الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 يناير 2025

الطعن 324 لسنة 40 ق جلسة 27 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 284 ص 1515

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، وعز الدين الحسيني، وعثمان الزيني، ومحمد الخولي.

---------------

(284)
الطعن رقم 324 لسنة 40 القضائية

(1) تسجيل "أثر التسجيل". شيوع. شفعة. ملكية.
القضاء بعدم اعتبار الطاعنة شريكة على الشيوع في العقار المشفوع فيه. استناده في ذلك إلى أن تسجيل الحكم بصحة العقد الصادر إليها لاحق لعقد البيع سبب الشفعة. لا خطأ.
(2) شفعة. صورية.
الشفيع يعتبر من الغير بالنسبة لطرفي البيع سبب الشفعة. عدم الاحتجاج عليه إلا بالعقد الظاهر متى كان حسن النية.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع". شفعة. نقض.
بحث توافر حسن النية لدى الشفيع وعدم علمه بصورية الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه. من مسائل الواقع. لا رقابة على محكمة الموضوع في تقديرها لذلك متى كان استخلاصها سائغاً.
(4) إثبات "القرائن". محكمة الموضوع "القرائن". حكم "تسبيب الحكم".
عدم التزام محكمة الموضوع بالتحدث في حكمها عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم. طالما أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
(5) صورية. شفعة.
صورية الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه. للشفيع حسن النية باعتباره من الغير الأخذ بالعقد الظاهر.
(6) دعوى "الطلبات العارضة". شفعة.
تقديم مشترية العقار المشفوع فيه المستندات الدالة على سداد ملحقات الثمن. عدم اعتبار ذلك طلباً عارضاً يستوجب الفصل في هذه الملحقات. علة ذلك.
(7) محكمة الموضوع "تقدير أقوال الشهود". إثبات.
استقلال قاضي الموضوع بتقدير أقوال الشهود طالما لم يخرج عما تحتمله تلك الأقوال.
(8) إثبات "الإحالة إلى التحقيق". محكمة الموضوع.
عدم التزام محكمة الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى توافر لديها من العناصر ما يكفي للفصل فيها.

--------------------
1 - الشريك في معنى المادة 936/ ب من القانون المدني هو المالك على الشيوع. وإذ كان أثر التسجيل في نقل الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب إلا من تاريخ حصوله دون أن يرتد إلى تاريخ سابق عليه، فإن المشتري لا يكون مالكاً إلا بتسجيل عقده. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعتبر الطاعنة شريكة على الشيوع في العقار المشفوع فيه، استناداًَ إلى أن تسجيل الحكم بصحة العقد الصادر إليها لاحق لعقد البيع الذي تولدت عنه الشفعة، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - الشفيع - بحكم كونه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة - يعتبر من الغير بالنسبة لطرفي البيع سبب الشفعة، ولا يحتج عليه إلا بالعقد الظاهر متى كان حسن النية.
3 - بحث توافر حين النية لدى الشفيع وعدم علمه بصورية الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه وهو من وسائل الواقع التي لمحكمة الموضوع الحق في تقديرها، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم، كما أنها غير مكلفة بأن تورد كل حجج الخصوم وتفندها طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
5 - متى كان الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه صورياً وأقل من الثمن الحقيقي، فإن للشفيع باعتباره من الغير في هذا العقد - إذا كان حسن النية أن يأخذ بالعقد الظاهر، ولا يلزم إلا بدفع الثمن المذكور فيه.
6 - يشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضور الخصم، ويثبت في محضرها، وإذ كان تقديم الطاعنة - مشترية العقار المشفوع فيه - المستندات الدالة على سداد ملحقات الثمن، لا يقوم مقام أي من هذين الطريفين اللذين رسمهما القانون لتقديم الطلب العارض، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض للطاعنة بملحقات الثمن لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
7 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلى به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج بذلك عما تحتمله أقوالهم.
8 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى توافر لديها من العناصر ما يكفي للفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 92 لسنة 1967 كلي دمياط طالباً الحكم بأحقيته في أخذ مساحة 123.95 متراً مربعاً على الشيوع في العقار الموضح بصحيفة الدعوى، والمبيعة إلى الطاعنة من المطعون عليهما الثانية والثالثة والمرحومة...... مورثة المطعون عليهم من الرابع للسابع، بالعقد المؤرخ 1/ 1/ 1961 في مقابل الثمن وقدره 2244 جنيهاً، تأسيساً على أنه يجاور هذا العقار من الجهة البحرية - كما أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 299 لسنة 1969 كلي دمياط ضد الطاعنة والمطعون عليها الثامنة للحكم بأحقيته في أن يأخذ بالشفعة مساحة 53.80 متراً شيوعاً في العقار موضوع الدعوى الأولى، نظير دفع 914 جنيهاً و600 مليم الثمن الحقيقي المبين بعقد البيع المؤرخ 4/ 4/ 1961. وفي 31/ 1/ 1968 حكمت المحكمة قبل الفصل في موضوع الدعوى رقم 92 لسنة 1967 كلي دمياط بندب خبير لبيان ما إذا كان المدعي جاراً للعقار المشفوع فيه - وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 19/ 11/ 1969 بعدم قبول الدعويين، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم طالباً إلغاءه، وقيد الاستئناف برقم 138 سنة 1 ق المنصورة (مأمورية دمياط). وفي 9/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليه الأول في أخذ العقارين المبينين بالشفعة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أحقية المطعون عليه الأول في أن يأخذ بالشفعة بالقدر المبيع لها من المطعون عليها الثامنة بعقد البيع المؤرخ 4/ 4/ 1961 لأنها منذ أن اشترت في 1/ 1/ 1961 من المطعون عليهما الثانية والثالثة والمرحومة....... حصة شائعة في الأرض موضوع النزاع، أصبحت شريكة على الشيوع فيها، ويثبت لها حق الشفعة عملاً بالمادة 936/ ب من القانون المدني، وتفضل على الجار الشفيع لأنه من طبقة أدنى منها، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع بحجة أنه وقت صدور العقد المؤرخ 4/ 4/ 1961 لم تكن الطاعنة قد سجلت الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم في 1/ 1/ 1961، في حين أنه وقد تم تسجيل هذا الحكم فإن الملكية تعتبر منتقلة إليها من وقت العقد لا من وقت التسجيل، لأن سبب نقل الملكية هو العقد ذاته، وليس تسجيله أو تسجيل الحكم الصادر بصحته.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الشريك في معنى المادة 936/ ب من القانون المدني، هو المالك على الشيوع، ولما كان أثر التسجيل في نقل الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب إلا من تاريخ حصوله دون أن يرتد إلى تاريخ سابق عليه، فإن المشتري لا يكون مالكاً إلا بتسجيل عقده، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعتبر الطاعنة شريكة على الشيوع في العقار المشفوع فيه استناداً إلى أن تسجيل الحكم بصحة العقد الصادر إليها لاحق لعقد البيع الذي تولدت عنه الشفعة، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب من وجهين حاصل أولهما أنها دفعت بسقوط حق المطعون عليه الأول في الشفعة في العقار المبيع إليها من المطعون عليها الثامنة بعقد 4/ 4/ 1961، لعدم إيداعه كامل الثمن الحقيقي الذي تم به البيع، إذا اقتصر على إيداع مبلغ 914 ج و600 م الثمن المسمى بالعقد دون مبلغ 53 ج و800 م اقتضته البائعة كجزء من الثمن في ذات تاريخ العقد بإيصال مستقل، لرفع الحرج عنها لبيعها نصيبها في الأرض محل النزاع بثمن يزيد عن الثمن الذي حصلت عليه أخواتها البائعات في العقد المؤرخ 1/ 1/ 1961، وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع تأسيساً على أن الشفيع يعتبر من الغير بالنسبة لطرفي عقد البيع وله إذا كان حسن النية أن يأخذ بالعقد الظاهر ولا يلتزم إلا بدفع الثمن المذكور في العقد إذا كان أقل من الثمن الحقيقي، وهو خطأ من الحكم ومخالفة القانون، لأن الشفيع لا يعتبر من الغير في الصورية ولا يجوز له التمسك بالثمن الصوري المخفض ولو كان حسن النية لأنه ليس دائناً شخصياً لا للبائع ولا للمشتري وليس هو كذلك خلفاً خاصاً لأحد منهما، ومع ذلك فقد استدلت الطاعنة على سوء نية المطعون عليه الأول وعلمه بالثمن الحقيقي الذي دفعته للمطعون عليها الثامنة، بأنه ابن البائعة ويقيم معها في مسكن واحد، وأنه سبق أن تواطأ مع والدته وحصل منها على عقد بيع صوري عن ذات الحصة المبينة للطاعنة، وأقام الدعوى رقم 350 لسنة 1966 كلي دمياط للحكم بصحة ونفاذ ذلك العقد، فتدخلت الطاعنة فيها ودفعت بصورية العقد صورية مطلقة، كما أقامت الدعوى رقم 363 لسنة 1966 كلي دمياط وطلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 1/ 1/ 1966 و4/ 4/ 1961، وأوضحت في صحيفتها الثمن الحقيقي الذي تم به البيع الصادر إليها من المطعون عليها الثامنة وهو 968 ج، 400 م، وقدمت عقد البيع والإيصال الدال على سداد مبلغ الـ 53 ج و800 م، وقد أمرت المحكمة بضم الدعويين وبعد أن سمعت أقوال الشهود على الصورية حكمت في الدعوى الأولى برفضها وفى الثانية بصحة ونفاذ عقدي البيع المشار إليهما، وبالرغم من أن كل هذه الأدلة تقطع بعلم المطعون عليه الأول بالثمن الحقيقي المتعاقد عليه، فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أنه كان حسن النية مستنداً في ذلك إلى أنه قضى في الدعوى 363 لسنة 1966 كلي دمياط بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 4/ 4/ 1961 لقاء ثمن قدره 914 ج و600 م، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال لأن ثمن البيع لم يكن على نزاع أمام المحكمة في الدعوى المذكورة فضلاً عن قصور الحكم لإغفاله الرد على الأدلة التي ساقتها الطاعنة لإثبات سوء نية المطعون عليه الأول. وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون عليه الأول في أخذ الـ 53 و80 متراً مربعاً موضوع الدعوى 299 لسنة 1969 كلي دمياط بالشفعة مقابل الثمن المودع وقدره 914 ج و600 م واستند في ذلك إلى أن المطعون عليه المذكور كان حسن النية إذ أودع هذا المبلغ اعتقاداً منه أنه الثمن الحقيقي، ولو صح هذا القول سنداً للحكم بصحة إجراء الإيداع، فإنه لا يبرر القضاء للمطعون عليه الأول بأخذ العقار بالشفعة لقاء مبلغ يقل عن الثمن الذي دفعته الطاعنة فعلاً، وكان يجب إلزامه بدفع الفرق بين الثمن الحقيقي، وبين ما أودعه فعلاً خزانة المحكمة.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود، ذلك أنه لما كان الشفيع - بحكم كونه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة - يعتبر من الغير بالنسبة لطرفي البيع سبب الشفعة، ولا يحتج عليه إلا بالعقد الظاهر متى كان حسن النية، وكان بحث توافر حسن النية لدى الشفيع وعدم علمه بصورية الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه، هو من مسائل الواقع التي لمحكمة الموضوع الحق في تقديرها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر في شأن حسن نية المطعون عليه الأول أن الثابت من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 4/ 4/ 1961 الموقع عليه من المستأنف عليها الخامسة (المطعون عليها الثامنة) والمتضمن بيعها للمستأنف عليها الأولى (الطاعنة) 53 و80 متراً مربعاً أنه أثبت به أن هذا البيع تم لقاء ثمن قدره 914 ج و600 م دفع منه مبلغ 814 ج و400 م واتفق على دفع الباقي وقدره 100 ج عند التوقيع على العقد النهائي.... وقد صدر الحكم في الدعوى رقم 363 سنة 1966 مدني كلي دمياط في 10/ 1/ 1968 بصحة ونفاذ هذا العقد لقاء ثمن قدره 914 ج و600 م وتم تسجيله على هذا الأساس، بما يفيد أن المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم قد اعتمدت الثمن المبين في العقد على أنه الثمن الذي اتفق المتعاقدان على بيع الصفقة لقاءه ولم يعتد بالإقرار الموقع عليه من البائعة المؤرخ 4/ 4/ 1961 بأنها قبضت مبلغ 53 ج و800 م زيادة عن الثمن الوارد بالعقد...." وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه استند في استخلاص حسن نية المطعون عليه الأول إلى أسباب سائغة تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلى بها الخصوم استدلالاً على دعواهم، كما أنها غير مكلفة بأن تورد كل حجج الخصوم وتفندها طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس والنعي بالوجه الثاني، مردود ذلك أنه متى كان الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه صورياً وأقل من الثمن الحقيقي، فإن للشفيع - باعتباره من الغير في هذا العقد - إذا كان حسن النية أن يأخذ بالعقد الظاهر، ولا يلتزم إلا بدفع الثمن المذكور فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه أغفل إلزام المطعون عليه الأول بملحقات الثمن، وارتكن في ذلك إلى أن هذه الملحقات لم تكن محل مطالبة من الطاعنة، مع أنها قدمت المستندات الدالة على دفع الملحقات، مما يفيد رفع دعوى فرعية للمطالبة بها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها، وإذ كان تقديم الطاعنة المستندات الدالة على سداد ملحقات الثمن لا يقوم مقام أي من هذين الطريقين اللذين رسمهما القانون لتقديم الطلب العارض، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض للطاعنة بملحقات الثمن لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها إذ دفعت أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في الأخذ بالشفعة لنزول المطعون عليه الأول نزولاً ضمنياً عن هذا الحق بأن اعترف بالطاعنة مالكة العقارين المشفوع فيهما، ذلك أنها كانت قد قدمت في سنة 1966 طلباً للحصول على رخصة لإقامة بناء على الأرض موضوع النزاع، ولما حضر المهندس المختص لإجراء المعاينة، تفاوض المطعون عليه الأول مع الطاعنة لترك مسافة تكون شارعاً فاصلاً بين أرض الشفعة وبين منزله، فلم توافق على اقتراحه، ثم عاد المطعون عليه الأول ووالدته المطعون عليها الثامنة وطلبا منها بيع مترين من الأرض المشفوع فيها نظير الباقي من الثمن، وحرر بذلك مشروع اتفاق استلمه المطعون عليه الأول لعرضه على محاميه، واستدلت الطاعنة على صحة هذه الوقائع بأقوال الشهود الذين سمعوا في الدعوى رقم 350 سنة 1966 كلي دمياط، كما طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات النزول عن حق الشفعة، ورغم أن أقوال شهود الطاعنة في تلك الدعوى واضحة في الدلالة على نزول المطعون عليه الأول عن حقه، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع، واستند في ذلك إلى أن أقوال هؤلاء الشهود لا تدل على تنازل المطعون عليه الأول عن حقه في الشفعة لأنه ظل متمسكاً بالعقد الصادر إليه من والدته مناضلاً عنه حتى قضى بصوريته لاجئاً من ناحية أخرى إلى استعمال حقه في الشفعة في الميعاد، وهو من الحكم استدلال غير سائغ، لأن تمسك المطعون عليه الأول بالعقد الصادر إليه من والدته ورفعه دعوى الشفعة في الميعاد لا يؤدي إلى عدم نزوله عن حق الشفعة. هذا علاوة على أن المحكمة لم تجب الطاعنة إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات الوقائع المثبتة للنزول عن حق الشفعة مما يعيب حكمها بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما يستقل به قاضي الموضوع ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلى به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج بذلك عما تحتمله أقوالهم، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض أقوال شهود الطاعنة الذين سمعوا في الدعوى رقم 350 لسنة 1962 كلي دمياط، استند في قضائه برفض الدفع بسقوط الحق في الشفعة للنزول عنه على قوله "وإذ كانت المحكمة لا ترى فيما قرره الشهود من الأول إلى الرابع ما يدل على أن المستأنف تنازل عن حقه في الشفعة، لأن مجرد العرض من جانبه على أن تترك المستأنف عليها الأولى مساحة تخصص شارعاً فاصلاً بين الملكين، لا يفيد بذاته تنازل المستأنف عن حقه في الشفعة أو أنه اعتبر المستأنف عليها الأولى مالكة نهائياً للبيع، وهو الذي كان متمسكاً بالعقد الصادر له من والدته مناضلاً في عقدها حتى قضى نهائياً بصورية عقده لاجئاً من ناحية أخرى إلى استعمال حقه في الشفعة، وكانت شهادة الشاهد الأخير بزعمه بحصول اتفاق بالفعل على تخصيص مساحة لجعلها شارعاً بين العقارين ينفيها من أساسها أن أحداً من الشهود الأربعة الأول لم يقرر بحصول هذا الاتفاق". ولما كان ما استخلصه الحكم من أقوال شهود الطاعنة من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من عدم نزول المطعون عليه الأول عن الحق في الأخذ بالشفعة، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى توافر لديها من العناصر ما يكفي للفصل فيها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.

الطعن 795 لسنة 28 ق جلسة 30 / 12 / 1984 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 52 ص 295

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

---------------

(52)

الطعن رقم 795 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - مؤهل دراسي.
للوزير المختص بالتنمية الإدارية دون غيره بيان المؤهلات الدراسية ومستواها المالي - قرار وزير التنمية الإدارية رقم 83 لسنة 1975 - شهادة الإعدادية الزراعية ضمن المؤهلات الأقل من المتوسط - تعيين حاملها في وظائف الفئة 162/ 360 جنيهاً - لا يغير من القاعدة المتقدمة حصول العامل على شهادة الدراسة الابتدائية - أساس ذلك: الحصول على شهادة الدراسة الابتدائية لم يكن شرطاً لازماً للالتحاق بالمدارس الإعدادية الزراعية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15 من إبريل سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 795 لسنة 28 القضائية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15 من فبراير سنة 1982 في الدعوى رقم 237 لسنة 35 القضائية المقامة من السيد سعد محمد خواصي ضد الطاعن، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات. وأعلن الطعن إلى المطعون ضده، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من يونيه سنة 1983 وبجلسة 17 يوليه سنة 1983 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وحددت لنظره أمامها جلسة 7 من أكتوبر سنة 1984 وتم تداول الطعن بالجلسات وبجلسة 18 من نوفمبر سنة 1984 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1980 أقام السيد سعد علي خواصي الدعوى رقم 273 لسنة 35 القضائية ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته طالباً الحكم بأحقيته في تسوية حالته باعتباره يحمل مؤهلاً متوسطاً يستحق الفئة (180/ 360) منذ بداية تعيينه مع تدرجه بالعلاوات والترقيات الوجوبية وفقاً للجدول الثاني المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975 مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بالعمل بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 29 من سبتمبر سنة 1957 بمكافأة شاملة والربط المالي 8 جنيهات إلى 12 جنيهاً مع علاوة دورية مقدارها جنيه واحد، وعندما صدر القانون رقم 11 لسنة 1975 وقرار وزير التنمية الإدارية رقم 83 لسنة 1975 قامت الهيئة باعتبار مؤهله أقل من المتوسط، وهذا يخالف القانون إذ أن مدارس الزراعة الابتدائية كانت قد أنشئت بالقرار رقم 4725 لسنة 1947 في 12 من يوليه سنة 1947 وكانت تقبل الحاصلين على الشهادة الابتدائية أو الذين أتموا المرحلة الأولية بامتحان قبول وكانت مدة الدراسة بها سنة زيدت فيما بعد إلى ثلاث سنوات من أول أكتوبر سنة 1950 وقد سميت بمدارس الزراعة الابتدائية في 20 من أغسطس سنة 1950 وفي 29 من أغسطس سنة 1953 صدر قرار الوزارة رقم 11451 بإدماج المدارس الابتدائية الزراعية بمدراس فلاحة البساتين تحت مدارس الزراعة بخطة دراسية جديدة وكانت تقبل الحاصلين على شهادة الابتدائية ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات وفي 11 من يوليه سنة 1955 صدر القرار رقم 342 وبمقتضاه سميت مدارس الزراعة بالمدارس الإعدادية الزراعية وسميت الشهادة باسم شهادة إتمام الدارسة الإعدادية الزراعية، وإزاء تقاعس الإدارة عن اعتبار مؤهله مؤهلاً متوسطاً فقد أقام دعواه. إلا أنه أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة قدم الحاضر عن الهيئة المدعى عليها صورة رسمية من القرار رقم 5/ 364 الصادر في 28 من فبراير سنة 1981 بتسوية حالة المدعي وإجابته إلى طلباته، مما دعا المحكمة إلى أن تحكم بجلسة 15 فبراير سنة 1982 باعتبار الخصومة منتهية وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأسست حكمها على أنه بعد إجابة المدعي إلى طلباته تصبح الدعوى غير ذات موضوع.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، إذ أن قضاء التسويات يزن الوقائع بميزان القانون وينزل عليها الحكم الصائب والسليم، والتسوية التي أجرتها الإدارة تسوية معدومة لمخالفتها للقانون وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن إقرار الإدارة للمدعي بوضع مخالف للقوانين واللوائح لا يمنع المحكمة من إنزال حكم القانون في المنازعة المطروحة أمامها لتعلق الأمر بأوضاع إدارية تحكمها القوانين واللوائح ولا تخضع لإرادة ذوي الشأن أو اتفاقاتهم وإقراراتهم المخالفة لها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن الوزير المختص بالتنمية الإدارية له دون غيره بيان المؤهلات الدراسية ومستواها المالي إعمالاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وقد أصدر القرار رقم 83 لسنة 1975 ونص في الفقرة 8 من المادة الثامنة على اعتماد شهادة الإعدادية الزراعية ضمن المؤهلات الدراسية الأقل من المتوسطة ويعين حاملها في وظائف الفئة 162/ 360 جنيهاً.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الوقائع الواردة بأوراق الدعوى يتبين أن المطعون ضده من الحاصلين على شهادة إتمام الدارسة الإعدادية الزراعية الدور الثاني عام 1956، وهي من المؤهلات الأقل من المتوسطة فيعين أصحابها في الفئة 162/ 360 جنيهاً، ولا يقدح في هذا النظر أن المطعون ضده يحمل شهادة الدراسة الابتدائية، فإن الحصول عليها لم يكن شرطاً لازماً للالتحاق بمدارس الإعدادية الزراعية مما يقطع بأن شهادة الإعدادية ذاتها هي في ذات المستوى العلمي وإتمام الدارسة الابتدائية، فكلتاهما من المؤهلات أقل من المتوسطة وتتيح لأصحابهما التعيين في الفئة 162/ 360 جنيهاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بانتهاء الخصومة تأسيساً على أن جهة الإدارة أجابت المدعي إلى طلبه بتسوية حالته باعتبار مؤهله من المؤهلات المتوسطة، يكون قد خالف صحيح حكم القانون ويتعين تبعاً لذلك إلغاؤه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 486 لسنة 40 ق جلسة 27 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 283 ص 1511

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، ومحمد كمال عباس، وعبد السلام الجندي، والدكتور إبراهيم صالح.

---------------

(283)
الطعن رقم 486 لسنة 40 ق

استئناف "الأحكام الجائز استئنافها". ضرائب "ضريبة المهن غير التجارية".
ضريبة المهن غير التجارية. القضاء ببطلان إجراءات ربطها على الأرباح الفعلية للممول الخاضع للضريبة الثابتة. عدم خضوعه لحكم م 2/ 2 من القانون 642 لسنة 1955 قبل إلغائه بالقانون 199 لسنة 1960. جواز استئنافه وفقاً للقواعد العامة. علة ذلك.

------------------
مؤدى نص الفقرة الثانية المادة الثانية من القانون رقم 642 لسنة 1955 - قبل إلغائه بالقانون رقم 199 لسنة 1960 - أنه إذ لم يتم إنفاق الممول الخاضع للضريبة الثابتة - المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون المشار إليه - مع مصلحة الضرائب على ما ارتأته من محاسبته على أساس أرباحه الفعلية، ورفع الأمر إلى المحكمة، فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى لا يكون نهائياً إلا إذا فصل في جدية الأسباب التي تقيد بأن الأرباح الفعلية للممول الخاضع لضريبة المهن غير التجارية قد تجاوزت ألف جنيه أو حالة تقدير الأرباح الخاضعة للضريبة، أما ما تفصل فيه المحكمة في غير هاتين الحالتين فإنه يخضع بالنسبة لقابليته للطعن للقواعد العامة. ولما كان الحكم الابتدائي قد قضى ببطلان إجراءات الربط التي اتخذتها مصلحة الضرائب، تأسيساً على أن الأسباب التي استندت إليها المأمورية في محاسبة الممولين على أرباحهما الفعلية لم يعتمدها المدير العام لمصلحة الضرائب بل اعتمدها مدير منطقة ضرائب....... وقد خلت الأوراق من صدور إنابة لهذا الأخير من الأول، وهو قضاء يخرج عن نطاق حالتي الأسباب الجدية التي ركنت إليها مصلحة الضرائب في ربط الضريبة على الربح الفعلي وتقدير هذا الربح الخاضع للضريبة، ومن ثم يخضع لحكم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 642 لسنة 1955، وتسري عليه القواعد العامة المقررة قانوناً للطعن في الأحكام والتي تجيز استئناف هذا الحكم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز استئنافه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب أسيوط حاسبت المطعون ضدهما على أساس أرباحهما الفعلية تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 642 سنة 1955 وذلك للأسباب التي تضمنتها مذكرة التقدير. منتهية إلى أن أرباح الأول منهما من مهنة المحاسبة في المدة من 1/ 6/ 1957 حتى 31/ 12/ 1957 مبلغ 1024ج و42 م وفي كل من سنتي 1958 و1959 مبلغ 1755ج و500 م وأن أرباح الثاني من مهنة المحاماة في سنة 1959 مبلغ 1755ج و500 م وإذا اعترضا على هذه التقديرات طالبين محاسبتها على أساس الفئات الثابتة التي نص عليها القانون رقم 642 سنة 1955 في مادته الأولى ولعدم اتفاق الطرفين فقد رفعت الطاعنة الأمر إلى المحكمة بالدعوى رقم 287 سنة 1965 تجاري كلي أسيوط بصحيفة معلنة للمطعون ضدهما طالبة الحكم بتأييد تقديرات المأمورية لأرباحهما، كما أقامت الدعوى رقم 288 سنة 1965 تجاري كلي أسيوط بصحيفة مودعة قلم الكتاب بذات الطلبات، وبعد ضم الدعويين حكمت المحكمة بتاريخ 11/ 5/ 1969 ببطلان إجراءات الربط التي اتخذتها مصلحة الضرائب، وبنت حكمها على أن الأسباب التي استندت إليها مأمورية الضرائب في محاسبة المطعون ضدهما على أساس الربح الفعلي وعدم خضوعهما للضريبة الثابتة، لم يعتمدها المدير العام لمصلحة الضرائب، وكان اعتمادها من مدير منطقة ضرائب أسيوط وقد خلت الأوراق من صدور إنابة له من الأول. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 1947 سنة 44 ق أسيوط طالبة إلغاءه وتأييد تقديرات المأمورية، وبتاريخ 7/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف، تأسيساً على أن حكم المحكمة الابتدائية يكون في هذه الحالة نهائياً. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي لم يفصل في مدى جدية الأسباب التي استندت إليها مأمورية الضرائب في القول بأن الأرباح الفعلية للمطعون ضدهما جاوزت الألف جنيه في السنة ولا في تقدير هذه الأرباح، وإنما كان قضاؤه ببطلان إجراءات الربط على أساس أن الأوراق قد خلت من صدور إنابة من المدير العام لمصلحة الضرائب لمدير منطقة أسيوط الذي اعتمد أسباب التقدير الفعلي وإذ كان مفاد نص الفقرة الثانية من المادة رقم 642 لسنة 1955 أن الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية يكون نهائياً في حالة فصلها في مدى جدية الأسباب التي ركنت إليها مصلحة الضرائب للقول باعتبار الممول تجاوز الألف من الجنيهات أو في حالة تقدير هذه الأرباح، أما قضاء الحكم في هاتين الحالتين فيقبل الطعن باعتبار أنه الأصل وأن خلافة هو الاستثناء، وإذ كان القضاء ببطلان إجراءات الربط لعدم توافر هذا الإجراء الشكلي يخرج عن نطاق الحالتين سالفتي البيان فإنه يكون قابلاً للطعن طبقاً للقواعد العامة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى بعدم جواز استئنافه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 642 سنة 1955 - قبل إلغائه بالقانون رقم 199 لسنة 1960 - على أنه يجوز لمصلحة الضرائب لأسباب جدية يعتمدها المدير العام أو من ينيبه إذا ما رأت أن أرباح الممول الفعلية تجاوز 1000 جنيه أن تخطره بتقديرها لأرباحه بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول وعلى الممول خلال ثلاثين يوماً من إخطاره بذلك قبول هذا التقدير أو تقديم ملاحظاته عليه وذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، وفى حالة الاتفاق بين المصلحة والممول على تقدير الربح تربط الضريبة على أساسه وإلا رفعت المصلحة الأمر إلى المحكمة المختصة للفصل فيه من ناحية الأسباب ثم التقدير ويكون حكمها في الحالتين نهائياً، يدل على إنه إذا لم يتم اتفاق الممول الخاضع للضريبة الثابتة - المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون المشار إليه - مع مصلحة الضرائب على ما ارتأته من محاسبته على أساس أرباحه الفعلية، ورفع الأمر إلى المحكمة، فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى لا يكون نهائياً إلا إذا فصل في جدية الأسباب التي تفيد بأن الأرباح الفعلية للممول الخاضع لضريبة المهن غير التجارية قد تجاوزت ألف جنيه أو حالة تقدير الأرباح الخاضعة للضريبة أما ما تفصل فيه المحكمة في غير هاتين الحالتين فإنه يخضع بالنسبة لقابليته للطعن للقواعد العامة، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد قضى ببطلان إجراءات الربط التي اتخذتها مصلحة الضرائب، تأسيساً على أن الأسباب التي استندت إليها المأمورية في محاسبة الممولين على أرباحهما الفعلية لم يعتمدها المدير العام لمصلحة الضرائب بل اعتمدها مدير منطقة ضرائب أسيوط وقد خلت الأوراق من صدور إنابة لهذا الأخير من الأول، وهو قضاء يخرج عن نطاق حالتي الأسباب الجدية التي ركنت إليها مصلحة الضرائب في ربط الضريبة على الربح الفعلي وتقدير هذا الربح الخاضع للضريبة ومن ثم فلا يخضع لحكم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 642 لسنة 1955 وتسري عليه القواعد العامة المقررة قانوناً للطعن في الأحكام والتي تجيز استئناف هذا الحكم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم استئنافه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.

الطعن 2 لسنة 44 ق جلسة 26 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 282 ص 1507

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وعبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

----------------

(282)
الطعن رقم 2 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية "الولاية على المال". نقض. أهلية.
الطعن بالنقض في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحجر. م 1025 مرافعات. قصر جوازه على المسائل اللصيقة بالحجر في حد ذاته. القرار برفض الإذن للمحجور عليه للسفه أو الغفلة بإدارة أمواله، أو بالإذن للقيم باستثمار أموال المحجور عليه. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض. علة ذلك.

-------------------
النص في المادة 1025 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 1951 معدلة بالمرسوم بقانون رقم 129 لسنة 1952 على أنه "يجوز الطعن بالنقض للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحجر والغيبة والمساعدة القضائية وسلب الولاية أو وقفها أو الحد منها أو ردها واستمرار الولاية أو الوصاية والحساب "يدل على ما يبين من عبارته ومن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 126 لسنة 1951 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن الشارع قصد الحد من جواز الطعن بالنقض في مسائل الولاية على المال فلا يتناول إلا القرارات التي تصدر في المسائل الواردة في هذه المادة دون المسائل الأخرى، ولما كانت مواد الحجر المشار إليها في ذلك النص إنما تقتصر على المسائل اللصيقة بالحجر في حد ذاته من قبيل القرارات الصادرة بتوقيع الحجر أو رفعه وكذلك القرارات الخاصة بتعيين القيم أو عزله، وكانت القرارات الصادرة بالإذن من المحكمة للمحجور عليه للسفه أو الغفلة بتسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها وفق المادة 67 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 والإذن للقيم في استثمار أموال المحجور عليه طبقاً للمادة 78 من ذات القانون لا تتعلق بالحجر في صميمه ويعارض الأهلية في جوهره وإنما تتصل بوسيلة إدارة أموال ناقص الأهلية بوجه عام، يؤيد هذا النظر أن المادتين المشار إليهما أحالت أولاهما إلى الأحكام المتعلقة بالإذن للقاصر بالإدارة، كما قصدت الثانية أن تطبق على القامة القواعد المتعلقة بواجبات الأوصياء وحقوقهم. وطبقاً لصريح نص المادة 1025 من قانون المرافعات لا يجوز الطعن بطريق النقض في القرارات الصادرة بالإذن للقاصر في إدارة أمواله والإذن للوصي في التصرف في أموال القاصر فلا موجب للمغايرة بين الحكمين، إذ كان ذلك، وكان القراران المطعون عليهما قضى أولهما برفض الإذن للطاعن المحجور عليه بإدارة أمواله وصدر ثانيهما بالإذن باستثمار أموال المحجور عليه في شراء أوراق مالية، فإن الطعن بالنقض في هذين القرارين يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 6/ 1959 قضى بتوقيع الحجر على الطاعن للسفه والغفلة وإقامة المطعون عليه قيماً عليه، وفى 27/ 12/ 1969 قدم الطاعن إلى نيابة القاهرة للأحوال الشخصية طلباً للإذن باستلام أمواله لإدارتها كما قدم القيم المطعون عليه طلباً للتصريح له بشراء شهادات استثمار بمبلغ 5000 ج من مال المحجور عليه المودع خزانة البنك وبعد أن حققت النيابة الطلبين قدمتهما إلى محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية وقيدا برقم 526 لسنة 1957 أحوال شخصية. وبتاريخ 9/ 6/ 1971 صرحت المحكمة للقيم بشراء شهادات الاستثمار كما أذنت للمحجور عليه - الطاعن - باستلام أمواله لإدارتها بنفسه لمدة سنة. استأنف القيم المطعون عليه هذا القرار في شقه الخاص بالإذن للمحجور عليه بإدارة أمواله وقيد استئنافه برقم 58 سنة 88 ق - أحوال شخصية القاهرة، كما استأنف الطاعن القرار في شقه الخاص بالتصريح للقيم بشراء شهادات استثمار وقيد استئنافه برقم 56 سنة 88 ق. قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين وحكمت في 14/ 1/ 1974 بتأييد القرار بالنسبة للتصريح للقيم بشراء شهادات استثمار وبإلغائه بالنسبة للإذن للمحجور عليه بإدارة أمواله طعن المحجور عليه في هذا القرار بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إنه لما كان النص في المادة 1025 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 1951 معدلة بالمرسوم بقانون رقم 129 لسنة 1952 على أنه "يجوز الطعن بالنقض للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحجر والغيبة والمساعدة القضائية وسلب الولاية أو وقفها أو الحد منها أو ردها واستمرار الولاية أو الوصاية والحساب" يدل على ما يبين من عبارته ومن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 126 لسنة 1951 - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن الشارع قصد الحد من جواز الطعن بالنقض في مسائل الولاية على المال فلا يتناول إلا القرارات التي تصدر في المسائل الواردة بذاتها في هذه المادة دون المسائل الأخرى، ولما كانت مواد الحجر المشار إليها في ذلك النص إنما تقتصر على المسائل اللصيقة بالحجر في حد ذاته من قبيل القرارات الصادرة بتوقيع الحجر أو رفعه وكذلك القرارات الخاصة بتعيين القيم أو عزله، لما كان ذلك وكانت القرارات الصادرة بالإذن من المحكمة للمحجور عليه للسفه أو الغفلة بتسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها وفق المادة 67 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 والإذن للقيم في استثمار أموال المحجور عليه طبقاً للمادة 78 من ذات القانون لا تتعلق بالحجر في صميمه وبعارض الأهلية في جوهره وإنما تتصل بوسيلة إدارة أموال ناقص الأهلية بوجه عام، يؤيد هذا النظر أن المادتين المشار إليهما أحالت أولاهما إلى الأحكام المتعلقة بالإذن للقاصر بالإدارة، كما قصدت الثانية أن تطبق على القامة القواعد المتعلقة بواجبات الأوصياء وحقوقهم وطبقاً لصريح نص المادة 1025 من قانون المرافعات لا يجوز الطعن بطريق النقض في القرارات الصادرة بالإذن للقاصر في إدارة أمواله والإذن للوصي في التصرف في أموال القاصر فلا موجب للمغايرة بين الحكمين. لما كان ذلك وكان القراران المطعون عليهما قضى أولهما برفض الإذن للطاعن المحجور عليه بإدارة أمواله وصدر ثانيهما بالإذن للقيم باستثمار أموال المحجور عليه في شراء أوراق مالية فإن الطعن بالنقض في هذين القرارين يكون غير جائز.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين القضاء بعدم قبول الطعن.


(1) نقض 23/ 5/ 1957 مجموعة المكتب الفني السنة 8 ص 539.
نقض 6/ 11/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 1208.

الخميس، 2 يناير 2025

الطعن 15 لسنة 42 ق جلسة 26 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 280 ص 1492

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، وحسن مهران حسن، ومحمد الباجوري.

---------------

(280)
الطعن رقم 15 لسنة 42 ق "أحوال شخصية"

(1) إعلان "الإعلان في الموطن المختار" نقض "إعلان الطعن".
إغفال المدعي بيان موطنه الأصلي في صحيفة افتتاح الدعوى. جزاؤه. جواز إعلانه بالطعن بالنقض في موطنه المختار. لا يغير من ذلك علم الطاعن بالموطن الأصلي للمطعون عليه من أية ورقة في الدعوى.
(2) وقف "إلغاء الوقف".
انتهاء الوقف على غير الخيرات. م 2 ق 180 لسنة 1952. مناطه. أن يكون مصرفه غير خالص لجهة من جهات البر عند العمل بهذا القانون. لا عبرة بمصرف الوقف عند إنشائه أو بمصرفه في المال حسب كتاب الوقف.
(3) وقف "انتهاء الوقف".
إنهاء الوقف على الخيرات بحكم القانون. لا يعد رجوعاً. الإشهاد فيه. لا محل له.
(4) وقف.
الوقف المعلق على الموت أو المضاف إليه. غير لازم في حياة الواقف. اعتباره لازماً بعد موته. الاستناد إلى المادتين 265 و271 مدني في القول بنفاذ الوقف رغم تأجيله. لا محل له.

------------------
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات على أنه إن كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي جاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار المبين في هذه الصحيفة يدل على أنه لما كان المدعي ملزماً ببيان موطنه الأصلي في صحيفة الدعوى عملاً بالمادتين 9، 63 من قانون المرافعات فإن المشرع استحدث بموجب الفقرة الثانية من المادة 214 سالفة الإشارة جزاءً على إغفاله هذا البيان فأجاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار حتى ولو ثبت علم الطاعن بالموطن الأصلي للمطعون عليه من أية ورقة أخرى من أوراق الدعوى.
2 - النص في المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات بعد تعديلها بالقانون رقم 342 لسنة 1952 على أنه "يعتبر منهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاًَ لجهة من جهات البر، فإذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات..." يدل على انتهاء كل وقف لا يكون مصرفه خالصاً لجهة من جهات البر، وكذلك بانتهاء كل وقف يكون مصرفه مشتركاً بين المستحقين في غير جهات البر وبين الخيرات أو المرتبات الدائمة المقررة لجهات البر فيما عدا حصة شائعة تكفي غلتها للوفاء بتلك الخيرات، وكما اتخذ المشرع من مصرف الوقف مناط لإنهائه فقد عنى ببيان الوقف الذي يعتبر فيه هذا المصرف غير خالص لجهة من جهات البر وحدده بأنه حال العمل بقانون إلغاء الوقف، دون اعتداد بمصرف الوقف عند إنشائه أو بمصرفه في المآل طبقاً للثابت بكتابه، لا فرق في ذلك بين الوقف الذي يتمخض مصرفه خالصاً منذ البداية لجهة من جهات البر أو ذلك الذي يكون مصرفه مشتركاً بين هذه الجهات وبين جهات غير الخيرات، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلاً من المطعون عليهما وقف على نفسه مساحة من الأطيان الزراعية مدة حياته، وناط بناظر وقفه صرف جزء محدد من الريع على جهات البر الموضحة بكتاب كل وقف عقب وفاته، وكان الحكم قد أقام قضاءه بإنهاء الوقفين على ما أورده من أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد أنهت جميع الأوقاف التي لا يكون مصرفها للخيرات في الحال، وأن مصرف الوقف عند صدور القانون المشار إليه كان مقصوراً عليهما وحدهما دون أية جهة من جهات البر لأنهما لا يزالان على قيد الحياة، فإن ما خلص إليه الحكم هو التفسير السليم للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا يكون هناك ثمة حاجة لتجنب حصة من الأعيان الموقوفة تفي غلتها بحصة الخيرات.
3 - اعتبار الوقف منتهياً بقوة القانون لا يجعل هناك محلاً للقول بوجوب إعمال ما أوجبته المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف بصحة الرجوع فيه من إصدار إشهاد رسمي ممن يملكه أمام الجهة المختصة بسماعه، لأنه وإن كان الرجوع في الوقف هو إنهاؤه وانحسار وصف الوقف عنه، إلا أنه حق مطلق للواقف وحده لا لغيره في حدود المادة 11 من القانون، ولذلك استلزم القانون الإشهاد فيه على خلاف ما يفرضه المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 من إنهاء كافة الأوقاف على غير الخيرات إذ المرد فيه إلى حكم القانون لا لمشيئة الواقفين، فهو بهذه المثابة لا يعد رجوعاً.
4 - إذ كان أي من القانون رقم 48 لسنة 1946 - بأحكام الوقف - والمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 - بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات - لم يعرض لحكم الوقف سواء أكان معلقاً أو مضافاً فيبقى الأمر فيهما لأرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة، وكان الاتفاق عند الأحناف على أن كلاً من الوقف المعلق بالموت والوقف المضاف إليه غير لازم في حياة الواقف ويكون لازماً بعد موته، فإنه لا محل للحاجة بنصوص القانون المدني في هذا السبيل (المادتان 265 و271) والقول بنفاذ الوقف رغم تأجيله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما ضد الطاعنين الدعوى رقم 76 لسنة 1965 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بعدم تعرض الطاعنين لهما في جميع الأعيان الموقوفة بجهتي الوقف المشار إليهما بصحيفة الدعوى، وقالا شرحاً لها أن المطعون عليه الأول وقف الأطيان الموضحة بإشهاد الوقف رقم 6 لسنة 1950 بتاريخ 2/ 3/ 1950 أمام محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية، كما أن المطعون عليها الثانية وقفت الأعيان الموضحة بإشهاد الوقف رقم 7 لسنة 1950 بذات التاريخ أمام نفس المحكمة وقد جعل كل منهما وقفه على نفسه مدى حياته ومن بعده على من ذكر بكتاب وقفه وشرط كل منهما في وقفه أن يصرف ناظر الوقف بعد وفاته مبلغ ثلاثين جنيهاً شهرياً على العجزة والأيتام بالمدينة المنورة، وكذا مبلغ 120 جنيهاً شهرياً لجمعيتين خيريتين إسلاميتين بالمنصورة، وإذ كانت المبالغ المخصصة للخيرات معلق نفاذها على وفاتهما فإن الوقف يصبح منتهياً وتكون أعيانه ملكاً خالصاً لهما طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 بشأن إنهاء الوقف على غير الخيرات، وإزاء تعرض الطاعنين لهما في إجراءات تسجيل تصرفاتهما في أعيان الوقف فقد أقاما الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وبتاريخ 13/ 12/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 لسنة 1972 ق أحوال شخصية المنصورة طالبين إلغاءه، وبتاريخ 13/ 12/ 1970 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء الوقفين الموضحين بإشهادي الوقف الرقمين 6، 7 سنة 1950 واعتبار الأعيان المبينة بإشهاد كل وقف ملكاً خالصاً للواقف ويمنع تعرض الطاعنين للمطعون عليهما فيها، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون عليهما بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفى الموضوع برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن المبدى من المطعون عليهما أن الطاعنين أعلنا تقريره إلى الموطن المختار قولاً بأن عريضة الدعوى لم يوضح بها موطنهما الأصلي، مع أنه كان واجباً عليهما بذل الوسائل الكافية للتحري عنه، خاصة وأن الموطن الأصلي ثابت بملف الدعوى الابتدائية.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات على أنه "..... وإذا كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي جاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار المبين في هذه الصحيفة" يدل على أنه لما كان المدعي ملزماً ببيان موطنه الأصلي في صحيفة افتتاح الدعوى عملاً بالمادتين 9، 63 من قانون المرافعات، فإن المشرع استحدث بموجب الفقرة الثانية من المادة 214 سالفة الإشارة جزاء على إغفاله هذا البيان فأجاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار حتى ولو ثبت علم الطاعن بالموطن الأصلي للمطعون عليه من أية ورقة أخرى من أوراق الدعوى، وإذ كان المطعون عليهما لا يجادلا في أنهما لم يبينا في صحيفة افتتاح الدعوى موطنهما الأصلي واكتفيا بذكر الموطن المختار وكان الطاعنان قد استعملا الحق المخول لهما بمقتضى القانون على النحو السالف، فإن الدفع يكون متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بإنهاء وقفي المطعون عليهما واعتبار أعيانهما ملكاً خالصاً للواقفين، على سند من القول بأنه وقد شرط كتابا الوقف صرف جزء من الريع على الخيرات بعد وفاتهما، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 التي أنهت جميع الأوقاف التي لا يكون مصرفها حالاً على الخيرات صدرت حال حياة المطعون عليهما فإن الوقفين يعتبران منتهيين بقوة القانون، وتعود أعيان كل وقف إلى واقفه ويحق له التصرف فيه تصرف الملاك طالما أن كل وقف كان يتمخض وقتئذٍ لصالح المطعون عليهما وحدهما، وكان مصرف الجزء المخصص لجهات البر معلقا على شرط هو وفاة الواقف، في حين أن المادة سالفة الذكر قصرت الإنهاء على الوقف على غير الخيرات واستثنت حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بحصة الخيرات وهو ما أغفله الحكم. هذا إلى أن الحكم اعتبر الوقف على جهة البر معلق على شرط واقف هو وفاة الواقف مع أن الوفاة تعد بمثابة الإضافة إلى أجل لا يمنع نشوءه وإن كان مؤجلاً نفاذه عملاً بالمادتين 265، 271 من القانون المدني، بالإضافة إلى أن الرجوع في الوقف طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 لا يتم بغير إشهاد يضبط بدفتر المحكمة، وبدون سلوك هذا الطريق يظل الوقف الخيري موجوداً، ولا يغير من ذلك صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف غير الخيرات بعد تعديلها بالقانون رقم 342 لسنة 1952، على أنه "يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاً لجهة من جهات البر، فإذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة غير خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات" يدل على انتهاء كل وقف لا يكون مصرفه خالصاً لجهة من جهات البر وكذلك بانتهاء كل وقف يكون مصرفه مشتركاً بين المستحقين في غير جهات البر وبين الخيرات أو المرتبات الدائمة المقررة لجهات البر فيما عدا حصة شائعة تكفي غلتها للوفاء بتلك الخيرات وكما اتخذ المشرع من مصرف الوقف مناطاً لانتهائه فقد عنى ببيان الوقف الذي يعتبر منه هذا المصرف غير خالص لجهة من جهات البر وحدده بأنه حال العمل بقانون إلغاء الوقف دون اعتداد بمصرف الوقف عند إنشائه أو مصرفه في الحال طبقاً للثابت بكتابه لا فرق في ذلك بين الوقف الذي يتمخض مصرفه خالصاً منذ البداية لجهة من جهات البر أو ذلك الذي يكون مصرفه مشتركاً بين هذه الجهات وبين جهات غير الخيرات. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلاً من المطعون عليهما وقف على نفسه مساحة من الأطيان الزراعية مدة حياته، وناط بناظر كل وقف صرف جزء محدد من الريع على جهات البر الموضحة بكتاب كل وقف عقب وفاته، وكان الحكم قد أقام قضاءه بإنهاء الوقفين على ما أورده من أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد أنهت جميع الأوقاف التي لا يكون مصرفها للخيرات في الحال، وأن مصرف الوقف عند صدور القانون المشار إليه كان مقصوراً عليهما وحدهما دون أية جهة من جهات البر لأنهما لا يزالان على قيد الحياة فإن ما خلص إليه الحكم والتفسير السليم للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا يكون هناك ثمة حاجة لتجنيب حصة من الأعيان الموقوفة نفى غلتها بحصة الخيرات، لما كان ذلك، وكان اعتبار الوقف منتهياً بقوة القانون - وعلى ما سبق تفصيله - لا يجعل هناك محلاً للقول بوجوب أعمال ما أوجبته المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لصحة الرجوع فيه من إصدار إشهاد رسمي ممن يملكه أمام الجهة المختصة بسماعه، لأنه وإن كان الرجوع في الوقف هو إنهاؤه وانحسار وصف الوقف عنه، إلا أنه حق مطلق للواقف وحده لا لغيره في حدود المادة 11 من القانون، ولذلك استلزم القانون الإشهاد فيه على خلاف ما يفرضه المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 من إنهاء كافة الأوقاف على غير الخيرات إذ المرد فيه إلى حكم القانون لا لمشيئة الواقفين، فهو بهذه المثابة لا يعد رجوعاً، لما كان ما تقدم، وكان أي من القانون رقم 48 لسنة 1946 والمرسوم بقانون 180 لسنة 1952 لم يعرض لحكم الوقف سواء أكان معلقاً أو مضافاً فيبقى الأمر منهياً لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة، وكان الاتفاق عند الأحناف على أن كلا من الوقف المعلق على الموت والوقف المضاف إليه غير لازم في حياة الواقف ويكون لازماً بعد موته فإنه لا محل للمحاجة بنصوص القانون المدني في هذا السبيل والقول بنفاذ الوقف رغم تأجيله، ويكون النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إنه لما سلف يتعين رفض الطعن برمته.

الطعن 1854 لسنة 27 ق جلسة 29 / 12 / 1984 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 51 ص 290

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد وجمال السيد دحروج وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

----------------

(51)

الطعن رقم 1854 لسنة 27 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق.
المادة 46 من القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية - المشرع أراد أن يكفل للاتحاد العام لنقابات العمال الحق في الإحاطة بما ينسب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات في جرائم تتعلق بنشاطه النقابي - لا وجه لإخطار الاتحاد العام للعمال قبل إجراء التحقيق مع العضو في المخالفات المتعلقة بعمله الوظيفي بالمنشأة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 13 يوليه 1981 أودع الأستاذ حسن محمد سليم المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة المستودعات المصرية، فلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1854 لسنة 27 القضائية من الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 26/ 4/ 1981 في الطعن رقم 101 لسنة 22 القضائية المقام عن السيد...... ضد السيد رئيس مجلس إدارة شركة المستودعات المصرية بصفته والسيد وزير النقل البحري بصفته والقاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قراري الجزاء المطعون فيهما الأول بخصم أربعة أيام من أجر الطاعن والثاني بخصم ثلاثة أيام من أجره وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بصحة قراري الجزاء الصادرين من الشركة ضد المطعون ضده.
وبعد أن تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني، رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة جلسة 18/ 4/ 1984 وبجلسة 6/ 6/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة" لنظره بجلسة 9/ 10/ 1984 حيث قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 24/ 11/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يستخلص من الأوراق، في أنه بتاريخ 31/ 3/ 1980 أودع السيد........ قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية عريضة طعن قيدت برقم 101 لسنة 22 القضائية طلب في ختامها الحكم بإلغاء قراري الجزاء الموقعين عليه واللذين أخطر بهما في 18، 19/ 3/ 1980، الأول بخصم أربعة أيام لما نسب إليه من انقطاع عن العمل خلال المدة من 26/ 1/ 1980 حتى 31/ 1/ 1980 والثاني بخصم ثلاثة أيام لما نسب إليه من الامتناع عن الإدلاء بأقواله فيما هو منسوب إليه من أنه رفض استلام الأخطار الموجه إليه بضرورة الانتظام في العمل فإنه انصرف بدون إذن قبل الميعاد يوم 20/ 1/ 1980. وبجلسة 26/ 4/ 1981 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قراري الجزاء المطعون فيهما وما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت قضاءها على أنه طبقاً للمادة 46 من القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية فإنه يتعين على سلطة التحقيق إخطار الاتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات تتعلق بنشاطه النقابي وبالموعد المحدد لإجراء التحقيق، وأن هذا الإخطار إجراء جوهري أوجبه القانون قبل البدء في إجراءات التحقيق ويترتب على إغفاله بطلان التحقيق وبالتالي بطلان الجزاء الذي استند إليه، وأن الثابت أن الشركة لم تقم باتخاذ هذا الإجراء رغم أن الطاعن عضو نقابي وما نسب إليه يتعلق بنشاطه النقابي ذلك أن مدة الغياب سبب قرار الجزاء الأول كان خلالها في مهمة نقابية بتكليف رسمي من النقابة العامة لعمال التجارة وسبب القرار الثاني بالجزاء هو رفضه استلام الإخطار الموجه إليه بضرورة الانتظام في العمل وهو مرتبط بالسبب الذي قام عليه قرار الجزاء الأول ومن ثم يضحى الطعن بالإلغاء على القرارين المطعون فيهما قائماً على سند صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائها.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مع قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه يشترط لإعمال نص المادة 46 من القانون رقم 35 لسنة 1976 بإخطار الاتحاد العام للعمال بالتحقيق أن ينسب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية اتهامات عن جرائم متعلقة بنشاطه النقابي، وهو ما لا يتوافر بشأن الطاعن، إذ أن التحقيق الذي أجري معه هو تحقيق إداري متعلق بواقعة الغياب عن العمل بدون إذن وهي لا ترقى إلى مرتبة الاتهام الجنائي. ولا تتعلق بنشاطه النقابي، وأضاف بأن الشركة طبقت أحكام القانون في التحقيق والجزاء الموقع لأنه تغيب عن العمل بدون إذن أو عذر مقبول، كما أنه بتاريخ 20/ 1/ 1980 انصرف بدون إذن قبل الميعاد وتمت مجازاته طبقاً للائحة الجزاءات وعن طريق رئيس الجمعية العمومية للشركة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قسم التخطيط بالشركة أخطر الشئون القانونية بانصراف السيد....... الموظف بالقسم المذكور عن العمل بدون إذن من الساعة العاشرة صباحاً وذلك يوم 20/ 1/ 1980، كما أخطر قسم شئون العاملين، الشئون القانونية بأن السيد المذكور تغيب عن العمل في الفترة من 26/ 1/ 1980 وحتى 31/ 1/ 1980، وبسؤاله عن الواقعة الأولى قرر بأنه انصرف فعلاً بدون إذن من العمل يوم 20/ 1/ 1980 وذلك لتوجهه إلى النقابة العامة لاتحاد العمال وأنه عاد حوالي الساعة 12 ظهراً، وبسؤاله عن الواقعة الثانية وهي الغياب بدون إذن المدة المشار إليها قرر بأنه كان في مهمة نقابية وقد قامت النقابة العامة بإخطار الشركة بذلك بموجب خطابها رقم 279 الصادر في 23/ 1/ 1980 وانتهت الإدارة القانونية إلى ثبوت الواقعة الأولى في حقه وأن ذلك يستوجب مجازاته طبقاً للبند 10 من لائحة الجزاءات، وأنه بالنسبة للواقعة الثانية فإنه قام بالغياب على الرغم من عدم استجابة الشركة لطلب النقابة العامة وبالتالي يعتبر غياباً بدون إذن يستوجب مجازاته طبقاً للبند 8 من لائحة الجزاءات، وقد وافق رئيس مجلس إدارة الشركة على ما انتهى إليه التحقيق واعتمد الجزاء من السيد وزير النقل البحري بصفته رئيس الجمعية العمومية للشركة طبقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إن المادة 46 من القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية تنص على أنه "يجب على سلطة التحقيق إخطار الاتحاد العام لنقابات العمال بما هو منسوب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات في جرائم تتعلق بنشاطه النقابي وبالموعد المحدد لإجراء التحقيق قبل البدء في إجرائه ولمجلس إدارة الاتحاد أن ينيب أحد أعضائه أو أحد أعضاء النقابة العامة لحضور التحقيق وذلك ما لم تقرر سلطة التحقيق سريته "ومفاد هذا النص أن المشرع أراد أن يكفل للاتحاد العام لنقابات العمال الحق في الإحاطة بما ينسب إلى عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من اتهامات في جرائم تتعلق بنشاطه النقابي، وهو ما يهم الاتحاد العلم به ومعرفة كافة الظروف المحيطة بالاتهام المنسوب للعضو النقابي متعلقاً بممارسته لنشاطه النقابي.
ومن حيث إن النص المشار إليه يتعين أن يقتصر مجاله في ضوء ما تقدم على ما ينسب للعضو النقابي من اتهامات في جرائم تتعلق بنشاطه النقابي، فإذا ما اقترف العضو مخالفات تتعلق بعمله في المنشأة فلا تثريب على جهة العمل إن هي أجرت تحقيقاً معه بشأنها ولم تقم بإخطار الاتحاد العام للعمال به قبل إجرائه.
ومن حيث إن الانقطاع عن العمل أو الانصراف قبل الميعاد بدون إذن أو رفض استلام العامل لكتاب موجه إليه من الشركة وهو ما نسب للمطعون ضده من مخالفات، كلها أمور لا تتعلق بممارسته لنشاطه النقابي وإنما هي من الأمور المتعلقة بممارسته لمهام وظيفته في الشركة ومن ثم يحق لسلطة التحقيق المختصة أن تجري معه التحقيق عن هذه المخالفات دون حاجة لإخطار الاتحاد العام لنقابات العمال.
ومن حيث إنه يتضح من الأوراق ثبوت المخالفات المنسوبة للطاعن وهي غيابه عن العمل والانصراف قبل الميعاد والامتناع عن استلام إخطار موجه إليه من الشركة ومن ثم فإنه بذلك يكون قد أخل بواجبات وظيفته ويكون قرارا مجازاته قد صدر سالمين ولا مطعن عليهما.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب وقضى بإلغاء قراري الجزاء يكون مخالفاً للقانون، ويكون الطعن عليه مستنداً لأساس قانوني سليم، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.

الطعن 434 لسنة 27 ق جلسة 29 / 12 / 1984 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 50 ص 278

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس - المستشارين.

----------------

(50)

الطعن رقم 434 لسنة 27 القضائية

دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - سريانه من تاريخ إعلان القرار الفردي إلى أصحاب الشأن.
المادة 22 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 - القرارات التنظيمية العامة يسري ميعاد الطعن فيها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية - القرارات الفردية التي تمس مراكز قانونية ذاتية يسري ميعاد الطعن فيها من تاريخ إعلانها إلى أصحاب الشأن - يقوم مقام النشر أو الإعلان تحقق علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقيناً لا ظنياً ولا افتراضياً. - تطبيق - قرار المحافظة بإلحاق بعض الشوارع والطرق والميادين بالمنافع العامة بدون مقابل - هو قرار فردي وليس تنظيمياً - لا يسري ميعاد الطعن فيه من تاريخ نشره في الوقائع الرسمية وإنما من تاريخ إعلانه لأصحاب الشأن أو علمهم به علماً يقيناً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 1/ 3/ 1981 أودع الأستاذ علاء الدين نور المحامي نيابة عن الأستاذ محمود فرج خميس المحامي بصفته وكيلاً عن المهندس أحمد محمود محمد، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 434 لسنة 27 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 1/ 1/ 1981 في الدعوى رقم 197 لسنة 27 ق، المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم، والقاضي بعدم قبول طلب إلغاء القرارين رقمي 65 لسنة 1968، 89 لسنة 1968 شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرارين المطعون فيهما، وبإلزام المطعون ضدهم جميعاً ضامنين متضامنين في المسئولية بأن يدفعوا للطاعن 600 ألف جنيه قيمة الأرض التي ألحقت بالمنفعة العامة، بالإضافة إلى 5% نظير عدم انتفاعه بالأرض ملكه محل القرارين وبسببهما، والفوائد القانونية من تاريخ الصدور، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10/ 10/ 1982، وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/ 5/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 23/ 6/ 1984 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن، وبجلسة 8/ 12/ 1984 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم التالي، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق. في أنه بتاريخ 12/ 11/ 1968 أقام المهندس أحمد محمود محمد الدعوى رقم 3026 لسنة 1968 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد كل من: 1 - محافظ الإسكندرية 2 - وكيل وزارة الإسكان والمرافق 3 - بدريه ياقوت محمد 4 - أحمد حسن السيد عطا 5 - محسن حسن السيد عطا 6 - فريدة حسن السيد عطا 7 - السيد عبد الله سعيد 8 - سعاد محمد بدر 9 - فهيمه نجيب سليمان الشهيرة بفتحية، طالباً الحكم بعدم الاعتداد بقراري التقسيم رقمي 65، 89 لسنة 1968 وبطلانهما وبطلان كل تصرف انبنى عليهما مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
وقال المدعي - شرحاً لدعواه - أنه يمتلك الأرض موضوع التقسيمين المشار إليهما بموجب عقد مؤرخ 10/ 1/ 1966 صادر له عن محمد عز الدين عوض صدقي، الذي آلت إليه الملكية بطريق الشراء من ورثة المرحوم رزق فهمي عوض شافعي بمقتضى عقد بيع مؤرخ 26/ 2/ 1959، وقد استصدر المدعي حكماً في الدعوى رقم 959 لسنة 1966 مدني كلي إسكندرية بصحة ونفاذ عقدي البيع المذكورين، وسجله برقم 936 لسنة 1968 توثيق إسكندرية، إلا أن المدعى عليهم من الثالثة حتى الثامنة تقدموا بطلبات إلى محافظة الإسكندرية لاعتماد تقسيم تلك الأرض زعماً منهم بملكيتهم لها، ورغم عدم تقديمهم ما يثبت تلك الملكية فقد أصدرت المحافظة القرارين المطعون فيهما، بعد أن أبدى المتقاسمون استعدادهم للتنازل عن مقابل الشوارع والميادين والمتنزهات والطرقات للمنافع العامة. ونعى المدعي على هذين القرارين أنهما صدرا بناء على غش وتدليس من المدعى عليهم المذكورين، وخلص إلى طلب الحكم ببطلانهما.
وبجلسة 31/ 1/ 1971 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى مجلس الدولة للاختصاص. وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وقيدت بجدولها برقم 1065 لسنة 25 ق. وبجلسة التحضير المنعقدة في 12/ 6/ 1971 حدد المدعي طلباته بإلغاء قراري محافظ الإسكندرية رقمي 65، 89 لسنة 1968 المشار إليهما.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بالرد على الدعوى، جاء فيها أن المدعى عليهم من الثالث إلى السابع تقدموا بطلب لتقسيم أرض كائنة بناحية سيدي بشر، وإذ تبين خلو ما قدم من مستندات من العقد الرسمي المثبت للملكية، فقد كلفوا بتقديمه وإلا أوقفت إجراءات اعتماد التقسيم، ثم أحيلت الأوراق إلى الجهة المختصة للنظر في مدى صلاحية الأرض للتقسيم من الوجهة التخطيطية، فتبين من المعاينة على الطبيعة وفحص الرسومات أن المذكورين أقاموا بعض المباني على بعض القطع، ونظراً لمخالفة ذلك لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء، ولعدم تقديم ما يثبت الملكية، لم يتم اعتماد التقسيم، وبعرض الموضوع على مجلس محافظة الإسكندرية قرر إلحاق الطرق والشوارع والميادين المنشأة في بعض التقاسيم بالمنافع العامة، وصدر بذلك القرار رقم 65 لسنة 1968 بشأن أرض السيد عبد الله سعيد، والقرار رقم 89 لسنة 1968 بشأن أرض المذكور وزوجته سعاد محمد بدر وورثة حسن السيد عطا، وذلك تطبيقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء، ومن ثم فلا وجه للنعي على القرارين المشار إليهما لصدورهما على سند صحيح من الواقع والقانون، ولا يغير من ذلك ما يقول به المدعي من ملكيته للأرض موضوع التقسيم، لأن هذا القول لا يقيد جهة الإدارة في إصدار قرار الإلحاق بالمنافع العامة تطبيقاً للقانون ومواجهة لمخالفة وقعت. وانتهت إدارة قضايا الحكومة - في مذكرتها - إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 8/ 5/ 1973 قررت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة إحالة الدعوى إلى دائرة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص، وأحيلت إليها وقيدت بجدولها برقم 197 لسنة 27 ق.
وبمذكرة مقدمة بجلسة 12/ 3/ 1980 حدد المدعي طلباته الختامية على الوجه الآتي:
أولاً: إلغاء القرارين رقمي 65، 89 لسنة 1968 واعتبارهما كأن لم يكونا وإلغاء كل ما يترتب عليهما.
ثانياً: إلزام المدعى عليهم من الأول إلى السادس متضامنين مع باقي المدعى عليهم في المسئولية بأن يدفعوا له مبلغ 600.000 جنيه (ستمائة ألف جنيه) قيمة مساحات الأرض التي ألحقت بالمنفعة العامة تطبيقاً للقرارين سالفي الذكر.
ثالثاً: إلزام المدعى عليهم من الأول إلى السادس متضامنين مع باقي المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعي مبلغ 5% سنوياً مقابل عدم انتفاعه بقيمة مساحات الأرض التي ألحقت بالمنفعة العامة والفوائد القانونية حتى السداد، مع إلزامهم بالمصروفات.
وبجلسة 1/ 1/ 1981 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعدم قبول طلب إلغاء القرارين رقمي 65 لسنة 1968، 89 لسنة 1968 شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي بالمصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المادة (22) من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة - الذي رفعت الدعوى في ظله - نصت على أن "ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به "ومفاد هذا النص أن المشرع جعل مناط بدء سريان ميعاد رفع الدعوى هو واقعة نشر القرار المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، والمشرع إذ نص على طريقتي النشر والإعلان لم يقصد أن تحل إحداهما محل الأخرى بحيث يجرى ميعاد الطعن من أيهما بالنسبة لأي قرار فردياً كان أو عاماً، وإنما قصد أن يفترض في صاحب الشأن أنه علم بالقرار من تاريخ نشره، حيث يكون النشر هو الطريقة القانونية لافتراض حصول العلم، ومن ثم يجرى ميعاد الطعن فيه من تاريخ نشره. ولما كان المدعي باعتباره من أصحاب الشأن بل ومن أصحاب المصلحة التي مسها القراران المطعون فيهما - فإن ميعاد الطعن في هذين القرارين يسري في حقه من تاريخ نشرهما، ومتى كان الثابت من الأوراق أن القرار رقم 65 لسنة 1968 نشر بجريدة الوقائع المصرية بعددها رقم 105 الصادر في 12/ 5/ 1968، وأن القرار رقم 89 لسنة 1968 نشر بذات الجريدة بعددها رقم 153 الصادر في 9/ 7/ 1968، فإن ميعاد الطعن في أولهما ينتهي في 12/ 7/ 1968 وفي ثانيهما في 7/ 9/ 1968، وإذ اختصما بالدعوى رقم 3026 لسنة 1968 مدني كلي المودعة صحيفتها قلم كتاب محكمة الإسكندرية الابتدائية في 12/ 11/ 1968، أي بعد انقضاء أكثر من ستين يوماً على تاريخ نشرهما، فإن طلب إلغائهما يكون مرفوعاً بعد الميعاد، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول هذا الطلب شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
وفيما يختص بطلب التعويض عن القرارين المطعون فيهما، قالت المحكمة أن الفصل في هذا الطلب منوط بتوفر شروط استحقاقه، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، ويتمثل عنصر الخطأ في صدور القرارين المطعون فيهما على خلاف حكم القانون، واستظهاراً لهذا العنصر استعرضت المحكمة أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، والقانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين تنظيم المباني وتقسيم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم، وخلصت إلى أن مفاد نصوص القانون رقم 52 لسنة 1940 أنه لا يجوز إنشاء أي تقسيم إلا بعد الحصول على موافقة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم على مشروع التقسيم، وأنه يحظر بيع الأراضي المقدم عنها مشروع التقسيم أو إقامة أي مبان عليها قبل صدور المرسوم الخاص بالموافقة على التقسيم ونشره، فإذا وقع مثل هذا البيع أو أقيمت تلك المباني فإنها تكون مخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940، وأنه وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1966 إذا تبين للجهة المختصة تعذر تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940 وذلك بقيام تقسيم تحددت معالمه على الطبيعة بإقامة مبان على الأرض المقسمة والتي لم يصدر مرسوم بالموافقة على تقسيمها، فإنها تصدر قراراً بإلحاق الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات المنشأة في التقسيم بالمنافع العامة بدون مقابل، ويصدر هذا القرار من المحافظ المختص بعد أخذ رأي المجلس المحلي. وانتهت المحكمة إلى أنه بتطبيق ما تقدم على المنازعة الماثلة، فإنه وقد ثبت للجهة الإدارية أنه لم يصدر قرار بالموافقة على مشروع التقسيم الذي تقدم به المدعى عليهم من الثالثة إلى الثامنة وفق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 عرض الأمر على مجلس محافظة الإسكندرية الذي وافق على إلحاق الشوارع والطرق والميادين المنشأة في تقاسيم المدعى عليهم المذكورين وغيرهم بالمنافع العامة بدون مقابل، وصدر بذلك قرارا محافظ الإسكندرية رقما 65 لسنة 1968، 89 لسنة 1968 المطعون فيهما، ومثل هذين القرارين وقد صدرا تطبيقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 29 لسنة 1966 ممن يملك إصدارهما، فإنهما يكونان متفقين وما يقضي به صحيح حكم القانون، الأمر الذي ينفي عنهما عيب عدم المشروعية الموجب للتعويض عنهما، أياً كان مبلغ الضرر الذي أصاب المدعي من صدورهما، وهو وشأنه مع المدعى عليهم من الثالثة إلى الأخيرة في ضوء ثبوت ملكيته للأرض موضوع النزاع، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض طلب التعويض عن القرارين المطعون فيهما.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أساس أن هذا الحكم أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه فيما يتعلق بعدم قبول طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما لرفعه بعد الميعاد، فإن بدء سريان ميعاد طلب إلغاء هذين القرارين من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية إنما يكون بالنسبة إلى صاحب الشأن فيهما وهم المطعون ضدهم الذين طلبوا اعتماد تقسيم الأرض موضوع النزاع، أما الطاعن فإنه يعتبر من الغير بالنسبة إلى القرارين المشار إليهما لأنه لم يكن طرفاً فيهما، ولا يعتبر نشرهما في الجريدة الرسمية محققاً لعلمه بهما، ومن ثم يظل ميعاد الطعن فيهما مفتوحاً أمامه، وبالتالي يكون طلب إلغائهما مقبولاً.
وفيما يتعلق بطلب التعويض عن القرارين المطعون فيهما، فإن خطأ الإدارة ثابت في هذا الشأن لأنها لم تتحقق من ملكية طالبي التقسيم للأرض موضوع النزاع، وكان عليها أن تتحرى عن الملكية والحيازة بواسطة تابعيها وموظفيها، قبل أن تنزل حكم القانون رقم 29 لسنة 1966 وتصدر القرارين المطعون فيهما، وقد ترتب على خطأ الإدارة إصابة الطاعن بضرر جسيم من الناحيتين المادية والأدبية، إذ كان من نتيجة صدور هذين القرارين تغيير الخطة التي وضعها الطاعن لإقامة مساكن لزملائه من المعلمين، وإلحاق مساحات كبيرة بالشوارع والميادين دون مبرر وبطريقة خاطئة، كما تسببا في ضياع قيمة الأراضي التي ألحقت بالمنافع العامة، وضياع انتفاعه بكل الأرض، ولما كانت علاقة السببية بين خطأ الإدارة والضرر الذي أصاب الطاعن ثابتة وواضحة، فإنه تتوافر بذلك عناصر المسئولية الموجبة للحكم بالتعويض المطلوب.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرتين بدفاعه وحافظتي مستندات، وقد تضمنت المذكرة الأولى ما سبق أن أبداه الطاعن في تقرير طعنه فيما يختص بطلب التعويض عن القرارين المطعون فيهما، وتضمنت المذكرة الثانية - بالإضافة إلى ما ورد في تقرير الطعن - فيما يتعلق بقبول طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما، أن الوسيلة الطبيعية لإعلان صاحب الشأن بالقرارات الفردية هي تبليغها إليه، ومن ثم فإن الأصل أن يجرى ميعاد الطعن فيها من تاريخ تبليغها، ولو كانت هذه القرارات مما يجب نشرها حتى تنفذ قانوناً، إلا إذا ثبت علم صاحب الشأن بالقرار علماً حقيقياً لا ظنياً ولا افتراضياً فيجرى ميعاد الطعن من تاريخ هذا العلم، ولا وجه لاعتبار تاريخ نشر القرارين المطعون فيهما في الجريدة الرسمية هو التاريخ الذي يجرى منه حساب ميعاد رفع الدعوى، ما دام لم يقم دليل من الأوراق على العلم بهما من تاريخ معين بحيث يمكن حساب ميعاد رفع الدعوى منه، والأجدر قانوناً وعدالة هو اعتبار ميعاد الطعن في القرارين المذكورين من تاريخ تبليغهما للطاعن، ولذلك يكون طلب إلغاء هذين القرارين قدم في الميعاد مما يجعله جديراً بالقبول. وفيما يتعلق بطلب التعويض ذكر الطاعن أن جهة الإدارة كانت على يقين من ثبوت ملكيته لأرض النزاع، وكان عليها أن تتحرى أسباب إصدار القرارين المطعون فيهما، وأن تتخذ إجراءاتها في مواجهة المالك الحقيقي للأرض، ولما كانت جهة الإدارة لم تلتزم بذلك فإن قراريها يكونان مشوبين بعيب عدم المشروعية جديرين بالإلغاء لانتفاء السبب الداعي لإصدارهما، وإذا كان القانون رقم 29 لسنة 1966 أعطى جهة الإدارة الحق في إلحاق الشوارع والميادين بالمنافع العامة، فإن ذلك مشروط بمراعاة القانون والتعامل مع الملاك، وإلا كان مؤدى القانون حماية غاصبي الأراضي من ملاكها. وانتهى الطاعن إلى أنه يبين من ذلك أن عنصر الخطأ متوافر في حق جهة الإدارة، كما أن التمادي فيه ألحق أضراراً جسيمة بالطاعن سبق أن أوضحها في تقرير طعنه ومذكراته، مما يجعل طلب الحكم بالتعويض في محله، لثبوت الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.
ومن حيث إنه فيما يختص بما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم قبول طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما شكلاً لرفعه بعد الميعاد، فإن المادة (22) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 - الذي أقيمت الدعوى في ظله - تنص على أن "ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه، ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة". ومفاد هذا النص أن ميعاد الطعن بالإلغاء يسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن القرارات التنظيمية العامة هي التي يسري ميعاد الطعن فيها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية، أما القرارات الفردية التي تمس مراكز قانونية ذاتية فيسري ميعاد الطعن فيها من تاريخ إعلانها إلى أصحاب الشأن، ويقوم مقام النشر والإعلان تحقق علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً.
ومن حيث إن القرارين رقمي 65 لسنة 1968، 89 لسنة 1968 الصادرين من محافظ الإسكندرية والمطعون فيهما - خاصان بإلحاق الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات المنشأة في بعض التقاسيم أو أجزاء التقاسيم بالمنافع العامة بدون مقابل، وقد حدد كل منهما هذه التقاسيم بأسماء المنسوبة إليهم على سبيل الحصر، لذلك فإن هذين القرارين لا يعتبران بحسب طبيعتهما من القرارات التنظيمية العامة وإنما يعتبران من قبيل القرارات الفردية التي تمس مراكز قانونية ذاتية، ومن ثم فإن مجرد نشرهما في الوقائع المصرية لا يعتبر قرينة قانونية على علم أصحاب الشأن بهما، وبالتالي فإن ميعاد الطعن فيهما لا يسري اعتباراً من تاريخ نشرهما في الوقائع المصرية، وإنما من تاريخ إعلانهما إلى أصحاب الشأن أو من تاريخ تحقق علمهم بهما علماً يقينياً.
ومن حيث إنه ولئن لم يثبت إعلان الطاعن بالقرارين المطعون فيهما في تاريخ معين، إلا أن الثابت من الأوراق المودعة بحافظتي المستندات المقدمتين من الطاعن بجلسة 25/ 2/ 1969 وجلسة 1/ 4/ 1969 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، أنه في 11/ 7/ 1968 تقدم الطاعن بشكوى إلى محافظ الإسكندرية يعترض فيها على القرارين المذكورين، وعلى ذلك فإنه اعتباراً من تاريخ تقديم هذه الشكوى يكون الطاعن قد علم علماً يقينياً بالقرارين المطعون فيهما، واعتباراً من التاريخ المشار إليه يبدأ سريان ميعاد الطعن في هذين القرارين بالنسبة إلى الطاعن. ولما كانت الشكوى المقدمة من الطاعن إلى محافظ الإسكندرية - بصفته مصدر القرارين المطعون فيهما - تعتبر تظلماً إدارياً من هذين القرارين، فإنه طبقاً لنص المادة (22) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 يعتبر فوات ستين يوماً على تقديم هذا التظلم دون أن تجيب عنه محافظة الإسكندرية بمثابة رفضه، ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرارين المشار إليهما ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المقررة للبت في التظلم، وإذ كان الثابت أن الطاعن قدم تظلمه المذكور في 11/ 7/ 1968 وانقضت الستون يوماً المقررة للبت فيه في 9/ 9/ 1968 دون أن تجيب عنه المحافظة، فإن ذلك يعتبر بمثابة رفضه، واعتباراً من هذا التاريخ الأخير يبدأ سريان ميعاد الستين يوماً المقرر لرفع الدعوى بطلب إلغاء القرارين المطعون فيهما، وينتهي هذا الميعاد في 8/ 11/ 1968، ولما كان الطاعن قد أقام دعواه بطلب إلغاء هذين القرارين أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بالدعوى رقم 3026 لسنة 1968 مدني كلي المودعة صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة في 12/ 11/ 1968، فإن طلب إلغائهما يكون مرفوعاً بعد الميعاد، ومن ثم يكون غير مقبول شكلاً ويكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما شكلاً لرفعه بعد الميعاد - محمولاً على الأسباب المتقدمة - قد صادف حكم القانون، ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض طلب التعويض عن القرارين المطعون فيهما، فإن مسئولية الإدارة عما تصدره من قرارات إدارية تقوم على أساس توافر عناصر ثلاثة، هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، ويتمثل عنصر الخطأ في صدور قرار إداري غير مشروع لعيب شابه - أو أكثر - من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة - ويشترط لقيام مسئولية الإدارة عن هذا القرار أن يلحق صاحب الشأن ضرر، وأن توجد علاقة سببية بين الخطأ ممثلاً في القرار الإداري غير المشروع - وبين الضرر الذي أصاب صاحب الشأن، بأن يكون القرار غير المشروع هو الذي ترتب عليه الضرر، فإذا تخلف عنصر من هذه العناصر الثلاثة، انتفت مسئولية الإدارة.
ومن حيث إن المادة (2) من القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء تنص على أنه "لا يجوز إنشاء أو تعديل تقسيم إلا بعد الحصول على موافقة سابقة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم على المشروع الذي وضع له وذلك وفقاً للشروط المقررة بموجب هذا القانون واللوائح الخاصة بتنفيذه". وتنص المادة (7) من هذا القانون على أنه "يجب أن يقدم الطلب الخاص بالموافقة على مشروع التقسيم طبقاً للشروط والأوضاع المقررة في اللائحة التنفيذية ويرفق بالطلب المستندات الآتية: - ....... 3 - المستندات المثبتة للملكية..."، وتنص المادة (9) من القانون المذكور على أن "تثبت الموافقة على التقسيم بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية ويترتب على صدور هذا المرسوم إلحاق الطرق والميادين والحدائق والمتنزهات العامة بأملاك الدولة العامة"، وتنص المادة (10) من القانون المشار إليه على أن "يحظر بيع الأراضي المقسمة أو تأجيرها أو تحكيرها قبل صدور المرسوم المشار إليه في المادة السابقة وقبل إيداع قلم الرهون صورة مصدقاً عليها من هذا المرسوم ومن قائمة الشروط المشار إليها في المادة السابعة. ويحظر أيضاً إقامة مبان أو تنفيذ أعمال على الأراضي المقسمة قبل صدور المرسوم المذكور".
ومن حيث إن مفاد نصوص القانون رقم 52 لسنة 1940 المتقدمة الذكر، أنه لا يجوز إنشاء أي تقسيم إلا بعد الحصول على موافقة السلطة القائمة على أعمال التنظيم على مشروع التقسيم، وأنه يجب أن يرفق بطلب الموافقة على مشروع التقسيم المستندات المثبتة للملكية، وأنه يحظر بيع الأراضي المقدم عنها مشروع التقسيم أو إقامة أي مبان عليها قبل صدور القرار الخاص بالموافقة على التقسيم ونشره، فإذا وقع مثل هذا البيع أو أقيمت تلك المباني، فإن ذلك يكون مخالفاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليهم من الثالثة إلى الثامنة عندما تقدموا بطلب الموافقة على مشروع تقسيم الأرض موضوع النزاع لم يرفقوا به المستندات المثبتة لملكيتهم لهذه الأرض، ولذلك لم يصدر قرار بالموافقة على هذا التقسيم، ومن ثم فإن ما قام به المدعى عليهم المذكورون من بيع الأراضي المقسمة وإقامة مبان عليها يكون قد تم بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
ومن حيث إن القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين تنظيم المباني وتقسيم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم، قضى في المادة (1) منه بعدم جواز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 من تاريخ نفاذه حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ونص في المادة (2) على أن "يلحق بالمنافع العامة بدون مقابل الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات المنشأة في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، في الفترة المبينة بالمادة الأولى، والتي ترى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أنها تحددت على الطبيعة بإقامة مبان عليها بكيفية يتعذر معها تطبيق القانون المشار إليه، ويصدر بإجراءات التنفيذ قرار من المحافظ المختص بعد أخذ رأي المجلس المحلي..".
ومن حيث إنه وفقاً لنص المادة (2) من القانون رقم 29 لسنة 1966 المشار إليه، إذ تبين للجهة الإدارية القائمة على أعمال التنظيم تعذر تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940، وذلك بقيام تقسيم تحددت معالمه على الطبيعة بإقامة مبان على الأرض المقسمة بالمخالفة لأحكام هذا القانون، فإنه في هذه الحالة يصدر المحافظ المختص - بعد أخذ رأي المجلس المحلي - قراراً بإلحاق الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات المنشأة في التقسيم المخالف بالمنافع العامة بدون مقابل.
ومن حيث إن المدعى عليهم المذكورين قاموا ببيع الأراضي المقسمة وإقامة مبان عليها دون أن يصدر قرار بالموافقة على مشروع التقسيم المقدم منهم، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940، وبعرض الأمر على مجلس محافظة الإسكندرية وافق بجلستيه المنعقدتين في 12/ 2/ 1968، 29/ 4/ 1968 على إلحاق الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات المنشأة في تقاسيم المدعى عليهم المذكورين وغيرهم بالمنافع العامة بدون مقابل، وصدر بذلك قرارا محافظ الإسكندرية رقما 65 لسنة 1968، 89 لسنة 1968 المطعون فيهما، ومن ثم فإن هذين القرارين يكونان قد صدرا تطبيقاً لنص المادة (2) من القانون رقم 29 لسنة 1966 ممن يملك سلطة إصدارهما، ويكونان بذلك متفقين مع ما يقضي به صحيح حكم القانون، وينتفي عنهما ما يصمهما بعيب عدم المشروعية، وبالتالي يتخلف أحد العناصر اللازمة لقيام مسئولية الإدارة، وهو عنصر الخطأ. ولا يغير من ذلك كون الذين قاموا بإجراء التقسيم بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 هم الملاك الحقيقيون للأرض موضوع التقسيم أم أنهم ليسوا كذلك، إذ أن القانون رقم 29 لسنة 1966 صدر بقصد مواجهة الحالات التي تمت فيها الأبنية والأعمال بالمخالفة لأحكام بعض القوانين ومنها القانون رقم 52 لسنة 1940، بغض النظر عن صفة من وقعت منه المخالفة، كما أن صدور القرارين المطعون فيهما بأسماء الأشخاص الذين تقدموا بطلب الموافقة على التقسيم لا يكسب هؤلاء الأشخاص حقاً غير ثابت لهم في ملكية الأرض موضوع التقسيم إنما يقتصر أثره على تحديد التقاسيم المخالفة التي يتناولها هذان القراران بإلحاق الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات المنشأة فيها بالمنافع العامة بدون مقابل، إعمالاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1966.
ومن حيث إنه يترتب على تخلف عنصر الخطأ في جانب الإدارة - على النحو السابق - عدم تحقق مسئوليتهما الموجبة للتعويض عن إصدار القرارين المطعون فيهما، فإن طلب التعويض عن الأضرار التي يدعي الطاعن أنها أصابته من جراء صدور هذين القرارين يكون غير قائم على أساس سليم من القانون، بغض النظر عن مدى جسامة هذا الضرر ومدى قيام علاقة السببية بينها وبين القرارين المشار إليهما، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب التعويض عن القرارين المطعون فيهما يكون صحيحاً ومتفقاً مع أحكام القانون، ويكون الطعن عليه قائماً على غير سند صحيح، ويتعين الحكم برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.

الطعن 278 لسنة 26 ق جلسة 29 / 12 / 1984 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 49 ص 274

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

----------------

(49)

الطعن رقم 278 لسنة 26 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - إجازات - الإجازة الخاصة لمرافقة الزوج.
المادة 69 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - الإجازة الخاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج المعار للعمل بالخارج حق للعامل إذا ما توافرت شروط الحصول عليها - استعمال هذا الحق لا يتأتى إلا من خلال الجهة الإدارية وبترخيص منها بعد أن تتحقق من توافر ما تطلبه القانون من شروط - إذا قدمت العاملة طلباً بتجديد إجازتها الخاصة لمرافقة الزوج للسنة الثالثة قبل انتهاء مدة الترخيص السابق فإن عدم إفصاح الإدارة عن إرادتها برفض هذا الطلب لسبب مشروع وإخطار العاملة به ينفي عنها مخالفة واجبات الوظيفة - عدم جواز المساءلة التأديبية عن انقطاعها عن العمل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 9 من يناير سنة 1980 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 278 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى رقم 444 لسنة 7 القضائية بجلسة 17 من نوفمبر سنة 1979 والمرفوعة من النيابة الإدارية ضد........ والذي قضى ببراءتها مما نسب إليها.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالجزاء الذي تراه المحكمة مناسباً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من مايو سنة 1984 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره بجلسة 23/ 6/ 1984 وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 21 من إبريل سنة 1979 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 444 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد...... المدرسة بمدرسة شاشامون الابتدائية وفيها نسبت إليها أنها انقطعت عن العمل اعتباراً من 26 من أغسطس سنة 1978 في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وطلبت محاكمتها تأديبياً طبقاً للمواد 62، 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. والمادة رقم 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
وقد تداولت الدعوى بجلسات المحكمة على النحو المبين بمحاضرها حيث حضر زوج العاملة المذكورة بتوكيل منها وقدم صورة كتاب من جهة الإدارة يفيد سابق تجديد الإجازة الخاصة بها لمرافقته كمعار في الجزائر، وقدمت النيابة الإدارية ما يفيد عودة العاملة المذكورة للعمل في 5 من سبتمبر سنة 1979، وبجلسة 17 من نوفمبر سنة 1979 حكمت المحكمة ببراءة العاملة المذكورة مما نسب إليها واستندت في حكمها إلى أن نص المادة 69 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة قد نفى صفة التجريم التأديبي عن الانقطاع عن العمل بدون إذن متى تقدم العامل بطلب للحصول على إجازة خاصة لمرافقة زوجه المعار للعمل بالخارج.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه وإن كانت الإجازة بدون مرتب لمرافقة الزوج المعار للعمل بالخارج طبقاً لنص المادة 69 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه حقاً للعامل إذا ما توافرت شروط الحصول عليها، إلا أن استعمال هذا الحق لا يتأتي إلا من خلال الجهة الإدارية وبترخيص منها بعد أن تتحقق من توافر ما تطلبه القانون من شروط في هذا الشأن وذلك حتى يتسنى لها الهيمنة على المرفق الذي تتولاه، فلا يكفي في هذا الصدد أن يقدر العامل توافر الشروط التي تكسبه حقاً في مواجهة جهة الإدارة، فينقطع عن عمله ملتفتاً عن صالح المرفق والمصلحة العامة التي يتعين أن تسمو على المصلحة الخاصة، فإذا ما تقدم العامل بطلب للحصول على إجازة خاصة لمرافقة الزوج وتوافر ما تطلبه القانون من شروط تعين على جهة الإدارة الاستجابة إلى طلبه دون ما سلطة تقديرية في هذا الشأن، فإن لم تفعل كان قرارها مخالفاً للقانون يحق للعامل المنازعة فيه بالوسائل التي رسمها القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مذكرة النيابة الإدارية المؤرخة 7 من فبراير سنة 1979 في القضية رقم 444 لسنة 1979 أنها تضمنت أن العاملة المذكورة لم تتقدم بطلب لمنحها إجازة بدون مرتب لمدة سنة ثالثة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن العاملة المذكورة قد منحت إجازة خاصة لمرافقة زوجها المعار للعمل بالجزائر اعتباراً من 25 من أغسطس سنة 1976 لمدة سنتين، وبتاريخ 17 من يوليه سنة 1978 تقدمت بطلب لمنحها إجازة لسنة ثالثة - وعلى عكس ما تضمنته مذكرة النيابة الإدارية فأخطرتها مديرية التربية والتعليم بمحافظة الشرقية بكتابها رقم 2985 المؤرخ 6 من أغسطس سنة 1978 على محل إقامتها بالجزائر بموافاتها بطلب آخر مستوفي التمغات المقررة وما يفيد تجديد إعارة الزوج من إدارة البعوث الإسلامية بالأزهر، وقد قدمت العاملة المذكورة للوزارة شهادة من بعثة الأزهر التعليمية مؤرخة 7 من سبتمبر سنة 1978 تفيد أن السيد أحمد طه محمود مصطفى عضو البعثة الأزهرية معار للتدريس بالجزائر في العام الدراسي 1978/ 1979 ولا يزال مستمراً في العمل حتى تاريخ صدور الشهادة وترافقه بالجزائر السيدة حرمه/ أنصاف إبراهيم السيد، وقد أفادت العاملة المذكورة الجهة الإدارية باستحالة استيفاء الطلب المقدم منها للتمغات المقررة نظراً لإقامتها بالجزائر.
ومن حيث إن الأوراق قد جاءت خلواً مما يفيد أن جهة الإدارة قد رفضت الطلب المقدم منها وأخطرتها بهذا الرفض في محل إقامتها في الخارج.
ومن حيث إنه لما تقدم وكان حق العامل في الحصول على الإجازة الخاصة لمرافقة زوجه الذي يعمل بالخارج منوطاً بترخيص من الجهة الإدارية التابع لها حرصاً على سير المرافق العامة بانتظام وإطراد إلا أن وجود العامل بالخارج بناء على ترخيص سابق من الجهة الإدارية، وتقدمه بطلب للحصول على الإجازة في تاريخ يسبق انتهاء العمل بالترخيص الأول، فإن عدم إفصاح الإدارة عن إرادتها برفض هذا الطلب لسبب مشروع تبينه وتخطر به العامل، ينفي عن العامل مخالفة واجبات الوظيفة مما يستتبع عدم جواز مساءلته تأديبياً في حالة انقطاعه عن العمل.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كما تقدم، وكانت جهة الإدارة لم ترفض التصريح للعاملة المذكورة بمد إجازتها الخاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها، فإنه لا يجوز مساءلتها عن انقطاعها عن العمل، ويكون الحكم المطعون فيه والقاضي ببراءتها سليماً حيثما انتهى إليه للأسباب السابقة ومن ثم فإن الطعن عليه يكون غير مستند لأساس قانوني.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.

الطعن 531 لسنة 40 ق جلسة 26 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 279 ص 1482

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، وأحمد سيف الدين سابق.

----------------

(279)
الطعن رقم 531 لسنة 40 ق

(1) دفوع. شفعة.
الدفع بنزول الشفيع عن حقه في الشفعة. وجوب أن يبدي في صيغة صريحة جازمة. مجرد عرض العقار المشفوع فيه على الشفيع قبل بيعه وعدم قبوله شراءه. لا يعد نزولاً عن حقه في الأخذ بالشفعة.
(2) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف". حكم "مالا يعد قصوراً".
الاستئناف ينقل الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية بما سبق أن قدم فيها من دفوع أو دفاع وفى حدود طلبات المستأنف. عدم التزام محكمة الاستئناف بالفصل في الدفع بنزول الشفيع عن حقه طالما لم تتضمنه صحيفة الاستئناف ولم يعد أمامها.
(3) دفوع. شفعة. حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها". "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الدفع بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة. ماهيته. الحكم برفض هذا الدفع. حكم صادر في الموضوع. جواز الطعن فيه على استقلال. م 378 مرافعات سابق. عدم الطعن عليه في الميعاد القانوني. اعتبار هذا القضاء حائزاً قوة الأمر المقضي.
(4) شفعة "أسباب الشفعة". تجزئة.
طلب الشفيع أخذ باقي الصفقة بالشفعة قابلاً عدم تجزئتها رغم إمكان ذلك دفعاً للضرر الذي شكا منه المشترون من تجزئة الصفقة عليهم. لا يعتبر طلباً جديداً للشفعة لم تتوافر شروطه ومواعيده. القضاء للشفيع بطلبه إعمالاً لأثر التراخي الذي تم بين الطرفين. لا خطأ.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام محكمة الموضوع متى اقتنعت بصحة تقرير الخبير بالرد استقلالاً على ما وجه إليه من طعون.
(6) محكمة الموضوع. إثبات.
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق متى وجدت في تقرير الخبير وعناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(7) نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن".
الجدل الموضوعي في كفاية الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

----------------
1 - الدفع بنزول الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة يجب أن يبدى في صيغة صريحة جازمة تقرع سمع المحكمة فتدل على إصرار من أبداه على التمسك به دون غيره من الدفوع التي قد تختلط معه لأن العبرة بحقيقة الدفع ومرماه لا بالتسمية التي تطلق عليه، وإذ كان الثابت أن الطاعنين لم يبدوا هذا الدفع أمام محكمة أول درجة وكان قولهم أن الصفقة عرضت على الشفيع قبل البيع فرفضها لا يفيد بذاته إبداءه لأن مجرد عرض العقار المشفوع فيه على الشفيع وعدم قبول شراءه لا يعد تنازلاً عن حقه في أخذه بالشفعة إذا بيع، وكان الطاعنون لم يبدوا الدفع بالنزول في استئنافهم فلا جناح على المحكمة إن هي لم ترد عليه بوصفه دفعاً أو دفاعاً لم يبد أمامها أو يعرض عليها.
2 - فحوى الأثر الناقل للاستئناف أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع أو دفاع بحيث يكون على المحكمة أن تفصل فيها إلا إذا تنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها وذلك كله في حدود طلبات المستأنف. وإذ لم تتضمن طلبات الطاعنين في صحيفة استئنافهم الدفع بنزول الشفيع عن حقه في الشفعة كما لم يبدوا هذا الدفع أمام المحكمة حتى تكون ملزمة بالفصل فيه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لإغفاله الرد على دفاع جوهري يكون في غير محله.
3 - إذ كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة - برفض الطعن بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة وهو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به - يعتبر حكماً صادراً في الموضوع، وكان مما يطعن فيه على استقلال عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي صدر في ظله، وكان الطاعنون لم يستأنفوه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع فإن استئنافهم له يكون بعد الميعاد المقرر قانوناً وبعد أن حاز قوة الأمر المقضى به وليس من شأن عدم تنبه الحكم المطعون فيه إلى ذلك والقضاء على أساسه بسقوط الحق في استئناف الحكم في الدفع أن يغير من الأمر شيئاً، ومن ثم يكون النعي على ذلك الحكم - الصادر في شأن الدفع - غير منتج لوروده على حكم صار نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضى.
4 - إذا كان الحكم قد قضى لورثة الشفيع بأحقيتهم في أخذ جميع الصفقة بالشفعة بعدما صمموا على هذا الطلب قابلين عدم تجزئة الصفقة رغم إمكانها وبعدما أبدى المشترون تضررهم من تجزئة الصفقة عليهم، والتكييف الصحيح لذلك هو أن الطرفين قد تراضيا على أخذ الشفيع لباقي الصفقة إذا ثبت من جهة حقه في أخذ الجزء المشفوع فيه بالشفعة وثبت من جهة أخرى إصابة المشتري بأضرار من تخلف الجزء الباقي في يده، ولما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت قيام الأسس التي بني عليها هذا التراضي فإنه لا يكون قد أخطأ إذا أعمل أثره وقضى للشفيع بأخذ باقي الصفقة دفعاً للضرر الذي شكا منه المشترى ولا يغير من ذلك أن يكون المشتري قد اعترض أمام محكمة الموضوع على ما أبداه الشفيع من أخذ باقي الأطيان بأنه طلب جديد للشفعة لم تتوافر شروطه ومواعيده.
5 - لمحكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - الأخذ بتقرير الخبير من اقتنعت بصحة أسبابه ولا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعنون إلى التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها.
6 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الطاعنين إلى طلب الإحالة إلى التحقيق بعد أن وجدت في تقرير الخبير - الذي يعتبر في نتيجته وأسبابه جزءاً مكملاً لأسباب حكمها - وفى عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
7 - إن ما يثيره الطاعنون بشأن ما أخذت به محكمة أول درجة بما أورده الخبير من قيام حالة الشيوع دون أن تبين العناصر التي استندت إليها في قيامها والتفات محكمة الدرجة الثانية عن طلبهم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن ملكية مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول كانت محددة ومفرزة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول رفع الدعوى 415 لسنة 1943 مدني كلي سوهاج طالباً الحكم بأحقيته في أن يأخذ بالشفعة تسع قطع من الأطيان الزراعية تبلغ جملة مساحتها 6 ف و20 ط و3 س باعها شقيقه مورث المطعون ضدهم من السادسة إلى العاشرة بثمن قدره 995 جنيهاً و991 مليماً إلى الطاعنين السبعة الأول ومورث الطاعنين من الثامن إلى الحادية عشرة ومورث الطاعنات من الثانية عشرة إلى الخامسة عشرة والمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين، وذلك لقاء الثمن المتقدم ذكره أو الثمن الوارد بعقد البيع بعد التحقق من صحته، وعند قيد الدعوى استبعد الشفيع القطعتين الرابعة والتاسعة من القطع المبيعة البالغة مساحتها 17 ط و4 س وثمنها 72 جنيه و222 مليماً وقصر طلبه على القطع الباقية ومساحتها 6 ف و2 ط و23 س نظير ثمن قدره 923 جنيه و369 مليماً، ثم قدم المشترون أربعة عقود من مساحة 5 ف و17 ط و16 س فعدل الشفيع طلباته في جلسة 16/ 2/ 1944 إلى هذه المساحة الأخيرة نظير الثمن المبين في هذه العقود - إذا حلف المشترون اليمين على صحة الثمن، وبتاريخ 6/ 12/ 1961 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية الصادر بها حكمها بتاريخ 11/ 12/ 1951 من الانتقال إلى الأطيان موضوع الدعوى لبيان ما إذا كانت مخلفة عن مورث الشفيع وأخيه البائع وما إذا كان أولهما قد تصرف في نصيبه الشائع فيها ونوع تصرفه وتاريخه أم أنه ثمت باق له ومصدر ملكيته فيه ميراثاً أو شراء، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 25/ 4/ 1967 برفض الدفع بسقوط حق المدعين في أخذ العقار المبيع بالشفعة لمضي أكثر من خمسة عشر يوماً على العلم بالبيع. وبإعادة الدعوى إلى المرافعة ليبين المدعون صيغة اليمين التي يطلبون توجيهها للمدعى عليهم وخلال فترة حجز الدعوى للحكم قدم ورثة الشفيع مذكرة طلبوا فيها الحكم أصلياً بأحقيتهم في أخذ مساحة 6 ف و16 ط و4 س وهي المساحة الحقيقية كما دلت عليها عقود البيع الثلاثة المؤرخة 26/ 11/ 1945 والتي روجعت بمعرفة مصلحة المساحة وسجلت في 13/ 3/ 1946 و3/ 4/ 1946 مقابل الثمن المسمى في هذه العقود وملحقاته مع التسليم واحتياطياً بأحقيتهم في أخذ 5 ف و17 ط و8 س وهي المساحة الحقيقية للقطع الأولى والثالثة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة المبينة في الصحيفة مقابل ما يناسبها من الثمن والملحقات مع التسليم، وبتاريخ 30 من يناير سنة 1968 قضت المحكمة بأحقية المدعين (المطعون ضدهم الخمسة الأول) في أخذ الأطيان البالغة مساحتها 6 ف و19 ط و4 س موضوع عقود البيع الثلاثة المؤرخة 26/ 11/ 1945 والمسجلة في 13/ 3/ 1946 و3/ 4/ 1946 بالشفعة مقابل ثمن قدره 1170 ج و138 م والملحقات مع التسليم. استأنف الطاعنون والمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرون هذا الحكم بالاستئناف 64 لسنة 43 قضائية أسيوط طالبين إلغاءه والقضاء أصلياً بسقوط حق المطعون ضدهم الخمسة الأول في الشفعة واحتياطياً برفض الدعوى وعلى سبيل الاحتياط المحض بسقوط حق المطعون ضدهم الخمسة الأول في الشفعة بالنسبة لمساحة 1 ف و7 ط و13 س ورفض الدعوى بالنسبة لباقي المساحة. وبتاريخ 22 من إبريل سنة 1970 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما ورد بالسبب الرابع من أسباب الطعن بالنسبة لمسطح القطعتين الرابعة والتاسعة البالغ قدره 17 ط و4 س، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه، المؤيد للحكم الابتدائي لأسبابه قد شابه القصور، إذ أغفل الرد على دفاع جوهري للطاعنين قد يغير لو صح وجه الرأي في الدعوى، ذلك أنهم قالوا أمام محكمة أول درجة أن الشفيع قد نزل عن حقه في الأخذ بالشفعة صراحة عندما رفض الصفقة التي عرضها عليه أخوه البائع قبل أن يتصرف في الأطيان إليهم فلم تبحث محكمة أول درجة هذا الدفاع ولم ترد عليه وبدا أنها خلطت بينه وبين دفعهم بأن حق الشفيع في الأخذ بالشفعة قد سقط لإقامته الدعوى بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالبيع، فنوهوا في استئنافهم إلى ذلك الخلط بقولهم إن عرض المبيع على الشفيع واقعة والعلم بحصول البيع واقعة أخرى، ولكن محكمة الدرجة الثانية لم تتبين بدورها دفاعهم بنزول الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة ولم ترد عليه رغم ما لاستئنافهم من أثر ناقل.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الدفع بنزول الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة يجب أن يبدى في صيغة صريحة جازمة تقرع سمع المحكمة فتدل على إصرار من أبداه على التمسك به دون غيره من الدفوع التي قد تختلط معه لأن العبرة بحقيقة الدفع ومرماه لا بالتسمية التي تطلق عليه، وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنين لم يبدوا هذا الدفع أمام محكمة أول درجة وكان قولهم أن الصفقة عرضت على الشفيع قبل البيع فرفضها لا يفيد بذاته إبداءه لأن مجرد عرض العقار المشفوع فيه على الشفيع وعدم قبول شراءه لا يعد نزولاً عن حقه في أخذه إذا بيع، وكان الطاعنون لم يبدوا الدفع بالنزول في استئنافهم وإنما انصب القول فيه على الدفع بالسقوط لعدم إبداء الرغبة في الميعاد وعلى فساد ما استدل به الحكم المستأنف لنفي علم الشفيع بالبيع وكان ما ورد في ذلك كله لا يعد دفعاً بالنزول عن حق الشفعة، فلا جناح على المحكمة إن هي لم ترد عليه بوصفه دفعاً أو دفاعاً لم يبد أمامها أو يعرض عليها، ولا محل للتحدي بالأثر الناقل للاستئناف لأن فحوى هذا الأثر أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع أو أوجه دفاع بحيث يكون على المحكمة أن تفصل فيها إلا إذا تنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها وذلك كله في حدود طلبات المستأنف، ولم تتضمن طلبات الطاعنين في صحيفة استئنافهم الدفع بنزول الشفيع عن حقه في الشفعة كما لم يبدوا هذا الدفع أمام المحكمة حتى تكون ملزمة بالفصل فيه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لإغفاله الرد على دفاع جوهري يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه إذ أيد ما ذهبت إليه محكمة أول درجة في قضائها بتاريخ 25/ 4/ 1967 برفض الدفع بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة لعدم إقامته الدعوى في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالبيع قد شابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق فضلاً عن الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أن محكمة الموضوع قد اعتمدت على أقوال للبائع في جلسة 3/ 6/ 1944 اعتبرتها دليلاً على عدم علم أخيه الشفيع بحصول البيع مع أنهم يعتبرون من الغير بالنسبة له في صدد دعوى الشفعة ولا يحاجون بأقواله فيها، كما أن قول المحكمة بأن الشفيع كان يتخبط في دعواه مما يقطع بأنه لم يكن يعلم بالبيع وشروطه لا محل له بعد ما قدمت في الدعوى عقود البيع العرفية والمسجلة وبانت منها الأعيان المبيعة وحدودها ومعالمها والثمن الحقيقي لها وشروط بيعها.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير منتج لوروده على حكم صار نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضى، ذلك أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 25/ 4/ 1967 برفض الدفع بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة وهو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به - يعتبر حكماً صادراً في الموضوع وكان مما يطعن فيه على استقلال عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي صدر في ظله. ولكن الطاعنين لم يستأنفوه إلا مع الحكم الصادر في 30/ 1/ 1968 فجاء استئنافهم له بعد الميعاد المقرر قانوناً وبعد أن حاز قوة الأمر المقضى، وليس من شأنه عدم تنبه الحكم المطعون فيه إلى ذلك والقضاء على أساسه بسقوط الحق في استئناف الحكم في الدفع أن يغير من الأمر شيئاً، ومن ثم يتعين رفض هذين السببين.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى القضاء بأحقية المطعون ضدهم الخمسة الأول في أخذ كل المساحة طبقاً لطلباتهم المعدلة قد أخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أن استبعاد القطعتين الرابعة والتاسعة وقصر طلب الأخذ بالشفعة على القطع الأخرى عند قيد الدعوى يعتبر تنازلاً عنها بالنسبة للقدر المستبعد، كما أن تعديل الطلب بعد تقديم عقود البيع الأربعة بقصره على مساحة 5 ف و17 ط و16 س يعتبر تركاً للخصومة بالنسبة لما زاد على هذه المساحة ومن ثم فقد كان على ورثة الشفيع أن يتخذوا إجراءات دعوى شفعة جديدة بالنسبة للقدر الزائد لا أن يكتفي الحكم بتعديلهم طلباتهم إلى ما أظهره تقرير الخبير ليقضى لهم بها دون البحث في أثر ما كان يترتب على تجزئة الصفقة.
وحيث إن هذا السبب مردود ذلك أن محكمة أول درجة أقامت قضاءها بأحقية المطعون ضدهم الخمسة الأول في أخذ جميع الأطيان موضوع عقود البيع الثلاثة المسجلة البالغة مساحتها 6 ف و19 ط و4 س على ما قالته من أنه لا محل بعد أن صمم ورثة الشفيع "في آخر طلب لهم حسب الثابت بالمذكرة الختامية المقدمة منهم على طلب الحكم أصلياً بأحقيتهم لأخذ الأطيان المبيعة وفق المساحات المبينة بعقود البيع المسجلة بالشفعة لقاء الثمن المسمى بتلك العقود وملحقاته" - "للتعرض لطلب المدعين الاحتياطي من الحكم بأحقيتهم في الأخذ بالشفعة لمساحة 5 ف و17 ط و8 س مقابل ما يناسبها من الثمن وملحقاته ولا للرد على ما آثاره المدعى عليهم من نزاع حول عدم قابلية الشفعة للتجزئة" وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله أن "مورث المستأنف ضدهم الخمسة الأول رفع دعواه أصلاً بطلب أخذ مساحة 6 ف و20 ط و13 س الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى ثم قصرها على المساحة المقضى بها وقدرها 6 ف و19 ط و4 س حسبما تبين له من تقرير الخبير فليس من حق المستأنفين أن يتضرروا لأن هذه المساحة التي عدل إليها طلباته تدخل ضمن القدر الذي كان قد طلبه أصلاً في صحيفة دعواه التي أعلنوا بها" ومفاد هذا أن الحكم قضى لورثة الشفيع بأحقيتهم في أخذ جميع الصفقة بالشفعة بعد ما صمموا على هذا الطلب قابلين عدم تجزئة الصفقة رغم إمكانها، وبعد ما أبدى المشترون تضررهم من تجزئة الصفقة عليهم والتكييف الصحيح لذلك هو أن الطرفين قد تراضيا على أخذ الشفيع لباقي الصفقة إذا ثبت من جهة حقه في أخذ الجزء المشفوع فيه بالشفعة وثبت من جهة أخرى إصابة المشتري بأضرار من تخلف الجزء الباقي في يده، لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت قيام الأسس التي ينبني عليها هذا التراضي فإنه لا يكون قد أخطأ إذا أعمل أثره وقضى للشفيع بأخذ باقي الصفقة رفعاً للضرر الذي شكاً منه المشتري، ولا يغير من ذلك أن يكون المشتري قد اعترض أمام محكمة الموضوع على ما أبداه الشفيع من أخذ باقي الأطيان بأنه طلب جديد للشفعة لم تتوافر شروطه ومواعيده ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يصادف صحيح القانون ويتعين لذلك رفض هذا السبب.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أيده قد أخطأ في القانون وشابهما القصور في التسبيب ذلك أن الطاعنين تمسكوا بأن الشفيع لا يملك على الشيوع في عين النزاع بل كانت ملكيته محددة مفرزة ولكن محكمة أول درجة أخذت بما ورد في تقرير الخبير من قيام حالة الشيوع دون أن تبين العناصر التي استندت إليها في قيامها وتابعتها في ذلك محكمة ثاني درجة ملتفة عما طلبوه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن ملكية مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول كانت محددة مفرزة.
وحيث إن هذا السبب غير سديد ذلك بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الصدد على قوله" أنه عن سبب الاستئناف الخاص بعدم جواز الشفعة لأن مورث المستأنف ضدهم الخمسة الأول لم يكن شريكاً على الشيوع مع البائع، فهو مردود بما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة من أن الأطيان المشفوع فيها المبيعة للمستأنفين والأطيان المشفوع بها المملوكة لمورث المستأنف ضدهم الخمسة الأول شائعة وأن هذا الأخير يملك عند رفع الدعوى مساحة 6 ف و13 ط و17 و1/ 2 س تقع على الشيوع ضمن أرض النزاع، والمحكمة تطمئن إلى ما انتهى إليه الخبير المذكور في هذا الخصوص للأسباب التي أوردها في تقريره" ومفاد ذلك أن محكمة الموضوع رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعنون إلى التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها كما أنها لا تكون ملزمة بإجابة الطاعنين إلى طلب الإحالة إلى التحقيق بعد أن وجدت في ذلك التقرير - الذي يعتبر في نتيجته وأسبابه جزءاً مكملاً لأسباب حكمها - وفى عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن بجميع أسبابه في غير محله، ويتعين الحكم برفضه.