الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 2005 لسنة 39 ق جلسة 7 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 81 ص 762

جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

-----------------

(81)

الطعن رقم 2005 لسنة 39 القضائية

مجلس الشعب - شروط الترشيح للعضوية - شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها.
القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب معدلاً بالقانون رقم 201 لسنة 1990 - المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن مباشرة الحقوق السياسية.
لا يسوغ القول بأن من يتخلف عن أداء الخدمة العسكرية يحرم بصفة دائمة من مباشرة حقوقه السياسية - الجرائم التي أوردها المشرع كأسباب لافتقاد المرشح شرطاً من شروط الترشيح هي جرائم أشد خطورة من التخلف عن أداء الخدمة العسكرية ومع ذلك لا يؤدي ارتكابها إلى الحرمان المؤبد من الترشيح بل يحرم بصفة مؤقتة ويعود إليه الحق في الترشيح بعد انقضاء فترة زمنية محددة أو إذا رد إليه اعتباره - التخلف عن أداء الخدمة العسكرية جنحة لا يجوز أن تضع مرتكبها في مركز أسوأ ممن ارتكب جرائم أشد جسامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 3/ 1993 أودع الأستاذ السيد/ محمد إبراهيم العزازي المحامي وبصفته وكيلاً عن الطاعن، تقرير طعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيد برقم 2005 لسنة 39 ق. عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة أسيوط في الدعوى رقم 812 لسنة 4 ق بجلسة 20/ 3/ 1993. والقاضي بقبول طلب أمين محمد عيسى وبقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان وبإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وبجلسة 28/ 3/ 1993، نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث أصدرت قرارها بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وقررت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة لنظره.
وقدم السيد/ صبري أحمد محمود عبد العال بتاريخ 29/ 3/ 1990. طلب لتحديد جلسة عاجلة لنظر الشق العاجل من الطعن أمام دائرة الموضوع، واحتياطياً الأمر بإرجاء ووقف تنفيذ قرار دائرة فحص الطعون بجلسة 28/ 3/ 1993 القاضي بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، واعتبار الطلب إشكالاً في التنفيذ وقد تحدد لنظر الطعن بدائرة الموضوع جلسة عاجلة الساعة م 29/ 3/ 1993 بمراعاة أن موعد الانتخابات محل الترشيح المطعون فيه قد تحدد له 30/ 3/ 1993.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحضر جلستها بتاريخ 29/ 3/ 1993 حيث قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتلخص حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده صبري أحمد محمود عبد العال قد أقام الدعوى رقم 812 لسنة 4 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 13/ 3/ 1993، وطلب في ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً ثانياً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من لجنة طعون قنا بتاريخ 7/ 3/ 1993. فيما تضمنه من رفع اسمه من كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب، عن دائرة "مركز أبو تشت - قنا" بصفته فلاح، والمحدد لها المرشحين لخوض هذه الانتخابات، مع إلزام جهة الإدارة تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
ثالثاً: في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بكافة مشتملاته مع ما يترتب على ذلك من أثار. مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه، أنه تقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب عن دائرة مركز أبو تشت، بصفته فلاحاً حيث خلت الدائرة بوفاة النائب عبد العزيز عبد الرحيم، والمحدد لإجرائها يوم 30/ 3/ 1993 وقد قبلت أوراقه، وقد قام منافسه "أمين محمد عيسى" المرشح بذات الدائرة تقدم ضده طالباً استبعاده من الترشيح استناداً لعدم أدائه الخدمة العسكرية والتهرب منها.
وقد أصدرت لجنة فحص الطعون والاعتراضات، بتاريخ 7/ 3/ 1993 قرارها برفع اسمه من كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب عن تلك الدائرة. بمقولة أنه قيدت ضده الجنحة العسكرية رقم 509 لسنة 1983 بشأن تخلفه عن التجنيد وقضى فيها بالغرامة كما أنه لم يقدم شهادة تجنيده أو إعفائه من التجنيد ضمن أوراق ترشيحه وفق أحكام القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب. وقانون مباشرة الحقوق السياسية ونعى المدعي على هذا القرار مخالفة القانون لأن نص المادة (5/ 5) من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه أوضحت إعفاء من مبلغ عمره خمسة وثلاثون عاماً من تقديم شهادة الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها.
كما أن القانون رقم (73) لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية نص في المادة 2/ 4 منه أحوال حرمان المرشح من الترشيح ولم يتضمن نصاً بحرمان من لم يقدم شهادة أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها من الترشيح.
وبجلسة 20/ 3/ 1993 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين على أسباب محصلها أن نص المادة (5/ 5) من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 تشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها. كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أن يعفى المرشح الذي تجاوز عمرة الخامسة والثلاثين (35 عاماً) من تقديم شهادة الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها. وأن مفاد هذين النصين أنه ليس مطلقاً بل جاء مقيداً بالمادة السادسة فيما يتعلق بالمرشحين حيث نص على إعفاء من بلغ الخامسة والثلاثين أو تجاوزها من شرط تقديم ما يفيد أداء الخدمة الوطنية أو الإعفاء منها.. ومن ثم فإذا كان أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها مطلوب تحققه فيمن تجاوز الخامسة والثلاثين، فإن نص المادة السادسة يكون على هذا النحو قد ورد لغو أو تزيداً وهو الأمر الذي يقطع بأن شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء من أدائها لا يتطلبه المشرع إلا بالنسبة لمن لم يتجاوز الخامسة والثلاثين. وهو الأمر المفتقد في المدعي لما ثبت تخلفه من أداء الخدمة العسكرية.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على سند من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تفسيره وتطبيقه للأسباب الآتية:-
أولاً: إن المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 قد حددت الشروط التي تطلبها المشرع للترشيح ومن ثم فإن عدم استيفاء أي منها يمثل تخلفاً لأحد الشروط الجوهرية المتطلبة في المرشح ومن ثم يتعين عدم قبول ترشيحه لعدم استيفائه شروط الترشيح.
وشرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها هو شرط جوهري وأساسي يلزم توافره، وإذا افتقده المدعي بثبوت تخلفه عن أداء الخدمة العسكرية ومحاكمته والحكم عليه بغرامة مالية يؤكد هذا الشرط. ثانياً: أن المشرع لو كان يقصد إعفاء من تجاوز الخامسة والثلاثين من شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها كما ورد بالحكم المطعون فيه لنص على ذلك صراحة، ومن ثم يكون من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية يعتبر مفتقداً لأحد الشروط الجوهرية المتطلبة قانوناً لقبول ترشيحه لعضوية مجلس الشعب، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد جاء مخالفاً لصحيح حكم القانون حرياً بإلغائه والحكم للطاعن بطلباته.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن، ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها في الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون، وزناً مناطه مبدأ المشروعية. إذ يتعين على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق - ودون مساس بأصل الحق، إن طلب وقف التنفيذ قد توافر فيه ركنين:
أولهما: ركن الجدية، ويتمثل في قيام الطعن في القرار بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب جدية من حيث الواقع أو القانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع.
ثانياً: ركن الاستعجال
بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في هذا الطعن تتحدد فيما إذا كان مما اشترطته (الفقرة الخامسة من المادة الخامسة) من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب والتي تشترط أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى منها وفقاً للقانون المنظم لذلك.
وأن ما نص عليه في المادة (6 و4) من ذات القانون، من إعفاء المرشح الذي جاوز الخامسة والثلاثين من تقديم ما يثبت أدائه الخدمة العسكرية أو إعفائه منها، لا يعفى من شرط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها للمرشح. كما لا يحول بينه ذوي الشأن وحقهم في إثبات عدم توافر هذا الشرط في المرشح أم لا.
ومن حيث إن المادة (63) من الدستور تنص على أن للمواطنين حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني.
كما تنص المادة (64) على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة بينما تنص المادة (68) على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.
كما تنص المادة (87) على أن (يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تنقسم إليها الدولة. وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر كما تنص المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1956 (معدلاً بالقانون رقم 23 لسنة 1972). على أنه
يحرم من مباشرة الحقوق السياسية:
1 - المحكوم عليه في جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.
2 - ..........
3 - ..........
4 - المحكوم عليه بعقوبة الحبس في سرقة إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو إعطاء شيك لا يقابله رصيد أو خيانة أمانة. أو غدر. أو رشوة أو تقالس بالتدليس أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو إغراء شهود أو هتك عرض أو إفساد أخلاق الشباب أو انتهاك حرمة الآداب أو تشرد أو في جريمة ارتكبت للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية - كذلك المحكوم عليه لشروع منصوص عليه لإحدى الجرائم المذكورة. وذلك ما لم يكن موقوفاً تنفيذه أو كان المحكوم عليه رد إليه اعتباره.
5 - ........
6 - من سبق فصله من العاملين في الدولة أو القطاع العام لأسباب مخلة بالشرف ما لم تنقضي خمس سنوات من تاريخ الفصل....
7 - من عزل الوصاية أو القوامة..... ما لم تمضي خمس سنوات من تاريخ الحكم نهائياً بالعزل أو سلب الولاية.
كما تنص المادة الخامسة من القانون رقم (38) لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقرار بقانون رقم 201 لسنة 1990 على أن: مع عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب الآتي:
1 - أن يكون مصري الجنسية من أب مصري.
2 - ...........
3 - ...........
4 - ..........
5 - إن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، أو أعفى من أدائها طبقاً للقانون.
6 - .........
كما تنص المادة السادسة الفقرة الرابعة من القانون المشار على أنه يعفى المرشح الذي تجاوز عمره الخامسة والثلاثين (35 عاماً) من تقديم شهادة الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها.
كما تنص المادة (49) من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية على أنه مع عدم الإخلال بحكم المادة (36) يعاقب كل متخلف عن مرحلة الفحص أو التجنيد جاوز سنه الثلاثين أو الحادي والثلاثين حسب الأحوال بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه. ولا تزيد عن ألف جنيه. أو بإحدى هاتين العقوبتين وتنص المادة (50) من ذات القانون على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات كل فرد يلزم بأداء الخدمة العسكرية تخلص أو حاول التخلص من الخدمة بطريق الغش.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم هو أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فانه من الحقوق الطبيعية لكل مواطن مصري مباشرة حقوقه السياسية في الترشيح والانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء والقاعدة الدستورية والسياسية العامة في دساتير العالم المتحضر ونظمه القانونية وهي كذلك في الدستور والقانون المصري أن من لا يحمل السلاح دفاعاً عن الوطن بدون مبرر قانوني لا يحق له أن يكون ممثلاً للشعب سواء في مجلس الشعب والشورى أو في المجالس المحلية حيث يمارس نيابة عن الشعب مسئولية التشريع و الرقابة على أداء السلطة التنفيذية فالحقوق السياسية إنما تتقرر للصالحين للخدمة العسكرية أو المعفيين من أدائها طبقاً للقانون لذلك ترتبط ممارسة هذا الحق بوجود المواطن في موقف قانوني سليم مؤدياً الخدمة العسكرية أو معفياً من أدائها وبناء على الحق الطبيعي لكل مواطن في مباشرة الحقوق السياسية وبما أنه لكل مواطن أيا ما كان لا يجوز دستورياً تقرير حرمانه حرماناً مؤبداً من ممارسة حقه الدستوري في الترشيح والانتخاب أو إبداء الرأي في الاستفتاء وهو الأمر الذي اقتضى من المشرع التأكيد على ذلك بالنص عليه في المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية المشار إليها عندما حدد - وعلى سبيل الحصر - الجرائم التي تجعل المتقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب محروماً من مباشرة الحقوق السياسية ومفتقداً لأحد شروط الصلاحية ومع خطورة وكثرة هذه الجرائم ومساس بعضها بالشرف أو الكرامة أو النزاهة، بل تعدى بعضها إلى من ارتكب جرائم وجنايات التزوير أو السرقة أو الاحتيال أو الإخلال بأمانة الأداء في الوظيفة العامة أو ذلك الذي ارتكب الجرائم التي يترتب عليها عدم أدائه للخدمة العسكرية وتمت محاكمته وصدر ضده أي من الأحكام المقيدة للحرية... إلخ فقد عمد المشرع صراحة إلى أن حدد لها حدوداً زمنية معينة للحرمان حتى لا يكون مؤبداً فجعل حدها الأقصى خمس سنوات أو إجراء معيناً في بعضها بأن يكون الحكم المقضي به قد أوقف تنفيذه أو يكون المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره.
ومن حيث إن الثابت من سياق المادة السابعة أن أياً من الجرائم التي أوردها المشرع كأسباب لافتقاد المرشح لأحد شروط الترشيح أشد خطورة وأكثر أثراً من التخلف عن أداء الخدمة العسكرية. ولم يجعل أياً منها سبباً لحرمان مرتكب أي منها حرماناً مؤبداً تأكيداً لضرورة تمتع كل مواطن بحقوقه المكفولة في الدستور والقانون بممارسة حقه في الترشيح والانتخاب.
ومن حيث إن البين في الأوراق أن المطعون ضده قد تخلف عن التجنيد وحكم عليه بعقوبة الغرامة في الجنحة رقم 509 لسنة 1983 وهي من العقوبات المالية التي لا يرد فيها للمحكوم عليه اعتباره فمن ثم ولئن كان من الثابت تخلف المطعون ضده عن أداء الخدمة العسكرية ولم يعفى من أدائها طبقاً للقانون مما قد يتصور معه أنه قد تخلف في حقه أحد الشروط المتطلبة في المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه فإن من يرتكب جناية التخلص من الخدمة العسكرية وفقاً للمادة (50) من القانون رقم 127 لسنة 1980 المشار إليه لا يحرم من مباشرة حقوقه السياسية إذا أوقف تنفيذ العقوبة أورد إليه اعتباره وفقاً لصريح نص الفقرة (2) من المادة (4) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته. ومن ثم لا يكون محروماً من مباشرة حقوقه السياسية ويضحى والحال هذه صالحاً للترشيح لعضوية مجلس الشعب ومتى كان ذلك بالنسبة لمقترن جناية "التخلص من تأدية الخدمة العسكرية المشار إليها في المادة 2 فقرة 4 من القانون رقم 73 لسنة 1956 فإنه لا يسوغ ومنهم أحكام الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية والخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1981 في ضوء الحق الطبيعي لكل مواطن مصري في مباشرة حقوقه السياسية وعدم حرمانه منها بصفة دائمة لا يسوغ التسليم بأن من يتخلف عن أداء الخدمة العسكرية وهي جنحة وهو ممن لا يرد إليهم الاعتبار في الحالة الماثلة لأن العقوبة الموقعة عليه ليست عقوبة مقيدة بالحرية، وإنما هي عقوبة مالية بالغرامة فقط بأنه يحرم بصفه دائمة من مباشرة حقوقه السياسية. وبالتالي يكون في مركزاً أسوأ ممن ارتكب جرائم أشد عقوبة ومساساً بالشرف والنزاهة فيه وفيمن ارتكب بطريق الغش جناية التنصل من أداء الخدمة العسكرية، التي هي أوجبت نتيجة برفضها المنطق وصحيح التفسير القانوني السليم لنصوص الدستور والقانون وتؤدي إلى نتيجة غريبة وشاذة وهي حرمانه من ارتكاب أشد الجرائم خطورة وفساداً من حق الترشيح بصفة مؤقتة يعود إليه هذا الحق بعد انقضاء فترة زمنية محددة أو إذا رد إليه اعتباره بينما من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية وهي جنحة أقل خطورة وعقوبة ولا تتم بطريق الغش أو المسلك العمدي للتهرب من شرف أداء الخدمة العسكرية دفاعاً عن وطنه بحرمانه مؤيداً طوال حياته من ممارسة حقوقه السياسية في الترشيح أو الانتخاب بالمخالفة للأصل الدستوري العام والذي يفرض حق إلا بنص صريح في قانون ولمده مؤقتة وهو الأمر الذي لا مناص معه من التقرير أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في منطوقة قد جاء سليماً ومطابقاً لأحكام الدستور والقانون وفقاً لما سلف بيانه من أسباب كما يكون والحال كذلك هذا الطعن على غير سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الانتخابات موضوع الطعن من المقرر إجراؤها في يوم الثلاثاء 30/ 3/ 1993 وهو اليوم التالي لصدور هذا الحكم.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاتها وفقاً للمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 1363 لسنة 35 ق جلسة 7 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 80 ص 756

جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

----------------

(80)

الطعن رقم 1363 لسنة 35 القضائية

تحسين - مقابل التحسين - الطعن على قرارات تقدير مقابل التحسين.
قرارات تقدير مقابل التحسين لا تكون نهائية إلا بعد الطعن عليها أمام لجنة الطعون المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين.
الطعن على قرارات التقدير مباشرة أمام محكمة القضاء الإداري يقتضى الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم الطعن أمام لجنة الطعون المشار إليها - الحكم بعدم الاختصاص مخالف للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 25 من مارس سنة 1989 أودع الأستاذ/ عبد الحليم حسن رمضان المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26/ 1/ 1989 في الدعوى رقم 1397 لسنة 42 والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى لجنة نظر الطعون في قرارات تقدير مقابل التحسين بمحكمة شمال القاهرة.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به وإلغاء القرار الصادر في 22/ 10/ 1987 من تقرير مقابل مبلغ 16001.75 قرش جنيه والأخذ بما جاء في القرار الأول النهائي المعتمد من المجلس المحلي في 14/ 2/ 1985 بتقدير مقابل التحسين بمبلغ جنيه عن كل متر من مساحة العقار رقم (7) شارع الحريري وإلزام المطعون ضده المصروفات.
أودع السيد الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي للأسباب الواردة بالتقرير وبإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد حددت جلسة 1/ 10/ 1990 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي تداولت نظره على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/ 2/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت لنظره أمامها جلسة 8/ 3/ 1992 وتدوول نظره إلى أن تقرر بجلسة 6/ 12/ 1992 النطق بالحكم فيه بجلسة 24/ 1/ 1993 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع، وخلال الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع محافظ القاهرة طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات وذلك كله على النحو الموضح بالمذكرة المشار إليها، وبجلسة 24/ 1/ 1993 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 7/ 3/ 1993، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1397 لسنة 42 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 16/ 12/ 1987 طلب في ختامها الحكم بصفه مستعجلة بوقف تنفيذ لجنة تقدير مقابل التحسين المعتمد في 23/ 10/ 1987، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والأخذ بالتقدير المقرر بالقرار الصادر في 14/ 2/ 1985.
وقال شارحاً دعواه أن ورثة المرحوم فيكتور موصيري اشترى مساحة قدرها 2.800 م2 ضمن مساحة قدرها 9208.69 م2 بموجب عقد بيع عرفي صدر بشأنه حكم بصحته ونفاذه وتم تسجيله، وأستصدر حكماً بفرز وتجنب المساحة المباعة، وبلغ صافي تلك المساحة 650.80 م2، وبتاريخ 28/ 2/ 1985 أخطرته لجنة تقدير مقابل التحسين بأن مقابل التحسين المستحق عليه هو مبلغ 1066.750 قرش جنيه على أساس أن قيمة المتر الواحد أربعة جنيهات وقيمته بعد التحسين ستة جنيهات وفي 7/ 11/ 1987 أخطرته اللجنة بأنها قررت فرض مقابل التحسين بمبلغ 16001.250 قرش جنيه على العقار رقم 7، 7 أ شارع الحريري ونعى المدعي على القرار الأخير صدوره مخالفاً للقانون إذ لم يصدر من الجهة المختصة بإصداره والتي حددتها المادة (6) من القانون رقم 222 لسنة 1955، كما أنه ما كان يجوز للجنة المشار إليها أن تعدل عن قرارها الصادر في 14/ 2/ 1985 لأنه صدر صحيحاً ومن ثم لا يجوز سحبه، خاصة وأنه لم تقم إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة (12) من القانون رقم 222 لسنة 1955 التي تخول إعادة تقدير مقابل التحسين، فضلاً عن أن القرار المطعون فيه أدخل في تقدير التحسين عقاراً لا شأن للمدعي به.
وبجلسة 26/ 1/ 1989 حكمت المحكمة بعدم الاختصاص بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى لجنة نظر الطعون في قرارات تقدير مقابل التحسين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطعن في قرارات تقدير مقابل التحسين لا يكون إلا للجنة المنصوص عليها في المادة (8) من القانون وهي هيئة ذات اختصاص قضائي حسبما ذهبت إلى ذلك المحكمة الدستورية العليا ومن ثم فإن هذه الدعوى تخرج من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون لأن القرار الصادر من لجنة مقابل التحسين بجلسة 15/ 10/ 1948 والمعتمد في 14/ 2/ 1985 هو قرار نهائي بعد فوات مواعيد الطعن فيه، ومن ثم فإن اللجنة إذا عادت وأصدرت قراراً آخر بجلستها المنعقدة في 22/ 10/ 1987 وقدرت مقابل تحسين أكبر بكثير مما تم تقديره فإن قرارها يكون غير صحيح قانوناً ويندرج ضمن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي ويدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون غير صحيح.
ومن حيث إن المادة (172) من الدستور قد نصت على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
ومن حيث إنه قد نص القانون رقم (47) لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة في المادة (10) منه على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في البنود الأربع عشر المحددة في هذه المادة وأنها في البند (سادساً) الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة وفي البند (ثامناً) الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل وذلك متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها.... إلخ.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كان اختصاص محاكم مجلس الدولة عاماً وشاملاً لجميع منازعات الضرائب إلا أن ذلك موقوف الأثر فيما يتعلق بمنازعات الضرائب التي نظم المشرع في قوانينها الإجراءات والقواعد الخاصة بالتظلم منها والطعن عليها قضائياً أمام المحاكم أو أمام جهات إدارية ذات اختصاص قضائي لحين صدور قانون الإجراءات الخاصة بمجلس الدولة ومثل ذلك المنازعات المتعلقة بضرائب الدخل بينما تتولى محاكم مجلس الدولة الفصل في جميع منازعات الضرائب الأخرى طبقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة بصفة أساسيه وبمراعاة ما يكون قد نص عليه القانون الخاص بالضريبة من إجراءات تتعلق بالتظلم من القرارات الخاصة بهذه الضرائب دون الطعن القضائي عليها.
ومن حيث إنه بناء على هذا المعيار الذي يحدده ولاية محاكم مجلس الدولة بمنازعات الضرائب فإنه إذا تضمن قانون ضريبة معين تنظيماً للتظلم أو الطعن أمام جهة إدارية ذات اختصاص قضائي فإن محاكم مجلس الدولة لا تنظر في المنازعات الضرائبية إلا بعد إتباع الطاعن الإجراءات الخاصة بالتظلم أو الطعن أمام الجهة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي التي حددها القانون وذلك حتى يصبح القرار نهائياً وفقاً لصريح عبارة البند (ثامناً) من المادة (10) من القانون رقم (47) لسنة 1972 سالف الذكر.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن أقامة الدعوى بالطعن على قرار من تلك القرارات مباشرة أمام محاكم مجلس الدولة يكون مرفوع قبل الأوان ويتعين للقضاء بعدم قبولها شكلاً وليس بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظرها يؤكد ذلك تماثل هذه الحالة مع ما ورد في البند (ب) من المادة (12) من قانون تنظيم مجلس الدولة سالف الذكر حيث نص على عدم قبول الطلبات التي تقوم رأساً محاكم مجلس الدولة بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المحددة في البند المذكور قبل ما أوجبت من تظلم فيه.
ومن حيث إن القانون رقم (222) لسنة 1955 بشأن فرض مقابل تحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة ينص في المادة السادسة على أن "تقدر قيمة العقار الداخل في حدود منطقة التحسين قبل التحسين وبعده لجنة......." وتنص المادة السابقة على أن "لذوي الشأن الطعن في قرارات اللجان خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانهم بها، ويؤدي الطاعن رسماً قدره 1% من القدر المتنازع عليه من مقابل التحسين" وتنص المادة الثامنة من القانون المشار إليه على أن: "تفصل في الطعون لجنة تؤلف في كل محافظة من 1 - رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار أو وكيلها رئيساً.... وتفصل هذه اللجنة في الطعون في ميعاد لا يجاوز شهراً من تاريخ ورودها إليها وتكون قراراتها نهائية" وتنص المادة التاسعة على أن:
"يعلن الطاعن بموعد الجلسة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل وله أن يحضر بنفسه أو يستعين بمحام على أن يتقدم بدفاعه مكتوباً وللجنة أن تطلب إلى ذوي الشأن ما تراه لازماً من إيضاحات ويصدر القرار مسبباً".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قرارات مقابل التحسين لا تكون نهائيه إلا بعد الطعن عليها أمام لجنة الطعون المختصة وهي اللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه، بعد أن أناط بها المشرع اختصاص الفصل في الطعون المشار إليها, وجرى تشكيلها على النحو الذي يتضمن عنصراً قضائياً مع تقرير ضمانات التقاضي وإجراءاته حسبما هو مستفاد من المواد 7, 8, 9 من القانون المشار إليها، وهي على ذلك النحو تكون هيئة ذات اختصاص قضائي وينعقد لها الاختصاص بنظر الطعون التي تقام ضد قرارات تقدير مقابل التحسين، وتصدر بشأنها قرارات نهائية حسبما ذهبت إلى ذلك المحكمة الدستورية بجلسة 4/ 6/ 88 في الدعوى رقم (12) لسنة 8 ق دستورية - وترتيباً على ذلك فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم اختصاص يكون غير سديد ويتعين إلغاءه إعمالاً لصحيح حكم القانون حيث كان يتعين على محكمة أول درجة القضاء بعدم قبول الدعوى لعدم الطعن أمام لجنة الطعون قبل تقديمها للمحكمة وقبل الحصول من اللجنة على قرار نهائي بشأن الطعن المذكور ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى لعدم سابقة الطعن أمام لجنة الطعون وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 799 لسنة 35 ق جلسة 7 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 79 ص 742

جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

---------------------

(79)

الطعن رقم 799 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى - الحكم في الدعوى - أسباب الحكم.
المواد 3, 176, 178 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
تلتزم المحكمة التي تصدر الحكم بأن تضمن أسبابها على نحو سليم الأسس والواقعية والقانونية التي تستند إليها فيما انتهت إليه في منطوق حكمها بحيث يكفي عقلاً ومنطقاً ما أوردته من أسباب لإيضاح سندها الواقعي والقانوني فيما قضت به - تطبيق.
(ب) قرار إداري - سحبه - ميعاد السحب - تحصن القرار الإداري.
لا يجوز لجهة الإدارة سحب القرار المخالف للقانون الذي أصدرته في حدود متى ترتب على هذا القرار مركز قانوني للغير وذلك إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه قضاء أمام محاكم مجلس الدولة بالإلغاء - يشترط لذلك أن يثبت أن القرار لم يصدر بناء على غش أو تدليس أو أن القرار لم يكن قد شابته مخالفة جسيمة لأحكام الدستور أو القانون تهوى به إلى حد الانعدام وتحتم إعلاء للشرعية وسيادة القانون عدم تحصينها أي مركز قانوني بناء عليه - تطبيق.
(جـ) جامعات - الانتساب إلى الكليات النظرية - شروطه.
المادة 19 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، المادتين 6, 88 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.
يشترط في طالب الانتساب أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك في السنة التي ينتسب منها إلى إحدى الكليات النظرية - يجوز لمن حصل على درجة البكالوريوس أو الليسانس أو غيرها من المؤهلات العالية الانتساب إلى الكليات المذكورة - للمجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأي مجالس الجامعات ومجالس الكليات المختصة تحديد الأعداد التي يتم قبولها بكل كلية - الشرط الجوهري اللازم توافره فيمن يتقدم طالباً الانتساب إلى إحدى الكليات النظرية هو ضرورية أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها أو أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية - نتيجة ذلك: إذا تبين أن طالب الانتساب كان فاقداً لشرط المؤهل أساساً امتنع قبوله قانوناً وإذا تبين أن قراراً صدر بقبول مثل هذا الطالب كان القرار معدوماً ولا ينتج أي أثر قانوني لمخالفته الجسيمة للقانون - تقدير ما إذا كانت شهادة ما تعتبر مؤهلاً عالياً من عدمه هو أمر يدخل وفقاً لقانون الجامعات ولائحته التنفيذية في اختصاص المجلس الأعلى للجامعات وحده ولا يملك القضاء الإداري الحلول محله وغصب اختصاصه كما لا يملك استئناف النظر بالموازنة أو الترجيح فيما قررته القرارات الصادرة من المجلس المشار إليه في هذا الصدد طالما أنها صدرت وفقاً للإجراءات والأوضاع المرسومة لها قانوناً - شهادة أجازة الدراسات البريدية العالية "لا تعتبر مؤهلاً عالياً يجوز الانتساب بمقتضاه إلى الكليات التي حددتها المادة (88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 10 من فبراير 1989 أودع الأستاذ/ محمد صبري الخلوصي المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس جامعة الزقازيق قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 4/ 1/ 1989 في الدعوى رقم 1450 لسنة 10 ق المقامة من المطعون ضدهم. والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليه الأول بالمصروفات. وطلب الطاعن - في ختام تقرير الطعن - وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودع السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأى فيه للأسباب التي أوردها بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد تحددت جلسة 15/ 5/ 1989 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي تداولت نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 7/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي عينت جلسة 4/ 10/ 1992 لنظره أمامها، وقدم الحاضر عن المطعون ضدهم مذكرة أوضح فيها أن قرار قبول وقيد المطعون ضدهم صدر في شهر سبتمبر 1987 واكتسب حصانه تعصمه من السحب أو الإلغاء، ومن ناحية أخرى فإنه لا صحة لما ذهبت إليه الجامعة من أن مؤهل المطعون ضدهم ليس مؤهلاً عالياً بمقولة أنه غير مسبوق بالثانوية العامة ذلك لأنهم حاصلين على مؤهل متوسط يعادل الثانوية العامة. خاصة وأنه تم قبولهم وقيدهم بالكلية فعلاً وتدرجوا في سنوات الدراسة وحصل بعضهم على الليسانس، وبعد أن تداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات قررت بجلسة 22/ 11/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 3/ 1/ 1993 مع مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وخلال الميعاد قدمت جامعة الزقازيق مذكرة أوضحت فيها أنها قبلت قيد كل من هو حاصل على مؤهل المطعون ضدهم وفي ذات الوقت حصلوا على مؤهل الثانوية العامة وليس أحد الدبلومات الفنية كالمطعون ضدهم وذلك إعمالاً لنص المواد 74, 75, 88 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، وأضافت الجامعة أن قرار قبول انتساب المطعون ضدهم بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق لم يكتسب حصانة لأنه مشوب بعيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام، ذلك أنهم حاصلين على إجازة الدراسات البريدية من المعهد العالي العربي للبريد وهي شهادة لا تعادل أي شهادة جامعية.
وقدم المطعون ضدهم - خلال الأجل - مذكرة طويت على صور ضوئية من كشوف نتيجة الدور الثاني بالفرقة الرابعة انتساب بكلية الحقوق تفيد نجاح عطا حسين عطا ومحمد فوزي فتحي عبد المقصود بتقدير عام مقبول وهما من بين المطعون ضدهم. وبجلسة 3/ 1/ 1993 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 7/ 3/ 1993 لإتمام المداولة. وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة. وإتمام المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1450 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة وطلبوا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأحقيتهم في دخول الامتحان الدور الأول وما يترتب على ذلك من أثار وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وأحقيتهم في استمرار انتسابهم بالكلية. واحتياطياً الحكم بتعويضهم عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم.
وقالوا شرحاً لدعواهم إن كلية الحقوق بجامعة الزقازيق أعلنت عن قبول طلبات الانتساب العام الدراسي 87/ 1988، وقدم المدعون طلباتهم مرفقاً بها الشهادات الدراسية التي حصلوا عليها، وتم قيدهم مفتشين بالفرقة الأولى بالكلية وحصلوا على البطاقات الدالة على ذلك بعد سداد الرسوم المقررة.
وأضاف المدعون أنهم فوجئوا في أول أيام الامتحان - 7/ 5/ 1988 - بمنعهم من دخول الامتحان بزعم عدم استيفائهم لاشتراطات القبول من حيث المؤهل في الوقت الذي سمحت فيه الكلية لزملائهم حصلوا على ذات مؤهلهم بدخول الامتحان، ولما تظلموا من ذلك أفادهم عميد الكلية أن المجلس الأعلى للجامعات لم يعتمد المؤهل الذي حصلوا عليه. ونعى المدعون على قرار منعهم من دخول الامتحان صدوره مشوباً بعيب مخالفة القانون، لأن قبولهم كطلاب مفتشين أنشأ لهم مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به لأنه نشأ لهم صحيحاً ووفقاً لأحكام اللائحة المنظمة لذلك ومضى عليه أكثر من ستين يوماً.
وبجلسة 4/ 1/ 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 88 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات نصت على أنه يتعين لقبول الطالب منتسباً أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس أو درجة البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية، وأضافت المحكمة أن قضاء مجلس الدولة استقر على أن المؤهل يعتبر عالياً إذا كان الحصول عليه يتم بعد دراسة أربع سنوات بعد الحصول على المؤهل المتوسط، ولما كان المؤهل الذي حصل المدعون عليه هو إجازة الدراسات البريدية العالية يمنح بعد دراسة قدرها أربع سنوات مسبوقة بالحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها من مؤهلات كدبلوم المدارس الثانوية التجارية، أو الصناعية, أو الزراعية فمن ثم فلا مانع حسبما ذكرت محكمة أول درجة في حكمها المطعون فيه من اعتبار هذا المؤهل مؤهلاً عالياً ولا يحول دون اعتباره كذلك أنه لا يعادل بكالوريوس التجارة شعبة البريد لأن معادلة مؤهل لمؤهل آخر شيء واعتباره في حد ذاته مؤهلاً عالياً شيء أخر. وخلصت المحكمة إلى أن مؤهل المدعين يعتبر "مؤهلاً عالياً" ويجوز لهم الانتساب إلى كلية الحقوق.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك لأن القرار المطعون فيه جاء بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للجامعات فيما إذا كان المؤهل الذي حصل عليه المطعون ضدهم وهو إجازة الدراسات البريدية العالية "يعادل" "بكالوريوس التجارة شعبة بريد" من عدمه وأفاد المجلس الأعلى بعدم المعادلة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه حين اعتبر مؤهل المطعون ضدهم مؤهلاً عالياً يكون قد صدر مخالفاً لحكم القانون. ومن ناحية أخرى فقد شاب الحكم المطعون فيه قصور في التسبيب، إذ لم يبين الأسانيد التي استند عليها في اعتبار مؤهل المدعين مؤهلاً عالياً خاصة وإن ثمة كتاباً من المعهد العربي للبريد. الذي حصل المدعون على إجازته - يوضح عدم الاعتراف بالإجازة التي يمنحها المعهد كمؤهل عالٍ في مصر.
من حيث إن المادة (49) من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تقتضي بأن "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ يتعذر تداركها.. إلخ".
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن طلب وقف تنفيذ القرار الإداري يتعين أن يقدم مع طلب إلغائه وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ولاية إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون بصفة عامة تتولاها محاكم مجلس الدولة كل في حدود اختصاصها وولايتها باعتبارها رقابة مشروعية تحاكم بها تلك المحاكم القرار الإداري المطعون فيه وتزنه بميزان القانون لتقضي إما بإلغائه إعلاء لسيادة الدستور والقانون وتحقيقاً للشرعية أو برفض هذا الإلغاء إذا كان القرار قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ومبرءاً من العيوب وهذه الرقابة للمشروعية رقابة لاحقة لتصرفات الإدارة وقراراتها وليس مباشرة لإدارة المرافق العامة التي تتحمل الإدارة العاملة وحدها المسئولين عنها دستورياً وقانونياً وإدارياً وتحت مسئولية السلطات الرئاسية المختصة السياسية والتأديبية والجنائية والمدنية بمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري تجد ولايته ومسئوليته حدها الطبيعي والدستوري والقانوني في رقابة المشروعية تحقيقاً لسيادة القانون والمشروعية في تصرفات الإدارة وقراراتها ولا تتعدى ذلك إلى الحلول محل السلطة الإدارية المختصة في مباشرة اختصاصها وعملها التنفيذي والمنازعة المتعلقة بوقف التنفيذ منازعة مستعجلة هدفها تدارك ما قد يكون للقرار المطعون عليه بالإلغاء من آثار لو تحققت بناء عليه فعلاً في الواقع لتعذر تداركها، ويتعين للحكم بوقف التنفيذ أن يتوافر شرط الجدية في الطلب بحيث يكون القرار المطلوب وقف تنفيذه بحسب ظاهر أوراق الدعوى غير مشروع وواضح المخالفة للدستور أو القانون وظاهر رجحان القضاء بإلغائه عند نظر طلب الإلغاء وتحقيق وقف التنفيذ إعلاء المشروعية وسيادة القانون على مقتضيات طبيعية القرار الإداري تحتم نفاذه وتحقيق آثاره بحسب القواعد العامة بمجرد صدوره بالإدارة المنفردة للسلطة الإدارية المختصة، كما يتعين لذلك أن يثبت بحسب ظاهر الأوراق أن محل القرار الإداري إذا ما تم تنفيذه فعلاً يرتب آثاراً يكون من المتعذر تداركها وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل هذا التنفيذ لتلك الآثار في حالة ما إذا قضت إحدى محاكم مجلس الدولة بإلغائه لعدم مشروعيته ومخالفته للقانون بعد هذا التنفيذ للقرار غير المشروع وتقوم محاكم مجلس الدولة المختصة بمباشرة ولايتها في وقف تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية التي تطعن فيها أمامها في حدود اختصاصها تحت رقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه طبقاً لصريح نص المادة (3) من قانون تنظيم مجلس الدولة سالفة الذكر فإن على محاكم مجلس الدولة أن تطبق الإجراءات الواردة في نصوصه وأن تلتزم بأحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وفيما لا يتعارض مع طبيعة المنازعات الإدارية وذلك حتى يصدر القانون الخاص بالقسم القضائي. ولما كانت المادة (176) من القانون المذكور تحتم أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي ثبتت عليها وإلا كانت باطلة - كما أوجبت المادة (178) من بين ما أوجبت أن تكون أسباب الحكم غير مشوبة بالقصور في عرض الواقع أو حكم القانون وإلا وقع الحكم باطلاً، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ضرورة أن تلتزم المحكمة التي تصدر الحكم بأن تضمن أسبابها على نحو سليم الأسس الواقعية والقانونية التي تستند إليها فيما انتهت إليه في منطوق حكمها بحيث يكفي عقلاً ومنطقاً ما أوردته من أسباب لإيضاح سندها الواقعي والقانوني فيما قضت به.
ومن حيث إنه بادئ ذي بدء فإن المادة السادسة من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن "يشكل المجلس الأعلى للجامعات لجنة لمعادلة الدرجات العلمية تتولى بحث الدرجات الجامعية والدبلومات التي تمنحها الجامعات والمعاهد الأجنبية أو غيرها في مستويات الدراسة المختلفة ومعادلتها بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات في جمهورية مصر العربية وتعتمد توصيات هذه اللجنة من المجلس الأعلى للجامعات".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة المعادلات المشكلة من المجلس الأعلى للجامعات وافقت بجلستها المنعقدة في 18/ 7/ 1984 على رأي لجنة قطاع الدراسات التجارية بعدم معادلة إجازة الدراسات البريدية العالية من المعهد العالي العربي للبريد - وهي ذات الإجازة التي حصل عليها المطعون ضدهم ومن ذات المعهد - بدرجة بكالوريوس التجارة (شعبة البريد) التي تمنحها جامعة حلوان من كليات التجارة وإدارة الأعمال. كما يبين من كتاب الأمانة العامة للمعهد العالي العربي للبريد الموجه إلى كلية الحقوق بجامعة الزقازيق في 13/ 4/ 1988 أن "جمهورية مصر العربية (الإدارة العامة للمعادلات التابعة للمجلس الأعلى للجامعات) لم توافق حتى الآن على اعتبار شهادة إجازة الدراسات البريدية العالية الممنوحة من المعهد العالي العربي للبريد بعد دراسة أربع سنوات بعد الثانوية العامة أو يعادلها مؤهلاً عالياً......... وأنه يتم متابعة هذا الموضوع مع جامعة حلوان........ مع المجلس الأعلى للجامعات (الإدارة العامة للمعادلات) بشأن إعادة تقييم هذا المؤهل باعتباره مؤهلاً عالياً....."
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الشهادة التي حصل المطعون ضدهم عليها "إجازة الدراسات البريدية العالية" لا تعتبر مؤهلاً عالياً يجوز الانتساب بمقتضاه إلى الكليات التي حددتها المادة (88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات وأن الحكم المطعون فيه وقد نحى غير هذا المنحى بأن اعتبر الشهادة المشار إليها مؤهلاً عالياً دون أن يتضمن الأسباب التي تؤدي عقلاً ومنطقاً إلى النتيجة التي توصل إليها في منطوقه حيث أهدر النظام القانوني الذي يتم بناء عليه التعادل، وأهدر تماماً القاعدة القانونية التنظيمية الصادرة عن المجلس الأعلى للجامعات وهي السلطة الإدارية والعلمية المختصة بإجراء التعادل والذي رفض فيه المجلس في 18/ 7/ 1984 تعادل مؤهل المطعون ضدهم بمؤهل عال واغفل التعرض في أسبابه للسند القانوني لما ذهب إليه من إغفال وإهدار للقواعد القانونية سالفة الذكر. ومن ثم يكون هذا الحكم قد صدر مشوباً بالقصور الشديد في التسبيب ويعيبه كبطلان لما انطوى عليه من الخطأ الجسيم في تطبيق القانون، ذلك أن تقدير ما إذا كانت شهادة ما تعتبر مؤهلاً عالياً من عدمه هو أمر يدخل - وفقاً لقانون الجامعات ولائحته التنفيذية - في اختصاص المجلس الأعلى للجامعات وحده ولا يملك القضاء الإداري الحلول محله وعقب اختصاصه كما لا يملك استئناف النظر بالموازنة أو الترجيح فيما قررته القرارات الصادرة من المجلس المشار إليه في هذا الصدد طالما أنها صدرت وفقاً للإجراءات والأوضاع المرسومة لها قانوناً وهو ما عليه الحال الماثل وفقاً للثابت من الأوراق ومن ثم فإن الحكم سالف الذكر إذ صدر باطلاً لما شابه من مخالفة جسيمة للقانون فإنه يكون متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه ومن وجه أخر فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لا يجوز لجهة الإدارة سحب القرار المخالف للقانون الذي أصدرته في حدود اختصاصها متى ترتب على هذا القرار مركز قانوني للغير وذلك إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه قضاء أمام محاكم مجلس الدولة بالإلغاء ويشترط أن يثبت أن القرار لم يصدر بناء على غش أو تدليس أو أن القرار قد شابه مخالفة جسيمة لأحكام الدستور أو القانون تهوى به إلى حد الانعدام وتحتم إعلاء للشرعية بسيادة القانون عدم تحصينها أي مركز قانوني بناء عليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم - وجميعهم حاصلين على إجازة المعهد العالي للدراسات البريدية وهي شهادة يمنحها المعهد العالي للدراسات البريدية بعد دراسة مدتها أربع سنوات وقد يتم التحاقهم بالمعهد بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية أو ما يعادلها - قد تقدموا بطلبات إلى عميد كلية الحقوق بجامعة الزقازيق طلبوا فيها الموافقة على قبولهم ضمن طلاب السنة الأولى - انتساب - بالكلية في العام الجامعي 87/ 1988 وقد أرفقوا بطلباتهم المؤهل الذي حصلوا عليه (إجازة الدراسات البريدية العالية)، وأرفق البعض منهم - بالإضافة لما تقدم موافقة جهة العمل وشهادة الميلاد وشهادة تأدية الخدمة العسكرية وشهادة أخرى تفيد أن الدراسة بالمعهد أربع سنوات بعد الثانوية العامة وقد تأشر على سائر تلك الطلبات بالأتي: "شئون طلاب ونوافق" وعلى أثر ذلك سدد المطعون ضدهم الرسوم الدراسية وحصلوا على البطاقات الدالة على ذلك وانتظموا في الدراسة كطلاب منتسبين.
ومن حيث إن المادة (88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات نصت على أنه "يجوز الانتساب إلى كلية الآداب والحقوق والتجارة، وغيرها من الكليات التي يحددها المجلس الأعلى للجامعات وذلك لنيل درجة الليسانس أو البكالوريوس على حسب الأحوال ويشترط في طالب الانتساب:
1 - أن يكون محمود السيرة حسن السمعة 2 - أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك في السنة التي ينتسب فيها إلى إحدى الكليات المذكورة.... ويجوز للحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية الانتساب إلى الكليات المذكورة.
ومن حيث إنه يبين من نص المادة (88) من اللائحة التنفيذية المشار إليها أنه يشترط في طالب الانتساب أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك في السنة التي ينتسب منها إلى إحدى الكليات المذكورة، كما يجوز لمن حصل على درجة البكالوريوس أو الليسانس أو غيرها من المؤهلات العالية الانتساب إلى الكليات المذكورة أيضاً، وأن اللائحة التنفيذية لمن - في كلا الحالين - بالمجلس الأعلى للجامعات - بعد أخذ رأي مجالس الجامعات ومجالس الكليات المختصة - تحديد الأعداد التي يتم قبولها بكل كلية، وهو أمر بديهي يتفق مع ما حدده القانون رقم 49 لسنة 1972 من اختصاصات للمجلس الأعلى للجامعات من بينها البند سادساً من المادة 19 "تنظيم قبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم".
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن الشرط الجوهري اللازم توافره فيمن يتقدم طالباً الانتساب إلى إحدى الكليات النظرية هو ضرورة أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها أو أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية، ومن ثم إذا تبين أن طالب الانتساب كان فاقداً لشرط المؤهل أساساً امتنع قبوله قانوناً أو إذا تبين أن قراراً صدر بقبول مثل هذا الطالب، كان القرار معدوماً ولا ينتج أي أثر قانوني لمخالفته الجسيمة للقانون.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل فالثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم وأن لم يتوافر في حقهم على نحو سالف البيان شرط الحصول على "المؤهل العالي" الذي يجيز لهم الانتساب إلى كلية الحقوق جامعة الزقازيق، إلا أنهم جميعاً قد حصلوا على مؤهل "الثانوية العامة" أو ما يعادلها - وهو - ما لم تدحضه الجهة الإدارية - ولما كان هذا المؤهل يجيز لحامله الانتساب إلى إحدى الكليات النظرية ومن بينها - كلية الحقوق، الأمر الذي يجعل قبول المطعون ضدهم كطلاب منتسبين بالنظر إلى حصولهم على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها مما يوفر في حقهم شرطاً جوهرياً الذي من شأنه أن يجعلهم صالحين لقبولهم طلاباً منتسبين على هذا الأساس.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية جعلت مناط قبول الطالب الحاصل على الثانوية العامة أو ما يعادلها كطالب منتسب هو حصوله على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها في السنة التي ينتسب فيها وهو الشرط الغير متوافر في حالة المطعون ضدهم حيث تم قبولهم دون التقيد بهذا الشرط ولما كان اشتراط الحصول على المؤهل في ذات السنة التي يتم طلب الانتساب فيها هو أمر يتعلق تحديده بسلطة المجلس الأعلى للجامعات - وفقاً - لافتراضات مجالس الجامعات، وبعد أخذ رأي مجالس الكليات المختصة - في تحديد أعداد المقبولين بالكليات المختلفة كطلاب منتسبين، ويتغير هذا التقدير من عام جامعي إلى عام آخر وفقاً للإمكانيات المتاحة للجامعات وللسياسة التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات مما يجعل مخالفة شرط ضرورة الحصول على المؤهل في ذات السنة التي يتم فيها الانتساب إلى الكلية، مخالفة عادية لصحيح أحكام القانون ويصححها فوات المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء على القرار دون أن تسحب الجهة الإدارية المختصة القرار الخاطئ الذي انطوى على تلك المخالفة للقانون.
ومن حيث إن ذلك هو ما تحقق في الحالة الماثلة للمطعون ضدهم.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم شرحه إلى أن الثابت من الأوراق أن قبول المطعون ضدهم كطلاب منتسبين بكلية الحقوق جامعة الزقازيق في العام الجامعي سنة 1988 قد تم بناء على ما أعلنته جامعة الزقازيق في العام الجامعي المذكور، ولم تستظهر الجهة الإدارية أن غشاً أو تزويراً شاب إجراءات تقديم طلبات الانتساب بل أيد حالة المطعون ضدهم - وخاصة من حيث المؤهلات التي حصلوا عليها قد كانت تحت نظر الكلية المختصة عند إتمام إجراءات قيد المطعون ضدهم طلبة منتسبين ولما كان الثابت حسبما سلف البيان أنه زعم أن قبولهم كان يقوم على أساس حصولهم على مؤهل عال إلا أنهم حاصلون في ذات الوقت على مؤهل الثانوية العامة الذي يجيز أيضاً القبول كطلاب منتسبين وفقاً للائحة الجامعات وبالتالي فإنه رغم أنه قد أصدرت الجهة الإدارية قراراً بحرمان المطعون ضدهم من الامتحان لعدم حصولهم على مؤهل عال فإن جعلها قرار قيدهم لهذا السبب كان دون امتداد لحصولهم على الثانوية العامة على النحو سالف البيان الذي يجيز الاستناد إليه لقيدهم يضاف إلى ذلك أنه يفيد صدور الحكم المطعون فيه - فقد تدرج البعض منهم في الدراسة حتى وصل إلى الفرقة الثالثة بالكلية والبعض الآخر قد نجح بالفعل في امتحان الليسانس دور نوفمبر 91/ 1992 وفق الثابت من الأوراق ولما كان المركز القانوني للطاعنين يكون قد استقر بقبول قيدهم مع مخالفة قبولهم على أساس حصولهم على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها بالمخالفة للائحة بشأن السنة التي حصلوا فيها على المؤهل وهي مخالفة ليست جسيمة للشرعية أو خروجاً شديداً على سيادة القانون ومن ثم فإنه يتعين الاعتداد باستقرار هذا القيد للطاعنين عقب انقضاء ميزة الطعن في القرار وذلك طالما لم تلحق به مخالفة جسيمة للدستور أو للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنزل به إلى حد عقب السلطة أو هاوية الانعدام، وما دام أن ذلك التصرف لم يكن وليد غش أو تدليس.
ومن حيث إن المحكمة تخلص من كل ما تقدم إنها ولئن كانت تطرح جانباً الأسباب التي بني الحكم المطعون فيه قضائه عليها وتقضي بإلغائه لبطلانه ومخالفته الجسيمة للقانون إلا أنها تخلص إلى ذات النتيجة التي انتهى إليها الحكم المذكور في منطوقه للأسباب سالفة البيان.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب وألزمت جامعة الزقازيق المصروفات.

الطعن 2927 لسنة 34 ق جلسة 7 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 78 ص 732

جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

-----------------

(78)

الطعن رقم 2927 لسنة 34 القضائية

(أ) اتحاد ملاك - القرار الصادر بإنشائه - قرار إداري. (إدارة محلية) (اختصاص) 

القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

قرار الوحدة المحلية بقيام اتحاد الملاك وقيده في السجل المعد لذلك أو عدم قيامه ورفض قيده هو قرار إداري وليس عملاً مادياً - أساس ذلك: توافر أركان القرار الإداري بشأنه - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن على هذا القرار - تطبيق.
(ب) تحكيم - قطاع عام 

- المنازعات بين الأشخاص الطبيعيين وشركات القطاع العام.
لا يجوز التحكيم في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وشركات القطاع العام إلا إذا قبلوا التحكيم صراحة - أساس ذلك: نص المادة (60) من القانون رقم 60 لسنة 1971 في شأن المؤسسات العامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 30 من يوليو سنة 1988 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2927 لسنة 34 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 31 من مايو سنة 1988 في الدعوى رقم 2139 لسنة 42 ق القاضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإلزام الشركة المدعية بالمصروفات.
وطلب الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل للاختصاص وبإبقاء الفصل في المصروفات.
وقد أعلن الطعن على الوجه المقرر قانوناً ثم قدم الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة وانتهى إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 من يناير سنة 1992 التي تداولت نظره بالجلسات، وبجلسة 18 من مايو سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحيث نظرته بجلسة 19 من يوليو 1992 والجلسات التالية وبجلسة 6 من ديسمبر سنة 1992 حضر المطعون ضده (حسن محمد راضي) وطلب حجز الطعن للحكم، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 10 من يناير سنة 1993 ثم مد أجل النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة 7/ 3/ 1993 لإتمام المداولة وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع حسبما يبين من سائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26/ 1/ 1988 أقامتها0 الشركة المصرية لإعادة التأمين الدعوى رقم 2139 لسنة 42 ق ضد كل من:
1 - حسين محمد راضي 2 - محافظ القاهرة 3 - رئيس حي غرب القاهرة طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 40 لسنة 1987 الصادر من حي غرب القاهرة في 7/ 10/ 1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات والأتعاب. وقالت الشركة بياناً لدعواها أن المدعى عليه الأول..... قد استصدر من حي غرب القاهرة القرار المطعون فيه بتكوين اتحاد الملاك للعقار رقم 1081 شارع كورنيش النيل وعددهم (16) وحدة من (62) وحدة هي كامل وحدات العقار أي ما يوازي 20% من عدد الوحدات المؤجرة للغير فتظلمت الشركة إلى رئاسة حي غرب القاهرة لعدم قانونية إنشاء الاتحاد المذكور كما قامت بإخطار جميع شاغلي وحدات العقار المذكور من ملاك ومستأجرين بعدم التعامل مع المطعون صده الأول، إلا أنه في 13/ 1/ 1988 أخطر حي غرب القاهرة الشركة بما يفيد رفض التظلم، وقد طعنت الشركة المدعية على ذلك القرار لمخالفته لأحكام القانون وكذلك أحكام اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 109 لسنة 1979. وأثناء نظر الشق العاجل من الدعوى قدم الحاضر عن المدعى عليه الأول...... مذكرة دفع فيها بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى استناداً على أن الجهة الإدارية لم تنشئ أي مركز قانوني بشأن إتحاد ملاك العقار محل الدعوى إذ أن اتحاد الملاك تم بقوة القانون وأن كل ما قامت به الجهة الإدارية هو قيد الإتحاد في السجل المعد لذلك وبالتالي لا يكون ثمة قرار إداري مما تختص بنظره محكمة القرار الإداري، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة وقعت فيها بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائياً بنظر النزاع لقيامه بين إحدى شركات القطاع العام وبين جهة حكومية واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى بشقيها مع إلزام الشركة المدعية في أي من الحالتين بالمصروفات.
وبجلسة 31 من مايو سنة 1988 صدر الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإلزام الشركة المدعية بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضائها على أن الدعوى مقامة من الشركة المصرية لإعادة التأمين بصفتها مالكة للعقار المذكور وهي إحدى شركات القطاع العام طعناً في قرار إداري صادر عن جهة إدارية هي حي غرب القاهرة التابع لمحافظة القاهرة الأمر الذي يكون فيه الاختصاص معقوداً لهيئات التحكيم إعمالاً للمادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته وأنه لا يغير من ذلك أن الشركة المدعية قد اختصمت بالإضافة للجهة الإدارية أحد الأشخاص الطبيعية إذ أن المنازعة موجهة أصلاً إلى قرار إداري صدر من جهة إدارية وأن ما تطلبه الشركة هو وقف التنفيذ وإلغاء القرار المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وجاء مشوباً بالقصور ذلك أنه ولئن كان قد أصاب الحق فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على اختصاص هيئات التحكيم بوزارة العدل بنظر النزاع إعمالاً لحكم المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 إلا أنه خالف القانون فيما انتهى إليه من إلزام الشركة المدعية بالمصروفات وشابه القصور حين أغفل تطبيق حكم المادة (110) من قانون المرافعات والتي أوجبت على المحكمة المختصة بأن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه بحيث ينص على إحالة الدعوى إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل وإبقاء الفصل في المصروفات.
وقد قدم الحاضر عن المطعون ضده والمدعى عليه أصلاً (.......) مذكرة بتاريخ 31/ 10/ 1992 دفع فيها بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى لعدم وجود قرار إداري وأن قيد الاتحاد المذكور هو عمل مادي وتنفيذي بحت كما لا تختص بنظرها هيئات التحكيم التابعة لوزارة العدل لأن ثمة طرف أصيل في المنازعة هو المدعى عليه بصفته مأمور إتحاد الملاك وهو شخص طبيعي ومن ثم انتهت المذكرة إلى طلب الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى القضاء المدني مع إلزام الشركة المدعية بالمصروفات.
ومن حيث إن المادة (862) من القانون المدني تنص على أنه "حينما وجدت ملكية مشتركة لعقار مقسم إلى طبقات أو شقق جاز للملاك أن يكونوا اتحاداً فيما بينهم..." وتنص المادة (73) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: "إذا زادت طبقات المبنى أو شققه على خمس وجاوز عدد ملاكها خمسة أشخاص قام بقوة القانون إتحاد الملاك المنصوص عليه في المادة (862) من القانون المدني وفي تطبيق هذا الحكم يعتبر ملاك الطبقة أو الشقة الواحدة مالكاً واحداً ولو تعددوا. ويكون البائع للعقار بالتقسيط عضواً في الاتحاد حتى تمام الوفاء بكامل أقساط الثمن، كما يكون المشترى بعقد غير مسجل عضواً في الاتحاد".
وتنص المادة (75) من ذات القانون الأخير على أن: "تتولى الوحدة المحلية المختصة مراقبة قيام الاتحادات المبينة في هذا القانون. والإشراف على أعمالها ويكون لها على الأخص ما يلي:
( أ ) قيد الاتحاد وبيان أسماء أعضائه وممثله القانوني...... (ب)..... ومن حيث إنه لما كان القرار الإداري على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها وسلطتها الإدارية الانفرادية الملزمة بما لها من اختصاص بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء تحقيق مصلحة عامة" وغنى عن هذا البيان أن مجرد صدور تصرف معين من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري بالمعنى القانوني المشار إليه، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب طبيعته وغايته محله وموضوعه ومحواه.
ومن حيث إنه قد استقر قضاء هذه المحكمة على أن العمل المادي الذي لا يختص به القضاء الإداري يكون دائماً واقعة مادية أو إجراء مثبتاً لها دون أن تقصد به السلطة الإدارية تحقيق آثار قانونية محددة ملزمة للغير وإن رتب القانون عليها آثار قانونية معينة لأن هذه الآثار يكون مصدرها الواقعة المادية وإرادة المشرع مباشرة لإرادة الإدارة المنفردة والملزمة ولما كان المشار إليه قد أوجب القانون رقم 49 لسنة 1977 قيامه إتحاد ملاك في أحوال معينة وبشروط حددها تفصيلاً وأوكل المشروع للوحدة المحلية المختصة مراقبة قيام الاتحاد والتيقن من توافر إحدى الحالات الواجبة قانوناً لقيامهم وبحث مدى توافر كافة الشروط المتطلبة قانوناً لذلك ومن ثم فإن قرار الوحدة المحلية بقيام إتحاد الملاك وقيده في السجل المعد لذلك أو عدم قيام الاتحاد ورفض قيده في السجل إنما يشكل تعبيراً عن السلطة الإدارية المختصة عن إرادتها الملزمة بما لها من اختصاص بمقتضى القانون بقصد إحداث مركز قانوني معين بغيه تحقيق مصلحة عامه فقرار الوحدة المحلية في هذا الشأن وأياً ما كان محتواه بقيام الاتحاد وقيده أو عدم قيامه ورفض قيده إنما يمس مركزاً قانونياً للأفراد الأعضاء بالاتحاد بصفه أساسيه وكما قد يؤثر في المراكز القانونية لغيرهم.
ومن حيث إنه لما كان قرار قيام الاتحاد في الطعن الماثل وقيده في السجل المعد لذلك يحدث أثراً قانونياً يمس حتماً المركز القانوني للشركة المصرية لإعادة التامين التي أفصحت الأوراق عن ملكيتها لحوالي 82% من الشقق في العقار المشار إليه بينما ملكية الاتحاد تمثل 18% حوالي 16 شقه بالعقار من مجموع 62 شقة فيه وبما كفله القانون من اختصاصات ومسئوليات لاتحاد الملاك فإن قرار قيام الاتحاد وقيده يمس المركز القانوني للشركة المشار إليها. ومن ثم فهو ليس عملاً مادياً بحتاً تنفيذاً لحكم القانون بل هو في حقيقة الأمر قرار إداري من القرارات الإدارية التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بناء على سلطة مقيدة حدد إطارها القانون وكل التقدير الذي حدده المشرع للإدارة هو في تحديد مدى توافر إحدى حالات قيام الإتحاد من عدمه وفي مدى توافر شروط قيامه وقيده من عدمه فإذا ما تبين توفر الحالة والشروط قام الإتحاد بقوة القانون إذا زادت طبقات المبنى أو شققه على خمس أو جاوز عدد ملاكها خمسة أشخاص ومن ثم فإذا ما قام النزاع على قيد الإتحاد المذكور فإنه يكون قد قامت منازعة إدارية بشأن قرار من القرارات الإدارية التي ينعقد الاختصاص أساساً بنظرها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وذلك تطبيقاً لما تنص عليه المادة (172) من الدستور وفقاً لما حددته أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة من قواعد تحديد المنازعات التي تختص بها محاكم مجلس الدولة في حدود ما نص عليه في الدستور من أن مجلس الدولة يختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصات أخرى وبالتالي فإن الأصل والمبدأ العام الذي قرره الدستور أن محاكم مجلس الدولة هي المحاكم ذات الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إن المادة (60) من القانون رقم 60 لسنة 1971 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام "والتي تشابه إلى حد معين نص المادة (66) من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام السابق رقم 32 لسنة 1966، تنص المادة (60) على أن: "تختص هيئات التحكيم المنصوص عليها في القانون دون غيرها بنظر المنازعات الآتية: 1 - ...... 2 - كل نزاع يقع بين شركة قطاع عام وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة. ويجوز لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب إذا قبل هؤلاء الأشخاص وبعد وقوع النزاع أحالته إلى التحكيم." ومؤدى هذا النص أن مناط اختصاص هيئات التحكيم يجد حده ومداه أصلاً في المنازعات التي تنشأ فيما بين شركات القطاع العام أو بينها وبين الجهات الحكومية ومن ثم لا يمتد إلى المنازعات بين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين وبين شركات القطاع العام إلا إذا قبل هؤلاء الأشخاص ذلك - أية ذلك - أن نظام التحكيم الوارد في النص السالف بيانه قد جاء على خلاف الأصل - رهين بعلته وحكمة ظاهرة تكمن في صفات أطراف النزاع وطبيعته وإن الأصل الدستوري هو ألا يحرم الفرد من الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي - ومن ثم كان لزاماً أن ينحصر اختصاص هيئات التحكيم عن المنازعات التي تنشأ بين الأفراد الطبيعين أو الاعتباريين وشركات القطاع العام إلا إذا قبلوا التحكيم صراحة.
ومن حيث إنه قد نص القانون رقم (97) لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام والذي ألغى القانون رقم 60 لسنة 1973 المشار إليه وحل محله في المادة (56) منه على أن "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامه قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون "وطبقاً لصريح عبارات هذا النص فإن المنازعات التي يدخل ضمن أطرافها أشخاص طبيعين أو اعتباريين أو حتى جهات غير واردة في النص. أصبح من غير الجائز نظرها بمعرفة هيئات التحكيم حتى ولو قبل هؤلاء الأشخاص أو تلك الجهات ذلك.
ومن حيث إنه قد جرت أحكام محكمة النقض بحق على أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام. فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 9 لسنة 42 ق جلسة 6/ 1/ 1976 س 27 ص 138). كما نصت محكمة النقض بأنه وإن أجاز المشرع في الفقرة (جـ) من المادة 66 من القانون رقم 32/ 1966 لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب، إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع أحالته على التحكيم (حكمها في الطعن رقم 385 لسنة 37 ق. جلسة 8/ 2/ 1973 س 24 ص 166) ومن ثم ولما كان النزاع الماثل إنما يدور حقيقة بين أطراف ثلاثة هم الشركة المصرية لإعادة التأمين والجهة الإدارية وحسين محمد راضي مأمور اتحاد ملاك العقار رقم 1081 شارع كورنيش النيل بالقاهرة والذي يمثل أعضاء اتحاد الملاك من الأشخاص الطبيعيين أمام القضاء وهذا النزاع لا ينحصر فقط بين الشركة والجهة الإدارية بل إن الفصل فيه إنما يمس المركز القانوني لاتحاد الملاك المشار إليه والذي يمثله مأمور الاتحاد والذي دفع في مذكرة دفاعه المقدمة أمام هذه المحكمة بتاريخ 31/ 10/ 1992 بعدم اختصاص هيئات التحكيم التابعة لوزارة العدل بنظر النزاع، وهو ما كان يتعين أن تقضي به محكمة أول درجة أخذاً بصريح المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 وعلى ما سلف بيانه وإذ قضى الحكم المطعون فيه باختصاص هيئات التحكيم بوزارة العدل بنظر النزاع رغم ذلك ومن ثم يكون قد خالف الحكم الطعين صحيح أحكام القانون.
ومن حيث إن الحكم المذكور قد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع وألزم الشركة المدعية بالمصروفات.
ومن حيث إن المادة 184 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها بمصاريف الدعوى. وتحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة. ولما كان الحكم بعدم الاختصاص غير منه للخصومة لأنه سابق على صدور الحكم الذي تنتهي به الخصومة من المحكمة أو هيئة التحكيم المختصة بالحكم في المصاريف فكان يجب على المحكمة إبقاء الفصل في المصاريف لحين الفصل في الموضوع وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه الأمر الذي يجعله قد صدر معيباً بمخالفة القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه والحكم باختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى باعتبارها منازعه بين اتحاد ملاك وشركة قطاع عام وإحدى جهات الإدارة وتتعلق بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إداري من الجهة الإدارية المختصة بشأن قيد اتحاد الملاك المذكور، ولما كان موضوع الدعوى لم تفصل فيه محكمة أول درجة ومن ثم وحتى لا يفوت على الخصوم في الدعوى إحدى درجات التقاضي فإنه يتعين الأمر بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بحالتها مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإعادة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 1331 لسنة 34 ق جلسة 7 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 77 ص 725

جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

-----------------

(77)

الطعن رقم 1331 لسنة 34 القضائية

ضريبة - إنشاء الضريبة - الضريبة على الاستهلاك. (أدوية) (سلع مستوردة) 

المواد 38، 64، 65، 119، 120 من الدستور، المواد 3، 4، 38 من قانون الضريبة على الاستهلاك رقم 133 لسنة 1981.
قرر الدستور بحسم وقطيعة ووضوح أنه لا يجوز إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء من أدائها إلا طبقاً للأحكام والقواعد والإجراءات التي ينص عليها في قانون وليس في أداة تشريعية أدنى - أوجب المشرع الدستوري أن ينظم القانون وليس أية أداة تشريعية أدنى القواعد الأساسية لحماية الأموال العامة وبينها الضرائب والرسوم - المركز القانوني للخضوع أو الإعفاء من الضريبة مصدره أحكام القانون الضريبي ذاته التي تحدد الأركان الشرعية الأساسية للضريبة وليس ما تقرره الإدارة الضريبية بأداة أدنى من نصوص القانون - قرارات الإدارة الضريبية المخالفة للدستور والقانون لا يكون لها ولو مضى الزمن عليها أي أثر قانوني ما لم ينص القانون على غير ذلك صراحة بنصوص صريحة وقاطعة الدلالة - حدد المشرع بالقانون رقم 133 لسنة 1981 السلع المستوردة ضمن السلع الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على الاستهلاك ومن بينها الأدوية المستوردة عدا (أدوية منع الحمل) وتلك التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة تستحق عليها الضريبة بتحقيق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية - عند اتخاذ قيمة السلعة أساساً لربط الضريبة تقدر قيمة السلعة المستوردة (كما هو الحال في الأدوية) بالقيمة المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية - مناط فرض ضريبة الاستهلاك هو تحقيق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26 / 3/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة وزير المالية، رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك. سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 26 / 1/ 1988 في الدعوى رقم 3699 لسنة 40 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعنان الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وقد أودع السيد المستشار مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وتحددت جلسة 16/ 12/ 1991 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي تداولت نظره على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت الدائرة بجلسة 28/ 9/ 1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 12/ 1992 قررت النطق بالحكم بجلسة 24 / 1/ 1993، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 7/ 3/ 1993 لإتمام المداولة وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 3699 لسنة 40 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15/ 5/ 1986 وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شارحاً دعواه أن الشركة التي يقوم على إدارتها تقوم باستيراد الأدوية من الخارج وهي تخضع للضرائب على الاستهلاك من تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 360 لسنة 1982 المعدل للجدول المرافق للقانون رقم 133 لسنة 1981 بفرض الضريبة على الاستهلاك ويتم حساب الضرائب على الاستهلاك - وفقاً لإجراءات الجمارك قبل الإفراج عن الأدوية المستوردة وأن الشركة ملتزمة عند البيع بقرارات التسعير الجبري، ورغم التزام الشركة بكافة التعليمات إلا أنها فوجئت بقرار يطالبها بسداد مبلغ 102182.69 بدعوى أنه يمثل فروق ضريبة استهلاك ونص المطعون ضده على القرار المشار إليه مخالفته للقانون ذلك أنه طبقاً للقانون رقم 133 لسنة 1981 فإنه في حالة اتخاذ قيمة السلعة أساساً لربط الضريبة تقدر قيمة السلعة المستوردة بذات القيمة المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية وهو ما تم بالنسبة لشركة المدعي، ولا دخل لمصلحة الضرائب على الاستهلاك بسعر البيع للجمهور.
وعقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى فأوضحت أن الفروق المستحقة على الشركة التي يديرها المدعى كانت نتاج قرار تسعير الأدوية الذي صدر من وزير الصحة، لأن ضريبة الاستهلاك تتناسب تناسباً طردياً مع زيادة سعر الدولار مما تترتب علية ضرورة تحصيل ضريبة استهلاك تزيد عما تم سداده للجمارك عند الاستيراد ويتعين على الشركة المستوردة دفع هذه الفروق، ولا ينال من ذلك أن رسوم الاستهلاك دفعت عند دخول السلعة إلى البلاد إلا أن ما دفع كان على أساس تقدير سعرها بأقل مما قدره قرار التسعير الجبري.
وبجلسة 26/ 1/ 1988 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من أثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأدوية التي تقوم الشركة التي يديرها المدعى باستيرادها من الخارج من السلع التي تقدر ضريبة الاستهلاك عليها بنسبة (5%) من قيمتها المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية وذلك وفقاً للمادة (10) من قانون الضريبة على الاستهلاك والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة، ومن ثم فإنه يكون من المتعين حساب ضريبة الاستهلاك على الأدوية التي تستوردها شركة المدعى من الخارج على الأساس المشار إليه، فإذا ما تم تقدير الضريبة على غير هذا الأساس بأن قدرت على أساس قيمة الأدوية بعد تسعيرها جبرياً فإن جهة الإدارة تكون قد خالفت القانون ويضحى قرارها المطعون فيه معيباً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن نسبة الضريبة المستحقة على السلع المستوردة حددها المشرع بـ (5%) من قيمتها ويقتضي ذلك أنه متى تحدد سعر هذه السلع بما يؤدي إلى ارتفاع قيمتها فإنه يترتب على ذلك بالضرورة ارتفاع نسبة الضريبة على الاستهلاك المستحقة عليها تبعاً لارتفاع قيمتها ومن ثم كان من حق الإدارة تحصيل فارق الضريبة، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً.
من حيث إن المادة (38) من الدستور قد نصت على أن يقوم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية، كما نصت المادتان (64)، (65) على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وتخضع الدولة للقانون، كما نصت المادة (119) من الدستور على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون كما نصت المادة (120) من الدستور على أن ينظم القانون القواعد الأساسية لحماية الأموال العامة وإجراءات صرفها".
ومن حيث إنه يبين من مجموع هذه النصوص أن الدستور قد قرر بحسم وقطعية ووضوح أنه لا يجوز إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء من أدائها إلا طبقاً للأحكام والقواعد والإجراءات التي ينص عليها في قانون وليس في أداة تشريعية أدنى كما أن المشرع الدستوري قد أوجب أن ينظم القانون وليس أية أداه تشريعية أدنى القواعد الأساسية لحماية الأموال العامة وبينها الضرائب والرسوم.
ومن حيث إن تلك المبادئ الأساسية المتعلقة بالضرائب والرسوم التي أوردها الدستور تمثل مبدأ "شرعية الضرائب والرسوم" والذي يتحتم بمقتضاه أن ينظم بالقانون وحده الأركان الأساسية والجوهرية التي يقوم عليها النظام القانوني للضرائب والرسوم ويتعين أن ينظم القانون وليس بأداة تشريعيه أدنى منه "شخص الخاضع للضريبة"، وكذلك "الوعاء الخاضع للضريبة"، والسعر الذي تحدد به الضريبة "والقواعد الأساسية لتحصيل الضريبة"، ولا يجوز على أي وجه أن تقوم الإدارة الضريبية بناء على أداة أدنى من القانون بفرض أو تعديل أو تحصيل والإعفاء من الضريبة، وإلا كان عملها غير مشروع ومخالف لصريح نص الدستور وللقانون المنظم للضريبة إن وجد وبالتالي وإذ أن المركز القانوني للخضوع أو الإعفاء من الضريبة مصدره أحكام القانون الضريبي ذاته التي تحدد الأركان الشرعية الأساسية للضريبة على النحو آنف الذكر وليس ما تقرره الإدارة الضريبية بأداة أدنى من نصوص القانون فإن قرارات الإدارة الضريبية المخالفة للدستور والقانون لا يكون لها ولو مضى الزمن عليها أي أثر قانوني ما لم ينص القانون على غير ذلك صراحة بنصوص صريحة وقاطعة الدلالة.
ومن حيث إن قانون الضريبة على الاستهلاك رقم 133 لسنة 1981 ينص في المادة الثالثة منه على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل منتج صناعي وعلى كل مستورد لسلع خاضعة للضريبة".
وتنص المادة الرابعة في فقرتها الثانية على أن السلع المستوردة الخاضعة لأحكام هذا القانون تستحق الضريبة عليها بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية وتحصل وفقاً للإجراءات المقررة للضريبة الجمركية.
وتنص المادة العاشرة على أن "تقدر قيمة السلع المستوردة بنفس القيمة المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية.
وتنص المادة (38) من القانون المشار إليه على أن تستحق الضريبة بتحقق الواقعة المنشئة لها وعلى المنتج الملتزم بالضريبة أن يقوم بسدادها فور مطالبته بذلك أولاً بأول وفي جميع الأحوال يلتزم بتوريد حصيلة الضريبة دورياً كل عشرة أيام...
وتؤدي الضريبة على السلع المستوردة عند أداء الضريبة الجمركية المقررة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشرع قد حدد بالقانون رقم 133 لسنة 1981 السلع المستوردة ضمن السلع الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على الاستهلاك - ومن بينها الأدوية المستوردة عدا "أدوية منع الحمل" وتلك (التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة) فتستحق عليها الضريبة بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية، وأنه عند اتخاذ قيمة السلعة أساساً لربط الضريبة تقدر قيمة السلعة المستوردة - كما هو الحال في الأدوية (بالقيمة المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية) ولما كان ذلك وكانت الأدوية - موضوع القرار المطعون فيه - التي تستوردها شركة المطعون ضده من الخارج من السلع التي تقدر ضريبة الاستهلاك عليها بنسبة (5%) من قيمتها المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية وفقاً لما هو وارد قرين المسلسل رقم (123) من الجدول المرافق للقانون رقم 133 لسنة 1981 فمن ثم يكون حساب ضريبة الاستهلاك قانوناً على هذه الأدوية وفقاً للأساس الصريح الواضح والقاطع الذي حدده المشرع والسالف الإشارة إليه ومن ثم فإن ما قررته الإدارة من تقدير ضريبة الاستهلاك على أساس قيمة الأدوية بعد تسعيرها جبرياً واتخاذها من تلك القيمة أساساً لتحديد الوعاء الخاضع لربط الضريبة المذكورة يكون مخالفاً لصريح حكم القانون، الذي حدد في صراحة ووضوح الواقعة المنشئة للضريبة بأن ربطها بالواقعة المنشئة للضريبة الجمركية ومن ثم جعل مناط فرض ضريبة الاستهلاك هو تحقيق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية وحدد فئتها وهي (5%) من قيمتها المتخذة أساساً لحساب الضريبة الجمركية وجعل تحصيل الضريبة يتم بذات الإجراءات التي يتم بها تحصيل الضريبة الجمركية ومن ثم فإنه يكون مسلك الإدارة وتصرفها مخالفاً لمبدأ مشروعية وشرعية الضريبة الذي نصت عليه صراحة مواد الدستور على النحو سالف البيان وبالتالي فإنه لا يكون ثمة سند في الدستور أو القانون لما قررته الإدارة الضريبية في هذا الشأن بصورة تخالف صريح أحكام الدستور والقانون ومن ثم فلا مناص من النزول على إرادة المشرع الصريح سواء في نصوص الدستور أو في أحكام قانون ضريبة الاستهلاك في هذا الشأن. ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد فرضت ضريبة الاستهلاك على أساس أن يكون وعاؤها السعر الجبري لبيع الدواء بالداخل لكي تتناسب تناسباً طردياً مع زيادة سعر الدواء، بقرارات من سلطة تحديد سعره جبرياً ومن ثم فإن قرارها الصادر في هذا الشأن يغدو خارج نظام الشرعية وسيادة القانون أو غير قائم على أساس مشروع وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بإلغائه فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وطبق صحيح أحكام الدستور والقانون على نحو سالف البيان ويكون النعي عليه غير سديد وواجب الرفض. ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.

الطعن 13028 لسنة 87 ق جلسة 15 / 11 / 2018 مكتب فني 69 ق 151 ص 1049

جلسة 15 من نوفمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ وائل صلاح الدين قنديل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ وليد أحمد مقلد، د/ محمد علي سويلم نائبي رئيس المحكمة، وحمدي سيد حسن طاهر وأسامة علي أنور.
---------------
(151)
الطعن رقم 13028 لسنة 87 القضائية.

(1 - 4) نقض" أثر نقض الحكم: التزام محكمة الإحالة بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض".
(1) نقض الحكم والإحالة. لازمه. التزام المحكمة المحال إليها بإتباع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها فقط. م269/2 مرافعات.

(2) المسألة القانونية المطروحة على محكمة النقض لبحثها والإدلاء برأيها بشأنها. مقصودها. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه عن بصر وبصيرة. اكتساب الحكم قوة الشيء المحكوم في حدود هذه المسألة أو المسائل التي قامت بالبت فيها. امتناع محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى عن المساس بهذه الحجية.

(3) نقض الحكم. أثره. إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض التي كان أساسا لها بقوة القانون. اقتصار ذلك على نطاق الحكم المرفوع عنه الطعن بالنقض. الأجزاء التي تضمنت قضاء قطعيا ولم يتم الطعن عليها. اكتسابها لقوة الشيء المحكوم فيه وامتناع محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بها والإخلال بقاعدة أن الطعن لا يضار به رافعه ولا يستفيد منه سواه ممن ارتبط مركزه بالدعوى. م271/1 مرافعات.

(4) نقض الحكم المطعون فيه جزئيا بخصوص خلو الأوراق من الدليل على إعالة المتوفي للمطعون ضدهما الأولى عن نفسها وبصفتها والثاني والإحالة. لازمه. التزام محكمة الإحالة بالفصل في تلك المسألة فقط. إعادتها القضاء بالتعويض عن الضررين الأدبي والموروث الحائز لحجية الأمر المقضي بعدم الطعن عليه. مخالفة للقانون وخطأ. علة ذلك.

------------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات إنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فقط في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه يقصد بالمسألة القانونية في هذا المجال (أي المسائل القانونية التي عرضت على محكمة النقض لبحثها) أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن بصر وبصيرة، فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بشأنها في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها، بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 271 من ذات القانون أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض والتي كان أساسا لها ويتم هذا الإلغاء بقوة القانون ويقتصر هذا الأثر على النطاق من الحكم الذي رفع عنه الطعن بالنقض، أما تلك الأجزاء التي تضمنت قضاء قطعيا ولم يطعن عليها المحكوم عليه فيها فتكتسب قوة الشيء المحكوم فيه بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما أنه يمتنع عليها أن تخل بقاعدة أن الطعن لا يضار به رافعه ولا يستفيد منه سواه والمرتبطة مراكزهم في الدعوى بمركزه القانوني.

4 - إذ كان الثابت من الحكم الاستئنافي السابق أن محكمة الاستئناف أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض عن الضررين الأدبي والموروث ولم يتم الطعن عليه بالنقض فحاز حجية الأمر المقضي، كما أن الطعن بالنقض السابق المرفوع من الطاعن بصفته كان في خصوص خلو الأوراق من دليل على قيام المتوفي بإعالة المطعون ضدهما الأولى عن نفسها وبصفتها والثاني وقد نقض في هذا الخصوص جزئيا دون أن يمس التعويض عن الضررين الأدبي والموروث ولم يكونا مطروحين على محكمة النقض في الطعن السابق ولا مترتبا عليهما نقض الحكم فإنه ما كان لمحكمة الإحالة أن تقضي بتعويض عن الضررين الأدبي والموروث بعد أن قضي فيهما بقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر الصحيح في القانون وقضى على خلافه بإعادة القضاء بالتعويض عن الضررين الأدبي والموروث بقضاء لم يلتزم فيه حجية الأمر المقضي وأضر به الطاعن بصفته في الطعن الماثل كأثر من آثار طعنه هو بالنقض على الحكم الاستئنافي السابق الذي نقض جزئيا لمصلحته لا للإضرار به ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر أقامت الدعوى رقم .... لسنة 2005 محكمة الزقازيق الابتدائية على الطاعن بصفته والمطعون ضده الرابع بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليها عن نفسها وبصفتها مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضا عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية فضلا عما هو مستحق من تعويض موروث بسبب قتل مورثهم خطأ في حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لدى الشركة الطاعنة وثبت خطأ قائدها- المطعون ضده الرابع- بحكم نهائي وبات بتاريخ 26/ 3/ 2007. حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته والمطعون ضده الرابع بالتضامم فيما بينهما بأن يؤديا للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضا جابرا للأضرار المادية يوزع بالسوية بينهم ومبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضا جابرا للأضرار الأدبية يوزع بالسوية بينهم ومبلغ عشرون ألف جنيه تعويضا موروثا يوزع على ورثة المرحوم/ ...... طبقا للفريضة الشرعية على أن يخصم ما عسى أن يكون قد صرف لهم كتعويض مؤقت. استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 50ق المنصورة- مأمورية الزقازيق- كما استأنفته الشركة الطاعنة أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... لسنة 50ق، ضمت المحكمة الاستئنافين ثم قضت بتاريخ 20/ 4/ 2010 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم .... لسنة 80ق وبتاريخ 21/ 2/ 2016 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا في خصوص ما قضت به من تعويض مادي للمطعون ضدهم الأولى عن نفسها وبصفتها والثاني وأحيلت القضية لمحكمة استئناف المنصورة، وبعد أن عجلت الشركة الطاعنة الاستئنافين حكمت بتاريخ 13/ 6/ 2017 في موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 50ق بتعديله بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ عشرون ألف جنيه تعويضا موروثا يوزع بينهم طبقا للأنصبة الشرعية ومبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضا أدبيا يوزع بالسوية بينهم ومبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضا ماديا يوزع بينهم على نحو ما ورد بالحكم. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من تعويض أدبي وموروث. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض عن الضررين الأدبي والموروث وقضت محكمة الاستئناف بتأييده ونقض هذا الحكم جزئيا في خصوص ما قضي به من تعويض مادي وبعد التعجيل قضت المحكمة المطعون في حكمها بتعويض عن الضررين الأدبي والموروث رغم سبق القضاء فيهما بحكم صار نهائيا وباتا في ذات الدعوى مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات إنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فقط في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة، وكان يقصد بالمسألة القانونية في هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن بصر وبصيرة، فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بشأنها في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، وأن مفاد الفقرة الأولى من المادة 271 من ذات القانون أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض والتي كان أساسا لها ويتم هذا الإلغاء بقوة القانون، ويقتصر هذا الأثر على النطاق من الحكم الذي رفع عنه الطعن بالنقض، أما تلك الأجزاء التي تضمنت قضاء قطعيا ولم يطعن عليها المحكوم عليه فيها فتكتسب قوة الشيء المحكوم فيه بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية. كما أنه يمتنع عليها أن تخل بقاعدة أن الطعن لا يضار به رافعه ولا يستفيد منه سواه والمرتبطة مراكزهم في الدعوى بمركزه القانوني. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الاستئنافي السابق أن محكمة الاستئناف أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض عن الضررين الأدبي والموروث ولم يتم الطعن عليه بالنقض فحاز حجية الأمر المقضي كما أن الطعن بالنقض السابق المرفوع من الطاعن بصفته كان في خصوص خلو الأوراق من دليل على قيام المتوفي بإعالة المطعون ضدهما الأولى عن نفسها وبصفتها والثاني وقد نقض في هذا الخصوص جزئيا دون أن يمس التعويض عن الضررين الأدبي والموروث ولم يكونا مطروحين على محكمة النقض في الطعن السابق ولا مترتبا عليهما نقض الحكم، فإنه ما كان لمحكمة الإحالة أن تقضي بتعويض عن الضررين الأدبي والموروث بعد أن قضي فيهما بقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر الصحيح في القانون وقضى على خلافه بإعادة القضاء بالتعويض عن الضررين الأدبي والموروث بقضاء لم يلتزم فيه حجية الأمر المقضي وأضر به الطاعن بصفته في الطعن الماثل كأثر من آثار طعنه هو بالنقض على الحكم الاستئنافي السابق الذي نقض جزئيا لمصلحته لا للإضرار به ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يتعين معه نقضه نقضا جزئيا في خصوص ما قضى به من تعويض عن الضرر الأدبي والموروث.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.

الطعن 2472 لسنة 82 ق جلسة 22 / 11 / 2018 مكتب فني 69 ق 154 ص 1068

جلسة 22 من نوفمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ ممدوح القزاز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ كمال عبد الله، مراد أبو موسى وخلف غيضان نواب رئيس المحكمة وأحمد رمزي.
--------------
(154)
الطعن رقم 2472 لسنة 82 القضائية

(1) دعوى" شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة الإجرائية: تمثيل الدولة في التقاضي".
تمثيل الدولة في التقاضي. نوع من النيابة القانونية عنها. الأصل. الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته. الاستثناء. إسناد القانون صفة النيابة العامة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية إلى غير الوزير. ثبوت تلك الصفة له بالمدى والحدود التي بينها القانون.

(2 ، 3) دعوى" شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة الإجرائية: تمثيل الهيئة العامة لقصور الثقافة أمام القضاء".
(2) الهيئة العامة لقصور الثقافة. لها شخصية اعتبارية ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير. المادتان 1، 8 من القرار الجمهوري رقم 63 لسنة 1989.

(3) ثبوت تبعية المطعون ضده الأخير مرتكب الحادث والسيارة أداته للمطعون ضده ثانيا بصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة. مؤداه. اعتبار الأخير صاحب الصفة في أداء التعويض معه. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين بصفتيهما بالتضامن معه في أداء التعويض. قصور وخطأ.

-----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها، والمرد في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو حكم القانون، وأن الوزير بحسب الأصل هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى والحدود التي بينها القانون.

2 - إذا كان النص في المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 63 لسنة 1989 بشأن الهيئة العامة لقصور الثقافة على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة لقصور الثقافة تكون لها الشخصية الاعتبارية يكون مقرها مدينة القاهرة وتتبع وزير الثقافة" ونصت المادة الثامنة منه على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير ...". يدل على أنه اعتبارا من تاريخ صدور ذلك القرار يكون رئيس مجلس إدارة الهيئة هو وحده صاحب الصفة في تمثيلها قبل الغير وأمام القضاء.

3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأخير مرتكب الحادث وكذا السيارة أداته يتبعان المطعون ضده بالبند ثانيا بصفته (رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة) ومن ثم يكون هو صاحب الصفة في الخصومة والمسئول مع المطعون ضده الأخير عن أداء التعويض المقدر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأغفل بحث الدفع المبدى من الطاعنين بصفتيهما (محافظ الجيزة ووزير الثقافة) بعدم قبول الدعوى قبلهما لرفعها على غير ذي صفة وألزمهما بالتعويض متضامنين مع المطعون ضدهما بالبندين ثانيا وثالثا فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهم بالبند أولا أقاموا على الطاعنين والمطعون ضده بالبند ثانيا الدعوى ... سنة 2007 مدني محكمة الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليهم تعويضا قدره خمسمائة ألف جنيه، وقالوا بيانا لذلك، إنه وبتاريخ 30/10/2004 تسبب قائد السيارة رقم ... محافظة القاهرة- المطعون ضده البند ثالثا- خطأ في وفاة مورثهم وضبط عن الحادث القضية رقم ... سنة 2004 جنح الهرم والتي قضى فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح وبإلزام المتهم بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وإذ لحقهم من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية فقد أقاموا الدعوى، أدخل المطعون ضده بالبند ثانيا المطعون ضده الأخير في الدعوى حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما بالبند ثانيا وثالثا متضامنين بالتعويض الذي قدرته استأنف المطعون ضدهم بالبند أولا هذا الحكم بالاستئناف ... سنة 125ق القاهرة، كما استأنفه أمام ذات المحكمة كل من المطعون ضده بالبند ثانيا والطاعنان بالاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 125ق. ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة وبتاريخ 19/12/2011 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بالدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما لرفعها على غير ذي صفة لكون المطعون ضده بالبند ثالثا- مرتكب الحادث- تابعا للمطعون ضده بالبند ثانيا وأن السيارة مرتكبة الحادث مملوكه للأخير بصفته الذي يمثل الهيئة العامة لقصور الثقافة التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ولم يرد عليه رغم كونه دفاعا جوهريا يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وألزمهما والمطعون ضدهما بالبندين ثانيا وثالثا بالتضامن بالتعويض فإنه يكون معيبا ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها، والمرد في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو حكم القانون، وأن الوزير بحسب الأصل هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى والحدود التي بينها القانون. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 63 لسنة 1989 بشأن الهيئة العامة لقصور الثقافة على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة لقصور الثقافة تكون لها الشخصية الاعتبارية يكون مقرها مدينة القاهرة وتتبع وزير الثقافة" ونصت المادة الثامنة منه على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير ..." يدل على أنه اعتبارا من تاريخ صدور ذلك القرار يكون رئيس مجلس إدارة الهيئة هو وحده صاحب الصفة في تمثيلها قبل الغير وأمام القضاء، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأخير مرتكب الحادث وكذا السيارة أداته يتبعان المطعون ضده بالبند ثانيا بصفته، ومن ثم يكون هو صاحب الصفة في الخصومة والمسئول مع المطعون ضده الأخير عن أداء التعويض المقدر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأغفل بحث الدفع المبدى من الطاعنين بصفتيهما بعدم قبول الدعوى قبلهما لرفعها على غير ذي صفة وألزمهما بالتعويض متضامنين مع المطعون ضدهما بالبندين ثانيا وثالثا فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به عليهما من تعويض دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ..... لسنة 125ق القاهرة، بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به قبل المستأنفين بصفتهما وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما لرفعها على ذي صفة.