقاً ما في غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه، وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون في التحقيقات من نقص أو عيب حتى تقدرها وهي على بينة من أمرها. كما أن المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت في فقرتها الأولى على أنه "لا يجوز استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك". قد أفادت بأن الاستجواب بما يعنيه من مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً أو نفياً أثناء نظرها سواء أكان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أم المدافعين عنهم - لما له من خطورة ظاهرة - لا يصح إلا بناء على طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته باعتباره صاحب الشأن الأصلي في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة استجوابه عما نسب إليه بل اقتصر على إنكار التهمة عند سؤاله عنها وهو لا يدعي في طعنه بأن المحكمة منعته من إبداء ما يروم من أقوال أو دفاع فإن ما ينعاه على الحكم من إخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت المحكمة تقرير تلاوة الشهادة السابق إبداؤها في التحقيق الابتدائي أو محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً - ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة - وإذ كان الثابت أن محامي الطاعن طلب بجلسة 9 إبريل 1996 مناقشة المجني عليها الغائبة إلا أنه عاد بجلسة المرافعة الختامية في 9 يونيو 1996 وتنازل صراحة عن سماعها اكتفاء بتلاوة أقوالها في التحقيقات ومضى في مرافعته إلى أن اختتمها بطلب الحكم ببراءة الطاعن مما نسب إليه. ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى دون سماع المجني عليها ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن بشأن استدلال الحكم بأقوال المتهم الآخر على ارتكابهما الجرائم المشار إليها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد على كل دفاع موضوعي يثيره المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة. وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع الطاعن بشأن عدم ملكيته للمنزل محل الواقعة وأن معاينة النيابة له أورت بأحكام غلق بابه خاصة وأنه ليس من شأن صحة دفاع الطاعن المار ذكره نفي الجريمة أو استحالة وقوعها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: وجه طعن النيابة العامة:
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما بجرائم خطف أنثى وهتك عرضها بالقوة واحتجازها بدون أمر أحد الحكام والسرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتبر الجرائم الخمس المسندة للمطعون ضدهما مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأنزل على المطعون ضدهما عقوبة واحدة عنها جميعاً هي عقوبة الجريمة الأشد، مع أن جريمة السرقة بالإكراه نشأت عن فعل مستقل تمام الاستقلال عن الفعل الذي نتج عنه جريمتا الخطف وهتك العرض بالقوة مما كان يتعين معه توقيع عقوبة مستقلة عن جريمة السرقة بالإكراه بالإضافة إلى العقوبة الموقعة عن جريمتي الخطف وهتك العرض بالقوة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المطعون ضدهما اتفقا على خطف المجني عليها بالتحايل بأن استدرجاها إلى منزل تحت الإنشاء برغم لقاء خطيبها به ثم قاما بتهديدها بمطواة وحسرا عنها ملابسها وهتكا عرضها بالقوة ثم استولى المطعون ضده الأول على حقيبتها وما بداخلها من مشغولات فضية ومبلغ نقدي كرهاً عنها، وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق المطعون ضدهما وأطرح دفاعهما عرض لتوافر أركان الجرائم المسندة للمطعون ضدهما بقوله: "وحيث إنه لما كان ما تقدم يكون قد ثبت في يقين المحكمة على وجه الجزم واليقين واطمأن وجدانها أن المتهم الأول تحايل على المجني عليها بأن أفهمها أن خطيبها في انتظارها بمنزله واستدرجها إلى مكان الحادث حيث حضر في أثره المتهم الثاني ونفاذاً لاتفاقهما السابق وقاما بتهديد المجني عليها بالمطاوي إن هي حاولت الاستغاثة وجذبها بالقوة إلى إحدى الحجرات وضربها بالأيدي فأوقع الرعب في قلبها عنوة، وتمكنا جبراً من هتك عرضها على النحو المبين بالتحقيقات ثم الاستيلاء على الأشياء المبينة بالأوراق والمملوكة لها وقد ترك الاعتداء على المجني عليها أثراً في جسدها عبارة عن سحجات في العنق والصدر". وانتهى الحكم إلى توافر الارتباط بين جميع الجرائم المقترفة بقوله "وحيث إن الأعمال الإجرامية التي اقترفها كل من المتهمين ارتكبت لغرض إجرامي واحد ومن ثم فهي مرتبطة مما يتعين معاقبة كل متهم بعقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات". لما كان ذلك وكان من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الدعوى وأدلتها أن المطعون ضده الأول خطف المجني عليها بالتحايل بالاتفاق مع المطعون ضده الثاني وقاما بهتك عرضها بغير رضاها وسرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة لها بطريق الإكراه باستعمال المطواة المضبوطة وانتهى في منطق سليم إلى أن الجرائم الخمس المسندة إلى المطعون ضدهما وليدة نشاط إجرامي واحد ومرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة الأمر الذي يوجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الخطف، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ويضحى منعى النيابة في هذا الشأن غير سديد الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن موضوعاً.

الطعن 11682 لسنة 66 ق جلسة 2 / 12 / 1998 مكتب فني 49 ق 196 ص 1367

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ورجب فراج نائبي رئيس المحكمة. ود. صلاح البرعي وحمد عبد اللطيف.

----------------

(196)
الطعن رقم 11682 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
مثال لنفي قاله الخطأ في الإسناد بعد الحكم.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في بيان أقوال شهود الإثبات إلى أقوال أحدهم لا عيب. ما دامت تتفق في جملتها مع أقوال الأخير.
مثال.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حالة الدفاع الشرعي. عدم توافرها متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه.
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لنفي توافر حالة الدفاع الشرعي.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. التفاتها عن أي دليل آخر. مفاده؟
(5) حكم "بيانات التسبيب".
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(6) إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل إدراكه من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً ودالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها كفاية أن يكون مؤدياً إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
الحيل الموضوعي. لا يقبل إثارته أمام النقض.
(10) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه لا يعيبه.
مثال.
(11) نقض "المصلحة في الطعن".
عدم قبول أوجه الطعن التي لا تتصل بشخص الطاعن.
(12) دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(13) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها غير جائز.
مثال.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي تلتزم بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال لطلب غير جازم.
(16) عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم في قصوره في بعض الجرائم المسندة للطاعن. لا مصلحة له فيه ما دام أن المحكمة أخذته بعقوبة الجريمة الأشد المسندة إليه.
(17) قتل عمد. ظروف مشددة. اقتران. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط تطبيق المادة 234 عقوبات. تعدد الأفعال والنتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون. وتوافر الرابطة الزمنية.
مثال.
(18) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بتعقب المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى ما عولت عليه من أدلة مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(19) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة. وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات. في بيان واف. لا قصور.
(20) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(21) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة في الدعوى. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه غير لازم. التفاته عنها. مفاده إطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(22) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاد إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(23) جريمة "أركانها الجريمة". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تبرئة المتهم من جريمة إحراز مخدر لا يقتضي تبرئته من جريمة الضرب لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
(24) ارتباط. محكمة الجنايات "اختصاصها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النص في المادة 383 إجراءات على إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات مدلوله؟
إدانة الحكم الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحالة معها. فصل من المحكمة في دعوى مختصة بنظرها.

----------------
1 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ فيما حصله من أقوال الشاهدين أحمد مصطفى محفوظ وعمرو محمد صلاح الدين من أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول مع أنهما لم يحددا شخص الطاعن بالتحقيقات، إذ يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين المذكورين وغيرهم له صداه في الأوراق، وإذ لا ينازع الطاعن في أنه وحده الذي كان يحمل سلاحاً، وأن هذا السلاح هو الذي انطلقت منه الأعيرة النارية التي أصاب أحدها المجني عليه، فلا على الحكم إن سمي الشخص الذي كان يحمل السلاح الذي انطلق منه العيار حسبما أشار الشهود - بأنه الطاعن - الذي لا خلاف عليه ولا منازعة منه في ذلك، ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما حصله من أقوال الأول كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهم متفقة في جملتها على أن الطاعن أطلق عدة أعيرة نارية أصابت إحداها المجني عليه وسقط قتيلاً، وكانت أقوال الشهود التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن هو مطلق العيار الناري الذي أصاب المجني عليه، ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكان ما حصله الحكم له أصوله الثابتة في تحقيقات النيابة العامة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسر عنه قاله الخطأ في الإسناد.
3 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم الأول، فإنه لما كان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولما كانت مجريات وقائع الدعوى وتسلسل الأحداث فيها لا ينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو أحدهما، كما لم يصدر من أحد بمكان الحادث ثمة فعل يخشى منه المتهمان وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، فلم يشهد أحد ممن سئلوا بالتحقيقات أن اعتداء أو فعلاً وقع على المتهمين، بل على العكس من ذلك فالجميع - على نحو ما ورد آنفاً بشهادتهم - قد تواترت أقوالهم على أن المتهمين بادرا المجني عليه ضرباً ولما أفلت منهما أسرع المتهم الأول خلفه وأمسكه عنوة من رقبته وأطلق المقذوفات النارية التي أصابت آخرين ثم أطلق صوب رأس المجني عليه مقذوفاً أرداه قتيلاً، ومن ثم وبالترتيب على ذلك فإن المحكمة لا ترى قيام حالة الدفاع الشرعي في الواقعة، ويضحى الدفع المبدى في هذا الشأن ولا محل له من واقع أو قانون متعين الرفض" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
4 - لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه عدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله إصابات لا يكون له محل.
5 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أوردة الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظرفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حقه في قوله "ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني، وتنم عما يضمره في صدره، وكان قصد القتل ثابتاً في حق المتهم الأول ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استخدمه آله "طبنجة" قاتلة بطبيعتها، وإصابة المجني عليه من مقتل، ومن إطلاقه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه التي أصابت بعضها محمد أحمد عبد الله وجمال السيد سرور بالإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي ومعاجلته المجني عليه أثر ذلك بطلق ناري في مقدمة رأسه وقت أن كان مطبقاً بيده حول عنقه شالاً كل مقاومة له ومن مسافة تقل عن ربع متر وتصل إلى حد الملامسة قتيلاً في الحال بمكان الحادث، ومن ثم فإن تلك الوقائع تثبت ثبوتاً قاطع الدلالة على توافر قصد القتل لدى المتهم الأول" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل لدى الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليهما الثاني والثالث ينحل إلى جدل موضوع في تقدير الدليل. وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
8 - لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعن قتل المجني عليه الأول، فإن ما يثيره في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقريرين الطبيين الشرعيين للمجني عليهما الثاني والثالث وأبرز ما جاء بها من أن إصابة المجني عليه الأول كدمات ثلاث بيسار الوجه وبأعلى يمين الظهر وهي إصابات رضية حيوية تحدث كل منها من المصادمة بجسم صلب راض من مثل العصا المضبوطة - المنشاكو - وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة، كما تبين أن إصابة المجني عليه المذكور بعيار ناري بمقدم يسار الرأس وهي حيوية وحديثة حدثت من عيار ناري نفذ من خلف الرأس أطلق عليه من مسافة تقل عن ربع متر وقد تصل إلى حد الملامسة. وتعزى وفاته إلى إصابته النارية بمقدم الرأس وما نتج عنها من كسور بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ، كما أورد أن إصابة المجني عليه محمد أحمد عبد الله، بطلق ناري بركبته اليسرى - تم استخراجه، وأن جمال السيد سرور أصيب بطلق ناري بسبابة وإبهام اليد اليسرى - وأن إصابتهما نارية حدثت من مثل السلاح الناري المضبوط. فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية والتقريرين الطبيين للمجني عليهم بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
11 - لما كان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه جاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص أداة - المنشاكو - التي كان يحملها الطاعن الثاني يكون غير مقبول.
12 - النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الحادث - بفرض أنه أثاره في مذكرة دفاعه - مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
13 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاتها عنه أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
14 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيره بوجه الطعن - فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قاله الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
15 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما أسند إليه دون التمسك بسماع شهود أو أي من طلبات التحقيق التي أثارها في طعنه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنها. لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً.
16 - لما كان الحكم قد دان الطاعن بجريمة القتل العمد وأوقع عليه العقوبة المقررة بها، فلا مصلحة وله ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في جريمة الضرب البسيط المسندة إليه.
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصداً القتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليه الأول نتيجة عيار ناري، وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث بعيارين ناريين دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصده لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي، ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ما دامت شروطها قد اكتملت بتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
18 - لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن منعى الطاعن بأن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وأن له العديد من السوابق والاتهامات في قضايا عدة، لا يكون له محل.
19 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
20 - النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة لأن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بطلق ناري من الطاعن الأول مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
21 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
22 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الإصابة، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها الشهود والتي تأيدت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه الأول، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أدانه دون أن يقع منه أي اعتداء ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
23 - لما كان ما أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب كما هي معرفة في القانون، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة إحراز جوهر مخدر لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
24 - لما كان القانون إذ أجاز في المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات فقد وسع في اختصاصها وجعله شاملاً لهذه الجنح المرتبطة وأخرجها من سلطة محاكم الجنح ذات الاختصاص الأصيل بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحال إليها، وذلك بعد تحقيقها بجلسات المحاكمة، فإنها تكون قد فصلت في دعوى مختصة بنظرها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولاً: المتهم الأول - أ - قتل...... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت تلك الجناية الأولى جناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل كل من.... و.... عمداً بأن أطلق عليهما عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتهما بالعلاج (ب) أحدث عمداً بالمجني عليه...... الإصابات المبينة وكان ذلك باستخدام أداة "كعب طبنجة" وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمان الأول والثاني - حازا بقصد التعاطي بنات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثالثاً: المتهم الثاني - أحدث عمداً بالمجني عليه.... الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وكان ذلك باستخدام أداة "منشاكو - عصا خشب بسلسلة". وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي ورثة المجني عليه مدنياً بمبلغ 501 خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 232/ 1 - 2، 242/ 1، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الأولى وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تهمة الضرب المسندة إليه وببراءة كل منهما من تهمة حيازة النبات المخدر المضبوط وأمرت بمصادرته وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن كل من المحكوم عليهما والأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث ينعى الطاعن الأول.... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد والشروع فيه شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه عول في إدانته على أقوال الشاهدين.... و.... وأسند إليهما القول أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول وهي رواية لم ترد في التحقيقات، فضلاً عن أنه أورد مضمون شهادة الشاهد الأول..... وأحال في بيان شهادة الشهود الثاني والثالث والرابع إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول مع خلاف جوهري في الشهادتين إذ لم يحدد أي شاهد منهم شخصية مطلق الأعيرة النارية، ورد الحكم على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بما لا يسوغ إطراحه، ولم يحقق إصابات الطاعن وأثرها في الدفاع الشرعي، وجاء قاصراً في بيان أركان الجريمتين اللتين دانه بهما، ولم يدلل على توافر نية القتل في حقه تدليلاً كافياً وسائغاً، إذ لم يكن يقصد قتل المجني عليه الأول وإصابة الآخرين، هذا إلى أن الحكم استخلص دون سند من أقوال الشهود أن الطاعن اعتدى على المجني عليه الأول ورتب على ذلك إدانته على الرغم من أن أحداً لم يشاهد واقعة الاعتداء، ولم يعن بإيراد مضمون بتقرير الطبي الشرعي للمجني عليهم الثلاثة بصورة وافية، وجاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص الأداة (المنشاكو)، والتفتت المحكمة عن دفاعه الوارد بمذكرته المقدمة منه قبل إقفال باب المرافعة والقائم على نفي التهمة واستحالة حدوثها وفق التصوير الذي قرره الشهود والمجني عليهما الآخران، وأن التلاحم الذي حدثت بينه وبين المجني عليه الأول ورفاقه كان سبباً في أن المجني عليه ضغط بيده على زناد السلاح فخرج منه الطلق الناري الذي أصابه، ولم تندب المحكمة خبيراً لتحقيق دفاع الطاعن في هذا الشأن، كما لم تستجب لطلبه الوارد بمذكرة دفاعه سماع شهادة المقدم ..... رئيس المباحث، كما لم يورد الحكم أيضاً مؤدى أدلة الشروع في القتل التي دانه بها، وما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى لا يتوافر به ظرف الاقتران المشدد، وأخيراً فإن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وله العديد من السوابق والاتهامات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ فيما حصله من أقوال الشاهدين..... و..... من أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول مع أنهما لم يحددا شخص الطاعن بالتحقيقات، إذ يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين المذكورين وغيرهم له صداه في الأوراق، وإذ لا ينازع الطاعن في أنه وحده الذي كان يحمل سلاحاً، وأن هذا السلاح هو الذي انطلقت منه الأعيرة النارية التي أصاب أحدها المجني عليه، فلا على الحكم إن سمى الشخص الذي كان يحمل السلاح الذي انطلق منه العيار حسبما أشار الشهود - بأنه الطاعن - الذي لا خلاف عليه ولا منازعة منه في ذلك، ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما حصله من أقوال الأول كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهم متفقة في جملتها على أن الطاعن أطلق عدة أعيرة نارية أصابت إحداها المجني عليه وسقط قتيلاً، وكانت أقوال الشهود التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن هو مطلق العيار الناري الذي أصاب المجني عليه، ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكان ما حصله الحكم له أصوله الثابتة في تحقيقات النيابة العامة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسر عنه قاله الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم الأول، فإنه لما كان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولما كانت مجريات وقائع الدعوى وتسلسل الأحداث فيها لا ينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو أحدهما، كما لم يصدر من أحد بمكان الحادث ثمة فعل يخشى منه المتهمان وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، فلم يشهد أحد ممن سئلوا بالتحقيقات أن اعتداءً أو فعلاً وقع على المتهمين، بل على العكس من ذلك فالجميع - على نحو ما ورد آنفاً بشهادتهم - قد تواترت أقوالهم على أن المتهمين بادرا المجني عليه ضرباً ولما أفلت منهما أسرع المتهم الأول خلفه وأمسكه عنوة من رقبته وأطلق المقذوفات النارية التي أصابت آخرين ثم أطلق صوب رأس المجني عليه مقذوفاً أرداه قتيلاً، ومن ثم وبالترتيب على ذلك فإن المحكمة لا ترى قيام حالة الدفاع الشرعي في الواقعة، ويضحى الدفع المبدى في هذا الشأن ولا محل له من واقع أو قانون متعين الرفض" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. هذا فضلاًَ عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه عدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله إصاباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إن بتاريخ 9/ 5/ 1994 وعند تقاطع شارع الإمام علي والخليفة الهادي دائرة قسم مصر الجديدة حدث تصادم بين السيارة التي كان يقودها المتهم الأول وبجواره المتهم الثاني - ضابطاً شرطة - والسيارة التي كان يقودها المجني عليه الأول وعلى أثر ذلك شاجر المتهمان المجني عليه وحاولا إدخاله سيارتهما عنوة وإذ رفض تعديا عليه بالضرب بأن ضربه المتهم الثاني بعصا "منشاكو" المضبوطة وأمسك المتهم الأول بالمجني عليه يكيل له الضربات، ولما أفلت المجني عليه منه جرى خلفه وأطبق يده حول عنقه وأخرج سلاحه الحكومي المضبوط "طبنجة" وأطلق منه عدة أعيرة نارية قاصداً قتله أصابت بعضها...... و..... الموجودين على مسرح الواقعة ثم أطلق مقذوفاً نارياً آخر صوب رأس المجني عليه المذكور فأراده قتيلاً في الحال، ولاذ المتهم الثاني بالفرار من مكان الحادث بينما أمسك الأهالي بالمتهم الأول، وتم ضبط السلاح الناري والمنشاكو المستعملين في "الحادث" وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم جاء قاصراً في بيان أركان الجريمتين المسندتين إليه وعدم إلمامه بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حقه في قوله "ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني، وتنم عما يضمره في صدره، وكان قصد القتل ثابتاً في حق المتهم الأول ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استخدمه آله "طبنجة" قاتلة بطبيعتها، وإصابة المجني عليه من مقتل، ومن إطلاقه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه التي أصابت بعضها.... و.... بالإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي ومعاجلته المجني عليه أثر ذلك بطلق ناري في مقدمة رأسه وقت أن كان مطبقاً بيده حول عنقه شالاً كل مقاومة له ومن مسافة تقل عن ربع متر وتصل إلى حد الملامسة قتيلاً في الحال بمكان الحادث، ومن ثم فإن تلك الوقائع تثبت ثبوتاً قاطع الدلالة على توافر قصد القتل لدى المتهم الأول" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل لدى الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليهما الثاني والثالث ينحل إلى جدل موضوع في تقدير الدليل. وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعن قتل المجني عليه الأول، فإن ما يثيره في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقريرين الطبيين الشرعيين للمجني عليهما الثاني والثالث وأبرز ما جاء بها من أن إصابة المجني عليه الأول كدمات ثلاث بيسار الوجه وبأعلى يمين الظهر وهي إصابات رضية حيوية تحدث كل منها من المصادمة بجسم صلب راض من مثل العصا المضبوطة - المنشاكو - وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة، كما تبين أن إصابة المجني عليه المذكور بعيار ناري بمقدم يسار الرأس وهي حيوية وحديثة حدثت من عيار ناري نفذ من خلف الرأس أطلق عليه من مسافة تقل عن ربع متر وقد تصل إلى حد الملامسة. وتعزى وفاته إلى إصابته النارية بمقدم الرأس وما نتج عنها من كسور بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ، كما أورد أن إصابة المجني عليه....، بطلق ناري بركبته اليسرى - تم استخراجه، وأن.... أصيب بطلق ناري بسبابة وإبهام اليد اليسرى - وأن إصابتهما نارية حدثت من مثل السلاح الناري المضبوط. فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية والتقريرين الطبيين للمجني عليهما بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك وكان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه جاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص أداة - المنشاكو - التي كان يحملها الطاعن الثاني يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الحادث - بفرض أنه أثاره في مذكرة دفاعه - مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاتها عنه أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيره بوجه الطعن - فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قاله الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما أسند إليه دون التمسك بسماع شهود أو أي من طلبات التحقيق التي أثارها في طعنه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنها. لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الحكم قد دان الطاعن بهذه الجريمة وأوقع عليه العقوبة المقررة بها، فلا مصلحة وله ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في الجريمة المسندة إليه. - بفرض صحة ذلك - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصداً القتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليه الأول نتيجة عيار ناري، وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث بعيارين ناريين دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصده لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي، ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ما دامت شروطها قد اكتملت بتعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن منعى الطاعن بأن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وأن له العديد من السوابق والاتهامات في قضايا عدة، لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
ينعى الطاعن الثاني...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يورد أدلة الثبوت التي تساند إليها في قضائه بالإدانة، والتفت عن دفاعه القائم على كيدية الاتهام وتلفيقه، واستحالة حدوث الواقعة بالصورة التي رواها الشهود إذ أن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بالطلق الناري، وقد دانه الحكم دون أن يقع منه أي اعتداء بدلالة هروبه من موقع الحادث، كما أن هناك تناقضاً في الحكم إذ أنه بعد أن انتهى إلى تبرئته من تهمة حيازة المخدر دانه عن جريمة الضرب مع أن تبرئته من التهمة الأولى يوجب تبرئته من الجريمة الأخرى لابتنائهما على ذات الوقائع، وأخيراً فإن الدعوى كانت قد أحيلت إلى محكمة الجنايات باعتبار الواقعة جناية مخدر وضرب، فرأت أنها تعد جنحة، ومن ثم فقد كان عليها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية لا أن تحكم فيها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حدث تصادم بين السيارة التي كان يقودها المتهم الأول وبجواره المتهم الثاني - الطاعن - ضابطاً شرطة والسيارة التي كان يقودها المجني عليه الأول، وعلى إثر ذلك شاجر المتهمان المجني عليه وحاولا إدخاله سيارتهما عنوة وإذ رفض تعديا عليه بالضرب بأن ضربه المتهم الثاني - الطاعن - بعصا "منشاكو" المضبوطة وحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق وما أثبته في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة. في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة لأن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بطلق ناري من الطاعن الأول مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الإصابة، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها الشهود والتي تأيدت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه الأول، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أدانه دون أن يقع منه أي اعتداء ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم - فيما سلف - تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب كما هي معرفة في القانون، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة إحراز جوهر مخدر لاختلاف أركان كل من الجريمتين. لما كان ذلك وكان القانون إذ أجاز في المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات فقد وسع في اختصاصها وجعله شاملاً لهذه الجنح المرتبطة وأخرجها من سلطة محاكم الجنح ذات الاختصاص الأصيل بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحال إليها، وذلك بعد تحقيقها بجلسات المحاكمة، فإنها تكون قد فصلت في دعوى مختصة بنظرها. ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فإنه الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.