الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 1061 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 31 / 7 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 31-07-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1061 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
عادل كريم خد ابنده
مطعون ضده:
بنك ملي ايران
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2116 استئناف تجاري
بتاريخ 04-05-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على ملف الطعن الرقمي ومرفقاته وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر/ سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة:-

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في البنك المطعون ضده ? المدعي- ( بنك ملي ايران ) أقام الدعوى رقم 911 لسنه 2018 تجاري جزئي ضد المطعون ضده وأخرى- المدعى عليهما - ( 1- شركة تبك للتجارة "ذ.م.م"، 2- عادل كريم خد ابنده ) ، بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأداء مبلغ ( 10,782,498.73) دولار أمريكي بما يعادل (39,736,000 ) درهم والفائدة بواقع 12% سنوياً من تاريخ قيد الدعوى وحتى السداد التام ، وذلك على سند من أنه بموجب تسهيلات مصرفية بينه وبين المدعى عليها الأولى بضمان وكفالة المدعى عليه الثاني ، قام البنك بمنح المدعى عليها الأولى تسهيلات مصرفية ولم تلتزم بالسداد فترصد المبلغ المطلوب وبمطالبتهما امتنعا عن السداد فأقامت الدعوى ، حكمت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تؤدي للمدعي مبلغ ( 10,782,498.73 ) دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي ، وبإلزام المدعى عليه الثاني بالتضامن والتكافل معها في حدود مبلغ (7,731,600 ) دولار أمريكي ، والفائدة.

استأنف المدعى عليه الثاني ( المحكوم عليه بالتضامن مع الأولى ) هذا الحكم بالإستئناف رقم 2116 لسنة 2022 إستئناف تجاري ، وبجلسة 4-5-2023 قضت المحكمة بسقوط الحق في الإستئناف.

طعن المدعى عليه في هذا الحكم بالطعن الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بالمحكمة الكترونيا بتاريخ 1-6-2023 بطلب نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة ، وقدم محامي البنك المطعون ضده مذكره بجوابه على الطعن طلب فيها رفضه.

وحيث عرض الطعن في غرفة مشوره ورأت المحكمة الحكم فيه بجلسة اليوم.

وحيث أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن إجراءات الطعن في الإحكام وتحديد الشروط اللازمة لقبول الطعن بالتمييز هي من المسائل المتعلقة بالنظام العام تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها وأنه لا يُصار إلى النظر في أسباب الطعن وبحثها إلا إذا كان مقبولاً ومستوفياً شرائطه القانونية ، وأن مفاد نص المادتين (179 و181) من قانون الإجراءات المدنية الإتحادي رقم 42 لسنة 2022 ، والمادة (32) من القانون المحلي رقم 21 لسنة 2015 بشأن رسوم المحاكم في إمارة دبي والمادة الأولى من المرسوم المحلي رقم 28 لسنة 2018 بشأن قبول الطعون الحقوقية أمام محاكم دبي ، - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون أوجب على الطاعن بالتمييز عند إيداع صحيفة الطعن بمكتب إدارة الدعوى أو خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ إخطاره بالسداد من مكتب إدارة الدعوى لدى المحكمة المختصة سداد الرسوم والتأمينات المقررة قانوناً طالما أنه ليس معفياً من سداد الرسم الثابت ولم يؤجل سداده طبقاً للقانون ، بحيث إذا لم تكن صحيفة الطعن عند إيداعها مصحوبة بما يفيد سداد الرسم والتأمين أو بمرور ثلاثة أيام عمل على إخطار الطاعن بالسداد دون إيداعها على النحو المتقدم ، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن إعمالاً لنص الفقرة الخامسة من المادة (179) من القانون الإجراءات المدنية والفقرة الأولى من المرسوم رقم 28 لسنة 2018 سالفي الذكر ، ولو لم يتمسك بذلك أحد من الخصوم ، لما كان ذلك وكان البّين من الأوراق وما أثبت بصحيفة الدعوى الإلكترونية من قبل قسم الخدمات المركزية بالمحكمة أن الطاعن رفع طعنه الماثل بموجب صحيفة أودعت الكترونياً بتاريخ 1-6-2023 وتم اشعاره بالسداد بتاريخ 5-6-2023 ، إلا أنه لم يقوم بسدادها إلا بتاريخ 3-7-2023 أي بعد مرور أكثر من ثلاثة أيام عمل على تاريخ الإشعار بالسداد ، فمن ثم فإنه يكون قد قام بالسداد بعد الميعاد والأجل المقرر قانونا متعينا القضاء بعدم قبول الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :-
بعدم قبول الطعن ، وبإلزام الطاعن بالمصروفات ومبلغ إلفي درهم مقابل أتعاب المحاماة ، وأمرت بمصادرة التأمين.

الطعن 895 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 1 / 8 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-08-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 895 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
كوريا تريد انشورانس كوربوريشن
مطعون ضده:
شركة دلما الرضوان التجارية ( ذم م ) فرع دبى
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/171 استئناف تجاري
بتاريخ 04-05-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر يحيى الطيب أبوشورة وبعد المداولة:
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية.
وحيث تتحصل الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة (كوريا تريد انشورانس كوربوريشن) أقامت لدى محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم1315 لسنة 2022م تجارى جزئي ضد المطعون ضدها (شركة دلما الرضوان التجارية ذم م فرع دبي) بطلب الحكم بإلزام المدعى عليها بأداء مبلغ (656,880.00) درهم والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات، على سند من أنها شركة تأمين بكوريا الجنوبية وأنها قد أمنت على شراء المدعى عليها لبضائع من شركــة سامسونج ميديســون ال تي دي وسداد الثمن بوثيقة التأمين على الصادرات رقم (11-2007-0635) حيث شحنت البضائع الى المدعى عليها بالشحن الجوي من مطار إنتشون الدولي بسيؤول كوريا الجنوبية الى مطار دبى الدولي وأن المدعى عليها قد فشلت فى سداد قيمة البضائع ، وأنها قد سددت للمؤمن شركــة سامسونج ميديســون ال تي دي بمبلغ( 169,227.65)دولار أمريكي والتي أحالت لها كافة حقوقها المترصدة بذمة المدعى عليها التي رفضت السداد مما حدا بها لإقامة الدعوى.
ندبت المحكمة خبير فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بجلسة 12-1 -2023م بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ (149228) دولار أمريكي أو ما يعادله بدرهم الامارات والفائدة 5% من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات.
استأنفت المدعى عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 171 لسنة 2023م تجارى.
بجلسة 4 -5 -2023م قضت المحكمة بإلغاء قضاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم .
طعنت المدعية (كوريا تريد انشورانس كوربوريشن) على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 29 - 5 -2023م بطلب نقضه.
وقدمت المطعون ضدها مذكره بدفاعها بطلب رفض الطعن.
وحيث عرض الطعن في غرفة مشوره ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بإلغاء قضاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوة لوجود شرط التحكيم على فهم وتكيف خاطئ لموضوع الدعوى الذي هو مطالبتها المطعون ضدها بالتعويض عما تكبدته من أضرار ماديه نتيجة سدادها المبلغ موضوع الدعوى للمؤمن تنفيذاً لعقد التأمين الذي لولاه لما سددت لها المبلغ بما يثبت حلولها القانوني محل المؤمن لها في مطالبة المطعون ضدها بما سددته للمؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه وهو عدم سداد المطعون ضدها لثمن البضائع التي اشترتها من المؤمن له، ولإهماله ثبوت أنها شركة تأمين وأقامت الدعوى بطلب الحكم بالتعويض عن المبلغ الذي سددته لشركة (سامسونج ميديسون) للمؤمن لها بما يثبت أن شرط التحكيم المتفق عليه بينها والمطعون ضدها لا يمتد الى الطاعنة التي لم تكون أحد طرفي العقد الذى تضمنه ولا يجوز للمطعون ضدها الدفع به في مواجهتها لان شرط التحكيم يحكم أطرافه فقط ولا يمتد الى الغير، ولاجتزائه لرأى الدكتور فتحي والى والاخذ منه ما يؤسس عليه قضائه واستبعاد ما يؤكد عدم امتداد شرط التحكيم فى مواجهة شركة التأمين التي تطالب بالتعويض عما تكبدته من أموال بسبب الضرر الذي تسببت به المطعون ضدها حيث ذكر الدكتور فتحي والي في كتابه قانون التحكيم في النظرية والتطبيق صفحة رقم 168 أنه ،اذا فضل الدائن الموفي الرجوع على المدين بالدعوى الشخصية وليس حالا محل الدائن في حقه فإنه عندئذ لا يكون طرفاً في اتفاق التحكيم فليس له أن يستفيد منه ،ويكون رجوعه على المدين بالدعوى امام المحاكم ، بما يثبت عدم صحة تمسك المطعون ضدها بشرط التحكيم وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب والمصدر القانوني للحق المدعى به وأنه يتعين على محكمة الموضوع - من تلقاء نفسها ? اعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني السليم وفقا لما تتبينه من حقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذي تقوم عليه في حدود ما هو مطروح عليها من وقائع وتتقصى حقيقة ما يستند إليه المدعي في طلباته توصلاً إلى تكييف الدعوى وتحديد الحكم القانوني المنطبق عليها وفق سلطاتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى. وأن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة-أنه يحق للمؤمن وفق ما تقضي به المادة (1030) من قانون المعاملات المدنية أن يحل محل المؤمن له أو المستفيد بما دفعه له من ضمان في الدعاوى التي تكون لأيهما قبل من تسبب في الضرر الذي نجمت عنه مسئولية المؤمن في حدود الشروط المتفق عليها بوثيقة التأمين ، وهذا هو الحلول القانوني ،وأنه يحق للمؤمن له أو المستفيد حوالة حقه في التعويض قبل مرتكب الفعل الضار الى الغير أو شركة التأمين المؤمنة وهذا هو الحلول الاتفاقي المشار إليه بالمواد (1106) وما بعدها من قانون المعاملات المدنية ، فإذا ما أقامت الشركة المؤمنة دعواها قبل المسئول عن الفعل الضار استناداً إلى الحلول الاتفاقي فإن المدين بالحق المحال به يكون بمعزل عن العلاقة بين طرفي عقد التأمين -وهما المؤمن له المحيل والشركة المؤمنة لها - المحال لها ،ولا يجوز له أن يتمسك إلا بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وبالدفوع المستمدة من عقد الحوالة . وأن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة-أنه ولئن كان التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات بدلا من القضاء ويجب قصره على ما اتفق الطرفان على إحالته إلى التحكيم، إلا أنه إذا كان التحكيم في شكل مشارطه ضمن شروط العقد الأصلي فإن تنازل أحد طرفي هذا العقد عن حقوقه والتزاماته الناشئة عنه إلى الغير أو إحالته إليه هذا العقد فإن هذا الغير يحل في العقد بما تضمنه من شرط إحالة النزاع إلى التحكيم طالما أن الطرف الآخر في العقد قد قبل هذه الحوالة صراحة أو ضمناً واستخلاص ذلك هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء قضاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم على ما أورده في أسبابه بقوله ( لما كان الثابت من اتفاقية توزيع لمنتجات التصوير المؤرخة في الأول من يناير 2016 بين المستأنفة وشركة سامسونج ماديسون المحدودة والتي لم ينكرها أي من الطرفين ولم يدفع ما جاء بها يقلل من قيمة بياناتها أن جاء بالبند (12-7) من الاتفاقية المذكورة (القانون الحاكم وتسوية المنازعات تخضع لاتفاقية وتفسر وفق لقوانين جمهورية كوريا...يتم حل كافة النزعات أو الخلافات بين الأطراف الناجمة عن أو في ما يتعلق بهذه الاتفاقية بشكل نهائي عن طريق التحكيم والذي سينعقد في سيول بكوريا بموجب قواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية) بما مفاده أن الشركة المؤمل لها والشركة المستأنفة قد اتفقا على حالة النزعات والخلافات التي تنشأ عن الاتفاقية المذكورة باللجوء الى التحكيم، ولما كانت المستأنف ضدها قد حلت محل الشركة المؤمل لها حلولا" قانونيا" استندت عليه في إقامة الدعوى في مواجهة المستأنفة فانه يحق للأخيرة ووفق ما سبق ذكره أن تتمسك في مواجهة المستأنف ضدها بالدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم . ولما كانت المستأنفة قد دفعت بالدفع بعد قبول الدعوة لوجود شرط التحكيم في ميعاه المقرر قانونا فان المحكمة تقضي بعدم قبول الدعوة لوجود شرط التحكيم ولما كان الحكم المستأنف قد خالف ما سبق ذكره فان المحكمة تقضي بإلغائه.) وكانت الطاعنة قد أبانت صراحةً في صحيفة افتتاح الدعوى بأنها تستند فى مطالبتها المطعون ضدها بأداء المبلغ موضوع الدعوى على حلولها القانوني محل البائع المؤمن له (شركة سامسونج ميديســون ال تي دي) بموجب وثيقة التأمين على الصادرات رقم (11-2007-0635)، وكانت هذه الوثيقة قد تضمنت اتفاق المؤمن-المطعون ضدها- والمؤمن له(شركة سامسونج ميديســون ال تي دي) على اللجوء للتحكيم لفض ما قد يشجر بينهما من نزاع بشأنها ، وكان حلول الطاعنة القانوني محل المؤمن له يكون في حدود الشروط المتفق عليها بوثيقة التأمين ومنها التحكيم ،فيكون هذا الذي خلص اليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت فى الاوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي المسقط لكل ما أثارته الطاعنة، ويكون النعي عليه بما سلف بشأن تكييف الدعوى مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتكييفها التكييف القانوني السليم وفقا لما تتبينه من حقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذي تقوم عليه واستخلاص اتفاق الخصوم على التحكيم من عدمه وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، والنعي عليه فى غير ذلك بما سلف على غير أساس ويكون النعي برمته على غير أساس متعيناً رده .
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
.
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة:

برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة التأمين

الطعن 795 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 1 / 8 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-08-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 795 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
الباسم لمقاولات البناء ش.ذ.م.م
مطعون ضده:
محمد عبدالرحيم محمد العلي
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/444 استئناف تجاري
بتاريخ 27-04-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر يحيى الطيب أبوشورة وبعد المداولة:
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية.
وحيث تتحصل الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة (الباسم لمقاولات البناء.ذ.م.م) أقامت لدى محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم2674 لسنة 2022م تجارى جزئي ضد المطعون ضده (محمد عبد الرحيم محمد العلي) بطلب الحكم بالزام المدعى عليه بأداء مبلغ (815,540.28) درهماً والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ الاستحقاق في 20-11-2019م والمصروفات ، على سند من أن المدعى عليه هو مالك المؤسسة الفردية ( العلي للاستثمار العقاري) التي أبرمت معها بتاريخ 23-5-2018م عقد مقاوله كلفتها بموجبه بتنفيذ أعمال التصميمات الإنشاء والصيانة للفيلا رقم -DU 1425- بمنطقة ند الشبا بدبى،وأنها قد أنجزت كافة أعمال المقاولة الأصلية والإضافية المعقود عليها وفق الشروط والمواصفات وشهادة الإنجاز المؤرخة 20-11-2019م وترصد لها بذمة المدعى عليه المبلغ المطالب به وفق ما أثبته الخبير المنتدب في النزاع رقم 509 لسنة 2021م تعيين خبره تجارى الذى امتنع عن سداده مما حدا بها لإقامة الدعوى.
دفعت المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم.
بجلسة 1-2-2023م قضت المحكمة في الاسباب برفض الدفع المبدى من المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وفى المنطوق بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغ (815,540,28) درهماً والفائدة بواقع 5%سنويا من تاريخ المطالبة القضائية في 27-12-2022م بالمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
استأنف المدعى عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 444لسنة 2023م تجارى.
بجلسة 27-4-2023م قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم.
طعنت المدعية (الباسم لمقاولات البناء.ذ.م. م) على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 9-5-2023م بطلب نقضه.
وقدم المطعون ضده مذكره بدفاعه بطلب رفض الطعن.
وحيث عرض الطعن في غرفة مشوره ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بإلغاء قضاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم على سند من شرط التحكيم الوارد في البند (20/4) من شروط العقد رغم ثبوت اتفاقهما بموجب البند (20) من الاتفاقية المسمى? المطالبات والتحكيم- على حذف البنود الفرعية ومنها البند (20-4) المتضمن شرط التحكيم، ولرفضه دفاعها ببطلان شرط التحكيم لجهالته وغموضه ولمخالفته لأحكام قانون التحكيم لسنة 2018م الذى يشترط لصحة شرط التحكيم أن يكون واضحا لا لبس فيه ولا غموض حيث انه بمطالعة شرط التحكيم المدفوع به يتبين أنه قد ألغى بموجب البند (20) ثم أعيد وأضيف البند الفرعي الجديد (20-2) الذى أعاد جميع البنود الملغية بالاتفاق بما يثبت ان الاتفاق على التحكيم قد جاء مجهلا ومتناقضا مع بما يشوبه بالبطلان ، ولإهماله ثبوت انشغال ذمة المطعون ضده بالمبلغ موضوع الدعوى وفق ما أثبته الخبير المنتدب فى النزاع رقم 509 لسنة 2021م تعين خبره تجارى مما أضر بدفاعها في الدعوى وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة-وفقاً لنصوص المواد (1-2-4-5-6-7) من القانون رقم (6) لسنة 2018م بشأن التحكيم أن التحكيم هو أتفاق الخصوم صراحةً على اختصاص التحكيم دون المحاكم بالفصل في كل أو بعض ما قد يشجر بينهم من منازعات أو ما نشب بينهم بالفعل من منازعات، وأن الاتفاق على التحكيم لا يثبت إلا بالكتابة سواء كانت الكتابة محرراً وقعه الطرفان أو ما تبادلوه من رسائل وغيرها من وسائل الاتصال المكتوبة أو تم بموجب رسائل الكترونيه وفقاً لقواعد المعاملات الإلكترونية أو إذا أحيل في عقد ثابت بالكتابة إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم وكانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد أو اذا ورد في المذكرات الخطية المتبادلة بين الأطراف أثناء إجراءات التحكيم أو أمام القضاء ولم يعترض الطرف الأخر ، وأن من المقرر ? وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم هو دفع شكلي من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص لأن الهدف من التمسك به هو إنكار اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.. وأن من المقرر أن لمحكمه الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير الاتفاقات والعقود والمشارطات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها واستظهار النية المشتركة للمتعاقدين بما تراه أوفى بقصودهما مستشهديه في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها من محكمه التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغه ولم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو العقد على أن تقيم تفسيرها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالعقد. وأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لنص المادة (8/1) من قانون التحكيم أنه يجب على المحكمة التي يُرفع إليها نزاعٌ يوجد بشأنه اتفاق تحكيم، أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفع في موضوع الدعوى. وأن من المقرر ? وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الطعن على الحكم بطريق التمييز يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم فإذا خلا الحكم من العيب الموجه إليه كان النعي غير مقبول لوروده على غير محل من قضائه.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء قضاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم على ما أورده في أسبابه بقوله ( لما كان الثابت أن الطرفين اتفقا علي أن يكون العقد سبب الدعوي وفق شروط ( فيدك) واتفقا في البند 20 والمعنون بالمطالبات والنزاع والتحكيم علي حذف البنود الفرعية من 20/2 حتي 20/8 واتفقا علي إضافة بنود جديدة اذا انه دون بالاتفاقية بعد أن عددت البنود المحذوفة بتعريفاتها بتدوين عبارة ( إضافة البند الفرعي الجديد التالي ) وأضيفت بنود جديدة من 20-2 حتي 20-5 ونص في البند الجديد 20-4 والمعنون بالتحكيم (وهو بخلاف البند 4 المحذوف المعنون الحصول علي قرار مجلس الفصل في النزاع ) الاتفاق علي اللجوء للتحكيم وفق قواعد التوفيق والتحكيم لغرفة تجارة دبي من محكم واحد أو أكثر وذلك عن أي نزاع يتعلق 1 ـ لم يصبح قرار المهندس نهائيا وملزما وفقا للبند الفرعي 20-2 ان وجد 2 / لم يتم التوصل الي تسوية ودية خلال الفترة المنصوص عليها في البند الفرعي 20-4 يتم نسويتها نهائي ما لم ينص العقد علي خلاف ذلك . ومن ثم يكون الطرفين قد اتفقا علي التحكيم في حالة نشوب نزاع حول تنفيذ العقد سبب الدعوي وأن ما دون بالعقد من حذف بند خاص بالتحكيم (بند 6 المحذوف) كان للاتفاق علي بند جديد رقم 4 اتفق به علي التحكيم وفق القواعد سالفة البيان من حيث الجهة المختصة بالتحكيم وذلك علي النحو السالف سرده وحيث أن المستأنف تمسك بالدفع بوجود شرط التحكيم لدي محكمة اول درجة قبل التحدث في الموضوع وكان سبب استئنافه الأول الامر الذي يتعين معه والحال كذلك الغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم.) وكان الثابت اتفاق الطرفين فى الشروط العامة لعقد المقاولة سند الدعوى على فض ما قد يشجر بنهما من نزاع بشأن العقد طبقاً للشروط العامة للمقاولات (Fidic) بما يفيد اعتار ذلك جزءاً من العقد وهو كعقد نموذجي يثبت اتفاقهما على اللجوء للتحكيم لتسوية كافة المنازعات الناشئة عن الالتزامات الواردة في العقد بغير حاجة إلى النص في عقد المقاولة على تفاصيل هذا الشرط اكتفاءً بالإحالة إليه، وكان الثابت أيضاً اتفاقهما بموجب البندين (21-2و20-3) من العقد على اللجوء أولاً لمهندس المشروع لفض ما يشجر بينهما من نزاع بشأن العقد واذ لم يفعل أو لم يقتنع أي منهما بقراره فعليه خلال (70) يوماً اللجوء للتحكيم بموجب نظام التوفيق والتحكيم التجاري لغرفة تجارة وصناعة دبي التي حلت محلها قواعد التحكيم لدى مركز دبى للتحكيم الدولي، فيكون اتفاقهما بفض ما قد يشجر بينهما من نزاع بشأن العقد موضوع الدعوى عن طريق التحكيم واضحاً وصريحا ولا جهالة فيه ولا غموض، ويكون هذا الذي خلص اليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت فى الاوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي المسقط لكل ما أثارته الطاعنة ومتفقاً والتفسير الصحيح لعبارات العقد سند الدعوى، ويكون النعي عليه بشأن تفسير البند المتضمن لشرط التحكيم مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود والمشارطات وفهم وتفسير الشروط المختلف عليها بين الخصوم وفقاً لتفسيرها لعبارات العقد ومقصد المتعاقدين واستخلاص اتفاقهما على التحكيم وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم ولم ينظر موضوعها فيكون والنعي عليه في شأن إهماله ثبوت انشغال ذمة المطعون ضده بالمبلغ موضوع الدعوى وفق ما أثبته الخبير المنتدب في النزاع رقم 509 لسنة 2021م تعين خبره تجارى غير منصب على عيب أقام عليه قضاءه مما يوجب عدم قبوله، ويكون النعي برمته على غير أساس متعيناً رده.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:

برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة التأمين.

الطعن 3 لسنة 4 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 50 ص 628

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(50)

القضية رقم 3 لسنة 4 القضائية

رقابة القضاء الإداري 

- للقضاء الإداري التعقيب على تصرف الإدارة من الناحية القانونية وأن يبين من هو الأولى قانوناًَ بالترشيح للترقية - الحكم الصادر بإلغاء نقل موظف إلى الوظيفة ذات الدرجة المتنازع عليها - تضمنه أن الترشيح للترقية إلى هذه الدرجة يجب أن يقتصر على المدعيين - صحيح - إحالة المدعيين إلى المعاش لا يضيع عليهما حقاً يكون لهما في الفترة بين إصدار القرار محل الطعن وتاريخ الإحالة إلى المعاش - أساس ذلك.

------------------
إن القضاء الإداري, وإن كان لا يملك أن يحل محل الإدارة في إجراء أمر هو من اختصاصها, إلا أنه يملك أن يعقب على تصرف الإدارة من الناحية القانونية, وأن يبين حكم القانون فيما هو متنازع عليه بين ذوي الشأن, فيضع الأمور في نصابها القانوني الصحيح, وله بهذه المثابة أن يبين من هو الأولى قانوناً بالترشيح للترقية. وإذا ما أبان ذلك فليس معنى هذا أنه حل محل الإدارة في ترقيته, بل مفاد تنبيه الإدارة إلى حكم القانون لتجرى الترقية بقرار منها على هذا الأساس, وإلا كان قرارها - على خلاف ذلك - مخالفاً للقانون. وقد أبان حكم القضاء الإداري - بعد إذ ألغى نقل السيد/..... إلى الوظيفة ذات الدرجة المتنازع عليها استناداً إلى أن هذا النقل كان حائلاً دون ترقية أي من المدعيين - أن الترشيح للترقية إلى هذه الدرجة يجب أن يقتصر عليهما. كما أن ما أثاره الطعن من جهة أخرى, من أن ترقية أي من المدعيين قد أصبحت الآن غير ذات موضوع بعد أحيلا إلى المعاش, مردود بأن هذا الأمر اللاحق لا يضيع على ذي الشأن حقاً قد يكون له قبل ذلك فيما بين إصدار القرار الأول الذي كان محل الطعن وتاريخ الإحالة إلى المعاش؛ لأن الأحكام مقررة لا منشئة. فالمفروض في القرار الإداري الذي يصدر تنفيذاً لمقتضى الحكم أن ينسحب إلى التاريخ الذي ينسحب إليه الحكم في قضائه, وهو مقرر وراجع إلى الماضي كما سلف الذكر. فإذا ما صدر القرار الإداري مثلاً بالترقية تنفيذاً لهذا المقتضى, فالمفروض أن تعتبر الترقية في مبدئها مستندة في الماضي إلى تاريخ أسبق ومنتهية بتاريخ الإحالة إلى المعاش الذي طرأ خلال نظر الدعوى أو بعده وقبل إصدار القرار الإداري تنفيذاً لمقتضى الحكم. وغنى عن القول أن لذلك آثاره المالية في حساب المعاش.


إجراءات الطعن

في 12 من أكتوبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 15 من أغسطس سنة 1957 في القضية رقم 297 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد المهندس محمد موسى ضد مدير عام مصلحة التليفونات وآخر, والقاضي "بتفسير الحكم الصادر بتاريخ 21 من يناير سنة 1954 في الدعويين رقمي 616 لسنة 5 القضائية و1634 لسنة 6 القضائية بأنه يقضي بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات في 6 من يونيه سنة 1950، القاضي بنقل السيد/ مصطفى بغدادي من مصلحة البريد إلى مصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة ليشغل إحدى الدرجات الأولى الخالية بالتلغرافات والتلفونات إلغاء نسبياً فيما تضمنه من حرمان أحد المدعيين في الدعويين المذكورتين من الترقية إلى الدرجة الأولى المشار إليها, على أن تتولى جهة الإدارة إعمال سلطتها في الاختيار والترجيح بين المدعيين للترقية إلى تلك الدرجة طبقاً للقانون, وبإلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 16 و19 من أكتوبر سنة 1957, وللمدعي في 19 منه, وعين لنظره جلسة 6 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 3 من نوفمبر سنة 1954، طالباً تفسير الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعويين رقمي 616 لسنة 5 القضائية و1634 لسنة 6 القضائية, مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه أقام الدعوى رقم 1634 لسنة 6 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري في 13 من أغسطس سنة 1952 ضد وزارة المواصلات وآخرين, وطلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات في 6 من يونيه سنة 1950 بنقل السيد/ مصطفى بغدادي مراقب عام مصلحة البريد إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مدير الحركة بمصلحة التليفونات فيما ترتب عليه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة المذكورة المخصصة في ميزانية المصلحة عن السنة المالية 1950/ 1951 للوظيفة التي يشغلها المدعي منذ عام 1948. ولما كان المهندس فوزي تكلا مساعد المفتش العام لمصلحة التليفونات وقتئذ قد أقام الدعوى رقم 616 لسنة 5 القضائية بالطعن في القرار الوزاري السالف الذكر على أساس أنه المستحق الوحيد للدرجة الأولى التي شغلها السيد/ مصطفى بغدادي؛ لأنه الأول في ترتيب الأقدمية, وكان مقيداً على هذه الدرجة, فقد قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. وقد دفع المهندس فوزي تكلا بعدم قبول دعوى المهندس محمد موسى, استناداً إلى فوات ميعاد الطعن بالنسبة إليه؛ وعندئذ عدل المهندس محمد موسى طلباته إلى ما يأتي: (أولاً) الحكم برفض الدفع بعدم قبول دعواه وبقبولها. (ثانياً) وبصفة أصلية, إلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات رقم 175 في 6 من يونيه سنة 1950 بنقل السيد/ مصطفى بغدادي المراقب العام لمصلحة البريد إلى وظيفة مدير الحركة بمصلحة التليفونات فيما أدى إليه من حرمان المدعي من الترقية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفته اعتباراً من التاريخ المذكور, مع ما يترتب على تقرير استحقاقه للترقية إلى هذه الدرجة من 6 من يونيه سنة 1950 من آثار مالية وفروق, وإلزام المصلحة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبصفة احتياطية, الحكم بإلغاء القرار الضمني المستفاد من امتناع وزير المواصلات عن ترقية المدعي إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مدير الحركة بمصلحة التليفونات التي نقل إليها من 3 من أبريل سنة 1948, وذلك اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1950, تاريخ نقل السيد/ مصطفى بغدادي نقلاً باطلاً إلى وظيفة مدير الحركة التي كان المدعي شاغلاً لها, أو على الأقل اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951, مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وفروق, وإلزام المصلحة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ومن قبيل الاحتياط الكلي الحكم بأحقيته في أن يوضع بالدرجة المخصصة لوظيفة مدير الحركة اعتباراً من أول يوليه سنة 1951, مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وفروق. (ثالثاً) رفض الدعوى رقم 616 لسنة 5 القضائية المرفوعة من المهندس فوزي تكلا, مع إلزام رافعها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد كان رد الحكومة في هاتين الدعويين أن القرار المطعون فيه هو قرار نقل موظف من مصلحة إلى مصلحة أخرى, وهذا أمر من إطلاقات الإدارة تترخص فيه في حدود سلطتها التقديرية, فضلاً عن أن الترقية إلى الدرجة الأولى تتم بالاختيار, وليس هناك من إلزام عليها في إجراء الترقية في وقت معين, بل تترخص في اختيار الوقت الملائم لها. وخلصت من ذلك إلى طلب الحكم برفضها, وإلزام المدعيين بالمصروفات. وبجلسة 21 من يناير سنة 1954 قضت المحكمة بما يأتي "رفض الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 1634 لسنة 6 القضائية, وبقبولها, وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات في 6 من يونيه سنة 1950 الرقيم 175 بنقل السيد/ مصطفى بغدادي من مصلحة البريد إلى مصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة ليشغل إحدى الدرجات الأولى الخالية بمصلحة التلفونات فيما تضمنه من حرمان أحد المدعيين من الترقية في الدرجة الأولى المذكورة, وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة لكل من المدعيين, ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات". ويقول المدعي في دعواه الحالية إنه أعلن هذا الحكم لوزير المواصلات في 6 من مارس سنة 1954 ونبه عليه بأن ينفذه طبقاً لمنطوقه وأسبابه بأن يعمل اختياره في المفاضلة بينه وبين المهندس فوزي تكلا في الترقية إلى الدرجة الأولى محل النزاع من التاريخ الذي ألغى منه قرار نقل السيد/ مصطفى بغدادي, ولكن الوزير لم يقم بذلك بمقولة إن الحكم - أسباباً ومنطوقاً - ليس له من أثر إلا إخلاء الدرجة الأولى التي شغلها السيد/ مصطفى بغدادي بطريق النقل, ولا يترتب عليه كسب أي من المدعيين في الدعوى حقاً في الترقية إليها من تاريخ خلو تلك الدرجة, أو شغل السيد/ مصطفى بغدادي لها بالنقل, أو من أي تاريخ لاحق لذلك وسابق على إحالة المدعيين إلى المعاش. ولذلك فقد رفع هذه الدعوى، إزاء غموض الحكم في نظر وزارة المواصلات، لتقوم محكمة القضاء الإداري التي أصدرته بتفسيره بما يؤدى إلى تنفيذه طبقاً لما قصدته من إصداره. وقد ردت الحكومة على ذلك بأن المصلحة قامت - بعد صدور الحكم المطلوب تفسيره - بترشيح المدعي لشغل الدرجة الأولى؛ وذلك بكتابها رقم 734/ 13 - 72 بتاريخ 20 من أبريل سنة 1954, المرسل للسيد سكرتير عام وزارة المواصلات, ولكن إجراءات التعيين لم تتم؛ نظراً لما أفتت به شعبة الأشغال العامة بمجلس الدولة بكتابها المؤرخ 7 من سبتمبر سنة 1954, من أن أثر الحكم, منطوقاً وأسباباً, قاصر على إخلاء الدرجة الأولى المشار إليها, ولا يترتب عليه كسب أي من المدعيين حقاً في الترقية إليها من تاريخ خلوها أو من تاريخ شغل السيد/ مصطفى بغدادي لها بالنقل أو من أي تاريخ لاحق لذلك وسابق على إحالة المدعيين للمعاش. وأضافت الحكومة أن المدعي والمهندس فوزي تكلا اعتزلا الخدمة بناء على طلبهما اعتباراً من أول يناير سنة 1954 بالنسبة للأول، ومن 16 من ديسمبر سنة 1953 بالنسبة للثاني, وصرفت لهما ماهيتهما لمدة سنتين على أقساط شهرية, ولم يشغل أي منهما الدرجة الأولى إطلاقاً. وبجلسة 15 من أغسطس سنة 1957 حكمت المحكمة "بتفسير الحكم الصادر بتاريخ 21 من يناير سنة 1954 في الدعويين رقمي 616 لسنة 5 القضائية و1634 لسنة 6 القضائية بأنه يقضى بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات في 6 من يونيه سنة 1950، القاضي بنقل السيد/ مصطفى بغدادي من مصلحة البريد إلى مصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة ليشغل إحدى الدرجات الأولى الخالية بالتلغرافات والتليفونات إلغاء نسبياً فيما تضمنه من حرمان أحد المدعيين في الدعويين المذكورتين من الترقية إلى الدرجة الأولى المشار إليها, على أن تتولى جهة الإدارة إعمال سلطتها في الاختيار والترجيح بين المدعيين للترقية إلى تلك الدرجة طبقاً للقانون, وبإلزام الحكومة بالمصروفات". وأسست قضاءها على أن الحكم المطلوب تفسيره, في منطوقه وما اشتمل عليه من أسباب, ظاهر الدلالة على أن الإلغاء الذي قضى به الحكم يستهدف النتيجة التي أدى إليها القرار المطعون فيه, وهى حرمان أي من المدعيين من الترقية إلى الدرجة الأولى محل النزاع. وإذ كان الإلغاء بهذه المثابة بالنسبة للمدعيين لا يعدو أن يكون إلغاء نسبياً فإن الطريق الذي سلكته الوزارة - في صدد تنفيذ الحكم على اعتبار أن هذا الحكم ليس له من أثر إلا إخلاء الدرجة الأولى التي شغلها السيد/ مصطفى بغدادي بطريق النقل دون أن يتعدى ذلك إلى كسب أي من المدعيين في الدعوى حقاً في الترقية إليها - يكون على غير سند من الحكم, قاصراً عن استيعاب مفهوم ما نص عليه منطوقه وما ورد في أسبابه. وإذ كان الظاهر أن ما استغلق على الوزارة فيما يتعلق بمنطوق هذا الحكم وتقضي نتائجه حيال تنفيذه إنما أساسه وقوفها عند حد مدلول الإلغاء المجرد الوارد بهذا المنطوق والذي لا يتعدى أثره إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الملغى؛ إذ الواقع أن الإلغاء المجرد الذي أشار إليه منطوق الحكم إنما يلحق القرار الباطل الصادر بنقل السيد/ مصطفى بغدادي فقط, أما ما تعلق من هذا الإلغاء بالمدعيين فهو في حقيقة تكييفه من الناحية القانونية إلغاء نسبى يتعلق به حق أي من المدعيين في الترقية إلى الدرجة الأولى محل النزاع؛ ومن ثم يتعين توضيح ما أبهم على الوزارة من منطوق الحكم المذكور على وجهه الصحيح حتى يكون منتجاً لآثاره التي قصد إليها في صراحة, والتي خلصت المحكمة في أنه ينصب على إلغاء قرار نقل السيد/ مصطفى بغدادي, على أن تتولى الجهة الإدارية إعمال سلطتها في الاختيار للوظيفة محل النزاع فيما بين المدعيين دون سواهما.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن أسباب الحكم المطلوب تفسيره هي من الوضوح بحيث لا تدع مجالاً للخلاف الذي أثير في شأن كيفية تنفيذه؛ ذلك أنها قد كشفت في صراحة لا يشوبها أي غموض عن أن أحداً من المدعيين لم يتعلق له بقرار المطعون فيه أدنى حق؛ لذلك كان طبيعياً أن تنتهي المحكمة إلى إلغاء القرار إلغاء مجرداً فيما تضمنه من شغل الدرجة؛ لتتولى الإدارة, على ما أوضح الحكم, إعمال سلطتها في الاختيار للوظيفة المذكورة فيما بين المدعيين؛ فالإلغاء مجرد والإدارة لم تباشر بعد سلطتها في الترقية لسبب بسيط هو أن القرار المطعون فيه قرار نقل وليس قرار ترقية. وإذ كانت لم تعمل بعد هذه السلطة فأي من المدعيين أو غيرهما لم يتعلق له أدنى حق بالدرجة المذكورة. والإلغاء المجرد ليس له من أثر، كما هو معلوم، إلا إعدام القرار، فتعود الحالة إلى ما كانت عليه وكأنه لم يصدر, ثم تسترد الوزارة سلطتها من جديد في شغل الوظيفة سواء بالترقية أو النقل إليها طبقاً للقواعد المعمول بها. فإذا كان لأحد من ذوي المصلحة وجه للطعن على القرار الذي تصدره في هذا الشأن إذا شابه عيب يبطله فإن الباب مفتوح أمامه ليباشر حقه في الطعن. وإذا كان الأمر كذلك ولم تكن الإدارة قد أعملت بعد سلطتها في الترقية ولم يكن ثمت حق تعلق للمدعي أو غيره, فإنه لا يستقيم مع ذلك إرغام الإدارة على إصدار قرار لم تباشر سلطتها بعد في إصداره، وإجبارها على أن يكون هذا القرار بأثر رجعى منسحب إلى الماضي, دون سند من الحكم المفسر؛ لما ينطوي عليه ذلك من مصادرة على سلطتها, الأمر الذي يمتنع على مجلس الدولة الذي له فقط التعقيب على تصرف الإدارة عند وجوده, سواء أكان هذا التصرف إيجابياً أم سلبياً, وليس له الحلول محل الإدارة في إجرائه. وعلى أساس هذا النظر فإن حق المدعي في الترقية لا يتصور تحققه إلا بصدور القرار المنشئ له في الوقت الذي تراه الإدارة ملائماً لإصداره, وهذا الوقت مسألة موضوعية أمرها متروك لمطلق تقديرها. ولما كان الثابت أن المدعي قد اعتزل الخدمة, فانقطعت بذلك علاقته الوظيفية بجهة الإدارة قبل أن يصدر هذا القرار بل قبل أن يصدر الحكم المطلوب تفسيره, فإن طلبه اعتباره مرقى للدرجة المنتزع عليها لا يقوم على سند من القانون, وبالتالي يقع الحكم الذي يستجيب لمثل هذا الطلب مخالفاً للقانون, لمخالفته للمبادئ المستقرة قضاء, ولما فيه من اعتداء على حجية الشيء المقضي به, وتحميل للحكم المفسر بما لا يسمح به منطوقه أو أسبابه الوثيقة الصلة به, مما يتعين معه الطعن فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه فيما انتهى إليه من نتيجة في شأن إيضاح ما ثار من انبهام لدى تطبيق الحكم المفسر, وذلك للأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه والتي تأخذ بها هذه المحكمة. أما ما أثاره الطعن من أن الحكم المفسر وكذا الحكم المطعون فيه المفسر له قد انطوى على مصادرة للإدارة في تقدير ملاءمة الترقية إلى الدرجة الأولى المتنازع عليها وأوان إجراء هذه الترقية, فمردود بأن القضاء الإداري وإن كان لا يملك أن يحل محل الإدارة في إجراء أمر هو من اختصاصها إلا أنه يملك أن يعقب على تصرف الإدارة من الناحية القانونية, وأن يبين حكم القانون فيما هو متنازع عليه من ذوي الشأن, فيضع الأمور في نصابها القانوني الصحيح, وأن له بهذه المثابة أن يبين من هو الأولى قانوناً بالترشيح للترقية, وإذا ما أبان ذلك فليس معنى هذا أنه حل محل الإدارة في ترقيته, بل مفاد تنبيه الإدارة إلى حكم القانون لتجرى الترقية بقرار منها على هذا الأساس, إلا كان قرارها على خلاف ذلك مخالفاً للقانون. وقد أبان حكم القضاء الإداري - بعد إذ ألغى نقل السيد/ مصطفى بغدادي إلى الوظيفة ذات الدرجة المتنازع عليها استناداً إلى أن هذا النقل كان حائلاً دون ترقية أي من المدعيين - أن الترشيح للترقية إلى هذه الدرجة يجب أن يقتصر عليهما. كما أن ما أثاره الطعن من جهة أخرى, من أن ترقية أي من المدعيين قد أصبحت الآن غير ذات موضوع بعد أحيلا إلى المعاش, مردود بأن هذا الأمر اللاحق لا يضيع على ذي الشأن حقاً قد يكون له قبل ذلك فيما بين إصدار القرار الأول الذي كان محل الطعن وتاريخ الإحالة إلى المعاش؛ لأن الأحكام مقررة لا منشئة, فالمفروض في القرار الإداري الذي يصدر تنفيذاً لمقتضى الحكم أن ينسحب إلى التاريخ الذي ينسحب إليه الحكم في قضائه, وهو مقرر وراجع إلى الماضي كما سلف الذكر. فإذا ما صدر القرار الإداري مثلاً بالترقية تنفيذاً لهذا المقتضى فالمفروض أن تعتبر الترقية في مبدئها مستندة في الماضي إلى تاريخ أسبق ومنتهية بتاريخ الإحالة إلى المعاش الذي طرأ خلال نظر الدعوى أو بعده وقبل إصدار القرار الإداري تنفيذاً لمقتضى الحكم. وغنى عن القول أن لذلك آثاره المالية وكذلك في حساب المعاش؛ ومن ثم يتعين قبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الطعن 969 لسنة 3 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 49 ص 619

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الحريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------

(49)

القضية رقم 969 لسنة 3 القضائية

ميعاد الستين يوماً 

- الدعوى التي يقيمها المدعي بالمطالبة بالدرجة السادسة من تاريخ التعيين بالتطبيق لقواعد الإنصاف واستحقاقه للدرجة الخامسة بالتطبيق لقواعد التنسيق - تضمن هذه الدعوى بحكم اللزوم الطعن في أي قرار بالترقية إلى الدرجات التالية متى تمت الترقية فيها بحسب الأقدمية في الدرجات السابقة وتغني عن تكرار الطعن في القرارات التالية - أساس ذلك - الدفع بعدم قبول الدعوى التي يرفعها المدعي للطعن في القرارات التالية لا يقوم على أساس.

-------------------
لئن كان القرار بالترقية إلى الدرجة الرابعة التي ترك فيها المدعي وقتذاك قد صدر في 31 من مايو سنة 1950 اعتباراً من أول مايو سنة 1950, ونشر في النشرة المدنية لوزارة الحربية في 29 من يونيه سنة 1950, إلا أنه لما كان المدعي قد رفع دعواه مطالباً باستحقاقه للدرجة السادسة اعتباراً من دخوله الخدمة في 7 من ديسمبر سنة 1935 بالتطبيق لقواعد الإنصاف, واستحقاقه للدرجة الخامسة الكتابية من أول مايو سنة 1946 وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق؛ فليس من شك في أن الدعوى المذكورة تتضمن بحكم اللزوم الطعن بالإلغاء في أي قرار بالترقية إلى الدرجة التالية متى انبتت الترقية فيها على دور الأقدمية بحسب الدرجات السابقة؛ لارتباط هذه بتلك ارتباط الفرع بالأصل أو النتيجة بالسبب. فإذا استجاب القضاء لطلب المدعي فأنصفه وكشف عن استحقاقه للترقية إلى الدرجة السابقة, وحدد أقدميته فيها بما يجعله صاحب الدور في الترقيات التالية، وكان قد صدر قبل الفصل في الدعوى قرارات تالية بالترقية على أساس الأقدمية؛ فإن الدعوى المذكورة تغني صاحب الشأن عن تكرار الطعن بدون موجب في تلك القرارات التالية, ما دام الطعن في القرار الأول, وهو الأصل, يتضمن حتماً - وبحكم اللزوم - الطعن ضمناً في القرارات التالية, وهي الفرع, كما أن تنفيذ الحكم الصادر في تلك الدعوى بإلغاء القرار الأول وما ترتب عليه من آثار يقتضي تصحيح الأوضاع بالنسبة للمدعي في تلك القرارات التالية؛ وضعاً للأمور في نصابها السليم, كأثر من آثار الحكم المذكور الكاشف لأصل الحق؛ ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى في غير محله.


إجراءات الطعن

في يوم 31 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية والبحرية بجلسة 2 من يوليه سنة 1957 في القضية رقم 718 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ يوسف فهمي حافظ ضد وزارة الحربية, والقاضي: (أولاً) بإلغاء قرار وزير الحربية والبحرية رقم 194 الصادر في 31 من مايو سنة 1950 إلغاء جزئياً بما يخول إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الكتابية إلى أول مايو سنة 1950, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) بعدم اختصاصها بنظر الطلب الخاص بإلغاء القرارين الصادرين في 31 من ديسمبر سنة 1953 و31 من أغسطس سنة 1955, وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وأبقت الفصل في مصروفاته. وقد طلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 17 من أكتوبر سنة 1957, وللمدعي في 26 منه, وعين لنظره جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 718 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها في 2 من مارس سنة 1955 قال فيها إنه حصل على شهادة البكالوريا المصرية في عام 1926, ثم على شهادة العلوم التجارية والمالية من جامعة مانشستر بانجلترا في سنة 1934, والتحق بخدمة الحكومة في 7 من ديسمبر سنة 1935 بوظيفة باليومية في مصلحة الإحصاء. وفي 30 من أكتوبر سنة 1937 عين بوزارة الحربية بمرتب قدره سبعة جنيهات شهرياً في الدرجة الثامنة على إثر نجاحه في امتحان المسابقة الذي عقدته الوزارة لاختيار مترجم ممتاز, وأعلنت فيها أن المتفوق سيعين في الدرجة السادسة. وفي سنة 1946 اختير للعمل بمكتب الملحق العسكري بواشنطون، وظل به لغاية عام 1948؛ إذ رشحته إدارة المخابرات الحربية لإنشاء وتنظيم مكتب الملحقين العسكريين. وفي 16 من ديسمبر سنة 1951 عهد إليه بالعمل في مكتب الملحق العسكري بأنقرة. وفي هذه الأثناء أقام الدعوى رقم 672 لسنة 5 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري التي أصدرت حكمها فيها في 4 من مايو سنة 1953 باستحقاقه تسوية حالته باعتباره في الدرجة السادسة المخفضة براتب قدره 500 م و10 ج شهرياً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1935, وما يترتب على ذلك من آثار مالية بالتطبيق لقواعد الإنصاف, وبإلغاء القرار الصادر في 4 من أغسطس سنة 1947 رقم 116 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة, وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق. وقد قامت الوزارة بتنفيذ هذا الحكم, وأصدرت بذلك القرار رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953, ثم نمى إلى علمه قبيل رفع دعواه الحالية أن الوزارة كانت قد رقت إلى الدرجة الرابعة في أول مايو سنة 1950 زملاء له يلونه في ترتيب الأقدمية ويقلون عنه كفاية, وأنها رقت إلى الدرجة الثالثة بقرارها الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1953 زملاء له أحدث منه في الأقدمية وأقل منه في درجة الكفاية. ولما كان هذا التخطي قد جاء مخالفاً للقانون ومشوباً بإساءة استعمال السلطة؛ فهو يطلب لذلك الحكم: (أولاً) بإلغاء القرار الصادر من وزير الحربية في أول مايو سنة 1950 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة. (ثانياً) بإلغاء القرار الصادر من وزير الحربية في 31 من ديسمبر سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الدرجة الثالثة, مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بمناسبة صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بمجلس الدولة؛ لأن المدعي من موظفي الكادر الكتابي, والدرجة الرابعة التي يطالب بها من درجات هذا الكادر. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المدعي التحق بخدمتها في وظيفة من الدرجة الثامنة في 30 من أكتوبر سنة 1937, وهو حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية قسم ثان وشهادة التجارة العليا من جامعة مانشستر. وتطبيقاً لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 اعتبر في هذه الدرجة من 7 ديسمبر سنة 1935, تاريخ التحاقه بمصلحة الإحصاء في وظيفة باليومية, ورقى إلى الدرجة السابعة في أول أبريل سنة 1945, وإلى الدرجة السادسة الكتابية في 31 من يناير سنة 1952 في دوره بالأقدمية. ولما صدر لصالحه حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 672 لسنة 5 القضائية في 4 من مايو سنة 1953, أصدرت الوزارة القرار الوزاري رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953، بتسوية حالته باعتباره في الدرجة السادسة المخفضة بماهية قدرها 500 م و10 ج من 7 من ديسمبر سنة 1935, وترقيته إلى الدرجة الخامسة الكتابية من أول مايو سنة 1946، مع صرف الفروق المستحق له. وبعد تنفيذ الحكم أصبح المدعي أقدم موظف بالدرجة الخامسة الكتابية. فصدر القرار الوزاري رقم 457 في 30 من يونيه سنة 1953 بترقيته إلى الدرجة الرابعة الكتابية بالأقدمية اعتباراً من تاريخ صدور القرار. ولما كان السيد/ محمد عبد الفتاح جاد الحاصل على بكالوريوس التجارة في سنة 1937 يشغل الدرجة الرابعة من أول مايو سنة 1950 فقد رقى إلى الدرجة الثالثة بالاختيار اعتباراً من 31 من ديسمبر سنة 1953 في حدود النسبة المنصوص عليها في القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة. وبفرض أن المدعي يتساوى معه في الأقدمية فإن الترقية تمت بالاختيار؛ الأمر الذي يدخل في السلطة التقديرية للوزارة التي راعت أن المدعي غير جامعي في حين أن السيد/ محمد عبد الفتاح جاد جامعي. وقد صدر هذا القرار في 31 من ديسمبر سنة 1953, ولم يتقدم المدعي بالطعن فيه إلا في 5 من مارس سنة 1955 بالرغم من إعلانه بالنشرة المدنية الأسبوعية في 4 من فبراير سنة 1954؛ ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد. وفي 14 من مارس سنة 1956 أضاف المدعي إلى طلباته طلباً جديداً وهو إلغاء القرار الوزاري الصادر في 31 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية, وقال إن الوزارة لم تناقش القرار الصادر بتخطيه إلى الدرجة الرابعة, مما يدل على أن الوزارة مسلمة بأحقيته للترقية إلى هذه الدرجة اعتباراً من أول مايو سنة 1950. ثم أودع المدعي مذكرة أخرى في 16 من فبراير سنة 1957 طلب فيها إلغاء قرار وزير الحربية المشار إليه بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة وإحالة الدعوى إلى القضاء الإداري بالنسبة لطلب إلغاء القرارين الصادرين بتخطيه في الترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية للاختصاص. وقد أورد ما تضمنته تقاريره السرية في السنوات 1948 و1949 و1950 و1952 مما ينطق بكفايته وامتيازه. وبجلسة 2 من يوليه سنة 1957 حكمت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى, وبقبولها لرفعها في الميعاد, وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير الحربية في 31 من أغسطس سنة 1950 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة إلغاء جزئياً, واعتبار أقدميته في هذه الدرجة راجعة إلى أول مايو سنة 1950, وبعدم اختصاصها بنظر الطلب الخاص بالترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية, وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص, وأبقت الفصل في المصروفات. وقد أقامت قضاءها على أنه لم يقم الدليل على أن القرار المطعون فيه قد نشر أو أن المدعي أعلن به, أو علم به علماً يقينياً في ميعاد سابق على رفع الدعوى بأكثر من ستين يوماً؛ فلذلك تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد. ولما كان المدعي قد استصدر حكماً من محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 672 لسنة 5 القضائيةقضى بتسوية حالته على أساس استحقاقه للدرجة السادسة المخفضة اعتباراً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1935 بالتطبيق لقواعد الإنصاف وإلغاء القرار رقم 116 الصادر في 4 من أغسطس سنة 1947 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول مايو سنة 1946 بالتطبيق لقواعد التنسيق, وما يترتب على ذلك من آثار. وقد قامت الوزارة بتنفيذ هذا الحكم بالقرار رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953. وإذ كانت أحكام الإلغاء كاشفة عن المراكز القانونية التي تقررها, وبالتالي تنعطف بجميع آثارها الحتمية المباشرة إلى تاريخ إسناد الأقدمية على أساس المركز القانوني الذي نشأ للمدعي بمقتضاه, فإنه ترتيباً على ذلك تكون أقدمية المدعي سابقة على جميع من رقوا بالأقدمية المطلقة إلى الدرجة الرابعة في الكادر الكتابي بموجب القرار المطعون فيه, سواء أكانوا جامعيين أو غير جامعيين؛ لأنهم وإن اتحدوا جميعاً في أقدمية الدرجة الخامسة في أول مايو سنة 1946, إلا أنه يسبقهم في أقدمية الدرجة السادسة. ولما كانت التقارير السنوية عن سنتي 1948 و1949 السابقتين على إجراء حركة الترقيات المطعون فيها تشهد بأن المدعي كفء في عمله, ولا يوجد بملفه ما يحول دون ترقيته؛ فمن ثم يستحق الترقية إلى الدرجة الرابعة في دوره بالأقدمية. وإذا كان قد رقى إلى هذه الدرجة في 30 من يونيه سنة 1953, فيتعين إرجاع أقدميته فيها إلى أول مايو سنة 1950, مع إلزام الحكومة بمصروفات هذا الشق من الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه الصادر في أول مايو سنة 1950 قد نشر بالنشرة المدنية الأسبوعية لوزارة الحربية في 29 من يونيه سنة 1950 كما جاء بكتاب الوزارة رقم 70/ 50/ 101 في 28 من أغسطس سنة 1957, وإن ميعاد الستين يوماً المحدد لتقديم طلب الإلغاء يبدأ من تاريخ النشرة المذكورة, فتكون الدعوى, إذ رفعت في 2 من مارس سنة 1955, قد رفعت بعد الميعاد, وبالتالي تكون غير مقبولة.
ومن حيث إنه قد بان للمحكمة من الأوراق أن المدعي كان قد أقام الدعوى 672 لسنة 5 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري قضت فيها بجلسة 4 من مايو سنة 1953 بتسوية حالته على أساس استحقاقه للدرجة السادسة المخفضة بمرتب قدره 500 م و10 ج شهرياً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1935, وما يترتب على ذلك من آثار مالية بالتطبيق لقواعد الإنصاف, وبإلغاء القرار الوزاري رقم 116 الصادر في 4 من أغسطس سنة 1947 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق. فأصدرت الوزارة القرار رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953 بتسوية حالته تنفيذاً للحكم المذكور، واعتبر في الدرجة السادسة المخفضة من 7 من ديسمبر سنة 1935، في الدرجة الخامسة من أول مايو سنة 1946، فأصبح بذلك - كما تقرر الوزارة - أقدم موظفي الدرجة الخامسة, فأصدرت في اليوم ذاته القرار رقم 457 بترقيته إلى الدرجة الرابعة الكتابية في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية, ولكنها - بدلاً من أن ترجع أقدميته في الترقية إلى هذه الدرجة إلى أول مايو سنة 1950, وهو التاريخ الذي كان يستحق الترقية فيه إلى الدرجة المذكورة في القرار المطعون فيه الصادر في 31 من مايو سنة 1950 على أساس أقدميته في الدرجة الخامسة التي كان كشف عنها الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 4 من مايو سنة 1953 المشار إليه - بدلاً من ذلك, جعلت ترقيته إلى الدرجة المذكورة اعتباراً من أول يوليه سنة 1953؛ وبهذه المثابة لم تتبع تنفيذ هذا الحكم جميع ما يترتب عليه من آثار بالنسبة إلى الترقيات التالية التي تمت في النسبة المخصصة للأقدمية, مما اضطر معه المدعي إلى رفع هذه الدعوى.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت [(1)] بأن القرار الصادر بالترقية ينشئ المركز القانوني فيها بآثاره في نواح عدة, سواء من ناحية تقديم الموظف إلى الدرجة التالية المرقى إليها, أو من ناحية التاريخ الذي تبدأ منه هذه الترقية, أو من ناحية الموازنة في ترتيب الأقدمية في الترقية بين ذوي الشأن. فإذا صدر حكم من القضاء الإداري بالإلغاء في شأن الترقية تعين أن يكون تنفيذه موزوناً بميزان القانون في تلك النواحي والآثار كافة؛ وذلك يوضع الأقدمية في نصابها الصحيح وعدم الإخلال بالحقوق والمراكز القانونية بين ذوي الشأن بعضهم مع بعض. وقد يكون الحكم بإلغاء قرار الترقية شاملاً لجميع أجزائه فينعدم القرار كله بالنسبة لجميع المرقين, وقد يكون جزئياً منصباً على خصوص معين فيتحدد مداه على مقتضى ما استهدفه حكم الإلغاء. فإذا كان قد أنبنى على أن أحداً ممن كان دور الأقدمية يجعله محقاً في الترقية قبل غيره ممن يليه قد ترك بدون حق, فألغى القرار فيما تضمنه من تركة في هذه الترقية, فيكون مركزه قد تحدد على أساس إلغاء ترقية الأخيرة في ترتيب الأقدمية, ووجوب أن يصدر قرار بترقية من تخطى في دوره, وبأن ترجع أقدميته في هذه الترقية إلى التاريخ المعين لذلك في القرار الذي ألغي إلغاء جزئياً على هذا النحو. أما من ألغيت ترقيته فيعتبر وكأنه لم يرق في القرار الملغي. ولما كان حكم الإلغاء يترتب على عليه إلغاء كل ما ترتب على القرار الملغي من آثار في الخصوص الذي أنبنى عليه الحكم المذكور, وعلى الأساس الذي أقام عليه قضاءه, فإن أثر الحكم المذكور يقتضى تصحيح الأوضاع بالنسبة للقرارات التي صدرت بعد صدور القرار الملغي, ما دامت جميعها مترتبة على القرار الأول ترتب الفرع على الأصل أو النتيجة على السبب؛ ذلك أن كل قرار منها يتأثر حتماً بإلغاء القرار السابق عليه ما دامت الترقيات فيها جميعاً مناطها الدور في ترتيب الأقدمية عند النظر في الترقية, كما يقتضي الأمر إسناد تاريخ الترقية إلى التاريخ المعين في القرار الذي كان يستحق صاحب الشأن الترقية فيه. وبهذا يستقر الوضع على إلغاء ترقية آخر المرقين في آخر القرار.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار الصادر بالترقية إلى الدرجة الرابعة التي ترك فيها المدعي وقتذاك قد صدر في 31 من مايو سنة 1950 اعتباراً من أول مايو سنة 1950 ونشر في النشرة المدنية لوزارة الحربية في 29 من يونيه سنة 1950, إلا أنه لما كان المدعي قد رفع الدعوى رقم 672 لسنة 5 القضائية طالباً باستحقاقه للدرجة السادسة اعتباراً من دخوله الخدمة في 7 من ديسمبر سنة 1935، بالتطبيق لقواعد الإنصاف, واستحقاقه للدرجة الخامسة الكتابية من أول مايو سنة 1946، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق, فليس من شك في أن الدعوى المذكورة تتضمن بحكم اللزوم الطعن بالإلغاء في أي قرار بالترقية إلى الدرجات التالية متى اتبعت الترقية فيها على دور الأقدمية بحسب الدرجات السابقة؛ لارتباط هذه بتلك ارتباط الفرع بالأصل أو النتيجة بالسبب. فإذا استجاب القضاء لطلب المدعي فأنصفه، وكشف عن استحقاقه للترقية إلى الدرجة السابقة, وحدد أقدميته فيها بما يجعله صاحب الدور في الترقيات التالية, وكان قد صدر قبل الفصل في الدعوى قرارات تالية بالترقية على أساس الأقدمية، فإن الدعوى المذكورة تغني صاحب الشأن عن تكرار الطعن بدون موجب في تلك القرارات التالية, ما دام الطعن في القرار الأول - وهو الأصل - يتضمن حتماً وبحكم اللزوم الطعن ضمناً في القرارات التالية, وهي الفرع. كما أن تنفيذ الحكم الصادر في تلك الدعوى بإلغاء القرار الأول وما ترتب عليه من آثار يقتضي تصحيح الأوضاع بالنسبة للمدعي في تلك القرارات التالية؛ وضعاً للأمور في نصابها السليم, كأثر من آثار الحكم المذكور الكاشف لأصل الحق؛ ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى في غير محله, ويكون المدعي - في الموضوع - محقاً في أن ترجع أقدميته في الدرجة الرابعة الكتابية إلى أول مايو سنة 1950, وهو التاريخ الذي كان يجب ترقيته فيه بحكم أقدميته في الدرجة الخامسة الذي كشف عنها حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 4 من مايو سنة 1953.
ومن حيث إنه, لما تقدم, يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون, ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.


[(1)] مجموعة السنة الثانية بند 72 صحيفة 695.

الطعن 248 لسنة 3 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 48 ص 609

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

--------------------

(48)

القضية رقم 248 لسنة 3 القضائية

مدة خدمة سابقة 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 - نصه على حساب مدد الخدمة السابقة متى طلب الموظف حسابها عند التعيين في الوظيفة وطلب الموظفون الحاليون حسابها خلال ستة أشهر - اقتضاء ذلك تمهل الإدارة في إجراء حركة الترقيات إلى ما بعد انقضاء المدة التي حددها القرار لتقديم طلبات حساب المدة لتجري الترقيات على أساس الأقدميات الصحيحة - تعجل الوزارة في إجراء حركة الترقية على أساس أقدميات غير صحيحة وتخطي المدعي في الترقية بمن كان يسبقهم في ترتيب الأقدمية لو ضمت مدة خدمته السابقة - غير جائز - عدم تقديم المدعي المستندات المؤيدة لطلب ضم مدة خدمته السابقة - لا يحتج به متى كانت الوزارة قد أجرت حركة الترقيات قبل انتهاء الفترة المحددة بقرار مجلس الوزراء لتقديم طلبات ضم المدد السابقة وقبل أن تبلغ القرار إلى فروعها.

-------------------
إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 قد قضى بحساب مدة الخدمة السابقة متى طلب الموظف حسابها عند التعيين في الوظيفة, وللموظفين الحاليين أن يتقدموا بطلب حسابها خلال ستة أشهر, أي في موعد غايته 11 من نوفمبر سنة 1947. ومتى كان الأمر كذلك فقد كان يتعين على الوزارة أن تتمهل في إجراء حركة الترقيات المطعون فيها إلى ما بعد 11 من نوفمبر سنة 1947؛ حتى تتيح الفرصة للموظفين الحاليين للإفادة من القرار المذكور, بتقديم طلبات ضم مدد خدمتهم السابقة خلال المدة المحددة لهم, ولتجري الوزارة حركة الترقيات بعد ذلك على أساس الأقدميات الصحيحة لموظفيها. ويتضح مما تقدم أن الحركة المطعون فيها قد قامت على أساس أقدميات غير صحيحة, فأضرت بذلك بالمدعي؛ إذ فوتت الوزارة عليه - بتعجيلها في إجراء الحركة - دوره في الترقية بالأقدمية المطلقة, وتخطته بمن كان يسبقهم في ترتيب الأقدمية لو أنها ضمت إليه مدة خدمته السابقة. ولا وجه للتحدي بأن المدعي لم يقدم مع طلب ضم مدة خدمته السابقة المستندات المؤيدة لطلبه - لا وجه لذلك؛ لأنه: أولاً, على الرغم من أن قرار مجلس الوزراء بضم مدد الخدمة السابقة قد صدر في 11 من مايو سنة 1947, فإن الوزارة لم تبلغه لفروعها ومصالحها إلا في 13 من سبتمبر سنة 1947, ولم يبلغ إلى المدعي إلا في أكتوبر سنة 1947, فبادر إلى تقديم طلب بضم مدة خدمته السابقة حفظاً لحقه, على أن يستوفي المستندات المؤيدة لذلك فيما بعد لضيق الوقت. وثانياً, إنه على فرض أن المدعي قدم مع طلبه المستندات المؤيدة لحقه فإن ذلك ما كان ليغير من الأمر شيئاً؛ ذلك أن الواقع أن الوزارة كانت قد أجرت فعلاً حركة الترقيات المطعون فيها قبل انتهاء الفترة المحددة بقرار مجلس الوزراء لتقديم طلبات ضم المدد السابقة, بل قبل أن تبلغ القرار إلى فروعها ومصالحها على ما سلف البيان. وثالثاً, إن الوزارة قد ناقضت نفسها بنفسها؛ إذ أنها قد ضمت فعلاً للمدعي مدة خدمته السابقة بعد أن قدم إليها المستندات المؤيدة لذلك في يونيه سنة 1948, مما يدل على أن الوزارة قدرت أن موعد إعلان موظفيها بالقرار ما كان يكفي لاستيفاء المستندات المؤيدة لحقه. وإذا كان الثابت أن الوزارة قد قامت فعلاً بضم مدة خدمة المدعي السابقة بما يجعله أسبق في ترتيب الأقدمية من بعض من شملهم قرار الترقية المطعون فيه, كما قامت بعد ذلك بترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول أغسطس سنة 1948, فإنه - لكل ما تقدم - يكون المدعي محقاً في طلب إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946, وهو التاريخ المعين لذلك في القرار المطعون فيه.


إجراءات الطعن

في 17 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 3268 لسنة 8 القضائية المرفوعة من فتحي سامي صادق ضد وزارتي الزراعة والمالية والاقتصاد, القاضي "بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً, وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وإلزام المدعي بالمصروفات", وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, وكذا قرار اللجنة القضائية, والقضاء بأحقية المتظلم في رد أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 بدلاً من أول أغسطس سنة 1948, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 19 و23 من مارس سنة 1957, وللمدعي في 30 من مايو سنة 1957, وعين لنظره جلسة 6 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه في 10 من مارس سنة 1953 قدم المدعي تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة الزراعة قيد بجدولها برقم 1330 لسنة 1 القضائية طالباً تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة بجعلها راجعة إلى أول مايو سنة 1946 بدلاً من أول أغسطس سنة 1948. وقال في بيان ذلك إنه تخرج في كلية الهندسة سنة 1938, وعين في الشركات إلى أواخر سنة 1941، حيث التحق بوزارة الزراعة بوظيفة مهندس ميكانيكي بقسم الحجر الزراعي بالإسكندرية في 2 من أغسطس سنة 1941. وفي 22 من يونيه سنة 1948 صدر أمر الوزارة رقم 543 بتعديل تاريخ أقدميته بعد ضم نصف مدة اشتغاله بالشركات, وأصبح تاريخ التحاقه بالوزارة بالدرجة السادسة الفنية في 2 من فبراير سنة 1940. وفي أول أغسطس سنة 1948 منح المدعي الدرجة الخامسة الفنية متأخراً عن زملائه في الوزارة الذين منحوا هذه الدرجة بالأقدمية المطلقة تنسيقاً في 26 من أغسطس سنة 1947, مع إرجاع أقدميتهم فيها إلى أول مايو سنة 1946؛ وبذلك تأخر ترتيب المدعي وترقيته أكثر من عامين. وبعد أن عقد المدعي مقارنة بينه وبين زملائه الذين التحقوا بالخدمة بعده, وأصبح ترتيب أقدميتهم سابقاً على ترتيب أقدميته, طلب تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946, حتى لا يسبقه زملاؤه. وقد ردت الوزارة على التظلم بأن آخر من رقى إلى الدرجة الخامسة الفنية في حركة ترقيات التنسيق هو السيد عبد العزيز سليم هارون أبو سحلي, وكانت أقدميته في الدرجة السادسة ترجع إلى 7 من نوفمبر سنة 1940, بينما كانت أقدمية المدعي في هذه الدرجة ترجع إلى 2 من أغسطس سنة 1941. وقد أرسلت مصلحة وقاية المزروعات إلى الوزارة الكتاب رقم 10946 في 6 من يونيه سنة 1948 - أي بعد إجراء ترقيات التنسيق - ومعه شهادة من نقابة المهن الهندسية مؤرخة 20 من مايو سنة 1948 "تثبت سابقة خدمته في المدة من أول أغسطس سنة 1938 إلى أول أغسطس سنة 1941 في مزاولة المهن الهندسية بكافة نواحيها وضمناً بشركة فورد المساهمة المصرية الصادر بها مرسوم ملكي". وبناء على ذلك صدر أمر الوزارة رقم 543 في 22 من يونيه سنة 1948 بضم نصف مدة خدمته السابقة, واعتباره في الدرجة السادسة من 2 من فبراير سنة 1940 بدلاً من 2 أغسطس سنة 1941. وانتهت الوزارة من ذلك إلى طلب رفض التظلم. وبجلسة 25 من يونيه سنة 1953 أحالت اللجنة القضائية التظلم إلى اللجنة القضائية بالإسكندرية للاختصاص؛ حيث إن المدعي يعمل بالإسكندرية. وبجلسة 28 من يوليه سنة 1953 قررت اللجنة "رفض التظلم, وإلزام المتظلم بالرسوم". واستندت اللجنة في قرارها إلى أن "ترتيب المتظلم في الأقدمية كما كان يسمح له بالترقية طبقاً لقواعد التنسيق", وأن "حركة الترقيات بالتنسيق بمصلحة الحجر الزراعي قد تمت في 26 من أغسطس سنة 1947", وأن "المتظلم قرر أنه طلب احتساب مدة خدمته السابقة في أكتوبر سنة 1947, أي بعد الانتهاء من حركة ترقيات التنسيق", وأن "قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 - المفسر بكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 68 بتاريخ 30 من يوليه سنة 1947 - اشترط على الموظف تقديم طلب لضم مدة خدمته السابقة", وأنه "لما تقدم يكون التظلم قد بني على غير أساس...". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 25 من يناير سنة 1954 طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية, طالباً إلغاء أمر وزارة الزراعة رقم 399 الصادر في 24 من أغسطس سنة 1947 بترقية بعض موظفي الوزارة فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية بالأقدمية تنسيقاً, وما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات. وأسس المدعي طعنه على أنه على إثر صدور قرار مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947 سارع المدعي إلى استيفاء جميع الإجراءات التي نص عليها القرار, ونتيجة لذلك ضمت الوزارة نصف مدة خدمته السابقة إلى خدمته الحالية, وأرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 2 من فبراير سنة1940 بدلاً من 2 من أغسطس سنة 1941, وصدر بذلك أمر الوزارة رقم 543 في 22 من يونيه سنة 1948. وفي 24 من أغسطس سنة 1947, أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء المذكور وقبل إبلاغه للوزارات والمصالح, صدرت حركة ترقيات بوزارة الزراعة حسب الأقدمية المطلقة, وكان لا بد للمدعي أن تشمله تلك الحركة بالأقدمية لو أن سيادة المعلن المدعى عليه الثاني أبلغ قرار مجلس الوزراء والكتاب الدوري إلى وزارة الزراعة في حينه وقبل صدور حركة الترقيات؛ وبذلك ترتب على تأخير هذا التبليغ أن أغفل اسم المدعي في هذه الحركة؛ إذ لم يصل المنشور إلى وزارة الزراعة إلا في 11 من سبتمبر سنة 1947, وقامت الوزارة بإبلاغه لمصلحة وقاية المزروعات التي أبلغته بدورها لقسم الحجر الزراعي بالإسكندرية التابع له المدعي في 4 من أكتوبر سنة 1947. ولما أن لمست الوزارة أن تأخير تبليغ قرار مجلس الوزراء إليها قد ترتب عليه حرمان بعض الموظفين ومنهم المدعي من الترقية في الحركة الأولى تنسيقاً تداركت الأمر في حركة تالية في أول أغسطس سنة 1948, وأصدرت أمراً بترقيتهم, إلا أنها أغفلت قرار التنسيق القاضي بتطبيق الأثر الرجعي واعتبار أقدميتهم في الدرجات الجديدة راجعة إلى أول مايو سنة 1946 بدلاً من أول أغسطس سنة 1948, وترتب على ذلك أن الذين رقوا في الحركة الأولى تنسيقاً سبقوا زملاءهم, ومنهم المدعي, في أقدمية الدرجة الخامسة. وردت الوزارة بما محصله أن كتاب دوري المالية المنفذ لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بلغ إلى أقسام الوزارة وإداراتها في 13 من سبتمبر سنة 1947، وطلب أخذ إقرار كتابي على كل موظف بعلمه بما جاء بذلك الكتاب, وتكليف كل من له مدة خدمة سابقة التقدم بطلب ضم هذه المدة مشفوعاً بالمستندات المؤيدة لطلبه, على أن توافى الوزارة بالطلبات في ميعاد غايته 11 من نوفمبر سنة 1947. وقد قدم المدعي طلبه في 9 من نوفمبر سنة 1947 إلى قسم وقاية النباتات الذي أرسله إلى الوزارة في 19 من نوفمبر سنة 1947. ولما كان المدعي لم يرفق بطلبه المستندات الدالة على أحقيته في ضم مدد خدمته السابقة, فقد كتبت إدارة المستخدمين بالوزارة إلى قسم وقاية النباتات في 9 من فبراير سنة 1948 لتكليف المدعي بتقديم المستندات اللازمة. فأرسل قسم وقاية المزروعات مستندات المدعي إلى الوزارة في 6 من يونيه سنة 1948؛ وبناء على ذلك صدر أمر الوزارة رقم 543 في 22 من يونيه سنة 1948 بضم نصف مدة خدمته السابقة, واعتباره في الدرجة السادسة من 2 من فبراير سنة 1940 بدلاً من 2 أغسطس سنة 1941. هذا وقد تمت حركة ترقيات التنسيق بالوزارة في 24 من أغسطس سنة 1947, أي قبل أن يقدم المدعي طلب ضم مدة خدمته. وفي 20 من ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة "بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً, وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "ضم مدة خدمة المدعي السابقة صدر بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 الذي قرر احتساب مدة الخدمة السابقة, متى طلب الموظف حسابها عند التعيين في الوظيفة, وللموظفين الحاليين الذين لهم مدة خدمة سابقة أن يتقدموا بطلب حسابها قبل 11 من نوفمبر سنة 1947, على أن تكون في الحالين مؤيدة بالمستندات... ولم يتقدم المدعي بطلب ضم مدة خدمته السابقة إلا في 9 من نوفمبر سنة 1947 ودون أن يرفق به المستندات الدالة على سبق اشتغاله", وأن "ضم مدة الخدمة السابقة في تطبيق قرار 11 من مايو سنة 1947 لا يتأتى مباشرة عن ذلك القرار ولا ينشأ الحق عنه مباشرة؛ إذ أنه قد أضاف نصاً لم يكن موجوداً في القرار الأول, وهو أنه "لا تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا إذا طلب الموظف حسابها", فلم يجعل حساب المدة مستمداً من القرار ذاته, بل إنه معلق على طلب الموظف؛ ومن ثم فإن صدور القرار المذكور قبل إجراء حركة الترقية لم يكن ليستتبع بذاته ضم مدة خدمته السابقة". وأنه لما كان المدعي "لم يتقدم إلى الوزارة بالمستندات الدالة على سبق اشتغاله بالخدمة إلا في يونيه سنة 1948؛ ومن ثم صدر في نفس الشهر قرار بضم تلك المدة باعتباره في الدرجة السادسة اعتباراً من 2 من فبراير سنة 1940 بدلاً من 2 من أغسطس سنة 1941؛ ومن ثم ترقيته إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1948, فإنه - والأمر كذلك - لا محل لما بنعيه المدعي على الوزارة من التأخير في تسوية حاله أو مطالبتها بترقيته إلى الدرجة الخامسة بمقتضى قرار 24 من أغسطس سنة 1947 المطعون فيه وقبل أن يتقدم بالمستندات المثبتة لسبق اشتغاله واللازمة لمنحه أقدمية اعتبارية تسمح له بالترقية؛ ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس سليم من القانون والواقع, متعيناً الحكم برفضها, وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا نزاع بين الجهة الإدارية والمدعي على أحقيته في ضم مدة الخدمة السابقة, فقد ضمتها الجهة الإدارية إلى أقدميته فعلاً, وإنما يقوم النزاع على ما إذا كان للمدعي أن يطعن على قرار الترقية الصادر في 24 من أغسطس سنة 1947, مع أنه بتراخيه لم يقدم المستندات المثبتة لخدمته السابقة إلا في 6 من يونيه سنة 1948. ولا شك أن في قرار 11 من مايو سنة 1947, متى توافرت في الموظف شرائط الضم بما فيها المطالبة في المدة المحددة, أصبح ملزماً للجهة الإدارية بضم مدة الخدمة السابقة لمن توافرت شروطه فيه؛ ومن ثم يكون للمدعي الحق في الطعن في قرار الترقية التنسيقية إلى الدرجة الخامسة الصادر في 24 من أغسطس سنة 1947؛ لأنه لم يثبت علمه به علماً يقينياً من تاريخ التسوية في يونيه سنة 1948 إلى أن تقدم إلى اللجنة القضائية في 10 من مارس سنة 1953. ولما كانت الجهة الإدارية تسلم بأن المدعي كانت تدركه الترقية بالأقدمية لو ضمت المدة السابقة قبل صدور القرار المطعون فيه, وإذا كان المدعي قد رقى فعلاً إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1948, فيكون حقه الآن قاصراً على إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى التاريخ الذي ردت إليه الترقيات التنسيقية, أي إلى أول مايو سنة 1946. وإذ ذهب الحكم الطعون فيه مذهباً مخالفاً, فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لا خلاف بين الطرفين على وقائع الدعوى, ولا على أن المدعي كان يدركه الدور في الترقية تنسيقاً لو ضمت إليه مدة خدمته السابقة, كما أنه لا خلاف أيضاً على أن الوزارة أبلغت أقسامها المختلفة كتاب دوري المالية المنفذ لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 في 13 من سبتمبر سنة 1947, أي بعد أن أجرت فعلاً حركة الترقيات التنسيقية المطعون فيها في 26 من أغسطس سنة 1947.
من حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 قد قضى بحساب مدة الخدمة السابقة متى طلب الموظف حسابها عند التعيين في الوظيفة، وللموظفين الحاليين أن يتقدموا بطلب حسابها خلال ستة أشهر, أي في موعد غايته 11 من نوفمبر سنة 1947. ومتى كان الأمر كذلك، فقد كان يتعين على الوزارة أن تتمهل في إجراء حركة الترقيات المعطون فيها إلى ما بعد 11 من نوفمبر سنة 1947؛ حتى تتيح الفرصة للموظفين الحاليين للإفادة من القرار المذكور بتقديم طلبات ضم مدد خدمتهم السابقة خلال المدة المحددة لهم, ولتجرى الوزارة حركة الترقيات بعد ذلك على أساس الأقدميات الصحيحة لموظفيها.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن الحركة المطعون فيها قد قامت على أساس أقدميات غير صحيحة, فأضرت بذلك بالمدعي؛ إذ فَّوتت الوزارة عليه - بتعجيلها في إجراء الحركة - دوره في الترقية بالأقدمية المطلقة, وتخطته بمن كان يَسبقهم في ترتيب الأقدمية، لو أنها ضمت إليه مدة خدمته السابقة.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي بأن المدعي لم يقدم مع طلب ضم مدة خدمته السابقة المستندات المؤيدة لطلبه - لا وجه لذلك؛ أولاً, على الرغم من أن قرار مجلس الوزراء بضم مدد الخدمة قد صدر في 11 من مايو سنة 1947 فإن الوزارة لم تبلغْه لفروعها ومصالحِها إلا في 13 من سبتمبر سنة 1947, ولم يبلغ إلى المدعي إلا في أكتوبر سنة 1947, فبادر إلى تقديم طلب بضم مدة خدمته السابقة حفظاً لحقه, على أن يستوفي المستندات المؤيدة لذلك فيما بعد لضيق الوقت. وثانياً, إنه على فرض أن المدعي قدم مع طلبه المستندات المؤيدة لحقه فإن ذلك ما كان ليغير من الأمر شيئاً؛ ذلك أن الواقع أن الوزارة كانت قد أجرت فعلاً حركة الترقيات المطعون فيها قبل انتهاء الفترة المحددة بقرار مجلس الوزراء لتقديم طلبات ضم المدد السابقة, بل قبل أن تبلغ القرار إلى فروعها ومصالحها على ما سلف البيان. وثالثاً, أن الوزارة قد ناقضت نفسها بنفسها؛ إذ أنها قد ضمت فعلاً للمدعي مدة خدمته السابقة بعد أن قدم إليها المستندات المؤيدة لذلك في يونيه سنة 1948, مما يدل على أن الوزارة قدرت أن موعد إعلان موظفيها بالقرار ما كان يكفي لاستيفاء المستندات المؤيدة لحقهم.
ومن حيث إنه وقد قامت الوزارة فعلاً بضم مدة خدمة المدعي السابقة بما يجعله أسبق في ترتيب الأقدمية من بعض من شملهم قرار الترقية المطعون فيه, كما قامت بعد ذلك بترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول أغسطس سنة 1948, فإنه لكل ما تقدم, يكون المدعي محقاً في طلب إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946, وهو التاريخ المعين لذلك في القرار المطعون فيه؛ ومن ثم يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم قد جانب الصواب في قضائه, مما يتعين معه الحكم بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى أول مايو سنة 1946, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 1477 لسنة 2 ق جلسة 17 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 47 ص 596

جلسة 17 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

---------------

(47)

القضية رقم 1477 لسنة 2 القضائية

دعوى 

- قرارات مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 باستمرار صرف الأجور والمرتبات وإعانة غلاء المعيشة التي كانت تصرف لموظفي وعمال خط فلسطين قبل ضم هذا الخط لمصلحة السكك الحديدية - قراراً مجلس الوزراء في 19 من فبراير و2 من أبريل سنة 1950 في شأن إعانة غلاء المعيشة لم يعدلا أو ينسخا هذه القرارات - إلغاء القانون رقم 79 لسنة 1956 قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 اعتباراً من أول مارس سنة 1950 - نصه في المادة الثانية على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام القضاء الإداري المتعلقة بتطبيق هذه القرارات ابتداء من تاريخ إلغائها في أول مارس سنة 1950 منتهية بقوة القانون - مقتضى ذلك أن يحكم في الدعوى المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها عن مدة لاحقة لأول مارس سنة 1950 باعتبارها منتهية بقوة القانون - الحكم الصادر برفض هذه الدعوى ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وتأويله.

-------------------
بمناسبة تسلم مصلحة السكك الحديدية خط فلسطين (القنطرة شرق - رفح) صدرت ثلاثة قرارات من مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 تقضي باستمرار صرف الأجور والمرتبات وإعانة غلاء المعيشة لموظفي وعمال ذلك الخط, الأصليين منهم والمنتدبين, حسب الفئات المقررة به أصلاً والتي كانت تصرف لهم قبل ضم هذا الخط للمصلحة, وكانت إعانة الغلاء تبلغ 185% من الإعانة الأصلية.
بيد أن مجلس الوزراء أصدر قرارين في شأن إعانة الغلاء على الوجه الآتي:
أولاً: القرار الصادر في 19 من فبراير سنة 1950, وهو يقضي بتقرير فئات جديدة لإعانة الغلاء بالنسبة إلى جميع موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بصورة عامة, على أن تسري هذه الفئات من أول مارس سنة 1950.
ثانياً: القرار الصادر في 2 من أبريل سنة 1950, وهو يقضي بأن تكون الإعانة الإضافية لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بمنطقة القناة وجهات سينا والبحر الأحمر والصحراء الشرقية بزيادة إضافية قدرها 50% من الفئات التي سبق أن قررها المجلس والتي أشير إليها في (أولاً).
وبصدور هذين القرارين اعتبرت مصلحة السكك الحديدية أن الوضع الخاص بموظفي وعمال الخط (القنطرة - رفح) من حيث تقاضهم إعانة غلاء مزيدة تبلغ في بعض الأحيان 185% من الأجر الأصلي أصبح منتهياً؛ استناداً إلى أنهم لا يختلفون عن باقي مستخدمي الحكومة وعمالها الذين يعملون في الجهات النائية السابق بيانها كجهات سينا والصحراء الشرقية.... إلخ؛ ولذلك رأت مصلحة السكك الحديدية معاملة هذه الطائفة من الموظفين والعمال على أساس صرف مرتباتهم وأجورهم الأصلية مضافاً إليها إعانة الغلاء بفئتها اعتباراً من أول مارس سنة 1950, مع أنها لم تستصدر قراراً من مجلس الوزراء في هذا التاريخ بإلغاء قرارات سنة 1948, وسريان قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950, مما دعا بعض الموظفين والعمال إلى تقديم ظلامات إلى اللجان القضائية وإقامة دعاوى أمام الحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري, وصدرت لصالحهم قرارات وأحكام. وقد أصدر المشرع القانون رقم 79 لسنة 1956 بإلغاء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة شرق - رفح) وامتداده؛ إيماناً منه بأن هذه القرارات لم يمسسها تعديل أو نسخ بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950, وحرصاً منه على إلغائها بأثر رجعي ينسحب إلى أول مارس سنة 1950 لزوال الظروف التي كان من لوازمها الحتمية تقرير هذه الميزات لأفراد تلك الطائفة من الموظفين والعمال, واعتباراً بأن ترك ذلك التدبير التشريعي الحاسم يفضي إلى تقبل تنفيذ ما يستجد من أحكام القضاء الإداري النهائية الصادرة لصالح أفراد تلك الطائفة ومنهم المطعون عليه؛ وفي ذلك تحميل للخزانة العامة بما لا طاقة لها باحتماله من أعباء. وقد تضمن القانون رقم 79 لسنة 1956 في مادته الأولى النص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية والأحكام النهائية الصادرة من المحاكم الإدارية تعتبر ملغاة من أول مارس سنة 1950 قرارات مجلس الوزارة المشار إليها والصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة شرق - رفح) وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء". وحتى لا يشغل القضاء الإداري بالنظر في دعاوى متعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء التي ألغيت بأثر رجعي نص القانون المتقدم الذكر في مادته الثانية على أنه "تعتبر منتهية بقوة القانون الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة السابقة عن المدة ابتداء من تاريخ إلغائها في أول مارس سنة 1950, وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية, وترد الرسوم المحصلة على الدعاوى سالفة الذكر"؛ لذلك فإنه كان يتحتم إعمال أحكام القانون رقم 79 لسنة 1956 وتطبيقها على الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه؛ لأنها كانت منظورة أمام محكمة القضاء الإداري عند العمل بالقانون المذكور في 15 من مارس سنة 1956 (تاريخ نشره في الجريدة الرسمية). ومتى ثبت من واقع الأوراق أن موضوعها متعلق بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الأولى من القانون المذكور عن مدة لاحقة لأول مارس سنة 1950, تاريخ إلغاء تلك القرارات, فإنه كان يتعين على المحكمة المذكورة اعتبار الدعوى المشار إليها منتهية بقوة القانون, واعتبار قرار اللجنة القضائية المطعون فيه أمامها كأن لم يكن, نزولاً على حكم المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1956.


إجراءات الطعن

في 16 من مايو سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1477 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") بجلسة 19 من مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 6236 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية ضد السيد/ منصور أنطانيوس, القاضي "برفض الدعوى, وألزمت الحكومة المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باعتبار دعوى الطعن في قرار اللجنة القضائية منتهية بقوة القانون, وباعتبار قرار اللجنة القضائية كأن لم يكن". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 12 من يوليه سنة 1956, وإلى المطعون عليه في ذات التاريخ المذكور, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 14 من يونيه سنة 1958، وفي 31 من مايو سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها أجل نظر الطعن إلى جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية التظلم رقم 1388 لسنة 2 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 28 من نوفمبر سنة 1953 ذكر فيها أنه سبق أن صدر قرار مجلس الوزراء في 11 من يوليه سنة 1948 بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من مايو سنة 1948 على جميع الموظفين والعمال المنتدبين من مصلحة السكك الحديدية للعمل بخط القنطرة - رفح؛ بمنحهم المرتبات والأجور المعادلة لمرتبات وأجور موظفي وعمال ذلك الخط الأصليين المحولين من إدارة سكة حديد فلسطين. وقال المدعي إن ذلك القرار قد نفذ فعلاً حتى أوقف العمل به مؤقتاً اعتباراً من أول يونيه سنة 1950, وذلك بكتاب أصدره المراقب العام للإيرادات والمصروفات في 3 من يونيه سنة 1953 برقم 10/ 4/ 38 بناء على تعليمات شفوية من السيد مدير عام مصلحة السكك الحديدية, وجهها لحين صدور تعليمات أخرى في الموضوع. وأضاف المدعي أن السيد المدير العام قد خرج عن حدود سلطته بإصداره قراراً بوقف العمل بقرار اتخذه مجلس الوزراء, وكان ينبغي أن لا ينسخه إلا قرار مثله يصدر من مجلس الوزراء. وانتهى من تظلمه إلى طلب القضاء له بإعمال قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948, ومنحه من ثم المرتب المعادل لما كان يتقاضاه في إدارة سكة حديد فلسطين, وصرف ما استحقه من فروق عن الماضي ابتداء من تاريخ وقف العمل بالقرار المشار إليه في أول يونيه سنة 1950, حتى يعاد إليه وضعه المالي الذي حرم منه بغير حق. ودفعت الحكومة الدعوى بأن المدعي كان يشغل وظيفة براد قاطرات الإسماعيلية, ونقل نقلاً نهائياً إلى "قسم وابورات القنطرة شرق" اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1948. وأما فيما يتعلق بطلباته فلا حق له فيها؛ لأن مجلس الوزراء قد قرر بجلسته المنعقدة في 19 من فبراير سنة 1950 تعديل نسب إعانة غلاء المعيشة التي يتقاضاها جميع موظفي الحكومة وعمالها ابتداء من أول مارس سنة 1950؛ وعليه أصدرت مراقبة عموم الحسابات كتابها رقم 36/ 10/ 197 بتاريخ 11 من أبريل سنة 1950, طلبت فيه مراعاة تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على موظفي ومستخدمي وعمال فلسطين, الأصليين منهم والمنتدبين, باعتبارهم موظفين تابعين للحكومة المصرية, مع منحهم الزيادة في إعانة الغلاء المقرر للموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعملون بمنطقة القناة وسينا والبحر الأحمر والصحراء الشرقية, وقد طبق هذا القرار على الجميع في حينه. ثم قالت المصلحة إنه في 3 من يونيه سنة 1950 أصدرت مراقبة الحسابات كتاباً دورياً رقم 10/ 4/ 38 أفادت به أنه بناء على تعليمات السيد مدير عام مصلحة السكك الحديدية يجب وقف جميع الامتيازات التي كانت تمنح لموظفي المصلحة بخط (القنطرة - رفح), على أن يقتصر على منحهم مرتباتهم الأصلية مضافاً إليها إعانة غلاء المعيشة طبقاً للفئات المقررة لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة المصرية, طبقاً لقرار مجلس الوزراء في 19 من فبراير سنة 1950. وطلبت المراقبة تنفيذ هذه التعليمات اعتباراً من أول يونيه سنة 1950 إلى أن يصدر المدير العام تعليمات أخرى في هذا الشأن. وعليه أعيدت مرتبات المنتدبين بهذا الخط إلى ما كانت عليه, مع الاستمرار في منحهم الزيادة المقررة في إعانة الغلاء الخاصة بمن يعملون في منطقة القناة. وبجلسة 11 من يناير سنة 1954 قررت اللجنة القضائية "استحقاق المتظلم للمرتب وإعانة غلاء المعيشة المعادل لأمثاله في خط (القنطرة - رفح) في المدة التي يشتغل فيها في الخط المذكور, وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948, مع ما يترتب على ذلك من آثار". وأقامت قضاءها على أنه قد تبين من الاطلاع على قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 في شأن الموظفين والعمال الذين يعملون بخط سكة حديد فلسطين أنها تقضي بمعاملة هؤلاء - من حيث إعانة غلاء المعيشة - بالمعاملة التي كان يُخَصُّ بها موظفو وعمال هذا الخط قبل نقله إلى الحكومة المصرية, وعلى أن المصلحة سارت على تلك القاعدة حتى صدر قرار مديرها العام بوقف العمل بتلك القرارات. كما أقامته على أنه "لم يصدر من مجلس الوزراء ما يخول المدير العام للمصلحة سلطة إصدار قرارات بشأن موظفي وعمال خط فلسطين, وكذلك لم صدر منه ما ينسخ أو يلغي ما سبق أن قرره من معاملة هؤلاء بالمعاملة التي كانت سارية عليهم قبل نقل الخط إلى الحكومة المصرية, فمن ذلك يكون قرار المدير العام سالف الذكر قد جاء مخالفاً لقرارات مجلس الوزراء, وباعتباره سلطة أدنى لا يحق له قانوناً أن يتصرف تصرفاً في شأنه أن يناقض أحكام وتصرفات سلطة أعلى منه, وهي سلطة مجلس الوزراء؛ الأمر الذي من أجله ترى اللجنة أن قرار المدير العام في هذا الشأن قد جاء باطلاً لاعتدائه على اختصاص مجلس الوزراء بتجاوزه حدود اختصاصه؛ ومن ثم لا يعتد به ولا ينتج أي أثر قانوني, ولا يسري على المتظلم وأمثاله في هذا الشأن. وأنه متى تبين ذلك يكون التظلم قائماً على أساس سليم من القانون, متعيناً قبوله". وقد طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية المتقدم الذكر أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 8236 لسنة 8 القضائية التي أودعت صحيفتها سكرتيرية المحكمة في 5 من أبريل سنة 1954 طالبة الحكم "بإلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر في التظلم المبين في صلب العريضة, مع إلزام المتظلم بالمصروفات والأتعاب". وأسست طعنها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948, حين قضى باستمرار صرف ذات المرتبات والأجور وإعانة الغلاء التي كانت مقررة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق من تاريخ تسلم الخط قد حرص على تبيان أن هذا التنظيم موقوت بسبب حرب فلسطين, وعلى أن هذه الأجور علتها الظروف التي كانت تجتازها البلاد بسبب تلك الحرب إلى أن تنجلي الحالة, وعليه يتعين أن يزول هذا التنظيم بزوال هذه الظروف. كما أسسته على أن مجلس الوزراء أصدر قراراً في 19 من فبراير سنة 1950 بتعديل فئات غلاء المعيشة لجميع الموظفين والمستخدمين وعمال اليومية ابتداء من أول مارس سنة 1950. ثم صدر بعد ذلك قرار مجلس الوزراء في 2 من أبريل سنة 1950, قاضياً بسريان قراره الصادر في 19 من فبراير سنة 1950 على موظفي وعمال القناة ومحافظة سينا والبحر الأحمر والصحراء الشرقية؛ ومن ثم فهو ينطبق على موظفي وعمال خط القنطرة شرق. ثم أوضحت أن قراري مجلس الوزراء في 19 من فبراير و2 من أبريل سنة 1950 قد نسخا حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948؛ ومن ثم يكون قرار اللجنة القضائية المستند إلى هذا القرار على غير أساس صحيح. وبجلسة 19 من مارس سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري "برفض الدعوى, وألزمت الحكومة المصروفات". وأقامت قضاءها على أنه "يبين من استقراء قرارات مجلس الوزراء أن المجلس قد استبقى لنفسه سلطة تنظيم علاقة موظفي وعمال خط سكة حديد فلسطين (القنطرة - رفح) بالحكومة المصرية, وقرر بأن يبقى هؤلاء الموظفون على حالاتهم التي كانوا عليها قبل استيلاء الحكومة المصرية على الخط إلى أن تسوى حالتهم وتنجلي ظروف حرب فلسطين, وأن مدى بقاء هؤلاء الموظفين على حالتهم التي كانوا عليها عند استيلاء الحكومة على الخط إنما تتوقف على تسوية حالتهم وجلاء ظروف حرب فلسطين, وعلى ذلك فلا يجوز تعديل مرتبات هؤلاء الموظفين أو تخفيض علاوة الغلاء لهم قبل نفاذ هذه الشروط", وعلى أن "قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من أبريل سنة 1948, قد أوجب بقاء هؤلاء الموظفين على حالتهم التي كانوا عليها عند الاستيلاء على الخط حتى تسوى حالتهم, على أن تتقدم مصلحة السكك الحديدية بالتزاماتها في هذا الشأن في أقرب فرصة, وأن المصلحة لم تنته من هذه التسويات إلا في عام 1953؛ وبذلك تكون المصلحة قد تراخت في تنفيذ قرار مجلس الوزراء, فلا يجوز لها أن تقوم بتخفيض إعانة غلاء المعيشة قبل إجراء هذه التسويات, بل يجب عليها أن تتحمل نتيجة تأخيرها في تقديم تلك التسويات لمجلس الوزراء؛ إذ الواضح من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر أنه يستوجب استمرار معاملة هؤلاء الموظفين على الوجه الذي كانوا يعاملون به حتى انتهاء التسويات؛ ذلك أنه بتسوية حالتهم سيستفيدون من مزايا وضعهم على الدرجات من حيث العلاوات والترقيات والإجازات والمكافآت.. إلخ. وقد تم تسوية حالات هؤلاء في أول يناير سنة 1954؛ وبذلك انتهت آثار قرار مجلس الوزراء آنف الذكر من أول يناير سنة 1954. ولما كان هذا الحكم ينطبق على المدعى عليه، طبقاً لقرار مجلس الوزراء في 11 من يوليه سنة 1948؛ لذلك يكون المدعى عليه على حق في مساواته بالموظفين الأصليين حتى أول يناير سنة 1954. ولا وجه لما تذهب إليه المدعية (وزارة المواصلات) من أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950 قد نسخا القرارات السابقة؛ إذ الواضح من هذين القرارين أن مجلس الوزراء قد رأى زيادة غلاء المعيشة لموظفي الحكومة؛ وذلك لارتفاع أسعار المعيشة وخاصة في منطقة القنال وسينا، فمن غير المستساغ عقلاً أن تخفض علاوة الغلاء المستحقة للمدعي وعمال خط فلسطين نتيجة صدور هذين القرارين، في حين تزاد علاوة الغلاء لجميع موظفي وعمال الحكومة". كما أساست قضاءها على أن "هؤلاء الموظفين قد تقرر معاملتهم في شأن علاوة غلاء المعيشة بمقتضى قواعد تنظيمية خاصة بهم، ولا تمتد لغيرهم، تضمنتها قرارات مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948، في حين أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950، و2 من أبريل سنة 1950 قرارات عامة تسري على موظفي الحكومة عموماً, ولا يجوز لقرار عام أن يجب قراراً خاصاً إلا بنص صريح؛ إذ الخاص يقيد العام ولا عكس", وعلى أن "قرار المدير العام لمصلحة السكك الحديدية الذي يقضي بسريان القواعد الخاصة بغلاء المعيشة لجميع موظفي وعمال الحكومة على المدعي وزملائه قد جاء مخالفاً للقانون؛ إذ لا تملك سلطة أدنى أن تحد أو تعدل قراراً صادراً من سلطة أعلى؛ الأمر الذي يبنى عليه إهدار هذا القرار وعدم التعويل عليه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه قد "صدر القانون رقم 79 في 14 من مارس سنة 1956 ناصاً في مادته الثالثة على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية, أي في 15 من مارس سنة 1956, ومصرحاً في مادته الأولى على إلغاء قرارات مجلس الوزارة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة - رفح) وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء اعتباراً من أول مارس سنة 1950, مع عدم الإخلال بأحكام محكمة القضاء الإداري والقرارات النهائية للجان القضائية والأحكام النهائية للمحاكم الإدارية"، كما نص في مادته الثانية على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم الإدارية عن المدة ابتداء من تاريخ إلغاء تلك القرارات في أول مارس سنة 1950 واستناداً إليها منتهية بقوة القانون. واعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية, وترد الرسوم المحصلة على الدعاوى سالفة الذكر" كما يستند إلى أنه "لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 19 من مارس سنة 1956, أي بعد العمل بالقانون المذكور, وكانت الدعوى متعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء الملغاة اعتباراً من أول مارس سنة 1950, وكانت المدة المطالب في خلالها بتطبيق أحكام تلك القرارات لاحقة لهذا التاريخ, فيتعين إعمالاً لنص المادة الثانية اعتبار الدعوى منتهية. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذه المذهب, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".
ومن حيث إنه بمناسبة تسلم مصلحة السكك الحديدية خط فلسطين
(القنطرة شرق - رفح) صدرت ثلاثة قرارات من مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948، تقضي باستمرار صرف الأجور والمرتبات وإعانة غلاء المعيشة لموظفي وعمال ذلك الخط, الأصليين منهم والمنتدبين, حسب الفئات المقررة به أصلاً، والتي كانت تصرف لهم قبل ضم هذا الخط للمصلحة, وكانت إعانة الغلاء تبلغ 185% من الإعانة الأصلية. بيد أن مجلس الوزراء أصدر قرارين في شأن إعانة الغلاء على الوجه الآتي:-
أولاً: القرار الصادر في 19 من فبراير سنة 1950, وهو يقضي بتقرير فئات جديدة لإعانة الغلاء بالنسبة إلى جميع موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بصورة عامة, على أن تسري هذه الفئات من أول مارس سنة 1950.
ثانياً: القرار الصادر في 2 من أبريل سنة 1950, وهو يقضي بأن تكون الإعانة الإضافية لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بمنطقة القناة وجهات سينا والصحراء الشرقية بزيادة إضافية قدرها 50% من الفئات التي سبق أن قررها المجلس والتي أشير إليها في (أولاً ).
وبصدور هذين القرارين اعتبرت مصلحة السكك الحديدية أن الوضع الخاص بموظفي وعمال الخط (القنطرة - رفح) من حيث تقاضيهم إعانة غلاء مزيدة تبلغ في بعض الأحيان 185% من الأجر الأصلي أصبح منتهياً؛ استناداً إلى أنهم لا يختلفون عن باقي مستخدمي الحكومة وعمالها الذين يعملون في الجهات النائية السابق بيانها، كجهات سينا والصحراء الشرقية.. إلخ؛ ولذلك رأت مصلحة السكك الحديدية معاملة هذه الطائفة من الموظفين والعمال على أساس صرف مرتباتهم وأجورهم الأصلية مضافاً إليها إعانة الغلاء بفئتها اعتباراً من أول مارس سنة 1950, مع أنها لم تستصدر قراراً من مجلس الوزراء في هذا التاريخ بإلغاء قرارات سنة 1948, وسريان قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950, مما دعا بعض الموظفين والعمال إلى تقديم ظلامات إلى اللجان القضائية وإقامة دعاوى أمام الحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري, وصدرت لصالحهم قرارات وأحكام.
ومن حيث إنه متى لوحظ أن العمل بقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 يكلف خزانة الدولة أموالاً طائلة, وروعي أن موظفي ومستخدمي وعمال هذا الخط (القنطرة - رفح), الأصليين والمنتدبين, يبلغون زهاء تسعمائة وستين موظفاً وعاملاً, وأن جميعهم كان بسبيل الحصول على أحكام بأحقيتهم في إعانة غلاء فلسطين المزيدة (185%), وأن المصلحة اضطرت كارهة إلى تنفيذ بعض الأحكام النهائية, علم أن المشرع كان على حق في إصدار القانون رقم 79 لسنة 1956 بإلغاء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948, بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة شرق - رفح) وامتداده؛ إيماناً منه بأن هذه القرارات لم يمسسها تعديل أو نسخ بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950, وحرصاً منه على إلغائها بأثر رجعي ينسحب إلى أول مارس سنة1950؛ لزوال الظروف التي كان من لوازمها الحتمية تقرير هذه الميزات لأفراد تلك الطائفة من الموظفين والعمال, واعتباراً بأن ترك ذلك التدبير التشريعي الحاسم يفضي إلى تقبل تنفيذ ما يستجد من أحكام القضاء الإداري النهائية الصادرة لصالح أفراد تلك الطائفة، ومنهم المطعون عليه، وفي ذلك تحميل للخزانة العامة بما لا طاقة لها باحتماله من أعباء.
ومن حيث إن القانون رقم 79 لسنة 1956 قد تضمن في مادته الأولى النص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية والأحكام النهائية الصادرة من المحاكم الإدارية تعتبر ملغاة من أول مارس سنة 1950، قرارات مجلس الوزارة المشار إليها والصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة شرق - رفح) وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء". وحتى لا يشغل القضاء الإداري بالنظر في دعاوى متعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء التي ألغيت بأثر رجعي نص القانون المتقدم الذكر في مادته الثانية على أن "تعتبر منتهية بقوة القانون الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة السابقة عن المدة ابتداء من تاريخ إلغائها في أول مارس سنة 1950, وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية, وترد الرسوم المحصلة على الدعاوى سالفة الذكر".
ومن حيث إن أحكام القانون رقم 79 لسنة 1956 سالفة الذكر كان يتحتم إعمالها وتطبيقها على الدعوى رقم 6236 لسنة 8 القضائية الصادر فيها الحكم المطعون فيه؛ لأنها كانت منظورة أمام محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") عند العمل بالقانون المذكور في 15 من مارس سنة 1956 (تاريخ نشره في الجريدة الرسمية). ومتى ثبت من واقع الأوراق أن موضوعها - حسبما يتضح من طلبات المطعون عليه - متعلق بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الأولى من القانون المذكور, عن مدة لاحقة لأول مارس سنة 1950, تاريخ إلغاء تلك القرارات, فإنه كان يتعين على المحكمة المذكورة اعتبار الدعوى رقم 6236 لسنة 8 القضائية منتهية بقوة القانون, واعتبار قرار اللجنة القضائية المطعون فيه أمامها كأن لم يكن؛ نزولاً على حكم المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1956.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى المشار إليها (رقم 6236 لسنة 8 القضائية) إذ قضى برفض الدعوى, يكون قد جانب الصواب, وأخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ ويتعين من ثم القضاء بإلغائه, وباعتبار الدعوى المذكورة منتهية بقوة القانون, وقرار اللجنة القضائية الصادر في 11 من يناير سنة 1954 في شأن تظلم المدعي كأن لم يكن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباعتبار الدعوى منتهية بقوة القانون, وألزمت الحكومة بالمصروفات.