الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 10 أغسطس 2023

الطعن 2436 لسنة 31 ق جلسة 27 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 87 ص 821

جلسة 27 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد عزت السيد إبراهيم ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(87)

الطعن رقم 2436 لسنة 31 القضائية

تراخيص - ترخيص البناء - سندات الإسكان - طبيعتها - مخالفات مالية.
مفاد نص المادتين الأولى والسادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي.
سندات الإسكان تعتبر أحد موارد صندوق مشروعات الإسكان - أموال الصندوق أموال عامة - مؤدى ذلك - سندات الإسكان تعتبر أموالاً عامة وتدخل في حقوق الخزانة العامة - نتيجة لذلك - المخالفات المتعلقة بالصندوق تعتبر مخالفة مالية في تطبيق نص المادة 88 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 2/ 6/ 1985 أودع الأستاذ/ محمد رشيد أحمد البوشي المستشار بهيئة قضايا الدولة نائباً عن السيد مدير النيابة الإدارية بصفته - قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد تحت رقم 2436 لسنة 31 ق عليا في الحكم الصدر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 3/ 4/ 1985 في الدعوى رقم 205 لسنة 26 ق والذي قضى:
أولاً: بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المحالين الأول والثالث.
ثانياً: ببراءة باقي المحالين مما نسب إليهم.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب طبقاً للمواد الموضحة بتقرير الاتهام مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والأتعاب.
وعند إعلان الطعن وردت إجابة المحضر أن المطعون ضده الأول توفى إلى رحمة الله ولم يعلن باقي المطعون ضدهم إلا أن الثابت من محضر جلسة 2/ 5/ 1992 أن المطعون ضدهم قد حضروا الجلسة وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم:
أولاً: بانقضاء الطعن قبل المطعون ضده الأول لوفاته.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالجزاء الذي تراه المحكمة الإدارية العليا مناسباً على كل من المطعون ضدهم.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 25/ 1/ 1989 وقد تدوول الطعن أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 22/ 3/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) موضوع وقد نظرت المحكمة هذا الطعن بجلسة 29/ 4/ 1989 وظلت متداولة أمامها إلى أن قررت المحكمة بجلسة 28/ 11/ 1992 حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم المسائية 26/ 12/ 1992 وقد تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/ 3/ 1993 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد وإذ استوفيت أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من
الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 2/ 1984 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 205 لسنة 26 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا منطوية على تقرير باتهام كل من.
1 - ( أ ) وكيل مديرية الإسكان ورئيس لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء سابقاً وحالياً بالمعاش (فئة أولى).
2 - (ب) سكرتير فني وعضو لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء بمديرية الإسكان سابقاً ومدير عام المباني بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية حالياً.
3 - (ج) مدير الإدارة الهندسية بحي غرب وعضو لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء وحالياً بالمعاش (فئة أولى).
4 - (د) وكيل إدارة التنظيم سابقاً وحالياً مدير إدارة التنظيم بحي جنوب الجيزة (فئة ثانية).
5 - (هـ) مدير إدارة التنظيم بحي الجيزة (فئة ثانية).
6 - (و) مدير إدارة التخطيط العمراني بمدينة الجيزة (فئة ثانية).
7 - (ز) مدير عام الإدارة الهندسية بمجلس مدينة الجيزة سابقاً وحالياً بالمعاش (مدير عام).
8 - (ح) وكيل الوزارة للإدارات الهندسية بمجلس مدينة الجيزة سابقاً وحالياً بالمعاش.
9 - (ط) المهندس بإدارة تقسيم الأراضي سابقاً ومدير عام الإدارة الهندسية بحي غرب (فئة ثانية).
10 - (ي) موظف سكرتارية لجنة توجيه وتقسيم أعمال البناء بمديرية الإسكان بالجيزة (فئة ثالثة).
لأنهم خلال المدة من 16/ 4/ 1979 حتى 21/ 1/ 1981 بمجلس مدينة الجيزة ومديرية الإسكان والمرافق بمحافظة الجيزة وبوصفهم السابق خرجوا على مقتضى الواجب وأخلوا إخلالاً جسيماً بواجبات وظائفهم وخالفوا أحكام القانون والقواعد والأحكام المالية بأن:
الأول والثاني والثالث: بوصفهم أعضاء لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء:
1 - وافقوا في 14/ 7/ 1979 على التصريح ببناء 19 عمارة من عمارات مشروع مدينة الذهب موضوع التحقيق على أساس أنها من نوع ومستوى الإسكان المتوسط في حين أنها من نوع الإسكان المتميز الفاخر وذلك بالمخالفة لأحكام القانون واللوائح المعمول بها بقصد خدمة أصحاب المشروع وتوصيلاً لإعفائهم من الاكتتاب في سندات الإسكان التي أوجب القانون عليهم الاكتتاب فيها والتي تبلغ قيمتها حوالي مليون جنيه وذلك إضراراً بالمصالح المالية للدولة وبالصالح العام.
2 - وافقوا على التصريح ببناء العمارات موضوع التحقيق على أن يكون الارتفاع المسموح به 27 طابقاً بالمخالفة لأحكام القانون واللوائح المعمول بها والتي تقضي بأن الارتفاع المسموح به لا يزيد عن 14 طابقاً وذلك خدمة لأصحاب المشروع وأضراراً بالمصلحة العامة.
3 - اخفوا ملف المشروع موضوع التحقيق الخاص باللجنة وذلك بقصد تغطية وستر المخالفات التي ارتكبوها.
الرابع والخامس:
1 - أصدر في 14/ 7/ 1979 الترخيص رقم 224/ 79 ببناء 19 عمارة سكنية من عمارات مشروع مدينة الذهب وموضوع التحقيق على أساس أنها من نوع ومستوى الإسكان المتوسط في حين أنها من نوع الإسكان المتميز الفاخر وذلك بالمخالفة لأحكام القانون بقصد خدمة أصحاب المشروع توصلاً لإعفائهم من الاكتتاب في سندات الإسكان التي أوجب القانون عليهم الاكتتاب فيها والتي تبلغ قيمتها حوالي مليون جنيه وأضراراً بمصلحة الدولة المالية والمصلحة العامة.
2 - أصدر الترخيص رقم 224/ 79 المشار إليه ببناء العمارات موضوع التحقيق على أن يكون الارتفاع المسموح به 27 طابقاً بالمخالفة لأحكام القانون واللوائح المعمول بها والتي تقضي بأن يكون الارتفاع المسموح به لا يزيد عن 14 طابقاً وذلك خدمة لأصحاب المشروع وإضرار بالمصلحة العامة.
3 - أصدراً الترخيص المشار إليه ببناء العمارات موضوع التحقيق على أساس أن الحد الشرقي لأرض المشروع طريق بعرض 40 متراً على خلاف الواقع والقانون إذ أن الحد الشرقي للمشروع متاخم لأرض مملوكة للدولة ولم يصدر قرار من السلطة المختصة بإنشاء مثل هذا الطريق وفقاً للمادة 93 من القانون رقم 106 لسنة 1976.
4 - أصدرا الترخيص المشار إليه ببناء العمارات موضوع التحقيق باعتبار أن ارض المشروع قطعة واحدة ووحدة واحدة بالنسبة لمساحات الفراغات والمناور بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء والقواعد التنظيمية التي وضعها مجلس مدينة الجيزة في 24/ 2/ 1981 في شأن تجزئة الأراضي الواقعة على طريق عام وذلك على الوجه المفصل بالأوراق.
5 - أصدرا الترخيص المشار إليه ببناء العمارات موضوع التحقيق دون أخذ موافقة الإدارة العامة للري بالجيزة على المشروع وقبل عرضه على المجلس المحلي للمحافظة وذلك على النحو المفصل بالأوراق.
6 - أصدر الترخيص موضوع التحقيق باسم نادي شباب الدقي الرياضي وجمعية المستقبل والأمل و(ك) على غير الحقيقة متواطئين في ذلك مع (ك) الذي لم يكن وقت صدور الترخيص من ملاك الأرض المرخص ببنائها بقصد الاستفادة من الميزات التعاونية التي قررها القانون للجمعيات التعاونية باعتبار أن جمعية المستقبل والأمل لم تكن هي الأخرى مالكة وقت صدور الترخيص إذ أنها تنازلت عن الوعد بالبيع الصادر لها بالعقد المؤرخ 5/ 4/ 1979 المرفق بالأوراق.
السادس والسابع والثامن:
وافقوا في 16/ 4/ 1979 على المشروع موضوع التحقيق من الناحية التخطيطية على أساس أن الحد الشرقي لأرض المشروع طريق بعرض 40 متراً على خلاف الواقع والقانون إذ أن الحد الشرقي لأرض المشروع متاخم لأرض مملوكة للدولة ولم يصدر قرار من السلطة المختصة بإنشاء مثل هذا الطريق وفقاً للمادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976.
السابع والثامن والتاسع:
وافقوا في 21/ 1/ 1981 على قرار بتقسيم الأرض موضوع التحقيق إلى 12 قطعة بناء على طلب مقدم من السيد/ (ك) في 20/ 1/ 1981 حدد فيه أبعاداً جديدة ومساحات للملكيات والحدود في حين أن المذكور وفقاً للمستندات المقدمة منه ليس مالكاً لكامل مساحة الأرض وأن ملكيته لهذا الجزء محل منازعة وأن الأرض موضوع التقسيم سبق إصدار الترخيص رقم 224 لسنة 1979 عنها في 14/ 7/ 1979 متضمناً بناء 19 عمارة سكنيه عليها وأنه تم إقامة الأساسات بها وذلك بالمخالفة لأحكام الأراضي المعدة للبناء.
العاشر: سلم ملف المشروع موضوع التحقيق إلى اللجنة دون إتباع الطريق القانوني في التسليم والتسلم مما سهل للمخالفين الأول والثاني والثالث إخفاء الملف ستراً لما وقع منهم من مخالفات وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية معاقبة المذكورين طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
ومن حيث إنه بجلسة 3/ 4/ 1985 صدر الحكم المطعون فيه:
أولاً: بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المخالفين الأول والثالث.
ثانياً: ببراءة المحالين مما نسب إليهم.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للشق بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المحالين الأول والثالث تأسيساً على أن المحال الأول قد انتهت خدمته بالإحالة إلى المعاش بتاريخ 11/ 1/ 1981 وأن المحال الثالث قد انتهت خدمته بإحالته إلى المعاش بتاريخ كذلك بتاريخ 22/ 12/ 1979 وأن تحقيقات النيابة الإدارية لم تبدأ بصفة عامة إلا اعتباراً من 11/ 1/ 1982 وأن المخالفات المنسوبة إلى المحالين الأول والثالث لا تمثل حق من الحقوق المالية للخزانة العامة ومن ثم فلاً يجوز محاكمتهما تأديبياً وإعمالاً لنص المادة 88 من القانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 ولا وجه لما تذهب إليه النيابة الإدارية من أن المخالفات المسندة إليهما في شق منها قد أضرت المصلحة المالية للدولة بإعفاء من صدر لهم الترخيص من الاكتتاب في سندات الإسكان ذلك أن سندات الإسكان في ذاتها لا تمثل حقاً من حقوق الخزانة العامة بالمعنى المقصود من العبارة الواردة في المادة 88 من القانون المشار إليه وإنما هي حقوق للمكتتبين فيها إسهاماً منهم في مشروعات الإسكان الاقتصادي ومن ثم فإن عدم الاكتتاب فيها لا يعنى بأي حال ضياع حق مالي للدولة.
كما قضى الحكم المطعون فيه ببراءة باقي المحالين وأقام قضائه بالنسبة للمحال الثاني على أساس أن مراجعة شروط الترخيص تدخل في اختصاص إدارة التنظيم بالحي وليس في اختصاص لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء وأنه لم تقم في الأوراق دليل على ارتكابه التهمة الثانية كما أقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحالين الرابع والخامس تأسيساً على أنه صدر الحكم من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2364 لسنة 26 ق والذي انتهى إلى الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة رقم 20 لسنة 1982 بسحب الترخيص رقم 224 لسنة 1979 الصادر من حي جنوب الجيزة والذي أثبت هذا الحكم أن الترخيص قد صدر بعد أن حددت الإدارة نوع الإسكان الذي تضمنته الرسوم الهندسية وأنه من الإسكان المتوسط حسبما جاء بقرار لجنة تنظيم وتوجيه أعمال البناء الصادر في 17/ 7/ 1979 وأن المجلس المحلي المختص أصدر قراراً في 30/ 9/ 1979 بتجاوز حد الارتفاع المسموح به وأن الترخيص يتفق مع خطوط التنظيم المعتمدة ولجنة التخطيط العمراني وافقت على المشروع على أساس أن كورنيش النيل يفصل أرض المشروع عن جسر النيل وأنه بالنسبة لصدور الترخيص باعتماد أرض المشروع قطعة واحدة بالنسبة لمساحات الفراغ والمناور فإن البادي من الأوراق أنه تمت تجزئة الأرض بعد ذلك وإن صدور الترخيص دون موافقة الإدارة العامة للري بالجيزة فإن اللجنة التي قامت بدراسة التخطيط المعتمد كانت وزارة الري ممثلة فيها وأن ملكية الأرض ثابتة من المستندات المقدمة من أصحاب الشأن فضلاً عن أن اللجنة التي شكلت لبحث قرار المحافظ رقم 20 لسنة 1982 انتهت إلى أن الترخيص الصادر من إدارة تنظيم حي جنوب الجيزة سليم تماماً من الوجهة الهندسية والفنية ولا تشوبه شائبة كما أقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحالين السادس والسابع والثامن على أساس ما جاء بدفاعهم من أن لجنة الاستثمار بالمحافظة سبق لها أن وافقت على الطريق التخطيطي بتاريخ 16/ 9/ 1978 بمناسبة الموافقة على مشروع بن سينا للملاك بالإضافة إلى الموافقة على إقامة فندق للمجموعة الأوروبية على نفس قطعة الأرض ووافق عليها محافظ الجيزة بذاته وأن الإدارة العامة للاستثمار قد طلبت من حي جنوب الجيزة بتاريخ 20/ 1/ 1981 الإفادة عن تكاليف عملية رصف ومقايسة لإنشاء طريق بعرض أربعين متراً موازي للنيل بجزيرة الذهب وانتهت المحكمة إلى أنها تطمئن إلى هذا الدفاع، وكذلك على الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة في القضية رقم 1681/ 1982 ببراءة أحد ملاك الأرض محل الترخيص من تهمة التعدي على أملاك الدولة شرق المشروع، وأسست المحكمة حكمها المطعون فيه ببراءة المحالين السابع والثامن والتاسع على أن الثابت من الأوراق أن طلب التقسيم قد اقترن بمستندات عدة عبارة عن عقد مسجل باسم (1) وأخيه (2) وعقد بيع ابتدائي منهما إلى (3) مؤرخ 2/ 1/ 1979 والقرار باستلام الأرض والتخالص عن ثمنها للأخير وكذلك عقد بيع ابتدائي بين (3) ومن الدكتور (ك) وتفويض صادر إلى طالب التقسيم من السيد (3) المالك عن باقي كامل الأرض يمنحه الحق في استصدار قرار التجزئة ومن ثم فليس في ذلك ثمة مخالفة لأحكام قانون تقسيم الأرض المعدة للبناء وانتهت المحكمة إلى الحكم ببراءتهم من الاتهام المنسوب إليهم، كما أقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحال العاشر على أنه من غير المتصور أن يقوم المحال بمطالبة لجنة يرأسها وكيل وزارة بالتوقيع باستلام الملفات فضلاً عن أن التوقيع في هذه الحالة لن يكون لشخص واحد أو مسئول واحد.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم المطعون فيه هو مخالفة القانون وذلك على التفصيل الآتي:
أولاً: بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المحكمة قد اعتبرت عدم الاكتتاب في سندات الإسكان لا يعد مخالفة مالية ولا تمثل حقاً من حقوق الخزانة العامة وأن النيابة الإدارية لم تبدأ التحقيق في الوقائع التي نسبت إليهما إلا بعد أن أحيلا للمعاش وأن القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 34/ 1978 قد نصت المادة السادسة منه على أنه يشترط للترخيص ببناء المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري التي تبلغ قيمتها 50000 جنيه فأكثر بدون حساب قيمة الأرض أن يقدم ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع 10% من قيمة المبنى ونصت تلك المادة على إيداع حصيلة هذه المبالغ في حساب صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي كما أن المادة الأولى من القانون سالف الذكر تنص على أن أموال الصندوق تعتبر أموالاً عامة وعليه انتهت النيابة الإدارية إلى أن المطعون ضدهما قصدا خدمة أصحاب المشروع لإعفائهم من الاكتتاب في سندات الإسكان والتي تقدر بحوالي مليون جنيه وذلك إضراراً بالمصلحة المالية للدولة والمصلحة العامة وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه بما نص من اعتبار سندات الإسكان لا تمثل حقاً من حقوق الخزانة العامة وإن عدم الاكتتاب لا يعني ضياع حق مالي للدولة فإنه يكون قد شابه العوار وبني على غير صحيح القانون جديراً بالإلغاء.
ثانياً: بالنسبة للمطعون ضدهم السادس والسابع والثامن: فقد نعى الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال ذلك أن هذا الحكم قضى ببراءة المطعون ضدهم على أساس ما دفعوا به من أن لجنة الاستثمار بالمحافظة سبق أن وافقت على مشروع بن سينا للملاك بالإضافة إلى الموافقة على إقامة فندق للمجموعة الأوروبية على نفس القطعة كما أن الإدارة العامة للاستثمار قد طلبت من حي جنوب الجيزة في 2/ 1/ 1981 بالإفادة عن تكاليف عملية رصف ومقايسة لإنشاء طريق بعرض 40 متراً موازي للنيل بجزيرة الذهب..... وإن ما أشار إليه الحكم المطعون فيه لا ينفي وقوع المخالفة بل يؤكد ثبوتها في حق المطعون ضدهم ذلك لأن الموافقات التي أشار إليها الحكم المطعون فيه والتي انتهت بقيام الإدارة العامة للاستثمار بمطالبة حي جنوب الجيزة في 2/ 1/ 1981 بالإفادة عن تكاليف عملية إنشاء الطريق تؤكد عدم وجود هذا الطريق فعلاً بتاريخ 16/ 4/ 1979 وهو تاريخ موافقة المطعون ضدهم على المشروع من الناحية التخطيطية بما يؤكد ثبوت الواقعة في حقهم وأن الحكم لم يتعرض لثبوت الواقعة من عدمه وإنما أخذ بما دفع به المطعون ضدهم رغم أن تحقيقات النيابة الإدارية قد انتهت إلى عدم صحة هذا الدفاع الأمر الذي يقطع بفساد في الاستدلال وأنه تأسيساً على ذلك تكون الواقعة ثابتة في حق المطعون ضدهم.
ثالثاً: بالنسبة للمطعون ضدهم السابع والثامن والتاسع/ ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب الذي أدى إلى الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المحكمة أسست قضاءها ببراءة المطعون ضدهم استناداً إلى أن طالب التقسيم له الحق في التقدم باستصدار قرار التجزئة بموجب التفويض الصادر له من باقي الملاك دون أن تتعرض لمناقشة ثبوت الواقعة في حق المطعون ضدهم من عدمه على ضوء ما أسند إليهم في قرار الاتهام من أنهم وافقوا على قرار بتقسيم الأرض رغم أنه قد سبق إصدار الترخيص رقم 224 لسنة 1979 عنها في 14/ 7/ 1979 متضمناً بناء 19 عمارة سكنية عليها وأنه تم إقامة الأساسات بها بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء وأن الثابت من تحقيقات النيابة الإدارية وباعتراف المطعون ضده التاسع أنه عاين الأرض وتبين وجود الأساسات بالأرض مما ينفي عنها صفة الأرض الفضاء وأن التقسيم الجديد للأرض قد حدد أبعاداً جديدة ومساحات للملكيات والحدود وكان يتعين إعادة دراسة الترخيص لكل عمارة في ضوء التقسيم الجديد وكذلك دراسة المناور والارتفاعات المسموح بها لكل قطعة على أساس التقسيم الجديد للملكية في ضوء أحكام قانون التقسيم وقواعد التجزئة وعليه انتهت النيابة إلى أن الموافقة على طلب التقسيم الجديد للملكيات على هذا النحو تكون قد صدرت بالمخالفة لأحكام القانون خدمة لصاحب الطلب وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضدهم دون التعرض لثبوت الواقعة من عدمه فإن الحكم يكون قد صدر على غير صحيح حكم القانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 6/ 1/ 1982 أبلغ السيد محافظ الجيزة النيابة الإدارية بأنه تبين من فحص ملف الترخيص رقم 224/ 1979 الصادر من حي جنوب الجيزة بشأن الموافقة على مشروع إسكان مدينة الذهب أنه شابه عدة مخالفات منها صدور الترخيص المذكور على أساس أنه مشروع إسكان متوسط حسب موافقة لجنة توجيه أعمال البناء في حين أن الرسومات والمواصفات المقدمة من طالب الترخيص توضح أنه إسكان فاخر بالمخالفة للمادتين الأولى والثانية من القانون رقم 106/ 1976 والمادتين، 17 من لائحته التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 337/ 1977 والمعدل بالقرار رقم 251/ 1978 وكذلك صدور الترخيص المشار إلية بالمخالفة للمادة 71 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون بأن تجاوز الارتفاع أربعة عشر طابقاً وصدر الترخيص على أساس أن الارتفاع سبعة وعشرون طابقاً وكذلك صدور الترخيص المذكور على أساس أن الحد الشرقي لأرض المشروع طريق عام قائم على كورنيش النيل بعرض أربعين متراً على خلاف الواقع والقانون وكذلك صدور الترخيص بالمخالفة لقانون تمويل الإسكان الاقتصادي رقم 107/ 1976 والذي يشترط في مادته السادسة للترخيص ببناء المباني السكنية والإسكان الإداري الذي تبلغ قيمته خمسين ألف جنيه فأكثر إن يقدم طالب البناء ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع 10% وقد تولت النيابة الإدارية التحقيق في القضية رقم 53 لسنة 1982 جيزة والتي انتهت إلى ثبوت المخالفات المشار إليها بتقرير الاتهام إلى كل من المطعون ضدهم وطلبت محاكمتهم تأديبياً حيث صدر الحكم المطعون فيه بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية ضد الأول والثالث وبراءة الباقين.
ومن حيث إنه بخصوص الطعن المقام من الطاعن بصفته ضد المطعون ضدهما الأول والسادس فإن المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن (تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم....)
ونظراً لأن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والقانون رقم 117/ 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية قد خليا من النص على انقضاء الدعوى بوفاة المتهم ومن ثم فإن المادة سالفة الذكر تصبح هي الواجبة التطبيق، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول ( أ ) قد توفي بتاريخ 17/ 12/ 1984 وأن المطعون ضده السادس (و) قد توفي بتاريخ 30/ 10/ 1986 مما يتعين معه الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية ضدهما لوفاتهما إلى رحمة الله تعالى طبقاً للمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر.
ومن حيث إن الثابت من تحقيقات النيابة الإدارية (القضية رقم 53 لسنة 1982 جيزة) أنه بسؤال المطعون ضده الثاني (ب) قرر أنه كان عضواً بلجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء بمديرية إسكان الجيزة وكان يعمل سكرتيراً فنياً لهذه اللجنة وأنه كان ضمن اللجنة التي وافقت على إصدار الترخيص رقم 224/ 1979 وأن هذه اللجنة يرد إليها الملف مستوفياً وكاملاً وتقوم بمراجعة النواحي المالية على الاستمارة نموذج رقم (2) إسكان ثم توافق على الترخيص أو ترفض على ضوء البيانات الواردة بالاستمارة، وإذا كانت مسطحات القطعة على حسب الاستمارة تعد إسكاناً متوسطاً أو فاخراً ومدى التكلفة الحقيقية للمباني في حدود بيانات الاستمارة، وأضاف أن الاستمارة رقم (2) المرفقة بالأوراق مثبت بها أن مسطحات الشقق لا تزيد عن 110 متر مربع وبالتالي يعتبر إسكان متوسط وأن ورود الملف من الإدارة الهندسية المختصة يفيد أنه تم التحقق من صحة كافة البيانات وأن اللجنة تقوم بمراجعة الرسم الهندسي لمطابقته بيانات الاستمارات وأن مسئولية تحديد الارتفاع هي مسئولية حي جنوب الجيزة الذي يختص بها وباستيفاء كافة الأوراق والموافقات المطلوبة وأن اللجنة لا تقوم بمعاينة موقع المشروع وإنما ذلك من اختصاص مهندس التنظيم وأن الإدارة الهندسية هي المختصة بالتحقق من سداد طالب الترخيص لسندات الإسكان قبل إصدار الترخيص وكذلك هي المسئولة عن أخذ موافقة الري بالجيزة وانتهى إلى نفي ما نسب إليه على أساس عدم اختصاصه وحيث إنه باستدعاء المطعون ضده الثالث (ج) للإدلاء بأقواله رفض الحضور ورغم إعلانه وتسلمه الإعلان.
وحيث إنه وبسؤال المطعون ضده الرابع (د) قرر أنه وقع بالموافقة على الترخيص رقم 224/ 1979 بتاريخ 14/ 7/ 1979 وأن مالك المشروع هو نادي شباب الدقي الرياضي وأن هذه الرخصة صدرت بناء على موافقة مجلس المدينة والمحافظة بتجاوز حدود الارتفاع المسوح به وموافقة لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء على ذلك وأن اللجنة قامت بدراسة مسطحات البناء ووافقت على التجاوز وأن إدارة التنظيم بحي جنوب الجيزة هي المختصة بدراسة مساحات المناور وخطوط التنظيم والارتفاع وبحث مستندات الملكية وإن طالب الترخيص هو المسئول عن البيانات الواردة بطلبه، وعن إعفاء المشروع من سندات الإسكان قرر أنه اعتقد أن هذا النادي له جمعية تعاونية وأن الخريطة معتمدة ومرفقة بالأوراق وأن لجنة التخطيط هي التي تتولى دراسة سندات الملكية وأبعاد أرض المشروع وخطوط التنظيم وأملاك الدولة والشوارع وأضاف أن هناك موافقة على وجود شارع بأرض المشروع من لجنة التخطيط العمراني بالجيزة.
وحيث إنه بسؤال المطعون ضده الخامس (هـ) بالتحقيقات المشار إليها قرر أنه بعرض الأمر على لجنة وتنظيم أعمال البناء في 14/ 7/ 1979 وافقت على الترخيص وتم صرفه بعد الحصول على موافقة لجنة الإسكان بالمدينة في 16/ 4/ 1979 والتي تحمل توقيعات مدير إدارة التخطيط الهندسي (و) وكذلك توقيع مدير عام الإدارات الهندسية المهندس (ز) والمهندس (ح) وأن إدارة التنظيم هي المختصة ببحث مستندات الملكية ومدى تطبيق مواد القانون رقم 106/ 1976 والقانون رقم 107/ 1976 على المشروع قبل إصدار الترخيص وأن إدارة التنظيم هي المختصة كذلك بتقرير وجود شارع من عدمه، وأضاف أن عقد الملكية لا يشترط أن يكون مسجلاً أو مشهراً بالشهر العقاري وأن الترخيص موقع من المهندس (د) باعتباره أقدم مهندسي الإدارة خبرة بعد مراجعة الرسوم الهندسية والمواصفات التي توضح أنه إسكان متوسط وعن إعفاء المشروع من سندات الإسكان قرر أنه كان يعتقد أن نادي شباب الدقي الرياضي معفى من هذه الرسوم وأضاف أنه اطلع على عقد الملكية ولم يلتفت إلى التأشيرة الخاصة بالممثل القانوني لجمعية المستقبل وإلا علم بتنازله عن حصته في المشروع المؤرخة 5/ 4/ 1979 وعن الارتفاعات قرر إن المساحة متضمنة الشوارع التي تجيز هذه الارتفاعات وأن الرسومات المقدمة للجنة ووافقت عليها تضمنت أنه إسكان متوسط.
وحيث إنه وبسؤال المطعون ضده السابع (ز) قرر أن المتبع بشأن قرارات التجزئة أن يتقدم المالك بعقد الملكية المسجل في الشهر العقاري حتى يمكن بيان حدود ومعالم قطعة الأرض محل التجزئة وأن يقدم خريطتين من مشروع التجزئة ويسدد رسم النظر والمعاينة ويقوم المهندس المختص بإدارة تقسيم الأراضي برئاسته بإجراء المعاينة للأرض للتحقق من أنها لا زالت أرض فضاء وأنه متأكد من أن لكل قطعة تطل على طريق قائم ويراجع الرسومات والخرائط المساحية وأن المسئولية عن صدور قرار التجزئة تقع على المهندس (ط) الذي كان يرأس إدارة تقسيم الأراضي والذي عرض عليه المشروع للموافقة عليه بصفته مدير إدارة التخطيط العمراني وأنه وافق على المشروع ثم عرض على المهندس (ح) لاعتماده بصفته مدير الإدارة الهندسية وبمواجهته بالمسئولية دفعها بأنه تم مطابقة الرسوم الهندسية للمشروع على الرسوم الهندسية الصادر بها الترخيص رقم 224/ 1979 من حي جنوب الجيزة وتبين عدم تعارضه مع هذا الترخيص وبمواجهته عن مخالفة قرار التجزئة للخريطة المعتمدة في 20/ 7/ 1977 دفع بأن هذه الخريطة لا تلغي السابقة عليها المعتمدة في يوليو 1975 والتي توضح وجود طريق تخطيطي شرق أرض المشروع.
وحيث إنه بسؤال المطعون ضده الثامن (ح) قرر أنه ألزم صاحب المشروع بضرورة وجود الطريق دون الرجوع على المحافظة بأية تعويضات وأنه لم يطلع على الخريطة التخطيطية وأنه يتعين عند صرف الترخيص مراعاة كافة التفاصيل والاشتراطات الواردة في القانون قبل إصدار الترخيص وأن المشروع يشمل عدة مبان مرتبطة بمجموعة واحدة معتمدة لبناء عدة وحدات سكنية وهو ما يسمح به القانون بعد موافقة المجلس المحلي.
وحيث إنه بسؤال المطعون ضده التاسع (ط) بالتحقيقات المشار إليها قرر أنه يتعين على المالك تقديم سندات الملكية المسجلة والمشهرة بالشهر العقاري وأنه في عدم التسجيل يجب الاطلاع على أصل الملكية للتأكد من عدم وجود أملاك للدولة في الأرض محل المشروع وأنه ملكية خاصة، وأضاف أنه لا يعلم عن الترخيص شيئاً وأنه عاين الأرض على الطبيعة وتبين له وجود أساسات تحت الأرض وبالتالي تعتبر الأرض فضاء وعلى المالك بعد صدور قرار التجزئة تعديل هذه الأساسات بما يتفق ومشروع التجزئة وأضاف أن قرار التجزئة سليم.
وحيث إنه بسؤال المطعون ضده العاشر (ى) قرر أن الملفات ترد إلى سكرتارية لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء من مديرية الإسكان ومن الأحياء والمدن ويتم مراجعتها فإذا كانت مستوفاة يتم قيدها في السجل المعد لذلك وإذا كانت غير ذلك تعاد إلى الجهة المرسلة منها وأنه هو المختص بهذه المراجعة وزميله...... وأضاف أن الملف يعرض على رئيس اللجنة الذي يحدد موعداً لانعقادها وبحضور السكرتير الفني لها وأن سكرتير اللجنة الفني (ب) (المتهم الثاني) قد أخذ منه الملف ولم يوقع له وأنه قام بشطب ومحو القيد بالسجل وأنه لا يستطيع أن يرغمه باعتباره رئيساً له على أن يوقع باستلام الملف وأن المذكور رفض التوقيع وشطب الملحوظة التي كانت مدونه، بالسجل والسركي وعلل ذلك بأنه كان يجامل طالب الترخيص على حساب موظفي السكرتارية.
ومن حيث إن الثابت من التحقيقات المشار إليها أنه بسؤال الشهود قرر....... الكاتب بإدارة التنظيم بأنه على طالب الترخيص أن يقدم طلباً بذلك مرفقاً به عقد الملكية وخريطة مساحية بالموقع والرسومات الهندسية وأنه يقوم بعرضها على مهندس المنطقة لإجراء المعاينة الذي يقرر بعد ذلك ما يراه وأن الترخيص رقم 224/ 1979 موقع مع المهندس (د) مهندس المنطقة في ذلك الوقت وموقع عليه كذلك من المهندس (هـ) مدير إدارة التنظيم وأنه لا يجوز تسليم الترخيص إلى طالبه إلا بعد تقديم ما يدل على شرائه سندات الإسكان عند وجوب ذلك كما شهد السيد/ ..... وكيل مديرية الإسكان بأنه اشترك في دراسة مشروع مدينة الذهب من الناحية الفنية وتبين له أن مسطحات الوحدات السكنية تعتبر إسكاناً فاخراً ويخرج عن الإسكان المسموح به تعاونياً لأنها ضعف مسطح الشقق الموضح باستمارة لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء وأن الرسومات المرفقة لا تتفق وبيانات هذه الاستمارة وأضاف أنه من المفروض أن يقوم مهندس التنظيم بالمعاينة على الطبيعة للتأكد من أن البناء لم يتم ثم يعرض الطلب على لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء بمديرية الإسكان وكذلك مدى اتفاق الأسعار مع نوع البناء وإن رئيس هذه اللجنة كان هو المهندس..... وسكرتيرها هو المهندس (ب) الذي كان يشغل مدير عام الإدارة الهندسية بحي جنوب الجيزة وأن مهمة اللجنة المشار إليها هو فحص بيانات الاستمارة وتطبيق قواعد وقرارات وقوانين الإسكان من ناحية المساحات والتكاليف والبيانات الإحصائية للوحدات السكنية والموافقة على القيمة الإجمالية للمشروع هي موافقة يترتب عليها حقوق وواجبات مالية مثل سداد سندات الإسكان بواقع 10% من قيمة المباني وحقوق التأمينات الاجتماعية وصرف كميات الاسمنت وأن موافقة لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء يرجع إلى عدم مراجعتها للرسومات الهندسية واعتمدت اللجنة على بيانات نموذج رقم 1، 2 دون إجراء دراسة وأن مسئولية عدم تحصيل سندات الإسكان تقع على المختصين بإدارة تنظيم حي جنوب الجيزة الذين يختصون بإجراء الترخيص وكان من واجبهم عدم تسليم الترخيص إلا بعد سداد سندات الإسكان.
ومن حيث إن الثابت من مذكرة المستشار القانوني للمحافظة والمؤرخة 29/ 12/ 1981 والتي ناقشت هذه المخالفات التي لحقت بالترخيص المشار إليه رأت أن هذا الترخيص صرف باعتبار الأرض قطعة واحدة ووحدة واحدة بالنسبة لمساحات الفراغات والمناور في حين أنه صدرت تجزئة الأرض وحددت أبعاداً جديدة ومساحات للملكيات والحدود ويجب إعادة دراسة الترخيص لكل عمارة في ضوء التجزئة وكذلك دراسة المناور والارتفاعات المسموح بها لكل قطعة على أساس التقسيم الجديد للملكيات كما أن الترخيص صدر دون مطالبة أصحاب المشروع بما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع 10% من قيمة المباني عملاً بالمادة السادسة من القانون رقم 107/ 1976 بالإضافة إلى عدم تحصيل مقابل تحسين فضلاً عن أن الترخيص صدر متضمناً إن المباني من نوع الإسكان المتوسط في حين أن الرسومات الهندسية توضح إنها من النوع الفاخر مما يخرج عن الإسكان التعاوني، بالإضافة إلى أنه يجب ألا يتجاوز الارتفاع 14 طابقاً خلافاً لما جاء بالترخيص بالتجاوز إلى 27 طابقاً بالمخالفة للبند الخامس من المادة 71 من اللائحة التنفيذية للقانون 106/ 1976 كما أن أصحاب المشروع قدموا ضمن مستندات طلب الترخيص رسم هندسي يفيد أن شرق أرض المشروع طريق عام كورنيش النيل بعرض 40 متر في حين أن هذا الطريق لازال طريقاً تخطيطياً طبقاً للتخطيط المعتمد في عام 1975 ولم يخرج إلى حيز التنفيذ ولم يصدر باعتماده قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المحلي عملاً بالمادة 13 من القانون رقم 106/ 1976 لذلك يكون الحد الشرقي للمشروع متاخماً لأرض مملوكة للدولة، وانتهت المذكرة إلى أن قرار لجنة توجيه أعمال البناء والترخيص قد بنيا على خطأ جسيم في تحصيل الوقائع المثبتة بالأوراق ترتب عليه خطأ في تطبيق القانون مما يقتضي سحب الترخيص رقم 224/ 1979 وتخيير أصحاب الشأن بين تعديله وما يصاحبه من رسومات وبين أن يتقدموا بطلب ترخيص جديد على أساس الرسومات والمواصفات الهندسية السابق تقديمها وتحديد مسئولية الإدارات الهندسية بحي جنوب الجيزة ولجنة توجيه أعمال البناء.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما قضى به الحكم من عدم جواز إقامة الدعوى التأديبية ضد المطعون ضدهما الأول والثالث والذي استندت فيه المحكمة التأديبية على أن المخالفات المنسوبة إلى المذكورين لا تعتبر مخالفات مالية في تطبيق المادة 88 من القانون رقم 47/ 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115/ 1983 على أساس أن سندات الإسكان لا تعد من حقوق الخزانة العامة فإن ذلك مردود عليه بأن المادة الأولى من القانون رقم 107/ 1976 معدلاً بالقانون رقم 34/ 1978 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي تنص على أن (ينشأ صندوق يسمى صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي يتولى تمويل وإقامة المساكن الاقتصادية ومدها بالمرافق اللازمة لها، وتكون له الشخصية الاعتبارية وتعتبر أمواله أموالاً عامة ويتبع وزير الإسكان والتعمير...)
وتنص المادة السادسة من القانون المشار إليه على أنه (يشترط للترخيص ببناء المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري الذي تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه فأكثر بدون حساب قيمة الأرض إن يقدم طالب البناء ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع 10% من قيمة المبنى........ وتستثنى من هذه المادة المباني التي تقيمها الحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة والجمعيات التعاونية لبناء المساكن)
وحيث إن مفاد هذين النصين إن المشرع قرر صراحة أن يكون صندوق مشروعات الإسكان والتي تعتبر سندات الإسكان إحدى موارده قرر أن هذه الأموال أموالاً عامة وأنه لا يجوز منح الترخيص والتي تزيد قيمة المبنى على خلاف قيمة الأرض عن خمسين ألف جنيه إلا بعد الاكتتاب في سندات الإسكان ومن ثم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن سندات الإسكان لا تعتبر أموالاً عامة ولا تدخل في حقوق الخزانة العامة لا يتفق مع أحكام القانون الأمر الذي يكون الحكم المطعون فيه في هذا الشأن قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويكون النعي عليه لهذا السبب على سند صحيح من القانون حرياً بالقبول.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضدهم السادس والسابع والثامن استناداً على ما دفعوا به من أن لجنة الاستثمار بالمحافظة سبق أن وافقت على مشروع بن سينا للملاك بالإضافة إلى الموافقة على إقامة فندق للمجموعة الأوربية على نفس قطعة الأرض ووافق عليها المحافظ ذاته كما أن الإدارة العامة للاستثمار قد طلبت من حي جنوب الجيزة في 2/ 1/ 1981 بالإفادة عن تكاليف عملية رصف ومقايسة لإنشاء طريق بعرض أربعين متراً موازي للنيل بجزيرة الذهب.
وانتهت المحكمة إلى أنها تطمئن إلى هذا الدفاع وقضت ببراءتهم فإن ذلك كله مردود عليه بأن الثابت من مذكرة النيابة الإدارية في القضية 53/ 1982 والمؤرخة 31/ 10/ 1983 تحت البند رقم 6 منها إن اللجنة التي قامت بفحص الترخيص انتهت في تقريرها الفني إلى أنه لا وجود لموافقة لجنة الاستثمار بالمحافظة على إقامة كورنيش النيل وأن لجنة الاستثمار أفادت بمذكرتها المرفقة بكتاب السيد سكرتير عام المحافظة المؤرخ 23/ 3/ 1981 إن هذا الكورنيش كان بمناسبة مشروع ابن سينا التي تحددت له مهلة ستة أشهر لبدء التنفيذ من تاريخ الموافقة في 16/ 9/ 1988 إلا أن المشروع ألغى بكامله بما في ذلك الموافقة على إنشاء ذلك الكورنيش الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه غير قائم في هذا الشأن على ما هو ثابت بالأوراق ولا يغير من ذلك ما ذهبت إليه المحكمة من صدور الحكم من محكمة الجنح المستأنفة بالجيزة في القضية رقم 1686/ 82 ببراءة أحد ملاك محل الترخيص وصدر الحكم من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2364 لسنة 26 ق بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة رقم 10 لسنة 1982 بسحب الترخيص المذكور - ذلك أن موضوع كلاً من الحكمين السابقين يختلف عن موضوع المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدهم وأشخاص كلاً من الحكمين تختلف عن الطعن الماثل إذ أن المتهم في حكم محكمة الجنح ليس من بين المطعون ضدهم ومحله هو التعدي على الأرض وكذلك فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري إنما صدر بخصوص مدى صحة الترخيص من عدمه بينما لم يتعرض لثبوت أو نفي المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدهم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه في هذا الشق قد قام على غير سبب صحيح لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن وجه النعي على الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده السابع والثامن والتاسع في التسبيب الذي أدى إلى الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والذي استندت إليه المحكمة إلى أن طلب التقسيم المقدم من طالب الترخيص قد اقترن بمستندات عدة عبارة عن عقد مسجل باسم (1) وأخيه (2) وعقد بيع ابتدائي منهما إلى (3) مؤرخ 2/ 1/ 1979 وإقرار باستلام الأرض والتخالص عن ثمنها وعقد بيع ابتدائي بين الأخير والدكتور (ك) وتفويض صادر إلى طالب الترخيص من السيد (3) (المالك) عن باقي كامل الأرض بمنحه الحق في استصدار قرار التجزئة وانتهت المحكمة إلى عدم وجود مخالفة لقانون التقسيم فإن ذلك مردود عليه بأن الحكم المطعون فيه في هذا الشق لم يناقش التهمة التي أسندت إلى المطعون ضدهم وهي موافقتهم على قرار تقسيم الأرض موضوع التحقيق بتاريخ 21/ 1/ 1981 إلى 12 قطعة بناء على طلب السيد/ (ك) في 20/ 1/ 1981 رغم أن المذكور وفقاً للمستند المقدمة منه ليس مالكاً للأرض ورغم سبق صدور الترخيص رقم 244/ 1979 عن هذه الأرض في 14/ 7/ 1979 بالإضافة إلى أن المطعون ضده السابع قد اعترف بتحقيقات النيابة الإدارية بأن المالك ملزم بتقديم مستند الملكية المسجل والمشهر الذي يبين حدود ومعالم قطعة الأرض محل التجزئة وكذلك خريطة معتمدة وأن المطعون ضده التاسع أقر هو الأخر بتحقيقات النيابة الإدارية بأنه يتعين على المالك تقديم مستندات الملكية المسجلة والمشهرة بالشهر العقاري وأنه عاين الأرض ووجد بها أساسات والذي ينفي عن الأرض صفة الأرض الفضاء وبالتالي فإن ما ذهبت إليه المحكمة التأديبية في هذا الشأن من حكمها جاء مخالفاً لما هو ثابت بالأوراق وإن ذلك يؤدي إلى إدانة المطعون ضدهم مما يجعل الحكم في هذا الشق معيباً.
ومن حيث إنه عن المطعون ضده العاشر فإن الحكم المطعون فيه قضي ببراءته تأسيساً على أنه من غير المتصور أن يقوم بمطالبة لجنة يرأسها وكيل وزارة بالتوقيع باستلام ملف الترخيص المذكور فضلاً عن أن التوقيع في هذه الحالة لن يكون لشخص واحد فإن ذلك مردود عليه وبأن الثابت من تحقيقات النيابة الإدارية أن هذا الملف قد فقد بعد أن تسلمه المطعون ضده في 14/ 7/ 1979 وقيد بالسجل تحت رقم 1181/ 1979 وأن المطعون ضده المذكور قرر أنه قام بتسليم الملف إلى سكرتير لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء المهندس (ب) الذي اعترف أنه تسلم الملف المشار إليه وعرضه على اللجنة في نفس التاريخ إلا أن الثابت فيما تقدم أنه لم يتتبع المطعون ضده العاشر الإجراءات القانونية في التسليم والتسلم لتحديد المسئولية عن فقد هذا الملف بغض النظر عن وظيفة من يقوم بالاستلام بل يتعين عليه في هذه الحالة أن يتم التسليم طبقاً للإجراءات القانونية المقررة في مثل هذه الحالات تحاشياً لفقد الملف وتحديد الشخص المسئول عن تسلمه أو إذا كان المطعون ضده المذكور لم يقم بذلك مما ترتب عليه فقد هذا الملف فإنه يكون مسئوليته مما يتعين مجازاته عن ذلك وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون مخالفاً لحكم القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع والثامن قد أحيلوا إلى المعاش ومن ثم فإنه يتعين مجازاتهم بالعقوبة المقررة للمحالين للمعاش.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: -
أولاً: بانقضاء الدعوى التأديبية قبل المطعون ضدهما الأول والسادس لوفاتهما إلى رحمة الله.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة باقي المطعون ضدهم وبمجازاة المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع والثامن بغرامة مائة جنيه لكل منهم.
وبمجازاة المطعون ضدهم الرابع والخامس والتاسع بخصم شهر من مرتب كل منهم.
وبمجازاة المطعون ضده العاشر بخصم عشرة أيام من مرتبه.

الطعن 3741 لسنة 33 ق جلسة 21 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 86 ص 811

جلسة 21 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(86)

الطعن رقم 3741 لسنة 33 القضائية

جنسية - ثبوته
المادة 1 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 في شأن الجنسية المصرية، المادة 1 من القوانين أرقام 160 لسنة 1950، 190 لسنة 1956، 82 لسنة 1958، 391 لسنة 1956 بشأن الجنسية المصرية، المادتان 1، 24 من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
نظم الشارع المصري أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن والدولة على أسس منضبطة يجعل من انتساب المواطن لدولته مركزاً تنظيمياً يكتسب المصري من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت في حقه الاشتراطات التي أوجبها القانون دون أن يكون للمواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون بالمواطن تسوغ تمتعه بالجنسية المصرية - يقع عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها - لا يكفي في إثبات الجنسية أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية ما دامت هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية - لا يسوغ من ناحية أخرى لحرمان المواطن من حقه في التمتع بالجنسية إظهاره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبي غير المتمتع بجنسيتها كإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة أو منحه إذناً لممارسة نشاط معين أو القيام بإجراء ما يعد كل ذلك ممثلاً لوجهة نظر كل من طالب الجنسية والجهة المانحة لها ومرد ذلك كله إلى أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق والذي تحدد أحكامه الاشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامه دون أن يكون للمواطن أو للجهة الإدارية سلطة تقديرية في تحديد مدى تمتع طالب الجنسية بها من عدمه - المرجع في ثبوت الجنسية هو أحكام الدستور والقوانين التي تنظم الجنسية وليس ما يرد في الأوراق حتى ولو كانت رسمية ما دامت غير معدة أصلاً لإثبات الجنسية وصادرة من جهة غير مختصة - أساس ذلك: ما ثبت في هذه الأوراق إنما هو في واقع الأمر ما يمليه عليها صاحب الشأن دون أن تجري الجهة الإدارية تحرياتها في شأن صحتها وحقيقتها - نتيجة ذلك: لا يعتد بشهادة ميلاد والد الطاعن أو تصريح العمل الذي أذن له فيه بالعمل لدى دولة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء 18/ 8/ 1987، أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم (3741) لسنة 33 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات)، بجلسة 23/ 6/ 1987 في الدعوى رقم (5758) لسنة 40 ق والذي قضى في منطوقه:
بقبول الدعوى شكلاً، وبثبوت تمتع المدعي بالجنسية المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودع السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني انتهى فيه للأسباب التي أوردها به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 18/ 5/ 1992، إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات. وقد تم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث تقرر بجلسة 20/ 12/ 1992 إصدار الحكم فيها بجلسة 31/ 1/ 1993 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 21/ 3/ 1993.
وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وفقاً لصريح أحكام الدستور ومواد قانون المرافعات فإن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته وهو الذي يمثلها أمام القضاء وأمام الغير ما لم ينص قانوناً على خلاف ذلك وهو الذي يقدم الدعاوى بصفته وأيضاً تقام عليه بهذه الصفة الدعاوى - وليس لأحد من مساعديه أو وكلائه أو مديري المصالح صفة في الخصومة أمام القضاء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ومن ثم فإنه إذ أقيم هذا الطعن من وزير الداخلية ولا صفة معه لمدير مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه فإن هذا الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يتضح من الأوراق في أنه بتاريخ 17/ 9/ 1986 أقام المطعون ضده الدعوى رقم (5758) لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد والهيئات، وطلب في ختامها الحكم:
بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر باعتباره أجنبي الجنسية، وباعتباره مصري الجنسية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه ولد بالسودان عام 1953 لأب مصري كان يعمل بالسودان بالتدريس بصفة مؤقتة، وأنه طبقاً لأحكام القانون رقم (26) لسنة 1975 وطالما أنه ولد لأب مصري الجنسية. فإن من حقه اكتساب الجنسية المصرية طالما ثبت نسبه لأبيه المصري الجنسية فضلاً عن أنه تزوج من مصرية ويعمل وكيلاً لأعمالها في مصر، ورغم ذلك فقد عاملته مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية على أنه سوداني الجنسية. وهو الأمر المخالف للواقع.
وقدم المدعي إثباتاً لدعواه حافظه مستندات اشتملت على صورة شهادة ميلاد والده بفرشوط مركز قنا بتاريخ 4/ 2/ 1916. وبأنه مصري وصورة جواز سفر المدعي وصورة ضوئية من تصريح عمل صادر لوالده للعمل بدولة أجنبية، باعتباره مصري الجنسية وصورة شهادة جنسية والد المدعي تفيد اكتسابه الجنسية السودانية سنة 1957 بالتجنس وذلك بعد ميلاد المدعي بتاريخ 31/ 7/ 1953 وصورة عقد زواج المدعي من سيدة مصرية وصورة توكيل عام رسمي من زوجته.
وقد قدمت الجهة الإدارية ردها على الدعوى بمذكرة طلبت فيها رفض الدعوى استناداً إلى عدم ثبوت الجنسية المصرية لوالد المدعي. ومن ثم لا يجوز اعتباره مصرياً وبجلسة 23/ 6/ 1987 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبثبوت تمتع المدعي بالجنسية المصرية مع ما يترتب على ذلك من أثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
وأقامت المحكمة قضائها على أن المستفاد من الأوراق أن المدعي يستند في مطالبته بأحقيته في التمتع بالجنسية المصرية إلى كونه مولود لأب مصري وطبقاً لأحكام القانون رقم (160) لسنة 1950 بشأن الجنسية المصرية ينص على أن يكون مصرياً من ولد لأب مصري.
كما تنص المادة الثانية من القانون رقم (26) سنة 1975 بشأن الجنسية المصرية على أن يكون مصرياً (1) من ولد لأب مصري.
ولما كان القانون قد اعتد بالحق في اكتساب الجنسية المصرية بحق الدم فنص على أن من ولد لأب مصري يكتسب الجنسية المصرية تبعاً لوالده ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي ولد في السودان عام 1953 من أب مصري طبقاً لما هو ثابت من شهادة ميلاده المقدمة في الدعوى، والتي تفيد أن والده ولد بمدينة فرشوط في 4/ 2/ 1916. وأنه سبق لوالد المدعي الحصول على إذن من وزارة الداخلية بالعمل لدى جهة أجنبية باعتباره مصري الجنسية، وأنه ظل محتفظاً بالجنسية المصرية وحدها منذ ميلاده في 14/ 2/ 1916 وحتى 9/ 4/ 1958 - تاريخ تجنسه بالجنسية السودانية، ومن ثم يكون المدعي ولد بالسودان في 31/ 7/ 1953 لأب مصري ومن ثم تكون شروط اكتسابه الجنسية المصرية قد توافرت له وفق أحكام القانون رقم (106) لسنة 1950 والقوانين المتعاقبة عليه. ويكون قرار جهة الإدارة برفض منحه الجنسية المصرية مخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء. وانتهت المحكمة إلى إصدار حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ولم يقم بتحصيل الوقائع تحصيلاً وفقاً للآتي:
أولاً: - مخالفة القانون:
استند الحكم المطعون فيه إلى ثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضده بناء على شهادة ميلاد الأب الثابت بها أنه من مواليد فرشوط سنة 1916 فضلاً عن التصريح بالعمل الصادر له بالعمل لدى دولة أجنبية (وزارة المعارف السودانية) والثابت قضاء إن مثل هذه الأوراق لا أثر لها في إثبات الجنسية. ما دامت غير معدة أصلاً لإثباتها.
فضلاً عن ذلك فإن تصريح العمل المشار إليه مؤرخ في 19/ 3/ 1958 على حين أن ميلاد المدعي (المطعون ضده) كان عام 1953 وهو ما يقطع بأن المدعي وولده يتمتعان بالجنسية السودانية.
ثانياً: -
إن عبء الجنسية يقع على عاتق المدعي طالبها ولم يقم المذكور بتقديم أية مستندات تفيد توافر شروط اكتسابه الجنسية المصرية ومن ثم يلزم عدم الاعتداد بطلبه بحث الجنسية ويكون الحكم المطعون فيه قد صدر على غير سند من القانون وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد ناطت بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية، وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالي من أن الجنسية المصرية ينظمها القانون.
وانطلاقاً من هذا الحكم فإن الشارع المصري نظم أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن والدولة - على أسس منضبطة تجعل من انتساب المواطن لدولته مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصري من أحكام القانون مباشرة - إذا ما توافرت في حقه الاشتراطات التي أوجبها القانون، دون أن يكون للمواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه، فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون بالموطن تسوغ تمتع من قامت به الجنسية المصرية ويقع عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها. ولا يكفي في إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية، ما دامت هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية كما لا يسوغ من ناحية أخرى لحرمان المواطن من حقه في التمتع بالجنسية، إظهاره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبي غير المتمتع بجنسيتها، كإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة أو منحه إذناً لممارسة نشاط معين أو القيام بإجراء ما. إذ يعد كل ذلك ممثلاً لوجهة نظر كل من طالب الجنسية والجهة المانحة لها. ومرد ذلك كله إلى أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق، والذي تحدد أحكامه الاشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامها، دون أن يكون للمواطن أو الجهة الإدارية سلطة تقديرية في تحديد مدى تمتع طالب الجنسية بها من عدمه.
والثابت أنه في ضوء هذه الأصول القانونية المسلمة صاغت القوانين المتتابعة في شأن الجنسية المصرية أحكامها. فنصت المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (19) لسنة 1929. في شأن الجنسية المصرية على أن "يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون.
أولاً:..... ثانياً:.... ثالثاً: من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة في القطر المصري في 5 نوفمبر سنة 1914، وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون".
ثم نصت المادة (1) من القانون رقم (160) لسنة 1950 على أن "المصريين 1 - (2) من ولد لأب مصري - 3 - 4 - 5 الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في الأرضي المصرية في 5 نوفمبر سنة 1914، وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929، سواء أكانوا بالغين أم قصر.
كما نصت المادة (1) من القانون رقم (190) لسنة 1956 بأن (المصريون هم: أولاً: المستوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع، والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن ونصت المادة (1) من القانون رقم (26) لسنة 1975 بأن (المصريون هم
أولاً: - المستوطنون في مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914، من غير رعايا الدول الأجنبية، المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون.
ثانياً: من كان في 22 فبراير 1958، متمتعاً بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم (82) لسنة 1958 الخاص بالجنسية المصرية.
ولما كانت المادة (1) من القانون رقم (82) لسنة 1958 تنص على أن تثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان في 22 فبراير 1958 متمتعاً بالجنسية المصرية وفقاً لأحكام القانون رقم (391) لسنة 1956.
ولما كانت المادة (1) من القانون رقم (391) لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية تنص على أن المصريون هم
(أولاً) المستوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 والمحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون.
ومن حيث إن المادة (24) من القانون رقم (26) لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية - المشار إليه، قد أرست المبدأ الذي أرسته القوانين السابقة من وقوع عبء الإثبات في مسائل الجنسية على من يتمسك بالجنسية المصرية أو يدفع بعدم دخوله فيها.
ومن حيث إن المطعون ضده يستند في ادعائه بثبوت الجنسية المصرية له، إلى سبق تمتع والده بها قبل تجنسه بالجنسية السودانية في 9/ 4/ 1958 بعد ميلاده في مصر بتاريخ 14/ 2/ 1916 بناحية فرشوط محافظة قنا. وتأكد ذلك بشهادة الميلاد الصادرة له في هذا الشأن. فضلاً عن سبق منحه تصريحاً بتاريخ 19/ 3/ 1958 للعمل بجمهورية السودان. وهو الأمر الذي يفيد أن والده كان يتمتع بالجنسية المصرية في تاريخ ميلاد المطعون ضده بالسودان في 31/ 7/ 1953.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المرجع في ثبوت الجنسية هو أحكام الدستور والقوانين التي تنظم الجنسية وليس إلى ما يرد في أوراقه حتى ولو كانت رسمية، ما دامت غير معدة، أصلاً لإثبات الجنسية وصادرة من جهة غير مختصة ذلك أن ما ثبت في هذه الأوراق إنما هو وفي واقع الأمر ما يمليه عليها صاحب الشأن دون أن تجري الجهة الإدارية تحرياتها في شأن صحتها وحقيقتها ومن ثم فلا يعتد بشهادة ميلاد والد الطاعن أو تصريح العمل الذي أذن له فيه بالعمل لدى دولة.
ومن حيث إن المادة (24) من القانون رقم (26) سنة 1975 المشار إليها أقرت المبدأ الذي أرسته القوانين السابقة من وقوع عبء الإثبات في مسائل الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها. وبذلك فقد كان على المطعون ضده أن يقدم أدلة الإثبات اللازمة على توافر الشروط القانونية التي يتم بها كسب الجنسية المصرية بحكم القانون، فيقدم الأدلة على تحقق الوقائع التي تقوم عليها هذه الشروط بتوفير الوثائق اللازمة لإثباتها. فإذا اقتصر إثباته على شهادة ميلاد تفيد ميلاد والده في مصر فضلاً عن تصريح له بالعمل لدى حكومة أجنبية إلى جانب أنه لا زال له أقارب لأبيه مقيمين في مصر، وأن هذا الأب قد غادر البلاد وتجنس بالجنسية السودانية بعد ميلاده مما يفيد أنه كان يتمتع بالجنسية المصرية قبل تجنسه بالجنسية السودانية. إلا أن هذه الأسانيد كلها تعتبر من الحالات الظاهرة غير القاطعة في إثبات الجنسية لوالد المطعون ضده، ومن ثم لا تصلح سنداً قانونياً لثبوتها وحيث جاءت الأوراق خلواً من أي دليل جدي يثبت تمتع والد المطعون ضده بالجنسية المصرية في تاريخ ميلاد المطعون ضده.
وكان من المتعين في إثبات جنسية والد المطعون ضده أن تؤخذ من مصادر متعددة تتكامل فترجع بثبوت الوقائع التي تقوم عليها الشروط اللازمة لكسبها وبدليل لا يسهل اصطناعه ويؤيد الاطمئنان إليه فإذا عجز المطعون ضده عن ذلك يكون قرار الجهة الإدارية برفض منحه الجنسية المصرية لعدم تمتعه بها. قد جاء متفقاً مع أحكام القانون ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى خلاف ذلك، قد صدر مخالفاً للقانون ويكون الطعن عليه قد أقيم على صحيح سنده خليقاً بالقبول وإلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته وفقاً للمادة رقم (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً من وزير الداخلية وحده وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.

الطعن 911 لسنة 35 ق جلسة 20 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 85 ص 802

جلسة 20 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(85)

الطعن رقم 911 لسنة 35 القضائية

دعوى - رسوم في الدعوى.
المادة 1، 3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 549 لسنة 1959 بشأن الرسوم أمام مجلس الدولة المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 2859 لسنة 1965 المادة 7، 13 من القانون رقم 90 لسنة 1944.

تقدير الرسوم يتحدد بالطلبات التي تشتمل عليها الدعوى - إذا اشتملت الدعوى على طلبات معلومة القيمة وأخرى مجهولة القيمة أخذ الرسم على كل منهما - وإذا تضمنت طلبات متعددة معلومة القيمة ناشئة عن سند واحد فيتحدد الرسم باعتبار مجموع الطلبات - وإذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة قدر الرسم باعتبار كل سند على حدة - إذا قبل قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى رغم أنها غير مصحوبة بما يدل على أداء الرسم المستحق كاملاً فللمحكمة أن تستبعد القضية من جدول الجلسة إذا لم يسدد المدعي الرسوم المستحقة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 25 من فبراير سنة 1989 أودع السيد الأستاذ/ أحمد محمود أبو هشيمة بصفته وكيلاً عن السيد/ زناتي إبراهيم حسن، بالتوكيل الرسمي العام رقم 573 ح، توثيق الجيزة - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 911 لسنة 35 قضائية ضد السيد/ محافظ الجيزة في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) الصادر بجلسة 4/ 1/ 1989 في الدعوى رقم 715 لسنة 37 قضائي، والقاضي "أولاً: - بقبول طلب المدعي منحه الزيادة المقررة بالمادة الخامسة من القانون رقم 135 لسنة 1980 شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمته مصروفات هذا الطلب. ثانياً استبعاد باقي طلبات المدعي من الجلسة لعدم سداد الرسوم "وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - ولما اشتمل عليه من أسباب - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بمنحه العلاوة المقررة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982، وما يترتب على ذلك من أثار، وصرف الفروق المالية، وإنقاص مدة سنة من مدة خدمته الكلية، طبقاً للفقرة (ح) من المادة (20) من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975، اعتباراً من عام 1968، إلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن - وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني فيه ارتأت به - لما حواه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحددت جلسة 13/ 7/ 1992 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وبها نظر، وبما تلاها من جلسات، حيث قررت الدائرة بجلسة 9/ 11/ 1992، إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)، لنظره بجلسة 28/ 11/ 1992 (المسائية). وبها نظر ثم بجلسة 9/ 1/ 1993، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن السيد/ زناتي إبراهيم حسن أقام أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) الدعوى رقم 715 لسنة 37 قضائية ضد السيد/ محافظ الجيزة، بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 24/ 11/ 1982 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقيته في تسوية حالته ليبلغ مرتبه، اعتباراً من 9/ 5/ 1982، 142 جنيهاً، وما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال في شرح أسانيد دعواه أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية سنة 1949، وعلى دبلوم الصيارف سنة 1954، وعين بمصلحة الأموال المقررة بتاريخ 2/ 10/ 1954، وحصل على ليسانس في اللغة العربية من كلية دار العلوم سنة 1963 وعين في الدرجة السادسة الإدارية بتاريخ 16/ 12/ 1963، ثم أرجعت أقدميته إلى 23/ 6/ 1963 (تاريخ الانتهاء من الامتحان)، ثم حصل على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية سنة 1970. ثم صدر القرار رقم 701 بتاريخ 21/ 8/ 1982، بإعادة تسوية حالته، وقد تظلم من هذا القرار، لمخالفته للقانون، وصدوره من غير مختص، ثم أصدر المدعى عليه القرار رقم 440 بتاريخ 13/ 10/ 1982، وبتسوية حالة المدعي، وهي إن كانت أحسن حالاً من التسوية السابقة عليها، إلا أنها أغفلت تطبيق المادة الخامسة من القانون رقم 135 لسنة 1980، بشأنه، إذ أنه بتطبيق هذه المادة فإن المدعي يستحق خمسة جنيهات (ومنحه علاوات دورية) في 1/ 7/ 1980، فيصبح مرتبه بها 103 جنيهات، ويستحق العلاوة الثانية في 1/ 7/ 1981، دون أن يغير ذلك من استحقاقه العلاوة الدورية وقدرها خمسة جنيهات في 1/ 1/ 1981، والتي منحتها له جهة الإدارة، وعلى ذلك يصل مرتبه في هذا التاريخ إلى 108 جنيهات بدلاً من 103 كما جاء بالتسوية الأخيرة وطبقاً للقانون رقم 114 لسنة 1981، فإنه يستحق زيادة في مرتبه مقدارها 15 جنيهاً شهرياً اعتباراً من 1/ 7/ 1981، وعلى ذلك يصبح مرتبه في هذا التاريخ 123 جنيهاً بدلاً من 112 جنيهاً كما ورد في التسوية المطعون عليها، فإذا أضيف إليها العلاوة الثانية المستحقة تبعاً للقانون رقم 135 لسنة 1980، والعلاوة الدورية المستحقة طبقاً للقانون رقم 114 لسنة 1981، والعلاوة الاجتماعية، مقدارها (4) جنيهات طبقاً للقانون رقم 118 لسنة 1981، فإن مرتبه يصل في 1/ 7/ 1981 (137) جنيهاً، وبإضافة العلاوة التشجيعية التي منحتها له جهة الإدارة في 9/ 5/ 1982، فإن مرتبه في هذا التاريخ يصبح 142 جنيهاً، ومن ثم وإذ جاء بالتسوية أن مرتبه في هذا التاريخ هو 122 جنيهاً، فإن التسوية تكون مخالفة للقانون.
وبجلسة 22/ 6/ 1988 قدم الحاضر عن المدعي مذكرة ختامية بطلباته، انتهى فيها إلى طلب الحكم بأحقية المدعي في تسوية حالته وتدرج مرتبه على الوجه المبين بالمذكرة والكشف المرافق لها، وفيها يتبين أن مرتب المدعي يصل في 1/ 7/ 1985 إلى 181 جنيهاً، طبقاً للقوانين المشار إليها في المذكرة، يضاف إليه خمسة جنيهات قيمة العلاوة التشجيعية المستحقة له نظير حصوله على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية، وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 ليصير مرتبه اعتباراً من التاريخ المذكور 186 جنيهاً.
وبجلسة 4/ 1/ 1989 حكمت المحكمة "أولاً: بقبول طلب المدعى منحه الزيادة المقررة بالمادة الخامسة من القانون رقم 135 لسنة 1980 شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمته مصروفات هذا الطلب. ثانياً: استبعاد "باقي طلبات المدعي من جدول الجلسة لعدم سداد الرسوم وشيدت المحكمة قضاءها بأن طلبات المدعى تحددت حسبما تبين لها من صحيفة الدعوى ومن مذكرة تحديد الطلبات الختامية، بأنها: 1 - تعديل تاريخ تعيين المدعي إلى 23/ 7/ 1954 بدلاً من 23/ 10/ 1954 بضم مدة التدريب بعد الحصول على المؤهل وهي ثلاثة أشهر طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975، ثم إرجاع أقدميته في الفئة الرابعة إلى 23/ 7/ 1969 إعمالاً لأحكام الفقرتين (ج)، (ذ) من المادة (20) من القانون المذكور، معدلاً بالقانون رقم 111 لسنة 1981 (2) منحه أربعة علاوات دورية فئة الواحدة ثلاثة جنيهات في 1/ 5/ 1969، 1/ 5/ 1970، 1/ 5/ 1971، 1/ 1/ 1972 ليصل مرتبه إلى 57 جنيهاً أول مربوط الدرجة الثالثة طبقاً للقانون رقم 58 لسنة 1971 ثم منحه علاوة دورية قدرها أربعة جنيهات وهي المقررة للفئة الثالثة عن الفترة التي تلي مباشرة الجدول الملحق بالقانون المذكور ليصل مرتبه في 1/ 1/ 1973 إلى 61 جنيهاً، وعلاوة أخرى في 1/ 1/ 1974، فيصبح مرتبه 65 جنيهاً، (3) ترقيته إلى الدرجة الثالثة طبقاً لقانون الرسوب الوظيفي رقم 10 لسنة 1975، ومنحه علاوة الترقية وقدرها أربعة جنيهات من 1/ 1/ 1975 فيصبح مرتبه 69 جنيهاً (4) منحه علاوة في 1/ 1/ 1976 ليصبح مرتبه 73 جنيهاً وهو أول ربط الدرجة الثانية ثم تكون العلاوات بعد ذلك من فئة الخمسة جنيهات وعلى ذلك يستحق علاوة دورية أخرى إضافية في 1/ 1/ 1977 فيصبح بها مرتبه 83 جنيهاً، ثم علاوة دورية في 1/ 1/ 1978 فيكون مرتبه 88 جنيهاً وذلك خلال مدة سريان القانون رقم 58 لسنة 1971 (5) اعتباراً من 1/ 7/ 1978 وتطبيقاً للمادة 103 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 يستحق علاوتين من علاوات الدرجة الثانية ليصبح مرتبه في هذا التاريخ 98 جنيهاً ثم يستحق علاوتين في 1/ 1/ 1979، 1/ 1/ 1980 وبذلك يكون مرتبه في التاريخ الأخير 108 جنيهات (6) إفادته من حكم المادة الخامسة من القانون رقم 135 لسنة 1980 وذلك بزيادة مرتبه عشرة جنيهات ليصبح مرتبه في 1/ 7/ 1981، 118 جنيهاً. (7) إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 13/ 11/ 1980 تنفيذاً لحكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1198 لسنة 35 قضائية، وبالتالي فإنه يستحق علاوة الترقية اعتباراً من 1/ 12/ 1980 فيكون مرتبه 123 جنيهاً يزداد إلى 128 جنيهاً في 1/ 1/ 1981 بمنحة العلاوة الدورية. (8) منحه علاوة اجتماعية قدرها أربعة جنيهات طبقاً للقانون رقم 118 لسنة 1981، وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1981 لأنه متزوج ويعول أولاداً وبذلك يصبح مرتبه 146 جنيهاً (9) منحه علاوة دورية في 1/ 7/ 1982 وعلاوة أخرى في 1/ 7/ 1983 وذلك بالإضافة للعلاوة التشجيعية التي منحت له في 9/ 5/ 1983 فيكون مرتبه في 1/ 7/ 1983 (161) جنيهاً وخلصت المحكمة إلى أن هذه الطلبات تختلف في السند القانوني الذي تشيد عليه، ومن ثم فأنها تعتبر في حكم الطلبات المتعددة، لاستقلال كل منها عن الأخرى، لاختلاف السند القانوني والشروط المقررة لمنح كل منها، وانتهت المحكمة بشأن طلب المدعي منحه زيادة في مرتبه بمقدار عشرة جنيهات (مقدار علاوتين من علاوات الدرجة التي يشغلها)، طبقاً للمادة الخامسة من قانون رقم 135 لسنة 1980، بحسبانه أول الطلبات التي أقيمت بها الدعوى في 24/ 11/ 1982، إلى رفضه، استناداً إلى أن الثابت أنه صدر القرار رقم 44 لسنة 1982، بتسوية حالة المدعي طبقاً للمادة الثانية من هذا للقانون لحصوله على دبلوم الصيارف، ومنح الدرجة السادسة المخفضة، بمرتب 10.500 جنيه اعتباراً من تاريخ التعيين في 23/ 10/ 1954، ثم تدرج بالعلاوات والترقيات طبقاً للقواعد القانونية السارية، وذلك لأنه لا يجوز أن يجمع بين التسوية طبقاً للمادة الثانية، والمادتين الثالثة والخامسة من القانون رقم 135 لسنة 1980، أما بالنسبة لباقي الطلبات فإنه وإذ اختلف السند القانوني لكل منهما، وثبت من الأوراق أن الرسم المسدد هو رسم واحد عن طلب واحد، فمن ثم فإنه إعمالاً لنص المادتين (4)، (13) من القانون رقم 90 لسنة 1944، بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، يتعين القضاء باستبعاد باقي طلبات المدعي من جدول الجلسة لعدم سداد الرسوم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، لأن الطاعن حاصل على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية عام 1970، ومن ثم فإنه طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982، يستحق علاوة تشجيعية مقدارها أربعة جنيهات، وتدرج مرتبه بهذه العلاوة، وصرف الفروق المالية، كما أنه يحق له تعديل أقدميته في الدرجة الرابعة بإنقاص مدة سنة من مدة خدمته الكلية طبقاً للفقرة (ج) من المادة (20) من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975، وأن يكون هذا التعديل اعتباراً من سنة 1968 بدلاً من 1/ 8/ 1969، كما ورد بقرار التسوية رقم 440 لسنة 1982.
ومن حيث إن مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من استبعاد باقي الطلبات من جدول الجلسة، لعدم سداد الرسوم، وهو وقف السير في الدعوى بالنسبة إلى هذه الطلبات إلى أن يتم سداد الرسوم عنها وتعجيل نظرها، وهو قضاء لم يفصل في موضوع الخصومة، فمن ثم فإن صحيح طلبات الطاعن في طعنه هو الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من استبعاد الطلبين الواردين بصحيفة الطعن، والقضاء له بأحقيته فيهما.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 549 لسنة 1959، بشأن الرسوم أمام مجلس الدولة، تقضي بأن تطبق الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية في المواد المدنية بالنسبة لما يرفع من الدعاوى أو يتخذ من إجراءات، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص في المرسوم الصادر في 14 من أغسطس سنة 1946 للائحة الرسوم أمام مجلس الدولة، وقد نصت المادة الأولى من هذه اللائحة، معدله بقرار رئيس الجمهورية رقم 2859 لسنة 1965، على أن يفرض في الدعاوى معلومة القيمة رسم نسبي حسب الفئات الآتية......... - ..........
ويفرض في دعاوى الإلغاء والدعاوى مجهولة القيمة رسم ثابت قدرة أربعمائة قرش وتنص المادة الثانية من ذات اللائحة على أن "إذا اشتملت الدعوى على طلبات معلومة القيمة وأخرى مجهولة القيمة أخذ الرسم على كل منها طبقاً للمادة السابقة وتنص المادة السابعة من القانون رقم 90 لسنة 1944، بالرسوم القضائية في المواد المدنية، على أنه "إذ اشتملت الدعوى الواحدة على طلبات متعددة ومعلومة القيمة ناشئة عن سند واحد قدر الرسم باعتبار مجموع الطلبات، فإذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة قدر الرسم باعتبار كل سند على حدة..." وتنص المادة (13) من ذات القانون على أن "على قلم الكتاب أن يرفض قبول صحيفة الدعوى أو الطعن أو الطلب أو الأمر إذا لم تكن مصحوبة بما يدل على أداء الرسم المستحق كاملاً وتستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا تبين لها عدم أداء الرسم..."
والمستفاد من هذه النصوص أن تقدير الرسم يتحدد بالطلبات التي تشتمل عليها الدعوى، فإذا اشتملت على طلبات معلومة القيمة وأخرى مجهولة القيمة أخذ الرسم على كل منها، وإذا تضمنت طلبات متعددة معلومة القيمة ناشئة عن سند واحد، فيتعذر الرسم باعتبار مجموع الطلبات، فإذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة قدر الرسم باعتبار كل سند على حدة. ومقصود المشرع بالسند القانوني الذي تبنى عليه الدعوى وإذا قبل قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى رغم أنها غير مصحوبة بما يدل على أداء الرسم المستحق كاملاً، صح للمحكمة أن تستبعد القضية من جدول الجلسة إذا لم يسدد المدعى الرسوم المستحقة.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن المدعي لم يؤد سوى مبلغ أربعة جنيهات كرسم ثابت عن الدعوى، وبرغم تعدد طلباته فيها، واختلاف أسانيدها القانونية فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه وإذ قضى باستبعاد الطلبات التي لم يؤد المدعى عنها الرسم من الجلسة، ومنها طلباه بمنحه علاوة تشجيعية، وإعادة تسوية حالته بمراعاة حكم الفقرة ج من المادة (20) من القانون رقم 11 لسنة 1975، ويكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند من القانون حرياً بالرفض، ولا يغير من ذلك أن المدعي (الطاعن) قدم أثناء نظر الطعن الماثل ما يثبت سداده من الرسم عن هذين الطلبين، واللذين اقتصرت عليهما صحيفة طعنه ذلك لأن العبرة في سلامة الحكم، بواقع الدعوى الذي كان قائماً عند صدوره، وإذ لم يفصل الحكم المطعون فيه في موضوع هذين الطلبين، فإنه يكون سديداً في هذا الشأن مما يتعين معه القضاء برفض الطعن، وإلزام الطاعن مصروفاته عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 2230 لسنة 35 ق جلسة 14 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 84 ص 791

جلسة 14 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(84)

الطعن رقم 2230 لسنة 35 القضائية

مقابل التحسين - اختصاص محكمة القضاء الإداري بالطعن على القرارات الصادرة من لجنة الفصل في طعون ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين.
المواد 6 و8 و9 من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين.
اللجنة المنصوص على تشكيلها بالمادة الثانية من القانون المشار إليه وإن كانت تتكون من ستة أعضاء من بينهم عضو قضائي واحد وأغلبية أعضائها من العناصر الإدارية التي تفتقر إلى خبرة القضاء وقدرتهم وما يحيطهم به القانون من ضمانات التجرد والحيدة - هذه اللجنة لا تعتبر جهة قضاء وإنما هي لجان إدارية ذات اختصاص قضائي - يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قرارات تلك اللجان - لا وجه للمحاجة بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 ق تنازع بجلسة 3/ 6/ 1976 الذي اعتبر تلك اللجنة جهة مختصة بنظر الطعن في قرارات لجنة تقدير مقابل التحسين - أساس ذلك: إن هذا الحكم لم يعتبر تلك اللجان محاكم قضائية بل لجاناً ذات اختصاص قضائي وذلك في صدد بيان مناط توافر حال التنازع الايجابي المقبول وفقاً للمادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 - قرارات لجنة الفصل في الطعون المقدمة من ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين في قرارات نهائية - ليس المقصود بهذا الوصف القرار الحصين من الإلغاء أو الذي لا تختص به محاكم مجلس الدولة - أساس ذلك: إن المشرع بعد أن وصف القرارات الصادرة من تلك اللجنة بأنها نهائية تطلب في ذلك الوقت أن تكون مسببة كإجراء شكلي لازم لإصدارها حتى يكون لمحاكم مجلس الدولة إمكانية بسط رقابتها عليها - تطبيق. (1)


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 9/ 5/ 1989 أودع الأستاذ/ سليمان خالد المحامي نيابة عن الأستاذ/ زكريا خفاجي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد أمامها برقم 2230 لسنة 35 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 9/ 3/ 1989 فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى واختصاص المحكمة ولائياً بنظرها وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للقضاء فيها مجدداً بإلغاء القرار الصادر من لجنة طعون تقدير مقابل التحسين بتاريخ 9/ 3/ 1988 من محكمة جنوب القاهرة في الطعن رقم 2 لسنة 1977 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار علي رضا تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه للأسباب الواردة به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة / / إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 20/ 12/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 31/ 1/ 1993 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 14/ 3/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إنه وفقاً لقانون الإدارة المحلية فإن المحافظ هو صاحب الصفة في تمثيل المحافظة في جميع إداراتها وأقسامها أمام القضاء وفي مواجهة الغير وبالتالي فلا سند من القانون المذكور أو من قانوني مجلس الدولة أو المرافعات المدنية والتجارية في اختصام غيره ما دام ليست له صفة قانونية يمثل فيها قانوناً أمام القضاء ومن ثم فإنه يتعين الالتفات عن اختصام كل من مدير عام التخطيط ومدير إدارة نزع الملكية بمحافظة القاهرة في هذه المنازعة.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 26/ 5/ 1988 وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ قرار لجنة الطعون في تقديرات مقابل التحسين بتاريخ 9/ 3/ 1988 بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الطعن رقم 2 لسنة 1977 أمام لجنة التحسين بمحكمة جنوب القاهرة القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار المطعون فيه. وأصلياً: وفي الموضوع الحكم بعدم صحة الإجراءات التي قامت بها محافظة القاهرة لتقدير قيمة مقابل التحسين وبطلانها وبالتالي عدم جواز احتساب أية مبالغ على الأطيان المملوكة للطاعن كمقابل تحسين وبصفة احتياطية الحكم بفرض مقابل تحسين قدره مائة جنيه على الفدان الواحد بالنسبة لأرض المدعي - مع إلزام الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شرحاً لدعواه أنه يطعن على قرار اللجنة المشار إليه استناداً إلى أنه كان قد اشترى قطعة أرض مساحتها (س 6 ط 12 ف 1) بحوض الجزيرة رقم (1) جزائر فصل ثالث قطعة رقم (6) رمزية (4) من بلدة الدستور زمام كفر العلو قسم حلوان وبتاريخ 7/ 5/ 1977، أخطرته إدارة نزع الملكية أن لجنة التقدير المشكلة طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم (222) لسنة 1955 فرضت مقابل تحسين قدره(35641.440 قرش جنيه) على العقار ملكه باعتبار أن قيمة المتر قبل التحسين جنيهاً واحد وبعده عشرة جنيهات.
واعتمد القرار في 24/ 4/ 1977. ولما كانت الإجراءات الخاصة بتحديد مقابل التحسين المشار إليها في القانون رقم (222) لسنة 1955، قد خولفت بمقتضى قرار هذه اللجنة كما أن الطريق الذي فرض من أجله مقابل التحسين كان قائماً ومستعملاً من قبل وكل ما أجرته عليه الإدارة هو الرخص والتوسيع فقط، فضلاً عن أن الجهة المطعون ضدها لم تقدم القرار الذي أنشأ المشروع رقم (1017) طريق حلوان والقرار رقم 102 بتاريخ 27/ 5/ 1974 واقتصرت على تقديم محضر لجنة التقدير فقط نموذج (1) بتاريخ 24/ 4/ 1977 على أن مقابل التحسين هو القرار (102) بتاريخ 17/ 5/ 1984 ويكون قرار مقابل التحسين لم ينشر بالجريدة الرسمية ولم تتبع بشأنه الإجراءات القانونية مما يتعين معه إلغاءه وفقاً للمادة الرابعة من القانون رقم (222) لسنة 1955 م كما أن القرار نفسه صدر باطلاً لأن القانون المشار إليه نص فيه على أن يعمل اعتباراً من أول يناير 1953، مع أن المشروع الخاص بحلوان قد تم في 15/ 12/ 1951 أي قبل العمل بهذا القانون. ومن ثم لا تسري عليه أحكامه.
وأودع المدعى إثباتاً لدعواه أربعة حوافظ اشتملت على صورة القانون رقم (222) لسنة 1955. وصورة من الحكم الصادر في الدعوى رقم 5167 لسنة 1976 جنوب القاهرة، خريطة مساحية لأرض النزاع، وتقرير مساحي مؤرخ 12/ 11/ 1988. وصورة من كتاب منطقة إسكان حلوان رقم 7537 لسنة 1981 وصورة من كتاب مدير عام إدارة التحسين بمحافظة القاهرة إلى المدعي بتاريخ 10/ 4/ 1988 - وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن لجنة تقدير مقابل التحسين أصدرت قرارها رقم (202) لسنة 1974 بفرض مقابل تحسين على القطعة موضوع المنازعة بطريق حلوان والمعتمد من المجلس الأعلى المحلي الشعبي لمحافظة القاهرة بمبلغ 35641.440 قرش جنيه، وأخطر المدعي بذلك بالكتاب رقم 227 في 7/ 5/ 1977، وقام المذكور بالطعن على القرار وقررت اللجنة بتاريخ 9/ 3/ 1988 بتأييد القرار المطعون فيه.
كما دفعت الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى باعتبار أن قرار لجنة فحص الطعون الخاصة بمقابل التحسين والمشار إليها في القانون رقم 222 لسنة 1955 تصدر قرارات نهائية غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة قضائية، وانتهى إلى طلب الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبجلسة 9/ 3/ 1989، أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على سند من أن المشرع نص في المادة السادسة من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب إعمال المنفعة العامة تنص على أن تقدر قيمة العقار الداخل في حدود منطقة التحسين قبل التحسين وبعده بمعرفة لجنة تؤلف وفقاً لما جاء بهذه المادة كما أن المادة الثامنة أشارت إلى أن قرار المحكمة الابتدائية فيما يرفع إليها من طعون ضد قرارات لجان التحسين تعتبر نهائية لا يجوز الطعن فيها أمام أية جهة قضائية أخرى وذلك على هدي من التفسير الذي انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا لنص المادة المشار إليه في الدعوى رقم 12 لسنة 8 ق دستورية، ومن ثم تكون المحكمة غير مختصة بنظر الطعن على هذه القرارات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله وتفسيره وتطبيقه استناداً إلى أن اللجنة القضائية المشار إليها في المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 لا تعتبر من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي وفقاً لما انتهى إليه الحكم ورتب على هذا التفسير عدم اختصاص قضاء مجلس الدولة بنظر الطعون ضد قراراتها وفقاً للاختصاص المنوط به في المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 هذا التفسير قد جاء مخالفاً للقانون لأن اللجان القضائية ذات الاختصاص تعتبر صاحبة ولاية قضائية ولا بد أن ينص عليها القانون صراحة ويحدد اختصاصها وجهات الطعن في قراراتها باعتبارها جهات تتولى الولاية القضائية فالمحاكم استثناء من الأصل العام الذي يترك الوظيفة القضائية للمحاكم على اختلاف درجاتها.
ولما كانت اللجنة مصدرة القرار لم تكن أساساً من تلك اللجان ودون أن يغير من ذلك إنها برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية فإن ذلك لا يغير من طبيعة قراراتها بأنها قرارات إدارية يجوز الطعن فيها أمام محاكم مجلس الدولة. وحيث قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإن الطعن عليه بالإلغاء يكون قد قام على سنده الصحيح من القانون متعيناً القضاء به.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين تنص على أن:
"تقدر قيمة العقار في حدود منطقة التحسين - قبل التحسين وبعده - لجنة تؤلف من:
1 - مدير أعمال يندبه مراقب المراقبة الإقليمية بوزارة الشئون البلدية والقروية الواقع في دائرتها العقار - رئيساً،
2 - المهندس الذي يرأس قسم التنظيم في المجلس البلدي المختص، 3 - عضو من أعضاء المجلس البلدي المختص من غير الأعضاء المعينين، 4 - مندوب عن تفتيش المساحة المختص - أعضاء.
وتستأنس اللجنة في تقدير قيمة العقار بثمن شراء المالك الأخير له وما أحدث فيه من تعديلات أو تحسينات وكذلك بثمن المثل في الصفقات التي تمت.
وتنص المادة السابعة من القانون المشار إليه على حق ذوي الشأن في الطعن على قرارات اللجان المشار إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانهم بها.
كما تنص المادة (8) على أن "تفصل في الطعون لجنة تؤلف في كل مديرية أو محافظة من: 1 - رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار أو وكيلها - رئيساً،
2 - مراقب المراقبة الإقليمية بوزارة الشئون البلدية الواقع في دائرتها العقار، 3 - مفتش المساحة أو من ينوب عنه، 4 - مفتش المالية أو ما ينوب عنه، 5 - عضوين من أعضاء المجلس البلدي من غير الأعضاء المعينين وبحكم وظائفهم - أعضاء.
وتفصل هذه اللجنة في الطعون في ميعاد لا يتجاوز شهراً من تاريخ ورودها إليها وتكون قراراتها نهائية.
كما تنص المادة (9) من ذات القانون على أن:
"يعلن الطاعن بموعد الجلسة بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل وله أن يحضر بنفسه أو أن يستعين بمحام على أن يتقدم بدفاعه مكتوباً".
وللجنة أن تطلب إلى ذوي الشأن ما تراه لازماً من إيضاحات ويصدر القرار مسبباً.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها إن المشرع في القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه قد جعل قرار لجنة الفصل في الطعون المقدمة من ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين نهائية فقد استقرت أحكام هذه المحكمة على أن اللجنة المنصوص على تشكيلها بالمادة الثامنة من القانون سالف الذكر وإن كانت تتكون من ستة أعضاء بينهم عضو قضائي واحد وأغلبية أعضائها من العناصر الإدارية التي تفتقر إلى خبرة القضاء وقدرتهم وما يحيطهم به القانون من ضمانات التجرد والحيدة - لذلك فلاً تعتبر جهة قضاء وإنما هي لجان إدارية خولها القانون اختصاصاً قضائياً، يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قراراتها طبقاً للبند ثامناً من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة، ولا يغير من ذلك الاحتجاج بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 ق تنازع وبجلسة 3/ 6/ 1976 الذي اعتبر لجنة الطعن المنصوص عليها بالمادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه - جهة مختصة بنظر الطعن في قرارات لجنة تقدير مقابل التحسين ذلك إن هذا الحكم لم يعتبر هذه اللجان محاكم قضائية بل لجان ذات اختصاص قضائي في مفهوم المادة الرابعة من قانون المحكمة الإدارية العليا، وذلك في صدد بيان مناط توافر حالة التنازع الايجابي المقبول وفقاً للمادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 التي أحالت إليها الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قانون المحكمة الإدارية العليا (مجموعة العليا - القسم الثالث 1978 ص 232) وحكم المحكمة الدستورية العليا آنف الذكر يحوز حجية فيما قضى به من منطوقه مربوطاً بأسبابه في الدعوى.
ومن حيث إنه قد توافرت أحكام هذه المحكمة على أنه يبين من النصوص المشار إليها أن المشرع في القانون رقم 222 لسنة 1955 قد جعل قرار لجنة الفصل في الطعون المقدمة من ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين نهائية، إلا أنه تطلب في ذات الوقت وأن تكون هذه القرارات مسببة كإجراء شكلي لازم لإصدارها ليكون لمحاكم مجلس الدولة المختصة إمكانية بسط رقابتها ومشروعيتها وفقاً لأحكام الدستور والقانون باعتبارها لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قراراتها طبقاً لصريح البند ثامناً من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 سالف الذكر فالقرار النهائي هو الذي لا يحتاج لنفاذه إلى تصديق أو موافقة من سلطة رئاسية أعلى أو من جهة إدارية أخرى ويكون بالتالي نتيجة لهذا النفاذ الجبري على الأفراد صالحاً للطعن عليه قضائياً أمام محاكم مجلس الدولة المختصة فالقرار الإداري النهائي هو القابل للطعن بالإلغاء قضائياً وليس القرار الحصين من الإلغاء أو الذي لا تختص محاكم مجلس الدولة برقابة مشروعيته.
ومن حيث إنه قد حرص المشرع الدستوري على أن ينص في باب كامل من الدستور (الباب الرابع) على إعلاء مبدأ المشروعية وسيادة القانون في الدولة حيث نص صراحة في المادة (64) على أن هذا المبدأ هو أساس الحكم في الدولة ونص في المادة (65) على أن تخضع الدولة للقانون كما نص على أن استقلال القضاء عن كل سلطة وكل فرد أو جماعه وحصانته في مباشرة ولايته واختصاصاته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات.
ومن حيث إن المشرع الدستوري إعمالاً لحقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحقيقاً لسيادة القانون من خلال إخضاع الدولة للقانون قد كفل حق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، وجعل التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة - وإلزام الدولة بتقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا وحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء (م 88) كما جعل حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول من الدولة بها وضمن لغير القادرين مالياً تحقيق وسيلة اللجوء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم وفقاً للقانون - على حساب المجتمع ومصالحه ممثلاً في الخزانة العامة للدولة (م 69).
وحيث إنه أيضاً قد أناط بمجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة في المادة (172) منه الفصل في المنازعات الإدارية. الأمر الذي بسط رقابة محاكم مجلس الدولة بدون تحديد لتصرفات أو قرارات معينة للجهة الإدارية في إطار رقابة المشروعية بواسطة القاضي الطبيعي ممثلاً في المحكمة المختصة حسب أحكام الدستور وقانون مجلس الدولة لإعلاء ما تقتضيه المشروعية وسيادة القانون وبصفة خاصة إذا كان التعويض أو المخالفة ينطوي على إصدار ضوابط نص عليها القانون أو وضع إجراء حتمي أوجبه لصالح المواطنين تحقيقاً لحقهم في التقاضي أو في حق السلطة القضائية في حماية الحقوق والحريات وسيادة القانون.
ومن حيث إنه لما كان ما سبق وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القضاء بعدم الاختصاص وعلى غير سند صحيح من القانون أو الوقائع. وهو الأمر الثابت الصحيح حسبما سبق البيان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد تسلب من ولاية المحكمة بنظر النزاع على خلاف صحيح أحكام الدستور والقانون ومن ثم فإنه يكون قد جاء والحال هذه مخالفاً لأحكام الدستور والقانون حرياً بقبول الطعن عليه بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة محافظ القاهرة وحده وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وأمرت بإعادة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطعن وأبقت الفصل في باقي المصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 13/ 12/ 1986 في الطعن رقم 676 لسنة 30 ق المنشور في السنة 32 - الجزء الأول - صفحة 413.

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 584 لسنة 35 ق جلسة 14 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 83 ص 779

جلسة 14 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(83)

الطعن رقم 584 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى - طلبات في الدعوى - طلب إدخال الغير - عدم جوازه أمام المحكمة الإدارية العليا.
المادتان رقما 117 و211 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا يجوز أمام المحكمة الإدارية العليا إدخال من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري ولا يجوز طعن الخارج عن الخصومة أمامها في الحكم الذي تعدى أثره إليه - أساس ذلك: عدم تفويت درجة من درجات التقاضي على خصومه بشأن ما يبديه - لا يمنع ذلك من سلوك طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في الحدود المقررة قانوناً للالتماس إذا لم يكن يعلم بقيام الخصومة ولم يكن في مركز يسمح بتوقعها - إذا كان الغير على علم بقيام الخصومة فلا يقبل منه الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالما لم يتدخل أو يدخل طبقاً للمادة 117 من قانون المرافعات - لا ينال من ذلك ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من قبول تدخل الخارج عن الخصومة لأول مرة فيما يتصل بالطعون في قرارات عمليتي الانتخاب والترشيح لمجلسي الشعب والشورى - أساس ذلك: أن طعن الخارج عن الخصومة بالنسبة للطعون الانتخابية يقوم على المبادئ العامة للنظام العام الدستوري التي تحتم التحقق من سلامة الإرادة الشعبية التي أسبغت على كل عضو من الأعضاء صفته - لا ينطبق ذلك على الطعن الماثل - تطبيق. (1)
(ب) مخالفات البناء 

- طبيعة القرارات الصادرة من اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 - تختص اللجنة المشار إليها بتقدير قيمة الأعمال المخالفة - ما تنتهي إليه هذه اللجنة هو مجرد إجراء تمهيدي تضعه جهة الإدارة المختصة تحت تصرف المحكمة الجنائية المختصة لتقدير قيمة الغرامة - تقدير قيمة الأعمال المخالفة ليس قراراً إدارياً بالمفهوم المقصود في قانون مجلس الدولة - أثر ذلك: عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر طلب إلغاء أو تعديل قرار تقدير قيمة الأعمال المخالفة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29/ 1/ 1989 أودع الأستاذ/ محمود فهمي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بسجلها برقم 584 لسنة 35 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 1/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 586 لسنة 39 ق والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة المباني موضوع النزاع ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم بإلغائه فيما قضى به من تقييم الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854 جنيهاً، مع ما يستتبع ذلك من إلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 279 لسنة 1984 فيما قرره من تقدير قيمة الأعمال المخالفة بالمبلغ المذكور، مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده.
وأودع السيد الأستاذ/ محمود عادل الشربيني، مفوض الدولة, تقرير هيئة مقوضي الدولة الذي ارتأى فيه - للأسباب التي أوردها به - قبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها حيث اتخذ الطاعن بتاريخ 10/ 10/ 1990 إجراءات إدخال السيدة/ وداد عبد الرحمن حراز في الطعن باعتبارها أحد من تضمنه الترخيص موضوع المخالفة السالفة ولتتحمل نصيبها فيما قد يحكم بإلزام الطاعن بأدائه.
وبجلسة 26/ 7/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تم تداوله أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها. حيث قررت بجلسة 18/ 10/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 27/ 12/ 1993 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 14/ 3/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
ومن حيث إن موضوع المنازعة يتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 3/ 11/ 1984 قد أقام الطعن الدعوى رقم 586 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة وبوقف تنفيذ القرار رقم 279 لسنة 1984. وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار لمخالفته لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1984. بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 106 لسنة 1976، في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء. مع إلزام المدعى عليه المصروفات.
وذكر المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه أن محافظ الجيزة قد أصدر القرار المطعون عليه متضمناً إزالة الدورين السادس والسابع عشر فوق الأرض بالعقار رقم 22 شارع وادي النيل بمدينة المهندسين مع الالتزام بتنفيذ الجراجات بالدور الأرضي والميزانين وإزالة كل ما يخالف ذلك وحدد القرار الطعين قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854.20 جنيه.
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون، لأن العقار موضوع المخالفة لا يخضع للتنظيف الوارد بأي من القانونين رقمي 54 لسنة 1984، 30 لسنة 1983 حيث حددا حالات الإزالة في أنها تقررت إذا كانت المباني المخالفة تشكل خطراً على الأرواح والممتلكات، وإذا كانت تتضمن خروجاً على خط التنظيم، أو إذا كانت تخالف قيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني. وتأكد عدم وجود أي من هذه المخالفات بالتقارير الاستشارية المقدمة كما أن اللجنة التي شكلت لتقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854.20، بينما قيمتها لا تجاوز خمسة عشر ألفاً من الجنيهات من ثم جاء هذا التقدير مخالفاً للقانون إذ يلزم أن يكون التقدير من قبل اللجنة المشكلة بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وأن يقدم قرارها على عناصر ثابتة ومبررة للتقدير المقرر لقيمة الأعمال المخالفة.
وبجلسة 26/ 5/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى عليه بالمصروفات.
ثم بجلسة 1/ 12/ 1988 أصدرت حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه تضمنه من إزالة المباني موضوع النزاع ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الخصومة المصروفات.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند من أن المخالفات التي صدر على أساسها القرار المطعون فيه هي قيام المدعى بالبناء بزيادة على المساحة المصرح بها والبناء بالمنور الجانبي وهي مساحة ممنوع البناء فيها والبروز المتكرر بالمسافة الجانبية وعلى الشوارع دون الارتداد ابتداء من أدوار معينة، كما أن الثابت هو أن الترخيص صادر لبناء دورين والبدروم وجراج على مستويين بدورين محلات وعشرة أدوار متكررة. إلا أن المدعى لم ينفذ الجراج بالبدروم على مستويين، وتم التنفيذ ابتداء من الدور الأرضي وسبعة عشر دوراً متكرراً بزيادة دورين عن الترخيص، وبالمخالفة له وبذلك فإن هذه المخالفات لا تدخل في عداد المخالفات الثلاث المشار إليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 معدلاً بالقانون (54) لسنة 1984 وبالتالي يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون في هذا الشق منه.
وبالنسبة للشق الخاص بتقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854.20 جنيهاً بينما قيمتها لا تجاوز خمسة عشر ألفاً من الجنيهات فإن التقدير الذي قامت به اللجنة المختصة قد قام على صحيح سنده من القانون، إذ أن اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 هي المنوط بها هذا التقدير دون سواها وعلى أساس الإنشاءات التي تمت وقد استندت اللجنة في تقديرها إلى أن الأعمال المخالفة تتمثل في مساحة 2040.60 متر ولم ينازع في ذلك المدعى وقدرت سعر المتر 90 جنيهاً لتكون قيمة الأعمال المخالفة هي المبلغ المشار إليه. ومن ثم يكون قرارها في هذا الشق متفقاً وأحكام القانون حرياً برفض الطعن عليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن، هو مخالفة الحكم في الشق الخاص بتقدير قيمة الأعمال المخالفة للقانون والخطأ في تفسيره وتأويله ذلك أن التقدير لا يدخل في اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المذكور، وأن اختصاصها يقتصر فقط على معاينة الأعمال المخالفة لأحكام القانون أو لائحته التنفيذية، وقد انتهى الحكم إلى أن أي من الأعمال موضوع القرار غير مخالفة للقانون. كما أن تقدير اللجنة على فرض اختصاصها جاء مبالغاً فيه إذ أن القيمة التقديرية لكامل أعمال البناء في الترخيص هي 224.450 جنيهاً فكيف تقدر اللجنة أعمال المخالفة المفترضة في دورين بمبلغ 361.854 جنيهاً ومن ثم يكون تقديرها مشوباً بعيب مخالفة القانون وإذ ساير الحكم المطعون فيه اللجنة في تقديرها فإنه يكون بدوره مخالفاً لصحيح القانون حرياً بإلغائه.
ومن حيث إن الطاعن قد طلب إدخال السيدة/ وداد عبد الرحمن حراز في الطعن وفقاً للمادة (117) من قانون المرافعات. واتخذ إجراءات إعلانها بهذا الإدخال بتاريخ 10/ 10/ 1992 ومثلت بوكيلها في الطعن.
ومن حيث إن المادة (117) من قانون المرافعات تنص على أن (للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصاصه فيها عند رفعها ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل الجلسة مع مراعاة حكم المادة (66).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن الأصل في المبادئ العامة الحاكمة للمنازعة الإدارية عدم جواز قبول طعن الخارج عن الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا تطبيقاً لنص المادة (211) من قانون المرافعات المشار إليه، وذلك استناداً إلى أنه لا يجوز رفع الطعن إلا ممن صدر الحكم باعتباره صاحب الصفة والمصلحة في الطعن، فصاحب الصفة في الطعن هو المحكوم عليه الذي كان طرفاً في الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه بإلزامه شيئاً لخصمه أو برفض طلب من طلباته بحيث يكون غرضه من الطعن إلغاء هذا الحكم أو تعديله لإقالته مما حكم عليه به أو لإجابته إلى ما رفض من طلباته وغنى عن البيان إن المحكوم عليه هو صاحب المصلحة في الطعن لأنه هو وسيلته الوحيدة لتصحيح الخطأ في الحكم والتخلص من آثاره أمام محكمة ثان درجة كذلك فإن الخارج عن الخصومة لا يجوز له الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة لما في ذلك من تفويت لدرجة من درجات التقاضي على خصومة بشأن ما يبديه. ومن ثم لا يجوز لتلك الأسباب قبول إدخال من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري وذلك لأول مرة في الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا تطبيقاً لنص المادة (117) من قانون المرافعات المشار إليها كقاعدة عامة وعدم جواز طعن الخارج عن الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم الذي تعدى أثره إليه. لا يحرمه من سلوك طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وفي الحدود المقررة قانوناً لالتماس إعادة النظر وذلك إذا لم يكن يعلم بقيام الخصومة أو لم يكن في مركز يسمح له بتوقعها. أما إذا كان الغير ومن باب أولى إذا كان الطاعن نفسه. على علم بقيام الخصومة أو كان في مركز يسمح له بتوقعها فلا يقبل منه الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالما لم يتدخل - أو يدخل وفقاً للمادة (117) من قانون المرافعات المشار إليها - في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري وهي محكمة أول درجة إذ في هذه الحالة يكون من "الغير" ومن ثم وحيث إن الثابت أن الطاعن. قد فوت على نفسه فرصة بيان موقف المطلوب إدخاله في الدعوى وسببه، وإذا كانت الطبيعة المتميزة للمنازعة الإدارية وبصفة خاصة دعوى الإلغاء وهي وإن كانت تقوم على أساس الصفة والمصلحة الشخصية لرافع الدعوى ويستهدف بها حماية مركزه القانوني الذي اعتدى عليه القرار المطعون فيه، فإن ثمة غاية حتمية التحقق من ملف الدعوى وهي غاية تحقق المشروعية وسيادة القانون وكفالة استقرار المراكز القانونية للأفراد وحسن سير وانتظام المرافق العامة فالدعوى الإدارية غاية من الصالح العام تتمثل في إسهامها في تحقيق سيادة القانون، وبالتالي فإن هذه الغاية العامة المتمثلة في تحقيق المشروعية وسيادة القانون بما يكفل تحقق أحد الأركان الأساسية التي تقوم عليها الدولة وينصب عليها الدستور تسمح في حالات معينة بأن يفتح لمن تعدى أثر الحكم إليه بالطعن عليه أمام هذه المحكمة ما دام لم يعلم بقيام الخصومة للطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا وثاني هذه الاعتبارات ذاتها مساندة الغير الذي علم بالخصومة ووقف حيالها موقف المتربص فإن صدر الحكم لصالحه سكت، وإن صدر ضد مصلحته نازع فيه. ومن باب أولى فإن حسن سير العدالة وتيسير بلوغها لغاياتها يتطلب أن تكون هذه القاعدة أولى بالتطبيق بالنسبة للمدعي الذي لم يشأ إدخال آخرين تشترك مصلحتهم في حالة الحكم له بطلباته أو رفضها أمام محكمة القضاء الإداري والذي يقف من الحكم موقف المتربص فإذا حكم ضده بادر بطلب إدخال غيره ليمثل في طعنه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الأصل العام في قواعد المرافعات فإنه لا يجوز الطعن إلا لمن كان طرفاً في الخصومة التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه. ومن ثم لا يجوز قبول إدخال من لم يكن طرفاً في الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا كقاعدة عامة - كما سلف بيانه من أسباب، ولا ينال من صحة ما سلف ذكره من مبادئ ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من قبولها تدخل الخارج عن الخصومة أمامها لأول مرة فيما يتصل بالطعون في القرارات المتصلة بعمليتي الانتخاب والترشيح لاختلاف المصالح المستهدف تحقيقها من تدخل الخارج من الخصومة في الطعن. ذلك أن طعن الخارج عن الخصومة فيما يتعلق بالخصوم الانتخابية إنما يقوم مستنداً إلى ما انتهى إليه قضاء هذه المحكمة إلى أن المبادئ العامة للنظام العام الدستوري يحتم التحقق من سلامة الإرادة الشعبية التي أسبغت على كل عضو من أعضاء مجلس الشعب صفة الفصل به فذلك القضاء يقوم على أساس النظام العام الدستوري البرلماني والواجب حتماً الالتزام به وأعمال حكمه وترتيب أثره، وهو الأمر الذي لا يسوغ معه الزعم بأن ما قضى به الدستور صراحة في المادة (93) منه يتضمن حرمان المرشحين المتنافسين على عضوية مجلس الشعب أو غيرهم ممن له صفه ومصلحة في حقهم الدستوري في الطعن قضائياً على صحة العضوية. وذلك لأن الدستور أناط هذا الاختصاص بمجلس الشعب بناء على التحقيق الذي تجريه محكمة النقض وحدها فحق الطعن نظمه الدستور ذاته اختصاصاً وتحقيقاً ونظمته لائحة مجلس الشعب بناء على صريح نص الدستور من حيث الإجراءات وهي التي تعطي كل ناخب أو مرشح توافرت له الصفة والمصلحة في الطعن على صحة العضوية للمرشحين في انتخابات مجلس الشعب أو الشورى ولو كان تدخلهم لأول مرة أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا، ولكل من المصلحة في التدخل ومن ثم قبولها محالة "حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 645 لسنة 37 ق عليا جلسة 27/ 12/ 1992" والحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 163 لسنة 37 ق بجلسة 18/ 11/ 1990.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو مدى اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والهدم (المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983) بتقرير تقدير قيمة الأعمال المخالفة أم لا.
ومن حيث إن المادة (16) المشار إليها تنص على أن (يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار منه، من ثلاثة من المهندسين المعماريين والمدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ممن لهم خبرة لا تقل عن عشرة سنوات قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها وذلك خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليها بالمادة السابقة....... ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة، التجاوز عن الإزالة في بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران. وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية...... وفي جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصيص لإيواء السيارات، وللمحافظ أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى.
كما تنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدلة بالقانون رقم 54 لسنة 1984 على أنه (يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7 من يونيو سنة 1985، ولوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده، وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة - بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً فإذا تبين أنها تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو لقيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981. وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار قرار بالإزالة أو التصحيح وفقاً لحكم المادة (16) من هذا القانون.
ومن حيث إنه يبين من صريح عبارات هذا النص وفقاً لما يقتضيه التفسير السليم للقانون أن اللجنة المشار إليها بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 - هي المختصة بكل الإجراءات التي أشار إليها القانون سواء فيما يتصل بتقدير قيمة الأعمال المخالف عن جواز التصالح في المخالفات التي يتعين على المحافظ إصدار قرار فيها بالإزالة أو التصحيح.
ومن حيث إن الثابت من وقائع النزاع أن الطاعن قد خالف القانون رقم 106 لسنة 1976 وخالف اشتراطات البناء في المنطقة بإقامة المباني موضوع المخالفة في المساحة المجاورة للعقار مع تجاوز عدد الأدوار المرخص بها بدورين، بدون ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. ومن حيث إن اللجنة المشكلة بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 قامت بمعاينة العقار وتقدير هذه الأعمال وفقاً للأسس والضوابط التفصيلية التي ضمنته تقريرها وانتهت فيه إلى إزالة الدورين السادس عشر والسابع عشر فوق الأرضي بالعقار رقم 22 شارع وادي النيل ناحية شارع الحجاز بالمهندسين حي شمال الجيزة - ملك السيد/ محمد كمال الدين بركات وضرورة الالتزام بتنفيذ الجراجات بالدور الأرضي الميزانيين وإزالة كل ما يخالف ذلك وحددت قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854 (ثلاثمائة وواحد وستين ألفاً وثمانمائة وأربعة وخمسون جنيهاً) ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما تنتهي إليه اللجنة المذكورة لا يعدو في حقيقة تكييفه القانوني مجرد إجراء تمهيدي تضعه جهة الإدارة المختصة تحت تصرف المحكمة المختصة لتقديرها قيمة الغرامة الجنائية التي يقتصر عليها وحدها ولاية الفصل في تحديدها بناء على تحديد قيمة الأعمال المخالفة وذلك إعمالاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من القانون رقم (30) لسنة 1983 المشار إليه والتي قضت بأن تكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تحدد على أساس نسبة من قيمة الأعمال المخالفة والتي حددها المشرع بـ (10%) من قيمة هذه الأعمال إلى (75%) منها، وبالتالي فإن ما تقدره اللجنة من قيمة الأعمال المخالفة ليس من بين القرارات الإدارية النهائية التي يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة النظر في وقف تنفيذها أو إلغائها حيث لا يكون ما تقدره اللجنة في ذاته نافذاً إلا ما تتبناه المحكمة الجنائية وتدخله عنصراً من عناصر تقديرها لقيمة العقوبة الجنائية التي توقعا وفقاً لأحكام القانون على المخالف.
ومن حيث إنه وكما جرى قضاء هذه المحكمة فإنه لا معقب على ما تنتهي إليه تلك اللجنة من محاكم مجلس الدولة حيث إن ذلك هو من اختصاص المحاكم الجنائية دون غيرها ومن ثم فقد كان يتعين على محكمة أول درجة أن تقضي بعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الطلب الخاص بإلغاء أو تعديل قرار تقدير قيمة الأعمال المخالفة.
ومن حيث إنه وقد بني الحكم الطعين على خلاف صحيح أحكام القانون غير ما سلف بيانه. فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون وحقيقاً بالإلغاء.
وحيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب إدخال السيدة/ وداد عبد الرحمن حراز في هذا الطعن وبإلغاء الحكم المطعون فيه بما قضى به من رفض إلغاء قرار اللجنة الفنية بتقدير قيمة الأعمال المخالفة وبعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر هذا الطلب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/ 12/ 1992 في الطعن رقم 645 لسنة 37 ق والحكم الصادر بجلسة 18/ 11/ 1990 في الطعن رقم 163 لسنة 37 ق.

الطعن 1030 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 82 ص 773

جلسة 9 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي شحاتة محمد سليمان ومحمد منير جويفل والطنطاوي محمد الطنطاوي ويحيى أحمد عبد المجيد - المستشارين.

----------------

(82)

الطعن رقم 1030 لسنة 36 القضائية

(أ) دعوى - عوارض سير الخصومة فيها - وقف الدعوى - مدى جواز الطعن في الحكم الصادر بالوقف.
المادة 129 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - الأمر الذي تصدره المحكمة بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوعها يقطع بعدم صلاحية الدعوى للحكم في موضوعها بالحالة التي هي عليها فيؤثر بذلك في سيرها ويؤخر نظرها وهو بهذه المثابة حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به - لا سبيل إلى إلزام المتضرر منه بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الإيقاف - نتيجة ذلك: جواز الطعن فيه استثناء من قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة - سبب ذلك: نجاح الطاعن في طعنه في هذا الحكم يجعل الفصل فيها لا يمزقها ولا يؤخرها - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية.
يرجع استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية إلى اعتبار المخالفة التأديبية هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية - الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في 22/ 2/ 1990 أودع الأستاذ/ جورج عزيز كامل المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ أنهار السيد السقا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1030 لسنة 36 قضائية عليا طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى رقم 28 لسنة 32 قضائية بجلسة 17/ 1/ 1990 والقاضي بوقف الدعوى لحين الفصل في الشق الجنائي.
وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضده والقضاء بإعادة السير في الدعوى التأديبية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني حيث ارتأت للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة السير في الدعوى التأديبية.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وتدوول بالجلسات على النحو المثبت بالمحاضر إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 3/ 11/ 1992 حيث نظر بهذه الجلسة والجلسات التالية إلى أن قررت المحكمة بجلسة 29/ 12/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن موضوع الطعن يخلص في أنه في 7/ 1/ 1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 28 لسنة 31 قضائية ضد الطاعنة وآخرين أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حيث أسندت مخالفات تأديبية وكان ما يخص الطاعنة أنها (1) أهملت في فحص تسعة صناديق تحتوي على أدوات سنترال أوتوماتيكي فور ورودها للموقع (2) سمحت بدخول هذه الصناديق مخازن المقاول الخاصة بالموقع بالمخالفة للائحة المخازن والمشتريات (3) وافقت على صرف قيمة محتويات هذه الصناديق بما يوازي 75% من إجمالي قيمة توريد وتركيب السنترال وذلك بالمستخلص رقم 56 في 30/ 4/ 1980 دون فحص محتواها وتأكدها من أنها مطابقة للمواصفات المطلوبة.
وبعد تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حكمت بجلسة 17/ 1/ 1990 بوقف الدعوى لحين الفصل في الشق الجنائي وقد أسست المحكمة قضائها على أن أوراق الموضوع محل الدعوى التأديبية قيدت لدى النيابة العامة تحت رقم 655 في 25/ 3/ 1987 أحوال عابدين، التي أحالته إلى نيابة الزيتون حيث قيد لديها تحت رقم 2082 لسنة 1988 إداري الزيتون، وقد أرسلت نيابة الزيتون الأوراق إلى الرئاسة (شرق القاهرة بمذكرة لإحالتها إلى نيابة شمال القاهرة الكلية للاختصاص ولم يثبت من الأوراق أن ثمة تصرف في الأوراق من جانب النيابة العامة، ولما كانت المخالفة المنسوبة إلى المحالين - ومنهم الطاعنة - هي بذاتها الوقائع التي تم إبلاغ النيابة العامة عنها من جانب شركة النيل العامة للكباري، وإذ خلت الأوراق مما يفيد صدور قرار من النيابة العامة بالتصرف ويتوقف الفصل في الدعوى التأديبية على نتيجة الفصل في الدعوى الجنائية فإنه يتعين القضاء بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في الشق الجنائي عملاً بنص المادة 39 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وتنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حيث إنها ليست طرفاً في البلاغ المقدم للنيابة العامة ولم يشملها أي تحقيق جنائي، وأن هيئة النقل العام بالقاهرة والتي تعمل بها أجرت تحقيقاً في الواقعة وانتهت إلى عدم مسئوليتها وأن الدعوى الجنائية لم تظهر للوجود حتى الآن فضلاً عن أن لكل دعوى مجالاً خاصاً به، وأن استمرار وقف الدعوى التأديبية يسبب لها أضراراً جسيمة حيث إنها ندبت لوظيفة من الدرجة العالية وامتنعت الهيئة عن ترشيحها لشغل تلك الوظيفة بسبب إحالتها للمحكمة التأديبية وطلبت إلغاء الحكم والقضاء بإعادة السير في الدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه يقصد بوقف الدعوى عدم سيرها لسبب أجنبي عن المركز القانوني لأطرافها وذلك حتى يزول هذا السبب أو تنقضي المهلة التي حددها قرار الوقف وأنواع الوقف ثلاثة وقف بقوة القانون، ووقف باتفاق الأطراف، ووقف بحكم المحكمة وهذا الوقف الأخير ينقسم إلى نوعين أولهما الوقف الجزائي التي تحكمه المادة 99 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وثانيهما وقف الخصومة للفصل في مسألة أولية وتحكمه المادة 129 من القانون المذكور وللمحكمة التي تحكم بالوقف في هذه الحالة الأخيرة سلطة في تقدير جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها، وتقدير لزوم الفصل في المسألة الأولية قبل الفصل في الدعوى ويرجع ذلك لتقدير المحكمة تحت رقابة المحكمة التي يطعن أمامها في الحكم بوقف الدعوى للفصل في مسألة أولية لازمه للفصل في الموضوع.
وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن على أن الأمر الذي تصدره المحكمة بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوعها يقطع بعدم صلاحية الدعوى للحكم في موضوعها بالحالة التي هي عليها فيؤثر بذلك في سيرها ويؤخر نظرها وهو بهذه المثابة حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به، ولما كان لا سبيل إلى إلزام المتضرر منه بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الإيقاف وحتى يحكم بعد ذلك في الموضوع، وليس من شأن الطعن فيه أن يمزق الخصومة أو يؤخر سيرها بل على العكس قد يؤدي في حالة نجاحه إلى تعجيل الفصل فيها، ولذا أجازت المادة 212 من قانون المرافعات الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى استثناء من قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة، ذلك أن الطعن في الأحكام التي تصدر بوقف الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا قبل الفصل في موضوع الدعوى جائز قانوناً.
ومن حيث إنه من المبادئ المستقرة استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية باعتبار أن المخالفة التأديبية هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية وهذا الاستقلال قائم حتى لو كان ثمة ارتباط بين الجريمتين، ومع ذلك أجاز نص المادة 39 من قانون مجلس الدولة للمحكمة التأديبية إذ رأت أن الواقعة الواردة بأمر الإحالة محل الدعوى التأديبية هي بذاتها تشكل جريمة جنائية ويتوقف الفصل فيها تأديبياً على الفصل في الدعوى الجنائية وجب عليها وقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية وعلى أن يقوم حكم المحكمة بالوقف على وحدة الواقعة محل الدعويين، وعلى تبيان الأسباب التي تجعلها ترى أن الفصل في الدعوى التأديبية يتوقف على الفصل في الدعوى الجنائية على نحو يمنع الفصل في الأولى قبل الفصل في الأخيرة، وأن حكمها بالوقف في مثل هذه الحالة يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة الطعن.
ومن حيث إنه وعلى فرض التسليم بأن الحكم بوقف الدعوى التأديبية المطعون عليه قد قام على الأسس السابقة التي توجب الوقف به، إلا أن الطاعنة في الطعن الماثل قد قدمت الدليل على أنها ليست طرفاً في المسألة الجنائية حيث قدمت شهادة رسمية من النيابة العامة للشرابيه تفيد أنه بالاطلاع تبين أن المحضر رقم 655 لسنة 87 ع عابدين مقيد برقم 4791 لسنة 1987 إداري عابدين ثم قيده برقم 2082 لسنة 1988 إداري الزيتون ثم أعيد قيده برقم 5004 لسنة 1989 إداري الشرابية والذي أعيد قيده برقم 445 لسنة 92 جنح الشرابية بتهمة إخلالها بعقد توريد ضد...... وآخرين ولم يتم التصرف في التحقيقات وبالنسبة للسيدة المهندسة/ ....... فليست لها علاقة بالتحقيقات.
ومن حيث إنه متى كان ذلك يكون الحكم بوقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية والتي ثبت أن الطاعنة ليست طرفاً فيها قد أخطأ في تطبيق القانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وإعادة السير في الدعوى التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة السير في الدعوى التأديبية.