الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 16 لسنة 4 ق جلسة 31 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 56 ص 670

جلسة 31 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

---------------------

(56)

القضية رقم 16 لسنة 4 القضائية

جامعات 

- أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب - قرار مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1927 بالسماح للأطباء الذين تنتظمهم هيئة التدريس في كلية الطب أن يباشروا مهنتهم في الخارج إلى جانب عملهم الحكومي مقابل تخفيض مرتباتهم إلى النصف وأن تعتبر مدة خدمتهم نصف وقت - تقنين المادة 16 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 هذا النظام - قرار مجلس الوزراء في 18 من يوليه سنة 1936 - تقريره صرف نصف الماهية للطبيب في الدرجة الخامسة فما فوق إذا طلب الطبيب الموظف الاشتغال نصف الوقت - قرار مجلس الوزراء في 6 من أكتوبر سنة 1946 - إبرازه معنى اشتغال أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب بمهنتهم في الخارج وتحديده ذلك بعدم تخصيص أعمال التدريس بكامل الوقت اللازم لها بسبب انصرافهم إلى العمل الخارجي المرخص لهم فيه - تقريره منح أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب كامل مرتبهم إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة - المادة 34 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 واختصاصها الأطباء الممنوعين من مزاولة المهنة بالخارج بمزية جديدة في الترقية - قرار مجلس كلية الطب بجامعة القاهرة بأن العمل في حالتيه نصف الوقت وكل الوقت لم يتغير في كمه وكيفه - لا يغير من طبيعة الأوضاع القانونية فيما يتعلق بمراكز هيئة التدريس بالكلية الذين وصفوا بقرار مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1927 بأنهم أطباء نصف الوقت - كون المدعي موظفاً نصف الوقت في فترة تخللت مدة خدمته خاضعاً في تسوية معاشه لحكم المادة 16 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929.

---------------------
الأصل أن يكرس الموظف كامل وقته لأداء واجبات وظيفته, أي أن ينقطع لها, سواء في وقت العمل الرسمي أو في غير الوقت المعين له, فلا يقوم في وقت فراغه بأي عمل بأجر, فإذا أذن له في هذا العمل كان وقته غير مكرس بأكمله لعمله الحكومي, وخفض مرتبه تبعاً لذلك. وقد رددت المادتان 73 و78 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فيما بعد الأصل العام في هذا الشأن؛ إذ نصت أولاهما على وجوب أن يخصص الموظف وقته العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته, وأجازت تكليفه بالعمل في غير أوقاته الرسمية علاوة على الوقت المعين لها إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك, وحظرت الثانية عليه أن يؤدي أعمالاً للغير بمرتب أو بمكافأة ولو في غير أوقات العمل الرسمية إلا أن يؤذن له في ذلك بالشروط التي أوردتها. وقد كان المدعي طبيباً يمضي كل الوقت في عمله, وغير مصرح له بالأشغال الخصوصية, ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1927 بالتصديق على قرار لجنة فحص كافيات موظفي التدريس بكلية الطب بجعل وظيفته نصف وقت بدلاً من وقت كامل بنصف مرتب اعتباراً من ذلك التاريخ؛ وبذا يكون هذا القرار قد قطع في تحديد وضعه؛ بأن اعتبره موظفاً "نصف الوقت"؛ إذ سمح له بمزاولة مهنته في الخارج وخفض مرتبه إلى النصف بناء على ذلك. ومقتضى هذا على الأساس المتقدم أن وقت عمله قد خفض إلى النصف كذلك؛ إذ هو علة تخفيض المرتب بهذا القدر. وقد صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية, وأورد في المادة 16 منه تعريفاً تشريعياً للموظف أو المستخدم الدائم "نصف الوقت" في مقام بيان أسس تسوية معاشه أو مكافأته إذا ما تخللت مدة خدمته مدد عمل فيها نصف الوقت؛ إذ جعل معيار قيام هذه الصفة به تخفيض أوقات عمله إلى النصف, وأكد ذلك فيما جاء بمذكرته الإيضاحية تعليقاً على هذه المادة متسقاً في تفسير مدلوله مع المعنى الذي اصطلحت عليه لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921؛ إذ صرحت لبعض الموظفين - لا سيما الأطباء منهم - بمزاولة مهنتهم في الخارج؛ الأمر الذي أنبنى عليه خفض الوقت الذي كان واجباً تكريسه لعملهم, على أن يتنازلوا في نظير ذلك عن نصف المرتب المقرر لهم, وهو ذات المعنى الذي أخذ به قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1927؛ وإذا كان المنشور رقم 5 الصادر في 28 من يونيه سنة 1936 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من يونيه سنة 1936 قد أوقف الترخيصات السابق منحها لبعض موظفي الحكومة ومستخدميها لمزاولة أعمال خارجة عن أعمال وظائفهم الأصلية في غير أوقات العمل الرسمية, فإنه قد استثنى من ذلك الترخيصات التي نصت عليها بعض الكادرات الخاصة, كما هو الحال في شأن الأطباء الذين يشغلون وظائف معينة في وزارة الصحة والجامعة المصرية, فأبقى عليها, ولم يصفها بأنها مقصورة على إباحة مزاولتهم لمهنتهم في غير أوقات العمل الرسمية, بل استثنى أربابها جملة بأوضاعهم وظروفهم القائمة بحسب الكادرات الخاصة بهم مطلقة من هذا القيد؛ ومن ثم فإن التحدي بالمنشور المشار إليه للتدليل على انحصار النشاط الخارجي لهذه الفئة من الموظفين من الناحية الزمنية في غير أوقات العمل الرسمية يكون في غير محله. وقد جاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1936 صريحاً في تأكيد المعنى المتقدم؛ إذ ورد به "أما إذا طلب (الطبيب الموظف) بعد ذلك مزاولة المهنة أو ما يعبر عنه بالاشتغال نصف الوقت صرف إليه نصف الماهية فقط في أية درجة كان من الخامسة فما فوق". وأعقبه بعد ذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1946 الذي أبرز معنى اشتغال أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب بمهنتهم في الخارج, وحدد مدلوله بقوله "حيث يصرفهم العمل الخارجي عن التفرغ لأعمال التدريس تفرغاً كافياً", فكشف بذلك عن أن هؤلاء لا يخصون أعمال التدريس بكامل الوقت اللازم لها بسبب انصرافهم إلى العمل الخارجي المرخص لهم فيه, وخلص من هذا إلى تقرير منح أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب "المسموح لهم بالاشتغال بمهنتهم خارجها مرتب وظيفتهم كاملاً إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة", ومنح "غير المسموح لهم بالاشتغال الخارجي بمهنتهم بدل تفرغ طبقاً للفئات "التي عينها, فضلاً عن مرتب الوظيفة الكامل. وبذا علق منح مرتب الوظيفة كاملاً للمشتغلين بالمهنة في الخارج على شرط تخصيص جهودهم في كل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة لاحتياجات التدريس بالكلية. وأفصح بهذا عن أن علة تخفيض المرتب إلى النصف كانت وما زالت هي عدم تحقق هذا التخصيص. ثم صدر القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, فآثر في المادة 34 مكرراً منه الأطباء الممنوعين من مزاولة مهنتهم بالخارج, دون غير الممنوعين منهم, بمزية جديدة في الترقية. ونص قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 تنفيذاً لهذه المادة على منحهم بدل طبيعة عمل بالكامل. وإذا كان قرار مجلس كلية الطب بجامعة القاهرة الصادر في 12 من ديسمبر سنة 1954 قد انتهى إلى "أن العمل في حالتيه ما سمي نصف الوقت وكل الوقت لم يتغير في كمه وكيفه" بعد 6 من أكتوبر سنة 1946 عما كان عليه قبل هذا التاريخ, فإن هذا لا يغير من طبيعة الأوضاع القانونية فيما يتعلق بمراكز أعضاء هيئة التدريس بالكلية الذين كانوا يمارسون مهنتهم في عياداتهم الخاصة في الخارج, والذين وصفوا بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1927 بأنهم أطباء "نصف الوقت", وخفضت مرتباتهم لهذا السبب إلى النصف وارتضوا ذلك, وكان وضعهم على هذا النحو يسمح لهم قانوناً بالتخفف من أوقات عملهم. ولما كان المدعي موظفاً نصف الوقت في الفترة التي تخللت مدة خدمته والواقعة بين 3 من ديسمبر سنة 1927 و6 من أكتوبر سنة 1946؛ فإنه يخضع في تسوية معاشه لحكم المادة 16 دون المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية.


إجراءات الطعن

في 25 من نوفمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 16 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 14 من أكتوبر سنة 1957 في الدعوى رقم 2058 لسنة 9 القضائية المقامة من الدكتور محمد عبد الوهاب مورو ضد جامعة القاهرة, القاضي "باستحقاق المدعي تسوية معاشه وفق أحكام المادة 15 من قانون المعاشات الملكية, وإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى جامعة القاهرة في 2 من ديسمبر سنة 1957, وإلى المطعون عليه في 4 منه. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 6 من ديسمبر سنة 1958، وفي 10 من نوفمبر سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد التظلم رقم 619 لسنة 2 القضائية ضد جامعة القاهرة بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 14 من ديسمبر سنة 1953, ذكر فيها أن معاشه ربط على اعتبار أن مدة خدمته من مايو سنة 1928 إلى أكتوبر سنة 1946 كانت نصف الوقت, والمدة الباقية كل الوقت, على الرغم من أن حالته لم تتغير منذ صرح له بمزاولة مهنته في سنة 1928, لغاية تاريخ إحالته إلى المعاش في سنة 1953, حيث كان يزاول مهنته خارج الجامعة طوال هذه المدة, وغاية الأمر أنه في سنة 1946 رفعت مرتبات أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب مع استمرارهم في ممارسة مهنتهم باعتبارهم أساتذة غير متفرغين. وقد حسبت لجميع زملائه الذين أحيلوا إلى المعاش قبله المدة بأكملها على آخر مرتب كانوا يتقاضونه؛ ولذا فإنه يطلب تعديل معاشه على آخر مرتب كان يتقاضاه أسوة بكل من سبقوه. وقد ردت وزارة المالية والاقتصاد على هذا التظلم في 27 من ديسمبر سنة 1953 بأنها قامت بتسوية معاش المدعي على أساس نص المادة 16 من قانون المعاشات الصادر في 28 من مايو سنة 1929 المعامل بأحكامه, وذلك بعد عرض الموضوع على الشعبة المالية والاقتصادية وصدور الفتوى منها في 2 من نوفمبر سنة 1953 بهذا الرأي؛ نظراً إلى أن له مدد خدمة نصف وقت أثناء مدة خدمته بالحكومة. أما بخصوص ما اتبع في تسوية حالات زملائه السابقين فقد سويت معاشاتهم على أساس الماهية الأخيرة؛ وذلك استناداً إلى فتاوى صدرت من مجلس الدولة في كل حالة على حدة. وبمناسبة صدور القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم المحاكم الإدارية أحيل هذا التظلم إلى المحكمة الإدارية لوزارة المالية والتجارة والزراعة والتموين التي حلت محل اللجنة القضائية وقيد بجدولها بذات الرقم. وبجلسة 16 من يناير سنة 1955 قضت المحكمة "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارات التربية والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي للاختصاص, واعتبرت النطق بهذا القرار إعلاناً للطرفين". وقد قيدت الدعوى بجدول المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي بعد إحالتها إليها تحت رقم 4322 لسنة 2 القضائية. ولما كان المدعي من الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية فقد أحيلت الدعوى بالتطبيق لأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة إلى محكمة القضاء الإداري؛ حيث قيدت بجدولها تحت رقم 2085 لسنة 9 القضائية. وقد أودعت وزارة المالية مذكرة بملاحظاتها قالت فيها إن المدعي كان مديراً لجامعة القاهرة وأحيل إلى المعاش اعتباراً من 25 من يونيه سنة 1953 بناء على طلبه, وكانت له مدد خدمة بعضها كامل الوقت وبعضها نصفه, وكان أثناء الفترة من 6 من أكتوبر سنة 1946 إلى 24 من يونيه سنة 1953 يزاول مهنته في الخارج في أوقات فراغه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1946 الذي منح أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب - المسموح لهم بالاشتغال بمهنتهم خارجها - مرتبات وظائفهم كاملة إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في المصالح الحكومية. وقد سوى معاشه طبقاً لأحكام المادة 16 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 المعامل به, فبلغ 833 م و73 ج شهرياً. ولكنه قدم طلباً بتسوية معاشه على أساس آخر ماهية عن مدد خدماته أسوة بزملائه. وباستطلاع رأي الشعبة المالية والاقتصادية بمجلس الدولة عما إذا كان معاشه يسوى وفقاً للمادة 15 أم للمادة 16 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929, أجابت بأنه - طبقاً لفتوى قسم الرأي مجتمعاً في 28 من أكتوبر سنة 1953 التي قضت بتطبيق المادة 16 من القانون المذكور على الموظفين الذين لهم مدد خدمة نصف وقت أثناء مدة خدمتهم - يتعين تطبيق المادة المشار إليها عند تسوية معاش المدعي؛ حيث إن له مدد خدمة نصف وقت أثناء مدة خدمته بالحكومة. وأضافت الوزارة أنه لما كان حكم المادة 16 من قانون المعاشات, وهو الخاص بفئة الموظفين الذين تشمل مدة خدمتهم مدداً كانوا فيها موظفين نصف الوقت, لاحقاً للمادة 15 التي تضمنت أحكاماً في شأن تسوية المعاشات بصفة عامة, فإن من شأن هذا الحكم الخاص أن يقيد من إطلاق الحكم العام؛ وعلى هذا الأساس سوى معاش المدعي بالتطبيق للمادة 16. ولما كانت مدة خدمة المدعي تنقسم إلى ثلاث فترات: (الأولى) 4 يوم و8 شهر و11 سنة, من 29 من مارس سنة 1916 إلى 2 من ديسمبر سنة 1927 كامل الوقت. و(الثانية) 3 يوم و10 شهر و18 سنة, من 3 من ديسمبر سنة 1927 إلى 5 من أكتوبر سنة 1946 نصف الوقت. و(الثالثة) 19 يوم و8 شهر و6 سنة, من 6 من أكتوبر سنة 1946 إلى 24 من يونيه سنة 1953 كامل الوقت, فإنه لا يمكن اعتبار الفترة الثالثة من مدة خدمته امتداداً للفترة الثانية واعتبار الفترتين مع مدة خدمته نصف الوقت كي يحسب معاشه بالنسبة لها على أساس مرتبه الأخير. أما الفئة الأولى من خدمته فلم يكن بد من حساب معاشها مستقلاً, وإضافته لمعاش المدة المجمعة. وليس صحيحاً أن نص المادة 16 من قانون المعاشات يسمح لصاحب المعاش بالتمسك بالمادة 15 أو بالمادة 16 منه وفقاً لمصلحته, وهذا ما نفذته الإدارة العامة لمعاشات الحكومة؛ الأمر الذي يتضح منه أن المدعي لا يستند في دعواه إلى أساس سليم من القانون. وخلصت الوزارة من هذا إلى طلب رفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً مؤرخاً 23 من يونيه سنة 1957 انتهى فيه - للأسباب التي أبداها - إلى التوصية "بقبول الدعوى شكلاً, وبتسوية معاش المدعي على أساس حكم المادة 15 من قانون المعاشات, مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وبجلسة 14 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") باستحقاق المدعي تسوية معاشه وفق أحكام المادة 15 من قانون المعاشات الملكية, وإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن حساب المعاش بالتطبيق لحكم المادة 16 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 من شأنه أن يؤدي إلى تخفيضه عما لو حسبت الخدمة كلها في مدة موحدة على أساس آخر مرتب تقاضاه الموظف عند اعتزاله الخدمة وفقاً لحكم المادة 15 من القانون المذكور. وأنه لما كان الثابت أن ثمت مدداً تخللت خدمة المدعي كان فيها غير متفرغ وتقاضي خلالها نصف المرتب المقرر لوظيفته, فإن مثار البحث يكون هو معرفة أي النصين يحكم تسوية معاشه, وأن وجوه الرأي تشعبت في شأن تسوية معاش الأطباء من أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب. وقد اتبعت وزارة المالية فتوى قسم الرأي مجتمعاً التي ذهبت في تفسير المادة 16 من قانون المعاشات تفسيراً صحيحاً مبناه أن الموظف نصف الوقت هو الذي يخفض عمله إلى النصف, أما إذا كان وقت عمله كاملاً فهو موظف طول الوقت, ولا ينفي عنه هذه الصفة الترخيص له في مزاولة مهنته في أوقات فراغه؛ إذ العبرة هي بمقدار الوقت الذي يكرسه الموظف لأداء وظيفته. ومقتضى إعمال هذه الفتوى أنه كان يتعين على وزارة المالية أن تبحث ما إذا كان عمل المدعي قد خفض إلى النصف في المدة التي تخللت خدمته وقت اشتغاله غير متفرغ بنصف مرتبه. وبالرجوع إلى مذكرة وزير المالية لمجلس الوزراء المؤرخة 14 من يوليه سنة 1936 يبين أنه بسبب قلة عدد الأطباء منح بعضهم مرتب عدم مزاولة المهنة رغبة في اجتذاب الأكفاء منهم إلى خدمة الحكومة وحملهم على التفرغ لهذه الخدمة. غير أن من طلب منهم مزاولة المهنة في الخارج مع قيامه بعمله في هيئة التدريس, أو ما يعبر عنه بالاشتغال نصف الوقت, فإنه يصرف له نصف مرتبه فقط؛ ومن ثم فإن الحكمة في تخفيض مرتب عضو هيئة التدريس المرخص له في مزاولة المهنة في الخارج قبل سنة 1946, لا ترجع إلى تخفيض عمله إلى نصف الوقت بالنسبة إلى عمل زميله المتفرغ للوظيفة فحسب, بل إلى الرغبة في اجتذاب أعضاء هيئة التدريس للتفرغ لبعض الدراسات بكلية الطب التي لم تلق إقبالاً عليها. ولما كان هذا غير كاف لتشجيع الأطباء على أنواع الدراسات الخاصة فقد أصدر مجلس الوزراء في 6 من أكتوبر سنة 1946 قراراً يقضي: 1 - بمنح غير المتفرغين مرتب وظيفتهم بالكامل. و2 - زيادة فئات بدل التفرغ لغير المسموح لهم بالاشتغال بالمهنة تشجيعاً لهم على متابعة البحث العلمي والانصراف إلى مهنة التدريس. وإذا كان قرار مجلس الوزراء هذا قد اقترن بتحفظ مبناه أن يصرف كامل المرتب لغير المتفرغين إذا خصوا كلية الطب بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة, فليس معنى ذلك أن المدعي وأمثاله من أعضاء هيئة التدريس الذين كانوا يزاولون مهنتهم في الخارج, إلى جانب قيامهم بأعباء وظائفهم الجامعية, قد غيروا من مقدار العمل أو الوقت الذي درجوا على تخصيصه قبل 6 من أكتوبر سنة 1946. وقد قرر مجلس كلية الطب بالإجماع بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1954 أن العمل في حالتيه مما سمى نصف الوقت وكل الوقت لم يتغير في كمه وكيفه, وأنه بقي في العهدين خاضعاً للنظم الجامعية, وأن توزيعه بين أعضاء هيئة التدريس يجرى طبقاً للجداول التي تعدها الكلية حسب حاجة التدريس، دون نظر إلى ما إذا كان من يقوم به متفرغاً أو غير متفرغ, وأن أعضاء هيئة التدريس الذين وصفوا قبل 6 من أكتوبر سنة 1946 بأنهم نصف الوقت كانوا يزاولن مهنتهم في عياداتهم الخاصة في غير أوقات عملهم الرسمي الذي لم يكن في أي وقت ينقص في الكم أو الكيف عن عمل زملائهم الذين كانوا وقتذاك لا يمارسون مهنتهم في الخارج. ويخلص من هذا أن المدة السابقة على قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1946 لم يكن العمل يؤدي فيها بنصف مقداره أو أن الموظف كان يعتبر فيها موظفاً نصف الوقت ونقصت أعماله إلى النصف, وإلا لما كانت الحكومة قد صرفت للمدعي ولغيره من الزملاء غير المتفرغين مرتب وظيفتهم بالكامل, فضلاً عن أن وزارة المالية لم تبين أن ثمت تغييراً قد طرأ على عمل المدعي بعد صدور قرار مجلس الوزراء المشار إليه يبرر تجزئة مدة خدمته؛ ولذا فإن المدة التي قضاها قبل 6 من أكتوبر سنة 1946 تكون مماثلة في طبيعتها للمدة التي أعقبت هذا التاريخ, مما يجعل مدة خدمته جميعها موحدة في العمل, وأنها لم تتخللها مدة نصف الوقت, ويرتب له الحق في تسوية معاشه على أساس حكم المادة 15 من قانون المعاشات. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 25 من نوفمبر سنة 1957 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أنه يبين من نص المادتين 15 و16 من القانون رقم 37 لسنة 1929 ومما جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون, أن مفهوم خفض العمل إلى النصف في خصوص المادة 16 منه هو التصريح للموظف بمزاولة مهنته في الخارج على أن يتنازل عن نصف مرتبه, فإذا قام هذا الوضع بالنسبة إلى موظف دائم اعتبر موظفاً "نصف وقت" وسويت مكافأته أو معاشه على مقتضى حكم هذه المادة, دون حكم المادة 15 من القانون. ولما كان المدعي قد رخص له في مزاولة مهنته في الخارج منذ سنة 1928, وكان يتقاضى نصف مرتبه حتى 6 من أكتوبر سنة 1946, تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء بمنحه مرتباً كاملاً بوصفه غير متفرغ, فإن جهة الإدارة تكون قد التزمت حكم القانون الصحيح حين سوت معاشه على وفق حكم المادة 16 من القانون رقم 37 لسنة 1929, وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في تفسير هذه المادة, حين اتخذ من قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1946 ومن قرار مجلس كلية الطب الصادر في 12 من ديسمبر سنة 1954 سنداً لتبيان مدلول النص القانوني, فذهب إلى أن مجلس الوزراء قد منح المدعي وزملاءه من غير المتفرغين مرتباً كاملاً, مع أن وضعهم السابق لم يتغير؛ الأمر الذي يدل على أنهم كانوا يؤدون عملهم كاملاً قبل صدور هذا القرار وبعده, كما ذهب إلى أن قرار مجلس الكلية قاطع في الدلالة على أن المدعي كان يعمل كل الوقت في المدة من سنة 1928 حتى سنة 1946, والواقع إلى أن هذا التفسير يؤدي إلى نتائج لا يمكن قبولها, منها أن حكم المادة 16 يصبح غير ذي موضوع, أو يعد تزايداً ولغواً مما ينزه عنه المشرع. ومنها أن غير المتفرغين ممن لا يمارسون مهنتهم في الخارج يتقاضون بدل تفرغ لغير ما عمل يؤذونه, طالما أنهم سواسية مع غير المتفرغين, عند وتوزيع العمل في كلية الطب, من حيث الكم والكيف. والحال أن مفهوم "نصف الوقت" في حكم المادة 16 من قانون المعاشات الملكية لا يجوز استخلاصه إلا من المذكرة الإيضاحية لهذا القانون دون غيرها؛ وعلى ذلك ينبغي أن يفهم قرار مجلس الوزراء, وهو أداة تشريعية أدنى من قانون, على أنه تخلى عن اشتراط تنازل الأطباء "نصف الوقت" من أعضاء هيئة التدريس عن نصف مرتباتهم؛ وبذلك فهم موظفون "نصف الوقت" حتى بعد 6 من أكتوبر سنة 1946, كما ينبغي أن يفهم قرار مجلس الكلية على أنه مقصور على جدول الدروس دون غيره من عمل يضطلع به الطبيب من أعضاء هيئة التدريس المتفرغين؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه. وقد عقب المدعي على الطعن بمذكرة قال فيها إن المادة 16 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 تعرف الموظف "نصف الوقت" بأنه الموظف الذي خفض وقت عمله إلى النصف, وأن هذا التفسير هو الذي أخذت به المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على هذه المادة, واعتنقته فتوى قسم الرأي مجتمعاً الصادرة في 28 من أكتوبر سنة 1953, ومؤداه أن العبرة هي بالوقت الذي يعمله الموظف فعلاً وحقيقة, خلافاً لما يذهب إليه تقرير الطعن من أن العبرة هي بالتصريح أو عدم التصريح للموظف بمزاولة مهنته في الخارج, على أن يتنازل عن نصف مرتبه في الحالة الأولى. ولو أخذ بالرأي الذي يقول به الطعن لوجب أن يعتبر أساتذة كليات الحقوق والهندسة والطب البيطري وغيرهم من طوائف الموظفين المأذون لهم بالعمل في الخارج موظفين نصف الوقت, بل لوجب أن تخفض مرتباتهم إلى النصف. والحال أن المدعي كان دائماً طوال مدة خدمته موظفاً "كل الوقت"؛ وآية ذلك ما جاء في قرار مجلس كلية الطب بجامعة القاهرة الصادر بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1954 من أن العمل في حالتيه ما سمي "نصف الوقت" و"كل الوقت" لم يتغير في كمه وكيفه, وأن أعضاء هيئة التدريس الذين وصفوا بأنهم "نصف الوقت" كانوا يزاولون مهنتهم في عيادتهم الخاصة في غير أوقات عملهم الرسمي التي لم تكن في أي وقت تنقص في الكم والكيف عن زملائهم الذين كانوا في نفس الوقت لا يمارسون مهنتهم في الخارج. فهذا القرار قاطع في أن المدعي لم يخفض وقت عمله إلى النصف في وقت ما من مدة خدمته. وإذا كان مرتبه قد خفض إلى النصف في الفترة من 3 من ديسمبر سنة 1927 إلى 5 من أكتوبر سنة 1946 فإن علة ذلك ترجع إلى نظام خاطئ وضعته الإدارة الإنجليزية لمدرسة الطب في الماضي وورثته كلية الطب بعد أن صارت كلية جامعية, إلى أن صححه قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1946 الذي لم يعتبر أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب المسموح لهم بالاشتغال بمهنتهم خارجها موظفين "نصف الوقت" كما سموا كذلك في الماضي. ولا عبرة بما أورده هذا القرار من قوله "إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة"؛ لأن هذه العبارة لا تعدو أن تكون من قبيل تحصيل الحاصل, هذا إلى أنه يبدو من المنشور رقم 5 الصادر في 28 من يونيه سنة 1936 أن الترخيص في مزاولة المهنة في الخارج يشترط أن تكون تلك المزاولة في غير أوقات العمل الرسمية, الأمر الذي ينتفي معه فكرة تخفيض وقت العمل الرسمي بالنسبة للمدعي إلى النصف؛ ومن ثم يتعين تسوية معاشه وفقاً لأحكام المادة 15 من قانون المعاشات على أساس آخر مرتب تقاضاه, وذلك بطريق القياس على ما اتبع في شأن أساتذة الكليات الأخرى وشأن زملائه السابقين في كلية الطب ذاتها. على أنه لما كان تقرير الطعن قد أقر بأن صفة المدعي كموظف "نصف الوقت" لم تتغير قبل وبعد 6 من أكتوبر سنة 1946, أي أن مدة خدمته تعتبر جميعها موحدة في طبيعتها ونوعها, فإن هذا يؤدي حتماً إلى تطبيق حكم المادة 15 من قانون المعاشات في حقه دون المادة 16 منه, على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه؛ وذلك باعتبار آخر مرتب تقاضاه هو الأساس لتسوية معاشه. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم برفض الطعن, وتأييد الحكم المطعون فيه الذي قضى باستحقاقه تسوية معاشه وفق أحكام المادة 15 من قانون المعاشات الملكية, وإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات".
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حاصل على دبلوم مدرسة الطب المصرية في سنة 1915, وعين بمصلحة الصحة العمومية وقت أن كانت تابعة لوزارة الداخلية, وألحق بمستشفى القصر العيني بوظيفة طبيب مؤقت بموجب عقد لمدة سنة اعتباراً من 29 من مارس سنة 1916 بماهية شهرية قدرها 12 ج تصرف من ربط وظيفة طبيب درجة رابعة فئة ثانية, وهي إحدى وظائف أطباء التمرين الخالية بالمستشفى. وأوفد في بعثة إلى انجلترا في 5 من سبتمبر سنة 1918 على ذمة وزارة المعارف العمومية بعد أن انتخب طالب بعثة تحت التمرين منذ 29 من مارس سنة 1917, ثم عين معيداً ومسجلاً بمدرسة الطب ومستشفى قصر العيني بعقد لمدة سنتين من 10 من أبريل سنة 1922 براتب ثابت قدره 500 ج سنوياً خلاف علاوة العشرين في المائة ضمن المستخدمين المؤقتين حرف "ب", ونص بند "شروط خصوصية" الواردة بعقد استخدامه المؤرخ 10 من أبريل سنة 1922 على أنه "لا يصرح لحضرته بالأشغال الخصوصية". ثم جدد عقده لمدة ثلاث سنوات بماهية قدرها 600 ج سنوياً, وعين في وظيفة جراح مساعد يمضي كل الوقت في عمله بمدرسة الطب من أول سبتمبر سنة 1924 بمرتب سنوي قدره 660 ج في الدرجة الرابعة. وبناء على قرار لجنة فحص كفايات موظفي التدريس بكلية الطب المعينة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أبريل سنة 1926, والمعدلة بقرار المجلس الصادر في 6 من يناير سنة 1927, بجلستها المنعقدة في 6 من يونيه سنة 1927 تحت رياسة وزير المعارف العمومية, وعلى تصديق مجلس الوزراء على قرار اللجنة بجلسته المنعقدة في 3 من ديسمبر سنة 1927, جعلت وظيفة المدعي "نصف وقت بدلاً من وقت كامل", وذلك بنصف مرتب قدره 30 جنيهاً شهرياً في الدرجة الرابعة اعتباراً من 3 من ديسمبر سنة 1927, تاريخ تصديق مجلس الوزراء, وظل يتدرج في الترقيات بوصفه "نصف وقت" مع مزاولة مهنته في الخارج إلى أن بلغ وظيفة أستاذ بكلية الطب. وفي 6 من أكتوبر سنة 1946 صدر قرار مجلس الوزراء بتطبيق مزايا كادر رجال القضاء على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة, ونص على أن يمنح أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب المسموح لهم بالاشتغال بمهنتهم خارجها مرتبات وظائفهم كاملة إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة. وقد أوضحت كلية الطب أن المدعي يزاول مهنته في الخارج ويتقاضى نصف مرتبه, وأنه قبل أن يكرس الوقت اللازم لأعمال الكلية حسبما تقرره جداول العمل وحاجة الأبحاث, وطلبت منحه ماهية كاملة بدلاً من النصف طبقاً لقرار مجلس الوزراء المشار إليه. وقد وافق وزير المعارف العمومية على ذلك, ومنح المدعي ماهية كاملة قدرها 100 ج شهرياً اعتباراً من 6 من أكتوبر سنة 1946, مع استمراره في مزاولة مهنته في الخارج في أوقات فراغه, ثم عين بعد ذلك عميداً لكية طب قصر العيني, فمديراً لجامعة القاهرة. وأحيل إلى المعاش اعتباراً من 25 من يونيه سنة 1953 بناء على طلبه, وربط له معاش قدره 833 م و73 ج في الشهر.
ومن حيث إن تقرير لجنة تعديل الدرجات المتضمن كادر الموظفين لسنة 1921, الذي وافق عليه مجلس الوزراء بقراره الصادر في 30 من يونيه سنة 1921 جاء في المادة 46 منه تحت عنوان "شروط الاشتغال بأعمال خصوصية" في الباب الثاني الخاص بساعات العمل: "من المناسب في هذا الصدد الإشارة إلى الشروط التي بمقتضاها يحق للموظفين أن يتعاطوا أشغالاً خصوصية. وقد وجه التفات اللجنة إلى هذه الحالة وتبين لها أن الوزارات لا تسير على نمط واحد. وللحصول على معاملة مبينة على المساواة توصي اللجنة باتباع المبادئ الآتية: 1 - لا يجوز لأي موظف أن يشتغل بالتجارة أو الصناعة. 2 - يجوز للموظف أن يباشر أي عمل بأجر وقت فراغه من عمل الحكومة بشرط الحصول على تصريح سابق وعدم وجود ما يمنع من ذلك, ويجوز سحب هذا التصريح في أي وقت. ويصدر هذا التصريح بالنسبة للكتبة من رئيس المصلحة, ولغيرهم بمعرفة الوزير". كما ورد في الملحق التاسع لهذا التقرير وهو الخاص بمربوط الدرجات في الكادر الفني والإداري "بند (جـ) وزارة المعارف العمومية, موظفو القسم الطبي" بيان بتحديد مرتبات الأطباء والموظفين بمدرسة الطب ومستشفي قصر العيني, وهذا البيان مسبوق بالملاحظة الآتية: "المرتبات المبينة أدناه مقترحة للموظفين الذين يكرسون كل وقتهم للعمل, أما الذين لا يكرسون إلا جزءاً منه لا يعطون إلا جزءاً معيناً من المرتب. ولهؤلاء الأخيرين ما لغيرهم من الحقوق في الدرجة التي يشغلونها مهما بلغ ما يتقاضونه من المرتب".
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية نص في الفقرة الأولى من المادة 15 منه على أن "تكون تسوية المعاشات بصفة عامة باعتبار متوسط الماهيات التي استولى عليها الموظف أو المستخدم في السنتين الأخيرتين من خدمته, على أن من يفصل من الخدمة لبلوغه سن الستين يسوى معاشه باعتبار متوسط الماهية في السنة الأخيرة", كما نص في المادة 16 منه على أن "يسوى معاش أو مكافأة الموظفين والمستخدمين الدائمين الذين تشمل مدة خدمتهم مدداً خفضت فيها أوقات العمل إلى النصف وهم المعروفون بالموظفين "نصف الوقت" حسب القواعد الآتية: 1 - يحسب المعاش الذي يستحقه الموظف في كل مدة على حدة على أساس الماهية الكاملة أو المخفضة طبقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا القانون, وتضم قيم معاشات هذه المدد بعضها إلى بعض, ويكون مجموعها المعاش الذي يعطى للموظف أو المستخدم. 2 - .....". وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم بقانون أن المادة 16 "تتضمن القواعد التي تسوى على أساسها مكافآت ومعاشات الموظفين الدائمين الذين تخللت مدة خدمتهم مدد خفضت فيها أوقات العمل إلى النصف, وهم المعروفون بالموظفين "نصف الوقت", وهذه الفئة من الموظفين لم تكن موجودة قبل سنة 1921, وقد أوجدتها لجنة تعديل الدرجات التي صرحت لبعض الموظفين لا سيما الأطباء منهم بمزاولة مهنتهم في الخارج على أن يتنازلوا في نظير ذلك عن نصف المرتب المقرر لهم...". وهذا النظام سبق أن عومل به أحد الأطباء بمقتضى قرار خاص من مجلس الوزراء.
ومن حيث إنه تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر بجلسته المنعقدة في 17 من يونيه سنة 1936 صدر المنشور رقم 5 في 28 من يونيه سنة 1936 الخاص بمزاولة الموظفين أعمالاً إضافية, ونص في مادته الأولى على أن "توقف الترخيصات القائمة التي أعطيت لموظفي الحكومة ومستخدميها لمزاولة أعمال خارجة عن أعمال وظائفهم الأصلية في غير أوقات العمل الرسمية ما عدا الترخيصات التي نصت عليها بعض الكادرات الخصوصية (مثل الأطباء الذين يشغلون وظائف معينة في وزارة الصحة والجامعة المصرية)", كما نص في الفقرة الأولى من مادته الثانية على أن "لا يباح في المستقبل لموظف أو مستخدم أن يزاول عملاً إضافياً حراً كان أو حكومياً من الأعمال الجالبة للربح إلا بترخيص خاص من مجلس الوزراء".
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 18 من يوليه سنة 1936 على مذكرة اللجنة المالية جاء فيها أنه "تنفيذاً لخطة الاقتصاد التي اعتزمت الحكومة أن تنتهجها وتخفيفاً لأعباء الميزانية من جراء اعتمادات الموظفين, قد قامت وزارة المالية ببحث شامل في المرتبات والمكافآت التي تمنح للموظفين من اعتمادات الميزانية علاوة على ماهياتهم, إما في مقابل أعمال إضافية, وإما لظروف تلابس الوظيفة. وهي تتشرف بأن تعرض على مجلس الوزراء في الكشوف المرافقة نتيجة هذا البحث..". وقد ورد في هذه الكشوف تحت عنوان "وزارة الصحة - مرتب عمل مزاولة المهنة" ما يأتي "ينمح بعض أطباء مصلحة الصحة والجامعة المصرية والسجون الذين في الدرجة السادسة مرتباً قدره 60 ج. م سنوياً لأطباء الأسنان والأطباء المسجلين بالقصر العيني و96 ج. م سنوياً لسائر الأطباء نظير عدم مزاولة المهنة في الخارج. فإذا ما رقوا إلى الدرجة الخامسة ضم هذا المرتب إلى صلب الماهية وحرم الموظف بطبيعة الحال من مزاولة المهنة. أما إذا طلب بعد مزاولة المهنة أو ما يعبر عنه بالاشتغال نصف الوقت صرف إليه نصف الماهية فقط في أية درجة كان من الخامسة فما فوق. وحيث إن الحكمة في صرف هذا المرتب ترجع إلى ما كان فيما مضى من قلة عدد الأطباء ثم الرغبة في اجتذاب الأكفاء منهم إلى خدمة الحكومة وحملهم على التفرغ لها. وحيث إن الحكمة الآن قد تغيرت بما يبرر إعادة النظر في أمر هذا المرتب المقترح تخفيضه إلى 48 ج. م و72 ج. م سنوياً على التوالي وجعله مستقلاً عن الماهية في الدرجة الخامسة كما هو مستقل عنها في الدرجة السادسة".
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 6 من أكتوبر سنة 1946 على الاقتراحات المبينة بكتاب وزير المعارف العمومية الذي رفعه إلى المجلس طالباً فيه الموافقة على تطبيق مزايا كادر القضاء ورجال النيابة وأقسام قضايا الحكومة على أعضاء هيئة التدريس والمعيدين بجامعتي القاهرة والإسكندرية, والذي ورد فيه " ويجدر بي ألا أغفل حالة خاصة بأعضاء هيئة التدريس في كلية الطب حيث يصرفهم العمل الخارجي عن التفرغ لأعمال التدريس تفرغاً كافياً, أو في الحالة التي تكون مادة تخصصهم لا تسمح بإيجاد عيادة خاصة بهم. وهؤلاء وأولئك يجب تشجيعهم على التفرغ لأعمال التدريس عن طريق زيادة فئات بدل المتفرغ, وإلا واجهت كلية الطب - بل هي تواجه الآن - أزمة مستحكمة في سبيل جذب هؤلاء الأعضاء أو استبقائهم وانصرافهم للبحث العلمي ومهنة التدريس. ولذلك اقترح أن يمنح أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب غير المسموح لهم بالاشتغال الخارجي بمهنتهم بدل تفرغ طبقاً للفئات التالية: الأساتذة 360 ج في السنة, الأساتذة المساعدون 240 ج في السنة, المدرسون 180 ج في السنة, مساعدو المدرسين والمعيدون 120ج في السنة, كما أقترح أن يمنح بقية أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب المسموح لهم بالاشتغال بمهنتهم خارجها مرتب وظيفتهم كاملاً إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية في مصالح الحكومة".
ومن حيث إنه بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1954 صدر قرار مجلس كلية الطب بجامعة القاهرة في شأن أعضاء هيئة التدريس "نصف الوقت" بالكلية, وجاء فيه "نظر المجلس مذكرة عن المعاش مقدمة من بعض أعضاء هيئة التدريس الذين كانوا يعملون نصف الوقت ويتقاضون نصف المرتب. وقرر المجلس بالإجماع أن العمل في حالتيه ما سمى نصف الوقت وكل الوقت لم يتغير في كمه وكيفه, وبقي في العهدين خاضعاً للنظم الجامعية. وأن توزيعه بين أعضاء هيئة التدريس يجري طبقاً للجداول التي تعدها الكلية حسب حاجة التدريس دون نظر إلى شخص من يقوم به متفرغاً كان أو غير متفرغ. وإن أعضاء هيئة التدريس الذين وصفوا قبل 6 من أكتوبر سنة 1946 بأنهم نصف الوقت كانوا يزاولون مهنتهم في عياداتهم الخاصة في غير أوقات عملهم الرسمي التي لم تكن في أي وقت تنقص في الكم والكيف عن زملائهم الذين كانوا في نفس الوقت لا يمارسون مهنتهم في الخارج".
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نص في الفقرة الأولى من المادة 73 منه على أن على الموظف ".. أن يخصص وقت عمله الرسمي لأداء واجبات وظيفته", وفي الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "... ويجوز تكليف الموظفين بالعمل في غير أوقاته الرسمية علاوة على الوقت المعين لها إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك", كما نص في الفقرة الأولى من المادة 78 منه على أنه "لا يجوز للموظف أن يؤدي أعمالاً للغير بمرتب أو بمكافأة ولو في غير أوقات العمل الرسمية", وفي الفقرة الثانية منها "على أنه يجوز للوزير المختص أن يأذن للموظف في عمل معين بشرط أن يكون ذلك في غير أوقات العمل الرسمية", وكذلك نص في المادة 34 مكرراً منه على أنه "يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص ترقية الطبيب الذي يمنع من مزاولة مهنته بالخارج درجة أو درجتين, وذلك بالشروط التي يقرها مجلس الوزراء". وقد صدر قرار مجلس الوزراء في 11 من أغسطس سنة 1953 بهذه الشروط, ونص في المادة السادسة منه على أن "ينمح جميع الأطباء الشاغلين لوظائف تقتضي الحرمان من مزاولة المهنة في الخارج مرتب بدل طبيعة عمل بالكامل".
ومن حيث إنه يؤخذ من كل ما سلف إيراده أن مجلس الوزراء وافق في 30 من يونيه سنة 1921 على ما اقترحته لجنة تعديل الدرجات وقتذاك من إقرار مبدأ إجازة اشتغال الموظف بأي عمل خاص بأجر, فيما خلا الأعمال التجارية والصناعية التي هي محظورة عليه, وذلك وقت فراغه من عمله الحكومي بشرطين هما: الحصول على ترخيص سابق قابل للسحب في أي وقت, وعدم وجود مانع من مباشرة هذا العمل. كما وافق على ما أقرته اللجنة من السماح لبعض الموظفين, وبخاصة الأطباء منهم, بمزاولة مهنتهم في الخارج, وعدم تخصيص كل وقتهم للعمل الحكومي، لقاء خفض المرتب المقرر لهم أصلاً، وعدم منحهم إياه كاملاً. ومفهوم هذا أن الأصل بحسب هذه القاعدة أن يكرس الموظف كامل وقته لأداء واجبات وظيفته, أي أن ينقطع لها, سواء في وقت العمل الرسمي أو في غير الوقت المعين له, فلا يقوم في وقت فراغه بأي عمل بأجر, فإذا أذن له في هذا العمل كان وقته غير مكرس بأكمله لعمله الحكومي, وخفض مرتبه تبعاً لذلك. وقد رددت المادتان 73 و78 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فيما يعد الأصل العام في هذا الشأن؛ إذ نصت أولاهما على وجوب أن يخصص الموظف وقته العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته, وأجازت تكليفه بالعمل في غير أوقاته الرسمية علاوة على الوقت المعين لها إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك. وحظرت الثانية عليه أن يؤدي أعمالاً للغير بمرتب أو بمكافأة ولو في غير أوقات العمل الرسمية، إلا أن يؤذن له في ذلك بالشروط التي أوردتها. وقد كان المدعي طبيباً يمضي كل الوقت في عمله, وغير مصرح له بالأشغال الخصوصية, ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1927 بالتصديق على قرار لجنة فحص كافيات موظفي التدريس بكلية الطب بجعل وظيفته نصف وقت بدلاً من وقت كامل بنصف مرتب اعتباراً من ذلك التاريخ؛ وبذا يكون هذا القرار قد قطع في تحديد وضعه بأن اعتبره موظفاً "نصف الوقت"؛ إذ سمح له بمزاولة مهنته في الخارج، وخفض مرتبه إلى النصف بناء على ذلك. ومقتضى هذا على الأساس المتقدم أن وقت عمله قد خفض إلى النصف كذلك؛ إذ هو علة تخفيض المرتب بهذا القدر. وقد صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية, وأورد في المادة 16 منه تعريفاً تشريعياً للموظف أو المستخدم الدائم "نصف الوقت" في مقام بيان أسس تسوية معاشه أو مكافأته إذا ما تخللت مدة خدمته مدد عمل فيها نصف الوقت؛ إذ جعل معيار قيام هذه الصفة به تخفيض أوقات عمله إلى النصف. وأكد ذلك فيما جاء بمذكرته الإيضاحية تعليقاً على هذه المادة متسقاً في تفسير مدلوله مع المعنى الذي اصطلحت عليه لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921؛ إذ صرحت لبعض الموظفين لا سيما الأطباء منهم - بمزاولة مهنتهم في الخارج؛ الأمر الذي أنبنى عليه خفض الوقت الذي كان واجباً تكريسه لعملهم, على أن يتنازلوا في نظير ذلك عن نصف المرتب المقرر لهم, وهو ذات المعنى الذي أخذ به قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1927؛ إذ خفض مرتب المدعي إلى النصف واعتبر وقت عمله مخفضاً إلى النصف كذلك، ونص صراحة على جعل وظيفته "نصف وقت" بدلاً من وقت كامل. وهو تعبير يجد تفسيره الصحيح في التعريف الذي أوردته المادة 16 آنفة الذكر ومذكرتها الإيضاحية على نحو ما سلف بيانه. وإذا كان المنشور رقم 5 الصادر في 28 من يونيه سنة 1936 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من يونيه سنة 1936 قد أوقف الترخيصات السابق منحها لبعض موظفي الحكومة ومستخدميها لمزاولة أعمال خارجة عن أعمال وظائفهم الأصلية في غير أوقات العمل الرسمية, فإنه قد استثنى من ذلك الترخيصات التي نصت عليها بعض الكادرات الخاصة, كما هو الحال في شأن الأطباء الذين يشغلون وظائف معينة في وزارة الصحة والجامعة المصرية, فأبقى عليها, ولم يصفها بأنها مقصورة على إباحة مزاولتهم لمهنتهم في غير أوقات العمل الرسمية, بل استثنى أربابها جملة بأوضاعهم وظروفهم القائمة بحسب الكادرات الخاصة بهم مطلقة من هذا القيد؛ ومن ثم فإن التحدي بالمنشور المشار إليه للتدليل على انحصار النشاط الخارجي لهذه الفئة من الموظفين من الناحية الزمنية في غير أوقات العمل الرسمية يكون في غير محله. وقد جاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1936 صريحاً في تأكيد المعنى المتقدم؛ إذ ورد به "أما إذا طلب (الطبيب الموظف) بعد ذلك مزاولة المهنة أو ما يعبر عنه بالاشتغال نصف الوقت صرف إليه نصف الماهية فقط في أية درجة كان من الخامسة فما فوق". وأعقبه بعد ذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1946، الذي أبرز معنى اشتغال أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب بمهنتهم في الخارج, وحدد مدلوله بقوله "حيث يصرفهم العمل الخارجي عن التفرغ لأعمال التدريس تفرغاً كافياً", فكشف بذلك عن أن هؤلاء لا يخصون أعمال التدريس بكامل الوقت اللازم لها بسبب انصرافهم إلى العمل الخارجي المرخص لهم فيه, وخلص من هذا إلى تقرير منح أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب "المسموح لهم بالاشتغال بمهنتهم خارجها مرتب وظيفتهم كاملاً إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة", ومنح "غير المسموح لهم بالاشتغال الخارجي بمهنتهم بدل تفرغ طبقاً للفئات" التي عينها, فضلاً عن مرتب الوظيفة الكامل. وبذا علق منح مرتب الوظيفة كاملاً للمشتغلين بالمهنة في الخارج على شرط تخصيص جهودهم في كل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة لاحتياجات التدريس بالكلية. وأفصح بهذا عن أن علة تخفيض المرتب إلى النصف كانت وما زالت هي عدم تحقق هذا التخصيص. ثم صدر القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, فآثر في المادة 34 مكرراً منه الأطباء الممنوعين من مزاولة مهنتهم بالخارج, دون غير الممنوعين منهم, بمزية جديدة في الترقية. ونص قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 تنفيذاً لهذه المادة على منحهم بدل طبيعة عمل بالكامل. وإذا كان قرار مجلس كلية الطب بجامعة القاهرة الصادر في 12 من ديسمبر سنة 1954 قد انتهى إلى "أن العمل في حالتيه - ما سمي نصف الوقت وكل الوقت - لم يتغير في كمه وكيفه" بعد 6 من أكتوبر سنة 1946، عما كان عليه قبل هذا التاريخ, فإن هذا لا يغير من طبيعة الأوضاع القانونية فيما يتعلق بمراكز أعضاء هيئة التدريس بالكلية الذين كانوا يمارسون مهنتهم في عياداتهم الخاصة في الخارج, والذين وصفوا بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1927 بأنهم أطباء "نصف الوقت", وخفضت مرتباتهم لهذا السبب إلى النصف وارتضوا ذلك, وكان وضعهم على هذا النحو يسمح لهم قانوناً بالتخفف من أوقات عملهم.
ومن حيث إنه يخلص مما سبق أنه يجب على الموظف أن يكرس كل وقته لخدمة الحكومة, كما يجب عليه ألا يباشر أي عمل تجاري, وألا يزاول عملاً مهنياً إلا بترخيص خاص. فلما رؤى لاعتبارات تتعلق بالصالح العام أن يسمح للأطباء الذين تنظمهم هيئة التدريس في كلية الطب أن يباشروا مهنتهم في الخارج إلى جانب عملهم الحكومي, صدر قرار مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1927 بذلك, ولكن في مقابل أن تخفض مرتباتهم على النصف, وأن تعتبر مدة خدمتهم "نصف وقت", فيكون لها أثرها على هذا الوجه في حساب المعاش. وقد قنن المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية هذا النظام في المادة 16 منه حسبما سلف بيانه. وظل الحال هكذا على أن تغيرت النظرة للموضوع للاعتبارات التي أعيد تقديرها, فصدر قرار مجلس الوزراء في 6 من أكتوبر سنة 1946 على أساس منحهم كامل مرتبهم "إذا خصوا الكلية بكل أوقات العمل الرسمية المقررة في مصالح الحكومة", أي أنهم إذا وفوا بذلك كزملائهم غير المرخص لهم في مزاولة مهنتهم في الخارج تقاضوا مرتبهم كاملاً, ولكن بدون بدل تفرغ، وحسبت لهم المدة كاملة في المعاش. وقد تمت تسوية معاش المدعي بعد اعتزاله الخدمة على الأساس السابق تفصيله, وهي تسوية صحيحة.
ومن حيث إنه يتضح من كل ما تقدم أن المدعي كان موظفاً نصف الوقت في الفترة التي تخللت مدة خدمته والواقعة بين 3 من ديسمبر سنة 1927 و6 من أكتوبر سنة 1946؛ ومن ثم فإنه يخضع في تسوية معاشه لحكم المادة 16 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة على أساس سليم من القانون. وإذ قضى حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه باستحقاق المدعي تسوية معاشه وفق أحكام المادة 15 من المرسوم بقانون المشار إليه, فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, ويتعين القضاء بإلغائه, وبرفض الدعوى, مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 945 لسنة 4 ق جلسة 24 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 55 ص 663

جلسة 24 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(55)

القضية رقم 945 لسنة 4 القضائية

جريمة تأديبية 

- المحاكمة الإدارية تبحث في سلوك الموظف وفي مدى إخلاله بواجبات وظيفته - صدور حكم البراءة في جريمة جنائية نسبت إلى الموظف - لا يمنع من أن ما وقع منه يشكل ذنباً إدارياً يجوز مساءلته عنه بطريق المحاكمة التأديبية.

----------------
إن المحاكمة الإدارية إنما تبحث في سلوك الموظف وفي مدى إخلاله بواجبات وظيفته حسبما يستخلص من مجموع التحقيقات, أما المحاكمة الجنائية فإنما ينحصر أثرها في قيام جريمة من جرائم القانون العام قد يصدر حكم بالبراءة فيها, ومع ذلك فإن ما يقع من المتهم يشكل ذنباً إدارياً, وإن كان لا يكون جريمة خاصة, إلا أنه لا يتفق ومقتضيات السلوك الوظيفي, فيكون ذنباً يجوز مساءلته عنه بطريق المحاكمة التأديبية.


إجراءات الطعن

في 13 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 17 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 266 لسنة 4 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد علي عرفة ضد وزارة التربية والتعليم, والقاضي "بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 3 من فبراير سنة 1957 بتقرير فصل المدعي من الخدمة, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 29 من سبتمبر سنة 1958, وإلى المدعي في 6 من أكتوبر سنة 1958, وعين لنظره جلسة 18 من أكتوبر سنة 1958, وأجلت للمرافعة لجلسة 6 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات, وأرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المدعي قدم إلى المحاكمة التأديبية إثر تحقيقات أجريت في شكوى قدمت ضده بتهمة إنشاء علاقة غير شريفة بينه وبين السيدة أمينة عبده إبراهيم زوجة السيد إبراهيم الشاعر حالة كونها أماً لتسعة أولاد مما أدى إلا طلاقها, وترتب على ذلك تقويض منزل الزوجية وهدم كيان الأسرة, وأن المدعي تزوج من هذه السيدة فيما بعد زواجاً عرفياً ستراً لجريمته وهروباً من المسئولية؛ الأمر الذي لا يليق صدوره من مرب موكول إليه تربية النشء وتهذيبه ومفروض فيه حسن الخلق. وقد صدر قرار مجلس التأديب في 28 من ديسمبر سنة 1955 بعزل المدعي من الخدمة, مع "حفظ حقه في المعاش أو المكافأة". فاستأنف المدعي القرار, وقرر مجلس التأديب الاستئنافي في 2 من فبراير سنة 1957 تأييد القرار المستأنف, وأخطر المدعي بمنطوق القرار, وتم فصله من الخدمة في 5 من فبراير سنة 1957. وينعي المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون وإساءة استعمال السلطة. وفصل أسباب طعنه في صحيفة الدعوى بطلب الحكم بإلغاء القرار, وما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وبجلسة 2 من مارس سنة 1957 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ قرار الفصل من الخدمة. وبجلسة 17 من يوليه سنة 1958 صدر الحكم قاضياً بإلغاء القرار الصادر في 2 من فبراير سنة 1957 بتقرير فصل المدعي من الخدمة, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على الثابت - من الحكم الصادر في 18 من مارس سنة 1956 ببراءة المدعي من الجنحة رقم 439 جنح ثالث بورسعيد سنة 1955 المقامة بطريق الإدعاء المباشر, ومن الحكم الصادر في 18 من مايو سنة 1958 برفض الدعوى رقم 24 لسنة 1956 مدني كلي - أن جانباً من الوقائع كان محل مساءلة المدعي أمام مجلس التأديب الذي انتهى إلى إصدار القرار محل الطعن وقد ثبت عدم صحة نسبتها إليه. ولما كانت رقابة القضاء الإداري على القرار التأديبي, شأن أي قرار آخر لتعرف مشروعية هذا القرار, تقضي, فضلاً عن التثبت من صدوره من مختص وفي الشكل المقرر قانوناً وتوخي المصلحة العامة في إصداره, توافر ركن السبب, وهو تأسيسه على وقائع ثابتة لها أصل من الأوراق, وإلا افتقد القرار ركناً من أركان مشروعيته, ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المستفاد من أوراق المحاكمة التأديبية وخاصة حكم التأديب الاستئنافي أن الجو الذي خلقه المتهم بتردده على هذه الأسرة كان عاملاً قوياً في تفككها وهدمها. وقد دلل المتهم على تصرفه بإتمام الزواج, وأن تصرف المدعي وسلوكه لا يتفق مع ما يجب أن يتصف به رجال التعليم, وأنه لا يغير من الأمر شيئاً صدور حكم ببراءة المدعي في الجنحة رقم 439 جنح ثالث بورسعيد سنة 1955, وحكم رفض الدعوى رقم 24 لسنة 1956 مدني كلي؛ ذلك أن هذين الحكمين - فيما اشتملا عليه من أسباب - لم يكونا بسبيل إثبات أو نفي اثر سلوك المدعي وما ترتب عليه من هدم كيان أسرة وتشريد أطفالها, وما كشف عنه هذا السلوك من خلق غير قويم, وإنما كن في شأن تقدير ما إذا كانت تصرفات المدعي تكون جريمة تحريض على الفسق وجريمة سب أم لا, فهما بهذه المثابة لا يتغيبان التثبت من قيام سبب الجزاء التأديبي.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار النزاع هو تحدد أثر الحكم الصادر بالبراءة في الجنحة رقم 439 جنح بورسعيد سنة 1955 وكذلك حكم رفض الدعوى رقم 24 لسنة 1956 مدني كلي في المحاكمة الإدارية, وهل يقوم ثمت تعارض بين المسئولية الإدارية والحكمين المذكورين؟
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء التنويه إلى أن المحاكمة الإدارية تبحث في سلوك الموظف وفي مدى إخلاله بواجبات وظيفته حسبما يستخلص من مجموع التحقيقات, أما المحاكمة الجنائية فإنما ينحصر أثرها في قيام جريمة من جرائم القانون العام قد يصدر حكم بالبراءة فيها, ومع ذلك فإن ما يقع من المتهم يشكل ذنباً إدارياً, وإن كان لا يكون جريمة خاصة, إلا أنه لا يتفق ومقتضيات السلوك الوظيفي, فيكون ذنباً يجوز مساءلته عنه بطريق المحاكمة التأديبية.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى حكم الجنحة رقم 439 جنح ثالث بورسعيد لسنة 1955 يتضح أن التهمة المنسوبة إلى المدعي هي أنه "دأب على التعرض للسيدة أمينة عبده إبراهيم الجعيدي والقذف في عرضها مما تسبب عنه طلاقها من زوجها".
ومن حيث إنه ولئن حكمت المحكمة بالبراءة من هذه التهمة لانتفائها بإنكار المجني عليها صدور أقوالها الثابتة بالشكوى المنضمة للجنحة رقم 3779 لسنة 1954 جنح ثاني بورسعيد, وبتقريرها أمام المحكمة أن هذه الأقوال لم تصدر منها, وأنها وقعت عليها تحت العنف والتهديد. غير أنه ثابت في أسباب هذا الحكم أن المدعي بالحق المدني محمد عبده إبراهيم الجعيدي وهو أخ السيدة أمينة عبده إبراهيم الجعيدي قد شهد بأنه تعرف بالمتهم (المدعي) منذ سنة 1944, وكان يتردد على منزله الذي تقيم به شقيقته أمينة مع زوجها ابن خالها عثمان إبراهيم الشاعر, فمنعه زوج أخته من التردد على منزله, ثم انتقل زوج الأخت إلى منزل آخر, وظل المتهم يتردد على المنزل الجديد، وأشيع أن المتهم يقابل شقيقته ويعاكسها، فتحدث إلى المتهم فيما أشيع فأنكره, ثم كلف شخصاً يدعى محمد محمد مرزوق للتوسط لدى المتهم, فعاد وقرر له أن المتهم مصمم على تطليق أخته ليتزوجها, كما شهد واعظ المدينة بأن المتهم اعترف بوجود علاقة شريفة بينه وبين أخت المدعي بالحق المدني, وأنه لا يمانع من زواجها, وعلم أنه تزوجها فعلاً عقب طلاقها, وأن المتهم عاتب الواعظ على موعظة ألقاها بالقرب من مسكن أخت المدعي بالحق المدني, وشهد آخر بأن إشاعة سرت بوجود علاقة بين المتهم وأخت المدعي بالحق المدني, وأن المتهم اعترف بعلاقته بهذه العائلة منذ سنة 1942, وشهد ثالث بأنه قابل المتهم مصادفة وأبلغه أنه يحب أخت المدعي بالحق المدني ويرغب الزواج بها.
ومن حيث إنه واضح مما تقدم أن الحكم الجنائي ولئن كان قد برأ المتهم من الجريمة المقدم للمحاكمة من أجلها, إلا أنه لم ينف عنه اتصاله بشقيقة المدعي بالحق المدني من سنين طويلة, ثم زواجه بها عقب طلاقها من زوجها.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الحكم الجنائي الصادر من محكمة بورسعيد الابتدائية في القضية رقم 24 لسنة 1956 مدني كلي المرفوعة من عثمان إبراهيم الشاعر ضد المدعي "محمد علي عرفة" وزوجته أمينة عبده الجعيدي, يتضح أن الدعوى هي مطالبتها بالتعويض المدني عما ارتكباه في حق المدعي عن خيانة الأول الأمانة واستغل سماح المدعي له بدخول منزله فسرق عرضه وشرفه, ثم راح يمتهن كرامته أمام الناس مقوضاً حياته العائلية بحرمان أولاده الصغار من عطف أمهم, كما أن المدعى عليها الثانية انقادت للأول فقوضت صرح حياة عائلية هادئة واستنزفت أموالاً كبيرة وهبتها للمدعى عليه الأول الذي أقام بها عقاراً, وأنه ترتب على هذا الخطأ ضرر بالغ تمثل في أنه أصبح مثار تهكم مرير وقد تهدمت حياة العائلة وحرم الأولاد من عطف أمهم, فضلاً عن أنه ساوره شك قاطع في حقيقة نسب أولاده إليه, وقد ترتب على ذلك أن زوج إحدى بناته طلقها عقب علمه بسقطة أمها, وهرب ابنه من مدرسته لتعيير التلاميذ له والتحق جندياً في الجيش. وقد حكمت المحكمة برفض الدعوى, وأسس حكمها على أنه بالنسبة للمدعى عليه الأول فإن المحكمة مقيدة بالحكم الجنائي، وقد حسم الوقائع بما يعتبر قرينة قانونية على عدم ثبوت الفعل من المدعى عليه الأول. وبالنسبة للمدعى عليها الثانية فإنها تستفيد بالتبعية؛ لأنه لا يتصور استجابتها لوقائع لا تقوم إلا بين طرفيها.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المدني لا أثر له على الدعوى التأديبية؛ لأن أثره منتزع من أثر الحكم الجنائي ومترتب عليه.
ومن حيث إنه ثابت من قرار مجلس التأديب الاستئنافي أن التهمة الموجهة إلى المدعي تنحصر في أنه أنشأ علاقة غير شريفة مع السيدة أمينة عبده إبراهيم الجعيدى, حالة كونها أماً لتسعة أولاد، مما أدى إلى طلاقها من زوجها, وترتب عليه تقويض منزل الزوجية وهدم كيان الأسرة, وقد تزوج من هذه السيدة بعد ذلك زواجاً عرفياً ستراً لجريمته وهروباً من المسئولية؛ الأمر الذي لا يليق صدوره من مرب موكول إليه تربية النشء وتهذيبه ومفروض فيه حسن الخلق وحميد السلوك. وانتهى مجلس التأديب إلى أن تصرف المتهم وسلوكه مما قد ترتب عليه تقويض هذه الأسرة وتفككها؛ الأمر الذي لا يتفق وما يجب أن يتصف به رجال التعليم, وأنه قد أصبح لا يطمئن إلى كفاءته في تربية النشء وتهذيبه.
ومن حيث إن قرار مجلس التأديب الابتدائي ومن بعده الاستئنافي قد استند إلى وقائع ثابتة في قضية الجنحة رقم 439 قسم ثالث بورسعيد سنة 1955, على الوجه السالف إيضاحه, كما قد أقيم القرار التأديبي على وقائع ثابتة في تحقيق النيابة الإدارية خلصت منها إلى أن الجو الذي خلقه المتهم بتردده على هذه الأسرة كان عاملاً قوياً في تفككها وهدمها. وقد دلل المتهم على تصرفه بإتمام الزواج, وأن تصرفه لا يتفق مع ما يجب أن يتصف به رجال التعليم؛ إذ المستفاد من الأوراق أن ثمت علاقة قد نشأت بين المدعي وبين السيدة المذكورة كان السبيل إليها تردده على منزلها لإعطاء الدروس لأولادها؛ الأمر الذي أثار الشائعات عن مدى هذه العلاقة وأدى في نهاية المطاف إلى استئثاره بالزوجة بعد تشريد تسعة أولاد, مما يجعله غير أمين على تربية النشء. فإذا كان مجلس التأديب الاستئنافي قد خلص من هذا كله إلى الاقتناع بأن فيما اقترفه المدعي من تصرفات خروجاً عن مقتضيات السلوك الواجب على رجال التعليم بالابتعاد عما يحط من كرامتهم ويسئ إلى سمعتهم, وكان اقتناعه هذا مجرداً من الميل والهوى, وبني عليه قراره بإدانة سلوك المدعي مستنبطاً ذلك من أصول ثابتة لا تتعارض مع الحكم الجنائي الذي يحوز قوة الشيء المقضي به فيما يثبته أو ينفيه من الوقائع المكونة للجريمة الجنائية, فإن القرار الإداري - والحالة هذه - يكون قد قام على سببه ومطابقاً للقانون. ولا يغير من الأمر شيئاً صدور حكم ببراءة المدعي في الجنحة رقم 439 جنح ثالث بورسعيد سنة 1955 وحكم رفض الدعوى رقم 24 لسنة 1956 مدني كلي؛ ذلك أن هذين الحكمين - فيما اشتملا عليه من أسباب - لم يكونا بسبيل إثبات أو نفي سلوك المدعي وما أنبنى عليه من تقويض كيان أسرة وتشريد أطفالها وما كشف عنه من خلق غير قويم, وإنما كانا في شأن تقدير ما إذا كان الأفعال المسندة إلى المدعي تكون جريمة تحريض على الفسق وجريمة سب أو لا, فهما بهذه المثابة لا ينفيان قيام سبب الجزاء التأديبي على الوجه السالف إيضاحه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه, إذ ذهب غير هذا المذهب, فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين الحكم بإلغائه, والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 52 لسنة 4 ق جلسة 24 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 54 ص 659

جلسة 24 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(54)

القضية رقم 52 لسنة 4 القضائية

اختصاص 

- القرار الصادر من الهيئة المشكل منها مجلس التأديب بنقل واعظ إلى وظيفة كتابية بالتطبيق للمادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - قرار نقل نوعي يختص القضاء الإداري بالفصل في الطعن فيه - رقابة القضاء الإداري تكون بالتثبت من تشكيل الهيئة وفق نصوص القانون وقيام السبب الذي قام عليه القرار دون التدخل في تقدير الإدارة.

-----------------
إن نقل المدعي من وظيفة واعظ إلى وظيفة كتابية ليس نقلاً مكانياً حتى تتسلب المحكمة من اختصاصها, بل إنه قرار نقل نوعى قصد به إبعاد الموظف عن وظيفته في الكادر الفني العالي إلى وظيفة أدنى مرتبة في الكادر الكتابي. ولئن كانت المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف يحال إلى اللجنة التي يشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته, فإذا تبين لها أنه قادر على تحسين حالته وجهت إليه تنبيها بذلك, وإلا قررت نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها", إلا أن رقابة محكمة القضاء الإداري تتمثل في التثبت من تشكيل الهيئة وفق نصوص القانون وفي قيام السبب الذي قام عليه القرار بغير تدخل في تقدير الإدارة وفي اقتناعها بما استقرت عليه عقيدتها, ما دام ذلك كله قد خلا من إساءة استعمال السلطة.


إجراءات الطعن

في 14 من ديسمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 69 لسنة 11 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد وهبة الشربيني ضد الجامع الأزهر, والقاضي "بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى, وإلزام المدعي بالمصرفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "القضاء بقبول هذا الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وإعادتها إليها للفصل فيها". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجامع الأزهر في 21 من ديسمبر سنة 1957, وإلى المدعي في 26 منه, وعين لنظره جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل, حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعي قد حصل في عام 1944 على شهادة العالمية مع إجازة الدعوة والإرشاد؛ ثم التحق بالخدمة في 20 من مايو سنة 1948 في وظيفة إمام. وبتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1953 ندب للعمل واعظاً في القوات المسلحة. وإذ قدر بدرجة ضعيف في كل من سنتي 1954 و1955 فقد أحالته مشيخة الأزهر إلى الهيئة المشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته كمقتضى نص المادة 32 من قانون التوظف. وبتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1956 أصدرت الهيئة قرارها بتوجيهه للأعمال الكتابية. وفي 11 من أكتوبر سنة 1956 أقام المدعي دعواه بإلغاء هذا القرار بحجة مخالفته للقانون؛ ذلك أن إدارة الجيش هي التي كان لها وحدها أن تطبق في حقه أحكام المادة 32 سالفة الذكر لأنه كان يعمل لديها في السنتين اللتين وصف فيهما بالضعف, ولم يعمل بالأزهر إلا بضعة أشهر من سنة 1956 لا تمكنه من الحكم على عمله, فضلاً عن أن هذه المادة لا تخول جهة الإدارة سلطة تأديبية من شأنها إهدار مؤهلاته بوضعه مع غير المؤهلين. وقد رد الجامع الأزهر بأن الهيئة المشكل منها مجلس التأديب لم تصدر قرارها المطعون إلا بعد أن تبين لها أن المدعي غير قادر على تحسين حالته. فقد اعترف في التحقيق الذي أجرى معه أنه لا يصلح للخطابة, وبالتالي لا يمكن أن يكون إماماً أو واعظاً. وفي 13 من نوفمبر سنة 1957 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, تأسيساً على أن إجراء نقل المدعي إلى السلك الكتابي لا يعتبر جزاء عن جرم ارتكبه, ما دامت نيته سليمة, وكان ضعفه لا يعدو أن يكون صفة عالقة بشخصه لا يستطيع لها دفعاً ولا يقوى على علاجها, بل النقل في هذه الحالة يعتبر من قبيل الإجراءات التنظيمية البحتة التي تترخص فيها جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية, ما دام رائدها الصالح العام وبغيتها منفعة المرفق الإداري. وأنه لما كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يخرج بطبيعته عن الأمور التي تخضع لرقابة هذه المحكمة. وقد طعن رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم طالباً القضاء بقبول هذا الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وإعادتها إليها للفصل فيها. واستند في طعنه إلى الأسباب المفصلة في صحيفة الطعن.
ومن حيث إن النقطة القانونية مثار النزاع هي ما إذا كان القرار المطعون فيه مما يخرج بطبيعته عن رقابة القضاء الإداري, كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه, أم أنه يخضع لرقابة هذا القضاء.
ومن حيث إنه ظاهر أن نقل المدعي في الحالة المعروضة ليس نقلاً مكانياً حتى تتسلب المحكمة من اختصاصها, بل إنه قرار نقل نوعي قصد به إبعاد الموظف عن وظيفته في الكادر الفني العالي إلى وظيفة أدنى مرتبة في الكادر الكتابي.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف يحال إلى اللجنة التي يشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته, فإذا تبين لها أنه قادر على تحسين حالته وجهت إليه تنبيها بذلك, وإلا قررت نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها", إلا أن رقابة محكمة القضاء الإداري تتمثل في التثبت من تشكيل الهيئة وفق نصوص القانون, وفي قيام السبب الذي قام عليه القرار, بغير تدخل في تقدير الإدارة وفي اقتناعها بما استقرت عليه عقيدتها, ما دام ذلك كله قد خلا من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه, وقد تسلب من اختصاص القضاء الإداري في هذه المنازعة, فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين القضاء بإلغائه, وباختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى, وبإعادتها إلى محكمة الفضاء الإداري للفصل فيها".

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.

الطعن 1000 لسنة 4 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 53 ص 653

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

----------------

(53)

القضية رقم 1000 لسنة 4 القضائية

اختصاص 

- دفن الموتى يعتبر من المرافق العامة - تنظيم المشرع لهذا المرفق بموجب القانون رقم 1 لسنة 1922 ولائحة ممارسة مهنة الحانوتية والتربية وإخضاعه الحانوتية والتربية لنظام إداري مماثل لنظم التوظف باعتبارهم عمال هذا المرفق - اعتبارهم من الموظفين العموميين - النظر في المنازعة المتعلقة بصحة التعيين في وظيفة تربي يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية.

------------------
إن دفن الموتى بالجبانات هو من المرافق العامة لاتصاله اتصالاً وثيقاً بالشئون الصحية والإدارية والشرعية؛ ومن أجل ذلك تدخل المشرع فنظمه تنظيماً عاماً بموجب القانون رقم 1 لسنة 1922 ولائحة القواعد والأنظمة المختصة بممارسة مهنة الحانوتية والتربية التي صدرت بتفويض من القانون المذكور. ولما كان الحانوتية والتربية ومساعدوهم هم عمال هذا المرفق فقد نظم القانون واللائحة المشار إليهما طريقة تعيينهم ومباشرتهم لوظيفتهم, وحدد واجباتهم والأعمال المحرمة عليهم وتأديبهم, وأخضعهم في ذلك كله لنظام إداري مماثل لنظم التوظف, فلا يجوز لأحد منهم مباشرة مهنته إلا بقرار إداري من لجنة الجبانات يرخص له في ذلك بعد استيفاء الشروط الواجب توافرها, وهى شروط خاصة بالسن وبالدين وباللياقة الصحية وبعدم سبق صدور حكم جنائي عليه وبحسن السمعة ومعرفة القراءة والكتابة والإلمام بالأحكام الشرعية والصحية والإدارية اللازمة لأداء هذه المهنة. كما أنه أخضعهم لنظام تأديبي, شأنهم في ذلك شأن سائر الموظفين, وأجاز توقيع جزاءات تأديبية عليهم من الجهة الإدارية المختصة, وهذه الجزاءات تماثل الجزاءات التأديبية التي توقع على سائر الموظفين؛ فهم بهذه المثابة يعتبرون من الموظفين العموميين وليسوا من الأفراد. ولما لم يكونوا من الفئة العالية أو الضباط أو ممن هم في مستواهم الوظيفي فإن المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية تكون - والحالة هذه - مختصة بهذه الدعوى.


إجراءات الطعن

في 29 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة طعناً قيد بجدولها تحت رقم 1000 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بجلسة 2 من أغسطس سنة 1958 في الدعوى رقم 329 لسنة 5 القضائية المرفوعة من أحمد أحمد حجاج الشهير بأحمد بدوي ضد بلدية القاهرة وآخر, القاضي "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وإحالتها إليها للفصل فيها موضوعاً. وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 19 من أكتوبر سنة 1958, وإلى الخصم في 19 من يوليه سنة 1958, وعينت لنظره جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958. وفي 18 من نوفمبر سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 471 لسنة 12 القضائية بعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 29 من يناير سنة 1958 طالباً الحكم: أولاً, وبصفة مستعجلة, بوقف تنفيذ قرار لجنة الجبانات الخاص بتعيين محمود محمد يوسف تربياً بجبانة باب الوزير لحين الفصل في الموضوع. ثانياً, وفي الموضوع, بإلغاء قرار لجنة الجبانات الصادر في 21 من يناير سنة 1958 بوقف طلب تعيينه وحفظه, وبأحقيته في التعيين بوظيفة تربي بجبانة باب الوزير, مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذكر بياناً لدعواه أنه عين بوظيفة تربي بجبانة باب الوزير عقب وفاة خالة, وظل يباشر عمله حتى اتهم بتدبير من خصومه في جريمة حوكم من أجلها جنائياً وفصل تأديباً بتاريخ 4 من مايو سنة 1946 بناء على صدور حكم بالعقوبة ضده, وقامت لجنة الجبانات بتعيين ابنه محمد أحمد بدوي تربياً, إلى أن عين مدرساً بوزارة التربية والتعليم, فتنازل عنها لوالده المفصول الذي حصل على حكم برد اعتباره في القضية رقم 509 و106 سنة 1954. وبتاريخ 20 من فبراير سنة 1956 أصدرت اللجنة التأديبية قرارها بالتوصية بسحب رخصته والنظر في تعيين والده الذي أعيد رد اعتباره, فانعقدت اللجنة في 24 من أبريل سنة 1956 للنظر في تعيينه, وأصدرت قرارها بأنها رأت إعادة تعيينه لأحقيته في العودة إلى عمله بعد رد اعتباره, مع رفع الأمر للبلدية للاستئناس برأي مجلس الدولة, إذا رأت ضرورة لذلك. وفي 26 من سبتمبر سنة 1956 أصدر المجلس البلدي قراراً بوقف تعيينه وحفظ طلبه استناداً إلى فتوى قسم قضايا الحكومة بحرمان التربي المفصول من حق إعادة تعيينه ما دام قد صدر ضده حكم جنائي وفقاً للمادة 25 من لائحة ممارسة مهنة الحانوتية والتربية, فأرسل إنذاراً إلى المدعى عليهما بتاريخ 29 من سبتمبر سنة 1956 - مبيناً وجه الخطأ القانوني في قرار المجلس البلدي السالف الذكر, وبأن الفتوى التي قام عليها لا تنطبق على حالته, فضلاً عن أنها صادرة عام 1938, وقد نسخت بتشريعات لاحقة - طالباً إيقاف اتخاذ الإجراءات لحين الفصل في الدعوى المرفوعة منه لإلغاء هذا القرار أمام المحكمة, كما أرسل تظلماً إلى الوزير بنفس المعنى. وقد انتهز محمود محمد يوسف فرصة ضم ملفات المنطقة لأوراق الدعوى المشار إليها وقدم طلباً جديداً إلى بلدية القاهرة لتعيينه تربياً لهذه المنطقة, وصدر قرار اللجنة في 21 من يناير سنة 1958 بتعيينه دون إخطار المدعي أو النشر خلو المنطقة وإخطار من يتقدم لحضور الجلسة, في حين أن المنطقة لم تكن خالية من تربي, فالقرار باطل لأنه بني على الغش, وقد نصت المادة 28 من اللائحة المعدلة بقرار 24 من يناير سنة 1949 على أنه إذا خلا محل حانوتي أو تربي فللجنة عند تعيين بدله أن تراعى الأولوية لأولاده وأقربائه متى توافرت فيهم شروط الانتخاب. وقدم تقدم شقيق التربي المفصول وهو ابنه (ابن المدعي) لتعيينه وهو صاحب الأولوية في التعيين طبقاً للمادة 28 من اللائحة المشار إليها. وقد حكمت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلستها المنعقدة في 18 من فبراير سنة 1958 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية. واستندت في قضائها إلى أن المنازعة تدور حول صحة تعيين آخر خلاف المدعي في وظيفة تربي بجبانة باب الوزير نظراً لأحقيته لها, وهذه الوظيفة ليست من وظائف الفئة العالية ولا الضباط, فتكون الدعوى من اختصاص المحكمة الإدارية الخاصة بوزارة الشئون البلدية, وأحيلت إليها فعلاً.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية نظرت الدعوى وقدمت لها بلدية القاهرة مذكرة دفاعها طلبت فيها رفض طلب وقف التنفيذ؛ استناداً إلى تخلف عنصري وقف التنفيذ, وهما النتائج التي يتعذر تداركها واحتمال كسب الدعوى, وذلك استناداً إلى أن القرار المطعون فيه لا يعدو أن يكون توصية بالتعيين أو الترشيح له؛ إذ أن السلطة التي تملك تعيين التربية وعزلهم هي الهيئة الإدارية لمجلس بلدي مدينة القاهرة بعد مصادقة وزير الشئون البلدية والقروية وذلك بناء على الاختصاصات المخولة له بمقتضى قانون إنشاء المجلس رقم 145 لسنة 1949 وما لحقه من تعديلات, وأن الأولوية التي تضمنتها المادة 28 من هذه اللائحة جوازية, وقد فصل المدعي من هذه المهنة لإخلال بواجبات مهنته؛ فقد حكم عليه في جريمة نصب رقم 555 لسنة 1945 بالسجن خمس سنوات لاحتياله على سيدة داخل المقابر وابتزازه ما يربو على الألف جنبه منها, وأنه لا يفيده رد اعتباره إليه, ما دام القانون يشرط في التعيين حسن السمعة وحميد السيرة.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية حكمت بجلسة 2 من أغسطس سنة 1958 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات, واستندت في قضائها إلى أن مهنة التربي ليست وظيفة عمومية, وبالتالي لا يكون التربي موظفاً عمومياً خلافا لرئيس الحانوتية الذي يعتبر كذلك, وأن الدعوى لا تعدو أن تكون طعناً من أحد الأفراد في قرار إداري برفض الترخيص باحتراف مهنة تربي, وهو أمر خارج عن اختصاصها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى نفي صفة الموظف العمومي عن التربي, وهو حكم سليم في نظر هيئة المفوضين, فتكون محكمة القضاء الإداري وحدها المختصة بنظر الدعوى.
من حيث إنه نص في المادة العاشرة من تلك اللائحة على أن "التربية ومساعدي التربية هم الذين يتولون دفن الموتى...", ونص في المادة 11 على أنه "لا يجوز لأحد مباشرة مهنة تربي إلا بترخيص من لجنة الجبانات...", ثم تلا ذلك في هذه المادة بيان الشروط الواجب توافرها في التربي أو مساعده, ونصت المادة 12 على أن "تحدد لجنة الجبانات للتربي منطقة يعمل بها, ولا يجوز للتربي أن يباشر الدفن في غير المنطقة المعينة في رخصته", ثم بينت اللائحة في المواد التالية واجبات التربي أو مساعد والأعمال المحرمة عليهما, ثم نصت المادة 23 على أن كل تقصير أو مخالفة لأحكام هذه اللائحة يعاقب عليها بأحد الجزاءات الآتية: (أولاً) الإنذار. (ثانياً) الغرامة التي لا تزيد على خمسة جنيهات. (ثالثاً) التوقيف عن العمل مدة لا تجاوز ستة أشهر. (رابعاً) الحرمان من المهنة, وهذا مع عدم الإخلال بالدعوى الجنائية التي يكون هناك محل لإقامتها على المخالف, أو الدعوى المدينة التي قد يرفعها عليه الغير, كما نصت المادة 26 على "أن كل حانوتي أو تربي فقد شرطاً من الشروط المقررة لممارسة مهنته تسحب رخصته بقرار من لجنة الجبانات".
ومن حيث إنه يبين من تلك النصوص أن دفن الموتى بالجنايات هو من المرفق العامة؛ لاتصاله اتصالاً وثيقاً بالشئون الصحية والإدارية والشرعية؛ ومن أجل ذلك تدخل المشرع فنظمه تنظيماً عاماً بموجب القانون رقم 1 لسنة 1922 ولائحة القواعد والأنظمة المختصة بممارسة مهنة الحانوتية والتربية التي صدرت بتفويض من القانون المذكور. ولما كان الحانوتية والتربية ومساعدوهم هم عمال هذا المرفق فقد نظم القانون واللائحة المشار إليهما طريقة تعيينهم ومباشرتهم لوظيفتهم وحدد واجباتهم والأعمال المحرمة عليهم وتأديبهم, وأخضعهم في ذلك كله لنظام إداري مماثل لنظم التوظف, فلا يجوز لأحد منهم مباشرة مهنته إلا بقرار إداري من لجنة لجبانات يرخص له في ذلك بعد استيفاء الشروط الواجب توافرها, وهى شروط خاصة بالسن وبالدين وباللياقة الصحية وبعدم سبق صدور حكم جنائي عليه وبحسن السمعة ومعرفة القراءة والكتابة والإلمام بالأحكام الشرعية والصحية والإدارية اللازمة لأداء هذه المهنة, كما أنه أخضعهم لنظام تأديبي, شأنهم في ذلك شأن سائر الموظفين, وأجاز توقيع جزاءات تأديبية عليهم من الجهة الإدارية المختصة, وهذه الجزاءات تماثل الجزاءات التأديبية التي توقع على سائر الموظفين؛ فهم بهذه المثابة يعتبرون من الموظفين العموميين وليسوا من الأفراد. ولما لم يكونوا من الفئة العالية أو الضباط أو ممن هم في مستواهم الوظيفي, فإن المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية تكون - والحالة هذه - مختصة بهذه الدعوى. ويكون الحكم المطعون فيه, إذ ذهب غير هذا المذهب، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه, وإعادة القضية إلى المحكمة المذكورة للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بنظر الدعوى, وبإحالتها إليها للفصل في موضوعها.

الطعن 684 لسنة 4 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 52 ص 645

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الحريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(52)

القضية رقم 684 لسنة 4 القضائية

(أ) مؤهل دراسي 

- الدكريتو الصادر في 10 من أبريل سنة 1897 - تقريره أصلاً عاماً مبناه أن الشهادات الدراسية التي تمنحها الحكومة المصرية هي دون غيرها التي تؤهل المصريين لتولي الوظائف الحكومية - نصه استثناء على جواز اعتبار الشهادات الأجنبية معادلة للشهادات المصرية إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها فيه - تقرير هذه المعادلة من الملاءمات التي تترخص فيها الإدارة - مثال.
(ب) سلك سياسي وقنصلي 

- لائحة شروط الخدمة في وظائف السلك الخارجي المصدق عليها من مجلس الوزراء في 25 من مايو سنة 1933 - لا تلزم الإدارة بوضع أمين المحفوظات في الدرجة السادسة وإنما جازت تعيينه في درجة لا تتجاوز هذه الدرجة - شغل المدعي للدرجة الثامنة وقت نقله إلى وزارة الخارجية - يجعل ترقيته إلى الدرجة السادسة مباشرة ضمن الدرجات المخصصة في الميزانية لأمين المحفوظات غير جائزة.

-------------------
1 - إن المادة الأولى من الدكريتو الصادر في 10 من أبريل سنة 1897 تنص على أن "الدبلومات والشهادات الدراسية التي تعطيها الحكومة المصرية هي التي تعتبر دون سواها بالديار المصرية لدخول المصريين في الوظائف الأميرية, أما المدارس الكلية الأجنبية المعتبرة بصفة قانونية لدى حكومتها فيجوز من باب الاستثناء اعتبار الشهادات التي تعطيها للمتخرجين معادلة للشهادات المصرية بحسب الشروط المدونة في المادة الثانية", ونصت المادة الثانية على أنه "لا تعتبر أية دبلوم أو شهادة أجنبية معطاة لمصري من رعايا الحكومة المحلية معادلة لدبلوم أو شهادة مصرية إلا إذا كان صاحبها قد حصل عليها خارج القطر عقب امتحانات أداها بجميع أجزائها وعلى حسب الشروط المعتادة بالمقر الشرعي للمدرسة الكلية الأجنبية بشرط أن تكون هذه المدرسة موجودة ومعترفاً بها في البلد الذي هي تابعة له", ونصت المدة الرابعة على أنه "ومع ذلك فالحاصلون على دبلومات أجنبية أرقى من شهادة الدراسة الثانوية المصرية وليس بيدهم شهادة الدراسة الثانوية المصرية أو شهادة أجنبية معادلة لها على حسب الشروط المبينة في المادة الثانية يجب عليهم تأدية الامتحان في جميع العلوم المقررة للحصول على هذه الشهادة". فإذا كان الثابت أن حالة المطعون عليه قد عرضت على وزارة التربية والتعليم لتقدير مؤهله, فأجابت "بأن المطعون عليه لم يحصل على البكالوريا التي تطلب عادة بفرنسا وهى المعادلة لشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان وأن شهادة المعادلة للبكالوريا التي تمنح في مثل هذه الظروف لا يمكن الاعتراف بأن قيمتها تساوي البكالوريا التي يحصل عليها بالامتحان في فرنسا, وهى دون غيرها التي تعترف بها الحكومة المصرية بأنها معادلة لشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان عدا اللغة العربية؛ وبذلك لا يمكن اعتبار المطعون عليه من وجهة الثقافة العامة في مستوى حامل دبلوم عالية مصرية" - إذا كان الثابت هو ما تقدم, فإنه بقطع النظر عما أثير حول تقدير مؤهل المطعون عليه فإن نص المادة الأولى من دكريتو 10 من أبريل سنة 1897 تقرر أصلاً عاماً مبناه أن الشهادات الدراسية التي تمنحها الحكومة المصرية هي دون غيرها التي تؤهل المصريين لتولي الوظائف الحكومية, وقد أورد النص استثناء على هذا الأصل العام مفاده أنه يجوز اعتبار الشهادات الأجنبية معادلة للشهادات المصرية إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية من الدكريتو سلف الذكر. وغنى عن القول أن تقرير هذه المعادلة أمر تترخص فيه جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية بما لا معقب عليها.
2 - إن المادة الرابعة من لائحة شروط الخدمة في وظائف السلك الخارجي - المصدق عليها من مجلس الوزراء في 25 من مايو سنة 1933, والتي ألحق المطعون عليه في ظل أحكامها في وظيفة أمين محفوظات - تنص على أنه "يلحق بالمفوضيات والقنصليات أمناء للمحفوظات وكتاب بحسب حالة العمل في كل جهة, وتكون درجاتهم كدرجات الكادر الكتابي ولا تتجاوز الدرجة السادسة الكاملة". وظاهر من هذا النص أن الإدارة ليست ملزمة حتماً بوضع أمين المحفوظات في الدرجة السادسة, وإنما محل الإلزام ألا تتجاوز الإدارة في تعيينه هذه الدرجة, فيجوز إذن تعيينه في أدنى منها بحسب الظروف والأحوال, كما حصل في خصوصية النزاع؛ ذلك أنه ما دام المدعي حين نقل من وزارة الحربية كان في الدرجة الثامنة, فما كان يجوز ترقيته مباشرة إلى الدرجة السادسة في ضمن الدرجات المخصصة في الميزانية لأمين المحفوظات؛ إذ لا يجوز الترقية إلا إلى الدرجة التالية مباشرة طبقاً للقواعد التنظيمية المقررة.


إجراءات الطعن

في أول يوليه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") بجلسة 28 من أبريل سنة 1958 في الدعوى رقم 3200 لسنة 9 ق المرفوعة من السيد/ محمد مختار بركات ضد وزارة الخارجية, القاضي "باستحقاق المدعي لتسوية حالته على أساس وضعه في الدرجة السادسة من تاريخ تعيينه الأول في 23 من ديسمبر سنة 1928 بوزارة الزراعة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق المالية التي لم تسقط بالتقادم على الوجه المبين بالأسباب, وإلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات". وأعلنت الجهة الإدارية بالطعن في 16 من يوليه سنة 1958, وأعلن به الخصم في 20 منه, ثم عين لنظر الطعن جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958, وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يستفاد من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام دعواه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 14 من يونيه سنة 1955 طالباً الحكم أصلياً بتسوية حالته باعتباره في الدرجة السادسة من بدء تعيينه بالحكومة عام 1928، وفي الدرجة الخامسة منذ سنة 1943, واحتياطياً باعتباره في الدرجة السادسة منذ تعيينه في وزارة الخارجية في أول فبراير سنة 1938, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات. وقال المدعي بياناً لدعواه إنه حصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم أول عام 1913, ونجح في مواد الدراسة الثانوية قسم ثان بما فيها اللغة العربية فيما عدا مادة واحدة عام 1917, ثم سافر إلى فرنسا حيث حصل على معادلة البكالبوريا الفرنسية, والتحق بكلية الحقوق بجامعة نانسى وحصل على الليسانس عام 1925, ولما عاد إلى مصر رشحته وزارة الزراعة لوظيفة فنية من الدرجات السادسة بقسم التعاون, ولكنه لم يعين وقتئذ, وعين على وظيفة كتابية في 23 من ديسمبر سنة 1928, ثم نقل إلى وزارة الحربية بدرجته, ومنها إلى وزارة الخارجية في درجته, ثم رقى إلى الدرجة السابعة في أول سبتمبر سنة 1938 براتب قدره 11 ج شهرياً, ثم منح الدرجة السادسة في أول مايو سنة 1946, ثم الدرجة الخامسة في أول مايو سنة 1950، وظل بهذه الدرجة الأخيرة حتى أحيل إلى المعاش في أول يناير سنة 1953, وقال المدعي إنه حين يطالب باستحقاقه الدرجة السادسة منذ التحاقه بوزارة الخارجية إنما يستند إلى قاعدة مستمدة من لائحة شروط الخدمة بوظائف التمثيل الخارجي. كما ذهب إلى القول إنه يستحق الدرجة السادسة منذ تعيينه في خدمة الحكومة عام 1928؛ لأنه حاصل على معادلة البكالوريا الفرنسية وعلى شهادة عالية أجنبية, وأنه نجح في امتحان اللغة العربية في امتحان البكالوريا المصرية, وبالتالي فإنه يستحق الدرجة الخامسة عام 1943, أي بعد انقضاء خمس عشرة سنة. وقد أجابت وزارة الخارجية على الدعوى بأن دفعت قبولها؛ لأن المدعي في الواقع يهدف إلى إلغاء قرارات إدارية صدرت قبل إنشاء مجلس الدولة. واستطردت الوزارة فذكرت أن المدعي لا يعتبر من الحاصلين على مؤهلات عالية؛ لأنه لم يحصل على البكالوريا المصرية, وذلك على ما جاء بكتاب وزارة التربية والتعليم المؤرخ 13 من ديسمبر سنة 1938, الذي جاء به أن المدعي لم يحصل على البكالوريا التي يحصل عليها الطالب عادة في فرنسا بعد أدائه الامتحان, وهى دون غيرها التي تعترف بها الحكومة المصرية كشهادة معادلة لشهادة البكالوريا المصرية باستثناء اللغة العربية؛ وبذلك لا يفيد من قواعد الإنصاف, كما لا يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية, لأنه أحيل إلى المعاش قبل العمل بهذا القانون. وفي 28 من أبريل سنة 1958 أصدرت محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") حكمها باستحقاق المدعي لتسوية حالته على أساس وضعه في الدرجة السادسة من تاريخ تعيينه الأول في 23 من ديسمبر سنة 1928 بوزارة الزراعة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق المالية التي لم تسقط بالتقادم على الوجه المبين بالأسباب. وقد استعرضت المحكمة في أسباب قضائها الأحكام التي تضمنها دكريتو سنة 1897, وقالت إنه بتطبيق هذه الأحكام على حالة المدعي يتبين أنه حصل على شهادة عالية أجنبية عقب امتحانات أداها بجامعة نانسى هي ليسانس الحقوق, وأنه لكي تتعادل هذه الشهادة مع الشهادات العالية المصرية طبقاً لأحكام المادة الثانية من الدكريتو يلزم أن تكون مسبوقة بشهادة هي بدورها معادلة للبكالوريا المصرية. وقد ذهبت وزارة التربية والتعليم إلى القول بأن الإجراءات المتبعة في فرنسا لإعطاء المعادلة لا تشمل أداء امتحان, هذا على حين أن المستفاد من الأوراق أن المدعي قد أدى امتحان معادلة البكالوريا الفرنسية في نوفمبر سنة 1921؛ ومن ثم صدر قرار وزير المعارف في فرنسا في 16 من ديسمبر سنة 1921 بمنحه هذه المعادلة. وترتيباً على ذلك يكون المدعي قد استوفى الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية من دكريتو 1897, بحيث يعتبر في مركز متعادل مع الحاصل على البكالوريا الفرنسية التي اتخذت أساساً للتعادل. فإذا كان الثابت أن المدعي قد نجح في امتحان اللغة العربية بشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان, فإنه بذلك قد استوفى كافة الشروط المنصوص عليها في دكريتو سنة 1897, ويكون مستحقاً لتسوية حالته على أساس وضعه في الدرجة السادسة من تاريخ التحاقه بخدمة الحكومة بالتطبيق لقواعد الإنصاف.
ومن حيث إن الطعن مبناه أن المادة الأولى من الدكريتو الصادر في 10 من أبريل سنة 1897 تقرر أصلاً عاماً مبناه أن الشهادات الدراسية التي تمنحها الحكومة المصرية هي - دون غيرها - التي تؤهل المصريين لتولى الوظائف الحكومية, وقد أورد النص استثناء على هذا الأصل العام, مفاده أنه يجوز اعتبار الشهادات الأجنبية - التي تمنحها المعاهد المعتبرة بصفة قانونية لدى حكومتها - معادلة للشهادات المصرية إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية من الدكريتو سلف الذكر بأنه "لا تعتبر أية دبلوم أو شهادة أجنبية معطاة لمصري من رعايا الحكومة المحلية معادلة لدبلوم أو شهادة مصرية إلا إذا كان صاحبها قد حصل عليها خارج القطر عقب امتحانات أداها بجميع أجزائها وعلى حسب الشروط المعتادة بالمقر الشرعي للمدرسة الأجنبية بشرط أن تكون هذه المدرسة موجودة ومعترفاً بها في البلد الذي هي تابعة له". فإذا كان الثابت أن المدعي لم يحصل على شهادة البكالوريا الفرنسية بذاتها, وهى تعادل شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان, فإن الشروط التي نصت عليها المادة الثانية لا تتوافر له؛ ذلك لأن معادلة البكالوريا الفرنسية لا تعد معادلة لشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان. وبدهي أن مباشرة هذا الاستثناء وتقرير هذه المعادلة أمر مناطه ترخص جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية, وهذه الجهة لم تصدر قراراً بهذه المعادلة؛ ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون.
ومن حيث إن مثار النزاع هو ما إذا كان المؤهل الذي يحمله المطعون عليه يعتبر مؤهلاً عالياً؛ وبذلك يفيد من قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944, أم أن الأمر على خلاف ذلك.
ومن حيث إن المادة الأولى من الدكريتو الصادر في 10 من أبريل سنة 1897 تنص على أن "الدبلومات والشهادات الدراسية التي تعطيها الحكومة المصرية هي التي تعتبر دون سواها بالديار المصرية لدخول المصريين في الوظائف الأميرية, أما المدارس الكلية الأجنبية المعتبرة بصفة قانونية لدى حكومتها, فيجوز من باب الاستثناء اعتبار الشهادات التي تعطيها للمتخرجين معادلة للشهادات المصرية بحسب الشروط المدونة في المادة الثانية", ونصت المادة الثانية على أنه "لا تعتبر أية دبلوم أو شهادة أجنبية معطاة لمصري من رعايا الحكومة المحلية معادلة لدبلوم أو شهادة مصرية إلا إذا كان صاحبها قد حصل عليها خارج القطر عقب امتحانات أداها بجميع أجزائها وعلى حسب الشروط المعتادة بالمقر الشرعي للمدرسة الكلية الأجنبية بشرط أن تكون هذه المدرسة موجودة ومعترفاً بها في البلد الذي هي تابعة له", ونصت المدة الرابعة على أنه "ومع ذلك فالحاصلون على دبلومات أجنبية أرقى من شهادة الدراسة الثانوية المصرية وليس بيدهم شهادة الدراسة الثانوية المصرية أو شهادة أجنبية معادلة لها على حسب الشروط المبينة في المادة الثانية يجب عليهم تأدية الامتحان في جميع العلوم المقررة للحصول على هذه الشهادة".
ومن حيث إن حالة المطعون عليه عرضت على وزارة التربية والتعليم لتقدير مؤهله, فأجابت "بأن المطعون عليه لم يحصل على البكالوريا التي تطلب عادة بفرنسا وهى المعادلة لشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان, وأن شهادة المعادلة للبكالوريا التي تمنح في مثل هذه الظروف لا يمكن الاعتراف بأن قيمتها تساوي البكالوريا التي يحصل عليها بالامتحان في فرنسا, وهى دون غيرها التي تعترف بها الحكومة المصرية بأنها معادلة لشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان عدا اللغة العربية؛ وبذلك لا يمكن اعتبار المطعون عليه من وجهة الثقافة العامة في مستوى حامل دبلوم عالية مصرية".
ومن حيث إنه بقطع النظر عما أثير حول تقدير مؤهل المطعون عليه فإن نص المادة الأولى من دكريتو 10 من أبريل سنة 1897 تقرر أصلاً عاماً مبناه أن الشهادات الدراسية التي تمنحها الحكومة المصرية هي دون غيرها التي تؤهل المصريين لتولي الوظائف الحكومية, وقد أورد النص استثناء على هذا الأصل العام مفاده أنه يجوز اعتبار الشهادات الأجنبية معادلة للشهادات المصرية إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية من الدكريتو سلف الذكر. وغنى عن القول أن تقرير هذه المعادلة أمر تترخص فيه جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية بما لا معقب عليها.
ومن حيث إنه بالنسبة لأحكام لائحة شروط الخدمة في وظائف السلك الخارجي المصدق عليها من مجلس الوزراء في 25 من مايو سنة 1933, والتي ألحق المطعون عليه في ظل أحكامها في وظيفة أمين محفوظات, فإن المادة الرابعة من هذه اللائحة تنص على أنه "يلحق بالمفوضات والقنصليات أمناء للمحفوظات وكتاب بحسب حالة العمل في كل جهة, وتكون درجاتهم كدرجات الكادر الكتابي ولا تتجاوز الدرجة السادسة الكاملة". وظاهر من هذا النص أن الإدارة ليست ملزمة حتماً بوضع أمين المحفوظات في الدرجة السادسة, وإنما محل الإلزام ألا تتجاوز الإدارة تعيينه هذه الدرجة, فيجوز إذن تعيينه في أدنى منها بحسب الظروف والأحوال, كما حصل في خصوصية النزاع؛ ذلك أنه ما دام المدعي حين نقل من وزارة الحربية كان في الدرجة الثامنة فما كان يجوز ترقيته مباشرة إلى الدرجة السادسة في ضمن الدرجات المخصصة في الميزانية لأمين المحفوظات؛ إذ لا يجوز الترقية إلا إلى الدرجة التالية مباشرة طبقاً للقواعد التنظيمية المقررة, وهذا ما فعلته معه الوزارة؛ إذ رقته إلى الدرجة السابعة قيداً على الدرجة السادسة؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, متعيناً إلغاؤه، ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 31 لسنة 4 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 51 ص 637

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

---------------

(51)

القضية رقم 31 لسنة 4 القضائية

علاوة 

- القانون رقم 325 لسنة 1953 - تخفيضه إلى النصف العلاوات الاعتيادية وعلاوات الترقية التي تستحق خلال السنتين الماليتين 1953/ 1954 و1954/ 1955 - المقصود بعلاوة الترقية الزيادة التي يحصل عليها الموظف في المرتب بسبب الترقية سواء أكانت هذه الزيادة من علاوات الدرجة المرقى إليها أم عبارة عن الفرق بين المرتب قبل الترقية وبين أول مربوط الدرجة المرقى إليها أو مربوطها الثابت - القرار الصادر بالتعيين في وظيفة ما لموظف في الخدمة يعتبر متضمناً ترقية إذا كان من شأنه تقديمه في التدريج الوظيفي وفي الدرجات المالية - تعيين المعيد في هيئة التدريس بالجامعة يجري عليه حكم القانون رقم 325 لسنة 1953.

----------------------
إن القانون رقم 325 لسنة 1953 بوضع استثناء وقتي من القواعد الخاصة بعلاوات الترقية والعلاوات الاعتيادية قد نص في مادته الأولى على أن "تخفض إلى النصف العلاوات الاعتيادية وعلاوات الترقية التي تستحق خلال السنتين الماليتين 1953/ 1954 و1954/ 1955 لموظفي ومستخدمي الدولة على اختلاف طوائفهم, مدنيين أو عسكريين, وكذلك عمال اليومية, وأشار القانون في ديباجته إلى القانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات هيئات التدريس بكادر القضاء. كما جاء في مذكرته الإيضاحية أنه "لما كانت الدولة تسير في عهدها الحديث بخطى واسعة في سياسة الإنشاء والإصلاح فمن الواجب توخي الاقتصاد في المصروفات حتى تسخر كافة الأموال لتحقيق السياسة الإنشائية والإصلاحية, وقد رؤى - بناء على ذلك - كإجراء مؤقت أن يخفض إلى النصف العلاوات الاعتيادية وعلاوات الترقية التي تستحقها الموظفين والمستخدمين وعمال اليومية في السنتين الماليتين 1953/ 1954 و1954/ 1955. والمقصود بعلاوة الترقية الزيادة التي يحصل عليها الموظف في المرتب بسبب ترقيته, سواء أكانت هذه الزيادة علاوة من علاوات الدرجة المرقى إليها أم كانت عبارة عن الفرق بين المرتب قبل الترقية وبين أول مربوط الدرجة المرقى إليها أو مربوطها الثابت". ويظهر مما تقدم بما لا يدع مجالاً لأي شك أن الشارع قصد بهذا القانون أن يخفض إلى النصف كل تحسين مالي يصيب الموظف, سواء أكان عن طريق العلاوات الاعتيادية أو علاوات الترقية في السنتين الماليتين المشار إليهما, وبأن المقصود بعلاوة الترقية هو الزيادة التي يحصل عليها الموظف في المرتب بسبب الترقية, سواء أكانت هذه الزيادة من علاوات الدرجة المرقى إليها أم كانت عبارة عن الفرق بين المرتب قبل الترقية وبين أول مربوط الدرجة المرقى إليها أو مربوطها الثابت؛ وذلك للمحكمة التشريعية التي دعت إلى إصدار ذلك القانون من وجوب توخي الاقتصاد في المصروفات؛ تحقيقاً للسياسة الإنشائية والإصلاحية التي انتهجتها الثروة. وليس من شك كذلك في أن الترقية تتضمن تقديماً للموظف في التدريج الوظيفي وفي الدرجات المالية المقابلة بصرف النظر عن العبارات التي تستعمل في القرار الصادر في هذا الشأن؛ إذ لا يجوز في التكييف القانوني الوقوف عند مجرد الألفاظ, بل العبرة بالمعاني. فإذا صدر القرار بالتعيين في وظيفة ما لموظف في الخدمة, وكان من شأن هذا القرار تقديمه في التدرج الوظيفي في الدرجات المالية, كان هذا القرار متضمناً في الوقت ذاته ترقيته, كما هو الحال في خصوصية النزاع؛ لأن المعيد وإن لم يكن من أعضاء هيئة التدريس إلا أنه موظف بالجامعة, بل هو من المرشحين لهيئة التدريس متى استوفى الشرائط المطلوبة للتعيين في هذه الهيئات, فتعيينه في هذه الهيئة - والحالة هذه - يتضمن بالنسبة إليه ترقية, ولا يعتبر تعييناً ابتداء منبت الصلة بماضيه, قياساً على التعيين في هيئة التدريس من غير الموظفين؛ لأن المعيد لم يخرج عن كونه موظفاً لم تزايله الوظيفة, فيجرى عليه حكم القانون رقم 325 لسنة 1953 الذي يجري على كل موظف أصابه تحسين مالي على الوجه المحدد فيه.


إجراءات الطعن

في 2 من ديسمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 21 من أكتوبر سنة 1957 في الدعوى رقم 2343 لسنة 9 قضائية المرفوعة من أرنست سليمان شلبي ضد وزارة التربية والتعليم وجامعة القاهرة, القاضي باعتبار المدعي معيناً في وظيفة مدرس (ب) بكلية الطب بجامعة القاهرة وليس مرقى إليها, واستحقاقه لأول مربوط هذه الوظيفة كاملاً من تاريخ تعيينه في 31/ 8/ 1953, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات. وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقد أعلن الطعن للمدعي في 10 من ديسمبر سنة 1957, وللحكومة في 2 منه, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته تحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 6 من ديسمبر سنة 1958, وفي 10 من نوفمبر سنة 1958 أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي تقدم في 5 من يناير سنة 1954 بتظلم إلى الجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية قيد برقم 1765 لسنة 2 القضائية ضمنه طلب الحكم بصرف مرتبه كاملاً على أساس أن شغله لوظيفة مدرس (ب) بكلية الطلب بجامعة القاهرة هو تعيين وليس ترقية. وقال شرحا لتظلمه إن ديوان المحاسبة قد طلب من مستخدمي جامعة القاهرة الرجوع إلى ديوان الموظفين في موضوع المعينين في وظيفة مدرس (ب), وهل يعتبر تعييناً جدياً أم ترقية, وأشار بأنه في الحالة الأولى يصرف أول مربوط الدرجة وقدره 30 ج, أما في حالة اعتبارها ترقية فيصرف فقط نصف العلاوة. ورأت الجامعة خصم نصف العلاوة ريثماً يفصل ديوان الموظفين في الموضوع. ويضيف المدعي أن شغل وظيفة مدرس (ب) بالجامعة يعتبر تعييناً وليس ترقية؛ ذلك أنه يشترط فيمن يعين في وظيفة مدرس (ب) بالجامعة الحصول على درجة الدكتوراه, وأن قرارات مجلس الجامعة تعتبر نافذة من تاريخ موافقة المجلس بما في ذلك قرارات الترقية, فلا ترسل لوزير المعارف لاعتمادها, بخلاف الحال في وظيفة مدرس (ب), فلا تعتبر القرارات نافذة إلا من تاريخ اعتماد الوزير, وتحدد أقدمية المدرسين (ب) من تاريخ اعتماد الوزير, بصرف النظر عن الاعتبارات الأخرى, مثل القيام السابق بالتدريس أو سابق الخدمة أو تاريخ الحصول على الدكتوراه, كما أن للحاصل على الدكتوراه الحق في الترشيح لوظيفة مدرس (ب) ولو كان لم يسبق له الاشتغال بالتدريس أو لم يعمل بخدمة الحكومة؛ وبذلك تعتبر شغل وظيفة مدرس (ب) تعييناً وليس ترقية. وكذلك طبق منشور المالية الخاص بتخفيض الدرجات الخالية بنسبة 20% لأدنى الدرجات على وظائف مدرس (ب) باعتبارها درجات هيئة التدريس المخصصة للتعيين وليس للترقية. ويقول المدعي إنه بتطبيق هذه القواعد على حالته يتضح أنه عين مدرس (ب) للأمراض الباطنية بكلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة من 31 من أغسطس سنة 1953 بعد أن كان معيداً بقسم الهستولوجيا بكلية طب جامعة عين شمس. ولا علاقة لهذين الفرعين أحدهما بالآخر, فيعتبر تعييناً جديداً وليس بترقية؛ ولذلك يستحق أول مربوط الدرجة كاملاً. وعقبت جامعة القاهرة على التظلم بأنه كانت سارية على تعيين الحاصلين على درجة الدكتوراه في وظيفة مدرس (ب) اعتباراً من تاريخ موافقة وزير المعارف للموجودين فعلاً في خدمة الكليات في تاريخ الموافقة أو من تاريخ مباشرة الموظف عمله إذا كان من الخارج, على أن يكون تاريخ استلامه العمل بعد موافقة الوزير, وتعتبر أقدميتهم من تاريخ الموافقة أو من مباشرة العمل, بصرف النظر عن مدة الخدمة السابقة, باعتباره تعييناً جديداً في هيئة التدريس. وذلك طبقاً للمادة 2 من القانون رقم 21 لسنة 1933 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1935 الخاص بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية, وكانت الجامعة سارية على منح المدرس (ب) ماهية 30 ج أول مربوط وظيفة المدرس (ب) ومنح الغلاء المقدر على هذه الماهية حسب حالته الاجتماعية. وطبقت الجامعة قرار تخفيض أدنى درجات التعيين على وظائفه المدرسين (ب) باعتبارها أدنى درجات التعيين في وظائف أعضاء هيئة التدريس. وقد طلب ديوان المحاسبة الرجوع لديوان الموظفين لأخذ رأيه فيما إذا كان تعيين المدرس (ب) يعتبر تعييناً جديداً أم ترقية, وبالنظر لأنه هو جهة الاعتراض فقد طلبت الجامعة من ديوان الموظفين الإفادة عن رأيه في هذا الموضوع, ولم يرد الرد حتى الآن. وتقول الجامعة إنها تقوم الآن بمنح المعينين في وظائف المدرسين (ب) نصف علاوة الترقية لحين ورود رد ديوان الموظفين. ثم أحيل التظلم إلى المحكمة الإدارية عند إنشائها عملاً بأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954, ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري عملاً بالمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. وبجلسة 21 من أكتوبر سنة 1957 قضت المحكمة باعتبار المدعي معيناً في وظيفة مدرس (ب) بكلية الطب بجامعة القاهرة وليس مرقى إليها, واستحقاقه لأول مربوط هذه الوظيفة كاملاً من تاريخ تعيينه في 31/ 8/ 1953, وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن القانون رقم 21 لسنة 1933 بشروط توظيف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية وتأديبهم, المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1934 وبالمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1935, ينص في المادة الأولى على أن "أعضاء هيئة التدريس في الجامعة المصرية هم: ( أ ) الأساتذة ذوو الكراسي. (ب) الأساتذة المساعدون. (ج) المدرسون". وتنص المادة 25 على أنه يجوز أن يعين في الكليات مساعدو مدرسين ومعيدون ومدرسو لغات حية ورؤساء أعمال تدريبية ومحضرون في المعامل, ويكون تعيينهم بصفة مؤقتة أو بصفة مستديمة. ويعين وزير المعارف العمومية مساعدي المدرسين ومدرسي اللغات الحية بناء على طلب مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية المختصة, ويعين مدير الجامعة بناء على طلب عميد الكلية المختصة المعيدين ورؤساء الأعمال التدريبية والمحضرين في المعامل. وتقول المحكمة إنه يستخلص مما تقدم أن ثمت تفرقة واضحة بين أعضاء هيئة التدريس وبين من عدا هؤلاء الأعضاء من أصحاب الوظائف الفنية في الجامعة؛ فأعضاء هيئة التدريس هم الأساتذة ذوو الكراسي والأساتذة المساعدون والمدرسون؛ ويتطلب القانون توافر شروط خاصة لتعيينهم, ويتضمن أحكاماً خاصة بمراكزهم وتأديبهم, أما المعيدون فليسوا من أعضاء هيئة التدريس وليس لهم حق في دخول هذه الهيئة إلا عن طريق التعيين, على أن يتوافر فيهم شروطه. ولا يجوز أن يحمل قرار تعيين المعيدين بالجامعة في وظائف مدرسين محمل الترقية؛ لأنه في حكم القانون ومنطق تكوين الجامعة قرار بالتعيين في أدنى مراتب سلك هيئة التدريس الجامعية. ولما كان القانون رقم 325 لسنة 1953 بوضع استثناء وقتي من القواعد الخاصة بعلاوات الترقية والعلاوات الاعتيادية يتناول بالتخفيض كل الزيادات المترتبة على العلاوات الدورية أو علاوات الترقية, ولا يتناول أية زيادة تحصل في مرتب الموظف, وبالتالي لا وجه لتطبيق القانون رقم 325 لسنة 1953 على مثل حالة المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم أنه لا خلاف على أن المعيد في كلية من كليات الجامعة ليس عضواً في هيئة التدريس بها, غير أن المعيد يشغل درجة من درجات الكادر الفني العالي, ودرجات أعضاء هيئة التدريس, وإن انفردت بكادر خاص فإنها تندرج داخل إطار هذا الكادر الفني العالي؛ ومن ثم فإن وضع المعيد على درجة مدرس (ب) يعتبر تعييناً يتضمن ترقية؛ فهو تعيين من حيث ضرورة الحصول على مؤهل, وتضمنه الترقية حاصل في الفرق بين المرتب الأصلي والمرتب الجديد, وهو من هذا الجانب يخضع لحكم القانون رقم 325 سنة 1953 بشأن خفض العلاوات الدورية وعلاوات الترقية التي تستحق خلال السنتين الماليتين 1953 و1954 إلى النصف. وإذ كان المدعي قد عين في وظيفة مدرس (ب) في 31 من أغسطس سنة 1953 وكان من قبل معيداً فإن حالته تخضع لحكم القانون رقم 325 لسنة 1953, وبالتالي فإنه لا يمنح مرتب الوظيفة الجديدة كاملاً, وإنما يتعين ألا يمنح إلا نصف الفرق بين المرتب الأصلي والمرتب الجديد.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان تعيين المعيد مدرساً في هيئة التدريس يعتبر في الوقت ذاته ترقية تخضع لحكم القانون رقم 325 لسنة 1953 أم لا.
ومن حيث إن القانون رقم 325 لسنة 1953 بوضع استثناء وقتي من القواعد الخاصة بعلاوات الترقية والعلاوات الاعتيادية قد نص في مادته الأولى على أن "تخفض إلى النصف العلاوات الاعتيادية وعلاوات الترقية التي تستحق خلال السنتين الماليتين 1953/ 1954 و1954/ 1955 لموظفي ومستخدمي الدولة على اختلاف طوائفهم مدنيين أو عسكريين, وكذلك عمال اليومية", وأشار القانون في ديباجته إلى القانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات هيئات التدريس بكادر القضاء, كما جاء في مذكرته الإيضاحية أنه "لما كانت الدولة تسير في عهدها الحديث بخطى واسعة في سياسة الإنشاء والإصلاح, فمن الواجب توخي الاقتصاد في المصروفات؛ حتى تسخر كافة الأموال لتحقيق السياسة الإنشائية والإصلاحية. وقد رؤى - بناء على ذلك - كإجراء مؤقت أن يخفض إلى النصف العلاوات الاعتيادية وعلاوات الترقية التي تستحقها الموظفين والمستخدمين وعمال اليومية في السنتين الماليتين 1953/ 1954 و1954/ 1955, والمقصود بعلاوة الترقية الزيادة التي يحصل عليها الموظف في المرتب بسبب ترقيته, سواء أكانت هذه الزيادة علاوة من علاوات الدرجة المرقى إليها أم كانت عبارة عن الفرق بين المرتب قبل الترقية وبين أول مربوط الدرجة المرقى إليها أو مربوطها الثابت".
ومن حيث إنه يظهر مما تقدم بما لا يدع مجالاً لأي شك أن الشارع قصد بهذا القانون أن يخفض إلى النصف كل تحسين مالي يصيب الموظف, سواء أكان عن طريق العلاوات الاعتيادية أو علاوات الترقية في السنتين الماليتين المشار إليهما, وبأن المقصود بعلاوة الترقية هو الزيادة التي يحصل عليها الموظف في المرتب بسبب الترقية, سواء أكانت هذه الزيادة من علاوات الدرجة المرقى إليها أم كانت عبارة عن الفرق بين المرتب قبل الترقية وبين أول مربوط الدرجة المرقى إليها أو مربوطها الثابت؛ وذلك للمحكمة التشريعية التي دعت إلى إصدار ذلك القانون من وجوب توخي الاقتصاد في المصروفات تحقيقاً للسياسة الإنشائية والإصلاحية التي انتهجتها الثروة.
ومن حيث إنه ليس من شك كذلك في أن الترقية تتضمن تقديماً للموظف في التدريج الوظيفي وفي الدرجات المالية المقابلة بصرف النظر عن العبارات التي تستعمل في القرار الصادر في هذا الشأن؛ إذ لا يجوز في التكييف القانوني الوقوف عند مجرد الألفاظ بل العبرة بالمعاني. فإذا صدر القرار بالتعيين في وظيفة ما لموظف في الخدمة, وكان من شأن هذا القرار تقديمه في التدرج الوظيفي وفي الدرجات المالية, كان هذا القرار متضمناً في الوقت ذاته ترقيته, كما هو الحال في خصوصية النزاع؛ لأن المعيد وإن لم يكن من أعضاء هيئة التدريس إلا أنه موظف بالجامعة, بل هو من المرشحين لهيئة التدريس متى استوفى الشرائط المطلوبة للتعيين في هذه الهيئات, فتعيينه في هذه الهيئة - والحالة هذه - يتضمن بالنسبة إليه ترقية, ولا يعتبر تعييناً ابتداء منبت الصلة بماضيه, قياساً على التعيين في هيئة التدريس من غير الموظفين؛ لأن المعيد لم يخرج عن كونه موظفاً لم تزيله الوظيفة, فيجري عليه حكم القانون رقم 325 لسنة 1953 الذي يجرى على كل موظف أصابه تحسين مالي على الوجه المحدد فيه, فمن ثم يكون الحكم المطعون قد أخطأ في تأويل القانونية وتطبيقه, متعيناً إلغاؤه, والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 885 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 18 / 7 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-07-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 885 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
دوم ادفانسد للأعمال الكهروميكانيكية ش.ذ.م.م
مطعون ضده:
سوسيتيه دا نتربريز أي دو جيستيون الإمارات للمقاولات ذ.م.م
تيمور تيلايف
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/88 استئناف تجاري
بتاريخ 04-05-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر يحيى الطيب أبوشورة وبعد المداولة:
حيث تتحصل الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة (دوم أدفانسد للأعمال الكهروميكانيكية ش.ذ.م.م) أقامت لدى محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم 510لسنة 2022م تجارى جزئي ضد المطعون ضدهما (سوسيتيه دا نتربريز أي دو جيستيون الإمارات للمقاولات ذ.م.م وتيمور تيلايف) بطلب الحكم - وفقاً لطباتها المعدله -بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأداء مبلغ(2.568.422.24) درهماً والفائدة القانونية بواقع 5% من تاِريخ الاستحقاق في 11-7-2021م والمصروفات، على سند من أن من المدعى عليها الأولى هي المقاول الرئيس لمشروع البرج السكني المقام على قطعة الأرض رقم JVC11AHRG001A ? -قرية جميرا الدائرية بدبي المؤلف من (قبو + طابق أرضي + 4 منصات + 21 مكرر+ سطح) والمدعى عليه الثاني مالك المشروع و(شركة سكيور ترايد م.د.م.س) وأن المدعى عليها الأولى قد أسندت اليها بموجب خطاب الترسية المؤرخ 18 مارس 2019م تنفيذ أعمال توريد وتركيب واختبار الأنظمة الكهربائية والسباكة ومكافحة الحريق وأنظمة الجهد المنخفض والأعمال الكهربائية التي تتعلق بنظام الغاز النفطي السائل في المشروع نظير مبلغ ( 11.535.441.90) درهم ،وأنها قد باشرت إنجاز الأعمال المعقود عليها الا أنه نظراً لتعثر المدعى عليها الأولى في سداد الدفعات المستحقة في المواعيد فقد أخطرتها بأن المدعى عليه الثاني-مالك المشروع-سيتولى سداد الدفعات المستحقة لها بعد اعتمادها من جانبها وإصدار كتاب بذلك للمدعى عليه الثاني الذى انتظم في سداد الدفعات المستحقة ، وأنها قد أنجزت أعمال المقاولة من الباطن المعقود عليها بتاريخ 3-2-2021م وأصدرت مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة حكومة دبي شهادة إنجاز المشروع ،وبتاريخ 11-7-2021م أخطر استشاري المشروع المدعى عليها الأولى باستلام العقار ، وأنه قد ترصد للمدعية بذمة المدعى عليهما المبلغ المطالب به الذى امتنعا عن سداده مما حدا بها لإقامة الدعوى.
ندبت المحكمة خبير في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بجلسة 29- 12-2022م: بإلزام المدعى عليها الأولي بأن تؤدي للمدعية مبلغ ( 2.568.422.24) درهماً والفائدة القانونية بواقع 5 % سنويا من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
استأنفت المدعية شق الحكم برفض الدعوى فى مواجهة المدعى عليه الثاني بالاستئناف رقم 88 لسنة 2023م تجارى.
بجلسة 4-5 -2023م قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف.
طعنت المدعية (دوم أدفانسد للأعمال الكهروميكانيكية ) على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 26- 5 -2023م بطلب نقضه.
وقدمت المطعون ضدها الاول مذكره بدفاعها متمسكةً بدفاعها في الدعوى ، وقدم المطعون ضده الثاني مذكره بدفاعه بطلب رفض الطعن.
وحيث عرض الطعن في غرفة مشوره ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إنه عن شكل الطعن في مواجهة المطعون ضدها الاولى (سوسيتيه دا نتربريز أي دو جيستيون الإمارات للمقاولات ذ.م.م) فان من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لأحكام المادة (151) من قانون الإجراءات المدنية لسنة2022م إنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها صراحة أو ضمناً وممن قضى له بكل طلباته في الدعوى ويجب لقبول الطعن أن يكون مرفوعاً من المحكوم عليه على الحكم الصادر ضده في مواجهة المحكوم له.
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المستأنف قد قضى للطاعنة بإلزام المطعون ضدها الاولى بأداء مبلغ (2.568.422.24) درهماً والفائدة القانونية بواقع 5 % سنويا من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات، وكانت الطاعنة قد قبلت هذا الحكم ولم تطعن عليه بالاستئناف بما مؤداه أنه لم تكن هناك أية خصومه بينهما مطروحة على المحكمة المطعون فى حكمها ومن ثم فانه لا يقبل من الطاعنة اختصامها في الطعن متعيناً عدم قبوله في حقها.
حيث استوفى الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني (تيمور تيلايف) شروط قبوله الشكلية.
وحيث أقيم الطعن على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بتأييد قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى في مواجهة المطعون ضده (تيمور تيلايف) رغم أن الثابت في المستند رقم (4) من حافظة مستنداتها المرفقة بالمذكرة الشارحة لأسباب الاستئناف أنه بتاريخ 9-12- 2020م أرسلت لها المطعون ضدها الأولى كتاب يفيد صراحةً بأنه بسبب تعثرها فى سداد مستحقات الطاعنة فإنها سوف تستلم مستحقاتها من (شركة سيكيور تريد م.د.م.س،) التي استمرت في سداد مستحقاتها حيث استلمت منها أكثر من (30) دفعة، ولإهماله بأن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها إقرار المطعون ضده بأنه مالك المشروع وأنه قد أصدر وكالة عامة (لشركة سيكيور تريد م.د.م.س،) المملوكة له بتعيين المدعو -ازامجون - وكيلاً عنه والذي كان من خلال هذه الشركة يدير كافة أعمال المشروع والتوقيع على مستنداته وسداد دفعاتها المستحقة بما يثبت وجود اتفاق بين المطعون ضده- مالك المشروع و-المقاول الرئيس- (سوسيتيه دا نتربريز أي دو جيستيون الإمارات للمقاولات ذ.م.م) و المحكوم عليها فى الدعوى بأن يسدد المطعون ضده مستحقات الطاعنة موضوع الدعوى ، وقد ثبت هذا الاتفاق من سداد المطعون ضده لما يزيد عن (30) دفعة من مستحقاتها عن طريق شركته (سيكيور تريد) بما يثبت استحقاقها الحكم لها بإلزامه بطلباتها في الدعوى وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة-وفقاً لنصوص المواد (872-877-878) من قانون المعاملات المدنية أن المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد طرفيه بأن يصنع شيئا أو يودي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الأخر وعلى المقاول انجاز العمل وفقاً لشروط العقد، وأن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- وفقاً لنص المادة (891) من قانون المعاملات المدنية ألا يحق للمقاول من الباطن مطالبة رب العمل مباشرة بمستحقاته قبل المقاول الأصلي إلا إذا أحالـه الأخيــــر على صاحـب العمل صراحة أو ضمناً، وأما بالنسبة للمستحقات أو المطالبات التي تنشأ للمقاول من الباطن من جراء اتفاقات مباشرة بينه وبين رب العمل فإنه يجوز له الرجوع عليه مباشرة بهذه الطلبات. وأن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود والمستندات وتقدير أدلتها واستخلاص الواقع منها ومنها عمل الخبير المنتدب الذى باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى يخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى ، و متى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه أعتبر جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وتورد دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه برفض الدعوى في مواجهة المطعون ضده (تيمور تيلايف) على ما أورده في أسبابه بقوله ( لما كانت أوراق الدعوى قد خلت من سداد تلك المبالغ المترصدة في ذمة المدعى عليها الأولي - دون المدعى علية الثاني الذي لم يثبت التزامه بسداد تلك المبلغ - وكان يحق للمدعية المطالبة بها ، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بالزام المدعى عليها الأولي بأن تؤدي لها تلك المبالغ على النحو الذي سيرد بالمنطوق .).
وكان الحكم المطعون فيه قد أيده وأضاف اليه رداً على أسباب الاستئناف ما أ ورده في أسبابه بقوله ( أن المقاول الأصيل يعتبر بمثابة رب العمل بالنسبة لمقاول الباطن وهو المسئول عن سداد مستحقاته ما لم يثبت عدم استلامه لهذه المستحقات من رب العمل, أو يثبت أن رب العمل هو المسئول عن هذه المستحقات بموجب اتفاق بينه ورب العمل على ذلك إذ أن الأخير ليس طرفا في عقد المقاولة من الباطن على الرغم من أن الأعمال التي يقوم بتنفيذها الأخير المقاول من الباطن لصالح رب العمل , ولما كانت الأوراق قد خلت من ثبوت اتفاق المستأنف ضده الثاني مع المستأنف ضدها الأولى بأن يقوم بسداد مستحقات المستأنفة...فان القضاء برفض الدعوى في مواجهته يكون قد لزم التطبيق الصحيح لأحكام القانون ومتعين تأييده.) وكان الثابت بالأوراق ومن الخطاب المؤرخ 9-12-2020م المرسل من (سوسيتيه دا نتربريز أي دو جيستيون الإمارات للمقاولات ذ.م.م) المقاول الرئيس للمشروع الى الطاعنة -المقاول من الباطن- تحويل سداد مستحقاتها عما تنجزه من أعمال المقاولة من الباطن بالمشروع الى (شركة سيكيور تريد م.د.م.س،) وهى وفق الثابت برخصتها التجارية الصادر عن وزارة الاقتصاد شركه مسجله في مركز دبى للسلع المتعددة، أو الى(دوفر ونبيك) وليس للمطعون ضده بما يثبت أن المقاول الرئيس للمشروع لم يحيل الطاعنة صراحةً أو ضمناً الى مطالبة صاحب العمل المطعون ضده (تيمور تيلايف) بمستحقاتها عما أنجزته من أعمال المقاولة في المشروع ،فيكون هذا الذى خلصت اليه محكمة الموضوع سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت فى الاوراق وكافياً لحمل قضائها ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي المسقط لكل ما أثارته الطاعنة ، ويكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير مستنداتها وتقدير أدلتها ومنها تقرير الخبير المنتدب واستخلاص ثبوت احالة المقاول الرئيس للمشروع صراحة أو ضمناً مقاول الباطن الى مالك المشروع لمطالبته مباشرةً بمستحقاته عما أنجزه من أعمال المقاولة من الباطن في المشروع من عدمه وتقدير وتقرير ثبوت الدعوى في حقه من عدمه وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة متعيناً رده.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:  برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدهما ومصادرة التأمين.

الطعن 865 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 18 / 7 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-07-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 865 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
شركة مبارك البحرية ( ذات مسئولية محدودة )
مطعون ضده:
طريق النخبة للخدمات البحرية
راشد عبد الله راشد محمد الفلاسي
محمد راشد عيسى آل ثاني
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/621 استئناف تجاري
بتاريخ 03-05-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر يحيى الطيب أبوشورة وبعد المداولة:
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية.
وحيث تتحصل الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة ( شركة مبارك البحرية ذ.م.م) أقامت لدى محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم 1867 لسنة 2022م تجارى جزئي ضد المطعون ضدهم ( طريق النخبة للخدمات البحرية و راشد عبد الله راشد محمد الفلاسي و محمد راشد عيسى آل ثاني) بطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأداء مبلغ (7,620,461) درهماً والفائدة بنسبة 5% من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات ، على سند من إنه بموجب تعامل تجاري بينها و المدعى عليهما الأولى والثاني بضمانة المدعى عليه الثالث قد قدمت خدمات بحرية للسفن المملوكة لهما وترصد لها بذمة المدعى عليهما الأولى والثاني المبلغ المطالب به الذى امتنعا وكفيلهما عن سداده مما حدا بها لإقامة الدعوى.
ندبت المحكمة لجنة خبره في الدعوى وبعد أن أودعت تقريرها وجهت المدعية إلى المدعى عليهما الثاني والثالث اليمين الحاسمة ليحلفاها بالصيغة التالية " أقسم بالله العظيم بأن المدعية لم ترتبط مع المدعي عليهم باتفاقية خدمات بحرية لأداء الخدمات البحرية المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى للسفن (تميم الدار، أزرق مويه ، إم تي تميم ، عبد الرزاق ، النادر ، عبد الله) المملوكة للمدعى عليهما الأولى والثاني , و بضمانة و كفالة المدعى عليه الثالث بأداء مبلغ المديونية المترصدة عن هذه الخدمات , و إن ذمتي و ذمة المدعى عليهم بريئة و غير مشغولة للمدعية بمبلغ المطالبة و قدره (7,620,461 )درهماً والله على ما أقول شهيد ".
قبل المدعى عليهما الثاني والثالث حلف اليمين الحاسمة وحددت المحكمة جلسة 06-02-2023م لحلفها بيد أن المدعية عدلت عن توجيهها.
بجلسة 8-2-2023م حلف المدعى عليهما الثاني والثالث اليمين الحاسمة.
بجلسة 27-2- 2023م قضت المحكمة برفض الدعوى.
استأنفت المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم 621 لسنة 2023م تجارى.
بجلسة 3 -5 -2023م قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف.
طعنت المدعية ( شركة مبارك البحرية ذ.م.م) على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 23- 5 -2023م بطلب نقضه.
وقدم المطعون ضدهما الثاني والثالث مذكره بدفاعهما بطلب رفض الطعن.
ولم تقدم المطعون ضدها الاولى مذكره بدفاعها في الطعن.
وحيث عرض الطعن في غرفة مشوره ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث أقيم الطعن على خمسه أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بتأييد قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى تأسيسا على حلف المطعون ضدهما الثاني والثالث اليمين الحاسمة أمام محكمة أول درجة رغم ثبوت تنازلها عن توجيهها لهما قبل قبولهما حلفها ورغم ثبوت عدم توافر شروط حلفها بما يجعلها غير جائزة وغير مقبولة وكان يجب على محكمة الموضوع عدم قبول حلفها بما يثبت معه بطلان الدليل المستمد منها لمخالفته لإقرارهما الكتابي بعقد الخدمات البحرية سند الدعوى تنفيذها للعقد وأنهما قد نفذا التزاماتهما العقدية جزئيا بما يثبت كذب اليمين الحاسمة التي حلفاها أمام محكمة أول درجة، ولإهماله بحث نعيها على قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى أخذاً بتقرير لجنة الخبرة المنتدبة في الدعوى رغم اعتراضاتها الجوهرية عليه لعدم اطلاعها بالمهمة كما يجب ولما شاب عمله من أخطاء وقصور وعوار بإهماله مدلول المستندين رقمي(4-19) بأن المطعون ضدها الاولى مالكة للسفن موضوع الدعوى والمطعون ضده الثالث هو مالك السفينتين (أزرق مويه وتميم الدار ) وقد اتفق معها بموجب عقد مكتوب على أن تقوم بسحب السفينتين (أزرق مويه وتميم الدار) إلى المدينة الملاحية لإصلاحها لدى شركة ( إنتراس) على أن يسدد مبلغ ثلاثة مليون درهم ، وأنه بتاريخ 28-9-2022م قد سدد لها مبلغ (253,639) درهماً عن الخدمات البحرية التي أدتها للسفينة ( النادر )، ولإهماله والحكم المطعون فيه اقرار المطعون ضدهما الثاني والثالث كتابياً بعقد الخدمات البحرية سبب الدعوى تنفيذها لالتزاماتها العقدية وتنفيذهما لالتزاماتهما العقدية جزئيا بسداد جزء من قيمة الخدمات البحرية التي قدمتها لهما واستحقاقها للمبلغ المطالب به في الدعوى الذى التزم المطعون ضده الثالث كتابة بسداده بما يثبت تقديمه من الأدلة والبينات والمستندات ما يثبت الدعوى بما يجعل التقرير غير جدير بالركون اليه للفصل فى موضوع الدعوى بما كان يستوجب اجابة طلبها بندب لجنة خبره ثلاثية مكونة من خبيرين بحريين وخبير حسابي ليس من بينهم أيا من أعضاء لجنة الخبراء السابق ندبها لبيان وجه الحق فى الدعوى ، ولإهماله طلبها احالة الدعوى للتحقيق لتثبت بشهادة الشهود ما تدعيه في الدعوى مما أضر بدفاعها وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة (93) من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية لسنة 2022م على أن (1-اليمين الحاسمة هي التي يؤديها الخصم لدفع ادعاء خصمه، ويجوز ردها على خصمه، وفقا للأحكام الواردة في هذا الباب.) والنص في المادة (94) من ذات القانون على أنه (1- يجوز لكل من الخصمين في أية حالة كانت عليها الدعوى أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر بشرط أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه وإن كانت غير شخصية له أنصبت على مجرد علمه بها، ومع ذلك يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفاً في توجيهها. 2- لمن وجهت إليه اليمين الحاسمة أن يردها على خصمه، على أنه لا يجوز الرد إذا انصبت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين. 3- لا يجوز لمن وجه اليمين الحاسمة أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلف.) وفى المادة (96) على أن (1- يكون أداء اليمين بأن يقول الحالف "أقسم بالله العظيم أن أقول كل الحق ولا شيء غير الحق" ويكون الحلف وفقً الأوضاع الخاصة بديانته أو معتقده، وذلك بناء على طلبه. 2- يكون أداء اليمين بالصيغة التي تقررها المحكمة.) والنص في المادة (97) على أنه (1- لا يجوز توجيه اليمين في واقعة مخالفة للنظام العام.2- على المحكمة منع توجيه اليمين إذا كانت غير متعلقة بالدعوى أو غير منتجة أو غير جائز قبولها، وللمحكمة منع توجيهها إذا كان الخصم متعسفا في ذلك.)، والنص فى المادة (98) على انه (1-...-2-..... 3- للمدعي طلب يمين خصمه، ما لم يفصل في الدعوى بحكم نهائي. -4- لا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلف.) يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن اليميـــن الحاسمة إنما شرعت لتكون الملاذ لصاحبها عندما تعوزه وسائل الإثبات الأخرى التـي يصرح القانون بتقديمها للتدليل على صحة ما يدعيه وهي ملك للخصم وعلى القاضي أن يستجيب لطلب توجيهها متى توافرت شروطها، وأنه متى طلب الخصم توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه فإن ذلك يعد تنازلاً منه عن وسائل الإثبات الأخرى دون حاجه إلى إفصاحه عن هذا التنازل ولا يجوز لمن وجه اليمين الحاسمة أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلفها، وأن الذى يترتب على حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة حسم النزاع فيما انصبت عليه ويقوم مضمونها حجة ملزمة للقاضي . وأن من المقرر ? وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الطعن على الحكم بطريق التمييز يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين أن ينصب النعي على عيب أقام عليه قضاؤه فإذا خلا الحكم من العيب الموجه إليه كان النعي غير مقبول لوروده على غير محل منه.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاؤه بتأييد ما انتهى اليه الحكم المستأنف برفض الدعوى على ما أورده في أسبابه بقوله (لما كان الثابت أن المستأنفة طلبت أمام محكمة أول درجة توجيه اليمين الحاسمة الى المستأنف ضدهما الثاني والثالث و ذلك في مذكرتها المقدمة بتاريخ 11-1-2023 فأصدرت محكمة أول درجة حكما بجلسة 30-01-2023 م بتوجيه اليمين الحاسمة و حددت جلسة 6-02-2023 لحلفها وفيها حضر و كيل المستأنف ضدهما و قرر قبول المستأنف ضدهما الثاني والثالث لحلف اليمين الحاسمة بالصيغة الموجهة أمام المحكمة , وبذات الجلسة طلب الحاضر عن المستأنفة اثبات تنازل المستأنفة عن طلب توجيه حلف اليمين الحاسمة للمدعى عليهما الثاني والثالث ,ثم بجلسة 8-2-2023 حضر المستأنف ضدهما الثاني والثالث بشخصهما وحلفا اليمين بالصيغة التالية " أقسم بالله العظيم بأن المدعية لم ترتبط مع المدعي عليهم باتفاقية خدمات بحرية لأداء الخدمات البحرية المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى ؛ للسفن ( تميم الدار، أزرق مويه ، إم تي تميم ، عبد الرزاق ، النادر ، عبد الله ) المملوكة للمدعى عليهما الأولى والثاني ؛ وبضمانة وكفالة المدعى عليه الثالث بأداء مبلغ المديونية المترصدة عن هذه الخدمات و إن ذمتي و ذمة المدعى عليهم بريئة وغير مشغولة للمدعية بمبلغ المطالبة وقدره بمبلغ( 7,620,461) درهماً والله على ما أقول شهيد ", و حضر كيل والمستأنفة و قدم مذكرة قرر فيها أنه تنازل عن توجيه اليمين ، فمن ثم تكون إجراءات توجيه اليمين الحاسمة و حلفها من المستأنف ضدهما قد تم وفق صحيح القانون , و لا ينال من ذلك تنازل المستأنفة عن طلب توجيه حلف اليمين الحاسمة حيث انه في ذات الجلسة قبل المستأنف ضدهما أدائها فضلا عن قيام المحكمة بتوجيهها للمستأنف ضدهما كما هو ثابت بمحضر جلسة 8-2-2023 أمام محكمة أول درجة بما يعني رفضها لطلب التنازل , لما كان ذلك و كان الثابت أن المستأنف ضدهما قد قاما بحلف اليمين الحاسمة الموجهة إليهما من المحكمة بناءً على طلب المستأنفة بالصيغة المبينة بالحكم التمهيدي ، و كان من المقرر أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة يترتب عليه حسم النزاع فيما انصب عليه و اعتبار مضمونها حجة ملزمة للقاضي و سقط حق من وجهها في أي دليل آخر ، و إذ خالف الحكم المستأنف هذا ال حينما لم يأخذ بأثر اليمين الحاسمة في الفصل في الدعوى و انما استند الى نتيجة تقرير الخبير في ما انتهى اليه من رفض الدعوى مخطئا في ذلك تطبيق صحيح القانون ,ولما كانت هذه المحكمة تأخذ بأثر باليمين الحاسمة في الفصل في الدعوى وذلك برفض الدعوى ,وكان ... الحكم المستأنف قد انتهى الى ذات نتيجة , و من ثم يكون الاستئناف قد أقيم على غير سند متعيناً رفضه ، ويكون الحكم المستأنف في محله متعيناً تأييده ولكن بالأسباب التي انشاتها هذه المحكمة ، الأمر الذي يتعين معه رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.) وكان لا يجوز للطاعنة -بحكم القانون- الرجوع عن توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بعد أن قبلا حلفها، وكان الذي يترتب على حلفهما اليمين الحاسمة حسم النزاع موضوع الدعوى، فيكون هذا الذي خلص الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الاوراق وكافياً لحمل قضائها ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي المسقط لكل ما أثارته الطاعنة، فيكون النعي عليه بما سلف على غير أساس، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاؤه بتأييد ما انتهى اليه الحكم المستأنف برفض الدعوى تأسيساً على أن حلف المطعون ضدهما الثاني والثالث اليمين الحاسمة قد حسم النزاع موضوع الدعوى، فكيون نعي الطاعنة عليه بعدم بحث مطاعنها على قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى أخذاً بتقرير على لجنة الخبرة المنتدبة فى الدعوى وبعدم اجابة طلبها بندب لجنة خبره ثلاثية أخرى فى الدعوى وبعدم اجابة طلبها بإحالتها للتحقيق غير مقبول لوروده على غير محل من قضائه، ويكون النعي برمته على غير أساس متعيناً رده.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب


حكمت المحكمة:

برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدهما الثاني والثالث ومصادرة التأمين.