الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعنان 66 ، 77 لسنة 32 ق جلسة 7 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 12 ص 149

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد, وعادل محمود فرغلي, وعبد القادر النشار, وإدوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(12)

الطعنان رقما 66، 77 لسنة 32 القضائية

(أ) اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات الإدارية - المنازعة في تصحيح الاسم الممول به حصة في عقار بالسجلات الرسمية – المادة (172) من الدستور – المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. 

المنازعة في تصحيح الاسم الممولة به حصة.. المدعي في عقار بالسجلات الرسمية المخصصة لذلك والموجودة في حوزة الجهة الإدارية المختصة هي إحدى المنازعات الإدارية وينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري - تطبيق.
(ب) ضرائب - الضريبة على العقارات المبنية - تكييف إجراء تمويل العقار بسجلات الضريبة على العقارات المبنية. 

تمويل العقار بسجلات الضريبة على العقارات المبنية هو مجرد رصد لأسماء المكلفين قانوناً بالضريبة على أساس عقود الملكية المشهرة - هذا الرصد لا يعدو أن يكون قرينة على وضع اليد - هذه القرينة قابلة لإثبات العكس من جانب صاحب المصلحة - مؤدى ذلك: تعتد جهة الإدارة عند تسجيل أسماء الممولين في سجلاتها بعقود الملكية المشهرة - إذا طرأ تعديل على الملكية بموجب عقد مشهر فإنه يتعين على الجهة الإدارية أن تؤشر في سجلات الضريبة على العقارات المبنية ما لم يطلب إليها غير ذلك - يشترط أن يكون الطلب قائماً على سند رسمي يقابل في قوته العقد المشهر أو يقوم مقامه – تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 10/ 1985 أودع الأستاذ.......... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 1/ 9/ 1985 في الدعوى رقم 108 لسنة 29 ق، والذي قضى بالآتي "حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبعدم قبول تدخل كل من جابر محمد عبد العال وعبد اللطيف محمد القرش خصمين في الدعوى، وبأحقية المدعين في تصحيح تمويل اثني عشر قيراطاً في العقار رقم 3 تنظيم بشارع طارق سيدي جابر موضوع النزاع إلى اسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وما يترتب على ذلك من آثار "وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن - وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول تدخل الطاعنين خصماً منضماً للإدارة، وبعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى بصفة أصلية واحتياطياً بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى".
وبتاريخ 30/ 10/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الإسكندرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 1/ 9/ 1985 في الدعوى رقم 108 لسنة 29 ق، والمشار إليه سلفاً، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات. وقد تم إعلان الطعنين قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وقدم المستشار مفوض الدولة تقرير الرأي القانوني في الطعنين رقمي 66 و77 لسنة 32 ق، ارتأى فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه.
وقد عينت جلسة 5/ 12/ 1988 لنظر الطعن رقم 66 لسنة 32 ق عليا أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وفي تلك الجلسة قررت المحكمة ضم الطعن رقم 77 لسنة 32 ق إلى الطعن رقم66 لسنة 32 ق عليا للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وتداولت المحكمة نظر الطعنين على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 25/ 7/ 1990 إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) والتي حددت لنظر الطعنين جلسة 20/ 10/ 1990، وجرى تداولهما على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 3/ 10/ 1993 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 7/ 11/ 1993.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن عبد الرازق درويش مصطفى كان قد أقام الدعوى رقم 108 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 4/ 1/ 1975 طلب في ختامها الحكم بإلزام محافظة الإسكندرية بتصحيح الاسم الممول به الحصة البالغ مقدارها اثني عشر قيراطاً ضمن العقار رقم 59 تنظيم سابقاً وحالياً 3 تنظيم شارع طارق سيدي جابر قسم باب شرق من الاسم الممولة به خطأ وهو جابر محمد عبد العال - الذي لا يملكها - إلى الاسم المالك لها حقيقة وهو عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد والتأشير بهذا التصحيح في السجلات الرسمية المخصصة لذلك وكافة ما يترتب على هذا التصحيح من آثار قانونية.
وقال المدعي شارحاً دعواه أن العقار المذكور كان ممولاً بدفاتر البلدية برقم 912 عقار جريدة رقم 184 جزء (5) سنة 1949 باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وزنوبه أحمد سليمان وبمقتضى حكم المزاد الصادر من محكمة العطارين الجزئية بتاريخ 3/ 1/ 1945 آل إلى عبد الرازق درويش (المدعي) 12 قيراطاً في العقار المذكور ومن ثم أصبح تمويل العقار باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وعبد الرازق درويش كل منهم بحق 12 قيراطاً بالمشاع، وبموجب عقد ابتدائي في عام 1942 كان المدعي قد اشترى نصيب شريكه في التمويل، وحصل على حكم بصحة ونفاذ هذا العقد في القضية رقم 1485 لسنة 1957 مدني كلي إسكندرية في 12/ 11/ 1958، وعندما شرع في التسجيل فوجئ بأن تمويل العقار نقل خطأ باسم جابر محمد عبد العال بحق 12 قيراط دون سند قانوني وزينب عطية شحاته بحق 12 قيراطاً، الأمر الذي حال دون تسجيل حكم صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي الصادر لصالحه، مما اضطره إلى إنذار محافظ الإسكندرية بضرورة إعادة الحال إلى ما كان عليه بتحويل نصف العقار باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد واستبعاد اسم جابر عبد العال ولكن دون جدوى، فأقام الدعوى رقم 61 لسنة 1967 - مدني كلي أسكندرية التي قضى فيها بعدم اختصاص المحكمة المدنية بنظر الدعوى تأسيساً على أن النزاع المطروح هو نزاع إداري، ومن ثم أقام دعواه الماثلة بطلب الحكم له بإلزام الجهة الإدارية بإجراء التصحيح المطلوب.
وأثناء نظر الدعوى حضر مصطفى عبد الرازق درويش وأقر بوفاة والده وقدم حافظة مستندات بها إعلام وراثة وطلب الاستمرار في الدعوى.
وبتاريخ 6/ 3/ 1985 - بعد حجز الدعوى للحكم - قدم جابر محمد عبد العال طلباً بإعادة الدعوى للمرافعة ليتسنى له التدخل وتقديم ما لديه من مستندات، وأجيب إلى طلبه وحددت جلسة 4/ 4/ 1985 وفيها قدم الحاضر عن جابر محمد عبد العال وعبد اللطيف محمد القرش حافظة مستندات للتدليل على أن العقار أصبح ملكاً لذلك الأخير بموجب عقود رسمية الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى، كما قدم الحاضر عن محمد جابر عبد العال مذكرة دفع فيها بعدم اختصاص المحكمة.
وبجلسة 1/ 9/ 1985 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبعدم قبول تدخل كل من جابر محمد عبد العال وعبد اللطيف محمد القرش خصمين في الدعوى، وبأحقية المدعين في تصحيح تمويل اثني عشر قيراطاً في العقار رقم 3 تنظيم بشارع طارق سيدي جابر موضوع النزاع إلى اسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب.
وأسست المحكمة قضاءها - بالنسبة لرفض الدفع بعدم الاختصاص على سند من أن المنازعة الماثلة وإن كانت لا تتعلق بقرار إداري إيجابي أو سلبي - لأن عملية رصد التمويل وأسماء الممولين تتم طبقاً لعقود مسجلة ومشهرة - فإنها تعتبر إحدى المنازعات الإدارية التي أوردها البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 مما تختص هذه المحكمة بنظرها.
وعن عدم قبول التدخل قالت المحكمة أن الطلب الذي قدمه جابر محمد عبد العال هو لمجرد إعادة الدعوى للمرافعة ليتسنى له التدخل في الدعوى، وبعد إعادتها للمرافعة لم يتخذ طالب التدخل السبيل القانوني الذي رسمته المادة 126 من قانون المرافعات وأن غاية ما قدمه هو حافظة مستندات كان القصد منها إثبات حقه في تمويل العقار باسمه.
وعن الموضوع شيدت المحكمة قضاءها على أن العقار كان ممولاً باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وعبد الرازق درويش مصطفى (مورث المدعين) بحق 12 قيراطاً لكل منهم على الشيوع وأن عبد الرحمن عبد الرحمن باع بعقد بيع ابتدائي ما يخصه من هذا العقار (12 قيراطاً) إلى مورث المدعين وإزاء امتناع ورثة البائع عن إتمام تسجيل وشهر عقد البيع أقام المشتري الدعوى رقم 1485 لسنة 1957 كلي إسكندرية ضد ورثة البائع وتدخل فيها كل من جابر محمد عبد العال وزينب عطية شحاته، غير أنه قضى في الدعوى برفض تدخل طالبي التدخل وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي ومن ثم يتعين احترام حجية الحكم وتصحيح تمويل العقار (12 قيراطاً) باسم البائع أولاً عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد ثم نقل التمويل إلى اسم مورث المدعين ثم المدعين أنفسهم.
ولما لم يصادف هذا الحكم قبولاً من الطاعنين فقد أقام جابر محمد عبد العال وعبد اللطيف محمد إبراهيم الطعن رقم 66 لسنة 32 ق بغية إلغاء الحكم المطعون فيه وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون حينما قضى برفض طلب التدخل ذلك أن الطاعنين تقدما بطلب فتح باب المرافعة مرفقاً به المستندات المؤيدة لطلباتهما ولدى فتح باب المرافعة حضر وكيل عنهما وطلب التدخل خصماً منضماً للمحافظة، وترافع في الدعوى ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تتأكد أن كل ما يدور في الجلسة قد تم إثباته في محضرها وبالتالي لإيضاح المتدخلان من تقصير أمين سر المحكمة في إثبات دفاع المتدخلين وأنه كان على المحكمة أن تحكم بقبول التدخل.
ثانياًً: فات المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة لأن الدعوى رفعت ابتداء باسم عبد الرازق درويش مصطفى ولما توفى أثناء نظرها عُدلت باسم مصطفى عبد الرازق عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الورثة وكان يتعين رفعها باسم الورثة جميعاً، ومن ناحية أخرى كان يتعين أن ترفع الدعوى من عبد الرحمن سعيد المطلوب تغيير تمويل نصف العقار ليكون باسمه أو على الأقل أن يدخل فيها.
ثالثاً: أن المحكمة أخطأت إذ قضت باختصاصها بنظر الدعوى، لأن الحكم في الدعوى تعرض للملكية ولعقود مسجلة ما كان يجب أن يتعرض لها.
رابعاً: أن الدعوى هي دعوى ملكية وأن تغيير التمويل لا يتم إلا بمقتضى عقود مسجلة في حين أن سند الدعوى حكم ابتدائي لم يسجل، وأن جابر محمد عبد العال الذي تم نقل التمويل إليه معه عقد مسجل ناقل للملكية لم يلغ أو يطعن عليه.
ويخلص الطاعنان إلى أن المحكمة قضت بما لم يطلبه الخصوم إذ حكمت بتغيير التمويل ليكون باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد ثم مورث المدعين في حين أن المدعين لم يطلبوا في دعواهم إلا تغيير التمويل ليكون باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد.
وأقام محافظ الإسكندرية الطعن رقم 77 لسنة 32 ق على سند من أن الحكم المطعون أخطأ في تطبيق القانون حين رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً لأن واقعة نقل أو تصحيح التكليف واقعة مادية تخرج من عداد المنازعات الإدارية ولا اختصاص للقضاء الإداري بنظرها ومن ناحية أخرى خالف الحكم القانون حين أجاز تصحيح المكلفة باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد ثم باسم مورث المدعين ثم باسم المدعين في وقت كانت الحصة محل النزاع مباعة بالعقد الأول المسجل من البائعة زينب عطية شحاته إلى المشتري عبد اللطيف محمد القرش وذلك في 16/ 5/ 1979 م والعقد الثاني مسجل في 11/ 5/ 1980 والبائع هو جابر محمد عبد العال للمشتري عبد اللطيف محمد إبراهيم القرش، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 66 لسنة 32 ق عليا المقام من جابر محمد عبد العال وعبد اللطيف محمد إبراهيم، فإن الثابت من الاطلاع على أوراق الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وعلى ذلك الحكم، أن الطاعنين لم يختصما قانوناً أمام محكمة القضاء الإداري التي أصدرت الحكم، وأنهما ظلا بعيدين عن الدعوى غير ماثلين فيها، وأنه ولئن كان صحيحاً - حسبما هو وارد بمدونات الحكم - أن أحدهما تقدم بطلب إلى المحكمة - بعد إقفال باب المرافعة - يطلب إعادة الدعوى إلى المرافعة ليتسنى له التدخل وتقديم ما لديه من مستندات، وأن المحكمة استجابت لذلك، إلا أنه لم يثبت أن الطاعنين اتخذا السبيل القانوني الصحيح الذي رسمته المادة 126 من قانون المرافعات للتدخل في الدعوى، سواء بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة, أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها، ومن ثم فإن تدخلهما غير قائم قانوناً بعد أن لم يراعيا صحيح الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات، وأنه إذا ما قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول ذلك التدخل فإنه يكون قد أصاب وجه الحق، ولا وجه لما أثاره الطاعنان من أن أمين سر المحكمة قصر في إثبات تدخلهما بمحضر الجلسة، أو أن حضور موكلهما وتقديمه حافظة مستندات بالجلسة يفيد تدخلهما في الدعوى، إذ أن كل ذلك مردود عليه بأن القانون رسم إجراءات معينة لطالب التدخل عليه هو أن يتثبت من مراعاتها.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان الثابت أن الطاعنين لم يختصما في الدعوى التي صدر الحكم الطعين فيها، كما وأن المحكمة لم تقبل - وبحق - تدخلهما، فإذا كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة ممن لم يكن طرفاً في الدعوى، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها، وإنما تبين عليه في هذه الحالة متى مس الحكم مصلحة له أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرته إن رأى موجباً لذلك، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن رقم 66 لسنة 32.
ومن حيث إن الطعن رقم 77 لسنة 32 ق قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول للطعن الماثل والخاص بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى، فإنه وفقاً لحكم المادة 172 من الدستور ينعقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة بالفصل في المنازعات الإدارية، كما أنه طبقاً لحكم المادة 10 من قانون مجلس الدولة تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات وطلبات التعويض عن قرارات فصل الموظفين العموميين، والقرارات الإدارية النهائية، وسائر المنازعات الإدارية واختصاصها في هذا الشأن هو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات وجميع ما يتفرع عنها من مسائل.
ومن حيث متى كان ما تقدم وكان المستظهر من الأوراق أن المنازعة موضوع الدعوى تدور حول تصحيح الاسم الممولة به حصته في عقار في السجلات الرسمية المخصصة لذلك والموجودة في حوزة الجهة الإدارية المختصة، ومنازعة هذه الجهة للمدعي في إجراء ذلك التصحيح، ومن ثم فإن المنازعة الماثلة تعتبر إحدى المنازعات الإدارية التي أوردها البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة مما ينعقد الاختصاص بنظرها للقضاء الإداري، وترتيباً على ذلك فإن قضاء الحكم المطعون فيه باختصاص المحكمة بنظر الدعوى قد أصاب صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن تمويل العقار بسجلات الضريبة على العقارات المبنية هو مجرد رصد لأسماء المكلفين قانوناً بالضريبة، على أساس من عقود الملكية المشهرة، وهذا الرصد لا يعدو أن يكون قرينة على وضع اليد قابلة لإثبات العكس من جانب صاحب المصلحة ومن ثم تعتد الجهة الإدارية عند تسجيل أسماء الممولين في سجلاتها، بعقود الملكية المشهرة وإذ طرأ تعديل على الملكية بموجب عقد مشهر، فإنه يتعين على الجهة الإدارية أن تؤشر في سجلات الضريبة على العقارات المبنية، ما لم يطلب إليها غير ذلك على أن يكون الطلب قائماً على سند رسمي يقابل في قوته العقد المشهر أو يقوم مقامه.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن العقار المتنازع على تصحيح اسم مموله، كان ممولاً عام 1949 باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وزنوبه أحمد سليمان لكل منهما بحق 12 قيراط بالمشاع، وأنه في 31/ 1/ 1945 قضت محكمة العطارين الجزئية برسو مزاد حصة قدرها 12 قيراط في العقار المذكور على مورث المدعين وسجل هذا الحكم، وأنه بناء عليه تم تمويل العقار برقم 1037 جريدة 37 جزء 6/ 1956 باسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد 12 ط، عبد الرازق درويش (مورث المدعين) 12ط (وذلك وفقاً للمستند الرسمي المقدم في الدعوى والصادر من بلدية الإسكندرية قسم الإيرادات قلم الضريبة على العقارات المبنية) كما يبين من الأوراق أن مورث المدعين كان قد أقام الدعوى رقم 1485 لسنة 57 كلي أسكندرية يطلب فيها صحة ونفاذ عقد بيع ابتدائي بموجبه باع عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد إلى عبد الرازق مصطفى 12 ط على الشيوع وهي حصته في العقار المتنازع عليه, واختصم في هذه الدعوى ورثة البائع عبد الرحمن سعيد وتدخل فيها جابر محمد عبد العال وزينب عطية شحاته وطلبا قبولهما خصمين متدخلين على أساس أن كلاً منهما يمتلكان نصف العقار، وطلبا أجلاً لتقديم مستنداتهما إلا أن الأول لم يقدم أي مستند وأن الثانية تقدمت بحافظة مستنداتها التي عادت وسحبتها ولم تردها ثانية، وقضت المحكمة برفض تدخل زينب عطية وجابر محمد عبد العال وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 31/ 1/ 1942 الصادر من مورث المدعى عليهم (عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد) لمورث المدعين (عبد الرازق مصطفى) عن حصة عقارية قدرها اثني عشر قيراطاً شائعة في أرض وبناء المنزل المبين بعريضة الدعوى وقد طعن جابر محمد عبد العال في هذا الحكم بالاستئناف رقم 178 لسنة 15 س إسكندرية وبجلسة 13/ 5/ 1961 قضى بشطبه، وقدمت شهادة من سكرتارية المحكمة بأنه لم يتم تجديده.
ومن حيث إن المطعون فيه ضده قدم أيضاً شهادة سلبية صادرة من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق مكتب الإسكندرية بتاريخ 14/ 8/ 1957 تفيد عدم الاستدلال على وجود تسجيلات أو قيود موقعه ضد عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد عن العقار محل النزاع عن المدة من 1/ 1/ 1950 حتى 30/ 6/ 1957.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم إلى أنه آل إلى مورث المدعين حصة مقدارها 12 ط على المشاع في العقار المتنازع عليه بحكم من محكمة العطارين الجزئية تم تسجيله بقلم الرهون في 28/ 1/ 1950 وبناء على ذلك تم تمويل العقار برقم 1037 عقار 37 جريدة جزء 6/ 1956 باسمه وباسم صاحب الحصة الأخرى عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد، فإذا كان ذلك وكان الثابت أن هذا الأخير باع حصته بعقد بيع ابتدائي قضى بحصته ونفاذه بتاريخ 17/ 12/ 1958 وأصبح نهائياً وتم شهره برقم 717 في 7/ 5/ 1992 ومن ثم أصبح مورث المدعين هو المالك للمنزل المشار إليه ويتعين حينئذ احترام حجية هذا الحكم، ويغدو هو الممول للعقار وينتقل هذا الحق إلى ورثته من بعده، خاصة بعد أن أخفقت الجهة الإدارية في تقديم ما يدحض هذا الذي قدمه المطعون ضده، وعن تقديم المستندات الرسمية التي استندت عليها الإدارة في تمويل العقار المذكور باسم آخرين غير مورث المطعون ضدهم ومن قبله البائع له وهو عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد، وترتيباً على ذلك فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أحقية المدعين في تصحيح تمويل اثني عشر قيراطاً في العقار محل النزاع إلى اسم عبد الرحمن عبد الرحمن سعيد وما يترتب على ذلك من آثار يكون صحيحاً ولا مطعن عليه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن رقم 66 لسنة 32 ق وألزمت الطاعنين المصروفات، وبقبول الطعن رقم 77 لسنة 32 ق شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

الطعن 775 لسنة 3 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 81 ص 935

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيى الدين حسن وعلي إبراهيم البغدادي المستشارين.

---------------

(81)

القضية رقم 775 لسنة 3 القضائية

(أ) مدة خدمة سابقة 

- القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة - سريان أحكامه على جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقف صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة - لا يخل بذلك النص في المادة الثامنة منه على العمل به من تاريخ تنفيذ القانونان رقم 383 لسنة 1956 - حجة ذلك.
(ب) مدة خدمة سابقة 

- النص في المادة الثالثة من القرار رقم 159 لسنة 1958 على سقوط حق الموظف في طلب ضم مدد العمل السابقة إذا لم يتقدم بطلب لضمان خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره - رفع الموظف قبل صدور هذا القرار دعوى للمطالبة بضم مدد الخدمة السابقة وتصميمه على طلباته بعد صدور القرار المذكور بين أن توافرت فيه شروط تطبيقه - ذلك يغني عن تقديم طلب الضم.

-----------------
1 - في 20 من فبراير سنة 1958 صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ناصاً في مادته الثانية (1) على أن "مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أم منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر". وهذا القرار يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة، متى توافرت فيهم الشروط اللازمة لتطبيقه؛ ذلك أن هذه المحكمة سبق أن استقرت في أحكامها على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يتمسك بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه، فيسري عليه التنظيم الجديد بأثر حال من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه. ومن جهة أخرى إذا تضمن التنظيم الجديد مزايا جديدة فإن الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره يفيدون منها، إلا إذا كان واضحاً منه إنه قصد عدم إفادتهم منها؛ وبهذه المثابة يسري القرار رقم 159 لسنة 1958 على الموظفين الذين كانوا في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة. ولا يقدح في ذلك ما ورد في المادة الثامنة منه من أنه يعمل به من تاريخ تنفيذ القانون رقم 383 لسنة 1956؛ لأن الشبهة التي قد تثيرها هذه العبارة حول تحديد النطاق الزمني لسريان هذا القرار تنجلي بتقصي الأعمال التحضيرية له؛ ذلك أن نص المادة الثامنة كان في الأصل يجرى على النحو الآتي "على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار ويعمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية". ولكن السيد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للشئون المالية والإدارية طلب تعديل هذا النص بمذكرة جاء فيها "أن المادة السابعة نصت على إلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 الذي كان سارياً العمل به لغاية 2/ 11/ 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، ولما كان بعض الموظفن الذين عينوا في الخدمة اعتباراً من 2/ 11/ 1956 لهم مدد خدمة سابقة لم يتسن حسابها لحين صدور هذا القرار الجديد، فيقتضي الأمر أن ينص فيه على أن يقتصر تطبيقه على المعينين بعد 2/ 11/ 1956 مع عدم صرف فروق إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية"؛ فعدلت المادة الثامنة من القرار بالعبارة التي صدرت بها بناء على هذه المذكرة. ولكن هذا التعديل قد حصل بفهم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 انتهى العمل به في 2 من نوفمبر سنة 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، وهو فهم خاطئ؛ لأن هذا القرار لم ينته العمل به في هذا التاريخ، وغاية الأمر أن هذا القانون إنما صدر بتعديل المادة 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في خصوص معين فقط؛ بأن عدل عبارتها بحيث تشمل مدد الخدمة السابقة مدد العمل في الحكومة أو الهيئات أو في المؤسسات أو الأعمال الحرة، وكان النص الأصلي أضيق في الظاهر عن هذا النطاق، ولكن لم يمس القانون أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه ولا مجاله الزمني في التطبيق؛ فتكون الشبهة التي ثارت من عبارة المادة الثامنة من القرار رقم 159 لسنة 1958 - في ضوء ما تقدم كله - هي شبهة داحضة أثارها ذلك الفهم الخاطئ من وكيل وزارة التربية والتعليم، فأقمحت تلك العبارة على أساس هذا الفهم، دون أن يكون القصد منها موضوعاً المساس بأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه، أو بتحديد مجال زمني ينتهي فيه مفعوله، بل يتعين في هذا الشأن اتباع الأصول العامة في تطبيق القواعد التنظيمية العامة في علاقة الحكومة بموظفيها من حيث الزمان، وهي تؤدي إلى إفادة الموظفين الموجودين في الخدمة من مزايا القرار رقم 159 لسنة 1958 حسبما سلف إيضاحه، وحتى لا يكون الموظف القديم في وضع أدنى من موظف جديد، متى تماثلت المراكز القانونية تماماً، كما هو الحال في خصوصية النزاع.
2 - لئن كان القرار رقم 159 لسنة 1958 يشترط في مادته الثالثة أن يتقدم الموظف بطلب ضم مدد العمل السابقة مع تدعيم طلبة بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار، وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة، إلا أنه لما كانت طلبات المدعي في هذه الدعوى تنطبق تماماً على الحالة المنصوص عليها في المادة الثانية (1)، وكان تصميم المدعي على هذه الطلبات في دعواه بعد صدور القرار المذكور أبلغ في معنى طلب الضم المقدم في الميعاد المشار إليه، فهو يغني عنه، ويكون له الحق في الإفادة من أحكام القرار المذكور، بعد إذ توافرت سائر شروطه في حقه (1).


إجراءات الطعن

في 22 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة طعناً قيد بجدولها تحت رقم 775 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 25 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 2733 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد/ عبد السلام محمد الشربيني ضد وزارة الشئون البلدية والقروية، والقاضي "برفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950، والقضاء بتطبيق هذا القرار عليه، مع إلزام الحكومة المصروفات". وأبلغ الطعن الحكومة في 4 من يونيه سنة 1957، والخصم المطعون لصالحه في أول يونيه سنة 1957، وعينت لنظرها جلسة 7 من فبراير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة إيضاحات ذوي الشأن التي رأت سماعها على النحو المبين بمحضر الجلسة، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - كما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية، ثم أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري عملاً بأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لاختصاصها بنظرها؛ لأن المدعي من موظفي الفئة العالية. وطلب في صحيفة دعواه الحكم بضم مدة خدمته السابقة بالمجالس البلدية واعتبار أقدميته في الدرجة السادسة من 11 من ديسمبر سنة 1945، تاريخ تعيينه بالمجلس، وليس من 19 من أبريل سنة 1948، تاريخ تسلمه العمل بمصلحة الرخص، وما ترتب على ذلك من آثار، وتشمل تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة. وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج من مدرسة الهندسة التطبيقية العليا سنة 1945، وعين بالمجالس البلدية اعتباراً من 11 من ديسمبر سنة 1945 بوظيفة مهندس بمجلس بلدي جرجاً بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي، ونقل إلى مصلحة الرخص بعد موافقة كل من مصلحة الرخص وإدارة البلديات على هذا النقل، واستلم العمل في مصلحة الرخص في يوم 19 من أبريل سنة 1948، وكان قد أدى عمله في المجالس البلدية حتى 17 من أبريل سنة 1948، أي أن المدة متصلة والدرجة واحدة والعمل متحد، وقد فوجئ بأن قرار إلحاقه بمصلحة الرخص هو قرار تعيين وليس قرار نقل، على أساس أن النقل من المجالس البلدية إلى الوزارة يعتبر تعييناً جديداً، ورفضت الوزارة ضم مدة خدمته السابقة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947 لعدم توافر شرط الثلاث السنوات في خدمة المجالس البلدية، وقد صدر قرار مجلس الوزراء في 23 من أغسطس سنة 1950 بضم المدد السابقة دون تحديد مدة، طالما أنها متصلة.
ومن حيث إن الوزارة ردت على الدعوى بأن المدعي حصل على دبلوم الهندسة التطبيقية العليا سنة 1945، والتحق بمجلس بلدي جرجا في الدرجة السادسة بماهية 500 م و10 ج من 11 من ديسمبر سنة 1945، ثم نقل إلى مجلس بلدي طنطا من 21 من ديسمبر سنة 1946، وقدم في 11 من فبراير سنة 1948 طلباً لوزارة الصحة للموافقة على تحويل أوراقه إليها، وفي 19 من أبريل سنة 1948 صدر أمر بفصله من بلدية طنطا لتعيينه بمصلحة الرخص التابعة لوزارة الصحة في ذلك الوقت، وأصدرت وزارة الصحة العمومية قراراً برقم 240 في 12 من فبراير سنة 1948 بتعيينه مهندساً تحت التمرين بمصلحة الرخص بعقد لمدة سنة بماهية 500 م و10 ج تصرف من ربط الدرجة السادسة، واستلم العمل فعلاً في 19 من فبراير سنة 1948، ورقي إلى الدرجة الخامسة في 27 من أغسطس سنة 1952. ونظراً لأن مدة خدمته بالمجالس تقل عن ثلاث سنوات فلم تتوافر شروط ضم المدة بقرار مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947، وبالتالي لا يجوز النظر في تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة؛ إذ أن ضم مدة الخدمة السابقة لا يؤثر على أقدميته في الدرجات التالية للدرجة المقررة لمؤهله الدراسي. وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") حكمت بجلسة 25 من مارس سنة 1957 برفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات. واستندت في قضائها هذا إلى أن المجالس البلدية - وإن كانت من أشخاص القانون العام - إلا أن لها شخصيات معنوية مستقلة عن شخصية الحكومة، ومؤدى هذا أن موظفيها، وإن كانوا يعتبرون موظفين عموميين، إلا أنهم لا يعتبرون موظفين بالحكومة، ولا تعتبر خدمتهم في الحكومة استمراراً لخدمتهم بالمجالس، وإنما هي مدة خدمة جديدة مستقلة عن مدة خدمتهم بالمجالس وليست استمراراً لها؛ وعلى مقتضى ذلك لا يفيد المدعي من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بشأن ضم مدد الخدمة السابقة؛ لأن مدة خدمته بالمجالس تقل عن ثلاث سنوات، كما أنه طبقاً لهذا النظر لا يفيد المدعي من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ لأن مناط ذلك أن تكون الخدمة السابقة بإحدى وظائف الحكومة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 في شأن حساب مدد الخدمة السابقة لم يفرق بين ما إذا كان الموظف قد قضى مدة خدمته بجهات حكومية أو جهات شبه حكومية، بل قضى بجواز حساب مدة الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية، سواء أكانت تلك المدد قضيت على اعتماد أو في درجة أو غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، ولم يقيد هذا القرار المدد، أو أن تكون قد قضيت بجهات حكومية؛ إذ نص على ضم مدد الخدمة بجهات حكومية أو شبه حكومية، وقد أورد حكماً خاصاً بموظفي مجالس المديريات.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بشأن ضم مدد الخدمة السابقة؛ لأن مدة خدمة المدعي بالمجالس تقل عن ثلاث سنوات، ولأنه لا يفيد من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ لأن شرط الإفادة منهما أن تكون الخدمة السابقة في الحكومة، وذلك كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - لئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه وقت صدوره في تطبيقه القرارات المتقدمة، إلا إنه قد صدر به ذلك في 20 من فبراير سنة 1958 القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ناصاً في مادته الثانية (1) على أن "مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة، سواء أكانت متصلة أم منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر"، وهذا القرار الأخير يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة، متى توافرت فيهم الشروط اللازمة لتطبيقه؛ ذلك أن هذه المحكمة سبق أن استقرت في أحكامها على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يتمسك بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه، فيسري عليه التنظيم الجديد بأثر حال من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه. ومن جهة أخرى إذا تضمن التنظيم الجديد مزايا جديدة فإن الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره يفيدون منها، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد عدم إفادتهم منها؛ وبهذه المثابة يسري القرار رقم 159 لسنة 1958 على الموظفين الذين كانوا في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة. ولا يقدح في ذلك ما ورد في المادة الثامنة منه من أنه يعمل به من تاريخ تنفيذ القانون رقم 383 لسنة 1956؛ لأن الشبهة التي قد تثيرها هذه العبارة حول تحديد النطاق الزمني لسريان هذا القرار تنجلي بتقصي الأعمال التحضيرية له؛ ذلك أن نص المادة الثامنة كان في الأصل يجري على النحو الآتي "على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار، ويعمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية"، ولكن السيد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للشئون المالية والإدارية طلب تعديل هذا النص بمذكرة جاء فيها "أن المادة السابعة نصت على إلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 الذي كان سارياً العمل به لغاية 2/ 11/ 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، ولما كان بعض الموظفن الذين عينوا في الخدمة اعتباراً من 2/ 11/ 1956 لهم مدد خدمة سابقة لم يتسن حسابها لحين صدور هذا القرار الجديد، فيقتضي الأمر أن ينص فيه على أن يقتصر تطبيقه على المعينين بعد 2/ 11/ 1956، مع عدم صرف فروق إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية"؛ فعدلت المادة الثامنة من القرار بالعبارة التي صدرت بها بناء على هذه المذكرة. ولكن هذا التعديل قد حصل بفهم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 انتهى العمل به في 2 من نوفمبر سنة 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، وهو فهم خاطئ؛ لأن هذا القرار لم ينته العمل به في هذا التاريخ، وغاية الأمر أن هذا القانون إنما صدر بتعديل المادة 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في خصوص معين فقط؛ بأن عدل عبارتها بحيث تشمل مدد الخدمة السابقة مدد العمل في الحكومة أو الهيئات أو في المؤسسات أو الأعمال الحرة، وكان النص الأصلي أضيق في الظاهر عن هذا النطاق، ولكن لم يمس القانون أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه ولا مجاله الزمني في التطبيق؛ فتكون الشبهة التي ثارت من عبارة المادة الثامنة من القرار رقم 159 لسنة 1958 - في ضوء ما تقدم كله - هي شبهة داحضة أثارها ذلك الفهم الخاطئ من وكيل وزارة التربية والتعليم؛ فأقمحت تلك العبارة على أساس هذا الفهم الخاطئ، دون أن يكون القصد منها موضوعاً المساس بأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه أو بتحديد مجال زمني تنتهي فيه مفعوله، بل يتعين في هذا الشأن اتباع الأصول العامة في تطبيق القواعد التنظيمية العامة في علاقة الحكومة بموظفيها من حيث الزمان، وهي تؤدي إلى إفادة الموظفين الموجودين في الخدمة من مزايا القرار رقم 159 لسنة 1958، حسبما سلف إيضاحه، وحتى لا يكون الموظف القديم في وضع أدنى من موظف جديد، متى تماثلت المراكز القانونية تماماً، كما هو الحال في خصوصية النزاع، وهذا ما انتهى إليه رأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري في هذا الخصوص، وهو ما تقره هذه المحكمة.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار المشار إليه يشترط في مادته الثالثة أن يتقدم الموظف بطلب ضم مدد العمل السابقة مع تدعيم طلبة بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة، إلا أنه لما كانت طلبات المدعي في هذه الدعوى تنطبق تماماً على الحالة المنصوص عليها في المادة الثانية (1)، وكان تصميم المدعي على هذه الطلبات في دعواه بعد صدور القرار المذكور أبلغ في معنى طلب الضم المقدم في الميعاد المشار إليه؛ فهو يغني عنه، ويكون للمدعي الحق في الإفادة من أحكام القرار المذكور، بعد إذ توافرت سائر شروطه في حقه، فيتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بحساب المدة السابقة على النحو المبين في المنطوق، مع إلزام المدعي بمصروفات دعواه؛ إذ لم يكن على حق عند إقامتها، وإنما أسعفه فيها صدور القرار المشار إليه بعد ذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي ضم مدة خدمته السابقة في مجلس بلدي جرجا وطنطا إلى مدة خدمته بالحكومة، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، وألزمت المدعي بالمصروفات".


(1) في هذا المعنى راجع أيضاً المبدأ المنشور في العدد الأول من السنة الرابعة من هذه المجموعة، بند 1، صفحة 3.

الطعن 11 لسنة 89 ق نقابات جلسة 23 / 3 / 2023

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والعمالية
برئاسة السيد القاضي / علي عبد المنعم حامد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد سليمان ، علي كمونة محمد عبد الجواد حمزة نواب رئيس المحكمة وأحمد الشاذلي بحضور السيد رئيس النيابة/ مدحت سامح. وحضور السيد أمين السر/ محمد رجب.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الخميس 1 من رمضان سنة 1444ه الموافق 23 من مارس سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 11 لسنة 89 قضائية (نقابات).

المرفوع من
السيدة/ هبة محمود حسن علي.
المقيمة/ روض الفرج الصولي - السبع آبار الشرقية - محافظة الإسماعيلية.
لم يحضر عنها أحد.
ضد
السيد/ نقيب المهن العلمية.
ويعلن/ 8 شارع بستان الدكة - الألفي - محافظة القاهرة.
لم يحضر عنها أحد.

------------------

" الوقائع "

أقامت الطاعنة الدعوى رقم 39740 لسنة 73 ق أمام محكمة القضاء الإداري وحُكم فيها بتاريخ 11/4/2019 بعدم الاختصاص الولائي والإحالة إلى محكمة النقض حيث قُيدت برقم 11 لسنة 89 ق نقابات، وعُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها عدم قبول الطعن، سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد عبد الجواد حمزة نائب رئيس المحكمة والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ٣٩٧٤٠ لسنة ٧٣ ق أمام محكمة القضاء الإداري على المطعون ضدها - نقابة المهن العلمية - بطلب الحكم بوقف تنفيذ قرارات الجمعية العمومية للنقابة المنعقدة بتاريخ 29/3/2019 وبإلغاء هذه القرارات لإنعدامها وما يترتب على ذلك من آثار. وبتاريخ 11/4/2019 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة حيث قُيدت برقم 11 لسنة ۸۹ ق نقابات. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن، وإذ عُرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها ألتزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض أن تتصدىَ لمسألة الاختصاص الولائي سواء آثارها الخصوم أو لم يُثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدىَ لها من تلقاء نفسها إذ أنها تتعلق بالنظام العام. وأنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ما لم يُحدد الحكم تاريخاً آخر، وأن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر وهو حكم مُلزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على جميع المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على هذا الحكم باعتباره كاشفاً عن عيب لحق بالنص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي يترتب عليه عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره مادام قد أدرك الدعوى قبل الفصل فيها ولو كانت أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها، أما الحكم بعدم دستورية نص ضريبي فليس له إلا أثر مباشر يُطبق بمقتضاه على الوقائع والمراكز القانونية اللاحقة على صدوره من اليوم التالي لتاريخ نشره ولا ينسحب أثره إلى الماضي. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في القضية رقم ۹۱ لسنة ٤٣ ق دستورية بجلسة 5/11/2022 وتم نشره في الجريدة الرسمية بالعدد رقم ٤٤ مكرر في 8/11/2022 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة ۲۹ من قانون نقابة المهن العلمية الصادر بالقانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٦٩ التي عَقدت لمحكمة النقض الاختصاص بالفصل في الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية وتشكيل مجلس النقابة والقرارات الصادرة منها وقد تضمن الحكم في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه أن الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية والقرارات الصادرة منها وبتشكيل مجلس النقابة تُعد جميعها بهذا الوصف منازعات إدارية بطبيعتها، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظرها حصراً لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري, وإذا أَسندت المادة (۲۹) من القانون رقم ۸۰ لسنة ١٩٦٩ سالفة البيان الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض التابعة لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادماً لنص المادة (۱۹۰) من الدستور الذي أضحى بمقتضاه مجلس الدولة - دون غيره - هو صاحب الولاية في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها ابتداءً أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بطلب الحكم بوقف تنفيذ قرارات الجمعية العمومية للنقابة المنعقدة بتاريخ 29/3/2019، وبإلغاء هذه القرارات لإنعدامها وما يترتب على ذلك من آثار فإن المنازعة بهذه المثابة - وطبقاً لقضاء المحكمة الدستورية سالف البيان - تُعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها، ومن ثم تندرج ضمن الاختصاص المُحدد لمجلس الدولة وتنحسر عنها ولاية محكمة النقض باعتبارها من المحاكم العادية، وإذ أدرك قضاء المحكمة الدستورية سالف الذكر الدعوى أثناء نظرها أمام هذه المحكمة فإنه يتعين عليها إعماله من تلقاء ذاتها لتعلقه بالنظام العام، ولما كان حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 11/4/2019 بعدم اختصاصها ولائياً مُؤسس على النص المقضي بعدم دستوريته فإنه لا يحول بين محكمة النقض وبين معاودة النظر في الاختصاص الولائي باعتباره صار مطروحاً عليها بعدما استجد بحكم المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم تقضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر النزاع والإحالة إلى القضاء الإداري.
لذلك
قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن، وإحالته إلى محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالقاهرة، وأبقت الفصل في المصاريف.

الطعن 59 لسنة 3 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 80 ص 930

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيى الدين حسن وعلي إبراهيم البغدادي المستشارين.

-------------------

(80)

القضية رقم 59 لسنة 3 القضائية

سكك حديدية 

- قرار مجلس الوزراء في 13/ 1/ 1943 بشأن تعيين بعض من تثبت عدم لياقتهم الطبية في وظائف أخف عملاً بماهياتهم الأصلية - سريان أحكامه على من فصل لعدم اللياقة الصحية وأعيد للخدمة قبل صدوره.

---------------
وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 13 من يناير سنة 1943 على الطلب الذي تضمنته المذكرة رقم 28 المرفوعة من مدير عام مصلحة السكك الحديدية إلى مجلس إدارة المصلحة في 9 من سبتمبر سنة 1942 والتي أقرها هذا الأخير في 27 منه في شأن "تعيين سائقي ووقادي الوابورات وبعض عمال الحركة عندما تتضح عدم لياقتهم الطبية لوظائفهم في وظائف أخرى أخف عملاً بماهياتهم الأصلية"؛ وذلك بنقل من يرسب في الكشف الطبي بسبب ضعف الإبصار والصدر والقلب إلى الوظيفة الخالية التي يمكن إسنادها إليه، على أن يمنح ماهيته الأصلية ولو زادت عن أقصى مربوط الدرجة المخصصة للوظيفة التي يعين فيها، على أن تكون الماهية بصفة شخصية له تسوي بمجرد وجود وظيفة خالية تتناسب درجتها مع ماهيته؛ وعلى ذلك يتعين صرف المرتب الأصلي للمطعون عليه بعد أن توافرت فيه الشروط المطلوبة وأعيد للخدمة قبل صدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 22 من ديسمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بجلسة 22 من أكتوبر سنة 1956 في الدعوى رقم 151 لسنة 3 ق المرفوعة من السيد/ محمد سليمان عامر ضد مصلحة السكك الحديدية، والقاضي "بأحقية المدعي في أن تدفع له المصلحة الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه عند التشريك في 9/ 7/ 1936 وقدره 13 ج وبين المرتب الذي كان يتقاضاه في 13/ 1/ 1943، وذلك عن المدة من 13/ 1/ 1943 حتى 29/ 10/ 1944، وكذلك أحقيته في صرف مكافأته عن المدة التي قضاها بالخاصة الخديوية تبع خط مريوط من سنة 1905 إلى 17/ 2/ 1914، تاريخ التحاقه بخدمة المصلحة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شطره الأول، والقضاء برفض هذا الطلب، وإلزام المدعي مصروفاته". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 29 من ديسمبر سنة 1956، وإلى الخصم في 6 من يناير سنة 1957، وعين لنظره جلسة 31 من يناير سنة 1959، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكة الحديد بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 17 من ديسمبر سنة 1955 طالباً الحكم بإلزام مصلحة السكة الحديد بأن تدفع له فرق مرتبه ما بين خمسة جنيهات و13 جنيهاً عن المدة من 13 من يناير سنة 1943 حتى 29 من أكتوبر سنة 1944، وكذلك أحقيته في صرف مكافأته عن المدة التي قضاها بالخاصة الخديوية تبع خط مريوط من سنة 1905 إلى 17 من فبراير سنة 1914 تاريخ التحاقه بخدمة المصلحة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه عين مساح وابورات بخط مريوط عندما كان تابعاً للخاصة الخديوية سنة 1905، ولما ضم هذا الخط إلى المصلحة نقل بوظيفة سائق وابورات إلى مصلحة السكة الحديد، وذلك في سنة 1914، وظل يعمل بالمصلحة إلى أن وصل مرتبه 13 ج، وفي سنة 1936 شرك لمرض القلب والصدر، ثم أعيد للعمل بالمصلحة بوظيفة رئيس مساحين بمرتب قدره خمسة جنيهات، وذلك في 4 من يناير سنة 1938، وظل يعمل في هذه الوظيفة إلى أن صدر قرار مجلس الوزراء في 13 من يناير سنة 1943 الذي قضى بأن يعاد للخدمة المشركون بمرض القلب والصدر بمرتباتهم التي كانوا يتقاضونها قبل التشريك، وذلك من تاريخ صدور هذا القرار، ولكن المصلحة لم تصرف له هذا الفرق إلا من شهر أكتوبر سنة 1944، وردت المصلحة بأن المدعي فصل من الخدمة في 9 من يوليه سنة 1936 لعدم اللياقة الطبية، ومنح مكافأته، ثم أعيد للخدمة بوظيفة رئيس مساحين بأجر يومي قدره 200 م على أساس أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 13 من يناير سنة 1943 لا ينطبق على حالته، إلا أنه تظلم من ذلك هو وزملاؤه، فوافقت الإدارة على تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر بالنسبة له، على أن لا تصرف له فروق إلا من 29/ 10/ 1944. وفي 22 من أكتوبر سنة 1956 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها "بأحقية المدعي في أن تدفع له المصلحة الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه عند التشريك في 9/ 7/ 1936 وقدره 13 ج وبين المرتب الذي كان يتقاضاه في 13/ 1/ 1943، وذلك عن المدة من 13/ 1/ 1943 حتى 29/ 10/ 1944...". وأسست قضاءها على أن المدعي - وقد شرك طبياً بسبب إصابته بأحد الأمراض الواردة في قرار 13 من يناير سنة 1943 - فإنه بذلك يكون محقاً في طلب الانتفاع بأحكامه، بما في ذلك الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته على مقتضاه اعتباراً من تاريخ صدوره.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن سند المدعي في دعواه هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 13 من يناير سنة 1943 الذي أعاد العمل بالقرار السابق صدوره في سنة 1938 بالترخيص لمدير عام السكك الحديدية في نقل من يرسب في الكشف الطبي من خدمة القاطرات بسبب أمراض الصدر والقلب والإبصار إلى وظائف أخف عملاً بماهياتهم الأصلية، وهذا القرار هو أول قرار يصدر في هذا الخصوص، ولم يشتمل على أن أي حكم يتسع للوقائع السابقة على صدوره؛ فمن ثم فإن المدعي - إذ فصل قبل العمل به - لا يكون له أدنى حق في الانتفاع بما أورد من ميزات خص بها خدمة القاطرات استثناء من القواعد العامة. فإذا كان مجلس إدارة المصلحة قد رأى - بما له من سلطة الاستثناء - تطبيقه في حق فإنه لا يستطيع المطالبة بأكثر مما قرره له، فكان يتعين رفض طلبه صرف أية فروق عن فترة سابقة على التاريخ الذي حدده لذلك.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تصدر في هذا الشأن، ومركز الموظف مركز قانوني عام يخضع في تنظيمه لما تقرره هذه القوانين واللوائح من أحكام. ويتفرع عن ذلك أنه إذا تضمنت نظم التوظف مزايا للوظيفة وشرطت للإفادة منها شروطاً فإن حق الموظف في الإفادة منها يكون منوطاً بتوافر تلك الشروط؛ وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشرة من تاريخ العمل به، وإذا تضمن النظام الجديد مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري النظام الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 13 من يناير سنة 1943 على الطلب الذي تضمنته المذكرة رقم 28 المرفوعة من مدير عام مصلحة السكك الحديدية إلى مجلس إدارة المصلحة في 9 من سبتمبر سنة 1942 والتي أقرها هذا الأخير في 27 منه في شأن "تعيين سائقي ووقادي الوابورات وبعض عمال الحركة عندما تتضح عدم لياقتهم الطبية لوظائفهم في وظائف أخرى أخف عملاً بماهياتهم الأصلية"؛ وذلك بنقل من يرسب في الكشف الطبي بسبب ضعف الإبصار والصدر والقلب إلى الوظيفة الخالية التي يمكن إسنادها إليه، على أن يمنح ماهيته الأصلية ولو زادت عن أقصى مربوط الدرجة المخصصة للوظيفة التي يعين فيها، على أن تكون الماهية بصفة شخصية له، تسوي بمجرد وجود وظيفة خالية تتناسب درجتها مع ماهيته. وعلى هدى ما تقدم يتعين صرف المرتب الأصلي للمطعون عليه بعد أن توافرت فيه الشروط المطلوبة وأعيد للخدمة قبل صدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها؛ بحسبان أن المطعون عليه دأب على المطالبة بالفروق المالية في سنة 1946 و1948 و1949 و1950 و1952 و1954؛ وبذلك لم تسقط بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 4001 لسنة 37 ق جلسة 30 / 10 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 10 ص 125

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل, وعويس عبد الوهاب عويس, ومحمد عبد الحميد مسعود, ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(10)

الطعن رقم 4001 لسنة 37 القضائية

(أ) عاملون بالقطاع العام - التميز بين توصيف وتقييم الوظائف والتعيين فيها.
المواد 8 و10 و12 و32 و33 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978. ميز المشرع بين توصيف وتقييم الوظائف وبين التعيين فيها - حدد المشرع لكل منهما أداته والسلطة المختصة بإجرائه - خول المشرع مجلس الإدارة وضع الهيكل التنظيمي للشركة وجداول توصيف وتقييم الوظائف بما يضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها وشروط شغلها والأجر المقرر لها وذلك في حدود الجدول رقم (1) المرفق بالقانون - لمجلس الإدارة أن يعدل الهيكل التنظيمي وجداول التوصيف المشار إليها - أما الاختصاص بالتعيين في الوظائف والترقية إليها فقد ربط المشروع بينه وبين الدرجة المحددة لكل وظيفة - جعل المشروع الاختصاص بالتعيين في الوظائف العليا للوزير المختص بناء على ترشيح مجلس الإدارة - مؤدى ذلك: أن أعمال سلطة التقييم لاختصاصها بتحديد الدرجة المالية لإحدى الوظائف أو برفع الدرجة المالية لوظيفة سبق تقييمها لا يؤدي بمفرده إلى تقلد العامل للوظيفة وإنما يتعين أن يصدر بذلك قرار من السلطة المختصة بالتعيين والترقية إن كان شغل الوظيفة يتم بطريق الترقية - تطبيق.
(ب) قرار إداري - عيب عدم الاختصاص - شروط تصحيحه.
يجوز تصحيح عيب عدم الاختصاص طالما لم يصدر حكم بإلغاء القرار المطعون فيه – تطبيق.
(جـ) الترقية للوظائف العليا - شروطها - شرط المؤهل.
تحديد المؤهل العلمي اللازم لشغل الوظيفة لا يخرج عن أحد ثلاثة بدائل هي: 
1 - مؤهل عال. 2 - مؤهل عال مناسب. 3 - مؤهل عال متخصص. يتسع نطاق السلطة التقديرية عند المفاضلة بين المرشحين عند تطلب مؤهل عال وتضيق عند تطلب مؤهل عال متخصص إذ تلتزم الإدارة بشغل الوظيفة من بين حملة هذا دون غيره - اشتراط مؤهل عال مناسب تتمتع فيه الإدارة بسلطة الموازنة والتقدير بين المؤهلات التي يمكن اعتبارها مناسبة للوظيفة دون حصر نطاق الترشيح من بين حملة مؤهل بعينه مثل المؤهلات العليا التجارية - تخضع الإدارة وهي تمارس سلطتها بصورها المختلفة لرقابة القضاء الإداري – تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 18 من أغسطس سنة 1991 أودع السيد الأستاذ/ ..... المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ ... بالتوكيل الرسمي العام رقم 2649 هـ لسنة 1988، توثيق مصر الجديدة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4001 لسنة 37 قضائية عليا، ضد السادة وزير السياحة والطيران المدني، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران، و....., في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 27/ 6/ 1991 في الدعوى رقم 649 لسنة 43 قضائية، والقاضي "بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي المصروفات", وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - ولما اشتمل عليه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين في الوظيفة موضوع النزاع وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها، وإبقاء الفصل في المصروفات.
وتحددت جلسة 26/ 10/ 1992 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وفيها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 28/ 12/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 9/ 1/ 1993 وفيها نظر وبما تلاها من جلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 2/ 10/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماح الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن السيد/ .......... أقام أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) الدعوى رقم 649 لسنة 43 قضائية ضد السادة/ وزير السياحة والطيران المدني، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران المدني بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/ 11/ 1988 طلب في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير السياحة والطيران المدني رقم (379 ط) الصادر بتاريخ 28/ 7/ 1988 فيما تضمنه من تعيين السيد/ ....... رئيساً لقطاع التخطيط من الفئة الممتازة وبأحقية الطاعن في شغل هذه الوظيفة من تاريخ صدور القرار، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف والأتعاب.
وقال في شرح أسانيد دعواه أن القرار المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون فالمادة (8) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 تقضي بأن يعتمد مجلس الإدارة الهيكل التنظيمي وجداول التوصيف والتقييم وله أن يعيد النظر فيها كلما اقتضت مصلحة العمل ذلك، في حين أن الثابت أن مجلس إدارة المؤسسة الذي انعقد بجلسة 10/ 5/ 1988 ووافق على رفع القمة الإشرافية لقطاع التخطيط والمتابعة بالمؤسسة إلى الدرجة الممتازة وتكليف قطاع الشئون الإدارية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل الوضع الوظيفي لشاغلها السيد/ ............ للدرجة الممتازة هذا المجلس شكل تشكيلاً باطلاً فثلاثة من أعضائه كانوا مرشحين للترقية منهم المطعون على تعيينه هذا إلى مخالفة التشكيل لقراري رئيس مجلس الوزراء رقم 519 لسنة 1982 ووزير السياحة والطيران المدني رقم 247/ ط لسنة 1982 ثم صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 28/ 7/ 1988 وبعد إعادة تشكيل مجلس الإدارة بقراري رئيس الجمهورية رقم 284 بتاريخ 20/ 6/ 1988 ووزير السياحة والطيران المدني رقم 323/ ط لسنة 1988 ويخالف القرار المطعون فيه نص المادتين (12) و(33) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه لأن الطاعن يشغل الدرجة العالية من 22/ 2/ 1979 والمطعون على تعيينه يشغلها من 6/ 11/ 1982 وتقارير كفاية الطاعن الفنية تفضل المطعون على تعيينه بالإضافة إلى أن ملف خدمة الطاعن حافل بالثناء والتقدير من الرؤساء ومنهم رئيس مجلس إدارة المؤسسة وليس بملف خدمته ما يشوبه، وأنه قد أسند إليه متابعة الخطة الاستثمارية للمؤسسة ومتابعة اللجنة المختصة بالإشراف على تنفيذها والتي كانت برئاسة رئيس قطاع التخطيط بالإضافة إلى مهامه الأخرى، فمن ثم فإن الطاعن يكون أحق في شغل وظيفة رئيس قطاع التخطيط والمتابعة من الدرجة الممتازة كما أن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة لأن رفع القمة الإشرافية لقطاع التخطيط والمتابعة إلى الدرجة الممتازة لم يستهدف الصالح العام وصالح العمل وإنما هدف إلى ترقية المطعون على ترقيته ودليل ذلك أنه عندما رقى المطعون على ترقيته إلى مدير عام الإدارة العامة للشئون الاقتصادية بتاريخ 11/ 11/ 1980 كانت القمة الإشرافية لقطاع التخطيط من الدرجة الممتازة فأصدر السيد/ رئيس مجلس الإدارة إبان عمله كمفوض في سلطات مجلس الإدارة قراراً في مايو 1981 بتخفيض القمة الإشرافية لقطاع التخطيط وجعلها من الدرجة العالية ثم صدر قرار وزير السياحة والطيران المدني رقم 473/ ط لسنة 1982 بتعيين المطعون على تعيينه رئيساً لقطاع التخطيط والمتابعة من الدرجة العالية ثم عاد مجلس إدارة المؤسسة برفع القمة الإشرافية لهذه الوظيفة إلى الدرجة الممتازة بدعوى كبر حجم الاستثمارات المالية والتوسع في إعداد مشروعات التخطيط التي تقابل الزيادة المضطردة في حين أن خسائر شركة العالم العربي مصر للطيران - ونائب رئيس مجلس الإدارة بها، بطريق الندب، المطعون على تعيينه - بلغت حتى 30/ 9/ 1987 104.87% من رأس المال المصدر والمكتب وإذ تظلم من هذا القرار للسيد/ وزير السياحة والطيران المدني، وأخطر بالكتاب رقم 393 بتاريخ 18/ 10/ 1988 برفض تظلمه، كذلك فإنه يقيم دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وعقبت المؤسسة المدعى عليها بأن أودعت مذكرات بدفاعها طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً: برفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 10/ 5/ 1990 أثبت السيد الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً من السيد/ .......... بمحضر الجلسة قبول تدخل موكله خصماً منضماً في الدعوى إلى جانب المؤسسة.
وبجلسة 27/ 6/ 1991 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات), برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وبقبول تدخل......... خصماً منضماً إلى جانب الجهة الإدارية وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن البين من القانون رقم111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام، والقانون رقم 116 لسنة 1975، ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران أن هذه المؤسسة كانت منذ تاريخ إنشائها ولا تزال محتفظة بكيانها القانوني كمؤسسة عامة وأن موظفيها موظفون عموميون ومن ثم تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بشئونهم الوظيفية وإذ كان ذلك وكانت المحكمة تختص نوعياً بنظر الدعوى طبقاً لأحكام المادتين (10) و(13) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإنه يتعين رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها ولما كان طالب التدخل هو المطعون في ترقيته، وأن الحكم الذي سيصدر في الدعوى سيتعدى أثره إليه فمن ثم فإنه يتعين الحكم بقبول تدخله خصماً منظماً إلى جانب الجهة الإدارية. أما عن قضاء الحكم بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فقد أقامته المحكمة على أساس أن الثابت أن المدعي يشغل وظيفة مستشار ثان من الدرجة العالية بالمجموعة التخصصية لوظائف التنمية الإدارية أما وظيفة رئيس قطاع التخطيط فتقع بمجموعة وظائف الإدارة العليا وكان يشغلها المطعون ضده منذ كان مقرراً لها الدرجة العالية وبعد رفع درجتها إلى الممتازة رقى إلى هذه الدرجة بالقرار الطعين وإذ تغاير المجموعة التخصصية لوظائف التنمية الإدارية مجموعة وظائف الإدارة العليا وكل من المجموعتين يعتبر وحدة متميزة في مجال التعيين والترقية والنقل والندب والإعارة، فمن ثم فإن المدعي لا يكون في مركز قانوني يخوله الحق في مزاحمة المطعون ضده في الترشيح للترقية إلى الوظيفة محل النزاع ولا يكون تبعاً لذلك في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له، الأمر الذي تغدو معه مصلحته في الطعن على هذا القرار منتفية ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى، لانتفاء المصلحة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن المجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا ومنها وظائف رؤساء القطاعات من الدرجة الممتازة وليست وظائف مخصصة في الميزانية لهذه القطاعات وإنما ينظمها جميعاً ميزانية المؤسسة في تسلسل هرمي يدل على التجانس في طبيعتها ويسمح بالترقية إليها لكل من تتوفر فيه شروطها ومنهم شاغلو وظائف مستشار ثان من الدرجة العالية إذ أن هذه الوظيفة بحسب بطاقة وصفها من وظائف الإدارة العليا أية ذلك صدور العديد من القرارات بنقل وندب شاغلي هذه الوظائف إلى وظائف رؤساء القطاعات, ومن ثم فإنه يكون لشاغلي وظائف مستشار ثان الحق في شغل وظائف الإدارة العليا متى توافرت بشأنهم شروطها ويكون الحكم المطعون فيه وقد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حرياً بالإلغاء. ولما كانت المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 600 لسنة 1975 بإعادة تنظيم مؤسسة مصر للطيران قد نصت على تشكيل مجلس إدارة المؤسسة بيد أنه بالرغم من ذلك فقد أصدر مجلس إدارة المؤسسة بجلسته المنعقدة بتاريخ 10/ 5/ 1988 قراره برفع القمة الإشرافية لقطاع التخطيط من الدرجة العالية إلى الدرجة الممتازة وتعيين السيد/ .......... بهذه الدرجة، وكان مجلس الإدارة مشكلاً طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 519 لسنة 1982، في حين أنه كان يتعين أن يشكل طبقاً لقرار رئيس الجمهورية المشار إليه، هذا إلى أن تشكيل مجلس الإدارة شكل بالمحافظة لقرار رئيس مجلس الوزراء المذكور، بل وأضافت هيئة مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري أسباباً أخرى لبطلان هذا التشكيل، ومن ثم فإن بطلان تشكيل مجلس الإدارة يترتب عليه بطلان ما صدر عنه من قرارات، ومنها القرار المطعون فيه هذا إلى أن قرار مجلس إدارة المؤسسة بتاريخ 10/ 5/ 1988 صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة، ذلك لأن المؤسسة خفضت القمة الإشرافية لوظيفة رئيس قطاع التخطيط من الدرجة الممتازة إلى الدرجة العالية، لترقية المطعون على ترقيته إلى الدرجة العالية، ثم قامت برفعها مرة أخرى إلى الدرجة الممتازة لترقية المطعون على ترقيته إلى الدرجة الممتازة، ولم يكن ذلك بباعث من المصلحة العامة، وما قيل في تبرير هذا القرار غير صحيح هذا إلى أن القرار المطعون فيه يخالف القانون، لخروجه عن القواعد الخاصة بالترقية بالاختيار المنصوص عليها في قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وما جرى عليه قضاء مجلس الدولة.
ومن حيث إن من الأمور المسلمة أن من شروط قبول دعوى الإلغاء أن يكون لرافعها مصلحة شخصية مباشرة - مادية كانت أو أدبية - في طلب الإلغاء بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له وإلا كانت الدعوى غير مقبولة بنص المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن المادة (8) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، تنص على أن "تضع كل شركة هيكلاً تنظيمياً لها وكذلك جداول توصيف وتقييم الوظائف المطلوبة لها بما يتضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها وشروط شغلها والأجر المقرر لها وذلك في حدود الجدول رقم (1) المرافق لهذا القانون.
ويعتمد الهيكل التنظيمي وجداول التوصيف والتقييم من مجلس الإدارة.
ولمجلس الإدارة أن يعيد النظر في الهيكل وفي الجداول المشار إليها كلما اقتضت مصلحة العمل ذلك.
وفي كل الأحوال يشترط الالتزام بالنسبة المقررة للأجور إلى رقم الإنتاج أو رقم الأعمال كما يضع مجلس الإدارة القواعد والإجراءات المتعلقة بتنفيذ نظام ترتيب الوظائف بما يتفق مع طبيعة نشاط الشركة وأهدافها وذلك مع مراعاة المعايير التي يصدر بشأنها قرار من رئيس مجلس الوزراء، وتنص المادة (10) على أن "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين فيها أو الترقية أو النقل أو الندب أو الإعارة إليها وذلك طبقاً للقواعد والضوابط والإجراءات التي يضعها مجلس الإدارة في هذا الشأن"، وتنص المادة (12) من ذات القانون على أنه "فيما عدا وظائف رئيس وأعضاء مجلس الإدارة التي تشغل بقرار من رئيس مجلس الوزراء يكون التعيين في الوظائف العليا بقرار من رئيس الجمعية العمومية للشركة بناء على ترشيح مجلس الإدارة...."، وتنص المادة (32) على أن "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية إليها من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها..........." وتنص المادة (33) على أن "مع مراعاة حكم المادة (12) من هذا القانون تكون الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى فما فوقها بالاختيار ويستهدى في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز..." وقسم الجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم 48 لسنة 1978، الدرجات المالية للوظائف إلى جزئين أولهما: الدرجات المالية للوظائف من الدرجة السادسة حتى الدرجة الأولى ويضم الثاني درجات الوظائف العليا التي تشمل درجة مدير عام والدرجة المالية والدرجة الممتازة.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن المشرع ميز بين توصيف وتقييم الوظائف وبين التعيين فيها، وذلك بأن حدد لكل منها أداته والسلطة المختصة بإجرائه، فخول مجلس الإدارة وضع الهيكل التنظيمي للمؤسسة وجداول توصيف وتقييم الوظائف بما يضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها وشروط شغلها والأجر المقرر لها وذلك في حدود الجدول رقم (1) المرفق بالقانون، وله أن يعدل الهيكل التنظيمي وجداول التوصيف المشار إليها.
أما الاختصاص بالتعيين في الوظائف والترقية إليها فقد ربط المشرع بينه وبين الدرجة المحددة لكل وظيفة، وجعل الاختصاص بالتعيين في الوظائف العليا للوزير المختص بناء على ترشيح مجلس الإدارة. وإذا كان الأمر كذلك فإن إعمال سلطة التقييم لاختصاصها بتحديد الدرجة المالية لإحدى الوظائف أو برفع الدرجة المالية لوظيفة سبق تقييمها لا يؤدي بمفرده إلى تقلد العامل للوظيفة وإنما يتعين أن يصدر بذلك قرار من السلطة المختصة بالتعيين والترقية، فإن كانت الوظيفة تدخل في نطاق الوظائف العليا صدر بشغلها قرار من الوزير المختص، متى استوفى العامل اشتراطات شغل الوظيفة بحسب بطاقة وصفها. وإذا كان شغل الوظيفة بطريق الترقية، فإنه يتعين أن تكون الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة وفي ذات المجموعة النوعية التي ينتمي إليها العامل، باعتبار المجموعة النوعية وحدة متميزة في مجالات الخدمة المدنية ومن بينها الترقية وفي ضوء هذا النظام اعتبر المشرع المجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا التي تبدأ بدرجة مدير عام وتنتهي بالدرجة الممتازة مجموعة نوعية متميزة قائمة بذاتها، بحسبانها وظائف قيادية توجد على قمة وظائف المجموعات النوعية المختلفة، وليس بها نوعيات أو تحديد بمجموعات نوعية بكل تختصص، وإن الخبرة اللازمة لشغلها تتعلق بأعمال الإدارة والتوجيه والإشراف والرقابة والمتابعة، ومن ثم فإنه يتنافس لشغل درجة مدير عام شاغلو الدرجات الأولى بالمجموعات النوعية المختلفة ممن تتوافر بشأنهم شروط الترقية إليها، ويتزاحم على الترقية إلى الدرجة العالية أو الممتازة جميع شاغلي الدرجة السابقة ولو كانت تنتمي إلى مجموعة وظائف تكرارية (غير إشرافية) يوجد على قمتها درجات تعادل الدرجات الموجودة بمجموعة وظائف الإدارة العليا، ما دام يتوافر في المرشح اشتراطات شغل وظائف الإدارة العليا.
ومن حيث إن الثابت أن مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران قرر باجتماعه الأول لسنة 1982 بتاريخ 3/ 1/ 1982 إلغاء وظائف نواب رئيس مجلس الإدارة الواردة بقرار وزير السياحة والطيران المدني رقم 190 لسنة 1975، وإنشاء وظائف تكرارية بمسمى مستشار بمجموعة الوظائف التخصصية للتنمية الإدارية على أن يكون تدرج هذه الوظائف طبقاً لما يلي: مستشار أول بالدرجة الممتازة ذات الربط 2175 جنيهاً سنوياً ومستشار ثان بالدرجة العالية ذات الربط 1560/ 2115 جنيهاً سنوياً ومستشار ثالث بدرجة مدير عام ذات الربط 1380/ 1992 جنيهاً سنوياً. ومستشار رابع بالدرجة الأولى ذات الربط 1020/ 1800 جنيهاً سنوياً. ثم قرر مجلس إدارة المؤسسة بجلسته السادسة سنة 1988 بتاريخ 10/ 5/ 1988 رفع القمة الإشرافية لقطاع التخطيط إلى الدرجة الممتازة بالمجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا، وعلى ترشيح السيد/ ............ لشغل هذه الوظيفة. ثم وافق وزير السياحة والطيران المدني بتاريخ 9/ 6/ 1988 على تعيين المذكور بوظيفة رئيس قطاع التخطيط من الدرجة الممتازة، وصدر بذلك قرار وزير السياحة والطيران المدني رقم 379/ ط بتاريخ 28/ 7/ 1988، المطعون فيه فمن ثم فإن المدعي (الطاعن) وإذ يشغل وظيفة مستشار ثان من الدرجة العالية بالمجموعة التخصصية للتنمية الإدارية يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له في أن يرقى إلى وظيفة رئيس قطاع التخطيط بالدرجة الممتازة بمجموعة وظائف الإدارة العليا وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً، فإنه يكون قد خالف القانون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 9/ 6/ 1988، ولم تقدم الجهة الإدارية المدعى عليها (المطعون ضدها)، بحسبان أن عبء الإثبات يقع على عاتقها، ما يثبت أن المدعي (الطاعن) علم بالقرار الطعين قبل تظلمه منه بتاريخ 7/ 9/ 1988، فمن ثم فإنه لا معدي من اعتبار هذا التاريخ هو تاريخ علمه بالقرار، وإذا أخطر بتاريخ 8/ 10/ 1988 برفض تظلمه، فأقام دعواه بتاريخ 1/ 11/ 1988 فإنه يكون قد أقامها في الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء المنصوص عليه بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وإذ استوفت الدعوى كافة أوضاعها الشكلية الأخرى، فإنها تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع طلب الإلغاء فإن المادة (6) من القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران، تنص على أنه "بمراعاة ما هو منصوص عليه في هذا القانون تستمر المؤسسة والوحدات الاقتصادية التابعة لها في مباشرة نشاطها طبقاً للأحكام الواردة في قرار رئيس الجمهورية رقم 600 لسنة 1975 بإعادة تنظيم مؤسسة مصر للطيران....".
ومن مقتضى ذلك أن تظل إدارة المؤسسة منوطة بمجلس الإدارة الذي يشكل على النحو الوارد في المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 600 لسنة 1975 المشار إليه، وبناء على ذلك وإذ صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 519 لسنة 1982، بتشكيل مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران، استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 30 لسنة 1982، بتفويض رئيس مجلس الوزراء في بعض الاختصاصات وبرغم أنه لم يرد في هذا القرار الأخير نص يفوض رئيس مجلس الوزراء في إصدار قرار بتشكيل مجلس إدارة المؤسسة المنصوص عليه في المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية رقم 600 لسنة 1975، فإن قرار رئيس الوزراء يكون قد صدر من غير مختص، بيد أنه لما كان الثابت من الأوراق أن رئيس الجمهورية قد أصدر القرار رقم 284 لسنة 1988، بتاريخ 20/ 6/ 1988، بإعادة تشكيل مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران، وذلك تطبيقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 600 لسنة 1975، الأنف ذكره، وتنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 284 لسنة 1988 صدر قرار وزير السياحة والطيران المدني رقم 333/ ط لسنة 1988، بتشكيل مجلس إدارة المؤسسة ثم قرر مجلس إدارة المؤسسة في اجتماعه الرابع لسنة 1990 بتاريخ 10/ 6/ 1990 التأكيد على قرارات مجلس الإدارة الصادرة بجلسته السادسة لسنة 1988 بتاريخ 10/ 5/ 1988، فمن ثم ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عيب عدم الاختصاص يجوز تصحيحه طالما لم يصدر حكم بإلغاء القرار المطعون فيه ومتى كان ذلك، وكان مجلس الإدارة قد شكل طبقاً لصحيح حكم القانون وبقرار من السلطة المختصة على النحو السالف الذكر، وقد تبنى مجلس الإدارة بعد تشكيله تشكيلاً صحيحاً قرار مجلس الإدارة الصادر بتاريخ 10/ 5/ 1988، فإن النص على هذا القرار الأخير بصدوره من مجلس إدارة غير مختص ومشكل تشكيلاً باطلاً يكون على غير أساس من القانون، حرياً بالالتفات عنه.
ومن حيث إن قرار مجلس إدارة المؤسسة برفع القمة الإشرافية لقطاع التخطيط إلى الدرجة الممتازة استهدف أن تتمشى الوظيفة مع المسئوليات والواجبات الكثيرة الملقاة على عاتق شاغل هذه الوظيفة، وحتى يتمكن من مواجهة الزيادة الكبيرة في حجم نشاط المؤسسة وكبر حجم الاستثمارات, وضرورة التوسع في مشروعات التخطيط، واقتراح الأساليب التي يمكن بها تحسين موقف المؤسسة، فمن ثم فإن القرار يكون قد استهدف تحقيق المصلحة العامة ولا يغير من ذلك أن يكون مجلس إدارة المؤسسة سبق أن خفض درجة هذه الوظيفة إلى العالية ثم رقى إليها المطعون على ترقيته، ثم عاد إلى رفعها مرة أخرى إلى الدرجة الممتازة ورقى إليها المطعون على ترقيته، إذ أن التعديل في الهيكل التنظيمي للمؤسسة وجدول الوظائف بها من اختصاص مجلس الإدارة، كما سبق القول، كما أن ترقية شاغل الوظيفة التي تقرر رفعه إليها بعد رفعها ليس فيه إساءة استعمال سلطة طالما أنه يصدر متفقاً مع صحيح حكم القانون، كما أن خسارة بعض الوحدات التابعة للمؤسسة لا يكشف عن إساءة استعمال السلطة في تقرير رفع القمة الإشرافية لوظيفة رئيس قطاع التخطيط إلى الدرجة الممتازة.
ومن حيث إن الجهة الإدارية ذكرت أن سبب إيثار المطعون على ترقيته على الطاعن مناسبة مؤهل الأول، وأن له خبرة عملية متقدمة في مجال التخطيط, والاقتصاد، وحضر العديد من الدورات التدريبية في هذا المجال، وكل هذا تخلف في شأن الطاعن فمؤهله غير مناسب، وخبرته في مجال لا يمت بصلة إلى التخطيط والاقتصاد، ولم يحضر أية دورات تدريبية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن بطاقة وصف الوظيفة هي وحدها التي تحدد اشتراطات شغلها سواء من حيث التأهيل العلمي أو المدة البينية التي يجب قضاؤها في الوظيفة الأدنى مباشرة أو مدة الخبرة الكلية في مجال العمل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على بطاقة وصف وظيفة رئيس التخطيط من الدرجة الممتازة بالمجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا، أن شاغلها يتولى ترجمة سياسات وأهداف الشركة إلى مشروعات خطط طويلة الأجل وقصيرة الأجل، ويشرف على إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لتشغيل وتغيير الطرازات وافتتاح أسواق جديدة وغيرها من المشروعات التي تتناول كافة أنشطة الشركة, ومتابعة الخطط المعتمدة وتحديد الانحرافات الإيجابية والسلبية في كل نشاط والتي تنشأ خلال مراحل التنفيذ واقتراح سبل تلافي المعوقات إما بتحسين الأداء أو اقتراح أو تعديل الخطة المعتمدة، وأنه يتطلب لشغل هذه الوظيفة مؤهل عال مناسب، وقضاء مدة كلية قدرها 18 سنة منها مدة بينية قدرها سنة على الأقل بالدرجة العالية، واجتياز البرامج التدريبية في مجال الإدارة والتخطيط التي تتيحها الشركة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمناسبة المؤهل فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه حين تحدد بطاقة وصف الوظيفة التأهيل العلمي اللازم لشغلها في ضوء طبيعتها والمجموعة التي تنتمي إليها والدرجة المالية المخصصة لها والواجبات والمسئوليات المنوطة بشاغلها، فإن هذا التحديد لا يخرج عادة عند تطلب المؤهل العلمي عن أحد البدائل الآتية: 1 - مؤهل عال. 2 - مؤهل عال مناسب. 3 - مؤهل عال متخصص (فني - هندسي - تجاري - قانوني وما يماثل ذلك)، وتتفاوت السلطة التقديرية لجهة الإدارة عند مفاضلتها بين المرشحين لشغل الوظيفة وفقاً لأي من هذه البدائل فيتسع نطاق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال فقط بحيث يجوز شغل الوظيفة من بين حملة أي مؤهل من المؤهلات التي تعتبر قانوناً من المؤهلات العالية دون أفضلية لمؤهل على آخر، وتضيق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال متخصص إذ تلتزم الإدارة بشغل الوظيفة من بين حملة هذا المؤهل دون أن يكون لها إحلال مؤهل عال آخر لا يوازيه من حيث التخصص محله، وفيما بين هذين الحدين تتمتع الإدارة - عند تطلب مؤهل عال مناسب بسلطة الموازنة والتقدير بين المؤهلات التي يمكن اعتبارها مناسبة للوظيفة، وغنى عن البيان أن الإدارة تخضع وهي تمارس سلطتها المشار إليها - بصورها المختلفة - لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم وإذ حددت بطاقة وصف الوظيفة محل النزاع - التأهيل العلمي اللازم لها بعبارة مؤهل عال مناسب دون عبارة مؤهل عال تجاري فإنها بذلك تفيد عدم حصر نطاق الترشيح لشغل هذه الوظيفة من بين حملة المؤهلات العليا التجارية دون غيرهم وإنما تفسح المجال لحملة أي مؤهل عال ترى الإدارة مناسبته للقيام بأعباء هذه الوظيفة وتحمل مسئولياتها الإدارية والفنية وفقاً لما حددته بطاقة الوصف، فمن ثم وإذ رأت الإدارة بموجب مالها من سلطة تقديرية أن بكالوريوس التجارة، الحاصل عليه السيد/ .............. المطعون على ترقيته أنسب للقيام بواجبات ومسئوليات وظيفة رئيس قطاع التخطيط من الدرجة الممتازة، حسبما ورد في بطاقة وصفها، من بكالوريوس العلوم العسكرية الحاصل عليه المدعي (الطاعن), وخلا تقدير جهة الإدارة من إساءة استعمال السلطة فإن تفضيلها للمطعون على ترقيته عن المدعي (الطاعن) في الترقية إلى الوظيفة المذكورة يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويغدو نعي المدعي "الطاعن" على القرار المطعون فيه بعدم المشروعية غير قائم على أساس من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إن من أصابه الخسران يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.


(1) الحكم الصادر بجلسة 5/ 12/ 1992 الطعن رقم 973 لسنة 37 ق.

الطعن 60 لسنة 2023 تمييز دبي عمالي جلسة 23 / 5 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 23-05-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 60 ، 61 لسنة 2023 طعن عمالي
طاعن:
تكترونيكس (ش .ذ.م.م)
مطعون ضده:
اشواق امبروس حيدر على
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2379 استئناف عمالي
بتاريخ 28-02-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده القاضي المقرر محمد علي الهادي الجمري وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن المدعي ــ المطعون ضده في الطعن رقم 60/2023 عمالي ــ تقدم بشكوى إلى دائرة العمل المختصة شاكياً المُدعى عليها - الطاعنة في الطعن المذكور - لامتناعها عن سداد مستحقاته العماليــة، وإذ تعذر على الدائرة تسوية النزاع وديــاً فقد أحالته إلى المحكمة حيث قُيدت صحيفته إلكترونياً بتاريخ 21/06/2022 وأعلنت قانوناً للمُدعى عليها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ (315000) درهم قيمة مستحقاته العمالية فضلاً عن الرسوم والمصاريف وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد عمل مُحدد المدة إلتحق بالعمل لدى المُدعى عليها بتاريخ 15/04/2008 بأجر شهري إجمالي مبلغ (35000) درهم منه مبلغ (21000) درهم أجر أساسي، وأن المدعى عليها أخلت بالتزاماتها التعاقدية والقانونية المتمثلة في عدم سداد كامل أجوره البالغة 315000 درهم فترك العمل بتاريخ 30/03/2022 تحت وطأة ذلك الإخلال وأقام الدعوى بعد تعذر التسوية الودية. تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة حيث قدمت المدعى عليها مذكرة جوابية تضمنت لائحة دعوى متقابلة طلبت في ختامها إلزام المدعى بأن يؤدي لها مبلغ (105000) درهم بدل مدة إنذار ثلاثة شهور لعدم التزامه بالعمل مدة الإنذار المتفق عليها والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد وقدم المدعى لائحة ــ تعديل طلبات ــ طلب في ختامها الزام المدعى عليها بأن تؤدى له مبلغ 573200 درهم ــ بالتفصيل المذكور لاحقاً ــ والفائدة القانونية بنسبة 5% من تاريخ الإستحقاق حتى تمام السداد وقال فيها : أنه سبق وأن رفع دعوى عمالية ضد المدعى عليها قيدت برقم 13478/2020 عمالي جزئي للمطالبة بأجوره لغاية شهر نوفمبر 2020، وبدل إجازة سنوية والتعويض عن الفصل التعسفي ومكافأة نهاية خدمة، وقضت المحكمة آنذاك لصالحه بمبلغ (475,034) درهم، وتم توقيع إتفاقية تسوية مع المدعى عليها لسداد كافة المطالبات حتى تاريخ 30/03/2021 بموجب شيكات، وطلبت منه الإستمرار في علاقة عمل بنفس بنود وشروط العقد السابق بدءاً من إتفاقية التسوية 01/04/2021 وتم تجديد عقد العمل إلا أنها امتنعت عن سداد أجوره منذ بداية التعاقد وحتى شهر نوفمبر 2021 مما دفعه إلى تسفير أسرته لموطنهم وأتفق مع المدعى عليها على قضاء إجازة سنوية لمدة شهر من 25/11/2021 وحتى 27/12/2021 فطلبت منه المدعى عليها العمل خلال فترة الإجازة من المنزل خلال شهري يناير وفبراير 2022، وعاد للدولة في 01/03/2022 حيث قدم استقالته بذات التاريخ مع شهر إنذار ينتهي في 30/03/2022 تحت وطأة عدم سداد المدعي عليها لمستحقات العمالية مدة خدمته من 08/04/2021 حتى 30/03/2022 وتشمل مبلغ (420,000) درهم قيمة أجوره المتأخرة للفترة من شهر أبريل 2021 لغايـة شهر مارس 2022 ، مبلغ (31500) درهم بدل رصيد الإجازة السنوية بواقع (30) يوم عن مدة خدمته ، مبلغ (105,000) درهم تعويض عن الفصل التعسفي ، مبلغ (14700) درهم بدل مكافأة نهاية خدمة ، مبلغ (2000) درهم قيمة تذكرة عودة لموطنه. ندبت محكمة أول درجة خبيراً وبعد أن أودع الخبير تقريره قدمت المدعى عليها مذكرة التمست في ختامها تعديل قيمة الدعوى المتقابلة بإلزام المدعى بأن يؤدي لها مبلغ 105000 درهم مع الفائدة بواقع 5% من تاريخ 01/08/2022 حتى السداد التام، بالإضافة لمبلغ 200,000 درهم مقابل التعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناتج عن المنافسة غير المشروعة وبتاريخ 7/11/ 2022 حكمت محكمة أول درجة أولاً: في الدعوى الأصلية: بإلزام المُدعى عليها بأن تؤدي للمُدعي مبلغ (401,333) درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً إعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 21/06/2022 وحتى تمام السداد، وبتذكرة عودة ، وألزمت المُدعى عليها برسم قيمة الدعوى المقضي بها بالمنطوق ورفضت عدا ذلك من طلبات. استأنفت المدعى عليها هذا الحكم بالإستئناف رقم 1379/2022 عمالي كما استأنفه المدعى باستئناف فرعي. بتاريخ 28-02-2023 حكمت محكمة الإستئناف بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً ورفضهما موضوعا وألزمت كل طرف برسوم استئنافه مع مصادرة التامين. طعنت المدعى عليها في هذا الحكم بالطعن بالتمييز رقم 60/2023 عمالي بموجب طلب الكتروني قدمته لمكتب إدارة الدعوي بتاريخ 2023/3/30 طلبت فيه نقضه وقدم محامي المدعى مذكرة جوابية طلب فيها رفض الطعن وطعن فيه المدعي بالطعن بالتمييز رقم 61/ 2023 عمالي بموجب طلب الكتروني قدمه لمكتب إدارة الدعوي بتاريخ 2022/3/29 طلب فيه نقض الحكم وقدم محامي المدعى عليها مذكرة جوابية طلبت فيها رفض الطعن وحيث إنه وبعد عرض الطعنين علي هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما في المرافعة فيها قررت ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط .
أولا: الطعن 60/ 2023 عمالي
فيما يتعلق بالدعوى المتقابلة :
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون حين رفض الدعوى المتقابلة بالرغم من عدم تمكن الخبير من استكمال المامورية لعدم تعاون المستأنف ضده مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يصار إلي بحث أسباب الطعن إلا إذا كان مقبولاً ومن المقرر أنه لا يقبل الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محكمة الإستئناف متى كانت قيمة الدعوى مضافاً اليها الملحقات مقدرة القيمة وقت رفعها لا تتجاوز خمسمائة الف درهم لما كان ذلك وكان البين أن قيمة الدعوى المتقابلة محل الطعن لا تجاوز النصاب المذكور فإن الطعن بشأنها يكون غير مقبول وبالتالى فإن النعي يكون غير مقبول
وحيث إن الطعن فيما يتعلق بالدعوى الأصلية قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال حين رفض الدفع المبدى منها برفض سماع الدعوى فيما يختص بالإجور بسبب مرور الزمن على المطالبة بالحقوق العمالية عن أبريل 2021 ومايو ويونيو 2021 مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعي مردود ذلك أن مفاد نص الفقرة السابعة من المادة 54 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021 أن القانون منع بموجب هذا النص سماع الدعوى بالمطالبة بأي حق من الحقوق المترتبة بمقتضي أحكام هذا المرسوم بقانون إذا مضت عليها سنة من تاريخ استحقاق الحق محل المطالبة ومن المقرر أن النص في المادة 487 من قانون المعامـلات المدنية على أنه (( 1 ـ لا يجوز التنازل عن الدفع بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان قبل ثبوت الحق في هذا الدفع كما لا يجوز الاتفاق على عدم جواز سماع الدعوى بعد مدة تختلف عن المدة التي حددها القانون . 2ـ ويجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه ان يتنازل ولو تنازلا ضمنياً عن الدفع بعد ثبوت الحق فيه على أن هذا التنازل لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر أضرارا بهم)) يدل على جواز نزول المدين عن الدفع بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان بعد ثبوت الحق فيه، وهذا التنازل قد يقع صريحاً كما قد يكون ضمنياً ، ومتى صدر التنازل سالف الذكر كان باتاً لا يجوز الرجوع فيه ومن المقرر أن الإقرار بأي حق من الحقوق المقررة للعامل بمقتضي العقد أو القانون بعد إكتمال مدة التقادم يعد تنازلاً عن الدفع بعدم السماع لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المستأنف لأسبابه قد قضي برفض الدفع بعدم سماع الدعوى فيما يتعلق بالرواتب الواردة بوجه النعي وكان الثابت من المذكرة المصاحبة لإحالة النزاع من دائرة العمل المتضمنة لملخص النزاع وحجج الطرفين وملاحظات الدائرة أن الطاعنة في شخص مديرها قد أقرت بما يفيد أن ذمتها مشغولة بإجور المطعون ضده وكان ذلك بعد اكتمال مدة التقادم مما يعد نزولاً عن الدفع بعدم سماع الدعوي فإن النتيجة سالفة الذكر التي انتهت إليها محكمة الموضوع تكون قد جاءت متفقة وصحيح القانون ومن ثم فإن النعي على حكمها المطعون فيه بما سلف يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في الأسباب والفساد في الإستدلال حين قرر استحقاق المطعون ضده لرواتبه عن نوفمبر وديسمبر 2021 ويناير وفبراير ومارس 2022 على الرغم من أنه غادر في 23 نوفمبر 2021 في إجازة دون موافقة الإدارة وبالتالي هو لا يستحق أجره عن كامل شهر نوفمبر كما لا يستحق راتب شهر ديسمبر 2021 ورواتب يناير وفبراير ومارس 2022 كونه لم يعمل خلال الفترة من يناير حتى فبراير 2022 كما أنه لم يعمل خلال فترة الإنذار في شهر مارس 2022 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي برمته مردود ذلك أنه من المقرر وفقاً لنص المادة 22/2 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021 والمادة 16 من اللائحة التنفيذية للمرسوم سالف الذكر والمادة 1 من القرار الوزاري رقم 43/2022 بشأن حماية الأجور أن يلتزم صاحب العمل بأن يؤدي الأجور للعالمين لديه في مواعيد استحقاقها بدءاً من اليوم التالي لإنتهاء المدة المحدد على أساسها الأجر في العقد وذلك بتحويلها إلي المصارف والمؤسسات المالية بالدولة عن طريق نظام حماية الأجور ويعتبر صاحب العمل متأخراً في سداد الأجر ما لم يقم بسداده خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من تاريخ الإستحقاق ما لم يكن منصوصاً في عقد العمل على مدة أقل وعلي صاحب العمل وفقاً للفقرة الثالثة من المادة المذكورة عبء إثبات سداد أجور عماله ومن المقرر أنه إذا ادعى صاحب العمل عدم أحقية العامل لراتبه بمقولة أنه لم يباشر عمله فيقع على صاحب العمل عبء إثبات ذلك لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضي للمطعون ضده بكافة رواتبه المتأخرة بقالة أن الطاعنة قد أخفقت في إثبات الوفاء برواتب المطعون ضده محل الطلب فإن محكمة الموضوع تكون قد أصابت صحيح القانون ـــ ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الطاعنة في وجه النعي من أن الطاعن كان في إجازة دون موافقتها كونه قول مرسل يفتقر إلي الدليل المثبت كما لم ينال منه أيضاً ما ذهبت إليه الطاعنة من أن المطعون ضده لم يعمل خلال فترة الإنذار ، طالما أن الثابت أن المطعون ضده قد ترك العمل سنداً لنص المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 33 لسنة 2021 نتيجة إخلال الطاعنة بالتزاماتها المتمثلة في عدم سداد الرواتب ــ ومن ثم يكون النعي على حكم محكمة الموضوع بما سلف على غير أساس .
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانياً: الطعن 61/ 2023 عمالي
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة قانوناً
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال والخطأ في تطبيق القانون حين قضى برفض طلب الطاعن عن بدل الإجازة السنوية بمبلغ (28,65 درهم) والتعويض عن الفصل التعسفي ومكافأة نهاية الخدمة على الرغم من أنه لم يتمتع بإجازته السنوية وأنه قد ترك العمل بسبب عدم سداد رواتبه المستحقة وأن خدمته المستمرة قد تجاوزت السنة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في شقه المتعلق ببدل الإجازة مردود ذلك أن من المقرر وفق ما تقضي به المادة 51 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية أن الإقرار، هو إخبار الإنسان بحق عليه للآخر ويكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء سير الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة المحكمة وهذا الإقرار طبقاً لما تقضي به المادة 53 من ذلك القانون يعتبر حجة على المقر ولا يقبل منه الرجوع فيه لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهي إلى أن الطاعن قد تمتع بكامل رصيد إجازته السنوية ومن ثم قضي برفض طلب بدل الإجازة معولاً في ذلك على ما أقرّ به الطاعن بمذكرته المؤرخة 8/8/2022 بأنه أتفق مع المطعون ضدها على قضاء إجازة سنوية لمدة شهر من 25/11/2021 وحتى 27/12/2021 وغادر الدولة فإنه يكون قد صائباً ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بالتعويض عن الفصل التعسفي في غير محله ذلك أنه من المقرر أن النص المادة 47 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021 ((يعد إنهاء خدمة العامل من قبل صاحب العمل غير مشروع إذا كان ذلك بسبب تقدمه بشكوى جدية إلي الوزارة أو إقامة دعوى على صاحب العمل ثبت صحتها)) يدل على أن إنهاء عقد العمل من قبل صاحب العمل يعتبر إنهاء بغير سبب مشروع إذا كان يستهدف الإضرار بالعامل بسبب تقدمه بشكوي جدية لوزارة الموارد البشرية والتوطين مطالباً بحقوقه لديها أو قيامه برفع دعوى قضائية عليها بهذا الخصوص ثبت صحتها لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد التزم القاعدة الواردة في المساق المتقدم ومن ثم قضي برفض طلب التعويض عن الفصل التعسفي بقالة عدم توافر أي من الحالتين المذكورتين في المادة 1/47 سالفة الذكر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي فيما يتعلق بهذا الشق على غير أساس .
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بطلب مكافأة نهاية الخدمة مردود ذلك أن مفاد المادة 51 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021 أن العامل الأجنبي الذي يعمل وفق نمط العمل بالدوام الكامل يستحق عند انتهاء خدمته مكافاة نهاية الخدمة إذا أكمل سنة أو أكثر في الخدمة المستمرة لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم القاعدة الواردة في المساق سالف الذكر وقضي برفض طلب مكافأة الخدمة على ما أورده بمدوناته ((ولمّا كان مفاد نص المادة (51) من المرسوم بقانون ان إستحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة منوط بإكماله سنة أو أكثر في الخدمة المستمرة لدى رب العمل نفسه، ولما كان ذلك وكانت المحكمة قد استبان لها سلفاً أن مدة خدمة المُدعي لم تصل إلى المدة المذكورة، فان المحكمة تنتهي إلى رفض الطلب.)) وكان هذا الذي انتهت إليه محكمة الموضوع سائغاً ويكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي على حكمها المطعون فيه بخصوص هذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين ألزم المطعون ضدها بالمناسب من الرسوم والمصاريف ولم يلزمها بسداد كامل رسوم الدعوى على الرغم من خسرانها للدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك من المقرر وفقا لنص المادة 133 من قانون الإجراءات المدنية أنه يحكم بمصروفات الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ألتزم هذا النظر وألزم المطعون ضدها بمصروفات استئنافها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة التامين في كل طعن.