الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 سبتمبر 2023

الطعن 1494 لسنة 51 ق جلسة 26 /11 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 214 ص 1037

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم نائب رئيس المحكمة، جرجس إسحق، د. رفعت عبد المجيد والسيد السنباطي.

---------------

(214)
الطعن رقم 1494 لسنة 51 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". دعوى "الطلبات في الدعوى". استئناف.
اختصام من وجه إليهم الطاعنون الطلب الأصلي أمام محكمة أول درجة في الطعن بالنقض المتضمن نعياً على قضاء الحكم بخصوصه. صحيح. لا يحول دونه اعتبار محكمة الاستئناف هذا الطلب غير مطروح عليها ووقوفهم موقفاً سلبياً في الاستئناف المرفوع عن الطلب الاحتياطي.
(2) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة" إثبات.
تقدير الأدلة واستخلاص الصحيح الثابت منها. من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3) استئناف "نطاق الاستئناف".
استئناف المحكوم عليه الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي. أثره. اعتبار الحكم الصادر برفض الطلب الأصلي معروضاً على محكمة الدرجة الثانية بقوة القانون. علة ذلك. م 229/ 2 مرافعات.

---------------
1 - لما كان الطلب الأصلي للطاعنين أمام محكمة أول درجة قد وجه للمطعون ضدهما الثاني والثالث إذ طلبوا الحكم فيها في مواجهة المطعون ضده الأول وآخر بأحقيتهم في صرف حصتهم في المبلغ المحكوم به في الدعوى رقم.... وهو الطلب الذي رفضته المحكمة وأجابت الطاعنين إلى طلبهم الاحتياطي الموجه إلى المطعون ضده الأول بتثبيت ملكيتهم لحصتهم في المصنع وكان الموقف السلبي للمطعون ضدهما الثاني والثالث في خصومة استئناف ما حكم به في هذا الطلب الاحتياطي لأنه لم يوجه إلى أي منهما، لا ينفي أنهما ما زالا خصمين حقيقيين في موضوع الطلب الأصلي الذي اعتبرته محكمة الاستئناف غير مطروح عليها وكان قضاؤها في خصوص هذا الطلب الأخير محل نعى من الطاعنين فإن اختصامهم للمطعون ضدهما الثاني والثالث في الطعن يكون في محله.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الصحيح الثابت منها ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
3 - النص في الفقرة الثانية من المادة 229 من قانون المرافعات على أن "... استئناف الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي يستتبع حتماً استئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي، وفي هذه الحالة يجب اختصام المحكوم له في الطلب الأصلي ولو بعد فوات الميعاد". يدل على أنه إذا حكمت محكمة الدرجة الأولى برفض الطلب الأصلي بعد بحث ثم تطرقت إلى الطلب الاحتياطي وأجابته، واستؤنف الحكم الصادر في هذا الطلب الأخير من المحكوم عليه فإن الحكم الصادر برفض الطلب الأصلي يعد مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية بقوة القانون كي تفصل في الطلبين على نحو يحقق العدالة ويصون مصالح الخصوم، إذ لا تملك هذه المحكمة متى قضت برفض الطلب الاحتياطي أن تعيد الطلب الأصلي إلى محكمة الدرجة الأولى لأنها استنفذت ولايتها بالنسبة لهذا الطلب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين وأخيهم - ...... - أقاموا على المطعون ضدهم وآخرين الدعوى رقم 380 لسنة 1976 مدني كلي أسيوط، طلبوا فيها الحكم على المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما وفي مواجهة الباقين بأحقيتهم في صرف مبلغ 6155 ج و250 م قيمة حصتهم في مبلغ 8207 ج المحكوم به في الدعوى رقم 1800 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة لصالح...... وشركاه واحتياطياً الحكم على المطعون ضده الأول وفي مواجهة الباقين بتثبيت ملكيتهم إلى حصة قدرها 6/ 8 في مصنع علف الحيوان المبين بالصحيفة، وقالوا بياناً لدعواهم إنهم أنشأوا شركة تضامن فيما بينهم وبين المطعون ضده الأول و.... ووالهم المرحوم...... لاستغلال المصنع المذكور في سنة 1958 وإذ صدر القانون رقم 193 لسنة 1959 الذي قضى بإلغاء جميع تراخيص الأفراد للاتجار في علف الحيوان ومنح وزير الزراعة بصفته الحق في شراء تلك المصانع، تشكلت لجنة لمعاينة مصنعهم التي قدرت قيمة آلاته بمبلغ 610 ج، فتظلموا من هذا التقدير في الدعوى رقم 1800 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة التي أقامها..... نيابة عنهم، وحكم فيها بتعديل التقدير وجعله مبلغ 8207 ج مع ألزام وزير الزراعة بصفته (المطعون ضده الثاني) بأدائه لهم، ثم قضي في الاستئناف المرفوع من المطعون ضدهما الثاني والثالث عن هذا الحكم بعدم قبوله بالنسبة لتقدير مبلغ التعويض وإلغاء الشق الثاني من الحكم، وإذ نازعهم المطعون ضده الأول في ملكية المصنع ولأحقيتهم في صرف حصتهم في المبلغ المحكوم به فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 19/ 12/ 1977 حكمت المحكمة على المطعون ضده الأول وفي مواجهة باقي المدعى عليهم بتثبيت ملكية الطاعنين إلى أربعة أسباع موجودات مصنع علف الحيوان. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 25 لسنة 53 ق، وبتاريخ 28/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم المطعون ضدهما الثاني والثالث مذكرة دفعا فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الدفع وبنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث أنه وإن كانا قد اختصما أمام محكمة الاستئناف إلا أنه لم توجه لهما طلبات، وكان موقفهما من الخصومة سلبياً ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء مما لا يقبل معه اختصامهما في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كان الطلب الأصلي للطاعنين أمام محكمة أول درجة قد وجه للمطعون ضدهما الثاني والثالث إذ طلبوا الحكم عليهما في مواجهة المطعون ضده الأول وآخر بأحقيتهم في صرف حصتهم في المبلغ المحكوم به في الدعوى رقم 1800 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة، وهو الطلب الذي رفضته المحكمة وأجابت الطاعنين إلى طلبهم الاحتياطي الموجه إلى المطعون ضده الأول بتثبيت ملكيتهم لحصتهم في المصنع، وكان الموقف السلبي للمطعون ضدهما الثاني والثالث في خصومة استئناف ما حكم به في هذا الطلب الاحتياطي لأنه لم يوجه إلى أي منهما، لا ينفي أنهما ما زالا خصمين حقيقيين في موضوع الطلب الأصلي الذي اعتبرته محكمة الاستئناف غير مطروح عليها وكان قضاؤها في خصوص هذا الطلب الأخير محل نعى من الطاعنين، فإن اختصامهم للمطعون ضدهما الثاني والثالث في الطعن يكون في محله مما يتعين معه رفض الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض تثبيت ملكيتهم لحصتهم في المصنع على سند من أنه قد تم بيعه من الطاعنين وباقي الشركاء فيه إلى وزارة الزراعة في حين أنها نازعتهم في ذلك بقولها إنها غير ملزمة بشرائه مما مفاده أنها لم تدفع ثمناً له ولم تتسلمه وبالتالي فقد بقى على ملكيتهم هم وشركائهم، ويكون الحكم المطعون فيه عند تحصيله فهم الواقع في الدعوى قد خالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الصحيح الثابت منها ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الطلب الاحتياطي للطاعنين تثبيت ملكيتهم لحصتهم في المصنع على قوله ".... أن المستأنف عليهم الخمسة الأول (الطاعنين وآخر) أقاموا الدعوى.... موضوع الاستئناف الماثل وذكروا في صحيفة الدعوى أنهم أقاموا تحت اسم...... وشركاه الدعوى رقم 1800 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة طعناً في تقدير اللجنة الخاصة بتقدير قيمة مصنع علف الحيوان الذي يمتلكونه مع المستأنف (المطعون ضده الأول) والمستأنف عليه السادس فضلاً عن أنهم تدخلوا في الاستئنافين رقمي 423 سنة 86 ق و687 سنة 81 ق أمام محكمة استئناف القاهرة منضمين إلى شقيقهم..... المستأنف عليه الأصيل في الاستئنافين وأنهم طالبوا وزارة الزراعة والصناعة بصرف قيمة نصيبهم في ثمن المصنع المبيع إلى وزارة الزراعة بموجب إنذار رسمي مؤرخ في 23/ 10/ 1975 وانتهوا إلى طلب الحكم....".
وحيث إنه متى كان ذلك وكانت المحكمة تخلص من جماع ما تقدم أن المستأنف عليهم من الأول إلى الخامس لا ينازعون في صحة صدور البيع إلى وزارة الزراعة وأنهم صادقوا على هذه البيع وأن منازعتهم انصبت منذ البداية - حسب قولهم - على تقدير قيمة ثمن المصنع الذي يشاركون في ملكيته مع المستأنف عليه السادس وأن طلبهم الأساسي هو المطالبة بقيمة نصيبهم في الثمن المقضى به في الحكم الصادر في الدعوى رقم 1800 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة، إذ كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يجوز للبائع أن يرفع على المشتري دعوى استحقاق باعتبار أنه لا يزال مالكاً للعقار، إذ لا يجوز الاسترداد لمن وجب عليه الضمان.... ومن ثم فلا يجوز لهم وقد طالبوا بصرف هذا الثمن أن يطلبوا تثبيت ملكيتهم "للمصنع المبيع..." وكان هذا الذي أورده الحكم استخلاصاً سائغاً مما له أصله الثابت بالأوراق يؤدي إلى ما انتهى إليه من أن الطاعنين قد وافقوا على بيع المصنع إلى وزارة الزراعة نفاذاً لحكم القانون رقم 193 لسنة 1959، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بالسببين الأولين من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور، ذلك أن محكمة أول درجة كانت قد حكمت لهم بالطلب الاحتياطي وهو تثبيت ملكيتهم لحصتهم في موجودات مصنع علف الحيوان، والتفتت عن طلبهم الأصلي بأحقيتهم قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث في صرف حصتهم في قيمة التعويض، وإذ استأنف المطعون ضده الأول الحكم الصادر ضده بتثبيت الملكية. وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي ورفضت الطلب الاحتياطي فإنه كان يتعين عليها أن تعرض لبحث الطلب الأصلي وتحكم فيه تطبيقاً لنص المادة 229/ 2 من قانون المرافعات، إلا أن الحكم المطعون فيه قصر قضاءه على الطلب الاحتياطي بمقولة أن نطاق الاستئناف محدد به وحده، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون أدى به إلى عدم بحث الطلب الأصلي.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 229 من قانون المرافعات على أن ".... استئناف الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي يستتبع حتماً استئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي، وفي هذه الحالة يجب اختصام المحكوم له في الطلب الأصلي ولو بعد "فوات الميعاد" يدل على أنه إذا حكمت محكمة الدرجة الأولى برفض الطلب الأصلي بعد بحثه ثم تطرقت إلى الطلب الاحتياطي وإجابته، واستأنف الحكم الصادر في هذا الطلب الأخير من المحكوم عليه فإن الحكم الصادر برفض الطلب الأصلي بعد معروضاً على محكمة الدرجة الثانية بقوة القانون كي تفصل في الطعنين على نحو تحقيق العدالة وصون مصالح الخصوم، إذ لا تملك هذه المحكمة متى قضت برفض الطلب الاحتياطي أن تعيد الطلب الأصلي إلى محكمة الدرجة الأولى لأنها استنفذت ولايتها بالنسبة لهذا الطلب، لما كان ذلك وكان الثابت أن محكمة أول درجة قد قضت برفض الطلب الأصلي للطاعنين على سند من عدم أحقيتهم في صرف حصتهم في التعويض المحكوم به في الدعوى رقم 1800 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة بعد أن ألغي الحكم استئنافياً، ثم أجابت الطاعنين إلى طلبهم الاحتياطي بالحكم بتثبيت ملكيتهم لحصة وقدرها 4/ 7 موجودات المصنع، فاستأنف المحكوم عليه في الطلب الاحتياطي هذا الحكم مختصماً المحكوم لهما في الطلب الأصلي (المطعون ضدهما الثاني والثالث) وكان الحكم الصادر برفض الطلب الأصلي يعد بذلك مستأنفاً بقوة القانون دون حاجة إلى رفع استئناف خاص عنه من جانب الطاعنين، فإن الحكم المطعون فيه إذ حجب نفسه عن بحث ما حكمت به محكمة أول درجة في الطلب الأصلي بمقولة أن نطاق الاستئناف لا يتسع إلا لما رفع عنه وهو الحكم في الطلب الاحتياطي وحده، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

الطعن 229 لسنة 3 ق جلسة 6/ 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 119 ص 1346

جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيي الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

-----------------

(119)

القضية رقم 229 لسنة 3 القضائية

(أ) إدارة قضايا الحكومة. 

ترقيات موظفي إدارة القضايا الفنيين - جريانها بالأقدمية مع الأهلية أو بالكفاية الممتازة في النسبة المعينة لذلك - اختلاف معنى الكفاية المتطلبة في كل نسبة.
(ب) موظف. ترقية. 

مرض الموظف - لا يجوز أن يكون مانعاً من الترقية متى توافرت الأهلية لها.
(ج) إدارة قضايا الحكومة. 

ترقيات موظفي إدارة القضايا الفنيين - ترك أحدهم فيها لمجرد حداثة عهده بالعمل في الإدارة - غير جائز متى كان عمل الموظف السابق على تعيينه عملاً نظيراً لعمل الإدارة الفني.

----------------
1 - إن الترقية بين رجال النيابة ومن في حكمهم من موظفي إدارة القضايا الفنيين إما أن تكون بالأقدمية مع الأهلية في النسبة المعينة لذلك، أو بالكفاية الممتازة في النسبة المعينة لذلك أيضاً، وغني عن البيان أن قاعدة الترقية في كل منطقة من هاتين المنطقتين تختلف في مفهومها وضوابطها عن الأخرى، لما هو مسلم من أن مستوى الكفاية الممتازة أعلى قدراً من المستوى الآخر.
2 - إن المرض هو سبب خارج عن إرادة الموظف فلا يجوز أن يكون مانعاً من ترقيته ما دام كان أهلاً في ذاته لتلك الترقية.
3 - لا يجوز ترك المدعي في الترقية لمجرد حداثته في إدارة القضايا، ما دام عمله السابق قبل تعيينه فيها هو عمل نظير لعمل الإدارة الفني، ومثله لا يجوز إطراحه وترك تقدير القائم به من ثناياه؛ لأن في إطراحه قطعاً للصلة بين ماضي المدعي في ذلك العمل وحاضره في إدارة قضايا الحكومة، والقانون إذ أجاز تعيينه في هذه الإدارة وحساب أقدميته السالفة عند التعيين، إنما قصد بداهة إلى أنه لا يجوز فصل الماضي عن الحاضر، بل يجب إحكام ربطهما، وأن يؤخذ في الاعتبار ما قدمه الموظف من جهد مثنى عليه في ذلك العمل النظير؛ كيما تقدر صلاحيته للترقية في الإدارة على أساسه، هذا إلى ما ينطوي عليه جب ماضيه وتخطيه في الترقية من غبن لا يرجع إلى نقص في كفايته الذاتية، والأهلية للترقية هي بطبيعتها ذاتية بالنسبة للموظف، بينما تركه بحسب منطق الإدارة مرده إلى سبب غير ذاتي فيه، وإنما هو بطبيعته موضوعي، يدور حول دعوى حداثة المعين في إدارة القضايا، ولو كان في ذاته كفِيّاً وممتازاً.


إجراءات الطعن

في 5 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 378 لسنة 9 القضائية المقامة من الأستاذ محمد كمال مصطفى المتولي المحامي بإدارة قضايا الحكومة ضد وزارة العدل وإدارة قضايا الحكومة، القاضي "بإرجاع أقدمية المدعي في وظيفة محام من الدرجة الثانية إلى 20 من سبتمبر سنة 1954، تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وبإلزام كل من المدعي والحكومة المصروفات المناسبة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إرجاع أقدمية المدعي في وظيفة محام من الدرجة الثانية إلى 20 من سبتمبر سنة 1954، تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام كل من المدعي والحكومة المصروفات المناسبة، والقضاء برفض هذا الطلب أيضاً، وبإلزام المدعي كافة المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة العدل في 9 من مايو سنة 1957، وإلى إدارة قضايا الحكومة في 18 من مايو سنة 1957، وإلى المطعون عليه في 28 من مايو سنة 1957، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 31 من يناير سنة 1959، منها أجل نظر الطعن لجلسة 7 من مارس سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 378 لسنة 9 القضائية ضد وزارة العدل وإدارة قضايا الحكومة بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 11 من نوفمبر سنة 1954 طالباً الحكم: "(1) بإلغاء قرار السيد وزير العدل رقم 91 الصادر بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية في دوره إلى وظيفة محام من الدرجة الثانية. (2) تسوية أقدميته بين زملائه المحامين بالإدارة تمشياً مع أقدمية تخرجه التي ترجع إلى سنة 1943 ومراعاة لقيده بجدول النظراء لأقسام قضايا الحكومة اعتباراً من 16 من يناير سنة 1944، مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحاً لدعواه إنه حصل على الليسانس في القوانين المصرية من جامعة القاهرة في عام 1943، وقيد اسمه بجدول المحامين، ثم التحق بوظيفة مفتش بالمراقبة العامة للتسويات العقارية بوزارة المالية اعتباراً من 16 من يناير سنة 1944، ورقي إلى الدرجة الخامسة في أول نوفمبر سنة 1949، وبلغ مرتبه 29 ج شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1953. وفي 29 من إبريل سنة 1954 أصدر السيد وزير العدل القرار الوزاري رقم 54 لسنة 1954 بتعيينه في وظيفة محام من الدرجة الثالثة بإدارة قضايا الحكومة، على أن يكون ترتيبه الخامس بين هؤلاء المحامين (تالياً للأستاذ حسن زكي)، وتسلم عمله بإدارة قضايا الحكومة في 26 من مايو سنة 1954. وبتاريخ 8 من يونيه سنة 1954 أقعده المرض عن مباشرة عمله، فأحيل إلى الكشف الطبي، وتقرر منحه إجازة مرضية تنتهي في 23 من يونيه سنة 1954، وفي 24 من يونيه سنة 1954 طلب منحه إجازة اعتيادية لمدة أسبوع تنتهي في 30 من يونيه سنة 1954، على أن يمنح بعدها إجازته السنوية الاعتيادية اعتباراً من أول يوليو حتى آخر يوليه سنة 1954؛ ليتسنى له استكمال علاج مرضه. وبتاريخ 31 من يوليه سنة 1954 طلب إحالته إلى القومسيون الطبي العام الذي قرر بجلسته المنعقدة في 16 من أغسطس سنة 1954 أنه مصاب بكسر في الفقرة السادسة من العمود الفقري، ومنحه إجازة مرضية تنتهي في 14 من سبتمبر سنة 1954، وعلى أن يعاد الكشف الطبي عليه في التاريخ المذكور نظراً لخطورة إصابته. وعند إعادة الكشف عليه قرر القومسيون الطبي العام أنه مصاب بكسر في العمود الفقري وبأنه يرتدي قفصاً حديدياً، واكتفى إزاء إصرار الطالب على سرعة العودة إلى عمله بمنحه امتداداً لإجازته المرضية لمدة أسبوع تنتهي في 21 من سبتمبر سنة 1954، على أن يعهد إليه بعمل خفيف المئونة لمدة ثلاثة أشهر، ثم يعاد الكشف الطبي عليه بعدها، وقال إنه تسلم عمله فعلاً بناء على ذلك بإدارة قضايا الحكومة بمأمورية المنصورة في 22 من سبتمبر سنة 1954، وفي 20 من سبتمبر سنة 1954 كان قد أصدر وزير العدل القرار الوزاري رقم 91 لسنة 1954 بترقية بعض المحامين من الدرجة الثالثة بالإدارة إلى الدرجة الثانية متخطياً إياه في الترقية إلى وظيفة محام من الدرجة الثانية، وإزاء هذا تظلم في اليوم التالي إلى الوزير من هذا التخطي، فرد عليه السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة في 27 من سبتمبر سنة 1954 بأن سبب التخطي يرجع إلى أن الطالب لم يتمكن من القيام بعمل يذكر في الإدارة بسبب مرضه؛ ومن ثم لم تستطع إدارة قضايا الحكومة تقدير درجة كفايته الفنية. ولما لم يجده التظلم نفعاً اضطر إلى الالتجاء إلى القضاء الإداري طاعناً بالإلغاء قي القرار الوزاري الصادر بتخطيه، وطالباً كذلك تسوية حالته بمراعاة أقدمية تخرجه. وقد استند في ذلك إلى أسباب متعددة منها أن من بين من رقي بموجب القرار الوزاري رقم 91 لسنة 1954 بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1954 إلى وظيفة محام من الدرجة الثانية من كان يليه في ترتيب الأقدمية، أما الاستناد إلى مرض الطالب وهو أمر لا حيلة له في دفعه فلا حجة فيه؛ لأن المرض لم يكن في يوم ما سبباً لحرمان الموظف من حقه في الترقية في دوره، وخاصة بعد أن قرر القومسيون الطبي العام بجلسته المؤرخة 16 من أغسطس سنة 1954 أنه مصاب بكسر في العمود الفقري، ثم عاد فأوصى في 14 من سبتمبر سنة 1954 بأن يزاول بعد رجوعه من إجازته المرضية عملاً هيناً لمدة ثلاثة أشهر، على أن يعاد الكشف الطبي عليه بعدها نظراً لجسامة إصابته. أما عن الكفاية الفنية وعدم إمكان الحكم عليها بسبب المرض فقد كان في استطاعة إدارة القضايا الرجوع إلى ملف خدمته وإلى التقارير المشرفة التي أودعت به والتي سجل فيها التقدير الصحيح لعمله مدة عشر سنوات متتالية بالمراقبة العامة للتسويات العقارية بوزارة المالية، ولا سيما وأن عمله السابق يعد نظيراً لعمله بإدارة قضايا الحكومة، كما أن ما فاضت به التقارير من الإشادة بامتيازه هو الذي دعا إلى تعيينه بإدارة القضايا. أما عن مطالبته بتسوية أقدميته بمراعاة تاريخ تخرجه في كلية الحقوق عام 1943، فقد بناها على سبق قيده بجدول النظراء للموظفين الفنيين بإدارة قضايا الحكومة منذ 16 من يناير سنة 1944، وقد نص قانون استقلال القضاء على جواز تعيين النظراء لموظفي أقسام القضايا الفنيين في الوظائف القضائية، كما نص قانون المحاماة على حساب مدة القيد بجدول النظراء كاملة. ثم ختم صحيفة دعواه بالقول بأنه قد لحق به بالغ الضرر من جراء تعيينه بسبب كفايته في وظيفة قضائية؛ لأنه كان يشغل وظيفة فنية من الدرجة الخامسة منذ أول نوفمبر سنة 1949 بمربوط من 25 إلى 35 جنيهاً شهرياً، فعين في وظيفة محام من الدرجة الثالثة مربوطها 25 إلى 30 جنيهاً شهرياً، وفي الوقت الذي حرم فيه من الترقية بموجب القرار الوزاري المطعون فيه ضاعت عليه فرصة الترقية إلى الدرجة الرابعة في عمله السابق لو أنه بقي في وظيفته الأولى. وقد ردت الحكومة على الدعوى بأن المدعي لم يرق بموجب القرار المطعون فيه لعدم قيامه، بسبب مرضه، بعمل يذكر بإدارة القضايا تتبين منه إدارة القضايا درجة كفايته الفنية للترقية. ولما تخطى في الترقية بحق بموجب القرار رقم 91 الصادر من وزير العدل في 20 من سبتمبر سنة 1954 - تقدم بتظلم تاريخه 23 من سبتمبر سنة 1954، وردت عليه الإدارة في 27 من سبتمبر سنة 1954 ببيان أسبابها، وأنه بعد ذلك رقي محامياً من الدرجة الثانية بموجب القرار رقم 8 لسنة 1955 المؤرخ 9 من فبراير سنة 1955 في أول حركة تالية للحركة الصادر بها القرار المطعون فيه؛ وطلبت لذلك رفض الدعوى. وقد عقب المدعي (المطعون عليه) على رد الحكومة بمذكرة بملاحظاته أودعها ملف الدعوى في 31 من أغسطس سنة 1955 وأيد فيها دفاعه السابق الوارد بصحيفة دعواه المقامة في 11 من نوفمبر سنة 1954، ولقد أوضح في هذه المذكرة أنه ثابت من ملف خدمته أنه في تاريخ ترقيته في 9 من فبراير سنة 1955 كان ما يزال مريضاً وخاضعاً لإشراف القومسيون الطبي الذي قرر، بسبب خطورة إصابته، وجوب توقيع الكشف الطبي عليه في مواعيد دورية كل ثلاثة أشهر؛ الأمر الذي يبين معه أنه كان على حق في دعواه أن القرار الوزاري المطعون فيه كان مجافياً للصواب؛ إذ تخطاه بغير حق في الترقية إلى وظيفة محام من الدرجة الثانية، وأنه إزاء هذا لم يحصل على حقه كاملاً حين رقي إلى هذه الوظيفة بالقرار الصادر في 9 من فبراير سنة 1955؛ ومن ثم يتعين أن يقضي بإرجاع أقدميته في وظيفة محامٍ من الدرجة الثانية إلى يوم 20 من سبتمبر سنة 1954، وهو تاريخ صدور القرار المطعون فيه. أما فيما يختص بالطلب الثاني المتعلق بتسوية أقدميته بين السادة المحامين بالإدارة تمشياً مع أقدمية تخرجه في سنة 1943 وبمراعاة قيده في جدول النظراء لموظفي إدارة قضايا الحكومة الفنيين اعتباراً من 16 من يناير سنة 1944، فقد أضاف إلى ما سبق تفصيله في عريضة دعواه أن القانون رقم 606 لسنة 1954، الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954 والخاص بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 الخاص باستقلال القضاء، قد جاء مؤيداً لوجهة نظره حسبما يتضح من المذكرة الإيضاحية المرافقة لهذا التعديل التشريعي؛ إذ نصت الفقرة ب من المادة الأولى من هذا القانون على أن "يعدل البند ب من المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 على الوجه الآتي: ب - وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية الذين شغلوا هذه الوظيفة مدة سنة على الأقل أو قضوا في وظائف النيابة أو في المحاماة أو اشتغلوا في عمل قانوني مما يعتبر نظيراً لعمل إدارة قضايا الحكومة مدة أو مدداً متوالية لا تقل عن تسع سنوات"، كما جاء بالمذكرة الإيضاحية الخاصة بالقانون سالف الذكر ما يأتي "رؤى أن تحتسب في مدة التسع السنوات الواردة في النص مدة العمل في المحاماة أو أي عمل قانوني يعتبر نظيراً لعمل إدارة قضايا الحكومة؛ إذ أنه لا مبرر للتفريق بينها وبين العمل بالنيابة في هذا الصدد". واستطرد المدعي قائلاً إنه كان يشغل وقت صدور هذا القانون وظيفة محام من الدرجة الثانية، وهي تعادل وظيفة وكيل النائب العام من الدرجة الثانية درجة ومرتباً، وأنه إذ ثبت أنه وقت صدور هذا القانون كان قد أمضى أكثر من عشر سنوات في عمل نظير لعمل إدارة قضايا الحكومة بسبب سبق قيده في جدول النظراء اعتباراً من 16 من يناير سنة 1944، فإن حالته تندرج حتماً تحت نطاق تطبيق أحكام هذا القانون الذي عمل به اعتباراً من 17 من نوفمبر سنة 1954. ولذلك فقد ختم مذكرته بطلب الحكم له بقبول دعواه من حيث الشكل، وفي الموضوع بتعديل طلبيه السابقين على النحو الآتي: أولاً - إرجاع تاريخ ترقيته محامياً من الدرجة الثانية إلى تاريخ 20 من سبتمبر سنة 1954، وهو تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 91 لسنة 1954 الذي تخطاه في الترقية، بدلاً من 9 من فبراير سنة 1955، مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً - تسوية أقدميته تمشياً مع أقدمية تخرجه التي ترجع إلى عام 1943 وبمراعاة سبق قيده بجدول النظراء منذ 16 من يناير سنة 1944؛ وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 606 لسنة 1954 الذي سبقت الإشارة إليه. وقد أودع المطعون عليه مذكرة أخرى فصل فيها وجهة نظره، وأضاف إلى ما سبق له إبداؤه بالنسبة إلى الطلب الأول الخاص بالإلغاء أن نقله إلى إدارة قضايا الحكومة بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954 كان نقلاً شكلياً؛ لأن طبيعة العمل بالمراقبة العامة للتسويات العقارية التابعة لوزارة المالية والاقتصاد حيث كان، وبإدارة القضايا التي نقل إليها محامياً واحدة؛ لأن النقل من كادر عام إلى كادر خاص على مقتضى الفتوى التي أصدرتها الجمعية العمومية لمجلس الدولة في 30 من مايو سنة 1956 لا يعتبر تعييناً جديداً؛ لأن خدمته متصلة، ولا يؤثر النقل في موعد استحقاق علاوته، باعتبار أن قانون استقلال القضاء لم يتضمن حكماً مانعاً من ذلك، وقال إنه لحظه العاثر نكب بمرض مفاجئ لم يستطيع دفعه، فانتهزت إدارة القضايا هذا الظرف ورقت زملاءه الذين يلونه في الأقدمية، ونوه بأنه لم يكن موظفاً تحت التجربة حتى يحتج عليه بأنه أمضى أو لم يمض فترة التجربة على ما يرام. كما لم يكن غريباً على العمل القضائي لأن نقله يعد استمراراً لعمله القانوني الذي كان يمارسه منذ التحق بخدمة الحكومة. وأشار إلى أن تقاريره السابقة وصفته بأنه عنصر ممتاز وحصل بمقتضاها على أعلى درجات التقدير وهي 100%، وأنه لا ذنب له إذا نقل من إدارة إلى إدارة أخرى نقلاً لا ينطوي على تغيير في طبيعة العمل، ولو صحت نظرية إدارة القضايا لما قبل أي موظف مثل هذا النقل خشية أن يعاد النظر في كفايته. وأضاف إلى ما تقدم أنه كوفئ على تضحيته بصحته عند تعجله العودة إلى عمله بإدارة القضايا قبل استكمال أسباب العلاج فجوزي على ذلك بالتخطي. أما بالنسبة إلى الطلب الثاني فقد حدد طلباته على الوجه الآتي: بطلب "معاملته بموجب الفقرة ب من القانون رقم 188 لسنة 1952 المعدلة بالمادة الأولى من القانون رقم 606 لسنة 1954؛ وذلك من تاريخ العمل بأحكامه في 17 من نوفمبر سنة 1954، بترقيته إلى محامٍ من الفئة الممتازة التي تعادل درجة قاضٍ درجة ومرتباً، وذلك اعتباراً من التاريخ المذكور (17 من نوفمبر سنة 1954)، مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. وقال بياناً لهذا التحديد إنه كان يشغل في التاريخ المشار إليه وظيفة محامٍِ من الدرجة الثانية، وهي تعادل وظيفة وكيل النائب العام من الدرجة الثانية درجة ومرتباً؛ لأنه وقت صدور القانون المذكور في 17 من نوفمبر سنة 1954 كان قد أمضى أكثر من عشر سنوات نظيراً لمن يعملون بإدارة قضايا الحكومة باعتباره مقيداً بجدول النظراء لإدارة القضايا منذ 16 من يناير سنة 1944؛ الأمر الذي يجعل حالته داخلة في نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 606 لسنة 1954 اعتباراً من تاريخ صدوره والعمل به في 17 من نوفمبر سنة 1954. وبجلسة 13 من ديسمبر سنة 1956 حكمت محكمة القضاء الإداري "بإرجاع أقدمية المدعي في وظيفة محامٍ من الدرجة الثانية إلى 20 من سبتمبر سنة 1954، تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام كل من المدعي والحكومة المصروفات المناسبة". وأسست قضاءها بالنسبة للطلب الأول على أن "إدارة قضايا الحكومة لم تنكر في خصوصية هذه الدعوى أنها راعت اتباع الأقدمية مع الكفاءة في الترقية المطعون فيها، ولم تدع أنها سلكت في إجرائها سبيل الاختيار، بل عزت تخطي المدعي إلى عدم قيامه - بسب مرضه - بعمل يذكر بها؛ مما نجم عنه عدم الوقوف على مدى كفايته الفنية للترقية"، وعلى أن "ما ساقته الجهة الإدارية تبريراً لتخطيها المدعي في الترقية لا يصلح في ذاته مبرراً لتخطيه في الترقية، ولا سيما وأن الحركة المطعون فيها قد تمت بالأقدمية؛ ذلك لأن المرض فضلاً عن أنه حالة طارئة لا يد للمدعي فيها ولا حيلة له في دفعها، فإن ما منحه من إجازات مرضية بسببه كان بناء على قرارات طبية صادرة من القومسيون الطبي العام، وهي الجهة ذات الاختصاص الأصيل في ذلك، وما دام الأمر كذلك فلا يسوغ التحدي بعدم إنتاج المدعي وعدم صلاحيته للترقية لهذا السبب وحده - لا يجوز التحدي بذلك؛ إذ أن الثابت أن الوظيفة التي كان يشغلها المدعي بالمراقبة العامة للتسويات العقارية هي من الوظائف الفنية المعتبرة نظيراً لأعمال إدارة قضايا الحكومة، ولا أدل على ذلك من أن المدعي قد قيد بجدول النظراء لأعمال إدارة قضايا الحكومة اعتباراً من بدء شغله إياها في 16 من يناير سنة 1944، كما أن ملف خدمته زاخر بالتقارير السرية التي تنطق بكفايته، وكان آخر تقرير وضع عنه في عام 1953 آية صادقة على ذلك؛ إذ نال أقصى درجات الكفاية وهي مائة درجة، وكان يتعين على إدارة قضايا الحكومة أن ترجع إلى هذه التقارير لتقدير درجة كفايته عند إجراء الترقيات المطعون فيها، لا أن تطرحها جانباً؛ بذريعة أن مرض المدعي قد حال بينها وبين تقدير كفايته الفنية"، كما أقامت هذا القضاء على "أن إدارة قضايا الحكومة ذاتها قد أضافت إلى المدعي سنداً جديداً يؤيد وجهة نظره؛ ذلك بأن رقته إلى وظيفة محامٍ من الدرجة الثانية بالقرار رقم 8 لسنة 1955 الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 بعد صدور القرار المطعون فيه بمدة وجيزة، ولم يكن قد برئ من علته أو أبل من مرضه نهائياً. ولا يجدي في هذا المقام ما تدفع به الإدارة من أن المدعي قد عاد إلى عمله في 24 من أكتوبر سنة 1954 بشعبة الطعون، وقدرت هيئة التفتيش كفايته بدرجة "أزيد من المتوسط" في 11 من يناير سنة 1955، وبالتالي رقته في 9 من فبراير سنة 1955 بالقرار رقم 8 سالف الذكر؛ ومن ثم فإنها حالما تبينت مدى كفاية المدعي رقته؛ الأمر الذي يحول بينه وبين الحركة المطعون فيها؛ إذ لم تكن قد استبانت كفايته - لا يجدي ذلك لتبرير تصرف الإدارة حيال المدعي؛ إذ أن ذلك سند ضدها لا لها"، "وأنه إذ رقي المدعي في القرار سالف الذكر فإن مصلحته غدت منحصرة في إرجاع أقدميته في هذه الوظيفة إلى 20 من سبتمبر سنة 1954، تاريخ صدور القرار المطعون فيه" وأقامت قضاءها بالنسبة إلى رفض الطلب الثاني على أنه "يبين من الرجوع إلى القانون رقم 606 لسنة 1954 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء أنه نص في مادته الأولى على أن "يعدل البند ب من المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 على الوجه الآتي: يعين قضاة من الدرجة الثانية من: أ - ...... ب - وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية الذين شغلوا هذه الوظيفة مدة سنة على الأقل أو قضوا في وظائف النيابة أو المحاماة أو اشتغلوا في عمل قانوني مما يعتبر نظيراً لعمل إدارة قضايا الحكومة مدة أو مدداً متوالية لا تقل عن تسع سنوات"، وأبانت المذكرة الإيضاحية أنه "رؤى أن تحتسب في مدة التسع السنوات الواردة في النص مدة العمل في المحاماة أو أي عمل قانوني يعتبر نظيراً لعمل إدارة قضايا الحكومة؛ إذ أنه لا مبرر للتفريق بينهما وبين العمل بالنيابة في هذا الصدد..."، وعلى أن "مفهوم هذا النص أن قضاء تسع سنوات في عمل يعتبر نظيراً لعمل إدارة قضايا الحكومة يعتبر شرط صلاحية للتعيين في وظيفة قاضٍ من الدرجة الثانية ليس إلا، فإذا ما توافرت باقي الشروط الأخرى وعين في هذه الوظيفة تحددت أقدميته وفقاً لنص المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952، وليس في التاريخ التالي لقضائه تسع سنوات، أو تاريخ العمل بالقانون رقم 606 لسنة 1954 سالف الذكر" وعلى أن "أقدمية المدعي قد حددت بالقرار الصادر بتعيينه رقم 49 بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954 في وظيفة محام من الدرجة الثالثة، وأن هذا القرار قد اكتسب حصانة تعصمه من أي إلغاء لفوات ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً للطعن بالإلغاء قي القرارات الإدارية من تاريخ علم المدعي به، وهو بلا شك ذات التاريخ الذي صدر فيه"، وعلى أنه "على هذا المقتضى يكون هذا القانون قد نص على شروط الصلاحية للتعيين في وظيفة قاضٍ من الدرجة الثانية وما يماثلها ولم ينص على تسوية حالة المدعي وأمثاله على نحو معين".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "نص المادة 61 من القانون رقم 188 لسنة 1952 على أن التعيين في وظيفة وكيل نيابة يكون بطريق الترقية من الدرجة السابقة، يتضمن في حد ذاته القاعدة الخاصة بالترقية في وظائف وكلاء النائب العام، وإذ ترك المشرع للجهة الإدارية حرية إجراء الترقية، فإنه يكون قد تركها إلى الأصل، وما تتمتع به الجهة الإدارية من سلطة تقديرية، وبالتالي تتعين طريقة الترقية بطريقة الاختيار au choix إحدى الطريقتين المعروفتين في ترقيات الموظفين. ويقوم الاختيار في الترقية على اجتهاد الموظف وكفايته وابتكاره في عمله، أي على كفاءة الموظف وجدارته للترقية إلى الوظيفة الأعلى. وإذ أطلق المشرع الاختيار للجهة الإدارية، فإنه يكون قد منحها سلطة التقدير، سواء بالنسبة إلى تقدير كفاية الموظف أو بالنسبة إلى تقدير الملائم منها للترقية في كل مناسبة لها. وعلى وجه العموم يكون المشرع قد منح الجهة الإدارية سلطة التقدير في جميع عناصر الاختيار للترقية إلى الوظيفة الأعلى. هذا مع مراعاة قاعدة قضائية مستخلصة من طبيعة الوظيفة العامة سجلها القضاء الإداري المصري، مقيماً بذلك تحديداً على سلطة الإدارة في الاختيار هي أنه عند التساوي في درجة الكفاية بين المرشحين للترقية تكون الأولوية للأقدم في ترتيب الأقدمية، ومن ذلك يمكن جمع قاعدة الترقية في الحركة المطعون فيها على أن الترقية إلى وظائف وكلاء النائب العام والموظفين الفنيين بإدارة قضايا الحكومة مناطها الجدارة مع مراعاة الأقدمية، فالترقية إلى تلك الوظائف سببها الاختيار الذي مناطه الجدارة مع مراعاة الأقدمية"، وعلى أنه "بتطبيق القاعدة القانونية على واقعة الدعوى يبين أنه تعذر في حالة المدعي تقدير كفايته لمرضه، وإذا كان المرض استحالة قانونية وعذراً قاهراً يعفى من حصول التقدير، فإن المبدأ يقضي أيضاً باستبعاد نتيجة الإعفاء من حساب الاختيار عند الترقية، وإذ كان المدعي معيناً من الخارج ولم يسبق للجهة الإدارية أن قدرته بها فإنه يتخلف عنصر من عناصر الاختيار، وبالتالي يتخلف سبب الترقية؛ ومن ثم كان يتعين إسقاط المدعي من الترقيات إلى الوظيفة الأعلى، وهذا ما اتبعته الجهة الإدارية في حركة 20 من سبتمبر سنة 1954"، وعلى أنه "لا يحاج بأن الوظيفة التي كان يشغلها المدعي بالمراقبة العامة للتسويات العقارية هي من الوظائف الفنية المعتبرة نظيراً لأعمال إدارة قضايا الحكومة، ولا أدل على ذلك من أن المدعي قد قيد بجدول النظراء لأعمال إدارة قضايا الحكومة اعتباراً من 16 من يناير سنة 1944، كما أن ملف خدمته زاخر بالتقارير السرية التي تنطق بكفايته، وكان آخر تقرير وضع عنه عام 1953 آية صادقة على ذلك؛ إذ نال أقصى درجات الكفاية وهي مائة درجة، وكان يتعين على إدارة قضايا الحكومة أن ترجع إلى هذه التقارير لتقدير كفايته عند إجراء الترقيات المطعون فيها لا أن تطرحها جانباً بذريعة أن مرض المدعي قد حال بينها وبين تقدير كفايته - لا يحاج بذلك؛ إذ أن تقدير الكفاية في عمل معين لا يستتبع ذات التقدير في عمل آخر، فتقدير العمل بمراقبة التسويات لا يستتبع التقدير في العمل بإدارة قضايا الحكومة؛ إذ لكل عمل تقديره، بل لكل حركة تقديرها، وإن ارتكز على التقديرات السابقة"، وعلى أنه "لا يغير من النظر السابق أيضاً أن الإدارة رقت المدعي إلى وظيفة محام من الدرجة الثانية بالقرار رقم 8 في 9 من فبراير سنة 1955؛ لأن هذه الترقية قد جاءت بعد تقدير هيئة التفتيش له في 11 من يناير سنة 1955 بدرجة "أزيد من المتوسط" بعد أن استلم عمله في 22 من سبتمبر سنة 1954 وأمكن تقدير عمله اعتباراً من 24 من أكتوبر سنة 1954، وبالتالي يكون قد توافر للاختيار عنصر تقدير كفاية المدعي، وأمكن للجهة الإدارية أن تجري الترقية على أساس الاختيار الذي مناطه الجدارة مع مراعاة الأقدمية، أما قبل هذا التقدير فلم يتوفر للمدعي في قرار 20 من سبتمبر سنة 1954 سبب الترقية الذي هو الاختيار لتخلف عنصره وهو تقدير الكفاية، وكل قرار يقوم بذاته، ولا يصح سحب سبب قرار إلى آخر لإقامته. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وقامت به حالة من حالات الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا".
ومن حيث إن طعن هيئة المفوضين - إذ اقتصر على ما قضى به الحكم المطعون فيه من إرجاع أقدمية المطعون عليه في وظيفة محام من الدرجة الثانية بإدارة قضايا الحكومة إلى 20 من سبتمبر سنة 1954 تاريخ صدور القرار المطعون فيه - تعين من ثم مناقشة هذا القضاء وتمحيصه دون التعرض لما قضى به الحكم المطعون فيه في خصوص رفض الطلب الثاني الخاص بالإفادة من حكم المادة الأولى من القانون رقم 606 لسنة 1954 من تاريخ العمل بأحكامه؛ حيث لا ارتباط بين الطلبين يستوجب إثارة موضوع الحكم برمته.
ومن حيث إن مثار البحث هو ما إذا كان غياب المطعون عليه عقب تعيينه بإدارة القضايا لمرض مقعد استطال حتى صدر القرار المطعون فيه واستحال تقدير أهليته في العمل المنوط به نتيجة لذلك - يشفع في تخطيه في الترقية إلى من يليه أم لا.
ومن حيث إنه لا خلاف بين هيئة المفوضين والمطعون عليه من جهة الوقائع التي سلف تفصيلها على نحو ما تقدم وعلى الأخص واقعة تغيب المطعون عليه عقب تسلمه العمل بإدارة القضايا حتى صدر القرار المطعون فيه، ومن المحقق الذي لا مرية فيه أنه بعد عودته إلى العمل في 22 من سبتمبر سنة 1954 أصبح للمطعون عليه عمل بإدارة القضايا، حتى إذا قدرت كفايته بعد تبين هذا العمل "بأزيد من المتوسط" في يناير سنة 1955، صدرت على أساسه حركة 9 من فبراير سنة 1955 بترقيته إلى وظيفة محام من الدرجة الثانية.
ومن حيث إن القانون رقم 113 لسنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة قد أحال في مادته السابعة على ما نظمه قانون استقلال القضاء والقوانين المعدلة له بشأن رجال النيابة في خصوص تحديد مرتبات الموظفين الفنيين بإدارة القضايا وشروط تعيينهم، فنصت هذه المادة (معدلة بالقانون رقم 43 لسنة 1948) على أن "يكون شأن الرئيس بالنسبة إلى المرتب وشروط التعيين شأن وكيل مجلس الدولة، أما المستشارون الملكيون والمستشارون المساعدون فشأنهم في ذلك شأن مستشاري قسم الرأي والتشريع بمجلس الدولة ومستشاريه المساعدين، وشأن باقي الموظفين الفنيين في ذلك شأن رجال النيابة العمومية، وفيما عدا من تقدم ذكرهم تسري في شأنهم القواعد المقررة بالنسبة لسائر الموظفين". ولا مشاحة في أن سياق لفظة "التعيين" يدل على أنها استعملت في معناها الشامل الذي ينتظم التولية في الوظيفة والترقية إلى وظيفة أعلى، وذلك كله تمكيناً للتناسق وتمشياً مع مبدأ التعادل بين وظائف إدارة قضايا الحكومة ووظائف النيابة، ذلك التعادل الذي استتبع أن يجرى على رجال إدارة قضايا الحكومة السابق تحديدهم ذات شروط التعيين والترقية التي تسري على رجال النيابة، حسبما عينها قانون استقلال القضاء.
ومن حيث إن المادة 21 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء، ولئن عرضت لقيود وضوابط الترقية بالنسبة لرجال القضاء، إلا أن حكمها يسري أيضاً على رجال النيابة رغم ورودها في الفصل الخامس الخاص بترقية القضاة، وقد نصت المادة المذكورة على أن "تشكل بوزارة العدل لجنة تسمى (لجنة الترقية) من وكيل الوزارة الدائم رئيساً ومن..... ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحاً إلا بحضور ثلاثة من أعضائها على الأقل، وتقوم هذه اللجنة باستعراض حالة القضاة من الدرجة الثانية ووكلاء النيابة من الدرجة الأولى ومن في درجتهم من الموظفين القضائيين بالديوان العام وبمحكمة النقض من واقع أعمالهم وتقارير التفتيش عنهم ثم تعد كشفين: أحدهما بأسماء من ترى ترقيتهم بحسب أقدميتهم، ويراعى في إعداد هذا الكشف أن يحتوي على ضعف عدد المنظور ترقيتهم أو تعيينهم بحسب المحال الخالية، والآخر بأسماء من ترى ترقيتهم بكفايتهم الممتازة ممن أمضوا ثلاث سنوات على الأقل في درجتهم... وتجرى الترقيات من واقع الكشفين المذكورين على ألا يزيد عدد من يختارون لكفايتهم الممتازة على الثلث، ويكون اختيارهم بترتيب الأقدمية فيما بينهم، وفيما عدا ذلك يجرى الاختيار في الوظائف الأخرى على أساس درجة الأهلية، وعند التساوي تراعى الأقدمية". وتحقيقاً لهذا المعنى رؤى تشكيل مجلس استشاري أعلى للنيابة العامة بوزارة العدل (الفقرة الأولى من المادة 76 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952)، كي يتولى إبداء الرأي في ترقيات رجال النيابة، كما نصت المادة 77 من المرسوم بقانون آنف الذكر على أن "تنشأ إدارة للتفتيش على أعمال أعضاء النيابة يصدر بنظامها وتشكيلها واختصاصها قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي النائب العام، ويجب أن يحاط رجال النيابة علماً بكل ما يلاحظ عليهم".
ومن حيث إنه يستفاد مما سلف إيراده من نصوص أن الترقية بين رجال النيابة ومن في حكمهم من موظفي إدارة القضايا الفنيين إما أن تكون بالأقدمية مع الأهلية في النسبة المعينة لذلك أو بالكفاية الممتازة في النسبة المعينة لذلك أيضاً. وغني عن البيان أن قاعدة الترقية في كل منطقة من هاتين المنطقتين تختلف في مفهومها وضوابطها عن الأخرى؛ لما هو مسلم من أن مستوى الكفاية الممتازة أعلى قدراً من المستوى الآخر.
ومن حيث إنه لا وجه لترك المدعي في الترقية إلى وظيفة محامٍ من الدرجة الثانية التي حل دوره فيها بحكم أقدميته بدعوى أنه كان مريضاً منذ تعيينه حتى تاريخ الحركة التي رقي فيها أقرانه، ولا بدعوى أنه لم يمض عليه في العمل الجديد وقت كاف لتقدير صلاحيته وأهليته للترقية؛ لأن المرض هو سبب خارج عن إرادته، فلا يجوز أن يكون مانعاً من ترقيته، ما دام كان أهلاً في ذاته لتلك الترقية، كما لا يجوز تركه فيها لمجرد حداثته في إدارة القضايا ما دام عمله السابق قبل تعيينه فيها هو عمل نظير لعمل الإدارة الفني، ومثله لا يجوز إطراحه وترك تقدير القائم به من ثناياه؛ لأن في إطراحه قطعاً للصلة بين ماضي المدعي في ذلك العمل وحاضره في إدارة قضايا الحكومة، والقانون إذ أجاز تعيينه في هذه الإدارة وحساب أقدميته السالفة عند التعيين إنما قصد بداهة إلى أنه لا يجوز فصل الماضي عن الحاضر، بل يجب إحكام ربطهما، وأن يؤخذ في الاعتبار ما قدمه الموظف من جهد مثنى عليه في ذلك العمل النظير كيما تقدر صلاحيته للترقية في الإدارة على أساسه، هذا إلى ما ينطوي عليه جب ماضيه وتخطيه في الترقية من غبن لا يرجع إلى نقص في كفايته الذاتية، والأهلية للترقية هي بطبيعتها ذاتية بالنسبة للموظف، بينما تركه بحسب منطق الإدارة مرده إلى سبب غير ذاتي فيه، وإنما هو بطبيعته موضوعي، يدور حول دعوى حداثة المعين من جهة أخرى في إدارة القضايا، ولو كان في ذاته كفيّاً وممتازاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإرجاع أقدمية المدعي في وظيفة محامٍ من الدرجة الثانية إلى 20 من سبتمبر سنة 1954، تاريخ صدور القرار المطعون فيه بالإلغاء، وما يترتب على ذلك من آثار، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات المدعي - يكون قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن في غير محله، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 1676 لسنة 2 ق جلسة 6/ 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 118 ص 1337

جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(118)

القضية رقم 1676 لسنة 2 القضائية

ترقية. ترقية الموظفين المنسيين - قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 7/ 1943 

- التفرقة بين من أتم من الموظفين المدة المنصوص عليها فيه في 30/ 6/ 1943 ومن أتمها منهم بعد ذلك - الترقية بالنسبة للأولين تتم بقوة القانون، وبالنسبة للآخرين بقرار إداري وفي حدود سدس الدرجات الحالية - من شروط الترقية في الحالين ألا يكون قد صدر من الموظف ما يجعله غير أهل لها.

------------------
لو صح أن المدعي كان من المنسيين الذين أتموا المدة القانونية عند صدور قرارات الترقية الخاصة بالمنسيين الذين يدعي أنه أقدم منهم، فإن هذه الترقية ما كانت تتم وقتذاك بقوة القانون، وما كان يعتبر مرقى إلى الدرجة التالية بصفة شخصية، كما هو الشأن فيمن أتم المدة القانونية وتوافرت فيه شروط الترقية في 30 من يونيه سنة 1943، بل كان يرقى أمثال المدعي، لو توافرت فيهم الشروط القانونية، على درجات خالية وفي حدود سدسها على النحو المحدد في القانون رقم 88 لسنة 1943، فكان لا بد من استصدار قرار وزاري ينشئ هذا المركز القانوني بالترقية منسياً، وغاية الأمر أنه قرار يتقيد بأسبقية المنسيين إذا توافرت الشروط بالنسبة لهم، وفي حدود النسبة المخصصة لهم قبل من عداهم من الموظفين المرشحين للترقية بصفة عادية، سواء في نسبة الأقدمية أو في نسبة الاختيار طبقاً للشروط والأوضاع المقررة وقتذاك للترقية تنسيقاً أو تيسير أو غيرها بحسب الأحوال. كما يجب التنبيه كذلك إلى أن ترقية المنسيين بحسب القانون رقم 88 لسنة 1943، سواء بالنسبة لمن كان أتم المدة في 30 من يونيه سنة 1943 أو أتمها بعد ذلك مع التفاوت في الوضعين على ما سلف البيان - يجب التنبيه إلى أن من شروط هذه الترقية ألا يكون قد صدر من الموظف ما يستأهل حرمانه من هذه الترقية، كسبق صدور جزاءات عليه تدل بجسامتها وبخطورة ما ارتكبه الموظف على أنه غير أهل لهذه الترقية.


إجراءات الطعن

في يوم 22 من يوليه سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 23 من مايو سنة 1956 في القضية رقم 1726 لسنة 1 القضائية المرفوعة من السيد/ علي أحمد إسماعيل ميرا ضد جامعة القاهرة، القاضي "برفض الطلبين الأول والثاني بشقيهما، وإلزام المدعي بالرسوم المقررة، وإحالة الطلب الثالث إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم الصادر في الطلبين الأول والثاني، وإعادة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها مجدداً". وقد أعلن الطعن للمدعي في 28 من أغسطس سنة 1956، وللحكومة في 4 من سبتمبر سنة 1956، وعين لنظره جلسة 22 من يونيه سنة 1957، وفيها وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم، ورخصت في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بتظلمين قدمهما إلى اللجنة القضائية المختصة في شهري مارس ومايو سنة 1953، وطالباً الحكم (أولاً) بصفة أصلية بتعديل أقدميته في الدرجة السابعة إلى 21 من يناير سنة 1944، وبصفة احتياطية إلى أول سبتمبر سنة 1944. (ثانياً) بصفة أصلية تعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1946، وبصفة احتياطية إلى سبتمبر سنة 1946. (ثالثاً) إلغاء القرارات الصادرة من الجامعة في 13 من مارس و28 و29 و30 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنته من عدم منحه لقب وكيل إدارة ووضعه على درجة سادسة إدارية. وفي أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة الإدارية طلب أن يحال هذا الطلب إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص؛ عملاً بالقانون رقم 165 لسنة 1955 الذي كان قد صدر وقتئذ. وقال بياناً للطلبين الأول والثاني إنه التحق بخدمة وزارة العدل في 21 من يناير سنة 1929 كاتباً من الدرجة الثامنة، وفي آخر إبريل سنة 1946 نقل إلى جامعة القاهرة، ورقي إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول مايو سنة 1946 بالتطبيق لقواعد التنسيق، ثم رقي إلى الدرجة السادسة في أول نوفمبر سنة 1950 في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية، في حين أنه كان يستحق الترقية إلى الدرجة السابعة في 21 من يناير سنة 1944، وذلك بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 والقانون رقم 88 لسنة 1943 وكتاب المالية الدوري المؤرخ أول سبتمبر سنة 1944 المنفذ لها بشأن إنصاف المنسيين؛ إذ أنه كان قد استكمل في 21 من يناير سنة 1944 مدة خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة فاستحق بذلك الترقية إلى الدرجة السابعة، وهذه الترقية تقع حتمية وبقوة القانون من اليوم التالي لانقضاء المدة المشار إليها، وتكون هذه الترقية بصفة شخصية، شأنها في ذلك شأن ترقيات المنسيين جميعاً الذين يوضعون على درجات شخصية. ومفاد ذلك أنه لا يشترط وجود درجات سابعة خالية لاستحقاق هذه الترقية، وحتى لو فرض جدلاً أن الترقية لا تكون إلا في حدود سدس الدرجات التي تخلو بعد إتمامه خمس عشرة سنة في الدرجة فإنه كان يستحق الترقية وجوباً اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1944؛ لأن عدد الدرجات السابعة التي كانت خالية وقتئذ في وزارة العدل منذ 21 من يناير سنة 1944 وشغلت تباعاً بلغت اثنتي عشرة درجة، وكان يتعين تخصيص اثنتين منها للمنسيين وترقيته على إحداهما، ولو كان اسمه قد عرض على لجنة شئون الموظفين عند إعداد حركة الترقيات التي صدر بها القرار الوزاري رقم 614 في 28 من سبتمبر سنة 1944 لكان رقي حتماً إلى الدرجة السابعة؛ لأنه كان أقدم المنسيين جميعاً، وترتب على ذلك ترقيته إلى الدرجة السادسة بصفة أصلية من أول مايو سنة 1946 ومن أول سبتمبر سنة 1946 بصفة احتياطية، وذلك بالتطبيق لقواعد التنسيق. وقد ردت الجامعة على ذلك بأن الترقية إلى الدرجة الأعلى طبقاً لأحكام القانون رقم 88 لسنة 1943 - لمن أتم خمس عشرة سنة في درجة واحدة بعد أول يوليه سنة 1943 - ليست ترقية حتمية تتم بقوة القانون من اليوم التالي لانقضاء هذه المدة، بل لا بد في ذلك من توافر شروط أربعة، وهي: أن تكون هناك درجات خالية تجرى الترقية على إحداها في حدود السدس، وأن يكون الموظف قد قضى هذه المدة، وأن يفضل الأقدم من الموظفين على من عداه من زملائه المنسيين متى كان سدس الدرجات غير كاف لترقيتهم جميعاً، وأن يصدر بهذه الترقية قرار إداري إذ هي لا تتم تلقائياً بقوة القانون. ومع ذلك فإنها لم تطلع على ظروف الترقيات التي أشار إليها المدعي ولم تتأكد من صحة ما ساقه من بيانات؛ لأنها تمت منذ سنوات في وزارة العدل وقت أن كان موظفاً بها، وهل كانت هذه الدرجات كلها كتابية أم كان منها ما هو فني، وهل كان أقدم المنسيين فعلاً في الدرجة الثامنة أم كان هناك آخرون أقدم منه، وأن كل ذلك يستدعي أن تدلي وزارة العدل برأيها: لأنها أقدر من سواها على جلاء هذا الجانب من جوانب الدعوى، وأما عن عدم ترقية المدعي إلى الدرجة السادسة التنسيقية التي أجريت في سنة 1947 ونفذت اعتباراً من أول مايو سنة 1946، فإن السبب يرجع إلى أنه في ذلك التاريخ لم يكن قد منح الدرجة السابعة، هذا فضلاً عن أن مواعيد الطعن في هذا القرار قد انقضت؛ مما يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الدعوى. وانتهت الجامعة إلى أن دعوى المدعي غير قائمة على أساس من القانون. وبجلسة 23 من مايو سنة 1956 حكمت المحكمة برفض الطلبين الأول والثاني بشقيهما، وألزمت المدعي بالرسوم المقررة، وبإحالة الطلب الثالث إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص. وأسست قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 قصد به معالجة فئة معينة من الموظفين هم الذين عنتهم مذكرة اللجنة المالية المقدمة للمجلس المذكور، وقد حصرت هذه المذكرة عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من الإنصاف المذكور لغاية 30 من يونيه سنة 1943، كما وافق البرلمان على القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لهذا الإنصاف، ونص على أن يفتح اعتماد إضافي بمبلغ 160 ألف جنيه لإنصاف مستخدمي الحكومة من الدرجة الخامسة فما دونها ممن قضوا لغاية آخر يونيه سنة 1943 خمس عشرة سنة في درجاتهم، وذلك بترقيتهم ترقية شخصية. فالموظف المنسي الذي يفيد من القرار المذكور بترقيته على سبيل الختم واللزوم إلى درجة شخصية هو الموظف الذي قضى قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية خمس عشرة سنة، أما من استكمل المدة بعد هذا التاريخ فلم يرتب له مجلس الوزراء حقاً ذاتياً له ذات خصائص الحق المتوالد قبل نفاذ قراره. فهو لم يقطع بأن تمنح للموظف درجة شخصية يستحقها بقوة القانون بمجرد استكمال القيد الزمني، بل اكتفى بأن تكون الترقية على درجة أصلية خالية فعلاً بالميزانية، وأن تكون الترقية في حدود سدس الدرجات، فهو بهذا التنظيم اللاحق لم يستهدف سوى وضع نظام يعالج كيفية الترقية إلى الدرجة الخالية فعلاً بالميزانية، دون أن يعني قيام الترقية تلقائياً بقوة القانون؛ إذ أن الترقية الشخصية عبء على الميزانية، ولم يقصد مجلس الوزراء تحميل الميزانية عبئاً مزدوجاً يتمثل في شغل درجة خالية وترتيب درجة تسوية؛ ومن ثم فإن الحق في الترقية بعد أول يوليه سنة 1943 لا يستمده الموظف من القانون مباشرة، بل يستمده من الدرجة الخالية في حدود سدس الدرجات الخالية بالميزانية، ويقتضي ذلك أن تستعمل الإدارة سلطتها التقليدية في إصدار قرار بالترقية تصور فيه عناصر الوضع الواقعي أو القانوني للموظفين، وتكشف العلاقة بين هذه العناصر وبين قاعدة المنسيين، وتكون الحكم بانطباقها، ثم تعلن الحكم باستحقاق موظف بذاته في تاريخ بذاته للدرجة الشاغرة، فإذا ما تغولت الإدارة على الدرجة بأن منحتها لموظف آخر كانت الأداة القانونية لاقتضاء الحق هي تعييب القرار الإداري إما بدعوى إلغاء أو بدعوى تعويض. وفي خصوصية هذه الدعوى يبين أن المدعي قد استكمل القيد الزمني بعد أول يوليه سنة 1943، فصورة الدعوى كتسوية لا أساس لها من القانون، كما أنه لا يمكن تصوير الدعوى على أنها دعوى إلغاء؛ ذلك أن القرار الإداري الذي نعى عليه المدعي إغفاله في الترقية قد صدر قبل استحداث قضاء الإلغاء بإنشاء مجلس الدولة، فهو حصين من الإلغاء، ولا يمكن تصويرها على أنها دعوى تعويض؛ لأن المدعي لا يتوسل إلى حقه بهذه الأداة القانونية، سيما وأن الخصومة فيها لا تتعلق بوزارة التربية والتعليم بل بوزارة العدل، فهي تختلف عن الدعوى المعروضة موضوعاً وأشخاصاً، وانتهت المحكمة إلى أن الطلب الأول في شقيه الأصلي والاحتياطي وبصورته المعروضة على غير أساس سليم من القانون، ويتعين رفضه. ولما كان الطلب الثاني في شقيه يتعلق بالطلب الأول تعلق لزوم؛ لأنه فرع منه، وما يجري على الأصل يجري على الفرع، فقد تعين رفضه أيضاً، وإلزام المدعي بالرسوم المقررة، وبإحالة باقي الطلبات إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه بتقصي المراحل التي مرت بها قواعد إنصاف المنسيين يتضح أنها ظهرت لأول مرة في قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1936، غير أن هذا القرار صدر موقوتاً من حيث مجاله الزمني بمدة ثلاث سنوات، فما لبث الباب الذي فتح في ذلك العام أن أوصد أمام أولئك الذين لم تلحقهم هذه الفترة، فظهر منسيون جدد وعادت الشكوى من جديد تدور مع المشكلة في حلقة مفرغة لا تجد الحل الحاسم، فأراد مجلس الوزراء أن يتدارك الأمر، فأصدر قراره في 8 من يوليه سنة 1943 الذي أطلق فيه وعمم؛ بحيث صارت القاعدة تتسع لجميع المنسيين الذين هم في نظره من رسبوا خمسة عشر عاماً في درجاتهم، سواء من أكملوا المدة قبل صدوره أم سيكملونها بعد ذلك، وفرق فقط بين الفريقين في نوع الدرجة التي يرقون إليها، فهي شخصية بالنسبة للفريق الأول، وفعلية بالنسبة للفريق الثاني في حدود سدس الدرجات الخالية، أما الترقية ذاتها في الحالين فهي تقع حتمية بقوة القانون متى توافرت لها شروطها على التفصيل المتقدم؛ ومن ثم تكون الدعوى في حقيقتها دعوى تسوية تنظرها المحكمة دون التقيد بالميعاد، ولا يؤثر في ذلك صدور قرارات إدارية سابقة على العمل بقانون مجلس الدولة في شأنها، طالما أنها مما يدخل في نطاق التسوية. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً في تكييفه للدعوى فإنه يكون قد خالف القانون، ويتعين إلغاؤه فيما يتعلق بالطلبين الأول والثاني، وإعادة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها مجدداً.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي التحق بوزارة العدل في يناير سنة 1929 كاتباً بالمجالس الحسبية في وظيفة من درجة (ج) بمرتب قدره 6 جنيهات شهرياً في الدرجة (72 - 216 ج سنوياً) وبعقد لمدة ستة أشهر، وباشر عمله في هذه الوظيفة اعتباراً من 24 من يناير سنة 1929، وصار العقد بعد ذلك يتجدد سنوياً، وفي 22 من مارس سنة 1939 صدر قرار وزاري بنقله إلى الدرجة الثامنة المقابلة لدرجته وقتئذ؛ إذ كان معتبراً من المستخدمين الخارجين عن الهيئة تنفيذاً للكادر الجديد. وفي 2 من مارس سنة 1942 ثبت في وظيفته اعتباراً من أول مارس سنة 1942، وظل في خدمة وزارة العدل لغاية 2 من مايو سنة 1946 حيث نقل إلى جامعة القاهرة بنفس الدرجة الثامنة التي كان يشغلها، ثم رقي تنسيقاً إلى الدرجة السابعة في جامعة القاهرة اعتباراً من أول مايو سنة 1946. وفي أثناء خدمته بوزارة العدل توقعت عليه الجزاءات التأديبية الآتية: (1) خصم سبعة أيام، وقد خصمت من راتبه عن شهر يوليه سنة 1938 وذلك لإهماله. (2) خصم شهر من راتبه بقرار صادر من مجلس تأديب وزارة العدل في 16 من مارس سنة 1944، وقد تأيد هذا القرار من المجلس المخصوص بجلسته المنعقدة في 17 من مارس سنة 1945، وكانت قد نسبت إليه ست تهم مبينة بقرار المجلس، وقد قرر المجلس براءته في واحدة منها وهي الرابعة، وتعديل وصف التهمة الخامسة وإدانته فيها وفي باقي التهم، وكلها تتعلق بسوء السلوك الشديد. وفي سبتمبر سنة 1944 صدرت قرارات في وزارة العدل بترقيات إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1944 تشمل موظفين قال عنهما المدعي إنه يسبقهما في أقدمية الخدمة وكان يجب ترقيته في إحدى هذه الدرجات بالتطبيق لقواعد إنصاف المنسيين؛ لأنه أسبق منهما في الأقدمية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها للأسباب التي استند إليها هذا الحكم وتأخذ بها هذه المحكمة، وتضيف إليها أنه لو صح أن المدعي كان من المنسيين الذين أتموا المدة القانونية عند صدور قرارات الترقية الخاصة بالمنسيين الذين يدعي أنه أقدم منهم، فإن هذه الترقية ما كانت تتم وقتذاك بقوة القانون، وما كان يعتبر مرقى إلى الدرجة التالية بصفة شخصية، كما هو الشأن فيمن أتم المدة القانونية وتوافرت فيه شروط الترقية في 30 من يونيه سنة 1943، بل كان يرقى أمثال المدعي، لو توافرت فيهم الشروط القانونية، على درجات خالية وفي حدود سدسها على النحو المحدد في القانون رقم 88 لسنة 1943، فكان لا بد من استصدار قرار وزاري ينشئ هذا المركز القانوني بالترقية منسياً. وغاية الأمر أنه قرار يتقيد بأسبقية المنسيين إذا توافرت الشروط بالنسبة لهم، وفي حدود النسبة المخصصة لهم قبل من عداهم من الموظفين المرشحين للترقية بصفة عادية، سواء في نسبة الأقدمية أو في نسبة الاختبار طبقا للشروط والأوضاع المقررة وقتذاك للترقية تنسيقاً أو تيسيراً أو غيرها بحسب الأحوال. كما يجب التنبيه كذلك إلى أن ترقية المنسيين بحسب القانون رقم 88 لسنة 1943 سواء بالنسبة لمن كان أتم المدة في 30 من يونيه سنة 1943 أو أتمها بعد ذلك مع التفاوت في الوضعين على ما سلف البيان - يجب التنبيه إلى أن من شروط هذه الترقية ألا يكون قد صدر من الموظف ما يستأهل حرمانه من هذه الترقية كسبق صدور جزاءات عليه تدل بجسامتها وبخطورة ما ارتكبه الموظف على أنه غير أهل لهذه الترقية، كما هو الحال في أمر المدعي؛ إذ سبق الحكم عليه بالجزاءين السابق الإشارة إليهما، وأولهما بخصم سبعة أيام من راتبه، وثانيهما بخصم شهر من راتبه بقرار من المجلس المخصوص بوزارة العدل؛ ومن ثم يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 13 لسنة 52 ق جلسة 26 /11 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 أحوال شخصية ق 213 ص 1032

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، حسين محمد حسن ومحمد هاني محمد مصطفى.

-----------------

(213)
الطعن رقم 13 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: القانون الواجب التطبيق".
منازعات الأحوال الشخصية بين طرفين لا تعرف لهما جنسية. وجوب تطبيق القانون المصري عليها واعتبار علاقتهما في حكم العلاقة بين المصريين من حيث تحديد الشريعة التي تحكم النزاع. مؤدى ذلك. تطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين وعلى غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة وتطبيق الشريعة الطائفية على غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداها دون حاجة للرد استقلالاً على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. عدم التزامها بإجابة الخصم إلى طلب اتخاذ إجراءات إثبات أخرى متى كانت أوراق الدعوى والأدلة القائمة فيها كافية لتكوين عقيدتها.

----------------
1 - إذ كانت المادة 25 من القانون المدني تنص على أن "يعين القاضي القانون الذي يجب تطبيقه في حالة الأشخاص الذين لا تعرف لهم جنسية...." وكان الحكم المطعون فيه قد خلص - إعمالاً لحكم هذا النص - إلى أن القانون المصري هو الواجب التطبيق على الدعوى بالنظر إلى أن النزاع فيها يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية بين طرفين لا تعرف لهما جنسية، وكان مقتضى هذا وقوع العلاقة محل النزاع تحت سلطة القانون الداخلي في مصر، وبالتالي تأخذ هذه العلاقة حكم العلاقة بين المصريين من حيث تحديد الشريعة التي تحكم النزاع. وإذ التزم الحكم المطعون فيه في تحديد تلك الشريعة بالضابط الذي وضعه المشرع في المواد 6 و7 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية و280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، ومؤداه تطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين وعلى غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة وتطبيق الشريعة الطائفية على غير المسلمين المتحدي الطائفية والملة، وخلص إلى إنزال أحكام شريعة طائفة الأرمن الأرثوذكس - التي ينتمي إليها الطرفان - على واقعة النزاع فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وطرح ما عداها دون حاجة إلى الرد استقلالاً على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، كما أنه لا عليها إن هي لم تجب الخصم إلى طلب اتخاذ إجراءات إثبات أخرى متى كانت أوراق الدعوى والأدلة القائمة فيها كافية لتكوين عقيدتها بما يكفي للفصل في موضوعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 195 لسنة 1980 أحوال شخصية "أجانب" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بضم الصغير "..." إليه. وقال بياناً لها إن الطاعنة كانت زوجته ثم طلقت منه وفي حضانتها ابنه منها "..." المولود بتاريخ 29/ 10/ 1972 وإذ تجاوز الولد السابعة من عمره وهي أقصى سن لحضانة الأم لولدها طبقاً لشريعة طائفة الأرمن الأرثوذكس التي ينتمي والطاعنة إليها ورفضت ضم الولد إليه، فقد أقام الدعوى، وفي 26/ 5/ 1981 حكمت المحكمة بضم الطفل "..." لحضانة والده المطعون عليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 لسنة 98 قضائية القاهرة. وفي 24/ 1/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها عدلت النيابة عن رأيها إلى رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً للمادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 فإنه يشترط لتطبيق الشريعة الخاصة بطائفة الأرمن الأرثوذكس التي تنتمي إليها والمطعون عليه أن يكونا مصريين وهو ما لم يتوافر فيهما لأنهما غير معيني الجنسية مما تكون معه أحكام الشريعة الإسلامية والتي تحدد سن حضانة الولد بعشر سنين هي الواجبة التطبيق على واقعة النزاع. وإذ طبق الحكم المطعون فيه شريعة الطائفة المشار إليها والتي تحدد سن حضانة الولد بسبع سنين دون أحكام الشريعة الإسلامية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 25 من القانون المدني تنص على أن "يعين القاضي القانون الذي يجب تطبيقه في حالة الأشخاص الذين لا تعرف لهم جنسية...". وكان الحكم المطعون فيه قد خلص - إعمالاً لحكم هذا النص - إلى أن القانون المصري هو الواجب التطبيق على الدعوى بالنظر إلى أن النزاع فيها يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية بين طرفين لا تعرف لهما جنسية، وكان مقتضى هذا وقوع العلاقة محل النزاع تحت سلطان القانون الداخلي في مصر وبالتالي تأخذ هذه العلاقة حكم العلاقة بين المصريين من حيث تحديد الشريعة التي تحكم النزاع. وإذ التزم الحكم المطعون فيه في تحديد تلك الشريعة بالضابط الذي وضعه المشرع في المواد 6 و7 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية و280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، ومؤداه تطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين وعلى غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة وتطبيق الشريعة الطائفية على غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة، وخلص إلى إنزال أحكام شريعة طائفة الأرمن الأرثوذكس - التي ينتمي إليها الطرفان - على واقعة النزاع فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت إلى محكمة الاستئناف تقارير طبية تفيد مرض الصغير وحاجته إلى حضانتها، وطعنت على صلاحية المطعون عليه للحضانة لأنه مصاب بمرض عصبي وعقلي وطلبت عرضه هو والصغير على الطبيب الشرعي لفحصهما كما طلبت من المحكمة مناقشة المطعون عليه لكي تقف على مدى صلاحيته لحضانة الصغير إلا أنها لم تستجب لطلباتها ولم تحقق دفاعها واكتفت في الرد عليه بالقول أنه على غير سند مما يعيب حكمها المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة العامة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وأطرح ما عداها دون حاجة للرد استقلالاً على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، كما أنه لا عليها إن هي لم تجب الخصم إلى طلب اتخاذ إجراءات إثبات أخرى متى كانت أوراق الدعوى والأدلة القائمة فيها كافية لتكوين عقيدتها بما يكفي للفصل في موضوعها. لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد في الرد على دفاع الطاعنة قوله "أن ما قررته المدعى عليها (الطاعنة) بأنه (أي المطعون عليه) غير أمين على ابنه وأنه مصاب بمرض عقلي وعصبي فما هي إلا أقوال مرسلة غير مدعمة بدليل أو سند ومن ثم فإن المحكمة تقضي بضم الطفل لحضانة والده المدعي". وكانت الطاعنة قد قدمت إلى محكمة الاستئناف شهادتين عن الحالة الصحية للصغير ومحررتين في تاريخ لاحق لصدور الحكم المستأنف وأوردت في السببين الثاني والثالث من أسباب استئنافها أن المطعون عليه سبق أن طردها وهي حامل بالولد ولم يره بعد ولادته سوى ثلاث مرات مما يفقده عاطفة الأبوة وطلبت إحالته إلى الطب الشرعي لفحص قواه العقلية. ورد الحكم المطعون فيه على هذين السببين بقوله أنهما "في غير محلهما ذلك أن الخلاف بين المستأنفة (الطاعنة) والمستأنف عليه في فترة حملها وفي مدة حضانتها للصغير لا يمنع الأب حقه في حضانة ولده.. كما لا ينال من هذا الحق ما قررت به المستأنفة من غير سند بعدم صلاحية المستأنف عليه لحضانة صغيره الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن هذين السببين من أسباب الاستئناف..." وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه استخلاصاً سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه بضم الصغير للمطعون عليه وفيه الرد المسقط لكل قول أو حجة ساقتها الطاعنة فإن ما تثيره بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 322 لسنة 52 ق جلسة 21 /11 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 212 ص 1025

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسني العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.

-----------------

(212)
الطعن رقم 322 لسنة 52 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". إصلاح زراعي.
اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي. نطاقه. كافة ما يعترض حق الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي والمستولى لديهم أو بينها وبين الغير. م 13 مكرر ق 178 لسنة 52. خروج المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن ملكية الأراضي التي تم توزيعها أو الانتفاع بها عن اختصاصها. انعقاد الاختصاص بها للقضاء العادي.
(2) نقض "أسباب الطعن".
النعي على الحكم الابتدائي دون الحكم الاستئنافي المطعون فيه. غير مقبول.
(3) إثبات "طلب التحقيق".
طلب إجراء التحقيق. رخصة لمحكمة الموضوع. لها الالتفات عنه متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير الأدلة دون رقابة محكمة النقض. ما دام قضاءها قائماً على أسباب سائغة.

---------------
1 - يتناول اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - وفقاً للمادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 52 بشأن الإصلاح الزراعي والمضافة بالقانون رقم 131 لسنة 53 والمعدلة بالقوانين أرقام 225 لسنة 53 و381 لسنة 56 و69 لسنة 71 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الفصل في كل ما يعترض حق الاستيلاء من منازعة سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات منهم وصحة الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أراضيهم أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعي ملكيته للأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو التي تكون عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب أحكام هذا القانون وتعيين أصحاب الحق في التعويض أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن ملكية الأراضي التي تم توزيعها أو الانتفاع بها فإن اللجنة لا تختص بنظرها وإنما ينعقد الاختصاص بها لجهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثني بنص خاص.
2 - إذ كان وجه النعي منصباً على قضاء محكمة الدرجة الأولى بالنفاذ المعجل ومن ثم فهو موجه إلى الحكم الابتدائي الذي لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض، ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم الاستئنافي المطعون فيه ومن ثم فإنه يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نعياً غير مقبول.
3 - طلب إجراءات التحقيق ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حال وإنما هو من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون أن تلزم ببيان سبب الرفض.
4 - تقدير الأدلة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون ما رقابة عليها من محكمة النقض في ذلك ما دام قضاءها قائماً على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1673 لسنة 1973 مدني جزئي زفتى بطلب الحكم بطرد الطاعنين من مساحة 12 ط المبينة بالأوراق. وقالوا بياناً لها إنهم يمتلكون هذه المساحة من بين مساحة 2 ف و6 س بموجب عقد تمليك من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي كان قد صدر لمورثهم المرحوم...... المنتفع الأصلي. ولما كان الطاعنان يضعان اليد على هذه المساحة غصباً فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان. وبتاريخ 12/ 2/ 1978 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى. وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 25/ 1/ 1981 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية حيث قيدت أمامها برقم 1477 لسنة 1981 مدني طنطا الابتدائية. وبتاريخ 22/ 3/ 1981 حكمت المحكمة للمطعون ضدهم بطلبهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 363 س 31 ق مدني. وبتاريخ 28/ 11/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن موضوع الدعوى هو منازعة بين المنتفعين بأرض من الأراضي التي استولى عليها الإصلاح الزراعي تختص بها ولائياً اللجنة القضائية المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي الصادر برقم 178 لسنة 1952 وتخرج بالتالي من اختصاص المحاكم العادية مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تقضي بعدم الاختصاص بنظر الدعوى، إذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف أحكام القانون المتعلقة بالاختصاص الولائي بما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مفاد نص المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والمضافة أصلاً بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانون رقم 225 لسنة 1953، والقانون رقم 381 لسنة 1956، والقانون رقم 69 لسنة 1971، أن اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي هو - في حالة المنازعات - تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه منها، كما يتناول اختصاصها وفقاً للمادة المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الفصل في كل ما يعترض حق الاستيلاء من منازعة سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات الواردة منهم وصحة الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أراضيهم أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعي ملكيته للأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو التي تكون عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب أحكام هذا القانون وتعيين أصحاب الحق في التعويض. أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن ملكية الأراضي التي تم توزيعها أو الانتفاع بها فإن اللجنة لا تختص بنظرها وإنما ينعقد الاختصاص بها لجهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك وكان النزاع الحالي يدور بين المطعون ضدهم والطاعنين حول أحقيتهم في الأرض التي تم توزيعها على مورث المطعون ضدهم المرحوم...... من جهة الإصلاح الزراعي وكيفية الانتفاع بها وهو ما يخرج عن اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وينعقد للمحاكم العادية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق من وجهين (أولهما) أنه ليس من بين المطعون ضدهم من يحترف الزراعة، أو يقيم في القرية الكائنة بها أرض النزاع ومن ثم فقد فقدوا أهم شرط من شروط الانتفاع بأرض الإصلاح الزراعي وهو احتراف الزراعة على نحو ما توجبه المادة التاسعة من قانون الإصلاح الزراعي الصادر برقم 178 لسنة 1952 مما يعيب الحكم بمخالفة القانون (ثانيهما) أن حكم محكمة الدرجة الأولى قد خالف الثابت في الأوراق حين شمل قضاءه بالنفاذ المعجل تأسيساً على أن التأخير في التنفيذ يترتب عليه ضرر جسيم بمصلحة المطعون ضدهم المحكوم لهم على سند من أن أرض النزاع مصدر قوتهم حالة أن الثابت بالأوراق أنهم يقيمون بالقاهرة ويملكون محلاً صناعياً يدر عليهم ربحاً طائلاً.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأنه لما كان البين من مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي أن الطاعنين لم يثيرا أمام محكمة الموضوع دفاعهما الوارد بهذا الوجه من سبب النعي كما أنهما لم يقدما في طعنهما الماثل الدليل على عرضه لدى تلك المحكمة، ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني يستند إلى المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي التي تنص على أن "... ويشترط فيمن توزع عليه الأرض ( أ )... (ب) أن تكون حرفة الزراعة... (ج)... "إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون إذ يستلزم تحقيق ما إذا كان الموزع عليهم الأرض يحترفون الزراعة، وهو ما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي غير مقبول. والنعي في وجهه الثاني أيضاً غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر لصالح المطعون ضدهم وكان وجه النعي منصباً على أسباب شمول حكم محكمة الدرجة الأولى بالنفاذ المعجل. ومن ثم فهو موجه إلى الحكم الابتدائي الذي لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض، ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ومن ثم فإنه يكون وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نعياً غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون من وجهين (أولهما) أنهما تمسكا لدى محكمة الموضوع بأن طلاق والدة الطاعنة الأولى من مورث المطعون ضدهم سنة 1969 كان طلاقاً رجعياً راجعها بعده مراجعة فعلية وعاشرها معاشرة الأزواج حتى توفى وهي في عصمته، وقد طلبا من محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع الجوهري إلا أنها رفضت ذلك بما يعد إخلالاً بحقهما في الدفاع (وثانيهما) أن محكمة الموضوع استندت في حكمها إلى محرر منسوب إلى والدة الطاعنة الأولى يفيد تخالصها عن مؤخر صداقها من مورث المطعون ضدهم بعد الطلاق بعامين رغم إنكارهما توقيع والدة الطاعنة الأولى عليه بما يزيل حجيته في الإثبات. وإذ كان هذا المستند منتجاً في النزاع باستناد محكمة الموضوع إليه، فإنه كان يتعين عليها بعد الإنكار أن تأمر بالتحقيق طبقاً للمادة 30 من قانون الإثبات ويكون الحكم إذ خالف هذا النظر واعتبر سند التخالص صحيحاً صادر من مورثة الطاعنة الأولى ومستنداً إليه في نفي الرجعة مع فقدان قوته في الإثبات بعد الإنكار فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول في غير محله ذلك أن طلب إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حال، وإنما هو من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون أن تلزم ببيان سبب الرفض، وكان تقدير الأدلة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون ما رقابة عليها من محكمة النقض في ذلك ما دام قضاؤها قائماً على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنين في هذا الشأن ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن طلب الإحالة للتحقيق لإثبات مراجعة مورث المستأنف عليهم لمورثة المستأنفة الأولى فإن المحكمة ترى عدم إجابتهم لأنها تجد في أوراق القضية وتقرير الخبير المودع في 20/ 4/ 1980 ما يكفي لتكوين عقيدتها بما يغني عن إجراء التحقيق سيما وأن الثابت من مطالعة إشهاد الطلاق رقم 245 ب أن المورث طلق مورثة المستأنفة الأولى في 14/ 10/ 1969 وأنها كانت لا تزال على قيد الحياة عند وفاته في 18/ 11/ 1972 وعاشت بعده ولم تقل أنه راجعها أثناء عدة الطلاق..." لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أطرح بأسباب سائغة لها أصلها في أوراق الدعوى ما تمسك به الطاعنان من أن مورث المطعون ضدهم قد راجع مورثة الطاعنة الأولى بعد طلاقها منه ولم ير حاجة بعد ذلك إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق، وهو ما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع دون ما رقابة عليها من محكمة النقض فيها. ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني غير منتج ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بني الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى وكان يصح بناء الحكم على إحداها وحدها، فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أوضح في أسبابه عدم مراجعة مورث المطعون ضدهم لمورثة الطاعنة الأولى وخلص إلى ذلك على نحو ما سلف الإشارة إليه في الرد على الوجه الأول من هذا السبب وكان هذا من الحكم كافياً لحمل قضائه، فإنه يضحى غير ذي أثر ما وجهه الطاعنان إلى الحكم من مطاعن في استناده إلى سند التخالص بمؤخر الصداق المنسوب صدوره إلى مورثة الطاعنة الأولى والذي أنكر التوقيع الثابت عليه ويكون النعي على الحكم بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 495 لسنة 52 ق جلسة 20 /11 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 211 ص 1022

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني.

---------------

(211)
الطعن رقم 495 لسنة 52 القضائية

بطلان "بطلان الإجراءات. إثبات" إجراءات الإثبات: الإحالة إلى التحقيق". دعوى "إجراءات نظر الدعوى".
بيانات محضر التحقيق التي أوجبتها المادة 93 إثبات. عدم تضمنها اسم القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب. كفاية توقيعهما على هذا المحضر. التوقيع على الورقة الأخيرة التي اشتملت على جزء من التحقيق واتصل بها القرار الصادر بإحالة الدعوى إلى المرافعة. لا بطلان. علة ذلك.

---------------
عددت المادة 93 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 البيانات التي يجب اشتمال محضر التحقيق عليها ولم تستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ذكر اسم القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب، واكتفت بتوقيع كل منهما على هذا المحضر، وإذ حرر محضر التحقيق على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من التحقيق واتصل بها القرار الصادر بإحالة الدعوى إلى المرافعة ثم وقع عليها القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب، فإن التوقيع على هذه الورقة يعتبر توقيعاً على محضر التحقيق والقرار مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب على محضر التحقيق ولا يكون هذا المحضر باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون عليه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1570 سنة 1977 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى مساحة 2 ف 8 ط 15 س مبينة بالأوراق والتسليم، وقال بياناً للدعوى إنه اشترى هذه المساحة من...... وأخرى بعقد بيع مسجل برقم 7582 لسنة 1976 شهر عقاري سوهاج، غير أن الطاعن نازعه في ملكيته لها فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 25/ 3 سنة 1979 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن صورية عقد البيع المسجل آنف الذكر صورية مطلقة، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 27/ 12/ 1980 بتثبيت ملكية المطعون عليه لمساحة 2 ف و8 ط و15 س والتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 67 سنة 56 مدني (مأمورية سوهاج)، وبتاريخ 11/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الابتدائي لابتنائه على محضر تحقيق باطل لم يذكر به اسم القاضي الذي أجراه وخلا من توقيعه وكاتب الجلسة على كل صفحة من صفحاته، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بدعوى أن توقيع القاضي وكاتب الجلسة جاءا في نهاية محضر التحقيق، وأقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال الشهود الثابتة في ذلك المحضر رغم أن هذا التوقيع لا يصحح البطلان الذي شاب المحضر المذكور لوروده تالياً للقرار الصادر بإحالة الدعوى إلى المرافعة، وهو ما يعيب الحكم بالبطلان ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 93 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 والتي عددت البيانات التي يجب اشتمال محضر التحقيق عليها لم تستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ذكر اسم القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب، واكتفت بتوقيع كل منهما على هذا المحضر، وإذ حرر محضر التحقيق على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من التحقيق واتصل بها القرار الصادر بإحالة الدعوى إلى المرافعة ثم وقع عليها القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب، فإن التوقيع على هذه الورقة يعتبر توقيعاً على محضر التحقيق والقرار مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القاضي المنتدب للتحقيق والكاتب على محضر التحقيق ولا يكون هذا المحضر باطلاً، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح دفاع الطاعن في هذا الخصوص وعول في قضائه على ما استخلصه من أقوال الشهود في محضر التحقيق سالف الذكر - يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1159 لسنة 47 ق جلسة 18 / 3 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 159 ص 866

جلسة 18 من مارس سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى سليم  وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد ودرويش عبد الحميد وعلي عمرو وعزت حنوره.

------------------

(159)
الطعن رقم 1159 لسنة 47 القضائية

(1) ضمان "دعوى الضمان". حكم "الخصوم في الطعن".
الضامن وطالب الضمان. إقامة أيهما طعناً على الحكم أو اختصامه في الطعن في الميعاد. صحة الطعن المرفوع من الآخر أو اختصامه في الطعن ولو بعد انقضاء الميعاد.
(2) استئناف. دعوى. ضمان "دعوى الضمان الفرعية".
دعوى الضمان الفرعية. اعتبارها مطروحة على محكمة الاستئناف تبعاً لاستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية. شرط ذلك.

--------------
1 - لئن نصت المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتها الثالثة على أنه كذلك يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفعهما فيها، وإذا رفع الطعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه، فقد دلت على أنه إذا رفع طالب الضمان أو الضامن طعناً في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية في الميعاد بالنسبة له جاز لمن فوت منهما ميعاد الطعن أن يرفع طعناً عن نفس الحكم، وكذلك إذا رفع طعن في الحكم الصادر لمصلحة طالب الضمان أو ضده في الميعاد فإنه يجوز اختصام الضامن ولو كان ميعاد الطعن قد انقضى بالنسبة له.
2 - اختصام الضامن وطالب الضمان أي منهما للأخر أمام محكمة الاستئناف يطرح عليها دعوى الضمان الفرعية تبعاً لاستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية في الميعاد من أي من الخصوم فيها بشرط وجود ارتباط وثيق بين الدعويين يجعل الفصل في الدعوى الأصلية مؤثراً في الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية وكذلك اتحاد دفاع طالب الضمان والضامن في الدعوى الأصلية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 5743 سنة 1976 مدني كلي جنوب القاهرة طالباً إلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتداء تابع الطاعن "المطعون ضده الثاني" عليه بالضرب بعصا أصابت عينه اليسرى فأفقدتها بصرها فأقام الطاعن على تابعه المذكور دعوى ضمان فرعية للحكم عليه بما عسى أن يحكم به ضده تأسيساً على أن من حقه الرجوع على تابعه بمقدار التعويض الذي حكم به عليه للمضرور وإعمالاً للمادة 175 من القانون المدني. بتاريخ 15/ 11/ 1975 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول مبلغ خمسمائة جنيه وفي دعوى الضمان الفرعية بإلزام التابع بمثلها، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3705 سنة 92 قضائية القاهرة طالباً تعديله بالنسبة للدعوى الأصلية وزيادة مقدار التعويض المقضي به إلى ما طالب به فيها كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 3685 سنة 92 قضائية وأدخل ضامنه "المطعون ضده الثاني" خصماً فيه طالباً إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الأصلية والحكم أصلياً بسقوط الحق في رفعها بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني واحتياطياً رفضها ومن باب الاحتياط الكلي إلزام ضامنه بما عسى أن يحكم به ضده في استئناف المطعون ضده الأول وبتاريخ 24/ 5/ 1977 قضت المحكمة في الاستئناف رقم 3705 سنة 92 قضائية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ ألفين من الجنيهات وفي الاستئناف رقم 3685 سنة 92 قضائية برفضه وضمنت أسباب حكمها عدم قبول الطلب المتعلق بدعوى الضمان الفرعية لأن الطاعن لم يستأنف الحكم الصادر فيها، طعن الطاعن في هذا الحكم - فيما قضى به في استئناف دعوى الضمان الفرعية - بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه أقام دعوى ضمان فرعية ضد تابعه "المطعون ضده الثاني" وقضت محكمة أول درجة له بطلباته فيها فاستأنف المضرور "المطعون ضده الأول" الحكم الصادر لصالحه في الدعوى الأصلية ضد الطاعن طالباً زيادة مقدار التعويض المقضي به إلى المبلغ الذي طلبه في دعواه وإذ أدخل ضامنه خصماً في الاستئناف كيما يحكم عليه بما قد يحكم به ضده في استئناف المطعون ضده الأول من زيادة في مقدار التعويض المقضي به بالحكم المستأنف، وهذا الاختصام يطرح دعوى الضمان الفرعية على المحكمة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى الأصلية بزيادة مقدار التعويض المقضي به ضده بالحكم المستأنف وعدم قبول طلبه في الاستئناف بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية لعدم رفعه استئنافاً مستقلاً عن الحكم الصادر فيها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة 218 من قانون المرافعات وإذ نصت في فقرتها الثالثة على أنه كذلك "يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها إذا رفع الطعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه "فقد دلت على أنه إذا رفع طالب الضمان أو الضامن طعناً في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية في الميعاد بالنسبة له جاز لمن فوت منهما ميعاد الطعن أن يرفع طعناً عن نفس الحكم، وكذلك إذا رفع طعن في الحكم الصادر لمصلحة طالب الضمان أو ضده في الميعاد فإنه يجوز اختصام الضامن ولو كان ميعاد الطعن قد انقضى بالنسبة له، وهذا الاختصام أمام محكمة الاستئناف يطرح عليها دعوى الضمان الفرعية تبعاً لاستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية في الميعاد من أي من الخصوم فيها بشرط وجود ارتباط وثيق بين الدعويين يجعل الفصل في الدعوى الأصلية مؤثراً في الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية وكذلك اتحاد دفاع طالب الضمان والضامن في الدعوى الأصلية، ولما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول قد استأنف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية طالباً زيادة مقدار التعويض المقضي به إلى المبلغ الذي طالب به أمام محكمة أول درجة كما استأنف الطاعن طالباً إلغاءه ورفض الدعوى واختصم في الاستئناف تابعه - المحكوم ضده بطلباته في دعوى الضمان الفرعية - للحكم عليه بما عسى أن يحكم به ضده من زيادة في مقدار التعويض المقضي به بالحكم المستأنف في استئناف المضرور "المطعون ضده" الأول فإن لازم ذلك أن تفصل في محكمة الاستئناف في طلب طالب الضمان "الطاعن" بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية المطروحة عليها بهذا الاختصام إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 218 من قانون المرافعات سالفة البيان تبعاً لاستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية في الميعاد واختصام الطاعن ضامنة للحكم عليه بطلباته آنفة الذكر للارتباط الوثيق بين الدعويين في الخصومة الحالية ولما ثبت من الحكم الابتدائي من أن دفاع طالب الضمان والضامن " الطاعن والمطعون ضده الثاني" كان متحداً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول طلب الطاعن في الاستئناف رقم 3685 سنة 92 قضائية بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية تأسيساً على عدم رفعه استئنافاً مستقلاً عن الحكم الصادر فيها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه
وحيث عن المستأنف في الاستئناف رقم 3685 سنة 92 قضائية "الطاعن" قد اختصم فيه ضامنه المستأنف عليه الثاني "المطعون ضده الثاني" طالباً الحكم عليه بما عسى أن يحكم به ضده في الاستئناف رقم 3705 سنة 92 قضائية المرفوع عليه من المضرور وقد قضت المحكمة في الاستئناف الأخير بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الأصلية وزيادة مقدار التعويض المقضي به للمستأنف فيه "المطعون ضده الأول" ضد المستأنف عليه فيه "الطاعن" إلى مبلغ ألفين من الجنيهات ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية وإلزام المستأنف عليه الثاني "المطعون ضده الثاني" بأن يدفع للمستأنف في الاستئناف رقم 3685 سنة 92 قضائية "الطاعن" مبلغ ألفين من الجنيهات..

الطعن 1976 لسنة 49 ق جلسة 18 /11 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 210 ص 1015

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ د. جمال الدين محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمود مصطفى سالم نائب رئيس المحكمة، أحمد طارق البابلي، شمس ماهر، أحمد زكي غرابة.

-----------------

(210)
الطعن رقم 1976 لسنة 49 قضائية

(1، 2) عمل. شركات "شركات القطاع العام" علاقة العمل. اختصاص "الاختصاص الولائي.
(1) العاملون بشركات القطاع العام علاقتهم بها تعاقدية. أثره. اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات المتعلقة بالقرارات التي تصدرها هذه الشركات.
(2) اعتبار قرارات اللجنة العليا المشكلة لتفسير أحكام القرار بق 30 لسنة 1967 تفسيراً تشريعياً ملزماً لا أثر له على قواعد الاختصاص.
(3، 4، 5) عمل "العاملون بشركات القطاع العام". بدلات "بدل سكن".
(3) البدلات الممنوحة للعاملين قبل سريان القرارين الجمهوريين رقم 3546 لسنة 1962 و3309 لسنة 1966 والقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971. بقاؤها قائمة ونافذة بعد العمل بهم. علة ذلك. عدم النص صراحة على إلغائها.
(4) احتفاظ العاملين بشركات القطاع العام بصفة شخصية بالبدلات الثابتة التي كانوا يحصلون عليها وقت صدور القرار 3309 لسنة 1966. شرطه. أن يكون منصوصاً عليها في عقد العمل ولائحة النظام الأساسي دون تغيير في طبيعة العمل.
(5) وجود مسكن مشترك بمقر عمل العامل يقيم فيه بصفة مؤقتة. لا يستتبع زوال حقه في بدل السكن المقرر له علة ذلك.
(6، 7) عمل "العاملون بشركات القطاع العام". أجر "ملحقات الأجر". بدلات "بدل التمثيل" "بدل السكن".
(6) بدل التمثيل. صرفه لشاغلي بعض الوظائف لمواجهة التزامات وظائفهم. عدم اعتباره جزء من الأجر ولا يستحق إلا بتحقق سببه.
(7) بدل السكن. اعتباره جزء من الأجر. شرطه. أن يكون صاحب العمل قد التزم بأدائه للعامل مقابل عمل يؤديه وكانت طبيعة العمل تفرض حصوله عليه.

----------------
1 - مؤدى نص المادتين الأولى من مواد الإصدار، 85 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علاقة العاملين بشركات القطاع العام علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قوانين العمل كما تخضع لأحكام هذا النظام باعتباره جزءاً متمماً لعقد العمل، كان مقتضى ذلك أن القرارات التي تصدرها هذه الشركات في شأن هؤلاء العاملين ومن بينها القرارات الخاصة بالأجور والبدلات لا تعتبر من قبيل القرارات الإدارية وتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بها.
2 - النص في المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1967 في شأن تخفيض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التي تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين على تشكيل لجنة عليا لتفسير أحكام هذا القرار واعتبار قرارات هذه اللجنة تفسيراً تشريعياً ملزماً لا يخلع على اللجنة الصفة القضائية ولا يسلب المحاكم المدنية سلطتها في نظر المنازعات المتعلقة بهذا القانون.
3 - لما كانت نظم العاملين بالقطاع العام الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 وقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 لم تنص صراحة على إلغاء البدلات التي منحت للعاملين قبل سريانها، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تظل هذه البدلات قائمة بعد العمل بهذه النظم.
4 - لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 90 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 قد رخصت باحتفاظ العاملين بشركات القطاع العام بصفة شخصية بالبدلات الثابتة التي كانوا يحصلون عليها وقت صدور القرار شريطة أن يكون منصوصاً عليها في عقد العمل أو في لائحة النظام الأساسي ولم يطرأ على طبيعة العمل أي تغيير ولم تقرن ذلك بشرط سبق تحديد البدل بقرار جمهوري على نحو ما أوردته الفقرة الثانية من المادة السادسة من قرار رئيس الوزراء رقم 2670 لسنة 1967 بشأن أسس قواعد صرف بدل التمثيل بالقطاع العام ومن ثم لا يلزم توافر هذا الشرط لاحتفاظ العاملين المذكورين ببدل التمثيل طالما نص المادة 90 من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه خلوا منه إذ لا يصح في مدارج التشريع أن يعدل قرار رئيس الوزراء من قرار رئيس الجمهورية.
5 - وجود مسكن بالمحلج الذي يعمل به المطعون ضده يقيم فيه المذكور من شهر سبتمبر إلى شهر مارس من كل عام، كما يقيم فيه زائرو المحلج وبعض الفرازين - على نحو ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه - لا يتأدى منه إعداد مسكن خاص للمطعون ضده ولا يستتبع بطريق اللزوم زوال حقه في بدل السكن المقرر له.
6 - بدل التمثيل يصرف لشاغلي بعض الوظائف لمواجهته الالتزامات التي تفرضها عليهم وظائفهم فلا يعتبر أجراً ولا يستحق إلا بتحقيق سببه وهو شغل الوظيفة التي تقرر لها أو القيام بأعبائها.
7 - بدل السكن لا يعتبر في جميع الأحوال من قبيل الأجر في مفهوم الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 وإنما يلزم لاعتباره كذلك أن يكون صاحب العمل قد التزم بأدائه للعامل لقاء عمله الذي يؤديه وكانت طبيعة هذا العمل تفرض حصوله عليه، وفي غير ذلك يعتبر من ملحقات الأجر غير الدائمة لا يستحق إلا إذا تحقق سببه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة - شركة...... الدعوى رقم 632 سنة 1973 مدني كلي الزقازيق طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له 348 ج و500 م قيمة بدلى السكن والتمثيل حتى 31/ 3/ 1974 وما يستجد، وقال بياناً لها إنه عين وكيلاً لمحلج منيا القمح عندما كان تابعاً للشركة......، وكان يتقاضى بدلي مسكن وتمثيل منذ 1/ 10/ 1961، وفي 1/ 7/ 1965 ألحق المحلج بالشركة الطاعنة. وإذ طبقت هذه الشركة على البدلين قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1967 في شأن خفض البدلات رغم عدم خضوعهما له باعتبارهما جزءاً من الأجر، وتجمد له مبلغ 348 ج و500 م في الفترة من 1/ 6/ 1967 إلى 31/ 3/ 1973 فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان، وبتاريخ 22/ 12/ 1975 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق وقيد الاستئناف برقم 51 سنة 19 ق، بعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقدم تقريره حكمت في 5/ 11/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 348 ج و500 م، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيانه تقول إن النزاع في حقيقته يدور حول تفسير قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1963 في شأن خفض البدلات، وأن المختص بالفصل فيه هو اللجنة العليا المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون دون المحاكم العادية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين الأولى من مواد الإصدار، 85 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علاقة العاملين بشركات القطاع العام علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قوانين العمل كما تخضع لأحكام هذا النظام باعتباره جزءاً متمماً لعقد العمل، وكان مقتضى ذلك أن القرارات التي تصدرها هذه الشركات في شأن هؤلاء العاملين ومن بينها القرارات الخاصة بالأجور والبدلات لا تعتبر من قبيل القرارات الإدارية وتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بها وكان النص في المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1967 في شأن تخفيض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التي تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين على تشكيل لجنة عليا لتفسير أحكام هذا القرار واعتبار قرارات هذه اللجنة تفسيراً تشريعياً ملزماً لا يخلع على اللجنة الصفة القضائية ولا يسلب المحاكم المدنية سلطتها في نظر المنازعات المتعلقة بهذا القانون، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان الحكم قد قضى للمطعون ضده ببدل التمثيل الذي سبق أن قررته الشركة...... التي كان يعمل بها قبل نقله إلى الشركة الطاعنة، في حين أنه يلزم لتقريره أن يصدر به قرار من مجلس إدارة الشركة يعتمد من الوزير المختص بعد موافقة مجلس إدارة المؤسسة كما تقضي بذلك المادة 11 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962، وكان قرار رئيس الوزراء رقم 2760 لسنة 1967 لا يجيز للعاملين الذين يتقاضون البدل بأداة أدنى من القرار الجمهوري الاحتفاظ به فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت نظم العاملين بالقطاع العام الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 وقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 لم تنص صراحة على إلغاء البدلات التي منحت للعاملين قبل سريانها، ومن ثم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تظل هذه البدلات قائمة بعد العمل بهذه النظم، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 90 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 المشار إليه قد رخصت باحتفاظ العاملين بشركات القطاع العام بصفة شخصية بالبدلات الثابتة التي كانوا يحصلون عليها وقت صدور القرار شريطة أن يكون منصوصاً عليها في عقد العمل أو في لائحة النظام الأساسي ولم يطرأ على طبيعة العمل أي تغيير ولم تقرن ذلك بشرط سبق تحديد البدل بقرار جمهوري على نحو ما أوردته الفقرة الثانية من المادة السادسة من قرار رئيس الوزراء رقم 2670 لسنة 1967 بشأن أسس وقواعد صرف بدل التمثيل بالقطاع العام ومن ثم لا يلزم توافر هذا الشرط لاحتفاظ العاملين المذكورين ببدل التمثيل طالما جاء نص المادة 90 من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه خلوا منه إذ لا يصح في مدارج التشريع أن يعدل قرار رئيس الوزراء من قرار رئيس الجمهورية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لقضائه للمطعون ضده ببدل السكن رغم إعداد مسكن له وقيامه بشغله منذ 1/ 7/ 1972.
وحيث إن هذا النعي في غير محله لأن وجود مسكن مشترك بالمحلج الذي يعمل به المطعون ضده يقيم فيه المذكور من شهر سبتمبر إلى شهر مارس من كل عام، كما يقيم فيه زائروا المحلج وبعض الفرازين - على نحو ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه - لا يتأدى منه إعداد مسكن خاص للمطعون ضده ولا يستتبع بطريق اللزوم زوال حقه في بدل السكن المقرر له.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان الحكم قد جرى في قضائه على عدم خضوع بدلي السكن والتمثيل المطالب بهما للخفض المنصوص عليه في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1967 بمقولة أنهما جزء من الأجر ولا يجوز للطاعنة أن تنفرد بإنقاصهما، في حين أن المشرع أخضع لهذا الخفض جميع البدلات ولم يستثن منها سوى بدل السفر ومصاريف الانتقال الفعلية، فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان بدل التمثيل يصرف لشاغلي بعض الوظائف لمواجهة الالتزامات التي تفرضها عليهم وظائفهم فلا يعتبر أجراً ولا يستحق إلا بتحقق سببه وهو شغل الوظيفة التي تقرر لها أو القيام بأعبائها، وكان بدل السكن لا يعتبر في جميع الأحوال من قبيل الأجر في مفهوم الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 وإنما يلزم لاعتباره لذلك أن يكون صاحب العمل قد التزم بأدائه للعامل لقاء عمله الذي يؤديه وكانت طبيعة هذا العمل تفرض حصوله عليه، وفي غير ذلك يعتبر من ملحقات الأجر غير الدائمة ولا يستحق إلا إذا تحقق سببه، وكان الثابت في الأوراق أن بدل التمثيل المطالب به صرف للمطعون ضده لمواجهة الالتزامات التي تفرضها عليه وظيفة وكيل محلج ومن ثم لا يعد أجراً، وأن بدل السكن تقرر له عوضاً عما يبذله من طاقة ويتعرض له من مخاطر في سبيل أدائه لهذه الوظيفة فيعد بهذه المثابة من ملحقات الأجر غير الدائمة، وكانت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1967 في شأن خفض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التي تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين تنص على خفض جميع البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات وما في حكمها التي تمنح علاوة على المرتب الأصلي للعاملين المدنيين والعسكريين بالحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها أو التي تساهم فيها الدولة وفقاً للنسب المنصوص عليها فيها، ولم تستثن من هذا الخفض سوى بدل السفر ومصاريف الانتقال الفعلية وبدل الغذاء وإعانة غلاء المعيشة، فإن بدلي السكن والتمثيل المطالب بهما يخضعان لهذا الخفض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.