الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 ديسمبر 2023

الطعنان 3004 لسنة 35 ق ، 2234 لسنة 37 ق جلسة 9 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 46 ص 450

جلسة 9 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد أبو جبل - المستشارين.

----------------

(46)

الطعنان رقما 3004/ 2234 لسنتي 35/ 37 القضائيتين

عاملون مدنيون بالدولة - أثر الانقطاع عن العمل على العلاوة الدورية والمدد البينية.
القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة 

- لم يربط المشرع بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلاً - أثر ذلك: لا يجوز الاجتهاد في استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أي منهما - القول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المشترطة للترقية أو استحقاق العلاوة هو حرمان من العلاوة والترقية في غير الأحوال التي يسوغ من أجلها الحرمان بل هو بمثابة الجزاء التأديبي في غير موضعه وممن لا يملك توقيعه وإنزاله - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 13/ 6/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ محافظ القاهرة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3004 لسنة 35 ق عليا طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات (ب) بجلسة 26/ 4/ 1989 في الدعوى رقم 3670 لسنة 41 ق المقامة من...... ضد محافظ القاهرة وآخر والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم المدة من 19/ 11/ 1979 حتى 13/ 12/ 1983 إلى مدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 4/ 5/ 1991 أودعت الأستاذة زينب الشامية المحامية عن الطاعن....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2234 لسنة 37 ق عليا طعناً في الحكم المشار إليه، طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وباعتبار مدة خدمة الطاعن متصلة ومستمرة اعتباراً من 20/ 5/ 1977 حتى 18/ 11/ 1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار سواء بالنسبة للعلاوات الدورية والترقية وغيرها وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن (المدعي) في حساب مدة خدمته متصلة وفي تدرج مرتبه بالعلاوات الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9/ 3/ 1992 وبجلسة 22/ 6/ 1992 قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظرهما جلسة 10/ 10/ 1992 حيث نظرتهما على النحو الثابت بمحاضرها حيث استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت بجلسة 28/ 11/ 1992 ضم الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا إلى الطعن رقم 3004 لسنة 35 عليا ليصدر فيهما حكم واحد وحددت لإصدار الحكم جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث الشكل فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 26/ 4/ 1989 وتم إيداع تقرير الطعن رقم 3004 لسنة 35 ق عليا بتاريخ 13/ 6/ 1989 وإيداع تقرير الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا بتاريخ 4/ 5/ 1991 بعد أن قام الطاعن في هذا الطعن بإيداع طلب إعفاء من الرسوم قيد برقم 230 لسنة 35 بتاريخ 25/ 6/ 1989 لسكرتارية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 5/ 3/ 1991 قبول الطلب ومن ثم يكون الطعنان تم تقديمهما في المواعيد المقررة قانوناً وإذ استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية الأمر الذي يتعين قبولهما شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 3670 لسنة 41 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/ 4/ 1987 طالباً في ختامها الحكم بأحقيته في العلاوات الدورية والزيادات المقررة قانوناً وكذا الترقية خلال فترة الانقطاع عن العمل منذ 20/ 5/ 1977 إلى 15/ 12/ 1983 على اعتبار أن مدة خدمته متصلة مع تحميل جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل مدرساً بإدارة غرب القاهرة التعليمية منذ 3/ 9/ 1959 ولظروف خارجة عن إرادته انقطع عن العمل اعتباراً من 20/ 5/ 1977 ولم تقدم الإدارة بإنذاره بل أحالته إلى النيابة الإدارية وأقيمت ضده الدعوى التأديبية رقم 560 لسنة 20 ق التي صدر فيها الحكم بجلسة 19/ 11/ 1979 بمجازاته بالفصل من الخدمة غير أن هيئة مفوضي الدولة طعنت على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت بجلسة 11/ 4/ 1984 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وبجلسة 27/ 1/ 1987 قضت المحكمة التأديبية بمجازاته بالخصم لمدة شهرين من راتبه وكانت إدارة غرب القاهرة التعليمية قد أعادته للعمل بالقرار رقم 497 بتاريخ 15/ 12/ 1983 بنفس الأجر الذي كان يتقاضاه قبل انتهاء خدمته ومقداره (65 جنيهاً) وبعد صدور الحكم الأخير من المحكمة التأديبية في 27/ 1/ 1987 تقدم بطلب في 21/ 3/ 1987 لمساواته بزملائه في المرتب والدرجات المالية للمعينين في 3/ 9/ 1959 من حيث إضافة العلاوات وإعمال قوانين التسويات بالنسبة له على اعتبار أن مدة خدمته متصلة حكماً إلا أن الإدارة لم تحرك ساكناً وانتهى المدعي في ختام عريضة دعواه إلى طلب الحكم له بالطلبات المنوه عنها وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة إدارة شئون العاملين المؤرخة 27/ 10/ 1987 جاء بها أن المدعي انقطع عن العمل اعتباراً من 10/ 5/ 1977 بعد انتهاء الإجازة التي منحت له لمرافقة زوجته المعارة إلى ليبيا وأعيد تعيينه بالقرار رقم 497 بتاريخ 15/ 12/ 1983 بنفس الفئة والمرتب الذي كان يتقاضاه وبصدور حكم المحكمة التأديبية بجلسة 27/ 1/ 1987 بمجازاته بالخصم لمدة شهرين فقد صدر القرار رقم 27 بتاريخ 14/ 7/ 1987 بإلغاء إعادة التعيين بناءً على الحكم المشار إليه - وقامت الإدارة بإسقاط مدة الانقطاع من مدة خدمته وحرمانه من الحقوق الوظيفية خلال هذه المدة إذ أنه لم يؤد عملاً فيها وأن المدعي أخطر بذلك في 21/ 7/ 1987.
وبجلسة 26/ 4/ 1989 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً في مواجهة محافظ القاهرة وحده وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم المدة من 19/ 11/ 1979 إلى 13/ 12/ 1983 إلى مدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة. وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن مدة الانقطاع التي لا تحتسب إجازة لا ترتب للعامل أي حق من الحقوق المستمدة من الوظيفة سواء كانت ترقية أو علاوة إذ أنه لم يؤد عملاً فيها ولم يرخص له خلالها بإجازة من أي نوع مما قرره المشرع وفي القول بغير ذلك ما يؤدي إلى إهدار الأحكام الخاصة بالإجازات واستحقاق العلاوات وشروط الترقية، والمدعي انقطع عن العمل اعتباراً من 20/ 5/ 1977 وقدم للمحاكمة التأديبية في القضية رقم 560 لسنة 20 ق فقضت في 19/ 11/ 1979 بالفصل من الخدمة إلا أن هيئة مفوضي الدولة طعنت على هذا الحكم فقضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 11/ 4/ 1984 بإلغائه وإعادة الدعوى للفصل فيه مجدداً بهيئة أخرى...... وأسست المحكمة الإدارية العليا قضاءها على بطلان الإعلان - وقضت المحكمة التأديبية بجلسة 27/ 1/ 1987 بمجازاة المدعي بالخصم لمدة شهرين من راتبه وبني هذا الحكم على أن انقطاع المدعي عن عمله في الفترة من 19/ 11/ 1979 تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة (الملغى) حتى تاريخ إعادته للعمل في 13/ 12/ 1983 كان انقطاعاً لأمر خارج عن إرادته ومن ثم لا يدخل في مدة الانقطاع لأن فصله كان تنفيذاً لحكم المحكمة التأديبية الذي تم إلغاؤه فيما بعد بحكم المحكمة الإدارية العليا لذلك اعتبرت مدة الانقطاع من 19/ 11/ 1979 حتى تاريخ عودته للعمل في 13/ 12/ 1983 قد حدثت لأمر خارج عن إرادته.
وتأسيساً على ما تقدم استطردت المحكمة قائلة إن انقطاع المدعي في المدة من 20/ 5/ 1977 إلى 19/ 11/ 1979 والتي جوزي بسببها بخصم شهرين من مرتبه كانت بغير عذر فلا تدخل ضمن مدة خدمته ولا يستحق عنها ترقيات أو زيادات أو علاوات دورية، ولا يعد إسقاط هذه المدة من خدمته جمعاً لعقوبتين لأن الإسقاط في هذه الحالة وما يترتب عليه من آثار مرده أنه لم يؤد عملاً خلالها يستحق عليه ترقيات أو علاوات أما مجازاته بالخصم من راتبه لمدة شهرين فهو جزاء على إخلاله بواجبات وظيفته وعليه يتعين رفض طلب المدعي حساب مدة انقطاعه عن العمل في الفترة من 20/ 5/ 1977 حتى 19/ 11/ 1979 ضمن مدة خدمته أما عن المدة من 19/ 11/ 1979 حتى تاريخ عودته إلى العمل في 13/ 12/ 1983 فإن هذه المدة تحتسب ضمن مدة خدمته ويستحق عنها الترقيات والزيادات والعلاوات طبقاً لما تقضي به القوانين السارية خلال هذه المدة ولا يخل بذلك تنفيذ حكم المحكمة التأديبية بخصم شهرين من راتبه لأن الانقطاع في هذه المدة (الفترة من 19/ 11/ 1979 إلى 13/ 12/ 1983) كان لأمر خارج عن إرادته).
ومن حيث إن الطعن رقم 3004 لسنة 35 ق عليا المقام من محافظ القاهرة ضد المدعي (المطعون ضده) يستند إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن المطعون ضده لم يضع نفسه تحت تصرف جهة الإدارة إلا في 13/ 12/ 1983 تاريخ عودته للعمل بمناسبة إعادة تعيينه بعد أن تقدم بها وهو أمر جوازي لها لا إلزام عليها فيه ولم يثبت المطعون ضده ما يناقض ذلك ومن ثم فلا حق له في حساب مدة الانقطاع ضمن مدة خدمته الفعلية. ولا وجه لما ذهب إليه الحكم من أن جهة الإدارة هي التي حالت بين المدعي وبين أداء عمله نتيجة الحكم الملغى فهي لم تحل بين المطعون ضده وبين أدائه العمل وعلى فرض امتناعها عن تسليم المدعي عمله فإن المبرر القانوني لها إنما كان الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة في 19/ 11/ 1979 وأن الجهة الإدارية لم تكن تمتلك إعادة تعيين المدعي إلى عمله لالتزامها بتنفيذ الحكم الصادر بالفصل. وأن إسقاط هذه المدة كان تنفيذاً لذلك الحكم. كما خالف الحكم المطعون فيه ما استقر عليه من أن الأجر مقابل العمل فإذا لم يؤد العامل عملاً وحرمت الجهة الإدارية من خدماته طيلة مدة فصله فإنه لا يكون من حقه المطالبة بالأجر عن هذه المدة. والثابت أن المدعي لم يؤد عملاً طوال فترة انقطاعه حتى تاريخ عودته في 13/ 12/ 1983 وبالتالي فإن طلبه للأجر والترقيات والعلاوات يكون غير قائم على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أن المشرع في القانون رقم 47 لسنة 1978 لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلاً ومن ثم لا يجوز الاجتهاد في استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أي منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط والأصل في ذلك أن العلاوة الوظيفية تظل قائمة وترتب آثارها ولا تنتزع مدد منها إلا بنص صريح في القانون والثابت أن الطاعن انقطع عن عمله اعتباراً من 20/ 5/ 1977 حتى 19/ 11/ 1979 وقد جوزي عن ذلك الانقطاع بخصم شهرين من راتبه مما لا يجوز معه والحالة هذه إسقاط المدة المذكورة لاستمرار العلاقة الوظيفية خلالها بالجهة الإدارية المطعون ضدها ويترتب على ذلك اعتبار مدة خدمته متصلة بما في ذلك المدة سالفة الذكر وحسابها ضمن المدد اللازمة للترقية وتدرج المرتب بالعلاوات الدورية وسائر الزيادات وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن مقطع النزاع في الطعنين الماثلين هو بيان مدى أحقية المدعي في طلبه حساب كامل انقطاعه عن العمل في الفترة من 20/ 5/ 1977 حتى 15/ 12/ 1983 تاريخ إعادة تعيينه واستلامه العمل بناءً على القرار رقم 497 في 15/ 12/ 1983 ومن بينها الفترة من 20/ 5/ 1977 حتى 19/ 11/ 1979 التي جوزي عنها بالخصم من مرتبه لمدة شهرين أما الفترة من 19/ 11/ 1979 تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بالفصل من الخدمة (الذي تم إلغاؤه) وحتى 15/ 12/ 1983 تاريخ إعادة تعيينه فلم تكن محل نظر المحكمة التأديبية عند تقدير الجزاء باعتبارها فترة انقطاع لأمر خارج عن إرادة المدعي بسبب إبعاده عن الوظيفة بموجب حكم الفصل المشار إليه ومن ثم لم تدخل هذه المدة في مدة الانقطاع التي قدر الجزاء المشار إليه بالنظر إليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ولا مجال في استفادة الموظف من المزايا الوظيفية للقياس أو الاجتهاد في التفسير أمام نصوص واضحة الدلالة.
ومن حيث إن الأوضاع القانونية التي تحكم النزاع الماثل هي أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة التي حدثت واقعة بدء الانقطاع في ظله (20/ 5/ 1977) وذلك حتى العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 حيث أعيد تعيين المدعي اعتباراً من 15/ 12/ 1983 وبالرجوع إلى النصوص القانونية سواء في القانون رقم 58 لسنة 1971 أو القانون رقم 47 لسنة 1978 بالنسبة للأحكام الخاصة بالترقيات والعلاوات ومواعيد استحقاقها والجزاءات التأديبية المتعلقة بها يبين أن المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلاً ومن ثم لا يجوز الاجتهاد في استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أي منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط إذ يمثل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المرجع الذي يحكم علاقة الموظف بالدولة ولا يتأتى سلب حق من حقوق الموظف أو إسقاطه عنه أو إلزامه بواجب لا يبيحه نص والقول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المشترطة للترقية أو استحقاق العلاوة هو حرمان من العلاوة والترقية في غير الأحوال التي يسوغ من أجلها الحرمان بل هو بمثابة الجزاء التأديبي في غير موضعه وممن لا يملك توقيعه وإنزاله - والأصل فيما تقدم جميعاً أنه وطالما أن العلاقة الوظيفية ما فتئت قائمة فلا معدى بعد ترتيب آثارها وإعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها أو يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضي بذلك نص صريح.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي حاصل على مؤهل المعلمين العامة سنة 1958 وعين مدرساً بخدمة الوزارة بالدرجة الثامنة بتاريخ 3/ 9/ 1959 ومنح إجازة لمرافقة زوجته المعارة إلى ليبيا وبعد انتهاء هذه الإجازة انقطع عن العمل اعتباراً من 20/ 5/ 1977 فلم تعمل جهة الإدارة في حقه قرينة الاستقالة وتنهي خدمته بسبب هذا الانقطاع وإنما سلكت المسلك الآخر الجائز لها قانوناً بأن اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه حيث صدر الحكم التأديبي بفصله ثم أُلغي هذا الحكم وصدر حكم بمجازاته بخصم شهرين من مرتبه بدلاً من الفصل وكان قد أُعيد تعيينه في 15/ 12/ 1983، ومن ثم فإنه لا مناص والحالة هذه من اعتبار خدمة المدعي مستمرة ومتصلة طوال فترة الانقطاع من 20/ 5/ 1977 حتى 15/ 12/ 1983 ولما كانت جهة الإدارة قامت بسحب قرار إعادة التعيين الصادر برقم 497 في 15/ 11/ 1983 بالقرار رقم 17 بتاريخ 14/ 7/ 1987 إلا أنها في ذات الوقت قامت بإسقاط مدة الانقطاع كاملة من خدمة المدعي وهو الأمر الذي يخالف القانون في صحيحه لأن مقتضى ذلك ولازمه اعتبار مدة خدمة المدعي مستمرة ومتصلة ومنتجة لجميع آثارها خلال المدة من 20/ 5/ 1977 حتى 13/ 12/ 1983 وذلك سواء في ضوء أحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 أو بالقانون 47 لسنة 1978 ومن ثم يغدو ما اتخذته الإدارة من إسقاط مدة الانقطاع المذكورة من مدة خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار غير قائم على سند سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء باعتبار كامل مدة انقطاع المدعي عن العمل في الفترة من 20/ 5/ 1977 حتى 14/ 11/ 1983 ضمن مدة خدمة المدعي متصلة بمدة خدمته وحسابها ضمن المدد المشترطة للترقية وما يترتب على ذلك من آثار سواء في مجال استحقاق العلاوات الدورية والزيادات المقررة قانوناً خلال فترة الانقطاع مع تدرج مرتبه على هذا الأساس وصرف الفروق المالية الناتجة عن هذا التدرج اعتباراً من تاريخ استلام العمل في 25/ 12/ 1983.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في حساب المدة من 20/ 5/ 1977 حتى 14/ 12/ 1983 ضمن مدة خدمته، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 2931 لسنة 37 ق جلسة 5 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 45 ص 442

جلسة 5 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد اللطيف محمد عبد اللطيف الخطيب وعلي شحاته محمد سليمان وعلي رضا عبد الرحمن رضا والطنطاوي محمد الطنطاوي - المستشارين.

-----------------

(45)

الطعن رقم 2931 لسنة 37 القضائية

مخابرات عامة - العاملون بها - النقل - مدى جواز طلب المنقول إحالته إلى المعاش.
المادتان 40 و66 من القانون رقم 100 لسنة 1971 بشأن المخابرات العامة 

- أجاز المشرع إعادة تعيين أفراد المخابرات العامة في الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها - لفرد المخابرات الذي ارتأى جهاز المخابرات نقله أو إعادة تعيينه في وظيفة أخرى خارج المخابرات العامة حقاً مقابلاً يتمثل في إمكان طلبه صراحة إحالته إلى المعاش - شرط ذلك: ضرورة إخطار المخابرات العامة للفرد الذي تقرر نقله أو إعادة تعيينه بالقرار المتضمن ذلك - نتيجة ذلك: له من هذا التاريخ خمسة عشر يوماً يتقدم خلالها بطلب إحالته إلى المعاش وإلا اعتبر قرار النقل أو إعادة التعيين نافذاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 6/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس المخابرات العامة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2931 لسنة 37 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - في الدعوى رقم 3841 لسنة 42 قضائية والصادر بجلسة 20/ 5/ 1991 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 4 لسنة 1988 فيما تضمنه من إحالة المدعي إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير طعنه - الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه بشقيه مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 3/ 6/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره جلسة 28/ 7/ 1992، حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو المثبت بالمحاضر، وبجلسة 27/ 10/ 1992 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أربعة أسابيع والمدة مناصفة. وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده...... أقام الدعوى رقم 3841 لسنة 42 قضائية بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2/ 5/ 1988 ضد الطاعن (بصفته) وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار المخابرات العامة رقم 4 لسنة 1988 الصادر في 2/ 1/ 1988 بإحالته إلى المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شارحاً لدعواه أنه التحق بجهاز المخابرات العامة منذ عام 1964 وتدرج في وظائفها وبتاريخ 2/ 1/ 1988 صدر القرار المطعون فيه متضمناً إحالته إلى المعاش على غير رغبته وعلى غير مقتضى القانون، حيث تظلم منه في 28/ 2/ 1988 ثم أقام دعواه، وينعى على القرار المذكور مخالفته لنص المادة 66 من القانون رقم 100 لسنة 1971 بشأن المخابرات العامة حيث اختار النقل إلى إحدى الوزارات المبينة بطلبه المؤرخ 17/ 12/ 1987 بعد أن خيرته لجنة شئون الأفراد بالمخابرات العامة، ولم يطلب صراحة أو ضمناً إحالته إلى المعاش ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر على غير سبب يبرره.
وتدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - حيث قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات بجلسة 1/ 1/ 1990، وقد حضر المدعي شخصياً وطلب أجلاً لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير على المستند الأول والثاني من مستندات الحكومة والمودعة بالجلسة المذكورة، وأعلن المدعى عليه الأول في الدعوى بمذكرة شواهد التزوير وسارت الإجراءات على النحو الوارد تفصيلاً في الحكم التمهيدي الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات بجلسة 26/ 11/ 1990 والتي قضت فيه بإحالة الدعوى للتحقيق في شواهد التزوير المثارة من المدعي حول المستندين رقمي 1، 2 المودعة من الجهة الإدارية بجلسة 1/ 10/ 1990 والتي تضمنها تقرير الطعن المؤرخ 23/ 6/ 1990 ومذكرة شواهد التزوير المعلنة من المدعي للمدعى عليه الأول بتاريخ 28/ 6/ 1990 على أن: -
1 - يتولى السيد المستشار........ التحقيق فيما تقدم وذلك لاستكتاب الطاعن تمهيداً لإجراء المضاهاة.
2 - إحالة تقرير الطعن بالتزوير ومحضر الاستكتاب لمصلحة الطب الشرعي قسم التزييف والتزوير لإجراء المضاهاة وتقرير ما إذا كان هناك تزوير من عدمه في مواضع التزوير.
3 - تحديد جلسة 24/ 12/ 1990 الساعة التاسعة صباحاً لإجراء التحقيق وعلى قلم الكتاب إخطار طرفي الخصومة بذلك.
وبجلسة 4/ 2/ 1991 حكمت المحكمة وقبل الفصل في الموضوع برد وبطلان المستندين رقمي 1، 2 المؤرخين 17/ 12/ 1987 المودعيين بحافظة مستندات الجهة الإدارية بجلسة 1/ 1/ 1990 والمنسوب صدورها إلى المدعي وتوقيعه عليه بشأن إبداء رغبته في الإحالة إلى المعاش وإقراره بتسليم عهدته والتأجيل لجلسة 18/ 2/ 1991 لنظر الموضوع، وتدوولت الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن أصدرت بجلسة 20/ 5/ 1991 حكمها بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 4 لسنة 1988 فيما تضمنه من إحالة المدعي إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وأسست المحكمة قضائها على سند من القول أن الحكم الصادر برد وبطلان المستندين رقمي 1، 2 المؤرخين 17/ 12/ 1987 المنسوب صدورهما للمدعي يؤكد صحة ما ذكره المدعي من أنه لم يطلب صراحة إحالته للمعاش على النحو الذي استوحته المادة 66 من القانون رقم 100 لسنة 1971 بشأن المخابرات العامة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه المتضمن إحالة المدعي إلى المعاش قد صدر دون طلب منه الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه.
ويقوم الطعن على الحكم على أساس مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الواقع يؤكد اختيار المطعون ضده للإحالة إلى المعاش حيث تقدم بطلبات وخطابات معتمدة تفيد إحالته إلى المعاش لتقديمها لبعض الجهات الرسمية، كما قام بصرف معاشه التقاعدي المقرر من تاريخ إحالته إلى المعاش، فضلاً عن أن المحكمة ما كان يجوز لها أن تقضي برد وبطلان المستندين المقدمين منه دون عرض هذا الأمر على قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي جهة الاختصاص تنفيذاً لقضائها التمهيدي في هذا الشأن، وذلك أن المحكمة بقضائها المذكور قد أفصحت عن عجزها في تكوين عقيدتها في شأن التزوير المدعى به من مجرد مشاهدتها الأوراق التي أجرت المضاهاة عليها.
ومن حيث إن المادة 40 من القانون رقم 100 لسنة 1971 بشأن المخابرات العامة تنص على أنه (يجوز نقل أو إعادة تعيين أفراد المخابرات العامة في الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها.....).
وتنص المادة 66 من القانون المذكور في فقرتها الثانية على أنه. ولمن يتقرر نقله أو يعاد تعيينه من أفراد المخابرات العامة دون فاصل زمني في وظيفة أخرى خارجها أن يطلب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بقرار النقل أو التعيين إحالته إلى المعاش ويسوى معاشه في هذه الحالة طبقاً لحكم الفقرة السابقة....).
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع أجاز نقل أو إعادة تعيين أفراد المخابرات العامة في الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها، إلا أنه أعطى لفرد المخابرات العامة الذي ارتأى جهاز المخابرات نقله أو إعادة تعيينه في وظيفة أخرى خارج المخابرات العامة حقاً مقابلاً بحيث إذا ما تقرر نقله أو إعادة تعيينه يكون له أن يطلب صراحة إحالته إلى المعاش وقيد هذا الحق بضرورة إخطار المخابرات العامة للفرد الذي تقرر نقله أو إعادة تعيينه بالقرار المتضمن ذلك وله من تاريخ هذا الإخطار خمسة عشر يوماً يتقدم خلالها بطلب إحالته إلى المعاش وإلا اعتبر قرار النقل أو إعادة التعيين نافذاً، ورتب على التقدم بطلب الإحالة إلى المعاش وجوب قبوله وتسوية المعاش وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 66 من القانون رقم 100 لسنة 1971.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر بجلسة 4/ 2/ 1991 قضت وقبل الفصل في الموضوع برد وبطلان المستندين رقمي 1، 2 المؤرخين 17/ 12/ 1987 والمودعين بحافظة مستندات الجهة الإدارية بجلسة 1/ 10/ 1990 والمنسوب صدورها إلى المدعي (المطعون ضده) وتوقيعه عليهما بشأن إبداء رغبته في الإحالة إلى المعاش وإقراره بتسليم عهدته، فإنه برد هذين المستندين والقضاء ببطلانهما تكون الحالة القانونية والواقعية المبررة لتدخل الجهة الإدارية لإصدار القرار رقم 4 لسنة 1988 بإحالة المطعون ضده إلى المعاش والمكونة لركن السبب في هذا القرار غير قائمة وقت إصدار القرار المذكور، ويفقد بذلك القرار المطعون عليه السبب الموجب لإصداره.
ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن من أن المحكمة إذ قضت برد المستندين المذكورين وبطلانهما قد أغفلت ما جاء بمنطوق حكمها التمهيدي الصادر بجلسة 26/ 11/ 1990 والتي انتهت فيه إلى إجراء التحقيق والاستكتاب للمطعون ضده تمهيداً لإجراء المضاهاة، وإحالة تقرير الطعن بالتزوير ومحضر الاستكتاب لمصلحة الطب الشرعي قسم التزييف والتزوير لإجراء المضاهاة وتقرير ما إذا كان هناك تزوير من عدمه في مواضع التزوير إذ أنها بهذا القضاء أفصحت عن عجزها في تكوين عقيدتها في شأن التزوير المدعى به. إذ أن ذلك مردود عليه فإن المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية تنص على أن للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري بعد أن أمرت في حكمها الصادر بجلسة 26/ 11/ 1990 في البند (2) بإحالة التحقيق وتقرير الطعن بالتزوير ومحضر الاستكتاب لمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة عدلت في حكمها الصادر بجلسة 4/ 2/ 1991 عن هذا الإجراء وبينت صراحة أسباب العدول في هذا الحكم حيث استظهرت قدرتها على تكوين عقيدتها في شأن التزوير من شواهده وما أجرته من تحقيق واستكتاب، وهو إجراء يعد تطبيقاً صريحاً لنص المادة 9 من قانون الإثبات المشار إليه، فضلاً عن أن المحكمة لا تلتزم بتنفيذ إجراء رأت أنه لم يعد له ضرورة في تكوين عقيدتها في شأن تزوير المستند من عدمه، ولها في سبيل ذلك أن تكون عقيدتها من الأوراق والمضاهاة التي تجريها بنفسها فقاضي الموضوع هو الخبير الأعلى، ويمكنه المضاهاة بنفسه دون حاجة إلى اللجوء إلى أجراء آخر إلا إذا استغلق عليه الأمر وأصبح غير قادر على تكوين عقيدته في شأن المستند المدعى بتزويره.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني للطعن والمتمثل في أن المطعون ضده تسلم مستحقاته المالية المترتبة على إحالته إلى المعاش، وحصل على أوراق لتقديمها لجهات عديدة تفيد إحالته إلى المعاش، وهو ما ينبئ عن رغبته في طلب الإحالة إلى المعاش ذلك أن صرف المستحقات والتعامل على أساس وجود القرار المطعون عليه وجوداً فعلياً لا يعني بحكم الضرورة واللزوم التسليم من جانب الطاعن على القرار بصحته ومشروعيته وإنما يعني فقط التعامل مع واقع الأمر باعتبار أن القرار نافذ ومنتج لكل آثاره القانونية إلى أن يسحب عن طريق الإدارة أو يلغى عن طريق القضاء.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن القرار المطعون عليه يكون قد صدر فاقداً للسبب المبرر لإصداره وهو ثبوت تقدم المطعون ضده بطلب صريح يبدي فيه رغبته في الإحالة إلى المعاش ومخالفاً لنص المادة 66 من القانون رقم 100 لسنة 1971 مما يتعين معه القضاء بإلغائه، وهو ما انتهت إليه محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون عليه وما سبقه من أحكام تمهيدية، ويكون الطعن عليه لا أساس له من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إن الفصل في موضوع المنازعة يغني عن الفصل في الشق المستعجل.
ومن حيث إن من خسر طعنه يلزم بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.

الطعن 3574 لسنة 36 ق جلسة 5 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 44 ص 430

جلسة 5 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ شحاته محمد سليمان وعلي رضا عبد الرحمن رضا ومحمد منير جويفل ويحيى أحمد عبد المجيد - (نواب رئيس مجلس الدولة).

-------------------

(44)

الطعن رقم 3574 لسنة 36 القضائية

هيئة الشرطة - ضباطها - الفرق بين الإحالة للاحتياط ونظام التأديب.
المواد 41 إلى 47 و48 و50 و53 و59 و66 من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة 

تضمن قانون هيئة الشرطة نظامين مختلفين أولهما خاص بالتأديب والثاني خاص بالإحالة إلى الاحتياط تمهيداً للإحالة إلى المعاش - لكل من النظامين أحكامه وغايته - يتعين لإعمال نظام الإحالة للاحتياط قيام أسباب جدية تتعلق بالصالح العام - أساس ذلك: - أنه نظام عاجل أملته الضرورة القصوى - خضوع الأسباب التي قام عليها القرار لرقابة القضاء الإداري - أثره: إبعاد الضابط عن عمله لفترة من الزمن تكون بمثابة اختبار لوضعه حتى ينحسر الأمر إما لصالحه بإعادته إلى عمله أو في غير صالحه إذا تفاقمت المآخذ عليه وساء مسلكه واستحال إصلاحه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 6/ 9/ 1990 أودعت الأستاذة/ زينب الشال المحامية وكيلة عن السيد/ ( أ ) سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3574 لسنة 36 ق عليا ضد وزير الداخلية بصفته في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" بجلسة 28/ 5/ 1990 في الدعوى رقم 2818 لسنة 43 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بطعنه بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار رقم 1360 لسنة 1988 بإحالته إلى المعاش واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبعد أن تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار إحالة الطاعن إلى المعاش وذلك وفقاً للأسانيد الواردة بالتقرير وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 15/ 7/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 17/ 11/ 1992 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بهذه الجلسة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2818 لسنة 43 ق ضد وزير الداخلية أمام محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات طلب في ختامها الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الداخلية رقم 1360 لسنة 1988 الصادر بإحالته إلى المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1360 لسنة 1988 المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل بوظيفة ضابط شرطة برتبة مقدم بمديرية أمن دمياط بدءاً من عام 1986 فأعد مدير الأمن تقريراً عن المدعي ضمنه اتجار المدعي في الشقق السكنية بمدينة فارسكور، وسلوكه المعيب بين زملائه الضباط وتقاضيه مبلغ 1200 جنيهاً خلو رجل لتنازله عن إيجار شقته لأحد المواطنين واتجاره في السيارات ببلدته شربين، كما قامت الشرطة بتحرير محضر له برقم 65 لسنة 1986 جنح أمن دولة مركز فارسكور بتهمة تقاضيه مبلغ 1200 جنيهاً خلو رجل لتنازله عن شقته لأحد المواطنين وقد صدر حكم محكمة أمن الدولة بفارسكور في هذه المحاكمة بجلسة 27/ 3/ 1988 ببراءة المدعي من هذه التهمة، كما قامت مديرية الأمن باتهام المدعي في المحضر رقم 258 لسنة 1986 جنح مركز دمياط باشتراكه مع آخرين في تزوير محرر رسمي في إدارة المرور بدمياط، بالرغم من أن المدعي كان يعمل وقتها مفتشاً للتحقيقات بمركز كفر سعد ولا دخل له بإدارة المرور بدمياط ولكن النيابة العامة انتهت في تلك القضية إلى استبعاده من الاتهام وقيدها تهمة رشوة وتزوير ضد آخرين، وبالرغم من براءته فقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 1094 لسنة 1986 بإحالة المدعي إلى الاحتياط للصالح العام اعتباراً من 21/ 12/ 1986 تطبيقاً لحكم المادة 67/ 2 من قانون هيئة الشرطة ثم صدر القرار رقم 1360 لسنة 1988 المطعون فيه بإحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 20/ 12/ 1988 الذي علم به في 3/ 1/ 1989 وتظلم منه في 7/ 1/ 1989 دون جدوى.
وبجلسة 28/ 5/ 1990 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات، وقد شيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن النيابة العامة قد اتهمت المدعي في الجناية رقم 5208 لسنة 1986 مركز دمياط بأنه ارتكب جنايتي تزوير ورشوة بالاشتراك مع المتهم (ب)، وقد انتهت النيابة العامة في تحقيقاتها لهذه الجناية إلى استبعاد المدعي من الاتهام مع إرسال صورة من مذكرة النيابة العامة في الجناية المذكورة إلى مديرية أمن دمياط التابع لها المدعي لمعاقبته تأديبياً بشأن ما نسب إليه من بعض السائقين من أن المتهم (ب) كان يصطحبهم إلى المدعي بمديرية أمن دمياط لاستخراج صحف الحالة الجنائية لهم وأنه كان يتواجد بقسم مرور دمياط أثناء أدائهم لامتحان القيادة فإن هذا المسلك المبيت ينطوي على إخلاله بواجبات وظيفته ويعد خروجاً على مقتضياتها.
واستطردت المحكمة موضحة بأنه ترتيباً على ما تقدم فإنه لا تثريب على الجهة الإدارية إن هي رأت في الأفعال التي صدرت عن المدعي مساساً بالنزاهة والشرف وخروجاً على واجبات مقتضى الوظيفة وزعزعة للثقة والاحترام الواجب توافرها فيمن يشغل وظيفة ضابط شرطة، وأن الأفعال المنسوبة إليه تجعل في بقائه في الوظيفة إضراراً بالمصلحة العامة ومن ثم فإن قرارها بإحالة المدعي إلى المعاش يستند على أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها دون انحراف في استعمال السلطة ويضحى القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون حصيناً من الإلغاء ويتعين الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المشار إليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أن الحكم المطعون فيه قد استند للمادة 67 من قانون هيئة الشرطة بحسبانها هي التي تحكم الواقعة رغم أن الحكم قد أسبغ على الواقعة التكييف القانوني بأنها تندرج في عداد المخالفات التأديبية للخروج على الواجبات الوظيفية طبقاً للبند رقم 4 من المادة 41 والبند رقم 5 من م/ 42 من قانون هيئة الشرطة ولا أدل على صحة ذلك من استناد الحكم المطعون فيه إلى مذكرة النيابة العامة والمرسلة إلى مديرية أمن دمياط بشأن ما اتهم به الطاعن في الجناية رقم 5208 لسنة 1986 بعد استبعاده من الاتهام طالبة معاقبته تأديبياً واعتبر الحكم المطعون فيه أن ما اتهم به الطاعن يعد خروجاً على مقتضيات الواجب الوظيفي لما فيه من مساس بالشرف والنزاهة وزعزعة للثقة والاحترام الواجب توافره فيمن يشغل وظيفة ضابط شرطة وانتهى إلى أن القرار المطعون فيه مطابق للقانون وهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه يعد خلطاً بين نظام التأديب ونظام الإحالة إلى الاحتياط رغم ما بينهما من اختلاف جوهري سواء في الإجراءات أو السبب أو الضمانات لأن لكل منهما مجاله وسببه وغايته المحققة له ويعد القرار المطعون فيه بإحالة الطاعن إلى المعاش مخالفاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه منطوياً على خطأ في تطبيق القانون إذ جعل من إنهاء الخدمة بالإحالة إلى المعاش عقوبة تأديبية على المخالفة التأديبية المنسوبة إلى الطاعن.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع بحسبانها نائبة عن السيد وزير الداخلية بصفته ضمنتها أن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد سلك مسلكاً معيباً وأقدم على تصرفات تخل بكرامته وتسيء لسمعته الأمر الذي يضعه موضع الشبهات والريبة والظنون، ولا شك في أن اتهامه بتقاضي رشوة من السائقين وتزويره في أوراق رسمية في اختبارات الكتابة لرخص القيادة الخاصة بهم ليتمكنوا من استخراج تراخيص قيادة مهنية رغم عدم إلمامهم بالكتابة والقراءة يفقده الثقة والاعتبار اللازم توافرهما في الموظف والتي هي أخص ما تكون بالنسبة لضابط الشرطة، ومن ثم فإن المخالفات المنسوبة للطاعن هي أسباب على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة وتمت بأوثق الصلة بالمصلحة العامة وعليه فإن جهة الإدارة بإصدارها القرار المطعون فيه قد طبقت صحيح حكم القانون وأنه قام على السبب المبرر لإصداره.
ومن حيث إن قانون الشرطة رقم 109 لسنة 71 قد تضمن في الفصل السادس منه في المواد من 41 إلى 47 التزامات ضابط الشرطة والأفعال المحظور اقترافها وأورد في الفصل السابع منه من المواد 48 إلى 66 نظاماً متكاملاً للتأديب من حيث المخالفات والإجراءات والضمانات والعقوبات يهمنا في مقام هذا الطعن أن نستعرض بعض هذا النظام على النحو التالي: -
تنص م/ 41 على أنه "يجب على الضابط مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها وعليه كذلك: (1) ...... (4) أن يحافظ على كرامة وظيفته طبقاً للعرف العام وأن يسلك في تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب لها..." وتنص المادة 42 على أن "يحظر على الضابط..... أن يوسط أحداً أو يقبل الوساطة في أي شأن خاص بوظيفته أو أن يتوسط لضابط أو لموظف آخر في أي شأن من ذلك".
وتنص المادة 47 على أن (كل ضابط يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في القرارات الصادرة من وزير الداخلية أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يسلك سلوكاً أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبياً وذلك مع عدم الإخلال بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند الاقتضاء....".
وتنص المادة 48 على أن "الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الضابط هي: -
1 - الإنذار.
2 - الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين في السنة.....
3 - تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
4 - الحرمان من العلاوة.
5 - الوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب.......
6 - العزل من الوظيفة.....
وتنص المادة 50 على أنه "لا يجوز توقيع عقوبة على الضابط إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسبباً".
وتنص المادة 53 على أن "للوزير ولمساعد الوزير أو رئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يوقف الضابط احتياطياً.... ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف على شهر إلا عند اتهام الضابط في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة فيجوز الوقف لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر ولا يجوز مد الوقف في الحالتين إلا بقرار من مجلس التأديب للمدة التي يحددها......".
وتضمنت المواد من 59 حتى 66 تشكيل مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافي وقد ضم إلى مجلس التأديب أحد العناصر القضائية.
كما تضمن قانون الشرطة في الفصل الثامن منه نظام الإحالة إلى الاحتياط حيث تنص المادة 67 على أن "لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية إلى الاحتياط وذلك: -
1 - بناءً على طلب الضابط أو الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة.
2 - إذا ثبتت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام ولا يسري ذلك على الضابط من رتبة لواء.
ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العامة فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقاً للقانون.....".
وحيث إنه باستعراض المواد المشار إليها يلاحظ أن قانون الشرطة قد تضمن نظامين مختلفين أولهما خاص بالتأديب حيث أفرد له نظاماً متكاملاً والثاني خاص بالإحالة إلى الاحتياط تمهيداً للإحالة إلى المعاش ولكل من النظامين مجاله وأحكامه وغايته فبالنسبة لمجلس التأديب فإن نصوص القانون تحدد مجاله بكل الأفعال التي من شأنها الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي أو يسلك سلوكاً أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة وبالنسبة للنظام الآخر وهو الإحالة للاحتياط تمهيداً للإحالة إلى المعاش فهو نظام جد مختلف عن نظام التأديب وإن كان في نهايته يؤدي إلى الإحالة إلى المعاش إذ يستوجب لإعماله قيام الضرورة لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام فهو نظام خاص استثنائي قصد به مواجهة ظروف ضرورية معينة لحقت بالضابط أو تطلبها الصالح العام.
كما أن هذه الضرورة من العجلة بمكان بحيث لا تقبل التأني في إحالة الضابط إلى مجالس التأديب المعنية فهو بمثابة نظام عاجل أملته الضرورة القصوى وهو بهذه الصفة له خطورته ولا بد من توافر الضرورة والجدية لإعمال مقتضاه.
ومن حيث إن قرار وزير الداخلية رقم 1260 لسنة 88 المطعون عليه بإحالة الطاعن إلى المعاش طبقاً للمادة 67 من القانون وإن كان من السلطة التقديرية لجهة الإدارة إلا أنها وإن قرارها هذا على محضر اجتماع المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 18/ 12/ 1988 الذي تضمن ما يلي: -
أن الطاعن أحيل إلى الاحتياط للصالح العام اعتباراً من 21/ 12/ 1986 لاتهامه في القضية رقم 5208 لسنة 1986 جنح مركز دمياط حيث وجهت إليه النيابة تهمة التزوير في أوراق رسمية في اختبارات الكتابة لرخص القيادة الخاصة بالمتهمين الذين وردت أسماؤهم بالتحقيقات وقبل باعتباره موظفاً عمومياً رشوة من السائقين الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات للإخلال بواجبات وظيفته زعم أنها من اختصاصه وقررت النيابة إخلاء سبيله مؤقتاً بضمان وظيفته فإن هذه الأسباب التي بني عليها القرار تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مطابقتها للقانون من عدمه الأمر الذي يتعين معه بحث مشروع القرار المطعون فيه في ضوء تكييف الوقائع المنسوبة إلى الطاعن توصلاً إلى توافر الضرورة الجدية التي حدت إلى إصدار جهة الإدارة لقرارها الطعين.
ومن حيث إن ما نسب للطاعن تبريراً لسوء ماضيه الوظيفي في اتهامه في الجنحة رقم 65 لسنة 86 أمن دولة فارسكور بتقاضيه خلو رجل فقد قضت المحكمة بجلسة 27/ 3/ 88 ببراءته بلا مصاريف وعلى ذلك فلا يجوز المجادلة في إثبات هذه الواقعة مرة أخرى من عدمه لسبق الفصل فيها بحكم جنائي حاز قوة الأمر المقضى به نفي وقوعها ببراءة الطاعن مما أسند إليه فلا يجوز النظر فيها أو التمسك بها كدليل على سوء ماضي الطاعن وخاصة أن هذا النوع من الأفعال لا يمس الوظيفة العامة.
ومن حيث إن ما نسب إلى الطاعن على النحو الوارد بمحضر اجتماع المجلس الأعلى للشرطة في اتهامه في القضية رقم 5208 لسنة 86 جنح مركز دمياط فإنه جاء بقرار النيابة في هذا الشأن "وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان الدليل قبل المقدم ( أ ) على أنه يتقاضى من السائقين مستخرجي رخص القيادة المضبوطة مبالغ نقدية نظير استخراجها لهم جاء مستمداً من أقوال كل من المتهم/ (ب) والمقدم/ (ج) والنقيب/ (د) إلا أن هذه الأقوال ينال منها الآتي: -
1 - أن أياً من السائقين مستخرجي الرخص المضبوطة لم يقل أن الضابط المذكور قد طلب أو أخذ منهم مبالغ مالية نظير استخراجها بل تواترت أقوالهم على أن الذي تقاضاها منهم هو المتهم/ (ب) نظير عدم حضورهم امتحان القراءة والكتابة والتي يشترط توافرها لاستخراج رخص القيادة.
2 - أن المتهم/ (ب) ومنذ فجر التحقيقات لم يقل أن الضابط كان يتقاضى ثمة مبالغ نقدية من السائقين خاصة وأنه سئل بالتحقيقات عدة مرات وإنما قال ذلك عند النظر في أمر تجديد حبسه ومن ثم تكون أقواله قد جاءت مفتقرة إلى الاطمئنان وعدم الجدية مما يتعين طرحها جانباً وعدم التعويل عليها كدليل في الأوراق.
3 - أنه بشأن أقوال كل من الضابطين (ج) و(د) فإنها لا تعدو أن تكون قد جاءت ترديداً لما سطره الأول بمحضر تحرياته وكان من المقرر أن التحريات لا تعدو أن تكون رأياً لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ومن ثم يتعين طرحها جانباً وعدم التعويل عليها سيما وأنها لم تتأيد بدليل آخر يعززها.
4 - أن الضابط لم يعمل بقسم مرور دمياط ولم يكن مختصاً بثمة وظيفة فيه وأن أياً من سئلوا في التحقيقات لم يقل بأنه قد زعم اختصاصه بها.
5 - أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير قد جاء خلواً من ثمة اتهام يمكن إسناده إليه وإنما أشارت أصابعه إلى المتهم (ب) مما يتعين معه والحال كذلك وعلى هدي ما تقدم جميعه أن شبهة جناية الرشوة قبل المقدم/ ( أ ) قد زالت ويتعين استبعاده مما نسب إليه من اتهام والتصرف في الأوراق على هذا الأساس.
ومن حيث إنه بالبناء على ما سبق يتضح أن الأساس والسبب الرئيسي الذي قام عليه قرار إحالة الطاعن إلى المعاش قد انتفى في حقه بقرار النيابة العامة اللاحق باستبعاده من الاتهام في جريمتي الرشوة والتزوير.
ومن حيث إنه ثابت من الاطلاع على محضر المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 18/ 12/ 1988 أنه قد أثبت صراحة أنه لم يستدل على ما يسيء إلى سمعة الطاعن خلال فترة إحالته إلى الاحتياط.
وحيث إنه واضح أن نظام الاحتياط هو نظام قصد به إبعاد الضابط عن مجال عمله لفترة من الزمن تكون بمثابة اختبار لوضعه حتى ينحسم الأمر بشأنه إما لصالحه إذا ما سارت الأمور مبشرة بإمكانية الاطمئنان إلى إعادته لعمله وحينئذٍ يصدر القرار بإعادته إلى عمله وإما في غير صالحه إذا - ما تفاقمت المآخذ عليه وساء مسلكه وأضحى لا يرجى انصلاح حاله وفي تلك الحالة يقوم المسوغ لإحالته إلى المعاش.
ومن حيث إن المحكمة ترى أن الأمور سارت بالنسبة للطاعن إلى ما كان يقتضي عكس النتيجة التي قررتها الجهة الإدارية - فقد زال ما علق به من كل اتهام جنائي وبرئت ساحته من أي تصرف يشينه خلال فترة الاحتياط مما كان يقتضي إتاحة الفرصة له لاستئناف عمله في خدمة الشرطة إبعاده عنها وهو في منتصف الطريق وإحالته إلى المعاش.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك ما انتهت إليه النيابة العامة في تاريخ لاحق لقرار إحالته إلى المعاش من إمكانية النظر في مساءلته تأديبياً بشأن ما قرره بعض السائقين من أن المتهم (ب) كان يصطحبهم إلى الضابط بمديرية أمن دمياط لاستخراج صحف الحالة الجنائية وأن الطاعن كان يتواجد بقسم مرور دمياط أثناء أدائهم امتحان القيادة وأن هذا المسلك المعيب ينطوي على إخلال الطاعن بواجبات وظيفته وهي الواجبات المقررة في قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 - هذا النذر اليسير الذي نسبته النيابة العامة للطاعن ما كان يكفي بذاته لحمل قرار إحالته إلى المعاش محمل السلامة والصحة وكل ما يقتضيه أن يوقع على الطاعن الجزاء التأديبي الذي يتناسب مع ما يثبت في حقه مما نسب إليه.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما سبق أن قرار إحالة الطاعن إلى المعاش جاء مبتسراً قبل أن تنتهي النيابة العامة من التحقيق فيما نسب إليه من أفعال كانت سبباً في إحالته إلى الاستيداع وأن قرار النيابة العامة الصادر بعد قرار الإحالة نفى عن الطاعن شبهة الاتهام الجنائي، وأن ما بقى منسوباً إلى الطاعن لا يصلح لحمل قرار الإحالة إلى المعاش محمل الصحة مما يتعين معه القضاء بإلغائه، وإذ ذهب الحكم المطعون إلى خلاف ذلك فإنه يكون خليقاً بالإلغاء.
والمحكمة تود أن تؤكد - أنها وقد انتهى بها الأمر إلى إلغاء القرار رقم 1360 لسنة 88 بإحالة الطاعن إلى المعاش فإن ذلك لا يعني براءته مما هو منسوب إليه ففي مكنة الجهة الإدارية أن تحيله إلى التحقيق وإلى مجلس التأديب المختص طبقاً لأحكام الفصل السادس والسابع للتحقيق معه فيما هو منسوب إليه طبقاً لما تراه حيث إن المحكمة ليس في مكنتها إنزال عقوبة على الطاعن إذ يخضع لنظام تأديبي خاص أورده قانون الشرطة.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يتحمل بالمصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات لذا يتعين إلزام الجهة الإدارية بها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات بجلسة 28/ 5/ 1990 في الدعوى رقم 2818 لسنة 43 وبإلغاء القرار رقم 1360 لسنة 1988 بإحالة الطاعن إلى المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 2798 لسنة 36 ق جلسة 3 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 43 ص 418

جلسة 3 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - المستشارين.

----------------

(43)

الطعن رقم 2798 لسنة 36 القضائية

تراخيص - ترخيص فتح صيدلية - حق طالب الترخيص في حضور المعاينة.
المواد 3، 12، 13 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانونين رقمي 7 لسنة 1956، 360 لسنة 1956.
تكفل المشرع بتحديد الشروط الواجب توافرها في الصيدليات ونظم إجراءات الترخيص لها تنظيماً دقيقاً حدد فيه نطاق سلطة الجهة الإدارية بحيث يقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون دون أن يخول هذه الجهة أي مجال للتقدير في شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا الإطار مع التزامها بقيد طلبات الحصول على هذه التراخيص وفقاً لأسبقية تقديمها وفي السجل المعد لذلك وبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية قيدها - من بين ما اشترطه المشرع من شروط لإنشاء الصيدليات شروط متصلة بالموقع إذ اشترط ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وأقرب صيدلية أخرى عن مائة متر وشروط أخرى صحية صدر بها قرار من وزير الصحة بتاريخ 2/ 4/ 1956 وقد حدد هذا القرار تفصيلاً جميع الاشتراطات الصحية المستديمة الواجب توافرها في المؤسسات الصيدلية وكلها تتعلق بطريقة المباني ونوعيتها وارتفاعاتها والدهانات الخاصة بها وفتحات التهوية وشروط ومواصفات إقامة المخازن الملحقة بها - اتخذ المشرع من وسيلة المعاينة للمحل المزمع إقامة الصيدلية فيه السبيل العملي الطبيعي للتحقق من توافر هذه الشروط في المقر المزمع الترخيص بالصيدلية فيه وبغير معاينة دقيقة وموضوعية وفنية لا يتأتى التحقق من توافر هذه الشروط كما لا يصح قانوناً استخراج الترخيص دون إجراء هذه المعاينة ولا تملك الجهة الإدارية أي تقدير في طلب إجراء المعاينة أو عدم إجراءها بل يتعين عليها قانوناً إجراء هذه المعاينة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المعد لهذا الغرض - يتعين دعوة طالب الترخيص أو من ينيبه لحضور إجراءات المعاينة الخاصة بمشروع الصيدلية الذي يطلب الترخيص به - عدم حضور طالب الترخيص أو من ينيبه المعاينة يرتب بطلانها وعدم حجيتها قبله ما لم يتقاعس عن ذلك لتعطيلها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 7/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد طاهر عبد الحميد المحامي وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2798 لسنة 36 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) بجلسة 6/ 6/ 1990 في الدعوى رقم 1421 لسنة 9 ق والقاضي بقبول تدخل أحمد عبد العزيز النبوي (الطاعن) خصماً منضماً للحكومة وفي موضوع الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لإلغاء هذا الحكم والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقدم الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة القانوني في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي، وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة اعتباراً من جلسة 18/ 3/ 1991 على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 18/ 11/ 1991 إحالته إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة 29/ 12/ 1991 وما بعدها على النحو الوارد بالمحاضر، وقررت بجلسة 29/ 12/ 1992 بإصدار الحكم فيه بجلسة 6/ 12/ 1992 ثم قررت مد أجل النطق به لإتمام المداولة حتى جلسة 3/ 1/ 1993 وقد أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أن المطعون ضده قد أقام الدعوى رقم 1421 لسنة 9 ق بتاريخ 16/ 4/ 1987 أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) ضد (1) محافظ الشرقية (2) وكيل وزارة الصحة للشئون الصيدلية بالشرقية طالباً الحكم بوقف تنفيذ إجراءات الترخيص التي يقوم بها المدعى عليه الثاني لاستصدار ترخيص بفتح صيدلية خاصة للمدعو/ أحمد عبد العزيز النبوي، وفي الموضوع بإلغاء قرار حفظ طلب الترخيص الخاص بالمدعي عن فتح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق بالمكان المحدد بالحدود والمعالم بالعريضة المؤرخة 14/ 2/ 1987 واعتباره كأن لم يكن وإعادة المعاينة على الطبيعة بعد إخطاره بموعد المعاينة، واستصدار ترخيص خاص بالمدعي لفتح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق، وفي الحاليين إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك تأسيساً على أنه تقدم بطلب الترخيص لفتح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بعزبة عبد المسيح تقاطع شارعي مصطفى كامل والمعاهدة، وبعد أن استوفى كافة الأوراق المطلوبة في الميعاد، ظل متربصاً إخطاره بموعد معاينة العقار إلا أنه فوجئ بخطاب مسلم لزوجته في 7/ 3/ 1987 مؤرخ 17/ 2/ 1987 يفيد حفظ طلب الترخيص لعدم وجود مكان محدد بسقف وحوائط ثم نما إلى علمه أنه يجري إنهاء إجراءات ترخيص للدكتور أحمد عبد العزيز النبوي لفتح صيدلية بجوار المكان المطلوب عنه الترخيص لصيدلية المدعي ولا يبعد عنه إلا بحوالي 50 متر مما اضطره إلى إنذار المدعى عليهما بإنذار رسمي في 12/ 3/ 1987 ثم أقام دعواه الماثلة ناعياً على قرار حفظ طلب الترخيص الخاص به والاستمرار في إنهاء إجراءات ترخيص الدكتور أحمد عبد العزيز النبوي بعدم المشروعية وإساءة استعمال السلطة إذ أن المعاينة التي أجرتها الإدارة الصحية لشئون الصيدلة بالشرقية قد أجريت على عقار آخر غير العقار الخاص به والوارد بطلب الترخيص، وهو ما ثبت من المعاينة التي أجرتها الإدارة الصحية بناحية شوبك بسطة في 15/ 3/ 1987 فضلاً عن عدم إخطاره بموعد المعاينة وخلص المدعي إلى طلباته سالفة الذكر، وأودعت هيئة قضايا الدولة ثلاث حوافظ مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 21/ 12/ 1988 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية الصادر في 14/ 12/ 1987 بحفظ طلب المدعي المتعلق بالترخيص له في افتتاح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق وذلك في النطاق وبالحدود المبينة بصلب هذا الحكم وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة لتحضيره وإعداد تقرير في موضوعه وقامت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة المذكورة بتحضير الدعوى وأعدت تقريراً بالرأي انتهت فيه - للأسباب الواردة به - إلى أنها ترى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 14/ 12/ 1987 بحفظ طلب المدعي المتعلق بالترخيص له بافتتاح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تدخل الدكتور أحمد عبد العزيز النبوي خلال تداول الدعوى بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة منضماً للمدعى عليهما وأودع حافظة مستندات وقدم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 6/ 6/ 1990 حكمت المحكمة بقبول تدخل أحمد عبد العزيز النبوي خصماً منضماً للحكومة وفي موضوع الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليهم المصروفات. وشيدت قضاءها على أن المعاينة الأولى التي تجريها السلطة الصحية المختصة - طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1955 - تهدف إلى التحقيق من أمرين الأول موقع المؤسسة والثاني: توافر الاشتراطات القانونية المقررة فإذا استبان من المعاينة أن الموقع مناسب وأن الاشتراطات الصحية متوافرة وجب صرف الترخيص خلال الأجل المحدد قانوناً، ولا موجب لإجراء معاينة لاحقة أما في حالة عدم توافر الاشتراطات الصحية فيمنح الطالب مهلة مناسبة وتعاد المعاينة بعدها، وفي حالة عدم اكتمال هذه الاشتراطات يمنح مهلة أخرى لا تجاوز نصف المهلة الأولى ثم تعاد بعدها المعاينة، وإخطار طالب الترخيص بموعد إجراء المعاينة أمر يقتضه الواقع ويوجبه القانون، وفي حالة إغفاله وإجراء المعاينة في غيبة صاحب الشأن يكون الإجراء باطلاً، وإن الثابت أن اللجنة التي قامت بمعاينة المحل الذي أعده المدعي للصيدلية المطلوب الترخيص لها أجرت المعاينة دون أن تخطر الطالب بموعد إجرائها مما يتعين معه إهدارها وما يترتب عليها من قرارات، وأن إلغاء قرار حفظ طلب المدعي يترتب عليه اعتبار هذا الطلب قائماً قانوناً من تاريخ قيده في السجل المخصص لذلك، ويتعين على الجهة الإدارية الامتناع عن الترخيص لأية صيدلية أخرى على مسافة تقل عن مائة متر من المكان الذي خصصه المدعي لصيدليته، فإن هي قبلت طلبات ترخيص أخرى أو منحت تراخيص للغير بفتح صيدلية على مسافة تقل عن المسافة المقررة قانوناً فإن هذه الطلبات أو التراخيص بعد صدور هذا الحكم تعتبر باطلة ولا يعتد بها ويتعين سحبها إدارياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه للأسباب الآتية: أولاً: استناد الحكم المطعون فيه إلى أن إخطار مقدم الطلب ليرشد عن الموقع أمر واجب، وإغفاله وإجراء المعاينة في غيبته هو إغفال لإجراء جوهري مما يبطل الإجراء لا أساس لهذا الاستناد من قواعد التفسير المعروفة.
ثانياً: أنه يبين من نصوص القانون رقم (127) لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة أن الموافقة على موقع المؤسسة هي المرحلة الأولى في إجراءات الترخيص الذي يصدر بعد استيفاء الاشتراطات الصحية وكذلك الاشتراطات الخاصة التي تفرضها السلطات الصحية المشار إليها في الفقرة الثالثة من المادة (11) وهذه هي المرحلة الثانية ولم تشترط النصوص المتقدمة إخطار الطاعن قبل المعاينة، وإنما اكتفت بإعلانه بالرأي في موقع المؤسسة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً، ويكون اشتراط الحكم المطعون فيه ضرورة سبق إعلان مقدم الطلب بميعاد المعاينة وما رتبه على ذلك من أن إغفال هذا الإجراء يبطل قرار الحفظ الصادر في شأن طلب المدعي هو تزيد من الحكم على النص التشريعي وتقييد للنص بغير مقيد فيه، ويكون الإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة بمعاينتها المكان طبقاً للعنوان والرسم الهندسي الموضحين بالطلب بناءً على ما تبين لها من أن المكان أعمدة غير مسقوف بدون حوائط، يكون هذا الإجراء سليماً ومطابقاً للقانون.
ثالثاً: فات الحكم المطعون فيه الاعتداد بحجية محضر المعاينة الذي أجرته السلطة الصحية المختصة باعتباره ورقة رسمية حجة على الناس طبقاً لنص المادة (11) من قانون الإثبات.
رابعاً: ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إلغاء القرار الصادر بحفظ طلب المطعون ضده يستتبع إلغاء الرخصة الممنوحة بعد هذا الطلب لا سند له من القانون لأن قرار منح الرخصة لآخر بعد حفظ طلب المطعون ضده ليس مؤسساً على القرار الصادر بحفظ الطلب لكي يبطل ببطلان هذا الحفظ.
ومن حيث إن المادة (12) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلية المعدل بالقانونين رقمي 7 لسنة 1956، 360 لسنة 1956 تنص على أن "يقدم طلب الترخيص إلى وزارة الصحة العمومية على النموذج المعد لذلك بخطاب مسجل بعلم الوصول مرفقاً به المستندات الآتية: (1) شهادة تحقيق الشخصية وصحيفة الحالة الجنائية (2) شهادة الميلاد أو أي مستند آخر يقوم مقامها (3) الإيصال الدال على سداد رسم النظر وقدره خمسة جنيهات (4) رسم هندسي من أربع صور للمؤسسة المراد الترخيص لها.
وتنص المادة (13) من ذات القانون على أن "يرسل الرسم الهندسي إلى السلطة الصحية المختصة للمعاينة وتعلن الوزارة طالب الترخيص برأيها في موقع المؤسسة في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المشار إليه، ويعتبر في حكم الموافقة على الموقع فوات الميعاد المذكور دون إبلاغ الطالب بالرأي بشرط عدم الإخلال بأحكام الفقرة الثانية من المادة (30) من هذا القانون فإذا أثبتت المعاينة أن الاشتراطات الصحية المقررة مستوفاة صرفت الرخصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ المعاينة وإلا وجب إعطاء الطالب المهلة الكافية لإتمامها ثم تعاد المعاينة في نهايتها إذ يجوز منحه مهلة ثانية لا تجاوز نصف المهلة الأولى فإذا ثبت بعد ذلك أن الاشتراطات لم تتم رفض طلب الترخيص نهائياً".
وتنص الفقرة الثانية من المادة (3) من هذا القانون على أن "..... يراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص بها عن مائة متر".
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع تكفل بتحديد الشروط الواجب توافرها في الصيدليات، ونظم إجراءات الترخيص لها تنظيماً دقيقاً حدد فيه نطاق سلطة الجهة الإدارية بحيث يقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون، دون أن يخول هذه الجهة أي مجال للتقدير في شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا الإطار مع التزامها بقيد طلبات الحصول على هذه التراخيص وفقاً لأسبقية تقديمها في السجل المعد لذلك، وبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية تقديمها وفي السجل المعد لذلك، وبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية قيدها.
ومن حيث إن من بين ما اشترطه المشرع من شروط لإنشاء الصيدليات شروط متصلة بالموقع إذ اشترط ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وأقرب صيدلية أخرى عن مائة متر، وشروط أخرى صحية صدر بها قرار من وزير الصحة بتاريخ 2/ 4/ 1956 وقد حدد هذا القرار تفصيلاً جميع الاشتراطات الصحية المستديمة الواجب توافرها في المؤسسات الصيدلية وكلها تتعلق بطريقة المباني ونوعيتها وارتفاعاتها والدهانات الخاصة بها وفتحات التهوية وشروط ومواصفات إقامة المخازن الملحقة بها، ومن البديهي أن يتخذ المشرع من وسيلة المعاينة للمحل المزمع إقامة الصيدلية فيه السبيل العملي الطبيعي للتحقق من توافر هذه الشروط في المقر المزمع الترخيص بالصيدلية فيه وبغير معاينة دقيقة وموضوعية وفنية لا يتأتى التحقق من توافر هذه الشروط، كما لا يصح قانوناً استخراج الترخيص دون إجراء هذه المعاينة ولا تملك الجهة الإدارية أي تقدير في طلب إجراء هذه المعاينة أو عدم إجرائها بل يتعين عليها قانوناً إجراء هذه المعاينة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المعد لهذا الغرض.
ومن حيث إن القول الفصل في هذه المسألة يتوقف على تحديد مدى التزام جهة الإدارية المختصة بإخطار مقدم الطلب بالمعاينة وموعدها ليتسنى له حضورها بنفسه أو بمن ينيبه لعرض المكان والاشتراطات اللازمة للترخيص على مندوبي تلك الجهة الإدارية وتقديم ما يطلبونه من إيضاحات على نحو يسمح له من جهة من تقديم البيانات والمستندات اللازمة لإيضاح مدى توفر شروط الترخيص في الموقع وفي المواصفات والاشتراطات الصحية بداخله ويسمح أيضاً لمندوبي الجهة الإدارية بإتمام المعاينة على نحو سديد ومحدد في مكان الموقع الذي يرشد عنه مقدم الطلب أو من ينيبه وإذا كان المشرع لم ينظم طريقة المعاينة بشكل مفصل ولم ينص على ضرورة إخطار ذوي الشأن بموعدها قبل إجرائها، مما أدى بالطاعن إلى الاستناد في طعنه على أن إجراء المعاينة في غيبة ذوي الشأن ودون إخطارهم هو أمر جائز قانوناً ولا عيب فيه ولا يترتب أي بطلان على مخالفته.
ومن حيث إن النص وإن أغفل دعوة مقدم الطلب لحضور المعاينة فقد عني بإخطار الطالب بما تراه الجهة الإدارية المختصة بالنسبة للموقع ومن ثم فإنه وإن كان التنظيم الإداري الذي يبتغي المصلحة العامة يقضي بأن ينفرد مندوبو الجهة الصحية المختصة بالمداولة والوصول إلى القرار الذي بعد ذلك يتعين إخطار ذوي الشأن به فإن أصول التنظيم الإداري تقتضي عقلاً دعوة الجهة الإدارية لطالب الترخيص لحضور ما يسبق المرحلة السرية الداخلية لعمل الجهة الإدارية - وهو إجراء المعاينة إذ أن هذه المعاينة التي تتم بشكل علني تمثل السبيل الوحيد للتوصل إلى بيانات ومعلومات موضوعية وصحيحة يمكن أن تكون سبباً جدياً وموضوعياً وصحيحاً عن الموقع ومدى توفر الاشتراطات القانونية اللازمة للترخيص بصيدلية لطالب الترخيص فيه ولما كان لم يرد حظر في نص القانون لحضور طالب الترخيص لهذه المعاينة كما أن وجوده يكفل تيسير إجراءاتها وتوفير جميع الإيضاحات التي تلزم لسرعة وموضوعية أداء مندوبي السلطة الصحية لعملهم في ذات المحل المطلوب الترخيص به وبحضوره أو من ينيبه لهذه الإجراءات ثم ينفرد مندوبو تلك السلطة بالمناقشة والبحث وإصدار القرار بعد هذه المعاينة والتي أوجب القانون إخطار طالب الترخيص بما ينتهون إليه ومن حيث إنه بناءً على ما تقتضيه مبادئ وأصول الإدارة السليمة يتعين دعوة طالب الترخيص أو من ينيبه لحضور إجراءات المعاينة الخاصة بمشروع الصيدلية الذي يطلب الترخيص به - كما أن وجوب دعوة المطلوب الترخيص له لإجراءات إجراء المعاينة أمر يقتضيه مقتضى نص القانون الذي أوجب إخطار طالب الترخيص بما انتهت إليه السلطة الصحية المختصة بشأن طلبه لكي يتدبر أمره ويحدد موقفه مما تنتهي إليه هذه السلطة في إطار أحكام القانون ذلك أنه لا يتصور أن المشرع الذي أورد هذا الحكم الوجوبي لكي يتمكن طالب الترخيص من معرفة حقيقة موقف الإدارة منه ويتمكن من أن يختار أسلوب الدفاع عن حقه أمام القضاء أو بطريق التظلم لدى الجهة الرئاسية قد حظر استدعاءه لحضور ومشاهدة المعاينة ليتمكن من الإرشاد عن جوانب مشروعه وليوضح لمندوبي جهة الإدارة وثائق الاشتراطات الواجب قانوناً توافرها للحصول على الترخيص ويؤكد سلامة هذا الفهم لأحكام القانون أنه لم يرد أي نص يحظر حضور هذه المعاينة على طالب الترخيص وقد أغفل المشرع أن ينص على وجوب ذلك لبداهة هذا الواجب من حيث الطبيعة والواقع من جهة إرشاد مندوبي الإدارة عند المعاينة على ما يعاينوه ولأن حضور أي إجراء علني يتعلق بمراكز ذوي الشأن أمر يتصل بحق الإنسان في الدفاع عن نفسه أصالة أو بالوكالة، وأيضاً حقه في الشكوى وهما حقان كفلهما الدستور صراحة في المادتين (69)، (63) منه، وقد أقرهما التشريع المصري بصفة عامة في مجال الإجراءات التي تؤثر في المراكز القانونية للمواطنين المدنية والجنائية والإدارية ما لم تكن سرية بطبيعتها.
ومن حيث إنه يضاف إلى ذلك أن المادة (13) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليها التي أوجبت في حالة استيفاء الشروط الصحية المقررة صرف الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ المعاينة، وفي حالة عدم توافر هذه الاشتراطات منح طالب الترخيص مهلة كافية لإتمام هذه الشروط ثم تعاد المعاينة في نهاية هذه المدة وهذه المهلة الواجب منحها في حالة نقص استكمال الاشتراطات توجب معرفة الطالب لأوجه النقص ويحقق ذلك وجوب حضوره المعاينة، كما أنه لا شك يترتب على عدم منح هذه المهلة بعد إتمامها - التي ترك أمر تحديدها لجهة الإدارة بحسب ظروف كل حالة - بطلان القرار لمخالفته لإجراء جوهري نص عليه المشرع ورتب عليه مركزاً قانونياً لصاحب الشأن بل منحه مهلة ثانية إذا لم تكفه الأولى لإنجاز الاشتراطات بحيث لا تجاوز المهلة الثانية نصف المهلة الأولى وجعل سلطة الإدارة جوازية في شأن منحها بحيث تخضع لتقديرها ولا يكون قرارها في هذه الحالة باطلاً إلا إذا أثبت ذوو الشأن أنه صدر معيباً بعيب إساءة استعمال السلطة - ومن حيث إنه فضلاً عن أن عدم حضوره المعاينة يرتب بطلانها وعدم حجيتها قبله من جهة ما لم يتقاعس عن ذلك لتعطيلها إن كانت له مصلحة وقد تهاترت أدلة هذه المعاينة فضلاً عن ذلك بوجود معاينة ثبت بها ما يتهاتر مع ما أجرته اللجنة منفردة، وقد انطوى سلوك جهة الإدارة على ما يثير كل شبهة وشك في معاينتها ليس فقط لعدم حضور طالب الترخيص إجراءاتها دون مبرر معقول أو سند مقبول من القانون - بل لأنها أيضاً عمدت إلى منح ترخيص في مكان يجعل حصوله على الرخصة - إذا ما استقر تصرفها وافتعالها في هذه الحالة قانوناً - حتى لو استكمل الاشتراطات غير ممكن قانوناً لحظر ذلك عليه بحسب شرط المسافة، وهذا المسلك من جهة الإدارة يحتم رد سعيها المخالف للقانون وإهدار كل أثر له.
ومن حيث إن المشرع لم يقيد منح المهلة المشار إليها بأية قيود تتعلق بالمرحلة التي وصل إليها صاحب الشأن في استكمال الصيدلية ومن ثم فإنه لا يجوز إيراد قيد على منح هذه المهلة يجاوز الحدود المعقولة.
ومن حيث إن الثابت من استعراض ما تقدم أن جهة الإدارة قد أصدرت قرارها المطعون عليه بحفظ الطلب المقدم من المطعون ضده لإنشاء صيدلية على سند من المعاينة التي أجرتها في غيابه وما تبين لها كما زعمت من عدم وجود مكان محدد بسقف وحوائط وهو تقرير لا حجية له كما فاتها أن ترفق تقريراً آخر بالمعاينة وذلك دون أن تمنحه المهلة الأولى التي أوجب المشرع منحها له في حالة عدم استيفاء الاشتراطات الصحية المقررة، فإن مؤدى ذلك أن القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من القانون، وإذ تبنى الحكم المطعون فيه هذا النظر في منطوقه وإن اختلفت الأسباب التي بني عليها قضاؤه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون وبالتالي فإن الطعن عليه يكون في غير محله متعيناً رفضه ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 1508 لسنة 58 ق جلسة 30 / 4 / 1989 مكتب فني 40 ق 90 ص 547

جلسة 30 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

----------------

(90)
الطعن رقم 1508 لسنة 58 القضائية

(1) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. قتل خطأ. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية".
تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية الجنائية والمدنية. موضوعي.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" 

حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(3) تقرير تلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم تلاوة تقرير التلخيص كفايته لصحة هذا الإجراء. ولو كان التقرير من عمل هيئة سابقة. أساس ذلك؟
(4) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". تزوير "الادعاء بالتزوير". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إجراءات المحاكمة.
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. عدم جواز جحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير.
(5) محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". تقرير التلخيص. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقرير التلخيص. ماهيته؟
عدم ترتيب القانون جزاء على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ. النعي بقصور تقرير التلخيص لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(6) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلانه".
وجوب وضع الأحكام الجنائية والتوقيع عليها خلال ثلاثين يوماً. وإلا كانت باطلة. المادة 312 إجراءات.
عدم التوقيع على الحكم خلال ميعاد الثمانية أيام المنصوص عليها في المادة المذكورة. لا يبطله.
(7) حكم "وضعه والتوقيع وإصداره" "بطلانه". محضر الجلسة نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال القاضي التوقيع على محضر الجلسة. لا أثر له على صحة الحكم. ولا يبطله.
(8) حكم "وضعه وإصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أثبته الحكم كافياً لتفهم الواقعة وظروفها.

-----------------
1 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان الحكم قد أثبت تلاوة تقرير التلخيص، فلا يقدح في صحة الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التي فصلت في الدعوى، إذ أن ما يدعيه من ذلك على فرض صحته - لا يدل على أن القاضي الذي تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه، ولا يمنع أن القاضي بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المذكور يكفي في التعبير عما استخلصه هو من الدراسة.
4 - من المقرر أن ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ومن ثم فإنه لا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله.
5 - من المقرر أن تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 أ. ج. هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون جزاء على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ. وكان البين من محضر جلسة المحاكمة في 16 من مايو سنة 1985 أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير، فلا يجوز له من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية تكفل في المادة 312 بتنظيم وضع الأحكام والتوقيع عليها لم يرتب البطلان على تأخير التوقيع إلا إذا مضى ثلاثون يوماً دون حصول التوقيع، أما ميعاد الثمانية أيام المشار إليه فيها فقد أوصى الشارع بالتوقيع على الحكم في خلاله دون أن يرتب البطلان على عدم مراعاته.
7 - من المقرر أن مجرد إغفال القاضي التوقيع على محضر الجلسة لا أثر له على صحة الحكم ولا يترتب عليه البطلان.
8 - لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة، وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - 1) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر دون أن يتأكد من خلو الطريق أمامه فاصطدم بالسيارة القادمة في الاتجاه المضاد مما أدى لوفاة المجني عليه سالف الذكر. 2) تسبب خطأ في إصابة كل من...... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فاصطدم بالسيارة القادمة في الاتجاه المضاد مما أدى إلى إصابة سالفي الذكر. 3) قاد سيارة بدون رخصة قيادة. 4) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1، 244/ 3 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 120 لسنة 1962 والمواد 1، 2، 3، 4، 34، 75، 77، 78 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل. ومحكمة جنح فارسكور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 10 جـ عن التهمتين الأولى والرابعة وعشرة جنيهات عن التهمة الثانية وعشرة جنيهات عن التهمة الثالثة. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة 53 قضائية. ومحكمة النقض قضت بجلسة...... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة دمياط الابتدائية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة بهيئة استئنافية جديدة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ........ عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية..... إلخ.


المحكمة

لما كان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - وإذ ما كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ما يوفر ركن الخطأ في حق الطاعن فإن ما يثيره في هذا الخصوص في غير محله - لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أنه أرفق بها تقرير تلخيص ولما كان الحكم قد أثبت تلاوته، فلا يقدح في صحة الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التي فصلت في الدعوى، وإذ أن ما يدعيه من ذلك على فرض صحته - لا يدل على أن القاضي الذي تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه، ولا يمنع أن القاضي بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المذكور يكفي في التعبير عما استخلصه هو من الدراسة ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ومن ثم فإنه لا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في غير محله. لما كان ذلك وكان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 أ. ج. هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون جزاء على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ. وكان البين من محضر جلسة المحاكمة في 16 من مايو سنة 1985 أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير، فلا يجوز له من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية تكفل في المادة 312 بتنظيم وضع الأحكام والتوقيع عليها لم يرتب البطلان على تأخير التوقيع إلا إذا مضى ثلاثون يوماً دون حصول التوقيع، أما ميعاد الثمانية أيام المشار إليه فيها فقد أوصى الشارع بالتوقيع على الحكم في خلاله دون أن يرتب البطلان على عدم مراعاته على فرض صحة ما يدعيه الطاعن في أسباب طعنه. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه أثبت بها أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم وعضو النيابة وكاتب الجلسة واسم المتهم واسم المدافع عنه وتقديمه مذكرة بدفاعه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن رئيس الدائرة التي أصدرته قد وقع عليه، وإذ كان من المقرر أن مجرد إغفال القاضي التوقيع على محضر الجلسة لا أثر له على صحة الحكم ولا يترتب عليه البطلان، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة، وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. لما كان ما تقدم فإن برمته يكون على غير أساس ومفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 4283 لسنة 37 ق جلسة 2 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 42 ص 408

جلسة 2 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد حمدي الأمير وحسني سيد محمد - (نواب رئيس مجلس الدولة).

----------------

(42)

الطعن رقم 4283 لسنة 37 القضائية

(أ) هيئة قضايا الدولة - عدم اختصاص لجنة التأديب بها بالطعن على قرار فيما تضمنه من عدم التعيين في وظيفة مندوب مساعد بالهيئة.
المادة (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة معدلة بالقانونين رقمي 65 لسنة 1976 و10 لسنة 1986.
استحدث المشرع أوضاعاً جديدة في شأن تأديب أعضاء هيئة قضايا الدولة والنظر في قضايا الإلغاء والتعويض المتعلقة بشئونهم - ناط المشرع بلجنة التأديب والتظلمات بالهيئة اختصاصات محددة - اختصاص اللجنة رهين بثبوت الانتماء الواقعي لعضوية الهيئة - أساس ذلك: عبارة "إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضائها" الواردة بالنص المشار إليه - المقصود بشئون هؤلاء هو ما يتعلق بصفاتهم أثناء قيامهم بمزاولة وظائفهم دون الشئون السابقة على التحاقهم بها - مؤدى ذلك: عدم اختصاص تلك اللجنة بالطعن على القرار فيما تضمنه من عدم تعيين الطاعن بوظيفة مندوب مساعد بالهيئة - تطبيق.
(ب) هيئة قضايا الدولة - وظيفة مندوب مساعد - الدرجة المعادلة لها - (اختصاص المحكمة الإدارية).
معيار التفرقة بين اختصاص محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية بالنسبة للمنازعات الخاصة بالموظفين العموميين هو مستوى الوظيفة - يبين من جدول الوظائف والمرتبات والبدلات لأعضاء هيئة قضايا الدولة الملحق بالقانون رقم 89 لسنة 1973 المعدل بالقوانين أرقام 17 لسنة 1976 و54 لسنة 1978 و143 لسنة 1980 و32 لسنة 1983 أن وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة مخصص لها سنوياً 516 جنيهاً كمرتب و108 جنيه بدل قضاء - زيد المرتب بمقدار 60 جنيهاً سنوياً بالقانون رقم 53 لسنة 1984 بزيادة مرتبات العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام والكادرات الخاصة - يبين كذلك من جدول المرتبات المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته أن المرتب السنوي للدرجة الثالثة 576 - 1608 ج وللدرجة الثانية 840 – 1908 ج - مؤدى ذلك: أن وظيفة مندوب مساعد تعادل الدرجة الثالثة المعدلة للمستوى الثاني بالقانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - أثر ذلك: - أن الطعن على القرار فيما تضمنه من عدم التعيين في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة العدل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 15 من سبتمبر سنة 1991 أودع الأستاذ/ جمعه سراج المحامي عن الأستاذ الدكتور/ عبد الرؤوف مهدي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ محمد هلال أبو النجا الشهاوي بالتوكيل الخاص رقم 2412 ج لسنة 1991، توثيق المنصورة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها، برقم 4283 لسنة 43 ق، ضد السادة/ رئيس الجمهورية، ووزير العدل، ورئيس هيئة قضايا الدولة، ووزير الداخلية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 25/ 7/ 1991، في الدعوى رقم 1857 لسنة 43 قضائية، المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها إلى لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة للاختصاص.
وطلب - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 343 الصادر بتاريخ 2/ 8/ 1988 فيما تضمنه من استبعاد الطاعن من التعيين في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه - لما اشتمل عليه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدفع بعدم قبول اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، وباختصاصها بنظرها، وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات.
وتحددت جلسة 25/ 5/ 1992 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر وما تلاها من جلسات، على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 27/ 7/ 1992، إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)، لنظره بجلسة 7/ 11/ 1992، وبها نظر واستمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات الخصوم، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من الأوراق، في أن الطاعن أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 1857 لسنة 43 ق بصحيفة أودعها قلم كتابها بتاريخ 29/ 12/ 1988، بطلب الحكم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 343 بتاريخ 2/ 8/ 1988، فيما تضمنه من استبعاد الطاعن من التعيين في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال في بيان أسانيد دعواه، أن هيئة قضايا الدولة أعلنت عن مسابقة لشغل وظيفة مندوب مساعد بها من بين خريجي كليات الحقوق دفعات من 1980 حتى سنة 1984، فتقدم لشغل هذه الوظيفة حوالي 1800 خريج نجح في المسابقة منهم 14 وكان ترتيبه في الناجحين الخامس، غير أنه فوجئ بقرار رئيس الجمهورية رقم 343 الصادر بتاريخ 2/ 8/ 1988، والمنشور بالعدد (33) من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 18/ 8/ 1988، بتعيين (12) مندوباً مساعداً بهيئة قضايا الدولة، دون أن يتضمن اسمه، وبرغم نجاحه وعلم أن مرد استبعاده إلى "أسباب أمنية" فتظلم، إلا أن مباحث أمن الدولة بالمنصورة - وهي الجهة التي أجرت التحريات - أصرت على رأيها، وإذ تمت هذه التحريات بناءً على شكوى كيدية، أن التحريات كانت غير جدية، وتتصل بأقاربه ولا تمسه هو شخصياً أو أحد أفراد أسرته، إذ ليس لهم أي نشاط سياسي ولم يوجه إلى أي منهم أي اتهام، لذلك تظلم بتاريخ 1/ 9/ 1988 إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة قضايا الدولة، وتظلم بتاريخ 19/ 9/ 1988 إلى جميع المدعى عليهم (المطعون ضدهم)، وبتظلم ثالث بتاريخ 2/ 10/ 1988 إلى كل من السيد/ رئيس الجمهورية والسيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة قضايا الدولة، بيد أنه لم يبت في هذه التظلمات، لذلك أقام دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وبجلسة 25/ 7/ 1991 حكمت المحكمة "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها، إلى لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة، للاختصاص وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي سوف يشغل إذا ما أجيب إلى طلبه وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة، وهذا من شأنه أن يؤثر على المركز القانوني للمعينين بهذه الوظيفة بالقرار المطعون فيه، الأمر الذي يفتقد معه الاختصاص بالفصل في الدعوى إلى لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة عملاً بحكم المادة (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963، في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وتأويله، ذلك لأن البين من نص المادة (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963، في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة أن لجنة التأديب والتظلمات تختص بشئون أعضاء الهيئة، في حين أن الطاعن لم تثبت له بعد صفة العضوية، وأنه لو كانت اللجنة مختصة، لنظرت التظلمات المقدمة منه، بل إنها جرت على أنها غير مختصة حسبما يبين من الصورة الرسمية لقرارها في التظلم رقم 31 لسنة 1990 المقدمة من السيد الأستاذ/ عبد الحميد نجاشي عبد الحميد الزهيري المحامي، والمودع حافظة مستندات الطاعن، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعن سوف يشغل في حالة ما إذا أجيب إلى طلبه وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة مما من شأنه أن يؤثر في المركز القانوني للمعينين بالقرار المطعون فيه، إذ ليس هناك أي تأثير على هؤلاء لأن القرار تضمن تعيين 12 مندوباً مساعداً من بين الناجحين وعددهم (14)، كان ترتيب الطاعن بينهم الخامس هذا إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1600 لسنة 16 ق بجلسة 9/ 4/ 1972، الذي أيد الحكم محل الطعن فيما ذهب إليه من اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى المقامة من المدعي طعناً على قرار رئيس الجمهورية بالتعيين في وظيفة مساعد نيابة إدارية، فيما تضمنه من تخطيه في التعيين، وبرغم وجود مجلس تأديب خاص بأعضاء النيابة الإدارية منصوص عليه في المادة (4) من القانون رقم 117 لسنة 1958، بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة عقبت على الطعن بأن أودعت مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً، برفض الطعن، لأن الحكم المطعون فيه صدر متفقاً ونص المادة (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963، المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986، في شأن هيئة قضايا الدولة، التي جعلت من لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة، هيئة قضائية تمارس اختصاصاً قضائياً، وما يصدر عنها من قرارات يكون نهائياً ولا يجوز الطعن عليه أمام أية جهة قضائية، وأناطت بها اختصاص الفصل في الطعون على القرارات الإدارية الصادرة بشأن أعضاء الهيئة، ولو كانت مقامة من غير أعضاء هيئة قضايا الدولة طالما أن القرار محل الطعن يتعلق بأعضاء هيئة قضايا الدولة، وهذا النظر هو الذي أخذت به المحكمة الإدارية العليا في تفسير نص المادة 104 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إذ ذهبت إلى أن الفهم المتبادر من هذا النص على ما هو مستفاد من سياقه وصريح عباراته أنه لم يشترط لاختصاص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، أن يكون المتظلم وقت تقديم تظلمه من أعضاء مجلس الدولة العاملين، وكل ما تطلبه في هذا الشأن هو أن يكون القرار الإداري المطعون فيه متعلقاً بشئون أحد أعضاء المجلس ماساً لمركزه القانوني بوصفه هذا.
وبناءً على ذلك ولما كان الطاعن يطلب - الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بتعيين 12 مندوب في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة فيما تضمنه من عدم تعيينه فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب ينعقد للجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة دون غيرها، ويكون قرارها نهائياً وغير جائز الطعن فيه أمام أية جهة قضائية، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه رفض الطعن. واحتياطياً: وفي حالة إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري نوعياً بنظر الدعوى، والقضاء بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة العدل، للاختصاص، وذلك لأنه طبقاً لنص المادتين (10)، (14) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فإن المحاكم الإدارية تختص بنظر الطعن على قرارات التعيين المتعلقة بالموظفين العموميين الذين يشغلون وظائف المستويين الثاني والثالث، وطبقاً للجدول الخاص بإدارة قضايا الحكومة المرفق بقرار رئيس الجمهورية رقم 2387 لسنة 1967، في شأن معادلة درجات الكادر الخاص بدرجات الكادر العام، فإن وظيفة مندوب مساعد مقرر لها الربط المالي المقرر للدرجة السابعة وهو 264 جنيهاً سنوياً، فمن ثم فإن الطعن على قرار رئيس الجمهورية بتعيين 12 مندوباً مساعداً، فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي، يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة العدل ومن باب الاحتياط الكلي، برفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات. لأن القرار المطعون فيه صدر بناءً على ما ارتأته أجهزة الأمن المعنية من عدم سلامة مسلك الطاعن، وعدم جدارته، إذ أنه ذو ميول شيوعية، وينتمي إلى أسرة شيوعية، ومن ثم فإن الجهة الإدارية وإذ استخدمت سلطتها التقديرية في تعيين سواه، ممن ثبتت صلاحيتهم، فإن قرارها يكون سليماً متفقاً وصحيح حكم القانون، وتغدو دعوى المدعي غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض.
ومن حيث إن مقطع النزاع ينحصر في بيان ما إذا كانت ولاية لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة تقتصر على الفصل في الطلبات المقدمة من أعضاء هيئة قضايا الدولة بمعنى أن يكون مقدم الطلب أحد أعضاء هيئة قضايا الدولة عند تقديم الطلب أم أن ولايتها تتجاوز ذلك فتشمل الطلبات المقدمة من غير أعضاء هيئة قضايا الدولة متى كان القرار محل الطعن متعلقاً بأعضاء الهيئة.
ومن حيث إن الواضح من هذه النصوص أن المرجع في تعيين اختصاص كل من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية هو أهمية النزاع ويستند معيار - الأهمية في هذا المقام إلى قاعدة مجردة مردها بالنسبة للمنازعات الخاصة بالموظفين العموميين إلى مستوى الوظيفة التي يشغلها الموظفين العموميين وخطورتها ومسئولياتها وما إلى ذلك من معايير يراعى فيها الموازنة بين الوظائف ذات الأهمية والقليلة الأهمية وما يعادلها.
ومن حيث إن البين من جدول الوظائف والمرتبات والبدلات لأعضاء هيئة قضايا الدولة الملحق بالقانون رقم 89 لسنة 1973 المعدل بالقوانين أرقام 17 لسنة 1976، 54 لسنة 1978، 143 لسنة 1980، 32 لسنة 1983، أن وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة مخصص لها سنوياً 516 جنيهاً كمرتب، 108 ج بدل قضاء كربط ثابت، وقد يزيد المرتب بمقدار 60 جنيهاً سنوياً، بالقانون رقم 53/ 1984 بزيادة مرتبات العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام والكادرات الخاصة وأن البين من جدول المرتبات المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته، أن المرتب السنوي للدرجة الثالثة 576 - 1608 ج، وللدرجة الثانية 840 - 1908 ج" فمن ثم فإن وظيفة مندوب مساعد تكون معادلة للدرجة الثالثة المعادلة للمستوى الثاني بالقانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، ويكون الطعن الماثل من اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة العدل. مما يتعين الحكم بإحالة الدعوى إليها الفصل في موضوعها، مع إبقاء الفصل في المصروفات للحكم الذي ينهي الخصومة في الدعوى، طبقاً للمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة العدل للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 1823 لسنة 58 ق جلسة 27 / 4 / 1989 مكتب فني 40 ق 89 ص 545

جلسة 27 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم ومحمد حسين مصطفى.

---------------

(89)
الطعن رقم 1823 لسنة 58 القضائية

حجز. تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. دفوع "الدفع بعدم الالتزام بنقل المحجوزات إلى مكان بيعها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
عدم التزام حارس المحجوزات بنقلها إلى مكان آخر عين لبيعها.
الدفع بعدم التزام حارس المنقولات بنقلها إلى مكان بيعها. جوهري. إغفال الحكم المطعون التعرض له. يعيبه.

--------------
لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة بدرجتي التقاضي أن المدافع عن الطاعن طلب الحكم ببراءته دفع بأنه غير مكلف بنقل المحجوزات إلى السوق، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الحارس للمحجوزات غير مكلف قانوناً بنقل الأشياء المحجوزة إلى أي مكان آخر يكون قد عين لبيعها فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوت صحته أن يتغير وجه الرأي في الحكم فإنه يكون فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب منطوياً على إخلال بحق الدفاع بما يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر المملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح الإصلاح الزراعي والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات ومحكمة جنح إيتاي البارود قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم 48 ساعة.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أشياء محجوز عليها إدارياً قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه غير مكلف بنقل المحجوزات إلى السوق، ومع ذلك صدر الحكم المطعون فيه دون أن يعني بإيراد هذا الدفاع والرد عليه. بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة بدرجتي التقاضي أن المدافع عن الطاعن طلب الحكم ببراءته ودفع بأنه غير مكلف بنقل المحجوزات إلى السوق، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحارس للمحجوزات غير مكلف قانوناً بنقل الأشياء المحجوزة إلى أي مكان آخر يكون قد عين لبيعها فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوت صحته أن يتغير وجه الرأي في الحكم، فإنه يكون فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب منطوياً على إخلال بحق الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى النظر في وجوه الطعن الأخرى.

الطعن 2083 لسنة 35 ق جلسة 27 / 12 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 41 ص 396

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

----------------

(41)

الطعن رقم 2083 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى - التقدم بطلبات جديدة أمام المحكمة الإدارية العليا.
المادة 235 من قانون المرافعات.
تقتصر ولاية المحكمة الإدارية العليا على نظر الطعون في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة على النحو الذي نظمه قانون تنظيم المجلس والتصدي للفصل في موضوع الدعوى لو كانت صالحة للفصل في موضوعها بحالتها بمراعاة طبيعة الدعوى الإدارية وفي حدودها وقت صدور الحكم الطعين دون أن تتطرق لطلبات جديدة لم تكن مطروحة على محكمة أول درجة التزاماً بصريح أحكام قانون مجلس الدولة في هذا الشأن وبطبيعة وحدود الطعن في الأحكام أمامها إعمالاً لحق الدفاع ولعدم مصادرة درجة من درجات التقاضي - تطبيق.
(ب) جامعات - طلاب - نظام الامتحانات - تحديد اختصاصات المسئولين بالجامعات عن الامتحانات.
المواد 41، 42، 167، 173 من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972، والمادتان 34، 71، 72 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975.
حرص المشرع على وضع الامتحانات وتنظيمها على أساس أداء الامتحان بنوعيه الشفوي والتحريري على نحو واقعي وجدي وصحيح بما يكشف عن قدرة الطالب في التحصيل والفهم والاستيعاب حتى يتحقق من تمام التأهيل العلمي على أكمل وجه - حرص المشرع على تحديد اختصاصات المسئولين بالجامعات على نحو يمنع الغموض واللبس ويحول دون تجاوز الاختصاصات - اختصاصات مجلس الكلية تشمل تشكيل لجان الامتحان وواجبات الممتحنين وإقرار مداولات لجان الامتحان وإقرار نتائج الامتحانات - يختص عميد الكلية بتنفيذ قرارات مجلس الكلية فلا يدخل في اختصاص عميد الكلية أن يحل بنفسه محل أحد أعضاء لجنة الامتحان في مادة قاعة البحث وتصحيحها وهو أن فعل ذلك يغدو متجاوزاً اختصاصه - مجلس الكلية يقف بسلطاته عند حد إقرار نتائج الامتحان الواردة إليه من لجان الامتحان المختلفة ومن اللجنة العامة والتي تعرض عليها نتيجة الامتحان لمراجعتها واقتراح ما تراه في شأن مستوى تقديرات الطلاب بالنسبة للمقررات المختلفة وبدون محضر باجتماع اللجنة وتعرض مداولاتها على مجلس الكلية لإقرارها - أثر ذلك لجنة الامتحانات العامة هي المختصة بمراجعة نتيجة الامتحان ثم عرض ما تنتهي إليه على مجلس الكلية لإقراره - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 29 من أبريل سنة 1989 أودع الأستاذ/ سيد الديب المحامي نائباً عن الأستاذ/ مرقص واصف القوص المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2083 لسنة 35 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 28/ 2/ 1989 في الدعوى رقم 2839 لسنة 41 ق والذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب عليه من آثار ونجاح الطالب في السنة التمهيدية لدرجة الماجستير في اللغة العربية وإلزام المطعون ضدهما المصروفات. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق، وقدم السيد الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً مسبباً برأي هيئة مفوضي الدولة ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بالرفض وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 من يناير سنة 1992، وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 6 من يوليه سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 26 من يوليه سنة 1992، وبجلسة 11 من أكتوبر سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/ 11/ 1992 ثم مد أجل الحكم لجلسة اليوم 27/ 12/ 1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 12/ 3/ 1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 2839 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار كلية الآداب جامعة المنيا بعدم الاعتداد بدرجة "جيد" التي حصل عليها من أستاذ المادة في قاعة البحث، وأحقيته في الحصول على هذه الدرجة وقال المدعي بياناً لدعواه أنه قد حصل على درجة "جيد" في امتحان السنة التمهيدية للماجستير بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنيا في جميع المواد عدا مادة قاعة البحث والتي حصل فيها على درجة "مقبول" وهو ما يعني رسوبه بحسبان أن الدرجة المقررة للنجاح هي درجة "جيد"، وقد تظلم من هذه الدرجة إلى كل من عميد الكلية وأستاذ مادة قاعة البحث والممتحن فيها والذي قام برفع درجته بها من "12" درجة إلى "14" درجة وهو ما يؤدي إلى نجاحه فيها إلا أن عميد الكلية رفض ذلك وأوضح المدعي أن المتبع في قسم اللغة العربية بالكلية منح الطالب الذي يرسب في مادة أربع درجات كي ينجح وهو ما لم يتبع معه نظراً لوجود خلافات بين أستاذ المادة وبين عميد الكلية.
وبجلسة 28/ 2/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى بالنسبة لطلب الإلغاء وإلزام المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضائها على أن الثابت من الأوراق أنه بعد أن تم رصد نتيجة السنة التمهيدية للماجستير دور نوفمبر سنة 1986 قسم اللغة العربية بكلية آداب المنيا تبين أن المدعي ناجح في جميع المواد عدا مادة قاعة البحث التي حصل فيها على (12) درجة من (20) درجة حال كون درجة النجاح من (14) درجة الأمر الذي أدى برئيس الكنترول للكتابة إلى عميد الكلية بذلك بطلب رفع الدرجة من (12 إلى 14) بواسطة لجنة الممتحنين حتى يمكن إنجاح الطالب، وإذ أحيلت الأوراق من عميد الكلية إلى لجنة الامتحان أشر رئيس اللجنة (أستاذ المادة) بأنه غير موافق على رفع الدرجة ومن ثم عرضت الأوراق على مجلس الكلية الذي أقر النتيجة النهائية للسنة التمهيدية والتي أعلن فيها عن رسوب المدعي بسبب حصوله على (12) من (20) درجة في مادة قاعة البحث، وإذ كان ذلك وكان من المقرر وفقاً للمادة 173 من القانون رقم 149 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات أنه يشترط لنجاح الطالب في الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله وذلك وفق أحكام اللائحة التنفيذية، كما أنه من المقرر وفقاً لنص المادة (71) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات أن مجلس الكلية هو الذي يختص بإقرار نتيجة الامتحان، ولما كان مجلس الكلية قد أقر تلك النتيجة كذلك - ومن بينها رسوب الطالب المدعي لعدم حصوله على درجة النجاح في مادة قاعة البحث بعد أن رفضت لجنة الامتحان رفع درجته فإن القرار الصادر في هذا الشأن يكون صحيحاً ولا مطعن عليه. ولا ينال مما تقدم ما أثاره المدعي بأن ثمة خلافاً بين عميد الكلية وأستاذ مادة قاعة البحث راح هو ضحيته إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لم يقم عليه دليل بالأوراق كما أن عدول أستاذ المادة عن تقديره السابق وبعد إصراره على عدم رفع هذا التقدير رغم طلب ذلك منه رسمياً عن طريق عميد الكلية هذا العدول لا ينتج أثراً قانونياً في حق المدعي بعد أن تم إعلان النتيجة رسمياً وبمراعاة الإجراءات القانونية المطلوبة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك لأنه بعد إعلان رسوب الطاعن في مادة قاعة البحث وحصوله فيها على (12) درجة من (20) درجة، تظلم من هذه النتيجة فحرر عميد الكلية خطاباً رسمياً إلى أستاذ المادة ورئيس لجنة الامتحان وهو ما يعني أن عميد الكلية قد وافق على نجاح الطاعن في هذه المادة بديلاً عن الأستاذ الآخر المشترك في لجنة الامتحان ولو عرض العميد الأمر عليه لوافق على نجاح الطاعن ومن ثم يكون العميد قد أحل نفسه محل العضو الثاني في اللجنة، كما أن أستاذ المادة الذي حرر إليه العميد أقر فيما بعد بأحقية الطاعن في النجاح وذلك بعد أن اطلع على البحث المقدم منه إذ أن التقدير الذي أعطاه له في البداية كان تقديراً مؤقتاً وقبل أن يطلع على البحث وبذلك تكون لجنة الامتحان قد وافقت ورضيت عن البحث المقدم من الطاعن وهو ما يتحقق معه شروط تطبيق المادة (173) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 كذلك فإن مجلس الكلية والذي له كافة الاختصاصات المتعلقة بطلبة الدراسات العليا حسبما تنص المادة (52) من القانون السالف وبمقتضاها يبسط المجلس سلطانه على ما يعرض عليه من أمور تتصل بنتائج الطلاب دون قيد زمني - هذا المجلس رغم ما خوله القانون قد تجاهل الخطأ الذي وقع فيه أستاذ المادة وذلك بمنحه تقديراً للطالب قبل أن يطلع على البحث المقدم منه، وقد أقر الأستاذ بأحقيته في النجاح بعد اطلاعه على البحث وهذا الخطأ لا يد للطاعن فيه، وقد كان على المجلس أن يقرر نجاح الطاعن إلا أن مجلس الكلية تجاهل هذا الخطأ، ومن ثم يكون قراره الصادر بإعلان رسوب الطاعن مشوباً بالانحراف بالسلطة لتجاهله هدفاً مشروعاً، كما أغفل الحكم المطعون فيه أيضاً الإقرار المقدم من أستاذ مادة قاعة البحث والذي أقر فيه بأحقية الطاعن في النجاح في هذه المادة وهو ما يصم الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال، كذلك فإن الحكم لم يلتفت ولم يرد على دفوع ودفاع الطاعن التي أبداها أمام محكمة أول درجة خاصة خطأ أستاذ المادة وهو بمرتبة الخطأ المادي فضلاً عن انحراف مجلس الكلية بالسلطة.
ومن حيث إنه عما أبداه الطاعن أمام دائرة فحص الطعون بطلب تعديل الحكم إلى إلغاء تقدير درجته وإحالة البحث محل النزاع إلى لجنة جديدة لإعادة تقديره حسبما انتهى إليه رأي المستشار القانوني لوزير التعليم إذ تنص المادة (235) من قانون المرافعات على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها...." ومتى كان طلب الطاعن إلغاء تقدير درجته في البحث المقدم منه في مادة قاعة البحث وإحالة هذا البحث إلى لجنة جديدة لإعادة تقديره إنما هو طلب جديد يتقدم به الطاعن لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا، وكان يتعين أن يكون ضمن طلباته في العريضة أمام محكمة القضاء الإداري الأمر الذي لم يحدث، ومن ثم فإن هذا الطلب الجديد لا يقبل عملاً بحكم المادة 335 من قانون المرافعات ومن ثم تكون طلبات الطاعن التي أقام بها طعنه هي إلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ونجاحه في السنة التمهيدية لدرجة الماجستير في اللغة العربية وهي الطلبات المطروحة على هذه المحكمة لتفصل فيها بقضائها وفي حدود ولايتها التي حددها القانون رقم (47) لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة والتي تقوم أساساً على وزن الأحكام المطعون فيها أمامها بميزان القانون، ومن حيث الإجراءات أو الموضوع أو تفسير وتطبيق أحكام القانون على الوجه الصحيح ودون أن تتطرق المحكمة إلى النظر في طلبات جديدة لم تكن تحت نظر محكمة أول درجة قبل صدور الحكم المطعون فيه فولاية المحكمة الإدارية العليا تقتصر على نظر الطعون في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة على النحو الذي نظمه قانون تنظيم المجلس والتصدي إعلاءً للشرعية وسيادة القانون للفصل في موضوع الدعوى لو كانت صالحة للفصل في موضوعها بحالتها بمراعاة طبيعة الدعوى الإدارية وفي حدودها وقت صدور الحكم الطعين دون أن تتطرق لطلبات جديدة لم تكن مطروحة على محكمة أول درجة التزاماً بصريح أحكام قانون مجلس الدولة في هذا الشأن وبطبيعة وحدود الطعن في الأحكام أمامها إعمالاً لحق الدفاع الذي قدمه الدستور ولعدم مصادرة درجة من درجات التقاضي.
ومن حيث إن المادة (41) من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن: "يختص مجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة بالنظر في المسائل الآتية: أولاً - ..... ثانياً - 1 - .... 2 - تحديد مواعيد الامتحان ووضع جداوله وتوزيع أعماله وتشكيل لجانه وتحديد واجبات الممتحنين وإقرار مداولات لجان الامتحان ونتائج الامتحانات في الكلية أو المعهد...." وتنص المادة (42) من ذات القانون على أن: "يقوم العميد بتنفيذ قرارات مجلس الكلية أو المعهد...." وتنص المادة (167) من القانون على أنه: "مع مراعاة أحكام هذا القانون، تحدد اللائحة التنفيذية موعد بدء الدراسة وانتهائها والأسس العامة المشتركة لنظم الدراسة والقيد ونظام الامتحان وفرصه وتقديراته كما تنص المادة 173 من القانون على أنه: "يشترط لنجاح الطالب في الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله وذلك وفق أحكام اللائحة التنفيذية وأحكام اللائحة الداخلية المختصة" كما تنص المادة (34) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975 على أن: "يقوم العميد بتصريف أمور الكلية وإدارة شئونها العملية والإدارية والمالية في حدود السياسة التي يرسمها مجلس الجامعة ومجلس الكلية وفقاً لأحكام القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها. ويتولى على الأخص: 1 - ..... 4 - مراقبة سير الدراسة والامتحانات وحفظ النظام داخل الكلية وإبلاغ رئيس الجامعة عن ما من شأنه المساس بسير العمل بالكلية أو ما ينسب إلى أحد أعضاء هيئة التدريس." وفي الباب الثالث من تلك اللائحة وتحت عنوان الدراسة والامتحانات وشئون الطلاب - الدراسات العليا - القسم الأول - أحكام عامة تنص المادة (71) من اللائحة على أنه "فيما عدا امتحانات الفرق النهائية بقسم الليسانس أو البكالوريوس يعين مجلس الكلية بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص أحد أساتذة المادة ليتولى وضع موضوعات الامتحانات التحريرية بالاشتراك مع القائم بتدريسها، ويجوز عند الاقتضاء أن يشترك في وضعها من يختاره مجلس الكلية لهذا الغرض. وتشكل لجنة الامتحان في كل مقر من عضوين على الأقل يختارهما مجلس الكلية بناءً على طلب مجلس القسم المختص، ويتم اختيارهما بقدر الإمكان من أعضاء هيئة التدريس بالكلية أو المعهد، وللعميد في حالة الاستعجال اختيار أعضاء اللجنة وتتكون من لجان امتحان المقررات المختلفة لجنة عامة في كل فرقة أو قسم برئاسة العميد أو رئيس القسم حسب الأحوال وتعرض عليها نتيجة الامتحان لمراجعتها واقتراح ما تراه في شأن مستوى تقديرات الطلاب بالنسبة للمقررات المختلفة وبدون محضر باجتماع اللجنة وتعرض نتيجة مداولاتها على الكلية لإقرارها". وتنص المادة (72) من اللائحة على أن: "يرأس عميد الكلية لجان الامتحان ويشكل تحت إشرافه لجنة أو أكثر لمراقبة الامتحان وإعداد النتيجة ويرأس كلاً منها أحد الأساتذة أو الأساتذة المساعدين.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقر على التعليم الجامعي بحسب الدستور والقانون واللوائح المنظمة له وبينها قانون تنظيم الجامعات سالف البيان ولائحته التنفيذية إنما هو حق تكفله الدولة وتشرف على تحقيقه وفقاً لحاجات المجتمع والإنتاج ويتحمل المجتمع تكاليفه في جميع المراحل ليس فقط باعتباره حقاً تكفله أحكام الدستور للمواطنين على سبيل المساواة وبمراعاة تكافؤ الفرص بين الشباب أبناء هذا الوطن وإنما أيضاً باعتباره خدمة أساسية وجوهرية لازمة لوجود المجتمع وتقدمه واستمراره (المواد 18، 20 من الدستور) بحكم طبيعة التعليم وغاياته التي تقوم أساساً على توفير التأهيل العلمي والفني للشباب وتمكينه من تحمل مسئولية توفير الإنتاج والخدمات اللازمة له فضلاً عن الإسهام في تقدم المجتمع ورقيه، وحتى يتم التحقق من تمام هذا التأهيل العلمي على أكمل وجه حرص المشرع على وضع نظام الامتحانات وتنظيمها على أساس أداء الامتحان بنوعيه الشفوي والتحريري على نحو واقعي وجدي وصحيح بما يكشف عن قدرة الطالب في التحصيل والفهم والاستيعاب وقد جرت النصوص السالف بيانها على تفصيل طريقة الامتحان والمختص بوضع الأسئلة وإجراء الامتحان وتشكيل اللجان وواجبات الممتحنين بل لقد حرص المشرع على تحديد اختصاصات المسئولين بالجامعات على نحو يمنع الغموض واللبس ويحول دون تجاوز الاختصاصات فاختصاصات مجلس الكلية على نحو ما ورد تفصيلاً في المادة (41) من قانون تنظيم الجامعات من بينها تشكيل لجان الامتحان وواجبات الممتحنين وإقرار مداولات لجان الامتحان وإقرار نتائج الامتحانات، كما يختص عميد الكلية وفقاً لنص المادة (42) من القانون على تنفيذ قرارات مجلس الكلية فلا يدخل في اختصاص عميد الكلية أن يحل نفسه - وعلى ما ذهب الطاعن - محل أحد عضوي لجنة الامتحان في مادة قاعة البحث وتصحيحها وهو أن فعل ذلك يغدو متجاوزاً اختصاصه، كذلك فإن مجلس الكلية يقف بسلطانه عند حد إقرار نتائج الامتحانات الواردة إليه من لجان الامتحان المختلفة ومن اللجنة العامة المنصوص عليها في المادة (71) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والتي تعرض عليها نتيجة الامتحان لمراجعتها واقتراح ما تراه في شأن مستوى تقديرات الطلاب بالنسبة للمقررات المختلفة ويدون محضر باجتماع اللجنة وتعرض مداولاتها على مجلس الكلية لإقرارها وعلى ذلك فإن لجنة الامتحانات العامة هي المختصة بمراجعة نتيجة الامتحان ثم عرض ما تنتهي إليه على مجلس الكلية لإقراره ولما كان الثابت أن مجلس كلية الآداب جامعة المنيا قد أقر النتيجة النهائية للسنة التمهيدية للحصول على الماجستير والتي أعلن فيها عن رسوب الطاعن بسبب حصوله على (12 درجة) من (20 درجة) في مادة قاعة البحث، ومن ثم لا يقبل بعد ذلك قول لعميد الكلية أو لمجلس الكلية بأن الطاعن يستحق النجاح في تلك المادة والذي كان مجاله قبل إقرار مجلس الكلية لنتيجة الامتحان أو أن يعيد النظر فيما انتهت إليه لجنة الامتحانات وإعادة الأمر إليها لترى فيه رأيها بتعديل النتيجة أو بالإبقاء عليها فإذا كان المجلس قد اعتمد النتيجة برسوب الطاعن فهي النتيجة التي يعتد بها ويعول عليها قانوناً بعد استيفائها كافة مراحلها المقررة في قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية.
ومن حيث إنه لا مقنع قانوناً فيما ذهب إليه الطاعن من أن أستاذ المادة الذي حرر إليه العميد، أقر فيما بعد أحقية الطاعن في النجاح بعد أن اطلع على البحث المقدم منه (الحق في القرآن الكريم) إذ أن التقدير الذي أعطاه إياه في البداية كان تقديراً مؤقتاً وقبل أن يطلع على البحث، وأرجع الطاعن قوله إلى صدور الإقرار المنسوب إلى أستاذ المادة وعضوية لجنة الممتحنين والذي أصبح عميداً لكلية الدراسات العربية والممهور بتوقيعه وبخاتم كلية الدراسات العربية شئون الطلاب، وهذا الحكم ليؤكد صدور الإقرار منه بعد تركه كلية الآداب إلى كلية الدراسات العربية وقد تضمن هذا الإقرار أنه "حيث إن الطالب قد نجح بتقدير "جيد" في جميع المواد ما عدا مادة "قاعة بحث" فقد حصل على اثنتي عشرة درجة "مقبول" وقد اطلعت على صورة من البحث المقدم، وعنوانه "الحق في القرآن الكريم" وأرى شخصياً وكعضو في لجنة الممتحنين وكأستاذ للمادة أن "البحث يمكن رفعه إلى أربع عشرة درجة "جيد" حتى يمكن نجاح الطالب والأمر معروض على عميد الكلية لاتخاذ اللازم علماً بأن أي إقرارات سابقة بعدم الموافقة تعتبر لاغية لأنها سابقة لتاريخ الالتماس وقبل الاطلاع على صورة البحث المرفق - فهذا الإقرار لم يعتد به المشرع كورقة رسمية يمارس من خلاله الأستاذ ما أسند إليه من قبل المشرع من أعمال الامتحانات فهو بإقراره لا يمارس عمله كعضو لجنة ممتحنين والتي حدد المشرع نطاقها بورقة الامتحان فقط والقول بغير ذلك يجرد ورقة الامتحان كورقة رسمية من كل قيمة ومدلول بينما هي الوثيقة الرسمية الأساسية التي يعتمد عليها القانون واللائحة التنفيذية في إثبات ما أداه الطالب من إجابات يقدر نجاحه ورسوبه ومرتبته على أساسها الأساتذة المصححون وترصد فيها لجنة الإشراف على الامتحان درجاته وينبني على كل ذلك النتيجة التي تعلنها الكلية لما أسفر عنه الامتحان ولا شك في أنه يخالف نظم الامتحانات الجامعية التي تنظم تصحيح الورقة المذكورة من عضوي لجنة الامتحان وليس من أحدهما، والأخذ بما ورد بالإقرار يجعل ورقة امتحان الطاعن ومنحه (12) درجة لغواً ويجرد قرار عضو اللجنة الآخر برسوب الطاعن من مضمونه، وبالتالي فلا قيمة قانونية لإقرار أستاذ المادة خارج نطاق الامتحان أو أوراق الإجابة على الامتحان ذاتها ما لم يكن ذلك له سنده السليم قانوناً وواقعاً في مجال الامتحان وفي ورقة الإجابة أما ما ورد بهذا الإقرار من أنه منح الطاعن (12) درجة من (20) درجة بتقدير مقبول وأن هذا التقدير يعد لاغياً لأنه سابق على تاريخ الالتماس وقبل الاطلاع على صورة البحث المرفق - هذا الإقرار يفترض أن أستاذ المادة موقع الإقرار قد منح الطاعن درجة مقبول (12) من (20) درجة دون الاطلاع على البحث وإقراره على نفسه بهذا - وبفرض ثبوته وصحة صدوره عنه بإرادة سليمة - يجرده من الأمانة العلمية ومن الاتصاف بالموضوعية وبالعدالة في ممارسة عمله، وخاصة في تصحيح أوراق إجابات الطلاب، كما أن الإقرار بالاطلاع على صورة البحث المرفق بالتماس الطاعن، وبعد اعتماد نتيجة الامتحان برسوبه يجرد موقع الإقرار من فضيلة احترام النظام والقانون والأمانة والخلق القويم إذ كيف يتأتى له الاطلاع على البحث دون أن يحال إليه ذلك بصفة رسمية وكيف يطلع عليه وقد بعد عن كلية الآداب وأصبح يشغل منصباً آخر خارجها (عميداً لكلية الدراسات العربية) - وكان حرياً به أن ينأى بنفسه عن إثبات مثل هذا الأمر والبعد عن مواطن الشبهات وكان أولى به أن يقف عند حد الانحراف بالخطأ في تصحيح البحث، دون أن يتجاوز ذلك إلى قبول البحث وهو غير مختص بذلك في وقت عمله بعيداً عن كلية الآداب وأن يصححه ويعطيه أيضاً درجة مغايرة من الرسوب إلى النجاح مع القول بأنه لم يقرأه قبل ذلك إذ أن هذا عمل يتنزه عنه أساتذة الجامعات الذين خاطبهم القانون رقم (49) لسنة 1972 في المادة (96) منه بأن عليهم التمسك بالتقاليد والقيم الجامعية الأصيلة والعمل على بثها في نفوس الطلاب وأولها أن يكون موضوعياً وعلميا ونزيهاً وينصف الطلاب في إطار الشرعية وبمراعاة الأسس والمبادئ والقيم الجامعية بينما هو بإقراره لم يراع التقاليد والقيم الجامعية الأصلية وخرج عليها بإقراره أنه قد صحح البحث وقدره دون قراءة ثم أقره وهو غير مختص بما يهدر ما ورد بإقراره ولا يعتد به قانوناً في مجال نتيجة الطاعن والتي تبقى كما أقرها مجلس الكلية، وإن كان يعتد بالإقرار في مجال مساءلة الأستاذ موقع الإقرار فيما ورد بإقراره لو صح صدوره منه في ضوء ما سلف بيانه وغني عن البيان أنه ما دام أن رأي المستشار القانوني لوزير التعليم قد بني على إقرار أستاذ المادة المشار إليه وقد ثبت بطلان وفساد الإقرار على النحو السالف ومن ثم لا يعتد بالرأي الذي بني على هذا الإقرار وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذات المذهب وقضى برفض الدعوى فمن ثم يكون قد صادف صحيح القانون.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول طلبات الطاعن المعدلة التي أبداها لأول مرة أمام دائرة فحص الطعون، وبقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.