الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 مارس 2025

الطعن 4899 لسنة 90 ق جلسة 12 / 4 / 2021 مكتب فني 72 ق 36 ص 478

جلسة 12 من أبريل سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد خالد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مهاد خليفة ، عصام عباس ، محمود عاكف والسيد جابر نواب رئيس المحكمة .
------------------
(36)
الطعن رقم 4899 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
(2) تزوير " أوراق رسمية " . تقليد . قصد جنائي . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمتي التزوير وتقليد الأختام الحكومية . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه . تحقق القصد الجنائي فيهما بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر أو تقليد الخاتم مع انتواء استعمال أي منهما . التحدث استقلالاً عنه . غير لازم . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . اطمئنانها لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده ؟
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة إلى اتخاذه . غير مقبول .
مثال .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم ضبط أدوات التزوير والخاتم المقلد بحوزة الطاعن . لا يؤثر على ثبوت الجريمة . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) تقليد . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بشأن جرائم استعمال المحررات الرسمية المزورة وتزوير المحررات العرفية واستعمالها والنصب . غير مجد . متى أعمل الحكم المادة 32 عقوبات وعاقبه عن جريمة تقليد أختام حكومية الأشد .
(6) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " . تقليد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الاشتراك في جرائم التزوير أو التقليد . تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها . وجود علاقة مباشرة بين الشريك والفاعل الأصلي . غير لازم . علة وأساس ذلك ؟
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم إيراد الحكم في مدوناته أن الطاعن فاعلاً أصلياً في جناية تزوير المحررين الرسميين . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً يعيب الحكم .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
الأصل في الإجراءات الصحة . عدم جواز الادعاء بما يخالف ما أُثبت بمحضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير .
(10) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم اعتماده في الإدانة على قرينة المصلحة . غير مقبول . ما دام لم يعول عليها ولم تؤثر في قضائه .
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يُقبل منها " .
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " .
لمحكمة الموضوع التعويل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .
اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات . كفايته لاطراح الدفع بعدم جديتها .
(13) مسئولية جنائية . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بارتكاب متهم آخر للواقعة . غير مجد . ما دام ذلك لا يحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها .
(14) محكمة الإعادة .
إعادة المحاكمة أمام هيئة أخرى غير التي أصدرت الحكم الغيابي في مواد الجنايات . ليست شرطاً في القانون لصحة الإجراءات . منازعة الطاعن في هذا الشأن . غير مقبولة .
(15) وصف التهمة .
النعي على الحكم إضافة واقعة لم يشملها وصف الاتهام . غير مقبول . حد ذلك ؟
(16) قضاة " صلاحيتهم " .
الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك لتقديره حسبما يطمئن إليه .
(17) دعوى جنائية " وقفها " . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع بالإيقاف " .
وجوب وقف الدعوى الجنائية . متى كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى . تقدير جدية الدفع بالإيقاف . موضوعي . المادة 222 إجراءات جنائية .
(18) استجواب . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
طلب استجواب المتهم أمام المحكمة . موكول إليه شخصياً بناءً على طلب يبديه بنفسه في الجلسة . اقتصار مهمة الدفاع عنه على معاونته في تقديم أوجه دفاعه التي يراها في مصلحته سواء ما تعلق منها بالموضوع أو بالقانون . علة وأثر ذلك ؟
(19) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً .
(20) إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
إحالة المحكمة الدعوى إلى سلطة التحقيق عقب دخولها في حوزتها . غير جائز .
(21) أسباب الإباحة وموانع العقاب " استعمال الحق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
المادة 60 عقوبات . مفادها ؟
دفاع الطاعن بتوافر سبب من أسباب الإباحة . لا ينهض بذاته سنداً للتمسك بعدم العلم بالجريمة . ما دام لم يقدم الدليل على أنه تحرى تحريا ًكافياً وأنه كان يعتقد أنه يباشر عملا ً مشروعاً .
مثال .
(22) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(23) قانون " تفسيره " . حصانة . دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " . مجلس القضاء الأعلى . نيابة عامة .
الفقرة الرابعة من المادة 96 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون 46 لسنة 1972 . مفادها ؟
حصانة القضاة . مقررة للمنصب لا لشخص شاغله . زوالها بانحسار الصفة عن رجل القضاء .
مباشرة النيابة التحقيق مع الطاعن وإحالته للمحاكمة الجنائية بعد زوال صفته كقاضٍ دون إذن من مجلس القضاء الأعلى . صحيح .
مثال .
(24) حكم " حجيته " .
الأحكام القضائية الصادرة من مجلس تأديب القضاة وأعضاء النيابة العامة في دعاوى الصلاحية . غير قابلة للطعن فيها بأي طريق . مقتضى صدورها امتناع الطاعن عن مباشرة أعمال الوظيفة القضائية من تاريخ صدور الحكم البات . النعي بالتراخي في إبلاغه بمضمون قرار نقله إلى وظيفة غير قضائية وعدم صدور قرار جمهوري بذلك . غير مقبول . علة ذلك ؟
(25) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(26) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية تصويرها . موضوعي .
لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(27) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر من جانبها حاجة إليه . غير مقبول .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - ما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ولا محل له .
2- من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمتي التزوير في الأوراق الرسمية وتقليد الأختام الحكومية ما دام أنه قد أورد من وقائع الدعوى ما يدل عليه ، ويتحقق القصد الجنائي في هاتين الجريمتين متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر أو تقليد الخاتم ، مع إنتواء استعمال أي منهما في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة ، وليس أمراً لازماً على الحكم التحدث صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام فيما أورده من الوقائع ما يشهد لقيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومع ذلك فإن الحكم قد تحدث عن توافر أركان جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حق الطاعن ودلل عليها تدليلاً سائغاً ومقبولاً ، والمحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعن في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
3- لما كان البين من محضر جلسة المرافعة الختامية أن الطاعن ولئن أثار عدم استكتابه على بيانات المحررات المزورة ، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص ، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .
4- من المقرر أن عدم ضبط أدوات التزوير والخاتم المقلد بحيازة الطاعن لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمتي التزوير والتقليد إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير أو التقليد وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات طالما أن القانون الجنائي لم يحدد طرق إثبات معينة في دعاوى التزوير ولما كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اشتراك الطاعن في تزوير المحررين الرسميين وتقليد خاتم إحدى المصالح الحكومية واستعماله مما ساقه من أدلة على ذلك لها معينها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية واستعماله والاشتراك مع مجهول في ارتكاب تزوير في محررين رسميين واستعمالهما وتزوير محررات عرفية واستعمالها والنصب ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون للجريمة الأولى باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد جرائم استعمال المحررات المزورة وتزوير المحررات العرفية واستعمالها والنصب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
6- لما كان الاشتراك في جرائم التزوير أو التقليد يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، فإنه يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جرائم التزوير في المحررات الرسمية وتقليد الأختام الحكومية سالفة الذكر ، وكانت المادة 40 من قانون العقوبات لا تشترط في الشريك أن يكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة إذ الشريك إنما هو في الواقع شريك في الجريمة ذاتها يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في بيان عناصر الاشتراك في التزوير والتدليل عليها .
7- لما كان الحكم لم يورد في مدوناته أن الطاعن فاعلاً أصلياً في جناية تزوير المحررين الرسميين - خلافاً لما يزعمه - فإن تعييب الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
8- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان المشرع قد سوى بين من قلد بنفسه خاتم إحدى الجهات الحكومية المنصوص عليها في المادة ٢٠6 من قانون العقوبات وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره ، ما دام أنه كان مساهماً فيها ، مما يجعل مرتكب التقليد في الحالتين فاعلاً أصلياً في الجريمة ، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار الطاعن شريكاً في جريمة تزوير المحررات الرسمية لا يتعارض مع اعتباره فاعلاً أصلياً في جريمة تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية .
9- من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت بمحضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وكان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المرافعة والحكم بخصوص ذلك الدفاع ، فإن الزعم بأن إثباته مغاير للواقع يكون غير مقبول .
10- لما كان الطاعن يذهب في أسباب طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد - بين ما اعتمد عليه - في الإدانة على قرينة المصلحة والتي لا تصلح أساساً للإدانة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بهذا المنعى ولم يكن للقول بقرينة المصلحة تأثير في قضائه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
11- من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعويل الحكم على شهادة شاهدي الإثبات الأول والثالث لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ، ويكون منعاه في هذا الشأن لا محل له .
13- لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره من أن المتهم الآخر المجهول الذي اشترك في التزوير عجزت التحريات عن الوصول إليه طالما أن اتهام هذا الشخص لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها ،ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
14- لما كان قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي في حالة حضور المحكوم عليه أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة كشرط لصحة الإجراءات ، بل كل ما تطلبته المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة ، ومن ثم فإن ما يقوله الطاعن من وجوب نظرها أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي لا يكون على سند .
15- لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه قلد بواسطة الغير خاتم إحدى الجهات الحكومية (مكتب توثيق ....) واشترك في تزوير محررين رسميين ( توكيل وشهادة من واقع دفاتر التصديق ) واستعملهما مع علمه بتقليدهما وارتكب تزويراً في محررات عرفية واستولى على مبلغ نقدي بطرق احتيالية ، وهي بذاتها الوقائع التي دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها ، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح .
16- لما كانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .
17- لما كانت المادة ٢٢٢ من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو إنه دفع لا يؤيده الظاهر قصد به عرقلة السير في الدعوى وتأخير الفصل فيها ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض هذا الطلب بعد أن خلص إلى ثبوت التهمة في حق الطاعن ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
18- من المقرر أن طلب استجواب المتهم أمام المحكمة موكول إليه شخصياً ولا يصح إلا بناءعلى طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته لأنه صاحب الشأن الأول في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة ، أما مهمة المحامي عنه فهي معاونته في الدفاع بتقديم الأوجه التي يراها في مصلحته ما تعلق منها بالموضوع أم بالقانون ، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة الختامية أن الطاعن لم يطلب بنفسه استجوابه أمامها ، فإن ذلك يدل على أنه وجد أن مصلحته في عدم استجوابه ولا على المحكمة إن لم تجب المدافع عنه هذا الطلب .
19- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اختتم مرافعته بطلب براءة الطاعن ولم يطلب من المحكمة سماع شاهدي الإثبات الأول والثاني ، ولما كان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان طلب الطاعن بسماع شاهدي الإثبات الأول والثاني على المساق المتقدم غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته الشفوية ، فإن قالة الإخلال بحق الدفاع لا تكون لها محل .
20- من المقرر أنه ليس للمحكمة أن تحيل الدعوى على سلطة التحقيق بعد أن دخلت في حوزتها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير صحيح في القانون .
21- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتوافر سبب من أسباب الإباحة عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات ورد عليه في قوله : " إن نص المادة سالفة البيان قد قصد تطبيق أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة وكانت المحكمة قد انتهت إلى توافر عناصر القصد الجنائي للمتهم في الجرائم المسندة إليه من علم وإرادة واشتراك فيها كما لا يتوافر شرائط إعمال نص المادة لعدم وجود الحق بمقتضى الشريعة الذي استند إليه المتهم لارتكابه جرائمه الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن ذلك الدفع وترفضه " وكان من المقرر في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام قانون العقوبات لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة ، وكان دفاع الطاعن بتوافر سبب من أسباب الإباحة - إعمالاً للمادة 60 من قانون العقوبات سالفة الذكر - لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بعدم العلم بالجريمة ما دام لم يقدم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً ، وأنه كان يعتقد أنه يباشر عملاً مشروعاً والأسباب المعقولة التي تبرر لديه هذا الاعتقاد ، وإذ كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن في هذا الشأن ورد عليه بما يدفعه ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون بعيداً عن محجة الصواب .
22- لما كان يبين من محضر جلسة المرافعة الختامية ومذكرة دفاع الطاعن التي أمرت النيابة العامة لدى محكمة النقض بإرفاق صورة منها أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار بمذكرته إلى عدم سؤال الضابط / .... رئيس مباحث مركز .... إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، فإن ما أثاره بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، لما هو مقرر من أن تعييب التحقيق الذي تجريه سلطة التحقيق الابتدائي لا تأثير له على سلامة الحكم ، فإذا أجرت النيابة العامة تحقيقاً لم تسأل فيه أحد الأشخاص ، فذلك من حقها ولا بطلان فيه ، والأصل أن العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وما دام الدفاع لم يطلب منها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب ، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لطلب نقض الحكم .
23- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة وأمر الإحالة لعدم صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى بذلك ورد عليه بما أورده من أن الطاعن زالت عنه صفة القاضي بصدور قرار مجلس التأديب بإحالته إلى وظيفة غير قضائية قبل أن تباشر النيابة العامة التحقيقات ، وكانت الفقرة الرابعة من المادة 96 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة ١٩٧٢ قد نصت على أنه وفيما عدا ما ذكر لا يجوز أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلا بإذن من اللجنة المذكورة وبناء على طلب النائب العام ، وقد آل اختصاص اللجنة المشار إليها بهذه الفقرة إلى مجلس القضاء الأعلى بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 35 لسنة 1984 بشأن تعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية ، وكان لفظ القاضي بالفقرة الرابعة آنفة البيان إنما ينصرف لغة ودلالة إلى من يشغل منصب القاضي بالفعل بحسبانه عضواً في الهيئة القضائية باعتبار أنها أضفت عليه حصانة خاصة مقررة لمنصبه لا لشخصه فإذا انحسرت عنه هذه الصفة أصبح شأنه شأن أي موظف زالت عنه صفة الوظيفة لأي سبب من الأسباب وبالتالي فإن لفظ القاضي لا يمكن أن ينصرف إليه ، ولما كانت النيابة العامة قد باشرت التحقيقات في الدعوى الماثلة بعد أن زالت عن الطاعن صفة القاضي بصدور قرار مجلس التأديب بإحالته إلى وظيفة غير قضائية ، فإن إجراءات التحقيق التي باشرتها النيابة العامة في الدعوى الماثلة انتهاء بإحالتها إلى المحكمة دون إذن من مجلس القضاء الأعلى تكون قد تمت صحيحة وفقاً للطريق الذي رسمه القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه في غير محله .
24- لما كان من المستقر - في قضاء محكمة النقض - أن ما يصدره مجلس تأديب القضاة وأعضاء النيابة العامة في دعاوى الصلاحية إنما هي أحكام قضائية مسببة غير قابلة للطعن فيها بأي طريق ، وكان من مقتضى صدور مثل هذا الحكم البات أن يمتنع على الطالب من تاريخ صدوره مباشرة أعمال الوظيفة القضائية دون انتظار اتخاذ إجراءات تنفيذه ، ولا يقدح في ذلك ما نص عليه في المادتين 113 ، ١١٤ من قانون السلطة القضائية بأن يقوم وزير العدل بإبلاغ القاضي بمضمون القرار الصادر بالنقل إلى وظيفة غير قضائية خلال ثمانية وأربعين ساعة وباستصدار القرار الجمهوري بالنقل إلى الوظيفة الأخرى ، ذلك أن هذا القرار وذاك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - قاصران على تنفيذ العقوبة ، ويعتبر كلاهما من القرارات الكاشفة التي تقتصر على إثبات حالة قانونية سابقة على صدورها ومحققة بذاتها لكافة آثارها القانونية ، فلا يترتب على التأخير في صدور القرارات التنفيذية الخاصة بها أو التراخي في الإعلان بها أي مساس بتلك الحالة القائمة وبآثارها القانونية التي يكشف عنها القرار ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم تبليغه بقرار مجلس التأديب الأعلى أو عدم صدور القرار الجمهوري بنقله إلى الوظيفة الغير قضائية .
25- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن ماهية المستندات التي قدمها للمحكمة وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
26- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية تصويرها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب - في الأصل - من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
27- لما كان دفاع الطاعن لم يطلب ضم أية قضايا أو ندب لجنة من خبراء مصلحة الطب الشرعي لاستكتاب الشاهد الثالث أو أي إجراء معين في خصوص الدفوع وأوجه الدفاع المبداة منه ، ومن ثم فليس للطاعن النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو التوكيل رقم .... والمنسوب صدوره لمكتب توثيق .... وكان ذلك بطريق الاصطناع ، بأن اتفقا على إنشائه على غرار المحررات الصحيحة الصادرة من الجهة سالفة الذكر وساعده بأن أمده بالبيانات اللازم إثباتها فيه بأن يدعي على خلاف الحقيقة بكونه المجني عليه / .... وتوكيل من يدعى / .... بالبيع للنفس والغير قطعة الأرض الزراعية الكائنة .... مركز .... فقام المجهول بتدوينها بذلك المحرر ومهرها بتوقيعات عزاها زوراً للمختصين بمكتب توثيق .... وبصم بالخاتم المقلد موضوع الاتهام الثالث ونسبه زوراً للجهة سالفة الذكر ، فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو شهادة من واقع دفاتر التصديق على التوقيعات للتوكيل رقم .... والمنسوب صدورها لمكتب توثيق .... وكان ذلك بطريق الاصطناع ، بأن اتفقا على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة الصادرة من الجهة سالفة الذكر وساعده بأن أمده بالبيانات اللازم إثباتها فيه فقام المجهول بتدوينها بذلك المحرر ومهرها بتوقيعات عزاها زوراً للمختصين بمكتب توثيق .... وبصمها بالخاتم المقلد موضوع الاتهام الثالث ونسبه زوراً للجهة سالفة الذكر ، فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
قلد بواسطة الغير خاتم شعار الجمهورية " الخاتم الكودي لمكتب توثيق .... " وكان ذلك عن طريق الاصطناع ، بأن اصطنع على غرارها خاتم آخر واستعمله بأن بصم على المحرر المزور موضوع التهمة الثانية مع علمه بتقليده .
زور وآخر مجهول محررات عرفية واستعملها مع علمه بتزويرها بأن ارتكب تزويراً في عقدي البيع المؤرخين .... ، .... وذلك بوضعه توقيعات عزاها زوراً إلى المجني عليهما - .... ، .... - وإقراره بالعقد المؤرخ .... بتملكه قطعة الأرض كائنة بالحوض .... مركز .... على خلاف الحقيقة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
استعمل المحررات المزورة موضوع الاتهامات السابقة مع علمه بتزويرها ، بأن قدمهم إلى المجني عليه / .... محتجاً بها أنه مالك الأرض محل الواقعة .
توصل إلى الاستيلاء على مبلغ ثلاثة مليون وسبعمائة ألف جنيه المملوكة للمجني عليه / .... بالاحتيال بسلب بعض ثروته ، بأن استخدم طرقاً احتيالية من شأنها إيهام المجني عليه بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ، بأن تصرف إليه في قطعة أرض ليست مملوكة له وذلك بناء على تقديم المحررات المزورة محل الاتهامات السابقة على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 ، 41 ، 206 /2 ، 211 ، 212 ، 213 ، 214 ، 215 ، 336 /1 من قانون العقوبات ، وبعد إعمال نص المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبة المتهم .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليه وأمرت بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة وألزمته المصروفات الجنائية وأمرت بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزویر محررين رسميين واستعمالهما وتقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية وتزوير محررات عرفية واستعمالها والنصب ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان في الإجراءات والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها ، وجاء قاصراً في التدليل على توافر أركان الجرائم المسندة إلى الطاعن ، ملتفتاً عن دفاعه بانتفائها لشواهد عددها ، ودان الطاعن بجريمتي التزوير في محرر عرفي والنصب دون وجود بلاغ من المجني عليه ، ولم يستظهر عناصر الاشتراك في حق الطاعن وعلاقته بالفاعل الأصلي ، وتناقض الحكم حين أورد في موضع منه أن الطاعن فاعلاً أصلياً في جناية تزوير المحررين الرسميين ثم عاد ودانه باعتباره شريكاً فيها ، وهو ما يتناقض أيضاً مع اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة تقليد الأختام ، ونسب إلى الطاعن دفاعاً لم يقله ، وأدانه على قرينة المصلحة في التزوير ، وعول على أقوال شاهد الإثبات الأول رغم أنها لا تفيد إسناد الاتهام له ، وعلى أقوال الشاهد الثالث رغم سبق اتهامه في قضايا تزوير مماثلة قعدت المحكمة عن ضمها ، وعن استكتابه بمعرفة لجنة ثلاثية من مصلحة الطب الشرعي لبيان مدى تلاعبه في خطه ، وعول الحكم على أقوال الضابط وتحرياته معرضاً عن دفعه بعدم جديتها لشواهد عددها ، والتفتت عن طلب الطاعن إحالة الدعوى لدائرة أخرى لسبق إصدار الهيئة الحكم الغيابي مما يفقدها صلاحية الحكم فيها ، وأضافت وصفاً جديداً هو التزوير في محررات رسمية لم ترفع به الدعوى وتملكتها الرغبة المسبقة في الإدانة ، والتفتت عن طلبه إيقاف الدعوى الماثلة لحين الفصل في واقعة تزوير في محرر عرفي وحيازة الأرض موضوع المحرر المزور ، والتفتت المحكمة إيراداً ورداً عن طلبه استجواب واستدعاء شاهدي الإثبات لمناقشتهما وإجراء عرض قانوني لبائع الأرض ، والتفتت عن دفاعه بحسن نيته في البيع والشراء وعدم سؤال النيابة العامة لرئيس مباحث مركز .... ، وردت بما لا يسوغ على دفعه ببطلان التحقيقات لعدم الإذن بها من مجلس القضاء الأعلى ذلك لعدم صدور قرار جمهوري بإحالته لوظيفة غير قضائية ولم يبلغ بصدور هذا القرار ، والتفتت عن مستنداته وعن دفاعه بعدم معقولية الواقعة وتلفيق الاتهام وانتفاء صلته بها ولم تعن المحكمة بتحقيق دفوعه جميعها ، بما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمتي التزوير في الأوراق الرسمية وتقليد الأختام الحكومية ما دام أنه قد أورد من وقائع الدعوى ما يدل عليه ، ويتحقق القصد الجنائي في هاتين الجريمتين متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر أو تقليد الخاتم ، مع إنتواء استعمال أي منهما في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة ، وليس أمراً لازماً على الحكم التحدث صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام فيما أورده من الوقائع ما يشهد لقيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومع ذلك فإن الحكم قد تحدث عن توافر أركان جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حق الطاعن ودلل عليها تدليلاً سائغاً ومقبولاً ، والمحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعن في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المرافعة الختامية أن الطاعن ولئن أثار عدم استكتابه على بيانات المحررات المزورة ، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص ، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عدم ضبط أدوات التزوير والخاتم المقلد بحيازة الطاعن لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمتي التزوير والتقليد إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير أو التقليد وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات طالما أن القانون الجنائي لم يحدد طرق إثبات معينة في دعاوى التزوير ولما كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اشتراك الطاعن في تزوير المحررين الرسميين وتقليد خاتم إحدى المصالح الحكومية واستعماله مما ساقه من أدلة على ذلك لها معينها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية واستعماله والاشتراك مع مجهول في ارتكاب تزوير في محررين رسميين واستعمالهما وتزوير محررات عرفية واستعمالها والنصب ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون للجريمة الأولى باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد جرائم استعمال المحررات المزورة وتزوير المحررات العرفية واستعمالها والنصب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الاشتراك في جرائم التزوير أو التقليد يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، فإنه يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جرائم التزوير في المحررات الرسمية وتقليد الأختام الحكومية سالفة الذكر ، وكانت المادة 40 من قانون العقوبات لا تشترط في الشريك أن يكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة إذ الشريك إنما هو في الواقع شريك في الجريمة ذاتها يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في بيان عناصر الاشتراك في التزوير والتدليل عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يورد في مدوناته أن الطاعن فاعلاً أصلياً في جناية تزوير المحررين الرسميين - خلافاً لما يزعمه - فإن تعييب الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان المشرع قد سوى بين من قلد بنفسه خاتم إحدى الجهات الحكومية المنصوص عليها في المادة ٢٠6 من قانون العقوبات وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره ، ما دام أنه كان مساهماً فيها ، مما يجعل مرتكب التقليد في الحالتين فاعلاً أصلياً في الجريمة ، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار الطاعن شريكاً في جريمة تزوير المحررات الرسمية لا يتعارض مع اعتباره فاعلاً أصلياً في جريمة تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الإدعاء بما يخالف ما أثبت بمحضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وكان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المرافعة والحكم بخصوص ذلك الدفاع ، فإن الزعم بأن إثباته مغاير للواقع يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن يذهب في أسباب طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد - بين ما اعتمد عليه - في الإدانة على قرينة المصلحة والتي لا تصلح أساساً للإدانة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بهذا المنعى ولم يكن للقول بقرينة المصلحة تأثير في قضائه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعويل الحكم على شهادة شاهدي الإثبات الأول والثالث لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ، ويكون منعاه في هذا الشأن ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من أن المتهم الآخر المجهول الذي اشترك في التزوير عجزت التحريات عن الوصول إليه طالما أن اتهام هذا الشخص لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي في حالة حضور المحكوم عليه أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة كشرط لصحة الإجراءات ، بل كل ما تطلبته المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة ، ومن ثم فإن ما يقوله الطاعن من وجوب نظرها أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي لا يكون على سند . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه قلد بواسطة الغير خاتم إحدى الجهات الحكومية (مكتب توثيق ....) واشترك في تزوير محررين رسميين ( توكيل وشهادة من واقع دفاتر التصديق ) واستعملهما مع علمه بتقليدهما وارتكب تزويراً في محررات عرفية واستولى على مبلغ نقدي بطرق احتيالية ، وهي بذاتها الوقائع التي دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها ، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٢٢٢ من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو إنه دفع لا يؤيده الظاهر قصد به عرقلة السير في الدعوى وتأخير الفصل فيها ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض هذا الطلب بعد أن خلص إلى ثبوت التهمة في حق الطاعن ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن طلب استجواب المتهم أمام المحكمة موكول إليه شخصياً ولا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته لأنه صاحب الشأن الأول في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة ، أما مهمة المحامي عنه فهي معاونته في الدفاع بتقديم الأوجه التي يراها في مصلحته ما تعلق منها بالموضوع أم بالقانون ، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة الختامية أن الطاعن لم يطلب بنفسه استجوابه أمامها ، فإن ذلك يدل على أنه وجد أن مصلحته في عدم استجوابه ولا على المحكمة إن لم تجب المدافع عنه هذا الطلب . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اختتم مرافعته بطلب براءة الطاعن ولم يطلب من المحكمة سماع شاهدي الإثبات الأول والثاني ، ولما كان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان طلب الطاعن بسماع شاهدي الإثبات الأول والثاني على المساق المتقدم غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته الشفوية ، فإن قالة الإخلال بحق الدفاع لا تكون لها محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس للمحكمة أن تحيل الدعوى على سلطة التحقيق بعد أن دخلت في حوزتها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير صحيح في القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتوافر سبب من أسباب الإباحة عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات ورد عليه في قوله : أن نص المادة سالفة البيان قد قصد تطبيق أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة وكانت المحكمة قد انتهت إلى توافر عناصر القصد الجنائي للمتهم في الجرائم المسندة إليه من علم وإرادة واشتراك فيها كما لا يتوافر شرائط إعمال نص المادة لعدم وجود الحق بمقتضى الشريعة الذي استند إليه المتهم لارتكابه جرائمه الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن ذلك الدفع وترفضه ، وكان من المقرر في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام قانون العقوبات لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة ، وكان دفاع الطاعن بتوافر سبب من أسباب الإباحة - إعمالاً للمادة 60 من قانون العقوبات سالفة الذكر - لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بعدم العلم بالجريمة ما دام لم يقدم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً ، وأنه كان يعتقد أنه يباشر عملاً مشروعاً والأسباب المعقولة التي تبرر لديه هذا الاعتقاد ، وإذ كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن في هذا الشأن ورد عليه بما يدفعه ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المرافعة الختامية ومذكرة دفاع الطاعن التي أمرت النيابة العامة لدى محكمةالنقض بإرفاق صورة منها أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار بمذكرته إلى عدم سؤال الضابط / .... رئيس مباحث مركز .... إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، فإن ما أثاره بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، لما هو مقرر من أن تعييب التحقيق الذي تجريه سلطة التحقيق الابتدائي لا تأثير له على سلامة الحكم ، فإذا أجرت النيابة العامة تحقيقاً لم تسأل فيه أحد الأشخاص ، فذلك من حقها ولا بطلان فيه ، والأصل أن العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وما دام الدفاع لم يطلب منها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب ، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لطلب نقض الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة وأمر الإحالة لعدم صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى بذلك ورد عليه بما أورده من أن الطاعن زالت عنه صفة القاضي بصدور قرار مجلس التأديب بإحالته إلى وظيفة غير قضائية قبل أن تباشر النيابة العامة التحقيقات ، وكانت الفقرة الرابعة من المادة 96 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة ١٩٧٢ قد نصت على أنه وفيما عدا ما ذكر لا يجوز أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلا بإذن من اللجنة المذكورة وبناء على طلب النائب العام ، وقد آل اختصاص اللجنة المشار إليها بهذه الفقرة إلى مجلس القضاء الأعلى بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 35 لسنة 1984 بشأن تعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية ، وكان لفظ القاضي بالفقرة الرابعة آنفة البيان إنما ينصرف لغة ودلالة إلى من يشغل منصب القاضي بالفعل بحسبانه عضواً في الهيئة القضائية باعتبار أنها أضفت عليه حصانة خاصة مقررة لمنصبه لا لشخصه فإذا انحسرت عنه هذه الصفة أصبح شأنه شأن أي موظف زالت عنه صفة الوظيفة لأي سبب من الأسباب وبالتالي فإن لفظ القاضي لا يمكن أن ينصرف إليه ، ولما كانت النيابة العامة قد باشرت التحقيقات في الدعوى الماثلة بعد أن زالت عن الطاعن صفة القاضي بصدور قرار مجلس التأديب بإحالته إلى وظيفة غير قضائية ، فإن إجراءات التحقيق التي باشرتها النيابة العامة في الدعوى الماثلة انتهاء بإحالتها إلى المحكمة دون إذن من مجلس القضاء الأعلى تكون قد تمت صحيحة وفقاً للطريق الذي رسمه القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المستقر - في قضاء محكمة النقض - أن ما يصدره مجلس تأديب القضاة وأعضاء النيابة العامة في دعاوى الصلاحية إنما هي أحكام قضائية مسببة غير قابلة للطعن فيها بأي طريق ، وكان من مقتضى صدور مثل هذا الحكم البات أن يمتنع على الطالب من تاريخ صدوره مباشرة أعمال الوظيفة القضائية دون انتظار اتخاذ إجراءات تنفيذه ، ولا يقدح في ذلك ما نص عليه في المادتين 113 ، ١١٤ من قانون السلطة القضائية بأن يقوم وزير العدل بإبلاغ القاضي بمضمون القرار الصادر بالنقل إلى وظيفة غير قضائية خلال ثمانية وأربعين ساعة وباستصدار القرار الجمهوري بالنقل إلى الوظيفة الأخرى ، ذلك أن هذا القرار وذاك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - قاصران على تنفيذ العقوبة ، ويعتبر كلاهما من القرارات الكاشفة التي تقتصر على إثبات حالة قانونية سابقة على صدورها ومحققة بذاتها لكافة آثارها القانونية ، فلا يترتب على التأخير في صدور القرارات التنفيذية الخاصة بها أو التراخي في الإعلان بها أي مساس بتلك الحالة القائمة وبآثارها القانونية التي يكشف عنها القرار ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم تبليغه بقرار مجلس التأديب الأعلى أو عدم صدور القرار الجمهوري بنقله إلى الوظيفة الغير قضائية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن ماهية المستندات التي قدمها للمحكمة وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية تصويرها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب - في الأصل - من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن لم يطلب ضم أية قضايا أو ندب لجنة من خبراء مصلحة الطب الشرعي لاستكتاب الشاهد الثالث أو أي إجراء معين في خصوص الدفوع وأوجه الدفاع المبداة منه ، ومن ثم فليس للطاعن النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 283 لسنة 33 ق جلسة 16 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 146 ص 930

جلسة 16 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

------------------

(146)

الطعن رقم 283 لسنة 33 القضائية

عاملون بالقطاع العام - إجازات - ضوابط إضافية للإجازات.
المادة (65) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام.
فوض المشرع مجلس إدارة الشركة في وضع القواعد والضوابط لتنظيم الإجازات بالشركة - يشترط ألا يكون من شأن هذه الضوابط إهدار الحكمة من هذه الإجازات - عدم قيام العامل بتقديم الإجازة على نموذج خاص ليس من شأنه إهدار حقه في الإجازة متى توافر مناط استحقاقها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21/ 12/ 1986 أودع محامي الشركة الطاعنة - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 283 لسنة 33 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الطعن التأديبي رقم 225 لسنة 27 ق بجلسة 1/ 11/ 1986 والذي قضى بإلغاء القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم يوم من أجره لغيابه يوم 2/ 3/ 1985. والقرار الصادر بمجازاته بخصم يوم من أجره لاعتدائه على الرؤساء وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد طلبت الشركة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وقد علم المطعون ضده بالطعن وحضر محاميه بجلسة المرافعة بتاريخ 29/ 12/ 1987 وقدم مذكرة بدفاعه.
وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة حيث قامت بتحضيره وأودعت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه القاضي بإلغاء القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم يوم من راتبه لاعتدائه على الرؤساء والحكم برفض الطعن على هذا القرار ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/ 12/ 1987 حيث قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 29/ 12/ 1987 وفي هذه الجلسة تقرر حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 16/ 2/ 1988 وفي الجلسة المحددة للنطق بالحكم تمت تلاوة منطوقه علناً وأودعت المسودة المشتملة على الأسباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن الماثل قد أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً سائر الأوضاع الشكلية، فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن واقعات النزاع - حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أن المطعون ضده كان قد أقام طعناً تأديبياً أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية قيد برقم 225 لسنة 27 ق بتاريخ 9/ 5/ 1985 طلب فيه الحكم بإلغاء القرارات الصادرة بمجازاته من الشركة المطعون ضدها وما يترتب على ذلك من آثار وقال المطعون ضده شارحاً دعواه إنه يعمل بالشركة المصرية لتصدير الأقطان أمين شونة وقد أوقعت الشركة ضده عدة جزاءات هي خصم يومين من أجره لغيابه بدعوى تعديه على أحد العاملين بجمعية فرفرة القطن، وخصم يوم من الأجر بسبب غيابه عن العمل يوم 2/ 3/ 1985 وخصم يوم بدعوى تعديه على لجنة جرد العهدة يوم 3/ 3/ 1985، وقد طلب المطعون ضده إلغاء هذه الجزاءات استناداً إلى أنه كان في إجازة عارضة يوم 2/ 3/ 1985. وإلى أنه لم يثبت قبله واقعة التعدي المنسوبة إليه.
وبجلسة 1/ 11/ 1985 حكمت المحكمة التأديبية في الطعن التأديبي المشار إليه بإلغاء القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم يوم من أجره لغيابه يوم 2/ 3/ 1985 والقرار الصادر بمجازاته بخصم يوم من الأجر لاعتدائه على الرؤساء وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه بالنسبة للقرار الصادر بمجازاة الطاعن (المطعون ضده) بخصم يومين من أجره لاعتدائه على أحد العاملين بجمعية فرفرة القطن فإن الثابت من الأوراق أن الشركة قد أجرت تحقيقاً إدارياً في المذكرة المقدمة بشأن هذا الاعتداء يوم 24/ 2/ 1985 وقد ثبت من التحقيق صحة اعتداء الطاعن (المطعون ضده) بالقول على أحد العاملين بالجمعية المذكورة ومن ثم يكون الجزاء الصادر ضده عن هذه الواقعة قد قام على سبب صحيح يبرره ويكون طلب الحكم بإلغائه في غير محله ويتعين الحكم برفضه.
وبالنسبة لطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر في 18/ 3/ 1985 بمجازاة الطاعن (المطعون ضده) بخصم يوم من الأجر عن واقعة غيابه يوم 2/ 3/ 1985 وبخصم يوم من الأجر عن واقعة تعديه على الرؤساء فقد ذهبت المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها (الطاعنة) قد أجريت تحقيقاً إدارياً في شأن ما تضمنته مذكرة مدير عام التشغيل والحركة المؤرخة 5/ 3/ 1985. من غياب الطاعن دون إذن يوم 2/ 3/ 1985 وقد ثبت من هذا التحقيق أن الطاعن قد طلب احتساب هذا اليوم إجازة عارضة بسبب مرض والدته، ومن ثم تكون الحكمة من هذه الإجازة متوافرة في شأنه خاصة وأنه لم يثبت من الأوراق انتهاء رصيده منها، ولا ينال من ذلك ما أبداه مدير عام إدارة التشغيل والحركة من عدم جدية العذر الذي أبداه الطاعن إذ لم يفصح عن الأساس الذي بني عليه ما ارتآه هذا بالإضافة إلى أن الأصل هو حسن النية ما لم يثبت العكس.
وعن طلب إلغاء القرار الصادر بمجازاة الطاعن (المطعون ضده) عن واقعة الاعتداء على الرؤساء فالثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها "الطاعنة" أجرت تحقيقاً في هذه الواقعة بناء على المذكرة المقدمة بتاريخ 4/ 3/ 1985 من مدير عام التشغيل والحركة وقد ثبت من الأوراق والتحقيقات أنه ليس هناك ثمة اعتداء بالقول من جانب (الطاعن) على رؤسائه وأن ما ذكره رئيس قسم الحركة من أن الطاعن تفوه بألفاظ خارجة عن اللياقة لا تطمئن إليه المحكمة لأن الأوراق قد خلت من دليل آخر يؤيده، ومن ناحية أخرى فإن ما طلبه الطاعن من تسليم صورة قرار تشكيل لجنة الجرد ليس فيه اعتداء على أعضاء اللجنة أو رئيسها، ومن ثم يتعين إلغاء الجزاء المشار إليه.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى على هذا الحكم أنه قد صدر مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
أولاً: وذلك لأنه خالف نص المادة 62 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 التي تنص على أنه "لا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة يستحقها في حدود الإجازات المقررة في المواد التالية وطبقاً للضوابط والإجراءات التي يضعها مجلس الإدارة" وقد وضع مجلس الإدارة القواعد المنظمة للإجازات العارضة وأوجبت تلك القواعد على العامل أن يبدي عند عودته الأسباب التي دعت إلى عدم الإخطار مقدماً فإذا لم يوافق المدير المباشر على قبول عذره اعتبر غياباً بدون إذن وفي جميع الأحوال يجب على العامل أن يقدم فور عودته طلباً باحتساب هذه الإجازة على النموذج المعد لذلك وأنه لما كان المطعون ضده قد خالف هذه القواعد فإن القرار الصادر بمجازاته يكون مبنياً على سبب صحيح ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه قد صدر على خلاف صحيح حكم القانون خليقاً بالإلغاء.
ثانياً: إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد تعدى بالقول مع أعضاء لجنة الجرد المشكلة لجرد عهدته يوم 3/ 3/ 1985 وتسبب في تعطيل العمل وقد أيد ذلك أقوال الشهود، ومن ثم يكون قد ارتكب المخالفة المنصوص عليها في البند 52 من لائحة الجزاءات بالشركة التي وضعها مجلس إدارة الشركة تطبيقاً لنص المادة 82 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978، ومن ثم يكون القرار الصادر بخصم يوم من أجره عن هذه الواقعة قراراً صحيحاً ويتعين الحكم بتأييده وإذ قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون قد صدر على خلاف أحكام القانون.
وانتهت الشركة الطاعنة في ختام تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طعن المطعون ضده.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان قد تغيب عن العمل بالشركة الطاعنة يوم 2/ 3/ 1985 وعندما عاد إلى عمله في اليوم التالي تقدم بما يفيد عذره عن هذا الغياب مبرراً إياه بمرض والدته، ومن ثم فإنه وطبقاً لحكم المادة 62 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام يكون المطعون ضده قد تغيب عن العمل بإذن وطبقاً للقواعد المقررة في هذه المادة، وذلك لأن القانون قد نص في المادة 65 على أن يستحق العامل في حدود القواعد والضوابط التي يضعها مجلس الإدارة الإجازات الآتي بيانها:
1 - إجازة عارضة بأجر كامل لمدة سبعة أيام في السنة وذلك لسبب طارئ يتعذر معه طلب الحصول على أية إجازة أخرى ولا تحسب ضمن الإجازة السنوية المقررة.
والواضح من هذا النص أن المشرع قد راعى الظروف الطارئة التي تعترض حياة العامل فمنحه الحق في الغياب عن العمل بسبب أحد هذه الظروف بدون أن يلزمه بالحصول على الإذن بها مسبقاً وبدون إلزام عليه بأن يبدي عذره فيها مقدماً، وأنه ولئن كان المشرع قد فوض مجلس إدارة الشركة أو المنشأة في وضع القواعد والضوابط لهذه الإجازات إلا أن ذلك لا يعني أن تكون هذه الضوابط من شأنها إهدار الحكمة من هذه الإجازات أو وضع قيود شكلية على العاملين يكون من شأن تخلفها إهدار حقهم المقرر قانوناً في تلك الإجازة فإذا جاء مجلس الإدارة واشترط على العامل أن يقدم طلب الإجازة أو يبدي العذر الطارئ على نموذج خاص فإن عدم اتباع العامل هذه القواعد الشكلية ليس من شأنه إهدار حق العامل في الإجازة التي توافر مناط استحقاقها وإذ كان الثابت من الواقعة محل الطعن أن المطعون ضده قد تغيب يوم 3/ 3/ 1985 لعذر طارئ ولم يثبت بالدليل أنه عذر مختلق أو واقعة مكذوبة اللهم ما ورد في مذكرة مدير عام التشغيل والحركة بالشركة الطاعنة بدون دليل يؤيده، فإنه يترتب على ذلك أن يكون القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده عن واقعة الغياب بدون إذن عن هذا اليوم قراراً غير قائم على سبب يبرره خليقاً بالإلغاء، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بذلك فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن فيه خليقاً بالرفض.
وبالنسبة للقرار الصادر بمجازاة المطعون ضده عن واقعة تعديه على أعضاء لجنة جرد العهدة يوم 3/ 3/ 1985 فإن الثابت من الأوراق أن أعضاء هذه اللجنة هم أنفسهم أعضاء اللجنة التي قامت بفتح المخزن عهدة المطعون ضده يوم 2/ 3/ 1985. حالة تغيبه في ذلك اليوم وأنها هي المسئولة عن الزيادة التي وجدت بذلك المخزن والتي اكتشفت في اليوم التالي وأن كل ما أتاه المطعون ضده بالنسبة لأعضائها أنه أصر على طلب صورة قرار تشكيلها بغية استكمال مستنداته المخزنية خاصة وأن عملها قد تعدى حصر العهدة إلى صرف وتسليم الكهنة مما يستلزم الحصول على قرار تشكيل اللجنة وإذن الصرف للاحتفاظ بهما في سجلات المخزن وأن ما نسب إلى المطعون ضده من أقوال وجهها إلى اللجنة المشار إليها لا يؤكده الدليل المستمد من أقوال الشهود الذين لم يتفقوا على حقيقة العبارات المنسوبة إليه كما أن بعضهم قد أنكر سماعه لها متعللاً بغيابه عن موقع العمل آنذاك، فضلاً عن استفزازه اللجنة للمطعون ضده بإصرارها على مباشرة أعمال الجرد رغماً عنه وبدون تسليمه صورة قرار تشكيلها رغم تشككه من إجراء عملها في اليوم السابق حالة كونه غائباً وما نسب إليه بسببها من وجود زيادة في عهدته واختلاف بين محتويات المخزن والبيانات الدفترية به وهي كلها أمور كانت توجب بعث الثقة في نفس المطعون ضده واطلاعه على صورة قرار تشكيل لجنة الجرد هذا وأن التمسك بحق مشروع للعامل لا يفيد تعديه على رؤسائه ولا يمكن أن ينسب إليه التسبب في تعطيل العمل خاصة وقد تناقضت أقوال الشهود بالتحقيقات حول هذه الواقعة، ومن ثم يكون القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده بسبب هذه الواقعة قراراً غير مبني على سبب صحيح ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه حكماً سليماً ومستنداً إلى صحيح حكم القانون ويكون الطعن فيه خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

الطعن 21594 لسنة 84 ق جلسة 2 / 9 / 2020 مكتب فني 71 ق 71 ص 653

جلسة 2 من سبتمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ عاصـم الغايش نائب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسن علي ، جمال حسن جودة وأبو الحسين فتحي نواب رئيس المحكمة ومحمد يوسف .
---------------------------
(71)
الطعن رقم 21594 لسنة 84 القضائية
حكم " حجيته " " تسبيبه . تسبيب معيب " . جريمة " الجريمة المستمرة " . خطف . اقتران . مواقعة أنثى بغير رضاها . دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
حجية الأحكام . مناطها : وحدة الخصوم والموضوع والسبب . اتحاد السبب في الدعويين . شرطه ؟
الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية . ماهيتها ؟
جريمة خطف أنثى المقترنة بمواقعتها . مستمرة . تجددها ببقاء المخطوفة في موضع خطفها بإرادة الفاعل . قيامه بمواقعتها حال استمرار تلك الحالة الجنائية يوفر الاقتران . اطراح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بجناية أخرى دون استظهار كون واقعة الخطف سند الدفع هي ذاتها موضوع الدعوى الحالية من عدمه وتاريخ ومكان حدوثها ومدى التقارب الزمني بينهما . قصور يوجب النقض والإعادة . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يُحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ، ولما كانت الجريمة متلاحقة الأفعال التي تُعْتَبَر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني من بادئ الأمر ، على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة ، وبصورة منتظمة ، بحيث يكون كل نشاط يُقبِل به الجاني على فعل من تلك الأفعال مُتشابهاً أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه ، وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يتناسب حملها على أنها جميعاً تُكوِّن جريمة واحدة . لما كان ذلك ، وكان البيِّن مد الحكم المطعون فيه أنه قد أسَّس قضائه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم .... لسنة .... جنايات .... على سند من القول باختلاف الموضوع والسبب ، دون أن يستظهر ما إذا كانت واقعة الخطف سند الدفع هي بذاتها موضوع الدعوى الحالية أم لا ، وتاريخ ومكان حدوثها ، وهل كانت في مكان واحد أو زمن متقارب مع تاريخ الدعوى الحالية ، أم في زمن منفصل تمامًا عن الزمن الذي وقعت فيه الجريمة محل الدعوى الراهنة ؛ حتى يمكن الوقوف من ذلك على ما إذا كانت هذه الأعمال في مجموعها نتيجة قصد جنائي واحد ونشاط إجرامي مُتَّصِل قبل صدور الحكم في الجناية رقم .... لسنة .... ، فَيِصِحّ الدفع وتمتنع محاكمة الطاعن ، أم أنها غير ذلك فلا يَصِحّ الدفع ، وذلك باعتبار أن جريمة خطف أنثى المقترنة بمواقعتها هي جريمة مستمرة تمتد الحالة الجنائية فيها ، وتتجدَّد بتدخل إرادة الفاعل في بقاء المخطوفة في الموضع الذي أخفاها فيه ، فإذا قام الفاعل أثناء استمرار الحالة الجنائية بمواقعة المخطوفة توافَر في حقه ظرف الاقتران ، لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبًا بالقصور مما يُعجِز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، وهو ما يوجب نقضه والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- خطف بالتحايل المجني عليها الطفلة / .... ، بأن استوقفها إبان سيرها بالطريق العام وأوهمها باصطحابها لمقابلة والدته للزواج منها ، وقام باقتيادها إلى العين محل الواقعة على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد اقترنت تلك الواقعة بجناية أخرى ، هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان :
- واقع بطريق الإكراه الواقع على المجني عليها سالفة الذكر باستعمال القوة والتهديد بأن تعدى عليها بالضرب مُحْدِثاً بها الإصابات المبينة بالأوراق وقام بحسر ملابسها عنها عنوة وجثم فوقها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- احتجز المجني عليها الطفلة / .... بدون أمر أحد الحُكَّام المختصين بذلك ، وفي غير الأحوال التي تصرح بها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمادتين 280 ، 289 /3،1 من قانون العقوبات ، المُعَدَّل بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 ، والمادة 116 مكرراً من القانون رقم 12 لسنة 1996 ،المُعَدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ، باعتبار أن الواقعة خطف من غير تحايل ولا إكراه واحتجاز بدون أمر أحد الحكام .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي خطف طفلة لم تبلغ ست عشرة سنة من غير تحيل ولا إكراه المقترن بمواقعتها ، واحتجازها بغير حق ، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم .... لسنة .... جنايات .... بدلالة وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، وقد تقارب زمان ارتكابهما ، ورغم تقديمه صورة من الجناية سند الدفع تدليلاً على صحته ، إلَّا أن المحكمة رفضته خلافاً لصحيح القانون ، وردَّت عليه بما لا يصلح ردّاً ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يُحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ، ولما كانت الجريمة متلاحقة الأفعال التي تُعْتَبَر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني من بادئ الأمر ، على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة ، وبصورة منتظمة ، بحيث يكون كل نشاط يُقبِل به الجاني على فعل من تلك الأفعال مُتشابهاً أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه ، وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يتناسب حملها على أنها جميعًا تُكوِّن جريمة واحدة ، لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد أسَّس قضائه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم .... لسنة .... جنايات .... على سند من القول باختلاف الموضوع والسبب ، دون أن يستظهر ما إذا كانت واقعة الخطف سند الدفع هي بذاتها موضوع الدعوى الحالية أم لا ، وتاريخ ومكان حدوثها ، وهل كانت في مكان واحد أو زمن متقارب مع تاريخ الدعوى الحالية ، أم في زمن منفصل تماماً عن الزمن الذي وقعت فيه الجريمة محل الدعوى الراهنة ؛ حتى يمكن الوقوف من ذلك على ما إذا كانت هذه الأعمال في مجموعها نتيجة قصد جنائي واحد ونشاط إجرامي مُتَّصِل قبل صدور الحكم في الجناية رقم .... لسنة .... فَيِصِحّ الدفع وتمتنع محاكمة الطاعن ، أم أنها غير ذلك فلا يَصِحّ الدفع ، وذلك باعتبار أن جريمة خطف أنثى المقترنة بمواقعتها هي جريمة مستمرة تمتد الحالة الجنائية فيها ، وتتجدَّد بتدخل إرادة الفاعل في بقاء المخطوفة في الموضع الذي أخفاها فيه ، فإذا قام الفاعل أثناء استمرار الحالة الجنائية بمواقعة المخطوفة توافَر في حقه ظرف الاقتران . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور مما يُعجِز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، وهو ما يوجب نقضه والإعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 3103 لسنة 84 ق جلسة 24 / 2 / 2021 مكتب فني 72 ق 38 ص 242

جلسة 24 من فبراير سنة 2021
برئاسة السيد القاضـي/ حسني عبد اللطيف "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ ربيع محمد عمر، محمد شفيع الجرف، محمد محمود نمشة "نواب رئيـس المحكمة" وسامح سلامة عبد المجيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(38)
الطعن رقم 3103 لسنة 84 القضائية
(2،1) حكم " عيوب التدليل : القصور في التسبيب " .
(1) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم . أثـره . قصور مبطـل .
(2) التفات الحكم عن التحدث عن مستندات قدمها الخصم وتمسك بدلالتها . قصور .
(4،3) إيجار " القواعد العامة في الإيجار : فســخ عقد الإيجار : الشرط الفاسخ الصريح " .
(3) الشرط الفاسخ الصريح في العـقـد . مناطه . ثبوت قيامه وعدم العدول عنه . قبول المؤجر الوفاء المتأخر . مؤداه . إسقاطه لحقه في إعمال الشرط الفاسخ الصريح . أثره . عدم قبول تمسكه بالشرط المذكور عند التأخر في الوفاء بأقساط لاحقة .
(4) تمسك الطاعن بوجود اتفاق بينه وبين المطعون ضدهما على وفائه بأجرة عين النزاع مجمعة كل عدة أشهر وتدليله على ذلك بالمستندات . دفاع جوهري . قضاء الحكم المطعون فيه بفسخ عقد الإيجار إعمالًا للشرط الفاسخ الصريح لعدم الوفاء بالأجرة في الميعاد المحدد دون تمحيص ما تمسك به الطاعن من مستندات دالة على تعديل ميعاد الاستحقاق ومغفلًا هذا الدفاع إيرادًا وردًا . قصور وفساد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًّا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها؛ إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير في الدعوى وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها مع ما يكون لها من الدلالة، فإنه يكون مشوبًا بالقصور.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه إذا تضمن العقد شرطًا صريحًا فاسخًا، فإنه يلزم حتى يفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان وقوع الفسخ مرتبطًا بالتأخير في سداد قسط في الموعد المحدد له، وتبين أن المؤجر أسقط حقه في استعمال الشرط الصريح الفاسخ المقرر لصالحه عند التأخر في سداد باقي الأقساط في موعدها بقبوله السداد بعد هذا الموعد منبئًا بذلك عن تنازله عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ، فإنَّ تمسكه بهذا الشرط بعد ذلك لا يكون مقبولًا.
4- إذ كان الطاعن قد تمسك –على وجه حافظة مستنداته التي قدمها لمحكمة الاستئناف بجلسة 16/11/2013– بوجود اتفاق بينه وبين المطعون ضدهما على وفائه بأجرة عين النزاع مجمعة كل عدة أشهر لكون محل إقامتهما بمحافظة سوهاج، وقدم تدليلًا على دفاعه مستندات تفيد وفاءه بالأجرة عن المدة من 1/11/2009 حتى 31/8/2010 بإيصال استلام أجرة موقع عليه من المطعون ضده الثاني بتاريخ 31/8/2010، والمدة من 1/2/2011 حتى 30/4/2011 بإيصال استلام أجرة موقع عليه من المطعون ضده الثاني بتاريخ 1/5/2011، والمدة من 1/5/2011 حتى 30/9/2011 بإيصال استلام أجرة موقع عليه من المطعون ضده الأول بتاريخ 15/9/2011، وكانت لهذه المستندات دلالة على تعديل مواعيد الوفاء بالأجرة بما ينبئ عن العدول عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ بقبول الأجرة بعد ميعاد الاستحقاق، وإذ قام الطاعن بالوفاء بأجرة المدة محل المطالبة من 1/10/2011 حتى 1/2/2012 بتاريخ 12/4/2012 جريًا على الوفاء السابق المنبئ عن تعديل ميعاد الاستحقاق، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة قد أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار سند الدعوى لتحقق الشرط الفاسخ المنصوص عليه به، دون أن يعرض لهذا الدفاع إيرادًا أو ردًا، أو لدلالة هذه المستندات وما ألمحت إليه من تعديل مواعيد الوفاء بالأجرة، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقررُ، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2012 أمام محكمة الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/2/2006 وإخلاء عين النزاع والتسليم، وقالا بيانًا لذلك : إنه بموجب هذا العقد استأجر منهما الطاعن تلك الشقة بأجرة شهرية مقدارها مائتان وعشرة جنيهات تُدفع مقدمًا أول كل شهر يُخصم منها مبلغ مائة جنيه من المقدم المدفوع لحين نفاده، إلا أنه لم يقم بالوفاء بالأجرة عن المدة من 1/10/2011 حتى 1/2/2012 بإجمالي مبلغ 550 جنيهًا رغم إنذاره، فأقاما الدعوى، حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 130 ق القاهرة "مأمورية استئناف الجيزة"، وبتاريخ 17/12/2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم مؤقتًا حتى يفصل في موضوع الطعن، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه يوجد اتفاق بينه وبين المطعون ضدهما على الوفاء بالأجرة مجمعة كل عدة أشهر نظرًا لإقامتهما بمحافظة سوهاج، بما يسقط حقهما في التمسك بالشرط الفاسخ المقرر لصالحهما، ودلل على ذلك بالمستندات، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يرد عليه ولم يعرض لدلالته رغم جوهريته، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المقرر –في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًّا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها؛ إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه. وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير في الدعوى وتمسك بدلالتها، فالتفت الحكم عن التحدث عنها مع ما يكون لها من الدلالة، فإنه يكون مشوبًا بالقصور. وكان من المقرر أنه إذا تضمن العقد شرطًا صريحًا فاسخًا، فإنه يلزم حتى يُفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان وقوع الفسخ مرتبطًا بالتأخير في سداد قسط في الموعد المحدد له، وتبين أن المؤجر أسقط حقه في استعمال الشرط الصريح الفاسخ المقرر لصالحه عند التأخر في سداد باقي الأقساط في موعدها بقبوله السداد بعد هذا الموعد منبئًا بذلك عن تنازله عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ، فإنَّ تمسكه بهذا الشرط بعد ذلك لا يكون مقبولًا. لمَّا كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك –على وجه حافظة مستنداته التي قدمها لمحكمة الاستئناف بجلسة 16/11/2013– بوجود اتفاق بينه وبين المطعون ضدهما على وفائه بأجرة عين النزاع مجمعة كل عدة أشهر لكون محل إقامتهما بمحافظة سوهاج، وقدم تدليلًا على دفاعه مستندات تفيد وفاءه بالأجرة عن المدة من 1/11/2009 حتى 31/8/2010 بإيصال استلام أجرة موقع عليه من المطعون ضده الثاني بتاريخ 31/8/2010، والمدة من 1/2/2011 حتى 30/4/2011 بإيصال استلام أجرة موقع عليه من المطعون ضده الثاني بتاريخ 1/5/2011، والمدة من 1/5/2011 حتى 30/9/2011 بإيصال استلام أجرة موقع عليه من المطعون ضده الأول بتاريخ 15/9/2011، وكانت لهذه المستندات دلالة على تعديل مواعيد الوفاء بالأجرة بما ينبئ عن العدول عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ بقبول الأجرة بعد ميعاد الاستحقاق، وإذ قام الطاعن بالوفاء بأجرة المدة محل المطالبة من 1/10/2011 حتى 1/2/2012 بتاريخ 12/4/2012 جريًا على الوفاء السابق المنبئ عن تعديل ميعاد الاستحقاق، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة قد أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار سند الدعوى لتحقق الشرط الفاسخ المنصوص عليه به دون أن يعرض لهذا الدفاع إيرادًا أو ردًا، أو لدلالة هذه المستندات وما ألمحت إليه من تعديل مواعيد الوفاء بالأجرة، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 116 لسنة 58 ق جلسة 15 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 أحوال شخصية ق 37 ص 205

جلسة 15 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: أحمد نصر الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.

------------------

(37)
الطعن رقم 116 لسنة 58 القضائية "أحوال شخصية"

(1) دعوى الأحوال الشخصية "الإجراءات".
خلو الحكم من بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية أو مضمون هذا الرأي. لا يبطله ما دامت النيابة أبدت رأيها بالفعل وأثبت ذلك بالحكم.
(2) المسائل الخاصة بالمسلمين "طاعة". دعوى الأحوال الشخصية "الحكم في الدعوى".
الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. شرطه. اتحاد الموضوع والخصوم والسبب. الحكم في الاعتراض بعدم الاعتداد بإعلان الطاعة لخلوه من بيان مسكن الزوجية لا يمنع من نظر الاعتراض الثاني المبني على أن المسكن غير مستوفى شرائطه الشرعية وعدم أمانة المطعون ضده. علة ذلك.

-------------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 وإن أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي لا تختص بها المحكمة الجزئية إلا أن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم ما دامت النيابة قد أبدت رأيها بالفعل في مذكرتها وأثبت ذلك بالحكم. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة قدمت مذكرة برأيها وأثبت الحكم المطعون فيه في مدوناته أن النيابة قدمت مذكرة بالرأي وهو ما يكفي لتحقيق مراد الشارع من وجوب تدخل النيابة العامة في قضايا الأحوال الشخصية والوقف. ولا عليه بعد ذلك إن لم يورد اسم عضو النيابة الذي قدم المذكرة أو مضمونها ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يتحد الموضوع والخصوم والسبب في الدعويين فإذا تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد اعترضت على إعلان الطاعة الموجه إليها من المطعون ضده بتاريخ... بالاعتراض رقم... وثبتت المحكمة أوجه الاعتراض وانتهت إلى أن الحكم بعدم الاعتداد بإعلان الطاعة بخلوه من بيان مسكن الزوجية الذي يدعوها للعودة إليه - إلا أن المطعون ضده عاد ووجه لها إعلاناً آخر بتاريخ... اعترضت عليه الطاعنة بالدعوى المطروحة ومن ثم يكون موضوع الاعتراض الماثل مغايراً لموضوع الاعتراض الأول ولا يمنع الحكم الصادر فيه من نظر الاعتراض الثاني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1014 لسنة 1985 أحوال شخصية كلي دمنهور على المطعون ضده للحكم بعدم الاعتداد بالإعلان الموجه لها منه في 17/ 12/ 1985 بدعوتها للعودة لمنزل الزوجية واعتباره كأن لم يكن. وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته ومد خولته وفي عصمته، وإذ دعاها بموجب ذلك الإعلان للعودة إلى المسكن المبين به، وكان هذا المسكن غير مستوف شرائطه الشرعية، وهو غير أمين عليها نفساً ومالاً. فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين. حكمت المحكمة بتاريخ 29/ 2/ 1986 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية (مأمورية دمنهور) بالاستئناف رقم 7 لسنة 87 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 20/ 4/ 1988 حكمت برفض الاستئناف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض - قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه بالبطلان من وجهين: تقول في بيان أولهما أن اسم المطعون ضده الصحيح هو... وكما ورد بديباجة الحكم المستأنف، إلا أن الحكم المطعون فيه أورد بديباجته أن اسم المطعون ضده وهو ما يخالف الاسم الصحيح بما يعيبه بالبطلان. وتقول في بيان الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أغفل ذكر اسم عضو النيابة الذي أودع مذكرة النيابة في الاستئناف، ولا يغني ذلك إيراد اسم وكيل النيابة الذي حضر جلسة النطق بالحكم. كما خلا الحكم المطعون فيه من بيان رأي النيابة ولا يصلح لاستقامته ما أورده بمدوناته - من أن النيابة قدمت مذكرة بالرأي - وهو ما يعيبه بالبطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح في وجهه الأول ذلك أن البين من مطالعة النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه أنها تضمنت الاسم الصحيح للمطعون ضده وهو مما يكون معه النعي بهذا الوجه في غير محله. ومردود في وجهه الثاني ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 وإن أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي لا تختص بها المحكمة الجزئية إلا أن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم ما دامت النيابة قد أبدت رأيها بالفعل في مذكرتها وأثبت ذلك بالحكم. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة قدمت مذكرة برأيها وأثبت الحكم المطعون فيه في مدوناته أن النيابة قدمت مذكرة بالرأي وهو ما يكفي لتحقيق مراد الشارع من وجوب تدخل النيابة العامة في قضايا الأحوال الشخصية والوقف. ولا عليه بعد ذلك إن لم يورد اسم عضو النيابة الذي قدم المذكرة أو مضمونها ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده سبق أن وجه إليها إعلاناً للدخول في طاعته واعترضت عليه بالاعتراض رقم 444 لسنة 1985 أحوال شخصية كلي دمنهور الذي قضي فيه بعدم الاعتداد بالإعلان وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي وإذ تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بحجية الحكم الصادر في الاعتراض المشار إليه. والتفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع مستنداً إلى أن المطعون ضده وجه إليها إعلاناً آخر بالدخول في طاعته بتاريخ 17/ 12/ 1985 موضوع الاعتراض الماثل يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يتحد الموضوع والخصوم والسبب في الدعويين فإذا تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد اعترضت على إعلان الطاعة الموجه إليها من المطعون ضده بتاريخ 24/ 7/ 1985 بالاعتراض رقم 444 لسنة 1985 أحوال شخصية كلي دمنهور. وبحثت المحكمة أوجه الاعتراض وانتهت إلى الحكم بعدم الاعتداد بإعلان الطاعة لخلوه من بيان مسكن الزوجية الذي يدعوها للعودة إليه - إلا أن المطعون ضده عاد ووجه لها إعلاناً آخر بتاريخ 17/ 12/ 85 اعترضت عليه الطاعنة بالدعوى المطروحة ومن ثم يكون موضوع الاعتراض الماثل مغايراً لموضوع الاعتراض الأول ولا يمنع الحكم الصادر فيه من نظر الاعتراض الثاني ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه أن المطعون ضده لم يعد لها مسكناً شرعياً ودائم الاعتداء عليها وغير أمين عليها نفساً ومالاً وقد حكم عليه بعقوبة الحبس في القضية رقم 3025 لسنة 1985 جنح أبو حمص لتبديده منقولاتها إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري وأحال في أسبابه إلى حكم محكمة أول درجة الذي اطمأن إلى شهادة شاهدي المطعون ضده والتي ينفيها الحكم الصادر في الاعتراض السابق. فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الطاعنة لم تقدم أمام محكمة الموضوع صورة رسمية من الحكم الصادر بحبس المطعون ضده في الجنحة رقم 3025 لسنة 1985 لتبديده منقولاتها ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص عارياً عن الدليل. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الاعتراض على سند مما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضده أنه أعد للطاعنة مسكناً مستوفياً شرائطه وأرسل في طلب عودتها إليه وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويكفي وحده لحمل قضائه فإن النعي عليه بأن الحكم الصادر في الاعتراض السابق رقم 444 لسنة 1985 بعدم الاعتداد بإعلان الطاعة ينفي ما قرر به الشاهدين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 114 لسنة 58 ق جلسة 15 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 أحوال شخصية ق 36 ص 202

جلسة 15 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: أحمد نصر الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.

----------------

(36)
الطعن رقم 114 لسنة 58 القضائية "أحوال شخصية"

المسائل الخاصة بالمسلمين "زواج".
الزواج الصحيح. شرطه. أن تكون المرأة محلاً لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها وأن يحضر زواجهما شاهدان. زنا الزوجة - وإن ثبت - لا أثر له في محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه ولا يبطل عقد زواجهما الذي تم صحيحاً.

---------------
المقرر في فقه الأحناف لكي يكون الزواج صحيحاً له وجود يحترمه الشارع ويرتب عليه آثاره الشرعية أن تكون المرأة محلاً لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها، وأن يحضر زواجهما شاهدان. لما كان ذلك وكان زنا الزوجة - إن ثبت - لا يؤثر في محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه أو يبطل عقد زواجهما وكان الثابت من الأوراق أن عقد زواج الطاعنة بالمطعون ضده تم صحيحاً فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد حكم محكمة أول درجة فيما ذهب إليه من أن زنا الزوجة يؤدي إلى بطلان زواجهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 60 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية طنطا ضد الطاعنة بطلب الحكم ببطلان عقد زواجهما المحرر في 20/ 10/ 1978. وقال بياناً لذلك إنه بتاريخ 20/ 10/ 1978 تزوج بالطاعنة وإذ أقرت له عند انتقالها إليه في أوائل سنة 1981 بارتكابها الزنا مع آخر وحملت منه فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 23/ 12/ 1986 بإبطال عقد زواجهما المؤرخ 20/ 10/ 1978 استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 12 لسنة 37 أحوال شخصية. وبتاريخ 9/ 4/ 1988 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي أقام قضاءه بإبطال عقد زواجها بالمطعون ضده المؤرخ 20/ 10/ 1978 على سند من أنها أقرت بارتكابها الزنا مع غيره وحكم بإدانتها عن ذلك وإذ كان الحكم الصادر فيه بالإدانة لا يبطل عقد الزواج بعد أن استوفى أركانه الشرعية فإن الحكم المطعون فيه وقد أيد هذا القضاء يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في فقه الأحناف لكي يكون الزواج صحيحاً له وجود يحترمه الشارع ويرتب عليه آثاره الشرعية أن تكون المرأة محلاً لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها، وأن يحضر زواجهما شاهدان. لما كان ذلك وكان زنا الزوجة - إن ثبت - لا يؤثر في محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه أو يبطل عقد زواجهما وكان الثابت من الأوراق أن عقد زواج الطاعنة بالمطعون ضده تم صحيحاً فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد حكم محكمة أول درجة فيما ذهبت إليه من أن الزنا يؤدي إلى بطلان عقد زواجهما. فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

الطعنان 3512 لسنة 29 ق ، 1362 لسنة 30 ق جلسة 16 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 145 ص 922

جلسة 16 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

-------------------

(145)

الطعنان رقما 3512 لسنة 29 القضائية و1362 لسنة 30 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - (جامعة الشعوب الإسلامية والعربية) (قرار إداري).
قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980.
يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن على قرار صادر من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية بإنهاء خدمة أحد موظفيها المصريين - أساس ذلك - تبعية الجمعية المذكورة للإشراف المباشر لرئيس الجمهورية - لا وجه للقول بإعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على الموظفين السابقين الموجودين بمصر بعد نقل مقر الجامعة إلى تونس - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25 من أغسطس عام 1983 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 6/ 1983 في الدعوى رقم 863 لسنة 35 ق المقامة من الدكتور...... ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وأمين عام جامعة الشعوب الإسلامية والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن لهيئة قضايا الدولة بتاريخ 3/ 9/ 1983.
وبتاريخ الثلاثاء 27/ 3/ 1984 أودع الأستاذ الدكتور....... المحامي تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة في ذات الحكم وذلك بصفته وكيلاً عن الدكتور..... وذلك بعد أن تقدم بتاريخ 26/ 7/ 1983 بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية قيد برقم 211 لسنة 29 ق فصل فيه بتاريخ 31/ 1/ 1984 فأقام طعنه المشار إليه طلب فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم تحضير الطعنين بهيئة مفوضي الدولة وأودعت فيهما تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 23/ 3/ 1987 وفيها قررت ضم الطعن رقم 1362 لسنة 30 ق إلى الطعن رقم 3512 لسنة 29 ق ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 3/ 6/ 1987 قررت الدائرة الثالثة فحص طعون إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - وحددت لنظره جلسة 20/ 10/ 1987 وبهذه الجلسة وما تلاها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وبجلسة 29/ 12/ 1987 أرجأت المحكمة النطق بالحكم لجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين وقد قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة وردت في 12/ 1/ 1988 طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد، واحتياطياً برفضه موضوعاً.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن كلاً من الطعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الدكتور...... قد أقام الدعوى رقم 863 لسنة 35 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 27/ 1/ 1981 ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وأمين عام جامعة الشعوب الإسلامية طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 183 الصادر من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية بتاريخ 23/ 10/ 1980 بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 14/ 10/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأسس دعواه على أنه يعمل مديراً عاماً بالإنابة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية وقد اتفقت غالبية هذه الدول على نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس وذلك كرد فعل من هذه الدول لإبرام مصر لاتفاقية كامب ديفيد ومعاهد السلام مع إسرائيل، وقد اختار المدعي البقاء في القاهرة مستجيب إلى قرار رئيس الجمهورية بعدم شرعية قرارات دول الرفض وبقاء الجامعة بمنظماتها في القاهرة وظلت الحكومة المصرية تدير الجامعة إدارة مباشرة حيث لم يعد هناك أعضاء بها غير مصر وظل موظفو الجامعة من المصريين يباشرون أعمالهم تحت الإشراف المباشر للحكومة المصرية إلى أن صدر قرار رئيس الجمهورية في 9/ 10/ 1980 متضمناً إنشاء جامعة الشعوب الإسلامية والعربية وقضى في مادته السابعة على أن يتولى الأمين العام الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وتوجيه أعمالها لخدمة جامعة الشعوب الإسلامية والعربية وأبلغت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بهذا القرار بكتاب الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية بتاريخ 12/ 10/ 1980 وقد تضمن هذا الخطاب أنه تنفيذاً لهذا القرار فإنه اعتباراً من 9/ 10/ 1980 يعهد عدم اتخاذ أي إجراء بشأن الموظفين أو صرف أية مبالغ إلا بعد الرجوع إلى الأمانة العامة وأن يكون التوقيع الأول على الشيكات للأمين العام المشرف على جامعة الدول العربية السابقة والتوقيع الثاني للمسئول المالي وأن توافى الأمانة العامة خلال ثلاث أيام ببيانات عن الموظفين والمركز المالي والأرصدة النقدية، وبذلك تكون الجمعية التأسيسية قد أفصحت عن وضع أعضاء الجامعة العربية السابقة وأنهم مجرد موظفين تابعين للجمعية التأسيسية للجامعة الجديدة ومن ثم موظفين في الحكومة المصرية التي تعتبر الجمعية التأسيسية جزءاً لا يتجزأ منها، وعلى أثر ذلك توالت من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية قرارات إنهاء خدمة العاملين بجامعة الدول العربية دون مبرر ومن بين هذه القرارات القرار المطعون فيه رقم 183 بتاريخ 23/ 10/ 1980 المتضمن إنهاء خدمة الطاعن المدعي اعتباراً من 14/ 10/ 1980. وأضاف المدعي في عريضة دعواه أنه تقرر إعلان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في 14/ 10/ 1980 من قبل الجمعية التأسيسية بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 9/ 10/ 1980 وتفسيراً من الجمعية له أرسلت خطاباً مضمونه أن إشراف الأمين العام للجمعية التأسيسية على جامعة الدول العربية ومنظماتها لا تخول له ممارسة الأعمال التقليدية من إدارية ومالية لأن ممارسة هذه الأعمال هما من صحيح صلاحيات المديرين العامين للمنظمات العربية، وأجاب الأمين العام على ذلك بالقرار المطعون فيه مما يؤكد أن الفصل كان نتيجة لتلك المذكرة وأنه استند في ديباجته على هذه المذكرة. ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن الفصل قد تم دون مبرر ظاهر أو سبب مقبول وأن الفصل استند إلى مذكرة المنظمة للأمين العام للجمعية التأسيسية وقد وضح ذلك من أمرين: الأول: أن مذكرة المنظمة هي السبب في الفصل، والثاني: أن تحقيقاً لم يجر مع المدعي في أية مخالفة يمكن نسبتها إليه الأمر الذي يعيب القرار ولا يمكن القول بأن القرار المطعون فيه قد صدر في إطار تصفية جامعة الدول العربية لأنه قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 513 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية وقضى في المادة السابعة منه أن يتولى الأمين العام بالتعاون مع الجمعية التأسيسية إجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات المعنية لاختيار ممثلي الشعوب العربية والإسلامية ومتابعة الأعمال التأسيسية للجامعة ويتولون الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وتوجيه أعمالها لخدمة أهداف جامعة الشعوب العربية والإسلامية وعلى أثر ذلك توالت الأصوات مطالبة ببقاء جامعة الدول العربية حتى لا ينقطع خيط الرجاء في عودة المتضامن العربي إلى سابق عهده واستجابة لهذه النداءات أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 578 لسنة 1980 بتعديل المادة السابعة حيث سلبت من الأمين العام للجمعية التأسيسية سلطة الإشراف على جامعة الدول العربية ومنظماتها وتعدل وضع الجامعة المشار إليه بما يقطع باستمرارها قائمة وإن كانت قد زالت عنها صفتها الدولية بحيث أصبحت تابعة لوزارة الخارجية المصرية، كما أنه في الوقت الذي تم فيه فصل المدعي وزملائه فقد تم تعيين غيرهم وخلص المدعي إلى القول بأن فصله بغير الطريق التأديبي لا يتفق وأحكام القانون وبالتالي يكون جديراً بالإلغاء.
وقد ردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن القضاء المصري غير مختص بنظر الدعاوى التي ترفع على جامعة الدول العربية والمنظمات المتخصصة استناداً إلى أحكام اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية المصدق عليها في مصر بالقانون رقم 89 لسنة 1954 علماً بأن مصر ما زالت عضواً في جامعة الدول العربية ولم تنسحب منها أو من المنظمات التابعة لها وأن قيام جامعة الشعوب الإسلامية والعربية لا يتعارض مع وجود واستمرار جامعة الدول العربية ومنظماتها المتخصصة.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 29/ 6/ 1983 قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن نقل جامعة الدول العربية من مصر وتجميد عضويتها بها لا يعنى انقضاء الجامعة أو زوال شخصيتها لأن مصر ما زالت متمسكة بعضويتها فيها ولم تنسحب منها وقد أصدرت الحكومة المصرية بياناً في 3 من إبريل سنة 1979 بعدم الاعتداد بالقرارات غير الشرعية التي صدرت من الدول العربية في مؤتمر بغداد في نوفمبر سنة 1978 ومارس 1979 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين استمرار الجامعة ومنظمتها في إدارة أعمالها وإذ اتجه الرأي إلى تغيير أو إنهاء خدمة أحد العاملين بأجهزة جامعة الدول العربية ومنظماتها بالقاهرة فإنه يتعين الالتزام بالقواعد والإجراءات المعمول بها طبقاً للأنظمة واللوائح الخاصة بالجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة وأنه استناداً إلى أحكام اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية التي صدقت عليها مصر بالقانون رقم 89 لسنة 1954. فإن القضاء المصري لا يختص بنظر هذه الدعوى.
ومن حيث إن طعن هيئة مفوضي الدولة يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون الآتي:
أولاً: أن المدعي وقت صدور القرار المطعون فيه رقم 183 في 23/ 10/ 1980 بإنهاء خدمته اعتباراً من 14/ 10/ 1980 - لا يمكن القول باعتباره في ذلك الوقت من العاملين بإحدى المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية حتى يمكن القول بتمتعه بمزايا وحصانات جامعة الدول العربية، وإنما كان مع غيره من موظفي الجامعة المصريين الذين رفضوا الانتقال إلى تونس استجابة لدواعي وظيفية واستمروا يباشرون أعمال وظائفهم بالقاهرة تحت إشراف الأمانة العامة لجامعة الشعوب العربية والإسلامية تطبيقاً للقرار الجمهوري رقم 533 لسنة 1980.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه قد أغفل حقيقة أن جامعة الدول العربية ومنظماتها المتخصصة ومنها المنظمة التي يتبعها المدعي - لم يعد لها وجود بعد نقل مقرها ونقض وتجميد عضوية مصر بها تنفيذاً لقرارات مؤتمر بغداد. كما أن الطعن المقام من الدكتور....... يقوم على ذات السببين المشار إليهما مضافاً إليهما أنه حين تم فصل الطاعن وزملائه من رؤساء الاتحادات والمنظمات التابعة للجامعة العربية قد تم إلحاق غيرهم بالعمل مما يدل على أنه لم يكن هناك مبرر للفصل وأن تصريحات المسئولين في الصحف كانت قاطعة الدلالة على بقاء الجامعة مجردة من صفتها الدولية. كما أن الفصل كان بأثر رجعي من 14/ 10/ 1980 وبغير الطريق التأديبي مما يجعله على غير سند من الشرعية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن الدكتور...... كان يعمل بوظيفة مدير أول ومدير عام بالإنابة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وهي إحدى المنظمات المنبثقة عن جامعة الدول العربية وأنه عقب إبرام حكومة جمهورية مصر العربية اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل عقد مؤتمر بغداد في مارس سنة 1979 وفيه قررت الدول العربية المجتمعة من بين القرارات التي اتخذت تجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة وجميع المنظمات والمكاتب التابعة لها من القاهرة إلى تونس وبعض البلاد العربية وقد تم تنفيذ القرار بالفعل ونقل مقر الجامعة إلى تونس وتبع ذلك أن العاملين بجامعة الدول العربية ومنظماتها من غير المصريين نقلوا تبعاً لذلك أما الطاعن ومعه نفر من العاملين بالجامعة ممن يحملون جنسية جمهورية مصر العربية فقد أثروا البقاء في القاهرة ورفضوا الانتقال إلى مقر الجامعة الجديد في تونس واستمروا يباشرون أعمال وظائفهم بالقاهرة.
ومن حيث إنه بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1980 صدر بقرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية ونص في المادة السابعة منه على أن يتولى الأمين العام لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وتبعاً لذلك فإن موظفوا جامعة الدول العربية السابقة يباشرون أعمال وظائفهم تحت الإشراف المباشر للأمين العام لجامعة الشعوب العربية والإسلامية وقد قامت الأمانة العامة لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية بإرسال الكتاب رقم 690 في 12/ 10/ 1980 إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي يتولى الطاعن إدارتها - ذكرت فيه أنها تبلغها بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 6/ 10/ 1980 ونرجو اعتباراً من هذا التاريخ مراعاة ما يأتي:
(1) عدم اتخاذ أي إجراء في شأن الموظفين أو صرف أية مبالغ إلا بعد الرجوع للأمانة العامة.
(2) يكون التوقيع الأول على الشيكات للأمين العام المشرف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة والتوقيع الثاني للمسئول المالي.
(3) توافي الأمانة العامة خلال ثلاثة أيام ببيانات وافية عن الموظفين والمركز المالي والأرصدة النقدية.
وقد ردت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بخطابها رقم 626 المرسل للأمانة العامة لجامعة الشعوب العربية والإسلامية في 14/ 10/ 1980 بأنه لا تتفق مع الأمانة العامة فيما ذهبت إليه من تفسير قرار رئيس الجمهورية الصادر في 6/ 10/ 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية ذلك لأن إشراف الأمين العام للجمعية التأسيسية على جامعة الدول العربية ومنظماتها لا يخوله ممارسة الأعمال التنفيذية من إدارية ومالية المشار إليها في مذكرة الأمانة العامة لأن ممارسة هذه الأعمال هي من صحيح صلاحيات المديرين العامين للمنظمات العربية. وبتاريخ 23/ 10/ 1980 أصدر الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية قراره رقم 183 بإنهاء خدمة السيد الدكتور....... اعتباراً من 14/ 10/ 1980 وقد تضمن القرار في ديباجته أنه صدر بعد الاطلاع على مذكرة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم رقم 626 بتاريخ 14/ 10/ 1980 "خطاب المنظمة المشار إليه".
ومن حيث إن ميثاق جامعة الدول العربية الموقع بالقاهرة في عام 1945 لا يخرج من كونه مجموعة من قواعد القانون الدولي التي تقوم أساساً على رضا المخاطبين بأحكامه وأنه بصدور قرار مؤتمر بغداد في مارس سنة 1979 بتجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة ومنظماتها المتخصصة من القاهرة إلى تونس لم يعد لها وجود دولي في مصر بالمعنى القانوني الدولي وأن بقاء مبنى الجامعة في مصر ومنظماتها بعد ذلك بالفعل لا يسبغ عليها الصفة الدولية التي زالت عنها بصدور قرارات الدول العربية في مؤتمر بغداد ونقل مقر الجامعة إلى تونس، ولا يغير من ذلك أن حكومة جمهورية مصر العربية قد أصدرت بياناً بتاريخ 3 من إبريل سنة 1979 بعدم الاعتداد بالقرارات غير الشرعية التي صدرت من الدول العربية في مؤتمري بغداد في نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين استمرار الجامعة ومنظماتها في أداء أعمالها ذلك لأن هذا البيان لا يغير من الواقع شيئاً ولا يبعث الحياة لمقر جامعة الدول العربية في مصر ولا تقوم بعد ذلك وتكتسب الصفة الدولية والحصانات القانونية بإرادة مصر المنفردة ببيانها السابق الإشارة إليه. والقول بأعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على موظفي الجامعة السابقة الموجودين في مصر لا يجد له سنداً من القانون الدولي بعد النقل إلى تونس والإجراءات المشار إليها وهذه الوجهة من النظر تجد لها سنداً قوياً من الاعتراف الرسمي بهذه الحقيقة ذلك لأنه يبين من مطالعة نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980 المشار إليه بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية أنه قضى في المادة السابعة على أن يتولى الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة فلفظ جامعة الدول العربية السابقة صريح في الدلالة على أن الجامعة العربية لم يعد لها وجود في القاهرة هي أو المنظمات المتخصصة المنبثقة عنها من الناحية الفعلية والقانونية.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية المنشأة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 533 لسنة 1980 الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1980 وذلك باعتبار الأمين العام مشرفاً على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة. وذلك إعمالاً لنص المادة السابعة من القرار الجمهوري آنف الذكر وبالتالي صادر من سلطة تتبع الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية وفي موضوع جائز الطعن فيه فمن ثم فإن الاختصاص بنظر الطعن في هذا القرار ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وتختص به محكمة القضاء الإداري. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى على سند من القول بأن القضاء المصري لا يختص بنظره - يكون هذا الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر قضاؤه على مسألة الاختصاص فقط ولم يتطرق للموضوع فإنه إعمالاً لنص المادة 369 من قانون المرافعات يتعين إعادة أوراق الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل في موضوعها، وحتى لا تهدر درجة من درجات التقاضي وهو حق أصيل للخصوم.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلتزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات وأن الطعون المقامة من رئيس هيئة مفوضي الدولة لا تستحق عليها رسوم ومن ثم فإن الفصل في المصروفات يقتصر على الطعن رقم 1362 لسنة 30 ق المقام من الدكتور....... وإذ خسرت الجهة الإدارية هذا الطعن فيتعين إلزامها بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بنظر الدعوى رقم 863 لسنة 35 ق وبإعادة أوراقها إليها للفصل في موضوعها وألزمت جهة الإدارة مصروفات الطعن رقم 1362 لسنة 30 ق.

السبت، 22 مارس 2025

الطعن 758 لسنة 29 ق جلسة 16 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 144 ص 919

جلسة 16 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

---------------

(144)

الطعن رقم 758 لسنة 29 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - قرار نقل منطوي على جزاء مقنع - القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين بالقطاع العام.
إن إجراء نقل العامل بمناسبة اتهامه لا ينطوي بحكم اللزوم على تأديب مقنع إذ يتعين إقامة الدليل على ذلك حتى لا يصبح العامل المسيء في وضع أكثر تميزاً من العامل الذي يجوز نقله وفقاً لمقتضيات مصلحة العمل - اقتران النقل ينطوي على جزاء مقنع تتعدد به العقوبة عن فعل واحد طالما أن النقل قصد به مصلحة العمل - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 2/ 1983 أودع وكيل الطاعن عن الأستاذ....... المحامي سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجداول المحكمة برقم 758 لسنة 29 ق عليا ضد السيد/...... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة والبترول بجلسة 18/ 12/ 1982 في الدعوى رقم 148 سنة 16 ق والقاضي بإلغاء القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها بنقل الطاعن من وظيفة رئيس قسم مبيعات الفيوم للعمل بمكتب سوهاج وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه والقضاء برفض الدعوى رقم 148 سنة 16 ق مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وأعلن الطاعن إلى المطعون ضده.
وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة حيث أودعت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت إحالته إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 29/ 12/ 1987 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 16/ 2/ 1988 وفيها تم النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 148 سنة 16 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة ضد الجمعية التعاونية للبترول طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 5 سنة 1982 الصادر بنقله من وظيفته المسكن عليها كرئيس لقسم المبيعات بالفيوم للعمل بمكتب الشركة بسوهاج بالزيادة على أن يكلف بالأعمال التي يسندها إليه مدير منطقة قنا، ونعى المذكور على هذا القرار أنه يخفي في طياته جزاء تأديبياً مقنعاً لصدوره عقب صدور قرار بخصم شهرين من مرتبه بالإضافة إلى أنه لا يجوز معاقبته عن فعل واحد مرتين كما أنه يحمل تنزيلاً من وظيفته من رئيس فرع مبيعات الشركة بالفيوم إلى موظف بمكتب سوهاج بالزيادة دون وظيفة أو عمل.
وبجلسة 18/ 12/ 1982 أصدرت المحكمة حكمها محل الطعن الماثل - وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر بالنقل قد استند طبقاً لمذكرة الشركة إلى ما ثبت في حق المدعي من مخالفات جوزي من أجلها بخصم شهرين من مرتبه وبالتالي فإن النقل على هذه الصورة لا سند له من المادة 82 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 سنة 1978 والتي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين حيث إن مصدر هذا القرار ما قضى بهذا النقل إلا لتوقيع جزاء على المدعي مكمل للجزاء الآخر وهو الخصم من مرتبه فيكون قرار النقل وإن كان في ظاهره نقلاً مكانياً إلا أنه يستر في الواقع جزاء تأديبياً لم ينص عليه القانون رقم 48 لسنة 1978.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وفساد الاستدلال للأسباب الآتية: أولاً: إن قرار النقل يعد من إطلاقات الإدارة طبقاً للمادة (52) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام والمادة (78) من لائحة العاملين بالبترول.
ثانياً: إن المحكمة قد انتهت دون سند من القانون أو الواقع إلى أن النقل يعد جزاء تأديبياً والثابت أن المطعون ضده أقام طعنين أولهما برقم 137/ 16 والثاني برقم 148/ 16 ق الأول بشأن الجزاء والثاني بشأن طلب إلغاء قرار النقل وصدر في كل منهما حكم مستقل، كما أن التواريخ بينهما متباعدة ومتباينة. ثالثاً: خالف الحكم قواعد الاختصاص للمحاكم التأديبية والتي ليس من بينها قرارات النقل وكان يتعين أن يقضي بعدم اختصاصه.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب إلغاء قرار النقل وإن كان اختصاص المحاكم التأديبية يشمل التأديب وما يتفرع عنه ومنه النعي بأن القرار ساتر لعقوبة إلا أن إجراء نقل العامل لمناسبة اتهامه لا ينطوي بحكم اللزوم على تأديب مقنع إذ يتعين إقامة الدليل على ذلك والقول بغير ذلك من شأنه أن يصبح العامل المسيء في وضع أكثر تميزاً من العامل الذي يجوز نقله وفقاً لمقتضيات مصلحة العمل.
كما أن اقتران النقل بالجزاء الموقع على العامل ليس في ذاته دليلاً على أن النقل ينطوي على جزاء مقنع تتعدد به العقوبة عن فعل واحد طالما أن النقل قصد به مصلحة العمل.
ومن حيث إنه في المنازعة الراهنة فإن نقل المطعون ضده الذي تم في تاريخ لاحق على توقيع العقوبة عليه ليس بهذه المثابة وحدها عقوبة تكميلية للجزاء - كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه طالما لم يقم دليل على ذكره بل أن الثابت من مذكرة الشركة الطاعنة المقدمة أمام المحكمة التأديبية بجلسة 6/ 11/ 1982 أنه بعد التحقيق مع الطاعن وغيره اقتضت مصلحة العمل خاصة أن نشاط الشركة هو البيع وأن ما وقع للمطعون ضده وغيره طبقاً للثابت بمحاضر التحقيق على مشهر ومسمع من الكافة كان له أثر سيء على نشاطها، وأنه تم نقل المطعون ضده إلى سوهاج وآخرين إلى أماكن أخرى ونقل آخرين مكانهم حتى يمكن تغيير صورتهم لدى الشركة لمسلك وسمعته جديدة كان لمصلحة العمل، كما كان النقل كما يبين من الأوراق إلى وظيفة مماثلة.
ومن حيث إنه وقد ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين إلغاءه، والحكم بإحالة الدعوى محل الطعن الماثل إلى المحكمة العمالية المختصة والتي يقع في دائرة اختصاصها مقر الشركة الطاعنة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع وبإحالته إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدائرة العمالية.