الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 أكتوبر 2023

الطعن 482 لسنة 39 ق جلسة 23 / 2 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 ق 97 ص 511

جلسة 23 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الفقى، وأحمد سيف الدين سابق، ومحمد عبد الخالق البغدادى، وسليم عبد الله سليم.

------------------

(97)
الطعن رقم 482 لسنة 39 القضائية

(1) إثبات "الإقرار".
الإقرار. اعتراف شخص بحق عليه لآخر، لا بانشاء الحق فى ذمته.
(2) محاماه "أتعاب المحامى". وكالة.
عمل المحامى لا ينتهى إلا بصدور الحكم. الاتفاق على الأتعاب قبل صدور الحكم. هو اتفاق قبل الانتهاء من العمل.
(3) وكالة. التزام. محاماه "أتعاب المحامى".
التزام الوكيل بأجر فى تنفيذ التزامه. التزام ببذل عناية. جواز الاتفاق على أن يكون التزاما بتحقيق غاية. مثال. الاتفاق على استحقاق المحامى للأتعاب عند كسب الدعوى.
(4) محاماة "أتعاب المحامى" "بطلان" بطلان التصرفات.
اتفاق المحامى على استحقاقه أتعابا بنسبة معينة من المطلوب أو مما يحكم به فى الدعوى. باطل بطلانا مطلقا. م 44 ق 96 لسنة 1957.
(5) قانون "سريانه من حيث الزمان". عقد.
الأصل سريان أحكام القوانين على ما يقع من تاريخ العمل بها. عدم جواز تطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه.
(6) محاماة "أتعاب المحامى" بطلان "بطلان التصرفات".
بطلان الاتفاق على استحقاق المحامى أتعابا بنسبة معينة مما يطلب أو يحكم به فى الدعوى. ق 96 سنة 1957 انصراف البطلان إلى تحديد قيمة الأتعاب. وجوب تقدير القاضى للأتعاب فى هذه الحالة.
(7) إلتزام "الإرادة المنفردة". عقد. محاماه "أتعاب المحامى".
الوعد بالجائزة. أركانه. م 162 توجيه الوعد لشخص معين لا يعد وعدا بجائزة. مثال بشأن الاتفاق على أتعاب المحامى.
(8) عرف. قانون.
وجود نص تشريعى. أثره. عدم جواز التحدى بالعرف.
(9) محاماه "أتعاب المحامى". محكمة الموضوع.
عناصر تقدير أتعاب المحامى المبينة بالمادة 44 ق 96 لسنة 1957. ليست واردة على سبيل الحصر. لمحكمة الموضوع عند تقديرها للاتعاب إضافة عناصر أخرى كالمنفعة التى عادت على الموكل.
(10) نقض "السبب المجهل" محاماه. حكم "القصور".
عدم بيان الطاعن أوجه التناقض بين أحكام قانون المحاماه 96 لسنة 1957 وميثاق العمل الوطنى وما أغفل الحكم الرد عليه. نعى مجهل غير مقبول. عدم كفاية الإحالة فى ذلك إلى المذكرة المقدمة بالملف الابتدائى.
(11) فوائد. التزام. محاماة "أتعاب المحامى".
سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. شرطه. أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب. المقصود بذلك. ألا يكون للقضاء سلطة فى تقديره. مثال بشأن أتعاب المحامى.

---------------
1 - الإقرار هو من اعتراف شخص بحق عليه لآخر بحيث لا يكون القصد هو إنشاء الحق فى ذمته.
2 - عمل المحامى لا ينتهى إلا بصدور حكم فى الدعوى وكل اتفاق بشأن أتعاب المحامى قبل صدور هذا الحكم يكون قد تم قبل الانتهاء من العمل وهو ما يتفق وما نصت عليه المادة 810 من قانون المرافعات السابق المطابقة للمادة 75 من القانون القائم من أن "التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها أو الدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم فى موضوعها فى درجة التقاضى التى وكل فيها.
3 - نصت المادة 704/ 2 من القانون المدنى على أنه "إذا كانت الوكالة بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائما فى تنفيذها عناية الرجال المعتاد". مما مفاده أن التزام الوكيل فى تنفيذ الوكالة هو التزام ببذل عناية لا إلتزاما بتحقيق غاية، إلا أنه لا شئ يمنع من الاتفاق على أن يكون التزام الوكيل بتحقيق غاية ومن ذلك أن يتفق الموكل مع المحامى على ألا يستحق الأتعاب أو على ألا يستحق المؤخر منها إلا إذا كسب الدعوى.
4 - الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته فى العقد، إلا أن المشرع لاحظ أن مركز المتعاقدين فى بعض العقود لا يكون متكافئا بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوى فى الآخر الضعيف فيستغله أو يعنته بشروط قاسية فتدخل فى هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلا كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقا لا يزول أثره بالاجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضى من تلقاء نفسه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى، ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع فى المادة 44 من قانون المحاماه رقم 96 لسنة 1957 من نهى المحامى عن الاتفاق على مقابل ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها، ونهيه بصفة عامة عن كل اتفاق من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى - وقد جرى قضاء هذه المحكمة - باعتبار كل اتفاق من هذا القبيل باطلا.
5 - الأصل أنه لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضى لتطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت فى الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضى عند بحثه فى هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون السارى عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار.
6 - تقضى المادة 44 من قانون المحاماه رقم 96 لسنة 1957 بأنه لا يجوز للمحامى أن يتفق على أجر ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها، وبصفة عامة لا يجوز له أن يعقد اتفاقا من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى وأن كل اتفاق من هذا القبيل يعتبر باطلا. والبطلان فى هذا الحالة إنما ينصرف إلى تحديد قيمة الأتعاب المتفق عليها ولا يترتب عليه حرمان المحامى من الأتعاب ما دام قد قام بالعمل الموكل فيه وإنما يكون على القاضى أن يستبعد التقدير المتفق عليه ويقوم هو بتقدير أتعاب المحامى وفقا لما يستصوبه.
7 - الوعد بالجائزة على ما تشترطه المادة 162 من القانون المدنى، يقوم أساسا على توافر أركان معينة منها أن توجه الإراده إلى الجمهور أى إلى أشخاص غير معينين فإذا ما وجهت إلى شخص معين خرجت عن أن تكون وعدا بجائزة وسرت عليها قواعد الإيجاب فلا بد أن يقترن بها القبول وتصبح عقدا لا إرادة منفردة، وإذ كان الإقرار موضوع النزاع لا يعدو أن يكون اتفاقا بين الطاعن وموكليه على قدر الأتعاب المستحقة له فإن شروط المادة 162 سالفة الذكر تكون قد تخلفت ويكون الحكم فيما انتهى إليه قد صادف صحيح القانون.
8 - النص فى المادة الأولى من القانون المدنى على أن تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها هذه النصوص فى لفظها أو فى فحواها. فإذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه حكم القاضى بمقتضى العرف مفاده أنه، - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز التحدى بالعرف، إلا إذا لم يوجد نص تشريعى.
9 - نصت فى المادة 44 من قانون المحاماه 96 لسنة 1957 - الذى تم توكيل الطاعن فى ظله - على أن يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامى ومن المقرر أن هذه العناصر ليست واردة على سبيل الحصر ومن ثم فليس ما يمنعه محكمة الموضوع من أن تدخل فى الاعتبار عند تقديرها الأتعاب إلى جانبها ما تراه من عناصر أخرى مثل ما عاد على الموكل من منفعة مباشرة بسبب جهد المحامى.
10 - إذ كان الطاعن لم يبين أوجه التناقض بين أحكام القانون 96 لسنة 1957 وميثاق العمل الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 والتى يقول إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أهمل أثرها فى إلغاء هذا القانون وشابه القصور إذ لم يحصلها وأغفل الرد عليها واكتفى الطاعن بالإحالة فى ذلك إلى ما جاء بالمذكرة المقدمة منه فى الملف الابتدائى دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما يتحدى به، فإن النعى يكون مجهلا وغير مقبول.
11 - اشترطت المادة 226 من القانون المدنى لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب. والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة فى التقدير وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الاتفاق موضوع الدعوى بخصوص ما تضمنه من تحديد الأتعاب بنسبة 25% وقدر فى حدود سلطته الموضوعية أتعاب الطاعن - محام - بمبلغ 325 جنيها ثم اعتبر هذه الأتعاب غير معينة المقدار وقت الطلب ورتب على ذلك أن الفوائد المستحقة عن المبلغ المحكوم به لا تسرى إلا من تاريخ صدور الحكم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أنه بتاريخ 5/ 7/ 1967 استصدار الطاعن أمرا من قاضى الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية ضد موكليه المطعون ضدهم الاثني عشر الأول بتقدير أتعابه بمبلغ 7431 جنيها وتوقيع الحجز التحفظي تحت يد مدينيهم باقي المطعون ضدهم مع تحديد جلسة لنظر موضوع المنازعة، وبتاريخ 6/ 12/ 1967 قام الطاعن بتوقيع الحجز وأعلن المحجوز لديهم والمحجوز عليهم بالحضور أمام محكمة القاهرة الابتدائية لسماع الحكم بالزام المحجوز عليهم بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ 7431 جبيها والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وصحة إجراءات الحجز وجعله نافذا وقيدت الدعوى برقم 3440 لسنة 67 مدنى كلى القاهرة وقال في بيانها أن المحجوز عليهم سبق أن وكلوه في الحضور عنهم في القضية رقم 941 سنة 1963 مدنى كلى القاهرة المرفوعة منهم بالمعارضة في تقدير أرض مملوكة لهم مساحتها 4954 مترا مربعا نزعت ملكيتها للمنفعة العامة لمشروع إقامة مدرسة وقد جاء توكليهم إياه في الحضور عنهم بعد أن كانت قد قطعت شوطا أمام المحكمة وبعد أن تم ندب خبير فيها قدر قيمة الأرض بمبلغ أربعة جنيهات للمتر وهو تقدير يقل عن طلباتهم في الدعوى (15 جنيه للمتر) ويزيد على تقدير لجنة المنافع العامة (3.5 جنيه للمتر) وبعد أن وكلوه حرروا على أنفسهم إقرارا بتاريخ 13/ 4/ 1967 تعهدوا فيه بأن يدفعوا له 25 % من قيمة الزيادة التي تقررها المحكمة في ثمن المتر المربع الواحد على ما قدره الخبير، وأنه بجلسة 21/ 4/ 1967 فصل في الدعوى السالفة بتعديل ثمن المتر إلى عشرة جنيهات أي بزيادة ستة جنيهات عن كل متر على ما قدره الخبير وبذلك يكون مجموع الزيادة 29742 جنيها يستحق فيها الربع بمبلغ 7431 جنيها وهو المبلغ المطالب به كأتعاب والذى توقع الحجز نفاذا له. تظلم المحجوز عليهم من هذا الأمر وقيدت دعواهم برقم 3675 سنة 1967 مدنى كلى القاهرة. وبحلسة 1/ 4/ 1968 قضت المحكمة: أولا في الدعوى 3440 سنة 1967 بالزام المدعى عليهم الاثني عشر الأول متضامين بأن يدفعوا للمدعى مبلغ 275 جنيها والمصروفات المناسبة ورفضت ماعدا ذلك من طلبات (ثانيا) في الدعوى 3675 سنة 1967 بقبول التظلم شكلا وفى الموضوع بإلغاء أمر الحجز التحفظي وتقدير الدين رقم 227 سنة 1967 كلى القاهرة المتظلم منه وما يترتب عليه من حجز والزمت المتظلم ضده الأول المصروفات.
لم يقبل الطرفان هذا الحكم فطعنا عليه بالاستئنافين رقمي 1269، 1304 سنة 85 ق القاهرة وبتاريخ 22/ 5/ 1969 قضت المحكمة أولا: بقبول الاستئنافين شكلا وثانيا: بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدهم من العاشر إلى الحادي والعشرين في الاستئناف رقم 1269 لسنة 85 ق بأن يدفعوا متضامين للطاعن مبلغ 275 جنيه والفوائد بواقع 4% سنويا من تاريخ صدور هذا الحكم حتى السداد مع أحقية في قبض مبلغ الخمسة وعشرين جنيها السابق عرضها وإيداعها وصحة تثبيت الحجز المتوقع تحت يد المحجوز لديهم وجعله حجزا نافذا. طعن الطاعن بطريق النقض فى هذا الحكم وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض على المحكمة بغرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على واحد وعشرين سببا حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه كيف الإقرار المؤرخ في 13/ 4/ 1967 بأنه اتفاق على تحديد أتعاب الطاعن ومقدارها بمقولة أن هذا الإقرار مسبوق بإيجاب من جانب المحامي بطلب هذه الأتعاب فجاء الإقرار معبرا عن قبول هذا الإيجاب - فخالف الحكم بذلك صحيح الثابت من سند الإقرار الذى لم يوقع من غير المقرين بما فيه وخالف أحكام المادة 150/ 1 من القانون المدني بانحرافه عن عبارة الإقرار الواضحة من طريق تفسيرها بحجة التعرف على أرادة عاقديها حالة عدم وجود طرف ثان به وعدم وجود توقيع لآخر عليه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير المحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود أطرافها مستعينة في ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابساتها بغير رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك طالما كان تفسيرها مما تحتمله عبارة هذه المحررات ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها كما أن الإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر بحيث لا يكون القصد منه هو إنشاء الحق في ذمته، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد نص الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 الذي تجري عبارته بالآتي: "نقر نحن الموقعين على هذا بأن يؤدى كل منا حسب نصيبه الشرعي إلى الأستاذ..... الوكيل عنا في القضية رقم 941 لسنة 1963 كلى مدنى القاهرة نسبة قدرها 25% من قيمة صافي الزيادة التي تقررها المحكمة عن ثمن المتر المربع الواحد عن أربعة جنيهات الواردة في تقرير السيد الخبير..." وعرض لعبارات إقرار آخر مؤرخ في 12/ 12/ 1966 ثم خلص إلى أن التكييف الصحيح للإقرارين وفق ما يتضح من صيغتهما والظروف الملابسة لتحريرهما إنهما اتفاقا على تحديد أتعاب المحاماة وبيان مقدارها قائلا إن هذين الإقرارين كانا مسبوقين بإيجاب من جانب المحامي بطلب هذه الأتعاب فجاءا للتعبير عن قبول هذا الإيجاب وأن تسجدا في صورة إقرارين، وكان الموكلون (المطعون ضدهم) قد قصدوا بالإقرار إنشاء الحق في ذمتهم بالتزامهم بدفع أتعاب لوكيلهم مقابل قيامه بأعمال الوكالة ولا يعترفون له بحق عليهم فان ما أنتهى إليه الحكم من أن الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 ما هو إلا انفاق على تحديد أتعاب الطاعن وبيان مقدارها دون أن يتقيد بالألفاظ الواردة فيه لا يعد انحرافا عن المعنى الظاهر للسند بعد أن تبين حقيقة فصد المتعاقدين من تحريره، ويكون النعي بهذا السبب في غير محله. وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والخامس والسادس مخالفة القانون والقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وقال الطاعن في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه أبطل إقرار 13/ 4/ 1967 تأسيسا على أنه صدر من المطعون ضدهم لوكيلهم قبل انتهاء مهمته في دعواهم حالة أن الثابت بالأوراق أودع مذكرته بدفاع موكليه بتاريخ 12/ 4/ 1967 وكان هذا الإيداع خاتم أعماله في الدعوى وصدر إقرارهم بالأتعاب لاحقا على هذا العمل وقد فصل الطاعن ذلك في مذكرته إلا أن الحكم أغفل الرد عليه مما يجعله مشوبا بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق فضلا عن مخالفة القانون الذى لم يشترط انتهاء الوكالة فكل ما اشترطته المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 هو انتهاء العمل ولا محل لما قاله الحكم من أن عمل المحامي لا ينتهى إلا بصدور حكم فى الدعوى إذ أن للمحامي أن يشترط أتعابا في أي وقت مقابل عمله وطبقا لما أستقر عليه القضاء من أن تقدير الأجر بعد إتمام العمل لا يخضع لتقدير القاضي، وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن "تحديد الزيادة بنسبة 25% من ثمن كل متر هو تحديد باطل بطلانا مطلقا وفقا لأحكام المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 التي حرمت تحديد الأتعاب بهذه الطريقة أثناء تنفيذ المحامي للوكالة، وواضح أن هذا الاتفاق انعقد قبل إنهاء المحامي لمهمته وذلك لحصوله قبل صدور الحكم في الدعوى التي انصبت الوكالة على المرافعة فيها". وقد جاء بالحكم المستأنف الذي أخذا الحكم الطعون فيه بأسبابه أنه "لا يؤثر في ذلك كون الاتفاق قد تم بعد حجز الدعوى المذكورة للحكم وفى خلال الأجل المحدد لتقديم المذاكرات بل وبعد تقديم هذه المذكرات وانقضاء مواعيدها، ذلك أنه وفضلا عن أن قرار حجز الدعوى للحكم ليس من شأنه أن يمنع المحكمة من إعادتها إلى المرافعة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أي من الخصوم فإن القاعدة المسلمة أن وكالة المحامي لا تقضي إلا بعد صدور الحكم في موضوع الدعوى أمام درجة التقاضي الموكل فيها ومن ثم تبقى هذه الوكالة قائمة إلى حين صدور ذلك الحكم"، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تولى الرد تفصيلا على ما أثاره الطاعن مقررا أن عمل المحامي لا ينتهي إلا بصدور حكم في الدعوى وأن كل اتفاق بشأن أتعاب المحامي قبل صدور هذا الحكم يكون قد تم قبل الانتهاء من العمل وهو ما يتفق وما نصت عليه المادة 810 من قانون المرافعات السابق المطابقة للمادة 75 من القانون القائم من أن "التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها أو الدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم في موضوعها في درجة التقاضي التي وكل فيها" فضلا عن أن نصوص الإقرار قاطعة في عدم استحقاق الطاعن للأتعاب الواردة به إلا بعد صدور حكم نهائي في الدعوى وبعد قبض صافى الزيادة التي يحكم بها، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذه الأسباب على غير أساس، وحيث إن حاصل السبب الرابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيق وتفسيره وفى بيان ذلك قال الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد حول التزام المحامي إلى التزام - بتحقيق غاية عندما قيد صحة اتفاقه وموكله على الأتعاب في إقرار 13/ 4/ 1967 بشرط انتهاء وكالة المحامي وصدور حكم الدعوى التي وكل فيها رغم عدم وجود حكم بذلك في المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 وحالة أن التزام المحامي في عمله ليس التزام بتحقيق غاية بل هو التزام ببذل عناية وأن أجر المحامي لا يرتبط تقديره أو تحديده بانتهاء وكالته سواء بإتمام العمل الموكل فيه أو بانتهاء الأجل المعين للوكالة، كما لا يرتبط اتفاق المحامي على تحديد أتعابه أو مطالبته بتقديرها بصدور حكم في الدعوى الموكل فيها وإنما يجوز له الاتفاق وطلب تقدير الأتعاب على كل عمل يؤديه لفائدة موكله فيحق له الاتفاق على تقاضى عن تقاضى أتعابه عن حضور كل جلسة أو عن كل إعلان أو تنبيه أو أعذار أو مذكرة في الدعوى وتقضى المادة 44 سالفة الذكر بأن المحامي أن يشترط في أي وقت أتعابا مقابل عمله ويقع صحيحا كل اتفاق يعقده المحامي مع موكله على أتعابه عن وحدات العمل.
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك بأنه وأن كانت المادة 704/ 2 من القانون المدني على أنه "إذا كانت الوكالة بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائما في تنفيذها عناية الرجال المعتاد" مما مفاده أن التزام الوكيل في تنفيذ الوكالة هو التزام ببذل عناية لا التزاما بتحقيق غاية، إلا أنه لا شيء يمنع من الاتفاق على أن يكون التزام الوكيل بتحقيق غاية ومن ذلك أن يتفق الموكل مع المحامي على ألا يستحق الأتعاب أو على ألا يستحق المؤخر منها إلا إذا كسب الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت بالإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 أن الطاعن لا يستحق الأتعاب المبينة به إلا بعد صدور حكم نهائي في الدعوى بزيادة ثمن المتر عن أربعة جنيهات فان التزام الطاعن وفق هذا الإقرار يكون التزاما بتحقيق غاية ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب السابع والثامن والتاسع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه تفسيره وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 بطلانا مطلقا يقع من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تقريره بحكم قضائي ولا تصححه إجازة ولا يرد عليه سقوط حالة أن هذا الإقرار لا يبطل حتى على فرض صدوره قبل انتهاء الطعن من عمله وإنما يخضع فقط لسلطة القاضي في تعديل الأتعاب ذلك أن الالتزام الذى قراره الموكلون بمقتضى الإقرار لا يمس النظام العام ولا يخل بالآداب ولا يمس إلا ذمتهم، وحتى على فرض وجود بطلان فإنه لا يأخذ شكل البطلان المطلق ذلك أن حكمة النص على تدخل القاضي بسلطته في تعديل الإقرار أو الاتفاق على الأتعاب المخالفة لأحكام المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 هي حماية الموكل من تأثيرات نفسه وأفكاره الشخصية التي تحوطه عند التعاقد مع محاميه ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره حينما قرر بطلان الإقرار.
وحيث إن النعي مردود ذلك بأنه وإن كان الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته في العقد إلا أن المشرع لاحظ أن مركز المتعاقدين في بعض العقود لا يكون متكافئا بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوي في الآخر الضعيف فيستغله أو يعامله بشروط قاسية فتدخل في هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلا كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقا لا يزول أثره بالأجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه في أية مرحلة من مراحل الدعوى، ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع في المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 من نهي المحامي عن الاتفاق على مقابل ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب في الدعوى أو ما يحكم به فيها ونهية بصفة عامة عن كل اتفاق من شأنه أن يجعل له مصلحة في الدعوى - وقد جرى قضاء هذه المحكمة - باعتبار كل اتفاق من هذا القبيل باطلا، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في أعمال المادة 44 من قانون المحاماة سالف الذكر الذى تم توكيل الطاعن في ظله وأعتبر الاتفاق المؤرخ 13/ 4/ 1967 باطلا بطلانا مطلقا فإن النعي بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب العاشر والحادي عشر والثاني عشر مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره والقصور في التسبيب وتناقضه وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى عدم انطباق قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 على مادة النزاع بحجة أن الإقرار أبرم وتحقق بطلانه يوم صدوره في 13/ 4/ 1967 في ظل قانون المحاماة الملغى رقم 96 لستة 1957 فيبقى محكوما بنصوصه فعاب الحكم مخالفة القانون الحالي الواجب التطبيق باثر فورى من تاريخ نشرة كما عابه تطبيق القانون رقم 96 لسنة 1957 بعد إلغائه رغم أن القوانين الجديدة يعمل بها من وقت صدورها ويبطل في الحال العمل بالقوانين السابقة. كما ذهب الحكم إلى أن تطبيق القانون الجديد على الإقرار يؤدي إلى أعماله بأثر رجعي ويمس الحق المكتسب للمطعون ضدهم في بطلان الإقرار بينما استند الحكم إلى ذات الإقرار في القضاء للطاعن بحسب الأتعاب التي قضى له بها فتناقضت بذلك أسبابه وخالف القانون لأن البطلان المزعوم لم يستقر الحكم فيه حتى صدور القانون الجديد الذي قرر مشروعية الاتفاق بإزالة أسبابه بإلغاء الشارع قيود اتفاقات المحامين مع موكليهم في المادة 44 من القانون رقم 96 لسنة 1957 واطلاق هذه الاتفاقات في المادة 10 من القانون رقم 61 لسنة 1968 ومن ثم لا يكتسب المطعون ضدهم أي حق في التمسك بهذا البطلان وان صدور تشريع جديد يبيح مثل هذا الاتفاق يرتد إلى وقت صدور الإقرار وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الإقرار رغم ذلك يكون قد خالف القانون فضلا عن وقوعه باطلا بسبب قصور تسبيبه لعدم رده على هذا الدفاع الجوهري الثابت بمذكرات الطاعن.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الأصل ألا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضي لتطبق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التي ترتبت في الماضي على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضي عند بحثه في هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون الذي نشأت في ظله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن المحكمة لا ترى "محلا للبحث فيما إذا كان قانون المحاماة الجديد رقم 61 لسنة 1968 قد جعل أمثال هذه الاتفاقات مشروعة من عدمه، لأنه حتى بفرض التسليم جدلا بأن القانون الجديد خالف أحكام قانون المحاماة القديم رقم 96 لسنة 1957 فى هذه الخصوصية فإن مثل هذا الاتفاق المنعقد بتاريخ 13/ 4/ 1967 يكون محكوما بنصوص القانون القديم وحده بإعتبار أنه أبرم وتم وتحققت آثاره فى ظله، إذ أنه أبرم وحقق أثره (وهو بطلان) قبل صدور قانون المحاماة الجديد باعتبار أن البطلان فى هذه الصورة هو بطلان مطلق يتحقق بوجود وقوعه ودون حاجة إلى صدور حكم بتقريره فالمطالبة بتطبيق أحكام القانون الجديد على مثل هذا الاتفاق تنطوى على مطالبة بسريانه على الماضى وعلى مخالفة لأحكام الاثر المباشر للقانون وعلى مساس بالحق المكتسب للموكلين فى البطلان الذى تقرر لصالحهم تلقائيا قبل أن يعمل بالقانون الجديد" فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم يتفق وصحيح القانون وفيه الرد الكافى على دفاع الطاعن بما يباعد بينه وبين عيب القصور، أما عن القول بوجود تناقض القضاء ببطلان الإقرار والحكم للطاعن بأتعاب استنادا إلى ذات الإقرار فهو مردود بما هو مقرر من أنه وإن كانت المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 بأنه لا يجوز للمحامى أن يتفق على أجر ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها وبصفة عامة لا يجوز له أن يعقد اتفاقا من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى وأن كل اتفاق من هذا القبيل يعتبر باطلا إلا أن البطلان فى هذا الحالة إنما ينصرف إلى تحديد قيمة الأتعاب المتفق عليها ولا يترتب عليه حرمان المحامى من الأتعاب ما دام قد قام بالعمل الموكل فيه وإنما يكون على القاضى أن يستبعد التقدير المتفق عليه ويقوم هو بتقدير أتعاب المحامى وفقا لما يستصوبه وهذا هو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بقوله. "وحيث أن الذى ببطل هذا الاتفاق هو ما تضمنه من تحديد للأتعاب بنسبة 25% سالفة الذكر ولكن هذا الاتفاق يكون صحيحا فيما تضمنه من أحكام أخرى انصرفت إليها إرادة المتعاقدين المفترضة وأخصها زيادة أتعاب المحاماة عن خمسين جنيها"... ومن ثم النعى بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالت عشر هو مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الإقرار موضوع النزاع له وصف الوعد بالجائزة بحكم صدوره عن الإرادة المنفردة لموكليه ويعفى لذلك من قيود اتفاقات المحامين المنصوص عليها بالمادة 44 من قانون المحاماة القديم وقد رد الحكم الابتدائى على ذلك بادعاء أن الجائزة المنصوص عليها المادة 162 من القانون المدنى لا تكون عن عمل ولا تكون لشخص معين كالوكيل وقد طعن على هذا الحكم بالاستئناف مبينا خطأ ما ذهب إليه الحكم المستأنف إذ أنه كما يجوز الوعد بها للناس كافة يجوز أن يكون لشخص معين ويجوز أن يتلقى الوعد بها محامٍ جزاء أحسانه فى أداء العمل الذى يكلفه به موكله فتختلط الجائزة فى هذه الحالة بالأجر إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الوجه من أوجه طعن الطاعن على الحكم واكتفى بالإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الوعد بالجائزة على ما تشترطه المادة 162 من القانون المدنى يقوم أساسا على توافر أركان معينة منها أن توجه الإرادة إلى الجمهور أى إلى أشخاص غير معينين فإذا ما وجهت إلى شخص معين خرجت عن أن تكون وعدا بجائزة وسرت عليها قواعد الإيجاب فلا بد أن يقترن بها القبول وتصبح عقدا لإرادة منفردة. لما كان ذلك وكان الإقرار موضوع النزاع لا يعد وأن يكون اتفاقا بين الطاعن وموكليه على قدر الأتعاب المستحقة له فإن شروط المادة 162 سالفة الذكر تكون قد تخلفت ويكون الحكم فيما انتهى إليه قد صادف صحيح القانون ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب الرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين مخالفة القانون وقصور التسبيب وفساد الاستدلال وابتناؤه على ما ليس فى الأوراق وقال الطاعن فى بيان ذلك أنه تمسك فى درجتى التقاضى بطلب الحكم له احتياطيا بمقتضى قواعد العرف التى تحدد الأتعاب فى مصر والعالم العربى بإعتبار أن العرف شريعه القاضى الواجبة التطبيق ولو لم يطلبها الخصوم بسبب عدم وجود نص تشريعى يحدد هذه الأتعاب وقد ساد العرف جميع أنحاء العالم العربى بتقرير حق المحامى بنسبة 25% من أموال موكله المتنازع بشأنها إلا أن الحكم لم يحصل هذا الدفاع الجوهرى وأهمل الرد عليه وقضى على خلاف ذلك العرف مما يعيبه بمخالفة القانون وقصور التسبيب فضلا عما شابه من فساد فى الاستدلال فى تقدير جهد الطاعن بحصر عدد الجلسات التى حضرها والإشارة إلى تقديمه مذكرة وحيدة لأن المحامى ليس من أصحاب الحرف الذين تحدد أجورهم على قدر ما بذلوا من مجهودات عضلية وإنما يوزن جهد المحامى بما يوزن به جهد المخترع والفنان وغيرهم من أرباب المهن الحرة، ولقد بين الطاعن أسس تقدير أتعاب المحامين ليسير الحكم على منوالها فيما لو أبطل العمل بإقرار موكليه ومنها أهمية الدعوى وما حصل عليه موكلوه من زيادة فى السعر وما بذله الطاعن من جهد كما أوضح أن القانون الجديد حدد أتعاب المحامى فى أحوال تقديرها بحد أقصى 20% وبحد أدنى قدره 5% وكان يتعين على الحكم أن يقضى بتقدير اتعاب الطاعن وفق الأسس السالفه إلا أنه لم يحصلها فى أسبابه والتفت عنها جميعا وقدر أتعابه بمبلغ 325 جنيه مؤسسا هذا التقدير على أسباب مجهلة كما شاب الحكم أيضا فساد فى الاستدلال وجاء قضاؤه مبنيا على ما ليس فى الأوراق عندما وضع فى الاعتبار عند الفصل فى طلبات الطاعن خصم مقابل التحسين بناء على خطاب موجه من جهة الإدارة إلى المطعون ضدهم يفيد خصمها مبلغ 11185.65 جنيها مقابل تحسين وذلك رغم منازعته فى صحة إثبات هذا الخطاب لوفاء مقابل التحسين المنوه عنه لأن عباراته تفيد أن غير نهائى وجائز الطعن فيه، كذلك خالف الحكم أحكام القانون حين بسط المنازعة على الاتفاق السابق المؤرخ 12/ 12/ 1966 وقضى بخصم 50 جنيها موضوع هذا الاتفاق من الأتعاب المقررة.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك بأن مفاد النص فى المادة الأولى من القانون المدنى على أن "تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها هذه النصوص فى لفظها أو فحواها. فإذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه حكم القاضى بمقتضى العرف" إنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز التحدى بالعرف إلا إذا لم يوجد نص تشريعى، وقد نصت فى المادة 44 من قانون المحاماة 96 لسنة 1957 الذى تم توكيل الطاعن فى ظله على أن يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامى ومن المقرر أن هذه العناصر ليست واردة على سبيل الحصر ومن ثم فليس ما يمنع محكمة الموضوع من أن تدخل فى الاعتبار عند تقديرها الأتعاب إلى جانبها لما تراه من عناصر أخرى مثل ما عاد على الموكل من منفعة مباشرة بسبب جهد المحامى لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائى عند تقديره لأتعاب الطاعن قد استعرض الأسس التى يتم على أساسها تقدير أتعاب المحامى ثم فصل هذه الأسس ثم بين ما بذله الطاعن من جهود وانتهى إلى تقدير أتعاب الطاعن على أساس قوله "ونظر لأن الأستاذ........ فى سبيل المحافظة على حقوق موكليه وإخلاصا منه لواجبة لم يشأ أن يسلم بما انتهى إليه الخبير فى تقريره وإنما أعد مذكرة دفاعه على أسس طلبات موكليه الأولى مفندا فيها تقرير الخبير ناعيا عليه عدم الالتفات إلى المستندات المقدمة مبرزا أنه لم يحدث أن بيعت أرض فى حوض النزاع بمثل ما قدره الخبير مما كان له أثر فى صدور الحكم لصالح المدعى عليهم........ فإن المحكمة تقدر أتعاب الأستاذ....... على ضوء ما بذله من جهد وما عاد على المدعى عليهم المذكورين من منفعة مباشرة بسبب هذا الجهد فضلا عن أهمية الدعوى بمبلغ 300 جنيه آخذة بعين الاعتبار إن اتصال......... بالدعويين رقمى 941، 2188 سنة 1963 مدنى كلى القاهرة لم يحدث إلا أخيرا وأن دفاعه فى مذكرته قد تأسس على ما كان سلفه وموكلوه قد تقدموا به من مستندات فى سبيل تأييد وجهة نظرهم" ثم جاء الحكم المطعون فيه وأورد ما يأتى:
وحيث إنه فى مقام تقدير جهد المحامى فى القضية رقم 941 لسنة 1963 كلى القاهرة أوضح الموكلون أنه وكل فيها مؤخرا فحضر عددا محصورا من الجلسات وتقدم بمذكرة وحيدة واشاروا أيضا إلى أن المحكمة وأن رفعت قيمة المتر المربع من الأرض إلى عشرة جنيهات إلا أنهم لم يستفيدوا هذه القيمة كاملة بل أن جهة الإدارة خصمت منها مبلغ 11185 جنيها، 650 مليما مقابل تحسين ويبدو أنهم أرادوا بذلك الإشارة إلى ما تضمنه إتفاق 13/ 4/ 1967 الموقع منهم من نص على أن الزيادة التى اتفق عليها فى أتعاب المحامى لا تنسب إلى قيمة الأرض كما تقدرها المحكمة بل إلى صافى ما يقبضونه منها..... إلخ.
وحيث إن المحكمة بعد إطلاعها على الأوراق وبعد مراعاة ظروف الدعوى 941 لسنة 1963 مدنى القاهرة وأخذا فى التقدير بوضع كل من الموكلين والوكيل ترى تقدير أتعاب الأستاذ المحامى بمبلغ 325 جنيها تأسيسا على ما تقدم وعلى ما أوردته محكمة أول درجة من أسباب موضوعية فى مقام تقديرها للأتعاب. فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وقصور التسبيب وفساد الاستدلال يكون على غير أساس، أما ما أثاره الطاعن فى شأن مقابل التحسين فإن الحكم لم يقطع بأن هذا المقابل أصبح نهائيا وكل ما تعرض له الحكم فى هذا الخصوص هو الخطاب المقدم بشأنه من المطعون ضدهم وكان الطاعن قد أنكر صلة هذا الخطاب بأرض النزاع فرد عليه الحكم بما يفيد أنه خاص بها ودون أن يقطع بنهائية هذا التقدير أو بإداء المطعون ضدهم لمقابل التحسين بل أن الحكم لم يفصح عن أنه يضع ذلك موضع اعتباره فى التقدير فضلا عن أن منصوص فى الإقرار أن استحقاق الطاعن لأتعابه يكون عن صافى الزيادة ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص بفساد الاستدلال وإبتنائه على ما ليس فى الأوراق يكون غير سليم.
أما عن النعى بمخالفة الحكم للقانون بمقوله بسطه لمنازعة الطاعن بالرغم منه على الإقرار المؤرخ 12/ 12/ 1966 بقضائه بخصم 50 جنيها موضوع هذا الاتفاق من الأتعاب المقررة فهو نعى غير صحيح ذلك أن المحكمة لم تتعرض لهذا الاتفاق بل قامت بتقدير أتعاب الطاعن عن جهده فى الدعوى برمتها وخصمت ما سبق أن تقاضاه وأودع لحسابه من هذه الأتعاب.
وحيث إن حاصل السبب الخامس عشر الخطأ فى تطبيق القانون وقصور التسبيب وقال فى بيان ذلك أنه ادعى فى مذكراته بدرجتى التقاضى بالغاء قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 سند موكليه وسند الحكم الابتدائى فى ابطال الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 وبرر مدعاه بتناقض أحكام ذلك القانون مع ميثاق المؤتمر الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 للأسباب المبينة بدفاع البند (ثانيا) من الفصل الثانى ابتداء بصفحة 12 من مذكرته المقدمة لجلسة 15/ 1/ 1967 إلى المحكمة أول درجة. وبرغم ذلك أعمل الحكم القانون المذكور وقضى ببطلان إقرار موكليه استنادا إلى أحكامه فأهدر بذلك شريعة الميثاق التى تعلو عليه والتى يتعين تطبيقها عند الاختلاف بينها وبين أحكامه ومن ثم كان قضاء الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون، كما وقع باطلا لعدم تحصيله هذا الدفاع من أوراق الدعوى ولإهماله الرد عليه.
وحيث إن النعى مردود ذلك أن الطاعن لم يبين أوجه التناقض بين أحكام القانون 96 لسنة 1957 وميثاق العمل الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 والتى يقول أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أهمل أثرها فى الغاء هذا القانون وشابه القصور إذ لم يحصلها وأغفل الرد عليها وقد اكتفى الطاعن بالإحالة فى ذلك إلى ما جاء بالمذكرة المقدمة منه فى الملف الابتدائى لجلسة 15/ 1/ 1967 دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما يتحدى به ومن ثم فإن النعى بهذا السبب يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الحادى والعشرين مخالفة القانون وقال الطاعن فى بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه رفض طلب إلزام موكله بفوائد دين أتعابه استنادا إلى أن شرط استحقاق الفوائد أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار ليس للقضاء فيه سلطة تقدير حالة أن الطاعن حدد مقدار دينه عند المطالبة القضائية به ولا يشكك فى تعيين مقداره تعديله من الفضاء إلى أكثر أو أقل من ذلك.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المادة 226 من القانون المدنى قد اشترطت لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة فى التقدير وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الاتفاق موضوع الدعوى بخصوص ما تضمنه من تحديد الأتعاب بنسبة 25% وقدر فى حدود سلطته الموضوعية أتعاب الطاعن بمبلغ 325 جنيها ثم اعتبر هذه الأتعاب غير معينة المقدار وقت الطلب ورتب على ذلك أن الفوائد المستحقة عن المبلغ المحكوم به لا تسرى إلا من تاريخ صدور الحكم إذ كان ذلك فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.

الثلاثاء، 17 أكتوبر 2023

المذكرة التفسيرية لقانون الاجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950

مذكرة تفسيرية
يُحدد قانون الإجراءات الجنائية الطريق الذي يكفل للدولة حقها في القصاص من المحرم ، ويُعنى بصفة خاصة بالنظم والأحكام التي ترمي إلى تبسيط الإجراءات الجنائية وسرعتها لينال الجاني جزاءه في أقرب وقت، وذلك بغير إخلال بالضمانات الجوهرية التي تمكن البريء من إثبات براءته. وقد نشط من عهد بعيد التشريع الجنائي في كثير من البلاد الأجنبية لتحقيق هذه الأغراض ولكن هذا النشاط لم يكن له صدى في مصر بالنسبة إلى قانون تحقيق الجنايات الأهلي الذي بقي جامداً رغم ما وجه إليه من نقد شديد من جهة عدم صلاحية إجراءات التحقيق والمحاكمة ومن جهة النقص الذي يعتوره في كثير من المواضع ، وفي الواقع فإن قانون تحقيق الجنايات الملغي يُعد في مؤخرة القوانين المماثلة نظرا إلى قدم عهده وعدم تعهده بالإصلاحات الجوهرية اللازمة ، فهو يجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق.

ويقسم أعمال التحقيق في الدعوى الجنائية بين النيابة العمومية والقاضي الجزئي ويسمح بحبس المتهم احتياطياً قبل استجوابه ويخول القاضي الجزئي حق الحكم في جميع الجنح على اختلاف أنواعها ودرجة أهميتها ويسمح باستئناف جميع الأحكام الصادرة في الجنح أيا كانت العقوبة المحكوم بها وغير ذلك من العيوب التي لها أثرها في تحقيق العدالة وضمان الحرية الشخصية، وذلك فضلا عن النقص الذي يشوبه في كثير من المواضع فهو لم يبين أحكام كثير من أعمال التحقيق ولا قواعد الاختصاص ولا أوجه البطلان ولم يستوف قواعد الطعن في الأحكام وغير ذلك من أوجه النقص .

أما قانون تحقيق الجنايات المختلط فقد وضع في سنة ١٩٣٧ وروعيت فيه القواعد الحديثة للتشريع الجنائي، ولكن نظراً إلى الأغراض التي وضع من أجلها واختلاف ظروف القضاءين الأهلي والمختلط لا يمكن أن يحتذى في كثير من أحكامه أمام المحاكم الأهلية .

وللاعتبارات المتقدمة كان قرار مجلس الوزراء الرقيم ١٣ مارس سنة ١٩٤٠. بتشكيل لجنة لتوحيد القانونين الأهلي والمختلط حتى يتفادى التباين في إجراءات الدعوى الجنائية أمام القضاءين ولإعادة النظر في القانون بجملته من جميع النواحي كان هذا القرار مرتقبا من مدة طويلة .

وقد عقدت اللجنة أولى جلساتها في ٢٠ مارس سنة ١٩٤٠ وكان اتجاهها الأول أن تضع تشريعات مختلفة لعلاج المسائل المستعجلة ووضعت فعلاً مشروع قانون الأوامر الجنائية وصدر به القانون رقم ١٩ لسنة ١٩٤١ ، ثم وضعت مشروع الطعن في الأحكام ، ولكنها لم تقدمه ورأت أن تضع مشروعاً كاملاً للإجراءات الجنائية ليكون التناسق تاماً بين جميع أجزائه وليحل محل القانونين الأهلي والمختلط فيرتفع ذلك التباين في إجراءات الدعوى بين القضاءين ويسد النقص في كلا القانونين وقد انتهت اللجنة من وضعه في ١٨ ديسمبر سنة ١٩٤٥ وهو يقع في ستمائة مادة وخمس مواد وفي أربع كتب : يشمل الأول منها خلاف القواعد العامة ثلاثة أبواب : الأول في الدعوى الجنائية والثاني في الدعوى المدنية والثالث في التحقيق . ويشمل الكتاب الثاني : ثلاثة أبواب الأول في الاختصاص والثاني في المحاكمة والثالث في الطمن في الأحكام . ويشمل الكتاب الثالث ثلاثة أبواب الأول في المصاريف والثاني في التنفيذ والثالث في سقوط العقوبة بمضي المدة . ويشمل الكتاب الرابع ثلاثة أبواب الأول في الإفراج تحت شرط والثاني في رد الاعتبار والثالث في إجراءات مختلفة .

وأهم ما استحدثه في باب الدعوى الجنائية زيادة الأحوال التي يعلق القانون فيها رفع الدعوى الجنائية على شكوى أو طلب في الجرائم التي تمس مصلحة المجني عليهم أكثر مما تمس مصلحة الجماعة ، فنصت المادة ٢٤ ( أصبحت م ٣ من القانون ) على عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى في جريمة الزنا وجريمة الفعل الفاضح مع امرأة في غير علانية وجريمة عدم تسليم الولد الصغير إلى من له الحق في طلبه وجريمة الامتناع عن دفع النفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن المحكوم بها وجرائم القذف والسب في حق أحد الأفراد أو أحد الموظفين بسبب أداء الوظيفة .

ونصت المادة ٢٥ ( أصبحت المادة ٨ من القانون ) على عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على طلب وزير العدل في جريمة العيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية أو ممثل لدولة أجنبية معتمدة في مصر .

ونصت المادة ٢٦ ( أصبحت المادة ۹ من القانون ) على عدم جواز رفع الدعوى الجنائية في جرائم سب البرلمان أو أحد المجلسين أو غيرها من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة إلا بناء على طلب الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها .

وتبين المواد ١٣ إلى ١٩ ( أصبحت المواد ٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٩) أحكام الشكوى والطلب والإذن على اعتبار أنها قيود تعترض النيابة العمومية في رفع الدعوى وذلك من جهة الشروط اللازم توافرها لصحتها والتنازل عن الشكوى وسقوط الحق فيها بمضي ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبيها أو بوفاة المجني عليه قبل تقديم الشكوى .

وعولج في باب الدعوى المدنية موضوع تحريك المدعي المدني للدعوى الجنائية (١) على أساس ما استقر عليه التشريع الجنائي الحديث من أن الدعوى الجنائية عمومية فليس للأفراد حق تحريكها وللنيابة العمومية وحدها الحق في رفع الدعوى . وفي حفظ أي بلاغ يقدم لها إذا لم تر محلاً للتحقيق أو رفع الدعوى . على أن هذا الحفظ لا يقفل الباب في وجه المدعي المدني فقد أجيز له أن يتظلم من أمر الحفظ أمام غرفة المشورة . وفرض على النيابة إذا ما أصدرت أمراً بحفظ شكوى بها مدع بحقوق مدنية أن تعلنه بذلك وله أن يتظلم منه إلى غرفة المشورة في الثلاثة الأيام التالية لإعلانه ، فإذا مضت ثلاثة أشهر على تقديم الشكوى ولم تتخذ النيابة قراراً فيها كان ذلك بمثابة أمر حفظ منها وللمدعي المدني أن يتظلم منه أيضا وتبين المادة ٤١ ( أصبحت المادة ٦٣ من القانون وألغيت أخيراً ) الإجراءات التي يتبعها المدعي المدني في التظلم الذي يرفعه وقد ألزم بإيداع كفالة قدرها عشرة جنيهات في مواد الجنايات والجنح وخمسة جنيهات في مواد المخالفات، فإذا قبلت غرفة المشورة التظلم تأمر برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة إذا كانت الواقعة مخالفة أو برفعها إلى المحكمة أو إحالتها إلى قاضي التحقيق حسب الأحوال إذا كانت جنحة وإحالتها إلى قاضي التحقيق إذا كانت جنحة أما إذا لم تقبل غرفة المشورة التظلم أو إذا رفضته تحكم بمصادرة الكفالة - المواد 40 إلى ٤٣ ( أصبحت المواد ٦٢ إلى 65 من القانون وألغيت عدا الفقرة الأولى من المادة ٦٢ )

ولعل أهم ما استحدث في الكتاب الأول العمل بنظام قاضي التحقيق ولم يكن

-------------------

(۱) لقد أعطي للمدعي بالحق المدني حق تحريك الدعوى الجنائية كما كان الحال في القانون الملغي طبقا لتعديلات مجلس النواب التي وافق عليها مجلس الشيوخ أخيرا وألغيت المواد من 63 – 65 لأنها أصبحت غير ذات موضوع .


ذلك فقط لضرورة فنية وهي عدم الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق بيد النيابة العمومية بل لضرورة عملية وهي وضع أعمال التحقيق جميعها بيد قاض واحد بينما هي الآن مقسمة بين النيابة والقاضي الجزئي .

ولا شك أن قاضي التحقيق بما خول من سلطات واسعة أقدر من النيابة على اجتلاء الحقيقة مما يجرى من التحقيقات ولذلك رؤي أن تناط جميع أعمال التحقيق في الجنايات والجنح بقاضي التحقيق بصفة أصلية وأن تلزم النيابة بإحالة كل جناية أو جنحة ترى السير فيها إلى قاضي التحقيق ليتولى تحقيقها ، غير أنه رئي مع ذلك أن تخول النيابة تحقيق بعض الجنح . وقد أفرد لذلك فصل خاص سيأتي ذكره فيما بعد ، كما احتفظ لها بحق رفع الدعوى الجنائية مباشرة في المخالفات والجنح إذا كانت الاستدلالات التي تجمعها تكفي للسير في تحقيقها في الجملة.

أما تعيين قضاة التحقيق فقد رئي أن يكون بقرار من وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمدة سنتين ، ولا يجوز نقلهم أو إلغاء تعيينهم إلا بموافقة المجلس المذكور . ويعين لكل محكمة جزئية قاض للتحقيق وفي محافظتي مصر والإسكندرية يعين العدد الكافي من قضاة التحقيق ويُقسم العمل بينهم بمعرفة الجمعية العمومية للمحكمة ولا يمنع تعيين القاضي التحقيق من الجلوس للحكم في القضايا المدنية أو القضايا الجنائية التي لم يباشر تحقيقها .

ولا يجوز لقضاة التحقيق مباشرة التحقيق إلا بناء في طلب النيابة العمومية ومن ثم فليس لهم أن يباشروه من تلقاء أنفسهم أو بناء على طلب المدعي المدني أو بسبب مجرد الارتباط .

وليست النيابة العمومية ملزمة بحضور جلسات التحقيق بل لها أن تحضرها أو تتغيب عنها ، ويجوز لها الاطلاع في أي وقت على الأوراق لتقف على ما جرى في التحقيق على أن لا يترتب على ذلك تأخير السير فيه .

وقد فصلت في القانون أعمال التحقيق والإجراءات التي تتبع فيها كل على حدة فتناول أحكام انتقال قاضي التحقيق وندب الخبراء والتفتيش وضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة وشهادة الشهود والاستجواب والمراجعة وأوامر الإحضار والقبض والحبس الاحتياطي. وقد رؤي أن نظام الحبس الاحتياطي في القانون الملغي لا يحقق للمتهم الضمان الكافي للدفاع عن نفسه عند صدور أمر بحبسه احتياطيا لأنه يسمح بالحبس قبل الاستجواب . لذلك رئي أن يستبدل بهذا النظام نظام آخر تراعى فيه حقوق الدفاع وتضمن في الوقت نفسه سلامة التحقيق فتقرر أنه لا يجوز مطلقا الحبس الاحتياطي إلا بعد الاستجواب إلا إذا كان المتهم هارباً من وجه القضاء وكذلك لا يجوز مد الحبس إلا بعد الاستجواب . ويتلخص النظام المقترح في أن لقاضي التحقيق الحق في حبس المتهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر بشرط أن يُستجوب قبل حبسه إذا لم يكن هاريا وبشرط أن توجد دلائل كافية ضده. وينتهي هذا الحبس حتما بمضي خمسة عشر يوما من تاريخ تنفيذه إلا إذا رأى القاضي مده لمصلحة التحقيق وفي هذه الحالة يجب على القاضي أن يسمع أقوال المتهم والنيابة . ولا يجوز أن تزيد مدة المد أو مدده على ثلاثين يوما فإذا رئي بعد ذلك مد الحبس الاحتياطي وجب عرض الأمر على غرفة المشورة لتصدر أمرها بما تراه بعد سماع أقوال النيابة والمتهم ولغرفة المشورة الحق في مد الحبس الاحتياطي مددا متعاقبة لا تزيد كل منها على ثلاثين يوما إلى أن ينتهي التحقيق ولها أن تحدد للقاضي أجلا لإتمام التحقيق.

وقد ألغي نظام المعارضات في الحبس الاحتياطي لأنه أصبح لا ضرورة له بعد أن أجيز للتهم أن يدلي بدفاعه عند حبسه احتياطيا وفي كل مرة يطلب فيها تجديد الحبس .

وقد خول قاضي التحقيق سلطة واسعة في التصرف في التحقيق عند انتهائه فله :

(1) التقرير بأن لا وجه لإقامة الدعوى

(2) الإحالة إلى محكمة المخالفات أو الجنح إذا كانت الواقعة مخالفة أو جنحة .

(۳) تجنيح الجناية إذا كانت من الجنايات التي يجوز تجنيحها وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية .

(٤) الإحالة على غرفة المشورة إذا كانت الواقعة جناية مما لا يجوز تجنيحها أو إذا لم ير تجنيحها .

وقد رئي تخويل النيابة العمومية الحق في المعارضة (1) أمام غرفة المشورة في جميع الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق وذلك نظرا لما لها من صفة خاصة لا يخشى معها إساءة استعمال هذا الحق ، وخول جميع الخصوم حق المعارضة في الأوامر

----------------

(1) استبدلت كلمة المعارضة بالاستئناف بعد التعديل في هذا الفصل جميعه من القانون كما هو واضح من المواد ١٦١ – ١٦٩ كما استبدلت بغرفة المشورة غرفة الاتهام .


المتعلقة بالاختصاص نظراً لما لمسائل الاختصاص من الأهمية. وحتى لا يتعطل سير التحقيق بالمعارضة في هذه الأوامر نص صراحة على أن المعارضة لا توقف سير التحقيق وأجيز للمدعي المدني أن يُعارض في الأمر الذي يصدر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى . أما المتهم فيما عدا مسائل الاختصاص لم يخول حق المعارضة بصفة عامة على اعتبار أن أقواله تسمع دائما عند حبسه احتياطيا وكلما أريد تجديد الحبس وعلى اعتبار أن الدعوى في مواد الجنايات تعرض على غرفة المشورة قبل إحالتها إلى المحكمة وتسمع أمامها أقوال المتهم وأوجه دفاعه وفي المواد الأخرى له أن يتقدم بما يريد أمام المحكمة .

أما غرفة المشورة التي يتحدث عنها القانون فهي دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية تخصص لأداء أعمال الغرفة المذكورة وتُعقد مرة في كل أسبوع ويجوز أن تعقد في غير الأيام المعينة كلما اقتضت الحال ذلك كما يجوز لها أن تعقد جلساتها في غير مقر المحكمة.

وتختص غرفة المشورة بالنظر :

(1) في مد الحبس الاحتياطي.

(۲) في المعارضات التي ترفع إليها من الخصوم .

(۳) في أوامر قاضي التحقيق الصادرة بالإحالة إليها في مواد الجنايات.

(٤) إجراء تحقيقات تكميلية أو جديدة عن أية واقعة من وقائع الدعوى بالنسبة لأي متهم يكون قد أحيل إليها أو بالنسبة لأي شخص ولو لم يكن محالاً إليها من قاضي التحقيق .

ولغرفة المشورة وحدها حق الإحالة على محكمة الجنايات ولها بطبيعة الحال جميع الحقوق المخولة لقاضي التحقيق كالتجنيح والإحالة على محاكم الجنح والمخالفات والأمر بأن لا وجه. وقد أجيز للنائب العمومي الحق في الطعن بطريق النقض في أوامر غرفة المشورة الصادر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى أو بالتجنيح أو بأن الواقعة لا تكون إلا جنحة أو مخالفة كما أجيز للمدعي المدني الطعن بطريق النقض في الأوامر الصادرة بأن لا وجه لإقامة الدعوى على أن الطعن سواء من النائب العمومي أو من المدعي المدني لا يجوز إلا لخطأ في تطبيق نصوص القانون أو في تأويلها .

هذا وقد رئي تخويل النيابة العمومية حق التحقيق في بعض الجنح كما سبقت الإشارة إليه وهي الجنح المشهودة (جنح التلبس) والجنح الأخرى التي يجوز لرجال الضبط القضائي القبض فيها وهي المبينة في المادة ٨٢ ( أصبحت المادة ٣٤ من القانون ) المقابلة للمادة ١٥ من القانون الملغي . وقد روعي في ذلك أولا - أن لأعضاء النيابة العمومية باعتبارهم من رجال الضبط القضائي سلطة واسعة في إجراءات جمع الاستدلالات في الجرائم المشهودة كما أن لهم حق القبض في الجرائم الواردة في المادة ٨٢ (أصبحت المادة ٣٤ من القانون ) فتخويلهم حق التحقيق في الجرائم المذكورة ليس إلا استكمالا لما لهم من حقوق سابقة - ثانيا - أن تحقيق هذه الجرائم لا يحتاج عادة إلى إجراءات طويلة لأن الدليل يكون فيها واضحا وليس من المصلحة إرهاق قاضي التحقيق بتكليفه تحقيق كل قضية ولو كانت قليلة الأهمية.

وقد خول للنيابة العمومية حق حبس المتهمين في الجرائم المذكورة مدة أربعة أيام فإذا لم ينته التحقيق يطلب من قاضي التحقيق مد الحبس وللقاضي في هذه الحالة أن يتولى التحقيق بنفسه أو يأذن بامتداده مدة أو مددا لا تزيد على ثلاثين يوما فإذا لم ينته التحقيق بعد ذلك وجب على قاضي التحقيق أن يتولى التحقيق بنفسه .

وقد استثنى من الجرائم التي أجيز للنيابة العمومية التحقيق فيها جنح التفاليس والجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر فلا يكون للنيابة حق التحقيق فيها ، وذلك لأن هذه الجرائم ليست من الجرائم العادية التي أريد تخويل النيابة تحقيقها والتصرف فيها على وجه السرعة ولأن علاقة جرائم الصحف بحرية الرأي تستدعي لدقتها تدخل القاضي ، وقد رؤي أن وضع التحقيق في هذه الجرائم في يد قاضي التحقيق خير ضمان للمتهمين فيها .

وقد أدخل تعديل هام على قواعد الاختصاص من حيث توزيعه بين المحاكم الجنائية المختلفة فقد لوحظ أن بعض الجرائم يقتضي لأهميتها وكثرة الوقائع التي تتكون منها جهدا كبيراً ووقتاً طويلاً للفصل فيها كقضايا الصحف والجنايات المجنحة وجرائم التفاليس والتزوير وبعض قضايا الاختلاس والنصب ، الأمر الذي يعطل الفصل في القضايا الأخرى التي لا يستغرق نظرها وقتا طويلا فرؤي لذلك نزع هذه الأنواع من القضايا التي يفصل فيها الآن القاضي الجزئي وتخويل حق الحكم فيها نهائيا إلى المحكمة الابتدائية وقد عني القانون ببيان بعض هذه الجرائم التي تكون من اختصاص المحكمة الابتدائية وخول قاضي التحقيق إحالة الجنح التي من هذا القبيل على المحكمة المذكورة بعد تحقيقها وبذلك يكون تم التنسيق بين جهات التحقيق وجهات الحكم فتحيل النيابة العمومية القضايا البسيطة أو التي لا يستدعي نظرها مشقة ولا وقتاً طويلاً إلى المحكمة الجزئية ويحيل قاضي التحقيق القضايا الكبيرة إلى المحكمة الابتدائية.

وقد عنى القانون في باب الاختصاص بالنص على تحديد اختصاص المحاكم الجنائية على اختلاف أنواعها بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي قبض على المتهم فيه أو الذي يقيم به . وقد استتبع ذلك تحديد مكان وقوع الجريمة في حالة الشروع وفي الحالات الأخرى التي يمتد فيها نشاط الجاني إلى أكثر من مكان واحد كحالة الجريمة المستمرة والجرائم المتتابعة وجرائم الاعتياد .

كما عنى القانون بتحديد الاختصاص في حالة الجرائم المرتبطة، فنص على أن يكون الاختصاص للمحكمة ذات الاختصاص بالنسبة للجريمة الأشد إذا كانت الجرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، كما يكون للمحكمة المختصة بتوقيع العقوبة الأشد إذا تعدد المتهمون في الجريمة الواحدة واختلفت العقوبة المقررة لبعضهم عما هو مقرر للبعض الآخر.

وإذا كان بعض الجرائم المبينة في الحالة الأولى من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم استثنائية كالمحاكم العسكرية لا يكون رفعها أمام المحاكم العادية إلا في حالة واحدة وهي المنصوص عليها في المواد ٦٦ وما بعدها من الدستور الخاصة بالمحكمة العليا المختصة بمحاكمة الوزراء .

وعرض القانون بعد ذلك إلى أحكام التنازع بين جهات التحقيق والحكم العادية وبين هذه الجهات الاستثنائية في الاختصاص ووضع القواعد التي يجب العمل بها لتعيين الجهة أو المحكمة المختصة في هذه الأحوال كما عرض لما يتبع إذا كان الفصل في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة مدنية أو على الفصل في دعوى جنائية أخرى .

وقد أضيف إلى أحكام نظام الجلسة حكم جديد يقضي بتخويل محكمة الجنايات ومحكمة النقض حق الحكم في جرائم تقع خارج الجلسة بصدد دعوى منظورة لم يفصل فيها بعد ويكون من شأنها التأثير في القضاة أو الشهود أو الإخلال بأمن المحكمة أو بمقام القاضي وسلطته ، وذلك لإحاطة المحكمة بجو من الاحترام يسوده الهدوء والطمأنينة . فإذا لم تر المحكمة الحكم في الجريمة التي وقعت خارج الجلسة جاز لها أن تحيل المتهم إلى النيابة العمومية وعلى النيابة في هذه الحالة أن تحيله إلى المحكمة المختصة .

وتناول القانون أحكام صلاحية القاضي للحكم في الدعوى ونص على الحالات التي يجب على القاضي فيها أن يمتنع عن الاشتراك في نظر الدعوى ولو لم يُطلب رده وذلك إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً أو كان قد قام فيها بعمل مأمور الضبط القضائي أو النيابة العمومية أو قام فيها بالمرافعة عن الخصوم أو أدى فيها شهادة أو باشر عملاً من أعمال أهل الخبرة أو بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة . ونص على جواز الرد في الحالات المذكورة وفي حالات الرد المبينة في قانون المرافعات وبين الإجراءات التي تقع في الرد.

وقد جرى المشروع في باب المحاكمة فيما يختص بالإجراءات التي تتبع أمام المحاكم الجنائية تفاديا من التكرار على أن يبين أولا القواعد التي تتبع أمام جميع المحاكم ثم القواعد التي تتبع أما محاكم المخالفات ، فالقواعد التي تتبع أمام محاكم الجنح والتي تتبع أمام محاكم الجنايات .

وقد تناولت القواعد العامة أحكام رفع الدعوى والإجراءات في الجلسة وشهادة الشهود وباقي الأدلة والأحكام وأوجه البطلان التي تنشأ عن عدم مراعاة إجراءات التحقيق أو المحاكمة التي يتطلبها القانون ، وقد خلا القانون الملغي من بيان القواعد التي تتبع في هذه الأحوال واكتفى بالنص على البطلان عند مخالفة بعض الإجراءات دون البعض الآخر مما يؤدي إلى الوقوع في الخطأ . ولذلك وضع في القانون الحالي القواعد التي تبين الأحوال التي يحكم فيها بالبطلان والتي لا تدعو لذلك والإجراءات التي تتبع للتمسك بالبطلان ومدى البطلان إذا حكم به . فإذا كان الغرض من الإجراء ليس إلا الإرشاد والتوجيه فلا بطلان إذا لم يراع هذا الأجراء لأنه ليس جوهريا في التحقيق أو الدعوى . أما إذا كان الغرض من الإجراء المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو أحد الخصوم فهو إجراء جوهري يترتب على عدم مراعاته البطلان . وإذا كان الإجراء الجوهري متعلقا بالنظام العام جاز التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم مراعاته في آية حالة كانت عليها الدعوى . وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب . أما إذا كان الإجراء الجوهري متعلقا بمصلحة المتهم أو باقي الخصوم فلا يقضى بالبطلان إذا طلب صاحب الشأن وقد بين القانون على سبيل المثال بعض الأحكام المتعلقة بالنظام العام . ويجب بصفة عامة الرجوع دائما إلى علة التشريع لمعرفة ما إذا كان الإجراء جوهريا متعلقا بالنظام العام أو وضع لمصلحة المتهم وباقي الخصوم .

أما الجهة التي يجب أن يقدم إليها الدفع بالبطلان فهي أول جهة قضائية تلي الجهة التي وقع أمامها البطلان وإلا سقط الحق في التمسك به ، فإذا وقع البطلان قبل تقديم القضية القاضي التحقيق وجب التمسك به أمام القاضي المذكور واذا وقع البطلان أمام غرفة المشورة وجب التمسك به أمام محكمة الموضوع . وليس لقاضي التحقيق ولا لغرفة المشورة الحق في الفصل في الدفع ولكن لهما تصحيح البطلان اذا أمكن ذلك.

وقد تناولت القواعد التي وضعت لمحاكم الجنح تخويل محكمة الجنح الجزئية والمحكمة الابتدائية في حالة الحكم بعدم الاختصاص لأن الواقعة جناية الحق في إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات بشرط أن تكون الدعوى قد حققت بمعرفتها أو بمعرفة سلطة التحقيق . وتتبع في هذه الحالة الإجراءات المقررة للإحالة إلى محكمة الجنايات وخول للمحكمة الجزئية إذا كانت الواقعة جناية من الجنايات التي يجوز تجنيحها الحق في الحكم بتجنيحها وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية وخول للمحكمة الابتدائية حق التجنيح والفصل في الدعوى .

أما فيما يتعلق بالإجراءات أمام محاكم الجنايات فقد أدخل القانون تعديلاً هاماً في أمر ندب من يجلس في محاكم الجنايات في حالة حصول مانع لأحد المستشارين فنص على أنه في حالة غياب مستشار يحل محله مستشار آخر يندبه رئيس المحكمة وفي حالة الاستعجال يجوز لرئيس المحكمة الابتدائية أو وكيلها أن يجلس مكان المستشار الغائب ولا يجوز أن يستمر ذلك أكثر مما يلزم لحضور المستشار الغائب أو مستشار بدله ، كما لا يجوز أن يشترك في الحكم أكثر من واحد من غير المستشارين وعلة ذلك أن في تشكيل محاكم الجنايات من مستشارين ضمانة كبرى للمتهم . فإذا غاب أحدهم لا يجوز أن يندب مكانه إلا مستشار أو عند الضرورة قاض يليه مباشرة في الدرجة وهو رئيس المحكمة أو وكيلها .

وقد أدخل تعديل آخر بشأن ندب المحامين عن المتهمين المحالين إلى محكمة الجنايات ، وتحديد دور انعقاد محكمة الجنايات وإعداد جدول قضايا كل دور ، ويقضي القانون الملغي بأن قاضي الإحالة هو الذي يحدد الدور وهو الذي يُعد جدول قضايا كل دور وأن رئيس المحكمة الابتدائية يندب المدافع عن المتهمين وقد دل العمل على عدم صلاحية هذا النظام ، لأن محاكم الجنايات لا تتبع ما يشير به قاضي الإحالة من جهة تحديد الدور وإعداد الجدول ولأنه يتعذر على رئيس المحكمة ندب المحامي إلا إذا كان ملما بدقائق التحقيق وهو ما يتعذر عليه في العمل لذلك رؤي تكليف غرفة المشورة بأن تندب المحامين وقت الإحالة لأنها أدرى من غيرها بمصلحة كل منهم في الدفاع عن نفسه كما رؤي تكليف رئيس محكمة الاستئناف بأن يحدد الدور ويُعد قضايا كل دور لأنه أدرى من غيره بمعرفة حالة العمل أمام محاكم الجنايات التابعة لمحكمته.

وقد رئي أن تنشأ محاكم خاصة لمحاكمة الأحداث المجرمين يكون من شأنها تعرف طبيعة المجرم الصغير والعمل على إصلاحه وذلك لأن إجرام الصغير يكون عادة نتيجة هجر الأسرة أو التشرد أو الوراثة أو تأثير البيئة فواجب القاضي الذي يحاكم الصغير تقصي السبب الذي دعاء للإجرام ثم يقرر الإجراء الذي يناسبه ومراقبة تنفيذ الحكم الذي يصدره. ولهذا الغرض أخذ القانون بنظام القاضي الواحد في محاكمة الأحداث عن الجرائم التي تقع منهم سواء أكانت جنايات أم جنحا أم مخالفات ليتخصص في شئون الأحداث .

قنص المشروع على تشكيل محكمة الأحداث في دائرة كل محكمة جزئية وفي عاصمة كل مديرية وفى كل محافظة من قاض يندب لذلك .

وتختص هذه المحكمة بالفصل في الجنايات والجنح والمخالفات التي يتهم فيها صغير لم يبلغ خمس عشرة سنة في جميع الأحوال غير أنه إذا زادت سن الصغير المتهم في جميع الأحوال في جناية على اثنتي عشرة سنة وكان معه في الجريمة متهمون آخرون تزيد سنهم على خمسة عشرة جاز إحالة الصغير على محكمة الجنايات معهم كما يجوز تقديمه وحده إلى محكمة الأحداث . ويجب في جميع الأحوال إجراء تحقيق عن حالة الصغير الاجتماعية والبيئة التي نشأ فيها والأسباب التي دفعته إلى الإجرام .

وتعقد جلسات محاكم الأحداث في غرفة المشورة ولا يحضر المحاكمة سوى أقارب المتهم ومندوب وزارة الشؤن الاجتماعية والجمعيات الخيرية المشتغلة بشؤون الأحداث وتسمع الشهود في غير مواجهة المتهم .

ومما يتميز به نظام محاكم الأحداث أن الأحكام التي تصدرها محاكم الأحداث ليست ثابتة ولا مستقرة فللمحكمة أن تعيد النظر فيها في أي وقت بناء على طلب النائب العمومي متى رؤي أن العقوبة المحكوم بها أيا كان نوعها لا تلائم حالة المحكوم عليه . فإذا حسن سيره يمكن تعديل الحكم بتسليمه إلى والديه أو وليه . وإذا هرب أو ساء سيره يمكن تعديل الحكم بوضعه في الإصلاحية .

ومما استحدثه القانون في هذا الشأن تشكيل لجنة لكل إصلاحية أو محل آخر معد لقبول الأحداث المحكوم عليهم للإشراف عليه ومباشرة الاختصاصات الأخرى المخولة لها في القانون.

وتشكل هذه اللجنة الأحداث من قاضي محكمة الأحداث رئيساً وممثل النيابة العمومية أمام المحكمة المذكورة وموظف من وزارة الشؤون الاجتماعية ينديه لذلك وزيرها ومن الاختصاصات المخولة لها التقرير بالإفراج عن الأحداث المحكوم عليهم بالإصلاحية طبقا للمادة 70 عقوبات ويكون الإفراج بأمر من وزير العدل بناء على طلب اللجنة المذكورة .

وقد أفرد فصل خاص للمتهمين المشتبه في حالتهم العقلية حول قاضي التحقيق والمحكمة المنظورة أمامها الدعوى الحق في وضع المتهم تحت الملاحظة بناء على رأي الطبيب في أحد المحال المخصصة لذلك لمدة لا تزيد على ستة أسابيع وإذا لم يكن المتهم محبوساً حبساً احتياطياً جاز وضعه تحت الملاحظة في أي مكان فإذا ثبت أن المتهم كان وقت ارتكاب الجريمة غير مسئول بسبب عاهة في عقله وصدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو حكم ببراءته لهذا السبب جاز لقاضي التحقيق أو المحكمة إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس أن يأمر بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للمجانين إلى أن يأمر بإخلاء سبيله . ولا يجوز أن تزيد مدة الحجز على عشر سنين في الجنايات التي عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وخمس سنين في الجنايات الأخرى ولا سنة في مواد الجنح بشرط ألا تزيد مدة الحجز في هذه الحالة على مدة العقوبة المقررة للجريمة. وهذا الحجز من قبيل الإجراءات الاحتياطية التي تتخذ لاتقاء خطر عود المتهم إلى ارتكاب فعل آخر، وبدهي أن قاضي التحقيق والمحكمة لا يتخذان هذا الإجراء إلا إذا ظهر لهما من التحقيق ثبوت الواقعة على المتهم.

أما إذا ثبت أن المتهم كان حافظاً قواه العقلية وقت ارتكاب الجريمة ولكنه أصبح غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب طروء عاهة في عقله فيوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه من الرشد ما يكفي لدفاعه عن نفسه ويجوز في هذه الحالة أن يوضع المتهم في أحد المحال المعدة للمجانين إلى أن يخلى سبيله ولا يجوز أن تزيد مدة الحجز على المدد المقررة في الفقرة السابقة وبدهي أن إخلاء سبيله بعد انقضاء هذه المدة لا يمنع من محاكمته إذا عاد إليه رشده .

ومما يتصل بهذا الموضوع حماية المجني عليهم الصغار والمعتوهين من تعرضهم لتكرار الفعل الجنائي عليهم فنص على أنه في كل جناية أو جنحة تقع على نفس الصغير الذي لم يبلغ خمس عشرة سنة يجوز أن يؤمر بتسليمه إلى شخص مؤتمن يتعهد ملاحظته والمحافظة عليه أو إلى معهد خيري معترف به من وزارة الشؤون الاجتماعية حتى يُفصل في الدعوى .

وإذا وقعت الجريمة على نفس معتوه جاز أن يؤمر بإيداعه مؤقتا في مصحة أو مستشفى للمجانين أو تسليمه إلى شخص مؤتمن .

وقد أدخل تعديل هام في باب المعارضة في الأحكام الغيابية لمنع المتهمين من اتخاذ طريق المعارضة وسيلة للمطاولة والمراوغة، فنص على اعتبار الحكم حضورياً لمن يثبت علمه بالجلسة ويتعمد عدم الحضور فيها. فإذا كان الخصم أعلن شخصياً ولم يحضر الجلسة بغير أن يقدم عذراً مقبولاً جاز للقاضي اعتبار الحكم حضورياً وكذلك إذا حضر الخصم أمام المحكمة بنفسه أو بواسطة وكيل عنه و بدىء في نظر الدعوى عُدت الإجراءات حضورية بالنسبة له ولو غادر الجلسة ولم يحضر جميع الإجراءات التي تمت فيها بعد ذلك . وإذا أجلت الدعوى من جلسة إلى جلسة أخرى فإن تأجيلها في حضرة الخصم يعتبر إعلانا قانونيا له بالحضور في الجلسة المحددة في قرار التأجيل فإذا غاب بعد ذلك بدون أن يقدم عذراً مقبولاً جاز اعتبار الحكم حضورياً أما إذا كان المتهم هو الذي طلب إلى المحكمة أن تسمع الدعوى في غيبته ولم تر المحكمة من جانبها مانعاً من إجابة طلبه لعدم حاجة الدعوى إلى حضوره شخصيا فإن اعتبار الحكم حضوريا ما هو في الواقع إلا إجابة لطلبه .

فاذا تعددت الخصوم المرفوعة عليهم الدعوى سواء كانوا متهمين أو مسئولين عن حقوق مدنية وتخلف بعض المدعى عليهم بعد إعلانه قانونا فيجوز أن تؤجل الدعوى إلى جلسة أخرى يعلن إليها وينبه عليه في ذات الوقت بأن الحكم الذي يصدر بعد ذلك سيكون حضورياً . فإذا غاب بعد ذلك واقتنع القاضي بأن الخصم علم بما جرى بعد إعلانه مرتين صح له أن يحكم في الدعوى ويعتبر الحكم حضورياً بالنسبة للجميع ومع تقرير اعتبار الأحكام حضورية في الصور المتقدمة فقد أوجب على القاضي أن يحقق الدعوى ويسمع أدلتها كما لو كان الخصم حاضراً .

ولا تجوز المعارضة في الأحكام المعتبرة حضورية إذا كانت قابلة للاستئناف أما إذا كانت صادرة من محكمة استئنافية أو كانت غير قابلة للاستئناف جازت المعارضة فيها . على أن المعارضة في هذه الأحوال لا تُقبل إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر يمنعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم.

ولما كانت النيابة العمومية قد جرت في بعض الجنح على استصدار أوامر بحبس المتهمين الهاربين احتياطياً على أن تنفذ هذه الأوامر عند ضبطهم وكان تنفيذ مثل هذه الأوامر عند ضبط المتهمين بعد صدور الأحكام الغيابية عليهم غير جائز قانوناً فرؤي النص لعلاج هذه الحالة على تخويل القاضي عند إصدار الحكم الغيابي أن يأمر في الحكم بحبس المتهم إذا طلبت منه النيابة ذلك . وذلك في حالتين إحداهما ألا يكون للمتهم محل إقامة معين والثانية إذا كان المتهم قد صدر ضده أمر بالحبس الاحتياطي ولم ينفذ عليه بسبب هربه . على أنه يشترط لذلك في الحالتين أن تكون العقوبة المقضي بها على شيء من الجسامة حتى تستدعي اتخاذ هذا الإجراء .

أما بالنسبة للطعن بطريق الاستئناف فقد رؤي أن يفرق بين الجرائم الهامة والجرائم البسيطة وأن يكون المقياس في ذلك هو عين المقياس الذي اتبع في صدد الأوامر الجنائية ففي الجرائم التي لا يجوز إصدار العقوبة فيها بأمر جنائي رؤي اطلاق حق الاستئناف بالنسبة للنيابة والمتهم فللمتهم أن يستأنف كل حكم يصدر عليه من المحكمة الجزئية في جريمة منها حتى ولو كان صادرا بالغرامة مهما كان مقدارها كما يجوز للنيابة أن تستأنف أي حكم صادر فيها بالبراءة أو الإدانة بغير نظر إلى طلباتها في الجلسة . أما في الجرائم التي يجوز إصدار العقوبة فيها بأمر جنائي فقد قيد حق المتهم في الاستئناف فيها بأن جعل حقه في الاستئناف قاصراً على الأحوال الآتية :

أولا - إذا حكم عليه بعقوبة غير الغرامة والمصاريف .

ثانيا - إذا حكم عليه بغرامة وتعويضات يزيد مجموعهما على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً في المواد المدنية .

ثالثاً - إذا حكم عليه بغرامة تزيد على ثلاثة جنيهات .

أما النيابة فيجوز لها الاستئناف في الجرائم المذكورة إذا طلبت الحكم بغير الغرامة والمصاريف أو إذا طلبت الحكم بغرامة تزيد على ثلاثة جنيهات وحكم ببراءة المتهم أو لم يحكم بما طلبته .

وقد أجيز استئناف الأحكام الصادرة في جرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ولو لم يكن الاستئناف جائزاً للمستأنف إلا بالنسبة لبعض هذه الجرائم وذلك منعاً لتعارض الأحكام .

واستثناء من الأحكام السابقة نص على عدم جواز استئناف الأحكام التحضيرية والتمهيدية الصادرة في مسائل فرعية قبل أن يُفصل في الموضوع ويترتب حتماً على استئناف الحكم الصادر في الموضوع استئناف هذه الأحكام ومع ذلك فجميع الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص يجوز استئنافها كما يجوز استئناف الأحكام الصادرة بالاختصاص إذا لم يكن للمحكمة ولاية الحكم في الدعوى .

وقد أجيز لقلم الكتاب عدم قبول التقرير بالاستئناف في الأحوال المتقدمة التي لا يجوز رفع الاستئناف فيها قبل الحكم في الموضوع ويحرر في الحال محضراً بذلك أو لطالب الاستئناف حق التظلم منه أمام رئيس المحكمة .

وقد أخذ بنظام الاستئناف الفرعي فنص على أنه في حالة ما إذا استأنف أحد الخصوم في مدة العشرة أيام المقررة يمتد ميعاد الاستئناف لمن له حق الاستئناف من باقي الخصوم خمسة أيام من تاريخ انتهاء العشرة الأيام المذكورة .

ومنعاً من مطاولة بعض المتهمين وإلزامهم باحترام الأحكام الصادرة عليهم نص على عدم قبول الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية واجبة النفاذ ما لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة .

ثم عرض المشروع إلى حق المحكمة الاستئنافية في تشديد العقوبة المحكوم بها أو إلغاء الحكم الصادر بالبراءة فنص على عدم جواز ذلك إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة ، وعلة ذلك أن رأي القاضي الأول يجب أن يكون له وزنه عند أخذ آراء قضاة المحكمة الاستئنافية .

وفيما يختص بالطعن بطريق النقض والإبرام أجيز الطعن في أحكام المخالفات نظراً لما للكثير منها من الأهمية وما يثيره من الإشكالات كمخالفات التنظيم والمحلات الخطرة والمضرة بالصحة.

وأدخل تعديل هام في أحكام هذا الباب يجيز لمحكمة النقض والإبرام أن تتعرض من تلقاء نفسها لما قد يكون في الحكم من الأخطاء الماسة بالنظام العام فنص على أن للمحكمة أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا تبين لها ما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لا ولاية لها بالفصل في الدعوى . ومما تجب ملاحظته أن هذا الحق الذي خول لمحكمة النقض لا يقوم إلا إذا كان الطعن مقبولاً شكلاً .

وقد وضع حد للإشكالات الناشئة من عدم التوقيع على الحكم في الميعاد القانوني فنص على أن ميعاد الطعن لا يبدأ في هذه الحالة إلا من تاريخ علم صاحب الشأن رسمياً بالتوقيع على الحكم ولا يثبت هذا العلم إلا بإعلانه بإيداع الحكم قلم الكتاب أو بورقة صادرة منه . وعلى كل حال يجب على صاحب الشأن أن يحصل على شهادة من قلم الكتاب بعدم التوقيع على الحكم في الميعاد .

وقد أخذ بمبدأ العقوبة المبررة فنص على عدم قبول الطعن كلما كانت الواقعة الجنائية التي أثبت الحكم وقوعها تبرر العقوبة المحكوم بها مهما كان هناك من الخطأ في وصفها القانوني وهذه القاعدة التي تبررها مصلحة العمل مقررة في جميع التشريعات الأجنبية .

ومنعاً من المطاولة التي يلجأ إليها بعض المتهمين الذين يهربون من تنفيذ الأحكام ويطعنون في نفس الوقت بالنقض بطريق التوكيل نص على عدم قبول الطعن المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية ما لم يتقدم التنفيذ قبل يوم الجلسة .

وقد أدخلت تعديلات جوهرية في باب إعادة النظر فقد لوحظ أن الحالات التي تبيح إعادة النظر وفقاً للقانون الملغي لا تحقق الغرض المقصود من طريق هذا الطعن لقصورها عن الإحاطة بكل الصور التي يثبت فيها بصورة جلية وقوع خطأ قضائي ، ولذلك أضيف إلى حالة الحكم على بعض شهود الإثبات من أجل شهادة الزور حالة الحكم على الخبير من أجل التزوير في رأيه وحالة الحكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وحالة ما إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية في الأحوال التي يتعين على المحكمة الجنائية فيها الأخذ بحكم صادر من جهة القضاء المدني أو الشرعي وذلك إذا ألغي هذا الحكم فيما بعد كما أضيفت الصورة العامة التي تنص عليها كل القوانين الحديثة وهي حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن الوقائع والأوراق المذكورة ثبوت براءة المتهم .

وقد جعل حق طلب إعادة النظر في الحالات الأربع الأولى منه لأصحاب الشأن وللنائب العمومي، أما في الحالة الخامسة فقد رؤي منعاً من التهجم على حرمة الأحكام النهائية بغير مسوغ صحيح أن يكون طلب إعادة النظر بناء عليها من حق النائب العمومي وحده إذا رأى أنها غير منتجة أمر بحفظها وإلا فإنه يسير فيه ولكنه لا يقدمه لمحكمة النقض مباشرة بل إلى لجنة مكونة من ثلاثة من المستشارين أحدهم من محكمة النقض والآخرين من محكمة الاستئناف، وهذه اللجنة هي التي تقرر إحالة الطلب إلى محكمة النقض إذا رأت أن لقبوله وجها وإلا قررت عدم قبوله .

وقد تناول القانون بعد ذلك أحكام المصاريف والتنفيذ وسقوط العقوبة بمضي المدة والإفراج تحت شرط وهو الوارد في لائحة السجون الصادر بها الأمر العالي في ٩ فبراير سنة ١٩٠١ ( ألغي بالمرسوم بقانون ١٨٠ لسنة 19٤٩ الخاص بلائحة السجون ) وبما استحدث في هذا الباب تخويل السلطة القضائية حق الإشراف على السجون لمراقبة تنفيذ العقوبات فنص على وجوب تعيين قاض من قضاة المحكمة الابتدائية لكل ليمان أو سجن عمومي ليقوم بمراقبة تنفيذ العقوبات ولمباشرة الاختصاصات الأخرى المخولة له بمقتضى القانون ، كما نص على أن يكون لكل ليمان أو سجن عمومي لجنة للإشراف عليه ولمباشرة الاختصاصات الأخرى المخولة له بمقتضى القانون ، وتشكل هذه اللجنة من رئيس المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها الليمان أو السجن رئيساً ومن قاضي السجن ومن أحد وكلاء النيابة العمومية وموظف من وزارة الداخلية وموظف من وزارة الشئون الاجتماعية يندب كل منهما الوزير التابع له بصفة أعضاء وقد جعل من اختصاص هذه اللجنة التقرير بالإفراج تحت شرط فيصدر الأمر بالإفراج في هذه الحالة من وزير الشؤون الاجتماعية بناء على طلب اللجنة.

وقد أدمج في المشروع أحكام القانون القائم بشأن رد الاعتبار القضائي وأضيفت إليها أحكام رد الاعتبار بحكم القانون . وغني عن البيان أن ما جاء في هذا التقرير ليس إلا عرضاً للمسائل الرئيسية التي تناولها القانون ونحن لا نكتفي بهذا القدر تاركين بعض التفصيلات إلى سفر يضم الأعمال التحضيرية لقانون الإجراءات الجنائية الذي نصدره قريباً جداً .

----------------