جلسة 25 من مايو سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/
محمد محمد طيطه - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ السيد خلف، أحمد
أبو الضراير نائبي رئيس المحكمة، محمد يسري زهران وحسن يحيى فرغلي.
--------------
(167)
الطعن رقم 1493 لسنة 60
القضائية
(4 - 1)إيجار "إيجار الأماكن" "ترك العين المؤجرة".
استيلاء "الاستيلاء للمصلحة العامة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(1)الأماكن الصادر في شأنها قرارات استيلاء. اعتبارها مؤجرة إلى الجهات
التي تم الاستيلاء لصالحها. م 6 ق 49 لسنة 1977. عدم اعتبار هذه العلاقة إيجاراً
بمطلق مفهوم القانون المدني. مؤداه. عدم تطبيق قواعد الإيجار الواردة بالقانون
المدني عليها.
(2) القرار الصادر بالاستيلاء على محل. أثره. قيام
علاقة إيجارية بين الجهة التي تم الاستيلاء لصالحها وبين المالك. انتهاء
الاستيلاء. أثره. زوال كافة الآثار المترتبة عليها ومنها العلاقة الإيجارية
المذكورة وعودة العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر الأصلي للعين. لا محل
لتطبيق قواعد الإيجار الواردة في القانون المدني على العلاقة الإيجارية الناشئة عن
الاستيلاء.
(3)تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة. جواز أن يكون
صريحاً أو ضمنياً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته عليه.
(4)إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة. من مسائل الواقع. استقلال
محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
----------
1 - النص في المادة
السادسة الواردة في الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 بخصوص إيجار الأماكن
على أنه "يُعد في حكم المستأجر في تطبيق أحكام هذا الباب مالك العقار المنزوع
ملكيته بالنسبة إلى ما يشغله من هذا العقار وتعتبر الأماكن الصادر في شأنها قرارات
استيلاء لشغلها مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها" يدل على أن
المشرع لم يقصد أن يغير من طبيعة العلاقة المرتبة على هذا الاستيلاء ويعجل منها
علاقة إيجارية على إطلاقها في مفهوم قواعد الإيجار الواردة في القانون المدني على
الرغم من انعدام رضا أحد طرفيها بقيامها بما مؤداه أنه فيما خلا أحكام الباب
المذكور المتعلقة بإيجار الأماكن يتعين عدم تطبيق قواعد الإيجار الواردة في
القانون المدني.
2 - إذ كان قرار محافظ
بني سويف رقم 1 لسنة 1972 بالاستيلاء على المحل موضوع النزاع لمدة ثلاث سنوات
لصالح الطاعنة فإن العلاقة الإيجارية بين الطاعنة ومالك المحل تعتبر الأثر
القانوني لقرار الاستيلاء، ولما كان يترتب على انتهاء الاستيلاء لأي سبب من
الأسباب زوال كافة الآثار القانونية المترتبة عليه ومنها العلاقة الإيجارية المشار
إليها وتعود الحال إلى ما كانت عليه قبل صدوره فتعتبر العلاقة الإيجارية السابقة
بين المالك ومورث المطعون ضدهن قائمة ولا محل لتطبيق قواعد الإيجار الواردة في
القانون المدني بشأن التجديد الضمني لعقد الإيجار على تلك العلاقة الإيجارية
الناشئة عن الاستيلاء وانتهت بانتهائه.
3 - المقرر في قضاء محكمة
النقض أن تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين كما قد يكون صريحاً
يكون ضمنياً بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده
إلى إحداث هذا الأثر القانوني.
4 - استخلاص تحقق هذا
التخلي أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، إلا أنه يشترط
أن تقيم قضاءها بشأنه على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن
الدعوى رقم 5340 لسنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة
ومحافظ بني سويف بصفته بطلب الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة والتسليم وقلن
بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 23/ 10/ 1946 استأجر مورثهن ذلك المحل وظل يمارس
فيه نشاطه حتى أصدر محافظ بني سويف قراره في 29/ 12/ 1971 بالاستيلاء عليه مؤقتاً
لصالح الشركة الطاعنة، وإذ انتهت مدة الثلاث سنوات الموقوت بها القرار وطالبن
الشركة الطاعنة بالإخلاء فلم تستجب أقمن الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع
تقريره حكمت بالطلبات. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 7845 لسنة
105 ق القاهرة، وبتاريخ 7/ 2/ 1990 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت
الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن
وعُرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره
وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن العين محل النزاع إذ صدر قرار محافظ بني سويف
بالاستيلاء عليها لصالحها لمدة ثلاث سنوات فإن هذا القرار ينهي العلاقة الإيجارية
لمستأجرها السابق وتعتبر هي المستأجرة لها إعمالاً لنص المادة 6/ 2 من القانون رقم
49 لسنة 1977 ومن ثم فإن عقد الإيجار الصادر لها من المالك بتاريخ 13/ 1/ 1972
يكون سندها في وضع يدها على العين المؤجرة وإذ استمرت بها بعد انتهاء مدة الثلاث
سنوات وقامت بسداد أجرتها للمالك فإن عقدها يكون قد تجدد ضمنياً عملاً بالمادتين
599، 563 من القانون المدني ولا محل للمفاضلة بين عقدها وعقد المستأجر السابق الذي
انتهى وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء على سند من أن عقد الإيجار الصادر لمورث
المطعون ضدهن ما زال قائماً منتجاً لكافة آثاره ويفضل عقدها فإنه يكون معيباً بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن النص في المادة السادسة الواردة في الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة
1977 بخصوص إيجار الأماكن على أنه "يُعد في حكم المستأجر في تطبيق أحكام هذا
الباب مالك العقار المنزوع ملكيته بالنسبة إلى ما يشغله من هذا العقار وتعتبر الأماكن
الصادر في شأنها قرارات استيلاء لشغلها مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء
لصالحها" يدل على أن المشرع لم يقصد أن يغير من طبيعة العلاقة المرتبة على
هذا الاستيلاء ويجعل منها علاقة إيجارية على إطلاقها في مفهوم قواعد الإيجار
الواردة في القانون المدني على الرغم من انعدام رضا أحد طرفيها بقيامها بما مؤداه
أنه فيما خلا أحكام الباب المذكور المتعلقة بإيجار الأماكن يتعين عدم تطبيق قواعد
الإيجار الواردة في القانون المدني، لما كان ذلك وكان قرار محافظ بني سويف رقم 1
لسنة 1972 بالاستيلاء على المحل موضوع النزاع لمدة ثلاث سنوات لصالح الطاعنة فإن
العلاقة الإيجارية بين الطاعنة ومالك المحل تعتبر الأثر القانوني لقرار الاستيلاء،
ولما كان يترتب على انتهاء الاستيلاء لأي سبب من الأسباب زوال كافة الآثار
القانونية المترتبة عليه ومنها العلاقة الإيجارية المشار إليها وتعود الحال إلى ما
كانت عليه قبل صدوره فتعتبر العلاقة الإيجارية السابقة بين المالك ومورث المطعون
ضدهن قائمة ولا محل لتطبيق قواعد الإيجار الواردة في القانون المدني بشأن التجديد
الضمني لعقد الإيجار على تلك العلاقة الإيجارية الناشئة عن الاستيلاء وانتهت
بانتهائه، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم
هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعي
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وذلك
حين أقام قضاءه على أن مورث المطعون ضدهن لم يترك العين محل النزاع مستدلاً على
ذلك برفعه الطعن رقم 1505 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الإداري طعناً في قرار
الاستيلاء على المحل بغية إلغائه في حين أن واقعة تركه المحل المؤجر قد تحققت
ضمناً وذلك من قعوده طيلة ثلاث سنوات على عدم طعنه في قرار الاستيلاء وإذ طعن فيه
وصدر الحكم في غير صالحه لم يعترض، ومن عدم إجابته لطلبها بحضوره لتسليمه المحل
ومما أثبته الخبير في تقريره من أن العين محل النزاع كانت مغلقة قبل الاستيلاء
عليها ولم يباشر مورث المطعون ضدهن ثمة نشاط فيها من مدة سابقة على الاستيلاء وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما انتهى إليه من عدم تحقق ترك مورث المطعون
ضدهن للعين محل النزاع فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب
بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن
إجارة العين كما قد يكون صريحاً يكون ضمنياً بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال
شكاً في دلالته على انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني وكان استخلاص تحقق
هذا التخلي أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، إلا أنه
يشترط أن تقيم قضاءها بشأنه على أسباب سائغة، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون
فيه أنه رد على دفاع الطاعنة بأن مورث المطعون ضدهن قد تخلى عن عين النزاع قبل
وفاته بقوله بأن الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير أن علاقة مورثهن الإيجارية
بالعين محل النزاع ظلت قائمة حتى صدور قرار الاستيلاء المؤقت في 5/ 1/ 1972 وأنه
أقام الدعوى رقم 1505 لسنة 29 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بصفة
مستعجلة بوقف قرار الاستيلاء وفي الموضوع بإلغائه والتعويض ومؤدى ذلك أن المستأجر
مورث المطعون ضدهن لم يصدر منه تعبير صريح أو ضمني يكشف عن إرادته في التخلي عن
العين المؤجرة وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى
النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق