الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 15 نوفمبر 2019

الطعن 18504 لسنة 60 ق جلسة 2 / 3 / 1992 مكتب فني 43 ق 34 ص 270


جلسة 2 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي نواب رئيس المحكمة وفتحي الصباغ.
-----------------
(34)
الطعن رقم 18504 لسنة 60 القضائية

(1) دفوع "الدفع بعدم الدستورية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفع بعدم الدستورية لم يبد في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الجازم. ماهيته؟
 (3)دفوع "الدفع بعدم الدستورية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم الدستورية غير متعلق بالنظام العام. أثره؟ عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (4)مواد مخدرة. تفتيش "إذن تفتيش. إصداره. بياناته". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد عمل الطاعن أو محل إقامته أو بيانات سيارته غير قادح في جدية التحريات.
(5) تفتيش "التفتيش بإذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعي. اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. كفايته رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بقول الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى أطمأنت إليه. فلها أن تلتفت عما عداه دون بيان العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى. ما دام له أصل ثابت فيها.
(7) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة الموضوع غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي والرد عليها صراحة. استفادة إطراح شهادتهم استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها.
 (8)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد. حد ذلك؟
 (9)دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة من الدفوع الموضوعية. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبول.
 (10)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
الخطأ في مكان العثور على كيس المخدر في الشقة محل الضبط. لا يجدي.
 (11)نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بالشقة ما دام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في طيات ملابسه التي كان يرتديها.

------------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 2 من يونيه سنة 1990 أنه قد أثبت على لسان المدافع عن الطاعن أنه "التمس أجلاً لاستدعاء شهود الإثبات داخل الدور وبعد ذلك لاتخاذ إجراءات الدفع بعدم دستورية القانون من عدمه بعد سماع أقوال شاهدي الإثبات" ثم توالت الجلسات بعد ذلك حيث تم سماع شاهدي الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعن دون أن يدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 وانتهى في مرافعته إلى طلب الحكم بالبراءة - فإن ما ثبت على لسان المدافع عن الطاعن في هذا الشأن قد جاء في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه، إذ يلزم لذلك أن يبدي الدفع المذكور في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
2 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
3 - لما كانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ( أ ).... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم...... بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة....... أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن" مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة - على ما سلف - أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أحدهما بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989، فإن إبداء هذا الدفع أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون غير مقبول.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان عدم إيراد عمل الطاعن أو محل إقامته أو بيانات سيارته محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً - هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع خلو محضر التحريات من بيان عمله كأساس لهذا الدفع.
5 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها - لما كان ذلك - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهما وما تبينته المحكمة من تناقض في أقوال الطاعن وشاهدي نفيه، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى أطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، وهو ما لا يجادل الطاعن فيه، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يكون محل للنعي على الحكم في هذا المقام.
7 - لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم 8 - 8 - من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها.
9 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام بما يثيره في طعنه من شيوع الاتهام، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في مكان العثور على كيس المخدر في الشقة محل الضبط.
11 - انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بالشقة ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط بين طيات ملابسه التي كان يرتديها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (1): حاز وأحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (2) حاز بقصد الإتجار عقاراً مخدراً "كودايين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبندين 1، 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون 122 لسنة 1989 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وتغريمه مائتي ألف جنيه والمصادرة باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين "هيروين وكودايين" مجرداً من القصود جميعاً قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ومخالفة للثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة لم ترد على دفعه بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 الخاص بالمخدرات والذي يحاكم بمقتضاه - وفي هذا الصدد فهو يدفع أمام محكمة النقض بعدم دستورية هذا القانون ويطلب إليها وقف الدعوى حتى يقدم طعنه في هذا الشأن أو حتى يحكم في الطعون المقدمة في ذات الموضوع من آخرين. كما أن المحكمة ردت بما لا يسوغ على دفعه ببطلان إذن النيابة العامة لانعدام التحريات التي خلت من بيان عمله ومسكنه وبيانات سيارته ملتفتة عن مستنداته في هذا الشأن - وكذا على دفعه بحصول القبض والتفتيش قبل صدور الإذن بهما، واستندت في إدانته إلى أقوال شاهدي الإثبات رغم اختلافها في التحقيقات عنها بالجلسة في شأن ساعة استصدار الإذن وأحالت في بيان أقوال الشاهد الثاني لما أوردته من أقوال الشاهد الأول رغم اختلافهما في تحديد ساعة الضبط بفارق ساعة كاملة واختلافها في مدة انتظارها حضور الطاعن، كما أطرحت أقوال شاهدي النفي بما لا يسوغه، وعولت في إدانته على جزء من أقوال شاهدي النفي........ فيما يتعلق بسيطرة الطاعن على الشقة محل الضبط في حين أطرحتها في مواضع أخرى لعدم اطمئنانها إليها، وانتهت إلى ثبوت سيطرة الطاعن على هذه الشقة رغم شيوع الاتهام - وأخيراً فقد أثبت عثور الضابط على كيس الهيروين بين أجزاء دولاب خشب مفكك رغم أن أياً من شاهدي الإثبات لم يقرر ذلك، كل أولئك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جوهرين مخدرين مجرداً من القصود جميعاً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 2 من يونيه سنة 1990 أنه قد أثبت على لسان المدافع عن الطاعن أنه "التمس أجلاً لاستدعاء شهود الإثبات داخل الدور وبعد ذلك لاتخاذ إجراءات الدفع بعدم دستورية القانون من عدمه بعد سماع أقوال شاهدي الإثبات" ثم توالت الجلسات بعد ذلك حيث تم سماع شاهدي الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعن دون أن يدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 وانتهى في مرافعته إلى طلب الحكم بالبراءة - فإن ما ثبت على لسان المدافع عن الطاعن في هذا الشأن قد جاء في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه، إذ يلزم لذلك أن يبدي الدفع المذكور في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه - هذا إلى ما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ( أ )...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم........ بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة........ أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن" مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة - على ما سلف - أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أحدهما بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989، فإن إبداء هذا الدفع أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان عدم إيراد عمل الطاعن أو محل إقامته أو بيانات سيارته محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً - هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع خلو محضر التحريات من بيان عمله كأساس لهذا الدفع. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الدفع بصدور الأذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها - لما كان ذلك - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهما وما تبينته المحكمة من تناقض في أقوال الطاعن وشاهدي نفيه، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى أطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، وهو ما لا يجادل الطاعن فيه، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يكون محل للنعي على الحكم في هذا المقام. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على التفات المحكمة عن أقوال شاهدي النفي لا محل له لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على قول الشاهد....... فيما يتعلق بسيطرة الطاعن على الشقة محل الضبط، ولم يعبأ بقوله في مواضع أخرى. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام بما يثيره في طعنه من شيوع الاتهام، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في مكان العثور على كيس المخدر في الشقة محل الضبط، هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بالشقة ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط بين طيات ملابسه التي كان يرتديها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 14415 لسنة 60 ق جلسة 20 / 2 / 1992 مكتب فني 43 ق 31 ص 259


جلسة 20 من فبراير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
----------------
(31)
الطعن رقم 14415 لسنة 60 القضائية

نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". سب وقذف. اختصاص "الاختصاص النوعي. محكمة الجنايات "اختصاصها" ارتباط.
وقوع السب والقذف بغير واسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر أثره: عدم اختصاص محكمة الجنايات بالفصل فيه.
قضاء محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة. غير منه للخصومة ولا ينبني عليه منع السير فيها. الطعن فيه بطريق النقض. غير جائز. لا يغير من ذلك تمسك الطاعن بوجود ارتباط بين واقعة الدعوى وأخرى تنظرها محكمة الجنايات. علة ذلك؟

--------------------
لما كانت المادة 215 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد"، وكانت المادة 216 من القانون ذاته تنص على أن "تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس". لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم - الطاعن - أمام محكمة جنايات الإسكندرية متهماً إياه بالقذف في حقه بطريق النشر، وأثناء نظر الدعوى أقام المدعي بالحقوق المدنية جنحة مباشرة أخرى أمام ذات المحكمة متهماً الطاعن بالسب والقذف في حقه أثناء عرضه لدفاعه في الدعوى الأصلية. لما كان ذلك وكانت الوقائع التي نسب المدعي بالحق المدني إلى المتهم ارتكابها بجلسة المحاكمة من سب وقذف لم تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر فإنه لا اختصاص لمحكمة الجنايات بالفصل فيها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر دعوى الجنحة المباشرة - التي أقيمت أثناء نظر الدعوى الأصلية - وبإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة يكون قد أصاب صحيح القانون. ولما كان هذا القضاء غير منه للخصومة في موضوع الدعوى الثانية ولا ينبني عليه منع السير فيها فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز، ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الطاعن من قيام الارتباط بين الواقعتين ذلك أنه بفرض قيام الارتباط فإن ذلك لا يسلبه حقه في إبداء دفاعه عند نظر الدعوى أمام محكمة الجنح في شأن الارتباط الذي يدعيه وبين الجنحة الأخرى - التي تختص محكمة الجنايات بنظرها - والتي سبقت محاكمته وإدانته من أجلها أمام محكمة الجنايات إذا تبين لمحكمة الجنح من التحقيق الذي تجريه أن الجنحة مرتبطة بالفعل المكون لتلك الجنحة - التي اختصت بها محكمة الجنايات - ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإنها لا توقع عليه عقوبة أخرى مستقلة لعدم جواز معاقبة المتهم عن ذات الفعل مرتين. لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنايات الإسكندرية ضد الطاعن بوصف أنه - سبه وقذف في حقه على النحو المبين بالأوراق وطلب عقابه بمواد الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة جنح المنشية لنظرها. عارض المتهم وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إنه لما كانت المادة 215 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد"، وكانت المادة 216 من القانون ذاته تنص على أن "تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس". لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم - الطاعن - أمام محكمة جنايات الإسكندرية متهماً إياه بالقذف في حقه بطريق النشر، وأثناء نظر الدعوى أقام المدعي بالحقوق المدنية جنحة مباشرة أخرى أمام ذات المحكمة متهماً الطاعن بالسب والقذف في حقه أثناء عرضه لدفاعه في الدعوى الأصلية. لما كان ذلك وكانت الوقائع التي نسب المدعي بالحق المدني إلى المتهم ارتكابها بجلسة المحاكمة من سب وقذف لم تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر فإنه لا اختصاص لمحكمة الجنايات بالفصل فيها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر دعوى الجنحة المباشرة - التي أقيمت أثناء نظر الدعوى الأصلية - وبإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة يكون قد أصاب صحيح القانون. ولما كان هذا القضاء غير منه للخصومة في موضوع الدعوى الثانية ولا ينبني عليه منع السير فيها فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز، ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الطاعن من قيام الارتباط بين الواقعتين ذلك أنه بفرض قيام الارتباط فإن ذلك لا يسلبه حقه في إبداء دفاعه عند نظر الدعوى أمام محكمة الجنح في شأن الارتباط الذي يدعيه وبين الجنحة الأخرى - التي تختص محكمة الجنايات بنظرها - والتي سبقت محاكمته وإدانته من أجلها أمام محكمة الجنايات إذا تبين لمحكمة الجنح من التحقيق الذي تجريه أن الجنحة مرتبطة بالفعل المكون لتلك الجنحة - التي اختصت بها محكمة الجنايات - ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإنها لا توقع عليه عقوبة أخرى مستقلة لعدم جواز معاقبة المتهم عن ذات الفعل مرتين. لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 17201 لسنة 60 ق جلسة 18 / 2 / 1992 مكتب فني 43 ق 30 ص 252


جلسة 18 من فبراير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي وفتحي حجاب.
-------------------
(30)
الطعن رقم 17201 لسنة 60 القضائية

 (1)ارتباط. هتك عرض. قتل عمد. شروع. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام الارتباط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط تطبيق المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
شروع المتهم في قتل المجني عليه في اليوم التالي لارتكابه جريمة هتك عرضه بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة. لا ارتباط بين الجريمتين.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة نص اعتراف المتهم وظاهره. لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.
(3) هتك عرض. إكراه. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
توافر ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة بأن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضائه وكلاهما يتحقق بإتيانه الفعل أثناء النوم.
هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية. ولا يشترط أن يترك أثراً بالمجني عليه.
 (4)قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار قصد القتل في جريمة شروع في قتل عمد.

-------------------
1 - من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه - تفيد أن ما وقع من الطاعن من شروع في قتل المجني عليه كان قد وقع في اليوم التالي لارتكابه جريمة هتك عرضه بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
2 - من المقرر أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
3 - من المقرر أنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضاه وكلاهما يتحقق أثناء النوم كما وأن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر ركن القوة بكون المجني عليه كان نائماً عندما هتك الطاعن عرضه كما وأنه استدل على ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة بأقوال المجني عليه واعتراف الطاعن وباقي شهود الإثبات من أن الطاعن كان يحك قضيبه بدبر المجني عليه فإن هذا الذي خلص إليه الحكم سائغ وكاف لحمل قضائه ويتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ويكون منعاه في هذا الشأن غير قويم.
4 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيه ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات بما في ذلك اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة بدفعه للمجني عليه خارج القطار أثناء سيره قاصداً قتله خشية افتضاح أمره فإن ذلك كافياً في إثبات هذا القصد وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها فإن النعي على الحكم بالقصور لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: خطف بالتحايل الطفل (......) والذي لم يبلغ سنه ستة عشر عاماً بأن تقابل معه بمحطة السكة الحديد بـ....... واستدرجه إلى مسكن شقيقة والدته بمركز........ بزعم تهيئة مكان لنومه. ثانياً: - هتك عرض المجني عليه سالف الذكر والذي لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن باغته أثناء نومه خالعاً عنه سرواله كاشفاً عورته وحك قضيبه بدبره حتى أمنى عليه من الخارج ثالثاً: - شرع في قتل المجني عليه سالف الذكر بأن دفعه إلى خارج القطار أثناء سيره حال عودتهم لدائرة قسم......... فسقط أرضاً وحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق قاصداً من ذلك قتله وخاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه ومداركته بالعلاج. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268، 45، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون أولاً: - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عن تهمة هتك العرض بالقوة ثانياً: - بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عن تهمة الشروع في القتل.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنايتي هتك العرض بالقوة والشروع في القتل قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم قضى بمعاقبته عن كل من الجريمتين المسندتين إليه حالة كونهما مرتبطتين مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة واحدة عنهما وعول في إدانته على اعترافه بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة رغم أن هذا الاعتراف لم يرد نصاً على اقتراف الجريمة ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر ركن القوة في جريمة هتك العرض هذا فضلاً عن عدم توافر نية الشروع في القتل في حقه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه بتاريخ..... تقابل المتهم..... الشهير بـ....... مع الطفل..... بمحطة السكة الحديد بـ..... واصطحبه إلى حجرته بتلك المحطة لهتك عرضه لكنه توجه به بعد ذلك إلى مسكن خالته - أي شقيقة والدة المتهم - بمركز...... بحجة المبيت به وأثناء نوم المجني عليه بجواره ليلاً قام بخلع سرواله وحك قضيبه في دبره مرتين حتى أمنى عليه من الخارج ثم اصطحبه في اليوم التالي مستقلين القطار عائدين لدائرة قسم...... وطلب منه المجني عليه أن يعود إلى أهله إلا أن المتهم رفض ذلك خشية افتضاح أمره وقام بدفعه خارج القطار من أحد أبوابه أثناء سيره قاصداً قتله وحدثت به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليه بالعلاج لما كان ذلك وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه - تفيد أن ما وقع من الطاعن من شروع في قتل المجني عليه كان قد وقع في اليوم التالي لارتكاب جريمة هتك عرضه بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول من بين ما عول عليه في إدانة الطاعن على اعترافه بتحقيقات النيابة العامة وحصل هذا الاعتراف في قوله "واعترف المتهم بتحقيقات النيابة العامة أنه تقابل مع الطفل المجني عليه بمحطة سكة الحديد بـ........ وتوجه برفقته إلى حجرته بتلك المحطة بقصد هتك عرضه إلا أنه لم يتمكن من ذلك لوجود بعض زملائه بداخلها فقام باستدراجه إلى مسكن شقيقة والدته بمركز......... بزعم المبيت هناك بعد أن طلب منه الإفصاح عن حقيقة شخصيته فخلع عنه سرواله كاشفاً عورته وحك قضيبه بدبره حتى أمنى عليه مرتين من الخارج أثناء نومه واصطحبه في اليوم التالي مستقلين إحدى القطارات في طريق عودتهم لدائرة قسم........ فطلب منه المجني عليه تركه وشأنه ليعود لذويه فرفض خشية افتضاح أمره فقام بدفعه خارج القطار أثناء سيره فسقط أرضاً قاصداً قتله" وكان اعتراف الطاعن كما حصله الحكم المطعون فيه - والذي لا يماري الطاعن في أن له أصله الصحيح من الأوراق قد ورد نصاً على اقترافه الحادث على خلاف ما يذكره الطاعن بوجه طعنه فضلاً عما هو مقرر من أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضاه وكلاهما يتحقق أثناء النوم كما وأن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر ركن القوة بكون المجني عليه كان نائماً عندما هتك الطاعن عرضه كما وأنه استدل على ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة بأقوال المجني عليه واعتراف الطاعن وباقي شهود الإثبات من أن الطاعن كان يحك قضيبه بدبر المجني عليه فإن هذا الذي خلص إليه الحكم سائغ وكاف لحمل قضائه ويتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ويكون منعاه في هذا الشأن غير قويم.
لما كان ذلك وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيه ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات بما في ذلك اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة بدفعه للمجني عليه خارج القطار أثناء سيره قاصداً قتله خشية افتضاح أمره فإن ذلك كافياً في إثبات هذا القصد وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها فإن النعي على الحكم بالقصور لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


نقض - مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية س 43 ق (م/ 9).

الطعن 17135 لسنة 60 ق جلسة 13 / 2 / 1992 مكتب فني 43 ق 28 ص 240


جلسة 13 من فبراير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي.
----------------
(28)
الطعن رقم 17135 لسنة 60 القضائية

 (1)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وإفصاحه عن أخذه بها. لا محل للنعي عليه بإغفاله نص القانون.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان "ورقة التكليف بالحضور". نظام عام. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور. ليست من النظام العام. سقوط الحق في الدفع بها بحضور المتهم في الجلسة بنفسه. له طلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى. المادة 334 إجراءات.
عدم جواز النعي ببطلان إجراءات التكليف بالحضور لأول مرة أمام النقض.
(3) حكم "بيانات التسبيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (4)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه.
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. مفاد التفاته عنها. أنه أطرحها.
 (5)إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". استجواب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاستجواب المحظور عملاً بالمادة 274/ 1 إجراءات هو مناقشة المتهم تفصيلاً في أدلة الدعوى إثباتاً ونفياً. متى يجوز؟ إذا طلبه المتهم نفسه أو لم يعترض عليه هو أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً. ما لا يعد استجواباً؟
 (6)إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال لطلب غير جازم.

-------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله.
2 - من المقرر قانوناً أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام ويسقط الحق في الدفع بها - وفقاً للمادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية - بحضور المتهم في الجلسة بنفسه وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى، ولما كان الطاعن قد حضر جلسات المحاكمة وحضر المدافع عنه دون أن يدفع أيهما ببطلان إجراءات التكليف بالحضور فلا يقبل منه أن يتمسك لأول مرة أمام محكمة النقض ببطلات إجراء إعلانه - لعدم بيان مواد القانون التي تنص على العقوبة - الذي صححه حضوره جلسة المحاكمة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
3 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
4 - لما كان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في الرد على ما أثاره من اختلاف أقوال الشاهد...... التي لم يعول الحكم عليها في الإدانة لا يكون سديداً.
5 - لما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم من بطلان في الإجراءات بدعوى استجوابه بغير موافقته مردوداً بأن الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً ونفياً في أثناء نظرها سواءً كان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو من المدافعين عنهم لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته - وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن مناقشة المحكمة للطاعن اقتصرت على سؤاله عن التهمة المسندة إليه فأنكرها فليس فيه أي خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن ينزل عن هذا الحق صراحة أو ضمناً بعدم اعتراضه هو أو المدافع عنه على الاستجواب وبالإجابة على الأسئلة التي توجه إليه.
6 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة التي دارت فيها المرافعة أن المدافع عن الطاعن وإن طلب مناقشة السيد وكيل النيابة المحقق إلا أنه ترافع في الدعوى دون أن يتناول هذا الطلب في طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنه، فإن منعى الطاعن بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً بأن طعنه بأداة "مطواة قلامة أظافر" في مختلف أنحاء جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت إحداها بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر هتك عرض المجني عليه المذكور والذي لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن أمسك به عنوة وخلع عنه ملابسه ووضع عضو تذكيره بين فخذيه. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت...... "والدة المجني عليه" مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائه وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياًً عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائه وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية هتك عرض قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال كما انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم خلا من نص القانون الذي دان الطاعن بموجبه فضلاً عن بطلان ورقة التكليف بالحضور لخلوها أيضاً من بيان ذلك مما يعد مخالفاً لما عناه الشارع في المادتين 333، 334 من قانون الإجراءات الجنائية. كما أن الحكم خلا من بيان الواقعة بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجريمة ولم يورد مضمون كل دليل من أدلة الثبوت بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة. وقد عول الحكم في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات وأحال في بيان أقوالهم إلى ما أوره من أقوال الشاهد الأول برغم أن الشاهد الأخير - ........ - قرر بالتحقيقات بأنه لم ير واقعة ارتكاب الحادث كما أن المحكمة استجوبت الطاعن دون موافقته والتفتت عن طلب مناقشة وكيل النيابة المحقق، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن معاينة النيابة العامة وبما جاء بتقرير الصفة التشريحية ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام ويسقط الحق في الدفع بها - وفقاً للمادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية - بحضور المتهم في الجلسة بنفسه وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى، ولما كان الطاعن قد حضر جلسات المحاكمة وحضر المدافع عنه دون أن يدفع أيهما ببطلان إجراءات التكليف بالحضور فلا يقبل منه أن يتمسك لأول مرة أمام محكمة النقض ببطلان إجراء إعلانه - لعدم بيان مواد القانون التي تنص على العقوبة - الذي صححه حضوره جلسة المحاكمة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ما أثبته في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، كان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في الرد على ما أثاره من اختلاف أقوال الشاهد..... التي لم يعول الحكم عليها في الإدانة لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من بطلان في الإجراءات بدعوى استجوابه بغير موافقته مردوداً بأن الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً ونفياً في أثناء نظرها سواءً كان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو من المدافعين عنهم لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته - وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن مناقشة المحكمة للطاعن اقتصرت على سؤاله عن التهمة المسندة إليه فأنكرها فليس فيه أي خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن ينزل عن هذا الحق صراحة أو ضمناً بعدم اعتراضه هو أو المدافع عنه على الاستجواب وبالإجابة على الأسئلة التي توجه إليه. ولما كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أياً منهما قد اعترض على هذا الإجراء، فإن ذلك يدل على أن مصلحة الطاعن - في تقديره لم تضار بهذا الذي أسماه استجواباً ولا يجوز له بعدئذ أن يدعي البطلان في الإجراءات ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة التي دارت فيها المرافعة أن المدافع عن الطاعن وإن طلب مناقشة السيد وكيل النيابة المحقق إلا أنه ترافع في الدعوى دون أن يتناول هذا الطلب في طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنه، فإن منعى الطاعن بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.

الخميس، 14 نوفمبر 2019

الطعن 15 لسنة 38 ق جلسة 15 / 11 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 196 ص 1242

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله.
-------------
(196)
الطعن رقم 15 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"
(أ) أحوال شخصية. "الطعن بالنقض". نقض. "إيداع الأوراق والمستندات". بطلان. "بطلان الطعن".
وجوب إيداع الطاعن - في مسائل الأحوال الشخصية - قلم كتاب محكمة النقض، صورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي الذى أحال إليه. أمر رئيس المحكمة بضم ملف الدعوى في خلال ميعاد الطعن. يغنى عن إيداع الأوراق المشار إليها.
(ب، ج، د، هـ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "زواج". قانون. إثبات.
(ب) النزاع حول صحة الزواج بين زوج مصري وزوجة يونانية ينتمى كلاهما لطائفة الروم الأرثوذكس. وجوب تطبيق شريعة هذه الطائفة على النزاع.
(ج) شريعة الروم الأرثوذكس. انعقاد الزواج. شرطه. توافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتفاء الموانع. وأن يتم الزواج علناً وفقاً للطقوس الدينية.
(د) تحرير الكاهن عقود الزواج وقيدها في سجلات خاصة. لا يعد من الشروط الموضوعية أو الشكلية لانعقاد الزواج. إغفال ذلك لا يرتب البطلان.
(هـ) توثيق الزواج عند الطوائف المسيحية. الاختصاص به. لمكاتب التوثيق أو للموثق المنتدب لذلك. ق 68 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 629 لسنة 1955 إن التوثيق ليس شرطاً لازماً لصحة عقد الزواج.
----------------
1 - يتعين على من يطعن بطريق النقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية وفقاً للفقرة الثانية من المادة 881 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 والمادة 432 منه قبل تعديلهما بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والذى ألغى بموجب المادة 3/ 2 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 - أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال ميعاد الطعن صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، وإذ يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعنة تقدمت يوم التقرير بالطعن بطلب ضم ملف الدعوى الابتدائي وأصدر السيد رئيس محكمة النقض أمراً في ذات اليوم - وقبل فوات ميعاد الطعن - بضم هذا الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات، وكان ضم ملف الدعوى بناء على أمر من رئيس المحكمة في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتيح للخصوم في الطعن تأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه من مستندات أو أوراق دون أن يحاج الطاعن في هذه الحالة بأنه لم يقدم في المواعيد التي حددها القانون المستندات المؤيدة لطعنه. لما كان ذلك فإن الدفع ببطلان الطعن يكون متعين الرفض.
2 - متى كان النزاع في الدعوى يدور حول صحة زواج تم بين زوج مصري وزوجة يونانية ينتمى كلاهما إلى طائفة الروم الأرثوذكس، فإن شريعة هذه الطائفة هي الواجبة التطبيق على هذا النزاع عملاً بأحكام المواد 12 و14 و26 من القانون المدني والمادة 6/ 2 من القانون رقم 462 لسنة 1955.
3 - مفاد نص المادة الأولى من لائحة الزواج والطلاق والبائنة الخاصة بطائفة الروم الأرثوذكس الصادرة في 15 من مارس سنة 1937 والمعدلة في فبراير سنة 1950 أنه لا يكفى لانعقاد الزواج في شريعة الروم الأرثوذكس أن تتوافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتفاء الموانع، وإنما يلزم إلى جانب ذلك أن يتم الزواج علناً وفقاً للطقوس الدينية المرسومة وإلا كان الزواج باطلاً. مثلها في ذلك مثل سائر الشرائع المسيحية في مصر.
4 - ما توجبه الشرائع المسيحية في مصر من تحرير الكاهن عقود الزواج بعد القيام بالمراسيم الدينية وقيدها في سجلات خاصة، هي إجراءات لاحقة على انعقاد العقد وليست من شروطه الموضوعية أو الشكلية اللازمة لانعقاده، بل هي من قبيل إعداد الدليل لإثبات الزواج، فلا يترتب على إغفالها بطلانه.
5 - مؤدى نص المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 بعد تعديلها بالقانون رقم 629 لسنة 1955، ونص المادة الثالثة من القانون الأخير أن المشرع انتزع عملية توثيق الزواج عند الطوائف المسيحية من رجال الدين الذين يقومون بطقوسه وأعطاها إما لمكاتب التوثيق، أو لموثق منتدب له إلمام بالأحكام الدينية للجهة التي يتولى التوثيق بها، دون أن يجعل من التوثيق شرطاً لازماً لصحة العقد، وإنما ينعقد العقد صحيحاً، ويترتب عليه آثاره بإتمام المراسم الدينية، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 629 لسنة 1955.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 42 لسنة 1965 إسكندرية أحوال شخصية للمصريين غير المسلمين والتي قيدت بعد إحالتها إلى دائرة الأجانب برقم 55 لسنة 1965 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية - تطلب الحكم ضد المطعون عليهما بثبوت وفاة المرحوم جورج ديمترى بيرليس بتاريخ 13 من أبريل سنة 1965 وانحصار إرثه فيها وفى المطعون عليها الثانية وببطلان أي تصرف يكون قد صدر منه، وقالت شرحاً لدعواها إن شقيقها المرحوم جورج ديمترى بيرليس المصري الجنسية توفى بتاريخ 13 من أبريل سنة 1965 وانحصر إرثه فيها وفى شقيقته الأخرى المطعون عليها الثانية، وإذ نازعتهما المطعون عليها الأولى وادعت أنها زوجته بموجب عقد الزواج الصادر من بطريركية الروم الأرثوذكس في 15 من أغسطس 1958 مع أنها يونانية الجنسية، ويتعين إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 629 لسنة 1955 أن يثبت الزواج بوثيقة رسمية تحررها مكاتب التوثيق فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وطلبت المطعون عليها الأولى الحكم بانحصار الإرث فيها وفى ابنتها القاصر من المورث وفى شقيقتيه وبتاريخ 9 من يونيو 1966 حكمت المحكمة بثبوت وفاة المرحوم جورج ديمترى بيرليس في التاريخ المشار إليه وانحصار إرثه الشرعي في زوجته المطعون عليها الأولى ولها الثمن من تركته فرضاً، وفى ابنته منها لوس أولوكيا ولها النصف فرضاً، وفى شقيقتيه - الطاعنة والمطعون عليها الثانية - ولهما باقي التركة تعصيباً دون وارث له سواهن أو من يستحق وصية واجبة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 15 لسنة 22 ق أحوال شخصية أجانب "الإسكندرية"، وبتاريخ 18 من مارس 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض في 16 من مايو 1968، وتقدمت في ذات اليوم إلى السيد رئيس المحكمة بطلب ضم ملف الدعوى الابتدائي وأجيبت إلى طلبها، ودفعت المطعون عليها الأولى ببطلان الطعن لأن الطاعنة لم تودع خلال الميعاد القانوني صورة رسمية من الحكم الابتدائي الذى أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفى الموضوع برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن في غير محله، ذلك أنه وإن كان يتعين على من يطعن بطريق النقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية وفقاً للفقرة الثانية من المادة 881 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 والمادة 432 منه قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والذى ألغى بموجب المادة 3/ 2 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال ميعاد الطعن صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، إلا أنه لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعنة تقدمت يوم التقرير بالطعن بطلب ضم ملف الدعوى الابتدائي، وأصدر السيد رئيس محكمة النقض أمراً في ذات اليوم وقبل فوات ميعاد الطعن بضم هذا الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات، وكان ضم ملف الدعوى بناء على أمر رئيس المحكمة في الدعوى المتعلقة بالأحوال الشخصية من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتيح للخصوم في الطعن تأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه من مستندات أو أوراق دون أن يحاج الطاعن في هذه الحالة بأنه لم يقدم في المواعيد التي حددها القانون المستندات المؤيدة لطعنه. لما كان ذلك، فإن الدفع ببطلان الطعن يكون متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأن المادة الثالثة من القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق معدلة بالقانون رقم 629 لسنة 1955 والتي خولت مكاتب التوثيق عملية توثيق عقود الزواج بالنسبة للأجانب والمصريين غير المسلمين وذلك عند اختلاف الملة أو الطائفة لا يقصد منها سوى إعداد دليل رسمي مثبت لعقد الزواج دون أن يمس التوثيق الإجراءات الدينية أو يعتبر شرطاً لانعقاد العقد أو صحته إذ لم يفرض المشرع جزاء بإبطال عقد الزواج الذى لم يوثق طبقاً لأحكام ذلك القانون، في حين أن الزواج في الشرائع المسيحية ليس عقداً رضائياً، وإنما هو عقد شكلي تحكمه قواعد تتصل بالعقيدة الدينية من حيث انعقاده وشروط صحته فيلزم أن يتم التراضي بين طرفيه على يد أحد رجال الدين وفقاً لطقوس مرسومة ويقترن ذلك بعملية توثيق تتمثل في تحرير رجل الدين لوثيقة الزواج وقيد بياناتها في سجلات معدة لذلك، وهذه المظاهر الشكلية لا تقبل التجزئة وهى كلها - بما فيها عملية التوثيق - شرط انعقاد لا تقوم للزواج قائمه بدونه، فإذا ما انتزع القانون رقم 629 لسنة 1955 هذه العملية من أيدى رجال الدين وعهد بها إلى موثقين منتدبين يعينون بقرار من وزير العدل، فليس من شأن ذلك أن يغير من طبيعة عملية التوثيق، وأنها شرط انعقاد لا تغنى عنها الشكلية الدينية وإذ لم يعتبر الحكم المطعون فيه عقد زواج المورث بالمطعون عليها الأولى باطلاً رغم عدم توثيقه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن النزاع في الدعوى يدور حول صحة زواج تم بين زوج مصري وزوجة يونانية ينتمى كلاهما إلى طائفة الروم الأرثوذكس فإن شريعة هذه الطائفة هي الواجبة التطبيق على هذا النزاع عملاً بأحكام المواد 12 و14 و26 من القانون المدني والمادة 6/ 3 من القانون رقم 462 لسنة 1955، وكانت المادة الأولى من لائحة الزواج والطلاق والبائنة الخاصة بطائفة الروم الأرثوذكس الصادرة في 15 من مارس 1937 والمعدلة في فبراير 1940 تنص على أنه "يقتضى لإنشاء الزواج الصحيح اجتماع الشروط الآتية ( أ ) الأهلية باعتبار السن (ب) قبول القادمين على الزواج قبولاً حراً (جـ) عدم وجود مانع من الزواج (د) الإذن الأسقفى. (هـ) أن يقوم بالإكليل كاهن من الكنيسة الأرثوذكسية بالشرق تخوله قوانين الكنيسة حق القيام به"، وكان مفاد هذا النص أنه لا يكفى لانعقاد الزواج في شريعة الروم الأرثوذكس أن تتوافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضاء وانتفاء الموانع، وإنما يلزم إلى جانب ذلك أن يتم الزواج علناً وفقاً للطقوس الدينية المرسومة، وإلا كان الزواج باطلاً مثلها في ذلك مثل سائر الشرائع المسيحية في مصر، وكان ما توجبه بعض هذه الشرائع من تحرير الكاهن عقود الزواج بعد القيام بالمراسم الدينية وقيدها في سجلات خاصة هى إجراءات لاحقة على انعقاد العقد وليست من شروطه الموضوعية أو الشكلية اللازمة لانعقاده، بل هي من قبيل إعداد الدليل لإثبات الزواج، فلا يترتب على إغفالها بطلانه، لما كان ذلك وكان النص في المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 بعد تعديلها بالقانون رقم 629 لسنة 1955 على أن "تتولى المكاتب توثيق جميع المحررات وذلك فيما عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك الخاصة بالمصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة ويتولى توثيق عقود الزواج والطلاق بالنسبة إلى المصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة موثقون منتدبون يعينون بقرار من وزير العدل" والنص في المادة الثالثة من القانون رقم 629 لسنة 1955 على أن "تلغى أقلام التوثيق بالمحاكم الشرعية كما تلغى عملية التوثيق بالمجالس الملية وتحال إلى مكتب التوثيق جميع المضابط والسجلات والدفاتر المتعلقة بها - يدل على أن المشرع قد انتزع عملية توثيق الزواج عند الطوائف المسيحية من رجال الدين الذين يقومون بطقوسه وأعطاها إما لمكاتب التوثيق أو لموثق منتدب له إلمام بالأحكام الدينية للجهة التي يتولى التوثيق بها دون أن يجعل من التوثيق شرطاً لازماً لصحة العقد، وإنما ينعقد العقد صحيحاً وتترتب عليه آثاره بإتمام المراسم الدينية، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لذلك القانون من أنه "بمناسبة صدور القانون بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية رؤى تنظيم توثيق عقود الزواج والإشهادات التي كانت تتولاها المحاكم الشرعية والمجالس الملية... ورؤى الإبقاء على نظام المأذونين فيما يتعلق بتوثيق عقود الزواج لدى المسلمين لما فيه من التيسير في الإجراءات وقربة دائماً من المتعاقدين وضمان مراقبته والإشراف عليه، كما رؤى تنظيم توثيق عقود الزواج بالنسبة للمصريين غير المسلمين المتحدى الملة بوضع نظام مماثل لنظام المأذونين، فجعل الاختصاص في توثيق عقود الزواج لموثقين منتدبين يكون لهم إلمام بالأحكام الدينية للجهة التي يتولون التوثيق فيها وعلى ألا يمس ذلك التوثيق الإجراءات الدينية. كما عهد إلى مكاتب التوثيق بتحرير جميع الإشهادات الأخرى التي كانت تتولاها المحاكم الشرعية والمحاكم الملية عدا الإشهادات التي ينص القانون على جعلها من اختصاص المحكمة..." وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن زواج المورث بالمطعون عليها الأولى صحيح لأنه استوفى الشكل الديني، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه على أن زواج المورث بالمطعون عليها الأولى قد استوفى شكله الديني وتم انعقاده على يد أحد رجال الدين المختصين بتوثيق عقود زواج أبناء طائفة الروم الأرثوذكس، وليس لهذه الواقعة من أصل ثابت بالأوراق، ولو صح حصوله لكان ذلك خروجاً من رجل الدين عن اختصاصه، لأن التوثيق في صورة الدعوى منوط بمكتب التوثيق بالشهر العقاري لوجود طرف أجنبي في عقد الزواج.
حيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يذهب إلى أن رجل الدين وثق عقد الزواج بالمعنى المقصود في المادة الثالثة من القانون رقم 68 لسنة 1947 معدلة بالقانون رقم 629 لسنة 1955 وإنما عنى بذلك قيد العقد بسجلات البطريركية، وهو أمر ثابت بالأوراق ويختلف عن عقد التوثيق في مكتب الشهر العقاري طبقا للقانون سالف الذكر على ما سلف البيان في الرد على السبب الثاني.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.