جلسة 31 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار:
نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد
المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة، عبد العال
السمان.
-------------
(58)
الطعن رقم 1225 لسنة 57
القضائية
(1) دعوى. إعلان. محكمة
الموضوع.
إعلان الخصوم وصحة
تمثيلهم في الدعوى مسألة تستقل بتحقيقها محكمة الموضوع متى كان لها سنداً بأوراق
الدعوى.
(2)محكمة الموضوع.
فهم الواقع في الدعوى.
وبحث الأدلة وترجيح ما يطمئن إليها منها. من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على
أسباب سائغة.
(3)تزوير. إثبات.
عدم جواز الحكم بصحة
الورقة أو تزويرها وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. علة ذلك. ثبوت فساد الادعاء
بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف. لا يعني. بطريق اللزوم أن يكون هذا
التصرف صحيحاً وجدياً.
------------
1 - تحقيق واقعة حصول
إعلان الخصوم في الدعوى والتثبت من صحة تمثيلهم فيها هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دام لهذا
التحقيق سنداً من أوراق الدعوى.
2 - لقاضي الموضوع - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي
بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وموازنة بعضها بالبعض الآخر
وترجيح ما يطمئن إليه منها دون رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك متى أقام قضاءه
على أسباب تكفي لحمله.
3 - مفاد نص المادة 44 من
قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة
وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع
الدعوى، حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير الورقة أن يقدم ما عسى أن
يكون لديه من مطاعن على التصرف المثبت فيها، إذ يقتصر الأمر في الادعاء بالتزوير
على إنكار صدور الورقة من المتصرف دون التعرض للتصرف ذاته من حيث صحته وبطلانه،
فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف، فإن
ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً وجدياً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاما الدعوى
رقم 8822 لسنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع
المؤرخ 23/ 1/ 1983 وقالوا بياناً لدعواهم أنهم بمقتضى هذا العقد اشتروا من الطاعن
الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين حصة مقدارها 12 ط شيوعاً في قطعة
أرض مبينة بالأوراق لقاء ثمن مقداره 425000 جنيه وتم إثبات ذلك بالمشروع رقم 84
سنة 1985 عقاري الموسكي ولتقاعس البائعين عن التصديق على العقد النهائي أقاموا
الدعوى بطلبهم سالف البيان، ادعى الطاعن الأول بتزوير عقد البيع آنف الذكر وبتاريخ
23 من مارس سنة 1986 قضت المحكمة أولاً: بعدم قبول الادعاء بالتزوير - ثانياً:
بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23/ 1/ 1983، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة
استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5355 لسنة 103 قضائية، وبتاريخ 11 من فبراير سنة
1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض
وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة
رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ستة أسباب ينعى الطاعنون بالخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعنة الخامسة دفعت ببطلان
إعلانها بصحيفة الدعوى لتوجيهه إليها في غير مواطنها، وقدمت المستندات الدالة على
بيان موطنها الأصلي الذي كان يتعين إعلانها فيه، غير أن الحكم المطعون فيه التفت
عن هذه المستندات وأقام قضاءه على ما لا يصلح لمواجهته وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد
ذلك أن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى والتثبت من صحة تمثيلهم فيها هو
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة
النقض ما دام أن لهذا التحقيق سند من أوراق الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنة الخامسة بقوله إنه لما كان الثابت من الأوراق أن
عقد البيع موضوع التداعي قد صدر من المستأنف الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً رسمياً
عن باقي المستأنفين ومن بينهم المذكورة الطاعنة الخامسة بموجب التوكيل الرسمي
العام رقم 71 لسنة 1981 جنوب القاهرة المرفق بحافظة مستندات المستأنف ضدهم وقد ورد
بهذا التوكيل أن عنوان المستأنفين هو رقم 8 شارع.... قسم الموسكي وكذا الثابت من
عقد البيع المسجل رقم 128 لسنة 1982 أن المستأنفة سالفة الذكر تقيم بنفس العنوان،
ولما كان إعلان صحيفة الدعوى قد وجه إليها في ذلك العنوان وكذا إعادة إعلانها فإن
هذا الإجراء قد تم صحيحاً خاصة وأن هذا العنوان هو ذات عنوان المستأنف الأول وهو
والدها ووكيلها الرسمي وبذلك يكون قد تحقق إعلانها قانوناً وإذ كانت هذه الأسباب
سائغة ولها أصلها الثابت من الأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا
الخصوص فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم
تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده الأول اختلس توقيع الطاعن الأول على
الأوراق التي أفرغ فيها عقد البيع موضوع الدعوى بطريقة مشروعة وهو ما يشكل جريمة
يعاقب عليها القانون، وإذ لم يواجه الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري بما يصلح
للرد عليه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً
وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها رقابة عليه من محكمة النقض
في ذلك متى أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان يبين من مدونات
الحكم المستأنف المؤيد من الحكم المطعون فيه أنه واجه دفاع الطاعنين الوارد بسبب
النعي وخلص إلى نفي ما ادعوه من أن الأوراق التي أفرغ فيها عقد البيع موضوع النزاع
وقعها الطاعن الأول على بياض خلسة مما ثبت في الأوراق من محدود التوقيع منتصف
الورقة الثالثة بخلافاته بعد الورقتين الأولى والثانية وأن كتابة العقد كانت
بطريقة وهو مستخلص سائغ يؤدي إلى ما خلص إليه الحكم ويكون النعي بهذا السبب على
غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك
يقولون أنه إذ التفت عن أسباب شواهد التزوير وأدلته وعول على قرار الطاعن الأول
بتسليمه اختياراً ثلاث ورقات موقعة منه على بياض إلى المطعون ضده الأول يكون قد
فصل في موضوع ذلك الادعاء مما كان يتعين معه الالتزام بما تقضي به المادة 44 من
قانون الإثبات من أن يكون القضاء في الادعاء بالتزوير سابقاً على أن حكم في موضوع
الدعوى، وإذا لم يلتزم الحكم بهذا النظر يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه
لا يجوز الحكم بصحة الورقة وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة
سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، حتى لا يحرم الخصم الذي أخفى في إثبات تزوير
الورقة أن يقدم ما عسى أن لديه من مطاعن على التصرف المثبت فيها، إذ يقتصر الأمر
في الادعاء بالتزوير على إنكار صدور الورقة من المتصرف دون التعرض للتصرف في ذاته
من حيث صحته وبطلانه، فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد
التصرف إلى المتصرف، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً
وجدياً، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام
قضاءه في شأن الادعاء بالتزوير على قوله وكان الثابت من الأوراق أن مدعي التزوير
الطاعن الأول هو الذي وقع على الطلب رقم 59 لسنة 1985 عابدين والمقدم إلى رئيس
مأمورية الشهر العقاري بالموسكي والمتضمن بيعه عن نفسه وبصفته وكيلاً رسمياً عن
باقي المدعى عليهم باقي الطاعنين حصة 12 قيراطاً مشاعاً في العقارات المبينة بعقد
البيع الابتدائي المؤرخ 23/ 1/ 1983 المدعي بتزوير للمدعين، المطعون ضدهم ولم يطعن
المدعى عليه الأول على ما جاء بالطلب آنف الذكر وثمة مطعن ولم يقدم ثمة تبرير
لتوقيعه عليه بهذه الصفة الأمر الذي يؤكد حصول واقعة البيع فعلاً، فضلاً عن أن
توقيعه جاء أسفل الورقتين الأولى والثانية وفي منتصف الورقة الثالثة فكان من
المنطقي أن يأتي توقيعه أسفل الورقة الأخيرة إذا كانت الورقات الثلاث قد وقعت على
بياض وأن شطب لفظ وآخرين وإضافة رقم التوكيل في وقت لاحق على قرار حصولها جدلاً لا
يعد بعد قرينة بالمرة على أن التوقيع على الورقات الثلاثة كان على بياض وأنه لا
يبين من عقد البيع إضافة لفظ حصته أو كتابة مبلغ الثمن بطريقة طبيعية، كما أن مدعي
التزوير قد أقر صراحة تقريره أنه قد سلم الورقات الثلاثة الأول باختياره... إلخ
وكان مفاد هذه الأسباب أن محكمة الموضوع قد عرضت لمناقشة شواهد التزوير والأدلة
التي ساقها الطاعنون على ثبوته، وانتهت من فحص هذه الشواهد إلى عدم ثبوت الادعاء
بالتزوير مما كان يتعين عليها إعادة الدعوى إلى المرافعة لنظر موضوعها إعمالاً لنص
المادة 44 من قانون الإثبات، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وسايره في ذلك
الحكم المطعون فيه فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب
نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق