جلسة 25 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ورجب أبو زهرة.
-----------------
(57)
الطعن رقم 497 لسنة 51 القضائية
(1) استئناف "الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن". دفوع.
الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تجديده في الميعاد. دفع شكلي غير متعلق بالنظام العام. تمسك الطاعن بهذا الدفع بعد طلبه إحالة الاستئناف لنظره مع آخر مرتبط. اعتبار ذلك تعرضاً لموضوع النزاع مسقطاً لحقه في إبداء الدفع المذكور. علة ذلك.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "امتداد العقد" "التأجير المفروش". قانون "سريان القانون".
(2) الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976. اعتباره غير نافذ المفعول بصدور الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1976. وبإلغاء الأمرين بنص صريح بالقانون 49 لسنة 1977.
(3) المستأجر لمكان مفروش حقه في الاستفادة من الامتداد القانوني للعقد. شرطه. م 46 ق 49 لسنة 1977. إنذار المستأجر في سنة 1975 بعدم رغبة المؤجر في تجديد العقد. أثره اعتباره منتهياً قبل العمل بأحكام القانون المذكور.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". إثبات.
تقدير أقوال الشهود. استقلال محكمة الموضوع به. طالما لم تخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها.
(5) حكم "تسبيب الحكم".
القضاء برفض دعوى المستأجر بتخفيض أجرة شقة النزاع لثبوت أنها أُجرت له مفروشة وليست خالية. لا خطأ. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 7012 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها إليها بمفروشاتها المبينة بالقائمة، وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 4/ 6/ 1971 استأجر منها الطاعن هذه الشقة مفروشة بأجرة سنوية قدرها 110 جنيه، ولعدم رغبتها في تجديد العقد بنهاية شهر مايو سنة 1975 قد أنذرته في 11/ 3/ 1975 بإنهاء العقد وبإخلاء شقة النزاع، ولما لم يستجب إلى طلبها فقد أقامت الدعوى. كما أقام الطاعن على المطعون ضدها الدعوى رقم 8639 سنة 1976 - شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتخفيض أجرة شقة النزاع إلى مبلغ 3 جنيه شهرياً استناداً إلى استئجاره لها خالية وأن ما أثبت بعقد الإيجار وقائمة المنقولات من أنها مفروشة لا يتفق وحقيقة الواقع، وبتاريخ 28/ 4/ 1976 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن - استئجاره شقة النزاع خالية وأن قائمة المنقولات صورية، وبعد سماع شهود الطرفين قررت المحكمة ضم الدعويين، وبتاريخ 23/ 2/ 1977 قضت المحكمة برفض دعوى المطعون ضدها، وفي دعوى الطاعن بندب خبير لتحديد الأجرة القانونية لعين النزاع، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 28/ 11/ 1979 بتحديد أجرة العين بمبلغ 4.400 مليمجـ شهرياً، استأنفت المطعون ضدها الحكم الصادر برفض دعواها بالاستئناف رقم 1434 سنة 94 ق القاهرة، كما استأنفت الحكم الصادر - بتخفيض الأجرة في الدعوى الأخرى بالاستئناف رقم 32 لسنة 97 ق القاهرة وبتاريخ 29/ 3/ 1979 قررت المحكمة شطب الاستئناف رقم 1434 سنة 94 ق القاهرة، فجددته المطعون ضدها بصحيفة أعلنت للطاعن في 22/ 2/ 1980 وبجلسة 27/ 2/ 1980 قررت المحكمة إحالة هذا الاستئناف - كطلب الطاعن - إلى الدائرة الأخرى التي تنظر الاستئناف رقم 32 سنة 97 ق القاهرة للارتباط وأمامها دفع الطاعن باعتبار الاستئناف الأول كأن لم يكن، وبتاريخ 20/ 1/ 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع وبقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين المستأنفين وبإخلاء شقة النزاع وبرفض دعوى الطاعن بتخفيض الأجرة، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1434 سنة 94 ق القاهرة أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لتجديده من الشطب بعد الميعاد، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى أنه تمسك به بعد أن طلب إحالة هذا الاستئناف إلى دائرة أخرى لنظره مع الاستئناف الثاني للارتباط مما يسقط حقه في الدفع في حين أن هذا الطلب لا يعد تعرضاً للموضوع وبالتالي يظل حقه قائماً في التمسك بهذا الدفع، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 108 من قانون المرافعات على أن "الدفع بعدم الاختصاص المحلي والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط والدفع بالبطلان وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها معاً قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها........ يدل على أن سائر الدفوع الشكلية - عدا تلك المتعلقة بالنظام العام - يسقط حق الخصم في التمسك بها متى أبدى أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس موضوعها، وإذ كان الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تحديده من الشطب خلال الميعاد المقرر قانوناً هو من الدفوع الشكلية المتعلقة بالإجراءات غير متعلقة بالنظام العام وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بهذا الدفع بعد طلبه إحالة الاستئناف لنظره مع الاستئناف رقم 32 لسنة 97 ق القاهرة للارتباط، وإذ كان الهدف من هذا الطلب هو نظر الاستئنافين معاً لما بين موضوعهما من ارتباط فإنه يعد تعرضاً لموضوع النزاع مسقطاً لحق الطاعن في إبداء الدفع المذكور وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة أول درجة بأنه بفرض أن شقة النزاع قد استأجرها من مالكها مفروشة فقد ظل يشغلها لمدة خمس سنوات سابقة على تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 ويحق له طبقاً لهذا الأمر استئجارها خالية بالأجرة القانونية وقد أكد المشرع هذا الحق في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وأنه إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف يعتبر هذا الدفاع مطروحاً على محكمة الاستئناف، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأمر العسكري الصادر من نائب الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1976 قد أضحى غير نافذ المفعول بصدور الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1976 في 20/ 12/ 1976 بوقف المواعيد المنصوص عليها في الأمر السابق بشأن تعديل أوضاع المؤجرين والمستأجرين وفقاً لأحكامه، وبالتالي فلا يرتب ذلك الأمر أي حق لمستأجري الأماكن المفروشة في استئجارها خالية بالشروط الواردة به، وإذ تم إلغاء كل من الأمرين المشار إليها بنص صريح في القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن، ومن ثم فلا يحق للطاعن التمسك بإعمال أحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976، ومن المقرر أن النص في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن المعمول به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 على أنه "يحق للمستأجر الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون البقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق عليها وذلك بالشروط المنصوص عليها في العقد......" يدل على أن مناط الحق في الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو أن تكون العلاقة الايجارية قائمة عند العمل بأحكام هذا القانون، فإذا كانت قد انقضت قبل ذلك لأي سبب من الأسباب فإن مستأجر المسكن المفروش لا يستفيد من الامتداد القانوني للعقد وفقاً لحكم النص المذكور ولا يكفي في هذا الشأن أن يكون شغل العين راجعاً إلى سبب آخر خلاف الإيجار مهما استطالت مدته، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن عقد الإيجار سند الدعوى قد انتهى بنهاية شهر مايو سنة 1975 بعد إنذار الطاعن في 11/ 3/ 1975 بعدم رغبة المطعون ضدها في تجديده أي قبل العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/ 9/ 1977 ومن ثم فلا يحق للطاعن التمسك بحكم النص المشار إليه، ولا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع الذي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن عين النزاع أُجرت مفروشة على ما أقر به الطاعن بإنذار عرض الأجرة المعلن في 18/ 5/ 1975 باستئجاره العين مفروشة، وعدم إدعائه بصورية الإقرار المؤرخ 4/ 6/ 1971 بتعهده بالمحافظة على المنقولات المسلمة إليه بموجب قائمة المنقولات، رغم أن إقراره بإنذار العرض لا يعدو أن يكون ترديداً لما ورد بالعقد وأن تعهده بالمحافظة على المنقولات المسلمة إليه حرر على ذات قائمة المنقولات، كما أن ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدها لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير أقوال الشهود هو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك إلا أن تخرج بهذه الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به متى كان استخلاصها سائغاً له أصل ثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن شقة النزاع قد استأجرها الطاعن مفروشة على ما أورده بمدوناته من أنه "لما كانت هذه المحكمة خلافاً لما انتهت إليه محكمة أول درجة لا تطمئن لأقوال شاهدي المستأنف عليه "الطاعن" وإنما يطمئن وجدانها إلى ما قرره شاهدا المستأنفة "المطعون ضدها" وحسبها ذلك دون أن تورد لذلك سبباً إذ المستفاد من مجموع ما قرره شاهدا المستأنفة أن عين النزاع تم تأجيرها مفروشة من المستأنفة للمستأنف عليه يؤيد هذا النظر ويذكيه أن المستأنف عليه سبق أن عرض على المستأنفة الأجرة بموجب إنذار عرض مؤرخ 18/ 5/ 1975 أقر فيه بأن العين المؤجرة إليه مفروشة محمولاً على أن قعود المستأنف عليه عن رفع دعواه طوال خمس سنوات تقريباً وسكوته أكثر من أربع سنوات في الفترة ما بين تاريخ تحرير العقد حتى تاريخ رفع دعوى الإخلاء ضده دون أن يدعي أن العين غير مفروشة بالإضافة إلى عدم ادعائه بصورية الإقرار المؤرخ 4/ 6/ 1971 - المرفق بحافظة المستأنفة والمتضمن تعهده بالمحافظة على المنقولات المسلمة إليه، ما تستظهر منه المحكمة أن المستأنف عليه قد استأجر شقة النزاع مفروشة........" وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه لمدلول ما شهد به شاهدا المطعون ضدها ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً بشأن سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة أخرى خلاف تلك التي انتهى إليها الحكم المطعون فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 32 لسنة 97 ق القاهرة الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم وقد قضى برفض دعواه بتخفيض الأجرة على سند مما قضى به في الاستئناف رقم 1434 سنة 94 ق القاهرة بأن عين النزاع قد أُجرت مفروشة وهو قضاء خاطئ حجية عن الاستجابة لطلبه بتخفيض الأجرة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباًً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد انتهى الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1434 سنة 94 ق القاهرة صحيحاً إلى أن عين النزاع قد أُجرت للطاعن مفروشة وليست خالية - على نحو ما سلف بيانه في الرد على أسباب الطعن المرفوع عنه، وإذ كانت الأماكن المؤجرة مفروشة لا تخضع الأجرة المتعاقد عليها بين الطرفين للتحديد القانوني لأجرة الأماكن الخالية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن بتخفيض الأجرة المتعاقد عليها للشقة المفروشة محل النزاع لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.