الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 سبتمبر 2023

الطعن 14001 لسنة 78 ق جلسة 28 / 2 / 2019 مكتب فني 70 ق 42 ص 319

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والعمالية
برئاسة السيد المستشار/ كمال عبد النبي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة المستشارين/ أحمد داود، علي عبد المنعم ، محمود عطا ومحمد سليمان "نواب رئيس المحكمة"
بحضور السيد رئيس النيابة/ سامح قنديل.
وحضور السيد أمين السر/ محمد رأفت.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الخميس 23 من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ الموافق 28 من فبراير سنة 2019 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 14001 لسنة 78 ق القضائية.

 (1) أن النص في المادة 18/ 3 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن قانون التأمين الاجتماعي على أن "يستحق المعاش في الحالات الآتية ... 3- انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاة أو العجز الكامل أو العجز الجزئي المستديم متى ثبت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل، وذلك أيا كانت مدة اشتراكه في التأمين، ويثبت عدم وجود عمل آخر بقرار من لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع الوزراء المختصين، ويكون من بين أعضائها .... ويستثنى من شرط عدم وجود عمل آخر الحالات التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بناء على اقتراح مجلس الإدارة. والنص في المادة 52 منه إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم تقدر نسبته ب 35 % فأكثر استحق المصاب معاشا يساوي نسبة ذلك العجز من المعاش المنصوص عليه بالمادة (51) وإذا أدى هذا العجز إلى إنهاء خدمة المؤمن عليه لثبوت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل وفقا للقواعد المنصوص عليها بالبند 3 من المادة (18) يزاد معاشه وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة السابقة. والنص في المادة 53 من ذات القانون على أن مع مراعاة حكم البند (3) من المادة 18 إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم لا تصل نسبته إلى 35 % استحق المصاب تعويضا يقدر بنسبة ذلك العجز مضروبة في قيمة معاش العجز الكامل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة (51) وذلك عن أربع سنوات ويؤدى هذا التعويض دفعة واحدة، يدل على أنه إذا نشأ عن إصابة المؤمن عليه أثناء العمل عجز جزئي مستديم تقدر نسبته ب 35 % فأكثر استحق المصاب معاشا يساوي نسبة ذلك العجز، أما إذا قلت نسبته عن ذلك استحق تعويضا يدفع له مرة واحدة يسمى تعويض الدفعة الواحدة وذلك متى ثبت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل، وتلتزم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالوفاء بهذه الالتزامات كاملة للمؤمن عليهم أو المستحقين حتى ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنهم لدى الهيئة حتى لا يضار العامل من إهمال صاحب العمل في تنفيذ التزامه بالتأمين على عماله وسداد الاشتراكات المقررة وللهيئة الرجوع عليه بهذه الاشتراكات بعد ذلك. وإنه ولئن كان قانون التأمين الاجتماعي سالف البيان قد أسند في شأن إثبات حالات العجز ونسبته لدى المصاب إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي أو اللجان الطبية التي تفوضها هذه الهيئة كما أسند إلى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 18 والتي يصدر بتشكيلها قرار من وزير التأمينات إثبات عدم وجود عمل آخر للمؤمن عليه الذي أصيب بعجز جزئي مستديم لدى صاحب العمل الذي كان يعمل لديه إلا أن ذلك لا يدل على أي وجه أن المشرع قصد تقييد إثبات العجز ونسبته أو عدم وجود عمل آخر للمؤمن عليه لدى صاحب العمل بطريق معين باعتبار أن هذه المسائل من الوقائع المادية والتي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، ولمحكمة الموضوع استخلاصها مما تقتنع به من أدلة الدعوى، فليس في القانون ما يحرم المصاب من حقوقه التأمينية أو بعضها إذا لم يثبت ذلك عن طريق تلك اللجنة المختصة بإثبات عدم وجود عمل آخر له من عدمه أو عن طريق الهيئة العامة للتأمين الصحي بشأن تحديد حالات العجز ونسبته إلا أنه يشترط أن يبين القاضي في حكمه المصدر الذي استقى منه الواقعة التي بنى عليها حكمه، فإن بنى الحكم على واقعة لا سند لها في أوراق الدعوى، فإنه يكون باطلا.

(2) لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى إلزام الطاعنة بصرف معاش العجز الجزئي المستديم لنجل المطعون ضدها بصفتها دون أن يبين حالة العجز الجزئي الذي أصابه ونسبة ذلك العجز حتى تستطيع هذه المحكمة الوقوف على مع إذا كان يستحق معاش العجز الجزئي المستديم أو تعويض الدفعة الواحدة وكذلك ما إذا كان يوجد له عمل آخر لدى صاحب العمل من عدمه مستندا في قضائه على ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي خلا أيضا وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه من بيان حالة العجز ودرجته أو بيان ما إذا كان لا يوجد له عمل آخر لدى صاحب العمل، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها بصفتها أقامت على الطاعنة - الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي - وآخر الدعوى رقم 944 لسنة 1999 مدني كفر الشيخ الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما أن يؤديا لها بصفتها معاش العجز الكلي الإصابي اعتبارا من تاريخ إصابة نجلها القاصر في 19/ 1/ 1998، وقالت بيانا لدعواها إن نجلها التحق بموجب عقد تدريب وتلمذة صناعية مؤرخ 5/ 1/ 1998 مبرم بين مديرية القوى العاملة بكفر الشيخ وصاحب العمل ........ للعمل والتدريب لمدة ثلاث سنوات وإذ أصيب أثناء العمل وبسببه، ما نتج عنه بتر بعض أصابع يده اليمنى فأقامت الدعوى بطلبها سالف البيان. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت في 29/ 12/ 2005 برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها بصفتها هذا الحكم الاستئناف رقم 13 لسنة 39 ق أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية كفر الشيخ" فندبت خبيرا وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 22/ 7/ 2008 بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضدها بصفتها وصية على نجلها معاش العجز الجزئي اعتبارا من 16/ 1/ 1998. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
في يوم 14/ 9/ 2008 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا "مأمورية كفر الشيخ" الصادر بتاريخ 22/ 7/ 2008 في الاستئناف رقم 13 لسنة 39 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وقام قلم الكتاب بضم المفردات.
وفي 28/ 10/ 2008 أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 22/ 11/ 2018 للمرافعة وبذات الجلسة سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعنة والنيابة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ محمود عطا "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه ووفقا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنة 1975 إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم تقدر نسبته ب 35 % فأكثر استحق المصاب معاش يساوي نسبة ذلك العجز من المعاش المنصوص عليه في المادة 51 من ذات القانون أما إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم لا تصل نسبته إلى 35 % استحق المصاب تعويضا يؤدى دفعة واحدة ويشترط لاستحقاق هذا المعاش أن يثبت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل وأن يتم تحديد حالات العجز بشهادة من الهيئة العامة للتأمين الصحي، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنة بصرف معاش العجز الجزئي المستديم لنجل المطعون ضدها بصفتها دون عرضه على اللجان الطبية التابعة للهيئة أو على الطب الشرعي لتحديد حالة العجز ونسبته وثبوت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل مكتفيا في ذلك بتقرير طبي صادر من مستشفى عادية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 18/ 3 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن قانون التأمين الاجتماعي على أن "يستحق المعاش في الحالات الآتية ... 3- انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاة أو العجز الكامل أو العجز الجزئي المستديم متى ثبت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل، وذلك أيا كانت مدة اشتراكه في التأمين، ويثبت عدم وجود عمل آخر بقرار من لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع الوزراء المختصين، ويكون من بين أعضائها .... ويستثنى من شرط عدم وجود عمل آخر الحالات التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بناء على اقتراح مجلس الإدارة. والنص في المادة 52 منه إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم تقدر نسبته ب 35 % فأكثر استحق المصاب معاشا يساوي نسبة ذلك العجز من المعاش المنصوص عليه بالمادة (51) وإذا أدى هذا العجز إلى إنهاء خدمة المؤمن عليه لثبوت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل وفقا للقواعد المنصوص عليها بالبند 3 من المادة (18) يزاد معاشه وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة السابقة. والنص في المادة 53 من ذات القانون على أن مع مراعاة حكم البند (3) من المادة 18 إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم لا تصل نسبته إلى 35 % استحق المصاب تعويضا يقدر بنسبة ذلك العجز مضروبة في قيمة معاش العجز الكامل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة (51) وذلك عن أربع سنوات ويؤدى هذا التعويض دفعة واحدة، يدل على أنه إذا نشأ عن إصابة المؤمن عليه أثناء العمل عجز جزئي مستديم تقدر نسبته ب 35 % فأكثر استحق المصاب معاشا يساوي نسبة ذلك العجز، أما إذا قلت نسبته عن ذلك استحق تعويضا يدفع له مرة واحدة يسمى تعويض الدفعة الواحدة وذلك متى ثبت عدم وجود عمل آخر له لدى صاحب العمل، وتلتزم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالوفاء بهذه الالتزامات كاملة للمؤمن عليهم أو المستحقين حتى ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنهم لدى الهيئة حتى لا يضار العامل من إهمال صاحب العمل في تنفيذ التزامه بالتأمين على عماله وسداد الاشتراكات المقررة وللهيئة الرجوع عليه بهذه الاشتراكات بعد ذلك. وإنه ولئن كان قانون التأمين الاجتماعي سالف البيان قد أسند في شأن إثبات حالات العجز ونسبته لدى المصاب إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي أو اللجان الطبية التي تفوضها هذه الهيئة كما أسند إلى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 18 والتي يصدر بتشكيلها قرار من وزير التأمينات إثبات عدم وجود عمل آخر للمؤمن عليه الذي أصيب بعجز جزئي مستديم لدى صاحب العمل الذي كان يعمل لديه إلا أن ذلك لا يدل على أي وجه أن المشرع قصد تقييد إثبات العجز ونسبته أو عدم وجود عمل آخر للمؤمن عليه لدى صاحب العمل بطريق معين باعتبار أن هذه المسائل من الوقائع المادية والتي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، ولمحكمة الموضوع استخلاصها مما تقتنع به من أدلة الدعوى، فليس في القانون ما يحرم المصاب من حقوقه التأمينية أو بعضها إذا لم يثبت ذلك عن طريق تلك اللجنة المختصة بإثبات عدم وجود عمل آخر له من عدمه أو عن طريق الهيئة العامة للتأمين الصحي بشأن تحديد حالات العجز ونسبته إلا أنه يشترط أن يبين القاضي في حكمه المصدر الذي استقى منه الواقعة التي بنى عليها حكمه، فإن بنى الحكم على واقعة لا سند لها في أوراق الدعوى، فإنه يكون باطلا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى إلزام الطاعنة بصرف معاش العجز الجزئي المستديم لنجل المطعون ضدها بصفتها دون أن يبين حالة العجز الجزئي الذي أصابه ونسبة ذلك العجز حتى تستطيع هذه المحكمة الوقوف على مع إذا كان يستحق معاش العجز الجزئي المستديم أو تعويض الدفعة الواحدة وكذلك ما إذا كان يوجد له عمل آخر لدى صاحب العمل من عدمه مستندا في قضائه على ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي خلا أيضا وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه من بيان حالة العجز ودرجته أو بيان ما إذا كان لا يوجد له عمل آخر لدى صاحب العمل، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

فلهذه الأسباب

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا "مأمورية كفر الشيخ"، وألزمت المطعون ضدها بصفتها مصروفات الطعن، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفتها من الرسوم القضائية.

الطعن 94 لسنة 54 ق جلسة 7 /5 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 أحوال شخصية ق 150 ص 730

جلسة 7 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد وحسين محمد حسن.

---------------

(150)
الطعن رقم 94 لسنة 54 القضائية "أحوال شخصية"

(1 - 3) أحوال شخصية ولاية على المال "أموال القصر".نقض "المواد الجائز الطعن فيها". استئناف.
(1) الحكم بتعديل شروط استغلال أموال القاصر، ليس من المواد الجائز الطعن فيها بالنقض والواردة على سبيل الحصر في المادة 1025 مرافعات.
(2) القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحساب الذي يقدمه الوصي عن إدارته مال القاصر. الطعن فيها جائز.
(3) رفع استئناف عن قرار صادر في مسألة معينة، وجوب تصدي محكمة الاستئناف للمادة كلها كأصل. الاستثناء. المنازعة المتعلقة بالحساب. م 1022 مرافعات.

----------------
1 - لما كانت المادة 1025 من قانون المرافعات قد بينت على سبيل الحصر المواد التي يجوز الطعن بالنقض في القرارات الانتهائية الصادرة فيها، وكان الحكم بإلزام الطاعن بتعديل شروط استغلال بعض أموال القاصر لم يصدر في مادة من هذه المواد فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز.
2 - لما كانت المادة 1025 من قانون المرافعات قد أجازت الطعن بالنقض للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحساب، وكان الحساب الذي يقدمه الوصي عن إدارته مال القاصر ما هو إلا بيان لعناصر الإيرادات وما يقابلها من عناصر المصروفات مما يقتضي من المحكمة الوقوف عند كل من هذه العناصر وتحقيق أية منازعة بشأنه وصولاً إلى غاية الأمر من ذلك وهو تحديد الباقي في ذمة الوصي وإلزامه بأدائه أو إيداعه خزانة المحكمة في ميعاد تحدده طبقا لنص المادة 1014 من قانون المرافعات... فإن الطعن بطريق النقض في هذا الشق من الحكم يكون جائزاً.
3 - المادة 1022 من قانون المرافعات وإن جازت للمحكمة الاستئنافية إذا رفع إليها استئناف عن قرار صادر في مسألة معينة أن تتصدى للمادة كلها إلا أنها استثنت من ذلك المنازعات المتعلقة بالحساب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 16/ 5/ 1978 صدر قرار محكمة الجيزة الابتدائية في القضية رقم 136 لسنة 1978 أحوال شخصية (ولاية على المال) بتثبيت الطاعن وصياً مختاراً على القاصر "..." ابن المرحوم...... وقررت المحكمة في 2/ 7/ 1978 الإذن للطاعن بتأجير الشقتين رقمي 11 و12 بالعقار رقم 22 شارع الدكتور طه حسين بالزمالك المستغلتين حال حياة المورث مكتباً للمحاماة للأستاذ...... شريكه في المكتب بأجرة شهرية قدرها 120 جنيهاً، ولم تصدر المحكمة قرارها في شأن طلب الطاعن الإذن له بتأجير الشقة رقم 7 بالعقار المذكور مفروشة بأجرة شهرية قدرها 300 جنيه، وبتاريخ 22/ 11/ 1980 تقدمت والدة القاصر (المطعون عليها الأولى) بشكوى إلى النيابة العامة اتبعتها بشكويين أخريين في 22/ 1/ 1981 و14/ 2/ 1982 طالبة عزل الطاعن من الوصاية على القاصر وتعيينها وصية بدلاً منه ناسبة إليه إساءة التصرف في التركة والتسبب في ضياع جانب منها و إخفاء بعض عناصرها عند الحصر مع تعطيله إتمام الجرد وعدم تقديمه حساباً عن إدارته أموال القاصر منذ توليه الوصاية فضلاً عن استغلاله بعض من هذه الأموال لحسابه الخاص ومن ذلك الشقتان 11 و12 المشار إليهما وكذا الشقة رقم 7 التي قرر الطاعن أنه شغلها بمكتبه بعد أن أخلاها مستأجرها وتبين من معاينة النيابة لها أنها مشغولة بمكتب المحاماة والاستشارات القانونية الخاصة به والذي يشاركه فيها آخرون منهم الأستاذ...... مستأجر الشقتين رقمي 11، 12. وبتاريخ 26/ 4/ 1983 أصدرت المحكمة عدة قرارات منها أولاً: تعيين المطعون عليها وصية بلا أجر على ابنها القاصر "..." منضمة إلى الطاعن ثانياً: تعيين...... وصي خصومة بلا أجر لمباشرة إجراءات الدعوى المدنية رقم 132 لسنة 1981 عابدين الجزئية ممثلاً للقاصر ثالثاً: التصريح للوصيين (الطاعن والمطعون عليها) بتأجير الشقة رقم... بالعقار رقم... شارع...... بمفروشاتها بأجرة شهرية لا تقل عن ألف جنيه رابعاً: رفض طلب بيع موجودات الشقتين 11 و12 بالعقار المذكور. خامساً: تكليف الوصي المختار (الطاعن) بتقديم كافة كشوف ومستندات الحساب عن فترة انفراده بالوصاية حتى يوم صدور القرار وذلك خلال ثلاثين يوماً. استأنف الطاعن القرارات الأربعة الأول بالاستئناف رقم 16 للسنة 100 ق القاهرة كما استأنفت المطعون عليها القرارين الأول والثالث بالاستئناف رقم 17 للسنة 100 ق القاهرة طالبة عزل الطاعن من الوصاية وانفرادها بتأجير الشقة رقم 7. أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول وحكمت في 21/ 6/ 1984 قبل الفصل في موضوع طلب العزل بإلزام الطاعن بأن يودع لحساب القاصر مبلغ 84000 جنيه حسابه ببنك مصر فرع الجيزة وبتعديل شروط استغلال الشقق الثلاث على النحو الوارد بالأسباب. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. دفعت المطعون عليها والنيابة العامة بعدم جواز الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه فصل في منازعة خاصة بكيفية إدارة الطاعن لأموال القاصر وهي ليست من المسائل التي يجوز الطعن في القرارات الصادرة فيها بطريق النقض والتي أوردتها على سبيل الحصر المادة 1025 من قانون المرافعات.
وحيث إن الدفع في محله بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام الطاعن بتعديل شروط استغلال الشقق الثلاث، ذلك أنه لما كانت المادة 1022 من قانون المرافعات قد بينت على سبيل الحصر المواد التي يجوز الطعن بالنقض في القرارات الانتهائية الصادرة فيها، وكان الحكم بإلزام الطاعن بتعديل شروط استغلال بعض أموال القاصر لم يصدر في مادة من هذه المواد فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز.
وحيث إن الدفع في خصوص قضاء الحكم بإلزام الطاعن بأن يودع لحساب القاصر مبلغ 84000 جنيه غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 1025 من قانون المرافعات المشار إليها قد أجازت الطعن بالنقض للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحساب، وكان الحساب الذي يقدمه الوصي عن إدارته مال القاصر ما هو إلا بيان لعناصر الإيرادات وما يقابلها من عناصر المصروفات مما يقتضي من المحكمة الوقوف عند كل من هذه العناصر وتحقيق أية منازعة بشأنه وصولاً إلى غاية الأمر من ذلك وهو تحديد الباقي في ذمة الوصي وإلزامه بأدائه أو إيداعه خزانة المحكمة في ميعاد تحدده طبقاً لنص المادة 1014 من قانون المرافعات، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بإيداع مبلغ 84000 ج لحساب القاصر بالبنك على سند من أن تقدير أجرة الشقة رقم 7 مفروشة في عقد إيجارها المبرم بواسطة الطاعن مع الغير بواقع 300 جنيه شهرياً هو تقدير غير مناسب إذ لا يجب أن تقل أجرتها عن 1000 جنيه شهرياً وأن تقدير أجرة الشقتين رقمي 11 و12 معا بمبلغ 120 جنيهاً شهرياً على أساس أنهما خاليتان غير مناسب كذلك لوجود منقولات بهما تقتضي تأجيرهما مفروشتين بما لا يقل عن 1000 جنيه شهرياً لكل منها مما يستتبع إلزام الطاعن بأجرة الشقق الثلاث مقدرة بهذه القيمة عن ثلاث سنوات من 1/ 6/ 1981 بالنسبة للشقة الأولى وعن سنتين من 1/ 6/ 1981 بالنسبة للشقتين الأخريين، كان هذا من الحكم لا يعدو أن يكون في حقيقته تصدياً للفصل في صميم الحساب عن إدارة الطاعن لأموال القاصر وذلك فيما يختص بتحديد قيمة العائد من استغلال الشقق الثلاث كعنصر من عناصر الإيراد مما يلزم به الطاعن عند فحص الحساب الشامل الذي يقدمه عن تلك الإدارة، و بالتالي. فإن الطعن بطريق النقض في هذا الشق من الحكم يكون جائزاً ويكون الدفع المبدى من النيابة والمطعون عليها في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطعن بالنسبة لهذا الشق من الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على هذا الشق من الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف تصدت لمنازعة متعلقة بالحساب وألزمته بإيداع مبلغ 84000 جنيه لحساب القاصر باعتبار أن هذا المبلغ هو الأجرة المناسبة للشقق الثلاث دون أن يكون قد صدر من محكمة أول درجة في هذا الشأن قضاء صريح أو ضمني، فخالفت بذلك المادة 1012 من قانون المرافعات والتي لا تجيز لها أن تتصدى لمسائل الحساب التي لم تفصل فيها محكمة أول درجة مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في محله. ذلك أنه لما كانت المادة 1022 من قانون المرافعات وإن أجازت للمحكمة الاستئنافية إذا رفع إليها استئناف عن قرار صادر في مسألة معينة أن تتصدى للمادة كلها إلا أنها استثنت من ذلك المنازعات المتعلقة بالحساب، وكان القرار المستأنف قد صدر في مادة طلب عزل الطاعن عن الوصاية وتعيين والدة القاصر المطعون عليها وصية عليه ولم يفصل في حساب الإيراد العائد من استغلال كل من الشقق أرقام 7 و11 و12 من العقار رقم... شارع..... ولا في مقدار ما في ذمة الطاعن للقاصر من ذلك العائد، ومن ثم فإن محكمة الاستئناف إذ تصدت لهذه المسألة ابتداءً وفصلت فيها رغم تعلقها ببعض عناصر الحساب - على ما سلف بيانه في الرد على الدفع - فإنها بذلك تكون قد خالفت حكم المادة المشار إليها فوتت على الطاعن إحدى درجتي التقاضي مما يبطل الحكم في هذا الخصوص ويوجب نقضه.

الطعن 638 لسنة 44 ق جلسة 21 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 220 ص 1194

جلسة 21 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد جلال الدين رافع، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد الحميد، محمد إبراهيم خليل.

 -------------------

(220)
الطعن رقم 638 لسنة 44 القضائية

(1) اختصاص "اختصاص ولائي". ملكية.
أراضي البرك والمستنقعات التي آلت إلى الدولة. ق 177 لسنة 1960. اختصاص اللجنة المنصوص عليها في المادة الأولى منه بطلبات استرداد الملكية دون غيرها. الالتجاء إلى القضاء بطلب قيمة الأرض. صحيح.
(2) دعوى "الصفة في الدعوى".
أرض البركة التي آلت ملكيتها إلى الدولة. ق 177 لسنة 1960. دعوى المطالبة بقيمتها وجوب اختصام الوزير المختص دون رئيس مجلس المدينة. علة ذلك.

-----------------
1 - مفاد نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة الأولى والمادتين الرابعة والثانية من القانون رقم 177 لسنة 1960 في شأن البرك والمستنقعات أن اللجنة - المشكلة بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية برئاسة قاضي إنما تختص في طلبات الاسترداد دون غيرها من الطلبات الأخرى، فلا تختص بطلب المطعون عليهم لقيمة الأرض التي آلت ملكيتها إلى الدولة طبقاً للفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 177 لسنة 1960 لقيامها بردم البركة في موقع هذه الأرض سنة 1947 بعد العمل بالقانون 76 لسنة 1946 ولم تتم إجراءات نزع ملكيتها طبقاً لما كان يقضي به هذا القانون، ومتى كان الحكم المطعون فيه قد خلص في أسبابه إلى أن الحكومة لم تقدم ما يفيد أنها قامت باتخاذ إجراءات نزع ملكية البركة أخذاً بالمادة الثانية من القانون 76 لسنة 1946، ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وحق المطعون عليهم في الالتجاء مباشرة إلى القضاء، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 177 لسنة 1960 أن الدولة هي المسئولة عن قيمة أرض البركة التي آلت إليها بحكم القانون، ومفاد نص المادة 43 من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1513 لسنة 1960 أن الملكية والتعويض عنها تخرج عن المسائل التي ناط المشرع بمجلس المدينة مباشرتها، لما كان ذلك، وكان الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وخلص إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين وزير الحكم المحلي ووزير الإسكان بصفتهما - فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 5297 لسنة 1962 القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين ومحافظ الدقهلية ورئيس مجلس مدينة ميت غمر بطلب الحكم بإلزامهم بصفاتهم متضامنين بأن يؤدوا إليهم مبلغ 500 مليم و27343 جنيه، وقالوا شرحاً للدعوى أن المدعى عليهم المذكورين استولوا على مساحة 3 س 4 ط 2 ف من ملكهم دون أن يعرضوا عنها، فأقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان بقصد اقتضاء قيمة هذه المساحة المستولى عليها، وبتاريخ 4/ 11/ 1963. حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الأرض المستولى عليها وقت الاستيلاء، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 8/ 4/ 1971 بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعين المطعون عليهم - مبلغ 8769.500 استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 2431 لسنة 88 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون عليهم بالاستئناف رقم 244 لسنة 88 ق القاهرة. وبتاريخ 11/ 4/ 1974 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول بعدم جواز إقامته من المستأنفين الثالث والرابع - محافظ الدقهلية ورئيس مجلس مدينة ميت غمر - ورفضه بالنسبة للطاعنين، وفي الاستئناف الثاني بعدم جوازه بالنسبة لمحافظ الدقهلية ورئيس مجلس مدينة ميت غمر، وبتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليهم مبلغ 495 مليم، 020511 جنيه طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الإجراءات التي نص عليها القانون رقم 177 لسنة 1960 في شأن البرك والمستنقعات إذ أنه بصدور هذا القانون تؤول إلى الدولة ملكية البرك والمستنقعات التي قامت بردمها بعد العمل بالقانون 76 لسنة 1946 وقبل اتخاذ إجراءات خاصة بنزع ملكيتها وإذ كان الثابت من تقرير الخبير أن البركة موضوع النزاع قد ردمتها الحكومة سنة 1947 فقد كان يتعين على المطعون عليهم لاسترداد أرضهم الالتجاء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة الرابعة من هذا القانون في الحدود وبالإجراءات المنصوص عليها فيه، غير أن الحكم قضى برفض هذا الدفع، وتعويض المطعون عليهم، استناداً إلى أن الحكومة لم تقدم ما يفيد أن ملكية البركة قد نزعت وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون نزع الملكية للمنفعة العامة أخذاً بالمادة الثانية من القانون رقم 76 لسنة 1946 مما تكون أرض البركة قد آلت إلى الدولة طبقاً للفقرة الأولى من القانون 177 سنة 1960 كما أن الحكومة لم تقم بنشر القرار الوزاري الخاص بتحديد موقع هذه البرك فلا يبدأ ميعاد السنة الذي حدده القانون لطلب الاسترداد، هذا إلى أن المطعون عليهم لم يتقدموا بالقرار الصادر باستردادها والذي يعتبر سند ملكيتهم طبقاً للمادة (10) من القانون 177 سنة 1960 كما أن الحكم المطعون فيه لم يقدر قيمة التعويض على أساس تكاليف الردم أو قيمة الأرض أيهما أقل، مما يصيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 177 لسنة 1960 في شأن البرك والمستنقعات نصت على أن "تؤول إلى الدولة أراضي البرك والمستنقعات التي ردمتها أو جففتها الحكومة بعد العمل بالقانون 76 لسنة 1946 وقبل أن تتم إجراءات نزع ملكيتها... وذلك مقابل قيمتها الحقيقية في تاريخ البدء في ردمها.. "ونصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة "ويجوز لملاك هذه الأراضي استرداد ملكيتهم لها خلال سنة من تاريخ نشر القرار الوزاري الصادر بتحديد مواقعها، وحدودها في الجريدة الرسمية مقابل دفع قيمة الأرض في هذا التاريخ أو تكاليف الردم أيهما أقل "كما نصت المادة الرابعة من ذات القانون على أن "يفصل في طلب الاسترداد... لجنة تشكل بقرار من وزير البلدية والقروية برئاسة قاض... ونصت المادة الثامنة على أنه: "ويجوز لذوي الشأن الطعن في قرار لجنة الفصل في طلبات الاسترداد، مما مفاده أن اللجنة المشار إليها إنما تختص بالفصل في طلبات الاسترداد دون غيرها من الطلبات الأخرى فلا تختص بطلب المطعون عليهم لقيمة الأرض التي آلت ملكيتها إلى الدولة طبقاً للفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 177 لسنة 1960 لقيامها بردم البركة في موقع هذه الأرض سنة 1947 بعد العمل بالقانون 76 لسنة 1946 ولم يتم إجراءات نزع ملكيتها طبقاً لما كان يقضي به هذا القانون ثم فإن موضوع الخصومة بهذه المثابة ينأى عن اختصاص اللجنة التي جعل المشرع مناط اختصاصها مقصوراً على الفصل في طلبات الاسترداد، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في أسبابه إلى أن الحكومة لم تقدم ما يفيد أنها قامت باتخاذ إجراءات نزع ملكية البركة أخذاً بالمادة الثانية من القانون 76 لسنة 1946، ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وحق المطعون عليهم في الالتجاء مباشرة إلى القضاء، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، مما يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن رئيس مجلس مدينة ميت غمر هو صاحب الصفة في تمثيل المجلس أمام القضاء طبقاً للقانون رقم 124 لسنة 1960 بشأن قانون نظام الإدارة المحلية غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع على أساس أنهما يمثلان الدولة في التقاضي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 177 لسنة 1960 نصت على أن تؤول إلى الدولة ملكية أراضي البرك والمستنقعات التي ردمتها أو جففتها بعد العمل بالقانون 76 لسنة 1946 وقبل أن تتم إجراءات نزع ملكيتها.. وذلك مقابل قيمتها الحقيقية في تاريخ البدء في ردمها.. "وكان مؤدى ذلك أن الدولة هي المسئولة عن قيمة أرض البركة التي آلت إليها بحكم القانون، وكانت المادة (43) من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1513 لسنة 1960 تنص على أن "تباشر مجالس المدن... كل في دائرة اختصاصه الشئون العمرانية الآتية:... دراسة وإعداد وتنفيذ ردم البرك وإعداد وتخطيط وتقسيم مواقعها بعدم ردمها في حالة عدم استرداد أصحابها لها طبقاً للقانون.." مما مفاده أن الملكية والتعويض عنها تخرج عن المسائل الواردة في القانون رقم 124 لسنة 1960 ولائحته التنفيذية، والتي ناط المشرع بمجلس المدينة مباشرتها، لما كان ذلك وكان الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة للحكومة فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر، وخلص إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين فإنه يكون قد التزم صحيح القانون مما يكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن رقم 256 لسنة 31 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 2 / 9 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من سبتمبر سنة 2023م، الموافق السابع عشر من صفر سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 256 لسنة 31 قضائية دستورية

المقامة من
أحمد محمود فرج منصور علام
ضد
1 - رئيس الجمهورية
2 - وزير العدل
2 - رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
4 - النائب العام
5 - رئيس محكمة جنوب الجيزة الابتدائية

------------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثالث من ديسمبر سنة 2009، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (11) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري، والمادة (365) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فيما تضمنتاه من جواز تكليف المدين بالحراسة وعدم الاعتداد برفضه إياها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم؛ أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى نص المادة (365) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ثانيًا: برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية، في الدعوى رقم 218 لسنة 2009 جنح مركز البدرشين، متهمة إياه أنه بتاريخ 2/ 12/ 2008، بدائرة مركز البدرشين، وهو مالك للمنقولات المبينة وصفًا وقيمة بالأوراق، والمحجوز عليها قضائيًّا لصالح نيابة جنوب الجيزة، والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع، فاختلسها لنفسه إضرارًا بالجهة الحاجزة على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بالمادتين (341 و342) من قانون العقوبات. وبجلسة 17/ 2/ 2009، حكمت المحكمة غيابيًّا بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ والمصاريف. عارض المدعي في الحكم، وأثناء نظر المعارضة دفع بعدم دستورية نص المادة (11) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري، والمادة (365) من قانون المرافعات المدنية والتجارية. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فأقام دعواه المعروضة.
وحيث إن المادة (11) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري المعدلة بالقانون رقم 181 لسنة 1959، تنص على أن يعين مندوب الحاجز عند توقيع الحجز حارسًا أو أكثر على الأشياء المحجوزة، ويجوز تعيين المدين أو الحائز حارسًا، وإذا لم يوجد من يقبل الحراسة وكان المدين أو الحائز حاضرًا كلفه الحراسة ولا يعتد برفضه إياها، أما إذا لم يكن حاضرًا عهد بها مؤقتًا إلى أحد رجال الإدارة المحليين.
وتعين بقرار من الوزير المختص أو من ينيبه في ذلك أجور الحراسة بالنسبة إلى غير المدين أو الحائز.
وتنص المادة (365) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المستبدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1974، والمعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 على أنه إذا لم يجد معاون التنفيذ في مكان الحجز من يقبل الحراسة وكان المدين حاضرًا كلفه الحراسة ولا يعتد برفضه إياها، أما إذا لم يكن حاضرًا وجب على معاون التنفيذ أن يتخذ جميع التدابير الممكنة للمحافظة على الأشياء المحجوزة وأن يرفع الأمر على الفور لإدارة التنفيذ لتأمر إما بنقلها أو إيداعها عند أمين يقبل الحراسة يختاره الحاجز أو معاون التنفيذ وإما بتكليف أحد رجال الإدارة بالمنطقة، الحراسة مؤقتًا.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة؛ ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلًّا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا. وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، ذلك أن شرط المصلحة الشخصية هو الذي يحدد فكرة الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ويؤكد ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المنقولات محل محضر التبديد المرفق، والاتهام المقدم به المدعي للمحاكمة الجنائية قد تم الحجز عليها حجزًا قضائيًّا لصالح نيابة جنوب الجيزة، طبقًا لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، دون اتباع إجراءات الحجز المنصوص عليها في القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري؛ ومن ثم فإن الفصل في دستورية نص المادة (11) من القانون الأخير، لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في الطعن على هذا النص، بينما تتحقق مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن على نص المادة (365) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المار ذكره، فيما نصت عليه من أنه إذا لم يجد معاون التنفيذ في مكان الحجز من يقبل الحراسة وكان المدين حاضرًا كلفه الحراسة ولا يعتد برفضه إياها . وبها يتحدد نطاق الدعوى المعروضة.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه - وفقًا للنطاق المحدد سلفًا - تعارضه مع المادة (12) من الدستور القائم، المقابلة للمادة (13) في فقرتها الثانية من دستور 1971، التي تقضي بأنه لا يجوز فرض أي عمل جبرًا على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل؛ لكون النص المطعون فيه قد فرض على المدين الحاضر عند الحجز على منقولاته أن يتولى الحراسة ولا يعتد برفضه إياها، وذلك دون مقابل؛ بما يتعارض مع الحق في العمل، والحرية الشخصية.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع للدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلًا صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة؛ تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها - أيًّا كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي؛ متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعي للنص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - تندرج تحت المناعي الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي معين لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النص المطعون فيه - الذي مازال ساريًا ومعمولًا بأحكامه - في ضوء أحكام الدستور القائم.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًا لها، لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها، يُعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية - وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها - بعيدًا عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملًا، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التي حددتها مرتبطة عقلًا بها.
وحيث إن الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها عقلًا بأهدافها، باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها؛ فمن ثم يتعين لاتفاق التنظيم التشريعي مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة، التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاءً لمصلحة عامة لها اعتبارها، وبين الوسائل التي انتهجها طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها، بل يتعين أن تكون مدخلًا إليها.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ضمان الحرية الشخصية لا يعني غلّ يد المشرع عن التدخل لتنظيمها، ذلك أن صون الحرية الشخصية يفترض بالضرورة إمكان مباشرتها دون قيود جائرة تعطلها، وليس إسباغ حصانة عليها تعفيها من تلك القيود التي تقتضيها مصالح الجماعة، وتسوغها ضوابط حركتها؛ ذلك أن الدستور أعلى قدر الحرية الشخصية، فاعتبرها من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية الغائرة في أعماقها، والتي لا يمكن فصلها عنها، ومنحها بذلك الرعاية الأوفى والأشمل توكيدًا لقيمتها، وبما لا إخلال فيه بالحق في تنظيمها.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع - بموجب النص المطعون عليه - قد استهدف أن تكون إجراءات حجز المنقول لدى المدين ضامنة لحقوق الدائن، يستوفيها من المدين بإجراءات محكمة، محققة للغاية من الحجز، دون إعنات بالمدين في حراسة منقول يملكه، ولا يتبدل التزامه بحراسته بتوقيع الحجز عليه، إذ يظل على ملكه، حتى الوفاء بالدين المحجوز لأجله أو بيع المنقول استئداءً لحقوق الدائن، فإلزام المدين الذي تم الحجز في حضوره بحراسة المنقول المحجوز عليه، دون اعتداد برفضه، وإن بدا التزامًا فُرِضَ عليه جبرًا، دون مقابل لهذا الالتزام، إلا أن تكليف المدين بالحراسة - في النطاق المحدد سلفًا - أنبته صون ملكيته للمنقول المحجوز عليه، وضمان استيفاء الدائن لدينه، إما بسداده لرفع الحجز، وإما بإيقاع البيع، وذلك بمراعاة أن حراسة المدين للمنقول المحجوز عليه، لا تُعد عملاً قائمًا بذاته، مستقلًّا بعناصره عن مباشرة حقوق المدين على المنقول المحجوز عليه، وإنما هي من موجباتها، ترتبط بها ارتباطًا غير قابل للانفصال، وتُعد بهذه المثابة حقًّا للمدين لا ينزل عنه، ولا يؤجر على أدائه، وذلك ما لم يقتضي صون المال المحجوز عليه إسناد حراسته إلى غيره، مما مؤداه أن يكون التمحل بنص المادة (12) من الدستور الحالي - المقابلة للمادة (13) من دستور 1971 - بما لا يجيزه من إلزام أي مواطن بالعمل جبرًا إلا بمقابل عادل، وبمقتضى قانون، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل لا يجد أساسًا للإعمال على أحكام النص المطعون فيه؛ ومن ثم، لا يُشكل عدوانًا على حرية المدين الشخصية، مما يكون معه النعي عليه في هذا الشأن لا سند له، خليقًا بالرفض.
وحيث إن النص المطعون فيه - في النطاق المتقدم - لا يخالف أي نص آخر في الدستور؛ فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن رقم 70 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 2 / 9 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من سبتمبر سنة 2023م، الموافق السابع عشر من صفر سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

 وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 70 لسنة 43 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية، بحكمها الصادر بجلسة 24/ 3/ 2021، ملف الدعوى رقم 4549 لسنة 47 قضائية.

المقامة من
هيثم محمد الحسيني محمد عبد الدايم
ضد
1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأبنية التعليمية
2- مدير عام إدارة الهيئة العامة للأبنية التعليمية
3- مدير عام منطقة الغربية بالهيئة العامة للأبنية التعليمية

-------------------
" الإجراءات "
بتاريخ التاسع من أغسطس سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 4549 لسنة 47 قضائية، بعد أن قضت المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية بجلسة 24/ 3/ 2021، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية، الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018، فيما لم تتضمنه من وجوب إنذار الموظف كتابة قبل إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل بغير إذن.
وقدمت هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة للأبنية التعليمية مذكرتين، طلبتا فيهما الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة العامة للأبنية التعليمية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي في الدعوى الموضوعية، كان قد أقام أمام المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية الدعوى رقم 4549 لسنة 47 قضائية، ضد المدعى عليهم وآخر، طالبًا الحكم بإلغاء قرار الهيئة العامة للأبنية التعليمية الصادر بإنهاء خدمته. وذكر شرحًا لدعواه أنه كان يعمل بوظيفة مهندس حاسب آلي ثالث بفرع الهيئة بمحافظة الغربية، وانقطع عن العمل لظروف مرضية، وعقب تماثله للشفاء توجه للعمل، إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل. ونعى على هذا القرار مخالفته صحيح حكم القانون؛ لعدم إنذاره قبل إنهاء خدمته، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته السالف بيانها. وإذ تراءى لمحكمة الموضوع أن نص المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018، فيما لم يتضمنه من وجوب إنذار الموظف قبل إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل خمسة عشر يومًا متتالية يخالف أحكام الدستور، وما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، فقد أحالت أوراق الدعوى إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
وحيث إن المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية، الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018 تنص على أنه إذا انقطع الموظف عن وظيفته لمدة خمسة عشر يومًا متتالية، ولم يقدم خلال الخمسة عشر يومًا التالية ما يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول، أو إذا انقطع الموظف عن وظيفته بدون إذن ثلاثين يومًا غير متصلة في السنة يجب على السلطة المختصة إنهاء خدمته من تاريخ انقطاعه المتصل عن العمل، أو من اليوم التالي لاكتمال انقطاعه غير المتصل.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعي الحكم بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل مدة تزيد على خمسة عشر يومًا متتالية. وكان نص المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية المشار إليه هو الحاكم لإنهاء خدمة الموظف المنقطع عن العمل بدون إذن لمدة خمسة عشر يومًا متتالية، فإن المصلحة تكون متحققة بالنسبة إلى هذا النص، لما للقضاء في دستوريته من أثر وانعكاس على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وقضاء المحكمة فيها، وبه يتحدد نطاق الدعوى المعروضة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال - في النطاق المتقدم - مخالفته لنصوص المواد (12 و13 و14 و53 و94) من الدستور الصادر سنة 2014، على سند من أن هذا النص فيما لم يتضمنه من وجوب إنذار الموظف الذي ينقطع عن عمله دون إذن أو عذر مقبول لمدة خمسة عشر يومًا متتالية كتابة قبل إنهاء خدمته، على خلاف ما كان يتضمنه قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - الملغى - إنما يتضمن إهدارًا للحق في العمل، ومخالفة لمبدأي المساواة وسيادة القانون.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة والسمو، بحسبانه كفيل الحريات وموئلها، وعماد الحريات الدستورية وأساس نظامها، وحُقَّ لقواعده أن تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة، وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، دون أية تفرقة أو تمييز في مجال الالتزام بها، بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وإذا كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطي سليم، فإنه يتعين على كل سلطة عامة، أيًّا كان شأنها وأيًّا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تنزل على قواعد الدستور ومبادئه، وأن تلتزم حدوده وقيوده، فإن هى خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضعت - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا، بوصفها الهيئة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح؛ بغية الحفاظ على أحكام الدستور، وصونها وحمايتها من الخروج عليها.
وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها - منذ دستور سنة 1923 - على تقرير الحقوق والحريات العامة في صلبها؛ قصدًا من المشرع الدستوري أن يكون النص عليها في الدستور قيدًا على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام، وفى حدود ما أراده الدستور لكل منها، فإذا خرج المشرع فيما يقره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، وعن الإطار الذي عينه الدستور له؛ بأن قيد حرية أو حقًّا، أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريًّا، وبالمخالفة للضوابط الحاكمة له؛ وقع عمله التشريعي في حومة مخالفة أحكام الدستور.
وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره - إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص - أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادتين (4 و 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية التي ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافها؛ ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
وحيث إن الدستور قد عُني في المادة (14) منه بكفالة حق المواطنين في شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وجعل شغل الوظائف العامة تكليفًا للقائمين بها لخدمة الشعب، وناط بالدولة كفالة حقوق شاغلي الوظائف العامة وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، وحظر فصلهم بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال التي يبينها القانون.
وحيث إن حق العمل وتولي الوظائف العامة، وفقًا لنص المادتين (12و 14) من الدستور، ليس من الرخص التي تقبضها الدولة أو تبسطها وفق إرادتها، ليتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يُمنعون عنها، وإنما قرره الدستور باعتباره شرفًا لمن يلتمس الطريق إليه من المواطنين، وواجبًا عليهم أداؤه، وحقًّا لا ينهدم، فلا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره، بل يعتبر أداؤه واجبًا لا ينفصل عن الحق فيه، ومدخلاً إلى حياة لائقة قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وكان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة، لاختيار ما يُقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها، في خصوص الموضوع الذي يتناوله بالتنظيم.
وحيث إن البين من استعراض نص المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018 - النص المحال -، أن مُصدِرها قد التزم فيها نطاق الدائرة التي يجيز فيها الدستور له أن يباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع ومتطلباته، وهى الدائرة التي تقع بين حدي الوجوب والنهي الدستوريين، وأن الاختلاف بين الأحكام التي أتى بها النص المحال، عن تلك التي كان يتضمنها قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، بما في ذلك استبعاد إنذار الموظف المنقطع عن عمله لمدة خمسة عشر يومًا متتالية، إنما جاء تعبيرًا عن تغير الواقع عبر مراحله الزمنية المختلفة، ومواجهة متطلباته الحالَّة، دون إهدار للضمانات الأساسية التي كفلها الدستور لحماية حقوق الموظفين، ومراعيًا في ذلك تحقيق التوازن بين مصالح أطراف العلاقة القانونية التي كفلتها المادة (27) من الدستور، فحرص التنظيم الذي سنه المشرع الفرعي، وضمنه النص المشار إليه، على تحقيق التوازن بين الحق في الوظيفة العامة كحق شخصي للمواطن، وما يرتبط به من حقوق قررها له الدستور في المادتين (12 و14) منه، وبين واجب الموظف في خدمة الشعب ورعاية مصالحه، بحسبان الوظيفة العامة طبقًا لنص المادة (14) من الدستور، تكليفًا للقائمين عليها لخدمة الشعب، ومن أجل ذلك حدد المشرع في النص المحال، ضوابط إنهاء خدمة الموظف المنقطع عن وظيفته، بأن تكون مدة انقطاعه خمسة عشر يومًا متتالية، وأن يكون هذا الانقطاع بغير إذن من جهة العمل، ومضى خمسة عشر يومًا تالية لمدة الانقطاع، دون أن يقدم الموظف خلالها ما يثبت أن انقطاعه عن الوظيفة كان بعذر تقبله جهة العمل، بحيث لا يجوز إنهاء خدمته إلا بعد انقضاء هاتين المدتين الزمنيتين. ومن ناحية أخرى، ترك المشرع الأعذار القانونية المبررة للانقطاع عن العمل دون تحديد ماهيتها، فأوردها في عبارة عامة مطلقة، لتحكمها القواعد العامة، ليبقى دومًا تقدير السلطة المختصة لها وقبولها، وآثارها على العلاقة الوظيفية، ومدى التزامها حدود الضوابط القانونية الحاكمة للانقطاع عن العمل كسبب لإنهاء الخدمة، خاضعًا لتقدير القاضي الطبيعي، بوصفه الضمانة الأساسية لحماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، طبقًا لنص المادتين (94 و97) منه، ليضحى النعي على النص المحال بمخالفة نصوص المواد (12 و13 و14) في غير محله، حريًّا بالرفض.
وحيث إن الاختلاف بين الأحكام التشريعية التي تضمنها النص المحال عن تلك التي كانت واردة في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، قبل إلغائه، في نطاق الدعوى المعروضة، كانت غايته الاستجابة لمقتضيات الحال، وتغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، وهو ما لا يُعد إخلالاً بمبدأ المساواة، الذي يستقي - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني المطروح على المحكمة للفصل في دستوريته، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُشكل بذاته إخلالاً بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد يحول دون التطور التشريعي، هذا فضلًا عن أن التنظيم الذي تضمنه النص المحال، باعتباره الوسيلة التي اختارها المشرع، وقدر مناسبتها لمواكبة التطور الذي سعى إلى تحقيقه بالنسبة إلى الوظيفة العامة والموظف العام إنما يتطابق والتنظيم الذي تضمنه قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، والذي أورد الحكم ذاته بالفقرة (5) من المادة (69)، وقضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 6/ 2021، في الدعوى رقم 81 لسنة 41 قضائية دستورية برفض الطعن على دستوريته، استنادًا إلى أنه يُعدًّ مدخلًا حقيقيًّا لبلوغ الغايات والأهداف التي حددها لذلك، والكافلة تحقيقها، وتتوافق وطبيعة وجوهر العلاقة التنظيمية التي تحكم علاقة الموظف بالوظيفة العامة، وارتباط تلك الوظيفة الوثيق بالمصلحة العامة، ومن ثم يغدو القول بمخالفة النص المحال لمبدأ المساواة الذي كفله الدستور في المادتين (4 و53) ومبدأ سيادة القانون الذي اعتبره الدستور في المادة (94) منه أساسًا للحكم في الدولة، غير قائم على أساس سليم.
وحيث إن النص المحال لا يخالف أي نص آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الطعن رقم 6 لسنة 45 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 2 / 9 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من سبتمبر سنة 2023م، الموافق السابع عشر من صفر سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 45 قضائية تنازع

المقامة من
جمعية أحمد عرابي التعاونية الزراعية
ضد
1 - ياسر محمد كمال محمد
2 - هشام حسين عبد السلام سليمان

-------------

" الإجراءات "
بتاريخ الثاني والعشرين من فبراير سنة 2023، أودعت الجمعية المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم في التنازع السلبي وتعيين جهة الاختصاص بالفصل في النزاع المردد أمام المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 54405 لسنة 69 قضائية عليا، ومحكمة استئناف طنطا - مأمورية بنها في الاستئناف رقم 2615 لسنة 55 قضائية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الجمعية المدعية مذكرة طلبت فيها أجلًا لتقديم صورة رسمية من الأحكام محل التنازع، كما قدم المدعى عليه الأول حافظة مستندات، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الجمعية العمومية للجمعية المدعية قد أصدرت قرارًا بفصل المدعى عليهما من عضويتها، وقد اعتمدت الجهة الإدارية ذلك القرار، ولم يرتض المدعى عليهما به، وأقاما أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدعوى رقم 39929 لسنة 76 قضائية، ضد الجمعية المدعية، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ قرار جمعيتها العمومية بفصلهما وإلغائه. حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة جنوب بنها الابتدائية للاختصاص. طعن المدعى عليهما على ذلك الحكم، أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 54405 لسنة 69 قضائية، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء لهما مجددًا بطلباتهما المبتدأة، كما أقام المدعى عليهما أمام محكمة الخانكة الابتدائية الدعوى رقم 428 لسنة 2022 مدني كلي، بطلب الحكم بوقف تنفيذ قرار فصلهما من الجمعية وإلغائه. حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقليوبية. لم يرتض المدعى عليهما الحكم، وطعنا عليه أمام محكمة استئناف طنطا مأمورية بنها بالاستئنافين رقمي 2615 و2682 لسنة 55 قضائية.
وإذ ارتأت الجمعية المدعية أن كلًا من جهتي القضاء الإداري والعادي قد تخلتا عن نظر موضوع الدعوى على النحو المتقدم، مما يشكل تنازعًا سلبيًّا على الاختصاص، على الرغم من أن القرار المطعون فيه يكتسب وصف القرار الإداري؛ لاعتماده من الجهة الإدارية المختصة بوزارة الزراعة، ومن ثم يختص بنظره مجلس الدولة، إعمالًا لنص المادة (190) من الدستور، فقد أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنها بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانوني الصحيح، وذلك في ضوء طلبات رافعها، بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، دون التقيد بمبانيها، وكان التكييف الصحيح لهذه الدعوى، على نحو ما قصدته الجمعية المدعية، هو الفصل في التنازع السلبي بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي التي تسلبت محكمة أول درجة في كل منهما عن نظر النزاع، وتعيين جهة القضاء الإداري مختصة بالفصل فيه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع؛ ضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا - وبما لا تجهيل فيه - بأبعاد النزاع المعروض عليها، ووقوفًا على ماهيته في ضوء الحكمين محل التنازع، قد حتم وفقًا لمقتضى نص المادة (34) من قانونها، أن يرفق بالطلب صورة رسمية من كل من هذين الحكمين، وإلا كان الطلب غير مقبول، وكان مقتضى قضاء هذه المحكمة أن تقدم الصور الرسمية للأحكام عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يعد إجراءً جوهريًّا تغيا مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا. متى كان ذلك، وكانت الجمعية المدعية لم ترفق بطلب الفصل في تنازع الاختصاص المعروض، صورة رسمية من حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، في الدعوى رقم 39929 لسنة 76 قضائية، وحكم محكمة الخانكة الابتدائية الصادر في الدعوى رقم 428 لسنة 22 مدني كلي، الأمر الذي لا يتوافر معه مناط قبول هذا الطلب. ولا ينال من ذلك ما طلبته الجمعية المدعية بمذكرة دفاعها من طلب تأجيل نظر الدعوى لتقديم صورة رسمية من الأحكام محل التنازع، إذ العبرة - وعلى نحو ما سلف ذكره - بتقديم الصور الرسمية لتلك الأحكام عند رفع الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا، وليس في تاريخ لاحق، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.