الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 12 لسنة 3 ق جلسة 27 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 35 ص 429

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

----------------

(35)

القضية رقم 12 لسنة 3 القضائية

(أ) إنهاء الخصومة 

- تسليم المصلحة بأحقية المدعي للدرجة موضوع الدعوى وتقديمها محضر صلح يفيد ذلك - منازعتها بعد ذلك أثناء نظر الدعوى في أحقية المدعي لهذه الدرجة - ذلك يقتضي إطراح محضر الصلح والقضاء في موضوع الدعوى لا الحكم بإنهاء الخصومة.
(ب) مؤهل دراسي 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948 - لم يتضمن تعسيراً لمؤهلات معينة مصحوبة بإجازات في الطيران - قيام هذا القرار على أساس تشجيع حملة إجازات الطيران من الحاصلين على الابتدائية والمؤهلات المتوسطة للعمل كضباط مراقبة بمصلحة الطيران المدني وتشجيع حملة المؤهلات العالية على الحصول على إجازات في الطيران - لا يفيد من أحكام هذا القرار من حملة المؤهلات الواردة به إلا من يعمل في مصلحة الطيران المدني في وظائف ضباط مراقبة.

-----------------
1 - إذا كانت المصلحة قد عادت فنازعت في أحقية المدعي في الدرجة السابعة (موضوع الدعوى وموضوع الصلح) بناء على ما تبين لها من أنه لا يستحق الدرجة إلا إذا كان يشغل وظيفة ضباط مراقبة؛ فإنه يتعين على المحكمة عند نظرها الدعوى أن تطرح محضر الصلح, وأن تقضي في موضوع الدعوى بما تراه من حيث أحقية أو عدم أحقية المدعي للدرجة السابعة التي يطالب بها استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948, ما دام أن الخصومة على هذا الوضع ما كانت قد انتهت فعلاً بين طرفيها قبل الحكم في الدعوى, بل عادت المنازعة من جديد.
2 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948 لم يتضمن تسعيراً لمؤهلات معينة مصحوبة بإجازات في الطيران يناله صاحب المؤهل بصرف النظر عن قيامه أو عدم قيامه بالعمل ذاته المخصص له هذا المؤهل, إنما قام أساساً على تشجيع حملة إجازات الطيران من ذوى المؤهلات الابتدائية والمتوسطة على الالتحاق بمصلحة الطيران المدني للعمل كضباط مراقبة, وتشجيع حملة المؤهلات العالية على الحصول على إجازات في الطيران نظراً لحاجة مصلحة الطيران المدني لهؤلاء الضباط بسبب منافسة شركات النقل الجوي, فدعت حاجة العمل إلى إصدار القرار المذكور؛ ومن ثم فلا يفيد من أحكام ذلك القرار من حملة المؤهلات الواردة به إلا من كان يعمل في مصلحة الطيران في وظائف ضباط مراقبة. فإذا كان الثابت أن المدعي حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص (التوجيهية) وشهادة الطيران حرف ( أ ), ولكنه لا يعمل في مصلحة الطيران المدني في وظيفة ضباط مراقبة, وإنما يعمل كاتباً في إدارة الحسابات بمصلحة الأرصاد الجوية, وهى وظيفة منبتة الصلة بالوظائف التي حددها قرار مجلس الوزراء سالف الذكر؛ فمن ثم فإنه لا يفيد من أحكامه.


إجراءات الطعن

في 11 من نوفمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 20 من سبتمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 1392 سنة 9 ق المرفوعة من عصام الدين متولي ضد وزارة الحربية وآخرين, القاضي "باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, وإحالة القضية إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها". وقد أعلن الطعن للحكومة في 25 من نوفمبر سنة 1956, وللمدعي في 27 منه, وعين لنظره جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة الحربية قيد برقم 3061 سنة 1 ق قال فيه إنه حائز على شهادة التوجيهية "آداب" سنة 1947 وشهادة الطيران حرف "أ" في 17 من مايو سنة 1948, وشهادة ضباط لاسلكي في 7 من أكتوبر سنة 1948, وأنه معين على الدرجة الثامنة الكتابية بعد أخذ إقرار كتابي عليه بالتنازل عن مؤهلاته الفنية, وطلب (أولاً) اعتبار تعيينه على الدرجة السابعة الفنية بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من سبتمبر سنة 1943, (ثانياً) صرف فرق الماهية وبدل الملابس عن المدة منذ تعيينه, (ثالثاً) إسناد الأعمال التي تتفق مع طبيعة مؤهلاته الفنية عن طريق الانتداب. وردت مصلحة الأرصاد الجوية على التظلم بأن المتظلم حاصل على المؤهلات التي وردت بتظلمه, وأنه عين في 24 من أبريل سنة 1949 في الدرجة الثامنة الكتابية بعد أخذ إقرار كتابي بقبوله التعيين في هذه الدرجة بالمرتب المقرر للشهادة التوجيهية في ذلك الوقت وقدره 500 م و7 ج. وقد صدر قرار من مجلس الوزراء في 2 من سبتمبر سنة 1943 بتعيين الحاصلين على شهادة عملية متوسطة بالإضافة إلى شهادة الطيران حرف "أ" في الدرجة السابعة الفنية؛ ونظراً لعدم وجود درجات خالية بالمصلحة في ذلك الوقت فإنه تعذر تنفيذ ذلك. وبجلسة 8 من أكتوبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "عدم اختصاصها بنقل المتظلم, ورفض التظلم فيما عدا ذلك, وإلزام مقدمه بالرسوم المقررة". واستندت اللجنة في ذلك إلى "أن القواعد التي تضمنها قرار 2 من سبتمبر سنة 1943 قد عدلت بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948 والذي قضى بعدم جواز رفع درجة أي موظف بالتطبيق للقواعد الجديدة إلا في حدود الوظائف والدرجات الخالية أو التي تخلو", وأن "مقتضى هذا القيد أنه لا يجوز تعيين المتظلم في الدرجة المقررة لمؤهلاته الدراسية إلا إذا وجدت وظائف خالية عند التعيين", وأنه "ثبت من رد الوزارة أنه لم يكن هناك وظائف خالية من الدرجة السابعة الفنية عند تعيين المتظلم في 24 من أبريل سنة 1949, ولم يقدم المتظلم ما يثبت وجود وظائف خالية عند تعيينه؛ ومن ثم يكون طلبه على غير أساس "وأنه فيما يتعلق "بإسناد أعمال فنية للمتظلم تتفق مع مؤهلاته ولو بطريق الانتداب فإنه يخرج عن اختصاص اللجنة كما حدده قانون إنشائها". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 21 من فبراير سنة 1951 طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر طالباً إلغاءه والقضاء باعتبار تعيين المتظلم في الدرجة السابعة الفنية من بدء تعيينه في مصلحة الأرصاد الجوية في 29 من أبريل سنة 1949, وما يترتب على ذلك من آثار منها: (1) حفظ أقدميته في الدرجة السابعة منذ التاريخ, وما ينتج عن ذلك من ترقيته للدرجة السادسة التي خلت في 29 من يونيه سنة 1953 بالقرار الوزاري رقم 443 أسوة بزملائه. (2) صرف فروق المرتب والعلاوات والمكافآت وبدل الملابس وغير ذلك, مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأسس المدعي طعنه على أن اللجنة القضائية اعتمدت على معلومات غير صحيحة قدمتها مصلحة الأرصاد الجوية عندما ذكرت أنه لم تكن هناك درجات سابعة خالية في الوقت الذي عين فيه المتظلم؛ إذ أنها سوت حالة زميل له هو السيد/ أحمد فؤاد عثمان، وهو يماثله في كل الظروف, كما خلت بعد ذلك عدة درجات سابعة فنية سواء بعد ترشيحه للوظيفة وقبل تعيينه أو بعد ذلك إلى الآن, هذا إلى أن المصلحة لم تنفذ ما أفتى به ديوان الموظفين بكتابه رقم 63/ 3/ 17 المؤرخ 13 من يوليه سنة 1953 من أحقية المدعي في التعيين في الدرجة السابعة الفنية, كما لم تنفذ كتاب وزارة الحربية رقم 94/ 2/ 3489 المؤرخ 4 من نوفمبر سنة 1954 الذي تخبر فيه المصلحة أن الديوان أحيط علماً بأن المدعي من موظفي الأرصاد الجوية. ثم يقول المدعي إن المصلحة تدعي بأن القرار انتهى العمل به, هذا بينما كانت هناك درجات خالية شغلتها بغيره, بل إن وزارة الحربية كتبت إلى المصلحة تستعلم عن أسباب امتناع المصلحة عن تنفيذ فتوى ديوان الموظفين. والواقع من الأمر أن مدير إدارة مصلحة الأرصاد الجوية قام بهذه المخالفات لخصومة شخصية بينه وبين المدعي حققتها النيابة الإدارية ثم أدانته فيها. ويتحصل رد المصلحة في أن مجلس الوزراء أصدر في 2 من سبتمبر سنة 1943 قراراً بالدرجات التي يعين عليها الحاصلون على إحدى شهادتي الطيران "أ" و"ب" مع مؤهل على آخر, ثم أصدر قراراً آخر في 3 من أكتوبر سنة 1948 بإدخال تعديل على قراره الأول من مقتضاه: (1) أن يعين الحاصل على الشهادة الابتدائية المصحوبة بإجازة الطيران حرف "أ" في الدرجة الثامنة الفنية. (2) أن يعين الحاصل على الشهادة الابتدائية المصحوبة بإجازة الطيران حرف "ب" في الدرجة السابعة الفنية. (3) أن يعين الحاصل على شهادة متوسطة مصحوبة بإجازة الطيران حرف "ب" في الدرجة السادسة الفنية. (4) أن يعين الحاصل على شهادة متوسطة مصحوبة بإجازة الطيران حرف "أ" في الدرجة السابعة الفنية. (5) أن يعين الحاصل على شهادة علمية عالية في الدرجة السادسة الفنية بوظائف الطيران (دون التقيد بإجازات الطيران), على أن تمنح تلك الفئة العلاوات الآتية: 1 ج شهرياً لمن يحصل على إجازة الطيران حرف "أ", 3 ج شهرياً لمن يحصل على إجازة الطيران حرف "ب", 2 ج شهرياً لمن يحصل على شهادة الملاحة الجوية, أما مبررات هذا التعديل فهي: (1) حاجة العمل (بمصلحة الطيران المدني) إلى حملة هذه المؤهلات الفنية لتواجه منافسة شركات النقل الجوي التي تسعي جاهدة لجذبهم إليها. (2) تشجيع موظفيها ذوي المؤهلات العالية للحصول على إجازات الطيران الفنية. (3) شرعت الوزارة فعلاً في شغل وظائف ضباط المراقبة (بمصلحة الطيران المدني) من حملة المؤهلات الفنية العالية (بكالوريوس هندسة) من الدرجة السادسة الفنية دون النظر لشروط حصولهم على إجازات الطيران. (4) صعوبة الحصول على موظفين لاسلكيين بسبب قله الحاصلين على المؤهلات اللازمة للتعيين في الدرجات الفنية. وقد وافق مجلس الوزراء على التعديل المطلوب في 3 من أكتوبر سنة 1948 بالشروط الآتية: (أولاً) الموافقة على اقتراحات وزارة الدفاع الوطني (الحربية) فيما يتعلق بتعيين الحاصلين على مؤهلات فنية في الطيران في وظائف (ضباط مراقبة)؛ حيث إن القواعد المالية للتعيين في هذه الوظائف أصبحت غير وافية, وأن وزارة الدفاع الوطني تلاقى منافسة من شركات النقل الجوي في الحصول على المرشحين اللازمين لها, على أن يعمل بهذه الاقتراحات لمدة مؤقتة قدرها ثلاث سنوات, ثم تعيد الوزارة النظر في الأمر وتتقدم باقتراحاتها فيما إذا كانت ستبقى هذا النظام مدة أخرى أو تعود إلى النظام الأول. وتطبق القواعد الواردة بالاقتراحات الجديدة على الموظفين الحاليين بمصلحة الطيران المدني من تاريخ موافقة مجلس الوزراء, ولا ترفع درجة أي موظف منهم بالتطبيق للقواعد الجديدة إلا في حدود الوظائف الخالية أو التي تخلو, (ثانياً) الموافقة على اقتراحات الوزارة بشأن الموظفين اللاسلكيين... إلخ, وهم وكلاء محطات لاسلكية ومعاونون لاسلكيون.. إلخ. ثم قالت المصلحة إنه يبين مما تقدم أن القرارين السابقين لا ينطبقان على حالة المدعي؛ إذ أنه ولئن كان حاصلاً على شهادة التوجيهية وإجازة الطيران حرف "أ" إلا أنه لم يعين بوظيفة ضباط مراقبة, بل عين بمصلحة الأرصاد الجوية بوظيفة كتابية، مع ملاحظة أنه لا توجد وظيفة ضباط مراقبة مقررة بميزانية الأرصاد الجوية, بل إن هذه الوظيفة موجودة بالطيران المدني, هذا إلى أنه قد انتهى العمل بقرار مجلس الوزراء سالف الذكر في 3 من أكتوبر سنة 1951, إذ أنه مؤقت لمدة ثلاث سنوات؛ ومن ثم فلا يجوز تطبيقه عليه لانتهاء المدة المنصوص عليها في القرار.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه في 27 من مارس سنة 1954 قد قدم المدعي إلى مصلحة الأرصاد الجوية طلباً يلتمس فيه منحه الدرجة السابعة الفنية من بدء تعيينه لحصوله على إجازة الطيران حرف "أ" في 17 من مايو سنة 1948 مصحوبة بشهادة الدراسة الثانوية, وذلك أسوة بزميله أحمد فؤاد عثمان الحاصل على إجازة الطيران حرف "أ" مصحوبة بالشهادة الابتدائية, والذي وافق ديوان الموظفين في 30 من ديسمبر سنة 1953 على حساب أقدميته في الدرجة الثامنة من بدء التعيين، وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 116 في 4 من فبراير سنة 1954. وقد أحيل ملتمس المدعي إلى ديوان الموظفين فأفتى بكتابه المؤرخ 13 من يوليه سنة 1954 "بأنه تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1948, والذي قضى بأن يعين الحاصل على شهادة متوسطة مصحوبة بإجازة الطيران حرف "أ" في الدرجة السابعة الفنية, ويرى الديوان أن يمنح هذا الموظف الدرجة السابعة الفنية من بدء تعيينه, أي من 24 من أبريل سنة 1949". وقد طلبت مصلحة الأرصاد الجوية من وزارة الحربية بكتابها المؤرخ 2 من سبتمبر سنة 1954 إعادة عرض موضوع المدعي على الديوان؛ نظراً إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948 مقصور تنفيذه على موظفي مصلحة الطيران المدني, ونص على أن يعمل به لمدة ثلاث سنوات, وأن المدعي التحق بخدمة المصلحة في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية في 24 من أبريل سنة 1949. فردت الوزارة في 12 من سبتمبر سنة 1954 بأنها سبق أن بينت لديوان الموظفين أن قرار 3 من أكتوبر سنة 1948 قاصر على موظفي الطيران المدني, فرد الديوان بأنه يرى تطبيق هذا القرار على المدعي, ثم عقبت الوزارة على ذلك بأن الديوان سبق أن وافق في 15 من يناير سنة 1954 على تطبيق هذا القرار على السيد/ أحمد فؤاد عثمان, وهو من موظفي مصلحة الأرصاد الجوية وليس من موظفي الطيران المدني. فردت المصلحة في 28 من سبتمبر سنة 1954 بأنها سبق أن طلبت من الوزارة موافاتها "بصورة من كتاب ديوان الموظفين المؤرخ 13 من يوليه سنة 1954 إذا كان متضمناً للشروط المنصوص عليها بالقرار سالف الذكر, إلا فتعاد الكتابة للديوان ليكون الأمر واضحاً جلياً", وأن "المصلحة على استعداد لتنفيذ رأي الديوان بشرط أن يكون متضمناً للشروط المشار إليها, فالرجا التفضل بموافاتنا بصورة من كتاب ديوان الموظفين آنف الذكر للتنفيذ بمقتضاها, وذلك عند وجود درجة سابعة فنية خالية بميزانية المصلحة وعلى ضوء ما ذكر, مع الإحاطة بأن السيد عصام متولي أعطى إقراراً كتابياً في 6 من مارس سنة 1949 بقبوله التعيين بالدرجة الثامنة الكتابية بمرتب الشهادة التوجيهية وقدره 7.5 ج شهرياً". فردت الوزارة في 4 من نوفمبر سنة 1954 "بأن كتاب ديوان الموظفين المؤرخ 13 من يوليه سنة 1954 قد نص صراحة على موافقة الديوان على منحه الدرجة السابعة الفنية من بدء تعيينه تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948, وقد سبق أن أحيط الديوان علماً بأن المذكور من موظفي الأرصاد الجوية وليس من موظفي الطيران المدني, فالمرجو التنبيه باتخاذ اللازم على ضوء كتاب ديوان الموظفين سالف الذكر والمرفقة صورته". وقد كتبت المصلحة للوزارة مرة أخرى في 21 من نوفمبر سنة 1954 بأنه لا توجد بالمصلحة درجات سابعة فنية خالية في الوقت الحاضر, وطلبت الإفادة عما إذا كان يمكن اعتبار المدعي في الدرجة السابعة الفنية الشخصية من بدء تعيينه حتى يمكن تسوية حالته. وفي أول يناير سنة 1955 أرسلت الوزارة إلى ديوان الموظفين الكتاب رقم 3489 تسأله عما إذا كان من الجائز تسوية حالة عصام الدين متولي باعتباره في الدرجة السابعة الفنية الشخصية من بدء التعيين أسوة بمن طبق عليهم قانون المعادلات الدراسية. فرد الديوان في 10 من فبراير سنة 1955 "بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948 الذي يعامل به المدعي قد نص على أن تطبق القواعد الواردة به على الموظفين الحاليين بمصلحة الطيران المدني من تاريخ صدوره, على ألا ترفع درجة أي موظف منهم إلا في حدود الوظائف والدرجات الخالية أو التي تخلو؛ وعلى ذلك فلا محل لمنحه الدرجة السابعة الشخصية أسوة بمن طبق عليهم قانون المعادلات الدراسية ويتعين معاملتهم طبقاً لما ورد بذلك القرار". وفي 30 من يناير سنة 1956 قدم المدعي إلى مصلحة الأرصاد الجوية طلباً أشار فيه إلى أن المصلحة قامت وتقوم حالياً بتعديل حالة زملائه تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948, وإلى أن ديوان الموظفين سبق أن وافق على تسوية حالته, وأنه بمناسبة تسوية حالة زميله السيد/ حسين توني, التمس تعديل حالته أسوة بزملائه مع ما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة الأقدمية والفروق, وأبدى استعداده للتنازل عن دعواه. وقد أحال وكيل المصلحة هذا الطلب إلى مدير المستخدمين "برجاء التكرم بالنظر في هذا الطلب إذا كانت حالته مماثلة لحالة السيد/ حسين تونى مراعاة للعدالة بين الموظفين", وقد أحالت المصلحة هذا الطلب لديوان الموظفين لإبداء رأيه فيه, فرد عليها في 22 من مارس سنة 1956 "بأن الديوان لا يرى مانعاً من أن تتصالح معه المصلحة بعد أن يتنازل عن دعواه بالطرق القانونية على أساس قبول تنفيذ رأي الديوان السابق تبلغيه للمصلحة بكتابه المؤرخ 10 من فبراير سنة 1955". وفي 9 من أبريل سنة 1956 أرسل السيد وكيل المدعي كتاباً إلى مفوضي الدولة بالدائرة الثالثة يخبره بأن مصلحة الأرصاد الجوية - مؤيدة لفتوى ديوان الموظفين - قد وافقت على التصالح مع موكله على أساس منحه الدرجة السابعة الفنية من بدء تعيينه في 24 من أبريل سنة 1949 وما يترتب على ذلك من آثار, عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948, وأن الوزارة سبق أن وافقت كذلك على تسوية حالته, وعلى أساس هذه التسوية يتنازل المدعي عن دعواه, وطلب تحديد أقرب جلسة لإقرار هذا الصلح وإنهاء الخصومة, كما أرسلت المصلحة من جهة أخرى خطاباً إلى السيد مفوضي الدولة بمضمون ما ورد بكتاب ديوان الموظفين إليها. وقد رد السيد المفوض على المصلحة في 22 من أبريل سنة 1956 بأن المدعي لا يرى مانعاً من إتمام هذا الصلح ووضعه في الصيغة النهائية لإمكان التنفيذ وإنهاء الخصومة وقبل تحمله مصروفات الدعوى، وطلب من المصلحة الاتصال بالمدعي لإجراء اللازم نحو إعداد الصلح والموافقة عليه من الطرفين وتقديمه, وأنه أخطر المدعي بذلك, كما أرسل السيد المفوض في اليوم نفسه إلى وكيل المدعي كتاباً طلب إليه فيه أن يتصل بالمصلحة لإعداد الصلح والموافقة عليه من الطرفين وتقديمه. وقد ردت المصلحة على السيد المفوض في 25 من أبريل سنة 1956 بأن المدعي قدم الإقرار المرفق بالتنازل عن الدعوى المقامة منه أمام الدائرة الخامسة بمجلس الدولة برقم 1392 لسنة 9 القضائية على أساس قيام المصلحة بتسوية حالته أسوة بما اتبع مع زملائه بالمصلحة برجاء التكرم بالنظر والتنبه باتحاد اللازم علماً بأن المصلحة ليس لديها مانع من إتمام هذا الصلح, كما أرسلت المصلحة إلى السيد المفوض الكتاب رقم 5730 في 3 من مايو سنة 1956 ومعه "محضر الصلح المعقود بين السيد الأستاذ السيد أحمد مبارك المحامي المنتدب عن المدعي كطرف أول وبين المصلحة كطرف ثان برجاء إقراره ووضع الصيغة التنفيذية عليه حتى يتسنى إنهاء هذه الخصومة نهائيا". وفيما يلي محضر الصلح: "إنه في يوم الأحد 29 من أبريل سنة 1956 قد اجتمع السادة: 1 - السيد الأستاذ السيد أحمد مبارك المحامي المنتدب عن السيد عصام الدين محمد متولي الموظف بمصلحة الأرصاد الجوية - طرف أول. 2 - السيد... بمصلحة الأرصاد الجوية بالنيابة عن السيد مديرها العام - طرف ثان. وذلك لإنهاء الخصومة المرفوعة بها الدعوى رقم 1392 لسنة 9 القضائية من السيد عصام الدين محمد متولي المنظورة الآن أمام الدائرة الخامسة بمحكمة القضاء الإداري ضد مصلحة الأرصاد الجوية بخصوص تسوية حالته. وقد اطلع الطرفان على ما يأتي: 1 - كتاب ديوان الموظفين رقم 62 - 13/ 17 ج في 22 من مارس سنة 1956, المتضمن موافقة الديوان على تصالح السيد/ عصام الين محمد متولي مع المصلحة أن يتنازل عن دعواه. 2 - كتاب الهيئة الثالثة لمفوضي الدولة رقم 5392 في 22 من أبريل سنة 1956 بالموافقة على إعداد الصلح بصيغته النهائية لإمكان التنفيذ وإنهاء الخصومة, على أن يتحمل المدعي بمصروفات الدعوى كاملة: 3 - التنازل المقدم في 25 من أبريل سنة 1956 من المدعي والمعتمد من السيد الأستاذ السيد أحمد مبارك المحامى بقبوله تحمل مصاريف الدعوى المقامة منه, وكذا تنازله عن السير في الإجراءات القضائية واعتبار هذه القضية كأن لم تكن للصلح. بناء عليه قد واتفق الطرفان على الآتي: 1 - إنهاء الخصومة التي بينهما نهائياً. 2 - تحمل المدعي مصاريف الدعوى كاملة. 3 - اعتبار تعيينه بالدرجة السابعة الفنية من 24 من أبريل سنة 1949 وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة لحساب الأقدمية في الدرجة وفروق المهايا والعلاوات, وهذا إقرار الطرفين وتوقيعاتهم. الطرف الأول, والطرف الثاني، ثم خاتم المصلحة". وفي 8 من سبتمبر سنة 1956 أرسلت المصلحة كتاباً إلى السيد رئيس الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري تنازع في أحقية المدعي للدرجة السابعة, وتذكر أن ديوان المحاسبة اعترض على ترقية السيد/ محمد حسين تونى إلى الدرجة الثامنة لعدم انطباق قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1958 عليه, وطلب إلغاء القرار الصادر بتسوية حالته, وأن ديوان الموظفين وافق على رأي ديوان المحاسبة. وانتهت المصلحة إلى "أنه أمام وضوح قرارات مجلس الوزراء وتقرير ديوان المحاسبة وكتاب ديوان الموظفين لا يسعها إلا أن تذكر أنها كلها لا تنطبق على حالة السيد/ عصام السيد متولي الكتاب بالمصلحة, والأمر متروك لسيادتكم". وبجلسة 20 من سبتمبر سنة 1956 التي كانت محددة لنظر الدعوى حضر وكيل المدعي وقرر بتنازله عن الدعوى مع تحمله بالمصروفات, فحكمت المحكمة "باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه لم يستند كلية إلى الأسباب التي اقتصرت على إثبات تنازل الحاضر عن المدعي عن دعواه, وإلا لكان مقتضى ذلك الحكم بقبول ترك المدعي للخصومة, وإنما الذي يبدو واضحاً أن الحكم قد قضى بانتهاء الخصومة عندما تبين من مجموع الأوراق أن المدعي تنازل عن دعواه مقابل إقرار الجهة الإدارية بأحقيته في تسوية حالته على نحو ما احتواه المحضر المحرر في 29 من أبريل سنة 1956 المختوم بخاتم الوزارة والذي أطلق عليه طرفاً الخصومة اسم محضر صلح, وليس هذا القضاء إلا إعمالاً لمبدأ أساسي تقوم عليه الوظيفة القضائية, وهو أن تقتصر وظيفة القاضي على الفصل في المنازعات التي تعرض عليه. فهل أقرت الجهة الإدارية حقيقة بأحقية المدعي في تسوية حالته؟ والواقع أن شيئاً من ذلك لم يحصل؛ لأن وكيل المستخدمين الذي وقع على المحضر (على ما ورد بمذكرة المصلحة في هيئة المفوضين) هو موظف تابع لديوان الموظفين, ولا يملك قانوناً إجراء التسوية, إذ أن القانون لم يمنحه اختصاصاً في شأنها؛ وعلى ذلك فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الخصومة منتهية استناداً إلى انتهاء النزاع في الدعوى قد قام على أساس غير صحيح؛ ومن ثم فالمنازعة كانت لما تزل قائمة أمام المحكمة, وكان يتعين عليها التعرض لها والفصل فيها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب, فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه في 8 من سبتمبر سنة 1956 - أي قبل الجلسة التي كانت محددة لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري - أرسلت مصلحة الأرصاد الجوية كتاباً إلى السيد رئيس الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري ذكرت فيه "أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948 اشترط تعيين ذوي المؤهلات الفنية في الطيران بوظائف ضباط مراقبة مع استيفاء باقي الشروط, ولا توجد وظيفة ضباط مراقبة مقررة بميزانية مصلحة الأرصاد الجوية منذ إنشائها في أول مايو سنة 1947 للآن, أي قبل وبعد تعيين السيد عصام متولي (عين في أول إبريل سنة 1949), كما أن قرار مجلس الوزراء آنف الذكر قاصر تطبيقه على موظفي مصلحة الطيران المدني فقط (إذا كانت توجد وظيفة مساعد ناظر مطار أو ضابط مراقبة بميزانيتها), وكذلك قرارات مجلس الوزراء الصادرة في ديسمبر سنة 1941 و2 من سبتمبر سنة 1943 السابقة للقرار المؤرخ 3 من أكتوبر سنة 1948", ثم أشارت المصلحة إلى أن ديوان المحاسبة رأى بكتابه المؤرخ 25 من أبريل سنة 1956 إلغاء القرارات الوزارية الصادرة في حالة مماثلة لحالة المدعي, وهي حالة السيد/ محمد حسين تونى الموظف بالمصلحة والحاصل على شهادة الطيران حرف "أ"؛ لأنها صدرت مخالفة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948, وتضمن كتاب ديوان المحاسبة أنه لا يفيد من القرار المذكور إلا من يشغل وظيفة مساعد ناظر مطار التي يطلق عليها ضباط مراقبة, ولا توجد هذه الوظيفة بمصلحة الأرصاد الجوية أصلاً, ثم ذكرت المصلحة أيضاً أن ديوان الموظفين أيد بكتابه المؤرخ 2 من يوليه سنة 1956 ما جاء بتقرير ديوان المحاسبة, وقرر سحب القرارات الوزارية الصادرة بشأن تسوية حالة السيد/ التونى وترقيته إلى الدرجة الرابعة لمخالفتها للقانون. وانتهت المصلحة في كتابها للسيد الدائرة الثالثة إلى أنه "أمام صراحة ووضوح قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر وتقرير ديوان المحاسبة في هذا الصدد وكتاب ديوان الموظفين في حالة السيد التونى لا يسعنا إلا أن نذكر لسيادتكم أنها كلها لا تنطبق على حالة السيد/ عصام السيد متولي الكتاب بالمصلحة والأمر متروك لسيادتكم".
ومن حيث إنه على حسب الظاهر من الأوراق قد قضت المحكمة بجلسة 20 من سبتمبر سنة 1956 باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات, بعد إذ قرر الحاضر عن المدعي بنزوله عن الدعوى مع تحمله بالمصروفات, إنما قضت بذلك تأسيساً على الحصول الصلح بين المصلحة والمدعي, ذلك الصلح الذي أرسلت المصلحة محضرة إلى السيد مفوض الدولة بكتابها المؤرخ 3 من مايو سنة 1956.
ومن حيث إن المصلحة وقد عادت فنازعت بكتابها المؤرخ 8 من سبتمبر سنة 1956 سالف الذكر في أحقية المدعي في الدرجة السابعة موضوع الدعوى وموضوع الصلح حسبما سلف البيان بناء على ما تبين لها أنه لا يستحق الدرجة إلا إذا كان يشغل وظيفة ضباط مراقبة؛ فمن ثم كان يتعين على المحكمة عند نظرها الدعوى أن تطرح محضر الصلح وأن تقضي في موضوع الدعوى بما تراه من حيث أحقية أو عدم أحقية المدعي للدرجة السابعة التي يطالب بها استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1948, ما دام أن الخصومة على هذا الوضع ما كانت قد انتهت فعلاً بين طرفيها قبل الحكم في الدعوى, بل عادت المنازعة من جديد.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مذكرة اللجنة المالية رقم 4/ 5 دفاع المؤرخة 15 من سبتمبر سنة 1948 أنها استهلت "بأن وزارة الدفاع الوطني أوضحت بكتابها المؤرخ 20 من ديسمبر سنة 1947 أنه سبق أن صدر قرار من مجلس الوزراء بتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1943 بتحدي مبادئ التعيين للحاصلين على مؤهلات فنية في الطيران في وظائف مساعدي نظار مطارات والتي يطلق عليها حالياً "ضباط مراقبة", وتصمنت هذه المبادئ ما يأتي.. وتطلب الوزارة المذكورة الموافقة على ما يأتي: 1 - أن يعين الحاصل على الشهادة الابتدائية المصحوبة بإجازة الطيران حرف "أ" في الدرجة الثامنة الفنية. 2 - أن يعين الحاصل على الشهادة الابتدائية المصحوبة بإجازة الطيران حرف "ب" في الدرجة السابعة الفنية. 3 - يعين الحاصل على شهادة متوسطة مصحوبة بإجازة الطيران حرف "ب" في الدرجة السادسة الفنية. 4 - يعين الحاصل على شهادة متوسطة مصحوبة بإجازة الطيران حرف "أ" في الدرجة السابعة الفنية. 5 - يعين الحاصل على شهادة علمية عالية في الدرجة السادسة بوظائف الطيران دون التقيد بإجازات الطيران, على أن تمنح تلك الفئة العلاوات الآتية: 1 ج لمن يحصل على إجازة الطيران "أ"...". وبررت هذه المقترحات بحاجة العمل إلى حملة هذه المؤهلات الفنية وعدم ملاءمة النظام المنوه عنه في صدر هذه المذكرة لهم، خصوصاً وأن شركات النقل الجوي التي تعمل في القطر المصري قد تعددت وتسعى جاهدة لجذبهم إليها. وأضافت إلى ذلك تبريراً أخر هو تشجيع موظفيها ذوي المؤهلات العالية للحصول على إجازات الطيران الفنية، واستطردت المذكرة تقول إن وزارة الدفاع "أبدت بكتاب لها مؤرخ 24 من أبريل سنة 1948 أن مصلحة الطيران المدني تعاني صعوبة كبيرة في الحصول على موظفين لاسلكيين بسبب قلة الحاصلين على المؤهلات اللازمة للتعين في الدرجات الفنية؛ ولإقبال الشركات والهيئات الحرة على استخدامهم بماهيات مغرية, مما جعلها تستأثر بالكفايات الممتازة.. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع فرأت: أولاً, الموافقة على اقتراحات وزارة الدفاع الوطني فيما يتعلق بتعيين الحاصلين على مؤهلات فنية في الطيران في وظائف (ضباط مراقبة) حيث إن القواعد الحالية للتعيين في هذه الوظائف أصبحت غير وافية, وأن وزارة الدفاع الوطني تلاقى منافسة من شركات النقل الجوي في الحصول على المرشحين اللازمين لها, وعلى أن يعمل بهذه الاقتراحات لمدة مؤقتة قدرها ثلاث سنوات, ثم تعيد وزارة الدفاع الوطني النظر في الأمر وتتقدم باقتراحاتها فيما إذا كانت ستبقى هذا النظام أو تعود إلى النظام الأول, وتطبق القواعد الواردة بالاقتراحات الجديدة على الموظفين الحاليين بمصلحة الطيران المدني من تاريخ موافقة مجلس الوزراء, ولا ترفع درجة أي موظف منهم بالتطبيق للقواعد الجديدة إلا في حدود الوظائف والدرجات الخالية أو التي تخلو. ثانياً: الموافقة على اقتراحات وزارة الدفاع بشأن الموظفين اللاسلكيين والواردة في البنود 1 و2 و4...". وقد وافق مجلس الوزراء في 3 من أكتوبر سنة 1948 على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قرار مجلس الوزراء المشار إليه لم يتضمن تسعيراً لمؤهلات معينة مصحوبة بإجازات في الطيران يناله صاحب المؤهل بصرف النظر عن قيامه أو عدم قيامه بالعمل ذاته المخصص له هذا المؤهل, إنما قام أساساً على تشجيع حملة إجازات الطيران من ذوي المؤهلات الابتدائية والمتوسطة على الالتحاق بمصلحة الطيران المدني للعمل كضباط مراقبة, وتشجيع حملة المؤهلات العالية على الحصول على إجازات في الطيران نظراً لحاجة مصلحة الطيران المدني لهؤلاء الضباط بسبب منافسة شركات النقل الجوي, فدعت حاجة العمل إلى إصدار القرار المذكور؛ ومن ثم فلا يفيد من أحكام ذلك القرار من حملة المؤهلات الواردة به إلا من كان يعمل في مصلحة الطيران في وظائف ضباط مراقبة.
ومن حيث إن المدعي ولئن كان حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص (التوجيهية) وشهادة الطيران حرف "أ", إلا أنه لا يعمل في مصلحة الطيران المدني في وظيفة ضباط مراقبة, وإنما يعمل كاتباً في إدارة الحسابات بمصلحة الأرصاد الجوية, وهي وظيفة منبتة الصلة بالوظائف التي حددها قرار مجلس الوزراء سالف الذكر؛ ومن ثم فإنه لا يفيد من أحكام هذا القرار.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب, ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه, والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 925 لسنة 3 ق جلسة 20 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 34 ص 422

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

----------------

(34)

القضية رقم 925 لسنة 3 القضائية

تظلم 

- إجراءات التظلم الوجوبي السابق على رفع الدعوى التي استحدثها القانون رقم 165 لسنة 1955 - عدم سريانها على الدعاوى التي رفعت قبل نفاذه - سريان الإجراءات التي نظمها القانون رقم 9 لسنة 1949 على الدعاوى المرفوعة في ظله - طلب الإعفاء المقدم قبل نفاذ القانون رقم 165 لسنة 1955 يحدث أثره بغير حاجة إلى تظلم إداري سابق - امتداد هذا الأثر إلى حين صدور قرار لجنة المساعدة القضائية منه دون أن يلحقه الحكم الذي استحدثه القانون رقم 165 لسنة 1955 من وجوب التظلم قبل رفع الدعوى.

---------------
متى كان المدعي قدم طلب إعفائه من رسوم الدعوى الحالية إلى لجنة المساعدة القضائية في 30 من يناير سنة 1955, أي في ظل نفاذ أحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، وقبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة الذي عمل به في 29 من مارس سنة 1955, فإن الإجراءات التي نظمها القانون الأول, دون الثاني, هي التي تحكم طلب المدعي وقت تقديمه. ولما كان القانون رقم 9 لسنة 1949 لا يتطلب لقبول الدعوى سبق التظلم من القرار الإداري المطعون فيه إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم على نحو ما قضت به الفقرة الثانية من المادة 12 من القانون رقم 165 لسنة 1955, فإن طلب المعافاة المشار إليه - وقد قدم بالفعل قبل نفاذ هذا القانون الأخير - يحدث أثره صحيحاً بغير حاجة إلى تظلم إداري سابق, ويمتد هذا الأثر إلى حين صدور قرار لجنة المساعدة القضائية فيه, دون أن يلحقه الحكم الذي استحدثه القانون المذكور بالنسبة إلى طلبات الإلغاء التي حددها, والتي تقدم في ظله من عدم قبولها قبل التظلم منها إدارياً على النحو الذي نص عليه؛ وذلك باعتبار أن طلب المساعدة القضائية في ظل القانون رقم 9 لسنة 1949 هو بمثابة تظلم إداري وقتذاك, ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن المدعي لم يتظلم إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار المطعون فيه - قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, ويتعين القضاء بإلغائه.


إجراءات الطعن

في 15 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 925 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد ة القومي بجلسة 20 من يونيه سنة 1957 في الدعوى رقم 347 لسنة 4 القضائية المقامة من محمد اليماني الششتاوي ضد وزارة الشئون الاجتماعية, القاضي "بعدم قبول الدعوى, وألزمت المدعي المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بقبول الدعوى مع إعادتها إلى المحكمة الإدارية للفصل في موضوعها, مع إلزام الحكومة المصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 12 من سبتمبر سنة 1957, وللمدعي في 24 منه, وعين لنظره جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958, وأعلن الطرفان بميعاد الجلسة في 7 من يوليه سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 2543 لسنة 9 القضائية ضد وزارة الشئون الاجتماعية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 18 من مايو سنة 1955, ذكر فيها أنه صدر لصالحه قرار من اللجنة القضائية في التظلم رقم 1764 لسنة 1 القضائية بجلسة 15 من أبريل سنة 1953 باستحقاقه الدرجة السابعة بماهية قدرها تسعة جنيهات من تاريخ دخوله الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق اعتباراً من 18 من أغسطس سنة 1952. وقد أجرت الوزارة حركة ترقيات بموجب القرار رقم 43 في 19 من يونيه سنة 1953 تضمنت ترقية من هم أحدث منه في أقدمية الدرجة السابعة, فاضطر إلى التقدم إلى اللجنة القضائية طالباً إلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة. وقررت اللجنة بجلسة 10 من أغسطس سنة 1953 رفض التظلم استناداً إلى أن الوزارة طعنت في قرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه ولم يصبح قراراً نهائياً واجب النفاذ, هذا وقد قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1954 بعدم قبول الطعن المقدم من الوزارة؛ ومن ثم أصبح قرار اللجنة الصادر لصالحه بمثابة حكم نهائي ملزم للوزارة, وبالتالي فإنه يحق له أن يطعن في القرار الوزاري رقم 43 سالف الذكر فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة. وقد أجابت الوزارة على الدعوى بأن صدور حكم محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الطعن لا يغير من الأمر شيئاً, لأن هذا الحكم صدر في 2 من ديسمبر سنة 1954, على حين أن القرار المطعون فيه قد صدر في 30 من أبريل سنة 1953, أي في الوقت الذي لم تكن أقدمية المدعي في الدرجة السابعة قد سويت بعد. وبجلسة 7 من مارس سنة 1957 قضت المحكمة القضاء الإداري "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية الخاصة بوزارة الشئون الاجتماعية", استناداً إلى أن القرار المطعون فيه يتضمن ترقيات في الكادر الكتابي. وبجلسة 20 من يونيه سنة 1957 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الشئون الاجتماعية "بعدم قبول الدعوى, وألزمت المدعي المصروفات". وأقامت قضاءها على أساس أن الدعوى رفعت في ظل القانون رقم 165 لسنة 1955, وقد نص هذا القانون في المادة 12 على ألا تقبل الطلبات المقدمة رأساً بإلغاء القرارات الإدارية المنصوص عليها في البند "ثالثاً" وهى الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح علاوات, وذلك قبل التظلم منها إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم. وإذ تبين من أوراق الدعوى وملف خدمة المدعي وأقواله بالجلسة أنه لم يتقدم بهذا التظلم فإن الدعوى - والحالة هذه - سابقة لأوانها, يتعين الحكم فيها بعدم القبول. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 15 من أغسطس سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بقبول الدعوى مع إعادتها إلى المحكمة الإدارية للفصل في موضوعها, مع إلزام الحكومة المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن المركز القانوني للمدعي لم يستقر بالنسبة إلى القرار المطعون فيه إلا من تاريخ صدور حكم محكمة القضاء الإداري في 2 من ديسمبر سنة 1954, وبالتالي فإن ميعاد الطعن في قرار 30 من أبريل سنة 1953 لا يبدأ إلا من هذا التاريخ. والثابت أن المدعي قدم طلباً إلى لجنة المساعدة القضائية طالباً إعفاءه من الرسم القضائية في 30 من يناير سنة 1955, فأصدرت اللجنة قرارها في 21 من مارس سنة 1955 بندب أحد المحامين. وفي 18 من مايو سنة 1955 أودع المدعي صحيفة دعواه؛ ومن ثم يكون ميعاد سريان الطعن في القرار المطعون فيه قد بدأ قبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955؛ وبذلك لا يشترط في طلب إلغاء هذا القرار سبق التظلم منه إلى الجهة التي أصدرته, ويكون الحكم المطعون فيه - إذ أخذ بغير هذا النظر - قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه.
عن قبول الدعوى:
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق ومن سرد الوقائع على النحو المتقدم أن المدعي قدم طلب إعفائه من رسوم الدعوى الحالية إلى لجنة المساعدة القضائية في 30 من يناير سنة 1955, أي في ظل نفاذ أحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة, وقبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة الذي عمل به في 29 من مارس سنة 1955, فإن الإجراءات التي نظمها القانون الأول, دون الثاني, هي التي تحكم طلب المدعي وقت تقديمه. ولما كان القانون رقم 9 لسنة 1949 لا يتطلب لقبول الدعوى سبق التظلم من القرار الإداري المطعون فيه إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم على نحو ما قضت به الفقرة الثانية من المادة 12 من القانون رقم 165 لسنة 1955, فإن طلب المعافاة المشار إليه - وقد قدم بالفعل قبل نفاذ هذا القانون الأخير - يحدث أثره صحيحاً بغير حاجة إلى تظلم إداري سابق, ويمتد هذا الأثر إلى حين صدور قرار لجنة المساعدة القضائية فيه, دون أن يلحقه الحكم الذي استحدثه القانون المذكور بالنسبة إلى طلبات الإلغاء التي حددها والتي تقدم في ظله من عدم قبولها قبل التظلم منها إدارياً على النحو الذي نص عليه؛ وذلك باعتبار أن طلب المساعدة القضائية في ظل القانون رقم 9 لسنة 1949 هو بمثابة تظلم إداري وقتذاك, ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن المدعي لم يتظلم إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار المطعون فيه - قد أخطأ في تأويل وتطبيقه, ويتعين القضاء بإلغائه.
عن الموضوع:
من حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1938, وعلى دبلوم المدارس الصناعية حديث عام 1943, والتحق بالخدمة بوزارة الشئون الاجتماعية بالدرجة الأولى سايرة بمرتب خمسة جنيهات اعتباراً من 27 من أغسطس سنة 1944. وفي 8 من أغسطس سنة 1945 اعتبر في الدرجة الثامنة منذ بدء تعيينه, ثم رقى إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول فبراير سنة 1951. وبتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1953 سويت حالته, واعتبر في الدرجة السابعة من بدء تعيينه في 27 من أغسطس سنة 1944, ثم رقى إلى الدرجة السادسة بالأقدمية اعتباراً من 20 من يوليه سنة 1955.
ومن حيث إن المدعي يؤسس دعواه بطلب إلغاء القرار رقم 43 الصادر من وزير الشئون الاجتماعية بتاريخ 30 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية - على قرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه في التظلم رقم 1764 لسنة 1 القضائية بجلسة 15 من أبريل سنة 1953, طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951, إذ قررت اللجنة استحقاقه للدرجة السابعة بماهية تسعة جنيهات من تاريخ دخوله الخدمة, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق اعتباراً من 18 من أغسطس سنة 1952, وأنه تبعاً لقرار اللجنة واعتبار أقدميته في الدرجة السابعة اعتباراً من 27 من أغسطس سنة 1944 يلحقه الدور للترقية بالأقدمية إلى الدرجة السادسة الكتابية في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الوزارة دفعت الدعوى أمام المحكمة الإدارية بأن صدور حكم محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الطعن لا يغير من الأمر شيئاً؛ لأن هذا الحكم صدر في 2 من ديسمبر سنة 1954, على حين أن القرار المطعون فيه قد صدر في 30 من أبريل سنة 1953, أي في الوقت الذي لم تكن فيه أقدمية المدعي قد سويت بعد.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه ولئن كان قرار اللجنة القضائية المؤرخ 15 من أبريل سنة 1953, إذ قضى باعتبار المدعي في الدرجة السابعة الكتابية من 27 من أغسطس سنة 1944, قد استند إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 الذي ألغى بعد ذلك بقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953, إلا أن قرار اللجنة المشار إليه بعد إذ أصبح نهائياً فيما قضى به لصدور حكم محكمة القضاء الإداري في 2 من ديسمبر سنة 1954 بعدم قبول استئناف الوزارة عنه لرفعه بعد الميعاد - إن قرار اللجنة المذكور يعتبر حائزاً لقوة الشيء المقضي به واجباً احترامه, وقد أكد ذلك قانون المعادلات الدراسية. ولما كان القرار المذكور مقرراً للحق لا منشئاً له, فإن المدعي يعتبر وكأنه في الدرجة السابعة فعلاً من التاريخ الذي عينه هذا القرار.
ومن حيث إنه واضح من البيان الذي قدمته الوزارة في 12 من نوفمبر سنة 1958 أن أقدمية المدعي في الدرجة السابعة الكتابية ترجع إلى 27 من أغسطس سنة 1944, في حين أن أقدمية اثنين من زملائه ممن رقوا في القرار المطعون ترجع إلى أول مايو سنة 1946. وعلى مقتضى ذلك كان يجب - بحكم أقدميته في تلك الدرجة - أن يرقى إلى الدرجة السادسة في القرار المطعون فيه, ويكون هذا القرار - إذ تركه في دوره - قد خالف القانون واجباً إلغاؤه. ولما كان المدعي قد رقى بعد ذلك إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 20 من يوليه سنة 1955, فيقتصر الإلغاء جزئياً على إرجاع أقدميته إلى 30 من أبريل سنة 1953, وهو التاريخ المعين لبدء الترقية في القرار المطعون؛ ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه على الوجه المبين بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبإلغاء الحكم المطعون فيه, وبقبول الدعوى, وفي موضوعها باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الكتابية راجعة إلى 30 من أبريل سنة 1953, وألزمت الحكومة المصروفات.

الطعن 891 لسنة 3 ق جلسة 20 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 33 ص 415

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

----------------

(33)

القضية رقم 891 لسنة 3 القضائية

مدة خدمة سابقة 

- ضمها - قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 - نصه على حساب مدة الخدمة السابقة في الجمعيات التعاونية - القانونان رقما 58 لسنة 1944 و317 لسنة 1956 - تخويلهما الجمعيات التعاونية تكوين اتحادات فيما بينهما وتحديدهما أغراض هذه الاتحادات - الاتحادات التعاونية هيئات رئيسية تنتظم جملة من الجمعيات التعاونية ومهمتها هي في صميم الأغراض التعاونية - الموظف الذي يعمل في الاتحادات التعاونية يقوم بعمل من طبيعة العمل في الجمعيات التعاونية - حساب مدة الخدمة التي تقضي في الاتحادات التعاونية بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947.

----------------
يبين من استقراء نصوص قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 بشأن حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية أنه نص في الفقرة الثانية عشرة من البند الأول منه على حساب مدد الخدمة السابقة التي تقضي في بنك التسليف الزراعي وبنك التسليف العقاري والبنوك العقارية والشركات المساهمة الصادرة بتأليفها مرسوم والجمعيات التعاونية والغرف التجارية, وفي هذه الحالة, وعند توافر الشروط التي نص عليها في هذا القرار, تحسب نصف مدة الخدمة السابقة. ولما كان القانون رقم 58 لسنة 1944 بشأن الجمعيات التعاونية المصرية قد نص في المادة 100 منه على ما يأتي "للجمعيات التعاونية العامة أن تكون فيما بينها اتحادات تكون مهمتها القيام بعملية التفتيش على أعمالها ومراجعة حساباتها المنصوص عنهما في المادتين 80 و82 واللتين تقوم بهما مصلحة التعاون بوزارة الشئون الاجتماعية ريثما توحد هذه الاتحادات. ويجوز أن يكون ضمن أغراض هذه الاتحادات إرشاد الجمعيات المنتمية إليها في إدارة عملها وكذا مساعدة الأهالي على إنشاء جمعيات تعاونية بتعليمهم أنظمتها وبث الروح التعاونية فيهم". ثم صدر القانون رقم 317 لسنة 1956 الخاص بالجمعيات التعاونية ناصاً في المادة 45 منه على أن "للجمعيات التعاونية والجمعيات التعاونية المشتركة والعامة أن تكون فيما بينها اتحادات إقليمية أو نوعية. ويجوز لستين في المائة على الأقل من الجمعيات التعاونية في الجمهورية أن تكون الاتحاد العام لجمهورية مصر, وتكون مهمة هذه الاتحادات نشر الدعوة إلى التعاون والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية وإرشادها في إدارة أعمالها ومراجعة حساباتها والتفتيش على أعمالها وبث الروح التعاونية ومساعدة المواطنين على إنشاء الجمعيات التعاونية, ولها في سبيل ذلك أن تعين المشرفين أو المنظمين لهذه الأعمال". ويبين من هذه النصوص أن الاتحادات التعاونية هي هيئات تعاونية رئيسية تنتظم جملة من الجمعيات التعاونية أو الجمعيات التعاونية المشتركة والعامة, وهذه الاتحادات قد تكون إقليمية وقد تكون نوعية, فهي في بنيانها مؤلفة أساساً من لبنات هي ذات الجمعيات التعاونية, ومهمتها هي في صميم الأغراض التعاونية, بل هي في هذا الشأن قائمة بمهمة القيادة والتوجيه والإرشاد والإشراف ونشر الدعوة إلى التعاون والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية ومراجعة حساباتها والتفتيش على أعمالها وغير ذلك من المهام الرئيسية, فمن يعمل في هذه الاتحادات إنما يقوم ولا شك بخدمة في سبيل أغراض الجمعيات التعاونية, وعمله هو من طبيعة العمل في هذه الجمعيات, بل قد يكون في مستواه الفني أو الاجتماعي أو الإداري من درجة أعلى. وغنى عن القول أن هذه الخدمة يجب حسابها في الضم بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المشار إليه, شأنها في ذلك شأن المدد التي تقضي في الجمعيات التعاونية.


إجراءات الطعن

في 18 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 20 من مايو سنة 1957 في القضية رقم 1309 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد/ وجدي عبد الغني علي ضد وزارة الزراعة, والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً, وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بالاتحاد التعاوني لمركز ميت غمر وبالتعليم الحر بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947, مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بالاتحاد التعاوني بميت غمر, والقضاء برفض هذا الطلب, وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك, مع إلزام المدعي بالمصروفات المناسبة". وقد أعلن الطعن للمدعي في 26 من أغسطس سنة 1957, وللحكومة في 7 من سبتمبر سنة 1957, وعين لنظره جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 13 من فبراير سنة 1955, طالباً الحكم باستحقاقه لتسوية حالته بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 12 من ديسمبر سنة 1947, وما يترتب على ذلك آثار, وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية الزراعة بجامعة القاهرة عام 1946 بعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة, والتحق مهندساً زراعياً بالتمرين بوزارة الزراعة في المدة من 15 من ديسمبر سنة 1947 لغاية 31 من أكتوبر سنة 1948. وفي 6 من نوفمبر سنة 1948 عين مدرساً ثانوياً للعلوم بالتعليم الحر الخاضع لإشراف وزارة التربية والتعليم, وظل به إلى حين صدور القانون الخاص بتأميم التعليم الحر الذي ترتب عليه إصدار القانون رقم 170 لسنة 1950 بفتح اعتماد إضافي لإنشاء وظائف لمدرسي وموظفي التعليم الحر, وظل بهذه الوظيفة إلى أن نقل منها مباشرة اعتباراً من 5 من سبتمبر سنة 1951 إلى وزارة الزراعة بوظيفة مهندس من الدرجة السادسة الفنية بقسم تربية الحيوان والدواجن. ثم أصدرت وزارة الزراعة بعدئذ أمراً بتعديل أقدميته في الدرجة السادسة الفنية بجعلها من 19 من أكتوبر سنة 1950 بعد أن ضمت المدة التي قضاها مهندساً في التمرين بها, دون أن تضم مدة خدمته بالتعليم الحر بوزارة التربية والتعليم وقدرها 29 يوماً 9 أشهر 2 سنة. ولما كانت أقدميته في الدرجة السادسة الفنية ترجع في حقيقتها إلى 22 من ديسمبر سنة 1947, بعد ضم مدة خدمته بالتعليم الحر, فإنه يطلب الحكم له بذلك. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المدة لتي يطلب المدعي ضمها تقل عن ثلاث سنوات, وقد اشترط كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 68 الصادر في يوليه سنة 1947 ألا تقل مدة الخدمة السابقة التي يطالب بضمها عن ثلاث سنوات, هذا إلى أن وزارة المالية قد أفادت في أغسطس سنة 1949, في خصوص ضم المدد التي تقضي في التعليم الحر, أنه ينبغي أن يتوافر فيها بصفة عامة كافة شروط الكتاب الدوري السالف الذكر, وبصفة خاصة شرط التماثل في طبيعة العمل, وهذا بالإضافة إلى أن وزارة المالية سبق أن أوضحت أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 قاصر تطبيقه على من ينقل من التعليم الحر إلى وظائف التدريس بالحكومة. وبجلسة 20 من مايو سنة 1957 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بالاتحاد التعاوني لمركز ميت غمر وبالتعليم الحر بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947, مع إلزام الحكومة بالمصروفات. وأسست قضاءها على أنه ثابت بملف خدمة المدعي أنه قبل التحاقه بخدمة وزارة الزراعة قد قضى مدداً متفاوتة في الجهات الآتية: (1) المدة من أول يونيه سنة 1946 إلى 14 من ديسمبر سنة 1947 كان يعمل فيها مستشاراً فنياً للاتحاد التعاوني لمركز ميت غمر. (2) المدة من 15 من ديسمبر سنة 1947 إلى 17 من أكتوبر سنة 1948 كان يعمل مهندساً زراعياً بالتمرين بقسم تربية النباتات بوزارة الزراعة. (3) المدة من 6 من نوفمبر سنة 1948 إلى 9 من سبتمبر سنة 1951, كان يعمل فيها مدرساً للعلوم والرياضة بالتعليم الحر بمدرستي الرشاد الثانوية بالمنصورة والأمير فاروق الثانوية بميت غمر. وأن المدعي وإن كان لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945؛ لأن تطبيق هذا القرار قاصر على من ينقل من التعليم الحر إلى وظائف التدريس بالحكومة, إلا أنه يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947؛ إذ قد توافرت فيه شروط هذا القرار, حيث تبلغ مدة خدمته بالجهات المشار إليها خمس سنوات وشهرين وخمسة عشر يوماً, ولا تقل كل منها عن ستة أشهر, هذا إلى أن عمله السابق يتحد مع عمله بوزارة الزراعة في طبيعته؛ لأن كلاً منهما يقوم على أساس دراسته الجامعية, ولم يشترط القرار المذكور أن يتماثل العمل السابق مع العمل الجديد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته بالاتحاد التعاوني لمركز ميت غمر في المدة من أول يونيه سنة 1946 حتى 14 من ديسمبر سنة 1947 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947, في حين أن هذا القرار لم ينص على هذه الجهة بين الجهات التي أجاز ضم مدد الخدمة السابقة بها, ولم يرد به غير الجمعيات التعاونية الصادر بتأليفها مرسوم - وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك - فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من استقراء نصوص قرار مجلس الوزراء السالف الذكر بشأن حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية أنه نص في الفقرة الثانية عشرة من البند الأول منه على حساب مدد الخدمة السابقة التي تقضي في بنك التسليف الزراعي وبنك التسليف العقاري والبنوك العقارية والشركات المساهمة الصادرة بتأليفها مرسوم والجمعيات التعاونية والغرف التجارية. وفي هذه الحالة, وعند توافر الشروط التي نص عليها في هذا القرار, تحسب نصف مدة الخدمة السابقة.
ومن حيث إن القانون رقم 58 لسنة 1944 بشأن الجمعيات التعاونية المصرية قد نص في المادة 100 على ما يأتي "للجمعيات التعاونية العامة أن تكون فيما بينها اتحادات تكون مهمتها القيام بعملية التفتيش على أعمالها ومراجعة حساباتها المنصوص عنهما في المادتين 80 و82 واللتين تقوم بهما مصلحة التعاون بوزارة الشئون الاجتماعية ريثما توجد هذه الاتحادات. ويجوز أن يكون ضمن أغراض هذه الاتحادات إرشاد الجمعيات المنتمية إليها في إدارة عملها وكذا مساعدة الأهالي على إنشاء جمعيات تعاونية بتعليمهم أنظمتها وبث الروح التعاونية فيهم". ثم صدر القانون رقم 317 لسنة 1956 الخاص بالجمعيات التعاونية ناصاً في المادة 45 منه على أن "للجمعيات التعاونية والجمعيات التعاونية المشتركة والعامة أن تكون فيما بينها اتحادات إقليمية أو نوعية، ويجوز لستين في المائة على الأقل من الجمعيات التعاونية في الجمهورية أن تكون الاتحاد العام لجمهورية مصر, وتكون مهمة هذه الاتحادات نشر الدعوة إلى التعاون والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية وإرشادها في إدارة أعمالها ومراجعة حساباتها والتفتيش على أعمالها وبث الروح التعاونية ومساعدة المواطنين على إنشاء الجمعيات التعاونية, ولها في سبيل ذلك أن تعين المشرفين أو المنظمين لهذه الأعمال".
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن الاتحادات التعاونية هي هيئات تعاونية رئيسية تنتظم جملة من الجمعيات التعاونية أو الجمعيات التعاونية المشتركة والعامة, وهذه الاتحادات قد تكون إقليمية وقد تكون نوعية, فهي في بنيانها مؤلفة أساساً من لبنات هي ذات الجمعيات التعاونية, ومهمتها هي في صميم الأغراض التعاونية, بل هي في هذا الشأن قائمة بمهمة القيادة والتوجيه والإرشاد والإشراف ونشر الدعوة إلى التعاون والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية ومراجعة حساباتها والتفتيش على أعمالها وغير ذلك من المهام الرئيسية, فمن يعمل في هذه الاتحادات إنما يقوم - ولا شك - بخدمة في سبيل أغراض الجمعيات التعاونية, وعمله هو من طبيعة العمل في هذه الجمعيات, بل قد يكون في مستواه الفني أو الاجتماعي أو الإداري من درجة أعلى. وغنى عن القول أن هذه الخدمة يجب حسابها في الضم بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المشار إليه, شأنها في ذلك شأن المدد التي تقضي في الجمعيات التعاونية.
ومن حيث إنه ثابت من الشهادة الصادرة من الاتحاد التعاوني بمركز ميت غمر والمؤرخة 5 من مارس سنة 1951 أن المدعي قضى في خدمته مدة من أول يونيه سنة 1946 لغاية 14 من ديسمبر سنة 1948 بصفته مستشاراً فنياً له في النواحي الزراعية, فيكون من حق المدعي, والحالة هذه, أن تضم هذه المدة إلى مدة خدمته الفنية في وزارة الزراعة بالتطبيق للقرار المشار إليه, ما دام قد استوفى سائر شروطه, ولهذا يكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب, ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الطعن 1724 لسنة 2 ق جلسة 20 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 32 ص 400

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------

(32)

القضية رقم 1724 لسنة 2 القضائية

إنصاف 

- قرار مجلس الوزراء في 7 من أكتوبر سنة 1945 - تخويله وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية - صدور كتاب وزارة المالية الدوري في 3 من مارس سنة 1946 بالاتفاق مع وزارة المعارف تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء - اعتماد الشهادة التي تقدم من الموظف لإثبات نجاحه في امتحان القبول أو إطراحها لا يتعلق بسلطة تقديرية, بل بتنفيذ قواعده قانونية ويرتبط بواقعة مادية تقوم على تقدير دليل إثبات - تضمن الإعلان الذي أذاعته في 20 من مايو سنة 1950 المراقبة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم تحديد مواعيد وفرض قيود لم يتضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 - لا يغير من القاعدة التي وضعها مجلس الوزراء.

-----------------
في 7 من أكتوبر سنة 1945 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتخويل وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية ومدرسة الأبيض, بشرط أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطبق مثيلها بمدارس الوزارة. وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت وزارة المالية كتابها الدوري ملف رقم 234 - 3/ 3 ب في 3 من مارس سنة 1946 بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في امتحانات الدراسة الابتدائية أو امتحانات القبول بالمدارس الثانوية التي عقدت في المدة من سنة 1916 إلى سنة 1923, وهي المدة التي كانت فيها الشهادة الابتدائية الحكومية ملغاة, بمدارس الهيئات والجمعيات التي عينتها بمقتضى التفويض الصادر من مجلس الوزراء, وقد قضى هذا الكتاب بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين: (1) في امتحانات الدراسة الابتدائية. أو (2) في امتحانات القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي عينها. وإذ تحقق بالمدعي هذا الوصف الأخير فإن اعتماد الشهادة التي تقدم بها لإثبات نجاحه في امتحانات القبول أو إطراحها لا يتعلق بسلطة تقديرية ترخصية, بل بتنفيذ قاعدة قانونية أقرها مجلس الوزراء, وهو أمر يرتبط بواقعة مادية تقوم على تقدير دليل إثبات. ولا يغير من حكم القاعدة التي وضعها مجلس الوزراء - وهو سلطة أعلى - أو يعطل أثرها, الإعلان الذي أذاعته في 20 من مايو سنة 1950 المراقبة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم - وهي سلطة أدنى - بتحديد مواعيد وفرض قيود لم يتضمنها قرار المجلس للتقدم بطلب اعتماد شهادات الناجحين في امتحانات القبول أمام المدارس الثانوية الحرة الذين لم تطبق عليهم قواعد الإنصاف وأداء اختبار في مواد معينة.


إجراءات الطعن

في 5 من أغسطس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1724 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الخامسة) بجلسة 17 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 5095 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة المواصلات ضد إبراهيم محمد السعداوي, القاضي "(أولاً) بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من أحقية المطعون ضده للدرجة التاسعة من بدء التعيين وللدرجة الثامنة طبقاً لقواعد المنسيين. (ثانياً) بأحقية المطعون ضده للفروق المالية المترتبة على أحقيته للدرجتين التاسعة والثامنة, وذلك عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, وبإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وتعديل قرار اللجنة القضائية, والقضاء بأحقية المتظلم للدرجة التاسعة من بدء التعيين, مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك من مدة الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, ورفض التظلم فيما عدا ذلك, مع إلزام الحكومة المصروفات المناسبة". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المواصلات في 22 من أغسطس سنة 1956, وإلى المطعون عليه في 28 منه, وقد أودع هذا الأخير في 26 من سبتمبر سنة 1956 مذكرة بملاحظاته مؤرخة 4 من سبتمبر سنة 1956. ولم تقدم الحكومة مذكرة ما بملاحظاتها في الميعاد القانوني, وبعد انقضاء هذا الميعاد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 7 من يونيه سنة 1958, وفي 29 من مايو سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها وفي جلسة 22 من نوفمبر سنة 1958 التي أجل إليها نظر الطعن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية الخاصة بموظفي الدولة لوزارة المواصلات التظلم رقم 6207 لسنة 1 القضائية ضد مصلحة البريد بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 28 من يوليه سنة 1953, ذكر فيها أنه حاصل على شهادة الدراسة الابتدائية في سنة 1916 من مدرسة جمعية المساعي المشكورة بشبين الكوم, وأنه التحق بخدمة مصلحة البريد اعتباراً من 4 من أبريل سنة 1920 في وظيفة بالدرجة الممتازة خارج الهيئة بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً. ولما كانت شهادته هذه معادلة لشهادة إتمام الدراسة الابتدائية, ولو أنها ليست صادرة من وزارة التربية والتعليم, فإنه يطلب تطبيق قواعد الإنصاف الصادرة في 1944 على حالته, وكذا قواعد إنصاف المنسيين الصادرة في 30 من يونيه سنة 1943؛ وبذا يكون مستحقاً للدرجة الثامنة من أول يوليه سنة 1943. وقد ردت مصلحة البريد على هذا التظلم بأن المتظلم التحق بخدمتها في 6 من أبريل سنة 1920 بوظيفة خارج هيئة العمال بماهية شهرية قدرها 800 م و4 ج, ولم يكن حاصلاً على مؤهل دراسي معتمد, وأخذ يتدرج في هذا الكادر إلى أن وصل إلى الدرجة الممتازة. وفي 30 من يناير سنة 1944 منح علاوة منسيين تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1944 , ثم منح الدرجة التاسعة اعتباراً من أول يونيه سنة 1946, ورقى إلى الدرجة الثامنة في أول يناير سنة 1952. وقد طبقت عليه قواعد المنسيين في سلك الكادر الذي كان مقيداً عليه وهو خارج هيئة العمال, ومنح علاوة من أول يوليه سنة 1943, وقد وصل إلى أعلى درجات كادر المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال؛ ومن ثم فلا يجوز منحه الدرجة الثامنة بصفة منسي في سنة 1943؛ لأنه كان في سلك الخدمة الخارجين عن هيئة العمال, ولوصوله إلى أرقى درجات هذا السلك في ذلك الوقت. وبجلسة 19 من أكتوبر سنة 1953 "قررت اللجنة استحقاق المتظلم لتسوية حالته بوضعه في الدرجة التاسعة من بدء التعيين في عام 1920 طبقاً لقواعد الإنصاف, وترقيته للدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 بالتطبيق لقواعد إنصاف المنسيين, مع ما يترتب على ذلك من آثار". واستندت في ذلك إلى أنه قد بان لها أن المتظلم نجح في امتحان الدراسة الابتدائية من مدرسة جمعية المساعي المشكورة - وهي من المدارس التي ورد ذكرها في كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 3/ 3 المؤرخ 3 من مارس سنة 1946 التي تطبق على الناجحين فيها قواعد الإنصاف - وأن المتظلم عند صدور قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 كان بالدرجة الممتازة خارج الهيئة التي يزيد مربوطها على مربوط الدرجة التاسعة, فلم يكن ليفيد من قواعد الإنصاف إلا بتعديل أقدميته في الدرجة التاسعة من بدء التعيين؛ ومن ثم فإنه يستحق الإفادة من قواعد إنصاف المنسيين بترقيته إلى الدرجة الثامنة بصفة شخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943؛ لكونه قد أمضى في الدرجة التاسعة خمسة عشر عاماً حتى هذا التاريخ. وقد طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية هذا أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 5095 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 10 من مارس سنة 1954 طلبت فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح المطعون ضده في التظلم رقم 6207 لسنة 1 القضائية مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وأسست طعنها على أن اللجنة قد أخطأت إذ استندت في تقرير نجاح المدعي في امتحان القبول إلى الشهادة المقدمة منه والصادرة من مدرسة المساعي المشكورة, مع أن هذا أمر متروك تقدير دليل إثبات النجاح فيه لوزارة التربية والتعليم بما لا معقب عليها, ما دام لم يثبت أنها أساءت استعمال سلطتها في ذلك. وقد بحثت الوزارة الموضوع, وانتهت إلى عدم اعتماد تلك الشهادة, وقد أصدرت قرارها هذا في حدود سلطتها التقديرية بدون إساءة استعمال السلطة, الأمر الذي يجعل هذا القرار سليماً, ويترتب عليه اعتبار المدعي غير حاصل على مؤهل دراسي؛ ومن ثم فلا وجه لتطبيق قواعد الإنصاف في حقه. وقد رد المدعي على هذا الطعن في مذكرة له بأن مصلحة البريد تسلمت منه شهادة إتمام الدراسة الابتدائية الحاصل عليها من جمعية المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم في سنة 1916 ضمن مسوغات تعيينه في سنة 1920, وهذه المدرسة معتمدة من وزارة التربية والتعليم, وكان يتعين على المصلحة أن تكلفه في سنة 1920 باعتماد شهادته من الوزارة حين كانت السجلات المثبتة لاسمه ضمن الناجحين في سنة 1916 لا تزال موجودة بالجمعية. هذا إلى أنه التحق بخدمة مصلحة البريد براتب قدره خمسة جنيهات شهرياً, الأمر الذي يدل على اعتراف المصلحة بهذه الشهادة. بل إنه قدم شهادة من معاصر له لتثبت نجاحه في الامتحان الخاص بالقبول في المدارس الثانوية, وذلك وفقاً لمنشور وزارة التربية والتعليم الصادر في سنة 1950 فيما يتعلق بالمدارس التي شملها قرار مجلس الوزراء الصادر بجلسة 7 من أكتوبر سنة 1945, ومنها جمعية المساعي المشكورة التي ورد بكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 3/ 3 المؤرخ 3 من مارس سنة 1946 أنها من بين المدارس التي تطبق على الناجحين فيها قواعد الإنصاف. وخلص من هذا إلى طلب رفض طعن مصلحة البريد وتأييد قرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه. وبجلسة 17 من يونيه سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الخامسة) "(أولاً) بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من أحقية المطعون ضده للدرجة التاسعة من بدء التعيين وللدرجة الثامنة طبقاً لقواعد المنسيين. (ثانياً) بأحقية المطعون ضده للفروق المالية المترتبة على أحقيته للدرجتين التاسعة والثامنة, وذلك عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, وبإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة". وأقامت قضاءها على أن بملف خدمة المدعي شهادة صادرة من مدرسة شبين الكوم الثانوية التابعة لجمعية المساعي المشكورة بمديرية المنوفية ومختومة بخاتم ناظر المدرسة والجمعية, وهي مؤرخة 10 من يوليه سنة 1916 وتثبت نجاحه في امتحان القبول بالسنة الأولى بالمدرسة؛ ومن ثم فإنه يكون على حق في طلب تطبيق قواعد الإنصاف على حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 ولكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 3/ 3 الصادر في 3 من مارس سنة 1946. ولا محل بعدئذ لما تتعلل به الوزارة من عدم وجود سجلات رسمية للمدرسة المشار إليها, كما لا وجه للقول بأن قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 هو الذي ينطبق على حالته دون قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944؛ إذ أن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون رقم 371 لسنة 1953 النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين, وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية لا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور تلك القرارات إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. وبإفادة المدعي من قواعد الإنصاف من بدء تعيينه في سنة 1920 يفيد أيضاً من قواعد المنسيين التي يستحق بمقتضاها الدرجة الثامنة إذ يكون قد مضى عليه عند تطبيقها خمس عشرة سنة. وبذا يكون قرار اللجنة القضائية قد أصاب الحق في هذا الشق منه. أما ما قضى به من آثار مالية فإن المدعي لا يستحق فروقاً مالية عن التسوية المتقدمة الذكر إلا عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953, وهو تاريخ تظلمه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 5 من أغسطس سنة 1956 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وتعديل قرار اللجنة القضائية, والقضاء بأحقية المتظلم للدرجة التاسعة من بدء التعيين, مع قصر الفروق المالية المترتبة على ذلك من مدة الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, ورفض التظلم فيما عدا ذلك مع إلزام الحكومة المصروفات المناسبة". واستند في أسباب طعنه إلى أن الموظف المنسي الذي يعنيه قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943, هو الموظف الذي قضى - قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية - الفترة المقررة للإفادة من الإنصاف الخاص بالمنسيين؛ ويؤكد هذا مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 6 من يوليه سنة 1943 والتي وافق عليها المجلس, وكذا القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المستوفين للشروط المطلوبة, والذين حصرت عددهم مذكرة اللجنة المالية المشار إليها, هذا إلى أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور قرار مجلس الوزراء آنف الذكر. ولما كان الثابت أن المدعي لم يقض فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 المدة المقررة للإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 فإنه لا يفيد من قواعد إنصاف المنسيين. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه في جزئية من جزئياته غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد عقب المدعي على هذا الطعن بمذكرة مؤرخة 4 من سبتمبر سنة 1956 أودعها سكرتيرية المحكمة في 26 منه قال فيها إنه دخل الخدمة في أول سنة 1920 بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً, وهو يعادل مرتب الدرجة التاسعة, ومضت عليه حتى سنة 1943 ثلاث وعشرون سنة, وقد رشح للدرجة الثامنة في سنة 1928 إلا أنه رسب في الكشف الطبي, ووصل إلى الدرجة الممتازة خارج الهيئة التي مربوطها من 7 - 12 ج في سنة 1926؛ لأن الدرجة الثامنة لم تكن موجودة في ذلك الوقت. وقد منح زملاؤه هذه الدرجة, وتخلف هو عنهم. وانتهى من هذا إلى طلب رفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية باعتباره في الدرجة التاسعة من بدء تعيينه في سنة 1920 وفي الدرجة الثامنة في سنة 1943, مع سريان قواعد الإنصاف وقواعد إنصاف المنسيين عليه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات.
ومن حيث إن دفاع مصلحة البريد يقوم على أن المدعي لا يحمل مؤهلاً دراسياً يرتب له حقاً في تطبيق إنصاف الموظفين ذوي المؤهلات على حالته, بحجة أن وزارة التربية والتعليم رفضت اعتماد الشهادة المقدمة منه والمنسوب صدورها إلى مدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم كدليل لإثبات نجاحه في امتحان القبول بالمدارس الثانوية نظراً إلى عدم وجود سجلات رسمية بالمدرسة المذكورة تؤيد مضمون هذه الشهادة, وأن رأي الوزارة في تقدير هذا الدليل لا معقب عليه. ويبين من الاطلاع على ملف خدمة المذكور أن الشهادة المشار إليها تحمل خاتم "المدرسة الثانوية: جمعية المساعي المشكورة بشبين الكوم", وأنها موقعة بخاتم النائب عن ناظر المدرسة في 10 من يوليه سنة 1916, وموجهة إلى والد المدعي لإخباره بأن نجله قد نجح في امتحان القبول بالسنة الأولى بالمدرسة, وعليه سداد مصروفات القسط الأول لغاية أول سبتمبر سنة 1916, وأن المدعي قد قدم هذه الشهادة لمصلحة البريد لدى تعيينه بها في سنة 1920 وإن لم تكن متطلبة من بين مسوغات تعيينه. وقد قبلتها المصلحة ضمن هذه المسوغات, وأثبتت أنها تفيد إتمامه مرحلة الدراسة الابتدائية وقبوله بمدرسة ثانوية, بيد أنها لم تتحر حقيقة أمرها من المدرسة الصادرة منها في الوقت المناسب قبل استغناء المدرسة عن سجلاتها. وقد تقدم المدعي في 2 من ديسمبر سنة 1944 عقب صدور قواعد الإنصاف بطلب اعتماد الشهادة المذكورة لتطبيق هذه القواعد على حالته, بعد إذ سكتت المصلحة عن تطبيقها عليه باعتباره غير حاصل على مؤهل دراسي. وبناء على هذا الطلب استطلعت مصلحة البريد رأي وزارة التربية والتعليم في قيمة هذه الشهادة, فأجابتها هذه الأخيرة في 26 من ديسمبر سنة 1944 بأنه "لا يمكن اعتبار المذكور حاصلاً على مؤهل دراسي رسمي". وفي 7 من أكتوبر سنة 1945 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتخويل وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية ومدرسة الأبيض, بشرط أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطابق مثيلها بمدارس الوزارة. وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت وزارة المالية كتابها الدوري ملف رقم 234 - 3/ 3 ب في 3 من مارس سنة 1946 بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في امتحانات الدراسة الابتدائية أو امتحانات القبول بالمدارس الثانوية التي عقدت في المدة من سنة 1916 إلى سنة 1923, وهي المدة التي كانت فيها الشهادة الابتدائية ملغاة, بمدارس الهيئات والجمعيات التي عينتها بمقتضى التفويض الصادر من مجلس الوزراء, ومن بينها جمعية المساعي المشكورة. وقد أعادت مصلحة البريد الكرة مرتين بعد ذلك على وزارة التربية والتعليم فيما تراه في شأن الشهادة المقدمة من المدعي, وكان رد الوزارة في 22 من يناير سنة 1950 بأنه "لم يعثر على سجلات رسمية يمكن معها تأييد صحة ما ورد بالخطاب المذكور". وفي 8 من مارس سنة 1950, بأنه سبق بحث هذا الموضوع "واتضح عدم وجود سجلات رسمية يرجع إليها بالمدرسة التي نجح أمامها, ولا سبيل إلى البت في أمره على هذا الوضع". وظاهر من هذا أن وزارة التربية والتعليم إنما اتخذت موقفاً سلبياً إزاء شهادة المدعي, فلم تقطع في أمرها بعدم الصحة فتستبعدها وتنكر قيمتها, ولم تبت فيها بالقبول فتعتمدها وترتب عليها مزاياها, بل تركت مصيرها معلقاً, وكانت حجتها في ذلك عدم وجود سجلات رسمية يرجع إليها في هذا الشأن بمدرسة المساعي المشكورة بعد تقادم العهد عليها. وبالاطلاع على الشهادة المذكورة يبين أنها تحمل في ظاهرها طابع الصحة والجدية بما يجعلها تصلح دليل إثبات, ولا سيما أن المدعي قدمها للمصلحة لدى تعيينه في سنة 1920, وقت أن كانت غير مقومة ولا مؤثرة في تحديد وضعه, وأنه لا خطأ ينسب إليه في عدم تحقق الجهة الإدارية من صحتها في الوقت المناسب أو عدم وجود سجلات رسمية بالمدرسة. هذا إلى أنه قد عزز الدليل المستمد منها بشهادة صادرة في أول يوليه سنة 1916 من المدرسة السعيدية الخيرية النظامية بطنطا ومختومة بخاتم إدارة المدرسة مع توقيعات اللجنة الممتحنة وأعضاء مجلس الإدارة, وثابت بهذه الشهادة أنه "قد مضى امتحان التعليم الابتدائي أمام اللجنة المنعقدة بدار المدرسة في 5 من يونيه سنة 1916... وبهذا صار له حق الدخول في السنة الأولى من قسمها الثانوي". كما أيدها بشهادة من معاصر له في الدراسة مؤرخة 22 من مارس سنة 1954 بنجاحه في امتحان القبول بمدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم في سنة 1916. ومقتضى ما تقدم أن المدعي, بعد إذ جاز امتحان التعليم الابتدائي بالمدرسة السعيدية الخيرية النظامية بطنطا امتحن ونجح في امتحان القبول لفرقة السنة الأولى بمدرسة جمعية المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم. وإذا كانت المدرسة الأولى لم ترد ضمن مدارس الهيئات والجمعيات التي نص عليها كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 3/ 3 ب المؤرخ 3 من مارس سنة 1946, فإن الثانية واردة فيه. كما أن هذا الكتاب قد قضى بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين: (1) في امتحانات الدراسة الابتدائية. أو (2) في امتحانات القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي عينها. والمدعي متحقق فيه هذا الوصف الأخير, وهو كاف وحده, وإن كان نجاحه في امتحان الدراسة الابتدائية في مدرسة غير معتمدة. وإذ قام به الشرط المتطلب فإن اعتماد شهادته أو إطراحها لا يتعلق بسلطة تقديرية ترخصية, بل بتنفيذ قاعدة قانونية أقرها مجلس الوزراء, وهو أمر يرتبط بواقعة مادية تقوم على تقدير دليل إثبات. ولا يغير من حكم القاعدة التي وضعها مجلس الوزراء, وهو سلطة أعلى, أو يعطل أثرها, الإعلان الذي أذاعته في 20 من مايو سنة 1950 المراقبة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم - وهي سلطة أدنى - بتحديد مواعيد وفرض قيود لم يتضمنها قرار المجلس للتقدم بطلب اعتماد شهادات الناجحين في امتحانات القبول أمام المدارس الثانوية الحرة الذين لم تطبق عليهم قواعد الإنصاف وأداء اختبار في مواد معينة.
ومن حيث إنه لما كان المدعي قد عين في خدمة الحكومة بوظيفة ساعي توزيع بمصلحة البريد خارج هيئة العمال اعتباراً من 6 من أبريل سنة 1920, ولم يمنح الدرجة التاسعة إلا من أول يونيه سنة 1946 بغير إنصاف, ورقي إلى الدرجة الثامنة في أول يناير سنة 1952, ولما كان ناجحاً في سنة 1916 في امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي تطبق على الناجحين فيها قواعد الإنصاف, فإنه - طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 ولكتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم 234 - 3/ 3 ب المؤرخ 3 من مارس سنة 1946, ولما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - يكون محقاً في طلب تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 على حالته, تلك القواعد التي استهدفت إنصاف حملة المؤهلات الدراسية الواردة بها من الموظفين الذين كانوا في خدمة الحكومة فعلاً وقت صدورها, ثم امتد أثرها إلى من عين منهم بالحكومة حتى 9 من ديسمبر سنة 1944 دون غيرهم ممن عينوا بعد هذا التاريخ, وهي التي لم يمتنع إعمالها بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية, إذ أن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون المذكور النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين, وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية, فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. ولما كان القانون رقم 371 لسنة 1953 آنف الذكر قد خلا من مثل هذا النص الخاص على إلغاء تلك القرارات, فإنها تظل قائمة نافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ ويؤكد ذلك أن القانون المشار إليه لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة وهي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951, وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية, وأفصح عن قصده في إلغائها دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة لها؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به من تأييد قرار اللجنة القضائية باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف, إلا أنه جانب الصواب فيما ذهب إليه من عدم استحقاق المذكور لفروق التسوية إلا عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه؛ ذلك أنه ثابت بملف خدمة هذا الأخير أنه لم ينقطع منذ صدور قواعد الإنصاف عن موالاة التظلم إلى الجهة الإدارية طالباً اعتماد شهادته وتسوية حالته على أساسها بالتطبيق للقواعد المذكورة, إذ قدم بهذا المعنى تظلماً في 2 من ديسمبر سنة 1944 إلى وكيل بريد طنطا الذي حوله في التاريخ ذاته إلى الإدارة العامة عن طريق مفتش القسم, كما قدم تظلماً آخر في 21 من أكتوبر سنة 1945 إلى وكيل بريد طنطا الذي حوله إلى الإدارة العامة كذلك بالطريق ذاته, وثالثاً في 9 من يوليه سنة 1946 إلى رئيس قسم بريد طنطا لرفعه إلى المدير العام, ورابعاً في 4 من يونيه سنة 1949 إلى مدير عام المصلحة عن طريق رئيس قسم بريد طنطا, وخامساً في 27 من يونيه سنة 1949 إلى رئيس القسم عينه, وسادساً في 21 من يونيه سنة 1950 إلى مراقب عام الامتحانات بوزارة المعارف العمومية عن طريق وكيل بريد طنطا, وسابعاً في 25 من يوليه سنة 1950 إلى مراقب عام الامتحانات بالوزارة (قسم الابتدائي) وثامناً في 28 من نوفمبر سنة 1950 إلى مدير عام المصلحة, ثم رفع تظلمه رقم 6207 لسنة 1 القضائية إلى اللجنة القضائية بوزارة المواصلات أخيراً في 28 من يوليه سنة 1953. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه ولئن كان مفاد النصوص المدنية (م 383 مدني) أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها, إلا أن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بفقه القضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرياسي الذي تقوم عليه, وأن المفروض في السلطة الرياسية هو إنصاف الموظف بتطبيق القانون, حتى ينصرف إلى عمله هادئ البال, دون أن يضطر إلى الالتجاء إلى القضاء, فقرروا أنه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه وطالباً أداءه.
ومن حيث إنه لما كان المدعي وقت صدور قواعد الإنصاف في سنة 1944 يشغل درجة في سلك المستخدمين خارج الهيئة (غير الصناع), فإنه لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 في شأن إنصاف الموظفين المنسيين؛ إذ سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الموظف المنسي الذي يعنيه قرار مجلس الوزراء المشار إليه هو الذي يكون قد قضى قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية - أي الفعلية لا الاعتبارية - خمس عشرة سنة؛ ذلك أن مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 6 من يوليه سنة 1943, والتي وافق عليها المجلس بقراره سالف الذكر, قد حصرت عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من هذا الإنصاف لغاية التاريخ المعين, وهو 30 من يونيه سنة 1943, كما أن البرلمان وافق على القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المذكورين, هذا إلى أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف؛ إذ لم تنظم إلا بالقرار الصادر في 30 من يناير سنة 1944 وما تلاه من قرارات. على أن محل إعمال قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 متى توافرت شروطه هو أن تكون الترقية إلى الدرجة التالية في السلك ذاته, وإن تعادل متوسط مربوط الدرجة في سلك الخدمة الخارجين عن هيئة العمال مع متوسط مربوطها في سلك الدرجات. فإذا كان المستخدم خارج الهيئة الذي أمضى في درجته الفعلية لغاية 30 من يونيه سنة 1943 المدة القانونية قد بلغ نهاية هذا السلك, كما هو الحال في شأن المدعي, فإنه يمنح علاوة من علاوات هذه الدرجة ولو جاوزت ماهيته بها أو بدونها نهاية مربوط درجته. وقد منح المدعي هذه العلاوة فعلاً اعتباراً من أول يوليه سنة 1943؛ ومن ثم فإنه لا يفيد من قواعد إنصاف المنسيين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943, ويكون طلبه هذا على غير أساس سليم من القانون - وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك - فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, ويتعين القضاء بإلغائه في هذا الشق منه, وبرفض هذا الطلب.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف, وبإلغائه فيما عدا ذلك, وباستحقاق المدعي لما يترتب على هذه التسوية من آثار وفروق, ورفض باقي الطلبات, وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه: (أولاً) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي لتسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 بإنصاف المنسيين, وبرفض هذا الطلب وبإلزام المدعي بالمصروفات الخاصة به. و(ثانياً) بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 على حالته, وباستحقاقه لجميع الفروق المترتبة على ذلك, وألزمت الحكومة بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.

الطعن 888 لسنة 3 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 31 ص 391

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة حسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

-----------------

(31)

القضية رقم 888 لسنة 3 القضائية

محاكم إدارية 

- ميعاد الطعن في أحكامها - الإعلان الذي يجري منه سريان الميعاد هو الذي يوجه إلى وكيل الوزارة المختص - قيام محافظ الإسكندرية مقام وكيل الوزارة في هذا الخصوص بالنسبة إلى الأحكام التي تكن بلدية الإسكندرية طرفاً فيها.

--------------
متى كان الثابت أن الحكم المستأنف قد صدر من المحكمة الإدارية لجميع وزارات الحكومة بالإسكندرية في 12 من مايو سنة 1954, فإنه يخضع من حيث إجراءات إعلانه وحساب ميعاد الطعن فيه لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات, الذي عمل به اعتباراً من 20 من مارس سنة 1954. وقد قضى هذا القانون في مادته الثامنة بأن "يرسل رئيس المحكمة صورة من صحيفة الدعوى إلى وكيل الوزارة المختص خلال ثلاثة أيام من وقت تسلمه إياها. ويجيب وكيل الوزارة عنها كتابة في ميعاد لا يجاوز شهراً من وقت إبلاغه بها. ويفحص رئيس المحكمة أو أحد قضائها الدعوى قبل أن تنظرها المحكمة, وله أن يطلب من كل من المدعي والوزارة ما يراه لازماً من البيانات والمستندات, ويحدد المواعيد اللازمة لتقديمها, ويعين رئيس المحكمة ميعاد نظر الدعوى فيما لا يجاوز ثلاثة أشهر من وقت تقديمها ويخطر به كل من الطرفين. ويجوز للوزارة أن ترسل موظفاً مندوباً عنها ليبين وجهة نظرها ويقدم ما يؤيدها من مستندات. ويبلغ رئيس المحكمة صورة من الحكم إلى كل من الطرفين بكتاب موصى عليه". وينص في مادته التاسعة على أن "يكون الحكم انتهائياً في المنازعات المبينة بالمادة الرابعة إذا لم تجاوز قيمة الدعوى مائتين وخمسين جنيهاً, أما إذا جاوزت قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً أو كانت مجهولة القيمة, فإنه يجوز في هذه الحالة استئناف الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في ميعاد ستين يوماً من تاريخ إبلاغه". وهذه الأحكام - وقد تماثلت في مجموعها مع تلك التي انتظامها المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية في الوزارات - تقطع في أن القواعد الخاصة بكيفية إعلان قرارات اللجان القضائية إلى الجهات الإدارية وبحساب ميعاد الطعن فيها والتي اعتنقتها هذه المحكمة واجبة التطبيق في هذا الخصوص, بحيث يتعين أن يجري على إعلان أحكام المحاكم الإدارية وميعاد الطعن فيها ذات الأصول المقررة في كيفية إعلان قرارات اللجان القضائية, أي أن يكون الإعلان لوكيل الوزارة المختص على ما جرى به قضاء هذه المحكمة, فضلاً عن قيام الحكمة التشريعية التي دعت إلى العدول في القانونين المتقدم ذكرهما عن القاعدة العامة في إعلان الأحكام, حسبما أرستها الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات. وبالنسبة إلى بلدية الإسكندرية - وهي طرف في الدعوى - فإن محافظ الإسكندرية هو الذي يقوم مقام وكيل الوزارة فيما يتعلق بإعمال هذا الحكم, وبخاصة وقد جعلته الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 98 لسنة 1950 بشأن المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية, صاحب الصفة في تمثيل المجلس البلدي أمام المحاكم. ويلزم من ذلك ألا يجرى ميعاد الطعن إلا من يوم إعلانه بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات بالإسكندرية, فإذا لم يتبين من الأوراق أنه أعلن بصحيفة الحكم المشار إليه وأن ميعاد الستين يوماً المعين في المادة التاسعة من القانون رقم 147 لسنة 1954 قد انقضى على أساس ما تقدم قبل أن تودع بلدية الإسكندرية صحيفة استئنافها لذلك الحكم في 4 من أغسطس سنة 1954. كان الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد - الذي أثاره السيد رئيس هيئة المفوضين في طعنه - في غير محله, متعيناً رفضه.


إجراءات الطعن

في 18 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 888 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 20 من مايو سنة 1957 في الدعوى رقم 12590 لسنة 8 القضائية المقامة من محافظ الإسكندرية ضد السيد/ محمد عبد اللطيف دويب, القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وألزمت الحكومة بالمصروفات عن الدرجتين". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "أولاً وأصلياً - إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد, مع إلزام الحكومة المصروفات, ثانياً واحتياطياً - إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف والقضاء برفض دعوى المدعي, مع إلزامه المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الداخلية في 12 من أغسطس سنة 1957, وإلى المطعون عليه في 18 من الشهر ذاته, وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة أول نوفمبر سنة 1958. وقد انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة التي عينت لنظر الطعن, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
(أ) عن الدفع بعدم قبول الاستئناف:
من حيث إنه يبين من أوراق الطعن أن المدعي قدم إلى اللجنة القضائية لجميع وزارات ومصالح الحكومة بالإسكندرية التظلم رقم 1723 لسنة 2 القضائية ضد بلدية الإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 9 من مارس سنة 1954 ذكر فيها أنه حصل على شهادة مدرسة المحاسبة والتجارة المتوسطة في سنة 1931, وعين بخدمة بلدية الإسكندرية في أبريل سنة 1932 في وظيفة خارج الهيئة وبماهية شهرية قدرها سبعة جنيهات, مع أنه مقرر لمؤهله ماهية شهرية قدرها سبعة جنيهات في الدرجة الثامنة من بدء التعيين تزاد بعلاوة قدرها 500 م كل سنتين طبقاً لكادر سنة 1931. وقد ظل وضعه على هذا النحو بلا أدنى تعديل حتى وضع في الدرجة الثامنة من أول مايو سنة 1940, ثم منح علاوة دورية مقدارها 500 م اعتباراً من أول مايو سنة 1942, وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1944 صدر قرار إداري متضمناً تعديل مرتبه إلى تسعة جنيهات (أي بزيادة جنيه ونصف على الماهية الشهرية التي كان يحصل عليها من قبل), وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء في 24 من نوفمبر سنة 1943 الخاص بتعديل ماهيات المستخدمين الذين عينوا بماهيات مخفضة في وظائف أقل من الدرجة الثامنة قبل سبتمبر سنة 1935, مع عدم صرف فروق إلا من تاريخ صدور القرار المشار إليه. وأضاف أن الفرق الذي حصل عليه بموجب القرار الإداري الصادر في 4 من أبريل سنة 1944 يمثل قيمة العلاوات الدورية التي كان يستحقها منذ تعيينه ببلدية الإسكندرية في أبريل سنة 1932, وأنه لا يزال مستحقاً لفرق الراتب اعتباراً من التاريخ الأخير باعتباره معيناً في ظل قواعد كادر سنة 1931, وهي لم تطبق في حقه, مع أن علاقة الموظف بالحكومة وما في حكمها علاقة لائحية تخضع للقوانين واللوائح المعمول بها. وقد خلص من ذلك البيان إلى طلب الحكم على البلدية: (أولاً) بالتزامها بصرف فروق الراتب إليه منذ تعيينه بها في أبريل سنة 1932 طبقاً لكادر سنة 1931, وما يترتب على ذلك من آثار. و(ثانياً) بإلزام البلدية بصرف الفروق المترتبة على تعديل ماهيته وذلك بالنسبة إلى إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها على أساس أن الزيادة في الراتب التي نالها بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1953, لم تكن إنصافاً بل تصحيحاً لوضع خاطئ, وذلك طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة. وعند العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بالموظفين والمستخدمين اعتباراً من 20 من مارس سنة 1954 أحيل التظلم المتقدم الذكر إلى المحكمة الإدارية لجميع الوزارات بالإسكندرية. وبجلسة 12 من مايو سنة 1954 قضت المحكمة الإدارية المشار إليها في هذه الدعوى حضورياً: أولاً: باستحقاق المدعي لتحسين حالته على أساس المرتب المقرر لمؤهله طبقاً لكادر سنة 1931 من تاريخ دخوله الخدمة, مع تدرج العلاوات من تاريخ دخول الخدمة للمرة الثانية من أول يونيه سنة 1933, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق. ثانياً: استحقاق المدعي لأن يعامل طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 11 من يوليه سنة 1944 و23 من نوفمبر سنة 1944 على أساس أنه لم ينل إنصافاً. وقد طعنت بلدية الإسكندرية في هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 12590 لسنة 8 القضائية (استئناف) بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 4 أغسطس سنة 1954 طلبت فيها الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة الإدارية المبين بعريضة الطعن مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل الأتعاب". وقد عقب المدعي على ذلك بمذكرة أودعها في 28 من سبتمبر سنة 1954 دفع فيها أصلياً بعدم قبول الاستئناف على أساس أن دعوى المستأنف عليه تتمخض عن طلبين مستقلين نشأ كل منهما عن سبب قانوني مستقل؛ فالطلب الأول سببه قواعد كادر سنة 1931, والطلب الثاني سببه قراراً مجلس الوزراء الصادران في 11 من يوليه سنة 1944 و23 من نوفمبر سنة 1944, وقد قدر المستحق للمستأنف ضده بالنسبة إلى الطلب الأول مبلغ 150 م و100 ج, وبالنسبة إلى الطلب الثاني مبلغ 055 م و60 ج فقط. وأنه حتى لو جمعت قيمتا الطلبين فإنهما تقلان عن النصاب الجائز استئنافه؛ ومن ثم يكون الاستئناف غير مقبول. وانتهى إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الاستئناف لقلة النصاب, مع إلزام المستأنفة بالمصروفات والأتعاب. وبجلسة 20 من مايو سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وألزمت الحكومة بالمصروفات عن الدرجتين". ولم يتصد الحكم المطعون فيه لمناقشة الدفع بعدم قبول الاستئناف المستند إلى أن قيمة الدعوى أقل من مائتين وخمسين جنيهاً, بل اكتفى بالقول بأن الاستئناف قدم في الميعاد, فهو مقبول شكلاً. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 28 من يوليه سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع أولاً وأصلياً: الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد, مع إلزام الحكومة المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن الثابت من صحيفة الاستئناف أن الحكومة أعلنت بالحكم المستأنف في 29 من مايو سنة 1954, ولكنها لم تودع صحيفة الاستئناف إلا في 4 من أغسطس سنة 1954, أي بعد انقضاء أكثر من ستين يوماً من تاريخ إعلانها؛ ومن ثم يكون الاستئناف غير مقبول لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع الذي أثاره السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة فلا جدال في أن الحكم المستأنف, وقد صدر من المحكمة الإدارية لجميع وزارت الحكومة بالإسكندرية في 12 من مايو سنة 1954, يخضع من حيث إجراءات إعلانه وحساب ميعاد الطعن فيه لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات الذي عمل به اعتباراً من 20 من مارس سنة 1954. وقد قضى هذا القانون في مادته الثامنة بأن "يرسل رئيس المحكمة صورة من صحيفة الدعوى إلى وكيل الوزارة المختص خلال ثلاثة أيام من وقت تسلمه إياها. ويجيب وكيل الوزارة عنها كتابة في ميعاد لا يجاوز شهراً من وقت إبلاغه بها. ويفحص رئيس المحكمة أو أحد قضاتها الدعوى قبل أن تنظرها المحكمة, وله أن يطلب من كل من المدعي والوزارة ما يراه لازماً من البيانات والمستندات, ويحدد المواعيد اللازمة لتقديمها, ويعين رئيس المحكمة ميعاد نظر الدعوى فيما لا يجاوز ثلاثة أشهر من وقت تقديمها، ويخطر به كلاً من الطرفين. ويجوز للوزارة أن ترسل موظفاً مندوباً عنها ليبين وجهة نظرها، ويقدم ما يؤيدها من مستندات, ويبلغ رئيس المحكمة صورة من الحكم إلى كل من الطرفين بكتاب موصى عليه". وينص في مادته التاسعة على أن "يكون الحكم انتهائياً في المنازعات المبينة بالمادة الرابعة إذا لم يتجاوز قيمة الدعوى مائتين وخمسين جنيهاً, أما إذا جاوزت قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً أو كانت مجهولة القيمة, فإنه يجوز في هذه الحالة استئناف الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في ميعاد ستين يوماً من تاريخ إبلاغه".
ومن حيث إن هذه الأحكام, وقد تماثلت في مجموعها من تلك التي انتظامها المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية في الوزارات, تقطع في أن القواعد الخاصة بكيفية إعلان قرارات اللجان القضائية إلى الجهات الإدارية وبحساب ميعاد الطعن فيها والتي اعتنقتها هذه المحكمة، واجبة التطبيق في هذا الخصوص؛ بحيث يتعين أن يجرى - على إعلان أحكام المحاكم الإدارية وميعاد الطعن فيها - ذات الأصول المقررة في كيفية إعلان قرارات اللجان القضائية, أي أن يكون الإعلان لوكيل الوزارة المختص، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. فضلاً عن قيام الحكمة التشريعية التي دعت إلى العدول في القانونين المتقدم ذكرهما عن القاعدة العامة في إعلان الأحكام, حسبما أرستها الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى بلدية الإسكندرية - وهي طرف في الدعوى - فإن محافظ الإسكندرية هو الذي يقوم مقام وكيل الوزارة فيما يتعلق بإعمال هذا الحكم, وبخاصة وقد جعلته الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 98 لسنة 1950, بشأن المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية صاحب الصفة في تمثيل المجلس البلدي أمام المحاكم, ويلزم من ذلك ألا يجرى ميعاد الطعن إلا من يوم إعلانه بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات بالإسكندرية, فإذا لم يتبين من الأوراق أنه أعلن بصحيفة الحكم المشار إليه, وأن ميعاد الستين يوماً المعين في المادة التاسعة من القانون رقم 147 لسنة 1954 قد انقضى على أساس ما تقدم قبل أن تودع بلدية الإسكندرية صحيفة استئنافها لذلك الحكم في 4 من أغسطس سنة 1954, كان الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد - الذي أثاره السيد رئيس هيئة المفوضين في طعنه - في غير محله, متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لا حجة فيما تحدى به المستأنف عيه أمام محكمة القضاء الإداري من أن قيمة النزاع الذي تدور عليه الدعوى قد تحددت نهائياً بفرق نقدي لا يجاوز مائتين وخمسين جنيهاً بالنسبة إلى كل طلب من طلبه على حدة في فترة زمنية لم يعد الراتب أو إعانة الغلاء بعدها محل منازعة, ولا فيما آثاره من أن قيمة طلبيه معاً لا تجاوز النصاب النهائي للمحكمة الإدارية حسبما عينه القانون؛ إذ أن هذا النظر مردود بما سبق أن قضت به هذه المحكمة من أن قيمة النزاع الحقيقي لا تنحصر فقط في مقدار الرقم الناتج من حساب المتجمد النقدي من فرق الراتب وإعانة الغلاء في الفترة المتنازع عليها - كما يلوح للرأي البادي - بل تترتب على شمول النزاع لأصل الاستحقاق, أي لسببه وأساسه القانوني, وسواء شملت المنازعة قيام الاستحقاق أو حدوده ومداه فإنه تترتب على ذلك نتائج أبعد مدى لا يمكن التكهن بها أو تقديرها مقدماً؛ ذلك أن فرق الراتب إذا استحق للموظف أصبح جزءاً من المرتب يضاف إليه ويندمج فيه. ولما كان يترتب على مقدار هذا المرتب آثار عدة في شتى الروابط القانونية بين الموظف والحكومة, سواء في تحديد المرتبات الإضافية التي تقدر بفئات معينة تنسب إلى المرتب الأصلي كإعانة غلاء المعيشة والعلاوة الاجتماعية وسائر الإعانات والعلاوات بمختلف أنواعها وكبدل التخصص وبدل التفرغ وبدل الانتقال وبدل السفر وبدل التمثيل وكالمكافآت عن الأعمال الإضافية, أو من حيث تدرج المرتب, أو استقطاع احتياطي المعاش وربطه, أو تقدير المكافآت عن مدة الخدمة, أو بخصم من المرتب عند التأديب, وغير ذلك مما لا سبيل إلى معرفة مداه ومقداره سلفاً؛ لتوقفه على ظروف مستقبلة واحتمالات ليس في الوسع التنبؤ بها. ولما كان تحديد مقدار إعانة غلاء المعيشة يرتبط بإجمالي المرتب بما يكمله من فروق ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحكم اللزوم لتوقف استحقاق فرق الإعانة المطالب به على ثبوت أصل استحقاق فرق المرتب المتنازع عليه لكونه يتبعه وجوداً وعدماً باعتباره فرعاً من ذلك الأصل, فإنه يجري مجراه ويأخذ حكمه. ولما كانت حجية الحكم في أصل النزاع ستشمل ذلك كله ولا تقتصر على القدر من فرق المرتب أو الإعانة موضوع المنازعة فإن النزاع في أصل الاستحقاق - كما هو الشأن في خصوصية هذه الدعوى - يجعلها غير قابلة للتقدير مقدماً في كلاً شطريها المرتبطين ببعضهما على حد سواء. ومن ثم فإن ما ذهب إليه المستأنف عليه أمام محكمة القضاء الإداري من عدم قبول الاستئناف في غير محله, ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الحق فيما انتهى إليه من القضاء بقبول الاستئناف شكلاً.
(ب) عن الموضوع (1):

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبقبول الاستئناف أمام محكمة القضاء الإداري, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) موضوع هذه القضية يتضمن مبادئ مماثلة لتلك الواردة بالقضيتين رقمي 27 لسنة 1 ق و322 لسنة 1 ق المنشورتين بمجموعة أحكام السنة الأولى, صفحة 16 وصفحة 287.

الطعن 885 لسنة 3 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 30 ص 382

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة حسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

---------------

(30)

القضية رقم 885 لسنة 3 القضائية

أقدمية 

- المادة 25 من قانون نظام موظفي الدولة - نصها على أن الأقدمية في الدرجة تكون من تاريخ التعيين فيها وحسابها على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة إذا كان التعيين متضمناً ترقية - سبق نقل المدعي والمطعون في ترقيته من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبالعكس - لا يخل ذلك بتطبيق المادة 25 المذكورة ما دام الوضع قد استقر بهما أخيراً في الكادر الإداري.

---------------
إن المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها فإذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهوري على تعيين أكثر من موظف في درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلي: 1 - إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة...". والثابت أن المدعي والمطعون في ترقيته رقيا إلى الدرجة الرابعة الإدارية في تاريخ واحد, كما أن الثابت أنهما رقيا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في تاريخ واحد, فلزم - والحالة هذه - الرجوع إلى الأقدمية في الدرجة السابقة أي الدرجة السادسة. وظاهر من الأوراق أن المطعون في ترقيته بعد إذ أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 21/ 11/ 1929 بناء على ضم نصف مدة المحاماة إلى مدة خدمته يعتبر أقدم فيها من المدعي الذي ترجع أقدميته فيها إلى 11/ 11/ 1936 تاريخ تعيينه فيها. ولا يغير من ذلك ما سبق اتخاذه من قرارات سواء في حق المدعي أو في حق المطعون في ترقيته بنقل أيهما من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبالعكس, ما دام قد استقر بهما الوضع أخيراً في الكادر الإداري. أما المدعي فنفاذاً للحكم الصادر من القضاء الإداري بإلغاء نقله من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وبإلغاء هذا القرار يعتبر وكأنه لم يكن وأنه كان وما زال في هذا الكادر, كما أن المطعون في ترقيته وإن كان قد نقل في وقت ما إلى الكادر الكتابي, إلا أنه أعيد بعد ذلك وقبل الترقية المطعون فيها إلى الكادر الإداري؛ وبذلك استقر بهما الوضع قانوناً في هذا الكادر, وأصبح لا مناص - عند تحديد أيهما أقدم في الدرجة المذكورة, وقد رقيا إليها في تاريخ واحد - من تعقب ترقيتهما إلى الدرجات الإدارية السابقة لتحديد أسبقيتهما في الدرجة الأخيرة؛ وذلك نزولاً على حكم المادة 25 المشار إليها. وعلى هذا الأساس يعتبر المطعون في ترقيته أقدم من المدعي؛ لأنهما وإن كانت ترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية تمت اعتباراً من أول مايو سنة 1946, أي في تاريخ واحد, إلا أن المطعون في ترقيته أقدم من الدرجة السادسة.


إجراءات الطعن

في 13 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 885 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 16 من مايو سنة 1957 في الدعوى رقم 9228 لسنة 8 قضائية المقامة من نصيف دميان ضد السكك الحديدية (وزارة المواصلات), القاضي "باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الإدارية سابقة على أقدمية المطعون في ترقيته, وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى السيد مدير مصلحة السكك الحديدية في 16 من أكتوبر سنة 1957, وإلى المدعي في 19 من ذات الشهر, وأودع المدعي مذكرة بدفاعه رداً على أسباب الطعن, أعقبها بمذكرة تكميلية انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات. ولم تقدم الجهة الإدارية مذكرات ما. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 9228 لسنة 8 القضائية ضد مصلحة السكك الحديدية (وزارة المواصلات) أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 18 من يونيه سنة 1954 ذكر فيها أنه رقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية بمصلحة السكك الحديدية من أول مايو سنة 1946, ونظراً لكفاءته في عمله فقد صدر قرار في 28 من فبراير سنة 1952 بتعيينه وكيلاً لمراقب الحسابات. وفي 24 من مارس سنة 1952 ندب للقيام بعمل مراقب الحسابات, وهي وظيفة من الدرجة الرابعة الإدارية, وظل قائماً بأعباء هذه الوظيفة, حتى فوجئ في 16 من أبريل سنة 1953 بصدور القرار رقم 48 الذي نص في فقرته الأولى على أن ينقل محمود فهيم الشاغل للدرجة الخامسة بالكادر الكتابي إلى الكادر الإداري اعتباراً من 16/ 4/ 1953, كما نص في فقرته الثانية على أن ينقل المدعي الشاغل للدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية التي تخلو عن الفقرة الأولى الخاصة بنقل محمود فهيم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, وذلك اعتباراً من نفس التاريخ. وأنه لما كان هذا القرار قد انطوى على مخالفة للقانون وإساءة لاستعمال السلطة؛ إذ أنه في حقيقته عقوبة تأديبية مقنعة, فقد لجأ المدعي إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات بتظلمه رقم 4073 لسنة 1 قضائية بتاريخ 2 من مايو سنة 1953 طالباً إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من نقل محمود فهيم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 17 من أغسطس سنة 1953 أصدرت اللجنة قرارها بعدم اختصاصها بنظر التظلم, فأقام المدعي الدعوى رقم 1425 لسنة 8 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري, وفي أثناء نظرها صدر قرار بتاريخ 21 من أبريل سنة 1954 برقم 88 تضمن ترقية محمود فهيم بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة الإدارية المخصصة لوظيفة مراقب الحسابات اعتباراً من 22 من أبريل سنة 1954. فطعن المدعي في هذا القرار بالدعوى رقم 9228 لسنة 8 القضائية, واستند في دفاعه إلى مخالفة القرار المطعون فيه للمادة 21 من قانون نظام موظفي الدولة التي تنص على ألا تمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً, وأن المدعي هو الذي كان يقوم فعلاً بوظيفة مراقب الحسابات اعتباراً من 24 من مارس سنة 1953, فضلاً عن أن ترتبيه الأول في كشف الأقدمية في الكادر الإداري قبل صدور القرار رقم 48 بتاريخ 16 من أبريل سنة 1953 المطعون فيه في الدعوى رقم 1425 لسنة 8 قضائية المشار إليها. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مصلحة السكة الحديد بتاريخ 11 من أبريل سنة 1954 برقم 88 فيما تضمنه من ترقية محمود فهيم إلى الدرجة الرابعة الإدارية المخصصة لوظيفة مراقب الحسابات, وتخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة, وأحقيته لها, مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أجابت المصلحة المدعى عليها بأن المدعي التحق بالخدمة في 11/ 11/ 1936 في الدرجة السادسة, ثم رقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 1/ 5/ 1946, ولصالح العمل ولوضع كل موظف في الدرجة المخصصة لوظيفته نقل من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي بالقرار رقم 401 الصادر في 20/ 6/ 1950 وبما أن وظيفته بالميزانية هي وكيل مراقب الحسابات وهي وظيفة مدرجة بالكادر الإداري, فتطبيقاً للميزانية نقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري في 18/ 7/ 1951, ثم نقل من هذا الكادر إلى الكادر الكتابي بالقرار رقم 48, وذلك طبقاً للسلطة المخولة بالقوانين رقم 42 و87 و132 لسنة 1953 ولصالح العمل. فتظلم المدعي من هذا القرار وقررت اللجنة عدم اختصاصها بنظر تظلمه وأضافت المصلحة أن المطعون في ترقيته يشغل وظيفة وكيل مراقب العقود منذ 15/ 11/ 1952 حتى تاريخ نقله إلى الكادر الإداري, أما المدعي فكان يشغل وظيفة وكيل مراقب الحسابات, ثم ندب للقيام بعمل مساعد مراقب الحسابات المخصص لها الدرجة الرابعة الكتابية بميزانية عام 1954/ 1955. وانتهت المصلحة في مذكرتها إلى أن وظيفة مراقب الحسابات مخصص لها إحدى الدرجتين الثالثة بالكادر الإداري تحت عنوان "مراقبان"، وذلك اعتباراً من ميزانية عام 1954/ 1955 التي رقى في خلالها المدعي إلى الدرجة الرابعة الكتابية. وبجلسة 16 من مايو سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري "باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الإدارية سابقة على أقدمية المطعون في ترقيته, وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن محكمة القضاء الإداري قضت بجلستها المنعقدة في أول ديسمبر سنة 1955 في القضية رقم 1425 لسنة 8 قضائية المرفوعة من نصيف دميان بإلغاء القرار الصادر في 16 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من نقل المدعي من الدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية وما يترتب على ذلك من آثار. ويبين من كتاب جهة الإدارة رقم 800/ 14 - 84 المؤرخ 20 من فبراير سنة 1957 أنه بعد تنفيذ الحكم المذكور أصبح السيد/ نصيف دميان يشغل الدرجة الرابعة الإدارية في تاريخ واحد مع السيد محمود فهيم كما أنهما يشغلان الدرجة الخامسة في تاريخ واحد أيضاً. واستطرد الحكم يقول إنه وإن كانت أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة تتفق في أقدميتها مع أقدمية المطعون في ترقيته في تلك الدرجة, إلا أن المدعي - على أساس ما تقدم - يعتبر في الدرجة الخامسة الإدارية من تاريخ سابق على نقل المطعون في ترقيته إلى الكادر الإداري في نفس الدرجة؛ إذ المستفاد قانوناً أن النقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري يعتبر بمثابة تعيين جديد فيه, وما دام المدعي - على هذا الأساس - يسبق المطعون ضده في ترتيب الأقدمية في الدرجة الخامسة الإدارية على فرض صحة نقل الأخير إليها؛ فمن ثم يعتبر المدعي سابقاً على المطعون ضده في أقدمية الدرجة الرابعة الإدارية كذلك. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 13 من يوليه سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن المادة 25 من قانون التوظف صريحة في اعتبار الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها, أو بمعنى أدق من تاريخ الحصول عليها, وأن المادة 38 من هذا القانون صريحة أيضاً في أن تكون الترقيات إلى درجات الكادر الفني العالي والإداري بالأقدمية في الدرجة؛ وعلى ذلك يكون قانون التوظف إنما يربط الترقية بالأقدمية في الدرجة, وهذا الربط يستبعد أي اعتبار للأقدمية في الكادر ذاته الذي تمت الترقية فيه؛ ومن ثم يكون المدعي والمطعون ضده متساويين في أقدمية الدرجة الخامسة؛ لأن كلاً منهما حصل عليها في 1/ 5/ 1946, بغض النظر عن أن الأول حصل عليها في الكادر الإداري أما الثاني فقد حصل عليها في الكادر الكتابي ولم ينقل إلى الكادر الإداري إلا في 16/ 4/ 1953, وبالتالي يتعين الرجوع إلى الأقدمية في الدرجة السابقة عليها؛ وتفريعاً على ذلك يكون المدعي - وترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 1/ 11/ 1936 بينما أن أقدمية المطعون ضده ترجع فيها إلى 21/ 11/ 1929 - تالياً في ترتيب الأقدمية للمطعون ضده, سواء في الدرجة السادسة أم الخامسة", ويكون الحكم إذ اعتبر العكس إنما جاء قضاؤه مجانياً للقانون. وأنه لو تمشينا مع الحكم واعتبرنا أن الأقدمية في الدرجة هي بتاريخ الحصول عليها في الكادر العالي لأن النقل إليه بمثابة تعيين فيه, فتحسب الدرجة من تاريخ هذا التعيين, لترتب على ذلك عدم شرعية قرار ترقية المطعون ضده إلى الدرجة الرابعة الإدارية لعدم قضائه في الدرجة الخامسة الإدارية الحد الأدنى المقرر, وهو ثلاث سنوات, وهي نتيجة لا يمكن إقرارها, فضلاً عن توافر شروط ضم مدة الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة الخامسة المقررة للوظيفة المنقول إليها المطعون ضده في 16/ 4/ 1953؛ وعلى ذلك فلا يعتبر النقل في حكم قواعد ضم مدد الخدمة السابقة بمثابة تعيين مبتدأ في الوظيفة المنقول إليها؛ وبذلك يكون المطعون ضده هو الأسبق في ترتيب أقدمية الدرجة الرابعة؛ لأنه وإن تساوى في الحصول عليها وفي أقدمية الدرجة الخامسة مع المدعي, إلا أنه يسبقه في أقدميته الدرجة السادسة. وإذ ذهب الحكم مذهباً آخر يكون قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن المدعي التحق بخدمة مصلحة السكك الحديدية في 11/ 11/ 1936 في الدرجة السادسة, ثم رقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 1/ 5/ 1946, ثم نقل إلى الدرجة الخامسة الكتابية في 20/ 6/ 1950. وفي 18/ 7/ 1951 نقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري تطبيقاً للميزانية, ثم أعيد نقله من هذا الكادر إلى الكادر الكتابي بمقتضى القرار رقم 48 اعتباراً من 16/ 4/ 1953؛ وذلك طبقاً للسلطة المخولة بالقوانين رقم 42 و87 و132 لسنة 1953. فتظلم المدعي من هذا القرار وأقام الدعوى رقم 1425 لسنة 8 قضائية. فقضت محكمة القضاء الإداري في 1/ 12/ 1955 بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من نقل المدعي من الدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية, وما يترتب على ذلك من آثار. وأثناء نظر تلك الدعوى صدر القرار المطعون فيه برقم 88 بتاريخ 21 من أبريل سنة 1954 تضمن ترقية محمود فهيم بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة الإدارية ثم, صدر قرار رقم 111 يقضي بترقية المدعي إلى الدرجة الرابعة الإدارية اعتباراً من 12/ 4/ 1954, تاريخ ترقية المطعون في ترقيته إلى نفس الدرجة. كما أنه يبين من الأوراق أن المطعون في ترقيته وهو حاصل على ليسانس الحقوق عام 1924 قد عين بمصلحة السكة الحديد بالدرجة الخاصة (72 - 96) في 19 من فبراير سنة 1935. وفي 19 من يونيه من نفس السنة عين في الدرجة الثامنة اعتباراً من أول يونيه بمرتب عشرة جنيهات شهرياً, ثم رقى إلى الدرجة السابعة في أول سبتمبر سنة 1942, وفي 2/ 10/ 1944 اعتبر في الدرجة السادسة من تاريخ دخوله الخدمة ثم عدلت أقدميته فيها فأصبحت راجعة إلى 21/ 11/ 1929, وذلك بضم نصف مدة المحاماة, ثم رقى تنسيقاً وحصل على الدرجة الخامسة الإدارية في 1/ 5/ 1946 ثم صدر قرار من الإدارة العامة بتاريخ 8 من فبراير سنة 1949 بنقله إلى الكادر الكتابي تنفيذاً للميزانية. وفي 16/ 4/ 1953 صدر القرار رقم 48 بنقل المطعون في ترقيته والشاغل للدرجة الخامسة بالكادر الكتابي إلى الدرجة الخامسة بالكادر الإداري وبنقل المدعي من الدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية, فطعن فيه المدعي, وألغي القرار فيما تضمنه من نقل المدعي من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وما يترتب على ذلك من آثار. ثم صدر القرار المطعون فيه رقم 88 بتاريخ 29/ 4/ 1954 بترقية السيد/ محمود فهيم بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة الإدارية المخصصة لوظيفة مراقب الحسابات.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار النزاع في الدعوى انحصر في تحديد ترتيب أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الإدارية, وهل هي سابقة على أقدمية المطعون عليه فيها أم لاحقة لها, وذلك بعد إذ رقى المدعي إلى الدرجة الرابعة وأرجعت أقدميته فيها إلى 12/ 4/ 1954 تاريخ ترقية المطعون فيه إليها.
ومن حيث إن المادة 25 من قانون نظام موظفي الدولة تنص على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها، فإذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهوري أو قرار على تعيين أكثر من موظف في درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلي: 1 - إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة...". والثابت أن المدعي والمطعون في ترقيته رقيا إلى الدرجة الرابعة الإدارية في تاريخ واحد هو 12/ 4/ 1954، كما أن الثابت أنهما رقيا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في تاريخ واحد كذلك هو 1/ 5/ 1946؛ فلزم - والحالة هذه - الرجوع إلى الأقدمية في الدرجة السابقة، أي الدرجة السادسة. وظاهر من الأوراق أن محمود فهيم المطعون في ترقيته - بعد إذ أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 21/ 11/ 1929 بناء على ضم نصف مدة المحاماة إلى مدة خدمته - يعتبر أقدم فيها من المدعي الذي ترجع أقدميته فيها من 11/ 11/ 1936 تاريخ تعيينه فيها, ولا يغير من ذلك ما سبق اتخاذه من قرارات، سواء في حق المدعي أو في حق المطعون في ترقيته بنقل أيهما من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبالعكس, ما دام قد استقر بهما الوضع أخيراً في الكادر الإداري, أما المدعي فنفاذاً للحكم الصادر من القضاء الإداري بإلغاء نقله من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبإلغاء هذا القرار يعتبر وكأنه لم يكن، وأنه كان وما زال في هذا الكادر, كما أن المطعون في ترقيته وإن كان قد نقل في وقت ما إلى الكادر الكتابي إلا أنه أعيد بعد ذلك وقبل الترقية المطعون فيها إلى الكادر الإداري؛ وبذلك استقر بهما الوضع قانوناً في هذا الكادر, وأصبح لا مناص - عند تحديد أيهما أقدم في الدرجة المذكورة وقد رقيا إليها في تاريخ واحد - من تعقب ترقيتهما إلى الدرجات الإدارية السابقة لتحديد أسبقيتهما في الدرجة الأخيرة؛ وذلك نزولاً على حكم المادة 25 المشار إليها. وعلى هذا الأساس يعتبر المطعون في ترقيته أقدم من المدعي، لأنهما وإن كانت ترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية تمت اعتباراً من أول مايو سنة 1946, أي في تاريخ واحد, إلا أن المطعون في ترقيته أقدم من الدرجة السادسة, حسبما سلف إيضاحه. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون, ويتعين إلغاؤه, والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 872 لسنة 4 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 29 ص 378

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

---------------

(29)

القضية رقم 872 لسنة 4 القضائية

وقف التنفيذ 

- الترخيص في حمل السلاح وسحب هذا الترخيص من الملائمات المتروكة لتقدير الإدارة - استناد الإدارة في ذلك على المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة - سحب الترخيص بناء على تقرير من المباحث الجنائية بأن التحريات دلت على رعونة المرخص له - يجعل طلب وقف التنفيذ غير مستند إلى أسباب جدية - عدم ثبوت أن هذا السحب خطر على المرخص له - يترتب عليه عدم قيام ركن الاستعجال.

----------------
إن الترخيص أو عدم الترخيص في حمل السلاح وكذا سحب أو عدم سحب السلاح المرخص في حمله, هي جميعها من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة, وتترخص في ذلك حسبما تراه متفقاً مع صالح الأمن العام, بناء على ما تطمئن هي إليه من الاعتبارات التي تزنها, والبيانات أو المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة. وقد تكون هذه المصادر سرية ترى الإدارة لصالح الأمن عدم الكشف عنها, وتقدير الإدارة في هذا كله لا معقب عليه, ما دام مطابقاً للقانون وخالياً من إساءة استعمال السلطة ومتى بان للمحكمة من تقرير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية أن التحريات دلت على رعونة المجني عليه, وأن في حمله السلاح ما قد يعرض الأمن للخطر فإن طلب وقف التنفيذ يكون غير مستند إلى أسباب جدية موضوعاً؛ وإذا لم يثبت أن في سحب السلاح من المدعي خطراً عليه, بل شأنه في ذلك شأن أي شخص لم يرخص من الأصل له في حمل السلاح فإنه لا يكون هناك ثمت نتائج يتعذر تداركها من سحب السلاح منه.


إجراءات الطعن

في 18 من أغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 15 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 758 لسنة 12 القضائية المقامة من المهندس عبد الحليم مصطفى جيرة ضد وزارة الداخلية, والقاضي "بوقف تنفيذ القرار المطعون". وقد طلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض طلب وقف التنفيذ". وقد أعلن الطعن إلى كل من الحكومة والمدعي في 28 من أغسطس سنة 1958, وعين لنظر الطعن جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958. وقد سمعت فيها المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات, ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 758 لسنة 12 القضائية جاء فيها أنه قد رخص له في أكتوبر سنة 1956 بإحراز مسدس, وفي يناير سنة 1957 وافقت المديرية على التجديد لمدة سنة, ثم جعل ميعاد التجديد شهر نوفمبر من كل عام, وأنه قدم الرخصة إلى المديرية في الشهر المذكور, فوافقت على التجديد إلى نهاية سنة 1958, ثم فوجئ في 3 من مارس سنة 1958 باستدعاء ضابط نقطة رأس الخليج له واطلاعه على إشارة واردة بسحب السلاح المرخص إليه لصدور أمر من الوزير بإلغاء الرخصة بحمله؛ لعدم تمرنه على استعمال هذا السلاح وتهديده أهله. وينعي المدعي على هذا القرار أنه لم يهدد أهله أو غير أهله, وأنه يتحدى الوزارة أن تقدم دليلاً على ذلك, أما عن عدم التمرن على الاستعمال فإنه ليس له مظهر خارجي يمكن أن تستند إليه الوزارة في إدعائها, مع أن السلاح في حيازته منذ الترخيص له بحمله في أكتوبر سنة 1956, وأن إلغاء الترخيص لا يقوم على سبب صحيح, فيكون القرار مخالفاً للقانون, كما أنه لا يمت للمحافظة على الأمن بصلة, فهو مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة. وأنه لما كان السلاح لازماً له للمحافظة على حياته لتجوله في الزراعات الخاصة به وبوالده ليلاً ونهاراً, فإنه يطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن. وفي 15 من يوليه سنة 1958 قضت المحكمة "بوقف تنفيذ القرار المطعون". واستندت المحكمة في قضائها إلى أنها قد طالبت الجهة الإدارية ببيان أسباب رفض الترخيص فتقدمت بمذكرة المباحث الجنائية التي جاء بها "أن المدعي شاذ في تصرفاته مع الغير غليظ الطباع حتى مع أقرب الناس إليه كوالده, وأنه كثيراً ما يعتدي على والده بالضرب ويهدده بالانتحار بغية ابتزاز المال منه, رغم أن والده وهب له ثلاثين فداناً لا يكفيه إيرادها ومعروف عنه أنه يشهر سلاحه مهدداً به الغير لأتفه الأسباب ويحجم الأهالي عن التبليغ عن تصرفاته التي لا تصدر من شخص متزن خشية رعونته وحرصاً على مركز والده الذي يستأجر معظم أطيانهم". ثم استطردت المحكمة إلى أنها طلبت الجهة الإدارية ببيان عن الوقائع التي استندت إليها مذكرة المباحث الجنائية سالفة الذكر فأفادت بأن ما جاء بالمذكرة مستقى من مصادر سرية ليس من الصالح العام إعلانها. وترى المحكمة أن هذه المذكرة جاءت عبارة عن أقوال مرسلة لا تستند إلى وقائع معينة محددة فضلاً عن أنها لاحقة لرفع الدعوى ولا تطمئن إلى ما جاء بها؛ ومن ثم فترى إجابته إلى طلب وقف التنفيذ لما قد يترتب على ذلك من حرمانه من حمل السلاح رغم حاجته إليه.
ومن حيث إن هيئة المفوضين طعنت في هذا الحكم؛ لأنه ليس هناك من النتائج ما يتعذر تداركه, فليس من طبيعة الأعمال الزراعية حمل السلاح, وما دام ركن الاستعجال غير متوافر فقد انهار الأساس الذي بني عليه القضاء بوقف التنفيذ, وأنه يضاف إلى ما تقدم أن التحريات التي وصفت المدعي لها مقامها من الحجية ما لم يتقدم المدعي بالدليل القاطع على عكسها. وانتهت إلى طلب الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض طلب وقف التنفيذ".
ومن حيث إن الترخيص أو عدم الترخيص في حمل السلاح وكذا سحب أو عدم سحب السلاح المرخص في حمله, هي جميعها من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة تترخص فيها حسبما تراه متفقاً مع صالح الأمن العام, بناء على ما تطمئن هي إليه من الاعتبارات التي تزنها, والبيانات أو المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة. وقد تكون هذه المصادر سرية ترى الإدارة لصالح الأمن عدم الكشف عنها. وتقدير الإدارة في هذا كله لا معقب عليه ما دام مطابقاً للقانون وخالياً من إساءة استعمال السلطة. وقد بان للمحكمة من تقرير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية أن التحريات دلت على رعونة المجني عليه وأن في حمله السلاح ما قد يعرض الأمن للخطر, ومن كل هذا ترى المحكمة أن طلب وقف التنفيذ لا يستند إلى أسباب جدية موضوعاً, هذا إلى أنها لا ترى أن ثمت نتائج يتعذر تداركها من سحب السلاح من المدعي؛ لأنه لم يثبت أن في سحبه خطراً عليه, بل شأنه في ذلك شأن أي شخص لم يرخص من الأصل له في حمل السلاح؛ ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الطلب, مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض طلب وقف التنفيذ, وألزمت الطالب بالمصروفات الخاصة به.