الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2024

الطعن 8 لسنة 2024 ق تمييز دبي هيئة عامة جزائي قرارات جلسة 15 / 7 / 2024

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 15-07-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 8 لسنة2024 قرارات الهيئة العامة - التمييز
طاعن:
ر. ا. ا. ل. ا. 
مطعون ضده:
ا. ا. ل. ا. 
الحكم المطعون فيه:
0/0
بتاريخ
أصدرت القرار التالي
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً
حيث تقدم المكتب الفني لمحكمة التمييز بمذكرة لرئيس المحكمة لإعادة النظر في سلطة محكمة التمييز في مراقبة قاضي الموضوع في تقدير العقوبة والنزول بها فتم عرض المذكرة على الهيئة للنظر وإصدار القرار المناسب.
وحيث انه عن موضوع الطلب المطلوب إصدار قرار بشأنه فان سلطة قاضي الموضوع التقديرية في توقيع العقوبة على أحد الأفراد تعتبر إحدى السمات الضرورية الواجب توافرها في أي نظام جنائي يوصف بالعدالة، فطالما كان إرساء العدالة هو الهدف الأسمى لأيّ نظام قضائي جنائي، ويجب إتاحة الفرصة للقاضي أن يوقع العقوبة التي يراها متناسبة مع درجة جسامة الجريمة المرتكبة، ومع شخصية مرتكبها، والظروف التي دفعته لارتكابها، وهو الأمر الذي يعرف بمبدأ التفريد العقابي، فالمُشرّع حين يفرض عقوبة معينة على إحدى الجرائم غالبًا ما ينص على حدّ أقصى وحدّ أدنى لهذه العقوبة، وفي بعض الأحيان ينص على عقوبتين مختلفتين كالحبس والغرامة لذات الجريمة، ويترك للقاضي السلطة التقديرية في اختيار القدر اللازم من العقوبة بين هذين الحدّين بهدف إتاحة الفرصة له لتفريد العقوبة على نحو يناسب شخصية الجاني وظروفه الاجتماعية، بالإضافة إلى ظروف وملابسات الواقعة محل المحاكمة، كما أعطاه الحق في استعمال الظروف القضائية المخففة والنزول بالعقوبة عن الحد الأدنى. وعليه، دأبت محكمة التمييز على التعامل مع مسألة الرقابة على سلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة والنزول بها بنوع من الحذر، فنأتْ بنفسها عن التعقيب على القضاة في تقديرهم للعقوبة والنزول بها، واعتبرتْ أن تلك السلطة هي من إطلاقات قاضي الموضوع التي لا يجوز مساءلته فيها، وهو الاتجاه الذي اتجهت إليه المحكمة وقيّدت به نفسها على مدار العقود الماضية، دون تأصيل قانوني واضح للسبب الذي دفع المحكمة لتبني هذا الاتجاه، خاصة وأنه لا يوجد أي نص تشريعي يحول بينها وبين ممارسة ذلك النوع من الرقابة. سيما وأن تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية، فمن غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن يبقى تقدير العقوبة والنزول بها بمنأى عن رقابة محكمة التمييز لتراقب ما إذا كانت العقوبة المقضي بها موافقًة للغايات والأهداف التي يرمي إليها النص من عدمه. فبات متعيناً بسط رقابة محكمة التمييز على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة ومبررات النزول بها، دون حاجة لنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوع الدعوي. وذلك بهدف بسط السيطرة على جموح بعض الأحكام التي توسّعت في إصدار العديد من الأحكام المخففة والإسهاب في استخدام سلطة النزول بالعقوبة بدون مبرر مقبول وأسباب سائغة، وهو ما دفع المشرع في العديد من التشريعات الحديثة الى النص صراحة على عدم جواز النزول بالعقوبة.
وتهيب الهيئة بدوائر محكمة التمييز عند بسط رقابتها على تقدير العقوبة أو النزول بها ان توضح مبررات ذلك لتتواتر الأحكام ويسترشد بها قاضى الموضوع، فعند النزول بالعقوبة في جرائم الأموال العامة مثلا يجب قصر ذلك على مبررات كرد المتهم للمال موضوع الجريمة في جرائم الأموال العامة وغيرها أو المتحصل منها وإزالة ضرر الجريمة أو مساهمة المتهم في الكشف عن هوية المساهمين فيها أو الحصول على أدلة لم تكن معلومة لدى السلطات، أو إتيانه ما يحول دون ارتكاب جرائم آخري مجرمة. فذلك كله من شأنه أن يفتح المجال لتسبيب قضاة الموضوع لأحكامهم بصورة أوضح وتفسيرهم لمبرر اختيارهم للعقوبة المحكوم بها أو ما استند إليه في النزول بالعقوبة مما يمثل ضمانة إضافية تعزز حق المتهم في الطعن، وعدالة المحاكمة بشكل أوسع.
فلهذه الأسباب
قررت الهيئة العامة لمحكمة التمييز انه:

1ــ على الدوائر الجزائية في الجرائم المتعلقة بالأموال العامة وغيرها من الجرائم عدم التخفيف والنزول بالعقوبة إلا بتسبيب سائغ كرد المال محل الجريمة في جرائم الأموال العامة.

2ــ على محكمة التمييز مراقبة قاضي الموضوع في تقدير العقوبة الجنائية الأصلية والتكميلية والنزول بها أو تعديلها بنقض الحكم بالنسبة للعقوبة وحدها دون حاجة للإحالة.

الطعن 158 لسنة 70 ق جلسة 21 / 11 / 2022 مكتب فنى 73 ق 128 ص 1048

جلسة 21 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي / نبيل أحمد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمـد عاطف ثابت، الريدي عدلي، إسماعيل برهان أمر الله وأمير مبارك نواب رئيس المحكمة.
--------------
(128)
الطعن رقم 158 لسنة 70 القضائية
(1 - 3) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى ".
(1) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها والأخذ بتقرير الخبير محمولًا على أسبابه. عدم التزامها بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم. شرطه. قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وتضمنها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
(2) عدم جواز اتخاذ الشخص الطبيعي أو المعنوي من عمل نفسه دليلًا يحتج به على الغير.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى المطالبة برسوم الكشف الإشعاعي لعدم تقديم الطاعن بصفته مستندات أو أدلة تفيد سداده لتلك الرسوم وهو ما تأيد بتقرير الخبير. صحيح. النعي عليه في هذا الخصوص. جدل موضوعي. تنحسر عنه رقابة محكمة النقض. علة ذلك.
(4) نقل " النقل البحري : أتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية ".
تنظيم المشرع لأتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية العاملة في ميناء الإسكندرية. المادتان (1)، (3 / أ، ب، ه) ق ١٢ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري وقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱. مؤداه. تحصيل التوكيل الملاحي لأتعاب أعمال الوساطة دون تقديم ما يفيد سداد هذه الأتعاب للغير. صحيح. علة ذلك. منع إثارة المنازعات في شأن تقدير تلك الأتعاب وتيسير وسرعة المعاملات في أعمال الوكالة الملاحية باعتباره مجالًا حيويًا متعلقًا باقتصاد البلاد.
(5، 6) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى ".
(5) سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة مؤدية للنتيجة التي خلصت إليها.
(6) أخذ محكمة الموضوع بتقرير خبير انتهى لنتيجة لا تقوم على سند صحيح أو تتعارض مع ما ثبت بالأوراق أو كانت أسبابه لا تصلح ردًا على دفاع جوهري للخصوم. قصور.
(7) نقل " النقل البحري : أتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية ".
اختلاف أتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية عن رسوم سحب البضائع وتسليمها. مؤداه. دفاع الطاعن بصفته باستحقاقه لتلك الأتعاب دون الحاجة لتقديم ما يفيد سدادها. صحيح. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعواه بالمطالبة بتلك الأتعاب استنادًا لتقرير الخبير والتفاته عن دفاعه. خطأ وقصور ومخالفة للقانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بتقرير الخبير المنتدب متى اطمأنت إليه، وبحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وهي غير مُلزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبُها أن تُبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تُقيم قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ولا عليها أن تتتبع الخصوم في مُختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المُسقِط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
2- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن الشخص الطبيعي أو المعنوي لا يملك أن يتخذ من عمل نفسه دليلًا لنفسه يحتج به على الغير.
3- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى في خصوص رسوم الكشف الإشعاعي على ما استخلصه من عدم تقديم الطاعن بصفته مستندات أو أدلة تُفيد سداده لرسوم الكشف الإشعاعي عن رسائل التداعي، وأن خبير محكمة أول درجة الذي اطمأنت المحكمة لتقريره انتهى لعدم أحقية الطاعن في طلبه عن هذا الشق بسبب عدم تقديم مستندات وفواتير صادرة من جهات الاختصاص بتحصيل ذلك المبلغ، وأن ما قدمه المذكور من فواتير على مطبوعات الشركة لا يُعتد بها. وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن نعيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ومن ثم يكون على غير أساسٍ.
4- المقرر بنص المادة (۱) من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري تنص على أن " تُنشأ مؤسسة عامة تسمى " المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري " وتكون لها الشخصية المعنوية المستقلة وتتبع وزير المواصلات "، وأن المادة (۳) منه تنص على أن " أغراض المؤسسة هي : (أ) تنمية الاقتصاد القومي عن طريق النشاط الملاحي البحري التجاري في داخل البلاد وخارجها. (ب) دعم النقل البحري طبقًا للائحة خاصة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية. (ج).... (د).... (هـ) اقتراح خطوط السير وتعريفات أجور النقل البحري والشحن والتفريغ ورسوم الوكالات وسائر التعريفات المتعلقة بالنقل البحري والأعمال المرتبطة به، بعد أخذ رأي الجهات والشركات المختصة، ويصدر بذلك كله قرار من وزير المواصلات. (و).... (ز).... "، وكان وزير النقل والمواصلات والنقل البحري استنادًا إلى التفويض التشريعي المسند إليه بموجب النص سالف البيان قد أصدر قراره رقم ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱ ( نقل بحري ) - المنطبق على الواقع في الدعوى - في شأن تعريفة الرسوم والخدمات بميناء الإسكندرية في 25/10/1991 والذي عُمل به من تاريخ نشره في 6/1/1992 ونص في البند الأول منه المتعلق بأتعاب الوكالة وعمولة التوكيل والمصروفات الأخرى: أولًا:.... ثانيًا:.... ثالثًا:.... رابعًا: أتعاب التوكيل الملاحي في البند عام " ٣ " على أن " تُحصل أتعاب الوساطة عن البضائع الواردة بموجب عقود مشارطة أو مذكرة حجز فراغ والبضائع الصادرة ويتم استلامها أو شحنها بعنابر السفن مباشرة بمعرفة أصحاب الشأن من الهيئات وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم "، مما مفاده أن المُشرع ارتأى تنظيم أتعاب الوساطة التي تستحقها كافة التوكيلات الملاحية العاملة في الميناء المُشار إليه بنصٍ عامٍ منعًا لإثارة المنازعات في شأن تقديرها وما يستلزمه العمل في مرفق النقل البحري وما يرتبط به من أعمال ومنها الوكالة الملاحية من سرعة ويسر واستقرار في المعاملات باعتباره مجالًا حيويًا متعلقًا باقتصاد البلاد وذلك بالنص على تحصيل التوكيل الملاحي لصالحه من ذوي الشأن أتعاب أعمال الوساطة التي يباشرها عن البضائع الواردة والصادرة وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية وفقًا للنص سالف البيان للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم، ودون أن يستلزم تقديم التوكيل الملاحي ما يفيد سداد هذه الأتعاب للغير، والقول بغير ذلك يتناقض مع الحكمة من النص باعتبار أن أتعاب الوساطة المستحقة له هي عن أعمال باشرها بنفسه أو من خلال تابعيه لحساب عميله.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع في نطاق سلطتها التقديرية تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلُصت إليها.
6- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يقوم على سندٍ صحيحٍ أو يتعارض مع ما هو ثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها أو كانت أسبابه لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن حكمها يكون معيبًا بالقصور.
7- إذ كان الطاعن بصفته قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف باستحقاقه أتعاب الوساطة عن رسائل الزيت الذي استوردته الشركة المطعون ضدها دون الحاجة لتقديم ما يُفيد سداده هذه الأتعاب إلى جهة أخرى، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن مواجهة هذا الدفاع وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى في خصوص أتعاب الوساطة استنادًا لتقرير الخبير محمولًا على أسبابه فيما خلُص إليه من عدم أحقية الطاعن بصفته في المطالبة بأتعاب الوساطة على قالة عدم تقديمه مستندات تُفيد سداده رسوم وساطة عن رسائل التداعي صادرة من الجهات المختصة بتحصيلها بالمخالفة للنظر المتقدم، ودون أن يبين من الأوراق أن تقرير الخبير قد واجه دفاع الطاعن بصفته سالف البيان، وأضاف الحكم المطعون فيه في أسبابه الخاصة التي أنشاها لنفسه أن تلك الرسائل تسلمتها المطعون ضدها دون تدخل الوكيل الملاحي " الطاعنة " فخلط بذلك بين أتعاب الوساطة المستحقة موضوع التداعي وبين رسوم سحب البضائع وتسليمها غير المطالب بها في الدعوى، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته ( رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة.... للتوكيلات الملاحية ) أقام الدعوى رقم.... لسنة ١٩٩٦ تجاري كلي الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون ضدها (....) بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ ٤۷۷۹,۱٥ جنيهًا، وقال بيانًا لذلك : إن الأخيرة استلمت شحنات زيت مستوردة من الخارج دون سداد قيمة رسوم الإشعاع والوساطة للطاعنة التي تحملتها وحدها باعتبارها تقوم بأعمال الوكالة الملاحية عن مُلاك السفن التي ترد الشحنات عليها ورغم إنذارها بالسداد، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/1/1999 برفض الدعوى. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة ٥٥ ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية وفيه قضت بتاريخ 22/12/1999 بالتأييد. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق من سببين حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالشق الثاني من الوجه الأول والوجه الثاني من السبب الثاني أن الشركة الطاعنة تقوم بأعمال أخذ عينات الكشف الإشعاعي بمعرفتها عن طريق مقاول متخصص وتُسدد مستحقاته من أموالها الخاصة فتستحق رسوم الكشف الإشعاعي التي سددتها، وقدمت بشأنها فواتير لم يعتد بها الخبير المنتدب لكونها على مطبوعاتها ولعدم تقديم ما يُفيد سدادها لجهات أخرى، وهو ما يؤكد قيامها بالأعمال الداخلة في صميم اختصاصها التي تستلزمها خدمة البواخر كوكيلٍ ملاحيٍ بصرف النظر عن استلام المطعون ضدها رسائلها من الجمارك دون تسلم إذن التسليم من الطاعنة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبولٍ؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بتقرير الخبير المنتدب متى اطمأنت إليه، وبحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وهي غير مُلزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبُها أن تُبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تُقيم قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ولا عليها أن تتتبع الخصوم في مُختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المُسقِط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، كما أنه من المقرر أن الشخص الطبيعي أو المعنوي لا يملك أن يتخذ من عمل نفسه دليلًا لنفسه يحتج به على الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى في خصوص رسوم الكشف الإشعاعي على ما استخلصه من عدم تقديم الطاعن بصفته مستندات أو أدلة تُفيد سداده لرسوم الكشف الإشعاعي عن رسائل التداعي، وأن خبير محكمة أول درجة الذي اطمأنت المحكمة لتقريره انتهى لعدم أحقية الطاعن في طلبه عن هذا الشق بسبب عدم تقديم مستندات وفواتير صادرة من جهات الاختصاص بتحصيل ذلك المبلغ، وأن ما قدمه المذكور من فواتير على مطبوعات الشركة لا يُعتد بها. وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن نعيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ومن ثم يكون على غير أساسٍ.
وحيث إن حاصل نعي الطاعن بصفته بالسبب الأول والشق الأول من الوجه الأول من السبب الثاني أن الشركة التي يُمثلها هي توكيل ملاحي يُنظم تحصيلها لأتعاب الوساطة القرارات الوزارية الصادرة من وزير النقل البحري ومنها القرار رقم ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱ والذي نصت المادة ٣ بند عام منه على أن البضائع الواردة ويتم استلامها بعنابر السفن مباشرة بمعرفة أصحاب الشأن وتُمثل سلعة تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات يُستحق عنها أتعاب وساطة تُقدر ب ٠,٠٦ جم وزن أو مقاس أيهما أكبر، مما مؤداه أنه ليس بلازم أن تُسدد الطاعنة هذه الرسوم إلى جهة أخرى ابتداءً بل يكفي أن تقوم باحتسابها طبقًا للأسس والنسب الواردة بالقرار المُشار إليه، وهو ما فعلته بموجب الفواتير المقدمة منها، وإذ خالف الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه هذا النظر بتساندهما لتقرير الخبير الذي انتهى لعدم تقديم الطاعنة أية فواتير تفيد سداد رسم الوساطة للغير وعدم الاعتداد بالفواتير المقدمة منها وعدم تقديمها ماهية هذه الرسوم وكيفية احتسابها بالمخالفة للقرار الوزاري سالف البيان الذي لم يشترط سداد أتعاب الوساطة ابتداءً لأي جهة أخرى فضلًا عن ثبوت أوزان الرسائل بتلك الفواتير، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المادة (۱) من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري تنص على أن " تُنشأ مؤسسة عامة تسمى " المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري " وتكون لها الشخصية المعنوية المستقلة وتتبع وزير المواصلات "، وأن المادة (۳) منه تنص على أن " أغراض المؤسسة هي : (أ) تنمية الاقتصاد القومي عن طريق النشاط الملاحي البحري التجاري في داخل البلاد وخارجها. (ب) دعم النقل البحري طبقًا للائحة خاصة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية. (ج).... (د).... (هـ) اقتراح خطوط السير وتعريفات أجور النقل البحري والشحن والتفريغ ورسوم الوكالات وسائر التعريفات المتعلقة بالنقل البحري والأعمال المرتبطة به، بعد أخذ رأي الجهات والشركات المختصة، ويصدر بذلك كله قرار من وزير المواصلات. (و).... (ز).... "، وكان وزير النقل والمواصلات والنقل البحري استنادًا إلى التفويض التشريعي المسند إليه بموجب النص سالف البيان قد أصدر قراره رقم ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱ ( نقل بحري ) - المنطبق على الواقع في الدعوى- في شأن تعريفة الرسوم والخدمات بميناء الإسكندرية في 25/10/1991 والذي عُمل به من تاريخ نشره في 6/1/1992 ونص في البند الأول منه المتعلق بأتعاب الوكالة وعمولة التوكيل والمصروفات الأخرى: أولًا:.... ثانيًا:.... ثالثًا:.... رابعًا: أتعاب التوكيل الملاحي في البند عام " ٣ " على أن " تُحصل أتعاب الوساطة عن البضائع الواردة بموجب عقود مشارطة أو مذكرة حجز فراغ والبضائع الصادرة ويتم استلامها أو شحنها بعنابر السفن مباشرة بمعرفة أصحاب الشأن من الهيئات وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم "، مما مفاده أن المُشرع ارتأى تنظيم أتعاب الوساطة التي تستحقها كافة التوكيلات الملاحية العاملة في الميناء المُشار إليه بنصٍ عامٍ منعًا لإثارة المنازعات في شأن تقديرها وما يستلزمه العمل في مرفق النقل البحري وما يرتبط به من أعمال ومنها الوكالة الملاحية من سرعة ويسر واستقرار في المعاملات باعتباره مجالًا حيويًا متعلقًا باقتصاد البلاد وذلك بالنص على تحصيل التوكيل الملاحي لصالحه من ذوي الشأن أتعاب أعمال الوساطة التي يباشرها عن البضائع الواردة والصادرة وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية وفقًا للنص سالف البيان للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم، ودون أن يستلزم تقديم التوكيل الملاحي ما يفيد سداد هذه الأتعاب للغير، والقول بغير ذلك يتناقض مع الحكمة من النص باعتبار أن أتعاب الوساطة المستحقة له هي عن أعمال باشرها بنفسه أو من خلال تابعيه لحساب عميله. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع في نطاق سلطتها التقديرية تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلُصت إليها، وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يقوم على سندٍ صحيحٍ أو يتعارض مع ما هو ثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها أو كانت أسبابه لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن حكمها يكون معيبًا بالقصور. لما كان ذلك، وكان الطاعن بصفته قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف باستحقاقه أتعاب الوساطة عن رسائل الزيت الذي استوردته الشركة المطعون ضدها دون الحاجة لتقديم ما يُفيد سداده هذه الأتعاب إلى جهة أخرى، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن مواجهة هذا الدفاع وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى في خصوص أتعاب الوساطة استنادًا لتقرير الخبير محمولًا على أسبابه فيما خلُص إليه من عدم أحقية الطاعن بصفته في المطالبة بأتعاب الوساطة على قالة عدم تقديمه مستندات تُفيد سداده رسوم وساطة عن رسائل التداعي صادرة من الجهات المختصة بتحصيلها بالمخالفة للنظر المتقدم، ودون أن يبين من الأوراق أن تقرير الخبير قد واجه دفاع الطاعن بصفته سالف البيان، وأضاف الحكم المطعون فيه في أسبابه الخاصة التي أنشاها لنفسه أن تلك الرسائل تسلمتها المطعون ضدها دون تدخل الوكيل الملاحي " الطاعنة " فخلط بذلك بين أتعاب الوساطة المستحقة موضوع التداعي وبين رسوم سحب البضائع وتسليمه غير المطالب بها في الدعوى، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1368 لسنة 91 ق جلسة 10 / 2 / 2022 مكتب فني 73 ق 12 ص 118

جلسة 10 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت مكادي ، سامح حامد ، طارق سلامة وأحمد الطويل نواب رئيس المحكمة .
----------------
(12)
الطعن رقم 1368 لسنة 91 القضائية
(1) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . حكم " وصفه " .
إثبات تخلف المتهم عن الحضور من محبسه بمحضر الجلسة . خطأ مادي لا يعيب الحكم . ما دام وصف بأنه حضوري وأثبت به وبرول القاضي مُثوله بشخصه رفقة محاميه . أثر ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم الأفعال التي قارفها الطاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها . نعيه بخلاف ذلك . غير مقبول .
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعن بشأن تدليل الحكم على مقارفته الجرائم التي دانه بها . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) دفوع " الدفع بالإعفاء من العقاب " . تقنية المعلومات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم إعفائه من العقاب وفقاً للمادة 41 من القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات . غير مقبول . متى كانت شروط إعمال الفقرة الأولى منها منتفية وكان الإعفاء وفقاً لفقرتها الثانية جوازي لمحكمة الموضوع . علة ذلك ؟
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " أوراق رسمية " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(8) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدره . لا ينال من جدية التحريات .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البيّن من محضر جلسة .... - جلسة المرافعة الأخيرة - أن الثابت بها حضور أ / .... المحامي مع المتهم وأثبت دفاعه وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم مع استمرار حبس المتهم ، كما ثبت برول القاضي بذات الجلسة ما يشير إلى حضور المتهم بشخصه ومعه محاميه ، فضلاً عما أثبته الحكم المطعون فيه من مثول المتهم بشخصه بالجلسة - سالفة البيان - كما وصف الحكم بأنه صدر حضورياً - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن بأسباب طعنه - فتكون عبارة (لم يحضر المتهم من محبسه) التي وردت بمحضر جلسة .... مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة لواقعة حضور المتهم المعروض عليها ، فمن ثم يجوز الطعن فيه بطريق النقض .
2- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد .
3- لما كان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها ، إذ أثبت قيام الطاعن بإنشاء حساب علي موقع الفيس بوك باسم (الملحدين المصريين) ويقوم بإدارته ونشر منشورات تحتوي على أفكار إلحادية وإسقاطات وسخرية من الأديان السماوية مما يشكل جريمة ازدراء الأديان وذلك من خلال استخدامه لهاتفه المحمول ، وتأيد ذلك مما ثبت بتقرير فحص الهاتف وإقراره لضابط الواقعة وما توصلت إليه التحريات ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إعفائه من العقاب عملاً بحكم المادة 41 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات واطرحه تأسيساً على خلو الأوراق من توافر شروط الإعفاء المنصوص عليها في المادة المذكورة . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون سالف البيان أجازت للمحكمة إعفاء الجناة أو الشركاء من العقوبة إذا حصل البلاغ بعد كشف الجريمة وقبل التصرف في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على ضبط الأموال موضوع الجريمة أو أعان أثناء البحث والتحقيق على كشف الحقيقة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في عدم تمتعه بالإعفاء من العقاب طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 41 من القانون سالف البيان ، إذ إنه يسلم في أسباب الطعن بأنه أدلى بإقراره بعد القبض عليه والتحقيق معه ، فقد دل بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع في التحقيق وكشف الجريمة ، وكان إعمال تلك المادة في فقرتها الثانية مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ولم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، كما أنه لا ينال من سلامة الحكم طرحه المستندات التي تساند إليها الطاعن للتدليل على صدق دفاعه ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى .
8- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدره لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات .
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض والخطأ في الإسناد الذي شاب أسباب الحكم المطعون فيه ، وكانت مدونات الحكم قد خلت من هذا التناقض أو الخطأ في الإسناد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- تعدى على الأديان السماوية والتي تؤدى شعائرها علناً وكان ذلك عن طريق النشر على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) على النحو المبين بالتحقيقات .
2- ارتكب أعمالاً من شأنها إحداث التمييز بين طوائف المجتمع بسبب الدين وترتب على هذا التمييز تكدير السلم العام وإهدار العدالة الاجتماعية على النحو المبين بالتحقيقات .
3- حرض علناً عن طريق النشر على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) على التمييز ضد طوائف المجتمع بسبب الدين بأن قام بنشر أفكار متطرفة وصور وعبارات تحوي إهانة للأديان السماوية والذات الإلهية وكان من شأن ذلك ازدراء الأديان السماوية وتكدير السلم العام وكان ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
4- اعتدى على المبادئ الدينية في المجتمع المصري بأن قام بنشر صور وعبارات ومشاركات على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) حـوت إهانة للأديان السماوية والذات الإلهية وأفكاراً متطرفة تدعو للإلحاد وكان ذلك علناً على النحو المبين بالأوراق.
5- أنشأ وأدار صفحة وحساباً خاصاً على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) واستخدمه في ارتكاب جرائم معاقب عليها قانوناً على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد 161 / أولاً ، 161 مكرراً/۱ ، ۱۷۱ ، 176 ، 198 /4،3 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، ٢٥ ، ۲۷ ، ۳۸ مـن القانون رقم 175 لسنة ٢٠١٨ في شأن مكافحـة جـرائـم تقنيـة المعلومات .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيهاً لإيقاف التنفيذ مؤقتاً وبتغريم المتهم مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه والمصادرة وألزمته بالمصروفات الجنائية.
فاستأنف المتهم ذلك القضاء ، وقيـد ذلك الاستئناف برقم .... ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضـه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريـق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن البين من محضر جلسة .... - جلسة المرافعة الأخيرة - أن الثابت بها حضور أ / .... المحامي مع المتهم وأثبت دفاعه وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم مع استمرار حبس المتهم ، كما ثبت برول القاضي بذات الجلسة ما يشير إلى حضور المتهم بشخصه ومعه محاميه ، فضلاً عما أثبته الحكم المطعون فيه من مثول المتهم بشخصه بالجلسة - سالفة البيان - كما وصف الحكم بأنه صدر حضورياً - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن بأسباب طعنه - فتكون عبارة ( لم يحضر المتهم من محبسه ) التي وردت بمحضر جلسة .... مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة لواقعة حضور المتهم المعروض عليها ، فمن ثم يجوز الطعن فيه بطريق النقض .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إنشاء وإدارة صفحة وحساب خاص على مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) واستخدامه في ارتكاب جرائم الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري والتعدي على الأديان السماوية التي تؤدى شعائرها علناً وارتكاب أعمال من شأنها إحداث التمييز بين طوائف المجتمع بسبب الدين مما يكدر السلم العام والتحريض على ذلك علناً بطريق النشر على مواقع التواصل الاجتماعي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه أُفرغ في صورة مجملة شابها الغموض والإبهام ، وخلا من بيان الواقعة ولم يستظهر أركانها والأفعال التي ارتكبها الطاعن ومؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانته ، وخلو الأوراق من دليل يقيني إذ إن التقرير الفني والتحريات لا يصلحا لإدانته لقصورهما في التدليل على ارتكاب الطاعن لما أُدين به ، ولم يعمل بحقه الإعفاء الوارد بنص المادة 41 من القانون رقم 185 لسنة 2018 الخاص بتقنية المعلومات ، والتفت الحكم عما تمسك به من انقطاع صلته بالواقعة وانتفاء أركانها المؤيد بالمستندات - لشواهد عددها - واطرح دفعه ببطلان إذن الضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات لتجهيل مصدرها ، وعاب الحكم التناقض والخطأ في الإسناد ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها ، إذ أثبت قيام الطاعن بإنشاء حساب على موقع الفيس بوك باسم ( الملحدين المصريين ) ويقوم بإدارته ونشر منشورات تحتوي على أفكار إلحادية وإسقاطات وسخرية من الأديان السماوية مما يشكل جريمة ازدراء الأديان وذلك من خلال استخدامه لهاتفه المحمول ، وتأيد ذلك مما ثبت بتقرير فحص الهاتف وإقراره لضابط الواقعة وما توصلت إليه التحريات ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إعفائه من العقاب عملاً بحكم المادة 41 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات واطرحه تأسيساً على خلو الأوراق من توافر شروط الإعفاء المنصوص عليها في المادة المذكورة . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون سالف البيان أجازت للمحكمة إعفاء الجناة أو الشركاء من العقوبة إذا حصل البلاغ بعد كشف الجريمة وقبل التصرف في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على ضبط الأموال موضوع الجريمة أو أعان أثناء البحث والتحقيق على كشف الحقيقة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في عدم تمتعه بالإعفاء من العقاب طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 41 من القانون سالف البيان ، إذ إنه يسلم في أسباب الطعن بأنه أدلى بإقراره بعد القبض عليه والتحقيق معه ، فقد دل بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع في التحقيق وكشف الجريمة ، وكان إعمال تلك المادة في فقرتها الثانية مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ولم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإنما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، كما أنه لا ينال من سلامة الحكم طرحه المستندات التي تساند إليها الطاعن للتدليل على صدق دفاعه ، ذلك أن الأدلة في الموادالجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدره لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض والخطأ في الإسناد الذي شاب أسباب الحكم المطعون فيه ، وكانت مدونات الحكم قد خلت من هذا التناقض أو الخطأ في الإسناد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن طعن المحكوم عليه برمته يكون على غير أساس خليقاً بالرفض موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9 لسنة 2024 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني قرارات جلسة 15 / 5 / 2024

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 15-05-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 9 لسنة2024 قرارات الهيئة العامة - التمييز
طاعن:
ر. ا. ا. ل. ا. 
مطعون ضده:
ا. ا. ل. ا. 
الحكم المطعون فيه:
0/0
بتاريخ
أصدرت القرار التالي
بناءً على طلب القاضي رئيس محكمة التمييز استطلاع رأي الهيئة العامة لمحكمة التمييز بشأن ضوابط إصدار الأمر بضبط وإحضار المدين وحبسه تطبيقاً لأحكام المادة (319) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022، واتصالاً بالقرار رقم (4) لسنة 2023 قرارات الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
فإنه لما كان في غير الحالات المنصوص عليها بالقانون رقم (37) لسنة 2009 بشأن إجراءات استرداد الأموال العامة والأموال المتحصلة بطريقة غير مشروعة، أجازت المادة (319) من قانون الإجراءات المدنية لقاضي التنفيذ بناءً على طلب يقدم إليه من طالب التنفيذ - مع مراعاة القيود الواردة بأحكام المادة (321) من ذلك القانون - أن يصدر أمراً بحبس المدين المقتدر إذا امتنع عن تنفيذ أي سند تنفيذي، مما مفاده ضرورة التثبت من مقدرة المدين على الوفاء بالدين محل التنفيذ، ومن ثم فإنه في غير الحالتين الواردتين بالبند (2) من المادة (319) المار ذكرها - والتي لا يقبل فيهما من المدين ادعاء عدم القدرة على الوفاء - وجب على المدين إذا قدر إنه غير مقتدر على السداد أن يقدم من الأوراق والمستندات ما يدل على ذلك. فإذا رأى قاضي التنفيذ عدم كفاية تلك الأوراق والمستندات لتكوين عقيدته بإعسار المدين أو يساره فعليه قبل إصداره أمر الحبس أن يجري تحقيقاً مختصراً ليثبت المدين صحة ما ورد بمستنداته أو يثبت الدائن أن المدين غير معسر. مع مراعاة إنه في حالة ما إذا كان المدين شخصاً اعتبارياً خاصاً صدر الأمر بحبس من يمثله قانوناً أو غيره إذا كان الامتناع عن التنفيذ راجعاً إليهم شخصياً، وذلك عملاً بالمادة (322) من ذات القانون. وبالتالي يجب مراعاة الضوابط السابقة قبل صدور قرار إجرائي من قاضي التنفيذ بضبط وإحضار المدين المنفذ ضده بموجب سند تنفيذي.
فلهذه الأسباب
ترى الهيئة العامة لمحكمة التمييز إنه لا يجوز حبس المدين ما لم يثبت الدائن يساره أو تحقق قيامه بتهريب أمواله أو إخفائها، أو ثبوت امتلاكه لما يجوز الحجز والتنفيذ عليه بما يفي بقيمة المديونية
ومع ذلك يجوز حبسه دون حاجة لإثبات الدائن يسار المدين في حال:
1- التوقف عن سداد أقساط قررها قاضي التنفيذ أو كان كفيل سداد أو كان السند التنفيذي مرجعه اتفاقية أو محضر صلح أو إقرار موثق أو تنفيذ عكسي أو ثبوت دخله أو يساره
2- اذا امتنع عن تقديم الأوراق والمستندات التي يطلبها قاضي التنفيذ للوقوف على يساره أو إعساره،
3- وفي كافة الأحوال لا يجوز إصدار قرار بضبط وإحضار المنفذ ضده (المدين) في غير الحالات التي يجوز فيها الحبس إلا بعد الوقوف علي مدى يساره أو إعساره عن طريق إجراء تحقيق مختصر أو بأي وسيلة أخرى يراها قاضي التنفيذ

الطعن 1335 لسنة 91 ق جلسة 9 / 2 / 2022 مكتب فني 73 ق 11 ص 114

جلسة 9 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله ، عبد النبي عز الرجال ، سامح أبو باشا وصابر جمعة نواب رئيس المحكمة .
---------------
(11)
الطعن رقم 1335 لسنة 91 القضائية
دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
عدم جواز الطعن ممن قضي له بكل طلباته . علة وأساس ذلك ؟
انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة . يوجب عدم توقيع أي عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية . القضاء بعدم جواز استئناف الطاعن للحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة والمصادرة تأسيساً على انتفاء المصلحة . خطأ في تطبيق القانون . يوجب النقض والإعادة . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البيّن من مطالعة الأوراق أنَّ النيابة العامة رفعت الدعـوى على الـطاعن بوصـف أنه في يوم .. من .. سنة .... بدائـرة قسم .... – محافظة .... : حمل حال خروجه من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جـاوزت العشـرة آلاف دولار أمريكي على النحو المبيَّن بالأوراق وطلبت عقابه بالمواد 116/ 2 ، ۱۱۸، 126 /4،1 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة ٢٠٠٣ والمعدل بالقانونين رقمي ١٦٠ لسنة ٢٠١٢ ، ٨ لسنة ٢٠١٣ فقضت المحكمة غيـابياً في .... بتغريم المتهم مبلغ خمسـة آلاف جنيه وإلزامه بالمصاريف الجنائية ومصادرة المبالغ المضبوطة ، فعارض المحكوم عليه وبجلسة .... قضت المحكمة بقبول معارضته شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجدداً بانقضاء الدعـوى الجنائية بمُضـيّ المدة والمصـادرة والمصاريف الجنائية. فقـرر الطاعن بالاستئناف وذكر بالجلسة أنه يطلب إلغـاء عقوبة المصادرة والتأييد فيما عدا ذلك ، فقضت المحكمة حضـورياً بتاريخ .... بعدم جواز الاستئناف وألزمت المسـتأنف المصـاريف الجنائية . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادة ٢١١ من قانون المرافعات - وهي من كُليات القانون - لا تُجيز الطعن في الأحكام ممَّن قُضـي له بكل طلباته وذلك أخذاً بقاعدة أنَّ المصـلـحـة منـاط الدعـوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات والتي تُطبق حين الطعن بالنقض كما تُطبق في الدعـوى حـال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها ومعيار المصلحة الحقَّـة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضرَّ بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر ، وكان من المقرر أنَّ انقضاء الدعـوى الجنائية بمُضيّ المدة طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية يستتبع حتماً عدم الاستمرار في الإجراءات والحكم بانقضاء الدعوى ودون أن توقع أية عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية ، وإذ كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر وقضى بمصادرة المبلغ النقدي – وهي عقوبة تكميلية - رغم قضائه بانقضاء الدعـوى الجنائية بمُضيّ المدة ورتب على ذلك القضاء بعدم جواز نظر الاستئناف لانتفاء المصلحة - رغم توافـرها - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بقضائه بعدم جواز الاستئناف الأمر الذي حجبه عن نظر شكل وموضوع الاستئناف . لمَّا كان ذلك ، وكانت الفقـرة الأخيرة من المادة ١٢ من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية - سالف الذكر - قد نصت على أنه : ( واستثناءً من أحكام المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، والمادة ٢٦٩ من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت المحكمة في موضـوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة) ، فإنَّ مناط ذلك أن تكون المحكمة الاستئنافية قد استنفدت ولايتها بالفصل في موضوع الدعـوى ، وإلا فات على الطاعن درجة من درجات التقاضي ، وهو ما لم ينصرف إليه قصد المُشرَّع ، فإنه يتعيَّن أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وإعمالاً لنص المادة 44 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالمادة الثانية من القانون رقـم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل قانون حالات وإجراءات الـطعن أمام محكمة النقض سـالف الذكر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الـطاعن بوصف أنه : - حمل حـال سـفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي الذي جـاوزت قيمتهمـا مـا يعـادل ( الـعشرة آلاف دولار أمريـكي ) على النحـو المبيـن بالأوراق .
وأحـالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية وطلبت عقابه بالمواد 116 /2 ، 118 ، 126/ 4،1 ، 129 ، 131 من قانون البنك المركزي والجهـاز المصـرفي والنقـد رقم 88 لسنة 2003 والمعدل بالقانونين رقمي 160 لسـنة 2012 ، 8 لسنة 2013 .
والمحكمـة المذكورة قضت غيابياً في .... بتغريم المتهم / .... مبـلغ خمسـة آلاف جنيـه وإلـزامه بالـمصروفات الجنائية ومصادرة المبالغ المضبوطـة .
فعـارض المحكوم عليه في هذا القضاء ، وقُضي في معارضته بجلسة .... بقبـول المعـارضـة شـكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيـه والقضـاء مجدداً بانقضـاء الـدعوى الجنائيـة بمضي الـمدة والمصـادرة والمصاريف الجنائية . واستأنف المحكوم عليه هذا القضـاء ، وقُيـد استئـنافه برقم .... جنح مستأنف اقتصـاديـة.
ومحكمـة .... الاقتصـاديـة - بهيئـة استئـنافيـة - قضت حضـوريـاً بـعدم جواز الاستئـناف وألـزمت المستأنف المصـاريف الجنائيـة .
فطـعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إنَّ الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بعدم جواز استئنافه عن الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة تأسيساً على انتفاء المصلحة لقضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمُضيّ المدة وذلك على الرغم من أنَّ مصلحته قائمة لقضائه بعقوبة المصادرة بوصفها عقوبة تكميلية ، ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
لما كان البيّن من مطالعة الأوراق أنَّ النيابة العامة رفعت الدعـوى على الـطاعن بوصف أنه في يوم .. من .. سنة .... بدائرة قسـم .... – محافظة .... : حمل حال خروجه من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جـاوزت العشـرة آلاف دولار أمريكي على النحو المبيَّن بالأوراق ، وطلبت عقابه بالمواد 116/2 ، ۱۱۸ ، 126/4،1 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة ٢٠٠٣ والمعدل بالقانونين رقمي ١٦٠ لسنة ٢٠١٢ ، ٨ لسنة ٢٠١٣ ، فقضت المحكمة غيـابياً في .... بتغريم المتهم مبلغ خمسـة آلاف جنيه وإلزامه بالمصاريف الجنائية ومصادرة المبالغ المضبوطة ، فعارض المحكوم عليه وبجلسة .... قضت المحكمة بقبول معارضته شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجدداً بانقضاء الدعـوى الجنائية بمُضـيّ المدة والمصـادرة والمصاريف الجنائية ، فقـرر الطاعن بالاستئناف وذكر بالجلسة أنه يطلب إلغـاء عقوبة المصادرة والتأييد فيما عدا ذلك ، فقضت المحكمة حضـورياً بتاريخ .... بعدم جواز الاستئناف وألزمت المسـتأنف المصـاريف الجنائية . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادة ٢١١ من قانون المرافعات - وهي من كُليات القانون - لا تُجيز الطعن في الأحكام ممَّن قُضـي له بكل طلباته وذلك أخذاً بقاعدة أنَّ المصـلـحـة منـاط الدعـوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات والتي تُطبق حين الطعن بالنقض كما تُطبق في الدعـوى حـال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها ومعيار المصلحة الحقَّـة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضـرَّ بالطاعن حين قضـى برفض طلباته كلها أو قضـى له ببعضـها دون البعض الآخر ، وكان من المقرر أنَّ انقضـاء الـدعـوى الجنائية بمُضيّ المدة طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية يستتبع حتماً عدم الاستمرار في الإجراءات والحكم بانقضاء الدعوى ودون أن توقع أية عقوبة أصـلية أو تبعية أو تكميليـة ، وإذ كان الحكم المسـتأنف قـد خـالف هذا النظر وقضـى بمصادرة المبلغ النقدي – وهي عقوبة تكميلية - رغم قضـائه بانقضـاء الدعـوى الجنائية بمُضـيّ المدة ورتب على ذلك القضـاء بعدم جواز نظر الاستئناف لانتفاء المصلحة - رغم توافـرها - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بقضــائه بعدم جواز الاستئناف الأمر الذي حجبه عن نظر شـكل وموضوع الاستئناف . لمَّا كان ذلك ، وكانت الفقـرة الأخيرة من المادة ١٢ من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية - سالف الذكر - قد نصـت على أنه : ( واستثناءً من أحكام المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، والمادة ٢٦٩ من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، إذا قضـت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت المحكمة في موضـوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة ) ، فإنَّ مناط ذلك أن تكون المحكمة الاستئنافية قد استنفدت ولايتها بالفصل في موضوع الدعـوى ، وإلا فات على الطاعن درجة من درجات التقاضـي ، وهو ما لم ينصـرف إليه قصـد المُشـرَّع ، فإنه يتعيَّن أن يكون النقض مقروناً بالإعادة إعمالاً لنص المادة 44 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصـادر بالقانون رقم 57 لسنة المستبدلة بالمادة الثانيـة من القـانون رقـم 11 لسـنة 2017 بشأن تعـديل قـانون حـالات وإجراءات 1959 الـطعن أمام محكمـة الـنقض سـالف الذكـر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1357 لسنة 91 ق جلسة 2 / 2 / 2022 مكتب فني 73 ق 8 ص 95

جلسة 2 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عاصم الغايش رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / جمال حسن جودة ، خالد الشرقبالي ، ومحمد يوسف نواب رئيس المحكمة ومحمد مطر .
---------------
(8)
الطعن رقم 1357 لسنة 91 القضائية
(1) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
مثال .
(2) قانون " القانون الأصلح " . حماية المستهلك . نشر . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تعاقب قانونين دون أن يكون الثاني أصلح للمتهم . يوجب تطبيق الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله . أساس ذلك ؟
وقوع الجريمة المسندة للطاعن في ظل القانون 67 لسنة 2006 بشأن حماية المستهلك قبل إلغائه ومعاقبته بنشر الحكم بجريدة الأهرام وبموقعها الإلكتروني على نفقته عملاً بالقانون 181 لسنة 2018 . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيح الحكم بإلغاء عقوبة النشر على الموقع الإلكتروني . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن عاب على الإجراءات السابقة عدم وصول التكليف - تشكيل لجنة المعاينة - إلا أنه لم يطلب من المحكمة تدارك هذا القصور أو استكماله ، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض .
2- من المقرر بنص المادة 95 من الدستور أنه : ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ) ، كما نصت المادة 5/1 من قانون العقوبات على أنه ( يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها ) . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقًا للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب إنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف ، فإذا تعاقب قانونان ، ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائمًا تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٢٤ من القانون رقم 67 لسنة 2006 بشأن حماية المستهلك الذي وقعت الجريمة في ظله قد نصت على ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر ودون الإخلال بحق المستهلك في التعويض ، يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون المنصوص عليها في المواد 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، ۷ ، ۸ ، ۹ ، ۱۱ ، ۱۸ والفقرة الأخيرة من المادة ٢٣ بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه وفي حالة العودة تضاعف الغرامة بحديها .... ) ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن عن الجريمتين المؤثمتين بقانون حماية المستهلك آنف الذكر للارتباط بينهما بعقوبة الغرامة بمبلغ عشرة آلاف جنيه مع إلزامه برد ما دفع من قيمة المنتج للمجني عليها بمبلغ ثلاثة وعشرين ألف جنيه ونشر الحكم بجريدة الأهرام اليومية وبموقعها الإلكتروني على نفقته والمصاريف ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما يتعين تصحيحه بإلغاء ما قضى به من نشر الحكم في الموقع الإلكتروني لجريدة الأهرام ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه :
1- بصفته مورداً لسلعة امتنع عن استبدال أو استرداد السلعة المشوبة بعيب عن طلب المجني عليها / .... وكان ذلك خلال المدة المقررة قانونًا .
2- بصفته آنفة البيان لم يقم بتنفيذ قرار مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك بأن امتنع عن استرجاع المنتج محل التعاقد ورد قيمته للشاكية على النحو المبيّن بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة .... الاقتصادية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمواد ۱ ، ۲۱ ، 56/1 ، 63 ، 64 ، 66 ، 73 ، 74 ، 75 من القانون ١٨١ لسنة ۲۰۱۸ بشأن حماية المستهلك ، بتغريمه بغرامة مقدارها خمسين ألف جنيه مع إلزامه برد ما دفع من قيمة المنتج للمجني عليها بمبلغ ثلاثة وعشرين ألف جنيه ونشر الحكم بجريدة الأهرام اليومية وبموقعها الإلكتروني على نفقته وألزمته المصروفات الجنائية .
فاستأنف ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهم عشرة آلاف جنيه والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت المستأنف بالمصاريف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الامتناع عن استبدال أو استرجاع سلعة معيبة وعدم تنفيذ قرار مجلس إدارة حماية المستهلك ، قد شابه الفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه دانه رغم خلو الأوراق من التكليف الصادر من إدارة حماية المستهلك بإحضار السلعة المعيبة لمعاينتها ، كما عاقبه وفقاً للقانون رقم ١٨١ لسنة ٢٠١٨ بشأن حماية المستهلك رغم حدوث الواقعة قبل سريانه ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن عاب على الإجراءات السابقة عدم وصول التكليف - تشكيل لجنة المعاينة - إلا أنه لم يطلب من المحكمة تدارك هذا القصور أو استكماله ، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بنص المادة 95 من الدستور أنه : ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ) ، كما نصت المادة 5/1 من قانون العقوبات على أنه : ( يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها ) . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقاً للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب إنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف ، فإذا تعاقب قانونان ، ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائماً تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٢٤ من القانون رقم 67 لسنة 2006 بشأن حماية المستهلك الذي وقعت الجريمة في ظله قد نصت على : ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر ودون الإخلال بحق المستهلك في التعويض ، يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون المنصوص عليها في المواد 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، ۷ ، ۸ ، ۹ ، ۱۱ ، ۱۸ والفقرة الأخيرة من المادة ٢٣ بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه وفي حالة العودة تضاعف الغرامة بحديها .... ) ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن عن الجريمتين المؤثمتين بقانون حماية المستهلك آنف الذكر للارتباط بينهما بعقوبة الغرامة بمبلغ عشرة آلاف جنيه مع إلزامه برد ما دفع من قيمة المنتج للمجني عليها بمبلغ ثلاثة وعشرين ألف جنيه ونشر الحكم بجريدة الأهرام اليومية وبموقعها الإلكتروني على نفقته والمصاريف ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما يتعين تصحيحه بإلغاء ما قضى به من نشر الحكم في الموقع الإلكتروني لجريدة الأهرام ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 2991 لسنة 91 ق جلسة 22 / 1 / 2022 مكتب فني 73 ق 7 ص 84

جلسة 22 من يناير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / علي سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد الجندي ، أحمد كمال الخولي ورامي شومان نواب رئيس المحكمة وخالد سويلم .
--------------
(7)
الطعن رقم 2991 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب " . تهريب المهاجرين . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً . المادة ٣١٠ إجراءات جنائية .
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة . لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب .
عدم بيان الحكم الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون والمُثبتة لارتكابهم جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية واستظهار عناصرهما والأدلة الدالة على ذلك . قصور يوجب نقضه .
مثال لتسبيب معيب في حكم صادر بالإدانة في جريمة تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين .
(2) قانون " تفسيره " . تهريب المهاجرين . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " بوجه عام " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى ".
المقصود بالجماعة الإجرامية المنظمة وعبارة تهريب المهاجرين وفقاً للقانون 82 لسنة 2016؟
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت مطروحة على بساط البحث . عدم صلاحيتها وحدها دليلاً للإدانة .
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال .
خلو الدعوى من دليل يقيني على تنظيم وإدارة جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في تهريب المجني عليهما واقتصار أقوال الأخيرين على اتفاقهما مع المتهم الأول على استصدار تأشيرة دخول صحيحة وعدم إسناد دور لهما في استصدارها وضبطهما من قبل الشرطة قبل استلام التأشيرة . يوجب القضاء بالبراءة . لا يغير من هذا النظر وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج . علة وأساس ذلك ؟
مثال لحكم صادر من محكمة النقض بالبراءة لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في التهريب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواءً من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، وأن يورد أدلة الثبوت التي استند إليها في الإدانة ويذكر مؤداها في بيان واف حتى يتضح وجه استدلاله بها ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً ، فلا تكتفي بمجرد الإشارة إليها بل ينبغي إيراد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : ( وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها بالجلسة ، تخلص في أن البشرية عرفت جريمة الهجرة غير الشرعية منذ القدم وتحولت تلك الجريمة إلى ظاهرة اجتماعية شاذة في حياة التجمعات البشرية وقد انتشرت في السنوات الأخيرة وتزايدت بصورة مخيفة واستفحلت حتى أصبحت كداء وبيل ومرض خطير تحل بسببها من الشرور بالبلاد ما لا يحصى ومن الأضرار بالعباد ما لا يستقصى فهي خطر داهم وشر مداهم وبلاء قائم لأن أثرها في الغالب لا يقتصر على فرد أو مجموعة من الأفراد وإنما يمتد هذا الأثر عادة إلى عدم الثبات والاستقرار وتهديد الكيان الداخلي للدولة المهاجر منها أو تلك المهاجر إليها ، وعلى إثر اتفاق بين المتهمين كونوا فيما بينهم تشكيلاً عصابياً وتنكبوا الطريق المستقيم فارتكبوا سلوكاً أرعن وعملاً مستهجناً ومداناً ومرفوضاً شرعاً وعقلاً وعرفاً وتجرد المتهمون من كل معاني القيم ووازع قويم ، فعزموا أمرهم واتحدت إرادتهم على أن يتخذوا من جريمة تهريب المهاجرين غير الشرعيين حرفة ومهنة لهم مستغلين هيمنة البطالة وقلة فرص العمل والعوز المادي والظروف الأسرية التي تجبر على الهجرة غير الشرعية مخادعين المجني عليهم أنهم قادرين ومقتدرين على تهريبهم لدولة .... ، إذا أدوا المنفعة المادية كانت أو المعنوية المتفق عليها موهمين المجني عليهم بحصولهم على حياة اجتماعية أكثر رفاهية محدثين الأمل بحصولهم على أرباح مالية وهمية مما حدا بوالد المجني عليه الأول المدعو / .... والمجني عليه الثاني / .... بالاتفاق مع المتهمين على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... مقابل مبلغ مالي وقدره مائة وعشرون ألف جنيه يستولي عليها المتهمون حال وصولهم لدولة .... ، وعلى إثر هذا الاتفاق وبتاريخ .... تقابل المجني عليهما مع المتهمين لإنفاذ هذا الاتفاق - على إحدى الكافيتريات - بناحية .... تمهيداً لتهريبهم إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهمين والمجني عليهم بمعرفة الرائد / .... بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، بعد أن أكدت التحريات التي قام بإجرائها بصحة الواقعة ) ، واستند الحكم في إثبات الواقعة إلى أقوال كل من / .... ، .... ، والرائد / .... الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً ، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواءً في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون والمثبتة لارتكابهم جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية واللتان أشار إليهما دون أن يستظهر عناصرهما ومدى انطباق التعريفات والشروط التي أوردها القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ولائحته التنفيذية على ما حملته الأوراق وصورة واقعة الدعوى ، ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها بل جاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين والظروف التي وقعتا فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة مما يعجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، فبات معيباً بما يوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعنون من أوجه بطعنهم .
2- لما كان البيّن من نص المادة الأولى من القانون رقم 8٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين أن المشرع أطلق وصف الجماعة الإجرامية المنظمة على الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة أشخاص على الأقل للعمل بصفة مستمرة أو لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من بينها جرائم تهريب المهاجرين وحدها أو مع غيرها وذلك من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، ولا يلزم أن يكون لأعضائها أدوار محددة أو أن تستمر عضويتهم فيها ، كما أن المقصود بعبارة تهريب المهاجرين هو تدبير انتقال شخص أو أشخاص بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى من أجل الحصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، وحيث إنه وكان الثابت للمحكمة من استعراضها لأوراق الدعوى وما دار فيها من تحقيقات وما ورد في أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في ثبوت التهمتين في حق هؤلاء المتهمين ، أنها خلت من دليل يقيني على أن المتهمين نظموا وأداروا جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في تهريب المجني عليهما بطرق غير مشروعة لدولة .... ، إذ إن ما ساقته النيابة العامة من أدلة الثبوت في مقام التدليل على مقارفة المتهمين للاتهام الذي أسندته إليهم لا يفيد بذاته ولا يقطع بأنهم ارتكبوا كلتا الجريمتين ، إذ خلت أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - المجني عليهما بالتحقيقات والتي ركنت النيابة العامة لشهادتهما بها ضمن ما استندت إليه في ثبوت الجريمتين - من اتفاقهما مع المتهمين على تهريبهم لدولة .... بطرق غير مشروعة ، وإنما اقتصرت أقوالهما على اتفاقهما مع المتهم الأول على استصدار تأشيرة دخول - صحيحة - لدولة .... ولم ينسب أياً منهما إلى باقي المتهمين ثمة دور في استصدارها ، وأنهما توجها للقاء المتهم الأول بإحدى المقاهي بناحية .... لاستلام المجني عليه الثاني من الأخير التأشيرة واطلاع المجني عليه الأول عليها للتأكد من صحتها وإعطاء المتهم الأول رسوم استخراجها ، إلا أن ذلك كله لم يتم لضبطهم من قبل الشرطة ، ولا يقدح في ذلك القول بأن الجريمة الثانية المسندة إلى المتهمين هي الشروع في تهريب مهاجرين ، إذ إن الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ، وإن كان لا يوجد فيه ما يوجب لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل في تنفيذ ذات الفعل المكون للجريمة ، إلا أنه يقتضي أن يكون الفعل الذي بدأ في تنفيذه من شأنه أن يؤدي فوراً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة وهو ما لم يتوافر في الدعوى الراهنة ، لا سيما وأنه لم يتم ضبط وثيقة سفر أو هوية مزورة ، ولا ينال من ذلك ما ثبت بملاحظات النيابة العامة من أنه بمطالعتها لهاتف المتهم الأول بالتحقيقات تبين وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج ، وكذلك ما تم ضبطه بحوزة المجني عليه الأول من جواز سفر خاص به وكذا مبلغ مائتي يورو تمهيداً لاستخراج تأشيرة لدولة .... إذ إنه لا يرقى إلى أن يكون دليلاً بذاته أو حتى قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، ولا يتبقى في أوراق الدعوى سوى تحريات الشرطة وأقوال مجريها - الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر - إلا أنها لا تعدو أن تكون قرينة لا تنهض بمجردها دليل إدانة ، لما هو مقرر من أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً للقضاء بالإدانة ، هذا إلى أن الإقرار المنسوب صدوره من المتهمين لشاهد الإثبات الثالث لا يعدو أن يكون مجرد قول للأخير لا تطمئن إليه هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تُبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، فإن الاتهام المسند إلى المتهمين يضحى محوطاً بشك كبير ولا تطمئن هذه المحكمة إليه ، مما يتعين الحكم ببراءة المتهمين من التهمتين المسندتين إليهم عملاً بنص المادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
۱- نظموا وأداروا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين وقد ارتكبت الجريمة التالية بناءً على ارتكاب تلك الجريمة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
۲- شرعوا في ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين كل من / .... و .... وذلك بأن اتفقوا معهما على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... ودبروا نقلهم وذلك مقابل الحصول على منفعة مادية ومالية وهي مبالغ مالية إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لســبــب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضـبطهم والمهاجرين سالفي الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصـف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت حضـورياً عملاً بالمواد 1 ، 4 ، 5 ، 6/ 2،1 بند ( 1 ، 5 ، 6) ، 17 من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن الهجرة الغير الشـرعية ، وبعد إعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من ذات القانون ، بمعاقبة كل منهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم وتغريم كل منهم خمسمائة ألف جنيه عما أسند إليهم وألزمتهم بالمصـاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعون - بمذكرتي أسباب الطعن - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما حال كون أحدهما طفلاً بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية وكان من شأن الجريمة تهديد حياة من يجري تهريبهما وتعريض صحتهم للخطر ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماة وبصورة مجملة خلت من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانهم بهما بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواءً من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، وأن يورد أدلة الثبوت التي استند إليها في الإدانة ويذكر مؤداها في بيان واف حتى يتضح وجه استدلاله بها ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً ، فلا تكتفي بمجرد الإشارة إليها بل ينبغي إيراد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : (وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها بالجلسة ، تخلص في أن البشرية عرفت جريمة الهجرة غير الشرعية منذ القدم وتحولت تلك الجريمة إلى ظاهرة اجتماعية شاذة في حياة التجمعات البشرية ، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة وتزايدت بصورة مخيفة واستفحلت حتى أصبحت كداء وبيل ومرض خطير تحل بسببها من الشرور بالبلاد ما لا يحصى ومن الأضرار بالعباد ما لا يستقصى ، فهي خطر داهم وشر مداهم وبلاء قائم لأن أثرها في الغالب لا يقتصر على فرد أو مجموعة من الأفراد وإنما يمتد هذا الأثر عادة إلى عدم الثبات والاستقرار وتهديد الكيان الداخلي للدولة المهاجر منها أو تلك المهاجر إليها ، وعلى إثر اتفاق بين المتهمين كونوا فيما بينهم تشكيلاً عصابياً وتنكبوا الطريق المستقيم فارتكبوا سلوكاً أرعن وعملاً مستهجناً ومداناً ومرفوضاً شرعاً وعقلاً وعرفاً وتجرد المتهمون من كل معاني القيم ووازع قويم ، فعزموا أمرهم واتحدت إرادتهم على أن يتخذوا من جريمة تهريب المهاجرين غير الشرعيين حرفة ومهنة لهم مستغلين هيمنة البطالة وقلة فرص العمل والعوز المادي والظروف الأسرية التي تجبر على الهجرة غير الشرعية مخادعين المجني عليهم أنهم قادرين ومقتدرين على تهريبهم لدولة....، إذا أدوا المنفعة المادية كانت أو المعنوية المتفق عليها موهمين المجني عليهم بحصولهم على حياة اجتماعية أكثر رفاهية محدثين الأمل بحصولهم على أرباح مالية وهمية مما حدا بوالد المجني عليه الأول المدعو / .... والمجني عليه الثاني / .... بالاتفاق مع المتهمين على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... مقابل مبلغ مالي وقدره مائة وعشرون ألف جنيه يستولي عليها المتهمون حال وصولهم لدولة .... وعلى إثر هذا الاتفاق وبتاريخ .... تقابل المجني عليهما مع المتهمين لإنفاذ هذا الاتفاق - على إحدى الكافيتريات - بناحية .... تمهيداً لتهريبهما ، إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهمين والمجني عليهما بمعرفة الرائد / .... بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، بعد أن أكدت التحريات التي قام بإجرائها بصحة الواقعة ) ، واستند الحكم في إثبات الواقعة إلى أقوال كلٍ من / .... و .... ، والرائد / .... الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً ، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواءً في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون والمثبتة لارتكابهم جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية ، واللتان أشار إليهما دون أن يستظهر عناصرهما ومدى انطباق التعريفات والشروط التي أوردها القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ولائحته التنفيذية على ما حملته الأوراق وصورة واقعة الدعوى ، ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها بل جاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين والظروف التي وقعتافيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة مما يعجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، فبات معيباً بما يوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعنون من أوجه بطعنهم ، ولما كانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل في موضوعها - بعد ضم المفردات - دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها ، فإن المحكمة تعرض لموضوع الدعوى عملاً بحقها المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 11 لسنة ۲۰۱۷ .
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين بأنهم في يوم .... بدائرة .... :
1- نظموا وأداروا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين وقد ارتكبت الجريمة التالية بناءً على ارتكاب تلك الجريمة وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
2- شرعوا في ارتكاب جريمة تهريب مهاجرين كل من .... و .... وذلك بأن اتفقوا معهما على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... ودبروا نقلهم وذلك مقابل الحصول على مبالغ مالية ، إلا أنه خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والمهاجرين سالفي الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت عقابهم بالمواد 1 ، 4 ، 5 ، 6/۲،۱ بند ( 1 ، 5 ، 6 ) ، 17 من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن إصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ، وقد ارتكنت النيابة العامة في إثبات ذلك بقائمة أدلة الثبوت إلى ما شهد به المجني عليه / .... بأنه على إثر رغبته في السفر خارج البلاد - دولة .... - اتفق مع المتهمين على تهريبه إلى الدولة سالفة البيان بطريقة غير شرعية مقابل حصولهم على مبلغ مالي وقدره مائة وعشرون ألف جنيه عقب وصوله لتلك الدولة إلا أنه تم ضبطهم ، وشهد / .... بذات مضمون ما شهد به سابقه ، وشهد الرائد / .... بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر بأن تحرياته السرية توصلت لصحة ما شهد به سابقيه ، وأضاف بأن المتهمين يشكلون جماعة إجرامية منظمة متخصصة بتهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية إلى دولة .... مقابل مبالغ مالية وتمكن من ضبط المتهمين وضبط المضبوطات ، وثبت من مطالعة النيابة العامة لهاتف المتهم الأول بالتحقيقات وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج ، وتم ضبط جواز السفر الخاص بالمجني عليه الأول وكذا مبلغ مائتي يورو تمهيداً لاستخراج تأشيرة لدولة .... .
وحيث إن المتهمين أنكروا ما أسند إليهم من اتهام بالتحقيقات ، وأضاف الأول والثاني منهم بقيامهما بالعمل كوسطاء لشركات تسفير مرخصة للعمل بالخارج . لما كان ذلك ، وكان يبين من نص المادة الأولى من القانون رقم 8٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين أن المشرع أطلق وصف الجماعة الإجرامية المنظمة على الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة أشخاص على الأقل للعمل بصفة مستمرة أو لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من بينها جرائم تهريب المهاجرين وحدها أو مع غيرها وذلك من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، ولا يلزم أن يكون لأعضائها أدوار محددة أو أن تستمر عضويتهم فيها ، كما أن المقصود بعبارة تهريب المهاجرين هو تدبير انتقال شخص أو أشخاص بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى من أجل الحصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، وحيث إنه وكان الثابت للمحكمة من استعراضها لأوراق الدعوى وما دار فيها من تحقيقات وما ورد في أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في ثبوت التهمتين في حق هؤلاء المتهمين ، أنها خلت من دليل يقيني على أن المتهمين نظموا وأداروا جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في تهريب المجني عليهما بطرق غير مشروعة لدولة .... ، إذ إن ما ساقته النيابة العامة من أدلة الثبوت في مقام التدليل على مقارفة المتهمين للاتهام الذي أسندته إليهم لا يفيد بذاته ولا يقطع بأنهم ارتكبوا كلتا الجريمتين ، إذ خلت أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - المجني عليهما بالتحقيقات والتي ركنت النيابة العامة لشهادتهما بها ضمن ما استندت إليه في ثبوت الجريمتين - من اتفاقهما مع المتهمين على تهريبهم لدولة .... بطرق غير مشروعة ، وإنما اقتصرت أقوالهما على اتفاقهما مع المتهم الأول على استصدار تأشيرة دخول - صحيحة - لدولة .... ولم ينسب أياً منهما إلى باقي المتهمين ثمة دور في استصدارها ، وأنهما توجها للقاء المتهم الأول بإحدى المقاهي بناحية .... لاستلام المجني عليه الثاني من الأخير التأشيرة وإطلاع المجني عليه الأول عليها للتأكد من صحتها وإعطاء المتهم الأول رسوم استخراجها ، إلا أن ذلك كله لم يتم لضبطهم من قبل الشرطة ، ولا يقدح في ذلك القول بأن الجريمة الثانية المسندة إلى المتهمين هي الشروع في تهريب مهاجرين ، إذ إن الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ، وإن كان لا يوجد فيه ما يوجب لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل في تنفيذ ذات الفعل المكون للجريمة ، إلا أنه يقتضي أن يكون الفعل الذي بدأ في تنفيذه من شأنه أن يؤدي فوراً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة وهو ما لم يتوافر في الدعوى الراهنة ، لا سيما وأنه لم يتم ضبط وثيقة سفر أو هوية مزورة ، ولا ينال من ذلك ما ثبت بملاحظات النيابة العامة من أنه بمطالعتها لهاتف المتهم الأول بالتحقيقات تبين وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج وكذلك ما تم ضبطه بحوزة المجني عليه الأول من جواز سفر خاص به وكذا مبلغ مائتي يورو تمهيداً لاستخراج تأشيرة لدولة .... إذ إنه لا يرقى إلى أن يكون دليلاً بذاته أو حتى قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، ولا يتبقى في أوراق الدعوى سوى تحريات الشرطة وأقوال مجريها - الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر - إلا أنها لا تعدو أن تكون قرينة لا تنهض بمجردها دليل إدانة ، لما هو مقرر من أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً للقضاء بالإدانة ، هذا إلى أن الإقرار المنسوب صدوره من المتهمين لشاهد الإثبات الثالث لا يعدو أن يكون مجرد قول للأخير لا تطمئن إليه هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تُبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، فإن الاتهام المسند إلى المتهمين يضحى محوطاً بشك كبير ولا تطمئن هذه المحكمة إليه ، مما يتعين الحكم ببراءة المتهمين من التهمتين المسندتين إليهم عملاً بنص المادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ