جلسة 16 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد اللطيف محمد عبد اللطيف الخطيب وعلي شحاته محمد سليمان وأحمد عبد العزيز تاج الدين والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(70)
الطعن رقم 700 لسنة 29 القضائية
اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية.
المادتان رقمي 10 و15 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972
- اختصاص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة في مسائل التأديب - نتيجة ذلك: لها نظر الدعوى التأديبية المبتدأة التي تحركها النيابة الإدارية كما يشمل اختصاصها النظر في الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالدولة أو القطاع العام وما يتفرع عنها من طلبات عن طريق الدعوى التي تقام من العامل طعناً على القرار التأديبي الصادر في شأنه من السلطة التأديبية المختصة - متى أحيل العامل للمحكمة التأديبية بقرار اتهام عن مخالفات معينة منسوبة إليه أصبحت صاحبة الولاية في أمر تأديبه وتوقيع الجزاء المناسب عليه - نتيجة ذلك: لا تتقيد المحكمة بما تطلبه النيابة الإدارية من توقيع جزاء بعينه على العامل - سبب ذلك: النيابة الإدارية لا يتعدى دورها أنها تمثل الاتهام - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 7/ 2/ 1983 أودع الأستاذ/ عادل عبد الرحيم غنيم المستشار بإدارة قضايا الحكومة نائباً عن مدير عام النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 700 لسنة 29 قضائية عليا ضد..... طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 9/ 12/ 1982 في الدعوى التأديبية رقم 153 لسنة 9 قضائية والقاضي برفض طلب فصل المتهم...... وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بفصل المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والتصدي لموضوع الدعوى التأديبية والحكم فيها بالعقوبة المناسبة التي تراها المحكمة الإدارية العليا.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 12/ 10/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة فحص طعون للاختصاص وحددت لنظره أمامها جلسة 16/ 11/ 1988 وتدوول الطعن أمامها إلى أن قررت بجلسة 18/ 3/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 5/ 5/ 1992 حيث تدوول الطعن أمامها إلى أن قررت بجلسة 10/ 11/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 16/ 2/ 1993 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة في الطعن تخلص في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 153 لسنة 9 قضائية ضد.... مندوب صرف مندوبية السيخية التابع لبنك التنمية والائتمان الزراعي لمحافظة قنا لأنه بتاريخ 23/ 12/ حتى 27/ 12/ 1981 لم يحافظ على أموال الجهة التي يعمل بها (1) طلب وأخذ مبالغ تزيد عن المبالغ المستحقة على بعض المزارعين بالناحية مع علمه بذلك. (2) استولى لنفسه بغير وجه حق على المبالغ التي حصلها بالزيادة والتي سلمت إليه بسبب وظيفته حال كونه من مأموري التحصيل. (3) ارتكب تزويراً في أوراق رسمية هي أصل إيصالي استلام نقدية لسداد ملفي رقمي 57478، 25212 بإحدى الطرق المبينة بالقانون بأن أثبت بهذين الأصلين تحصيل مبالغ أقل من المبالغ المحصلة فعلاً والثابتة بصورها. (4) استعمل المحررين المزورين سالفي الذكر فيما زورا من أجله مع علمه بذلك بأن استعملهما بقصد ستر ما أسند إليه من استيلائه على الفروق المحصلة بموجبهما وطلبت النيابة الإدارية محاكمته عن هذه المخالفات المالية والإدارية.
وبجلسة 9/ 12/ 1982 قضت المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط في الدعوى رقم 153 لسنة 9 قضائية برفض طلب فصل المتهم.... تأديبياً وأسست المحكمة قضائها على أن الجهة الإدارية طلبت من النيابة الإدارية إحالة المتهم إلى المحكمة التأديبية للنظر في فصله بعد عرض أمره على اللجنة الثلاثية التي ارتأت فصله بأغلبية الآراء وأن الفصل من الخدمة يعد أشد أنواع الجزاءات بما يمثله من إنهاء الرابطة الوظيفية وما يترتب على ذلك من آثار، ولذا يجب أن يكون توقيع هذا الجزاء في أضيق الحدود وتلك أمور تتبينها الجهة الإدارية والمحكمة التأديبية على حسب الأحوال، وأنه بين أن المخالفات التي نسبتها النيابة الإدارية إلى المتهم والثابتة في حقه وإن كانت تهز الثقة والاعتبار إلا أنه لم يتدنى إلى مراتب الرذيلة مما لا يكون هناك محل لفصله من الخدمة وأن المحكمة وهي بسبيل النظر في طلب الجهة الإدارية فصل أحد العاملين تأديبياً لا تمارس اختصاصاً تأديبياً وإنما تمارس اختصاصها كسلطة رقابية على الجهات الإدارية، وأن رفض المحكمة طلب فصل العامل لا يعني عدم توقيع جزاء تأديبي عليه من جانب الجهة الإدارية.
ويقوم الطعن على الحكم على أساس مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن المحكمة بعد أن تعرضت لمرافعات الاتهام خلصت إلى ثبوتها في حق المتهم إلا أنها غلت يدها عن الحكم بأي من الجزاءات التي يجوز توقيعها وتركت ذلك للجهة الإدارية بدعوى أن دورها رقابي على الجهة الإدارية في طلب فصل العامل وهو قول خاطئ لأن للمحكمة التأديبية أن توقع أي من العقوبات المقررة قانوناً والتي قد تصل إلى الفصل لأن من يملك الأكثر يملك الأقل.
ومن حيث إن المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: ......
(ثاني عشر) الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون.
(ثالث عشر) الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً.
وتنص المادة 15 من القانون المذكور على أن تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية والتي تقع من:
أولاً: العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلي والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات والشركات التي تضمن لها الحكومة حد أدنى من الأرباح.
ومتى كان ذلك فإن اختصاص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة في مسائل التأديب يشمل نظر الدعوى التأديبية المبتدأة والتي تحركها النيابة الإدارية، كما يشمل كذلك النظر في الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالدولة أو القطاع العام وما يتفرع عنها من طلبات عن طريق الدعوى التي تقام من العامل طعناً على القرار التأديبي الصادر في شأنه من السلطة التأديبية المختصة. وترتيباً على ذلك فإنه متى أحيل العامل إليها عن طريق النيابة الإدارية بقرار اتهام عن مخالفات معينة منسوبة إليه أصبحت صاحبة الولاية في أمر تأديبه وتوقيع الجزاء المناسب عن المخالفات التي يثبت لها من الأوراق أن العامل ارتكبها وذلك بصرف النظر عما طلبته النيابة من توقيع جزاء بعينه باعتبار أن ذلك يدخل في مدلول الاتهام وليس بالحتم هو الجزاء الذي تراه المحكمة مناسباً للمخالفات الثابتة في حق المحال، أما إذا كانت الدعوى اتصلت بالمحكمة التأديبية عن الطعن المقام من العامل في القرار التأديبي الصادر في شأنه من السلطة المختصة بالتأديب فإن المحكمة التأديبية في هذه الحالة تكون مصدر دعوى إلغاء ولها أن تراقب مشروعية القرار المطعون فيه وتنتهي إلى إلغائه أو تعديله أو رفض الدعوى وفقاً لما تراه في نطاق رقابة المشروعية.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الطعن ترتيباً على ما تقدم فإن الثابت أن النيابة الإدارية أحالت المتهم إلى المحكمة التأديبية عن مخالفات واردة بتقرير الاتهام، وعليه فإن على المحكمة أن تتصدى لاختصاصها التأديبي دون التقيد بما طلبته النيابة الإدارية من توقيع جزاء الفصل التأديبي على العامل، ولها أن تتخير الجزاء المناسب للمخالفات الثابتة في شأنه، وليس للمحكمة في مثل هذه الحالة إذا ما ارتأت عدم ملاءمة توقيع جزاء الفصل التأديبي من الخدمة أن تترك اختصاصها التأديبي وتحيل الأمر إلى الجهة الإدارية لتوقيع الجزاء المناسب وذلك باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في التأديب طالما أحيل أمر تأديب العامل إليها عن طريق الجهة صاحبة الولاية في ذلك وهي النيابة الإدارية.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون الطعن عليه في محله ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن لهذه المحكمة وقد ألغت الحكم التأديبي المطعون عليه أن تتصدى لموضوع الدعوى التأديبية. ولما كان الثابت أن المخالفات المنسوبة للمطعون ضده والواردة بتقرير الاتهام ثابتة في حقه ثبوتاً قاطعاً من واقع التحقيقات التي أجريت والمستندات والأوراق المشار إليها في هذه التحقيقات وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه الأمر الذي يشكل في حق المحال خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي ويسوغ بالتالي مساءلته تأديبياً عملاً بمواد الاتهام.
ومن حيث إن الثابت من حافظة المستندات المقدمة في الطعن من النيابة الإدارية والتي وردت في 17/ 1/ 1991 أثناء تداول الطعن أن المطعون ضده صدر قرار بفصله من الخدمة اعتباراً من 5/ 12/ 1988 بعد إحالته إلى المحكمة التأديبية فإن الجزاء الذي يوقع عليه عن المخالفات الثابتة في حقه يكون من بين الجزاءات المنصوص عليها في المادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978 وهي الغرامة التي لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه العامل في الشهر عند ترك الخدمة.
ومن حيث إنه عن المخالفات الثابتة في حق المطعون ضده فإن الجزاء الذي تقرره المحكمة هو الغرامة التي تعادل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه المطعون ضده عند تركه الخدمة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده بغرامة تعادل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند تركه الخدمة.