جلسة 23 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.
----------------
(76)
الطعن رقم 8262 لسنة 58 القضائية
(1) سرقة "بالإكراه". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى إثارة الطاعن انتفاء نية السرقة بالنسبة للسيارة متى ثبت ارتكابه وآخرين جناية سرقة النقود المؤثمة بالمادة 315 عقوبات.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
النعي بأن الواقعة لا تعدو جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة وليست جناية سرقة. منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة.
(3) سرقة. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم مساهمة الطاعن في جريمة السرقة التي قارفها ودبر أمرها مع باقي المتهمين. كفايته لمساءلته كفاعل أصلي.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه من الأوراق.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(5) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتعذر الرؤية" "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتعذر الرؤية أو بتلفيق التهمة موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً.
(6) سرقة. ظروف مشددة.
الليل كظرف مشدد في السرقة. يقصد به الفترة بين غروب الشمس وشروقها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها"
خضوع أدلة الدعوى لتقدير القاضي في جميع الأحوال. ولو كانت أوراقاً رسمية. ما دام الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما سرقا وآخرين سبق الحكم عليهم - السيارة رقم...... أجرة الإسكندرية المملوكة لـ........ ومبلغ النقود المبين القدر بالتحقيقات المملوك لـ...... وذلك في طريق عام وبالتهديد باستعمال السلاح بأن استقلوا السيارة التي كان يقودها المجني عليه الثاني وأشهروا في وجهه مدى فأوقعوا الرعب في نفسه وتمكنوا بهذه الوسيلة من الاستيلاء على السيارة ومبلغ النقود سالف الذكر. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315/ 1 - 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين وآخرين بجريمة السرقة ليلاً في طريق عام وبطريق التهديد باستعمال السلاح قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة المعاقب عليها بالمادة 323 مكرراً "أولاً" من قانون العقوبات لعدم توافر نية السرقة بدلالة ما قرره المجني عليه من أن أحد المتهمين طلب منه الذهاب لأخذ سيارته وقد عثر عليها بعد ذلك سليمة، هذا إلى أن الحكم دان الطاعن الأول على الرغم من أنه لم يضبط أثناء ارتكاب الجريمة ولم ينسب إليه أي من المتهمين الآخرين قيامه بأي دور فيها، كما عول على أقوال المجني عليه رغم تضاربه في تحديد مقدار المبلغ المسروق، هذا فضلاً عن أن التهمة ملفقة له من ضابط المباحث الذي تعمد إقحام اسمه في تحرياته، ومن ناحية أخرى فإن الحكم أخذ بما جاء بوصف النيابة العامة للتهمة من تاريخ للواقعة يخالف ما قرره المجني عليه والضابط كما استند الحكم في إدانة الطاعن الثاني إلى أقوال المجني عليه بجلسة المحاكمة من أنه كان من بين الجناة مع تراخي أقواله إلى ما بعد الحادث بمدة طويلة وتعذر الرؤية لوقوع الحادث ليلاً، كما أن الحكم قد التفت عن الشهادة الرسمية المقدمة منه والتي تفيد أنه كان بالخدمة وقت الحادث ولم يبين علة ذلك. مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وأقوال ضابط المباحث وتحرياته واعتراف اثنين من المتهمين الآخرين السابق الحكم عليهم وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى مؤداه أنه أثناء قيادة المجني عليه لسيارته الأجرة في الطريق العام استوقفه الطاعنان وآخرون سبق الحكم عليهم وطلبوا منه توصيلهم لجهة.... فاستجاب لهم وأثناء سيره فوجئ بأحدهم يضع سكيناً على رقبته وشهر الآخرون مدى في وجهه وهددوه باستعمالها واستولوا منه تحت هذا التهديد. على مبلغ سبعين جنيهاً ثم أنزلوه من السيارة وفروا بها هاربين ومن ثم فلا يجدي الطاعن الأول ما يثيره بشأن عدم توافر نية السرقة بالنسبة للسيارة الأجرة وأن هذه الواقعة مجرد جنحة ما دام قد ثبت في حقه وباقي الجناة مقارفتهم جناية سرقة نقود المجني عليه المنصوص عليها في المادة 315 من قانون العقوبات والتي تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه هذا فضلاً عن أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة وليست جناية سرقة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن الأول أنه قد ساهم في جريمة السرقة التي قارفها ودبر أمرها مع المتهمين الآخرين بأن رافقهم في السيارة الأجرة وشاركهم في ارتكابها استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا ينازع هذا الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنها وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض رواية الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة وكان الدفع بتعذر الرؤية أو بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. فإن كل ما يثيره الطاعنان عن شهادة المجني عليه سواء ما تعلق منها بتناقضه في شأن تحديد المبلغ أو أن شهادته بالجلسة جاءت بعد الحادث بفترة طويلة أو تعذر الرؤية لضعف الإضاءة أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الليل كظرف مشدد في السرقة يقصد به الفترة من غروب الشمس وشروقها وعلى ذلك فإن الجزء الأول حتى منتصف الليل يدخل في تاريخ النهار السابق عليه والجزء الأخير منه يتبع اليوم التالي له. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن الحادث وقع في ليلة..... وليس يوم...... كما يدعي الطاعن الأول في طعنه ومن ثم فإنه على فرض صحة ما يقرره هذا الطاعن من أن المجني عليه والضابط قررا أن الحادث وقع يوم....... فإنه لا تعارض بين التاريخين إذ المستفاد من أقوال المجني عليه بجلسة المحاكمة أن الحادث وقع في حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان الحكم قد عرض للشهادة المقدمة من الطاعن الثاني والتي تفيد أنه كان في خدمة وقت الحادث والتفت عنها لعدم اطمئنانه إليها وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه من أن الطاعنين من بين الجناة مرتكبي الحادث وأطرحت الشهادة التي قدمها الطاعن الثاني لعدم الاطمئنان إليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.