الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 ديسمبر 2021

الطعن 7595 لسنة 81 ق جلسة 13 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 44 ص 261

جلسة 13 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد حسن العبادي، سمير حسن، عبد الله لملوم ومحمد عاطف ثابت نواب رئيس المحكمة.

-------------

(44)

الطعن 7595 لسنة 81 ق

(1 ، 2) نقض "أثر نقض الحكم: أثر النقض أمام محكمة الإحالة".
(1) نقض الحكم والإحالة. أثره. وجوب التزام محكمة الإحالة بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الشيء المحكوم فيه. أثره. يمتنع على محكمة الإحالة المساس بهذه الحجية عند إعادة نظر الدعوى.

(2) نقض الحكم للقصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع. جواز أن تقضي محكمة الإحالة بما قضت به في الحكم المنقوض. شرطه.

(3 ، 4) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: إدخال خصم في الدعوى".
(3) طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه. التزام المحكمة بإجابته. شرطه.

(4) قضاء الحكم الناقض بعدم مواجهة الحكم المنقوض لدفاع الطاعن الجوهري ببطلان حكم التحكيم محل التداعي لعدم استجابة هيئة التحكيم لطلب إدخال باقي البائعين المتضامنين في الخصومة. فصله في مسألة قانونية متعلقة بأن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال. أثره. ضرورة إتباع محكمة الإحالة الحكم الناقض في تلك المسألة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.

(5 ، 6) نقض "الطعن بالنقض للمرة الثانية".
(5) محكمة النقض. وجوب تصديها للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م269/ 4 مرافعات.

(6) التزام محكمة النقض إذا تصدت للموضوع بإتباع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها. علة ذلك. اكتسابه حجية الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها. مؤداه. اقتصار نظرها لموضوع الدعوى على نطاق المسألة القانونية التي أشار إليها الحكم الناقض. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى فيما عدا ذلك.

(7 - 18) تحكيم "اتفاق التحكيم: ماهيته" "نطاق التحكيم" "أثر الاتفاق على التحكيم" "إجراءات التحكيم: الإدخال والتدخل في خصومة التحكيم" "بطلان حكم التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم". "ما لا يعد من أسباب البطلان" "إخضاع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: إدخال خصم في الدعوى".
(7) التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض المنازعات. قوامه. الخروج على طريق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات.

(8) اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. مقتضاه. سلب ولاية القضاء. أساسه. القانون.

(9) التنظيم القانوني للتحكيم. مناط قيامه.

(10) إرادة المتعاقدين. توجد التحكيم وتحدد نطاقه.

(11) خصومة التحكيم. نطاقها الشخصي يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم. جواز اختصام من ليس طرفا في الاتفاق أمام هيئة التحكيم. شرطه. أن يكون من الغير الذي يمتد إليه اتفاق التحكيم. صوره. الإدخال والتدخل وفقا لقانون المرافعات عند الاختصام.

(12) هيئة التحكيم. التزامها بالتحقق من توفر شروط الإدخال والتدخل وفقا لقانون المرافعات وبما يتفق والطبيعة الاستثنائية لخصومة التحكيم.

(13) التزام المحكمة بالتأجيل لإدخال ضامن. شرطه. م 119 مرافعات.

(14) النعي على حكم التحكيم بالبطلان لاستجابة هيئة التحكيم لاعتراض المحتكمة على تأخر المحتكم ضده في إدخال البائعين المسئولين معه تضامنيا في الخصومة رغم منحه مهلة لاتخاذ الإجراء إلى ما بعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم. على غير أساس. علة ذلك.

(15) اتفاق طرفي التحكيم على خضوع إجراءاته لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس. خلو تلك القواعد من اشتراط أن يكون وكلاء المحتكمين من بين المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين. النعي على حكم التحكيم بالبطلان لقبول هيئة التحكيم مثول محام لديها عن الشركة المحتكمة غير مصري الجنسية. على غير أساس. علة ذلك.

(16) دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها لتعييب قضائه في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهم هيئة التحكيم لحقيقة الواقع ورجمه بالخطأ في تفسير القانون وتطبيقه. علة ذلك.

(17) دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها لمراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين. علة ذلك.

(18) القضاء بناء على العلم الشخصي. ليس من بين حالات البطلان المنصوص عليها في م 53 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. علة ذلك.

------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ نقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التي أصدرته، فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها، والمقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال هو الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها - في هذا الخصوص - حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظرها الدعوى أن تمس هذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض سلفا لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة - في هذه الحالة - أن تقضي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التي شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه يتعين على المحكمة إجابته إليه وتأجيل الدعوى لإدخال باقي المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى.

4 - إذ كان الحكم الناقض انتهى إلى أن الحكم المنقوض لم يواجه دفاع الطاعن الجوهري الذي تمسك فيه ببطلان حكم التحكيم - محل التداعي - لعدم استجابة هيئة التحكيم إلى طلبه بإدخال باقي البائعين المتضامنين معه في خصومة التحكيم بما يصلح ردا عليه وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص بعينهم، ومن ثم فإن الحكم الناقض يكون قد قطع في مسألة قانونية هي أن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال وبذلك فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تتبع هذا الحكم في تلك المسألة التي فصل فيها، وإذ لم تلتزم المحكمة المطعون في حكمها بهذا النظر وأقامت قضاءها برفض دعوى البطلان تأسيسا على أن الخصومة التحكيمية لا تقبل الإدخال مما حجبها عن استدراك عيب القصور الذي نعاه الحكم الناقض على الحكم المنقوض بعدم بحث ما إذا كان الطاعن قد اتخذ إجراءات إدخال الخصوم المراد إدخالهم في الميعاد المقرر سلفا والوقوف على مدى لزومه في الدعوى التحكيمية المطروحة، فإنها - فضلا عن مخالفتها لحجية الحكم الناقض - قد شاب حكمها عيب القصور المبطل.

5 - إن المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا رأت نقض الحكم المطعون فيه، وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع.

6 - إذ كان الطعن الحالي هو طعن للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة (محكمة النقض) تتصدى لموضوع الدعوى، إلا أنه يتعين عليها - وفقا لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض - أن تلتزم بحجية الحكم الناقض باعتباره حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها ويمتنع عليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما يتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التي أشار إليها الحكم الناقض، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ولهذه المحكمة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات.

8 - إذ كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء.

9 - إن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية.

10 - إن إرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية.

11 - إن الأصل أن النطاق الشخصي لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم إلا أنه يجوز لأي من طرفي التحكيم أن يختصم أمام هيئة التحكيم من ليس طرفا في الاتفاق إذا كان من الغير الذي يمتد إليه هذا الاتفاق ويكون الاختصام - في هذه الحالة - بناء على طلب أحد طرفي التحكيم ويتخذ صورة الإدخال أو التدخل ويشترط موافقة الطرف الآخر في التحكيم على هذا الاختصام كما يشترط - في حالة الإدخال - موافقة الغير الذي لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم.

12 - إنه يجب على هيئة التحكيم التحقق من توفر شروط الإدخال والتدخل المنصوص عليها في المواد 117، 119، 126 من قانون المرافعات، وذلك بما يتفق منها مع الطبيعة الاستثنائية للخصومة التحكيمية.

13 - إن مؤدى النص في المادة 119/ 1 من قانون المرافعات أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم طالب الإدخال إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إلا إذا توفر شرطان أولهما أن تكون الدعوى المطلوب إدخال ضامن فيها دعوى مدنية وثانيهما أن ترفع دعوى الضمان خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان طالب الإدخال بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، ومن ثم فإنه إذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما فلا تكون المحكمة ملزمة بالتأجيل وإنما يكون ذلك جوازيا لها.

14 - إذ كان البين من الأوراق ومما سجله حكم التحكيم المطعون عليه أن الشركة المحتكمة - المدعى عليها في دعوى البطلان - قررت في مذكرتها المؤرخة 4 مايو سنة 2003 أن للمحتكم ضده - المدعي - الحق في أن يضم إلى التحكيم البائعين الآخرين المسئولين معه مسئولية تضامنية تكافلية، بيد أن الأخير لم يتقدم بطلب الضم المذكور إلا بمذكرته المؤرخة في 1 ديسمبر سنة 2003 وطلب فيها مهلة لا تقل عن 120 يوما للإدخال، وإذ تم اكتمال تشكيل هيئة التحكيم في 6 يونيه سنة 2003 والتوقيع على صك مهمتها في 12 نوفمبر سنة 2003 فقد اعترضت المحتكمة بمذكرتها المقدمة في 30 مارس سنة 2004 على الضم لتأخر وقته واكتمال إجراءات التحكيم مما يبين منه أن عدم نفاذ الإجراء كان مرده إلى فعل المدعي وعدم قيامه به في وقته المناسب فلا على هيئة التحكيم إن هي استجابت لاعتراض المحتكمة ولم تعتبر موافقتها الأولى على الإدخال موافقة غير مشروطة على قيام المدعي باتخاذ ذلك الإجراء في أي مرحلة من مراحل التحكيم وانتهت من ذلك إلى رفض طلب الإدخال، مما يضحى معه النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب قائما على خلاف سنده الصحيح من الواقع والقانون جدير بالرفض.

15 - إن قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التي ارتضى الطرفان إخضاع إجراءات التحكيم لها إعمالا لنص المادة 17/ 3 من اتفاق التحكيم قد نصت في المادة 21/ 4 منها على أن يمثل الأطراف إما شخصيا وإما بمن يمثلهم قانونا ولهم - أيضا - الاستعانة بمستشارين ولم تشترط تلك القواعد أن يكون وكلاء المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين، وإذ كانت تلك القواعد لا تتعارض مع النظام العام في مصر، فإن النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.

16 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه.

17 - إنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأن خطأهم - على فرض وقوعه - لا ينهض سببا لإبطال حكمهم لأن دعوى البطلان تختلف عن دعوى الاستئناف.

18 - إذ كانت أوجه النعي التي وردت بهذا السبب ليست من ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وأنها تنطوي في حقيقتها على إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء التحكيم بشأن تقدير المحكمين لأدلة الدعوى والمستندات المقدمة فيها مما لا يجوز أن يكون سببا لدعوى البطلان، كما وأن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الحكم لقضاء هيئة التحكيم بناء على علمها الشخصي، فإنه مردود عليه بأن المحكم يختاره الخصوم - بالدرجة الأولى - لوافر خبرته بالمسائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعي أن تنعكس تلك الخبرة على قراره ولا يصح أن يوصم قضاؤه بالبطلان لهذا السبب.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم .... لسنة ..... ق استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكمي التحكيم الجزئي والنهائي الصادر أولهما بتاريخ 14 يونيو سنة 2004 وثانيهما بتاريخ 14 من مارس سنة 2006 في الدعوى التحكيمية رقم .... مركز القاهرة للتحكيم الدولي، وقال بيانا لها إنه بموجب عقد مؤرخ 14 أغسطس سنة 2000 تعاقد وآخرون مع الشركة المطعون ضدها على أن تقوم الأخيرة بشراء أسهم الأولين في الشركة .......... للتأمين وانطوى العقد على شرط التحكيم، وإذ نشب خلاف بينهم بشأن تنفيذ العقد لجأت الشركة المطعون ضدها إلى التحكيم بطلب إلزام الطاعن بالتعويض لوجود تناقضات في حسابات الشركة "شركة التأمين" ولدى نظر الدعوى التحكيمية طلب الطاعن إدخال باقي البائعين خصوما في التحكيم، وبتاريخ 14 من يونيو سنة 2004 حكمت هيئة التحكيم برفض هذا الطلب، وبتاريخ 14 من مارس سنة 2006 حكمت بإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضدها - المحتكمة - مبلغ .... جنيها والفوائد بواقع 4% سنويا من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد، ومن ثم أقام دعواه بطلب بطلان حكمي التحكيم، وبتاريخ 7 من يونيو سنة 2008 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 10132 لسنة 78 ق، وبتاريخ 11 من مايو سنة 2011 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبعد أن عجل الخصوم الدعوى حكمت بتاريخ 9 من مارس سنة 2011 برفضها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، إذ لم يتبع الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم 10132 لسنة 78 ق في المسألة القانونية التي فصل فيها والتي تتصل بأطراف خصومة التحكيم وبأنها تقبل التعدد وإدخال الغير فيها وانتهى إلى أن تلك الخصومة لا تقبل الإدخال، وأن عدم استجابة هيئة التحكيم لطلب الإدخال لا يصم حكمها بالبطلان، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى وقد حجبه ذلك عن بحث مدى توفر مقومات قبول هذا الإدخال ولزومه في الدعوى التحكيمية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذ نقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التي أصدرته، فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها، والمقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال هو الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها - في هذا الخصوص - حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظرها الدعوى أن تمس هذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، كما أن من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض سلفا لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة - في هذه الحالة - أن تقضي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التي شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه، ومن المقرر - أيضا - أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه يتعين على المحكمة إجابته إليه وتأجيل الدعوى لإدخال باقي المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم الناقض انتهى إلى أن الحكم المنقوض لم يواجه دفاع الطاعن الجوهري الذي تمسك فيه ببطلان حكم التحكيم - محل التداعي - لعدم استجابة هيئة التحكيم إلى طلبه بإدخال باقي البائعين المتضامنين معه في خصومة التحكيم بما يصلح ردا عليه وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص بعينهم، ومن ثم فإن الحكم الناقض يكون قد قطع في مسألة قانونية هي أن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال وبذلك فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تتبع هذا الحكم في تلك المسألة التي فصل فيها، وإذ لم تلتزم المحكمة المطعون في حكمها بهذا النظر وأقامت قضاءها برفض دعوى البطلان تأسيسا على أن الخصومة التحكيمية لا تقبل الإدخال مما حجبها عن استدراك عيب القصور الذي نعاه الحكم الناقض على الحكم المنقوض بعدم بحث ما إذا كان الطاعن قد اتخذ إجراءات إدخال الخصوم المراد إدخالهم في الميعاد المقرر سلفا والوقوف على مدى لزومه في الدعوى التحكيمية المطروحة، فإنها فضلا عن مخالفتها لحجية الحكم الناقض قد شاب حكمها عيب القصور المبطل مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

وحيث إن المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا رأت نقض الحكم المطعون فيه، وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، وإذ كان الطعن الحالي هو طعن للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة تتصدى لموضوع الدعوى، إلا أنه يتعين عليها - وفقا لما هو مقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تلتزم بحجية الحكم الناقض باعتباره حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها ويمتنع عليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما يتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التي أشار إليها الحكم الناقض، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ولهذه المحكمة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حره من جميع عناصرها - ولما تقدم - وكان من المقرر - أيضا - في قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذ كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء، إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية، وإنه وإن كان الأصل أن النطاق الشخصي لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم إلا أنه يجوز لأي من طرفي التحكيم أن يختصم أمام هيئة التحكيم من ليس طرفا في الاتفاق إذا كان من الغير الذي يمتد إليه هذا الاتفاق ويكون الاختصام - في هذه الحالة - بناء على طلب أحد طرفي التحكيم ويتخذ صورة الإدخال أو التدخل ويشترط موافقة الطرف الآخر في التحكيم على هذا الاختصام كما يشترط - في حالة الإدخال - موافقة الغير الذي لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم، ويجب على هيئة التحكيم التحقق من توافر شروط الإدخال والتدخل المنصوص عليها في المواد 117، 119، 126 من قانون المرافعات، وذلك بما يتفق منها مع الطبيعة الاستثنائية للخصومة التحكيمية، وكان النص في المادة 119/ 1 من القانون المشار إليه على أنه "يجب على المحكمة في المواد المدنية إجابة الخصم إلى طلب تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إذا كان الخصم قد كلف ضامنه خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى" مؤداه أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم طالب الإدخال إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إلا إذا توفر شرطان أولهما: أن تكون الدعوى المطلوب إدخال ضامن فيها دعوى مدنية، وثانيهما: أن ترفع دعوى الضمان خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان طالب الإدخال بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، ومن ثم فإنه إذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما فلا تكون المحكمة ملزمة بالتأجيل وإنما يكون ذلك جوازيا لها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومما سجله حكم التحكيم المطعون عليه أن الشركة المحتكمة - المدعى عليها في دعوى البطلان - قررت في مذكرتها المؤرخة 4 مايو سنة 2003 أن للمحتكم ضده - المدعي - الحق في أن يضم إلى التحكيم البائعين الآخرين المسئولين معه مسئولية تضامنية تكافلية، بيد أن الأخير لم يتقدم بطلب الضم المذكور إلا بمذكرته المؤرخة في 31 ديسمبر سنة 2003 وطلب فيها مهلة لا تقل عن 120 يوما للإدخال، وإذ تم اكتمال تشكيل هيئة التحكيم في 6 يونيه سنة 2003 والتوقيع على صك مهمتها في 12 نوفمبر سنة 2003 فقد اعترضت المحتكمة بمذكرتها المقدمة في 30 مارس سنة 2004 على الضم لتأخر وقته واكتمال إجراءات التحكيم مما يبين منه أن عدم نفاذ الإجراء كان مرده إلى فعل المدعي وعدم قيامه به في وقته المناسب فلا على هيئة التحكيم إن هي استجابت لاعتراض المحتكمة ولم تعتبر موافقتها الأولى على الإدخال موافقة غير مشروطة على قيام المدعي باتخاذ ذلك الإجراء في أي مرحلة من مراحل التحكيم وانتهت من ذلك إلى رفض طلب الإدخال، مما يضحى معه النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب قائما على خلاف سنده الصحيح من الواقع والقانون جدير بالرفض.

وحيث إنه عما يثيره المدعي بشأن بطلان حكم التحكيم لقبول هيئة التحكيم مثول محام لديها عن الشركة المحتكمة غير مصري الجنسية فإنه في غير محله، ذلك بأن قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التي ارتضى الطرفان إخضاع إجراءات التحكيم لها إعمالا لنص المادة 17/ 3 من اتفاق التحكيم قد نصت في المادة 21/ 4 منها على أن يمثل الأطراف إما شخصيا وإما بمن يمثلهم قانونا ولهم أيضا الاستعانة بمستشارين ولم تشترط تلك القواعد أن يكون وكلاء المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين، وإذ كانت تلك القواعد لا تتعارض مع النظام العام في مصر، فإن النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.

وحيث إنه عما يثيره المدعي بشأن إخلال هيئة التحكيم بحقه في الدفاع لعدم الاستجابة إلى طلبه بسماع أقوال الرئيس التنفيذي للشركة المحتكمة واستدعاء شاهد من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وعدم السماح لخبير التأمين المعين من قبله بالحضور أمامها، في حين أنها سمحت لخبير الشركة المحتكمة بالحضور لديها كما لم تمكنه من الاطلاع على دفاتر تلك الشركة والمستندات المقدمة منها وأقامت قضاءها في الدعوى بناء على علمها الشخصي بعد استبعاد تقارير الخبراء الاكتواريين المقدمة لها، فإن جميع تلك المناعي مردود عليها بما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأن خطأهم - على فرض وقوعه - لا ينهض سببا لإبطال حكمهم لأن دعوى البطلان تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك، وكانت أوجه النعي التي وردت بهذا السبب ليست من ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وأنها تنطوي في حقيقتها على إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء التحكيم بشأن تقدير المحكمين لأدلة الدعوى والمستندات المقدمة فيها مما لا يجوز أن يكون سببا لدعوى البطلان، كما وأن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الحكم لقضاء هيئة التحكيم بناء على علمها الشخصي، فإنه مردود عليه بأن المحكم يختاره الخصوم - بالدرجة الأولى - لوافر خبرته بالمسائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعي أن تنعكس تلك الخبرة على قراره ولا يصح أن يوصم قضاؤه بالبطلان لهذا السبب، مما يضحى معه النعي - برمته - على غير أساس.

ولما تقدم، يتعين رفض الدعوى.

الطعن 4766 لسنة 70 ق جلسة 16 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 45 ص 274

جلسة 16 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طلبة مهنى محمد، أحمد شكري عبد الحليم، محمد عبد المحسن منصور ود. طه أحمد عبد العليم نواب رئيس المحكمة.

--------------

(45)

الطعن 4766 لسنة 70 ق

(1) نقض "إجراءات الطعن بالنقض: ميعاد الطعن بالنقض".
ثبوت إيداع الطاعن صحيفة طعنه في الميعاد. النعي عليه بعدم قبوله شكلا لرفعه بعد الميعاد. نعي غير صحيح.

(2 ، 3) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة الإجرائية: صاحب الصفة في تمثيل هيئة كهرباء مصر". هيئات "هيئة كهرباء مصر".
(2) تمثيل الدولة في التقاضي. نوع من النيابة القانونية عنها. تعيين مداها وحدودها مصدره القانون. الأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته. الاستثناء. إسناد القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية إلى غير الوزير. ثبوت هذه الصفة له بالمدى والحدود التي بينها القانون.

(3) رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر. صاحب الصفة في تمثيلها قبل الغير وأمام القضاء. م1، 15 ق 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر. تبعيتها لوزير الكهرباء. م 1 من القانون المذكور. لا أثر له. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة. خطأ ومخالفة للقانون.

----------

1 - إذ كان الثابت بالأوراق أن إيداع الصحيفة كان يوم السبت الموافق 26/8/2000 لا يعدو أن يكون خطأ ماديا، وعليه فإن الطعن يكون قد أقيم في الميعاد ويضحى الدفع (بعدم قبول الطعن شكلا) غير صحيح.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها والمراد في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو حكم القانون، وأن الوزير- بحسب الأصل- هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى والحدود التي بينها القانون.

3 - لما كان النص في المادة الأولى من القانون 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى "هيئة كهرباء مصر" تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الكهرباء ويكون مركزها مدينة القاهرة وتخضع هذه الهيئة للأحكام الواردة في هذا القانون" والنص في المادة الخامسة عشرة على أن "يمثل الهيئة رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير" يدل على أن رئيس مجلس إدارة الهيئة هو وحده صاحب الصفة في تمثيلها قبل الغير وأمام القضاء، وأن ما ورد في المادة الأولى من هذا القرار من تبعيتها لوزير الكهرباء قصد به مجرد الإشراف العام عليها ضمانا لالتزامها بالإطار المرسوم لها في القانون لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

-----------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا على الطاعن بصفته الدعوى رقم ... لسنة 1994 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بتقدير التعويض المستحق لهم عن نزع ملكية الأرض المملوكة لهم ومقابل عدم الانتفاع المستحق من تاريخ استيلاء الجهة نازعة الملكية حتى صرف قيمة التعويض المستحق عن نزع الملكية والفوائد القانونية من تاريخ الحكم حتى تاريخ السداد، وقالوا بيانا لذلك إنه قد صدر قرار نزع ملكية أرض النزاع المملوكة لهم لصالح محطة توليد كهرباء الكريمات دون أن يراعي تقدير قيمتها الحقيقية، ومقابل عدم الانتفاع من تاريخ الاستيلاء حتى صرف قيمتها، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. اختصم المطعون ضدهم الأربعة الأول المطعون ضده الخامس بصفته ليسمع الحكم بطلباتهم. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بالتعويض ومقابل عدم الانتفاع الذي قدرته والفوائد. استأنف المطعون ضدهم الأربعة الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 116ق القاهرة، واستأنفه المطعون ضده الخامس بالاستئناف رقم ... لسنة 116ق، واستأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ... لسنة 116ق القاهرة ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ 27/6/2000 برفضها وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي أصليا بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد وفي الموضوع بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد، فإنه لما كان الثابت بالأوراق أن إيداع الصحيفة كان يوم السبت الموافق 26/8/2000 لا يعدو أن يكون خطأ ماديا، وعليه فإن الطعن يكون قد أقيم في الميعاد ويضحى الدفع غير صحيح.

وحيث إن الطعن- فيما عدا ما تقدم- استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة، إذ إن صاحب الصفة في دفع التعويض المطالب به عن نزع ملكية أرض النزاع هي - هيئة كهرباء مصر - باعتبارها الجهة طالبة نزع الملكية والمستفيدة منه والتي يمثلها المطعون ضده الخامس مما تنتفي معه صفته في الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها والمرد في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو حكم القانون، وأن الوزير - بحسب الأصل - هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى والحدود التي بينها القانون. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الأولى من القانون 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى "هيئة كهرباء مصر" تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الكهرباء ويكون مركزها مدينة القاهرة وتخضع هذه الهيئة للأحكام الواردة في هذا القانون" والنص في المادة الخامسة عشرة على أن "يمثل الهيئة رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير" يدل على أن رئيس مجلس إدارة الهيئة هو وحدة صاحب الصفة في تمثيلها قبل الغير وأمام القضاء، وأن ما ورد في المادة الأولى من هذا القانون من تبعيتها لوزير الكهرباء قصد به مجرد الإشراف العام عليها ضمانا لالتزامها بالإطار المرسوم لها في القانون لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه جزئيا فيما قضى به قبل الطاعن بصفته.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإن المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به على المستأنف بصفته- في الاستئناف ... لسنة 116ق القاهرة- بالتعويض وبعدم قبول الدعوى بالنسبة له لرفعها على غير ذي صفة.

الطعن 6235 لسنة 73 ق جلسة 8 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 32 ص 196

جلسة 8 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ محمد برهام عجيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طارق سيد عبد الباقي، أحمد برغش، حازم نبيل البناوي وحاتم موسى نواب رئيس المحكمة.

---------------

(32)

الطعن 6235 لسنة 73 ق

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق".
المستعمل لحقه استعمالا مشروعا. عدم مسئوليته عما ينشأ عن ذلك من ضرر. الاستعمال غير المشروع للحق. مناطه. ألا يقصد به سوى الإضرار بالغير. تحققه بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق. المادتان 4، 5 مدني.

(2) تعويض "من صور التعويض: التعويض عن إساءة حق الإبلاغ والشكوى". مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم".
حقا الإبلاغ والشكوى. من الحقوق العامة التي تثبت للكافة. استعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض. الاستثناء. الانحراف بالحق عما وضع له وكيدية استعماله ابتغاء مضارة الخصم.

(3 ، 4) مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم".
(3) الإبلاغ عن الجرائم. عدم اعتباره خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ. الاستثناء. ثبوت كذب الواقعة المبلغ بها وأن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.

(4) مساءلة الموظف لإساءة استعمال حقه. شرطه. انحرافه في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه بقصد الإضرار بالغير لأغراض نابية عن المصلحة العامة.

(5 ، 6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الخطأ الموجب للمسئولية". مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر المسئولية: الخطأ".
(5) قاضي الموضوع. سلطته في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. شرطه. إقامة قضائه على أسباب سائغة تكفي لحمله.

(6) قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض الدعوى لانتفاء خطأ المطعون ضدهم استنادا لما استخلصه من الأوراق بعدم ثبوت كذب البلاغ المقدم ضد الطاعنة وعدم قصد الإضرار بها. استخلاص سائغ. النعي عليه بتعييب ذلك الاستخلاص. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. أثره. على غير أساس.

(7 - 10) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون" "رقابة محكمة النقض". مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر المسئولية: الخطأ" "المسئولية عن إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم، حق النشر وحق النقد".
(7) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي ذلك عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.

(8) حرية الصحفي في نشر ما يحصل عليه من معلومات أو أخبار من مصادرها. م 8 من القانون رقم 96 لسنة 1996 في شأن سلطة الصحافة. ضوابطها. التزامه فيما ينشره بالمقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على سمعتهم أو انتهاك محارم القانون.

(9) حصانة النشر. قصرها على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا. عدم امتدادها للتحقيق الابتدائي والتحقيقات الأولية أو الإدارية. المادتان 189، 190 عقوبات. علة ذلك. أثره. تحمل الناشر نشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يتخذ فيها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة للمحاكمة.

(10) خطأ الناشر الموجب للمسئولية المدنية. عدم اشتراط سوء النية لتحققه. عدم نفي ذلك بتصحيح الخبر محل النشر. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى التعويض بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول عن الأضرار الناجمة عن خطأ الناشر استنادا إلى أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعنة مستقي من مصادر رسمية هي شرطة المسطحات المائية بناء على البلاغ المقدم إليها واعتبار ذلك من قبيل النشر المباح. مخالفة للقانون.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إنه طبقا للمادتين الرابعة والخامسة أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن حقي الإبلاغ والشكوى من الحقوق العامة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا أثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة خصمه.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها أو أن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إساءة الموظف استعماله لحقه تقتضي قيام الدليل على أنه انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي اتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.

6 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى لانتفاء خطأ المطعون ضدهم عدا الثلاثة الأول على سند مما استخلصه من سائر أوراقها ومستنداتها من عدم ثبوت كذب البلاغ المقدم ضد الطاعنة ولم يكن بقصد الكيد أو الإضرار بها أو وليد تسرع ورعونة، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، وإذ يدور النعي في هذا الصدد حول تعييب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده التاسع، فإن ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن يكون غير صحيح، ومن ثم يضحى النعي برمته على غير أساس.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة الثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1996 في شأن سلطة الصحافة - الذي يحكم واقعة النزاع - أنه وإن كان للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من معلومات أو أخبار من مصادرها إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانه النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية، إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته إذ إن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، ومن ثم فإنه يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها في الدستور.

10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يشترط لتحقق خطأ الناشر الموجب للمسئولية المدنية ثبوت سوء النية لديه ولا ينفيه تصحيح الخبر محل النشر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعنة مستقى من مصادر رسمية هي شرطة المسطحات المائية بناء على البلاغ المقدم إليها وما تم فيه من إجراءات وما اتخذ بشأنه من تحقيقات، بما يعد من قبيل النشر المباح، فإنه يكون قد خالف القانون.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 1998 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين أن يؤدوا إليها تعويضا مقداره مليون جنيه، وقالت بيانا لذلك إنها مارست نشاط تجارة وبيع القطن وإذ صدر قرار وزير الاقتصاد والتجارة بحظر الاحتفاظ بالقطن الشعر الغير مرتبط بعقود مدة تزيد على ثلاثين يوما وقد حصلت على مهلة إضافية سبعة أيام وخلالها تعاقدت على بيع كمية من القطن المذكور، إلا أن المطعون ضده الرابع بصفته أبلغ ضدها شرطة المسطحات المائية بحيازتها لتلك الكمية بالمخالفة للقرار الوزاري المشار إليه وحرر المحضر الإداري رقم ... لسنة 1996 ثان المنصورة وحفظ إداريا وقد عقد محرر المحضر مؤتمرا صحفيا نسب لها مخالفة القانون وإلقاء القبض عليها ونشر هذا الخبر بجريدة الأهرام، ولما كانت تلك الوقائع المذكورة تشكل جريمة بقصد التشهير والإساءة والنيل منها مما أصابها بأضرار مادية وأدبية، ومن ثم أقامت الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 119 ق القاهرة، وبتاريخ 17/ 9/ 2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل ما تنعى الطاعنة بهما عدا الوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق، إذ نفى خطأ المطعون ضدهم عدا الثلاثة الأول بقالة عدم ثبوت كذب البلاغ ولم يقصد به الكيد والإضرار بها، وهي عبارات مرسلة ومبهمة وتخالف الثابت بالمستندات المقدمة منها الدالة على توفر الخطأ في جانبهم كما أن الحكم قضى بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده التاسع رغم إنه كان خصما أمام محكمة أول درجة، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر طبقا للمادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وأن حقي الإبلاغ والشكوى من الحقوق العامة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا أثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة خصمه، وأن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها أو أن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، كما أن من المقرر أن إساءة الموظف استعماله لحقه تقتضي قيام الدليل على أنه انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي اتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى لانتفاء خطأ المطعون ضدهم عدا الثلاثة الأول على سند مما استخلصه من سائر أوراقها ومستنداتها من عدم ثبوت كذب البلاغ المقدم ضد الطاعنة ولم يكن بقصد الكيد أو الإضرار بها أو وليد تسرع ورعونه، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، وإذ يدور النعي في هذا الصدد حول تعييب هذا الاستخلاص، فإنه لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده التاسع فإن ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن يكون غير صحيح، ومن ثم يضحى النعي برمته على غير أساس.

وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وذلك حين نفى عن المطعون ضدهم الثلاثة الأول الخطأ الموجب للمسئولية استنادا إلى أن ما تم نشره بجريدة الأهرام لا يعدو أن يكون من قبيل البلاغات الرسمية نقلا عن شرطة المسطحات المائية مما يدخل في نطاق النشر المباح، في حين أن ما أسندته الجريدة إلى الطاعنة وعلى نحو ما تم نشره من شأنه أن يلقي في الأذهان صحة الأمور المدعاة وقيامها بارتكاب الأفعال الواردة بها مما يعد إساءة لاستعمال الصحفي لحق النشر وحريته في ذلك بما يوجب مسئوليتهم، وإذ خالف الحكم هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، كما أن من المقرر أن مفاد نص المادة الثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1996 في شأن سلطة الصحافة - الذي يحكم واقعة النزاع - أنه وإن كان للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من معلومات أو أخبار من مصادرها إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون، وأن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية، إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته، إذ أن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ومن ثم فإنه يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها في الدستور، كما أنه لا يشترط لتحقق خطأ الناشر الموجب للمسئولية المدنية ثبوت سوء النية لديه ولا ينفيه تصحيح الخبر محل النشر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعنة مستقى من مصادر رسمية هي شرطة المسطحات المائية بناء على البلاغ المقدم إليها وما تم فيه من إجراءات وما اتخذ بشأنه من تحقيقات، بما يعد من قبيل النشر المباح، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به في هذا الخصوص.

الطعن 5043 لسنة 73 ق جلسة 18 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 47 ص 284

جلسة 18 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ محسن فضلي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سالم سرور، سامح إبراهيم، حسن إسماعيل ووائل عادل أمان نواب رئيس المحكمة.

----------------

(47)

الطعن 5043 لسنة 73 ق

(1 ، 2) ارتفاق "من أنواع الارتفاق: قيود البناء الاتفاقية". نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام: القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح أو الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى".
(1) قيود البناء الاتفاقية. ماهيتها. حقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين. مخالفة بعض الملاك لها. أثره. تحلل باقي الملاك من الالتزام بها. انتهاؤه بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة. م1027 مدني. مؤداه. خضوع أحكام الارتفاقات لاتفاقات الأفراد وإرادتهم. مناطه. قائمة تقسيم الأراضي المعدة للبناء. ق 52 لسنة 1940 الملغي بق 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني.

(2) اختلاف الاتفاقات طبيعة وحكما عن القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح الصادرة بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أو الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى. مؤداه. إدخالها ضمن القيود القانونية التي يتضمنها التنظيم العام لحق الملكية أو القيود الواردة على قائمة الشروط الملحقة بقرارات تقسيم الأراضي المعدة للبناء. مناطها. قواعد آمرة. علة ذلك.

(3) ارتفاق "من أنواع الارتفاق : قيود البناء الاتفاقية". تقادم "التقادم المسقط: قيود البناء الاتفاقية والتنظيمية". نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام: القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح أو الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى".
قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بزوال وسقوط الاشتراطات الموضوعية من الشركة المطعون ضدها الأخيرة والملحقة بعقود البيع الصادرة لبعض المطعون ضدهم استنادا إلى سقوطها بالتقادم بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر عاما من تاريخ إنشائها وقبل صدور القانون 3 لسنة 1982 وتحلل المدعين من الالتزام بها لشيوع مخالفتها من جانب باقي الملاك وأن شروط تقسيم الأراضي المعدة للبناء لا تعتبر ذات طبيعة واحدة لورود بعضها إلى الاتفاق وخضوعه للقانون المدني أو وفقا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء والتخطيط العمراني. أثره. عدم جواز مخالفتها. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك وقضاؤه دون تحديد ماهية الاشتراطات الواردة بعقود البيع وقائمة التقسيم وطبيعة ذلك البيع وخضوعه لإطاره القانوني. قصور. علة ذلك.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قيود البناء الاتفاقية تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين، إذ يترتب عليها أن تصبح كل قطعة من الأرض مرتفقا بها لمنفعة جميع القطع الأخرى التي في نفس الحي، بحيث إذا خالفها بعض الملاك أصبح الآخرون في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب هذا الالتزام أو الحكمة منه، وأن الارتفاق ينتهي - عملا بالمادة 1027 من القانون المدني - بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة، إلا أن مناط ذلك كله، أن تكون الارتفاقات التي يسري عليها ما سلف من أحكام، مردها في الأصل الإرادة واتفاقات الأفراد، وهي ما تشتمل عليه - في الأغلب الأعم - قائمة تقسيم الأراضي المعدة للبناء والتي نظمها القانون 52 لسنة 1940 والذي ألغي بالقانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني.

2 - إن الارتفاقات الاتفاقية تختلف - طبيعة وحكما - عن القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح الصادرة بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أو تلك الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى، فهذه إنما تندرج ضمن القيود القانونية التي يتضمنها التنظيم العام لحق الملكية، والتي يحمل الكافة على احترامها بنصوص آمرة باعتبارها تتغيا الصالح العام، وهي قيود قد ترد أيضا في قائمة الشروط الملحقة بقرارات تقسيم الأراضي المعدة للبناء.

3 - إذ كان الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد حمل قضاءه بزوال وسقوط الاشتراطات التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الأخيرة ملحقة بعقود البيع الصادرة للمطعون ضدهم الباقين، على سند من سقوطها بالتقادم بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر عاما منذ تاريخ إنشائها عام 1966 حتى 1981 وقبل صدور القانون رقم 3 لسنة 1982 وعلى تحلل المدعين من الالتزام بها لشيوع مخالفتها من جانب باقي الملاك، وكانت شروط تقسيم الأراضي المعدة للبناء لا تعتبر - وكما سلف البيان - ذات طبيعة واحدة، فمنها ما يرد إلى الاتفاق مما يخضع لقواعد القانون المدني ومنها ما يصدر وفقا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء والتخطيط العمراني مما لا يجوز مخالفتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق حكمه على كافة الاشتراطات الواردة بعقود البيع وقائمة التقسيم دون أن يحدد ماهيتها وما إذا كانت تتبع أي من النوعين آنفي الذكر، فإنه يكون قد جهل بالوقائع التي فصل فيها وأعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون، بما يعيبه بالقصور الذي يبطله.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا على الطاعنين والمطعون ضده الأخير الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء وزوال كافة القيود والاشتراطات التي وضعها المطعون ضده الأخير بعقود البيع وسقوطها بقوة القانون لعدم استعمالها لأكثر من خمسة عشر عاما، وقالوا بيانا لذلك إنهم يمتلكون قطع الأرض الفضاء المبينة بالصحيفة بطريق الشراء من المطعون ضده الأخير والذي ضمن عقود البيع اشتراطات بنائية أصبحت عديمة الجدوى بعد أن درج غالبية الملاك بتلك المناطق على مخالفة تلك الاشتراطات والقيود كما وأنها سقطت لعدم استعمالها لأكثر من خمسة عشر عاما ومن ثم أقاموا الدعوى، بتاريخ ../ ../ .... حكمت المحكمة بطلبات المطعون ضدهم الأربعة الأول. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 118 القاهرة، وبتاريخ ../ ../ .... قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين نعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وقالا بيانا للوجه الأول إن الحكم استند في قضائه إلى نص المادة 1027 من القانون المدني رغم أنها تعالج حقوق الارتفاق الخاصة الاتفاقية بين الأفراد والتي تسقط بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر عاما ولا تتعلق بالشروط القانونية التي ترتد إلى أحكام تشريعات البناء والتخطيط العمراني ذات الطبيعة العامة والتي تحقق مصالح عامة، وقالا بيان للوجه الثاني إن الحكم استند في قضائه إلى أن تلك القيود والاشتراطات البنائية قد سقطت قبل العمل بالقانون رقم 3 لسنة 1982 الخاص بالتخطيط العمراني رغم أن هذا القانون لم يستحدثها وإنما جمع بين شتات القوانين المتعلقة بالبناء والتخطيط في قانون واحد وذلك أن القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء قد وضع تلك الاشتراطات وأوجب على الجهة التي تصدر قرارات ومراسيم التقسيم إتباعها واعتبرتها حقوق ارتفاق لذوي الشأن التمسك بها قبل بعضهم البعض، ونصت المادة الرابعة من القانون رقم 3 لسنة 1982 على سريان تلك الاشتراطات والالتزامات في شأن التقسيمات التي صدر باعتمادها مرسوم أو قرار طبقا لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 مما يؤكد ارتقائها إلى مرتبة النصوص القانونية التي تشتمل عليها قوانين البناء ولوائحها ولا يجوز لأحد التحلل منها كما انتهت إلى ذلك المحكمة الدستورية في الطعن رقم 55 لسنة 18 ق دستورية جلسة 22/ 3/ 1997 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 3/ 4/ 1997، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن النعي في أساسه صحيح، ذلك أنه وإن كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قيود البناء الاتفاقية تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين، إذ يترتب عليها أن تصبح كل قطعة من الأرض مرتفقا بها لمنفعة جميع القطع الأخرى التي في نفس الحي، بحيث إذا خالفها بعض الملاك أصبح الآخرون في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب هذا الالتزام أو الحكمة منه، وأن الارتفاق ينتهي - عملا بالمادة 1027 من القانون المدني - بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة، إلا أن مناط ذلك كله، أن تكون الارتفاقات التي يسري عليها ما سلف من أحكام، مردها في الأصل الإرادة واتفاقات الأفراد، وهي ما تشتمل عليه - في الأغلب الأعم - قائمة تقسيم الأراضي المعدة للبناء والتي نظمها القانون 52 لسنة 1940 والذي ألغي بالقانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني، وتلك الارتفاقات الاتفاقية تختلف - طبيعة وحكما - عن القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح الصادرة بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أو تلك الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى، فهذه إنما تندرج ضمن القيود القانونية التي يتضمنها التنظيم العام لحق الملكية، والتي يحمل الكافة على احترامها بنصوص آمرة باعتبارها تتغيا الصالح العام، وهي قيود قد ترد أيضا في قائمة الشروط الملحقة بقرارات تقسيم الأراضي المعدة للبناء. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد حمل قضاءه بزوال وسقوط الاشتراطات التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الأخيرة ملحقة بعقود البيع الصادرة للمطعون ضدهم الباقين، على سند من سقوطها بالتقادم بعدم الاستعمال لمدة خمس عشرة عاما منذ تاريخ إنشائها عام 1966 حتى 1981 وقبل صدور القانون رقم 3 لسنة 1982 وعلى تحلل المدعين من الالتزام بها الشيوع مخالفتها من جانب باقي الملاك، وكانت شروط تقسيم الأراضي المعدة للبناء لا تعتبر - وكما سلف البيان - ذات طبيعة واحدة، فمنها ما يرد إلى الاتفاق مما يخضع لقواعد القانون المدني ومنها ما يصدر وفقا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء والتخطيط العمراني مما لا يجوز مخالفتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق حكمه على كافة الاشتراطات الواردة بعقود البيع وقائمة التقسيم دون أن يحدد ماهيتها وما إذا كانت تتبع أي من النوعين آنفي الذكر، فإنه يكون قد جهل بالوقائع التي فصل فيها وأعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون، بما يعيبه بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه.

الطعن 2088 لسنة 53 ق جلسة 22 / 1 / 1984 مكتب فني 35 ق 17 ص 85

جلسة 22 من يناير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ جمال الدين منصور وصفوت مؤمن والدكتور/ كمال أنور ومحمد عباس مهران.

-------------

(17)
الطعن رقم 2088 سنة 53 قضائية

 (1)حكم "وصف الحكم". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة ثاني درجة "الإجراءات أمامها". شيك بدون رصيد.
وجوب حضور المتهم بنفسه في جنحة معاقب عليها بالحبس يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. جواز إنابته وكيلاً للدفاع عنه في الجنح والمخالفات الأخرى المادة 237 إجراءات معدلة بالقانون 170 لسنة 1981.
ضرورة حضور المتهم بشخصه أمام محكمة ثاني درجة في كل جنحة عوقب عليها بالحبس. علة ذلك؟ يستثنى من ذلك ما ينص القانون على جواز التوكيل للحضور فيه مثال الفقرة الأخيرة من المادة 463 أ. ج. أو كانت عقوبة الحبس المقضي بها مع إيقاف التنفيذ وكان المتهم هو المستأنف وحده.
استئناف النيابة العامة الحكم في جريمة معاقب عليها بالحبس الاختياري أو الغرامة - مثل جريمة الشيك بدون رصيد - يوجب على المتهم الحضور بنفسه. علة ذلك؟ حضور وكيل عنه. يجعل الحكم غيابياً ولو ترافع الوكيل عنه خطأ فإن هذه المرافعة تكون باطلة والحكم غيابياً قابلاً للمعارضة فيه ولو وصفته المحكمة بأنه حضوري خطأ. إذ العبرة هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه.
قضاء الحكم المطعون فيه الصادر بعدم جواز المعارضة الاستئنافية المقامة من الطاعن بمقولة إنها رفعت في حكم حضوري. خطأ في تطبيق القانون يستوجب نقضه والإحالة. علة ذلك؟
 (2)حكم "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
 قابلية الحكم للطعن فيه بالمعارضة. أثرها: عدم جواز الطعن فيه بالنقض.

---------------
1 - لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 - التي نظر الاستئناف في ظلها تنص على أنه "يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه. أما في الجنح الأخرى وفي المخالفات فيجوز أن ينيب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه. وهذا مع عدم الإخلال بما للمحكمة من الحق في أن تأمر بحضوره شخصياً. فقد دلت بذلك صراحة وعلى ما أكدته المذكرة الإيضاحية لهذه المادة - على ضرورة حضور المتهم بنفسه أمام محكمة أول درجة في الجنح التي يوجب القانون تنفيذ الحكم الصادر فيها بالحبس فور صدوره أي لا يقبل فيها الكفالة كحالة النفاذ الوجوبي المنصوص عليها في المادة 463 من قانون الإجراءات الجنائية وما عسى أن ينص عليه في القوانين المكملة لقانون العقوبات أما محكمة ثاني درجة فإنه يجب حضور المتهم بنفسه في كل جنحة معاقب عليها بالحبس باعتبار أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها إلا إذا نص القانون على جواز التوكيل فيها أمامها كما هو الحال في الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية وكما لو كانت عقوبة الحبس المقضي بها مع إيقاف التنفيذ وكان المتهم هو المستأنف وحده.
2 - لما كان ذلك وكان الطاعن قد قدم للمحاكمة بوصف أنه في يوم.... أعطى بسوء نية للمدعي بالحق المدني شيكاً لا يقابله رصيد، وكانت هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما طبقاً لنص المادة 336 من قانون العقوبات الواجبة التطبيق على الواقعة من قبل تعديلها بالقانون رقم 29 سنة 1982، ومن ثم فإنه كان يتعين حضور المتهم بنفسه أمام المحكمة الاستئنافية - ولا يقدح في هذا أن تكون عقوبة الحبس تخييرية للمحكمة ذلك أن الاستئناف من النيابة العامة ومن حق المحكمة الاستئنافية كما هو الحال في الدعوى المطروحة - أن تقضي بعقوبة الحبس، ومتى صدر الحكم بالحبس فإن القانون يوجب تنفيذه فور صدور الحكم به. وإذن فمتى كان ذلك وكان حضور المتهم بنفسه أمراً واجباً طبقاً للقانون فإن حضور وكيله عنه خلافاً لذلك لا يجعل الحكم حضورياً لأن مهمة الوكيل في هذه الحالة ليست هي المرافعة وإنما تقتصر على مجرد تقديم عذر لتبرير غياب المتهم، وحتى إذا ترافع الوكيل خطأ، فإن هذه المرافعة تقع باطلة ولا تغير من اعتبار الحكم غيابياً. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم بذاته قابل للمعارضة فيه من أحد الخصوم فخطأ المحكمة التي أصدرته في وصفه بأنه حضوري ليس من شأنه قانوناً أن يكون مانعاً من المعارضة فيه إذ العبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنها - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه الصادر بعدم جواز المعارضة الاستئنافية المقامة من الطاعن بمقولة إنها رفعت في حكم حضوري يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
لما كان قضاء المحكمة هذا قد حجبها عن نظر موضوع المعارضة فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. لما كان ما تقدم وكان المحكوم عليه قد طعن أيضاً بالنقض في الحكم الصادر بتاريخ.... والذي وصف خطأ بأنه حضوري وهو في حقيقته غيابي على ما سلف بيانه, وكان لا يقبل طبقاً للماد 32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - الطعن بطريق النقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً. ومن ثم تعين الحكم بعدم قبول الطعن المرفوع من المحكوم عليه في هذا الحكم.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح مركز بور سعيد ضد الطاعن بوصف أنه بدائرة قسم الشرق محافظة بور سعيد: أصدر له شيكاً بمبلغ 12789 جنيهاً مسحوباً على بنك الإسكندرية فرع بور سعيد وقد رفض البنك صرف هذا الشيك نظراً لأن حساب المدين محجوز عليه. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرون جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فعارض المحكوم عليه وقضى بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهم.
فاستأنفت النيابة العامة ومحكمة بور سعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبإجماع الآراء في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر. فعارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بعدم جواز نظر المعارضة. فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في معارضته الاستئنافية بعدم جوازها بحسبان أن الحكم المعارض فيه صدر حضورياً - قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن لم يحضر في أية جلسة من جلسات المحاكمة الاستئنافية وإنما حضر عنه محاميه برغم أن القانون يوجب حضوره شخصياً مما يكون معه الحكم غيابياً تجوز فيه المعارضة, بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية - بناء على استئناف النيابة العامة أن الطاعن لم يحضر في أي منها وإنما حضر عنه محاميه وأبدى دفاعه ثم صدر الحكم حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبإجماع الآراء وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر، وإذ عارض المتهم في هذا الحكم صدر الحكم المطعون فيه بعدم جواز المعارضة استناداً إلى أن الحكم المعارض فيه قد صدر حضورياً وذلك "لحضور وكيل عن المتهم في جريمة يجوز فيها ذلك وفقاً لتعديل نص المادة 297 إجراءات الذي نظر الاستئناف في ظله".
ولما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 - التي نظر الاستئناف في ظلها تنص على أنه "يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه. أما في الجنح الأخرى وفي المخالفات فيجوز أن ينيب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه، وهذا مع عدم الإخلال بما للمحكمة من الحق في أن تأمر بحضوره شخصياً". فقد دلت بذلك صراحة وعلى ما أكدته المذكرة الإيضاحية لهذه المادة - على ضرورة حضور المتهم بنفسه أمام محكمة أول درجة في الجنح التي يوجب القانون تنفيذ الحكم الصادر فيها بالحبس فور صدوره أي لا يقبل فيها الكفالة كحالة النفاذ الوجوبي المنصوص عليها في المادة 463 من قانون الإجراءات الجنائية وما عسى أن ينص عليه في القوانين المكملة لقانون العقوبات، أما أمام محكمة ثاني درجة فإنه يجب حضور المتهم بنفسه في كل جنحة معاقب عليها بالحبس باعتبار أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها إلا إذا نص القانون على جواز التوكيل فيها أمامها كما هو الحال في الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية وكما ولو كانت عقوبة الحبس المقضى بها مع إيقاف التنفيذ وكان المتهم هو المستأنف وحده. لما كان ذلك وكان الطاعن قد قدم للمحاكمة بوصف أنه في يوم..... أعطى بسوء نية للمدعي بالحق المدني شيكاً لا يقابله رصيد. وكانت هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما طبقاً لنص المادة 336 من قانون العقوبات الواجبة التطبيق على الواقعة من قبل تعديلها بالقانون رقم 29 سنة 1982، ومن ثم فإنه كان يتعين حضور المتهم بنفسه أمام المحكمة الاستئنافية - ولا يقدح في هذا أن تكون عقوبة الحبس تخييرية للمحكمة ذلك أن الاستئناف من النيابة العامة ومن حق المحكمة الاستئنافية كما هو الحال في الدعوى المطروحة - أن تقضي بعقوبة الحبس، ومتى صدر الحكم بالحبس فإن القانون يوجب تنفيذه فور صدور الحكم به. وإذن فمتى كان ذلك وكان حضور المتهم بنفسه أمراً واجباً طبقاً للقانون فإن حضور وكيله عنه خلافاً لذلك لا يجعل الحكم حضورياً لأن مهمة في هذه الحالة ليست هي المرافعة وإنما تقتصر على مجرد تقديم عذر لتبرير غياب المتهم، وحتى إذا ترافع الوكيل خطأ، فإن هذه المرافعة تقع باطلة ولا تغير من اعتبار الحكم غيابياً. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم بذاته قابلاً للمعارضة فيه من أحد الخصوم فخطأ المحكمة التي أصدرته في وصفه بأنه حضوري ليس من شأنه قانوناً أن يكون مانعاً من المعارضة فيه إذ العبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنها - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه الصادر بعدم جواز المعارضة الاستئنافية المقامة من الطاعن بمقولة إنها رفعت في حكم حضوري يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولما كان قضاء المحكمة هذا قد حجبها عن نظر موضوع المعارضة فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. لما كان ما تقدم وكان المحكوم عليه قد طعن أيضاً بالنقض في الحكم الصادر بتاريخ..... والذي وصف خطأ بأنه حضوري وهو في حقيقته غيابي على ما سلف بيانه, وكان لا يقبل طبقاً للمادة 32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - الطعن بطريق النقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً. ومن ثم تعين الحكم بعدم قبول الطعن المرفوع من المحكوم عليه في هذا الحكم.