الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 مايو 2013

الطعن 6465 لسنة 55 ق جلسة 11/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ق 102 ص 685

جلسة 11 من مايو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي وناجي إسحق (نواب رئيس المحكمة) وعلي الصادق عثمان.

---------------

(102)
الطعن رقم 6465 لسنة 55 القضائية

(1) دعوى جنائية "تحريكها". وصف التهمة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نيابة عامة.
النيابة العامة هي المختصة برفع الدعوى. لا يجوز لغيرها رفعها إلا استثناءاً.
رفع النيابة العامة للدعوى الجنائية. أثره: عدم جواز تنازلها عنها أو الرجوع فيها إلا في الأحوال المبينة في القانون أو تعديل التهمة أو الوصف أو استبدال غيرها بها. أساس ذلك؟
(2) دعوى جنائية. نيابة عامة. وصف التهمة.
طلب النيابة العامة تعديل وصف التهمة على أساس واقعة مادية مغايرة للواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً. مؤداه: زيادة عدد الجرائم المرفوعة بها الدعوى. محاكمة المتهم عن التهمة الجديدة دون التهمة المرفوعة بها الدعوى. أثره؟
الدعوى الجنائية ليست ملكاً للنيابة العامة. هي حق الهيئة الاجتماعية وليست النيابة إلا وكيلاً عنها في استعمالها. مفاد ذلك؟
(3) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام".
عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في المخالفات إلا ما كان مرتبطاً منها بجناية أو جنحة.

----------------
1 - من المقرر بنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة هي المختصة أصلاً برفع الدعوى الجنائية ولا يجوز لغيرها رفعها إلا استثناء في الحالات التي بينها القانون على سبيل الحصر، ومتى قامت برفعها - إما بتكليفها المتهم بالحضور أمام المحكمة أو بتوجيهها التهمة له إذا حضر بالجلسة وقبل المحاكمة في مواد المخالفات والجنح طبقاً لنص المادتين 63/ 1، 232/ 1، 2 من قانون الإجراءات الجنائية، أو بإحالتها في مواد الجنايات طبقاً لنص المادة 214 من القانون ذاته - فلا يجوز لها التنازل عنها أو الرجوع فيها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز لها أيضاً تعديل التهمة أو الوصف أو استبدال غيرها بها ما دامت الدعوى قد خرجت من يدها ودخلت في حوزة المحكمة امتثالاً للأصل المقرر من الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة الذي أفصحت عنه المادة 247/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية التي حظرت على القاضي أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة وأكدته المادة 307 من القانون ذاته حين نصت على أن "لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور كما لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى"، وقصارى ما تملكه النيابة العامة هو أن تطلب من المحكمة تعديل التهمة أو الوصف وللأخيرة أن تستجيب لذلك أو لا تستجيب في حدود ما يجيزه نص الفقرة الأولى من المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يخل ذلك كله بحق النيابة العامة في مواد الجنح والمخالفات في رفع الدعوى الجنائية عن الوقائع الجديدة التي لم ترد في التكليف بالحضور بتوجيه التهمة للمتهم في الجلسة متى قبل المحاكمة عنها أو بإعلانه بها متى رفض ذلك حسبما يفصح عنه نص المادة 232/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان طلب النيابة العامة من محكمة أول درجة تعديل وصف الاتهام هو في حقيقته - بالنسبة للتهمة الثانية المعاقب عليها بعقوبة الجنحة والتي كانت الدعوى قد رفعت بها - إضافة من النيابة العامة بوصفها سلطة اتهام لتهمة جديدة أساسها واقعة مادية منبتة الصلة بالواقعة التي رفعت بها الدعوى ومغايرة لها تمام المغايرة. ترتب عليها زيادة في عدد الجرائم المقامة بها الدعوى على الطاعنين - بخلاف الحال في التهمة الأولى إذ طلب النيابة تعديل وصفها أساسه الواقعة المادية ذاتها - وقد أعلن الطاعنان بالوصف الأخير وجرت المحاكمة وصدر الحكم الابتدائي على أساسه مغفلاً الفصل في التهمة الثانية التي رفعت بها الدعوى بداءة، وهي تهمة عرض الطاعنين للبيع الأشرطة الصوتية المضبوطة دون ترخيص من الجهة المختصة، ولم يعرض لها بدوره الحكم المطعون فيه، فإن هذه التهمة تكون ما تزال معلقة أمام محكمة أول درجة لما هو مقرر من أن الدعوى الجنائية ليست ملكاً للنيابة العامة بل هي من حق الهيئة الاجتماعية وليست النيابة إلا وكيلاً عنها في استعمالها، وهي إذ كانت تملك التصرف فيها بالحفظ، إلا أنها إذا قدمتها إلى القضاء فإنه يصبح وحده صاحب الحق في الحكم فيها بما يشاء غير مقيد بطلبات النيابة الشفوية ولا المكتوبة ولا بكيفية وصفها التهمة ولا تملك هي التنازل عنها، وليس لها من حق لديه سوى إبداء طلباتها فيها إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها ولا يقبل الاحتجاج عليها بقبولها الصريح أو الضمني لأي أمر من الأمور الخاصة باستعمال الدعوى الجنائية.
3 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطاعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطاً بها، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على الفصل في الجريمتين المعاقب عليهما بوصف المخالفة، فإن طعن النيابة العامة والمحكوم عليهما في هذا الحكم يكون غير جائز ويتعين من ثم الحكم بعدم جواز الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من........، ....... بأنهما أولاً: اعتديا على حقوق الشركات صاحبة الحق في استغلال وطبع وتوزيع أشرطة الكاسيت المضبوطة دون حصولهما على إذن كتابي من تلك الشركات صاحبة الحق على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: عرضا للبيع الأشرطة الصوتية المضبوطة دون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت معاقبتهما بالمواد 1، 2، 47/ 3، 48، 49، 50، 51 من القانون رقم 354 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 1968. وادعت كل من شركة........ وشركة....... التجارية مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قصر النيل قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين مائة جنيه عن التهمة الأولى وعشرين جنيهاً عن التهمة الثانية وألزمتهما متضامنين بأن يؤديا لكل من المدعيين بالحقوق المدنية على سبيل التعويض المؤقت مبلغ مائة وواحد جنيه بعد أن عدلت وصلت التهمتين بجعلهما تقليد مصنفات منشورة في الخارج وتوزيع مصنفات معدة للنشر قبل إيداع عشر نسخ من كل منها بالمركز الرئيسي لدار الكتب والوثائق القومية. استأنف كل من المحكوم عليهما والنيابة العامة هذا الحكم، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة والأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الأوراق والمفردات المضمومة أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين "المحكوم عليهما" بوصف أنهما: 1 - اعتديا على حقوق الشركات صاحبة الحق في استغلال وطبع وتوزيع أشرطة الكاسيت المضبوطة دون حصولهما على إذن كتابي من تلك الشركات. 2 - عرضا للبيع الأشرطة الصوتية المضبوطة دون ترخيص من الجهة المختصة. وهما الجريمتان المعاقب على أولاهما بعقوبة المخالفة وعلى الثانية بعقوبة الجنحة حسبما توجبه المواد 1، 2، 5، 6 جـ 2، 37/ 1، 2، 47/ 1، 2، 3 من قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون رقم 354 لسنة 1954، 1، 2/ 2، 6، 16 من القانون رقم 430 لسنة 1955 بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحري والأغاني والمسرحيات والمنلوجات والأسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي، وقد جرى إعلان الطاعنين بهاتين التهمتين، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة طلبت النيابة العامة تعديل الوصف بجعله: 1 - قلدا في مصر مصنفات منشورة في الخارج. 2 - بصفتهما ناشري مصنفات معدة للنشر عن طريق عمل نسخ منها شرعاً في توزيعها قبل إيداع عشر نسخ منها المركز الرئيسي لدار الكتب والوثائق القومية، وهما الجريمتان المعاقب على كلتيهما بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه بالنسبة للأولى وعن خمسة جنيهات ولا تزيد على خمسة وعشرين جنيهاً بالنسبة للثانية طبقاً لنصوص المواد 1، 2، 5، 6/ 2، 37/ 1، 2، 47/ 1، 2، 3، 48/ 1، 2 من قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون رقم 354 لسنة 1954 والمعدل بالقانون رقم 14 لسنة 1968، وقد جرت محاكمة الطاعنين - بعد إعلانهما - على أساس الوصف الأخير ودانهما بالجريمتين الحكم الابتدائي الذي أيده لأسبابه الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان المقرر بنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة هي المختصة أصلاً برفع الدعوى الجنائية ولا يجوز لغيرها رفعها إلا استثناء في الحالات التي بينها القانون على سبيل الحصر، ومتى قامت برفعها - إما بتكليفها المتهم بالحضور أمام المحكمة أو بتوجيهها التهمة له إذا حضر بالجلسة وقبل المحاكمة في مواد المخالفات والجنح طبقاً لنص المادتين 63/ 1، 232/ 1، 2 من قانون الإجراءات الجنائية، أو بإحالتها في مواد الجنايات طبقاً لنص المادة 214 من القانون ذاته - فلا يجوز لها التنازل عنها أو الرجوع فيها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز لها أيضاً تعديل التهمة أو الوصف أو استبدال غيرها بها ما دامت الدعوى قد خرجت من يدها ودخلت في حوزة المحكمة امتثالاً للأصل المقرر من الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة الذي أفصحت عنه المادة 247/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية التي حظرت على القاضي أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة وأكدته المادة 307 من القانون ذاته حين نصت على أن "لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور كما لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى". وقصارى ما تملكه النيابة العامة هو أن تطلب من المحكمة تعديل التهمة أو الوصف وللأخيرة أن تستجيب لذلك أو لا تستجيب في حدود ما يجيزه نص الفقرة الأولى من المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يخل ذلك كله بحق النيابة العامة في مواد الجنح والمخالفات في رفع الدعوى الجنائية عن الوقائع الجديدة التي لم ترد في التكليف بالحضور بتوجيه التهمة للمتهم في الجلسة متى قبل المحاكمة عنها أو بإعلانه بها متى رفض ذلك حسبما يفصح عنه نص المادة 232/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان طلب النيابة العامة من محكمة أول درجة تعديل وصف الاتهام هو في حقيقته - بالنسبة للتهمة الثانية المعاقب عليها بعقوبة الجنحة والتي كانت الدعوى قد رفعت بها - إضافة من النيابة العامة بوصفها سلطة اتهام لتهمة جديدة أساسها واقعة مادية منبتة الصلة بالواقعة التي رفعت بها الدعوى ومغايرة لها تمام المغايرة. ترتب عليها زيادة في عدد الجرائم المقامة بها الدعوى على الطاعنين - بخلاف الحال في التهمة الأولى وإذ طلب النيابة العامة تعديل وصفها أساسه الواقعة المادية ذاتها - وقد أعلن الطاعنان بالوصف الأخير وجرت المحاكمة وصدور الحكم الابتدائي على أساسه مغفلاً الفصل في التهمة الثانية التي رفعت بها الدعوى بداءة، وهي تهمة عرض الطاعنين للبيع الأشرطة الصوتية المضبوطة دون ترخيص من الجهة المختصة، ولم يعرض لها بدوره الحكم المطعون فيه، فإن هذه التهمة تكون ما تزال معلقة أمام محكمة أول درجة لما هو مقرر من أن الدعوى الجنائية ليست ملكاً للنيابة العامة بل هي من حق الهيئة الاجتماعية وليست للنيابة إلا وكيلاً عنها في استعمالها، وهي إذا كانت تملك التصرف فيها بالحفظ، إلا أنها إذا قدمتها إلى القضاء فإنه يصبح وحده صاحب الحق في الحكم فيها بما يشاء غير مقيد بطلبات النيابة الشفوية ولا المكتوبة ولا بكيفية وصفها التهمة ولا تملك هي التنازل عنها، وليس لها من حق لديه سوى إبداء طلباتها فيها إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها ولا يقبل الاحتجاج عليها بقبولها الصريح أو الضمني لأي أمر من الأمور الخاصة باستعمال الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطاعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطاً بها، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على الفصل في الجريمتين المعاقب عليهما بوصف المخالفة، فإن طعن النيابة العامة والمحكوم عليهما في هذا الحكم يكون غير جائز ويتعين من ثم الحكم بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنين "المحكوم عليهما" المصاريف المدنية.

(الطعن 643 لسنة 58 ق جلسة 11/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 103 ص 693)

جلسة 11 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي وناجي إسحق نواب رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب.
--------------
(103)
الطعن رقم 643 لسنة 58 القضائية
(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات .
 (2) مواد مخدرة. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مدلول زراعة المخدر المنهي عنها يشمل وضع البذور والتعهد اللازم للزرع إلى حين نضجه وقلعه.
خلو القانون رقم 182 لسنة 1960 من النص على مسئولية مفترضة بالنسبة لمالك الأرض التي تزرع فيها النباتات الممنوعة. مفاد ذلك؟
إدانة الطاعن لمجرد كون نبات الخشخاش مزروعاً في أرضه دون بيان مدى مباشرة الطاعن زراعته. قصور.
-------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من المتهم، ومؤدى تلك الأدلة، حتى يتضح وجه استدلاله وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً.
2 - لما كان مدلول الزراعة المنهي عنها يشمل وضع البذور في الأرض وما يتخذ نحو البذر من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع إلى حين نضجه وقلعه وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها قد خلا من النص على مسئولية مفترضة بالنسبة لمالك الأرض التي تزرع فيها النباتات الممنوعة، مما مفاده أنه يتعين لعقابه بالتطبيق لأحكام ذلك القانون، أن يثبت ارتكابه الفعل المؤثم وهو مباشرة زراعة النبات، وإذ كان الحكم - على السياق المتقدم - قد عول في إدانة الطاعن على مجرد كون نباتات الخشخاش مزروعاً في أرضه وهو ما لا يجزئ عن ضرورة بيان مدى مباشرة الطاعن زراعته فإن ما قاله في هذا الشأن يكون غير مؤد إلى ما رتب عليه من ثبوت عناصر الجريمة من ناحية مباشرة زرع الخشخاش مع العلم بحقيقة أمره، ويكون بذلك معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه زرع - وآخران - بقصد الإتجار نباتاً ممنوعة زراعته "نباتات الخشخاش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بالمواد 28، 34/ 2، 42/ 1، من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 2 من الجدول رقم 5 الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة ثلاثة سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات الخشخاش بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب. ذلك بأنه لم يدلل على ارتكابه الفعل المؤثم الذي دانه به مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن، على قوله "إن الواقعة تخلص فيما أثبته الرائد...... بمحضر الضبط المؤرخ..... من أنه اشترك في حملة للقضاء على زراعات النباتات المخدرة وقد تمكن من ضبط ثلاث قطع من الأرض منزرعة بنباتات الخشخاش الأولى خاصة بالمتهم...... والثانية خاصة بالمتهم....... والثالثة خاصة....... وأن كلاً منهم يزرع قطعة أرض بقصد الإتجار. فقد شهد الرائد..... أنه أثناء قيامه بالمرور على الزراعات بناحية...... شاهد نبات الخشخاش مزروعاً في أرض لمتهم..... وذلك بقصد الإتجار وشهد...... بمضمون ما شهد به الشاهد الأول. وقد ثبت من معاينة النيابة العامة وجود نبات الخشخاش مزروعاً بحقل المتهم...... على مساحة قيراطين وبلغ عدد شجيراته 1500 شجرة. وقد أورى تقرير المعمل الكيماوي أن النبات المضبوط هو لنبات الخشخاش المنتج للأفيون". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من المتهم، ومؤدى تلك الأدلة، حتى يتضح وجه استدلاله وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً، وكان مدلول الزراعة المنهي عنها يشمل وضع البذور في الأرض وما يتخذ نحو البذر من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع إلى حين نضجه وقلعه وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها قد خلا من النص على مسئولية مفترضة بالنسبة لمالك الأرض التي تزرع فيها النباتات الممنوعة، مما مفاده أنه يتعين لعقابه بالتطبيق لأحكام ذلك القانون، أن يثبت ارتكابه الفعل المؤثم وهو مباشرة زراعة النبات، وإذ كان الحكم - على السياق المتقدم - قد عول في إدانة الطاعن على مجرد كون نبات الخشخاش مزروعاً في أرضه وهو ما لا يجزئ عن ضرورة بيان مدى مباشرة الطاعن زراعته فإن ما قاله في هذا الشأن يكون غير مؤد إلى ما رتب عليه من ثبوت عناصر الجريمة من ناحية مباشرة زرع الخشخاش مع العلم بحقيقة أمره، ويكون بذلك معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليهما الآخرين، إذ لا يمتد إليهما أثر النقض بصدور الحكم عليهما غيابياً
.

الطعن 626 لسنة 58 ق جلسة 8/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 101 ص 680

جلسة 8 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مسعود السعداوي وطلعت الاكيابي ومحمود عبد الباري وجابر عبد التواب.
--------------
(101)
الطعن رقم 626 لسنة 58 القضائية
رقابة إدارية. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". موظفون عموميون. إثبات "بوجه عام".
اختصاص أعضاء الرقابة الإدارية. مقصور على الجرائم التي يقارفها الموظفون أثناء مباشرتهم لوظائفهم. عدم امتداد هذا الاختصاص إلى أحاد الناس. حد ذلك؟.
تعويل الحكم على نتيجة تفتيش أجراه عضو الرقابة الإدارية دون بيان توافر اختصاصه. يعيبه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟.
--------------
إن مؤدى الفقرة ج من المادة الثانية والمادة 61 من القانون رقم 54 لسنة 1964 أن اختصاص أعضاء الرقابة الإدارية مقصور على الجرائم التي يقارفها الموظفون العموميون أثناء مباشرتهم لوظائفهم فلا تنبسط ولايتهم على أحاد الناس ما لم يكونوا أطرافاً في الجريمة التي ارتكبها الموظفين كما يختص أعضاء الرقابة الإدارية بكشف وضبط الجرائم التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة والخدمات العامة، وإذ خلت مدونات الحكم من توافر أي من هذين الأمرين أو أن الظاهر كان يرشح لذلك فإنه يكون فضلاً عما تردى فيه من مخالفة للقانون قد شابه القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عول من بين ما عول به على نتيجة التفتيش الذي أجراه عضو الرقابة الإدارية فإنه يكون معيباً ولا يعصمه من ذلك أن يكون قد عول على أدلة أخرى في الدعوى، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه أو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك مع آخر مجهول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي المستخرجين الرسميين بنجاح...... و....... والتصديق على نجاح ....... المنسوب صدورها إلى الإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم وشهادتي خبرة ....... و........ المنسوب صدورها إلى إدارة غرب الجيزة التعليمية وإدارة شمال القاهرة التعليمية وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزورة بأن اتفق معه على اصطناعها على غرار المستخرجات والتصديقات الصحيحة وقدم له بياناتها فقام ذلك المجهول بإثبات تلك البيانات على خلاف الحقيقة ومهرها بتوقيعات وأختام نسبها زوراً إلى الجهات الحكومية سالفة الذكر وموظفيها فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 211، 212 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما هو منسوب إليه.
فطعن المحكوم عليه والأستاذ/...... المحامي نيابة عنه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش وبطلان الدليل المستمد منها تأسيساً على أن اختصاص رجال الرقابة الإدارية الذين أجروه قاصر على الجرائم التي تقع من الموظفين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم ولما كان الطاعن لا يعمل بالحكومة فإنه لا يكون لرجال الرقابة الإدارية اختصاص بتفتيش منزله غير أن المحكمة ردت على هذا الدفع رداً قاصراً يخالف صحيح القانون مما يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لعدم اختصاص أعضاء هيئة الرقابة الإدارية بضبطه ورد عليه في قوله "إن لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من الموظفين أثناء مباشرتهم لواجبات وظيفتهم والعمل على منع وقوعها وضبط ما يقع منها وتحرير محضر يتضمن ما تم إجراؤه والنتيجة التي أسفر عنها وفي سبيل ذلك لهم الحق في تلقي أية بلاغات تتصل بمباشرة الموظفين لواجبات وظيفتهم والإخلال بها ولما كانت الجرائم موضوع هذا التحقيق تتصل اتصالاً مباشراً بأعمال الموظفين وأن البلاغ قدم من المجني عليهم لهيئة الرقابة الإدارية للتشكيك في صحة المستندات المنسوب صدورها من موظفين عموميين في جهات حكومية مما يستلزم التحري عن صحة هذه الوقائع ولها في سبيل ذلك مباشرة كافة الإجراءات القانونية للكشف عنها ومن ثم فإن التحري عن المتهم وضبطه واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لضبط الواقعة يدخل في صميم اختصاصها" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم لا يصلح رداً على الدفع بعدم اختصاص أعضاء هيئة الرقابة الإدارية بضبط وتفتيش الطاعن. ذلك أن مؤدى الفقرة ج من المادة الثانية والمادة 61 من القانون رقم 54 لسنة 1964 أن اختصاص أعضاء الرقابة الإدارية مقصور على الجرائم التي يقارفها الموظفون العموميون أثناء مباشرتهم لوظائفهم فلا تنبسط ولايتهم على أحاد الناس ما لم يكونوا أطرافاً في الجريمة التي ارتكبها الموظفين كما يختص أعضاء الرقابة الإدارية بكشف وضبط الجرائم التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة والخدمات العامة، وإذ خلت مدونات الحكم من توافر أي من هذين الأمرين أو أن الظاهر كان يرشح لذلك فإنه يكون فضلاً عما تردى فيه من مخالفة للقانون قد شابه القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عول من بين ما عول به على نتيجة التفتيش الذي أجراه عضو الرقابة الإدارية فإنه يكون معيباً ولا يعصمه من ذلك أن يكون قد عول على أدلة أخرى في الدعوى، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه أو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كافة باقي الأدلة لدعم الإدانة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 618 لسنة 58 ق جلسة 5/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ق 100 ص 675

جلسة 5 من مايو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

----------------

(100)
الطعن رقم 618 لسنة 58 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
محاضر التحقيق قد تصلح دليلاً يحتج به في إثبات شخصية من يسألون فيها. أسماء هؤلاء تعد بيانات جوهرية في المحضر. حصول تغيير فيه بانتحال الشخصية يعد ذلك تزويراً في ورقة رسمية. لا يصح القول بدخول ذلك في وسائل الدفاع للمتهم أو انتفاء القصد الجنائي لديه. أساس ذلك؟
(2) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الضرر في التزوير". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر ركن الضرر في جريمة التزوير. موضوعي.
(3) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انتحال الطاعنة بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة اسم أخرى معروفة لديها يتوافر به أركان جريمة التزوير.

----------------
1 - لما كانت محاضر التحقيق قد تصلح دليلاً يحتج به في إثبات شخصية من يسألون فيها فإن أسماء هؤلاء تعد من البيانات الجوهرية في المحضر. فإذا ما حصل التغيير فيه بانتحال الشخصية صح عد ذلك تزويراً في ورقة رسمية. وما قد يقال في هذا الصدد من أن تغيير المتهم اسمه في محضر التحقيق يدخل في عداد وسائل الدفاع التي له، بوصف كونه متهماً، أن يختارها لنفسه - ذلك لا يصح إذا كان المتهم قد انتحل اسم شخص معروف لديه، لأنه في هذه الحالة كان ولا بد يتوقع أن هذا من شأنه إلحاق الضرر بصاحب الاسم المنتحل بتعريضه إياه لاتخاذ الإجراءات الجنائية قبله. كذلك لا يقبل في هذه الحالة التمسك بانتفاء القصد الجنائي قولاً بأن المتهم إنما كان همه التخلص من الجريمة المنسوبة إليه فإنه لا يشترط في التزوير أن يقصد الجاني الإضرار بالغير بل يصح العقاب ولو كان لا يرمي إلا إلى منفعة نفسه.
2 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكان لا يشترط في التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه وتقدير توافر هذا الركن لا شأن لمحكمة النقض به لتعلقه بمحكمة الموضوع وحدها تقدره بحسب ما تراه من ظروف كل دعوى.
3 - لما كان الحكم قد استخلص من الأدلة التي عول عليها في الإدانة أن الطاعنة قد انتحلت بمحضر جمع الاستدلالات وبتحقيقات النيابة اسم...... وهي معروفة لديها إذ تجاورها في المسكن فإنه يكون قد أثبت في حقها توافر أركان جريمة التزوير، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها اشتركت بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية "معاون قسم آداب القاهرة والموظف المختص بتنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية" في ارتكاب جريمة تزوير في محررات رسمية هي محضري الشرطة والتحقيق بنيابة الآداب في القضية رقم........ جنح آداب القاهرة وأوراق التنفيذ الخاصة بها حال تحريرها المختص بوظيفة كل منهم وكان ذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمها بتزويرها بأن انتحلت اسم...... على خلاف الحقيقة فأثبت الموظفان المذكوران ذلك ووقعت على الأوراق بهذا الاسم المنتحل فوقعت الجريمة بناء على هذه المساعدة. وأحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 3، 41، 42، 213 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن تغيير الطاعنة لاسمها بمحضر جمع الاستدلالات وبتحقيقات النيابة يعد من قبيل الدفاع ولا يشكل في حقها جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي. فضلاً عن أن الحكم لم يدلل على توافر القصد الجنائي في حق الطاعنة ولم يعرض لركن الضرر. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت محاضر التحقيق قد تصلح دليلاً يحتج به في إثبات شخصية من يسألون فيها فإن أسماء هؤلاء تعد من البيانات الجوهرية في المحضر. فإذا ما حصل التغيير فيه بانتحال الشخصية صح عد ذلك تزويراً في ورقة رسمية. وما قد يقال في هذا الصدد من أن تغيير المتهم اسمه في محضر التحقيق يدخل في عداد وسائل الدفاع التي له، بوصف كونه متهماً، أن يختارها لنفسه - ذلك لا يصح إذا كان المتهم قد انتحل اسم شخص معروف لديه، لأنه في هذه الحالة كان ولا بد يتوقع أن هذا من شأنه إلحاق الضرر بصاحب الاسم المنتحل بتعريضه إياه لاتخاذ الإجراءات الجنائية قبله. كذلك لا يقبل في هذه الحالة التمسك بانتفاء القصد الجنائي قولاً بأن المتهم إنما كان همه التخلص من الجريمة المنسوبة إليه، فإنه لا يشترط في التزوير أن يقصد الجاني الإضرار بالغير بل يصح العقاب ولو كان لا يرمى إلا إلى منفعة نفسه وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكان لا يشترط في التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه وتقدير توفر هذا الركن لا شأن لمحكمة النقض به لتعلقه بمحكمة الموضوع وحدها تقدره بحسب ما تراه من ظروف كل دعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من الأدلة التي عول عليها في الإدانة أن الطاعنة قد انتحلت بمحضر جمع الاستدلالات وبتحقيقات النيابة اسم....... وهي معروفة لديها إذ تجاورها في المسكن فإنه يكون قد أثبت في حقها توافر أركان جريمة التزوير، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 499 لسنة 56 ق جلسة 28/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 99 ص 671

جلسة 28 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة. صلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

----------------

(99)
الطعن رقم 499 لسنة 56 القضائية

نقد. دعوى جنائية "قيود تحريكها". حكم "بياناته" "بطلانه". بطلان. نقض "أثر الطعن".
الإجراء المنصوص عليه في المادة 9/ 4 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل في حقيقته طلب. يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره من الجهة المختصة. استمرار العمل به طبقاً للمادة 14/ 2 من القانون رقم 97 لسنة 1976. إغفال النص في الحكم على صدور هذا الطلب. بطلانه. ولو ثبت بالأوراق صدور الطلب.
اتصال وجه الطعن بمحكوم عليه آخر. امتداد أثر الطعن إليه.

----------------
حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950، 331 لسنة 1952، 111 لسنة 1953 هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى (وهذا قيد مستمر العمل به بموجب نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذي ألغى القانون رقم 80 لسنة 1947) وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب عن جهة الاختصاص. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب كتابي من وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه لذلك طبقاً لما تقضي به الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 سالفة الذكر، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن مما يتعين معه نقضه والإحالة وذلك بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي لم يطعن في الحكم لاتصال وجه الطعن به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -..... 2 -...... 3 -..... بأنهم تعاملوا في النقد الأجنبي المبين نوعاً وقدراً بالأوراق عن غير طريق المصارف والجهات المعتمدة قانوناً بالتعامل في النقد الأجنبي وطلبت عقابهم بالمواد 1، 7، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل. ومحكمة جنح الشئون المالية والتجارية بالإسكندرية قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما نسب إليهم استأنفت النيابة العامة ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييده بالنسبة للمتهم الثالث وبإجماع الآراء بإلغائه بالنسبة للمتهمين الأول والثاني (الطاعن) وتغريم كل منهما مائتي جنيه والمصادرة.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعامل في نقد أجنبي عن غير طريق المصارف والجهات المعتمدة قانوناً فقد شابه البطلان والقصور في التسبيب ذلك بأنه قد دفع ببطلان إجراءات التحقيق في الدعوى لحصولها قبل صدور إذن بذلك من الجهة المختصة إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع برد غير سديد. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950، 331 لسنة 1952، 111 لسنة 1953 هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى (وهذا قيد مستمر العمل به بموجب نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذي ألغى القانون رقم 80 لسنة 1947) وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب عن جهة الاختصاص. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب كتابي من وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه لذلك طبقاً لما تقضي به الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 سالفة الذكر، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن مما يتعين معه نقضه والإحالة وذلك بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي لم يطعن في الحكم لاتصال وجه الطعن به.

الطعن 457 لسنة 56 ق جلسة 28/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 98 ص 664

جلسة 28 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة، صلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

---------------

(98)
الطعن رقم 457 لسنة 56 القضائية

(1) قانون "تطبيقه" "سريانه من حيث الزمان". تهريب جمركي.
وقوع جريمة التهريب الجمركي في تاريخ سابق على سريان القانون 75 لسنة 1980. أثره خضوعها للقانون رقم 66 لسنة 1963. أساس ذلك؟
(2) تهريب جمركي. إخفاء أشياء متحصلة من جريمة. نقض "الحكم في الطعن. حالات الطعن. مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
التهريب الجمركي. ماهية كل من التهريب الفعلي والتهريب الحكمي؟ المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963.
عدم اعتبار حيازة البضاعة - من غير المهرب لها فاعلاً أو شريكاً - وراء الدائرة الجمركية تهريباً. ولا يعد إخفاء لأشياء متحصلة من جريمة في حكم المادة 44 مكرراً عقوبات علة ذلك؟
مخالفة الحكم هذا النظر. وجوب تصحيحه في هذا الخصوص دون امتداد أثره إلى جريمة أخرى. المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.

----------------
1 - لما كان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن واقعة تهريب السيارة من الرسوم الجمركية قد تمت منذ ستة أشهر سابقة على يوم 24 من إبريل سنة 1980 أي قبل صدور القانون رقم 75 لسنة 1980 - المعمول به من اليوم التالي لتاريخ نشره في 17/ 3/ 1980 - كما أن السيارة ضبطت لدى الطاعن خارج الدائرة الجمركية، وأنه تسلمها من المتهمة الأولى مطلقة مالكها الذي كان قد أدخل السيارة إلى البلاد بصفة مؤقتة باعتباره أجنبياً، ومن ثم فإن الواقعة يحكمها القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك قبل تعديله بالقانون رقم 75 لسنة 1980 باعتبار أنها وقعت خلال فترة سريانه إعمالاً للمبدأ المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات والتي تنص على أنه "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها".
2 - لما كانت المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 قد عرفت التهريب بنصها على أنه "يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ويعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع المهربة. ولا يمنع من إثبات التهريب عدم ضبط البضائع". وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير المادة المذكورة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وهو لا يقع فعلاً أو حكماً إلا عند اجتياز البضاعة للدائرة الجمركية، وعلى ذلك فإن حيازة السلعة فيما وراء هذه الدائرة - من غير المهرب لها فاعلاً كان أو شريكاً - لا يعد في القانون تهريباً، كما لا يعد إخفاء لأشياء متحصلة من جريمة في حكم المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات لأن البين من نص المادة المذكورة ومن مذكرتها التفسيرية وأصلها التشريعي أنها تفترض وقوع جريمة سابقة على مال تنتزع حيازته من صاحبه، فيكون المال المنتزع حصيلة للجريمة ولا كذلك جريمة التهريب، وإذن فإن حيازة البضاعة حيازة مجردة وراء الدائرة الجمركية لا جريمة فيه ولا عقاب عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه رغم ما انتهى إليه من أن السيارة ضبطت خارج الدائرة الجمركية في حيازة شخص آخر غير مالكها وقبل صدور التعديل التشريعي على القانون رقم 66 لسنة 1963 بالقانون رقم 75 لسنة 1980 - قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الخاص بحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والقضاء ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه، دون أن يمتد أثر ذلك إلى المحكوم عليها الأولى لاختلاف التهمة المسندة إليها - تبديد السيارة - عن التهمة الماثلة المسندة إلى الطاعن - التهريب الجمركي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -...... 2 -...... (طاعن) بأنهما أولاً: المتهمة الأولى: بددت السيارة المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه...... والمسلمة إليها على سبيل الوديعة فاختلستها لنفسها إضراراً بمالكها. ثانياً: المتهم الثاني: - أولاً: هرب بضائع أجنبية هي السيارة سالفة الذكر وذلك بالاشتراك مع المتهمة الأولى بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفقت معه على تهريب السيارة من الضرائب الجمركية ومساعدته على ذلك بأن باعت له السيارة وسلمتها إليه فقام المتهم بتغيير لونها واستبدال لوحات الجمارك المنصرفة بأخرى تحمل أرقام ملاكي القاهرة وذلك بقصد التخلص من الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عنها وقد وقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: - قاد السيارة بلوحات معدنية غير خاصة بها. وطلبت عقابهما بمواد الاتهام. ومحكمة جنح العجوزة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة الأولى شهراً مع الشغل والإيقاف عن التهمة المسندة إليها وحبس المتهم الثاني سنتين مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه مبلغ ألف جنيه ودفع مبلغ 3196،820 جنيهاً تعويضاً للجمارك ومبلغ 7571 جنيهاً كبدل المصادرة عن التهمتين. استأنف المحكوم عليهما. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً للمتهمة الأولى وحضورياً للمتهم الثاني (الطاعن) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بالنسبة للمتهمة الأولى برفضه وتأييد الحكم المستأنف وبالنسبة للمتهم الثاني برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة الأولى مع إلغاء عقوبة الحبس وببراءته من التهمة الثانية.
فطعن الأستاذ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تهريب سيارة من الرسوم الجمركية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة بعد اقتناعها بأن السيارة ضبطت خارج الدائرة الجمركية في حيازة من لا يملكها وقبل صدور القانون رقم 75 لسنة 1980 المعدل لقانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 فقد أدانته وأوقعت عليه العقوبة المقررة لجريمة التهريب الجمركي رغم أن الواقعة لم تكن مؤثمة قبل صدور هذا القانون مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن تهمتين الأولى تهريب سيارة من الرسوم الجمركية والثانية قيادته سيارة بلوحات معدنية غير خاصة بها، فقضت المحكمة المطعون في حكمها ببراءته من التهمة الثانية ودانته في التهمة الأولى وسببت قضاءها بالإدانة بما نصه "فإذا كانت الواقعة (التهريب الجمركي) المسندة إليه قد تمت وفقاً لقيد النيابة والثابت بالأوراق في تاريخ سابق على صدور القانون رقم 75 لسنة 1980 المعدل للقانون رقم 66 لسنة 1963 ومن ثم تستبعد المحكمة التغليظ العقابي الوارد بالمادتين 121، 124 مكرراً المشتمل عليهما التعديل التشريعي المذكور أخذاً بعدم رجعية القوانين إعمالاً للقانون الأصلح للمتهم وتجري عقابه عن هذه التهمة الثابتة في حقه عملاً بمواد الاتهام بعد الاستبعاد المذكور والمادة 304/ 2 أ ج". لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن واقعة تهريب السيارة من الرسوم الجمركية قد تمت منذ ستة أشهر سابقة على يوم 24 من إبريل سنة 1980 أي قبل صدور القانون رقم 75 لسنة 1980 - المعمول به من اليوم التالي لتاريخ نشره في 17/ 3/ 1980 - كما أن السيارة ضبطت لدى الطاعن خارج الدائرة الجمركية، وأنه تسلمها من المتهمة الأولى مطلقة مالكها الذي كان قد أدخل السيارة إلى البلاد بصفة مؤقتة باعتباره أجنبياً، ومن ثم فإن الواقعة يحكمها القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك قبل تعديله بالقانون رقم 75 لسنة 1980 باعتبار أنها وقعت خلال فترة سريانه إعمالاً للمبدأ المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات والتي تنص على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها". ولما كانت المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 سالفة الذكر قد عرفت التهريب بنصها على أنه "يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ويعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع المهربة. ولا يمنع من إثبات التهريب عدم ضبط البضائع". وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير المادة المذكورة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة. وهو لا يقع فعلاً أو حكماً إلا عند اجتياز البضاعة للدائرة الجمركية، وعلى ذلك فإن حيازة السلعة فيما وراء هذه الدائرة - من غير المهرب لها فاعلاً كان أو شريكاً - لا يعد في القانون تهريباً، كما لا يعد إخفاء لأشياء متحصلة من جريمة في حكم المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات لأن البين من نص المادة المذكورة ومن مذكرتها التفسيرية وأصلها التشريعي أنها تفترض وقوع جريمة سابقة على مال تنتزع حيازته من صاحبه، فيكون المال المنتزع حصيلة للجريمة ولا كذلك جريمة التهريب، وإذن فإن حيازة البضاعة حيازة مجردة وراء الدائرة الجمركية لا جريمة فيه ولا عقاب عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه رغم ما انتهى إليه من أن السيارة ضبطت خارج الدائرة الجمركية في حيازة شخص آخر غير مالكها وقبل صدور التعديل التشريعي على القانون رقم 66 لسنة 1963 بالقانون رقم 75 لسنة 1980 - قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الخاص بحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والقضاء ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه، دون أن يمتد أثر ذلك إلى المحكوم عليها الأولى لاختلاف التهمة المسندة إليها - تبديد السيارة - عن التهمة الماثلة المسندة إلى الطاعن - التهريب الجمركي -.

الطعن 440 لسنة 56 ق جلسة 28/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 97 ص 658

جلسة 28 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

----------------

(97)
الطعن رقم 440 لسنة 56 القضائية

(1) نقد. دفوع "الدفع ببطلان القبض". تفتيش "التفتيش بغير إذن بقصد التوقي". إثبات "بوجه عام". مطارات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إبداء الدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
تفتيش الضابط للأشخاص المغادرين للبلاد بحثاً عن الأسلحة والذخائر والمفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب. يعتبر إجراء إدارياً وقائياً. وليس من أعمال التحقيق. جواز التعويل على ما يسفر عنه هذا التفتيش من أدلة كاشفة عن جريمة معاقب عليها.
(2) نقد. تهريب جمركي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إباحة حمل المغادر البلاد لنقد أجني. شرطه؟
(3) نقد. تهريب جمركي. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة إخراج النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً. متى تتحقق؟
عدم استلزام القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً.

-------------------
1 - لما كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه أبدى أي دفع ببطلان القبض عليه بقالة وقوعه من أحد ضباط وحدة التفتيش بميناء القاهرة الجوي وهو من غير مأموري الضبط القضائي في شأن جرائم التهريب الجمركي وفي غير حالة التلبس وببطلان ما تلاه من إجراءات وكان من المقرر أنه لا يجوز إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به هذا فضلاً عن أن الواقعة على الصورة التي أوردها الطاعن بأسباب طعنه يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو ذخائر ومفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات فهو تفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدي فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة لا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - لما كان المشرع طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي والمادة 43 من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 يشترط لإباحة حمل المغادر من البلاد لنقد أجنبي توافر أحد أمرين، الأول أن يكون هذا النقد مثبتاً بإقراره الجمركي عند وصوله إلى البلاد والثاني أن يكون مؤشراً به في جواز سفره بمعرفة أحد المصارف المعتمدة أو الجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي وهو ما لم يتوافر في الدعوى المطروحة.
3 - لما كانت جريمة إخراج النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 43 من لائحته التنفيذية تتحقق بحمل المسافر إلى الخارج للنقد الأجنبي دون أن يكون مثبتاً بإقراره الجمركي عند وصوله للبلاد أو غير مؤشر به على جواز سفره من أحد المصارف المعتمدة أو الجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في إخراج أوراق النقد الأجنبي والمصري المبينة بالمحضر من البلاد على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً ومن غير طريق المصارف المعتمدة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. وطلبت عقابه 1، 9، 41 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 والمادتين 42، 43 من اللائحة التنفيذية. ومحكمة جنح الشئون المالية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيه ومصادرة النقد الأجنبي المضبوط ومبلغ 1680 جنيهاً. استأنف المحكوم عليه ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/....... المحامي عن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في إخراج نقد أجنبي ومصري على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه أبدى أي دفع ببطلان القبض عليه بقالة وقوعه من أحد ضباط وحدة التفتيش بميناء القاهرة الجوي - وهو من غير مأموري الضبط القضائي في شأن جرائم التهريب الجمركي وفي حالة التلبس وببطلان ما تلاه من إجراءات وكان من المقرر أنه لا يجوز إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به هذا فضلاً عن أن الواقعة على الصورة التي أوردها الطاعن بأسباب طعنه يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو ذخائر ومفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات فهو تفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة لا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان المشرع طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي والمادة 43 من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 يشترط لإباحة حمل المغادر من البلاد لنقد أجنبي توافر أحد أمرين الأول أن يكون هذا النقد مثبتاً بإقراره الجمركي عند وصوله إلى البلاد والثاني أن يكون مؤشراً به في جواز سفره بمعرفة أحد المصارف المعتمدة أو الجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي وهو ما لم يتوافر في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك وكان الطاعن قد دفع الاتهام بأنه حصل على المبلغ المضبوط بموجب شيكات محولة له من الخارج على بنك الاعتماد والتجارة وأن لديه شهادة من البنك المذكور تثبت صرفه للنقد الأجنبي منه وكان هذا الادعاء - بفرض صحته - لا يؤثر في قيام الجريمة ما دام أن الطاعن لم يقدم الدليل على إدخاله البلاد فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكانت جريمة إخراج النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 43 من لائحته التنفيذية - تتحقق بحمل المسافر إلى الخارج للنقد الأجنبي دون أن يكون مثبتاً بإقراره الجمركي عند وصوله للبلاد أو غير مؤشر به على جواز سفره من أحد المصارف المعتمدة أو الجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يفصح عن عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 7407 لسنة 54 ق جلسة 24/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 96 ص 653

جلسة 24 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ صلاح خاطر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مسعود السعداوي وطلعت الاكيابي ومحمود عبد العال ومحمود عبد الباري.

----------------

(96)
الطعن رقم 7407 لسنة 54 القضائية

نظافة. قانون "قانون أصلح". عقوبة. جريمة. مخالفة. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم.
صدور القانون 129 لسنة 1982 بعد وقوع الفصل وقبل الفصل فيه بحكم بات. في جريمة إلقاء قاذورات في غير الأماكن المخصصة. اعتباره أصلح للمتهم.
تقرير هذا القانون للعقوبة المنصوص عليها فيه بالغرامة التي لا تزيد على مائة جنيه. مؤداه: جعل الجرائم المعاقب عليها بمقتضاه من قبيل المخالفات.
مضي سنة على آخر إجراء في مواد المخالفات. أثره: انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.

----------------
لما كانت النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه بتاريخ 11/ 11/ 1981 بدائرة قسم الأزبكية وضع قمامة في غير الأماكن المحددة وطلبت عقابه بالمادتين 1، 9 من القانون 38 لسنة 1967 المعدل بالقرار بقانون رقم 177 لسنة 1981 ومحكمة أول درجة قضت بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة الدرجة الثانية أصدرت حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك وكان القانون رقم 129 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام القرار بقانون 177 لسنة 1981 في شأن تنظيم مكبرات الصوت والمحال الصناعية والتجارية وأشغال الطرق العامة والنظافة العامة قد صدر في 5/ 8/ 1982 - بعد صدور الحكم المطعون فيه وجعل عقوبة الجريمة التي دين بها المطعون ضده هي الغرامة التي لا تزيد عن مائة جنيه ومن ثم يعد هذا القانون قانوناً أصلح للمطعون ضده ويكون هو الواجب التطبيق عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكانت العقوبة التي قررها القانون الجديد رقم 129 لسنة 1982 - وهي الغرامة التي لا تزيد على مائة جنيه - قد حددت نوع الجريمة التي دين بها المطعون ضده وجعلتها من قبيل المخالفات إعمالاً لحكم المادة 12 من قانون العقوبات المعدلة بالقرار بقانون رقم 169 لسنة 1981 والتي تنص على أن "المخالفات هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه"، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 26/ 5/ 1982 فقررت النيابة العامة الطعن فيه بطريق النقض وأودعت أسباب طعنها في 15/ 6/ 1982 ولم يعرض الطعن على غرفة المشورة بالمحكمة إلا بتاريخ 30/ 4/ 1985 وبذا يكون قد انقضى على الدعوى الجنائية منذ يوم التقرير بالطعن في الحكم إلى يوم عرضه على محكمة النقض منعقدة في غرفة مشورة ما يزيد على مدة السنة المقررة في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد المخالفات دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة وتبعاً لذلك فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبراءة المطعون ضده مما أسند إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في........ وضع قمامة في غير الأماكن المحددة. وطلبت عقابه بالمادتين 1، 9 من القانون 38 لسنة 1967 المعدل بالقانون 177 لسنة 1981. ومحكمة جنح الأزبكية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وتغريمه ثلاثين جنيهاً. استأنف المحكوم عليه ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم والاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة وضع القمامة في غير الأماكن المحددة وقضى بتغريمه عشرة جنيهات قد أخطأ في تطبيق القانون إذ أن العقوبة المقررة لهذه الجريمة وفق ما تنص عليه المادة التاسعة من القانون رقم 38 لسنة 1967 المعدل بالقرار بقانون رقم 177 لسنة 1981 هي الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثين جنيهاً.
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه بتاريخ 11/ 11/ 1981 بدائرة قسم الأزبكية وضع قمامة في غير الأماكن المحددة وطلبت عقابه بالمادتين 1، 9 من القانون 38 لسنة 1967 المعدل بالقرار بقانون رقم 177 لسنة 1981 ومحكمة أول درجة قضت بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة الدرجة الثانية أصدرت حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك وكان القانون رقم 129 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام القرار بقانون 177 لسنة 1981 في شأن تنظيم مكبرات الصوت والمحال الصناعية والتجارية وأشغال الطرق العامة والنظافة العامة قد صدر في 5/ 8/ 1982 بعد صدور الحكم المطعون فيه وجعل عقوبة الجريمة التي دين بها المطعون ضده هي الغرامة التي لا تزيد عن مائة جنيه ومن ثم يعد هذا القانون قانوناً أصلح للمطعون ضده ويكون هو الواجب التطبيق عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكانت العقوبة التي قررها القانون الجديد رقم 129 لسنة 1982 - وهي الغرامة التي لا تزيد على مائة جنيه - قد حددت نوع الجريمة التي دين بها المطعون ضده وجعلتها من قبيل المخالفات إعمالاً لحكم المادة 12 من قانون العقوبات المعدلة بالقرار بقانون رقم 169 لسنة 1981 والتي تنص على أن "المخالفات هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه"، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 26/ 5/ 1982 فقررت النيابة العامة الطعن فيه بطريق النقض وأودعت أسباب طعنها في 15/ 6/ 1982 ولم يعرض الطعن على غرفة المشورة بالمحكمة إلا بتاريخ 30/ 4/ 1985 وبذا يكون قد انقضى على الدعوى الجنائية منذ يوم التقرير بالطعن في الحكم إلى يوم عرضه على محكمة النقض منعقدة في غرفة. مشورة ما يزيد على مدة السنة المقرر في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد المخالفات دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة وتبعاً فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبراءة المطعون ضده مما أسند إليه.

الطعن 1321 لسنة 19 ق جلسة 2/ 1/ 1950 مكتب فني 1 ق 75 ص 215

جلسة 2 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

----------------

(75)
القضية رقم 1321 سنة 19 القضائية

أ - نقض. 

التقرير به في الميعاد. تقديم الأسباب في الميعاد ولو مقصورة على عدم ختم الحكم في خلال الثمانية الأيام التالية لصدوره. حق الطاعن في أن يمنح مهلة لتقديم أسباب طعنه على الحكم. ليس لخصمه أن يحرمه من ذلك بإعلانه بالحكم.
ب - حكم. تسبيبه. 

مثال للقصور.

----------------
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى قرر الطاعن النقض في الميعاد وشفع ذلك بتقرير بالأسباب مؤداه عدم ختم الحكم في خلال ثمانية الأيام التالية لصدوره فقد حق له أن يحصل على مهلة عشرة أيام لإعداد أسباب طعنه وتقديمها،
على أن تبدأ هذه المهلة من اليوم التالي للجلسة التي ينظر فيها الطعن أمام المحكمة بعد ختم الحكم، وعلى أن المهلة المذكورة لا تبدأ من يوم العلم به بأية وسيلة يقينية،
وإنما هي جزء من النظام الذي انتهت إليه محكمة النقض، لتكفل للطاعنين فسحة من الوقت لإعداد طعونهم، وتتجنب المحكمة الجدل الذي ينفتح بابه إذا ما سمح بالبحث فيما إذا كان الطاعن قد علم بصورة يقينية أو كان في استطاعته أن يعلم بالحكم وأسبابه قبل الجلسة المشار إليها. وإذن فلا يمنع من إعطاء هذه المهلة أن يكون المدعى بالحقوق المدنية قد أعلن الطاعن بصورة الحكم المشتملة على أسبابه فلم يقدم أسباب الطعن في مدى عشرة أيام من تاريخ إعلانه بهذه الصورة.
2 - إذا كان الحكم حين أدان المتهم بالقتل المقترن بالسرقة وطبق عليه المادة 234/2 ع قد حدد الأشياء التي أسند إلى المتهم سرقتها بأنها نقود المصروف الشهري ومصوغات, وكان قد أخذ في بيان هذه المصوغات بكشف مقدم من ابن المجني عليها الذي قرر أنه هو نفسه لا يعرف شيئاً عنها وأحاله في بيانها إلى شقيقاته اللاتي لم يسمع لهن قول لا في التحقيقات ولا بالجلسة ولم يبين الحكم سبب إغفال سماعهن، وكان ما أورده من أقوال لباقي الشهود في صدد الاستدلال على حصول السرقة ليس إلا خاصاً بما قيل عن سرقة النقود والقليل التافه من المصوغات، ولم يكن بالحكم ما يبين أن تلك المصوغات لم تكن توجد في الخزانة الحديدية ولا في غيرها من أماكن الحفظ التي أثبت وجودها في غرفة المجني عليها وذكر أنها كانت تحمل مفتاحها، وكانت شهادة ابن المجني عليها التي اعتمد عليها في السرقة منقولة عن الغير، ومع استمساك الدفاع بسماع من نقلت عنه هذه الشهادة فإن المحكمة لم تسمعه وكان سماعه ممكناً - إذا كان ذلك وكان الحكم قد قطع بأن المتهم لم يترك دار المجني عليها من وقت وقوع الجريمة لحين القبض عليه وأن شخصاً آخر غيره لم يدخلها، كما أثبت أن جميع معالم القتل قد كشفت أمرها بإرشاد الخادم الآخر المرافق له والذي كان شاهد الرؤية الوحيد عليه وأن هذا الخادم لم يذكر شيئاً عن السرقة وأن شيئاً من المسروقات لم يضبط، ومع ذلك لم يبين كيف كان الميسور للمتهم أن يخفي ما سرقه، وكان رده على دفاع المتهم في هذا الخصوص مبنياً على فروض وتقريرات لا تصلح سنداً في مقام الإدانة، فهذا الحكم يكون فيما قرره عن السرقة، وبما أغفله من الرد على دفاع للمتهم له صلته بالواقعة المطروحة على المحكمة قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه قتل السيدة جوليا دوس عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها وفاجأها أثناء نومها وكتم فاها وضغط عنقها بيده قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر سرق مصوغات المجني عليها المذكورة والأشياء الأخرى الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها والذي ترك بها أثر الإصابات سالفة الذكر الأمر المنطبق على المادة 314 / 2 من قانون العقوبات، وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230 و231 و234 / 2 من قانون العقوبات، فقرر بذلك.
وادعى حضرة صاحب السعادة توفيق دوس باشا بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
سمعت محكمة جنايات مصر الدعوى وقضت حضورياً عملا بالمادة 234 / 3 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً تعويضاً مؤقتاً مع المصاريف المدنية الخ الخ. وذلك على اعتبار أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل عمداً السيدة جوليا دوس بأن انتوى قتلها وفاجأها في فراشها وهي نائمة وضغط بيديه على عنقها ومسالك تنفسها وتسبب عن ذلك خنقها وكتم نفسها فتوفيت باسفكسيا الخنق وكتم التنفس وكان قاصداً من ذلك سرقة نقودها ومصوغاتها المبينة في المحضر.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض يوم صدوره، وقدم تقريراً في 25 يونيه سنة 1949 مفاده أن الحكم المطعون فيه لم يختم في الميعاد القانوني أرفق به شهادة رسمية تؤيد ذلك وطلب فيه أجلا ليقدم خلاله الأسباب التفصيلية لطعنه.
وبجلسة يوم الاثنين 24 أكتوبر سنة 1949 المحددة لنظر الطعن حضر المدعى المدني ودفع بعدم إجابة الطاعن لطلبه مهلة ليقدم فيها الأسباب التكميلية للطعن على الحكم ذاته، وقال إنه وقد أعلن الطاعن بالحكم المطعون فيه بتاريخ 6 يوليه سنة 1949 فقد كان واجباً عليه أن يقدم هذه الأسباب في فترة العشرة الأيام التي تبدأ من اليوم التالي لتاريخ إعلانه هذا، أما وهو لم يقدمها في هذه الفترة فقد سقط حقه في ذلك، وبما أن الأسباب الحالية المقدمة منه هي كما سار عليه قضاء النقض لا يوءبه لها ولا تصلح مطعناً على الحكم ذاته، فيكون طعنه واجب الرفض، والنيابة من جانبها عارضت هذا النظر، وطلبت إلى المحكمة تقرير منح الطاعن لهذه المهلة لأن الأجل مثار دفع المدعي بالحقوق المدنية إنما يبدأ ميعاده من اليوم التالي لصدور قرار محكمة النقض به لا من اليوم التالي لتاريخ هذا الإجراء الذي اتخذه المدعى المدني في حق الطاعن. والطاعن من جهته صمم على طلب المهلة.
والمحكمة بعد سماعها لما تقدم قررت إعطاء الطاعن أجلا مداه عشرة أيام كاملة ليقدم خلاله ما يرى تقديمه من أسباب، فقدمها الخ الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن قرر الطعن في الميعاد القانوني، وقدم في هذا الميعاد تقريراً بأسباب طعنه بناه على أن الحكم المطعون فيه لم يختم في ميعاد الثمانية الأيام التالية لصدوره ودعمه بشهادة استند إليها في طلب مهلة عشرة أيام يقدم فيها أسباب طعنه على الحكم بعد أن ختم.
ومن حيث إن المدعى بالحقوق المدنية دفع بعدم قبول هذا الطعن شكلا وقال في بيان ذلك إنه لما كان الغرض من منح المهلة هو أن يكون للطاعن عشرة أيام كاملة بعد ختم الحكم يتمكن في خلالها من بحث أسبابه وإعداد تقرير بأسباب طعنه، وكان هو قد سبق من مدة قبل الجلسة أن أعلن الطاعن بصورة من الحكم المطعون فيه مشتملة على أسبابه (وقدم أصل الحكم معلناً إلى الطاعن في 16 من يولية سنة 1949 مخاطباً مع مأمور السجن) وكان الطاعن لم يقدم تقرير الأسباب في خلال عشرة الأيام التالية لتاريخ هذا الإعلان الذي تحقق به الغرض من إعطاء المهلة، فإنه يكون بذلك قد فوت على نفسه الميعاد المقرر بالقانون لتقديم الأسباب، مما يتعين معه قبول الدفع.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى قرر الطاعن النقض في الميعاد وشفع ذلك بتقرير الأسباب ولو كانت مقصورة على مجرد عدم ختم الحكم في خلال ثمانية الأيام التالية لصدوره، فقد حق له أن يحصل على مهلة عشرة أيام لإعداد أسباب طعنه وتقديمها، على أن تبدأ هذه المهلة من اليوم التالي للجلسة التي ينظر فيها الطعن أمام المحكمة بعد ختم الحكم، وعلى أن المهلة المذكورة ليست امتداداً لميعاد الطعن القانوني بسبب مانع حال بين الطاعن وبين العلم بصدور الحكم عليه حتى يقال إنها يجب أن تبدأ من يوم العلم به بأية وسيلة يقينية وإنما هي جزء من النظام الذي انتهت إليه محكمة النقض، والذي يكفل للطاعنين فسحة من الوقت لإعداد طعونهم ويجنب المحكمة الجدل الذي ينفتح بابه إذا ما سمح بالبحث فيما إذا كان الطاعن قد علم بصورة يقينية بالحكم وأسبابه أو كان في استطاعته أن يعلم قبل الجلسة المشار إليها.
وحيث إنه متى تقرر ذلك، وكان الطاعن قد قدم الأسباب التكميلية لطعنه في خلال المهلة الممنوحة له، فإن ما دفع به المدعى بالحقوق المدنية يكون في غير محله.
وحيث إن مما بنى عليه هذا الطعن أن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات على أساس أنه قتل المجني عليها عمداً بقصد السرقة، في حين أن جريمة السرقة المسندة إليه لا تقوم على أساس من وقائع الدعوى ولا أصل لها في تحقيقاتها. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن ما قطع به الحكم من أن السرقة جاءت تالية للقتل وإنها كانت الباعث عليه، وإن الطاعن لم يترك دار المجني عليها منذ وقوع الجريمة لوقت القبض عليه وهو لا يزال فيها، وإن شخصاً غريباً عن الدار لم يغشها - ما قطع به الحكم من كل ذلك وانتهى منه إلى اعتبار السرقة واقعة من الطاعن كان من شأنه أن يؤدي إلى وجود المسروقات بالدار، وهي قد جرى تفتيشها عدة مرات متواليات كما فتشت حقيبة الطاعن وأشياؤه وفتش البدروم فلم يعثر على شيء مما قيل بسرقته وإنما عثر على اللفافة المحتوية معالم جريمة القتل مخبأة في غرفة البدروم مما اتخذه الحكم دليلاً على مقارفة الطاعن للقتل، وكان يلزم عنه لو أنه كان مقارفاً للسرقة أيضاً أن يخفي المسروقات في نفس المكان، كما أن الغلام يحيى محمد حسين الذي أخذت المحكمة بأقواله في ثبوت القتل على الطاعن وتصوير الطريقة التي ارتكبه بها لم يذكر شيئاً مطلقاً عن السرقة، ثم أن المصوغات وهي الشطر الأعظم مما أسند إلى الطاعن سرقته واقتراف القتل من أجله لم يحصل التبليغ عنها إلا بعد الحادث بثلاثة عشر يوماً وقد شارف التحقيق نهايته وهيئت الدعوى للمحاكمة، وكذلك فالنيابة بدورها لم تأخذ دعوى السرقة مأخذ الجد، فهي لم تقم بأي عمل من أعمال التحقيق في بلاغ سرقة المصوغات سالف الذكر من نحو سؤال الوارد ذكره فيه ولا هي عاينت المكان الذي قيل إن المصوغات كانت به أو يحتمل أنها كانت موجودة فيه. ثم إن الحكم إذ قرر بوقوع السرقة وبأن الطاعن هو السارق قد قصر في الأسباب، وأخل بحق الدفاع وجاء متخاذلا مضطرباً، ذلك أن النيابة قد حددت تهمة السرقة بالجلسة في المصوغات والنقود، ودافع الحاضر عن الطاعن بانتفاء واقعة السرقة مستنداً في ذلك إلى أدلة مفصلة بينها وهي منبتة بمحضر الجلسة فأغفل الحكم الرد على معظمها، وقصر وتخاذل فيما رد عليه منها، فقد قال الدفاع إن الأستاذ فيليب ابن المجني عليها قال بأنه رأى الخاتمين والساعة في يد والدته قبل مغادرته المنزل يوم الحادث، ومع ذلك فهو لم يستطع أن يصف الخاتمين أو يذكر في أي اليدين كان الخاتمان، كما قرر هو ووالده أن المجني عليها تلبس هذه المصوغات منذ عشر سنين، ومع ذلك فقد قرر الأطباء الشرعيون عند سؤالهم أمام المحكمة أن لبس الخواتم مدة طويلة من شأنه أن يترك بالأصابع أثراً وأن هذا الأثر لم يذكر شيء عن وجوده بأصابع المجني عليها وأنه قد وجد بأذني المجني عليها بعد الحادث قرط أصفر وبأصبع يدها دبلة من الذهب، فلو أن الطاعن سرق الخاتمين والساعة لما أغفل انتزاع القرط والدبلة أيضاً، وأن الطاعن ما كان بحاجة إلى القتل من أجل السرقة وسبيلها مهيأ له بحكم وجوده في الدار كخادم مستديم، وبخاصة وقد ثبت في التحقيقات وجاء بالحكم أن المجني عليها كانت قبيل الحادث في أسيوط حيث أقامت أكثر من أسبوعين. فكان للطاعن لو أنه أراد السرقة أن يفعل والمنزل خلو من الرجلين الوحيدين به أثناء النهار، وكذلك ما كان الطاعن بحاجة إلى كسر درج "البوريه" وقد ثبت وجود مفتاحه ومفتاح الخزانة فوقه فلو أنه انتوى السرقة لاستعمل المفتاح بدلا من العنف الذي كان ثقيلا يكشف أمره بل ولفتح الخزانة أيضاً، ولاستلزم انتزاع قفل الدرج ترك أثر أو بصمة تدل عليه الأمر الذي نفاه عامل تحقيق الشخصية، وأنه مما لا يقبل عقلا أن تودع المجني عليها نقوداً أو مصوغات في هذا الدرج الذي تبين من المعاينة امتلاؤه بأشياء غير ذات قيمة في حين توجد بنفس الغرفة خزانة من الحديد ومع المجني عليها مفتاحها، بل أن هذه الخزانة لم يفتحها أحد من المحققين ليتبين إن كانت النقود والمصوغات المقول بسرقتها موجودة بها أم غير ذلك فيحصل التحقق من وقوع السرقة، وبخاصة أن زوج المجني عليها ونجلها لم يجيبا في التحقيقات ولا أمام المحكمة بما يقطع بأنها كانت تضع في الدرج المذكور نقوداً، ثم يضيف الطاعن أن الأستاذ فيليب بشارة نجل المجني عليها إذ سئل في بلاغه المتأخر عن بيان المصوغات المقول بسرقتها أجاب بأنه لا يعرف شيئاً عنها وأن أخواته هن اللاتي يعرفنها، فوجه الدفاع نظر المحكمة إلى أن هؤلاء السيدات شقيقات المبلغ لم تسمع لهن أقوال، بل إنه لم يجر أي تحقيق في موضوع السرقة، ولم يعرف كنه هذه المسروقات، ولكن المحكمة أخذت بواقعة السرقة وأغفلت تحقيقها التحقيق الذي تستأهله فتسد النقص الذي تركته النيابة وتركه البوليس في شأنها، فجاء لذلك حكمها مشوباً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "قتل السيدة جوليا دوس عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنه في الزمان والمكان ذاتهما سرق مصوغات المجني عليها المذكورة والأشياء الأخرى الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليها والذي ترك بها أثر الإصابات سالفة الذكر الأمر المنطبق على المادة 314 / 2 من قانون العقوبات" وقدمته النيابة للإحالة بالمواد 230 و231 و234/ 2 من قانون العقوبات، فأحاله قاضي الإحالة بالمواد المذكورة إلى محكمة الجنايات، فقضت بحكمها المطعون فيه بمعاقبته عملا بالمادة 234 /3 من قانون العقوبات بالإعدام وبالتعويض المدني، ولم تأخذ بظرف سبق الإصرار واعتبرت الفعل الواقع من الطاعن فعلا عمداً مقصوداً منه ارتكاب جنحة سرقة مال المجني عليها ومصوغاتها، وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 234 المذكورة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "ومن حيث إن وقائع الدعوى التي ثبتت للمحكمة من أوراق القضية والتحقيقات التي أجريت فيها ومن المعاينة والتقارير الطبية تتحصل في أنه في يوم 14 من نوفمبر سنة 1948 الموافق 13 من محرم سنة 1368 حضر سعادة توفيق دوس باشا إلى مكتب سعادة النائب العام وأبلغه بأن شقيقته السيدة جوليا دوس حرم حضرة بشارة حنا بك المقيمة بشارع الظاهر رقم 51 التابع لقسم الوايلي وجدت مقتولة على سريرها صباح اليوم المذكور ووجد بعض مصوغاتها مسروقا، كما وجد بعض الأدراج بغرفتها والغرف الأخرى مكسوراً، وطلب تحقيق ذلك، فأحال سعادة النائب العام هذا البلاغ إلى نيابة شمال القاهرة لتحقيقه، فانتقل أحد وكلائها إلى منزل المجني عليها ولحق به بعض الأطباء الشرعيين للكشف على الجثة لمعرفة سبب الوفاة، فتبين من المعاينة التي تولاها حضرة وكيل النيابة المحقق بأن المنزل رقم 51 المذكور مكون من طابقين وتحوطه حديقة من جميع الجهات ويسكن الطابق الأول حضرة بشارة حنا بك وأسرته ويسكن الأستاذ بركات بركات الموظف بوزارة الداخلية في الطابق الثاني، ويرتفع الدور الأول عن أرض الحديقة بعشر درجات، ويقع سلم هذا الطابق في مواجهة الباب العمومي للحديقة، ويبعد عنه بحوالي اثنى عشر متراً، ويصل هذا السلم إلى فرندة تفتح على حجرة الصالون ويلي غرفة الصالون صالة يفتح بابها في مواجهة الفرندة ويوجد على يسار الداخل لهذه الصالة باب حجرة المجني عليها المخصصة لنومها، وتبلغ مساحة هذه الحجرة حوالي الخمسة أمتار طولا ومثلها عرضاً، وفيها سريران الأول على بعد مترين من باب الحجرة والثاني بجواره، وبينهما دولاب صغير (كومودينو) ووجد أثاث الغرفة مرتباً، وقال بشارة بك إنه كان على كل سرير غطاء (كوفرتة) ولحاف وإنه لم يجد على سرير زوجته غطاءه ولحافه، كما لم يجد غطاء السرير الآخر، ووجد بالغرفة من الأثاث عدا ما ذكر دولابان كبيران (ولافومانو) وخزنة حديد وشماعة للملابس وأخرى للفوط، ووجد قفل الدرج الأعلى للبوريه منزوعاً من مكانه ولسانه بارزاً مما يدل على أن هذا الدرج قد فتح بالضغط، وتبين أن لهذه الغرفة نافذتين تطلان على الحديقة إحداهما في الحائط البحري والأخرى في الحائط الشرقي وترتفعان عن أرض الحديقة بحوالي المتر ولم يظهر أي أثر على أن أحداً تسلق من الحديقة إلى داخل الحجرة عن طريق هاتين النافذتين ووجدت أواني الفطور وأباريق الشاي في حوض المطبخ بدون غسل ووجدت المجني عليها مسجاة على ظهرها على السرير الداخلي ورأسها فوق وسادتين للجهة الغربية من الحجرة وقدماها للجهة الشرقية وتبدو في مظهرها كما لو كانت نائمة نوماً طبيعياً، وشاهد المحقق بظهر يدها اليمنى إصابة عضية طولها حوالي أربعة سنتمترات وحوافيها مجلوطة، وقد سالت منها بعض الدماء كما شاهد بالجزء الأيسر من الرقبة تسلخات طولها حوالي عشرة سنتيمترات وأثر دماء في فتحتي الأنف يدل على حصول نزيف منهما وندب حضرة الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على الجثة وتشريحها لبيان ما بها من إصابات وسببها وسبب الوفاة وكشف على خادم المنزل عبد المحسن إسماعيل حسين بمعرفة حضرة الطبيب الشرعي فوجد بجسمه ووجهه إصابات وأسفر تفتيش البوليس في مكان الحادث عن العثور على بعض خرق بالية ملوثة بالدماء في غرفة البواب أثبت المحقق أنها دماء جافة، وقال البواب عنها إن هذه التلوثات الدموية هي من طمث زوجته، وتبين في التحقيق أن بشارة بك حنا وأسرته يقطنون هذا المنزل من سنين عدة، ويقوم على خدمتهم عبد المحسن إسماعيل حسين (المتهم) ويعاونه ابن أخته الغلام يحي محمد حسين وأنه في يوم الحادث اجتمعت الأسرة على مائدة الإفطار وبعد أن فرغوا من طعامهم بارح المنزل الأستاذ فيليب بشارة لعمله ثم خرج والده بشارة بك قاصداً الكنيسة وبقيت السيدة المجني عليها بمفردها مع الخادمين، وقد طلبت إليهما أن يبدأ بتنظيف غرفتها لتستريح، ففعلا ما أمرتهما به وأوت السيدة إلى مخدعها ورقدت على سريرها وتركتهما يقومان على غسيل أواني الإفطار ثم الاستعداد لطهي طعام الغداء وحوالي الساعة 10 ونصف صباحاً حضر إلى المنزل من يدعى سيد عبد الرحمن عبد العزيز الذي كان مكلفاً من قبل حضرة بشارة بك بشراء قفص من البلح وشحنه ليخبر بشارة بك بما فعله وليعطيه ما تبقى من النقود، وكذلك بوليصة الشحن، ولما قرع جرس الباب خرج له الغلام يحيى فسأله عن سيده فأجابه بأنه خرج، ثم سأله عن سيدته فدخل الغلام واستدعى خاله المتهم الذي حضر بعد فترة طويلة وكان مضطرباً ولقي سيد المذكور على باب المنزل وأخبره بأن سيدته خرجت هي الأخرى، فأعطاه باقي النقود وبوليصة الشحن ليسلمها لسيده عند عودته وانصرف، وأغلق المتهم الباب خلفه، وبعد قليل فتح المتهم إحدى نوافذ حجرة الصالون ونادى بواب المنزل والجنايني وأخبرهما بأنه دخل على سيدته في حجرتها ليعطيها النقود والبوليصة، ولما أن نادى عليها مرارا فلم ترد عليه، وطلب إليهما أن يدخلا المنزل ليريا ما بها، فدخل الجنايني الحجرة إلى مقربة من السرير، فوجد المجني عليها متوفاة، فخرج وامتنع البواب عن الدخول، ثم أرسل المتهم الغلام يحيى ليدعو بعض أقارب سيدته، وبعد ذلك حضر عزيز فلتس أفندي ابن عمة بشارة بك ليقدم العزاء للمجني عليها في وفاة قريبة لها ودق جرس الباب ففتح له الخادم، وعقب دخوله أخبره بأن سيدته نائمة في غرفتها ولا ترد جواباً، ولاحظ عليه الارتباك، وعلى أثر ذلك حضرة الست ماتيلدة نخلة ودخلت على المجني عليها فوجدتها راقدة في فراشها ومتوفاة، ولاحظت بوجهها إصابات وبيدها اليمنى أثر العض، وتفقدت خاتمين وساعة يد كانت تلبسها فلم تجدها، فخرجت إلى عزيز أفندي فلتس وأسرت إليه بما رأت فعمل على استدعاء بشارة بك، ولما حضر وعلم بوفاة زوجته استدعى طبيب العائلة وهو الدكتور فرنسيس الياس وكشف على الجثة فاشتبه في وفاتها مقرراً أنها جنائية، ووصل نبأ الحادث إلى ابن المجني عليها الأستاذ فيليب بشارة وشقيقها سعادة توفيق دوس باشا فحضر إلى المنزل ولما تحققت لديهما الجريمة من استحالة وصول أجنبي للمنزل لاقتراف الجريمة ومن الإصابات التي وجدت بالجثة ومن فقد الخاتمين والساعة ومن مشاهدة درج البوريه مكسوراً عنوة ومن سرقة النقود التي كانت المجني عليها تضعها فيه للمصروف الشهري بادر سعادة توفيق دوس باشا بإبلاغ الحادث إلى النيابة وانحصرت الشبهة في الخادمين حيث ثبت بالدليل القاطع أن أحداً لم يدخل المنزل من وقت خروج بشارة بك ونجله واستدعاء الخادم للجنايني والبواب وأن جميع نوافذ المسكن وأبوابه كانت مغلقة إغلاقاً تاماً ولأنهما أهملا غسيل أواني الفطور وتركاها بمكانها الأمر الذي يدل على أنهما كانا مشغولين بعمل آخر ألهاهما عن غسلها ولأنه وجدت إصابات بالخادم الكبير (المتهم) قرر حضرة الطبيب الشرعي أنها تحدث من المقاومة، وبعد انتهاء التحقيق في صباح اليوم الأول من أيامه أمرت النيابة بحبس الخادم عبد المحسن إسماعيل حسين احتياطيا والتحفظ على ابن أخته وآخرين ريثما يستكمل التحقيق في اليوم التالي، فسيق المتهم إلى السجن وأخذ الضابطان أحمد سليمان أفندي ومحمد سيف اليزل أفندي الغلام يحيى إلى دار المحافظة، وفي طريقهما إليها أخذا يسديان إليه النصح بأن يفضى إليهما بحقيقة الحادث ولما وصلا به إلى دار المحافظة أخبرهما بأن حقيقة الواقعة هي أن خاله المتهم دخل على سيدته وهي نائمة في فراشها وقتلها بأن خنقها وكتم نفسها حتى أزهق روحها وأن الدماء نزفت منها ولوثت ملاءة الفرش وغطاء السرير (الكوفرته) فاستبدلهما بغيرهما وأخفاهما في إحدى غرف البدروم وأظهر استعداده للإرشاد عن مكانهما فانتقل الضابطان يصحبهما الغلام إلى المنزل للإرشاد وهناك أيقظا مخدومه الأستاذ فيليب بشارة من نومه، وبحضوره أرشدهم الغلام عن المكان الذي أخفى فيه هذه الأشياء وإذا به إحدى غرف البدروم ولها باب من حديد مقفل بقفل ولها باب آخر يصلها بغرفة أخرى مثبت عليه ألواح خشبية كسرها الضابطان ودخلا الغرفة فعثرا على لفافة كبيرة عبارة عن ملفحة قد لف فيها غطاء السرير وملاية الفرش الملوثتان بالدماء وجلباب للغلام وقطعة من قماش مبللة بالماء وسروال للمجني عليه وكانت موضوعة بين أشياء مهملة، فألقيا هذه اللفافة في مكانها واتصلا برئيسهما مفتش المباحث وأبلغاه الأمر، فاتصل حضرة المفتش بدوره بوكيل النيابة المحقق وأبلغه ما عمله من الضابطين فحضر النائب إلى دار المحافظة، وسأل الغلام، فقرر ما سبق أن ذكره للضابطين ثم انتقل إلى بدروم المنزل وعاين البدروم والغرفة التي فيها اللفافة وأثبت حالتها وسأل الخادم عما اعترف به ابن أخته فأصر على الإنكار، كما أنكر ملكيته للملفحة، وجيء بأحد الكلاب البوليسية وشم الملفحة وعرض عليه الخادم بين آخرين فتعرف عليه غير مرة، ودلت معاينة النيابة لغرفة البدروم على أن لها شباكين يطلان على الحديقة مثبتاً على فتحتيهما قضيبان من الحديد كل منهما إطار من السلك الشبكي، وبأنه يستحيل أن تلقى اللفافة إلى داخل الغرفة من إحدى هاتين النافذتين، وعثر في حقيبة ملابس المتهم على مفتاح صغير اعترف المتهم بملكيته له وصار تجربته على القفل المركب على باب الغرفة بمعرفة وكيل النيابة ففتحه بصعوبة. وفي يوم 27 نوفمبر سنة 1948 قدم الأستاذ فيليب بشارة بلاغاً للنيابة يذكر فيه أنه قد سرق من المنزل مصوغات للسيدة والدته بينها تفصيلا كانت موضوعة في درج البوريه الذي وجد مكسوراً ومسدس له كان يضعه في غرفة نومه وأنه لم يتبين سرقة هذه الأشياء إلا بعد أن حضرت شقيقاته وبحثن عنها ولم يجدنها واتهم الخادم بسرقتها أيضاً". وذكر الأدلة التي استند إليها في ثبوتها، ثم تعرض لدفاع الطاعن المبين بوجه الطعن فقال: "وحيث إن دفاع المتهم انحصر في التدليل على عدم وجود باعث يدعوه إلى ارتكاب هذه الجناية، ونفى حصول السرقة..." وحيث إن الباعث على الجريمة هو السرقة، ولا شك في ذلك سواء كان القاتل هو خادم المنزل أو شخص غريب عنه لأن المجني عليها وهي سيدة طاعنة في السن عرف عنها البر بالفقراء، والعطف على الكافة فلا يقتلها إلا طامع في مالها... والدليل على حصول السرقة مستمد من كسر درج البوريه وفقدان نقود المصروف الشهري التي كانت فيه، وفقدان خاتمي وساعة المجني عليها التي كانت تلبسها دائماً، كما شهد بذلك ابنها وزوجها في التحقيق وبالجلسة، وكما شهد به الدكتور فرنسيس الياس والسيدة ماتيلدة في الجلسة، وفقدان باقي المصوغات التي أبلغ عنها الأستاذ فيليب بشارة. وحيث إنه عن سرقة النقود والمصوغات فإن الدفاع دلل على نفي حصولها مما تلمسه من التحقيق في أقوال الشهود حسب ما عن له من تجريح هذه الأقوال كما هو مدون في محضر الجلسة... وعلى أن المفاتيح وجدت فوق البوريه أي أنها كانت في متناول يد الجاني، وكان من السهل عليه أن يفتح بها ما يشاء من أدراج الخزنة الحديدية، وعلى أن التأخير في التبليغ عن سرقة باقي المصوغات مدعاة إلى الشك في صحة القول بسرقتها، وعلى عدم معقولية وضع هذه المصوغات في درج البوريه مع وجود خزنة حديدية في الغرفة، وعلى أنه لم يضبط مع المتهم وقت تفتيشه شيء من هذه المسروقات، وعلى أنه لم يرد في تقرير الصفة التشريحية ما يفيد أنه وجد بيدي المجني عليها أثر للبسها الخاتمين والساعة على وجه الاستمرار. وحيث إن ما تلمسه الدفاع من ثنايا أقوال أقارب المجني عليها في التحقيق أو الجلسة وما عن له من تجريح لا يمس جوهر شهادتهم بالنسبة لحصول السرقة ولا يضعف من الدليل المادي المستمد من كسر درج البوريه ونزع قفله عنوة ذلك الكسر الذي شاهده كل من دخل غرفة المجني عليها قبل معاينة النيابة والذي ورد ذكره صراحة في تبليغ سعادة توفيق دوس باشا لسعادة النائب العام مع سرقة المصاغ، وأن من ينظر إلى مركز عائلة المجني عليها نظرة الاعتبار والتقدير كما استبان ذلك من ثنايا الدفاع نفسه لا يساوره شك في صحة ما قرره أفرادها عن السرقة، والقول بغير ذلك جناية على الواقع، ومن يقدر فظاعة الجريمة وشدة وقعها في نفوس أفراد هذه العائلة، وأنهم كانوا يدلون بمعلوماتهم في التحقيق وهم مأخوذون بهول فجيعتهم في سيدة من أعز الناس لديهم لا يؤاخذهم بما أخطأوا فيه سهواً عن ذكره ثم ذكروه فيما بعد، أما القول بأن المفاتيح كانت فوق البوريه في متناول الجاني، فإن ظروف وضعها في هذا المكان لم تعرف، وكذلك الظروف التي أحاطت بالجاني عند كسره درج البوريه، أما تأخير بلاغ الأستاذ فيليب بشارة عن سرقة باقي المصوغات، فذلك لا يؤثر على صحة ما ورد في هذا البلاغ ما دامت أسباب هذا التأخير قد توضحت وهي أسباب مقبولة، وهي أن المسروقات من صميم ما يعرفه السيدات، والطبيعي ألا يعرف أمرها إلا شقيقاته، وأما وضع المصوغات في درج البوريه وعدم معقولية ذلك، فإن مرجعه تصرف صاحبه هذا المصاغ، ولا ضير عليها إن هي حفظته في هذا الدرج مادامت تحتفظ بمفتاحه. أما القول بأنه لم يضبط مع المتهم شيء من المسروقات، فذلك لا ينهض دليلا على نفي السرقة لأنه كان منفرداً بالمنزل وقتاً طويلا، ومن الميسور له أن يخفي ما سرقه ولا يحمل معه دليل إجرامه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات محكمة الموضوع وعلى أوراق القضية التي ضمت تحقيقاً لوجه الطعن أن محامي الطاعن قد دفع تهمة السرقة بما ورد في وجه الطعن وبما له أصل في التحقيقات.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه، إذ دان الطاعن بالقتل العمد المقصود به السرقة، قد حدد المسروقات بأنها نقود المصروف الشهري والمصوغات، وكان ما أورده من أقوال للشهود، واستدل به على حصول سرقه، إنما جاء خاصاً بما قيل عن سرقة النقود والخاتمين والساعة وهي البعض القليل من المسروقات، فلم يتناول شيئاً عن سرقة الجزء الأكبر منها وهو المصوغات المبينة بالكشف المقدم من ابن المجني عليها أخيراً والذي قرر هو نفسه أنه لا يعرف شيئاً عنها، بل أحال الأمر كله إلى شقيقاته، وهؤلاء لم يسمع لهن قول لا في التحقيقات ولا بالجلسة، ولم يبين الحكم سبب إغفال سماعهن، كما لم يبين أن الخزانة الحديدية وباقي أماكن الحفظ التي أثبت وجودها في غرفة المجني عليها وذكر أنها كانت تحمل مفاتيحها - لم يبين أن هذه المصوغات لم توجد فيها، وكانت المحكمة قد استندت في إثبات سرقتها إلى شهادة ابن المجني عليها السالف ذكرها، وكانت هذه الشهادة بحالتها التي أوردتها غير منتجة في هذا الشأن، لأنها شهادة منقولة عن الغير، وقد أثار الدفاع في شأنها ما يفيد استمساكه بسماع أقواله، وكان سماع هذا الأصيل ممكناً لتبين وجه الحق في الدعوى، وكان من جهة أخرى جائزاً أن يكون لهذا الذي أخذت به المحكمة واطمأنت إليه من شهادة هذا الناقل أثره في تكوين عقيدتها بسرقة باقي المنقولات، وكان محتملا أن يختلف النظر الذي انتهت إليه في شأن السرقة بأسرها إذا ما استبان لها عدم حصول سرقة في المصوغات - لما كان ذلك، وكان الحكم، إذ قطع بأن الطاعن لم يترك دار المجني عليها من وقت وقوع الجريمة لوقت القبض عليه وأن شخصاً غريباً عن الدار لم يدخلها، وكان ثابتاً به أن ما أخفاه الطاعن من معالم جريمة القتل قد كشف أمره بإرشاد الخادم الآخر المرافق له والذي كان شاهد الرؤية الوحيد عليه وأن الخادم المذكور لم يقل إن سرقة وقعت، أو إن الطاعن قد أخفى شيئاً مما قيل بسرقته، وكان الثابت أن شيئاً من المسروقات لم يضبط - إذ قرر الحكم ما تقدم - لم يبين كيف كان من الميسور على الطاعن أن يخفي ما سرقه، وكان رده على أوجه دفاع الطاعن في هذا الخصوص قد قام على فروض وتقريرات لا تصلح سنداً في مقام الإدانة. لما كان كل ذلك فإن الحكم المطعون فيه بما قرره من ثبوت السرقة استناداً إلى ما أورده من أدلة، وبما أغفله عن الرد على دفاع للطاعن له صلته بالواقعة المطروحة، يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه من أجل ما تقدم، ويتعين قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه، وذلك من غير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.