الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 1 يوليو 2025

الطعن 1236 لسنة 51 ق جلسة 29 / 3 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 106 ص 487

جلسة 29 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد أحمد صقر نائب رئيس المحكمة، محمد لطفي السيد، أحمد زكي غرابه وطه الشريف.

---------------

(106)
الطعن رقم 1236 لسنة 51 القضائية

(1) دعوى "نظر الدعوى". حكم.
وجوب صدور الحكم من نفس الهيئة التي سمعت المرافعة وشاركت في المداولة. شرط لصحته. تحققه بحضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة. م 167 مرافعات.
(2 - 6) قضاة "مخاصمة القضاة". دعوى "دعوى المخاصمة". حكم.
(2) دعوى المخاصمة. أساسها القانوني المسئولية الشخصية للقاضي أو عضو النيابة فيما يتعلق بأعمال وظيفتهما. مؤدى ذلك. عدم جواز مساءلة النائب العام عن أعمال لم تصدر منه شخصياً. أساسه. تبعية أعضاء النيابة العامة له تبعية وظيفية لا تدخل في نطاق التبعية التضمينية التي يسأل فيها المتبوع عن أعمال تابعة.
(3) عدم لزوم حضور العضو المخاصم بنفسه أمام الهيئة التي تنظر دعوى المخاصمة. م 496 مرافعات.
(4) الأصل عدم خضوع القاضي في نطاق عمله للمساءلة القانونية. الاستثناء. وروده على سبيل الحصر. م 494 مرافعات. مناطه.
(5) أسباب المخاصمة. الغش والتدليس والخطأ المهني الجسيم. ماهيته كل منها. تقدير جسامة الخطأ واستظهار قصد الانحراف. من مسائل الواقع. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع طالما كان سائغاً.
(6) دعوى المخاصمة. الفصل في مرحلة تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وقبولها. نطاقه. ما ورد بتقرير المخاصمة وما يقدمه القاضي أو عضو النيابة من مستندات والأوراق المودعة ملف الدعوى الموضوعية. عدم جواز تقديم مستندات أخرى من المخاصم.
(7) دعوى "الدفاع في الدعوى".
حق الدفاع والمرافعة الشفوية. مكفول لأطراف النزاع في الدعوى. حق الملكية في تنظيمه رغم النص على إجراءها في أول جلسة. م 97 مرافعات.
(8) محكمة الموضوع. مسئولية. تعويض.
استخلاص وقوع الفعل يكون للخطأ الموجب للمسئولية. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع ما دام كان سائغاً.

-------------------
1 - مفاد نص المادة 167 من قانون المرافعات أن الشارع لم يستلزم - لصحة الأحكام - أن يكون القضاة الذين سمعوا المرافعة وحجزوا الدعوى للحكم قد سبق لهم نظرها في جلسة سابقة، إذ يتحقق بحضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة مقصود الشارع بسماع المرافعة، يستوي في ذلك أن يكون الخصوم قد أبدوا دفاعاً فيها أو سكتوا عن ذلك أو أحالوا إلى دفاع سابق.
2 - دعوى المخاصمة تستند في أساسها القانوني إلى المسئولية الشخصية للقاضي أو عضو النيابة فيما يتعلق بأعمال وظيفتهما ومؤدى ذلك ولازمه أنه لا يجوز مساءلة النائب العام عن أعمال لم تصدر منه شخصياً ذلك أنه ولئن كان النائب العام هو الجهة الرئيسية للنيابة العامة إلا أن تبعية أعضاء النيابة لا تعدو أن تكون تبعية وظيفية ولا تدخل في نطاق التبعية التضمينية التي يسأل فيها المتبوع عن أعمال تابعه إذ لا تقوم هذه التبعية إلا في جانب الدولة التي يمثلها وزير العدل باعتباره الرئيس الإداري المسئول عن أعمال الوزارة وعن إدارته.
3 - الشارع إذ نص في المادة 496 من قانون المرافعات على أن "تحكم المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع الطالب أو وكيله والقاضي أو عضو النيابة المخاصم حسب الأحوال" لم يستلزم أن يحضر العضو المخاصم بنفسه أمام الهيئة التي تنظر دعوى المخاصمة وإنما رد الأمر إلى القواعد العامة التي تجيز للمدعى عليه أن يحضر هو بنفسه أو وكيل عنه أو يودع مذكرة بدفاعه ورتب على هذا الإجراء الأخير ما رتبه على الحضور من أثر إذ جعل الخصومة حضورية في حقه.
4 - الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة 494 من قانون المرافعات وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه - فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين فيها قضاءه ويبطل أثره، وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية وتقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بها منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف في القصد.
5 - عد الشارع من أسباب المخاصمة الغش والتدليس والخطأ المهني الجسيم والمقصود بالغش والتدليس هو انحراف القاضي في عمله عما يقتضيه واجب القانون قاصداً هذا الانحراف إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للقاضي، والخطأ المهني الجسيم وهو وقوع القاضي في خطأ فاضح أو إهمال مفرط، ما كان له أن يتردى فيهما لو اهتم بواجبات وظيفته ولو بقدر يسير بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتى بحسن نية ويستوي في ذلك أن يتعلق الخطأ بالمبادئ القانونية، أو الوقائع المادية، ومن المقرر أن تقدير جسامة الخطأ واستظهار قصد الانحراف من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب على حكمها طالما كان بيانها في ذلك سائغاً.
6 - على المحكمة أن تبحث في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى لتقضي بقبولها أو عدم قبولها وهو أمر لا يتأتى إلا باستعراض أدلة المخاصمة لتبين مدى ارتباطها بأسبابها، والفصل في هذه المرحلة من مراحل الدعوى يكون على أساس ما يرد بتقرير المخاصمة والأوراق المودعة معه وما يقدمه القاضي أو عضو النيابة من مستندات وما يحويه ملف الدعوى الموضوعية من أوراق دون أن يكون للمخاصم بأن يبدي أسباباً جديدة أو أن يقدم أوراقاً أو مستندات غير التي أودعها مع التقرير.
7 - لئن كان حق الدفاع - بما في ذلك من المرافعة الشفوية - أمر كفله القانون لأطراف النزاع في الدعوى إلا أن ذلك لا يحول بين المحكمة وبين تنظيم هذا الحق على وجه يصونه ولا يكلف المحكمة من أمرها رهقاً وحسبها في ذلك أن تفسح للخصوم المدى المعقول لتمكينهم من الدفاع دون غلو أو إسراف في التأجيل أو تكرار الاستماع إليهم أو خروج عن موضوع الدعوى ومقتضيات الدفاع فيها، وقد نصت المادة 97 من قانون المرافعات على أن تجرى المرافعة في أول جلسة.
8 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ما دام كان هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة رقم 307 سنة 36 ق استئناف الإسكندرية على المطعون ضدهما، وقال بياناً لها أنه سبق أن قام الدعوى رقم 3531/ 1975 مدني كلي الإسكندرية على ممثل الجمعية التعاونية لضباط الجيش وآخرين بسبب اعتداء الأول على أرضه وركن فيها إلى تحقيقات الشكويين رقمي 35، 132 سنة 1975 إداري العامرية، كما أقام الدعوى رقم 2752 لسنة 1976 مدني كلي الإسكندرية بطلب استرداد حيازة مساحة من أرضه اغتصبتها المدعى عليها فيها والتي لم تختصم في الطعن وإذ دفعتها المذكورة بشهادة إدارية تنازلت عنها عندما تأهب للطعن عليها بالتزوير إلا أنه تمسك بالتحفظ عليها وأبلغ المطعون ضده الأول بشأنها، إلا أن الشكوى حفظت إدارياً وأنه نظراً لما شاب عمل النيابة العامة من تصرفات، وما لحق بعمل المطعون ضده الثاني من عيوب أثناء نظره للدعوى الموضوعية - على النحو الذي فصله بتقرير المخاصمة فإنه يتوفر في حقهما حالتا الغش والخطأ المهني الجسيم، ومن ثم فقد أقام الدعوى. وفي 7/ 3/ 1981 حكمت المحكمة استئناف الإسكندرية بعدم جواز المخاصمة وبتغريم الطاعن مائتي جنيه وإلزامه، بأن يدفع للمطعون ضده الثاني مبلغ خمسمائة جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على اثني عشرة سبباً، ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن السيد المستشار عضو اليسار في الهيئة التي نظرت دعوى المخاصمة قد انضم إليها لأول مرة بجلسة 7/ 1/ 1981 وهي آخر جلسة نظرت فيها الدعاوى ولم يكن قد سمع المرافعة من قبل فلم تتهيأ له فرصة الإحاطة بموضوع الدعوى، وإذ اشترك في إصدار الحكم فإنه يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الشارع في نص المادة 167 من قانون المرافعات لم يستلزم - لصحة الأحكام - أن يكون القضاة الذين سمعوا المرافعة وحجزوا الدعوى للحكم قد سبق لهم نظرها في جلسات سابقة إذ يتحقق بحضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة مقصود الشارع بسماع المرافعة، يستوي في ذلك أن يكون الخصوم قد أبدوا دفاعاً فيها أو سكتوا عن ذلك أو أحالوا إلى دفاع سابق، لما كان ذلك وكان السيد عضو اليسار قد حضر بجلسة 7/ 1/ 1981 وهي جلسة المرافعة التي حجزت فيها الدعوى للحكم، وكانت الهيئة التي حضرت هذه الجلسة هي التي اشتركت في المداولة فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول - إنه اختصم المطعون ضده الأول - النائب العام - بصفته - باعتباره المسئول عن الدعوى الجنائية يباشرها بنفسه أو بأحد أعضاء النيابة العامة التابعين له، إلا أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم قبول دعوى المخاصمة ضده على سند من أقوال بأنها دعوى شخصية لا يسأل فيها النائب العام عن أخطاء تابعيه ورفض أن يأخذ بطلب الطاعن - في مذكرة دفاعه باختصام النائب العام بشخصه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن دعوى المخاصمة تستند في أساسها القانوني إلى المسئولية الشخصية للقاضي أو عضو النيابة فيما يتعلق بأعمال وظيفتهما ومؤدى ذلك ولازمه أنه لا يجوز مساءلة النائب العام عن أعمال لم تصدر منه شخصياً، ذلك أنه ولئن كان النائب العام هو الجهة الرئيسية للنيابة العامة، إلا أن تبعية أعضاء النيابة له لا تعدو أن تكون تبعية وظيفية ولا تدخل في نطاق التبعية التضمينية التي يسأل فيها المتبوع عن أعمال تابعه، إذ لا تقوم هذه التبعية إلا في جانب الدولة يمثلها وزير العدل باعتباره الرئيس الإداري المسئول عن أعمال الوزارة وعن إدارتها، لما كان ذلك وكانت صفات المخاصمين تتحدد بتقرير المخاصمة - دون غيره - وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم قبول دعوى مخاصمة المطعون ضده الأول بصفته لعدم مسئوليته عن عمل عضو النيابة الذي عاب الطاعن عليه تصرفه والتزم في ذلك بالصفة التي أوردها الطاعن في تقرير المخاصمة فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيانه يقول أنه إزاء تخلف المطعون ضدهما عن المثول بشخصيهما أمام هيئة المخاصمة، فقد دفع ببطلان الإجراءات، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع وهو ما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الشارع إذ نص في المادة 496 من قانون المرافعات على أن "تحكم المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع الطالب أو وكيله والقاضي أو عضو النيابة المخاصم حسب الأحوال..." لم يستلزم أن يحضر العضو المخاصم بنفسه أمام الهيئة التي تنظر دعوى المخاصمة، وإنما رد الأمر إلى القواعد العامة، التي تجيز للمدعى عليه أن يحضر هو بنفسه أو بوكيل عنه أو يودع مذكرة بدفاعه ورتب على هذا الإجراء الأخير ما رتبه على الحضور من أثر إذ جعل الخصومة حضورية في حقه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإن النعي عليه ببطلان الإجراءات يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون بالأسباب من السابع إلى الأخير مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول، أنه أورد في تقرير المخاصمة أسباباً يتوفر بها الغش والخطأ الجسيم في جانب المطعون ضدهما إلا أن المحكمة أغفلت التحدث عما شاب عمل النيابة من أخطاء جوهرية - حين التحقيق - بما يخالف القانون واقتصر الحكم المطعون فيه على التحدث عن السلطة التقديرية للنيابة العامة في تناولها لإجراءات التحقيق، وأنه بالنسبة للمطعون ضده الثاني فإن الحكم المطعون فيه تردى فيما تردت فيه الأحكام الصادرة في الموضوع من خطأ جسيم في تحصيل فهم الواقع وعدم إثبات دلالة المستندات المقدمة في الدعوى وما تضمنته من بيانات - رغم أن مضمون المستندات التي قدمها تؤيد حقه في الدعوى الموضوعية رقم 3531/ 1975 وتدعم حيازته المادية في الدعوى رقم 2752 لسنة 1976 وبدلاً من أن ينتهي الحكم المطعون فيه إلى قبول دعوى المخاصم لتوفر حالتي الغش والخطأ الجسيم ذهب إلى مظاهرة أعمال النيابة العامة وتأييده للأحكام التي أصدرها المطعون ضده الثاني والموافقة على رفضه تسليم الشهادة المدعى بتزويرها إلى النيابة العامة، بل ونعى على الطاعن عدم إيراده - بتقرير المخاصمة - للأسئلة التي رفضت النيابة توجيهها، وإذ كانت أسباب المخاصمة تتوافر بها حالتا الغش والخطأ الجسيم في حق المطعون ضدهما وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن النعي بكافة أسبابه غير سديد ذلك أن الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة 494 من قانون المرافعات، وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له، وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه - فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره، وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية تقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف في القصد لما كان ذلك وكان الشارع قد عد من أسباب المخاصمة الغش والتدليس والخطأ المهني الجسيم وكان المقصود بالغش والتدليس هو انحراف القاضي في عمله عما يقتضيه واجب القانون قاصداً هذا الانحراف، إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للقاضي، والخطأ المهني الجسيم هو وقوع القاضي في خطأ فاضح أو إهمال مفرط، ما كان له أن يتردى فيهما لو اهتم بواجبات وظيفته ولو بقدر يسير بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتي بحسن نية، يستوي في ذلك أن يتعلق الخطأ بالمبادئ القانونية أو بالوقائع المادية وكان المقرر أن تقدير جسامة الخطأ أو استظهار قصد الانحراف هما من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب على حكمها طالما كان بيانها في ذلك سائغاً ولازم ذلك أن تبحث المحكمة في مدى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى لتقضي بقبولها أو عدم قبولها وهو أمر لا يتأتى إلا باستعراض أدلة المخاصمة لتتبين مدى ارتباطها بأسبابها، وكان الفصل في هذه المرحلة من مرحل الدعوى يكون على أساس ما يرد بتقرير المخاصمة والأوراق المودعة معه وما يقدمه القاضي أو عضو النيابة من مستندات وما يحويه ملف الدعوى الموضوعية من أوراق دون أن يكون للمخاصم أن يبدي أسباباً جديدة أو أن يقدم أوراقاً أو مستندات غير التي أودعها مع التقرير، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد استعرضت في قضائها أوجه المخاصمة وأدلتها وانتهت سائغاً وفي حدود سلطتها التقديرية إلى أن أوجه المخاصمة غير مجدية ولا تنهض دليلاً على توافر إحدى حالات المخاصمة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون لا يكون على أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثالث البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة التي نظرت دعوى المخاصمة لم تسمح له بالمرافعة في الجلسة الأخيرة لنظرها ولو أنها فعلت لاستبان لها أن البلاغ الذي وجهه للنائب العام شخصياً ورد بالشكوى رقم 2854/ 1981 إداري المنشية متضمناً تفاصيل الخطوات التي شابت عمل النيابة العامة، فضلاً عن أن المحكمة رفضت طلب الطاعن إثبات الرد على واقعة وجهها إليه المطعون ضده الثاني ورفضت مراجعة مستندين هامين في الدعوى الموضوعية رقم 2752 سنة 1976 وهو ما يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن النعي بسببيه مردود ذلك أنه ولئن كان حق الدفاع - بما في ذلك المرافعة الشفوية - أمر كفله القانون لأطراف النزاع في الدعوى إلا أن ذلك لا يحول بين المحكمة وبين تنظيم هذا الحق على وجه يصونه ولا يكلف المحكمة من أمرها رهقاً، وحسبها في ذلك أن تفسح للخصوم المدى المعقول لتمكينهم من الدفاع دون غلو أو إسراف في التأجيل أو تكرار الاستماع إليهم أو خروج عن موضوع الدعوى ومقتضيات الدفاع فيها، لما كان ذلك وكان الشارع قد نص في المادة 97 من قانون المرافعات على أن تجرى المرافعة في أول جلسة وكانت محكمة الموضوع قد أفسحت للطاعن منذ فجر الخصومة المدى المعقول لتمكينه من إبداء دفاعه حتى انتهاء أجل المرافعة، وذلك على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وكان لا إلزام على محكمة الموضوع بإيراد نصوص المستندات المقدمة من الخصوم أو تفصيل بياناتها بمدونات حكمها فإن النعي على الحكم لذلك بالبطلان على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضده الثاني قد بنى طلب التعويض على أن ضرراً أدبياً لحق به يتمثل فيما وجهه إليه الطاعن بتقرير المخاصمة من عبارات جارحة ووقائع تجافي الحقيقة في حين أن ما ورد بالتقرير لا يعد سباً أو قذفاً أو تشهيراً بالمطعون ضده الثاني وإذ أجابه الحكم المطعون فيه إلى طلبه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ما دام كان هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على ما استخلصه من تقرير المخاصمة من أن الطاعن قد أخطأ بتوجيه اتهام باطل إلى المطعون ضده الثاني صيغ في ألفاظ وعبارات جارحة مما يخدش الكرامة وإن ذلك قد أصابه بأضرار أدبية، وكان هذا الذي استخلصه سائغاً ومستمداً من أوراق الدعوى فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

مرسوم بقانون اتحادي رقم (12) لسنة 2022 بإنشاء وتنظيم مكتب الحضارة وتعزيز القيم الإنسانية

نحن محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة،

- بعد الاطلاع على الدستور،
- وعلى القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1972 بشأن اختصاصات الوزارات وصلاحيات الوزراء، وتعديلاته،
- وعلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (4) لسنة 2004 في شأن إنشاء وتنظيم ديوان الرئاسة، وتعديلاته،
- وبناءً على ما عرضه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وموافقة مجلس الوزراء،

أصدرنا المرسوم بقانون الآتي:

المادة (1) التعاريف
في تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون، يكون للكلمات والعبارات التالية المعاني الموضحة قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص غير ذلك:
الدولة: دولة الإمارات العربية المتحدة.
مجلس الوزراء: مجلس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة.
الديوان: ديوان الرئاسة.
الوزير: وزير ديوان الرئاسة.
المكتب: مكتب الحضارة وتعزيز القيم الإنسانية.
القطاع/قطاع الحضارة والقيم الإنسانية: الأنشطة، والأعمال، والفعاليات، والخدمات التي من شأنها التأثير والارتقاء بالجوانب الروحية والقيام الإنسانية، وفقًا لأحكام هذا المرسوم بقانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له، وبما يشمل كافة الثقافات والأديان والمعتقدات المتواجدة في الدولة.
الجهات المعنية: الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية المعنية بقطاع الحضارة والقيم الإنسانية.
رئيس المكتب: رئيس مكتب الحضارة وتعزيز القيم الإنسانية.
الأمين العام: أمين عام مكتب الحضارة وتعزيز القيم الإنسانية.

المادة (2) إنشاء المكتب


يُنشأ بالديوان، بموجب أحكام هذا المرسوم بقانون مكتب يُسمى "مكتب الحضارة وتعزيز القيم الإنسانية"، يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري والأهلية القانونية للتصرف، ويتبع الوزير.

المادة (3) مقر المكتب
يكون مقر المكتب الرئيسي في مدينة أبوظبي، ويجوز بقرار من الوزير بناءً على توصية رئيس المكتب إنشاء فروع أو مكاتب أخرى له داخل الدولة.

المادة (4) أهداف المكتب
يسعى المكتب إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1. تطوير التوجهات الاستراتيجية الخاصة بترسيخ مبادئ التسامح والتعايش في قطاع الحضارة والقيم الإنسانية على مستوى الدولة.
2. المساهمة في بناء نموذج حضاري قادر على الاستجابة للتحديات المستجدة، ومواكبة روح العصر.
3. تعزيز القيم والتواصل الحضاري، وإعلاء روح التسامح والتعايش.
4. المساهمة في تقديم رؤية فكرية حضارية مبنية على المنهج العلمي والمعرفي والقيمي، وتراعي الثوابت الوطنية.

المادة (5) تلقي الدعم من المكتب وتشكيل اللجان
1. يُصدر الوزير بناءً على توصية رئيس المكتب، قرارًا بالشروط والمتطلبات الواجب توافرها في الجهات الأهلية والخاصة العاملة في القطاع التي تتلقى الدعم من المكتب.
2. يجوز للمكتب تقديم الدعم للجهات المعنية وفقًا للشروط والمتطلبات التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير، ويُبين القرار الصلاحيات الممنوحة للمكتب في سبيل التحقق من التصرف في الدعم على النحو الذي يتفق مع أهداف المكتب وسياسات الدولة وخططها الاستراتيجية.
3. للوزير تشكيل لجان استشارية وتنسيقية في القطاع، وتحديد اختصاصاتها، وذلك بناءً على توصية من رئيس المكتب، ويجوز أن تضم هذه اللجان ممثلين عن الجهات المعنية بناءً على ترشيح الجهات التي يعملون بها.

المادة (6) اختصاصات المكتب
في سبيل تحقيق المكتب لأهدافه، يُباشر المكتب بالتنسيق مع الجهات المعنية، الاختصاصات الآتية:
1. اقتراح وتطوير الأطر العامة والسياسات والاستراتيجيات والتشريعات والخطط المتعلقة بتنظيم القطاع، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها، ورفعها إلى مجلس الوزراء لاعتمادها بعد موافقة الوزير.
2. متابعة مدى التزام الجهات المعنية بتنفيذ الأطر العامة والسياسات والاستراتيجيات والتشريعات المتعلقة بالقطاع، ورفع التقارير بشأنها إلى مجلس الوزراء بعد موافقة الوزير.
3. متابعة أداء الجهات الأهلية والخاصة العاملة في القطاع والتي تتلقى الدعم من الدولة أو من أي إمارة من إمارات الدولة بحسب الأحوال وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، واقتراح الخطط والبرامج التي تسهم في تطوير أدائها وتعزيز كفاءتها، وتقديم المقترحات ومشروعات القرارات اللازمة لتحديد الشروط والضوابط أو المعايير اللازم توافرها في تلك الجهات والنهوض بها، ورفعها للوزير.
4. بحث ومراجعة واقع المساعدات الخارجية في المجالات المعني بها القطاع، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها للجهات المختصة والجهات المعنية بعد موافقة الوزير.
5. اقتراح وتطوير الأطر العامة والسياسات والخطط الرامية لإنتاج خطاب فكري وحضاري معاصر مبني على العلوم والمعرفة والعقل والحكمة، وتعزيز دور العلوم بمجالاتها المتعددة في إثراء الفكر الإنساني والوصول إلى رؤى علمية ودينية منسجمة، ومتابعة تنفيذها.
6. التنسيق مع الجهات المعنية لضمان توافق الأطر العامة والسياسات والتشريعات والخطط المتعلقة بالاستثمارات المالية الدينية والوقف والمساعدات الخيرية والإنسانية، مع سياسات واستراتيجيات وتشريعات القطاع، ومتابعة تنفيذها وفقًا للقرارات التي تصدر عن الوزير في هذا الشأن.
7. اقتراح وتطوير المبادرات والتوصيات التي تساهم في الارتقاء بالقطاع.
8. اقتراح وتطوير خطط لبناء قيادات كفؤة ومؤهلة في المجالات المعني بها القطاع، وصولاً إلى قيادات تمتاز بالثراء الفكري، والعمق المعرفي، والانفتاح الواعي على آفاق الحضارة الإنسانية، ومتابعة تنفيذها.
9. اقتراح وتطوير خطط لإعداد وتأهيل طلبة العلم في المجالات المعني بها القطاع، وصولاً إلى خلق جيل متميز في الجانبين المعرفي والتطبيقي، ومتابعة المسار العلمي لهؤلاء الطلبة.
10. تقديم الرأي في المجالات المعني بها القطاع.
11. بناء قاعدة بيانات شاملة ومتكاملة للقطاع، ومتابعة تحديثها دوريًّا، وتحديد الآلية المناسبة لتزويد المكتب بهذه البيانات من قبل الجهات المعنية، وغيرها من الجهات.
12. إجراء الدراسات والبحوث التخصصية في المجالات ذات الصلة بالقطاع، بما في ذلك رصد وتحليل الظواهر والمخاطر والتوجهات الإقليمية والدولية.
13. إقامة وتعزيز علاقات التعاون والتنسيق وبناء الشراكات مع الجهات المعنية، وغيرها من الجهات داخل الدولة وخارجها.
14. رفع التقارير الدورية فيما يتعلق باختصاصات المكتب لمجلس الوزراء بعد موافقة الوزير.
15. أية اختصاصات أخرى تُناط بالمكتب بموجب التشريعات أو قرارات مجلس الوزراء أو الوزير.

المادة (7) رئيس المكتب
يكون للمكتب رئيس، بدرجة وزير، يصدر بتعيينه مرسوم اتحادي، بناء على ترشيح الوزير، ويكون مسؤولاً عن المكتب أمام الوزير، ويتولى رئيس المكتب الإشراف على أعمال المكتب، ويباشر على وجه الخصوص، الصلاحيات الآتية:
1. الموافقة على سياسات وخطط واستراتيجيات المكتب، ورفعها للوزير للاعتماد، والإشراف على تنفيذها بعد اعتمادها.
2. الموافقة على الهيكل التنظيمي للمكتب، ورفعه للوزير للاعتماد.
3. الموافقة على مشروع الميزانية السنوية والحساب الختامي للمكتب، ورفعهما إلى الوزير للاعتماد.
4. فتح وإدارة الحسابات المصرفية بالنيابة عن المكتب وفقًا للتشريعات النافذة فيه.
5. اعتماد التقارير الدورية حول أداء وإنجازات واحتياجات المكتب، وعرضها على الوزير.
6. أي اختصاصات أو مهام أخرى يُكلف بها من الوزير.
لرئيس المكتب أن يُفوض بعض اختصاصاته للأمين العام، أو لأي من كبار موظفي المكتب.

المادة (8) الأمين العام


يكون للمكتب أمين عام، يصدر بتعيينه وتحديد درجته مرسوم اتحادي، بناء على ترشيح من رئيس المكتب وتوصية الوزير.
ويكون الأمين العام مسؤولاً أمام رئيس المكتب عن حسن سير العمل بالمكتب، وله بصفة خاصة مباشرة الصلاحيات الآتية:
1. إدارة شؤون المكتب المالية والإدارية، وإصدار القرارات اللازمة لحسن سير العمل به وفقًا للتشريعات النافذة في المكتب.
2. اقتراح سياسات وخطط واستراتيجيات المكتب، ورفعها لرئيس المكتب للموافقة، وتنفيذها بعد اعتمادها.
3. إعداد الهيكل التنظيمي للمكتب، وعرضه على رئيس المكتب للموافقة.
4. تعيين الموظفين والخبراء والمستشارين وإنهاء خدماتهم وفق لوائح ونظم الموارد البشرية المعمول بها في المكتب.
5. اقتراح مشروع الميزانية السنوية والحساب الختامي للمكتب، وعرضهما على رئيس المكتب للموافقة.
6. تمثيل المكتب أمام القضاء وفي علاقته مع الغير.
7. إبرام العقود والاتفاقيات التي يكون المكتب طرفًا فيها وفق الأنظمة المعمول بها في المكتب.
8. إعداد التقارير الدورية حول أداء وإنجازات واحتياجات المكتب، وعرضها على رئيس المكتب.
9. أي مهام أخرى يُكلف بها من رئيس المكتب.
وللأمين العام تفويض بعض اختصاصاته إلى أي من كبار موظفي المكتب.

المادة (9) ميزانية المكتب


تُخصص للمكتب من ميزانية الديوان الاعتمادات المالية اللازمة لمباشرة اختصاصاته، ويتم الصرف منها وفق التشريعات النافذة في المكتب، ووفق القرارات الصادرة عن الوزير.

المادة (10) السنة المالية


تبدأ السنة المالية للمكتب في اليوم الأول من يناير وتنتهي في اليوم الحادي والثلاثين من ديسمبر من كل عام، وتبدأ السنة المالية الأولى من تاريخ العمل بهذا المرسوم بقانون، وتنتهي في اليوم الحادي والثلاثين من ديسمبر من العام التالي.


المادة (11) الرقابة المالية


يُصدر الوزير بناءً على عرض رئيس المكتب القرارات المتعلقة بالرقابة المالية على أعمال المكتب وتعيين مدقق لحساباته، وتحديد أتعابه.

المادة (12) التعاون مع المكتب


على الجهات المعنية والجهات والمؤسسات والهيئات الأهلية والخاصة العاملة في القطاع التعاون مع المكتب، والعمل معه بشكل وثيق، والتنسيق معه لضمان تحقيقه للأهداف والاختصاصات المناطة به، وبما في ذلك الآتي:
1. عرض مشروعات السياسات والاستراتيجيات والتشريعات والخطط، المتعلقة بالقطاع، قبل رفعها للاعتماد وفق التشريعات النافذة.
2. التنسيق مع المكتب بشأن تمثيل الدولة في الفعاليات الدينية، أو تنظيمها، أو المشاركة فيها.
3. تزويد المكتب بما يطلبه من إحصائيات وبيانات ودراسات ووثائق متعلقة بالقطاع.

المادة (13) تقديم الديوان الدعم اللوجيستي للمكتب


يتولى الديوان تقديم الدعم اللوجستي والخدمات المساندة للمكتب، ويشمل ذلك الخدمات المتعلقة بشؤون الموارد البشرية والمالية والمشتريات والأنظمة الإلكترونية وغيرها. ويجوز بقرار من الوزير بناء على توصية من رئيس المكتب أن يستقل المكتب بتوفير هذه الأعمال والخدمات.

المادة (14) التشريعات المطبقة على المكتب والعاملين به


1. يصدر الوزير بناء على توصية من رئيس المكتب، كافة اللوائح والنظم المالية والإدارية ولوائح ونظم الموارد البشرية اللازمة لعمل المكتب. وفيما لم يرد بشأنه نص خاص في تلك النظم واللوائح تُطبق اللوائح والنظم المعمول بها في الديوان.
2. يسري على موظفي المكتب من المواطنين قانون معاشات ومكافآت التقاعد المعمول به في إمارة أبوظبي.
3. يُنقل إلى المكتب موظفو الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية الذين يصدر بهم قرار من الوزير ويتم تحديدهم بالتنسيق مع جهات عملهم، وذلك دون المساس برواتبهم ومخصصاتهم المالية.

الأحكام الختامية: المادة (15) القرارات التنفيذية


1. مع مراعاة الصلاحيات المناطة بمجلس الوزراء، ورئيس المكتب، يصدر الوزير بناء على توصية من رئيس المكتب كافة القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا المرسوم بقانون.
2. للوزير تفويض بعض صلاحياته المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون لرئيس المكتب.

المادة (16) تفسير أحكام المرسوم بقانون


يتولى المكتب تفسير أحكام هذا المرسوم بقانون.

المادة (17) إلغاء الأحكام المخالفة للمرسوم بقانون


يُلغى كل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكام هذا المرسوم بقانون.

المادة (18) النشر والنفاذ


يُنشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من تاريخ صدوره.

الطعن 3241 لسنة 55 ق جلسة 2 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 67 ص 326

جلسة 2 من مارس سنة 1986

برياسة السيد المستشار: جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح خاطر ومحمد عباس مهران ومسعود السعداوي ومحمود عبد العال.

--------------

(67)
الطعن رقم 3241 لسنة 55 القضائية

(1) جريمة "أركانها". دعوى جنائية "تحريكها" بطلان. نظام عام. نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". نيابة عامة "القيود التي ترد على حقها في تحريك الدعوى الجنائية".
إقامة الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها قانوناً على خلاف ما تقضي به المادة 63 إجراءات. أثره؟
(2) دعوى جنائية "قيود تحريكها". هيئة قناة السويس. موظفون عموميون.
إدارة هيئة قناة السويس مرفق عام. تمتعها بالشخصية الاعتبارية العامة وبعض من اختصاص السلطة العامة يسبغ على موظفيها حكم الموظفين العموميين. أثر ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أن الدعوى الجنائية إذا كانت أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضي به المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يجوز لها أن تتعرض لموضوعها، فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر، ولا تملك المحكمة الاستئنافية عنه رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى باعتبار أن باب المحكمة موصود دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة - وبهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت هيئة قناة السويس تقوم على إدارة مرفق المرور بالقناة وهو مرفق عام قومي من مرافق الدولة، وتتمتع هذه الهيئة بالشخصية المعنوية العامة وسلطة إدارية هي قسط من اختصاصات السلطة العامة، ومن ثم فإن موظفيها يعتبرون في حكم الموظفين العموميين وتنعطف عليهم الحماية الخاصة التي تقررها الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 107 لسنة 1962 بشأن رفع الدعوى الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحدث عمداً.... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي تقرر لها مدة علاج تزيد على العشرين يوماً وكان ذلك باستعمال أداة (مطواة) وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات، وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح..... قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر عن الاتهام المسند إليه وكفالة خمسون جنيهاً لوقف التنفيذ وألزمته المصاريف وفي الدعوى المدنية بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة ومصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة...... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعن المصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب البسيط باستعمال آلة، شابه عيب في الإجراءات أثر فيه، ذلك بأن الطاعن - وهو من العاملين بهيئة قناة السويس - موظف عام ووقعت الجريمة التي دين من أجلها بسبب تأدية وظيفته، ورفعت الدعوى الجنائية قبله بغير الطريق الذي رسمه القانون خلافاً لما تقضي به المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية. وحيث إنه من المقرر أن الدعوى الجنائية إذا كانت أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضي به المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يجوز لها أن تتعرض لموضوعها، فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر، ولا تملك المحكمة الاستئنافية عنه رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى باعتبار أن باب المحكمة موصود دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة - وبهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكانت هيئة قناة السويس تقوم على إدارة مرفق المرور بالقناة وهو مرفق عام قومي من مرافق الدولة، وتتمتع هذه الهيئة بالشخصية المعنوية وسلطة إدارة هي قسط من اختصاصات السلطة العامة، ومن ثم فإن موظفيها يعتبرون في حكم الموظفين العموميين وتنعطف عليهم الحماية الخاصة التي تقررها الفقرة الأخيرة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 107 لسنة 1962 بشأن رفع الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق المضمومة أنه لم يصدر إذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية ضد الطاعن - وهو من العاملين بهيئة قناة السويس وقد وقعت الجريمة التي دين من أجلها بسبب تأدية وظيفته، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً واجب النقض والقضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية.

مرسوم بقانون اتحادي رقم (44) لسنة 2022 بإنشاء المركز الوطني لجودة التعليم

نحن محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة،
- بعد الاطلاع على الدستور،
- وعلى القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1972 بشأن اختصاصات الوزارات وصلاحيات الوزراء، وتعديلاته،
- وعلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (11) لسنة 2008 في شأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية، وتعديلاته،
- وعلى القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2011 بإعادة تنظيم ديوان المحاسبة،
- وعلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (15) لسنة 2016 بإنشاء مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي،
- وعلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (26) لسنة 2019 في شأن المالية العامة،
- وعلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (43) لسنة 2022 بإنشاء الوكالة الاتحادية للتعليم المبكر،
- وبناءً على ما عرضه وزير الدولة لشؤون الشباب، وموافقة مجلس الوزراء،
أصدرنا المرسوم بقانون الآتي:

المادة (1) التعريفات
في تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون، يُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعاني الموضحة قرين كل منها، ما لم يقضِ سياق النص بغير ذلك:
الدولة: الإمارات العربية المتحدة.
الوزارة: وزارة التربية والتعليم.
المركز: المركز الوطني لجودة التعليم.
الرئيس: رئيس المركز.
المدير العام: مدير عام المركز.
الجهات التعليمية: الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية المعنية بشؤون التعليم، كل في حدود اختصاصها.
الجهات المعنية: الجهات المختصة بتنفيذ أحكام هذا المرسوم بقانون.

المادة (2) إنشاء المركز
يُنشأ بموجب أحكام هذا المرسوم بقانون مركز يُسمى "المركز الوطني لجودة التعليم"، يتبع مجلس الوزراء، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، والأهلية القانونية اللازمة لمباشرة جميع الأعمال والتصرفات القانونية التي تكفل تنفيذ اختصاصاته.

المادة (3) المقر
يكون المقر الرئيسي للمركز في عاصمة الاتحاد، ويجوز بقرار من الرئيس إنشاء فروع أو مكاتب له داخل الدولة.

المادة (4) أهداف المركز
يهدف المركز إلى تعزيز جودة مخرجات التعليم في الدولة في كافة مراحله وتحقيق تكامل المنظومة التعليمية، من خلال ما يأتي:-
1. قياس وتقييم وتحسين جودة وتنافسية مخرجات التعليم وكفاءة العملية التعليمية وبما يتوائم مع رؤية التعليم ومستهدفاته.
2. ضمان حوكمة التقييم المؤسسي في قطاع التعليم في الدولة.
3. تحقيق الشفافية والتشاركية في نشر نتائج تقييم جودة التعليم بما يدعم عملية اتخاذ القرار.

المادة (5) اختصاصات المركز
يتولى المركز في سبيل تحقيق أهدافه، ممارسة الاختصاصات الآتية:-
1. اقتراح وإعداد السياسات والاستراتيجيات والتشريعات والأنظمة الهادفة لتقييم وتحسين جودة التعليم في الدولة، بالتنسيق مع الوزارة والجهات التعليمية والمعنية، والعمل على تنفيذها بعد اعتمادها من مجلس الوزراء.
2. وضع مستهدفات ومخرجات جودة التعليم في كافة مراحل التعليم المبكر والعام والعالي الحكومي والخاص بما في ذلك التعليم المهني والفني والتقني وبمختلف أنماط وأساليب التعلم، وذلك بالتنسيق مع الوزارة والجهات التعليمية، ورفعها إلى مجلس الوزراء لاعتمادها، والإشراف على تنفيذ المعتمد منها.
3. إعداد الإطار الوطني لتقييم جودة التعليم في كافة مراحل التعليم المبكر والعام الحكومي والخاص بما في ذلك التعليم المهني والفني والتقني، يتضمن تحديدًا للمعايير والضوابط والأنظمة والأدوات الخاصة بالتقييم والرقابة وقياس جودة مخرجات التعليم وأداء الطلبة وكفاءة العملية التعليمية ومدى موائمتها مع رؤية ومستهدفات التعليم، وذلك بالتنسيق مع الوزارة والجهات التعليمية والمعنية، ورفعه إلى مجلس الوزراء للاعتماد.
4. تنفيذ برامج وعمليات التقييم والرقابة على مؤسسات التعليم المبكر والعام الحكومي والخاص ومؤسسات التعليم والتدريب المهني والفني والتقني، وذلك وفقًا للإطار الوطني المعتمد، وإعداد تقارير بالنتائج، واقتراح ما يلزم من توصيات لتطوير سياسات وتشريعات وبرامج وأنظمة التعليم بكافة مراحله.
5. المساهمة في إعداد الإطار العام والسياسات والمعايير المتعلقة بالمنهاج التعليمي الوطني واقتراح التعديلات اللازمة لتحديثه، وذلك بالتنسيق مع الوزارة وتقييم أثر تطبيق منظومة المناهج التعليمية على مستهدفات ومخرجات جودة التعليم ورفع التوصيات والسياسات التطويرية المتعلقة بها إلى الوزارة.
6. اختيار واعتماد الاختبارات الدولية المتوائمة مع مستهدفات ومخرجات جودة التعليم، والعمل على اقتراح والحصول على الاعترافات الدولية ذات الصلة بجودة التعليم.
7. إعداد اختبارات معيارية لقياس جودة التعليم في مختلف المراحل الدراسية، والإشراف على تنفيذها بالتنسيق مع الوزارة والجهات التعليمية.
8. مراجعة وتقييم منظومة الاختبارات بكافة أنواعها ومدى موائمتها لمستهدفات ومخرجات جودة التعليم ووضع الأطر والضوابط لكافة أنواع الاختبارات، واقتراح التوصيات والسياسات التطويرية المتعلقة بها.
9. تقييم أثر تطبيق المنظومة الوطنية للمؤهلات على مستهدفات ومخرجات جودة التعليم، ورفع التوصيات والسياسات التطويرية المتعلقة بها إلى الوزارة.
10. تقييم أثر تطبيق منظومة الترخيص المهني للكوادر التعليمية وبرامج التنمية المهنية على مستهدفات ومخرجات جودة التعليم، ورفع التوصيات والسياسات التطويرية المتعلقة بها إلى الوزارة.
11. قياس وتقييم تجربة الطالب وولي الأمر واستطلاع آراء المجتمع والمعنيين حول جودة مخرجات التعليم في الدولة، وذلك بالتنسيق مع الجهات التعليمية والمعنية، وإعداد تقارير بالنتائج إلى مجلس الوزراء، واقتراح ما يلزم من توصيات وسياسات تطويرية لتحسين تجربة الطالب وولي الأمر وتعزيز ثقة المجتمع بجودة التعليم الذي يتم تقديمه.
12. وضع الإطار والضوابط لرصد وجمع وإتاحة واستخدام ونشر بيانات جودة التعليم على مستوى الدولة، وذلك بالتنسيق مع الجهات التعليمية والمعنية، والعمل على تحليل البيانات ورفع تقارير بشأن جودة التعليم في الدولة بشكل دوري إلى مجلس الوزراء.
13. عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل المتعلقة بمجال عمل المركز، بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة.
14. إجراء الدراسات والبحوث التخصصية في المجالات ذات الصلة باختصاصات المركز، بما في ذلك رصد وتحليل الظواهر والمخاطر والتوجهات الإقليمية والدولية.
15. اقتراح الانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية أو التوقيع عليها، واقتراح مذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكة مع الدول والمنظمات والهيئات الخليجية والإقليمية والدولية المتعلقة باختصاصات المركز أو الانضمام إليها، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي والجهات المعنية.
16. تمثيل الدولة في المنظمات والمعارض والمؤتمرات الإقليمية والدولية في المجالات التي يختص بها المركز، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي والجهات المعنية.
17. أي اختصاصات أخرى تخول إليه بمقتضى القوانين أو اللوائح والقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء.

المادة (6) رئيس المركز
يكون للمركز رئيس يصدر بتعيينه وتحديد درجته مرسوم اتحادي، ويُعد السلطة العليا في المركز، وله في سبيل ذلك ممارسة الاختصاصات والصلاحيات الآتية:-
1. اقتراح السياسات والاستراتيجيات والتشريعات المتعلقة بالاختصاصات المناطة بالمركز وبالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة، ورفعها لمجلس الوزراء للاعتماد.
2. اعتماد السياسة العامة للمركز، والخطة الاستراتيجية والبرامج والمشاريع اللازمة وفقًا للإجراءات المتبعة في هذا الشأن.
3. اعتماد الأنظمة واللوائح وخطط العمل اللازمة لحسن سير العمل في المركز.
4. إقرار الهيكل التنظيمي للمركز، ورفعه إلى مجلس الوزراء لاعتماده.
5. إقرار مشروعي الميزانية السنوية للمركز وحسابه الختامي، ورفعهما إلى وزارة المالية لتضمينهما ضمن قانوني الميزانية والحساب الختامي الموحد.
6. اقتراح التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بأنشطة واختصاصات المركز أو الانضمام إليها، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي وغيرها من الجهات المعنية.
7. تعيين مدقق حسابات خارجي أو أكثر، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وتحديد أتعابه.
8. تشكيل اللجان وفرق العمل الدائمة أو المؤقتة لتمكين المركز من القيام باختصاصاته، وتحديد مهام تلك اللجان وفرق العمل ونظام عملها.
9. قبول الهبات والإعانات والمنح بما يتفق مع اختصاصات المركز، ووفقًا للتشريعات النافذة في هذا الشأن.
10. أي اختصاصات أو صلاحيات أخرى تُخول له بمقتضى القوانين أو اللوائح أو قرارات مجلس الوزراء.
وللرئيس تفويض بعض اختصاصاته أو صلاحياته إلى من يراه مناسبًا من كبار موظفي المركز، على أن يكون التفويض خطيًّا ومحددًا.

المادة (7) مدير عام المركز
يكون للمركز مدير عام يصدر بتعيينه وتحديد درجته مرسوم اتحادي بناءً على توصية الرئيس، ويكون مسؤولاً أمام الرئيس عن تنفيذ سياسات واستراتيجيات وتشريعات وأنظمة المركز وحسن تسيير شؤونه الفنية والإدارية والمالية، وله بوجه خاص ما يأتي:-
1. اقتراح سياسات واستراتيجيات المركز وبرامجه، والإشراف على تنفيذها بعد اعتمادها.
2. اقتراح مشروعات القوانين والمراسيم واللوائح والقرارات المتعلقة بالوحدات التنظيمية التابعة له، وعرضها على الرئيس لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
3. اقتراح الأنظمة واللوائح وخطط العمل اللازمة لحسن سير العمل في المركز، وعرضها على الرئيس للاعتماد.
4. متابعة تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع والأنشطة التي يشرف عليها المركز أو يقوم بإدارتها أو تنفيذها.
5. الإشراف على إعداد مشروعي الميزانية السنوية والحساب الختامي للمركز، وعرضهما على الرئيس لإقرارهما، ومتابعة تنفيذ الميزانية ضمن الاعتمادات المقررة لها.
6. الإشراف على الوحدات التنظيمية التابعة له وتمكينها ومتابعة إنجازاتها ونتائج أدائها، واقتراح ما يلزم من أنظمة وإجراءات للإسهام في تحسين الأداء وتطويره.
7. اعتماد خطط وبرامج التأهيل والتدريب للجهاز الإداري في المركز.
8. تمثيل المركز في علاقته بالغير وأمام القضاء.
9. رفع التقارير الدورية المتعلقة بسير العمل في المركز والإنجازات والأداء المحقق وعرضها على الرئيس.
10. تعيين الموظفين والمستشارين وإنهاء خدماتهم وفق التشريعات السارية.
11. إبرام العقود والاتفاقيات اللازمة لتحقيق أهداف واختصاصات المركز وفق التشريعات السارية.
12. أي مهام واختصاصات وصلاحيات أخرى تُخول إليه بمقتضى القوانين أو اللوائح أو يُكلف بها من الرئيس.
للمدير العام تفويض بعض اختصاصاته أو صلاحياته إلى أيٍّ من يراه مناسبًا من كبار موظفي المركز، على أن يكون التفويض خطيًّا ومحددًا.

المادة (8) قاعدة بيانات جودة التعليم
1. على المركز إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية تُقيد فيها كافة بيانات جودة التعليم المتعلقة بالمؤسسات التعليمية والكوادر العاملة فيها والطلبة في كافة المراحل التعليمية في القطاعين الحكومي والخاص، وغيرها من البيانات المتعلقة باختصاصات المركز.
2. يُحدد بقرار يصدر عن مجلس الوزراء:-
أ‌. البيانات والمعلومات التي يجب أن تتضمنها قاعدة البيانات، وإجراءات قيدها وآليات الربط بينها وبين قواعد البيانات لدى كل من الوزارة والجهات التعليمية والمعنية.
ب‌. ضوابط إتاحة واستخدام ونشر البيانات والمعلومات المشار إليها في هذه المادة، وما يطرأ عليها من تعديلات.

المادة (9) الجهاز الإداري
يكون للمركز جهاز إداري يُعاون الرئيس والمدير العام في ممارسة الاختصاصات المنوطة بهما، ويتم تعيينهم وفقًا لتشريعات الموارد البشرية النافذة في الحكومة الاتحادية.

المادة (10) الموارد المالية
تتكون الموارد المالية للمركز من:-
1. الاعتمادات المالية السنوية المخصصة للمركز في الميزانية العامة للدولة.
2. الهبات والتبرعات والمنح والوصايا والوقف التي تقدم للمركز ويقبلها الرئيس.
3. أية موارد أخرى يحققها المركز من ممارسة اختصاصاته.

المادة (11) إدارة أموال المركز
تتم إدارة أموال المركز وتنظيم شؤونه المالية والمحاسبية وفقًا للتشريعات النافذة والأنظمة المعمول بها في الحكومة الاتحادية.

المادة (12) السنة المالية
تبدأ السنة المالية للمركز من أول يناير وتنتهي في الحادي والثلاثين من ديسمبر من كل سنة، على أن تبدأ السنة المالية الأولى للمركز من تاريخ العمل بأحكام هذا المرسوم بقانون وتنتهي في اليوم الحادي والثلاثين من ديسمبر من السنة التالية.

المادة (13) التدقيق على الحسابات
1. يخضع المركز لرقابة ديوان المحاسبة، وعليه موافاته بكافة ما يطلبه من بيانات أو معلومات تخص أعماله.
2. يجوز للمركز التعاقد مع أحد مدققي الحسابات المرخص لهم في الدولة، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، للتدقيق على حسابات المركز وفقًا للأصول المحاسبية المتعارف عليها.

المادة (14) أحكام عامة


1. يحل المركز محل الوزارة في كافة الحقوق والالتزامات والتشريعات المتعلقة بتقييم جودة التعليم، بما في ذلك الحقوق والالتزامات الواردة في أية عقود أو اتفاقيات أو مذكرات تفاهم أبرمتها الوزارة في شؤون معايير وتقييم جودة التعليم.
2. يُنقل بقرار من مجلس الوزراء إلى المركز موظفو الوحدات التنظيمية المعنية باختصاصات المركز لدى الوزارة، ممن يتقرر نقلهم بالتنسيق بين الوزارة والمركز، وذلك بذات درجاتهم ورواتبهم الإجمالية والمزايا المقررة لهم عند صدور هذا المرسوم بقانون.
3. يُنقل بقرار يصدر عن مجلس الوزراء إلى المركز، كافة الأصول والاعتمادات والمخصصات والميزانيات المالية المقررة لشؤون تقييم جودة التعليم لدى الوزارة.

المادة (15) القرارات التنفيذية


لمجلس الوزراء إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا المرسوم بقانون، وله في ذلك تكليف الوزارة أو أية جهة أخرى للقيام بممارسة الاختصاصات الواردة في هذا المرسوم بقانون إلى حين مزاولة المركز لكافة عملياته التشغيلية.

المادة (16) تفويض الاختصاصات وتعهيد المهام والخدمات


للمركز، بعد موافقة مجلس الوزراء، تفويض بعض اختصاصاته إلى أي جهة حكومية اتحادية أو محلية، كما يجوز للمركز تعهيد بعض مهامه وخدماته إلى أي جهة أخرى حكومية أو خاصة بعد موافقة مجلس الوزراء.

المادة (17) الإلغاءات


1. يُلغى كل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكام هذا المرسوم بقانون.
2. يستمر العمل بالقرارات والأنظمة المتعلقة بالتقييم الصادرة قبل سريان أحكام هذا المرسوم بقانون، لحين صدور القرارات والأنظمة التي تحل محلها وفقًا لأحكام هذا المرسوم بقانون.

المادة (18) نشر المرسوم بقانون والعمل به


يُنشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

الطعن 159 لسنة 1 ق جلسة 5 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 7 ص 41

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وبحضور السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

---------------

(7)
القضية رقم 159 لسنة 1 القضائية

(أ) طعن 

- القانون رقم 165 لسنة 1955 - إنشاؤه للمحكمة الإدارية العليا - يعتبر استحداثاً لطريق جديد من طرق الطعن لا مجرد تغيير في قواعد الاختصاص - سريانه على الطعون في الأحكام الصادرة بعد العمل به - تطبيق الفقرة 3 من المادة الأولى من قانون المرافعات.
(ب) محكمة إدارية عليا 

- الطعن أمامها - المقابلة بينه وبين الطعن بالنقض - عدم التطابق التام بين النظامين - أساس ذلك.
(ج) سبب جديد 

- جواز إبدائه أمام المحكمة الإدارية العليا ولو لم يتعلق بالنظام العام - لا وجه للقياس على الطعن بالنقض - مرد ذلك.
(د) دعوى الإلغاء 

- سلطة محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية في فهم الواقع أو الموضوع - ليست نهائية - خضوعها لرقابة المحكمة الإدارية العليا - لا وجه للقياس على الطعن بالنقض - علة ذلك.
(هـ) قرار إداري 

- رقابة القضاء الإداري له - وقوفها عند حد المشروعية - عدم امتدادها إلى نطاق الملاءمة التقديرية - الحد الفاصل بين نطاق الرقابة القانونية ونطاق الملاءمة التقديرية - يخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
(و) قرار تأديبي 

- ركن السبب فيه - مدى رقابة القضاء الإداري له - سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً محرماً.
(ز) موظف 

- إحالته إلى المعاش أو عزله - الجهات المختصة بذلك - حدود اختصاصها.
(ح) موظف 

- عزله بالتطبيق للمادة 107/ 4 و6 من قانون نظام موظفي الدولة - لا إلزام على الإدارة بإيراد أسباب لقرارها - قيامها بتسبيبه - خضوع الأسباب لرقابة القضاء الإداري.
(ط) تعليمات 

- تعد بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع - ليس للرئيس الذي أصدرها أن يخالفها عند التطبيق على الحالات الفردية.
(ى) موظف 

- إخلاله بواجبات وظيفته والخروج على مقتضاها - حرية الإدارة في تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك وتقدير ما يناسبها من جزاء تأديبي في حدود نصاب القانون.

-----------------
1 - أنشأ المشرع المحكمة الإدارية العليا بالقانون رقم 165 سنة 1955، وجعل مهمتها التعقيب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية في الأحوال التي نص عليها وهي مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم أو صدور حكم خلافاً لحكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم به، فاستحدث طريقاً جديداً للطعن في الأحكام لم يكن مقرراً من قبل أمام هيئة جديدة أعلى. ولما كان مفاد الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن القوانين الملغية أو المنشئة لطريق من طرق الطعن في الأحكام لا تسري بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها، وتسري بالنسبة لما صدر بعد هذا التاريخ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 12 من يونيه سنة 1955 أي بعد نفاذ القانون رقم 165 لسنة 1955 في 29 من مارس سنة 1955، فإن هذا الحكم يسري عليه القانون الجديد فيما استحدث من طريق للطعن أمام هذه المحكمة.
2 - لا وجه لافتراض قيام التطابق التام بين نظام الطعن بطريق النقض المدني ونظام الطعن الإداري، سواء في شكل الإجراءات أو كيفية سيرها أو في مدى سلطة المحكمة العليا بالنسبة للأحكام موضوع الطعن أو في كيفية الحكم فيه، بل مرد ذلك إلى النصوص القانونية التي تحكم النقض المدني، وتلك التي تحكم الطعن الإداري، وقد تتفقان في ناحية وتختلفان في ناحية أخرى، فالتطابق قائم بين النظامين من حيث تبيان الحالات التي تجيز الطعن في الأحكام، وهي التي بينتها المادتان 425، 426 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ورددتها المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، ولكنه غير قائم سواء بالنسبة إلى ميعاد الطعن أو شكله أو إجراءاته أو كيفية الحكم فيه؛ إذ لكل من النظامين قواعده الخاصة في هذا الشأن مما قد يمتنع معه إجراء القياس لوجود الفارق، إما من النص أو من اختلاف طبيعة الطعنين اختلافاً مرده أساساً إلى التباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام، وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص.
3 - إن عدم جواز إبداء أسباب جديدة للطعن غير التي ذكرت في التقرير إلا ما كان متعلقاً منها بالنظام العام مرده في النقض المدني إلى الفقرة الثانية من المادة 429 من قانون المرافعات. وهذا الحظر لم يردده القانون رقم 165 لسنة 1955 في الطعن الإداري، فوجب أن يخضع في هذا الخصوص للأحكام الواردة في الفصل الثالث من الباب الأول من هذا القانون الخاص بالإجراءات أمام القسم القضائي، والمحكمة الإدارية العليا من بين فروعه، وهي تسمح بذلك في المواعيد المقررة لحين إحالة القضية إلى الجلسة، وقد تسمح به المحكمة حتى بعد الإحالة على حسب المبين بالمادة 30 من القانون المشار إليه.
4 - ليس لمحكمة القضاء الإداري أو للمحاكم الإدارية، في دعوى الإلغاء، سلطة قطعية في فهم "الواقع" أو "الموضوع" تقصر عنها سلطة المحكمة الإدارية العليا، والقياس في هذا الشأن على نظام النقض المدني هو قياس مع الفارق؛ ذلك أن رقابة محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية على القرارات الإدارية هي رقابة قانونية تسلطها عليها لتتعرف مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وهذا بدوره هو عين "الموضوع" الذي ستتناوله المحكمة الإدارية العليا عند رقابتها القانونية لأحكام القضاء الإداري. فالنشاطان وإن اختلفا في المرتبة إلا أنهما متماثلان في الطبيعة؛ إذ مردهما في النهاية إلى مبدأ المشروعية، تلك تسلطه على القرارات الإدارية، وهذه تسلطه على هذه القرارات ثم على الأحكام.
5 - إن نشاط القضاء الإداري في وزنه للقرارات الإدارية ينبغي أن يقف عند حد المشروعية أو عدمها في نطاق الرقابة القانونية، فلا يجاوزها إلى وزن مناسبات القرار وغير ذلك مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الإدارة بغير معقب عليها فيها. وتعيين الحد الفاصل بين النطاقين مما يخضع لرقابة هذه المحكمة.
6 - إنه وإن كان القرار التأديبي، كأي قرار إداري آخر، يجب أن يقوم على سبب يبرره، فلا تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني، إلا أن للإدارة حرية تقدير أهمية هذه الحالة والخطورة الناجمة عنها، وتقدير الجزاء الذي تراه مناسباً في حدود النصاب القانوني المقرر. ورقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب تجد حدها الطبعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً. فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة، أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع - على فرض وجودها مادياً - لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون، أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
وسبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه. فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء في حدود القانون، أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها بنفسه إذا كان ذلك منوطاً به وأن يؤديها بدقة وأمانة، إنما يرتكب ذنباً إدارياً يسوغ تأديبه، فتتجه إرادة الإدارة لتوقيع جزاء عليه بحسب الأشكال والأوضاع المقررة قانوناً وفي حدود النصاب المقرر.
7 - إن الجزاء التأديبي قد يبلغ حد الإحالة إلى المعاش، أو حد العزل مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة، ويتخذ في هذا أو ذاك شكل قرار من مجلس تأديب، وهنا يجب أن يكون مسبباً بعد تحقيق ومحاكمة تأديبية وفقاً للأوضاع المقررة في الفصل السابع من الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ولا يكون الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة إلا بمثل هذا القرار طبقاً للمادة 57 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية. وقد تتخذ الإحالة إلى المعاش أو العزل التأديبي شكل قرار يصدر من السلطة الرئاسية المختصة من غير محاكمة تأديبية وذلك بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من القانون المشار إليه، وهنا لا يلزم اتباع إجراءات التحقيق والمحاكمة المرسومة في الفصل السابع سالف الذكر، كما لا يجب أن يكون مسبباً، وخدمة الموظف قد لا تنتهي بجزاء تأديبي صادر بقرار من مجلس تأديب، أو بقرار تأديبي صادر من السلطة الرئاسية المختصة في الصور الموضحة آنفاً، وإنما قد تنتهي بالفصل بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء وذلك بالتطبيق للفقرة السادسة من المادة 107 من القانون سالف الذكر. ومرد ذلك إلى أصل طبعي هو وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام - ولما كان الموظفون هم عمال هذه المرافق فلزم أن تكون للحكومة الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من تراه منهم أصبح غير صالح لذلك. وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة فلم تستهدف سوى المصلحة العامة.
8 - لئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها بالإحالة إلى المعاش أو بالعزل بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو بالفصل بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة، إلا أنها إذا ما ذكرت أسباباً لقرارها فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
9 - إن القواعد التنظيمية العامة التي تصدر ممن يملكها، كالمدير العام للمصلحة، متسمة بطابع العمومية والتجريد، تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه. فيلتزم بمراعاتها لا المرءوسون وحدهم، بل الرئيس هو نفسه كذلك في التطبيق على الحالات الفردية، طالما لم يصدر منه تعديل أو إلغاء لها بنفس الأداة، أي بقرار تنظيمي عام مماثل، لا في تطبيق فردي قصراً عليه.
10 - ما دامت الإدارة قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها في قرارها المطعون فيه استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها بدلائل من عيون الأوراق وقرائن الأحوال تبرر هذا الفهم، فانتهت إلى أن مسلك المطعون عليه كان معيباً، والعمل الذي ارتكبه غير سليم ومخالفاً للتعليمات الواجب اتباعها في هذا الشأن، فإن القرار بإحالته إلى المعاش يكون قائماً على سببه، وهو إخلال الموظف بواجبات وظيفته والخروج على مقتضاها، وكان لها حرية تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك وتقدير ما يناسبها من جزاء تأديبي في حدود النصاب القانوني إلى حد الإحالة إلى المعاش أو العزل التأديبي بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من قانون موظفي الدولة أو حد الإعفاء من الخدمة بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة.


إجراءات الطعن

بناء على مذكرة مقدمة من إدارة قضايا الحكومة في 28 من يوليه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة في 11 من أغسطس سنة 1955 عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الخامسة) بجلسة 12 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 4499 لسنة 8 القضائية المقامة من السيد/ علي حسن الدرس ضد مجلس الوزراء ووزارة الأشغال العمومية، الذي قضى بإلغاء القرار الصادر من مجلس الوزراء في 30 من ديسمبر سنة 1953 والقرار الوزاري المنفذ له في 25 من يناير سنة 1954 والصادر من السيد الوكيل الدائم لوزارة الأشغال العمومية بإحالة المدعي إلى المعاش وما ترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المناسبة ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات. وفي 22 من أغسطس سنة 1955 أعلن المطعون ضده بعريضة الطعن فأودع سكرتيرية المحكمة في 20 من سبتمبر سنة 1955 مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً، واحتياطياً برفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 28 من سبتمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة طلباً بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه استناداً إلى الفقرة الثالثة من المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 وإلى أن من شأن تنفيذ هذا الحكم إثارة الاضطراب في الجهاز الإداري بما تترتب عليه نتائج يتعذر تداركها. وقد عين لنظر هذا الطلب ونظر موضوع الطعن جلسة 15 من أكتوبر سنة 1955، وأعلن كل من المطعون عليه والحكومة بتاريخ الجلسة في 3، 4 من أكتوبر سنة 1955 على التوالي وبجلسة 15 من أكتوبر سنة 1955 سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على النحو المبين تفصيلاً بمحضر الجلسة وقدم المطعون عليه مذكرة تكميلية بملاحظاته. ثم أمرت في تلك الجلسة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وأرجأت النطق بالحكم في موضوع الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
أ - عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً:
من حيث إن مبنى هذا الدفع أن المشرع جعل من محكمة القضاء الإداري بالوضع المبين بالقانونين رقم 112 لسنة 1946 ورقم 9 لسنة 1949 محكمة عليا للقضاء الإداري كمحكمة النقض للقضاء العادي، فسوى بينهما من حيث التشكيل وعدم جواز الطعن في أحكامهما ومرتبات مستشاريهما. وأن المحكمة الإدارية العليا التي أنشأها القانون رقم 165 لسنة 1955 من خمسة مستشارين برئاسة رئيس المجلس لا تعدو أن تكون بحسب تشكيلها هيئة من الهيئات التي كانت تتكون منها محكمة القضاء الإداري بنظامها السابق، وإنما تعدل اختصاصها إلى النظر في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بنظامها الجديد أو من المحاكم الإدارية. وإذا كانت محكمة القضاء الإداري قد أصبحت بمقتضى هذا القانون هيئة جديدة يرأسها وكيل المجلس للقسم القضائي وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين، وأصبح من اختصاصها النظر في بعض ما كان من اختصاص المحكمة بنظامها السابق، إلا أن مقتضى هذه المقابلة هو أن القانون رقم 165 لسنة 1955 لا يسري إلا على ما لم يكن قد قفل فيه باب المرافعة من الدعاوى. وقد أقفل باب المرافعة في الدعوى محل الطعن قبل العمل بالقانون الجديد، فلا يسري عليها؛ لأنه ليس من القوانين المنظمة لطرق الطعن، بل هو قانون صدر بإعادة تنظيم مجلس الدولة وتوزيع الاختصاص بين هيئاته الجديدة.
ومن حيث إن هذا الدفع يقوم على حجة داحضة؛ ذلك أن القانونين رقم 112 لسنة 1946 ورقم 9 لسنة 1949 كانا ينصان على أن لا يقبل الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري إلا بطريق التماس إعادة النظر في الأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية، وأن تجرى في شأن هذه الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المقضى به، فلم يكن ثمة طريق طعن متاح أمام هيئة أعلى في أحكام محكمة القضاء الإداري التي كانت ولاية القضاء الإداري مقصورة عليها كدرجة وحيدة ونهائية، إلى أن أنشئت المحاكم الإدارية بالقانون رقم 147 لسنة 1954 فخولت اختصاصاً محدوداً للفصل في منازعات معينة، على أن تكون أحكامها انتهائية إذا لم تجاوز قيمة الدعوى مائتين وخمسين جنيهاً، أما إذا جاوزت هذا النصاب أو كانت مجهولة القيمة جاز استئناف أحكامها أمام محكمة القضاء الإداري. ثم صدر القانون رقم 165 لسنة 1955 فوزع الولاية ذاتها بين محكمة القضاء الإداري وبين المحاكم الإدارية على أساس أهمية النزاع، مع إعادة تشكيل الأولى بحيث تصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين سواء كان موضوع الطلب إلغاء قرار إداري أو منازعة من نوع آخر. ورغبة في إصلاح أخطاء الأحكام التي تصدر في المنازعات الإدارية وفي تنسيق مبادئ القانون الإداري وتأصيل أحكامه تأصيلاً يربط بين شتاتها ربطاً محكماً يمنع التناقض والتعارض بين أحكام القضاء الإداري ويتجه بها نحو الاتساق والاستقرار، أنشأ المشرع المحكمة الإدارية العليا وجعل مهمتها التعقيب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية في الأحوال التي نص عليها، وهي مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم أو صدور حكم خلافاً لحكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم به، فاستحدث طريقاً جديداً للطعن في الأحكام لم يكن مقرراً من قبل أمام هيئة جديدة أعلى. ولما كان مفاد الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن القوانين الملغية أو المنشئة لطريق من طرق الطعن في الأحكام لا تسري بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها، وتسري بالنسبة لما صدر بعد هذا التاريخ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 12 من يونيه سنة 1955 أي بعد نفاذ القانون رقم 165 لسنة 1955 في 29 من مارس سنة 1955، فإن هذا الحكم يسري عليه القانون الجديد فيما استحدثه من طريق للطعن أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ب - عن موضوع الطعن:
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن السيد وزير الأشغال العمومية طلب إلى مجلس الوزراء إحالة المهندس علي حسن الدرس إلى المعاش بدون التمتع بمزايا قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1953، وذلك بمذكرة مقدمة للمجلس في 30 من ديسمبر سنة 1953 جاء بها:
"إنه يبين من أوراق تحقيق موضوع الأرض وقف حسين مدكور المنظر عليها المهندس محمد عبد الخالق الطوبي والتي طلبت مؤسسة أبنية التعليم نزع ملكيتها لزوم إقامة مدرسة ابتدائية عليها بدرب الأغوات بشارع السروجية قسم الدرب الأحمر مشروع رقم 12121 - 39 مدارس الذي أحلناه على مجلس الدولة (شعبة الأشغال العامة) لإبداء رأيه فيما نسب إلى موظفين بمصلحة المساحة من بينهم المهندس علي الدرس وكيل هذه المصلحة، أن سيادته قد نسب إليه أنه تدخل لصالح السيد عبد الخالق الطوبي ناظر الوقف باستعجال إنهاء الموضوع، وبإقحام نفسه في تقدير الثمن، دون أن يكون قد اشترك في معاينة الأرض على الطبيعة، ودون أن يقيد نفسه كتابة بإبداء رأيه في التقدير باعتباره السلطة العليا للمصلحة في اعتماد الأثمان، بل أوحى لعضوي اللجنة للتثمين بوضع سعر مرتفع لا تساويه الأرض في نظرهما بحجة أنه يعرف صقع المنطقة وأسعارها، في حين أن هذه اللجنة كانت قد تقدمت بتقدير معين يتفق مع تقدير اللجنة الأولى للتثمين، كما أنه قد اعتمد على معلوماته الخاصة في التقدير الذي أوحى به إلى اللجنة الثانية دون أن يتأكد من صحتها. هذا إلى أنه قد اتصل تليفونياً بالسيد عبد الخالق الطوبي بحضور لجنة التثمين الثانية بعرض سعر للمتر من الأرض المذكورة رفضه، ثم تمارس معه على سعر أعلى مخالفاً بذلك التعليمات الخاصة بأعمال التثمين بالمصلحة. مما يدل دلالة لا شك فيها على مسلكه المعيب والإجراء الغير سليم الذي اتبعه في هذا الموضوع".
فصدر بناء على ذلك مرسوم 30 من ديسمبر سنة 1952 بإحالته إلى المعاش، فأقام الدعوى رقم 4499 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعها سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 24 من فبراير سنة 1954 بطلب إلغاء هذا المرسوم وما ترتب عليه من آثار، وإلزام الحكومة بأن تدفع له تعويضاً قدره عشرون ألفاً من الجنيهات مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، ناعياً عليه مخالفته للقانون، بمقولة إن الأسباب التي قام عليها غير صحيحة، وكذا انطواءه على إساءة استعمال السلطة؛ يزعم أنه صدر ببواعث لا تمت للمصلحة العامة بصلة، وأنه قد أصيب من جراء ذلك بصدمة عنيفة أثرت في حياته مادياً وأدبياً يستحق معها التعويض المطلوب. وقد قضت محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون فيه بإلغاء المرسوم المشار إليه وما ترتب عليه من آثار، مع إلزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المناسبة ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة، بانية قضاءها على أن ما نسب إلى المدعي من استعجاله إنهاء موضوع التثمين لا يعتبر مخالفة إدارية تستوجب المؤاخذة؛ لأن الإسراع في إنجاز الأعمال محمود، ولأن ما نسب إليه من إقحام نفسه في تقدير الثمن لا يكون معيباً إلا إذا كان هذا التدخل منبت الصلة بأعمال وظيفته بينما هو يدخل في صميمها باعتباره كان قائماً بأعمال مدير عام مصلحة المساحة، ولأنه لا وجه لمؤاخذته بأنه لم يشترك في معاينة الأرض قبل تقدير ثمنها النهائي؛ لأن لتقدير الثمن عناصر أخرى غير المعاينة، ولأنه لا إلزام على مدير عام المصلحة أو من يقوم مقامه بالاشتراك في معاينة جميع المشروعات لتعذر ذلك مادياً، ولأنه لا وجه لمؤاخذته بأنه لم يقيد نفسه كتابة برأيه الذي أبداه في التقدير؛ لأن اعتماده لتقدير لجنة الجشنى يتضمن موافقته على التقدير، ولأن ما نسب إليه من أنه أوحى لعضوي اللجنة الثانية للتثمين بوضع ثمن مرتفع لا تساويه الأرض في نظرهما مردود بأن تقديرهما كان بمحض اقتناعهما بعد أن ظهر لهما وقوع خطأ مادي في تقدير سعر المتر في الأراضي المجاورة، ولأنه لا وجه لمؤاخذته على اتصاله تليفونياً بناظر الوقف والممارسة معه على ثمن أعلى مخالفاً بذلك تعليمات المصلحة؛ لأن هذه التعليمات صدرت من مدير المساحة التفصيلية، وهو سلطة أدنى منه فلا تقيده، هذا إلى أن الظاهر من الأوراق أن هذه التعليمات لم تراع من جانب موظفي المصلحة الذين هم أقل منه درجة بل من واضع التعليمات، فمخالفتها تكون بالنسبة له من باب أولى ما دام لم يجانب القانون نصاً أو روحاً، وأن الممارسة مع ناظر الوقف كانت بعيدة عن المحاباة، وأن الثمن الذي انتهت إليه لم يكن خبط عشواء بل بني على اعتبارات عادلة معقولة مستفادة من عيون الأوراق، بينما كان التقدير الأول منطوياً على تحيف ظاهر بعيد عن الإنصاف. وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن المرسوم المشار إليه، وقد قام على الأسباب التي تضمنتها مذكرة السيد وزير الأشغال، "يكون قد استند إلى أسباب غير صحيحة واقعياً ومستخلصة استخلاصاً غير سائغ مما يجعله معيباً ومنطوياً على مخالفة القانون حقيقاً بالإلغاء". فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم للأسباب التي فصلها في عريضة الطعن، وتتحصل في أن التعليمات المنظمة لعمليات التثمين قد اعتمدها المدير العام لمصلحة المساحة وأمر بتنفيذها بكتابه المؤرخ 12 من أكتوبر سنة 1938، وصدر منشور في 31 من أكتوبر سنة 1938 نص على أن تطبق اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1938. وقد عدلت المادة 12 من الباب الثالث الخاص بتشكل لجان التثمين بالكتاب الصادر في 16 من مايو سنة 1945 كما عدلت المادتان 34 و35 من الباب السادس الخاص باعتماد التثمين، وبذلك ينهار دفاع المطعون عليه من أنه غير ملزم باتباعها بدعوى أنها صادرة من سلطة أدنى من سلطة المدير العام فلا تقيده، بل هي في الواقع من الأمر قرار تنظيمي عام صدر ممن يملكه تلزم مراعاته في التطبيق على الحالات الفردية، حتى من جانب المدير العام نفسه، ما دام لم يصدر منه تعديل لها بقرار تنظيمي عام مماثل؛ وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون عندما قرر أن تلك التعليمات لا ينبغي على المدعي مراعاتها، باعتباره الرئيس الأعلى، وأن مخالفتها أمر مقبول وسائغ ما دامت واقعة المخالفة المزعومة لا تكون بذاتها خطأ جسيماً أو مخالفة خطيرة أو إجراء شاذاً قصد به المحاباة على حساب المصلحة العامة. كما خالف الحكم القانون كذلك إذ استند في النتيجة التي انتهى إليها إلى "تفاهة" بعض الأسباب الواردة في مذكرة السيد وزير الأشغال بطلب إحالة المطعون عليه إلى المعاش. وهو تدخل في تقدير الملاءمة عند إصدار القرار الإداري الذي تملكه الإدارة بغير معقب عليها، فتكون المحكمة قد جاوزت حدود الرقابة القانونية لمشروعية القرار الإداري. فرد المطعون عليه بأن الحكومة في دفاعها أمام محكمة القضاء الإداري لم تشر إلى الكتاب الصادر في 12 من أكتوبر سنة 1938 ولا إلى الكتاب الصادر في 16 من مايو سنة 1945 من المدير العام للمصلحة، بل أثارته هيئة المفوضين لأول مرة في عريضة الطعن، فلا يجوز أن يبدى فيه طلبات أو أوجه دفاع جديدة؛ لأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ليس امتداداً موضوعياً للخصومة الأولى، وإنما هو وسيلة الرقابة القانونية التي تسلطها هذه المحكمة على الأحكام من حيث إنزال حكم القانون الصحيح أو عدم إنزاله على مقتضى الواقع حسبما فهمه الحكم بسلطة موضوعية لا معقب عليها، كما أن الخطأ في القانون الذي قد يرد في الأسباب الناقلة أو الاحتياطية أو التكميلية لا يعيبه، متى كان الحكم محمولاً على أسباب كافية صحيحة ومنتجة، وأن الطعن قد أغفل لب النزاع واقتصر على مناقشة ما ورد في تلك الأسباب التكميلية من زاوية واحدة هي مخالفة التعليمات، بينما المطعون عليه بحكم قيامه بوظيفة المدير العام للمصلحة يملك تعديلها أو إلغاءها غير مقيد في ذلك إلا بما يراه متفقاً والمصلحة العامة. كما أضاف أنه ما كان يجوز فصل المدعي قبل إجراء تحقيق يسمع فيه دفاعه، وإغفال ذلك هو إغفال لضمانة جوهرية مما يبطل المرسوم الصادر بإحالته إلى المعاش.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ الرأي إلى أنه لا وجه لافتراض قيام التطابق التام بين نظام الطعن بطريق النقض المدني ونظام الطعن الإداري، سواء في شكل الإجراءات أو كيفية سيرها أو في مدى سلطة المحكمة العليا بالنسبة للأحكام موضوع الطعن أو في كيفية الحكم فيه، بل مرد ذلك إلى النصوص القانونية التي تحكم النقض المدني، وتلك التي تحكم الطعن الإداري، وقد تتفقان في ناحية وتختلفان في ناحية أخرى. فالتطابق قائم بين النظامين من حيث تبيان الحالات التي تجيز الطعن في الأحكام، وهي التي بينتها المادتان 425 و426 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ورددتها المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، ولكنه غير قائم، سواء بالنسبة إلى ميعاد الطعن أو شكله أو إجراءاته أو كيفية الحكم فيه؛ إذ لكل من النظامين قواعده الخاصة في هذا الشأن مما قد يمتنع معه إجراء القياس لوجود الفارق، إما من النص أو من اختلاف طبيعة الطعنين اختلافاً مرده أساساً إلى التباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام، وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص.
ومن حيث إن عدم جواز إبداء أسباب جديدة للطعن غير التي ذكرت في التقدير إلا ما كان متعلقاً منها بالنظام العام مرده في النقض المدني إلى الفقرة الثانية من المادة 429 من قانون المرافعات. وهذا الحظر لم يرده القانون رقم 165 لسنة 1955 في الطعن الإداري، فوجب أن يخضع في هذا الخصوص للأحكام الواردة في الفصل الثالث من الباب الأول من هذا القانون الخاص بالإجراءات أمام القسم القضائي، والمحكمة الإدارية العليا من بين فروعه، وهي تسمح بذلك في المواعيد المقررة لحين إحالة القضية إلى الجلسة، وقد تسمح به المحكمة حتى بعد الإحالة على حسب المبين بالمادة 30 من القانون المشار إليه.
ومن حيث إنه ليس لمحكمة القضاء الإداري أو للمحاكم الإدارية، في دعوى الإلغاء، سلطة قطعية في فهم "الواقع" أو "الموضوع" تقصر عنها سلطة المحكمة الإدارية العليا، والقياس في هذا الشأن على نظام النقض المدني هو قياس مع الفارق؛ ذلك أن رقابة محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية على القرارات الإدارية هي رقابة قانونية تسلطها عليها لتتعرف مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وهذا بدوره هو عين "الموضوع" الذي ستتناوله المحكمة الإدارية العليا عند رقابتها القانونية لأحكام القضاء الإداري، فالنشاطان وإن اختلفا في المرتبة إلا أنهما متماثلان في الطبيعة؛ إذ مردهما في النهاية إلى مبدأ المشروعية، تلك تسلطه على القرارات الإدارية، وهذه تسلطه على هذه القرارات ثم على الأحكام.
ومن حيث إن نشاط القضاء الإداري، في وزنه للقرارات الإدارية، ينبغي أن يقف عند حد المشروعية أو عدمها في نطاق الرقابة القانونية، فلا يجاوزها إلى وزن مناسبات القرار وغير ذلك مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الإدارة بغير معقب عليها فيها، وتعيين الحد الفاصل بين النطاقين مما يخضع لرقابة هذه المحكمة.
ومن حيث إنه وإن كان القرار التأديبي، كأي قرار إداري آخر، يجب أن يقوم على سبب يبرره، فلا تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخله، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع، وصحة تكييفها القانوني، إلا أن للإدارة حرية تقدير أهمية هذه الحالة والخطورة الناجمة عنها، وتقدير الجزاء الذي تراه مناسباً في حدود النصاب القانوني المقرر.
ومن حيث إن رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب تجد حدها الطبعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً. فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة، أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع - على فرض وجودها مادياً - لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون. أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته، أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء في حدود القانون، أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها بنفسه إذا كان ذلك منوطاً به وأن يؤديها بدقة وأمانة، إنما يرتكب ذنباً إدارياً يسوغ تأديبه، فتتجه إرادة الإدارة لتوقيع جزاء عليه بحسب الأشكال والأوضاع المقررة قانوناً وفي حدود النصاب المقرر.
ومن حيث إن الجزاء التأديبي قد يبلغ حد الإحالة إلى المعاش، أو حد العزل مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة، ويتخذ في هذا أو ذاك شكل قرار من مجلس تأديب، وهنا يجب أن يكون مسبباً بعد تحقيق ومحاكمة تأديبية وفقاً للأوضاع المقررة في الفصل السابع من الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ولا يكون الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة إلا بمثل هذا القرار طبقاً للمادة 57 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية. وقد تتخذ الإحالة إلى المعاش أو العزل التأديبي شكل قرار يصدر من السلطة الرئاسية المختصة من غير محاكمة تأديبية وذلك بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من القانون المشار إليه، وهنا لا يلزم اتباع إجراءات التحقيق والمحاكمة المرسومة في الفصل السابع سالف الذكر، كما لا يجب أن يكون مسبباً.
ومن حيث إن خدمة الموظف قد لا تنتهي بجزاء تأديبي صادر بقرار من مجلس تأديب، أو بقرار تأديبي صادر من السلطة الرئاسية المختصة في الصور الموضحة آنفاً، وإنما قد تنتهي بالفصل بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء وذلك بالتطبيق للفقرة السادسة من المادة 107 من القانون سالف الذكر. ومرد ذلك إلى أصل طبعي هو وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام - ولما كان الموظفون هم عمال هذه المرافق فلزم أن تكون للحكومة الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض، وفصل من تراه منهم أصبح غير صالح لذلك، وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام خلا من عيب إساءة استعمال السلطة فلم تستهدف سوى المصلحة العامة.
ومن حيث إنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها بالإحالة إلى المعاش أو بالعزل بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من ذلك القانون أو بالفصل بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة، إلا أنها إذا ما ذكرت أسباباً لقرارها فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان القرار المطعون فيه لم يصدر من مجلس تأديب، فإنه لا يلزم أن يسبقه تحقيق تسمع فيه أقوال المطعون عليه وبذلك تسقط حجته في هذا الشأن، كما أنه ولئن كان هذا القرار لا يلزم تسبيبه إلا أنه ما دام قد بني على الأسباب التي ذكرتها المذكرة المقدمة من السيد وزير الأشغال، فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه سواء أكان القرار المطعون فيه إحالة إلى المعاش أو عزلاً تأديبياً لذنب إداري بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107، أم كان فصلاً من الخدمة بناء على تقدير الإدارة لعدم صلاحية المطعون عليه للبقاء فيها بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة، فإن القرار، مستنداً إلى الوقائع المبينة في المذكرة سالفة الذكر، قد قام في الحالين على سببه المبرر قانوناً للنتيجة التي انتهى إليها؛ ذلك أن ما نسب إليه في تلك المذكرة، وإن تعددت عناصره وتباينت أوصافها، تدور جميعها في فلك واحد مسلك المدعي في تثمين قطعة الأرض، وحول محور واحد هو إدانة هذا المسلك، لتنتهي المذكرة من ذلك إلى أنه مسلك عجيب وإجراء غير سليم ومخالفة للتعليمات الواجب اتباعها في هذا الشأن. وليس من شك في أن هذه النتيجة، لو صح استخلاصها من أصول تنتجها، لكانت إخلالاً بواجبات الوظيفة وخروجاً على مقتضاها، تبرر توقيع الجزاء عليه، إن كيف بأنه عزل تأديبي بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107، وتسوغ فصله، إن كيف بأنه إعفاء من الخدمة على ما تقدره الإدارة من وجه المصلحة العامة، وذلك بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة.
ومن حيث إن تثمين الأعيان التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة قد نظم بمقتضى قواعد تنظيمية عامة اقترحها مدير المساحة التفصيلية واعتمدها المدير العام لمصلحة المساحة بكتابه رقم 20/ 1/ 4 جـ 4 الصادر في 12 من أكتوبر سنة 1938 وأمر بتنفيذها اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1938 بكتاب المنشور رقم 42610 في 31 من أكتوبر سنة 1938، ثم عدلت بعض نصوصها باعتماد اقتراح مدير المساحة التفصيلية بكتابه رقم 1063/ د المؤرخ 24 من إبريل سنة 1945 بكتاب المدير العام لمصلحة المساحة رقم 20/ 1/ 4 في 29 من إبريل سنة 1945، وقد رسمت هذه القواعد الخطوات المتعاقبة الواجب السير فيها، والإجراءات الواجب السير عليها في عمليات التثمين، ونظمت تشكيل اللجان التي تتولى ذلك حتى يتم التثمين النهائي، وبينت العناصر والاعتبارات التي تراعى في التثمين وكيفية تسوية الخلافات مع الملاك، وغير ذلك من القواعد والإجراءات التي تستهدف ضمان دقة التثمين على أساس عادل سليم، ينأى به عن شبهة التحيف أو الهوى، ويبعده عن مظنة المحاباة أو الإيثار، وهذا التنظيم يقوم أساساً على أن يناط بموظفين معينين بالذات أعمال معينة لما لهم من خبرة التخصص والدربة فيها، وعلى ترتيب مراحل متعددة قصد بها تمحيص وجوه الرأي المختلفة، وعلى توزيع الاختصاص بين الموظفين في تعاقب وتدرج إداري رئاسي، لا يبدأ الاختصاص في درجة إلا بعد تمام الخطوات المرسومة للدرجة التي تسبقها، وعلى تيسير الانتقال والمعاينة وتمكين المرءوس من إبداء رأيه في التقدير بحرية مع استشعاره المسئولية أمام رئيسه، وعلى تمكين الرئيس من مراجعة المرءوس ورقابته والإشراف عليه.
ومن حيث إن هذه القواعد التنظيمية العامة، وقد صدرت ممن يملكها، وهو المدير العام للمصلحة، متسمة بطابع العمومية والتجريد، فإنها تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في شأن أعمال التثمين، فيلتزم بمراعاتها، لا المرءوسون وحدهم، بل الرئيس هو نفسه كذلك، في التطبيق على الحالات الفردية طالما لم يصدر منه تعديل أو إلغاء لها، بنفس الأداة، أي بقرار تنظيمي عام مماثل، لا في تطبيق فردي قصراً عليه.
ومن حيث إنه على مقتضى تلك القواعد، لا يجوز للرئيس أن يتنكب سير عمليات التثمين مسارها الطبعي في مراحلها المتعاقبة بواسطة اللجان المختصة في تسلسلها المنظم وتدرجها الإداري المقرر، على حسب الإجراءات المرسومة لسير العمل فيها، ولا أن يتغول بنفسه على اختصاص هذه اللجان أو بعضها فيباشره بنفسه، أو يقتحمه بغير الطريق المرسوم، فإن فعل ذلك كان مسلكه معيباً في أداء واجبات وظيفته؛ لمخالفته لتلك القواعد نصاً وروحاً، وهي بمثابة اللائحة الواجبة الاتباع.
ومن حيث إن مذكرة السيد وزير الأشغال المؤرخة 30 من ديسمبر سنة 1953 التي بنى عليها القرار المطعون فيه، إذا انتهت إلى مسلك المدعي، في تثمين الأرض التابعة لوقف حسين مدكور، كان معيباً غير سليم ومخالفاً للتعليمات، قد استخلصت هذه النتيجة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها بدلائل من عيون الأوراق وقرائن الأحوال تبرر هذا الفهم؛ ذلك أنه يبين من الأوراق أنه في 8 من يوليه سنة 1953 عاينت لجنة مشكلة من السيد/ وديع ميخائيل مفتش التثمين والسيد/ عبد الحليم مهندس التثمين قطعة الأرض المشار إليها البالغ مسطحها 2457.5 متراً رقم 19 بجهة السروجية والمغربلين قسم الدرب الأحمر وقدرت ثمناً للمتر المسطح من الأرض مبلغ 1.500 مجـ، بناء على ما اتضح لها أنها من حيث الموقع والصقع "تقع في المنطقة الفاصلة بين السروجية والمغربلين وهي من المناطق القديمة بمدينة القاهرة التي تعتبر من المناطق التجارية القديمة المتوسطة، ولكن الموقع المطلوب تفصله بعض العقارات عن شارع المغربلين التجاري؛ ولذا فليس للموقع قيمة من الناحية التجارية، وإنما يصلح لسكنى أهالي الحي، ويوجد حق ركوب بالبناء للعقار رقم 4 شارع الداودية على جزء من أرض العقار". وأنها من حيث الشكل وواجباتها "مستطيلة تقريباً مع جملة انكسارات الحد البحري بعضه شارع الداودية وبعضه جار بجملة انكسارات، والشرقي جار بجملة انكسارات، والقبلي درب الأغوات بطول 65 متراً تقريباً، والغربي جار" وأن المبيعات المتجاورة "بين 1 جنيه و2 جنيه للمتر المسطح من الأرض". فتكون اللجنة قد راعت في تقديرها جميع الاعتبارات الجوهرية التي أشارت إليها الفقرة ب من المادة 15 من التعليمات التي تنص على أنه "بالنسبة للعقارات أو أراضي البناء يلزم مراعاة الموقع ووسائل المواصلات وعدد السكان ودرجة الثراء عندهم وصقع المنطقة والتحسينات التي أدخلت عليها والإيجارات المتداولة" ولم يفتها الاستئناس بأثمان المبيعات المتجاورة طبقاً لما نصت عليه المادة 16 من أنه "يمكن الاسترشاد على سبيل الاستئناس فقط بالأثمان المتداولة بين الأهالي بموجب العقود المسجلة في السنوات الخمس السابقة لتاريخ المعاينة - بعد التثبت من أن تلك الأثمان لم ترفعها غاية خاصة كمنع الشفعة - أو يبخسها غرض ظاهر كالهرب من زيادة رسوم التسجيل" - وقد كان المسار الطبعي للعملية بعد ذلك أن يعرض تثمين اللجنة على كبير مفتشي التثمين للنظر في اعتماده طبقاً للمادة 34 معدلة بقرار المدير العام لمصلحة المساحة بكتابه المؤرخ 29 من إبريل سنة 1945، بعد عمل الجشنى طبقاً للمادة 33، ثم ترسل صورة من مذكرة التثمين، بعد اعتماده، إلى تفتيش المساحة المختص الذي يحدد موعداً للملاك لعرض الأثمان عليهم بوساطة المختصين الذين عينتهم تلك التعليمات، فإذا اعترض المالك على التثمين وجبت محاولة إقناعه بوساطة المختصين الذين عينتهم كذلك، فإذا أخفقت المحاولة وجب اتباع ما جاء بكتاب المدير العام لمصلحة المساحة المؤرخ 12 من أكتوبر سنة 1938 الذي أبلغ به مدير المساحة التفصيلية اعتماده التعليمات، ويقضي بأنه إذا كانت ثمة مبررات تستوجب إعادة النظر في التثمين ويرى أن صالح العمل يقضي بذلك، أمكن النظر في هذا الأمر بوساطة لجنة متجمعة يرأسها مدير المساحة التفصيلية والتسجيل أو من ينوب عنه وكبير مفتشي التثمين ومفتش التثمين المختص، الذي تكون مهمته حسبما جاء في الكتاب المذكور "فحص أسباب إعادة النظر في التثمين ومبررات الزيادة" - كما يدخل في تشكيل اللجنة عضو من قسم العقود تكون مهمته "بيان حالة العقود التي تم التعاقد عليها، وعدد الرافضين، والتحقق من عدم وجود قضايا مرفوعة عن الأثمان" - فإذا ما اقتنعت هذه اللجنة بأن زيادة السعر هي في صالح المصلحة، أمكن أن ترفعه في حدود 10% عن الأسعار السابق اعتمادها، مع موافاة المدير العام للمصلحة ببيان عن كل حالة من هذا القبيل وبيان المبررات لها، أما إذا رأت اللجنة زيادة الأسعار بنسبة تتجاوز ذلك وجب عرض الأمر على المدير العام أولاً بالتفصيلات الوافية للنظر فيه قبل البت في الموضوع، ويبلغ المدير العام ما يراه في هذا الشأن إلى مدير المساحة التفصيلية - ولكن الذي حصل في التثمين مثار هذه المنازعة أنه بعد أن أتمت لجنة التثمين برئاسة السيد/ وديع ميخائيل تقديرها بناء على الاعتبارات التي ذكرتها، احتجزت لجنة الجشنى موضوع تثمين هذه الأرض من ضمن ما احتجزته لإجراء الجشنى، وقبل أن تتم عمليتها هذه وتسير الإجراءات في الطريق الذي رسمته التعليمات، تدخل المطعون عليه في الأمر، بناء على ما ادعاه ناظر الوقف في بخس التثمين، وما كان للمطعون عليه أن يتدخل في عملية التثمين ويشترك فيها بنفسه قبل أن تتم العملية جميع مراحلها المتعاقبة، ولم يقف عند هذا الحد بل استعجل الأمر، عن طريق مدير المساحة التفصيلية ووكيليها المهندسين أحمد صالح سلامة وعبد الحكيم عسكر، وعن طريق كبير مفتشي التثمين نفسه، وجاوز ذلك إلى إبلاغ المهندس أحمد صالح سلامة أن لهذه الأرض بالذات خريطة تقسيم معتمدة من المحكمة الشرعية للاستبدال بموجبها بأسعار تتراوح بين سبعة جنيهات وستة جنيهات ونصف للمتر المسطح الواحد، فطلب الموظفون المختصون إحضار هذه الخريطة فأحضرها سكرتير ناظر الوقف فتبين أنه لم يكن مذكوراً بها أي تقدير، كل ذلك مستفاد من مذكرة مفتش التثمين السيد أحمد شوقي المؤرخة 16 من ديسمبر سنة 1953. فلما قامت لجنة الجشنى بمهمتها في يوم 22 من سبتمبر سنة 1953 وأجرت عملية الجشنى على المواقع التي احتجزتها لهذا الغرض وأعادت معاينة الأرض المملوكة لوقف حسين مدكور وانتهت إلى تأييد تثمين اللجنة الأولى، بعد أن استظهرت لجنة الجشنى، حسبما جاء في مذكرة كبير مفتشي التثمين في مذكرته المشار إليها "بحث المبيعات المتداولة بهذه المنطقة ومراعاة صقعها وازدحامها بالسكان وخريطة التقسيم" كان يتعين طبقاً للتعليمات أن يعرض الثمن على الملاك، ومن بينهم جهة الوقف، عن طريق تفتيش المساحة المختص بوساطة الموظفين المختصين لمحاولة إقناع الملاك بعدالة التقدير، فإن لم يقتنعوا، وكان ثمة موجب لزيادة التقدير لصالح المصلحة، أن يحال الأمر إلى اللجنة المجتمعة بالتشكيل المبين آنفاً يكون من بين أعضائها مفتش التثمين المختص، وهو في الحالة مثار النزاع السيد/ وديع ميخائيل، الذي تكون مهمته طبقاً لتلك التعليمات فحص أسباب إعادة النظر في التثمين ومبررات الزيادة، ولا تملك اللجنة أن تزيد التقدير عن 10% من التقدير السابق اعتماده. ولكن الإجراءات في عملية التثمين هذه سارت في غير هذا المسار الطبعي بسبب تدخل المطعون عليه واستعجاله غير المألوف؛ إذ توجه إليه في مكتبه كل من مدير المساحة التفصيلية وكبير مفتشي التثمين في نفس اليوم الذي أتما فيه عملية الجشنى وعاينا الأرض واعتمد تقدير اللجنة الأولى، وتدخل بنفسه في عملية التثمين فكان أن انتهى تثمينه إلى اعتبار مبلغ 4 جنيه على حد قول كبير مفتشي التثمين و4.5 جنيه على حد قول مدير المساحة التفصيلية أساساً للعرض على ناظر الوقف، بناء على اقتراح المطعون عليه نفسه لمعرفته الشخصية بصقع الجهة وأسعارها، فوافقاه على ذلك، وكان مما دخل في اعتبارهم ما لوحظ أثناء العرض على المطعون عليه من أن الخانة الموضح بها رقم المنطقة تجاور الخانة المدرج بها أسعار المبيعات المتداولة بين الأهالي ويحتمل اعتبار رقم اللوحة جزءاً من السعر، واستناداً إلى أن الصفقة الخاصة بالعقد رقم 866/ 1949 للأرض الفضاء المجاورة لأرض الوقف من الجهة القبلية الشرقية كانت بواقع 6.500 مجـ للمتر المربع، وهي أحدث تعامل بالمنطقة، كما سمح المطعون عليه لنفسه بعد ذلك أن يتصل عقب ذلك، وفي نفس الاجتماع، بناظر الوقف ليتمارس معه على الثمن، فعرض عليه أولاً أن يكون السعر أربعة جنيهات فرفض الناظر، فرفعه إلى خمسة جنيهات فطلب منه الناظر إرجاء موافقته لحين عرض السعر على المستحقين في الوقف، ثم طلب المطعون عليه منهما تحرير مذكرة التثمين بسعر 5 جنيه للمتر، فوافقاه على ذلك، وفي اليوم التالي أخبر المطعون عليه كبير مفتشي التثمين بموافقة ناظر الوقف على هذا السعر وطلب إرسال مذكرة التثمين لاعتمادها مع تجهيز صيغة القبول الموقع عليها ناظر الوقف احتياطاً لعدم رفض التقدير مستقبلاً، كل ذلك ثابت من عيون الأوراق، وبوجه خاص من مذكرة كل من مفتش التثمين السيد/ أحمد شوقي المؤرخة 16 من ديسمبر سنة 1953 ومن مذكرة مدير المساحة التفصيلية السيد/ إبراهيم سامي عزام المؤرخة في ذات اليوم. وليس من شك في أن مسلك المطعون عليه في هذا كله هو مسلك المتعجل لإنهاء موضوع التثمين تعجلاً غير مألوف، المتدخل فيه تدخلاً يجعله يسير في مسار غير مساره الطبعي المرسوم في التعليمات، المقتحم لاختصاص هيئات أخرى كان ينبغي أن تباشر اختصاصها في تلك المراحل المتعاقبة، وبالتدرج الإداري المقرر على حسب الإجراءات المرسومة في التعليمات المذكورة، ضماناً لدقة التثمين على أساس عادل سليم، الموجه بمعلوماته الشخصية وبما تلقاه من ناظر الوقف من معلومات أخرى ثبت عدم صحتها، حتى انتهى التثمين إلى ما انتهى إليه من فارق صارخ بين هذا التثمين وتثمين اللجنة الأولى دون أن يتأكد من صحة هذه المعلومات أو دقتها، أو أن يستدعى أعضاء اللجنة الأولى أو رئيسها لتبيان الاعتبارات التي أقامت عليها تقديرها، المتسرع لإتمام هذا الموضوع على هذه الوجهة المعينة التي وجهها، فمارس ناظر الوقف في الاجتماع، وتعجل في اليوم التالي إرسال مذكرة التثمين الأخيرة لاعتمادها حسبما سلف إيضاحه.
ومن حيث إنه ما دامت الإدارة قد استخلصت تلك النتيجة استخلاصاً سائغاً من تلك الأصول المشار إليها، فانتهت إلى أن مسلك المطعون عليه كان معيباً وإجراء غير سليم ومخالفاً للتعليمات الواجب اتباعها في هذا الشأن، فإن القرار بإحالته إلى المعاش يكون قائماً على سببه، وهو إخلال الموظف بواجبات وظيفته والخروج على مقتضاها، وكان لها حرية تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك، وتقدير ما يناسبه من جزاء تأديبي في حدود النصاب القانوني إلى حد الإحالة إلى المعاش أو العزل التأديبي بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من قانون موظفي الدولة أو حد الإعفاء من الخدمة بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يسلط على القرار المذكور الرقابة القانونية في حدودها الطبيعية كما سلف تبيانه، وإنما أطرح ذلك؛ لما وقر في فهمه من أن المطعون عليه غير ملزم بتلك التعليمات، بينما هي كما سبق القول وقد صدرت ممن يملكها، في شكل قواعد تنظيمية عامة متسمة بطابع العمومية والتجريد، فإنها تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في شأن أعمال التثمين، فيلتزم بمراعاتها، لا المرؤوسون وحدهم، بل الرئيس نفسه كذلك، في التطبيق على الحالات الفردية طالما لم يصدر منه تعديل أو إلغاء لها، بنفس الأداة، أي بتنظيم عام مماثل، لا في تطبيق فردي قصراً عليه، أطرح الحكم ذلك، وهو مناط رقابته القانونية، وراح يناقش السعرين، وهل المتر المسطح من أرض الوقف يساوي جنيهاً ونصف أم يساوي خمسة جنيهات، وأخذ يوازن بين الاعتبارات الفنية والموضوعية التي قام عليها كل من التقديرين، لينتهي من هذه الموازنة إلى أن التقدير الأخير هو الأصح، بناء على القياس على أثمان المبيعات المتجاورة متخذاً في قياسه بوجه خاص العقد 866/ 1949 المسجل في 27 من يناير سنة 1949 ببيع 80 و113 متراً بثمن قدره 750 جنيهاً، وما ظنه من أن اللجنة الأولى وقعت في خطأ مادي عند تحديد أثمان المبيعات المجاورة بسبب وضع خانة اللوحة بدلاً من خانة الثمن في الكشف المخصص لذلك مما أنتج في العملية الحسابية ثمناً أقل للمتر المسطح، ومع أن القياس على أثمان المبيعات ليس من الاعتبارات الجوهرية التي يقوم عليها التقدير وإنما يرجع إليه من قبيل الاستئناس فقط طبقاً للمادة 16 من التعليمات، كما أن السيد/ وديع ميخائيل رئيس اللجنة الأولى أوضع في مذكرته المؤرخة 16 من ديسمبر سنة 1953 أنه لم يفتها استظهار أثمان المبيعات المتجاورة في العقود رقم 1886/ 1948، 2514/ 1946، 1660/ 1950، 1941/ 1947، 866/ 1949، 7498/ 1944 وبين عن العقد 866/ 1949 أن القطعة المبيعة "مسطحها صغير علاوة على أنها عند تنفيذ خط التنظيم بالمنطقة بشارع السروجية ستصبح واقعة على الشارع بعد ضم زوائد التنظيم إليها، هذا إلى أنه في مثل هذه الحالات قد يرفع الثمن خوفاً من الأخذ بالشفعة، كما أن على الأرض موضوع النزاع حق ركوب للغير على مسطح 200 متر تقريباً، وأن كبر المساحة له تأثير في التقدير وأن حدها البحري غير منتظم وبه عدة انكسارات" كما أشار على أن درب الأغوات الذي يحد الملك من الناحية القبلية ليست له أية قيمة تجارية، أما شارع الداودية، فلئن كانت به عدة دكاكين، إلا أن الأرض موضوع التثمين ليست لها واجهة كبيرة عليه إذ تبلغ حوالي 15.5 متراً فقط وهي ضئيلة بالنسبة إلى مسطح العقار - كما أن السيد أحمد شوقي مفتش التثمين لم يقل بأنه وقع فعلاً خطأ مادي في وضع رقم اللوحة محل ثمن العقار في الخانات المخصصة لذلك وإنه كان لذلك أثره في تصور ثمن المبيعات على غير الحقيقة، وإنما قال إنه شطب رقم اللوحة إذ "يحتمل اعتبار رقم اللوحة جزءاً من السعر" - كما قد بان من مراجعة خانات الكشف المشار إليه أنه لم يقع أي خطأ في وضع كل بيان في المكان المعد له - مع هذا كله، مما يدل على خطأ الحكم فيما انتهى إليه في هذا الشأن، فإنه ظاهر أن ما تصدت له المحكمة، وأقامت قضاءها أساساً عليه، هو من المسائل الموضوعية والفنية والملاءمات التقديرية التي تخرج عن حدود رقابتها القانونية، ويدخل في صميم عمل الإدارة بلا معقب عليها فيه من جهات القضاء الإداري.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه إذا قضى بإلغاء القرار المشار إليه وبالتعويض للمطعون عليه قد وقع مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وبإلزام المدعي بالمصروفات.