جلسة 24 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل
نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.
-------------
(147)
الطعن رقم 8210 لسنة 60
القضائية
سرقة "بإكراه".
جريمة "أركانها". قصد جنائي. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع
المسئولية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض
"أسباب الطعن. ما يقبل منها". دفوع "الدفع بانتفاء المسئولية الجنائية".
الغيبوبة المانعة من
المسئولية في مفهوم المادة 62 عقوبات؟
تناول الجاني مادة مخدرة
اختياراً أو عن علم بحقيقتها يتوافر به القصد الجنائي لديه.
تطلب القانون ثبوت قصد
جنائي خاص في بعض الجرائم كالسرقة. عدم الاكتفاء في ثبوته بافتراضات قانونية. وجوب
التحقق من قيامه بأدلة مستمدة من الواقع.
إطلاق القول بأن تناول
العقاقير المخدرة اختياراً. لا ينفي المسئولية الجنائية دون بيان أن تناول الطاعن
لها كان لتشجيعه على اقتراف الجريمة أو مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراكه
وشعوره. خطأ في القانون.
مثال لتسبيب معيب للرد
على دفع بانتفاء مسئولية الطاعن لتناوله جواهر مخدرة قبل الحادث مما أفقده شعوره
وإدراكه في جريمة سرقه بإكراه.
---------------
لما كان البين من مدونات
الحكم المطعون فيه أنه رد على دفع الطاعن الوارد بوجه الطعن بقوله: "وإذ كان
المقرر بأن تعاطي الجواهر المخدرة على فرض أن ما تعاطاه المتهم بالفعل منها - عن
اختيار ورغبة دون أن يكره على ذلك لا يعدم مسئولية متعاطيها عما يرتكبه من أفعال
مؤثمة". لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أن
الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هي التي
تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة
أمرها، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختاراً وعن علم بحقيقة أمرها يكون
مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون في هذه الحالة يجرى
عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه
لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص فإنه لا يمكن
القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية، بل يجب التحقق من
قيامة من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، لما كان ذلك، وكانت جرائم السرقة مما
يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن
بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد على دفعه بانتفاء مسئوليته لتناول عقاقير
مخدرة أفقدته الشعور والإدراك - على مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة
اختياراً لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية
الأمر فيه - ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره على
الرغم مما لهذا الدفاع - لو صح - من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه
بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية على ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ
العقاقير المخدرة لتكون مشجعاً له على اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون ما يوجب نقضه، وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن
تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد
الجنائي لديه أو انتفائه فإن يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه سرق النقود والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة......
بطريق الإكراه بأن ضربة بأداة حديدية (بلطة) على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة
بالتقرير الطبي وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته وإتمام السرقة
وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل
التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون
العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعى
بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه الخطأ
في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع بانتفاء مسئوليته تأسيساً على القول بتناوله جواهر
مخدرة قبل ارتكاب الحادث مما أفقده. شعوره وإدراكه غير أن الحكم أطرح دفعه بما لا
يصلح لإطراحه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من
مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد على دفع الطاعن الوارد بوجه الطاعن بقوله:
"وإذ كان المقرر بأن تعاطي الجواهر المخدرة على فرض أن ما تعاطاه المتهم
بالفعل منها - عن اختيار ورغبة دون أن يكره على ذلك لا يعدم مسئولية متعاطيها عما
يرتكبه من أفعال مؤثمة". لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض -
قد استقر على أن الغيبوبة المانعة في المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون
العقوبات - هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجنائي قهراً عنه أو على
غير علم منه بحقيقة أمرها، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختاراً وعن علم
بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون في
هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توفر القصد الجنائي
لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص
فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية، بل يجب
التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، لما كان ذلك، وكانت جرائم
السرقة مما يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه قد
دان الطاعن بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد على دفعه بانتفاء مسئوليته لتناوله
عقاقير مخدرة أفقدته الشعور والإدراك - على مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة
اختياراً لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية
الأمر فيه - ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره على
الرغم مما لهذا الدفاع - لو صح - من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه
بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية على ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ
العقاقير المخدرة لتكون مشجعاً له على اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه، وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن
تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد
الجنائي لديه أو انتفائه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق