جلسة 21 من فبراير سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
----------------
(75)
القضية رقم 946 لسنة 4 القضائية
(أ) مستخدم خارج الهيئة
- ترقيته بقواعد المنسيين إلى الدرجة الأعلى بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 وكتب المالية الدورية الصادرة تنفيذاً له - شرطها أن يقضي خمسة عشر عاماً في درجته لغاية آخر يونيه سنة 1943 وأن تكون هناك وظيفة خالية من الدرجة الأعلى في حدود النسبة المعينة - خلو الدرجة في تاريخ تال لانقضاء خمس عشرة سنة - ذلك يقتضي أن تكون الترقية من تاريخ خلو الدرجة.
(ب) مستخدم خارج الهيئة
- قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 المنفذ بكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 في 5 من أغسطس سنة 1943 - إجازته نقل مستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة بشرط أن يكونوا قد قضوا في وظائف الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940 - علة هذه الإجازة - توافر شروط النقل إلى الدرجة التاسعة لا ينشئ للمستخدم مركزاً ذاتياً يجعله مستحقاً حتماً للترقية - هذا النقل متروك إلى تقدير الإدارة وتقبلها إبدال الدرجات الثالثة خارج الهيئة بالدرجات التاسعة في نطاق ميزانية كل مصلحة.
إجراءات الطعن
في 15 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 946 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 17 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 998 لسنة 2 القضائية "استئناف" المقامة من وزارة المواصلات ومصلحة الطرق والكباري ضد جورجي توماس، القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض دعوى المستأنف ضده، وألزمته المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه, "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام الوزارة المستأنفة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 11 من أكتوبر سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 7 من أكتوبر سنة 1958، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة 31 من يناير سنة 1959، وفيها مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات التظلم رقم 2818 لسنة 2 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية اللجنة في 7 من فبراير سنة 1954 ذكر فيها أنه عين بمصلحة الطرق والكباري في أول أبريل سنة 1920 في وظيفة بالدرجة الرابعة خارج الهيئة بقلم القيودات، وأنه رقي بعد ذلك إلى الدرجة الثالثة في وظيفة فراز اعتباراً من 26 من أبريل سنة 1926، وفي أول يوليه سنة 1943, منح الدرجة التاسعة الشخصية عملاً بقرار المنسيين، ولكن المصلحة أغفلت تسوية حالته على الأساس المتقدم رغم وجود درجات تاسعة فعلية بها، وقد حاق به ضرر بناء على ذلك؛ إذ رقى من هم أحدث منه خدمة إلى الدرجة الثامنة الكتابية أمثال عبد الرحمن درويش ومحمد مصطفى الجمل وأحمد كامل، وختم صحيفة دعواه بطلب منحه الدرجة التي يستحقها. وفي 23 من فبراير سنة 1954 تقدم بطلب إيضاحي لما ورد في صحيفة دعواه جاء فيه أن السادة الذين تخطوه في الترقية إلى الدرجة الثامنة الكتابية قد تمت ترقيتهم إليها في غضون عام 1948، وأنهم لم يحصلوا على الدرجة التاسعة إلا في سنة 1945 وأنه أحق منهم بالترقية إلى الدرجة الثامنة باعتباره أقدم منهم في الدرجة التاسعة التي رقي إليها بصفة شخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 طبقاً لقرار المنسيين. وأوضح في مذكرة قدمها إلى المحكمة الإدارية التي أحيلت إليها الدعوى بعد إنشاء المحاكم الإدارية بأن تراخي المصلحة في تسوية حالته على الدرجة التاسعة حتى 20 من نوفمبر سنة 1949 لا يصح أن يضار به كما حدث فعلاً عندما حصل تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثامنة طبقاً لقواعد التنسيق بالقرار رقم 1077 الصادر في 23 من فبراير سنة 1948، وفي الترقية إلى الدرجة السابعة بالقرار الصادر في أول سبتمبر سنة 1954. وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1954 قرر المدعي جورجي توماس أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات أنه لم يعلم بالقرار الإداري الصادر في 23 من فبراير سنة 1948 بترقية من تخطوه إلا قبل رفع دعواه بيومين. وقرر الحاضر عن الوزارة أن المطعون في ترقيتهم رقوا إلى الدرجة الثامنة قبل تسوية حالة المدعي في الدرجة التاسعة بإرجاع أقدميته فيها إلى أول يوليه سنة 1943. وبجلسة 20 من نوفمبر سنة 1954 حكمت المحكمة الإدارية "بإلغاء القرار رقم 1077 الصادر من وزارة المواصلات في 23 من فبراير سنة 1948 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثامنة". واستندت في هذا القضاء إلى "أن الدعوى قد خلت من دليل يقيد علم المدعي بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً شاملاً لمؤداه ومحتوياته في تاريخ معين يمكن معه بدء احتساب ميعاد رفع الدعوى، وإلى أن المصلحة لا تنازع المدعي في أحقيته للترقية إلى الدرجة الثامنة، وإنما تتذرع في إغفال ترقيته في القرار المطعون فيه بقولها إن إجراءات تسوية حالته باعتباره في الدرجة التاسعة من أول يوليه سنة 1943 طبقاً لقواعد إنصاف المستخدمين المنسيين لم تتم إلا بعد صدور القرار المشار إليه؛ ومن ثم لا يسوغ أن يقبل منها إهدار حق الموظف في الترقية التي يستحقها قانوناً بسبب تراخيها في تسوية حالته دون مبرر قانوني، وبغير أن يكون للمدعي في هذا التأخير أي شأن". وبعريضة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 8 من فبراير سنة 1955 طعنت وزارة المواصلات في حكم المحكمة الإدارية المشار إليه بالدعوى رقم 998 لسنة 2 القضائية (استئناف) طالبة الحكم بإلغائه، مع إلزام المتظلم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ونعت على حكم المحكمة الإدارية المذكورة مخالفته للقانون؛ إذ أنه "عندما أجريت الترشيحات للترقية إلى الدرجة الثامنة لم يكن المتظلم ضمن مستخدمي الدرجة التاسعة، علاوة على أن من رقى بالأقدمية يسبقونه في تاريخ الحصول على الدرجة التاسعة، ولا حق للمستأنف ضده (المتظلم) في الاعتراض على من رقى بالاختيار". وبجلسة 17 من يوليه سنة 1958 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض دعوى المستأنف ضده، وألزمته المصروفات". وأقامت قضاءها على أن "مطالعة القانون رقم 88 لسنة 1943 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن الموظفين والمستخدمين المنسيين وكذلك الكتب الدورية الصادرة تنفيذاً لهما يبين منها أن القواعد التي وضعت لترقية المنسيين تضمنت فقط ترقية الخدمة الخارجين عن هيئة العمال إلى الدرجات الأعلى بصفة شخصية متى توافرت فيهم الشروط المطلوبة؛ وعلى ذلك فقد رقى المستأنف ضده إلى الدرجة الأعلى من الدرجة التي كان عليها خارج الهيئة وهي الدرجة الثانية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943"، وعلى "أن نقل المستأنف ضده إلى سلك الدرجات من 30 من نوفمبر سنة 1949 لم يكن بالاستناد إلى قاعدة ملزمة وإنما إلى ما قرره مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 من جواز نقل مستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة ممن كانوا يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة، وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي، بشرط أن يكونوا قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، فإنه على ذلك إذا ما رأت الجهة الإدارية نقل المستأنف ضده إلى سلك الدرجات داخل الهيئة بعد توافر الشروط المطلوبة فيه، فإن حقه في ذلك لا ينشأ إلا بهذا القرار ومن تاريخ صدوره"، وعلى أنه "على النظر السابق يعتبر المستأنف ضده من موظفي الدرجة التاسعة من تاريخ صدور القرار بذلك في 30 من نوفمبر سنة 1949، وبالتالي ما كان يجوز النظر في ترقيته إلى الدرجة الثامنة في 23 من فبراير سنة 1948؛ لأنه لم يكن بعد من موظفي الدرجة التاسعة؛ ومن ثم فلم يقع أي تخطٍ له بالقرار المطعون فيه يستوجب الإلغاء".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "مجلس الوزراء وافق في 8 من يوليه سنة 1943 على إجازة النقل إلى الدرجة التاسعة لمستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة الذين يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة؛ وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي المقرر، بشرط أن يكونوا قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار مجلس الوزراء بعدم التعيين في الدرجة التاسعة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها، وعلى أن يمنح هؤلاء المستخدمون علاوة الترقية عند نقلهم للدرجة التاسعة. وقد طلبت وزارة المواصلات بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المذكور من وزارة المالية الموافقة على ترقية بعض مستخدميها (وعددهم 21 مستخدماً من بينهم المدعي) إلى الدرجة التاسعة بصفة شخصية من أول يوليه سنة 1943، وذلك بمقتضى كتابها، رقم 1 - 4/ 154 بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1946، فردت وزارة المالية بكتابها رقم م 90/ 31/ 8 مستخدمي الحكومة بتاريخ 21 من أبريل سنة 1947 بأنه "نظراً لأن هؤلاء المستخدمين قضوا في وظائفهم في الدرجة الثالثة أكثر من سبع سنوات قبل أول يوليه سنة 1943، ولأن جميع هذه الوظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة، ترى وزارة المالية أنه يجوز ترقيتهم إلى الدرجة التاسعة الشخصية مباشرة من أول يوليه سنة 1943 خصماً على درجاتهم الثالثة الخارجة عن الهيئة، على أن تعدل علاوة الترقية التي سبق أن منحت لكل منهم من هذا التاريخ عند ترقيتهم إلى الدرجة الثانية الشخصية بجعلها 500 م بدلاً من 200 م في الشهر". وتنفيذاً لذلك أصدرت مصلحة الطرق والكباري الأمر الإداري رقم 734 في 30 من نوفمبر سنة 1949 بتسوية حالة السيد/ جورجي توماس وآخر على أساس إعادة حالتهما إلى ما كانت عليه في 30 من يونيه سنة 1943 من حيث الدرجة والماهية "الدرجة الثالثة" الخارجة عن الهيئة بماهية قدرها 48 ج في السنة، ويرقيان اعتباراً من اليوم الأول من شهر يوليه سنة 1943 منسيين إلى الدرجة التاسعة المؤقتة "36 - 72 ج بصفة شخصية خصماً على درجتهما الخارجة عن الهيئة، ويمنحان - اعتباراً من نفس التاريخ - علاوة الترقية ومقدارها 6 ج في السنة لرفع ماهية كل منهما إلى 54 ج سنوياً". كما يقوم الطعن على أن "الحكم المطعون فيه، وقد استند إلى أن هذا القرار الأخير قد صدر في تاريخ لاحق لحركة الترقيات إلى الدرجة الثامنة المطعون فيها ليقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المدعي. فاته أن هذا القرار ليس إلا قراراً تنفيذياً كشف عن مركز قانوني ثابت للمدعي قبل ذلك بمقتضى قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943، وبموافقة وزارة المالية على طلب وزارة المواصلات تطبيق هذا القرار على المدعي وزملائه؛ بحيث لا يضار المدعي من تراخي جهة الإدارة في إصدار قرارها التنفيذي قرابة السنتين ونصف"، وعلى أنه "إذا كان حق المدعي في الإفادة من قرار 8 من يوليه سنة 1943 قد نشأ قبل صدور قرار الترقيات إلى الدرجة الثامنة في 23 من فبراير سنة 1948 فقد كانت أقدمية المدعي تطوع له الترقية في ذلك القرار لو لم تتراخ جهة الإدارة في تسوية حالته بالتطبيق لقرار 8 من يوليو سنة 1943 السالف الذكر".
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن المطعون لصالحه غير حاصل على مؤهل دراسي، وأنه التحق بخدمة مصلحة الطرق والكباري في أول أبريل سنة 1920 في وظيفة "ساعٍ" بالدرجة الرابعة خارج الهيئة، ثم رقى إلى الدرجة الثالثة خارج الهيئة بوظيفة "فراز" في أول أبريل سنة 1926، ثم حصل على الدرجة الثانية خارج الهيئة اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 بالتطبيق لقواعد المنسيين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943. وقد طلبت وزارة المواصلات تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء المذكور من وزارة المالية في 14 من أغسطس سنة 1946 الموافقة على اعتبار بعض مستخدميها خارج الهيئة (ومن بينهم المطعون لصالحه) مرقين إلى الدرجة التاسعة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 عملاً بقواعد كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1943 بشأن ترقية مستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة، فجاءتها في 21 من أبريل سنة 1947 موافقة وزارة المالية على هذا الطلب. وبناء على كتاب المالية المتضمن هذه الموافقة، واستناداً إلى كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1943، صدر قرار إداري برقم 734 بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1949 بتسوية حالة المطعون لصالحه وآخر ممن رقوا منسيين من الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة الثانية الخارجة عن الهيئة على ربط ميزانية مصلحة الطرق والكباري، وذلك بإعادة حالتهما إلى ما كانت عليه في 30 من يونيه سنة 1943 من حيث الدرجة والماهية "الدرجة الثالثة" الخارجة عن الهيئة بماهية مقدرها 48 ج في السنة وترقيتهما اعتباراً من اليوم الأول من شهر يوليه سنة 1943 منسيين إلى الدرجة التاسعة المؤقتة (36 - 72 ج سنوياً) بصفة شخصية خصماً على درجتيهما الخارجتين عن الهيئة، وهذا القرار الإداري بنى عليه المطعون لصالحه مطالبته بإلغاء القرار الإداري رقم 1077 الصادر في 23 من فبراير سنة 1948 بترقية السادة محمود عبد الخالق وأحمد إبراهيم ومحمد مصطفى الجمل وعبد الرحمن درويش وأحمد كامل إلى الدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من اليوم الأول من شهر فبراير سنة 1948، وذلك فيما تضمنه هذا القرار من تخطيه في الترقية إلى تلك الدرجة، وذلك اعتماداً على الأقدمية الاعتبارية في الدرجة التاسعة الشخصية التي أسبغها عليه القرار الإداري رقم 734 المؤرخ 30 من نوفمبر سنة 1949، على ما سلف البيان. كما اتضح لهذه المحكمة أن المطعون لصالحه رقى إلى الدرجة الثامنة الكتابية في 29 من مارس سنة 1956، ثم أحيل إلى المعاش في أول يوليه سنة 1956 لبلوغه السن القانونية.
ومن حيث إنه يخلص مما سلف أن مثار المنازعة هو ما إذا كانت الأقدمية الاعتبارية في الدرجة التاسعة التي أفاءها على المطعون لصالحه قرار 30 من نوفمبر سنة 1949 مستندة إلى أول يوليه سنة 1943 تخوله التقدم على من نال تلك الدرجة من هذا التاريخ ثم استفاد ترقية بحكم أقدميته الفعلية قبل صدور القرار المذكور أم لا.
ومن حيث إنه يبين، من تقصي أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 في شأن ترقيات قدامى الموظفين والمستخدمين "المنسيين" وكتب المالية الدورية الصادرة تنفيذاً له أن القواعد التي شرعت لترقية المنسيين من الخدمة الخارجين عن الهيئة قد تضمنت فحسب ترقية من قضى منهم خمسة عشر عاماً في درجته لغاية آخر يونيه سنة 1953 إلى الدرجة الأعلى بصفة شخصية على أن تقع الترقية حتماً من اليوم التالي لمضي خمس عشرة سنة على المستخدم خارج الهيئة في درجته، بشرط وجود وظيفة في الدرجة الأعلى خالية في حدود النسبة المعينة لذلك وبمراعاة الأفضلية للأقدم فالأقدم من المنسيين، فإذا كان خلوها في تاريخ تال لانقضاء خمس عشرة سنة على المستخدم المذكور في درجته كانت الترقية من تاريخ خلو الدرجة.
وبتطبيق هذه القاعدة على وضع المطعون لصالحه كان حتماً على الجهة الإدارية ترقيته إلى درجة أعلى من تلك التي كان فيها حتى آخر يونيه سنة 1943؛ وعلى هذا الأساس رقى فعلاً إلى الدرجة الثانية خارج الهيئة اعتباراً من اليوم الأول من شهر يوليه سنة 1943.
ومن حيث إن الوضع جد متفاوت بالنسبة إلى نقل مستخدم في الدرجة الثالثة خارج الهيئة إلى الدرجة التاسعة، لا يستند إلى قاعدة ملزمة؛ كما يتضح ذلك مما ورد في كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 المؤرخ 5 من أغسطس سنة 1943، وهو الكتاب الذي تكفل بتفسير رخصة نقل مستخدم الدرجة الثالثة خارج الهيئة التاسعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943، كما عنى بالكشف عن بواعث التيسير التي استحثت تقرير هذه الرخصة. وها هو ذا نص كتاب المالية الدوري سالف الذكر: "وسارت هذه الوزارة (المالية) على قاعدة استبدال وظائف المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال من الدرجة الثانية وما فوقها التي يشغلها مستخدمون يقومون بأعمال كتابية بوظائف من الدرجة التاسعة؛ لأن متوسط ربط هذه الوظائف يعادل أو يزيد على متوسط ربط الدرجة التاسعة، أما وظائف الدرجتين الثالثة والرابعة من كادر الخدمة الخارجين عن الهيئة فلم توافق وزارة المالية على إبدالها بوظائف درجة تاسعة، بالنظر لأن متوسط مربوطها يقل عن متوسط مربوط الدرجة التاسعة. حدث بعد ذلك أن أصدر مجلس الوزراء قراراً في 30 من ديسمبر سنة 1940 بعدم التعيين في وظائف الدرجة التاسعة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية (الثقافة العامة) أو ما يعادلها، وترتب على إنشاء الدرجة التاسعة وتحويل وظائف المستخدمين الخارجين عن الهيئة من الدرجة الثانية وما فوقها إلى وظائف من الدرجة التاسعة ثم صدور قرار مجلس الوزراء في 30 من ديسمبر سنة 1940 بعدم التعيين في وظائف هذه الدرجة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الثانوية أو ما يعادلها أن امتنع على مستخدمي الدرجة الثالثة (خدم) الذين يقومون بأعمال كتابية طريق الترقية للدرجة الثانية وما فوقها، كما أن ترقيتهم للدرجة التاسعة أصبحت ممتنعة بناء على قرار المجلس المشار إليه؛ وللتيسير على هؤلاء المستخدمين وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 8 من يوليه سنة 1943 على إجازة النقل إلى الدرجة التاسعة لمستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة الذين يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة؛ وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي المقرر، بشرط أن يكونوا قد قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل، وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار مجلس الوزراء بعدم التعيين في الدرجة التاسعة إلا من الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها، وعلى أن يمنح هؤلاء المستخدمون علاوة الترقية عند نقلهم للدرجة التاسعة".
ومن حيث إنه يؤخذ صراحة من فحوى قرار مجلس الوزراء المشار إليه مفسراً بكتاب المالية الدوري المسوقة عباراته بالصيغة السابقة أن توافر شروط النقل إلى الدرجة التاسعة في مستخدم الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة لا ينشئ له بذاته مركزاً ذاتياً يجعله مستحقاً حتماً للترقية الفعلية إلى الدرجة التاسعة من اليوم التالي لتقضيته سبع سنوات في الدرجة الثالثة خارج الهيئة، أو اعتباراً من أول يوليو سنة 1943 عند وجود درجة خالية في حدود النسبة المعينة لذلك، كما هو الشأن في ترقيات قدامى المستخدمين التي نظمها ذات القرار المشار إليه بالقيود التي أوردها، بل جعل المآل والمرجع في ذلك النقل إلى تقدير الجهة الإدارية وتقبلها إبدال الدرجات الثالثة خارج الهيئة بالدرجات التاسعة في نطاق ميزانية كل مصلحة، فالإدارة هي التي تترخص وحدها في تقدير ملائمة هذا الإبدال بحسب إمكانيات الميزانية وتناسب الدرجات المختلفة في نطاقها، مراعية في ذلك صالح العمل على هدى المصلحة العامة بلا معقب عليها في هذا التقدير، وبغير هذه الموافقة لا ينشأ لذوي الشأن من مستخدمي الدرجة الثالثة خارج الهيئة حق في هذا المركز الذاتي بمجرد صدور قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943. وليس أقطع في الدلالة على سداد هذا النظر من أن قرار مجلس الوزراء قد اقتضى لجواز النقل إلى الدرجة التاسعة قضاء سبع سنوات على الأقل في الدرجة الثالثة خارج الهيئة، ومن أن الإدارة لم تعمد إلى تطبيق القرار التنظيمي العام على حالة المطعون لصالحه إلا بعد أن استأذنت وزارة المالية في استبدال الدرجة التاسعة بدرجته الخارجية عن الهيئة وحصلت على موافقة هذه الوزارة على هذا الإجراء؛ الأمر الذي خرج من قرارها الإداري رقم 734 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 بتعيينه في الدرجة التاسعة من أن يكون مجرد قرار تنفيذي لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر، كما ذهب إلى ذلك خطأ طعن هيئة المفوضين، بل إنه قرار إنشائي بتعيين المطعون لصالحه في سلك الدرجة التاسعة، ومن تاريخ القرار الصادر بذلك.
ومن حيث إن إسباغ الدرجة التاسعة على المطعون لصالحه بالقرار الإداري المنشئ الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 لا يجوز أن يسري بأثر رجعي بما من شأنه المساس بالمراكز الذاتية التي تحققت لصالح المرقين إلى الدرجة الثامنة الكتابية بموجب القرار الإداري رقم 1077 الصادر في 23 من فبراير سنة 1948. وفي إسناد أقدميته الاعتبارية في تلك الدرجة الشخصية إلى أول يوليه سنة 1943 مع إنفاذ آثار الإسناد على إطلاقها إهدار لهذه المراكز الذاتية ومساس بالحقوق المشروعة المترتبة على أقدميات اكتسبها أربابها في وقت لم يتولد فيه للمدعي بعد مركز ذاتي.
ومن حيث إنه على مقتضى جميع ما تقدم وللأسباب الأخرى التي استند إليها الحكم المطعون فيه يكون هذا الحكم قد أصاب وجه الحق في قضائه؛ ويكون الطعن من ثم قد قام على غير أساس من القانون، حقيقاً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.