الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 734 لسنة 3 ق جلسة 27 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 38 ص 466

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------------------

(38)

القضية رقم 734 لسنة 3 القضائية

(أ) موظف 

- الاحتفاظ للموظف على سبيل التذكار بدرجة في الميزانية تعلو على درجته - لا يكسبه مركزاً قانونياً فيها - الغرض من ذلك الإبقاء على درجة يمكن وضع الموظف فيها عند عودته - تضمن المادة 53 من القانون رقم 210 لسنة 1951 هذا الحكم.
(ب) تعيين 

- التعيين بوظائف هيئة التدريس بالكليات الجامعية - يعد تعييناً جديداً بصلاحية خاصة وليس مجرد ترقية من وظيفة مساعد مدرس - القانونان رقما 21 لسنة 1933 و149 لسنة 1950 - لا يتضمنان أحكاماً تلزم تعيين مساعد المدرس في وظيفة مدرس من تاريخ معين بعد حصوله على درجة الدكتوراه أو عودته من البعثة أو من الإجازة الدراسية - الأصل في هذا التعيين هو أفضلية المعين من حيث الكفاية - ليس القضاء الإداري سلطة التعقيب على القرار الذي تصدره الإدارة في هذا الشأن ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة - مثال.
(ج) تعيين 

- المناط في تحديد بدء التعيين في وظائف هيئة التدريس بالكليات الجامعية في ظل القانون رقم 149 لسنة 1950 - هو تاريخ صدور قرار وزير التربية والتعليم بالموافقة على طلب مجلس الجامعة - إرجاع تعيين المدعي إلى تاريخ تسلمه العمل رغم عدم اشتمال الدعوى على طعن بالإلغاء في قرار صادر بالتعيين هو تعديل لقرار التعيين لا يدخل في ولاية القضاء الإداري.

--------------------------
1 - إن الاحتفاظ للموظف على سبيل التذكار بدرجة في الميزانية تعلو على درجته لا يكسبه فيها مركزاً قانونياً؛ إذ لا يعد تعييناً فيها ولا ترقية إليها؛ لكونه لا يتم بالأداة أو وفقاً للشروط اللازمة لذلك التعيين أو هذه الترقية, بل الغرض منه الإبقاء على درجة ما يمكن أن يوضع عليها عند عودته إلى أن تسوى حالته على الوظيفة التي تخلو من درجته. وقد نصت المادة 53 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في فقرتها الأولى مصداقاً لذلك على أن "تحفظ على سبيل التذكار لأعضاء البعثات من الموظفين وللمجندين منهم وظائف بميزانيات الوزارة والمصالح المختلفة, ويجوز شغل هذه الوظائف بصفة مؤقتة على أن تخلى عند عودتهم".
2 - إن التعيين في وظائف هيئة التدريس بالكليات الجامعية يقوم على شروط واعتبارات خاصة, فضلاً عن وجوب الحصول على درجة الدكتوراه أو الإجازة العلمية المعادلة لها, وأن الإلحاق بهذه الوظائف يعد من هذه الوجهة تعييناً جديداً بصلاحية خاصة مقيدة بشروطها وليس مجرد ترقية من وظيفة مساعد مدرس, فيجوز أن يتناول مرشحين من الخارج أو من غير هذه الوظيفة ما دامت تتوافر فيهم شروط الصلاحية لهذا التعيين, كما لا يتعين أن يشمل من يشغل وظيفة مساعد مدرس متى أعوزته هذه الصلاحية مهما بلغت أقدميته في هذه الوظيفة. ولم يتضمن القانون رقم 21 لسنة 1933 بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وتأديبهم والقوانين المعدلة له ولا القانون رقم 149 لسنة 1950 بإعادة تنظيم جامعة القاهرة, أي إلزام على جهة الإدارة بأن تعين مساعد المدرس في وظيفة مدرس في تاريخ معين بعد حصوله على درجة الدكتوراه أو عودته من البعثة أو من الإجازة الدراسية؛ إذ أن اختيار الوقت المناسب للتعيين في الوظيفة العامة هو من الملاءمات التقديرية التي تترخص فيها الإدارة وفق مقتضيات المصلحة العامة وصالح العمل متى وجدت الوظيفة الخالية أولاً, والأصل في هذا التعيين هو أفضلية المعين من حيث الكفاية. وقد كانت المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, وقت إجراء الحركة موضوع النزاع وقبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 73 لسنة 1957, تنص في صدرها على أنه "لا تمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً..", وقد ترى الإدارة عند تقدير ملاءمة التعيين تفضيل من يقوم بأعباء العمل فعلاً على من كان خارج القطر ولم يعد إليه لأداء هذا العمل أو ليس في مقدوره ذلك عند الطلب, حتى لا يتعطل سير الدراسة. ومرد هذا إلى أن التعيين في وظائف هيئة التدريس هو مناسبة جديدة تقدرها الإدارة استقلالاً غير مقيدة بوجوب ترقية مدرسين مساعدين إلى تلك الوظائف, ما دامت ترى وجه المصلحة العامة في ذلك, وليس للقضاء الإداري سلطة التعقيب على القرار الذي تتخذه في هذا الشأن, ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة. ولما كان الثابت من الأوراق أن الجامعة لم تنظر في تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب" إلى بعد عودته فعلاً من الخارج وتسلمه عمله في كلية الهندسة بعد أن حملها على مد بعثته بعد انتهاء مدتها التي كانت مقررة لها أصلاً, وتكرار دعوته إلى العودة دون جدوى, وعندئذ قدرت وجه الملاءمة في تعيينه فعينته قبل غيره في هذه الفترة. ومن ثم فليس في تصرفها على هذا النحو أية شائبة من إساءة استعمال السلطة, بل على العكس من ذلك قد أستهدت فيه بدواعي حسن سير العمل في الكلية والحرص على رعاية المصلحة العامة.
3 - إذا كان الثابت أن قرار مجلس الكلية بالموافقة على تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب" إنما صدر في 29 من سبتمبر سنة 1953, ووافق عليه مجلس الجامعة في 7 من أكتوبر سنة 1953, وصدق عليه وزير التربية والتعليم في 3 من نوفمبر سنة 1953, فإن هذا القرار هو الأداة التي أنشأت المركز القانوني في التعيين في تلك الوظيفة, ولا يملك القضاء الإداري تعديل هذا المركز بإرجاع التعيين إلى تاريخ تسلم العمل؛ لأن ذلك يكون تعديلاً للقرار يخرج عن حدود ولايته. وغني عن البيان أن هذا الوضع يختلف عما لو كان قد صدر في هذا التاريخ قرار بتعيين غير المدعي, وأقام هذا الأخير طعنه بالإلغاء فيه على أساس أنه كان أولى بالتعيين في التاريخ المذكور ممن شمله القرار؛ فتكون الدعوى عندئذ بمثابة طلب إلغاء جزئي للقرار إذ كان قد عين بعد ذلك بقرار تال. بيد أنه في خصوصية هذه الدعوى لم يصدر في أول أغسطس سنة 1953 أي قرار بالتعيين, وإنما قصدت المحكمة بحكمها المطعون فيه جعل بدء تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب" راجعاً إلى أول أغسطس سنة 1953, أي مقترناً ببدء تسلمه العمل عقب عودته من البعثة, وهو وضع لا ينطوي تحت أي معنى من معاني الإلغاء الكلي أو الجزئي, وإنما هو تعديل لقرار إداري, وهو ما لا يجوز. هذا إلى أن المادة 20 من القانون رقم 149 لسنة 1950 نصت في فقرتها الأولى على أن "يعين وزير المعارف العمومية الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس في الجامعة بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية المختصة أو مجلس المعهد المستقل المختص". ومن ثم فإن الأصل في تحديد بدء التعيين في وظائف هيئة التدريس المعنية بهذه المادة في ظل نفاذ حكمها هو تاريخ صدور قرار وزير التربية والتعليم بالموافقة على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية المختصة أو مجلس المعهد المستقل المختص. وإذا كان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 345 لسنة 1956 في شأن تنظيم الجامعات المصرية قد نص في الفقرة الثانية من المادة 41 منه على أنه "ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الجامعة", فإن الحكم المستحدث بهذا النص لم يكن قائماً وقت تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب", ولم ينص الشارع صراحة على سريانه بأثر رجعي.


إجراءات الطعن

في 11 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 734 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 14 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 10152 لسنة 8 القضائية المقامة من الدكتور علي عبد العزيز صبري ضد كل من: 1 - السيد وزير التربية والتعليم, و2 - السيد عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة, 3 - السيد مدير جامعة القاهرة, القاضي "باعتبار المدعي شاغلاً لوظيفة مدرس "ب" من أول أغسطس سنة 1953, مع ما يترتب على ذلك من آثار, ورفض باقي الطلبات, وألزمت الجامعة المصروفات المناسبة لما حكم به". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى السيد وزير التربية والتعليم في 13 من أكتوبر سنة 1957 وإلى كل من السيد عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة والسيد مدير جامعة القاهرة في 16 منه, وإلى المطعون عليه في 26 منه. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 10 من مايو سنة 1958. وفي 18 من مارس سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها أجل نظر الطعن إلى 11 من أكتوبر سنة 1958, وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم. وقد أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته مشفوعة بحافظة مستندات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 10152 لسنة 8 القضائية ضد كل من: (1) السيد وزير التربية والتعليم, و(2) السيد عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة, و(3) السيد مدير جامعة القاهرة, أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 7 من يوليه سنة 1954 قال فيها إنه حصل في شهر يوليه سنة 1941 على بكالوريوس الهندسة القسم المدني بدرجة امتياز, والتحق اعتباراً من 3 من يوليه سنة 1941 بوظيفة مهندس في الدرجة السادسة بمصلحة السكك الحديدية, وفي شهر يوليه سنة 1946 قرر مجلس الوزراء اختياره عضواً ببعثة دراسية في انجلترا, ثم نقل في 2 من نوفمبر سنة 1946 معيداً بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية. وفي أوائل سنة 1947 رشحته جامعة القاهرة لبعثة علميه وعملية في دراسة ميكانيكا التربة, واعتبر منقولاً إلى جامعة القاهرة منذ ذلك التاريخ. وفي 28 من فبراير سنة 1948 نفذت البعثة حيث حصل في 15 من يوليه سنة 1952 على درجة الدكتوراه بامتياز. وقد حفظت له الجامعة إحدى الدرجتين الخامستين التذكاريتين المخصصتين لمدرس "ب". ولما كانت ترقيته تسري أثناء البعثة فهو يستحق درجة أستاذ مساعد من تاريخ حصوله على الدكتوراه في 15 من يوليه سنة 1952. وحيث إن الجامعة رقته إلى درجة مدرس "ب" اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1953 فإن هذه الترقية تقتضي تعديلاً, إذ يجب ترقيته إلى درجة أستاذ مساعد من 15 من يوليه سنة 1952 وهو تاريخ حصوله على الدكتوراه. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم بإلغاء القرار الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1952 بترقية الطالب مدرساً "ب" من تاريخ 3 من نوفمبر سنة 1952 وتعديله وجعل ترقية الطالب إلى أستاذ مساعد بالدرجة الثالثة من تاريخ 15 من يوليه سنة 1952, مع إلزام المقدم ضدهم متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة, وحفظ حق الطالب في المطالبة بفرق المرتب والتعويض". وقد ردت كلية الهندسة بجامعة القاهرة على هذه الدعوى بأن المادة الثانية من القانون رقم 21 لسنة 1933 المعدل بالمرسوم رقم 97 لسنة 1935 بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وتأديبهم تنص على أنه يشترط فيمن يعين مدرساً أن يكون حاصلاً على درجة دكتور من الجامعة وفي الجراحة وجراحة طب الأسنان والصيدلة على درجة الماجستير أو أن يكون حاصلاً على درجة معادلة لها من جامعة أجنبية أو معهد علمي معترف بهما, كما أن المادة الثالثة من القانون عينه تنص على أنه يشترط فيمن يعين أستاذاً مساعداً أن يكون حاصلاً على درجة من الدرجات المذكورة في المادة السابقة, أن يكون قد شغل وظيفة مدرس أربع سنوات على الأقل في إحدى كليات الجامعة أو في معهد علمي من طبقتها, وأن يكون قضى في خدمة الحكومة ثماني سنوات أو مضت عشر سنوات على حصوله على درجة بكالوريوس أو ليسانس, ويجوز استثناء أن يعين مرشحون من غير المدرسين. وبناء على حكم المادة 20 من القانون رقم 149 لسنة 1950 الخاص بإعادة تنظيم الجامعة وعلى فتوى مجلس الدولة, رأى ديوان الموظفين أن يكون الأساس في التعيين في وظيفة مدرس "ب" هو تاريخ موافقة وزير التربية والتعليم, إلا إذا نص في قرار الوزير على غير ذلك. وقد أبدى قسم الرأي بمجلس الدولة أن قصد الشارع إذ اشترط في القانون رقم 21 لسنة 1933 قضاء مدة أربع سنوات في التدريس لإمكان الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد إنما هو الاشتغال الفعلي بالتدريس, ولا يغني عن ذلك أية مدة اعتبارية في تحقيق الغرض الذي استهدفه القانون, وهو توافر المران والخبرة فيمن يعين أستاذاً مساعداً. ولما كان المدعي قد حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ألينوى بأمريكا في 15 من أكتوبر سنة 1952 وتسلم عمله بالكلية بعد عودته من البعثة من أول أغسطس سنة 1953, فقد وافق مجلس الكلية بجلسته المنعقدة في 29 من سبتمبر سنة 1953 على تعيينه في وظيفة مدرس "ب", كما وافق على هذا القرار مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة في 7 من أكتوبر سنة 1953, ووافق وزير التربية والتعليم على تعيين المذكور في وظيفة مدرس "ب" اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1953؛ ومن ثم فإنه يكون قد عومل معاملة تتفق والقانون؛ إذ أنه لم يشتغل بالتدريس الفعلي مدة أربع سنوات على الأقل. وقد أودع السيد مفوض الدولة أمام محكمة القضاء الإداري تقريراً مؤرخاً 31 من يناير سنة 1956 بالرأي القانوني مسبباً ذهب فيه إلى أن الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني, ذلك أن المدعي لم يعامل مالياً باعتباره في درجة مدرس "ب" إلا منذ 3 من نوفمبر سنة 1953, وهو التاريخ الذي يبدأ منه علمه اليقيني بقرار تعيينه في هذه الوظيفة, وعلى الأكثر فإن تحقق هذا العلم قد تم اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1953, تاريخ قبضه مرتبه على أساس الوظيفة الجديدة, ولما كان لم يرفع دعواه الحالية بطلب إلغاء قرار تعيينه في وظيفة مدرس "ب" إلا في 7 من يوليه سنة 1954, أي بعد أكثر من ثمانية أشهر من تاريخ علمه اليقيني بالقرار المطعون فيه, فإن الدعوى تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد. وقال السيد المفوض في تقريره عن الموضوع إن الدعوى جديرة بالرفض مع إلزام رافعها بالمصروفات, لعدم قضاء المدعي مدة أربع سنوات في الاشتغال الفعلي بالتدريس حتى يتوافر له المران والخبرة طبقاً لما يتطلبه القانون لإمكان ترقيته إلى وظيفة أستاذ مساعد. وقد عقب المدعي على تقرير السيد مفوض الدولة بمذكرة احتفظ فيها بالحق في التدليل على أنه رفع دعواه في الميعاد, وذكر عن الموضوع أن ثمت مخالفة القانون البعثات في تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة في سنة 1948, وأن المادة الثانية من القانون رقم 21 لسنة 1933 المعدل بالمرسوم رقم 97 لسنة 1935 تجيز استثناء أن يعين مرشحون من غير المدرسين الذين أمضوا مدة في الخدمة في الحكومة تزيد على عشر سنوات, وأنه يطلب تطبيق هذه المادة على حالته أسوة بما اتبع مع زملائه في الجامعات, حيث لم يسبق له التعيين في هيئة التدريس, وقد قضى مدة تزيد على عشر سنوات في خدمة الحكومة علاوة على خبرته العلمية والعملية. كما وأن القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعات المصرية يعزز هذا الطلب. هذا إلى أنه كلف رسمياً ببعثة عملية عقب انتهائه من الحصول على شهادة الدكتوراه, وهذا التكليف يعتبر بمثابة تسلمه العمل تماماً, فكان الواجب أن يصدر قرار تعيينه في هيئة التدريس عند ذلك, وألا يضار بتأخير صدور قرار تعيينه؛ ولذا فإنه يطلب أن يكون تعيينه في هيئة التدريس من تاريخ تكليفه العمل في 16 من يوليه سنة 1952 نظراً إلى أنه غير مسئول عن تأخير صدور قرار تعيينه. وبجلسة 11 من أكتوبر سنة 1956 قرر المدعي أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 8 من مارس سنة 194, وطلب احتياطياً اعتباره عضواً في هيئة التدريس "ب" من 15 من يوليه سنة 1952. وبجلسة 14 من مارس سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "باعتبار المدعي شاغلاً لوظيفة مدرس "ب" من أول أغسطس سنة 1953, مع ما يترتب على ذلك من آثار, ورفض باقي الطلبات, وألزمت الجامعة المصروفات المناسبة لما حكم به". وأقامت قضاءها على أن المدعي قد مارس عمله فعلاً كمدرس بكلية الهندسة بجامعة القاهرة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1953, وهو مستوف لكافة شروط شغل الوظيفة؛ وبذلك يعتبر معيناً فيها من هذا التاريخ، ولا يجوز أن يؤثر على ذلك المركز تراخي إجراءات التعيين, ويلزم رد تاريخ قرار تعيينه في وظيفة مدرس "ب" إلى أول أغسطس سنة 1953. ولا وجه لما يطالب به من جعل أقدميته بين أعضاء هيئة التدريس راجعة إلى تاريخ حصوله على الدكتوراه؛ لأن ذلك لا يكون إلا في حالة ما إذا كلف عضو البعثة بعد حصوله على الدكتوراه متابعة الدراسة واعتبر مجلس الجامعة هذا العمل من أعمال التدريس. ولما كان المدعي هو الذي طلب مد مدة بعثته, وألح في ذلك أكثر من مرة, ولم يقرر مجلس الجامعة أن الأعمال التي قام بها بعد حصوله على الدكتوراه تدخل في نطاق التدريس بالكلية, فإنه يكون غير محق في هذا الطلب. أما طلب تعيينه بوظيفة أستاذ مساعد من تاريخ حصوله على الدكتوراه فليس له سند صحيح؛ ذلك أن الاستثناء الوارد في المادة الثالثة من القانون رقم 21 لسنة 1933 إنما هو أمر تترخص فيه جهة الإدارة بحسب تقديرها المطلق بما يتلاءم والمصلحة العامة, ما دامت تعمل في الحدود المرسومة قانوناً وبغير إساءة لاستعمال السلطة , ولا سيما أن المدعي قد أوفد في بعثة دراسية لحساب الجامعة ليكون مدرساً فيها, وقد أصبح مدرساً بالفعل ولا يمكن اعتباره من غير طبقة المدرسين؛ ومن ثم يتعين رفض هذا الطلب. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 11 من مايو سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن المدعي لا يطعن بالإلغاء في قرارات محددة بعينها فيما تضمنته من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدرس "ب" أو إلى وظيفة أستاذ مساعد, وإنما ينحصر طلبه في إلزام جهة الإدارة بتعيينه مدرساً أو أستاذاً مساعداً من تاريخ حصوله على الدكتوراه في 15 من يوليه سنة 1952, وهذا الطلب لا يقوم إلا إذا وجد على الجهة الإدارية إلزام قانون بذلك. وبالرجوع إلى القانون رقم 21 لسنة 1933 بشروط توظيف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية وتأديبهم وإلى القانون رقم 149 لسنة 1950 بإعادة تنظيم الجامعة وإلى القواعد التنظيمية التي صدرت مكملة لأحكامهما, يتبين عدم وجود مثل الإلزام القانوني, سواء فيما يتعلق بالترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد أو إلى وظيفة مدرس "ب" أي التعيين في هيئة التدريس, وبالتالي فلا أحقية للمدعي كقاعدة عامة في المطالبة بتعيينه أستاذاً مساعداً اعتباراً من تاريخ حصوله على الدكتوراه في 15 من يوليه سنة 1952, كما لا أحقية له في المطالبة بتعيينه عضواً في هيئة التدريس اعتباراً من هذا التاريخ؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من رفض طلبي المدعي في هذا الشأن. وتطبيقاً للمبدأ ذاته لا يكون المذكور محقاً في طلب تعيينه مدرساً اعتباراً من أول أغسطس سنة 1953 تاريخ تسلمه العمل بعد عودته من البعثة؛ لأن استيفاء شروط التعيين في الوظيفة لا يبلغ مبلغ الإجبار على هذا التعيين, ومرد ذلك كله إلى ما تتمتع به الجهة الإدارية أصلاً من سلطة تقديرية في اختيار الوقت الملائم لإصدار قرارها, بما لا معقب عليه إلا للانحراف عن المصلحة العامة, بحيث لا تنقلب سلطتها التقديرية إلى سلطة مقيدة في إصدار القرار إلا بإلزام قانوني على اتخاذ مثل هذا الإجراء في وقت معين؛ ومن ثم فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من اعتبار المدعي شاغلاً لوظيفة مدرس "ب" من أول أغسطس سنة 1953, بحجة أنه مارس فعلاً عمله كمدرس اعتباراً من هذا التاريخ بعد أن استكمل كافة الشروط القانونية اللازمة لشغل الوظيفة هو قضاء يقلب تقدير الإدارة إلى تقييد لسلطتها على الأقل فيما يتعلق بالوقت الملائم للترقية دون نص صريح بذلك أو مبرر من الظروف. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً في هذا الشق منه, فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد أودع المدعي سكرتيرية المحكمة قبل جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958 مذكرة بملاحظاته على الطعن مشفوعة بحافظة مستندات, وأضاف في مذكرته إلى دفاعه السابق أن ثمت خطأ في مذكرة الجامعة التي اعتمد عليها الحكم المطعون فيه؛ إذ ورد أنه لم يحصل على الدكتوراه إلا في 15 من أكتوبر سنة 1952 مع أن تاريخ حصوله على هذه الدرجة العلمية هو 17 من يوليه سنة 1952, كما هو ثابت من الشهادة الصادرة من جامعة ألينوى, كما أن ثمت خطأ مادياً آخر هو القول بأن المدعي بعد حصوله على الدكتوراه رفض العودة لمباشرة عمله وبقى في الخارج, إذ الواقع أن اللجنة الإدارية للبعثات أصدرت قرارها في جلستي 14 من أبريل و7 من مايو سنة 1953 بالموافقة على مد بعثته إلى شهر مايو سنة 1953. ولما كانت الجامعة قد احتفظت له عند إيفاده في البعثة بإحدى الدرجتين الخامستين الخاليتين لمدرس "ب" على سبيل التذكار, فإنه إذا حصل على الدرجة العلمية التي التحق بالبعثة من أجلها كان جديراً أن يعتبر في هذه الدرجة لا من تاريخ حصوله المؤهل العلمي بل من تاريخ الاحتفاظ له بالدرجة المذكورة, هذا إلى أن المادة 53 من القانون رقم 210 لسنة 1951 نصت على أن تحفظ على سبيل التذكار لأعضاء البعثات من الموظفين وظائفهم بميزانيات الوزارات والمصالح المختلفة, وتدخل مدة البعثة الرسمية في حساب المعاش أو المكافأة وفي استحقاق العلاوة والترقية بالنسبة إلى المبعوثين. وقد درجت الجامعة على اعتبار المدة التي يقضيها كل منهم في البعثة كأنه أمضاها في العمل فعلاً, هذا فضلاً عن أن زملاء المدعي في التخرج في سنة 1941 الذين لم ينالوا الدرجة العلمية التي نالها هو قد رقوا فعلاً إلى الدرجة الخامسة قبله, ومتى كان الأمر كذلك فإن في مخالفة هذه القاعدة مع المدعي وحده إجحافاً به لا مبرر له. ومهما يكن من أمر فلا نزاع في أن المدعي باشر عمله في كلية الهندسة فعلاً من يوم أول أغسطس سنة 1953, وهو - حتى لو لم يكن موظفاً - قد أصبح له الحق في الدرجة المخصصة لعمله من تاريخ مباشرته إياه, ولا يؤثر في هذا الحق التراخي في إصدار قرار التعيين. ومن المقرر في الجامعة وفي جميع مصالح الحكومة أن تاريخ مباشرة الموظف للعمل هو الذي يجب أن يحسب له في الأقدمية وفي الدرجة. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بتعديل أقدمية المدعي في درجة مدرس "ب" من تاريخ احتفاظ الجامعة له بهذه الدرجة التذكارية وهو 28 من مارس سنة 1948 بالخطاب 2829 مع حقه القانوني فيما يترتب على هذا الوضع من ترقية من ذلك التاريخ". وقد أودع المدعي بعد حجز الطعن للحكم مذكرة ثانية ردد فيها أن الاحتفاظ بالدرجة الخامسة التذكارية المخصصة لمدرس "ب" يجعل المبعوث عضواً في هيئة التدريس من ذلك التاريخ وهو 28 من مارس سنة 1948 تاريخ التحاقه بالبعثة لا من 26 من يناير سنة 1950 تاريخ منحه الدرجة الخامسة, وذلك بناء على نص المادة 53 من قانون نظام موظفي الدولة, وأن وضعه الخاطئ الذي وضعته فيه الجامعة ترتب عليه أن تخطاه من حصلوا على بكالوريوس الهندسة في السنين التالية لحصوله عليها, بل أصبح البعض منهم أساتذة مساعدين, وفات الجامعة أن تلاحظ أقدميته معهم في الدرجة والترقية, هذا إلى أن الجامعة تباطأت في اتخاذ إجراءات التعيين من تاريخ تسلمه العمل بعد عودته من البعثة في أول أغسطس سنة 1953 إلى نوفمبر سنة 1953, ولم تجعل قرار الوزير ذا أثر رجعي كما فعلت مع سواه, مع أن وضعه في الدرجة الخامسة يجب قانوناً أن يرجع لا إلى تاريخ حصوله على الدكتوراه, ولا إلى تاريخ تسلمه العمل, بل إلى تاريخ التحاقه بالبعثة والاحتفاظ له بالدرجة الخامسة التذكارية. وانتهى المدعي من هذا إلى التصميم على طلباته.
ومن حيث إن المدعي لا يهدف في الواقع من الأمر إلى إلغاء قرار إداري معين بذاته فيما تضمنه من تخطيه في الترقية مما يمكن أن يسري على الطعن فيه ميعاد رفع دعوى الإلغاء, وإنما يقصد بدعواه تسوية حالته من حيث تحديد أقديمته في وظيفة مدرس "ب" على الأساس الذي يذهب إليه, وما يترتب على ذلك من آثار من حيث تدرجه في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد بعد ذلك؛ ومن ثم فإن دفع السيد مفوض الدولة أمام محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني يكون غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع ملف خدمته أنه حصل على درجة بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة القاهرة في سنة 1941, وعين في وظيفة مهندس بمصلحة السكك الحديدية بأول مربوط الدرجة السادسة خصماً على اعتمادات الأعمال الجديدة للجيش البريطاني بعقد اعتباراً من 3 من يوليه سنة 1941, ثم نقل إلى وظيفة معيد من الدرجة السادسة بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1946, واختير بعد ذلك عضواً ببعثة كلية الهندسة بجامعة القاهرة التي نقل إليها على درجة سادسة في وظيفة معيد وذلك اعتباراً من 28 من فبراير سنة 1948 تاريخ إيفاده في البعثة إلى أمريكا لدراسة ميكانيكا التربة, ومنح علاوة دورية قدرها خمسة جنيهات شهرياً من أول نوفمبر سنة 1949, ثم رقى إلى الدرجة الخامسة في وظيفة مساعد مدرس اعتباراً من 26 من يناير سنة 1950, تاريخ موافقة وزير التربية والتعليم, مع منحه علاوة الترقية وقدرها أربعة جنيهات شهرياً من أول فبراير سنة 1950, وذلك بالأولوية على زملائه الآخرين المعيدين بكلية الهندسة الذين رقوا معه في ذات الحركة وعددهم ستة بوصفه الأول بينهم في ترتيب الأقدمية. ثم منح بدل تخصص قدره تسعة جنيهات شهرياً اعتباراً من أول فبراير سنة 1950, ورفع مرتبه إلى 25 جنيهاً شهرياً وهو مبدأ مربوط درجته اعتباراً من أول مايو سنة 1950, ومنح علاوة دورية قدرها جنيهان من أول مايو سنة 1952. وقد انتهت بعثته في يونيه سنة 1952, فقررت اللجنة الوزارية الاستشارية لبعثات الحكومة بجلستها المنعقدة في 6 من أغسطس سنة 1952 أن يقتصر تمرينه العملي على ستة أشهر يقضيها في أمريكا وتنتهي في ديسمبر سنة 1952 يعود بعدها إلى مصر رأساً, بيد أنه تقدم بالتماس مؤرخ 25 من أكتوبر سنة 1952 يرجو فيه مد بعثته العلمية هذه إلى شهر سبتمبر سنة 1953, إلا أنه رؤى أن يعود إلى الكلية نظراً إلى ضغط العمل بها وقتذاك. وبناء على ذلك طلبت الكلية من الجامعة استدعاءه فوراً, إلا أنه لم يعد, بل تقدم بالتماس آخر مؤرخ 12 من يناير سنة 1953 كرر فيه طلبه السابق. ورداً على ذلك أبلغت الكلية الجامعة أنها ليست على استعداد لإعادة النظر في هذا الموضوع, وطلبت اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعجال عودته ووقف صرف مرتبه في حالة عدم تنفيذه قرار الكلية. ولكنه أعاد الكرة بالتماس ثالث مؤرخ 20 من يناير سنة 1953, فردت عليه الكلية بأنها متمسكة بقرارها السابق, ثم تقدم شقيقه بخطاب مؤرخ 23 من مارس سنة 1953 يلتمس فيه إعادة النظر في مد بعثته إلى شهر يوليه سنة 1953 لاستكمال دراسته. وعلى الرغم من تمسك الكلية بموقفها منه فقد قررت اللجنة الوزارية الاستشارية لبعثات الحكومة بجلستها المنعقدة في 14 من أبريل سنة 1953 و7 من مايو سنة 1953 الموافقة على مد بعثته إلى شهر مايو سنة 1953 على أن يكون هذا آخر امتداد لها. ولما لم يعد حتى نهاية شهر مايو سنة 1953 طلبت الكلية من الجامعة وقف صرف مرتبه. وعلى إثر ذلك عاد وتسلم عمله بالكلية في يوم أول أغسطس سنة 1953. وإذ كان يشغل وظيفة مدرس "ب" على سبيل التذكار فقد حولت إلى وظيفة مدرس "ب" ذات مربوط اعتباراً من أول يوليه سنة 1953. وقد وافق مجلس الكلية بجلسته المنعقدة في 29 من سبتمبر سنة 1953على تعيينه في وظيفة مدرس "ب" نظراً لما لديه من المؤهلات العلمية التي تسمح بتعيينه في هذه الوظيفة, وهي درجة ماجستير من جامعة هارفارد في يونيه سنة 1949 ودكتوراه من جامعة ألينوى بأمريكا في 15 من أكتوبر سنة 1952, ووافق مجلس الجامعة على ذلك بجلسته المنعقدة في 7 من أكتوبر سنة 1953, كما وافق وزير التربية والتعليم على هذا التعيين في 3 من نوفمبر سنة 1953؛ حيث بلغ مرتبه 500 م و28 ج شهرياً، وثبت في وظيفته من أول فبراير سنة 1953.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المدعي لم يكن من أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة إبان وجوده في بعثة كلية الهندسة في أمريكا, وما كان يمكن أن يكون كذلك قبل حصوله على درجة الدكتوراه؛ ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 21 لسنة 1933 بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وتأديبهم والقوانين المعدلة له نصت على أن "أعضاء هيئة التدريس في الجامعة فؤاد الأول هم: ( أ ) الأساتذة ذوو الكراسي (ب) الأساتذة المساعدون (ج) المدرسون", كما نصت المادة الثانية منه على أنه "يشترط فيمن يعين مدرساً أن يكون حاصلاً على درجة دكتور من جامعة فؤاد الأول, وفي الجراحة وجراحة طب الأسنان والصيدلة على درجة الماجستير, أو أن يكون حاصلاً على درجة تعتبر معادلة لها من جامعة أجنبية أو معهد معترف بهما. ومع ذلك يجوز بصفة استثنائية أن يعفى المرشح من شرط حصوله على هذه الدرجة إذا كانت لديه إجازات علمية أخرى تعتبر كافية". والثابت أن المدعي نقل من وظفيه مهندس من الدرجة السادسة التي كان يشغلها بمصلحة السكك الحديدية إلى وظيفة معيد في الدرجة ذاتها بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية ثم إلى مثل هذه الوظيفة والدرجة بجامعة القاهرة, وأنه رقى في دوره أثناء غيابه في البعثة إلى الدرجة الخامسة في وظيفة مساعد مدرس بكلية الهندسة بجامعة القاهرة اعتباراً من 26 من يناير سنة 1950, ومنح العلاوات القانونية المستحقة له؛ وذلك بالتطبيق لحكم الفقرة الثالثة من المادة 53 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص على أنه "وتدخل مدة البعثة الرسمية والتجنيد في حساب المعاش أو المكافأة وفي استحقاق العلاوة والترقية بالنسبة إلى المبعوثين من الموظفين والمجندين منهم". ولم يكن من الجائز قانوناً أن يعين في وظيفة مدرس, وهي أدنى وظائف أعضاء هيئة التدريس, قبل تحقق شرط الصلاحية فيه لإسناد هذه الوظيفة إليه, وهو حصوله على الدرجة العلمية المتطلبة لها. ولما كان نيل درجة الدكتوراه هو شرط التعيين في الوظيفة المذكورة, فإن ما يطلبه المدعي من اعتباره معيناً في درجة مدرس "ب" من تاريخ احتفاظ جامعة القاهرة له بدرجة خامسة تذكارية في 28 من فبراير سنة 1948 يوم رحيله من مصر في بعثة إلى أمريكا يكون غير قائم على سند من القانون؛ ذلك أن الاحتفاظ للموظف على سبيل التذكار بدرجة في الميزانية تعلو على درجته لا يكسبه فيها مركزاً قانونياً؛ إذ لا يعد تعييناً فيها ولا ترقية إليها، لكونه لا يتم بالأداة أو وفقاً للشروط اللازمة لذلك التعيين أو هذه الترقية, بل الغرض منه الإبقاء على درجة ما يمكن أن يوضع عليها عند عودته إلى أن تسوى حالته على الوظيفة التي تخلو من درجته. وقد نصت المادة 53 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في فقرتها الأولى مصداقاً لذلك على أن "تحفظ على سبيل التذكار لأعضاء البعثات من الموظفين وللمجندين منهم وظائف بميزانيات الوزارة والمصالح المختلفة, ويجوز شغل هذه الوظائف بصفة مؤقتة على أن تخلى عند عودتهم".
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب المدعي ترقيته إلى وظيفة أستاذ مساعد في الدرجة الثالثة من تاريخ حصوله على درجة الدكتوراه في 17 من يوليه سنة 1952 على حد قوله, فإن المادة الثالثة من القانون رقم 21 لسنة 1933 السارية وقتذاك تنص على أنه "يشترط فيمن يعين أستاذاً مساعداً أن يكون حاصلاً على درجة من الدرجات المذكورة في المادة السابقة, وأن يكون قد شغل وظيفة مدرس أربع سنوات على الأقل في إحدى كليات الجامعة أو في معهد على من طبقتها, وأن يكون قضى في خدمة الحكومة ثماني سنوات أو مضت عشر سنوات على حصوله على درجة بكالوريوس أو ليسانس, ويجوز استثناء أن يعين مرشحون من غير المدرسين", كما أن المادة الخامسة من القانون عينه, المعدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1935, تتطلب علاوة على الشروط المتقدمة في المدرس الذي يرشح لوظيفة أستاذ مساعد أن يكون له أبحاث قيمة مبتكرة. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت (1) بأنه يستخلص من حكم المادة الثالثة من القانون رقم 21 لسنة 1933 بشوط توظف أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وتأديبهم أن الحكمة التشريعية التي قام عليها شرط استلزام أن يكون المرشح لوظيفة أستاذ مساعد قد شغل وظيفة مدرس مدة أربع سنوات على الأقل في إحدى كليات الجامعة أو في معهد علمي من طبقتها, إنما تستند إلى رغبة المشرع في أن تتوافر فيمن يولى منصب أستاذ مساعد خبرة مهنية خاصة ومران عملي في ممارسة التدريس بالفعل, وهو شرط أساسي يتعلق بالمصلحة العامة. ولما كانت الأقدمية الاعتبارية تقوم على محض افتراض مجازي مقرر بصفة ميزة لصالح الحاصلين على دكتوراه العلوم الفنية؛ لكي يفيدوا منه في حساب أقدميتهم, مقتصراً أثره على هذه الأقدمية وتحديد الماهية, فإنه لا يجدي في اكتساب الخبرة والمران العمليين المتطلبين للترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد, ولا يغني عن عنصر الزمن الذي يجب قضاؤه بالفعل في عمل وظيفة مدرس والذي قرر له المشرع حداً أدنى اعتبره القرينة الوحيدة على تحصيل هذا المران وتلك الخبرة.
ومن حيث إن مما يؤكد اهتمام المشرع بالشرط الزمني للممارسة العملية للتدريس بالفعل ما نص عليه في البند 2 من المادة 54 من القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعات المصرية, وفي المادة 44 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 345 لسنة 1956 في شأن تنظيم الجامعات المصرية من أنه "يشترط فيمن يعين أستاذاً مساعداً:.... (2) أن يكون قد شغل وظيفة مدرس مدة ست سنوات على الأقل في إحدى كليات الجامعات المصرية أو في معهد علمي من طبقتها.."؛ إذ رفع المدة التي استلزمها لتوافر الخبرة والمران في التدريس من أربع سنوات إلى ست سنوات على الأقل لإمكان تعيين المدرس في وظيفة أستاذ مساعد, وليس من شك في أن مدة الدراسة للدكتوراه نظرياً أو علمياً لا تنطوي في المدة المتقدم ذكرها؛ إذ لا تتحقق فيها الحكمة التي ابتغاها المشرع بهذه الأخيرة, وإذا كان هذا هو الأصل وكان الاستثناء أن يعين مرشحون من غير المدرسين, فإن تقدير ملاءمة استعمال هذه الرخصة يكون من إطلاقات الإدارة التي تخضع لسلطتها التقديرية المحضة وفقاً لمقتضيات الصالح العام.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أيضاً أن قضت (2) بأن مجرد استيفاء الشروط المقررة وقيام أسباب الصلاحية للتعيين في الوظيفة العامة لا يكفي بمفرده لاعتبار المرشح معيناً في الوظيفة المذكورة من تلقاء ذاته, ما دام هذا الحق لا ينشأ إلا من القرار الإداري الفردي الذي يصدر بتعيينه فيها, وما دام هذا التعيين يخضع لقيود لا بد من مراعاتها, ولا يوجد نص يرتب حقاً ذاتياً مباشراً للموظف في هذه الوظيفة أو ينشئ له فيها مركزاً قانونياً حتماً وبقوة القانون.
ومن حيث إن النقطة القانونية مثار النزاع بعد ذلك تنحصر فيما إذا كانت الإدارة تلتزم بتعيين مساعد المدرس في وظيفة مدرس على أساس أقدميته في الدرجة المذكورة بعد حصوله على درجة الدكتوراه, أم أن التعيين في وظائف هيئة التدريس هو ملاءمة تقديرية جديدة تستقل الإدارة بتقدير مناسباتها ووزنها بمراعاة شتى الظروف والملابسات, بصرف النظر عما إذا كان الترشيح لهذه الوظائف يشمل في ضمن المرشحين من كانوا في وظائف مساعدي مدرسين.
ومن حيث إنه يؤخذ من النصوص السابق إيرادها أن التعيين في وظائف هيئة التدريس بالكليات الجامعية يقوم على شروط واعتبارات خاصة, فضلاً عن وجوب الحصول على درجة الدكتوراه أو الإجازة العلمية المعادلة لها, وأن الإلحاق بهذه الوظائف يعد من هذه الوجهة تعييناً جديداً بصلاحية خاصة مقيدة بشروطها وليس مجرد ترقية من وظيفة مساعد مدرس, فيجوز أن يتناول مرشحين من الخارج أو من غير هذه الوظيفة ما دامت تتوافر فيهم شروط الصلاحية لهذا التعيين, كما لا يتعين أن يشمل من يشغل وظيفة مساعد مدرس متى أعوزته هذه الصلاحية مهما بلغت أقدميته في هذه الوظيفة. ولم يتضمن القانون رقم 21 لسنة 1933 بشوط توظف أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وتأديبهم والقوانين المعدلة له ولا القانون رقم 149 لسنة 1950 بإعادة تنظيم جامعة القاهرة, أي إلزام على جهة الإدارة بأن تعين مساعد المدرس في وظيفة مدرس في تاريخ معين بعد حصوله على درجة الدكتوراه أو عودته من البعثة أو من الإجازة الدراسية؛ إذ أن اختيار الوقت المناسب للتعيين في الوظيفة العامة هو من الملاءمات التقديرية التي تترخص فيها الإدارة وفق مقتضيات المصلحة العامة وصالح العمل متى وجدت الوظيفة الخالية أولاً, والأصل في هذا التعيين هو أفضلية المعين من حيث الكفاية. وقد كانت المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, وقت إجراء الحركة موضوع النزاع وقبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 73 لسنة 1957, تنص في صدرها على أنه "لا تمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً..", وقد ترى الإدارة عند تقدير ملاءمة التعيين تفضيل من يقوم بأعباء العمل فعلاً على من كان خارج القطر ولم يعد إليه لأداء هذا العمل أو ليس في مقدوره ذلك عند الطلب, حتى لا يتعطل سير الدراسة. ومرد هذا إلى أن التعيين في وظائف هيئة التدريس هو مناسبة جديدة تقدرها الإدارة استقلالاً غير مقيدة بوجوب ترقية مدرسين مساعدين إلى تلك الوظائف, ما دامت ترى وجه المصلحة العامة في ذلك, وليس للقضاء الإداري سلطة التعقيب على القرار الذي تتخذه في هذا الشأن, ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الجامعة لم تنظر في تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب" إلا بعد عودته فعلاً من الخارج وتسلمه عمله في كلية الهندسة بعد أن حملها على مد بعثته بعد انتهاء مدتها التي كانت مقررة لها أصلاً وتكرار دعوته إلى العودة دون جدوى, وعندئذ قدرت وجه الملاءمة في تعيينه فعينته قبل غيره في هذه الفترة؛ ومن ثم فليس في تصرفها على هذا النحو أية شائبة من إساءة استعمال السلطة, بل على العكس من ذلك قد استهدت فيه بدواعي حسن سير العمل في الكلية والحرص على رعاية المصلحة العامة.
ومن حيث إن حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه, إذ قضى باعتبار المدعي شاغلاً لوظيفة مدرس "ب" وهي أولى وظائف هيئة التدريس من أول أغسطس سنة 1953 تاريخ مباشرته العمل بالكلية, مع ما يترتب على ذلك من آثار, يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه؛ ذلك أن قرار مجلس الكلية بالموافقة على تعيين المدعي في هذه وظيفة إنما صدر في 29 من سبتمبر سنة 1953, ووافق عليه مجلس الجامعة في 7 من أكتوبر سنة 1953, وصدق عليه وزير التربية والتعليم في 3 من نوفمبر سنة 1953, فهذا القرار هو الأداة التي أنشأت المركز القانوني في التعيين في تلك الوظيفة, ولا يملك القضاء الإداري تعديل هذا المركز بإرجاع التعيين إلى تاريخ تسلم العمل؛ لأن ذلك يكون تعديلاً للقرار يخرج عن حدود ولايته. وغني عن البيان أن هذا الوضع يختلف عما لو كان قد صدر في هذا التاريخ قرار بتعيين غير المدعي, وأقام هذا الأخير طعنه بالإلغاء فيه على أساس أنه كان أولى بالتعيين في التاريخ المذكور ممن شمله القرار، فتكون الدعوى عندئذ بمثابة طلب إلغاء جزئي للقرار إذ كان قد عين بعد ذلك بقرار تال. بيد أنه في خصوصية هذه الدعوى لم يصدر في أول أغسطس سنة 1953 أي قرار بالتعيين, وإنما قصدت المحكمة بحكمها المطعون فيه جعل بدء تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب" راجعاً إلى أول أغسطس سنة 1953, أي مقترناً ببدء تسلمه العمل عقب عودته من البعثة, وهو وضع لا ينطوي تحت أي معنى من معاني الإلغاء الكلي أو الجزئي, وإنما هو تعديل لقرار إداري, وهو ما لا يجوز. هذا إلى أن المادة 20 من القانون رقم 149 لسنة 1950 نصت في فقرتها الأولى على أن "يعين وزير المعارف العمومية الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس في الجامعة بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية المختصة أو مجلس المعهد المستقل المختص"؛ ومن ثم فإن الأصل في تحديد بدء التعيين في وظائف هيئة التدريس المعنية بهذه المادة في ظل نفاذ حكمها هو تاريخ صدور قرار وزير التربية والتعليم بالموافقة على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية المختصة أو مجلس المعهد المستقل المختص. وإذا كان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 345 لسنة 1956 في شأن تنظيم الجامعات المصرية قد نص في الفقرة الثانية من المادة 41 منه على أنه "ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الجامعة", فإن الحكم المستحدث بهذا النص لم يكن قائماً وقت تعيين المدعي في وظيفة مدرس "ب", ولم ينص الشارع صراحة على سريانه بأثر رجعي؛ ومن ثم تكون الدعوى في كل وجوهها على غير أساس سليم من القانون, ويكون الحكم المطعون فيه, إذ قضى باعتبار المدعي شاغلاً لوظيفة مدرس "ب" من أول أغسطس سنة 1953 مع ما يترتب على ذلك من آثار, قد جانب الصواب, ويتعين القضاء بإلغائه في هذا الشق منه, وبرفض الدعوى, مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) راجع السنة الثانية من هذه المجموعة بند 8 صفحة 78.
(2) راجع السنة الثانية من هذه المجموعة بند 37/ ج ص 324.

الطعن 672 لسنة 3 ق جلسة 27 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 37 ص 458

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

--------------------------

(37)

القضية رقم 672 لسنة 3 القضائية

(أ) جريمة تأديبية 

- استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية - قيام ارتباط بين الجريمتين لا يخل بهذا الاستقلال - ترديد المادتين 83 و117 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 134 من قانون المصلحة المالية لهذا الأصل العام.
(ب) جزاء تأديبي 

- للإدارة توقيع الجزاء التأديبي دون انتظار نتيجة المحاكمة الجنائية أو إرجاء النظر في المحاكمة التأديبية إلى أن يفصل في المحاكمة الجنائية حسبما تراه ملائماً - إلغاء قرار الفصل استناداً إلى أنه كان يجب وقف المدعي دون فصله انتظاراً لمحاكمته جنائياً - خطأ.

--------------------------
1 - إن المخالفة التأديبية هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية, قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته ومقتضياتها أو كرامتها, بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما تنهى عنه القوانين الجنائية أو تأمر به, وهذا الاستقلال قائم حتى لو كان ثمت ارتباط بين الجريمتين, وهو ما رددته القواعد التنظيمية العامة الخاصة بتأديب الموظفين, كما يستفاد من عجز المادة 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص على أن "كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً, وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجنائية". ولما كان الأصل المردد في هذه المادة هو من الأصول العامة, فقد نصت المادة 117 من هذا القانون على تطبيقه في شأن مستخدميها الخارجين عن هيئة العمال, على أن تصدر القرارات المشار إليها في المواد المتقدمة من وكيل الوزارة أو مدير عام المصلحة كل في دائرة اختصاصه, كما أن المادة 134 من قانون المصلحة المالية رددت هذا الأصل كذلك؛ فقد قضت بأن "كل مستخدم يحبس حبساً احتياطياً لجريمة من الجرائم الاعتيادية يوقف عن وظيفته من يوم حبسه وتكون ماهيته في كل مدة إيقافه حقاً للحكومة". وقد عدلت بقرار من مجلس النظار في 25 من أبريل سنة 1912 كما يلي "كل مستخدم يحبس حبساً احتياطياً أو تنفيذاً لحكم قضائي يجب إيقافه عن أعمال وظيفته من يوم حبسه, وذلك لا يمنع الجزاءات التأديبية التي يمكن توقيعها عليه, وتكون ماهيته حقاً للحكومة في كل مدة إيقافه ما لم يتقرر عدم وجود وجه لإقامة الدعوى أو تحكم المحكمة الجنائية ببراءته عن التهمة التي ترتب عليها حبسه ففي هذه الحالة يجوز صرف ماهيته إليه عن مدة إيقافه ما لم تقرر السلطة التابع لها تأديبياً خلاف ذلك". وقد رددت هذا المعنى المادتان 90 و96 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه.
2 - لئن كان للإدارة أن توقع الجزاء التأديبي سواء بالفصل أو بما هو أقل منه دون انتظار لنتيجة المحاكمة الجنائية ما دام قد قام لديها السبب المبرر لهذا الجزاء واقتنعت بالدليل على صحته, إلا أنها قد ترى من الملائم انتظار الفصل في المحاكمة الجنائية قبل النظر في المحاكمة التأديبية, ولكن تلك الملاءمة متروكة لتقديرها, وفي هذه الحالة إما أن يكون الموظف قد حبس احتياطياً على ذمة المحاكمة الجنائية فيوقف عن عمله بقوة القانون, وإما ألا يحبس احتياطياً فيكون لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يقفه عن عمله احتياطياً انتظاراً لنتيجة المحاكمة الجنائية فالتأديبية, وذلك لمدة ثلاثة أشهر يجوز زيادتها بعد ذلك بقرار من المحكمة التأديبية إن كان الموظف ممن يحاكمون أمام المحكمة التأديبية أو بقرار من رئيس المصلحة إن كان من المستخدمين الخارجين عن الهيئة. ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه, ما لم يقرر مجلس التأديب أو رئيس المصلحة المختصة بحسب الأحوال صرف المرتب كله أو بعضه. فإذا كان الثابت أن الحكم قد أقام قضاءه بإلغاء قرار الفصل استناداً إلى أنه كان يجب وقفه دون فصله انتظاراً لمحاكمته جنائياً, فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, متعيناً الحكم بإلغائه.


إجراءات الطعن

في 13 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 672 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بجلسة 12 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 35 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ لويس اسكاروس ميخائيل ضد وزارة الأشغال العمومية ومصلحة المساحة, فيما قضى به من إلغاء قرار مصلحة المساحة الصادرة في 7 من يوليه سنة 1949 بفصل المدعي إلغاء جزئياً من تاريخ صدوره إلى تاريخ صدور الحكم في القضية رقم 1712 لسنة 1950 جنايات العطارين في 19 من أكتوبر سنة 1955, وما يترتب على ذلك من أثار, مع قصر صرف أجره عن المدة في 8 من أغسطس سنة 1952 إلى 15 من أكتوبر سنة 1955, وإلزام الحكومة بالمصروفات و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام رافعها المصروفات. وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 12 من مايو سنة 1957, وإلى المطعون ضده في 29 من مايو سنة 1957, وعينت لنظر الطعن جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958, وفي 7 من يوليه سنة 1958, أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة التي عينت لنظر الطعن, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 35 لسنة 3 القضائية إلى المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال العمومية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة بتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1952 طلب فيها إلغاء قرار فصله والحكم بإعادته إلى عمله بمصلحة المساحة وصرف أجره عن المدة من 8 أغسطس سنة 1952 إلى 15 من أكتوبر سنة 1955 تاريخ الحكم بسجنه من محكمة الجنايات. وقال شرحاً لدعواه إنه عين بتاريخ 24 من فبراير سنة 1940 موظفاً باليومية بمصلحة المساحة, ثم نقل إلى سلك الماهية الشهرية سنة 1942, وظل يباشر عمله بتفتيش المساحة بالمنيا بنشاط وأمانة إلى 11 من أبريل سنة 1949, حيث قبض عليه بتهمة الترويج للمبادئ الشيوعية في الجناية رقم 1712 سنة 1950. وبتاريخ 21 من مايو سنة 1952 أفرج عنه بدون كفالة, لكنه اعتقل في الوقت نفسه بمعتقل هاكستب حتى أفرج عنه في يوم 28 من يوليه سنة 1952 بعد قيام الثورة, فتقدم على الأثر بطلب العودة إلى عمله, فتبين له أن المصلحة قد فصلته من خدمتها. لذلك أقام هذه الدعوى طالباً إعادته إلى عمله, ثم عدل طلباته إلى الحكم بصرف ما يستحقه من أجر عن المدة من تاريخ فصله في 7 من يوليه سنة 1949 حتى تاريخ الحكم عليه في 19 من أكتوبر سنة 1955. وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين في 24 من يناير سنة 1940 مساعد حاسب بالأجرة اليومية, واستغنى عنه في نوفمبر سنة 1945, ثم أعيد بوظيفة عامل إحصاء اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1945. وبتاريخ 11 من أبريل سنة 1949 ألقى القبض عليه بأمر من النيابة العسكرية بتهمة الترويج للمبادئ الشيوعية, ولما كانت الأعمال المنوط به القيام بها لا تحتمل أي إبطاء لارتباطها بمواعيد محددة لا يمكن مجاوزتها تقرر فصله, حتى إذا أفرج عنه أمكن النظر في إعادته إلى عمله. وقد عقب المدعي على دفاع الجهة الإدارية بمذكرة أودعت في 31 من يناير سنة 1957 ذكر فيها أن ما بررت به الإدارة فصله من أنه كان يزاول أعمال الإحصاء التي لا تحتمل التأخير هو سبب واه؛ ذلك أنه كان قد نقل في 21 من مارس سنة 1949 إلى مكتب المساحة ببني مزار على أن يقوم بأعمال المعاينات, فانقطعت صلته بأعمال الإحصاء التي تقول إنها أعمال لا تحتمل التأخير, فما كان يجوز فصله إذن, سواء لهذا السبب اتهامه في جناية الشيوعية, بل كان لها فقط أن تقفه عن العمل حتى يتحدد موقفه من هذا الاتهام. ثم استطرد قائلاً إنه حقيقة قد أدين في هذه الجناية, حيث صدر الحكم عليه في 19 من أكتوبر سنة 1955 بالسجن والغرامة، إلا أن ذلك لا يغير الأمر شيئاً بالنسبة للفترة السابقة على الحكم؛ لذلك فإنه يعدل بطلباته على هذا الأساس, فيحددها في إلغاء قرار الفصل إلغاء جزئياً في هذه الحدود.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بجلستها المنعقدة في 16 من فبراير سنة 1957 قضت بإلغاء قرار مصلحة المساحة الصادر في 7 من يوليه سنة 1949 بفصل المدعي إلغاء جزئياً من تاريخ صدوره إلى تاريخ صدور الحكم في القضية رقم 1712 لسنة 1950 جنايات العطارين في 19 من أكتوبر سنة 1955, وما يترتب على ذلك من آثار, مع قصر صرف أجره عن المدة من 8 من أغسطس سنة 1952 حتى 15 من أكتوبر سنة 1955, وألزمت الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد استندت المحكمة في قضائها إلى أن التعليمات المالية رقم 8 الصادرة في أول يوليه سنة 1913 تنص على أن العامل المؤقت أو الخارج عن هيئة العمال المتهم بجرم موجب للرفت يصير وقفه مؤقتاً عن العمل في كل حالة, فإذا اتضح بعد ذلك أن العامل برئ تصرف له ماهيته عن كل مدة الوقف, وإذا تبينت إدانته يرفت من تاريخ الإيقاف. ومن ثم تكون الإدارة إذ قررت فصل المدعي قبل ثبوت إدانته في التهمة المسندة إليه قد تعجلت فصله مخالفة في ذلك التعليمات المالية, وهى القانون الذي يطبق في شأن المنازعة والذي يوجب وقفه مؤقتاً حتى يتبين أمره.
ومن حيث إن هيئة المفوضين طعنت في هذا الحكم بعريضة أودعت سكرتيرية المحكمة بتاريخ 13 من أبريل سنة 1957 أوردت فيه أسباب طعنها بأن الثابت أن المدعي قد قبض عليه في قضية الجناية المشار إليها, فهو بذلك يعتبر موقوفاً بقوة القانون من تاريخ القبض عليه, فإذا كانت المصلحة قد سارعت إلى فصله حتى إذا تحدد موقفه من الاتهام فيها - وهو اتهام أخطر من أن يترك صاحبه في خدمة الحكومة التي يهدف إلى قلب نظامها بطريق القوة - أمكن عندئذ النظر في أمره, فإنها لا تكون قد عمدت إلى فصله وقطع علاقته نهائياً بها, إنما تكون قد قصدت في الواقع إلى إبعاده عن خدمتها بوقفه مؤقتاً ريثماً يتقرر مصيره فيعود عندئذ إلى عمله مع النظر في صرف أو عدم صرف راتبه عن فترة الوقف إذا ظهرت براءته من الاتهام المنسوب إليه, سواء في دور الاتهام أو في المحاكمة؛ إذ يعتبر مفصولاً من الخدمة بأثر رجعى من تاريخ اتهامه إذا قضى ضده فيها, وعلى أساس هذا النظر فإن المدعي إذ حكم عليه عن الاتهام الذي اقتضى وقفه بعقوبة جناية على ما سلف بيانه فإنه يعتبر مفصولاً من وظيفته من تاريخ القبض عليه بما يتبع ذلك من حرمانه من كافة حقوقها وميزاتها؛ ومن ثم يكون طلبه استحقاقه لراتب أو غيره لا سند له من القانون فيتعين الحكم برفضه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان يتعين على الإدارة انتظار الفصل في المحاكمة الجنائية بحيث يعتبر قرارها بالجزاء التأديبي قبل ذلك مخالفاً للقانون أم أنها تستطيع التصرف في أمر الموظف بالتأديب دون انتظار لتلك المحاكمة بحيث تستطيع فصله كعقوبة تأديبية بسبب ما يقوم لديه من مخالفة لواجبات وظيفته بسبب الفعل ذاته أو أفعال مرتبطة به.
ومن حيث إنه ليس من شك في أن المخالفة التأديبية هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية, قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته ومقتضياتها أو كرامتها, بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما تنهى عنه القوانين الجنائية أو تأمر به, وهذا الاستقلال قائم حتى لو كان ثمت ارتباط بين الجريمتين, وهو ما رددته القواعد التنظيمية العامة في خصوص تأديب الموظفين, كما يستفاد من عجز المادة 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص على أن "كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجنائية". ولما كان الأصل المردد في هذه المادة هو من الأصول العامة فقد نصت المادة 117 من هذا القانون على تطبيقه في شأن مستخدميها الخارجين عن هيئة العمال على أن تصدر القرارات المشار إليها في المواد المتقدمة من وكيل الوزارة أو مدير عام المصلحة كل في دائرة اختصاصه. كما أن المادة 134 من قانون المصلحة المالية قد رددت هذا الأصل كذلك فقضت بأن "كل مستخدم يحبس حبساًً احتياطياً لجريمة من الجرائم الاعتيادية يوقف عن وظيفته من يوم حبسه وتكون ماهيته في كل مدة إيقافه حقاً للحكومة". وقد عدلت بقرار من مجلس النظار في 25 من أبريل سنة 1912 كما يلي "كل مستخدم يحبس حبساً احتياطياً أو تنفيذاً لحكم قضائي يجب إيقافه عن أعمال وظيفته من يوم حبسه, وذلك لا يمنع الجزاءات التأديبية التي يمكن توقيعها عليه, وتكون ماهيته حقاً للحكومة في كل مدة إيقافه ما لم يتقرر عدم وجود وجه لإقامة الدعوى أو تحكم المحكمة الجنائية ببراءته عن التهمة التي ترتب عليها حبسه, ففي هذه الحالة يجوز صرف ماهيته إليه عن مدة إيقافه ما لم تقرر السلطة التابع لها تأديبياً خلاف ذلك". وقد رددت هذا المعنى المادتان 90 و96 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن كان للإدارة أن توقع الجزاء التأديبي سواء بالفصل أو بما هو أقل منه دون انتظار لنتيجة المحاكمة الجنائية ما دام قد قام لديها السبب المبرر لهذا الجزاء واقتنعت بالدليل على صحته, إلا أنها قد ترى من الملائم انتظار الفصل في المحاكمة الجنائية قبل النظر في المحاكمة التأديبية, ولكن تلك الملاءمة متروكة لتقديرها, وفي هذه الحالة إما أن يكون الموظف قد حبس احتياطياً على ذمة المحاكمة الجنائية فيوقف عن عمله بقوة القانون, وإما ألا يحبس احتياطياً فيكون لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يقف عن عمله احتياطياً انتظاراً لنتيجة المحاكمة الجنائية فالتأديبية, وذلك لمدة ثلاثة أشهر يجوز زيادتها بعد ذلك بقرار من المحكمة التأديبية إن كان الموظف ممن يحاكمون أمام المحكمة التأديبية أو بقرار من رئيس المصلحة إن كان من المستخدمين الخارجين عن الهيئة. ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ما لم يقرر مجلس التأديب أو رئيس المصلحة المختصة بحسب الأحوال صرف المرتب كله أو بعضه.
ومن حيث إنه يبين مما سلف إيضاحه أن الحكم المطعون فيه - إذ أقام قضاءه بإلغاء قرار الفصل استناداً إلى أنه كان يجب وقفه دون فصله انتظاراً لمحاكمته جنائياً - فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً الحكم بإلغائه، كما أن القرار المطعون فيه - إذ قام على أن المدعي أخل بواجبات وظيفته لما نسب إليه - قد قام على سبب صحيح يبرره. وقد تأكد ذلك بعد إذ تثبتت إدانته جنائياً عن التهمة التي فصل من أجلها, فيتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 513 لسنة 3 ق جلسة 27 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 36 ص 445

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------

(36)

القضية رقم 513 لسنة 3 القضائية

أقدمية 

- ترتيب الأقدمية بين المرقين في قرار واحد من المراكز القانونية التي تتحدد على مقتضى القانون النافذ وقت حصول هذه الترقية - نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 لا يمس المراكز القانونية الذاتية التي تمت قبل نفاذه طبقاً للقواعد التي كانت سارية - ترتيب الأقدمية بين المرقين في الأزهر قبل نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 تنظيماً لأحكام المنصوص عليها بلائحة الاستخدام في الأزهر الصادرة بمرسوم 18 من أبريل سنة 1931 - نص المادة 13 من هذه اللائحة على أنه عند الاتحاد في نيل الدرجة الواحدة تكون الأسبقية بحسب أسبقية التعيين الذي جرى عليه حكم الاستقطاع للمعاش - اعتبار المدعي أقدم من الخصم الثالث في ترتيب الدرجة الخامسة التي رقياً إليها معاً في تاريخ واحد طبقاً للمادة المذكورة - يجعله أحق بالترقية إلى الدرجة الرابعة المتنازع عليها ما دامت الترقية إليها قد تمت بحكم الأقدمية.

------------------
إن ترتيب الأقدمية بين المرقين في قرار واحد هو من المراكز القانونية التي تتحدد على مقتضى القانون النافذ وقت حصول هذه الترقية. وما دامت الترقية إلى الدرجة الخامسة قد تمت في 12 من ديسمبر سنة 1949 فيحكمها نص المادة 13 من هذه لائحة الاستخدام بالأزهر الصادرة بمرسوم 8 من أبريل سنة 1931, وليست المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951, بشأن نظام موظفي الدولة؛ لأنه ولئن كانت المادة الأولى من القانون الأخير قد نصت على أن أحكامه تسري على موظفي الجامع الأزهر والمعاهد الدينية ويلغي كل حكم يخالف هذه الأحكام, إلا أنه غنى عن القول أن هذا القانون لا ينفذ بالنسبة لهم إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952. فالمراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تمت واستقرت لذويها قبل هذا التاريخ طبقاً للقانون النافذ وقت تمامها, وهو لائحة الاستخدام المشار إليها, لا يجوز المساس بها, ولو كان حكم القانون الجديد, أي القانون رقم 210 لسنة 1951, يختلف عن حكم القانون السابق في هذا الشأن, أي لائحة الاستخدام في الأزهر ما دام لم ينص في القانون الجديد على الأثر الرجعي بنص خاص. ولما كانت المادة 13 من المرسوم المشار إليه تنص على أن "قاعدة الترقية هي الأقدمية في نيل الدرجة مع الكفاءة, وعند التساوي فيهما يرجع الأقدم في التعيين. وتاريخ التعيين هو الذي جرى عليه حكم الاستقطاع في المعاش" - فإن الظاهر من ذلك أن تلك المادة وضعت ضابطاً خاصاً للأسبقية في ترتيب المرقين إلى درجة واحدة في قرار واحد, فنصت على أنه عند الاتحاد في نيل الدرجة الوحدة تكون الأسبقية بحسب أسبقية التعيين, وأن تاريخ التعيين هو الذي جرى عليه حكم الاستقطاع للمعاش. وهذا الضابط الخاص يختلف عن الضابط العام الذي كان مقرراً بالنسبة لسائر موظفي الحكومة وقتذاك, وهو أنه عند الاتحاد في نيل الدرجة تكون الأسبقية في ترتيب الأقدمية بأسبقية نيل الدرجة السابقة وهكذا, وهو الضابط العام الذي رددته بعد ذلك المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, وهذا القانون الذي لا يسري على رجال الأزهر إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وبالنسبة للوقائع التي تتم من هذا التاريخ. وعلى مقتضى الضابط الذي قررته المادة 13 من لائحة الاستخدام سالفة الذكر يعتبر المدعي أقدم من الخصم الثالث في ترتيب الدرجة الخامسة التي رقيا إليها معاً في تاريخ واحد, ما دام المدعي هو الأسبق في التعيين بالأزهر؛ إذ استقطع للمعاش منه اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1926, بينما استقطع للمعاش بالنسبة للخصم الثالث اعتباراً من أول يناير سنة 1929؛ ومن ثم يكون المدعي على هذا الأساس هو الأحق بالترقية إلى الدرجة الرابعة المتنازع عليها, ما دامت الترقية إلى هذه الدرجة قد تمت بحكم الأقدمية في الدرجة الخامسة, وما دام المدعي حسبما سبق يعتبر أسبق منه في ترتيب الدرجة الخامسة, المرقى منها على أساس الأقدمية.


إجراءات الطعن

في يوم 28 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرياسة مجلس الوزراء بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1956 في القضية رقم 662 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد يوسف عفيفي ضد الجامع الأزهر والسيد/ أمين عبد الله فكري, والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بإلغاء القرار المختصم فيما تضمنه من إغفال ترقية المدعي إلى الدرجة المتنازع عليها, وإلزام الحكومة والمتدخل بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 2 من أبريل سنة 1957, وللمدعي في 10 منه, وعين لنظره جلسة 12 من أبريل سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات. وقد تحدد يوم 12 من يوليه سنة 1958 للنطق بالحكم, ثم قررت المحكمة إعادة القضية للمرافعة لجلسة أول فبراير سنة 1958 للسبب المبين في قرارها, وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لرياسة مجلس الوزراء في 13 من أغسطس سنة 1955 طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 414 الصادر في 4 من مايو سنة 1955 بنقل السيد/ أمين فكري من كلية اللغة العربية إلى معهد القاهرة وترقيته إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة, فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة. وقال شرحاً لدعواه إنه في 30 من نوفمبر سنة 1954 صدر قرار من شياخة الأزهر تضمن نقله من كلية اللغة العربية إلى معهد القاهرة وترقيته إلى الدرجة الرابعة الفنية المتوسطة بالأقدمية, كما شمل القرار أيضاً تسوية حالة السيد/ أمين فكري مدرس الرسم بكلية اللغة العربية من الدرجة الخامسة الفنية المتوسطة الشخصية بوضعه في الدرجة الخامسة الفنية المتوسطة الأصلية التي تخلفت عن نقله - أي المدعي - إلى معهد القاهرة. غير أنه لم يمض على هذا القرار أسبوع حتى صدر قرار آخر بسحبه فيما تضمنه من ترقيته إلى الدرجة الرابعة ريثماً تنتهي إدارة المستخدمين من بحث الاعتراضات التي أثارتها في شأن تحديد أقدميته بالنسبة الأقدمية السيد أمين فكري؛ إذ تبودلت عدة مكاتبات بين الجامع الأزهر وديوان الموظفين حول تحديد القاعدة التنظيمية التي تحكم الأقدمية عند الترقية وذلك بالنسبة لموظفي الجامع الأزهر. وقد انتهى البحث إلى تطبيق نص المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة؛ باعتباره القانون الواجب التطبيق على الحالة المعروضة, فأصبح السيد/ أمين فكري بموجب هذه المادة هو المستحق للترقية؛ إذ تجعله أقدم منه في الدرجة الخامسة التي اتحد تاريخ ترقيتهما إليها, باعتباره أقدم منه في الدرجة السابقة عليها. ونتيجة لذلك صدر القرار المطعون فيه متضمناً نقل السيد أمين فكري من كلية اللغة العربية إلى معهد القاهرة وترقيته إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة, فتظلم من هذا القرار إلى فضيلة شيخ الجامع الأزهر في 16 و19 من يونيه سنة 1955, ولكن كان مآل هذا التظلم الرفض, وأخطر بذلك في 17 من يوليه سنة 1955. ثم أستطرد فقال إن موظفي الأزهر والمعاهد الدينية يخضعون في توظيفهم وترقياتهم وإجازاتهم وتأديبهم للائحة 8 من أبريل سنة 1931 التي اعتمد القانون رقم 26 لسنة 1936, بشأن إعادة تنظيم الجامع الأزهر العمل بأحكامها؛ ومن ثم فلا تسري أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأنهم إلا بالنسبة إلى ما لم يرد به نص من القانون رقم 26 لسنة 1936؛ ولذلك كان يجب في حساب الأقدمية الأخذ بنص المادة 13 من اللائحة المشار إليها التي يعتبر بمقتضاها أقدم من المطعون في ترقيته لأنه يسبقه في تاريخ التعيين الذي يجب الرجوع إليه في تحديد الأقدمية عند التساوي في نيل الدرجة, وأن هذا هو التطبيق الصحيح للقانون؛ لأن قانون نظام موظفي الدولة - حسبما أفتى به القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة - لم يقصد إلى إلغاء القوانين الخاصة بالهيئات المستقلة مثل الأزهر لإحلال أحكامه محلها, بدليل أن القانون رقم 26 لسنة 1936 المشار إليه قد طرأت عليه عدة تعديلات بعد صدور القانون رقم 210 لسنة 1951, الأمر الذي يفصح عن إرادة المشرع في هذا الشأن, فلا يجوز - والحالة هذه - الرجوع إلى أحكام قانون نظام موظفي الدولة في شأن نظام موظفي الجامع الأزهر والمعاهد الدينية بوصفهم طوائف تنظيم قواعد توظيفهم قوانين خاصة, إلا فيما لم يرد به نص في القانون الخاص. وتأسيساًَ على ذلك يكون أقدم من المطعون عليه في أقدمية الدرجة الخامسة التي اتحدا في تاريخ الترقية إليها لأنه أقدم منه في التعيين. ثم قال إن قرار نقله من كلية اللغة العربية إلى معهد القاهرة الصادر في 28 من نوفمبر سنة 1954 ظل نافذاً إلى أن صدر في 13 من مارس سنة 1955 قرار آخر من لجنة شئون الموظفين بالأزهر بنقله إلى كلية اللغة العربية بقصد تفويت أقدميته في المعاهد للحيلولة دون ترقيته إلى الدرجة الرابعة الخالية بها كي يفوز بها السيد/ أمين فكري الذي نقل إلى المعاهد ليرقى إلى هذه الدرجة. وقد ردت الحكومة على الدعوى بأن القانون رقم 26 لسنة 1936 خلو من نص صريح يحكم خصوصية هذه المنازعة الإدارية حول تحديد أقدمية كل من المدعي والأستاذ أمين فكري؛ ولذلك فإن يتعين - أخذاً بنص المادة 25 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي يرجع إليه في هذه الحالة - اعتبار الأستاذ أمين فكري أقدم من المدعي في الدرجة الخامسة؛ لأنه يسبقه في أقدمية الدرجة السادسة. وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1956 قضت المحكمة: (أولاً) بقبول الدعوى شكلاً, و(ثانياً) بقبول تدخل الأستاذ أمين عبد الله فكري خصماً فيها, (ثالثاً) وفي الموضوع برفضها, وألزمت المدعي بالمصروفات وبأن يدفع للمتدخل 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأسست قضاءها فيما يختص بقبول التدخل, على أن له مصلحة في التدخل في الدعوى منضماً إلى الحكومة في طلب رفضها؛ إذ أن القرار المطعون فيه خاص بترقيته. وقالت في الموضوع إن الدرجة الرابعة المتنازع عليها هي في الكادر الفني المتوسط ومن الدرجات النشأة المخصصة لمدارس المعاهد الدينية, كما هو ثابت من محضر لجنة شئون الموظفين بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1954 التي رقى فيها المدعي إلى تلك الدرجة ثم سحبت منه في 8 من ديسمبر سنة 1954, وكما هو ظاهر من ديباجة القرار الصادر في 4 من مايو سنة 1955 بترقية التدخل؛ ومن ثم فلا يرقى إليها إلا من كان مدرساً بالمعاهد الدينية، وقد نقل المدعي إلى هذه المعاهد ورقى إلى تلك الدرجة في 28 من نوفمبر سنة 1954, فما كان يجوز سحب هذه الترقية بحجة المقارنة بين أقدميته أقدمية المتدخل, طالما أن هذا الأخير كان مدرساً بكلية اللغة العربية ولم ينقل للمعاهد ولا يجوز ترقيته على درجة مخصصة لهيئة التدريس بالمعاهد الدينية. ولما كان المدعي قد قرر أنه صدر في 23 من مارس سنة 1955 قرار إداري بإعادته إلى كلية اللغة العربية, ثم صدر القرار المطعون فيه في 4 من مايو سنة 1955 بنقل المتدخل إلى معهد القاهرة وترقيته إلى الدرجة الرابعة, وكان كل من قرار سحب ترقية المدعي الصادر في 8 من ديسمبر سنة 1954 وقرار إعادته إلى كلية اللغة العربية ما زال قائماً ولم يسحب أو يحكم بإلغائه, بل ولم يطلب المدعي الحكم بإلغائهما, رغم ما قد يعتورهما من عيوب, فإنهما يظلان منتجين لكافة آثارهما القانونية, ومنها عدم جواز ترقية المدعي على درجة مخصصة لمدارس بالمعاهد الدينية, وبالتالي لا يكون القرار المطعون فيه قد جانب القانون إذ أغفل ترقيته, طالما أنه وقت صدوره لم يكن من هيئة التدريس بالمعاهد الدينية, بل إنه حتى بفرض صدور حكم بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه لا سبيل لترقيته على الدرجة المتنازع عليها, مما تنتفي معه كل مصلحة له في طلب إلغائه, ومن المعلوم أن شغل درجة سبق سحب الترقية إليها أو الحكم بإلغاء قرار الترقية إليها لا يكون إلا من تاريخ صدور القرار الجديد بشغلها دون ما أثر رجعى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الواضح من وقائع الدعوى أن جميع القرارات المتتالية التي صدرت في شأن هذه المنازعة قد تجمعت أطرافها في النهاية في القرار المطعون فيه الذي تحددت به معالمها, فما كان المدعي ليستطيع أن يرسم طريقاً في الطعن أو عدم الطعن إلا إذا صدر القرار المطعون فيه الذي حدد موقفه بالنسبة للدرجة المتنازع عليها, فإذا أثار الخصومة حول هذا القرار فإن ذلك يستتبع بحكم اللزوم إثارة بحث شرعية جميع القرارات التي تناولت شغل الدرجة المذكورة بحيث تشملها جميعاً رقابة المحكمة باعتبارها من العناصر المتعلقة بالمنازعة المطروحة عليها للفصل فيها. ولما كان الثابت أن المدعي نقل إلى المعاهد الدينية بموجب قرار إداري سليم, فإن العودة إلى سحب هذا القرار يقع باطلاً مع ما يترتب على ذلك من أثار في إبطال النتائج المترتبة عليه كافة، بما في ذلك القرار الصادر بترقية المدعي إلى الدرجة المشار إليها, أما إذا كان الاتجاه مقصوراً على بحث شرعية هذا القرار الأخير استقلالاً, فإنه يبين مما سلف إيضاحه أن القاعدة القانونية في تحديد الأقدمية بين رجال الأزهر قد تجاذبتها ثلاثة آراء, تأخذ هيئة المفوضين من بينها بالرأي الذي ذهب إليه المدعي للأسباب التي ساقها تبريراً له وهو ما تراه الهيئة متفقاً مع أحكام القانون. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين إلغاؤه وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إغفال ترقية المدعي إلى الدرجة المتنازع عليها, وإلزام الحكومة والمتدخل بالمصروفات. وفي أثناء سير الدعوى رقى المدعي إلى الدرجة الرابعة؛ ولذلك قصر طلباته على رد أقدميته في الدرجة الرابعة إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق ومن ملف خدمة المدعي والمطعون في ترقيته أن المدعي حاصل على شهادة العلوم الأولية للأزهر في 21 من يوليه سنة 1952 وشهادة التخصص في الخط من مدرسة تحسين الخطوط العربية في سنة 1926 وشهادة التخصص في الخط والتذهيب من هذه المدرسة في سنة 1929. وفي 9 من يناير سنة 1927 وافق مجلس الأزهر الأعلى على تعيينه بمكافأة قدرها خمسة جنيهات شهرياً بوظيفة مدرس, وذلك اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1926, ثم عين في الدرجة الثامنة المخفضة في 31 من مارس سنة 1936, ومنح الثامنة الكاملة في 29 من نوفمبر سنة 1938, وتقرر تثبيته نهائياً في وظيفته بالتطبيق لقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 اعتباراً من أول يونيه سنة 1940 مع ضم احتياطي المعاش من ذلك التاريخ, ثم صدر قرار المشيخة في 5 من يناير سنة 1941 بضم مدة خدمته المؤقتة وقدرها 7 أشهر و13 سنة إلى مدة خدمته الدائمة على أن يدفع الاحتياطي المستحق عنها على أقساط شهرية مدى الحياة, كل قسط 554 م , من أول يونيه سنة 1940, ثم منح الدرجة السابعة في أول أكتوبر سنة 1942, والسادسة في أول ديسمبر سنة 1944، والخامسة الشخصية في 12 من ديسمبر سنة 1949. وفي 24 من مارس سنة 1951 وافق مجلس الأزهر الأعلى على جعله مدرساً حرف ( أ ), أما المطعون في ترقيته فقد حصل على دبلوم الفنون الجميلة سنة 1928. وبناء على قرار مجلس الأزهر الأعلى الصادر في 2 من أكتوبر سنة 1928 عين بعقد اعتباراً من 20 من يناير سنة 1929 بمرتب شهري قدره 8 ج في الدرجة السابعة, وتقرر تثبيته في وظيفته بقرار من مجلس الأزهر الأعلى في 29 من يوليه سنة 1935, ثم تقرر ضم مدة خدمته المؤقتة السابقة إلى مدة خدمته الحالية في المعاش اعتباراً من 21 من يناير سنة 1929, ثم رقى إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول يونيه سنة 1941, وإلى الدرجة الخامسة في 12 من ديسمبر سنة 1949, بقرار من المجلس الأعلى في ذات التاريخ, واعتبر مدرساً حرف "أ" في 26 من فبراير سنة 1955 بقرار من المجلس الأعلى. وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1954 قررت لجنة شئون الموظفين بالجامع الأزهر - عند نظرها في شغل الدرجات الرابعة في الكادر الفني المتوسط المنشأة والمخصصة لمدرسين بالمعاهد, وبعد اطلاعها على سجل الأقدمية والتقارير السرية - ما يأتي: (أولاً) ترقية السيد محمد فهمي علي الزيني والسيد حسين أحمد حسين إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة. (ثانياً) نقل السيد محمد يوسف عفيفي المدرس من الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط بكلية اللغة العربية إلى معهد القاهرة على إحدى الدرجات الخامسة المتخلفة عن هذه الترقية. (ثالثاً) ترقية السيد محمد يوسف عفيفي المدرس بمعهد القاهرة من الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة. (رابعاً) تسوية حالة الأستاذ أمين عبد الله فكري المدرس من الدرجة الخامسة الشخصية بكلية اللغة العربية على الدرجة الخامسة الأصلية المختلفة عن نقل السيد محمد يوسف عفيفي. وقد اعتمد الأستاذ الأكبر هذه القرارات في 30 من نوفمبر سنة 1954. وفي 7 من ديسمبر سنة 1954 قدمت إدارة المستخدمين مذكرة قالت فيها "إنه تبين لها عند مراجعتها لقرارات اللجنة لاستصدار القرارات التنفيذية بها أن ترتيب أقدمية السيد/ أمين عبد الله فكري, مدرس الرسم في كلية اللغة العربية في الدرجة السادسة سابق على ترتيب السيد/ محمد يوسف عفيفي مدرس الخط بالكلية المذكورة؛ لأن الأول حصل على الدرجة السادسة في أول يونيه سنة 1941, والثاني حصل عليها في أول ديسمبر سنة 1944, في حين أنهما حصلا على الدرجة الخامسة في تاريخ واحد هو 12 من ديسمبر سنة 1949؛ ولذلك فإن إدارة المستخدمين ترى أنه إذا كانت لجنة شئون الموظفين قد راعت في نقل السيد/ محمد يوسف عفيفي إلى المعاهد سد حاجة العمل في المعاهد من مدرسي الخط فإن ترقيته بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة في أقدميات الكادر الفني المتوسط بالمعاهد بعد نقله يكون صحيحاً لا غبار عليه, وإلا فإن قرار ترقيته يكون باطلاً يتعين سحبه قبل مرور الستين يوماً على تاريخ اعتماده". وقد عرضت هذه المذكرة على فضيلة شيخ الجامع الأزهر في 8 من ديسمبر سنة 1954 فقرر فضيلته سحب قرار نقل المدعي من كلية اللغة العربية إلى معهد القاهرة, وكذلك سحب قرار ترقيته إلى أن يبت في موضوع ترتيب أقدميته وأقدمية السيد/ أمين فكري. وقد استطلع الجامع الأزهر رأى ديوان الموظفين في موضوع أقدمية المدعي والسيد/ أمين عبد الله فكري, وأوضح الديوان أن الثاني أقدم من المدعي؛ لأنهما وإن اتحدا في تاريخ الحصول على الدرجة الخامسة إلا أن الثاني يسبق الأول في الحصول على الدرجة السادسة, وذلك بالتطبيق لنص المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة الذي يتعين إعماله في هذا الخصوص. وفي 27 من أبريل سنة 1955 اقترحت لجنة شئون الموظفين, بعد النظر في سجل الأقدمية والتقارير السرية, نقل السيد/ أمين فكري إلى معهد القاهرة مدرساً للرسم به وترقيته إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة, ثم صد القرار رقم 414 في 4 من مايو سنة 1955 بترقيته إلى الدرجة الرابعة الفنية في الكادر الفني المتوسط. فقدم المدعي ثلاثة تظلمات إلى إدارة الجامع الأزهر في 17 من مايو و16 و20 من يونيه سنة 1955 يتظلم فيها من القرار الصادر بإعادته إلى كلية اللغة العربية بعد أن نقل إلى المعاهد؛ الأمر الذي يفوت عليه حقه في الأقدمية والترقية, ويطلب سحب القرار الصادر بترقية السيد/ أمين عبد الله فكري إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط وترقيته بدلاً منه. وقد أجابت إدارة الأزهر على هذه التظلمات بأنه لم يصدر أي قرار لا بالنقل ولا بالترقية, كما وأن ديوان الموظفين أقر أحقية السيد/ أمين فكري إلى هذه الدرجة. وقد أخطرت كلية اللغة العربية المدعي بذلك في 17 من يوليه سنة 1955 فأقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 13 من أغسطس سنة 1955 طالباً إلغاء القرار الصادر من شيخ الجامع الأزهر في 4 من مايو سنة 1955 بترقية السيد/ أمين عبد الله فكري إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة, ثم أجمل طلباته الختامية فيما يأتي: الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية, واعتبار ترقيته للدرجة الرابعة من 30 من نوفمبر سنة 1954, وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب؛ وذلك استناداً إلى أن للقرار الذي صدر بترقيته في نوفمبر سنة 1954 وقع صحيحاً, وما كان يجوز بعد ذلك سحبه في 8 من ديسمبر سنة 1954 وترقية آخر في مايو سنة 1955.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أنه لما لم يوجد من المدرسين بالمعهد من يستحق الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط وهى من الدرجات المخصصة لمدرسين به, اتجهت النية إلى ترقية أقدم المدرسين بالجهات الأخرى التابعة للأزهر. وعلى هذا الأساس صدر قرار المشيخة في 30 من نوفمبر سنة 1954 بنقل المدعي توطئة لترقيته, ثم رقى إلى الدرجة المذكورة في القرار عينه. فلما أثير الجدل حول أقدمية المدعي والخصم الثالث في الدرجة الخامسة أيهما أسبق فيها, وتبعاً لذلك أيهما يكون أحق بالترقية إلى الدرجة الرابعة, سحبت المشيخة في 8 من ديسمبر سنة 1954 قرارها السابق بنقل المدعي مع ترقيته إلى تلك الدرجة وذلك حتى يبت في هذا الأمر. ولما استقر الرأي في نظر المشيخة على أن الخصم الثالث هو الأقدم في الدرجة الخامسة بحكم أسبقيته في أقدمية الدرجة السادسة, وذلك بالتطبيق للمادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة على خلاف الرأي الأول الذي كانت قد ذهبت إليه باعتبار المدعي أقدم بحكم أسبقيته في التعيين في الأزهر بالتطبيق للمادة 13 من المرسوم الصادر في 8 من أبريل سنة 1931 بلائحة الاستخدام في الأزهر - لما استقر رأي المشيخة على ذلك صدر قرارها في 4 من مايو سنة 1955 بترقية الخصم الثالث وهو القرار المطعون فيه. وظاهر من كل ما سبق أن المدعي يستهدف في عموم دعواه الطعن في تصرف المشيخة الذي ترتب عليه سحب ترقيته وحرمانه منها, ثم ترقية الخصم الثالث إلى الدرجة التي كان قد رقى إليها المدعي, وقد اتخذ هذا التصرف من المشيخة قرارات عدة متتالية, ولكنها جميعاً مرتبطة بعضها ببعض, وقد ترسبت المنازعة في القرار الأخير المطعون فيه, وهى تثير بحكم اللزوم المنازعة في القرارات السابقة, ما دامت جميعها مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
ومن حيث إن الفيصل في المنازعة هو أي الخصمين هو الأسبق في ترتيب الدرجة الخامسة التي رقيا إليها معاً في يوم واحد هو يوم 12 من ديسمبر سنة 1949؛ لأنه على أساس الأسبقية في هذا الترتيب تكون الأسبقية بالدور في الترقية إلى الدرجة موضوع النزاع, ما دامت تدخل في النسبة المخصصة للترقية بحسب الدور في الأقدمية.
ومن حيث إنه ليس من شك في أن ترتيب الأقدمية بين المرقين في قرار واحد من المراكز القانونية التي تتحدد على مقتضى القانون النافذ وقت حصول هذه الترقية. وما دامت الترقية إلى الدرجة الخامسة قد تمت في 12 من ديسمبر سنة 1949 فيحكمها نص المادة 13 من هذه لائحة الاستخدام بالأزهر وليست المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951؛ ولأنه ولئن كانت المادة الأولى من القانون الأخير نصت على أن أحكامه تسري على موظفي الجامع الأزهر والمعاهد الدينية ويلغى كل حكم يخالف هذه الأحكام, إلا أنه غنى عن القول أن هذا القانون لا ينفذ بالنسبة لهم إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952, فالمراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تمت واستقرت لذويها قبل هذا التاريخ طبقاً للقانون النافذ وقت تمامها - وهو لائحة الاستخدام المشار إليها - لا يجوز المساس بها ولو كان حكم القانون الجديد, أي القانون رقم 210 لسنة 1951, يختلف عن حكم القانون السابق في هذا الشأن, أي لائحة الاستخدام في الأزهر, ما دام لم ينص في القانون الجديد على الأثر الرجعى بنص خاص.
ومن حيث إن المادة 13 من المرسوم الصادرة في 8 من أبريل سنة 1931 تنص على أن "قاعدة الترقية هي الأقدمية في نيل الدرجة مع الكفاءة, وعند التساوي فيهما يرجح الأقدم في التعيين, وتاريخ التعيين هو الذي جرى عليه حكم الاستقطاع للمعاش". وظاهر من ذلك أن تلك المادة وضعت ضابطاً خاصاً للأسبقية في ترتيب المرقين إلى درجة واحدة في قرار واحد, فنصت على أنه عند الاتحاد في نيل الدرجة الوحدة تكون الأسبقية بحسب أسبقية التعيين, وأن تاريخ التعيين هو الذي جرى عليه حكم الاستقطاع للمعاش, وهذا الضابط الخاص الذي قررته تلك المادة يختلف عن الضابط العام الذي كان مقرراً بالنسبة لسائر موظفي الحكومة وقتذاك, وهو أنه عند الاتحاد في نيل الدرجة تكون الأسبقية في ترتيب الأقدمية بأسبقية نيل الدرجة السابقة وهكذا, وهو الضابط العام الذي رددته بعد ذلك المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, وهذا القانون الذي لا يسري على رجال الأزهر إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وبالنسبة للوقائع التي تتم من هذا التاريخ.
ومن حيث إنه على مقتضى الضابط الذي قررته المادة 13 من لائحة الاستخدام سالفة الذكر يعتبر المدعي أقدم من الخصم الثالث في ترتيب الدرجة الخامسة التي رقياً إليها معاً في تاريخ واحد, ما دام المدعي هو الأسبق في التعيين بالأزهر؛ إذ استقطع للمعاش منه اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1926, بينما استقطع للمعاش بالنسبة للخصم الثالث اعتباراً من أول يناير سنة 1929؛ ومن ثم يكون المدعي - على هذا الأساس - هو الأحق بالترقية إلى الدرجة الرابعة المتنازع عليها, ما دامت الترقية إلى هذه الدرجة قد تمت بحكم الأقدمية في الرجة الخامسة, وما دام المدعي - حسبما سبق - يعتبر أسبق منه في ترتيب الدرجة الخامسة المرقى منها على أساس الأقدمية, فيكون تصرف المشيخة - إذ سحبت ترقيته ورقت الخصم الثالث إلى الدرجة الرابعة - قد وقع مخالفاً للقانون. ولما كان المدعي قد رقى في خلال نظر الدعوى إلى الدرجة الرابعة فعلاً فيتعين إلغاؤه جزئياً بإرجاع أقدميته فيها إلى 30 من نوفمبر سنة 1954, وهو التاريخ الذي كان معيناً لترقيته الأولى التي سحبت بدون وجه حق؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ ذهب غير هذا المذهب - قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, فيتعين إلغاؤه, والقضاء في الدعوى على الوجه المبين آنفاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة راجعة إلى 30 من نوفمبر سنة 1954, وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الفتوي 825 لسنة 2023 ق جلسة 11 / 6 / 2023

بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2023
الملف رقم: 86/4/2231
السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة النقض
رئيس مجلس القضاء الأعلى
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (77) المؤرخ 19/1/2023م، المُوجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن طلب إبداء الرأي القانوني في مدى أحقية السيد الأستاذ المستشار/ ....... في الاحتفاظ براتبه إبان فترة عمله محافظًا للفيوم.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق- أن المعروضة حالته كان يشغل وظيفة رئيس بالمحاكم الابتدائية - فئة (ب)- بدءًا من 24/9/2012م، ورُفع اسمه من سجل قيد رجال القضاء والنيابة العامة بدءًا من 7/2/ 2015م لتعيينه محافظًا للفيوم بموجب القرار الجمهوري رقم (68) لسنة 2015م، وعقب انتهاء شغله المنصب بتاريخ 6/9/2016 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (259) لسنة 2017م بتعيينه رئيسًا بالمحاكم الابتدائية فئة (ب)، فتقدم بطلب لاستصحاب راتبه بصفة شخصية إبان فترة عمله محافظًا إعمالا لأحكام القانون (100) لسنة 1987م المعدل بالقانون رقم (28) لسنة 2018 بشأن تحديد المعاملة المالية لرئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة والمحافظين ونوابهم، وإزاء ذلك طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 10 من مايو عام 2023م، الموافق20 من شوال عام 1444هـ، فتبين لها أن المادة (186) من الدستور تنص على أن: القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وإعاراتهم، وتقاعدهم، وينظم مساءلتهم تأديبيًّا... وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لهم. وأن المادة (68) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم (46) لسنة 1972م تنص على أن: تحدد مرتبات القضاة بجميع درجاتهم وفقًا للجدول الملحق بهذا القانون ولا يصح أن يُقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة. وأن المادة الأولى من القانون رقم (11) لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية تنص على أن: يستبدل بنص الفقرة الرابعة من البند تاسعًا من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 النص الآتي: ولا يجوز أن يقل مرتب وبدلات مَن يشغل إحدى الوظائف القضائية عن مرتب وبدلات من يليه في الأقدمية في ذات الوظيفة.
كما تبين لها أن المادة (الرابعة) من القانون رقم (100) لسنة 1987 بشأن تحديد مرتبات نائب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء تنص على أن: يحدد مرتب الوزير بمبلغ 4800 جنيه سنويًّا وبدل التمثيل بمبلغ 4200 جنيه سنويًّا. وقد استبدل نص هذه المادة بموجب المادة الثانية من القانون رقم (28) لسنة 2018 لتنص على أن: يتقاضى كل من نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين مرتبًا شهريًّا يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور. وأن المادة (43) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016م تنص على أن: يجوز لرئيس الجمهورية في الحالات التي يُقدرها الاحتفاظ لمن يُعين بوظيفة أخرى بكامل أو بعض الأجر الذي كان يتقاضاه قبل التعيين بها.
واستعرضت الجمعية العمومية ما جرى به إفتاؤها من أن تنظيم العدالة وإدارتها إدارة فعالة مسألة وثيقة الصلة بالحرية وصون الحقوق على اختلافها، وقد كفل الدستور للسلطة القضائية استقلالها، وساوَى بين جميع القضاة في الحقوق والواجبات، وحصّنهم بضمانة عدم القابلية للعزل، وجعل من هذه الضمانات عاصمًا من التدخل في أعمالها،
أو التأثير فيها، أو تحريفها، أو الإخلال بمقوماتها، وبما يرد عنها كل تدخل في شئونها، سواء أكان ذلك بالوعد أم الوعيد، بالإغواء أم الإرغام، ترغيبا أم ترهيبا، بطريق مباشر أم غير مباشر، ليكون قول كل قاضٍ فصلا فيما اختص به، ولضمان أن تصدر الأحكام القضائية جميعها، وفقًا لقواعد تكفل- بمضمونها- الحماية الكاملة لحقوق المتقاضين، وفوض المشرع في تحديد الشروط التي يُعيّن أو يُعار على ضوئها مَن يباشرون الوظيفة القضائية ويتولون شئونها، وما يتصل بشروط خدمة مَن يباشرون هذه الوظيفة، بما في ذلك رواتبهم ومعاشهم وسن تقاعدهم.
وتبين للجمعية العمومية مما تقدم أنه ولئن كان المشرع في قانون الخدمة المدنية المشار إليه أجاز لرئيس الجمهورية عند تعيينه أيًّا من شاغلي الوظيفة العامة في أية وظيفة أخرى، الاحتفاظ له بكامل أو بعض الأجر الذي كان يتقاضاه قبل التعيين بها، بيد أنه في قانون السلطة القضائية المارّ بيانه حدّد مرتبات القضاة بجميع درجاتهم وفقًا للجدول الملحق بهذا القانون وتعديلاته، وحظر تقرير مرتب بصفة شخصية لأحدهم أو منحه معاملة استثنائية بأية صورة كانت، مما لا يجوز معه استدعاء أحكام الشريعة العامة للتوظف أو أي قانون آخر في شأن تحديد مرتبات رجال القضاء.
واستظهرت الجمعية العمومية، وعلى ما جري به إفتاؤها، أن المشرع استحدث بالقانون رقم (11) لسنة 1981م قاعدة اختصّ بها أعضاء الهيئات القضائية وحدهم، تقضى بألا يقل مرتب وبدلات مَن شغل إحدى الوظائف القضائية عن مرتب وبدلات من يليه في الأقدمية في الوظيفة ذاتها، بحيث تحقق المساواة بين أعضاء الهيئة القضائية على أساس من ترتيب الأقدمية، ومنعًا لأي ميزة مالية تمنح للأحدث وتُحجب عن الأقدم، وأن هذه المساواة في المعاملة المالية بين الأقدم والأحدث ليست مقصورة على المرتبات والبدلات الواردة في جدول المرتبات الملحق بالقانون المنظم لشئونهم، وإنما تمتد لتشمل كل ما يلحق بالمرتب ويأخذ حكمه من مزايا مالية.
كما لاحظت الجمعية العمومية من استقراء نصوص القانون رقم (100) لسنة 1987م بشأن تحديد المعاملة المالية لرئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة والمحافظين ونوابهم- والذي شغل المعروضة حالته المنصب في ظل العمل بأحكامه- قبل تعديله بالقانون رقم (28) لسنة 2018، أنها لم تقرر احتفاظ المخاطبين بأحكامه بصفة شخصية للراتب المقرر لوظائفهم عند تعيينهم في وظائف أخرى.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المعروضة حالته شغل منصب محافظ الفيوم في الفترة من 7/ 2/2015م إلى 6/ 9/ 2016م، ثم عُيّن بوظيفته السابقة رئيس محكمة ابتدائية- فئة (ب)- بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم (259) لسنة 2017م، ومُنح الراتب المقرر بجدول الأجور الملحق بقانون السلطة القضائية المشار إليه، مما يمتنع معه استصحابه راتبه إبان فترة عمله محافظًا.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: عدم أحقية السيد الأستاذ المستشار/ ...... في الاحتفاظ براتبه إبان فترة عمله محافظًا للفيوم، وذلك على الوجه المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2023
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
أسامة محمود عبد العزيز محرم
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة

الطعن 3142 لسنة 83 ق جلسة 28 / 11 / 2018 مكتب فني 69 ق 156 ص 1076

جلسة 28 من نوفمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسام قرني، هشام قنديل، سمير سعد وطارق تميرك نواب رئيس المحكمة.
---------------
(156)
الطعن رقم 3142 لسنة 83 القضائية

(1 ، 2) عمل "بدلات: بدلي العدوى والتفرغ للعاملين بالشركة المصرية لإنتاج الأمصال واللقاحات".
(1) بدلي العدوى والتفرغ. المستحقين لهما. الأطباء البيطريين المخاطبين بقانون العاملين المدنيين بالدولة 47 لسنة 1978. م 1 من قراري رئيس مجلس الوزراء 235 لسنة 1993، 1097 لسنة 1997.

(2) صدور قرار رئيس الجمهورية 187 لسنة 2002 بتحويل الهيئة المصرية العامة للمستحضرات الحيوية واللقاحات إلى شركة قابضة. أثره. احتفاظ المطعون ضدهن بعد نقلهن إلى الشركة الطاعنة ببدلي العدوى والتفرغ دون أية إضافات. علة ذلك. عدم تضمن لائحة نظام العاملين لديها على زيادتهما. قضاء الحكم المطعون فيه باحتساب هذين البدلين للمطعون ضدهن مضافا إليهما العلاوات الخاصة المضمومة للأجر الأساسي. مخالفة للقانون وخطأ.

-----------------

1 - إذ كان النص في المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 235 لسنة 1993 بشأن زيادة بدل العدوى للأطباء البيطريين والمعمول به اعتبارا من 1/ 4/ 1993 على أن "تكون فئة بدل العدوى (بدل ظروف ومخاطر الوظيفة) للأطباء البيطريين المعاملين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه (أي القانون رقم 47 لسنة 1978) بواقع 360 جنيها سنويا وبحد أقصى 40% من بداية الأجر المقرر للوظيفة"، والنص في المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1097 لسنة 1997 بشأن منح بدل تفرغ للأطباء البيطريين والمعمول به اعتبارا من 8/ 5/ 1997 على أن "يمنح الأطباء البيطريون أعضاء نقابة البيطريين الشاغلون لوظائف تقتضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج، الخاضعون لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة...... بدل تفرغ بالفئات الآتية:- 480 جنيه سنويا لشاغلي وظائف الدرجتين الأولى ومدير عام، 360 جنيها سنويا لشاغلي وظائف الدرجة الثانية، 180 جنيها سنويا لشاغلي وظائف الدرجة الثالثة" يدل على أن بدل العدوى الذي تقرر للأطباء البيطريين المخاطبين بقانون العاملين المدنيين بالدولة تحدد بمبلغ 360 جنيها سنويا، وبحد أقصى نسبته 40% من بداية الأجر المقرر للوظيفة دون إضافة أية علاوات خاصة، كما تحدد بدل التفرغ لذات الأطباء بمبالغ مقطوعة مقدارها 480 جنيها سنويا لشاغلي وظائف الدرجة الأولى ومدير عام، ومبلغ 360 جنيها سنويا لشاغلي الدرجة الثانية، ومبلغ 180 جنيها سنويا لشاغلي الدرجة الثالثة.

2 - إذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته وبما لا خلاف عليه بين الخصوم، أن المطعون ضدهن كن من الطبيبات البيطريات العاملات بالهيئة المصرية العامة للمستحضرات الحيوية واللقاحات ومن المخاطبات بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة، ويسري بشأنهن بدل العدوى وبدل التفرغ المقررين بقراري رئيس مجلس الوزراء سالفي الذكر، وإذ صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 187 لسنة 2002 بتحويل الهيئة المصرية العامة للمستحضرات الحيوية واللقاحات إلى شركة قابضة تسمى الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات، ونص في المادة الثامنة منه على أن "ينقل العاملون بالهيئة المصرية العامة للمستحضرات الحيوية واللقاحات إلى الشركة القابضة والشركات التابعة لها بذات أوضاعهم الوظيفية ...، ويحتفظ العامل المنقول- بصفة شخصية- بما يحصل عليه من أجور وبدلات ومزايا ولو كانت تزيد على ما يستحقه طبقا لهذه اللوائح ..."، ومن ثم يحتفظ للمطعون ضدهن بعد نقلهن إلى الشركة الطاعنة، وهي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة المشار إليها آنفا بهذين البدلين وبهذا القدر المنصوص عليه بقراري رئيس مجلس الوزراء سالفي الذكر دون أية إضافات طالما لم تتضمن لائحة نظام العاملين لدى الطاعنة النص على زيادة هذين البدلين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باحتساب هذين البدلين للمطعون ضدهن على أساس الأجر المقرر للوظيفة مضافا إليه العلاوات الخاصة التي ضمت للأجر الأساسي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن على الطاعنة- الشركة ........ - الدعوى رقم .... لسنة 2010 عمال الجيزة الابتدائية، بطلب الحكم بأحقيتهن في صرف بدل التفرغ وبدل العدوى وبدل طبيعة العمل على أساس بداية الأجر المقرر للوظيفة التي تشغلها كلا منهن مضافا إليه العلاوات الخاصة التي ضمت للأجر الأساسي في 1/ 7/ 1992 بموجب القانون رقم 29 لسنة 1992، وقلن بيانا لها إنهن طبيبات بيطريات وكن من العاملين بالهيئة ...... والتي تم تحويلها إلى شركة قابضة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 187 لسنة 2002، ونفاذا لهذا القرار تم نقلهن إلى الشركة الطاعنة باعتبارها إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات مع احتفاظهن بصفة شخصية بما كن يحصلن عليه من أجور وبدلات ومنها بدل العدوى وبدل التفرغ المقررين بقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 235 لسنة 1993، 1664 لسنة 1995، ولما كانت الطاعنة تصرف لهن هذين البدلين بالإضافة إلى بدل طبيعة العمل المقرر بلائحة نظام العاملين بها على أساس بداية مربوط الأجر المقرر للوظيفة دون العلاوات الخاصة التي ضمت إلى هذا الأجر، فقد أقمن الدعوى بطلباتهن سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 18/ 4/ 2012 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 129ق القاهرة "مأمورية استئناف الجيزة"، وبتاريخ 30/ 12/ 2012 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضدهن الفروق المالية المستحقة عن احتساب بدل العدوى وبدل التفرغ على أساس الأجر مضافا إليه العلاوات الخاصة عن الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى وما يستجد من فروق على النحو المحدد بتقرير الخبير، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 235 لسنة 1993 حدد فئة بدل العدوى للأطباء البيطريين المخاطبين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بواقع 360 جنيها سنويا وبحد أقصى 40% من بداية الأجر المقرر للوظيفة، كما حدد قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1097 لسنة 1997 المعدل للقرار 1664 لسنة 1995 بدل التفرغ لذات الأطباء بمبالغ محددة سنويا مقدارها 480 جنيه لشاغلي وظائف الدرجة الأولى والمدير العام، 360 جنيه لشاغلي وظائف الدرجة الثانية، 180 جنيه لشاغلي الدرجة الثالثة، وإنها تصرف هذين البدلين للمطعون ضدهن بهذا القدر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه أحكام هذين القرارين واحتسب هذين البدلين على أساس الأجر المقرر لمربوط الدرجة الوظيفية مضافا إليه العلاوات الخاصة وإلزامها أن تؤدي لهن الفروق المالية المترتبة على ذلك، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 235 لسنة 1993 بشأن زيادة بدل العدوى للأطباء البيطريين والمعمول به اعتبارا من 1/ 4/ 1993 على أن "تكون فئة بدل العدوى (بدل ظروف ومخاطر الوظيفة) للأطباء البيطريين المعاملين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه (أي القانون رقم 47 لسنة 1978) بواقع 360 جنيها سنويا وبحد أقصى 40% من بداية الأجر المقرر للوظيفة"، والنص في المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1097 لسنة 1997 بشأن منح بدل تفرغ للأطباء البيطريين والمعمول به اعتبارا من 8/ 5/ 1997 على أن "يمنح الأطباء البيطريون أعضاء نقابة البيطريين الشاغلون لوظائف تقتضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج، الخاضعون لأحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة...... بدل تفرغ بالفئات الآتية:- 480 جنيه سنويا لشاغلي وظائف الدرجتين الأولى ومدير عام، 360 جنيها سنويا لشاغلي وظائف الدرجة الثانية، 180 جنيها سنويا لشاغلي وظائف الدرجة الثالثة"، يدل على أن بدل العدوى الذي تقرر للأطباء البيطريين المخاطبين بقانون العاملين المدنيين بالدولة تحدد بمبلغ 360 جنيها سنويا، وبحد أقصى نسبته 40% من بداية الأجر المقرر للوظيفة دون إضافة أية علاوات خاصة، كما تحدد بدل التفرغ لذات الأطباء بمبالغ مقطوعة مقدارها 480 جنيها سنويا لشاغلي وظائف الدرجة الأولى ومدير عام، ومبلغ 360 جنيها سنويا لشاغلي الدرجة الثانية، ومبلغ 180 جنيها سنويا لشاغلي الدرجة الثالثة. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته وبما لا خلاف عليه بين الخصوم، أن المطعون ضدهن كن من الطبيبات البيطريات العاملات بالهيئة .......... ومن المخاطبات بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة، ويسري بشأنهن بدل العدوى وبدل التفرغ المقررين بقراري رئيس مجلس الوزراء سالفي الذكر، وإذ صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 187 لسنة 2002 بتحويل الهيئة ........... إلى شركة قابضة تسمى الشركة القابضة ...........، ونص في المادة الثامنة منه على أن "ينقل العاملون بالهيئة ............. إلى الشركة القابضة والشركات التابعة لها بذات أوضاعهم الوظيفية ...، ويحتفظ العامل المنقول- بصفة شخصية- بما يحصل عليه من أجور وبدلات ومزايا ولو كانت تزيد على ما يستحقه طبقا لهذه اللوائح ..."، ومن ثم يحتفظ للمطعون ضدهن بعد نقلهن إلى الشركة الطاعنة، وهي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة المشار إليها آنفا بهذين البدلين وبهذا القدر المنصوص عليه بقراري رئيس مجلس الوزراء سالفي الذكر دون أية إضافات طالما لم تتضمن لائحة نظام العاملين لدى الطاعنة النص على زيادة هذين البدلين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باحتساب هذين البدلين للمطعون ضدهن على أساس الأجر المقرر للوظيفة مضافا إليه العلاوات الخاصة التي ضمت للأجر الأساسي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم تعين الحكم في الاستئناف رقم .... لسنة 129ق القاهرة "مأمورية استئناف الجيزة" برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 5405 لسنة 80 ق جلسة 2 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 158 ص 1091

جلسة 2 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه، هشام عبد الحميد الجميلي ود/ طه عبد العليم نواب رئيس المحكمة.
--------------
(158)
الطعن رقم 5405 لسنة 80 القضائية

(1 - 3) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: المسئولية الشيئية: قيامها".
(1) الأصل أن تكون الحراسة لمالك الشيء. الاستثناء. مباشرة شخص آخر خلافه السيطرة الفعلية على الشيء في الاستعمال والتوجيه لحساب نفسه. أثره. اعتباره حارسا له. سواء انتقلت له السيطرة الفعلية على الشيء بإرادة المالك أم بغير إرادته.

(2) المالك بعقد بيع. اعتباره حارسا. مناطه. تسليم المبيع إليه. ولو كان عقد البيع باطلا أو قابلا للإبطال أو موقوفا فيه نقل الملكية. عله ذلك.

(3) تمسك الطاعن بعدم حيازته للسيارة أداة الحادث وقت وقوعه وانتقال حراستها إلى آخر بموجب عقد بيع وتدليله على ذلك بالمستندات. دفاع جوهري. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزامه بالتعويض عن وفاة مورث المطعون ضدهم استنادا لاستلامه السيارة عقب الحادث محل التداعي لكونه مالكها محتجبا عن بحث ذلك الدفاع المؤيد بالمستندات. خطأ.

---------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الأصل أن تكون الحراسة لمالك الشيء إلا إذا باشر شخص آخر خلافة السيطرة على الشيء في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، فإن الحراسة تكون له دون مالكه وسواء انتقلت له السيطرة الفعلية على الشيء بإرادة المالك أو دون إرادته.

2 - إذا كان المالك قد ملك بعقد بيع، فالبائع قبل التسليم هو الحارس، ويصبح الحارس هو المشتري بتسليم الشيء إليه، ولو كان عقد البيع باطلا أو قابلا للإبطال أو كان موقوفا فيه نقل الملكية، إذ بتسليم المشتري الشيء، فإنه يصبح حارسه ولو لم تنتقل إليه الملكية، لأن العبرة ليست بنقل الملكية بل بالسيطرة الفعلية.

3 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في صحيفة الاستئناف بعدم حيازته للسيارة أداة الحادث وقت وقوعه وانتقال الحراسة عليها إلى من يدعى ...... بموجب عقد بيع، وقدم إقرارا يفيد استلامه للسيارة بتاريخ 16/11/2005 فضلا على أن قائد السيارة المتوفي ابن أخت الأخير وتابع له، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض هذا الدفاع مجتزءا القول بأن "الثابت من مطالعة محضر الشرطة أن المستأنف هو الذي حضر وقام باستلام السيارة رقم ..../ ... بصفته مالك لها وذلك نفاذا لقرار النيابة بتسليم السيارة لمالكها" رغم أن استلام الطاعن للسيارة عقب وقوع الحادث لا يقطع بذاته بأنها كانت في حراسته وتحت سيطرته الفعلية وقت الحادث وهو ما حجبه عن بحث دفاع الطاعن في هذا الشأن حال أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون فضلا عن خطئه في تطبيق القانون وفساده في الاستدلال معيبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.

----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني محكمة المنيا الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ ثلاثمائة وخمسين ألف جنيه تعويضا، وقالوا بيانا لدعواهم إنه بتاريخ 1/1/2006 تسبب قائد السيارة رقم .... نقل المنيا المملوكة للطاعن في وفاة مورثهم بطريق الخطأ، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم .... لسنة 2006 جنح أبو قرقاص، وإذ أصابهم أضرار مادية وأدبية من جراء وفاة مورثهم فضلا عن استحقاقهم تعويضا موروثا. فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 25/2/2009 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بالتعويض الذي قدرته. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" بالاستئناف رقم .... لسنة 45ق، كما استأنفه الطاعن أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 45ق. ضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت بتاريخ 20/1/2010 بتعديل الحكم المستأنف بتخفيض مقدار التعويض على النحو الذي ارتأته. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة- في غرفة مشورة- فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بانتفاء صفته في الدعوى وقدم لذلك عقود بيع عرفية تفيد بيعه للسيارة مرتكبة الحادث لصاحب معرض سيارات والذي قام بدوره ببيعها إلى من يدعى ........ والذي استلمها بموجب إقرار استلام مؤرخ 16/11/2005، وكانت تحت حيازته وسيطرته قبل الحادث، وهو ما تنتفي معه حراسته للسيارة أداة الحادث، إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع رغم جوهريته وعن طلب إدخال سالف الذكر باعتباره المالك الحقيقي للسيارة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الأصل أن تكون الحراسة لمالك الشيء إلا إذا باشر شخص آخر خلافة السيطرة على الشيء في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، فإن الحراسة تكون له دون مالكه وسواء انتقلت له السيطرة الفعلية على الشيء بإرادة المالك أو دون إرادته، فإذا كان المالك قد ملك بعقد بيع، فالبائع قبل التسليم هو الحارس، ويصبح الحارس هو المشتري بتسليم الشيء إليه، ولو كان عقد البيع باطلا أو قابلا للإبطال أو كان موقوفا فيه نقل الملكية، إذ بتسليم المشتري الشيء فإنه يصبح حارسه ولو لم تنتقل إليه الملكية، لأن العبرة ليست بنقل الملكية بل بالسيطرة الفعلية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في صحيفة الاستئناف بعدم حيازته للسيارة أداة الحادث وقت وقوعه وانتقال الحراسة عليها إلى من يدعى .......... بموجب عقد بيع، وقدم إقرارا يفيد استلامه للسيارة بتاريخ 16/11/2005 فضلا على أن قائد السيارة المتوفي ابن أخت الأخير وتابع له، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض هذا الدفاع مجتزءا القول بأن "الثابت من مطالعة محضر الشرطة أن المستأنف هو الذي حضر وقام باستلام السيارة رقم ..../ .... بصفته مالك لها وذلك نفاذا لقرار النيابة بتسليم السيارة لمالكها" رغم أن استلام الطاعن للسيارة عقب وقوع الحادث لا يقطع بذاته بأنها كانت في حراسته وتحت سيطرته الفعلية وقت الحادث وهو ما حجبه عن بحث دفاع الطاعن في هذا الشأن حال أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون فضلا عن خطئه في تطبيق القانون وفساده في الاستدلال معيبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.