الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعن 946 لسنة 4 ق جلسة 21 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 75 ص 870

جلسة 21 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(75)

القضية رقم 946 لسنة 4 القضائية

(أ) مستخدم خارج الهيئة 

- ترقيته بقواعد المنسيين إلى الدرجة الأعلى بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 وكتب المالية الدورية الصادرة تنفيذاً له - شرطها أن يقضي خمسة عشر عاماً في درجته لغاية آخر يونيه سنة 1943 وأن تكون هناك وظيفة خالية من الدرجة الأعلى في حدود النسبة المعينة - خلو الدرجة في تاريخ تال لانقضاء خمس عشرة سنة - ذلك يقتضي أن تكون الترقية من تاريخ خلو الدرجة.
(ب) مستخدم خارج الهيئة 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 المنفذ بكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 في 5 من أغسطس سنة 1943 - إجازته نقل مستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة بشرط أن يكونوا قد قضوا في وظائف الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940 - علة هذه الإجازة - توافر شروط النقل إلى الدرجة التاسعة لا ينشئ للمستخدم مركزاً ذاتياً يجعله مستحقاً حتماً للترقية - هذا النقل متروك إلى تقدير الإدارة وتقبلها إبدال الدرجات الثالثة خارج الهيئة بالدرجات التاسعة في نطاق ميزانية كل مصلحة.

--------------------
1 - يبين من تقصي أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 في شأن ترقيات قدامى الموظفين والمستخدمين (المنسيين) وكتب المالية الدورية الصادرة تنفيذاً له أن القواعد التي شرعت لترقية المنسيين من الخدمة الخارجين عن الهيئة قد تضمنت فحسب ترقية من قضى منهم خمسة عشر عاماً في درجته لغاية آخر يونيه سنة 1943 إلى الدرجة الأعلى بصفة شخصية، على أن تقع الترقية حتماً من اليوم التالي لمضي خمس عشرة سنة على المستخدم خارج الهيئة في درجته، بشرط وجود وظيفة في الدرجة الأعلى خالية في حدود النسبة المعينة لذلك، وبمراعاة الأفضلية للأقدم فالأقدم من المنسيين، فإذا كان خلوها في تاريخ تال لانقضاء خمس عشرة سنة على المستخدم المذكور في درجته كانت الترقية من تاريخ خلو الدرجة.
2 - إن نقل مستخدم في الدرجة الثالثة خارج الهيئة إلى الدرجة التاسعة لا يستند إلى قاعدة ملزمة، كما يتضح ذلك مما ورد في كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 المؤرخ 5 من أغسطس سنة 1943، وهو الكتاب الذي تكفل بتفسير رخصة نقل مستخدم الدرجة الثالثة خارج الهيئة التاسعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943، كما عنى بالكشف عن بواعث التيسير التي استحثت تقرير هذه الرخصة؛ حيث جرى نصه كالآتي: "وسارت هذه الوزارة (وزارة المالية) على قاعدة استبدال وظائف المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال من الدرجة الثانية وما فوقها التي يشغلها مستخدمون يقومون بأعمال كتابية بوظائف من الدرجة التاسعة لأن متوسط ربط هذه الوظائف يعادل أو يزيد على متوسط ربط الدرجة التاسعة، أما وظائف الدرجتين الثالثة والرابعة من كادر الخدمة الخارجين عن الهيئة فلم توافق وزارة المالية على إبدالها بوظائف درجة تاسعة بالنظر لأن متوسط مربوطها يقل عن متوسط مربوط الدرجة التاسعة. حدث بعد ذلك أن أصدر مجلس الوزراء قراراً في 30 من ديسمبر سنة 1940 بعدم التعيين في وظائف الدرجة التاسعة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية (الثقافة العامة) أو ما يعادلها، وترتب على إنشاء الدرجة التاسعة وتحويل وظائف المستخدمين الخارجين عن الهيئة من الدرجة الثانية وما فوقها إلى وظائف من الدرجة التاسعة ثم صدور قرار مجلس الوزراء في 30 من ديسمبر سنة 1940 بعدم التعيين في وظائف هذه الدرجة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها أن امتنع على مستخدمي الدرجة الثالثة (خدم) الذين يقومون بأعمال كتابية طريق الترقية للدرجة الثانية وما فوقها، كما أن ترقيتهم للدرجة التاسعة أصبحت ممتنعة بناء على قرار المجلس المشار إليه. وللتيسير على هؤلاء المستخدمين وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 8 من يوليه سنة 1943 على إجازة النقل إلى الدرجة التاسعة لمستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة الذين يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة؛ وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي المقرر، بشرط أن يكونوا قد قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل، وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار مجلس الوزراء بعدم التعيين في الدرجة التاسعة إلا من الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها، وعلى أن يمنح هؤلاء المستخدمون علاوة الترقية عند نقلهم للدرجة التاسعة". ويؤخذ صراحة من فحوى قرار مجلس الوزراء المشار إليه مفسراً بكتاب المالية الدوري المسوقة عبارته بالصيغة السابقة أن توافر شروط النقل إلى الدرجة التاسعة في مستخدم الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة لا ينشئ له بذاته مركزاً ذاتياً يجعله مستحقاً حتماً للترقية الفعلية إلى الدرجة التاسعة من اليوم التالي لتقضيته سبع سنوات في الدرجة الثالثة خارج الهيئة، أو اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 عند وجود درجة خالية في حدود النسبة المعينة لذلك، كما هو الشأن في ترقيات قدامى المستخدمين التي نظمها ذات القرار المشار إليه بالقيود التي أوردها، بل جعل المآل والمرجع في ذلك النقل إلى تقدير الجهة الإدارية وتقبلها إبدال الدرجات الثالثة خارج الهيئة بالدرجات التاسعة في نطاق ميزانية كل مصلحة. فالإدارة هي التي تترخص وحدها في تقدير ملائمة هذا الإبدال بحسب إمكانيات الميزانية وتناسب الدرجات المختلفة في نطاقها، مراعية في ذلك صالح العمل على هدى المصلحة العامة بلا معقب عليها في هذا التقدير، وبغير هذه الموافقة لا ينشأ لذوي الشأن من مستخدمي الدرجة الثالثة خارج الهيئة حق في هذا المركز الذاتي بمجرد صدور قرار مجلس الوزراء في 7 من يوليه سنة 1943.


إجراءات الطعن

في 15 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 946 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 17 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 998 لسنة 2 القضائية "استئناف" المقامة من وزارة المواصلات ومصلحة الطرق والكباري ضد جورجي توماس، القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض دعوى المستأنف ضده، وألزمته المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه, "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام الوزارة المستأنفة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 11 من أكتوبر سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 7 من أكتوبر سنة 1958، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة 31 من يناير سنة 1959، وفيها مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات التظلم رقم 2818 لسنة 2 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية اللجنة في 7 من فبراير سنة 1954 ذكر فيها أنه عين بمصلحة الطرق والكباري في أول أبريل سنة 1920 في وظيفة بالدرجة الرابعة خارج الهيئة بقلم القيودات، وأنه رقي بعد ذلك إلى الدرجة الثالثة في وظيفة فراز اعتباراً من 26 من أبريل سنة 1926، وفي أول يوليه سنة 1943, منح الدرجة التاسعة الشخصية عملاً بقرار المنسيين، ولكن المصلحة أغفلت تسوية حالته على الأساس المتقدم رغم وجود درجات تاسعة فعلية بها، وقد حاق به ضرر بناء على ذلك؛ إذ رقى من هم أحدث منه خدمة إلى الدرجة الثامنة الكتابية أمثال عبد الرحمن درويش ومحمد مصطفى الجمل وأحمد كامل، وختم صحيفة دعواه بطلب منحه الدرجة التي يستحقها. وفي 23 من فبراير سنة 1954 تقدم بطلب إيضاحي لما ورد في صحيفة دعواه جاء فيه أن السادة الذين تخطوه في الترقية إلى الدرجة الثامنة الكتابية قد تمت ترقيتهم إليها في غضون عام 1948، وأنهم لم يحصلوا على الدرجة التاسعة إلا في سنة 1945 وأنه أحق منهم بالترقية إلى الدرجة الثامنة باعتباره أقدم منهم في الدرجة التاسعة التي رقي إليها بصفة شخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 طبقاً لقرار المنسيين. وأوضح في مذكرة قدمها إلى المحكمة الإدارية التي أحيلت إليها الدعوى بعد إنشاء المحاكم الإدارية بأن تراخي المصلحة في تسوية حالته على الدرجة التاسعة حتى 20 من نوفمبر سنة 1949 لا يصح أن يضار به كما حدث فعلاً عندما حصل تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثامنة طبقاً لقواعد التنسيق بالقرار رقم 1077 الصادر في 23 من فبراير سنة 1948، وفي الترقية إلى الدرجة السابعة بالقرار الصادر في أول سبتمبر سنة 1954. وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1954 قرر المدعي جورجي توماس أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات أنه لم يعلم بالقرار الإداري الصادر في 23 من فبراير سنة 1948 بترقية من تخطوه إلا قبل رفع دعواه بيومين. وقرر الحاضر عن الوزارة أن المطعون في ترقيتهم رقوا إلى الدرجة الثامنة قبل تسوية حالة المدعي في الدرجة التاسعة بإرجاع أقدميته فيها إلى أول يوليه سنة 1943. وبجلسة 20 من نوفمبر سنة 1954 حكمت المحكمة الإدارية "بإلغاء القرار رقم 1077 الصادر من وزارة المواصلات في 23 من فبراير سنة 1948 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثامنة". واستندت في هذا القضاء إلى "أن الدعوى قد خلت من دليل يقيد علم المدعي بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً شاملاً لمؤداه ومحتوياته في تاريخ معين يمكن معه بدء احتساب ميعاد رفع الدعوى، وإلى أن المصلحة لا تنازع المدعي في أحقيته للترقية إلى الدرجة الثامنة، وإنما تتذرع في إغفال ترقيته في القرار المطعون فيه بقولها إن إجراءات تسوية حالته باعتباره في الدرجة التاسعة من أول يوليه سنة 1943 طبقاً لقواعد إنصاف المستخدمين المنسيين لم تتم إلا بعد صدور القرار المشار إليه؛ ومن ثم لا يسوغ أن يقبل منها إهدار حق الموظف في الترقية التي يستحقها قانوناً بسبب تراخيها في تسوية حالته دون مبرر قانوني، وبغير أن يكون للمدعي في هذا التأخير أي شأن". وبعريضة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 8 من فبراير سنة 1955 طعنت وزارة المواصلات في حكم المحكمة الإدارية المشار إليه بالدعوى رقم 998 لسنة 2 القضائية (استئناف) طالبة الحكم بإلغائه، مع إلزام المتظلم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ونعت على حكم المحكمة الإدارية المذكورة مخالفته للقانون؛ إذ أنه "عندما أجريت الترشيحات للترقية إلى الدرجة الثامنة لم يكن المتظلم ضمن مستخدمي الدرجة التاسعة، علاوة على أن من رقى بالأقدمية يسبقونه في تاريخ الحصول على الدرجة التاسعة، ولا حق للمستأنف ضده (المتظلم) في الاعتراض على من رقى بالاختيار". وبجلسة 17 من يوليه سنة 1958 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض دعوى المستأنف ضده، وألزمته المصروفات". وأقامت قضاءها على أن "مطالعة القانون رقم 88 لسنة 1943 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن الموظفين والمستخدمين المنسيين وكذلك الكتب الدورية الصادرة تنفيذاً لهما يبين منها أن القواعد التي وضعت لترقية المنسيين تضمنت فقط ترقية الخدمة الخارجين عن هيئة العمال إلى الدرجات الأعلى بصفة شخصية متى توافرت فيهم الشروط المطلوبة؛ وعلى ذلك فقد رقى المستأنف ضده إلى الدرجة الأعلى من الدرجة التي كان عليها خارج الهيئة وهي الدرجة الثانية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943"، وعلى "أن نقل المستأنف ضده إلى سلك الدرجات من 30 من نوفمبر سنة 1949 لم يكن بالاستناد إلى قاعدة ملزمة وإنما إلى ما قرره مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 من جواز نقل مستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة ممن كانوا يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة، وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي، بشرط أن يكونوا قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، فإنه على ذلك إذا ما رأت الجهة الإدارية نقل المستأنف ضده إلى سلك الدرجات داخل الهيئة بعد توافر الشروط المطلوبة فيه، فإن حقه في ذلك لا ينشأ إلا بهذا القرار ومن تاريخ صدوره"، وعلى أنه "على النظر السابق يعتبر المستأنف ضده من موظفي الدرجة التاسعة من تاريخ صدور القرار بذلك في 30 من نوفمبر سنة 1949، وبالتالي ما كان يجوز النظر في ترقيته إلى الدرجة الثامنة في 23 من فبراير سنة 1948؛ لأنه لم يكن بعد من موظفي الدرجة التاسعة؛ ومن ثم فلم يقع أي تخطٍ له بالقرار المطعون فيه يستوجب الإلغاء".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "مجلس الوزراء وافق في 8 من يوليه سنة 1943 على إجازة النقل إلى الدرجة التاسعة لمستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة الذين يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة؛ وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي المقرر، بشرط أن يكونوا قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار مجلس الوزراء بعدم التعيين في الدرجة التاسعة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها، وعلى أن يمنح هؤلاء المستخدمون علاوة الترقية عند نقلهم للدرجة التاسعة. وقد طلبت وزارة المواصلات بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المذكور من وزارة المالية الموافقة على ترقية بعض مستخدميها (وعددهم 21 مستخدماً من بينهم المدعي) إلى الدرجة التاسعة بصفة شخصية من أول يوليه سنة 1943، وذلك بمقتضى كتابها، رقم 1 - 4/ 154 بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1946، فردت وزارة المالية بكتابها رقم م 90/ 31/ 8 مستخدمي الحكومة بتاريخ 21 من أبريل سنة 1947 بأنه "نظراً لأن هؤلاء المستخدمين قضوا في وظائفهم في الدرجة الثالثة أكثر من سبع سنوات قبل أول يوليه سنة 1943، ولأن جميع هذه الوظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة، ترى وزارة المالية أنه يجوز ترقيتهم إلى الدرجة التاسعة الشخصية مباشرة من أول يوليه سنة 1943 خصماً على درجاتهم الثالثة الخارجة عن الهيئة، على أن تعدل علاوة الترقية التي سبق أن منحت لكل منهم من هذا التاريخ عند ترقيتهم إلى الدرجة الثانية الشخصية بجعلها 500 م بدلاً من 200 م في الشهر". وتنفيذاً لذلك أصدرت مصلحة الطرق والكباري الأمر الإداري رقم 734 في 30 من نوفمبر سنة 1949 بتسوية حالة السيد/ جورجي توماس وآخر على أساس إعادة حالتهما إلى ما كانت عليه في 30 من يونيه سنة 1943 من حيث الدرجة والماهية "الدرجة الثالثة" الخارجة عن الهيئة بماهية قدرها 48 ج في السنة، ويرقيان اعتباراً من اليوم الأول من شهر يوليه سنة 1943 منسيين إلى الدرجة التاسعة المؤقتة "36 - 72 ج بصفة شخصية خصماً على درجتهما الخارجة عن الهيئة، ويمنحان - اعتباراً من نفس التاريخ - علاوة الترقية ومقدارها 6 ج في السنة لرفع ماهية كل منهما إلى 54 ج سنوياً". كما يقوم الطعن على أن "الحكم المطعون فيه، وقد استند إلى أن هذا القرار الأخير قد صدر في تاريخ لاحق لحركة الترقيات إلى الدرجة الثامنة المطعون فيها ليقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المدعي. فاته أن هذا القرار ليس إلا قراراً تنفيذياً كشف عن مركز قانوني ثابت للمدعي قبل ذلك بمقتضى قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943، وبموافقة وزارة المالية على طلب وزارة المواصلات تطبيق هذا القرار على المدعي وزملائه؛ بحيث لا يضار المدعي من تراخي جهة الإدارة في إصدار قرارها التنفيذي قرابة السنتين ونصف"، وعلى أنه "إذا كان حق المدعي في الإفادة من قرار 8 من يوليه سنة 1943 قد نشأ قبل صدور قرار الترقيات إلى الدرجة الثامنة في 23 من فبراير سنة 1948 فقد كانت أقدمية المدعي تطوع له الترقية في ذلك القرار لو لم تتراخ جهة الإدارة في تسوية حالته بالتطبيق لقرار 8 من يوليو سنة 1943 السالف الذكر".
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن المطعون لصالحه غير حاصل على مؤهل دراسي، وأنه التحق بخدمة مصلحة الطرق والكباري في أول أبريل سنة 1920 في وظيفة "ساعٍ" بالدرجة الرابعة خارج الهيئة، ثم رقى إلى الدرجة الثالثة خارج الهيئة بوظيفة "فراز" في أول أبريل سنة 1926، ثم حصل على الدرجة الثانية خارج الهيئة اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 بالتطبيق لقواعد المنسيين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943. وقد طلبت وزارة المواصلات تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء المذكور من وزارة المالية في 14 من أغسطس سنة 1946 الموافقة على اعتبار بعض مستخدميها خارج الهيئة (ومن بينهم المطعون لصالحه) مرقين إلى الدرجة التاسعة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 عملاً بقواعد كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1943 بشأن ترقية مستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة التاسعة، فجاءتها في 21 من أبريل سنة 1947 موافقة وزارة المالية على هذا الطلب. وبناء على كتاب المالية المتضمن هذه الموافقة، واستناداً إلى كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1943، صدر قرار إداري برقم 734 بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1949 بتسوية حالة المطعون لصالحه وآخر ممن رقوا منسيين من الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة إلى الدرجة الثانية الخارجة عن الهيئة على ربط ميزانية مصلحة الطرق والكباري، وذلك بإعادة حالتهما إلى ما كانت عليه في 30 من يونيه سنة 1943 من حيث الدرجة والماهية "الدرجة الثالثة" الخارجة عن الهيئة بماهية مقدرها 48 ج في السنة وترقيتهما اعتباراً من اليوم الأول من شهر يوليه سنة 1943 منسيين إلى الدرجة التاسعة المؤقتة (36 - 72 ج سنوياً) بصفة شخصية خصماً على درجتيهما الخارجتين عن الهيئة، وهذا القرار الإداري بنى عليه المطعون لصالحه مطالبته بإلغاء القرار الإداري رقم 1077 الصادر في 23 من فبراير سنة 1948 بترقية السادة محمود عبد الخالق وأحمد إبراهيم ومحمد مصطفى الجمل وعبد الرحمن درويش وأحمد كامل إلى الدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من اليوم الأول من شهر فبراير سنة 1948، وذلك فيما تضمنه هذا القرار من تخطيه في الترقية إلى تلك الدرجة، وذلك اعتماداً على الأقدمية الاعتبارية في الدرجة التاسعة الشخصية التي أسبغها عليه القرار الإداري رقم 734 المؤرخ 30 من نوفمبر سنة 1949، على ما سلف البيان. كما اتضح لهذه المحكمة أن المطعون لصالحه رقى إلى الدرجة الثامنة الكتابية في 29 من مارس سنة 1956، ثم أحيل إلى المعاش في أول يوليه سنة 1956 لبلوغه السن القانونية.
ومن حيث إنه يخلص مما سلف أن مثار المنازعة هو ما إذا كانت الأقدمية الاعتبارية في الدرجة التاسعة التي أفاءها على المطعون لصالحه قرار 30 من نوفمبر سنة 1949 مستندة إلى أول يوليه سنة 1943 تخوله التقدم على من نال تلك الدرجة من هذا التاريخ ثم استفاد ترقية بحكم أقدميته الفعلية قبل صدور القرار المذكور أم لا.
ومن حيث إنه يبين، من تقصي أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 في شأن ترقيات قدامى الموظفين والمستخدمين "المنسيين" وكتب المالية الدورية الصادرة تنفيذاً له أن القواعد التي شرعت لترقية المنسيين من الخدمة الخارجين عن الهيئة قد تضمنت فحسب ترقية من قضى منهم خمسة عشر عاماً في درجته لغاية آخر يونيه سنة 1953 إلى الدرجة الأعلى بصفة شخصية على أن تقع الترقية حتماً من اليوم التالي لمضي خمس عشرة سنة على المستخدم خارج الهيئة في درجته، بشرط وجود وظيفة في الدرجة الأعلى خالية في حدود النسبة المعينة لذلك وبمراعاة الأفضلية للأقدم فالأقدم من المنسيين، فإذا كان خلوها في تاريخ تال لانقضاء خمس عشرة سنة على المستخدم المذكور في درجته كانت الترقية من تاريخ خلو الدرجة.
وبتطبيق هذه القاعدة على وضع المطعون لصالحه كان حتماً على الجهة الإدارية ترقيته إلى درجة أعلى من تلك التي كان فيها حتى آخر يونيه سنة 1943؛ وعلى هذا الأساس رقى فعلاً إلى الدرجة الثانية خارج الهيئة اعتباراً من اليوم الأول من شهر يوليه سنة 1943.
ومن حيث إن الوضع جد متفاوت بالنسبة إلى نقل مستخدم في الدرجة الثالثة خارج الهيئة إلى الدرجة التاسعة، لا يستند إلى قاعدة ملزمة؛ كما يتضح ذلك مما ورد في كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 288 المؤرخ 5 من أغسطس سنة 1943، وهو الكتاب الذي تكفل بتفسير رخصة نقل مستخدم الدرجة الثالثة خارج الهيئة التاسعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943، كما عنى بالكشف عن بواعث التيسير التي استحثت تقرير هذه الرخصة. وها هو ذا نص كتاب المالية الدوري سالف الذكر: "وسارت هذه الوزارة (المالية) على قاعدة استبدال وظائف المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال من الدرجة الثانية وما فوقها التي يشغلها مستخدمون يقومون بأعمال كتابية بوظائف من الدرجة التاسعة؛ لأن متوسط ربط هذه الوظائف يعادل أو يزيد على متوسط ربط الدرجة التاسعة، أما وظائف الدرجتين الثالثة والرابعة من كادر الخدمة الخارجين عن الهيئة فلم توافق وزارة المالية على إبدالها بوظائف درجة تاسعة، بالنظر لأن متوسط مربوطها يقل عن متوسط مربوط الدرجة التاسعة. حدث بعد ذلك أن أصدر مجلس الوزراء قراراً في 30 من ديسمبر سنة 1940 بعدم التعيين في وظائف الدرجة التاسعة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية (الثقافة العامة) أو ما يعادلها، وترتب على إنشاء الدرجة التاسعة وتحويل وظائف المستخدمين الخارجين عن الهيئة من الدرجة الثانية وما فوقها إلى وظائف من الدرجة التاسعة ثم صدور قرار مجلس الوزراء في 30 من ديسمبر سنة 1940 بعدم التعيين في وظائف هذه الدرجة إلا لمن كان حاصلاً على شهادة الثانوية أو ما يعادلها أن امتنع على مستخدمي الدرجة الثالثة (خدم) الذين يقومون بأعمال كتابية طريق الترقية للدرجة الثانية وما فوقها، كما أن ترقيتهم للدرجة التاسعة أصبحت ممتنعة بناء على قرار المجلس المشار إليه؛ وللتيسير على هؤلاء المستخدمين وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 8 من يوليه سنة 1943 على إجازة النقل إلى الدرجة التاسعة لمستخدمي الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة الذين يشغلون وظائف حولت مثيلاتها من الدرجة الثانية إلى الدرجة التاسعة؛ وذلك بغض النظر عن عدم حيازتهم للمؤهل الدراسي المقرر، بشرط أن يكونوا قد قضوا في وظائفهم التي من الدرجة الثالثة سبع سنوات على الأقل، وكانوا قد عينوا قبل 30 من ديسمبر سنة 1940، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار مجلس الوزراء بعدم التعيين في الدرجة التاسعة إلا من الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها، وعلى أن يمنح هؤلاء المستخدمون علاوة الترقية عند نقلهم للدرجة التاسعة".
ومن حيث إنه يؤخذ صراحة من فحوى قرار مجلس الوزراء المشار إليه مفسراً بكتاب المالية الدوري المسوقة عباراته بالصيغة السابقة أن توافر شروط النقل إلى الدرجة التاسعة في مستخدم الدرجة الثالثة الخارجة عن الهيئة لا ينشئ له بذاته مركزاً ذاتياً يجعله مستحقاً حتماً للترقية الفعلية إلى الدرجة التاسعة من اليوم التالي لتقضيته سبع سنوات في الدرجة الثالثة خارج الهيئة، أو اعتباراً من أول يوليو سنة 1943 عند وجود درجة خالية في حدود النسبة المعينة لذلك، كما هو الشأن في ترقيات قدامى المستخدمين التي نظمها ذات القرار المشار إليه بالقيود التي أوردها، بل جعل المآل والمرجع في ذلك النقل إلى تقدير الجهة الإدارية وتقبلها إبدال الدرجات الثالثة خارج الهيئة بالدرجات التاسعة في نطاق ميزانية كل مصلحة، فالإدارة هي التي تترخص وحدها في تقدير ملائمة هذا الإبدال بحسب إمكانيات الميزانية وتناسب الدرجات المختلفة في نطاقها، مراعية في ذلك صالح العمل على هدى المصلحة العامة بلا معقب عليها في هذا التقدير، وبغير هذه الموافقة لا ينشأ لذوي الشأن من مستخدمي الدرجة الثالثة خارج الهيئة حق في هذا المركز الذاتي بمجرد صدور قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943. وليس أقطع في الدلالة على سداد هذا النظر من أن قرار مجلس الوزراء قد اقتضى لجواز النقل إلى الدرجة التاسعة قضاء سبع سنوات على الأقل في الدرجة الثالثة خارج الهيئة، ومن أن الإدارة لم تعمد إلى تطبيق القرار التنظيمي العام على حالة المطعون لصالحه إلا بعد أن استأذنت وزارة المالية في استبدال الدرجة التاسعة بدرجته الخارجية عن الهيئة وحصلت على موافقة هذه الوزارة على هذا الإجراء؛ الأمر الذي خرج من قرارها الإداري رقم 734 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 بتعيينه في الدرجة التاسعة من أن يكون مجرد قرار تنفيذي لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر، كما ذهب إلى ذلك خطأ طعن هيئة المفوضين، بل إنه قرار إنشائي بتعيين المطعون لصالحه في سلك الدرجة التاسعة، ومن تاريخ القرار الصادر بذلك.
ومن حيث إن إسباغ الدرجة التاسعة على المطعون لصالحه بالقرار الإداري المنشئ الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 لا يجوز أن يسري بأثر رجعي بما من شأنه المساس بالمراكز الذاتية التي تحققت لصالح المرقين إلى الدرجة الثامنة الكتابية بموجب القرار الإداري رقم 1077 الصادر في 23 من فبراير سنة 1948. وفي إسناد أقدميته الاعتبارية في تلك الدرجة الشخصية إلى أول يوليه سنة 1943 مع إنفاذ آثار الإسناد على إطلاقها إهدار لهذه المراكز الذاتية ومساس بالحقوق المشروعة المترتبة على أقدميات اكتسبها أربابها في وقت لم يتولد فيه للمدعي بعد مركز ذاتي.
ومن حيث إنه على مقتضى جميع ما تقدم وللأسباب الأخرى التي استند إليها الحكم المطعون فيه يكون هذا الحكم قد أصاب وجه الحق في قضائه؛ ويكون الطعن من ثم قد قام على غير أساس من القانون، حقيقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 64 لسنة 2023 تمييز دبي عمالي جلسة 30 / 5 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 30-05-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 64 لسنة 2023 طعن عمالي
طاعن:
سيف سعيد راشد الغبار الشامسي
المجموعة القانونية ـ محامون ومستشارون قانونيون


مطعون ضده:
حاتم طالب عبد عبد الغني


الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/7 استئناف عمالي
بتاريخ 10-04-2023
أصـدرت الحكـم التـالي 
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده القاضي المقرر محمد علي الهادي الجمري وبعد المداولة. 
وحيث إن الطعن إستوفي أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً .
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 11677 لسنة 2022 عمالي جزئي - في مواجهة المطعون ضده طلبا في ختامها الحكم بإلزامه بأن يؤدى لهما بدل إنذار بمبلغ 70000 درهم - والزامه بالرسوم والمصروفات ، وذلك على سند من القول بأن المطعون ضده قد التحق بالعمل لدى الطاعنة الثانية في وظيفة مدير مكتب وقد تقدم باستقالته بتاريخ 31/8/2022 وقد أسس شركة منافسة وهو على رأس عمله وشركته تعمل في نشاط إدارات براءات الإختراع والحقوق والملكيات الفكرية وهو ذات نشاط إحدى دوائر الطاعنة الثانية وقد أسس هذه الشركة دون الحصول على موافقة وعلم الطاعنين ، وأنه لم يلتزم بالعمل لدى صاحب العمل خلال فترة الإنذار ولم يقم بواجباته التعاقدية عندما طلب منه تسليم عهدته . تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة حيث قدم المطعون ضده لائحة دعوى متقابلة طلب في ختامها إلزام الطاعنين بأن يؤديا له مبلغ 572456 درهم مقابل مستحقاته العمالية وتشمل: رواتب متأخرة عن الشهور من يوليو حتى سبتمبر 2022 مبلغ 210000 درهم، مكافأة نهاية خدمة مبلغ 362456 درهم، الغاء تصريح عمله. 
بتاريخ 22/12/2022 حكمت محكمة أول درجة أولا- في الدعوى الأصلية: برفضها، وألزمت الطاعنين بالرسوم والمصاريف. ثانيا - في الدعوي المتقابلة: بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلزام الطاعنين بأن يؤديان للمطعون ضده مبلغ (494881) درهم والفائدة التأخيرية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية، وألزمت الطاعنين بالمناسب من الرسوم والمصاريف ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. 
طعن المطعون ضده في هذا الحكم بالإستئناف رقم 7/2023 عمالي واستأنفه الطاعنان بالإستئناف 36/2023 عمالي. 
بتاريخ 30-03-2023 حكمت محكمة الإستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما بتعديل المبلغ المحكوم به للمطعون ضده ليصبح مبلغ 564881 درهم وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وألزمت كل مستأنف بمصروفات استئنافه، وأمرت بمصادرة مبلغ التأمين في الإستئنافين. 
طعن الطاعنان في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب طلب الكتروني قدماه لمكتب إدارة الدعوي بتاريخ 2023/4/11 طلبا فيه نقضه وقدم محامي المطعون ضده مذكرة جوابية طلب فيها رفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره. 
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مُخَـالفتة للواقِع والثـابت بالأوراق والقصُور في التسبيب والفساد في الإسـتِدلال والتناقُض الذي تتماحى به لأسباب فيما انتهى اليه من استحقاق المطعـون ضده لراتب شـهر 9 (سبتمبر 2022) بالرغم من إفادته بالشكوى العمالية بانتهاء علاقة العمل في 31/8/2022 مما يعيبه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر إذا ادعى صاحب العمل عدم أحقية العامل لراتبه بمقولة أنه لم يباشر عمله في الفترة محل المطالبة بالراتب فإنه يقع عليه عبء إثبات ذلك بإعتباره مدعياً بخلاف الثابت أصلاً في الاتفاق القائم بينهما ويجوز له إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات القانونية ومن المقرر أن الإقرار الصادر من المطعون ضده أمام دائرة العمل لا يعتبر إقراراً قضائياً لأنها ليست جهة قضائية وأن الإقرار غير القضائي يخضع لتقدير قاضي الموضوع الذي يجوز له ألا يأخذ به أصلاً لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن الإقرار الذي صدر من المطعون ضده أمام دائرة العمل فيما يتعلق بواقعة إنقطاعه عن العمل ــ وهو الدليل الوحيد الذي تساند إليه الطاعنان فيما ذهبا إليه من عدم أحقية المطعون ضده لراتب شهر سبتمبر 2022 ــ ومن ثم قضي بتعديل الحكم المستأنف بأن قضي للمطعون ضده براتب شهر سبتمبر 2022 بقالة أن علاقة العمل بين طرفي الدعوى قد انتهت في بداية أكتوبر 2022 وذلك حسبما هو ثابت من عقد فسخ اتفاقية الشراكة المبرم بين طرفي الدعوى والذى تم الاتفاق فيه على انتهاء علاقة العمل في الأول من أكتوبر 2022 فإنه يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس . 
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق دفاعهما حينما رفض طلبهما بإحالة الدعوى للخبرة للإطلاع على حسابات المطعون ضده بدائرة الملكية الفكرية ـــ (اي تي بي للملكية الفكرية ذ م م ) التي أنشأها المطعون ضده لنفسه ــ لبيان ما إذا كان المطعون ضده هـو المنُوط بإدارة دائرة الملكية الفكرية أم لا وما إذا كان قد تصرف في الأموال المودعـة بحساباتها من عدمه وتحديد المبالغ التي قام بسحبها سواء لنفسه أو تلك التي حولها الى حـسابات أخرى وسبب تلك التحويلات وأساسها القانوني .... مما يعيبه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن طلب ندب خبير في الدعوي ليس حقا مقرراً للخصوم يتعين على المحكمة إجابتهم إليه ، فلها أن ترفضه متى تبين لها أن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم القاعدة الواردة في المساق المتقدم وقضي بألا مبرر لإحالة الدعوى للخبرة على ما أورده بمدوناته ((وعن طلب المستأنفين تقابلاً بندب خبير حسابي فان المحكمة لا ترى مبرر لذلك لكفاية أوراق الدعوى للوصول لأصل الحق فيها ...)) وإذ كان هذا الذي انتهي إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ويكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس . 
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنين بالمصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين.

الطعن 545 لسنة 4 ق جلسة 21 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 74 ص 864

جلسة 21 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(74)

القضية رقم 545 لسنة 4 القضائية

إعانة غلاء معيشة 

- قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 - اشتراطه لاستحقاق إعانة الغلاء أن تصرف الأجور والرواتب من اعتماد مؤقت بالميزانية - القصد من ذلك أن يكون لهذا المصرف المالي قوام قانوني ثابت محدد المعالم لمواجهة نفقات الصرف - الحساب الجاري الذي يتكون من فروق الأسعار الناشئة من استيلاء الحكومة على بذرة القطن لأغراض التموين لقاء ثمن محدد ثم إعادة بيعها للمعاصر بثمن آخر - لا يعتبر اعتماداً مؤقتاً بالميزانية - صرف المدعي أجره من هذا الحساب الجاري يجعل تطبيق قرار 29 من أكتوبر سنة 1952 غير متوافر في حقه.

-----------------
إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 - إذ اشترط لمنح إعانة الغلاء أن تصرف الأجور والرواتب من اعتماد مؤقت بالميزانية - إنما قصد أن يكون لهذا المصرف المالي قوام قانوني ثابت محدد المعالم لمواجهة نفقات الأجور والمرتبات، وهو ما لا يتحقق في الحساب الجاري الذي كان يصرف منه على أجور المدعي وأمثاله، والذي يتكون من فروق الأسعار الناشئة من استيلاء الحكومة على بذرة القطن لأغراض التموين لقاء ثمن محدد ثم إعادة بيعها للمعاصر بثمن آخر، وبهذه المثابة فإن هذا الحساب الجاري يضيق ويتسع؛ فقد لا يتمخض عنه وفورات تكفي لمواجهة نفقات الأجور فضلاً عن إعانة الغلاء؛ فيتمتع - والحالة هذه - قياسه على الاعتماد المؤقت الذي تقدر فيه الأجور وملحقاتها على وجه التحديد. وعلى هذا الأساس فإن شرط تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر متخلف في حالة المدعي، وقد عولجت حالته وحالة أمثاله برفع أجورهم ليكون ذلك عوضاً لهم عن إعانة الغلاء.


إجراءات الطعن

في يوم 20 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 25 من مارس سنة 1958 في القضية رقم 389 لسنة 4 القضائية المرفوعة من السيد/ علي إبراهيم علي ضد مصلحة القطن ووزارة التجارة، القاضي "باستحقاق المدعي إعانة غلاء معيشة طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات المناسبة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات". وقد طلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للمدعي في 14 من يونيه سنة 1958، وللحكومة في 17 و25 منه، وعين لنظره جلسة 18 من أكتوبر سنة 1958، وتأجلت لجلسة 13 من ديسمبر سنة 1958 للسبب المبين بالمحضر، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأودع المدعي مذكرة بدفاعه، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 389 لسنة 4 القضائية أمام محكمة الإسكندرية الإدارية بعريضة مودعة في 12 من نوفمبر سنة 1955 مع قرار إعفائه من الرسوم القضائية طلب فيها الحكم باستحقاقه إعانة غلاء معيشة طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لذلك إنه عين في 13 من يناير سنة 1950 عاملاً بمصلحة القطن بأجر يومي قدره 220 م، وظل كذلك دون صرف إعانة غلاء المعيشة التي يقضي قرار مجلس الوزراء السالف الذكر بمنحها للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة على اعتماد مؤقت بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم، ومن مضى عليه منهم سنة تمنح له الإعانة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء. وقال المدعي إن هذا القرار ينطبق بتوافر شرطين: الأول، أن يكون الموظف أو العامل معيناً بصفة غير منتظمة، والثاني، أن يكون معيناً على اعتماد مؤقت، وهذان الشرطان يتوافران في حقه؛ ذلك لأنه من العمال الموسميين الذين يعملون بصفة غير منتظمة. ثم أضاف المدعي بعد ذلك في مذكراته التي قدمها خلال نظر الدعوى طلباً احتياطياً، وهو منحه إعانة الغلاء بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1941. وقد ردت الحكومة على ذلك بأن المدعي عين في سبتمبر سنة 1952 بأجر يومي قدره 140 م بصفة موسمية على حساب جاري بذرة القطن وليس على اعتماد مدرج بالميزانية وكان تعيينه كعامل عادي وطبقاً لقواعد كادر العمال، ومنح علاوة غلاء معيشة من تاريخ تعيينه؛ ومن ثم فلا ينطبق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952؛ لأنه غير معين على اعتماد مدرج بالميزانية، وطلبت رفض الدعوى. وبجلسة 25 من مارس سنة 1952 قضت المحكمة باستحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة طبقاً لقرار مجلس الوزراء السالف الذكر، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وأسست قضاءها على أن وزارة التموين عمدت منذ عام 1942 إلى الاستيلاء على بذرة القطن، ثم تقوم بتوزيعها على المعاصر بأسعار أعلى لتحقق بذلك فرقاً تستخدمه في خفض أسعار المواد التموينية، وأسندت إلى قسم مراقبة القطن تنفيذ عملية الاستيلاء على البذرة والإشراف على توزيعها وحصرها، وقد عين المدعي ولفيف من زملائه ضمن الجهاز المكلف بالإشراف على تلك العملية، وكانت تصرف أجورهم من فروق الأسعار المتخلفة عن عملية الاستيلاء ثم توزيع البذرة على المعاصر، وهو ما أطلق عليه حساب جاري بذرة القطن، ولم تدرج هذه الأجور في صورة اعتماد واردة في الميزانية، ولكن كان ذلك يتم بطريقة حسابية عن طريق إدارة حسابات الحكومة، كما أن ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 خاصاً بالموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة لا يستفاد منه أنه يجب أن يكون طالب الإعانة معيناً على اعتماد، بل يكفي قيام علاقة وظيفية بين الموظف أو المستخدم أو العامل وبين الدولة، وأن يتم هذا التعيين على مصرف مالي مؤقت أياً كانت صورته؛ ذلك لأن تصوير هذا المصرف في شكل اعتماد أو محاسبة خاصة تجريها إدارة الحسابات - كما هو شأن حساب بذرة القطن - لا يؤثر في الغرض من تقرير إعانة الغلاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القواعد الخاصة بإعانة غلاء المعيشة، كما يبين من مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952، تقضي بألا تصرف هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة، وهؤلاء هم الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة وليس لها صفة الدوام، ولما كانت هناك بعض الاعتمادات بالميزانية يجوز تعيين موظفين أو عمال عليها بالرغم من وصفها بأنها مؤقتة غير أنها قد تستمر إلى سنتين أو ثلاث أو أكثر بحسب نوع العمل المخصص له الاعتماد؛ لذلك رأى ديوان الموظفين أن الأمر يحتاج إلى وضع قواعد ثابتة لتنظيم حالات الموظفين أو المستخدمين أو العمال الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة من حيث استحقاقهم علاوة غلاء المعيشة، واقترح منحهم إعانة غلاء بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم. وإذ يبين من هذه المذكرة أن شرط استحقاق إعانة الغلاء للموظفين المشار إليهم هو تعيين أمثالهم على اعتماد، وهذا الشرط غير متوافر في حالة المدعي الذي يتقاضى أجره من حساب لا يتوافر له هذا الوصف؛ فمن ثم يكون الحكم السالف الذكر قد خالف القانون، ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت في الطعن رقم 719 لسنة 3 القضائية بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1958 بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 قصد به أن يشمل طائفة الموظفين والمستخدمين والعمال المؤقتين المعينين بصفة غير منتظمة ممن استطالت مدة خدمتهم سنة فأكثر من تاريخ تعيينهم بميزة الانتفاع بإعانة غلاء المعيشة بشرط أن يكون لمرتباتهم أو أجورهم مصرف من اعتماد مرصد لها في ميزانية المصلحة التي يتبعونها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي عين عاملاً موسمياً على حساب جاري بذرة القطن في 17 من يناير سنة 1950 بأجر يومي قدره 150 م، ثم فصل في 8 من أكتوبر سنة 1950، ثم أعيد تعينه في 9 من أكتوبر سنة 1950، ثم فصل في 10 من يوليه سنة 1951، وأعيد تعيينه في 11 منه، وفصل في 14 من أكتوبر سنة 1951، ثم أعيد تعيينه في اليوم التالي، ثم فصل في 16 من سبتمبر سنة 1952، وأعيد تعيينه في اليوم التالي، ثم رفع أجره اليومي إلى 220 م اعتباراً من 5 من أكتوبر سنة 1952، وهكذا إلى أن فصل من خدمة المصلحة بالاستقالة اعتباراً من 11 من مارس سنة 1956 لتعيينه كاتباً في الدرجة الثامنة بوزارة التربية والتعليم. ولما صدر قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 استطلعت المصلحة رأي ديوان الموظفين في مدى تطبيقه على العمال المعينين على حساب جاري بذرة القطن، فأفاد بعدم منحهم إعانة غلاء المعيشة؛ لأن أجورهم لا تصرف من اعتماد ثابت في الميزانية لهذا الغرض. وكانت المصلحة قد تقدمت في أوائل أكتوبر سنة 1952 إلى وزارة المالية والاقتصاد طالبة زيادة أجور هؤلاء العمال بمثابة تعويض لهم لعدم منحهم إعانة غلاء معيشة ولتعذر إنشاء اعتماد خاص بهم في الميزانية؛ لأن عملهم مؤقت ينتهي بانتهاء عملية الاستيلاء على بذرة القطن وبانتهاء موسمها، فوافق السيد الوزير في 18 من أكتوبر سنة 1952 على رفع أجرهم اليومي إلى 220 م على أساس أن أجورهم لا يصرف عنها إعانة غلاء، وكان المدعي يوصف في جميع المكاتبات والأوراق التي يحويها ملف خدمته بأنه من العمال الموسميين والمؤقتين المعينين على حساب جاري بذرة القطن.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 - إذ اشترط لمنح إعانة الغلاء أن تصرف الأجور والرواتب من اعتماد مؤقت بالميزانية - إنما قصد أن يكون لهذا المصرف المالي قوام قانوني ثابت محدد المعالم لمواجهة نفقات الأجور والمرتبات، وهو ما لا يتحقق في الحساب الجاري الذي كان يصرف منه على أجور المدعي وأمثاله، والذي يتكون من فروق الأسعار الناشئة من استيلاء الحكومة على بذرة القطن لأغراض التموين لقاء ثمن محدد ثم إعادة بيعها للمعاصر بثمن آخر؛ وبهذه المثابة فإن الحساب الجاري يضيق ويتسع فقد لا يتمخض عنه وفورات تكفي لمواجهة نفقات الأجور فضلاً عن إعانة الغلاء، فيتمتع - والحالة هذه - قياسه على الاعتماد المؤقت الذي تقدر فيه الأجور وملحقاتها على وجه التحديد، وعلى هذا الأساس فإن شرط تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر متخلف في حالة المدعي، وقد عولجت حالته وحالة أمثاله برفع أجورهم ليكون ذلك عوضاً لهم عن إعانة الغلاء، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ويتعين إلغاؤه، ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 162 لسنة 4 ق جلسة 21 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 73 ص 857

جلسة 21 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني ومحيى الدين حسن وعلي إبراهيم البغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

------------------

(73)

القضية رقم 162 لسنة 4 القضائية

حكم غير نهائي 

- القانون رقم 79 لسنة 1956 - إلغاؤه بأثر رجعي قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 8/ 4 و30/ 5 و11/ 7/ 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق - رفح من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء - نصه على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها منتهية بقوة القانون واعتبار القرارات والأحكام غير النهائية كأن لم تكن - المقصود بالأحكام غير النهائية الأحكام المنظور بشأنها دعوى وقت نفاذ القانون أياً كان مثار النزاع فيها سواء تعلق بالشكل أو الدفوع أو الموضوع.

-----------------
يبين من الاطلاع على المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1956 أن الشارع ألغى بنص صريح وبأثر رجعي قرارات مجلس الوزراء الصادر في 8 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق - رفح وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء اعتباراً من أول مارس سنة 1950، فتعتبر هذه الحقوق وكأنها لم تكن، واستثنى الشارع من ذلك الحقوق التي تقررت بموجب أحكام من محكمة القضاء الإداري أو قرارات نهائية من اللجان القضائية أو أحكام نهائية من المحاكم الإدارية. وقد نصت المادة الثانية من القانون المشار إليه على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الأولى ابتداء من تاريخ إلغائها من أول مارس سنة 1950 منتهية بقوة القانون، وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية، وترد الرسوم المحصلة عن الدعاوى سالفة الذكر. ويبين من ذلك أن المقصود بالأحكام التي لا يمسها الأثر الرجعي هو تلك التي ما كانت وقت نفاذ القانون منظورة بشأنها دعوى، أما إذا كان ثمت طعن قائم بشأنها فيسرى عليه الحكم المستحدث ذو الأثر الرجعي، باعتبار الطعن فيها دعوى منظورة، أياً كان مثار النزاع فيها، سواء تعلق بالشكل أو الدفوع أو الموضوع، ولا مندوحة من اعتبارها منتهية بقوة القانون دون الفصل فيها، سواء في شكلها أو في دفوعها أو في موضوعها.


إجراءات الطعن

في 30 من يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة) بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 2385 لسنة 2 ق المرفوعة من وزارة المواصلات ضد محمد فتحي علي يوسف، الذي قضى "باعتبار الخصومة منتهية بقوة القانون، ورد الرسوم المحصلة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم جواز الاستئناف، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 11 من فبراير سنة 1958، وللمستأنف عليه في 12 من أكتوبر سنة 1958، وعين لنظره جلسة 24 من يناير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية في 9 من نوفمبر سنة 1954 أقام المستأنف عليه الدعوى رقم 36 سنة 2 ق قال فيها إنه صدر من مجلس الوزراء قراران في 5 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 بمنح الموظفين المنتدبين من مصلحة السكك الحديدية للعمل بخط القنطرة - رفح المرتبات المعادلة تماماً من حيث الماهية وغلاء المعيشة لأمثالهم من موظفي وعمال الخط الأصليين الذين كانوا يعملون بسكك حديد فلسطين فبل استيلاء الحكومة على الخط، وقد نفذ هذان القراران فعلاً ثم أوقف العمل بهما مؤقتاً اعتباراً من أول يونيه سنة 1950 بناء على تعليمات السيد المدير العام، ولما كان المدير العام لا يملك تعطيل قرار صادر من مجلس الوزراء فإنه يطلب الحكم باستحقاقه للمرتب وإعانة غلاء المعيشة المعادلة لمرتب زميله في الخط اعتباراً من 15 من فبراير سنة 1954. وقد ردت المصلحة بما مصلحه أن قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر أوقف العمل بأحكامهما بناء على تعليمات المدير العام للمصلحة في أول يونيه سنة 1950. وبجلسة 31 من يناير سنة 1955 حكمت المحكمة "بأحقية المدعي في المرتب المعادل لأمثاله من موظفي خط القنطرة - رفح، اعتباراً من تاريخ ندبه للعمل بالخط المذكور، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعي عليها بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أنه "قد استقر رأيها على أن قرارات مجلس الوزراء الصادر في شأن خط سكك حديد فلسطين القنطرة شرق - رفح لا تزال قائمة للآن، طالما لم يصدر قرار آخر من ذات السلطة التي أصدرتها، وهى مجلس الوزراء، بإنهاء العمل بها؛ وعلى ذلك تكون هذه القرارات، ومن بينها القراران سالفا الذكر، سارية المفعول ومنتجة الأثر، ولا يقدح في ذلك ما ذهبت إليه المصلحة في الدعاوى المماثلة من أن قرار 11 من يوليه سنة 1948 لا يسري إلا بالنسبة لمن باشر عمله بالخط قبل صدوره...، إذ بالاطلاع على كل من قراري 30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 لم يتبين المعنى الذي تسوقه المصلحة في هذا الشأن، بل إن عباراتها جاءت عامة مطلقة، فتسري أحكامها على من ترى المصلحة الاستعانة بهم لإدارة الخط...". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 5 من يوليه سنة 1955 استأنفت وزارة المواصلات الحكم المذكور وقيد الاستئناف برقم 2385 سنة 2 ق (استئناف)، وطلبت الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية سالف الذكر، إلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة "باعتبار الخصومة منتهية بقوة القانون، ورد الرسوم المحصلة". وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كانت "طلبات المستأنف ضده الختامية أمام المحكمة الإدارية كانت تقرير أحقيته في صرف إعانة الغلاء طبقاً للنظام المقرر لموظفي خط القنطرة شرق - رفح عن المدة من أول مارس سنة 1950 إلى 31 من ديسمبر سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار"، وأنه "لما كانت إعانة غلاء المعيشة من المرتبات الإضافية التي تنسب للمرتب وتأخذ حكمه فإن القضاء في استحقاق هذه الإعانة يترتب عليه آثار قانونية بعيدة المدى في مجموعة من الروابط اللائحية التي تحكم علاقة الموظفين والمستخدمين بالحكومة بحيث لا يمكن التكهن بها مقدماً؛ ومن ثم فإن الحكم الصادر بشأنها يكون قابلاً للاستئناف"، وأن "الحكم المستأنف قد صدر استناداً إلى أن العبرة في تطبيق أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948 هو القيام بالعمل في خط سكك حديد فلسطين القنطرة شرق - رفح، وأن مدير عام مصلحة السكك الحديدية لا يملك التعديل من أحكام هذا القرار أو الحرمان من الانتفاع به؛ لأنه سلطة أدنى من السلطة التي أصدرته"، وأن "المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1956 تقضى بأنه (مع عدم الإخلال بالأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية والأحكام النهائية الصادرة من المحاكم الإدارية تعتبر ملغاة من أول مارس سنة 1950 قرارات مجلس الوزراء المشار إليها الصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق - رفح وامتداده داخل فلسطين، من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء)، ونصت المادة الثانية على أن تعتبر منتهية بقوة القانون الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة السابقة ابتداء من تاريخ إلغائها من أول مارس سنة 1950، وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان والمحاكم الإدارية، وترد الرسوم المحصلة عن الدعاوى سالفة الذكر"، وأنه لما كان "الحكم المستأنف لم يكن قد أصبح نهائياً بعد؛ ومن ثم يتعين الحكم باعتبار الخصومة منتهية بقوة القانون، وترد الرسوم المحصلة".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا خلاف من الناحية القانونية المجردة على المبدأ الذي ساقه الحكم المطعون فيه وانتهى به إلى القضاء بجواز الاستئناف، وإنما يقوم الخلاف على تطبيق هذا المبدأ على هذه الدعوى بذاتها؛ إذ الثابت أن المدعي أقام دعواه طالباً القضاء بأحقيته في صرف إعانة غلاء المعيشة بالقدر الذي كان يتقاضاه من حكومة الانتداب بفلسطين قبل ضمه إلى خدمة مصلحة السكة الحديد؛ وذلك إعمالاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من أبريل سنة 1948، وقد طلب صرف إعانة الغلاء من تاريخ قرار مدير المصلحة بحرمانه منها في أول مارس سنة 1950 حتى أول يناير سنة 1954، وهو التاريخ الذي سويت فيه حالته، وأن الفروق التي طالب بها المدعي وقضى بها الحكم المستأنف دون النصاب النهائي للمحكمة الإدارية، فإذا كان الأمر كذلك وكانت فروق إعانة غلاء المعيشة تختلف عن العلاوات الدورية التي تندمج في الراتب وتصبح جزءاً منه وتؤثر في المزايا التي تتقرر للموظف تبعاً لمقدار راتبه، فإن الدعوى - والحالة هذه - تكون واضحة المعالم ظاهرة الحدود، بحيث لا يمكن أن يقال إنها غير مقدرة القيمة. ولما كانت قيمة الدعوى دون النصاب النهائي للمحكمة الإدارية فإن الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر فيها غير جائز؛ ومن ثم فلا يجوز الإخلال به طبقاً لحكم القانون رقم 79 لسنة 1956. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1956 أن الشارع ألغى بنص صريح وبأثر رجعي قرارات مجلس الوزراء الصادر في 8 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق - رفح وامتداده داخل فلسطين، من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء اعتباراً من أول مارس سنة 1950، فتعتبر هذه الحقوق وكأنها لم تكن، واستثنى الشارع من ذلك الحقوق التي تقررت بموجب أحكام من محكمة القضاء الإداري أو قرارات نهائية من اللجان القضائية أو أحكام نهائية من المحاكم الإدارية، وقد نصت المادة الثانية من القانون المشار إليه على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الأولى ابتداء من تاريخ إلغائها من أول مارس سنة 1950 منتهية بقوة القانون، وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية، وترد الرسوم المحصلة عن الدعاوى سالفة الذكر. ويبين من ذلك أن المقصود بالأحكام التي لا يمسها الأثر الرجعي هو تلك التي ما كانت وقت نفاذ القانون منظورة بشأنها دعوى، أما إذا كان ثمت طعن قائم بشأنها فيسري عليه الحكم المستحدث ذو الأثر الرجعي باعتبار الطعن فيها دعوى منظورة أياً كان مثار النزاع فيها، سواء تعلق بالشكل أو الدفوع أو الموضوع، ولا مندوحة من اعتبارها منتهية بقوة القانون دون الفصل فيها، سواء في شكلها أو في دفوعها أو في موضوعها؛ ومن ثم يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه سليماً في النتيجة التي انتهى إليها من اعتبار الخصومة منتهية بقوة القانون ورد الرسوم المصلحة، بقطع النظر عن تعرضه في الأسباب للبحث في جواز أو عدم جواز الاستئناف، إذ لم يكن مناص من النزول على حكم القانون من اعتبار الخصومة منتهية بقوته بغير فصل في الدعوى، سواء في شكلها أو في دفوعها أو في موضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 910 لسنة 3 ق جلسة 21 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 72 ص 839

جلسة 21 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم البغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------

(72)

القضية رقم 910 لسنة 3 القضائية

(أ) جامعة - ترقية إلى درجة أستاذ 

- قرار لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية بإيثار المتفرغين بالترقية على غير المتفرغين واعتماد مجلس جامعة الإسكندرية لقرار اللجنة - العدول عن هذه القاعدة بتعيين درجات لترقية المتفرغين ودرجات لغير المتفرغين - تعديل هذه القواعد وجعل المرجع في الترقية تفضيل الأقدم في الدرجة العلمية فإذا تساوت فضل الأقدم في الدرجة المالية.
(ب) قاعدة تنظيمية عامة - القواعد التي وضعتها لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية 

- هذه القواعد تستمد قوتها من موافقة مجلس الجامعتين عليها - للمجلسين أن يعدلا عن تلك القواعد طالما أن العدول لا ينطوي على إساءة استعمال السلطة.

---------------------
1 - إن ثمت قاعدة وضعتها لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية واعتمدها مجلس جامعة الإسكندرية بجلستيه المنعقدتين في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947 من مقتضاها إيثار المتفرغين بالترقية إلى درجة الأستاذية على غير المتفرغين، ثم عدل عن هذه القاعدة شيئاً فشيئاً في ضوء التجارب التي مرت بالجامعتين؛ بأن عين لترقية المتفرغين درجات ولغير المتفرغين درجات أخرى تتفاوت نسبها في السنوات المختلفة، ثم انتهى الأمر إلى العدول عن هذه القواعد وعدم تخصيص درجات معينة لأي من الطائفتين، وأصبح المرد في الترقية إلى القاعدة الأصلية التي تقضي بتفضيل الأقدم في الدرجة العلية، فإذا تساوت فضل الأقدم في الدرجة المالية.
2 - إن القواعد التي وضعتها لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية ليست بذاتها ملزمة لأي منهما بإتباعها، وإنما هي تستمد قوتها ووجودها من موافقة مجلسي الجامعتين عليها، فهما - والحالة هذه - المنشئان لتلك القواعد؛ ومن ثم فإن لهما بهذه المثابة أن يعدلا عن تلك القواعد أو أن يلغياها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. فإذا كان قد تبين لمجلسي الجامعتين - في ضوء التجارب وظروف الحال - أن العمل بتلك القواعد التي أقراها لا يحقق تماماً المصلحة العامة التي استهدفاها عند إقرارها، فلا تثريب عليهما إذا ما قررا قواعد جديدة تراءى لهما أنها أوفى بالغاية، ما دام لم يكن المقصود من ذلك التحايل في الخروج على هذه القواعد في التطبيق الفردي، أي ليست هناك إساءة لاستعمال السلطة.


إجراءات الطعن

في 11 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 20 من يونيه سنة 1957 في الدعوى رقم 5870 لسنة 8 ق المرفوعة من السيد الدكتور عمر خيرت ضد وزارة التربية والتعليم والدكتور حنا برسوم، القاضي "بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي عليها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 24 من أغسطس سنة 1957، وللمدعي في 19 من أكتوبر سنة 1957، وللخصم الثالث في 4 من سبتمبر سنة 1957. وعين لنظره جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة 20 من ديسمبر سنة 1958، ثم مدت أجل النطق بالحكم لجلسة 24 من يناير سنة 1959، ثم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه في 6 من أكتوبر سنة 1953 قدم المدعي تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارات الحكومة ومصالحها بالإسكندرية ضد السيد وزير التربية والتعليم والسيد مدير جامعة الإسكندرية قيد برقم 41 سنة 2 ق طلب فيه إلغاء القرار الصادر من مجلس جامعة الإسكندرية في 20 من مايو سنة 1953 والمصدق عليه من السيد وزير التربية والتعليم في 28 من يونيه سنة 1953 بترقية الأستاذين حنا برسوم وشفيق قطري والمتضمن تخطيه في الترقية. وقال في بيان ذلك ما محصله إنه تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة في ديسمبر سنة 1933، ولتفوقه في العلوم الميكروسكوبية أوفد في بعثة إلى انجلترا؛ حيث حصل بعد ستة أشهر على دبلوم طب المناطق الحارة وعلم الصحة من جامعة لندن في أبريل سنة 1936، ثم حصل على درجة دكتوراه الفلسفة Ph.D في البكتريولوجيا من جامعة لندن في سنة 1939، ولما عاد إلى مصر عين مدرساً بهيئة التدريس في 10 من أكتوبر سنة 1939، ومنح الدرجة الخامسة في 17 من مارس سنة 1940. وقد طلبت الجامعة إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أبريل سنة 1936، تاريخ حصوله على مؤهله العلمي الأول، ووافق الوزير على ذلك، إلا أن وزارة المالية لم توافق، ثم طلب ترقيته إلى الدرجة الرابعة بعد سنتين من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة، إلا أن هذا الطلب لم يبت فيه لمناسبة إنشاء جامعة فاروق بالإسكندرية وترشيح جامعة القاهرة للمدعي ليتولى فيها وظيفة أستاذ مساعد علم البكتريولوجيا في الدرجة الثالثة بأول مربوطها، وفعلاً صدر قرار من مجلس الوزراء في 15 من ديسمبر سنة 1942 بتعيين المدعي في جامعة الإسكندرية في الدرجة الثالثة اعتباراً من أول يناير سنة 1943، وقد عين مع المدعي في التاريخ عينه كل من الدكتور شفيق قطري وحنا برسوم، ولم يكن أي منهما في السلك الجامعي، وإنما اضطرت الوزارة إلى تعيينهما في وظائف هيئة التدريس للنقص في هذه الهيئة، وقد عنى قانون إنشاء جامعة الإسكندرية بالترخيص بالتجاوز عن المؤهلات العلمية عند التعيين فيها ولفترة معينة. وقد حدث بعد ذلك أن صدر قانون إلغاء الاستثناءات، وكان من سوء حظ المدعي أن اعتبر خطأ ممن حظوا بترقيات استثنائية، فصدر قرار باعتباره مرقى إلى الدرجة الرابعة في أول يناير سنة 1943، ولم يمس هذا القرار لقبه العلمي، فبقى أستاذاً مساعداً من يوم تعيينه بجامعة الإسكندرية في أول يناير سنة 1943. وفي 28 من أبريل سنة 1947 وافق مجلس كلية الطب على ترقية المدعي إلى وظيفة أستاذ (ج)، وكان الزميلان الدكتور برسوم والدكتور قطري في وظيفة أستاذ مساعد، ولم يوافق مجلس الكلية على ترقيتهما إلى أستاذ (ج) إلا في 10 من يونيه سنة 1948، كما رشح آخرون للترقية إلى نفس الوظيفة في 19 من يوليه سنة 1947، أي أن المدعي كان يسبق الجميع في ترشيحات الكلية للترقية إلى وظيفة أستاذ (ج)، ولكن حصل أن أخر مدير الجامعة عرض أمر ترقية المدعي على مجلس الجامعة ثمانية أشهر فلم يعرضها عليه إلا مع من طلبت الكلية ترقيتهم بجلسة 19 من يوليه سنة 1947، بل إنه عمل على استحضار أستاذ أجنبي ليشغل كرسي البكتريولوجيا؛ وبذلك شغل الكرسي الذي رقى مجلس الكلية إليه المدعي؛ الأمر الذي دعا الأستاذ الأجنبي - بمجرد علمه بذلك - إلى طلب نقله إلى وظيفة أستاذ زائر حتى يمكن ترقية المدعي إلى كرسي البكتريولوجيا، والمهم في الأمر أن جميع من طلبت الكلية ترقيتهم إلى وظيفة أستاذ (ج) بعده رقوا جميعاً قبله؛ فقد رقي بعضهم في 22 من ديسمبر سنة 1947، ورقي الدكتوران حنا برسوم وشفيق قطري وآخران معهم في 7 من يوليه سنة 1948، أما المدعي فقد رقى إلى هذه الوظيفة في 6 من فبراير سنة 1949 بعد أن نقل الأستاذ الأجنبي إلى كرسي آخر، ولم يفت الجامعة غرابة وضع المدعي؛ ولذلك اقترن قرار ترقيته بتعديل أقدميته في أستاذ (ج) مع زملائه، وكان مفهوم ذلك أن تجعل أقدمية المدعي في وظيفة أستاذ (ج) راجعة إلى 22 من ديسمبر سنة 1947، تاريخ ترقية من طلبت الكلية ترقيتهم في 19 من يوليه سنة 1947، ولكن مدير الجامعة استصدر قراراً من مجلس الجامعة بأن تكون أقدمية المدعي راجعة إلى 7 من يوليه سنة 1948، أي مع زميليه حنا برسوم وشفيق قطري، وهما اللذان قرر مجلس الكلية ترقيتهما في 10 من يونيه سنة 1948. وقد تظلم المدعي من هذا القرار إلى مدير الجامعة في 2 من مايو سنة 1950، إلا أنه لم يرفع دعواه أمام محكمة القضاء الإداري؛ إذ أنصف بقرار من مجلس الوزراء صدر في 11 من يونيه سنة 1950 ردت فيه أقدميته في الدرجة المالية الثالثة إلى أول يناير سنة 1943واعتبرت فيه أقدميته في الدرجة الثانية المالية من أول يناير سنة 1947؛ وبذلك عادت أقدمية المدعي المالية قبل زملائه الذين كانوا قد سبقوه بسبب شغل الأستاذ الأجنبي لكرسي البكتريولوجيا؛ إذ لم يتعرض قرار مجلس الوزراء للأقدمية العلمية. وقد عرض السيد مدير الجامعة وقتذاك الأمر على مجلس الجامعة، وأفهمه أن الأمر لا يعدو أن يكون استثناء حصل عليه المدعي لصلات شخصية، ولم يبين السيد المدير أن قرار مجلس الوزراء إنما كان تصحيحاً لوضع شاذ وإعادة للأمور إلى نصابها الطبعي، وكان من نتيجة هذا العرض أن أصدر مجلس الجامعة قراراً في أول أغسطس سنة 1950 باعتبار المدعي أستاذاً مساعداً من أول يناير سنة 1947، تاريخ ترقية مجلس الوزراء له إلى الدرجة الثانية المالية، على ألا يكون لهذه الترقية أثر في ترتيبه بالنسبة لزملائه في الجامعة. وقد ألغي بعد ذلك قرار مجلس الوزراء سالف الذكر إثر صدور قانون إلغاء الاستثناءات؛ إذ اعتبر في ذلك الحين استثناء. هذا ويشير المدعي إلى أن مجلس الكلية كان يؤيده في وجهة نظره من حيث الأقدمية، وكتب إلى السكرتير العام للجامعة بذلك في 15 من يونيه سنة 1949. وفي 13 من يوليه سنة 1950 صدر قرار بترقية المدعي مع زميليه الدكتور برسوم والدكتور قطري إلى الدرجة الأولى أستاذ (ب). وقد سمع المدعي - عقب عودته في 22 من يونيه سنة 1953 من مهمة علمية بأمريكا - أن مجلس الجامعة أصدر قراراً بترقية الدكتورين شفيق قطري وحنا برسوم إلى أستاذ ( أ ) متخطياً إياه في الترقية في هذه الدرجة، فتظلم تلغرافياً في 30 من يونيه سنة 1953، ولما علم المدعي أن السيد الوزير وقع القرار بادر إلى التظلم إليه وإلى مدير الجامعة في 23 من أغسطس سنة 1953، ثم قدم تظلمه بعد ذلك إلى اللجنة القضائية؛ بانياً تظلمه على الأسباب الآتية: مخالفة القانون؛ ذلك أن قرار الجامعة الصادر في 20 من مايو سنة 1953 والمصدق عليه من السيد الوزير في 28 من يونيه سنة 1953 قد خالف القانون من عدة أوجه؛ وبيان ذلك أن قانون جامعة الإسكندرية رقم 32 لسنة 1942 ترك لمجلس جامعتها تنظيم شئون التعليم والترقيات بها، وجرى المجلس على إصدار قرارات عامة تنظيمية ينظم بها هذه الشئون ويلتزمها في التطبيقات الفردية، حتى تكون تصرفاته بعيدة عن شبهة التحكم، وليس من شك في أن الجامعة ملزمة باحترام هذه القرارات، ولا يسوغ لها مخالفتها في التطبيق الفردي، وإلا اعتبرت هذه المخالفة مخالفة للقانون. وعلى هدى هذا المبدأ يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون من ثلاثة وجوه: الوجه الأول، في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947 أصدر مجلس جامعة الإسكندرية قراراً عاماً تنظيمياً أطلق عليه "قواعد اشتغال هيئة التدريس في الخارج وشروط ترقيتهم وقواعد الترقية في حدود علمية واحدة وبدل التفرغ للأطباء"، وقد نص هذا القرار تحت ثالثاً على أن تكون درجتا أستاذ ( أ ) وأستاذ (ب) مقصورتين على أعضاء هيئة التدريس المتفرغين، ومعنى هذا أنه عند الترقية إلى درجة أستاذ ( أ ) يجب أن يفضل المتفرغ على غير المتفرغ. ولما كان المدعي هو الوحيد بين زميليه، المتفرغ لعمله، وكان الآخران مرخصاً لهما في مزاولة المهنة خارج الجامعة، فكان لزاماً أن يفضل المدعي في الترقية على زميليه. الوجه الثاني، نص القرار التنظيمي سالف الذكر على أنه لا يجوز ترقية عضو هيئة التدريس من وظيفة علمية إلى وظيفة علمية أخرى أرقى منها إلا بعد أن يكون قد نشر أبحاثاً مبتكرة يقرها مجلس الكلية؛ وتفريعاً على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه باطلاً من الناحية الشكلية ومن الناحية الموضوعية لمخالفته لتلك القواعد. أما من الناحية الشكلية، فلأن القرار لم يصدر على ضوء ترجيح الإنتاج العلمي للمتزاحمين على الدرجة. وأما من الناحية الموضوعية، فإن المدعي - على أساس هذه القاعدة - يفضل زميليه، فالدكتور قطري لا يكاد يوجد له أبحاث، في حين أنه - أي المدعي - له أبحاث علمية عديدة نشرت في أكبر المجلات الطبية العالمية، ثم أشار إلى أعماله الأخرى. والوجه الثالث، خالف القرار المطعون فيه القاعدة العامة التي تضمنتها قرارات الجامعة الصادرة في سنة 1947، والتي تقضي بأنه إذا تعدد المرشحون لدرجة واحدة فضل الأقدم في الوظيفة العلمية (بعد استيفاء شروط الإنتاج العلمي)، ولا شك أن المدعي أقدم من زميليه في السلك الجامعي، أي في الحصول على لقب مدرس. ثم أشار المدعي إلى أن هذه القواعد السابق الإشارة إليها قد استقرت في الجامعة ورسخت رسوخاً بلغ حد أن الجامعات الثلاث ضمنتها المشروع الذي أعدته بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وتأديبهم، وذكر المدعي نصوص هذا المشروع. وقد ردت جامعة الإسكندرية على التظلم فقالت ما محصله إن قرارات مجلس الكلية وترشيحاتها الخاصة بالترقية التي فصلها المدعي ليست قرارات نهائية؛ لأن هذه القرارات والترشيحات تبحث في مجلس الجامعة، وهو وحده صاحب السلطة في الموافقة على ما يراه منها متفقاً مع القانون، ورفض ما يراه مخالفاً للقانون. ثم قالت إنه يتضح من كشف الأقدمية أن المدعي يتساوى مع زميليه في أقدمية الوظائف العلمية، ولكنهما يسبقانه في أقدمية الدرجتين الثالثة والثانية الماليتين؛ ومن ثم يكون إدعاؤه غير قائم على أساس من الواقع؛ إذ أن لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية، التي شكلت لوضع قواعد موحدة تسير عليها الجامعتان في أمور الترقيات والاشتغال بالخارج، وضعت قواعد لترقية أعضاء هيئة التدريس، كان من بينها القاعدة الآتية: "إذا تعدد المرشحون لدرجة واحدة فضل الأقدم في الوظيفة العلمية، فإذا تساوت فضل الأقدم في الدرجة المالية، على أن يراعى عند التعيين في الخارج، أي من غير طريق الترقية، أن تحدد أقدمية عضو هيئة التدريس الجديد في وظيفته بين زملائه في وقت تعيينه، ويصح لمجلس جامعة الإسكندرية أن يعيد النظر في مثل هذه الحالات ويحدد الأقدميات". وقد وافق مجلس جامعة الإسكندرية على قرارات اللجنة في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947، واعتمدها الوزير في 8 من مايو سنة 1947، وقد سارت الجامعة على هذه القاعدة منذ ذلك الحين، والتزمتها في الترقية في القرار المطعون فيه. أما عن أقدمية المدعي عن زميليه في السلك الجامعي فتقول الجامعة إنه فضلاً عن أن زميليه كانا في وظائف فنية في وزارة الصحة ويسبقانه في أقدمية الدرجة الخامسة المالية أيضاً، فإنهما يتساريان معه في كل الوظائف التي شغلاها في الجامعة بعد نقلهما معه إلى الجامعة، ولا عبرة بأنه كان يشغل وظيفة مدرس بجامعة القاهرة في 10 من أكتوبر سنة 1939؛ لأنه - بعد إنشاء جامعة الإسكندرية في سنة 1942 واختيار أعضاء هيئة التدريس اللازمة لكلياتها - شكلت لجنة وزارية لتحديد وضع كل المنقولين، فاعتبر المدعي في وظيفة أستاذ مساعد من 16 من ديسمبر سنة 1942، كزميليه المطعون في ترقيتهما وآخرين غيرهم. أما عن كون المتظلم يفضل زميليه في الإنتاج العلمي فإن أي عضو من هيئة التدريس لا يمكن أن يصل إلى درجة الأستاذية إلا إذا كانت له أبحاث منشورة تفحص بمعرفة لجنة علمية وتقرر صلاحيتها لترقيته، وهذا الإجراء التزمته الجامعة عند ترقية جميع الأساتذة بالكليات، هذا وأن الجامعة لا تقره على الطعن في الإنتاج العلمي لزميليه اللذين لهما مكانتهما العلمية التي لا تنكر ولم يبلغا درجة الأستاذية إلا بعد أن شكلت لجان لفص أبحاثهما العلمية، واتضحت صلاحية هذه الأبحاث لترقيتهما. أما أن المدعي متفرغ وزميليه غير متفرغين فإنه ليس بين قواعد التفرغ المعمول بها في الجامعة ما يحول دون ترقية زميليه بعد أن استوفيا كل شروط الصلاحية للترقية. وانتهت الجامعة من ذلك إلى طلب رفض التظلم. وبجلسة 29 من أكتوبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "رفض التظلم، وإلزام رافعه بالمصروفات". واستندت اللجنة في قرارها إلى أنه "يبين من كثرة ما تناول مسألة بدل التفرغ من تعديل أن الجامعة لم تستقر في شأنها على رأي موحد ولم تتبع قاعدة واحدة بانتظام واطراد، بل كانت تخرج في كل مرة عما وضعته من قواعد.... وأخيراً عدلت عن كل هذه الأوضاع وعادت إلى القاعدة العامة في الترقيات، غير أنها لم تتخذ قراراً بهذا العدول"، وأن "القواعد التي سبق أن قررتها الجامعة في صدد تخصيص درجات للمتفرغين من أساتذة كلية الطب لم تكتسب صفة التطبيق الدائم والاستقرار الذي يكسبها صفة القاعدة التنظيمية العامة التي لا يجوز الخروج عليها والتي يتحتم التزامها، طالما أنها لم تعدل أو تلغى بقرار آخر..."، وأنه "ينبغي لذلك التقرير بأن القاعدة الواجبة الاتباع في شأن الترقية إلى وظائف الأستاذية وفي حدود هذه الوظائف إلى درجاتها المختلفة هي قاعدة الأقدمية مع توافر شروط الأبحاث العلمية، وفي حدود ما قضى به قرار مجلس الجامعة الصادر في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947 من حيث تفضيل الأسبق في الوظيفة العلمية، وإلا الأسبق في الدرجة المالية متى تساووا في الوظيفة العلمية"، وأنه "لذلك يكون الوجه الأول من وجوه الطعن على قرار ترقية الخصمين على غير أساس من القانون". وإنه ولئن كان "قرار لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية في أمور الترقيات والذي أقرته جامعة الإسكندرية في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947 يقضي بأنه لا يجوز ترقية عضو هيئة التدريس من وظيفة علمية إلى وظيفة علمية أخرى أرقى منها إلا بعد أن يكون نشر أبحاثاً مبتكرة يقرها مجلس الكلية"، إلا "أن الترقية من درجة أستاذ (ب) إلى أستاذ ( أ ) لا تعتبر ترقية من وظيفة علمية إلى وظيفة علمية أخرى، بل تعتبر ترقية في حدود وظيفة علمية واحدة؛ لأن الوظائف العلمية هي المدرس والأستاذ المساعد والأستاذ، فالترقية من إحدى هذه الوظائف إلى الأخرى هي التي يعنيها القرار السالف..." وأنه "فضلاً عن أن الترقية من أستاذ (ب) إلى أستاذ ( أ ) لا تخضع لنص قرار مجلس الجامعة السالف، فإن النص المذكور لا يستلزم إجراء مقارنة بين أبحاث المرشحين، بل يكتفي بأن يتقدم المرشح بأبحاثه المنشورة، ويقر مجلس الكلية أبحاثه لتحل ترقيته في حدود القواعد المتبعة، وهي الأقدمية في الوظيفة العلمية أو الدرجة المالية وفقاً لكل حالة، ولا يفهم من ذلك القرار أن الأبحاث العلمية المنشورة تكون مجال مقارنة لتفضيل أبحاث عن أخرى....؛ ذلك أن مجلس الجامعة لم يرم إلى ذلك في قراره؛ لعلمه أن الأساتذة تختلف فروع تخصصهم ويصعب تفضيل أبحاث أحدهم على أبحاث الآخر، فاكتفى بأن يكون للمرشح أبحاث منشورة يرى مجلس الكلية أنها تدل على كفاية المرشح للترقية"، وأن "المتظلم ذاته يقر بأن المرقين تقدما بكشف يبين أبحاثهما المنشورة، ولم تقرر الكلية أن هذه الأبحاث غير كافية لترقيتهما، بل أقرتها وعرضتها مع اقتراح ترقيتهما على مجلس الجامعة، فأصدر قراره بناء عليها بترقيتهما....؛ ومن ثم يكون ما ينعيه المتظلم على القرار المطعون فيه من أنه لم يبن على أساس التفضيل بينه وبينهما في الإنتاج العلمي على غير أساس من القانون". وبعد أن قارنت اللجنة بين أقدمية المدعي وأقدمية زميليه قالت "إن المتظلم والمرقين جميعاً حصلوا على الوظائف العلمية من أستاذ مساعد إلى أستاذ (ب) في تاريخ واحد، فلا يكون لأحدهما سبق على الآخرين في الوظائف العلمية لتساويهم فيها جميعاً"، وأن "المطعون في ترقيتهما ترجع أقدميتهما في الدرجة الثالثة المالية إلى أول يناير سنة 1943، في حين أن أقدمية المتظلم في الدرجة الرابعة ترجع إلى هذا التاريخ.... وبذلك يسبقان المتظلم في الدرجة الثالثة فضلاً عن الثانية ولا يسبقهما هو في أي درجة مالية". وانتهت اللجنة من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قد جاء صحيحاً. وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 27 من مارس سنة 1954 طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر طالباً إلغاءه، وردد في طعنه ما ذكره بتظلمه، وردّ على ما ورد بأسباب اللجنة القضائية. وبجلسة 20 من يونيه سنة 1957 حكمت المحكمة "بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وبتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطعن يقوم على وجهين: الأول، أن قرار الترقية المطعون فيه قد خالف القواعد التنظيمية الموضوعة في شأن الترقية إلى وظيفتي أستاذ (ب) وأستاذ ( أ ) والتي تضمنت بعض ميزات مقصورة على الأساتذة المتفرغين. والثاني، أنه خالف أيضاً من الناحيتين الشكلية والموضوعية القواعد الخاصة بتوافر شرط الإنتاج العلمي لدى المرشحين. ففيما يتعلق بالوجه الأول "فإنه يبين من استظهار الأوراق المقدمة في الدعوى أن مجلس جامعة الإسكندرية وافق بجلستيه المنعقدتين في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947 على أن تكون درجتا أستاذ ( أ ) وأستاذ (ب) مقصورتين على أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب المتفرغين، كما تضمن قرار المجلس أن جميع أعضاء هيئة التدريس غير الإكلينيكيين يجب أن يكونوا متفرغين. وفي 24 من أكتوبر سنة 1949 عرض على المجلس اقتراح من كلية الطب بترقية الأساتذة الدكاترة حسن صبحي (متفرغ) وإبراهيم مصطفى صبري ومحمد عزيز برادة (غير متفرغين) إلى درجة مدير عام (ب)، وتناقش المجلس في هذا الاقتراح في ضوء قواعد ترقية الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين التي سبق أن وافق عليها المجلس وأقرتها لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية، وفي ضوء ما جرى عليه العمل بعد ذلك في جامعة القاهرة من تخصيص درجات للأساتذة غير المتفرغين يرقون منها على خلاف هذه القواعد، وبعد المناقشة وافق المجلس على اقتراح ترقية الأستاذ المتفرغ إلى درجة مدير عام "ب"، أما بالنسبة للأساتذة غير المتفرغين فقد رأى المجلس أن يطلب إلى لجنة التنسيق بين الجامعتين النظر في المبدأ الذي يتبع في ترقية الأساتذة غير المتفرغين. وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1949 استأنف المجلس بحث الموضوع واستعرض النظام الذي اتبع في جامعة القاهرة بشأن تخصيص بعض درجات مدير عام (ب) للأساتذة غير المتفرغين والبعض الآخر للمتفرغين، بنسبة 2 للفريق الأول و6 للفريق الثاني، وتطبيقاً لذلك وافق المجلس على ترقية الدكتورين إبراهيم صبري ومحمد عزيز برادة لدرجة مدير عام (ب)، وبالجلسة المنعقدة في 8 و11 من يناير سنة 1950 عرض على المجلس اقتراح بترقية كل من الأستاذين الدكتورين جواد حمادة ومحمود أنسي عابدين إلى وظيفة أستاذ (ب) من الدرجة الأولى، ووافق على ترقيتهما أخذاً بالقاعدة التي اتبعت في جامعة القاهرة وهي تخصيص نصف وظائف الأساتذة (ب) لكل من الأساتذة المتفرغين والأساتذة غير المتفرغين. وبالجلسة المنعقدة في 11 و20 من مايو سنة 1953 عرضت على المجلس ترقية الدكتورين شفيق قطري وحنا برسوم إلى وظيفة أستاذ ( أ )، وهي موضوع الطعن، كما عرض اعتراض المدعي والدكتور أحمد نبيه على هذه الترقية....". وبعد المناقشة في ذلك الموضوع "وافق المجلس على الترقية المقترحة"، وأنه "يبين من استعراض قرارات مجلس جامعة الإسكندرية وفق التفصيل المتقدم أنه اتجه أولاً إلى وضع قاعدة بقصر درجات وظيفتي أستاذ ( أ ) وأستاذ (ب) على لأساتذة المتفرغين، ثم عدل عنها إلى قاعدة جديدة تقضي بتوزيع درجات مدير عام (ب) بين الأساتذة المتفرغين والأساتذة غير المتفرغين بنسبة 6 للأولين و2 للآخرين، ثم عدل مرة ثانية إلى قاعدة جديدة من مقتضاها توزيع وظائف الأساتذة (ب) بين الفريقين بنسبة النصف لكل منهما، وانتهى أخيراً بجلسة 11 و20 من مايو سنة 1953 إلى الموافقة على ترقية المطعون في ترقيتهما، وهما غير متفرغين، على أساس أن القواعد المتقدمة لم يعد لها قيام، وهو ما يستفاد من أقوال عضوي المجلس التي أبديت بالجلسة المذكورة، والتي صدر بناء عليها قرار الموافقة على الترقية. وتستخلص المحكمة من موافقة المجلس على الترقية بناء على الأقوال المشار إليها أن المجلس قد انتهى إلى العدول عن القواعد التي تقدم ذكرها، أو إلى إقرار العدول عنها ونسخها، بمعنى أن المجلس لم يقصد إلى إصدار قرار بالترقية يخرج فيه على قواعد تنظيمية قائمة من قبل، وإنما أقر أولاً عدم احترام أو عدم قيام تلك القواعد، وهو ما لا يخرج عن كونه قراراً ضمنياً منه بإقرار نسخها، ثم وافق بعد ذلك على الترقية المقترحة، فكأن قرار المجلس يتكون من شقين: شق تنظيمي، وهو يقضي ضمنياً بالعدول أو بإقرار العدول عن القواعد التي سبق أن وضعها في شأن توزيع الدرجات بين المتفرغين وغير المتفرغين، وشق تطبيقي، وهو يقضي صراحة بالموافقة على ترقية المطعون في ترقيتهما على اعتبار أنها ترقية لا استثناء فيها، وقد درج المجلس على هذا الأسلوب عند إصدار قراراته في شأن توزيع الدرجات بين المتفرغين وغير المتفرغين؛ إذ كان يصدر قراره بالترقية مقروناً أو مسبوقاً في ذات الجلسة بتعديل القاعدة التنظيمية التي سبق له وضعها بما يسمح بهذه الترقية، وهو ما يملكه ولا شائبة فيه قانوناً، ما دام منبعث عن الانحراف في استعمال السلطة. وعلى مقتضى ما تقدم لا يكون ثمت خروج في قرار الترقية المطعون فيه على قاعدة تنظيمية كانت قائمة وقت إصداره..."، وفيما يتعلق بالوجه الثاني للطعن "فإن مجلس جامعة الإسكندرية قرر بجلسته المنعقدة في 18 و19 من نوفمبر سنة 1951 ما يأتي: (أولاً) يشترط في المرشح للترقية من وظيفة مدرس إلى وظيفة أستاذ مساعد ومن وظيفة أستاذ مساعد إلى أستاذ أن تكون له أبحاث منشورة أو مقبولة للنشر تقرر صلاحيتها للترقية لجنة يحسن أن يكون أحد أعضائها من خارج الكلية، (ثانياً) ويشترط في المرشح للترقية من وظيفة مدرس (ب) إلى مدرس ( أ ) ومن وظيفة أستاذ مساعد (ب) إلى أستاذ مساعد ( أ ) وجوب قيامه بأبحاث يقرها مجلس الكلية، (ثالثاً) في كل ترقية من وظيفة أستاذ (ج) فما فوق يقوم الأستاذ المرشح للترقية بياناً بنشاطه العلمي ترسله الكلية مع اقتراح الترقية للجامعة. وواضح من هذا أن وضع أبحاث نشرت أو قبلت للنشر وفحصها بواسطة لجنة لتقرر كفايتها للترقية بما يستتبعه ذلك من موازنة ومفاضلة بين المرشحين قد شرط للترقية بين وظائف التدريس الثلاثة، مدرس وأستاذ مساعد وأستاذ، دون الترقية داخل الوظيفة الواحدة منها؛ والحكمة في هذه التفرقة ظاهرة؛ إذ أنه لا حاجة لتطلب ذلك الشرط عند الترقية في نطاق الوظيفة الواحدة من تلك الوظائف الثلاثة اكتفاء بضرورة توافره مستقبلاً، أو بسبق توافره فيما مضى عند الترقية إلى الوظيفة أو الوظيفتين الأخريين أو منهما، وعلى هذا الأساس رأى مجلس الجامعة أنه يكفي في ترقية المدرس (ب) إلى مدرس ( أ ) أو الأستاذ المساعد (ب) إلى أستاذ المساعد ( أ ) أن يقوم بأبحاث لم يشترط أن تنشر أو تقبل للنشر...، كما رأى أنه يكفي في ترقية الأستاذ (ج) إلى الأستاذ (ب, أ) أن يقدم مجرد بيان بنشاطه العلمي يرسل مع اقتراح الترقية إلى الجامعة، وليس المقصود بهذا البيان أن تختبر من جديد قدرة الأستاذ على البحث وصلاحيته للترقية وأن تعقد في سبيل ذلك المقارنة بينه وبين أقرانه لاختيار أفضلهم؛ إذ سبق إجراء ذلك الاختبار وهذه المقارنة، ولو لا نجاح الأستاذ فيهما ما ارتقى إلى وظيفته، وإنما القصد من البيان المذكور هو مجرد الاستثياق من أن ذلك الأستاذ مع سبق ثبوت صلاحيته وأفضليته لم يقعد عن الاضطلاع بما تفرضه عليه الأستاذية من متابعة البحث وموالاة النشاط العلمي...."، وأنه "ثابت من الأوراق أن كلاً من المطعون في ترقيتهما قد تقدم ببيان عن نشاطه العلمي كان تحت نظر مجلس الجامعة عند تقرير موافقته على الترقية......، وقد أقر المجلس كفايتها باعتباره الهيئة صاحبة السلطان في تقدير هذه الناحية الفنية". ثم ناقشت المحكمة بعد ذلك ما أثاره المدعي حول الأقدمية وأنه أسبق من المطعون في ترقيتهما، وانتهت من ذلك إلى "أن الثابت من الأوراق التي قدمتهما الجامعة للجنة القضائية ومن كتابها رقم 20607 في 11 من مايو سنة 1954 أن المدعي يتساوى مع زميليه في أقدمية الوظائف العلمية، ولكنهما يسبقانه في أقدمية الدرجتين الثالثة والثانية الماليتين؛ ومن ثم يكونان أسبق في الأقدمية، أخذاً بقواعد لجنة التنسيق التي أقرها مجلس الجامعة بجلستيه المنعقدتين في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القاعدة التي تقررت في شأن ترقية أساتذة الجامعة قد اتجهت إلى تفضيل الأساتذة المتفرغين في الترقية؛ تشجيعاً لهم على التفرغ للبحث، فيتجهون بكامل نشاطهم إلى الميدان الجامعي مقابل تعويضهم وإيثارهم في الترقية على غير المتفرغين. ولا جدال في أنه طالما بقيت هذه القاعدة قائمة لم تعدل أو تلغ وجب التزامها عند التطبيق على الحالات الفردية، وإلا عند الخروج عليها مخالفة لقاعدة مقررة تبطل التصرف الصادر على خلافها. والثابت في الدعوى أن شيئاً من هذا لم يحدث في شأن القاعدة المذكورة، بل إن كل الذي حدث هو أن أحد السادة أعضاء المجلس نبه إلى اعتراض المدعي على الترقية المطعون فيها، ولا شك أن مجرد إهمال تظلم المدعي لا يمكن أن يحمل على أنه تعديل للقاعدة، كما لا يسوغ أن نستخلص من الالتفات عن هذا التظلم بأنه تعديل للقاعدة، فتعتبر المخالفة بهذه المثابة كأنها قرار تنظيمي بنسخ أو تعديل للقاعدة بالصورة التي تتمشى مع وجه المخالفة، إنما الصحيح أن ذلك يعد مخالفة واضحة للقاعدة تستتبع إلغاء القرار المشوب بها. وإذ ذهب الحكم المطعون مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من التفصيل الذي أورده الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بترقية الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين أنه كان ثمت قاعدة وضعتها لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية واعتمدها مجلس جامعة الإسكندرية بجلستيه المنعقدتين في 27 من فبراير و20 من أبريل سنة 1947، من مقتضاها إيثار المتفرغين بالترقية إلى درجة الأستاذية على غير المتفرغين، ثم عدل عن هذه القاعدة شيئاً فشيئاً في ضوء التجارب التي مرت بالجامعتين، بأن عين لترقية المتفرغين درجات ولغير المتفرغين درجات أخرى تتفاوت نسبها في السنوات المختلفة، ثم انتهى الأمر إلى العدول عن هذه القواعد وعدم تخصيص درجات معينة لأي من الطائفتين، وأصبح المرد في الترقية إلى القاعدة الأصلية التي تقضي بتفضيل الأقدم في الدرجة العلمية، فإذا تساوت فضل الأقدم في الدرجة المالية، وآية ذلك ما ورد بميزانيات كلية الطب بجامعة القاهرة عن السنوات المالية 1948/ 1949 و1949/ 1950 و1950/ 1951 من تخصيص درجات للمتفرغين وأخرى لغير المتفرغين على النحو التالي: ميزانية 1948/ 1949 - وظائف الأساتذة المتفرغين: عدد 3 مدير عام ( أ ) أستاذ رئيس قسم، عدد 5 مدير عام (ب) أستاذ ( أ )، عدد 8 أولى أستاذ (ب). وظائف لغير المتفرغين: عدد 3 مدير عام (ب) أستاذ ( أ )، عدد 8 أولى أستاذ (ب) عدد 12 ثانية أستاذ (ج). وفي ميزانية 1949/ 1950 - وظائف المتفرغين: عدد 4 مدير عام ( أ ) أستاذ رئيس قسم، عدد 4 مدير عام (ب) أستاذ ( أ )، عدد 8 أولى أستاذ (ب). ولغير المتفرغين: عدد 3 مدير عام (ب) أستاذ ( أ )، عدد 8 أولى أستاذ (ب). عدد 12 ثانية أستاذ (ج). وفي ميزانية 1950/ 1951 - المتفرغين: عدد 5 مدير عام ( أ ) أستاذ رئيس قسم، عدد 4 مدير عام (ب) أستاذ ( أ )، عدد 8 أولى أستاذ (ب). ولغير المتفرغين: عدد 5 مدير عام (ب) أستاذ ( أ )، عدد 8 أولى أستاذ (ب)، عدد 14 ثانية أستاذ (ج). وكذلك الحال بالنسبة للأساتذة المساعدين والمدرسين. ثم ألغي نظام التخصيص هذا اعتباراً من السنة المالية 1951/ 1952، واشتملت ميزانية جامعة القاهرة في العام المذكور على عدد 10 مدير عام ( أ ) أستاذ رئيس قسم، عدد 11 مدير عام أستاذ (ب) فئة ( أ ) عدد 2 أولى أستاذ (ب) فئة (ب). أما كلية الطب بجامعة الإسكندرية فلم يكن لهذا التخصيص في ميزانيتها وجود أصلاً، وجرى العمل فيها على اتباع ما سارت عليه جامعة القاهرة من تخصيص درجات لكل من الطائفتين بنسب مختلفة في أول الأمر ثم العدول نهائياً عن هذا التخصيص عندما ألغته جامعة القاهرة، وكان عدولها في جميع الأحوال بقرارات تصدر من مجلس الجامعة. ففي جلسة 24 من أكتوبر سنة 1949 عرض على مجلس جامعة الإسكندرية اقتراح كلية الطب الموافقة على ترقية الأساتذة الدكاترة حسن صبحي وإبراهيم مصطفى صبري ومحمد عزيز برادة إلى درجة مدير عام (ب)، وقد ورد بمحضر جلسة مجلس الجامعة في هذا الصدد ما يأتي "تناقش المجلس في هذا الاقتراح في ضوء قواعد ترقية الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين التي سبق أن وافق عليها المجلس وأقرتها لجنة التنسيق بين جامعتي فاروق الأول وفؤاد الأول، وفي ضوء ما جرى عليه العمل بعد ذلك في جامعة فؤاد الأول من تخصيص درجات للأساتذة غير المتفرغين يرقون فيها على خلاف هذه القواعد، وبعد المناقشة وافق المجلس على اقتراح الكلية ترقية الأستاذ الدكتور حسن صبحي (متفرغ) إلى درجة مدير عام (ب)، وفيما يتعلق باقتراح ترقية كل من الأستاذين إبراهيم صبري ومحمد عزيز برادة (غير متفرغين) فقد رأى المجلس أن يطلب إلى لجنة التنسيق بين الجامعتين النظر في المبدأ الذي يتبع في ترقية الأساتذة غير المتفرغين". وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1949 أعيد عرض موضوع ترقية كل من الدكتور إبراهيم صبري ومحمد عزيز برادة، و"عرض الرئيس النظام الذي اتبع في جامعة فؤاد الأول بشأن تخصيص بعض الدرجات للأساتذة غير المتفرغين؛ إذ خصص لهم 3 درجات من 11 درجة مدرجة في الميزانية، وتناقش المجلس فيما يلزم العمل به في جامعة فاروق الأول من حيث التمسك بقرار لجنة التنسيق السابق، وهو قصر الترقية على الأساتذة المتفرغين أو السير على تخصيص درجات لهم وفق ما سار عليه العمل في جامعة فؤاد الأول، وبعد المناقشة وافق المجلس على تخصيص بعض درجات مدير عام (ب) للأساتذة غير المتفرغين والبعض الآخر للمتفرغين بنسبة 2 للفريق الأول و6 للفريق الثاني، وتطبيقاً لذلك وافق المجلس على ترقية كل من الأستاذين إبراهيم صبري ومحمد عزيز برادة لدرجة مدير عام (ب). وبجلستي 8 و11 من يناير سنة 1950 عرض على مجلس جامعة الإسكندرية أيضاً اقتراحان من كلية الطب: الأول، باقتراح الموافقة على ترقية الأستاذ جواد حمادة أستاذ جراحة العظام بها إلى وظيفة أستاذ (ب) من الدرجة الأولى، والثاني، باقتراح الموافقة على ترقية الدكتور محمود أنسي عابدين (ج) أمراض الأنف والأذن والحنجرة بها إلى وظيفة أستاذ (ب) من الدرجة الأولى، وقد "نظر المجلس في الاقتراحين المعروضين وافق على عليهما أخذاً بالقاعدة التي اتبعت في جامعة فؤاد الأول، وهي تخصيص نصف وظائف الأساتذة (ب) لكل من الأساتذة المتفرغين والأساتذة غير المتفرغين"، وبعد أن ألغت جامعة القاهرة قاعدة تخصيص درجات لكل من الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين، على ما هو ظاهر من الاطلاع على ميزانية السنة المالية 1951/ 1952 السالف الإشارة إليها، ألغت جامعة الإسكندرية هذه القاعدة، وأصبحت الترقيات منذ ذلك الحين تحكمها القواعد العامة التي تقضي بتفضيل الأقدم في الوظيفة العلمية، فإذا تساوت فصل الأقدم في الدرجة المالية.
ومن حيث إن القواعد التي وضعتها لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية ليست بذاتها ملزمة لأي منهما باتباعها، وإنما هي تستمد قوتها ووجودها من موافقة مجلسي الجامعتين عليها، فهما - والحالة هذه - المنشئان لتلك القواعد؛ ومن ثم فإن لهما بهذه المثابة أن يعدلا عن تلك القواعد أو أن يلغياها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، فإذا كان قد تبين لمجلسي الجامعتين - في ضوء التجارب وظروف الحال - أن العمل بتلك القواعد التي أقراها لا يحقق تماماً المصلحة العامة التي استهدفاها عند إقرارها، فلا تثريب عليهما إذا ما قررا قواعد جديدة إذا تراءى لهما أن ذلك أوفى بالغاية، ما دام لم يكن المقصود من ذلك التحايل في الخروج على هذه القواعد في التطبيق الفردي، أي ليست هناك إساءة لاستعمال السلطة؛ الأمر الذي لم يقم عليه أي دليل.
ومن حيث إن قرار ترقية الدكتورين حنا برسوم وشفيق قطري المطعون فيه قد صدر من مجلس الجامعة في 20 من مايو سنة 1953، واعتمده السيد وزير التربية والتعليم في 28 من يونيه سنة 1953، أي في وقت كانت قد ألغيت فيه القواعد الخاصة بإيثار المتفرغين على غير المتفرغين في الترقية إلى درجة الأستاذية أو تخصيص درجات لكل منهما، وأصبحت الترقيات خاضعة للقواعد العامة التي تقضي بتفضيل الأقدم في الوظيفة العلمية، فإن تساوت فضل الأقدم في الدرجة المالية.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي والمطعون في ترقيتهما - وإن تساووا في الوظيفة العلمية - إلا أنهما يسبقانه في أقدمية الدرجتين الثالثة والثانية الماليتين؛ ومن ثم يعتبر المذكوران أقدم من المدعي.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم وللأسباب الأخرى التي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليها فيما يتعلق بتوافر شرط الإنتاج العلمي لدى المطعون في ترقيتهما، يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها، ويتعين لذلك رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 681 لسنة 3 ق جلسة 21 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 71 ص 829

جلسة 21 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

------------------

(71)

القضية رقم 681 لسنة 3 القضائية

ترقية

- لا يجوز التخطي في الترقية طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المعدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 إلا إذا قدم عن الموظف تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف - تضمن المادة 2 من القانون رقم 579 لسنة 1953 حكماً يقضي بالخروج على هذه القاعدة بالنسبة للترقيات التي تجرى خلال السنة التي تبدأ من 1/ 3/ 1954 وذلك بالاكتفاء بتقرير واحد - قصر هذا الحكم على الترقية بالاختيار دون الترقية بالأقدمية وحالات التخطي بسبب ضعف الموظف.

-------------------
إن المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كانت تنص على أنه "في الترقيات إلى الدرجات المخصص منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين، ويشترك في هذا الجزء الحاصلون على درجتي جيد ومتوسط، مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه ثلاثة تقارير سنوية متتالية بدرجة ضعيف. أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها، وتكون ترقيتهم أيضاً بالأقدمية فيما بينهم...". وفي 30 من نوفمبر سنة 1953 صدر القانون رقم 579 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وأدخل تعديلاً جوهرياً على نص الفقرتين المذكورتين من المادة 40، فأصبح نصهما الجديد هو: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون الترقية إليها حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين". وفي 4 من أبريل سنة 1957 صدر القرار بقانون رقم 73 لسنة 1957، وأدخل تعديلاً جديداً على هاتين الفقرتين، فأصبح نصهما كالآتي: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار، يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين، دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبه الكفاية، على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين. وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد. ويضاف الحائزون على مرتبة ممتاز من إحدى السنتين إلى مرتبة جيد ويسري عليهم حكمها". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 579 لسنة 1953 عن تعديل المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951: "ولما كانت درجات الكفاية حسب النظام الجديد بالأرقام الحسابية لن يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954 فإن التقارير السنوية الحالية يظل العمل بها وبنظامها الحالي حتى آخر فبراير سنة 1954، واعتباراً من أول مارس يسري العمل في الترقية بالاختيار بالتقارير السرية السنوية التي تعد بالأرقام الحسابية وفقاً للنظام الجديد، ويكتفي بتقرير واحدة طيلة العام الأول لهذه التقارير، وبعد ذلك تكون ترقية الموظفين حسب ترتيب درجات الكفاية الحاصلين عليها في العامين الأخيرين من مدة وجود الموظف في الدرجة المرقى منها وذلك إعمالاً للقاعدة العامة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 40". وغني عن البيان أن هذا التعديل الذي أصاب حكم المادة 40 قد جاء بتنظيم وقتي قاصر على مجال الترقية بالاختيار للكفاية، وهو مجال الفقرة الثانية وحدها من هذه المادة، دون أن ينصرف إلى مجال الفقرة الأولى المتعلقة بالترقية بالأقدمية وحالات التخطي بسبب ضعف الموظف.


إجراءات الطعن

في 16 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 21 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 9961 لسنة 8 ق المرفوعة من حلمي السيد أبو السعادات ضد وزارة المواصلات ومصلحة التليفونات والتلغرافات، والذي يقضي "برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار رقم 666 الصادر في 17 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للمطعون لصالحه في 28 من يوليه سنة 1957، وللحكومة في 6 من أغسطس سنة 1957، وعين لنظره جلسة أول فبراير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات، وبعد التأجيل قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 9961 لسنة 8 ق بعريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 6 من يوليه سنة 1954 قال فيها إنه تخرج من كلية الهندسة (قسم الكهرباء)، وحصل على البكالوريوس عام 1936، ثم التحق بخدمة مصلحة التلغرافات والتليفونات بوظيفة مهندس في الدرجة السادسة في 10 من ديسمبر سنة 1936، وظل يتدرج في سلك الوظائف الفنية الهندسية بالمصلحة، فرقى للخامسة الفنية في ديسمبر سنة 1944، ثم للدرجة الرابعة الفنية في 29 من سبتمبر سنة 1949، وكان معروفاً بالكفاية والهمة، وقد اضطلع بأعباء وظائف هندسية عديدة. وفي أبريل سنة 1954 خلت سبع وظائف من الدرجة الثالثة بالكادر الفني العالي. وقد صدر القرار الوزاري رقم 666 في 27 من أبريل سنة 1954 بترقية أربعة مهندسين من الدرجة الرابعة إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية، كما رقى ثلاثة بالاختيار. ويقول المدعي إنه على الرغم من أن ترتيبه كان الأول في كشف الأقدمية، إلا أن الوزارة تخطته في الترقية بالأقدمية، ولم يعلم المدعي سبب تخطيه؛ ولذلك بادر فور علمه في أول مايو سنة 1954 بصدور القرار إلى التظلم منه في 27 من يونيه سنة 1954، وقد تضاربت الأقوال حول السبب في تخطيه، فمن شائعة تقول إن ترقية المدعي كانت مقررة لو لا ما تقرر من نقل المهندس محمد محمود عرفة إلى المصلحة، وأخرى تقول إن سبب التخطي هو أن التقرير السري عن سنة 1954 كان بدرجة ضعيف. ويقول في ذلك المدعي إنه لا يجوز طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 تخطي الموظف في درجات الأقدمية إلا حيث يتوافر شرطان رئيسيان: أولهما، أن تكون درجة كفايته بمرتبه ضعيف، وثانيهما، أن يكون ذلك عن سنتين متتاليتين. ولما كانت درجة كفاية المدعي عن سنة 1953 بدرجة جيد فإنه - حتى مع التسليم بهبوط هذه الدرجة إلى مرتبة ضعيف عن سنة 1954 - ما كان يجوز تخطيه في الترقية. ويقرر المدعي أن المشرع إذ سلب الموظف حق الاطلاع على التقارير السرية إنما يكون قد سلبه حقاً من بدائيات حقوق الإنسان، وهو حق الدفاع. وخلص المدعي إلى المطالبة بالحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 666 الصادر في 27 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة في الكادر الفني العالي في دوره بالأقدمية المطلقة، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقد ردت الحكومة على الدعوى فقالت إن المدعي التحق بخدمتها في الدرجة السادسة في 10 من ديسمبر سنة 1936، ورقي إلى الدرجة الخامسة في 4 من ديسمبر سنة 1944، وإلى الدرجة الرابعة في 29 من سبتمبر سنة 1949، ثم رقي إلى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة كبير مفتشي التلغرافات في أول مايو سنة 1955. وقد استبعد في الترقية إلى الدرجة الثالثة بالقرار المطعون فيه والصادر في 27 من أبريل سنة 1954؛ نظراً لأن التقرير السنوي المقدم عنه في سنة 1953 كان بدرجة ضعيف، وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات". وأقامت قضائها على أنه قد بان لها من الأوراق أن ترتيب المدعي بين موظفي الدرجة الرابعة بالكادر الفني العالي كان الأول عند إجراء الحركة المطعون فيها، وأنه حصل في التقرير الموضوع عنه في سنة 1954 على 36 درجة في الكفاية، وأن تخطيه كان بناء على هذا التقرير واكتفاء به. ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 40 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 579 لسنة 1953 والصادر في 30 من نوفمبر سنة 1953 كانت تنص على أنه "في الترقيات إلى الدرجات المخصص منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين، ويشترك في هذا الجزء الحاصلون على درجتي جيد ومتوسط، مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه ثلاثة تقارير سنوية متتالية بدرجة ضعيف"، ثم عدلت بعد ذلك هذه الفقرة بالقانون المذكور وأصبح نصها: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية، ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف". وقد عدل المشرع في المعيار الأول في تقدير درجات الكفاية فجعلها بالأرقام الحسابية، وهذا ما تضمنته المادة 30 من قانون نظام موظفي الدولة معدلة بذلك القانون، فنصت على أنه "يخضع لنظام التقارير السنوية السرية جميع الموظفين لغاية الدرجة الثالثة، وتعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام على أساس تقدير كفاية الموظف بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة، ويعتبر الموظف ضعيفاً إذا لم يحصل على أربعين درجة على الأقل". واستطرد الحكم المطعون فيه قائلاً إنه بالتطبيق للمادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 المشار إليه، "تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقرير السنوي الأول المقدم عنه وفقاً للنظام المقرر بهذا القانون"؛ فيكون من مقتضى ذلك أن درجات الكفاية حسب النظام الجديد لا يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954، واعتباراً من أول مارس سنة 1954 يسري العمل في الترقية بالتقارير السنوية التي تعد بالأرقام الحسابية وفقاً للنظام الجديد، مع الاكتفاء بتقرير واحد طيلة العام الأول لهذه التقارير، وبعد ذلك تكون الترقية حسب درجات الكفاية في العامين الأخيرين من مدة وجود الموظف في الدرجة المرقى منها. ويضيف الحكم إلى ذلك أن نص المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 جاء عاماً لم يفرق بين الترقية بالأقدمية وبين الترقية بالاختيار التي تجري خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954، والتي يكتفي فيها بالتقرير الموضوع في فبراير سنة 1954، والنص العام يحمل على عمومه ما دام قد ورد خالياً من أي تخصيص أو غموض، ولا محل للاجتهاد أو الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية لاستنباط شرط لم يرد به، وهو شرط أن تكون الترقية بالاختيار، ما دامت الترقية المطعون فيها قد جرت في أبريل سنة 1954، أي في العام الأول، فإنه يسري عليها الحكم الذي تضمنته المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953. وبناء عليه يقول الحكم المطعون فيه إنه يكفي لتطبيق حكم الفقرة الأولى من المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على النزاع المطروح الرجوع إلى التقرير السنوي الأول الموضوع عن المدعي في فبراير سنة 1954، ويبين من مطالعته أن كفاية المدعي قدرت فيه بدرجات جملتها 36 درجة مما يعتبر معه ضعيفاً وفق حكم المادة 30 من ذلك القانون، ومما يتعين معه نزولاً على حكم المادة 40 تخطيه في الترقية في دوره بالأقدمية. وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن القرار موضوع الدعوى قد صدر صحيحاً، ويكون المدعي غير محق في دعواه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 إذ كانت قد أتت بتنظيم وقتي على المادة 40 من قانون التوظف فإن وضعها الطبعي يكون في مجال الترقية بالكفاية وحدها، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة، دون أن تنصرف أيضاً إلى الفقرة الأولى منها، وهي التي تعالج الترقية بالأقدمية والتخطي للضعف، وهو أمر لم يتعرض له التنظيم المؤقت. فإذا كان الثابت أن ترتيب أقدمية المدعي عند إجراء حركة 27 من أبريل سنة 1954 هو (الأول)، وقد أجريت الحركة في أربع درجات بالأقدمية وتخطي فيها المدعي مع أنه لم يقدر بدرجة ضعيف إلا مرة واحدة بالتقرير المقدم عنه في عام 1954، فإن هذا التخطي يكون قد حصل بالمخالفة لنص في الفقرة الأولى من المادة 40 معدلة؛ وعلى ذلك يكون المدعي محقاً في دعواه، صائباً في طعنه على القرار الصادر بتخطيه في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثالثة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن درجة كفاية المدعي قدرت في التقرير السنوي السري عام 1953 بست وثلاثين درجة، كما قدرت درجة كفايته عن سنة 1954 بخمس وأربعون درجة، وظاهر من الاطلاع على تقرير عام 1954 أن لجنة شئون الموظفين قد وافقت بجلسة 19 من أبريل سنة 1955 على تقدير درجة كفاية هذا الموظف. ولما كانت حركة الترقيات المطعون فيها قد صدرت في 27 من أبريل سنة 1954 بالقرار الوزاري رقم 666 فإن مفاد ذلك أنه لم يكن تحت نظر لجنة شئون الموظفين - عند انعقادها للترشيح لحركة الترقيات موضوع الطعن - سوى تقرير واحد هو تقرير عام 1953 الذي نال فيه المطعون لصالحه 36 درجة من مائة.
ومن حيث إن المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كانت تنص قبل تعديلها على أنه "في الترقيات إلى الدرجات المخصص منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين ويشترك في هذا الجزء الحاصلون على درجتي جيد ومتوسط، مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه ثلاثة تقارير سنوية متتالية بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها. وتكون ترقيتهم أيضاً بالأقدمية فيما بينهم...". وفي 30 من نوفمبر سنة 1953 صدر القانون رقم 579 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951، وأدخل تعديلاً جوهرياً على نص الفقرتين المذكورتين من المادة 40، فأصبح نصهما الجديد "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون الترقية إليها حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين". وفي 4 من أبريل سنة 1957 صدر القرار بقانون رقم 73 لسنة 1957 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية العدد 28 مكرر تابع، وأدخل تعديلاً جديداً على هاتين الفقرتين، فأصبح نصهما كالآتي: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبه الكفاية، على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين، وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد، ويضاف الحائزون على مرتبة ممتاز في إحدى السنتين إلى مرتبة جيد ويسري عليهم حكمها". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 579 لسنة 953 عن تعديل المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951: "ولما كانت درجات الكفاية حسب النظام الجديد بالأرقام الحسابية لن يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954 فإن التقارير السنوية الحالية يظل العمل بها وبنظامها الحالي حتى آخر فبراير سنة 1954، واعتباراً من أول مارس يسري العمل في الترقية بالاختيار بالتقارير السرية السنوية التي تعد بالأرقام الحسابية وفقاً للنظام الجديد، ويكتفي بتقرير واحد طيلة العام الأول لهذه التقارير، وبعد ذلك تكون ترقية الموظفين حسب ترتيب درجات الكفاية الحاصلين عليها في العامين الأخيرين من مدة وجود الموظف في الدرجة المرقى منها؛ وذلك إعمالاً للقاعدة العامة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 40...". وغني عن البيان أن هذا التعديل الذي أصاب حكم المادة 40 قد جاء بتنظيم وقتي قاصر على مجال الترقية بالاختيار للكفاية، وهو مجال الفقرة الثانية وحدها من هذه المادة، دون أن ينصرف إلى مجال الفقرة الأولى المتعلقة بالترقية بالأقدمية وحالات التخطي بسبب ضعف الموظف.
ومن حيث إنه لم يثبت في ملف خدمة المدعي أنه كان قد قدم عنه قبل صدور القرار المطعون فيه سوى تقرير سنوي واحد، وهو التقرير المقدم عنه عام 1953 والذي قدر فيه المطعون لصالحه بـ 36 درجة من مائة، أي بدرجة ضعيف، فأياً كان وجه الحق في مضمون هذا التقرير السنوي الواحد ومدى صدوره على مقتضى حكم القانون، فإنه وحده لا يكفي بالتطبيق لحكم المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لتخطيه في الترقية في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية، وقد كان الأول في كشف الأقدمية. وقد اتجه قضاء هذه المحكمة إلى أن الحكم الوقتي الذي جاءت به المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 من الاكتفاء بتقرير سنوي واحد في الترقيات التي تتم خلال السنة الأولى من تاريخ تنفيذه، إنما هو خاص - حسبما سلف البيان - بالترقية في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار، دون التخطي في النسبة المقررة للترقية بالأقدمية، فهذه الأخيرة تظل، بحسب الأصل، خاضعة لحكم المادة 40 فقرة أولى من قانون نظام موظفي الدولة، وهي اشتراط تقديم تقريرين سنويين متتاليين بدرجة ضعيف للموظف حتى يمكن تخطيه في الترقية. وأنه متى تقرر ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد خالف القانون، ولم يقم على سببه المبين في المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ويتعين الحكم بإلغائه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً آخر فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتطبيقه، ويتعين القضاء كذلك بإلغائه.
ومن حيث إنه، بعد إذ رقي المدعي خلال نظر الدعوى إلى الدرجة الثالثة في 30 من أبريل سنة 1955، فلا يبقى بعد ذلك إلا إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء جزئياً، واعتبار أقدميته في تلك الدرجة راجعة إلى 22 من أبريل سنة 1954، وهو التاريخ المسند إليه الترقية في القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة راجعة إلى 22 من أبريل سنة 1954، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات.