الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعن 3402 لسنة 38 ق جلسة 6 / 2 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 أحزاب ق 7 ص 70

جلسة 6 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد والسيد محمد السيد الطحان وإدوار غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة - وبحضور السادة أعضاء الشخصيات العامة وهم: 1 - الأستاذ الدكتور/ علي علي حبيش, 2 - السيد الأستاذ/ برنس محمد حسين صابر, 3 - السيد الأستاذ/ حسين فكري جلال فكري, 4 - السيد المهندس/ حسن محمد شبانه, 5 - السيد المهندس/ عبد الغني حسن السيد.

-------------------

(7)

الطعن رقم 3402 لسنة 38 القضائية

(أ) أحزاب سياسية - لجنة شئون الأحزاب - تشكيلها - طبيعة القرارات الصادرة منها - ضمانات الحيدة والتنحي. المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية معدلاً بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980 و144 لسنة 1983.
تباشر لجنة شئون الأحزاب السياسية سلطاتها في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية. تنحصر مهمتها في بحث أوراق الحزب تحت التأسيس للتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور والقانون - للجنة حق الاعتراض على قيام الحزب إذا تخلف فيه شرط من تلك الشروط - سلطة اللجنة في هذا الشأن سلطة مقيدة - قراراتها يجب أن تكون مسببة - تخضع هذه القرارات لرقابة المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المتميز وفقاً لقانون نظام الأحزاب السياسية - هذه اللجنة هي لجنة إدارية وما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً شكلاً وموضوعاً - لا يسري بشأن رئيس وأعضاء اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في الحكم - لا وجه للنعي على تشكيل اللجنة بالبطلان لأن رئيسها وبعض أعضائها ينتمون لحزب سياسي آخر - أساس ذلك: أن القانون رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته المشار إليها لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين عليه التنحي عن صفته الحزبية عند رياسته اللجنة - وضع المشرع هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين - تطبيق.
(ب) مجلس الشورى - صفة العضوية - أثر التجديد النصفي.
المادة (3) من القانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى.
مدة عضوية أعضاء مجلس الشورى هي ست سنوات ميلادية كاملة - لا تتأثر العضوية بإجراءات التجديد النصفي لأعضاء المجلس المعينين أو المنتخبين - أساس ذلك: أنه يتعين طبقاً للنص المشار إليه إتمام الانتخاب خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدة العضوية وإتمام التعين خلال الثلاثين يوماً السابقة على انتهائها - إذا انتهت عضوية رئيس مجلس الشورى أو أحد أعضائه خلال التجديد النصفي وانتخب أو عين قبل انتهاء المدة فإن العضوية تظل متصلة قبل الانتخاب أو التعيين أو بعده - مؤدى ذلك: عدم جواز القول بخلو منصب رئيس أو عضو مجلس الشورى لفترة زمنية - تطبيق.
(جـ) أحزاب سياسية - شرط تميز برنامج الحزب.
المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية.
شرط تميز برنامج الحزب هو ضمان جديته - ليس المقصود بالتميز التباين التام بين برنامج الحزب وغيره من الأحزاب القائمة - يكفي في مجال التميز استظهار قدرة الحزب على وضع برامجه موضع التطبيق - يجب أن يكون في وجود الحزب إضافة جدية للعمل السياسي ببرنامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب – تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 26/ 7/ 1992 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن....... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب السلام قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته, وقد طلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بجلسة الأول من يوليو سنة 1992 بالاعتراض على طلب تأسيس حزب سياسي باسم حزب السلام, مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن جلسة 4/ 10/ 1992 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للنطق بالحكم بجلسة 9/ 1/ 1994 ثم أعيد الطعن للمرافعة لذات الجلسة لتغير تشكيل الهيئة, وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 6/ 2/ 1994 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة:
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 29/ 2/ 1992 وجه الطاعن إلى المطعون ضده إخطاراً كتابياً يطلب فيه الموافقة على تأسيس حزب "السلام" وأرفق بطلبه قائمتين بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 91 عضواً منهم 45 عضواً من العمال والفلاحين و46 عضواً من الفئات مصدق على توقيعاتهم جميعاً, وأرفق به برنامج الحزب ولائحة نظامه الداخلي وقد قام رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية باتخاذ إجراءات إخطار رئيس مجلس الشعب, ورئيس مجلس الشورى وكذلك المدعي العام الاشتراكي بأسماء الأعضاء المؤسسين, وبتاريخ 4/ 3/ 1992 م عرض الإخطار بتأسيس الحزب على اللجنة, ونظر بجلساتها المعقودة في أيام 4/ 3، 25/ 3، 29/ 4، 13/ 5، 17/ 5، 20/ 5، 23/ 5/ 1992, وبجلسة 1/ 7/ 1992 أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ........... بتأسيس حزب سياسي باسم حزب السلام وأقامت اللجنة قرارها على أن برنامج الحزب لم يحافظ على أحد المكاسب الاشتراكية مخالفاً بذلك نص الفقرة الثالثة من البند الأول من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية, فضلاً عن وروده على نحو غير محدد وعدم تميزه الظاهر عن غيره من برامج الأحزاب القائمة أو إيضاح وتحديد أساليب الحزب في تنفيذ هذا البرنامج، وذلك بالمحافظة لنص المادة الثانية, والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون المذكور.
وقد أوردت اللجنة بياناً لذلك أن الحزب يدعو في برنامجه إلى قصر مجانية التعليم على مرحلة التعليم الأساسي فقط, أما غير ذلك من المراحل وهي التعليم الثانوي والفني والجامعي فتكون بمصروفات كاملة ولا تمنح المجانية إلا للمتفوقين. والحزب بما يدعو إليه في هذا الشأن يكون قد أهدر مكسباً اشتراكياً رسخ في ضمير الشعب ويتمثل في أن مجانية التعليم في جميع مراحله حق للمواطنين جميعاً دون تمييز, وهو أمر يتعارض أيضاً مع ما نعى عليه الدستور في المادتين 18، 20 والمادتان واردتان في باب المقومات الأساسية للمجتمع من أن التعليم حق تكفله الدولة وأنه مجاني في مراحله المختلفة.
كما أن برنامج الحزب لا يتميز تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة أو إيضاح وتحديد وسائل تنفيذه فيما تضمنه والبرنامج في جملته لا يعدو أن يكون تقريرات عامة في مختلف المجالات التي تعرض لها, بما لا يستطاع معه تحديد ماهيته أو أوجه خصوصياته التي تميزه عن برامج الأحزاب الأخرى, فضلاً عن أنه يعرض ما يدعو إليه في أي أمر دون تحديد أو حتى إشارة إلى وسائل تنفيذه ففي مجال السياسة الخارجية يدعو الحزب إلى الترابط بين مصر والبلاد العربية والإسلامية والإفريقية ومختلف دول العالم وهو أمر ليس فيه أي جديد فمصر عضو في هيئة الأمم المتحدة, وعضو في جامعة الدول العربية, وعضو في منظمة الوحدة الإفريقية, وعضو في المؤتمر الإسلامي وتقوم سياستها على أساس السلام والتعاون مع جميع الدول والشعوب. وفي مجال السياسة الداخلية يدعو الحزب إلى إلغاء جميع القوانين التي تحد من حرية الأفراد في التعبير عن رأيهم طالما كان ذلك الرأي غير مخالف للنظام العام والآداب, وإلغاء قوانين الطوارئ والمدعي الاشتراكي ومحاكم أمن الدولة العليا والقيم, كما يدعو إلى أن يكون شكل الحكم جمهورياً برلمانياً وأن ينتخب الرئيس ونائبه مباشرة من الشعب وإلي برلمان مكون من مجلسين, وإلى أن تكون الحكومة من حزب الأغلبية ويختار رئيسها من هذا الحزب, ويكون له حق اختيار معاونيه وأن يكونوا جميعاً مسئولين مسئولية تضامنية أمام البرلمان كما يدعو الحزب إلى عدم الجمع بين العمل في السلطة التنفيذية وعضوية أحد المجلسين وأخيراً يدعو إلى استقلال القضاء وحصانته, وما يدعو إليه الحزب على النحو المتقدم أمور قائمة في معظمها وما يخرج عن ذلك وارد في برامج الأحزاب الأخرى.
وما جاء به الحزب في شأن السياسة الاقتصادية وما يتصل بها من مشاكل الاستثمارات والديون وسعر الصرف مجرد نقل من برامج الأحزاب الأخرى وعرض تفصيلي لا جديد فيه, فحكومة الحزب الوطني تولي هذه الأمور جميعها عنايتها الفائقة وسياستها فيها معلنة لجميع المواطنين وهي سائرة نحو التحرر الاقتصادي ويبدو التقدم في هذا المجال واضحاً وناجحاً يوماً بعد يوم, ولم يقدم البرنامج - فضلاً عن عموميته - أية وسائل لتنفيذه غير ما هو معمول به ومجمع عليه من تحرير القطاع العام وإطلاق الحرية للقطاع الخاص وتشجيعه, والاهتمام بالمستثمرين, فرئيس الجمهورية بدأ برئاسة هيئة الاستثمار بنفسه لسنوات ثم رأسها من بعده رئيس مجلس الوزراء وكل يوم يعلن الاجتماع بالمستثمرين والاستماع إلى مشاكلهم والعمل على حلها, وأما عن الديون فلا يجحد أحد ما تم في شأنها من تخفيض، وما يدعو إليه البرنامج من العمل على سداد الديون عن طريق الشعب بعيداً عن الدولة, فإن الحزب لم يقدم وسيلة في هذا المجال, فضلاً عن أنه كانت هناك تجربة سابقة تبناها المرحوم الأستاذ جلال الحمامصي ولم يكتب لها التوفيق.
وأما عن سعر الصرف فقد حدد فعلاً وأصبح ثابتاً من سنوات غير قليلة وأما عن الرقابة على البنوك الأجنبية وفروعها في مصر فأمر تكفله حكومة الحزب الوطني بمقتضى القانون رقم 120 لسنة 1975 والقوانين المعدلة له في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي والقانون رقم 50 لسنة 1984 في شأن أحكام قانون البنوك والائتمان على النحو الذي يؤكد إشراف الدولة ورقابتها من خلال البنك المركزي على جميع البنوك العاملة في مصر ولو كانت فروعاً لبنوك أجنبية. وأما عن الشيك وحمايته فهناك مشروع قانون يكفل الحماية التامة للشيك من كافة الأوجه معروض على مجلس الشعب، وما يدعو إليه البرنامج من تكامل اقتصادي بين مصر وليبيا والسودان دون أن يحدد وسائل تنفيذه أمره قائم في الحسبان - وليس فكراً جديداً - مع التدرج فيه عن طريق اللجان المشتركة في ضوء الظروف السياسية والإمكانات المتاحة.
وما يدعو إليه الحزب في مجال الصناعة كله كلام مردد ليس فيه من جديد، وأما عن الدعوة إلى إنشاء بنك للمعلومات في شأنها فإن مركز المعلومات برئاسة مجلس الوزراء قائم بعمله في هذا المجال وكافة المجالات الأخرى وما جاء به الحزب في شأن الطاقة والزراعة واستصلاح الأراضي والتعاونيات محض تقارير عامة لا يتضمن أي جديد.
وأما عن المشكلة السكانية فقد تناقض فيها البرنامج تناقضاً يدعو إلى العجب فإذ يقر في موضع منه بأن الانفجار السكاني أمر واقع وخطير ويتمثل في زيادة السكان مليون نسمة كل ثمانية أشهر بينما لم تزد مساحة الأرض الزراعية في المائة سنة الماضية عن 16%، يعود فيقول أن الشكوى من الزيادة السكانية لا تعدو أن تكون تحايلاً على تقصير لا تريد الدولة أن تعلنه وهو سوء استخدام العنصر البشرى ولم يقدم البرنامج نظراً مقبولاً للمشكلة على أي من وجهيها سوى الدعوة إلى تغير المنظومة التعليمية، وفي هذا الشأن الأخير لم يقل إلا بقصر مجانية التعليم على المرحلة الأساسية والاهتمام بمدرس الأطفال ورفع مستواه وإنشاء تعليم حرفي ومهني بالمجان وربط التعليم بالاحتياجات الحقيقية لخطط الإنتاج وليس في هذا كله من جديد.
وأما عن مشكلة الإسكان فإن البرنامج لم يتضمن أي جديد يميزه، وما يقوله الحزب عن أنه سوف يملأ أرض سيناء زراعة بالنباتات الطبية والعطرية والسير قدماً في اكتشاف البترول والثروات المعدنية والطبيعية والغازات الطبيعية بالإضافة إلى استخدام رمالها في صناعة الزجاج وإيلاء سيناء مزيداً من الاهتمام حيث أن إنسانها لم يحظ بأي اهتمام، كما سيعمل على دمجها في الكيان العضوي للوطن الأم وتحويلها إلى منطقة جذب سكاني يتم الطرد إليها من الوادي ليستوطنها من 5 إلى 8 مليون مواطن، فضلاً عن أن الحزب لم يحدد وسائله في هذا الشأن فإن من المسلمات المعلومة للكافة أن الدولة تولي سيناء وإنسانها كل الاهتمام ففي مجال الإدارة المحلية تضم سيناء محافظتين، ومن الناحية السياحية أصبحت مزاراً يضم عشرات القرى السياحية فضلاً عن زراعتها بأجود أنواع الفاكهة التي أصبحت علامة مميزة لسيناء، ومن الأمثلة الظاهرة الملموسة للعناية البالغة لسيناء ما يشق فيها من طرق بل أنه رصد لها وحدها في الخطة الجديدة ثلث اعتمادات الطرق على مستوى الجمهورية فضلاً عن المشروع القومي لترعة السلام التي تتكلف ما يقرب من ملياري جنيه.
وفي مجال الصحة يستنكر الحزب تقليل الأعداد المقبولة في كليات الطب مناقضاً بذلك رأي جميع العلماء المتخصصين في هذا المجال بجامعات مصر. ويشيد الحزب بصناعة الدواء في مصر ثم يتهمها بسوء الإدارة وزيادة العمال ويطلق القول على عواهنه دون أية بيانات تؤيده ويدعو إلى جعل المستشفيات الحكومية كلها وبغير استثناء هيئات مستقلة ذات ميزانيات خاصة وغير خاضعة للنظام الحكومي مع إلغاء المؤسسات العلاجية، دون أن يحدد وسائل تنفيذ ذلك أو جدواه، والحزب يشن حملة على المستشفيات الاستثمارية ثم يدعو المستثمرين إلى إنشاء مستشفيات خاصة متوسطة أي استثمارية أيضاً.
ويتحدث الحزب عن النقل والمواصلات والسياحة والمرأة والطفولة والشباب والموظفين والمخدرات في عبارات براقة لا تحمل أي مضمون وليس فيها من جديد يميز برنامجه. وأما ما يدعو إليه الحزب من توحيد التشريعات الصادرة في شأن حماية البيئة من التلوث نظراً لتضاربها بسبب تعدد جهات تنفيذها فقد انتهت حكومة الحزب الوطني من إعداد مشروع قانون موحد لحماية البيئة يتضمن تطوير جهاز شئون البيئة الحالي ليستطيع تنفيذ برامج حماية البيئة ويغير اسم جهاز البيئة ليصبح "الجهاز المركزي للبيئة" وإعداد مكاتب فرعية للجهاز في المحافظات تشرف على الشئون الفنية المتصلة بالبيئة.
وفي شأن المعوقين يقول الحزب أنه سيقوم بتوفير احتياجاتهم ليتحولوا من فئة تعتمد على الدولة لإعانتهم إلى فئة منتجة تسهم في إنتاج ورفاهية المجتمع دون أن يحدد وسائله في هذا الشأن، وليس من شك في أن رعاية الدولة للمعوقين أمر قائم فمركز تأهيل المحاربين القدماء وجمعية الوفاء والأمل وغيرهما من الجمعيات المنتشرة في كافة أرجاء البلاد قائمة والقوانين تحدد نسبة معينة للمعوقين عند التعين في الوظائف والدستور ينص في المادة 15 على أن للمحاربين القدماء والمصابين في الحزب أو بسببها ولزوجات الشهداء وأبنائهم الأولوية في فرص العمل، والدولة تكفل لكل معوق استيراد سيارة دون رسوم، والجامعات تقبل المعاقين أسوة بالمكفوفين بكليات الآداب والحقوق بحد أدني 50% فقط من المجموع الكلي في الثانوية العامة.
وأما عن برنامج الحزب بالنسبة لوسائل الإعلام فيطالب الحزب منع الإعلانات المخلة بالنظام العام والآداب بالتليفزيون وكذا الإعلانات الراقصة وأن تمنع السينما عرض الأفلام الفاضحة، وبالرغم من أن الحزب لم يسق تحديداً لذلك، فإن هذا أمر - لو صح ما يدعيه الحزب - لم يقل بغيره أحد.
أما ما يدعيه الحزب من تفرقة الدولة في المعاملة بين الصحافة القومية والصحافة الحزبية فإنه من المسلمات أن الصحافة الحزبية لم تقم أصلاً ثم لم تزدهر من سنوات طويلة إلا في عهد حكومة الحزب الوطني.
وأما عما يطالب به الحزب من إنشاء جهاز لقياس الرأي العام فإن البرنامج نفسه يقدر الجهود المبذولة في هذا المجال في مصر سواء من الجامعات أو مراكز البحوث أو من هيئة الاستعلامات.
وأما ما يدعو إليه من إنشاء مركز قومي للكوارث يجتمع كل شهر ويضم كافة القيادات والقوى الوطنية وأجهزة الدفاع المدني والحريق للتصدي لكافة أنواع الكوارث التي تواجه المجتمع المصري، فإن الحزب لم يوضح عمل المركز الذي يدعو إلى إنشائه ووسيلته إلى ذلك واختصاصاته إلى جانب كافة الأجهزة القائمة والمنوط بها وقاية البلاد من الكوارث والعمل على القضاء عليها.
وأما ما يدعو إليه الحزب من إنشاء ديوان للمظالم يتبع رئيس الحكومة مباشرة وتكون قراراته ملزمة على أن توضع تحت تصرفه الاعتمادات اللازمة والسلطات الضرورية لاستعادة حقوق المظلومين، فضلاً عن أنه كانت هناك تجربة سابقة في هذا الشأن، فإن ما يدعو إليه الحزب أمر يكفله القضاء الذي يؤكد الحزب نفسه على استقلاله وحصانته.
وأما عن الزي الوطني والنشيد القومي والعلم فللبلاد نشيد وعلم، وقد أوضح وكيل المؤسسين عند سماع إيضاحاته أنه يكتفي في الزي الوطني بمجرد شارة وذلك أمر ميسور ولا يستأهل أن يكون معدوداً ضمن برنامج حزب سياسي وما يدعو إليه الحزب من الحفاظ على الوحدة الوطنية فأمر تجمع عليه الأمة قاطبة.
وأما ما انتهي إليه الحزب في برنامجه من أنه سوف يعمل على تذليل كافة مشاكل الجماهير في الأقسام والمراكز وكافة المرافق، كما سيقوم شبانه وسيداته ورجاله بالمساهمة في دفع عملية الإنتاج كما سيعمل على إيجاد عمل لأعضاء الحزب في كافة المجالات وينشئ المصانع لتشغيل شباب الحزب وأنه سيولي مشكلة محو الأمية اهتماماً كبيراً وينتج الحضانات للأطفال ومراكز التعليم وأشغال الإبرة كما سينشئ المستشفيات لعلاج أعضاء الحزب والمواطنين بأسعار رمزية ويهتم بكافة الأنشطة الرياضية لشباب الحزب وأنه سيكون مدرسة لتنمية القدرات في كافة المجالات ويعمل على ضرب الروتين والبيروقراطية مع الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة في كافة أجهزة الدولة وأن جميع أجهزته وأدرته سوف تدار بالكمبيوتر ويربط قيادته بفروعه بشبكة معلومات قوية على مستوى مصر كلها.
وأنه سوف يكون بداية جديدة في مصر لأسلوب العمل الحزبي الواعي والمستنير والذي يهتم بالعمل والإنتاج بعيداً عن المهاترات السياسية، فإن كل ذلك يعد من قبيل الأماني والأحلام التي لا تعكس واقعاً متاحاً أو ملموساً.
وخلصت لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى أنه لما تقدم جميعه فإن برنامج حزب السلام تحت التأسيس يكون قد اتسم بعدم التحديد، ولم يحافظ على أحد المكاسب الاشتراكية، كما افتقد شرط التميز الظاهر، ومن ثم لا تتوافر في حق هذا الحزب الشروط التي تتطلبها المادة الثانية والفقرة الثالثة في البند الأول والبند الثاني من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية لتأسيس حزب سياسي الأمر الذي يتعين معه عدم إجازة عمله في الساحة السياسية وبالتالي الاعتراض على تأسيسه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه صدر باطلاً لمخالفته للقانون لأسباب الآتية: -
أولاً: بطلان تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية وعدم صلاحية أغلبية أعضائها: ذلك أن رئاسة اللجنة كانت معقودة في الأصل لأمين اللجنة المركزية للإتحاد الاشتراكي العربي أو مساعدة وكان القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قبل تعديله بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ينص على أن ينتخب أمين عام للإتحاد الاشتراكي العربي وأمينان مساعدان.. وعليهم وقف نشاطهم الحزبي فور انتخابهم إذا كانوا من المنتمين لأحد الأحزاب السياسية، وإذ كان القانون رقم 144 لسنة 1980 قد ألغى اللجنة المركزية وأسند رئاسة لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى رئيس مجلس الشورى فإن ذلك لا يعني الإعفاء من شرط امتناع رئيس اللجنة المذكورة عن مباشرة أي نشاط حزبي بعد اختياره وذلك لكي يؤدي مهمته بالحيدة والاستقلال بين كافة الاتجاهات السياسية التي تعتنقها الأحزاب السياسية وهو ما يتفق مع القوة الإلزامية للمبادئ القانونية وعلى رأسها مبدأ العدالة ولما كانت اللجنة بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ورقم 114 لسنة 1983 قد أصدرت القرار المطعون فيه وهي مشكلة من رئيس مجلس الشورى رئيساً ووزراء العدل والداخلية والدولة لشئون مجلس الشعب بالإضافة إلى ثلاثة من غير المنتمين لأي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم.. ولما كان ذلك وكان رئيس اللجنة وبعض أعضائها ينتمون إلى الحزب الوطني الديمقراطي بل إن رئيسها هو أحد أقطاب هذا الحزب ويباشر نشاطه الحزبي وولاؤه وانتماؤه للحزب المذكور فإنه من ثم لا يكون صالحاً لرئاسة اللجنة حتى يوقف نشاطه الحزبي كما أن الوزراء الثلاثة بحكم مناصبهم لهم علاقات بالنشاط الحزبي ورغم أنه لا يوجد في نصوص الدستور ما يوجب أن يكون الوزراء من المنتمين لأي حزب سياسي - إلا أن المشرع قدر أنهم ما داموا وزراء في حكومة الأغلبية فلا شك أنهم - على الأقل - ممن يؤمنون بمبادئ وأهداف حزب الأغلبية.
يضاف إلى ذلك أنه لما كان النص المذكور قد ضمن تشكيل اللجنة ثلاثة من غير المنتمين لأي حزب سياسي من رؤساء الهيئات القضائية السابقين فإن الثابت أن من اشترك في إصدار القرار المطعون فيه من رؤساء الهيئات القضائية السابقين اثنان فقط مما يصم القرار بالبطلان.
ثانياً: بطلان الأسباب:
لقد استقر في يقين اللجنة منذ البداية الاعتراض على أي حزب جديد، ويذكر لهذه اللجنة أنها لم توافق طيلة عملها على أي حزب سياسي وهو ما ينتظر منها، إذ يرى حزب الأغلبية في برنامجه أنه لا توجد أحزاب سياسية أخرى تستطيع أن تشاركه أو تقف معه على قدم المساواة وبالتالي لا ضرورة لقيام أي حزب جديد وهكذا عقدت اللجنة نيتها على الاعتراض على الحزب ثم ذهبت تتلمس أسباب الاعتراض فجاءت أسبابها مرسلة لا تساندها أية أدلة في أوراق حزب السلام.
1 - فقد رأت اللجنة في قرارها أن ما يدعوا إليه الحزب في برنامجه من قصر مجانية التعليم على مرحلة التعليم الأساسي وأن في هذا إهدار لمكسب اشتراكي يتمثل في أن مجانية التعليم في جميع مراحله حق للمواطنين جميعاً دون تمييز وهو أمر يتعارض مع ما نص عليه الدستور، وهذا الذي ذهبت إليه اللجنة أمر مخالف للواقع حيث أن برنامج الحزب لم يهدر مكسباً اشتراكياً فقد راعى البرنامج أم التعليم الأساسي مجاني فإذا أبدى طالب العلم رغبته واستعداده الذهني للاستمرار في تلقي العلم في مراحله المتقدمة، فلا بد أن يتمكن من تلقي العلم في جميع المراحل بالمجان، أما غير الراغب والمتعسر والمتخلف في التعليم فإن الدولة لا تكرهه ذهنياً وواقعياً على تلقي العلم - وهو وشأنه، وتلقي العلم على هذا الأساس لا يهدر مبدأ مجانيته إذ يجب أن ينال المجانية مستحقوها ممن يرغبون في طلب العلم فعلاً، ومن هنا يأتي تقييم العملية التعليمية كعملية استثمار للطاقات البشرية في موضعها الصحيح بدلا ًمن التعثر فيها. وهل يتصور أن يتحقق ما تنادي به الحكومة الحالية من فتح مراكز تدريب تحويلي مهني لخريجي الجامعات والمعاهد العليا ثم يأتي قرار الجنة بأن الحزب أهدر أحد المكاسب الاشتراكية.
2 - ما قالته اللجنة بعدم تحديد برنامج الحزب وعدم تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة أو إيضاح وتحديد وسائل تنفيذه. وهذا السبب ليس بجديد بل هو سبب شاع وتكرر في جميع القرارات التي أصدرتها اللجنة بالنسبة لجميع طلبات تأسيس الأحزاب السياسية التي عرضت عليها، وحين فصلت اللجنة ذلك قالت أنه في مجال السياسة الخارجية يدعو الحزب إلى الترابط بين مصر والبلاد العربية والإسلامية والإفريقية ومختلف دول العالم وأن هذا الذي يدعو إليه الحزب ليس بجديد باعتبار أن مصر عضو في الأمم المتحدة وعضو في الجامعة العربية وفي منظمة الوحدة الإفريقية وعضو في المؤتمر الإسلامي وتقوم سياستها على أساس السلام والتعاون بين جميع الشعوب والدول. وهذا الذي تقول به اللجنة في هذا المجال يعني أنه كان يتعين على حزب السلام طالب التأسيس أن يتضمن برنامجه شيئاً آخر بخلاف ما ذكر حتى يكون متميزاً عما تنتهجه السياسة الخارجية المصرية كأن ينادي برنامج الحزب بقصر التعاون والترابط على مصر والدول العربية فقط دون باقي بلاد العالم حتى يكون متميزاً عن غيره.
وفي مجال السياسة الداخلية فقد رأت اللجنة أن الحزب يدعو إلى إلغاء جميع القوانين التي تحد من حرية الأفراد في التعبير عن رأيهم طالما كان هذا الرأي غير مخالف للنظام العام والآداب ويدعو إلى إلغاء قوانين الطوارئ والمدعي العام الاشتراكي ومحاكم أمن الدولة والقيم، وأن يكون شكل الحكم جمهورياً برلمانياً وأن ينتخب الرئيس ونائبه من الشعب مباشرة وأن يكون البرلمان من مجلسين والحكومة من حزب الأغلبية، كما يدعو الحزب إلى عدم الجمع بين العمل في السلطة التنفيذية وعضوية البرلمان، ويدعو الحزب إلى استقلال القضاء وحصانته وأن ما تقدم - في رأي اللجنة - هي أمور قائمة معظمها أو واردة في برامج أحزاب أخرى - ومرة أخرى ترى اللجنة أن برنامج الحزب طالب التأسيس لم يقدم أية وسائل لتنفيذه ثم تارة تعرض في أسلوب إخباري ما تقوم به حكومة الحزب الوطني من أعمال وإنجازات - ومفاد ذلك كله ومؤداه أنه ما دام الحزب الوطني الديمقراطي قائماً وما دام هو حزب الأغلبية فإن الأمر يستلزم عدم الموافقة على تأسيس أي حزب آخر بجانبه باعتبار أن الحزب المذكور قائم بتنفيذ أفكارهم وبرامجهم، فما دامت اللجنة هي لجنة الحزب الوطني الديمقراطي فهي بهذا الانتماء لا حياد لها وجاءت أسباب القرار المطعون فيه التي ساقتها اللجنة مؤكدة على صدق انتماء غالبية اللجنة للحزب الوطني الديمقراطي.
3 - ما ساقته اللجنة من أن برنامج حزب السلام لم يقدم أية وسائل لتنفيذه - وهذا الذي تراه اللجنة يستلزم أن يكون لدى الحزب - وهو حزب جديد تحت التأسيس - صورة مفصلة عن حجم المشكلة وأسباب نشأتها والإمكانيات المتاحة التي يمكن الاستعانة بها في دراسة الحلول المقترحة وحجم المشكلات وإمكانيات التنفيذ ليست أمام أي حزب وبالتالي لا يستطيع أن يضع الخطة التنفيذية لحل أية مشكلة ويبقى له أن يقول رأيه في المشاكل وحلولها بصفة عامة دون أن يلتزم بالخطط التفصيلية لاستحالة ذلك واقعاً ومنطقاً - وهكذا تمضي الأسباب التي ساقتها اللجنة غير محددة وغير واضحة مما يجعل القرار المطعون فيه فاقداً لسنده القانوني والواقعي لإصداره ومن ثم أقام طعنه للقضاء له بطلباته.
ثم أتبع الطاعن طعنه بمذكرة نعى فيها على القرار المطعون فيه مخالفته للواقع والقانون للأسباب الآتية:
1 - صدروه مشوباً بعيب عدم الاختصاص وعيب الإجراءات والشكل:
عيب عدم الاختصاص زمنياً لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية: ذلك أن قرار اللجنة المطعون عليه قد صدر برئاسة السيد الدكتور رئيس مجلس الشورى بجلسة 1/ 7/ 1992 بعد جلسات 4/ 3، 25/ 3، 29/ 4، 13/ 5، 17/ 5، 23/ 5 1992 وأن قرار رئيس الجمهورية بشأن التجديد النصفي لمجلس الشورى لعام 1992 قد صدر بتاريخ 7/ 6/ 1992، وقد تم إخلاء مقعد الدكتور مصطفى كمال حلمي فيكون القرار قد صدر من غير مختص زمنياً ومن ثم مشوباً بالبطلان.
أما عيب الشكل والإجراءات في القرار المطعون فيه لبطلان تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية وعدم صلاحية أغلبية أعضائها وذلك لعدم امتناع رئيس اللجنة عن مباشرة نشاطه الحزبي ولعدم حياد أغلب الأعضاء على ما سبق تفصيلاً بتقرير الطعن.
2 - صدور القرار مشوباً بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله:
ذلك أنه في الوقت الذي تعترف فيه اللجنة بأن برنامج ومبادئ وأهداف الحزب تتمشى مع القانون رقم 140/ 1977 ثم تناقض نفسها بالاعتراض على قيام وتأسيس الحزب المذكور... وبالنسبة لما ساقته عن تعارض برنامج الحزب مع أحد المكاسب الاشتراكية وهو مجانية التعليم تحيل مذكرة الطاعن إلى تقرير الطعن وتزيد عليه أن الحزب الوطني الديمقراطي هو الذي عدل عن الفكر الاشتراكي ولم يحافظ على المكاسب الاشتراكية وأن ما يقول به بالنسبة للحزب تحت التأسيس هي مجرد تبريرات للاعتراض على تأسيسه شأنه شأن غيره من الأحزاب التي تم الاعتراض عليها وقامت بأحكام القضاء وعلى النحو المفصل بالمذكرة.
3 - عن تحديد برنامج الحزب وتميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى فإن المادة (5) من الدستور الدائم والمعدلة طبقاً لنتيجة الاستفتاء الذي أجرى يوم 22 مايو عام 1980 تنص على أن يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية وتنظيم القانون لأحزاب يستند إلى أساسيين أولهما أن يكون التعدد الحزبي دائراً في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور, وثانيهما الالتزام بالشروط الواردة في القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية وتعديلاته وهي شروط لازمة لقيام الحزب ولاستمراره, ثم عرضت المذكرة لبعض المقومات الأساسية للمجتمع وانتقلت إلى الشروط اللازمة لتأسيس واستمرار الحزب وفقاً للمادة (4) من قانون الأحزاب السياسية، كما عرضت لما يجب أن يشتمل عليه النظام الداخلي للحزب من القواعد التي تنظم شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية طبقاً للمادة (5) من القانون المشار إليه وعن التميز في برنامج الحزب طالب التأسيس فقد عرضت المذكرة لهذا الشروط في ضوء أحكام المحكمة الإدارية العليا التي أقرت بتوافر الشرط المشار إليه متى تحقق التفرد والانفصال في برنامج الحزب وسياساته... إلخ وأن لجنة شئون الأحزاب السياسية عارضت مضمون ما قضت به المحكمة الإدارية العليا وقالت اللجنة أن التميز لا يتحقق باقتباس أجزاء من برامج أو سياسات وأساليب أحزاب أخرى واللجنة بهذا النهج لا تبقي فسحة لأعمال أصل المبدأ الدستوري المتعلق بحرية المساهمة في الحياة العامة وتعدد الأحزاب كنظام سياسي يقوم عليه التكوين الدستوري - والتمايز طبقاً لما ساقه الطاعن في مذكرته الخاصة بشرط التمايز هو زحف فكر جديد في بعض نواحيه وليس فيها نحو الساحة السياسية أما إذا صرفنا معنى التمايز إلى ضرورة أن يشمل التجديد كل فقرة من فقرات البرنامج فمؤدى هذا أن مجرد فكرة جيدة خلاقه تحقق رجاء الجماهير لا ينبغي لها أن تولد، وهذه الفكرة ينبغي ألا تمس الثوابت في المجتمع والتي هي مقوماته الأساسية وإنما يمكن أن تمس بعض المتغيرات في المجتمع على ما ساقه الطاعن تفصيلاً في مذكرته آنفة البيان. وخلص الطاعن لما تقدم إلى أن قرار اللجنة صدر على غير أساس من القانون ويتعين الحكم بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن هذه المحكمة بتشكيلها المتميز الذي حددته المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980 و114 لسنة 1983 إنما تلتزم في إعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب بأحكام الدستور والقانون، ويقتضي ذلك ابتداء تحديد دور هذه اللجنة في أداء مهمتها الواردة بالقانون والصلاحيات والإمكانيات التي أتيحت لها في بسط رقابتها على برامج الأحزاب تحت التأسيس وذلك في ضوء أحكام مواد الدستور والقانون المنظم لصلاحيات تلك اللجنة، وقد صدر القانون رقم 40 لسنة 1977 بتنظيم الأحزاب السياسية الذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره في 7 من يوليو سنة 1977 ونص في المادة (30) منه على أن "تستمر قائمة التنظيمات السياسية الثلاثة الحالية وهى: 1 - حزب مصر العربي الاشتراكي 2 - حزب الأحرار الاشتراكي 3 - حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي. وتتمتع بالشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها كأحزاب طبقاً لأحكام هذا القانون.
وقد نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن "للمصرين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون" وتنص المادة الثانية على أن "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية والديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم" وحددت المادة الثالثة دور الأحزاب السياسية بأن نصت على أن "تسهم الأحزاب التي تؤسس طبقاً لأحكام القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية، وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية والديمقراطية.
وقد أورد القانون المذكور الأحكام المتعلقة بشروط التأسيس للأحزاب السياسية واستمرارها وانقضائها، وأنشأ لجنة خاصة لشئون الأحزاب تقدم إليها طلبات تأسيس الأحزاب، ويكون لها حق الاعتراض عليها بقرار مسبب، إذا كان قيامها يتعارض مع أحكام القانون. وفي 11/ 4/ 1979 نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء حيث تضمن الموضوعات المحدد طرحها للاستفتاء الشعبي ومنها ما ورد تحت البند ثانياً الخاص بإعادة تنظيم الدولة على الأسس التالية تدعيماً للديمقراطية.. إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية.." وبعد موافقة الشعب على ما طرح في الاستفتاء فقد تم تعديل المادة الخامسة من الدستور على مقتضى نتيجة الاستفتاء الذي تم في 22/ 5/ 1980 وأصبح نصها على النحو الآتي:
"النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب، وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 صدرت بمراعاة ما قررته أحكام الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها دستور سنة 1971 من حق المصريين في تكوين الجمعيات بما يشمل الجمعيات السياسية أو الأحزاب بشرط ألا تكون معادية لنظام المجتمع، أو تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وبناء على الحريات العامة المقررة في هذه الدساتير مثل حرية الرأي والتعبير وكذا حق الاجتماع، وأن قيام الأحزاب بناء على كونها حق عام للمصريين، كان معلقاً على إزالة الحظر القانوني الذي فرض انفراد الإتحاد الاشتراكي بالساحة السياسية، ومن ناحية أخرى فإن تعديل أحكام الدستور لجعل النظام السياسي يقوم على أساس تعدد الأحزاب لم يأت بجديد في شأن إطلاق إنشاء حرية كل الأحزاب السياسية، وحق الانتماء إليها دستورياً، بل أن ذلك مجرد تأكيد لهذا الحق الدستوري للمصريين، كما أن ذلك يعتبر تسجيلاً للإرادة الشعبية التي أفصحت عنها جموع الشعب في الاستفتاء الذي أجرى على القانون رقم 2 لسنة 1977 بشأن تعدد الأحزاب السياسية وإطلاق حرية تكوينها، وبذلك فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها أو الانتماء إليها يكون هو الأصل والمبدأ العام الدستوري الذي يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي الذي تتوخاه جمهورية مصر العربية ليس فقط لأن ذلك تنفيذاً لأحكام المادة الخامسة من الدستور بعد تعديلها بل لأن ذلك حق متفرع عن حق تكوين الجمعيات والحزب السياسي "جمعية سياسية" وبناء على ما نص عليه الدستور في المادة (47) من حرية الرأي والعقيدة، وفي المادة (48) من حرية التعبير في جميع مسائل الإعلام والنشر وتعد نوعاً من المساهمة في الحياة العامة التي نصت عليها المادة (62) من الدستور واعتبرتها واجباً وطنياً. بل أن وجود الأحزاب وتعددها يعد في ذاته ضرورة لاتصاله أوثق الصلة بنظام المؤسسات الدستورية وكيفية سيرها وطريقة اضطلاعها بالاختصاصات المقررة لها بمقتضى الدستور والقانون، ومن وجه آخر لأن النظم الديمقراطية تقوم على أساس سليم من خلال تعدد الأحزاب السياسية باعتبار ذلك ضرورة واقعية للتعبير عن اختلاف الرأي الذي تحتمه طبيعتها الديمقراطية ولو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية وتنظيمها (حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 44 لسنة 7 ق).
ومن حيث أن القانون رقم 40 لسنة 1977 في شأن نظام الأحزاب السياسية بعد أن حدد الأسس والمبادئ الأساسية لتنظيم الأحزاب السياسية، نظم الأحكام الخاصة بشروط تأسيس هذه الأحزاب واستمرارها وحلها وكيفية وصولها كحزب سياسي إلى الساحة السياسية فقد نصت المادة الرابعة من القانون المشار إليه على أنه "يشترط لتكوين أو استمرار حزب سياسي ما يلي:
أولاً: عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:
1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو1971.
3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، والنظام الاشتراكي الديمقراطي، والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ثالثاً: ......... رابعاً: ........... تاسعاً: ............."
كما تنص المادة السابعة من القانون المشار إليه بعد تعديلها بالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أنه "يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة التالية عن تأسيس الحزب موقعاً عليه من خمسين عضواً من أعضائه المؤسسين، ومصدقاً رسمياً على توقيعاتهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب..."
وتنص المادة الثامنة على أن "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي:
1 - رئيس مجلس الشورى................ رئيس
2 - وزير العدل 3 - وزير الداخلية
4 - وزير الدولة لشئون مجلس الشعب
5 - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية.
.......................
وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه.
ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحاً إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضائها بينهم الأعضاء المنصوص عليهم في البنود 2، 3، 4 من الفقرة الأولى من هذه المادة.
.........................
وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت في تأسيس الحزب على أساس ما ورد في إخطار التأسيس الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق وذلك خلال الأربعة أشهر التالية على الأكثر لعرض الإخطار بتأسيس الحزب على اللجنة.
ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن.
............................
ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة.
وتفصل المحكمة المذكورة في الطعن خلال أربعة أشهر على الأكثر من تاريخ إيداع عريضته إما بإلغاء القرار المطعون فيه أو بتأييده وعند تساوي الأصوات يرجح رأي الجانب الذي منه الرئيس.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم من أحكام أن مهمة اللجنة وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة البيان في أن مهمتها تنحصر في بحث أوراق الحزب تحت التأسيس للتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور، وأورد القانون تفصيلاً لها ويكون للجنة حق الاعتراض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف في حقه شرط أو أكثر من الشروط المتطلبة وفي هذه الحالة فإن عليها أن تصدر قرارها مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن باعتبار أنها تتصرف في إطار "سلطة مقيدة" بنص الدستور وأحكام القانون وفي مجال ممارسة حرية من الحريات التي كفلها الدستور، وعلى أن يخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التي شكلها المشرع وأوكل لها إعمال هذه الرقابة والتحقق من مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقته لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إن نصوص القانون المشار إليه أكدت هذا المعنى عندما عبر المشرع في المادة السابعة عن الطلب المقدم بتأسيس الحزب بأنه "إخطار" أي إبلاغ عن نية جماعة منظمة في ممارسة حقوقها الدستورية على الوجه الذي يكفله الدستور والقانون، كما عبر المشرع عن سلطة اللجنة عند البت في الإخطار بعبارة "الاعتراض" على التأسيس مستبعداً وبحق عبارتي الموافقة أو الرفض حرصاً منه على التأكيد على أن مهمة اللجنة تقف عند حد فحص أوراق الحزب والتحقق من توافر الشروط الواردة في الدستور والقانون أو الاعتراض عليها، فاللجنة تباشر سلطة مقيدة لا يسمح لها أن تقف حائلاً في سبيل ظهور أي حزب إلى ميدان السياسة إلا إذا كان لديها من الأسباب الحقيقية والجوهرية - وفقاً لما هو وارد بنص دستوري وقانوني - ما يبرر عدم السماح لمؤسسي الحزب وإقامته إعلاء للشرعية واحتراماً لأحكام الدستور والديمقراطية.
ومن حيث إنه عما آثاره الطاعن ببطلان تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية التي أصدرت القرار المطعون فيه وعدم صلاحية أغلبية أعضائها ذلك أن اللجنة بتشكيلها المنصوص عليها في المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ورقم 114 لسنة 1983 قد أصدرت القرار المطعون فيه وهي مشكلة من رئيس مجلس الشورى رئيساً ووزراء العدل والداخلية والدولة لشئون مجلس الشعب بالإضافة إلى ثلاثة من غير المنتمين لأي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية أو نوابهم أو وكلائهم.. ولما كان ذلك وكان رئيس اللجنة وبعض أعضائها ينتمون إلى الحزب الوطني الديمقراطي بل إن رئيسها هو أحد أقطاب هذا الحزب ويباشر نشاطه الحزبي وولاؤه وانتماؤه للحزب المذكور فإنه من ثم لا يكون صالحاً لرئاسة اللجنة حتى يوقف نشاطه الحزبي كما أن الوزراء الثلاثة بحكم مناصبهم لهم علاقات بالنشاط الحزبي ورغم أنه لا يوجد في نصوص الدستور ما يوجب أن يكون الوزراء من المنتمين لأي حزب سياسي - إلا أن المشرع قدر أنهم ما داموا وزراء في حكومة الأغلبية فلا شك أنهم - على الأقل - ممن يؤمنون بمبادئ وأهداف حزب الأغلبية، يضاف إلى ذلك أنه لما كان النص المذكور(المادة الثامنة من القانون رقم40/ 1977) قد ضمن تشكيل اللجنة ثلاثة من غير المنتمين لأي حزب سياسي من رؤساء الهيئات القضائية السابقين فإن الثابت أن من اشترك في إصدار القرار المطعون فيه من رؤساء الهيئات القضائية السابقين اثنان فقط مما يصم القرار بالبطلان.
ولما كان الثابت أن طلب تأسيس حزب السلام قدم إلى اللجنة في ظل العمل بالمادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 ومفاد ذلك وفي ضوء ما نصت عليه المادة الخامسة من دستور سنة 1971 معدلة في ضوء الاستفتاء الشعبي الذي أجرى في 22 مايو سنة 1980 بأن "ينظم القانون الأحزاب السياسية" أن القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة شئون الأحزاب إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين عليه التنحي عن صفته الحزبية عند رياسته الجلسة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلاً عنه بدليل وضعه هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين، فضلاً عن أن اللجنة سالفة الذكر - وعلي ما سلف بيانه تفصيلاً - بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها في البحث والتقصي هي لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو في حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إدارياً شكلاً وموضوعاً وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام هذه المحكمة ومن ثم لا يسري بشأن رئيس وأعضاء اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في الحكم، وباعتبار أن من أسباب الطعن على القرار الإداري عامة الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها، وإذا كان النص سالف الذكر قد ترك للجنة شئون الأحزاب حرية في البحث والدراسة والتحقق والتمحيص وأجاز لها الاتصال بجهات أخرى وطلب ما تراه لازماً للفصل في طلب تأسيس الحزب كما أجاز لها طلب المستندات والأوراق والبيانات اللازمة من ذوي الشأن فإن الطعن على قرارها يثير بالضرورة - لدى المحكمة المختصة - التحقق من الأسباب التي استندت إليها اللجنة في الاعتراض ومدى قيامها على أسباب ثابتة في الأوراق التي كانت تحت نظر اللجنة عند إصدار القرار الإداري محل الطعن ومؤديه - واقعاً وقانوناً - إلى النتيجة التي ساقتها اللجنة وأقامت عليها قرارها، وإذ كان عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية التي يتعين على من يتمسك بها إثباتها أمام المحكمة بأدلة راجحة القبول وإذ خلت الأوراق من ذلك ولم يقدم الطاعن ثمة دليل يؤيد قوله بعدم الحيدة فيتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن.
ومن حيث أن نص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف الإشارة قد أورد أن اجتماع اللجنة لا يكون صحيحاً إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضائها من بينهم الأعضاء المنصوص عليهم في البنود 2 و3 و4 (أي كل من وزير العدل ووزير الداخلية ووزير الدولة لشئون مجلس الشعب) ومفاد ذلك أن حضور اثنين فقط من أعضاء الهيئات القضائية بما يكمل النصاب (الرئيس وأربعة أعضاء) وعدم حضور الثالث لا يبطل اجتماع اللجنة بل يغدو اجتماع اللجنة صحيحاً بحضور الرئيس والأربعة أعضاء من بينهم اثنان فقط من أعضاء الهيئات القضائية.
ومن حيث إنه على ما تقدم بيانه يكون النعي على تشكيل اللجنة بالبطلان لانتماء الرئيس والأعضاء المنصوص عليهم في البنود 2 و3 و4 من المادة (8) من قانون نظام الأحزاب السياسية للحزب الوطني الديمقراطي، وأيضاً لحضور اثنان فقط من رؤساء الهيئات القضائية أو نوابهم أو وكلائهم وعدم حضور الثالث - إنما هو نعي غير سديد وعلى غير أساس صحيح من الواقع أو القانون جدير بالرفض.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعن من أن القرار المطعون فيه قد صدر خلال فترة إخلاء مقعد الدكتور مصطفى كمال حلمي رئيس مجلس الشورى ورئيس اللجنة بحكم منصبه وأنه لذلك يكون القرار قد صدر من غير مختص زمنياً بإصداره ومن ثم صدر مشوباً بالبطلان. وإذ تنص المادة (3) من القانون رقم 120 لسنة 1980 في شأن مجلس الشورى على أن "مدة عضوية مجلس الشورى ست سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له ويتحدد انتخاب واختيار نصف الأعضاء المنتخبين والمعينين كل ثلاث سنوات، ويجوز إعادة انتخاب وتعيين من انتهت مدة عضويته من الأعضاء، ويتم تجديد من تنتهي مدة عضويتهم في نهاية الثلاث سنوات، الأول بطريق القرعة التي يجريها المجلس وفقاً للقواعد التي يضعها في لائحته الداخلية، ويجب أن يتم الانتخاب خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدة العضوية ويتم التعيين خلال الثلاثين يوماً السابقة على انتهائها.
ومفاد هذا النص أن مدة عضوية أعضاء مجلس الشورى ورئيس مجلس الشورى هي ست سنوات ميلادية كاملة ولا تتأثر العضوية بإجراءات التجديد النصفي لأعضاء المجلس سواء بالنسبة للأعضاء المنتخبين أو المعينين إذ يتعين طبقاً للنص السالف إتمام الانتخاب خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدة العضوية وكذا إتمام التعيين خلال الثلاثين يوماً السابقة على انتهائها. فلو انتهت عضوية رئيس مجلس الشورى أو أحد أعضائه خلال التجديد النصفي فإذا انتخب أو عين قبل انتهاء المدة بستين يوماً أو بثلاثين يوماً على انتهاء مدة العضوية فإن عضويته في الواقع تظل متصلة قبل الانتخاب أو التعيين أو بعده ولا يسوغ القول بخلو منصب رئيس أو عضو مجلس الشورى لفترة زمنية وإذ كان الثابت من الأوراق أن القرعة التي أجراها مجلس الشورى بتاريخ 14/ 4/ 1992 لتحديد من انتهت عضويتهم من أعضاء المجلس ثم أجريت الانتخابات في 7/ 6/ 1992 بالقرار الجمهوري رقم 162 لسنة 1992 وكان من بين من خاضوا الانتخابات رئيس مجلس الشورى د. مصطفى كمال حلمي، وبتاريخ 22/ 6/ 1992 صدر القرار الجمهوري رقم 266 لسنة 1992 بتعيين بعض الأعضاء بمجلس الشورى بدلاً من الأعضاء الذين انتهت عضويتهم بطريق القرعة على أن يعمل بهذا القرار اعتباراً من 25/ 6/ 1992 وقد فاز د. مصطفى كمال حلمي في الانتخابات واستمر رئيساً لمجلس الشورى ومن ثم فإن رئاسته لهذا المجلس تغدو متصلة - على ما سلف البيان - سواء قبل وأثناء التجديد النصفي وإجراء الانتخاب أو بعده، وقد صدر القرار المطعون فيه بجلسة 1/ 7/ 1992 بعد إتمام كل تلك الإجراءات ومن ثم يكون ما نعاه الطاعن في خصوص عدم اختصاص رئيس مجلس الشورى زمنياً بإصدار القرار غير قائم على أساس متعيناً رفضه.
ومن حيث إن لجنة الأحزاب السياسية قد أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بصفته بتأسيس حزب سياسي باسم حزب (السلام) وذلك على سند من أن اللجنة استظهرت - على النحو الوارد بأسباب الاعتراض - أن برنامج الحزب لا يتميز تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة أو إيضاح وتحديد وسائل تنفيذه فيما تضمنه البرنامج في جملته لا يعدو أن يكون تقريرات عامة في مختلف المجالات التي تعرض لها بما لا يستطاع معه تحديد ماهيته أو أوجه خصوصياته التي تميزه عن برامج الأحزاب الأخرى، فضلاً عن أنه يعرض ما يدعو إليه في أي أمر دون تحديد أو حتى مجرد إشارة إلى وسائل تنفيذه.
ومن حيث إن من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم 40 لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند ثانياً من المادة الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب واستمراره تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى - وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بدستورية هذا الشرط بحسبانه ضماناً للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده، وأن يكون في وجود الحزب إضافة للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب (الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/ 5/ 1988 في القضية رقم 44 لسنة 7 ق دستورية).
ومن حيث إنه يتعين الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية القائمة أو التي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه متمثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول، والمقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ومبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971 كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليها في القانون رقم 40 لسنة 1977 ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز دستوراً وقانوناً سواء في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات، ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف الأمر الذي يؤدي إلى أن التماثل الذي قد يقترب من التطابق مفترض حتماً في تلك المبادئ والأهداف الأساسية التي تقوم عليها الأحزاب، ولذلك فإن عدم التميز أو التباين في هذا المجال الوطني والقومي لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس أي حزب، كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها سلفاً، لا يمكن أن يكون مقصود الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعه فليس في عبارة النص المشار إليه - أو دلالته ومقتضاه - ما يوحي بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى، بل أن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى فذلك أمر منطقي وطبيعي، مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد، يلزمهم جميعاً، وفقاً للمبدأ الأساسي لالتزام الأحزاب بالمقومات الأساسية للمجتمع المصري التي تواضعت عليها الإدارة الشعبية واكتسبتها وتمسكت بها من خلال تجاربها عبر العصور التي انصهرت في بوتقة التاريخ، وكونت لها شخصيتها المصرية المتميزة المتعارف عليها بين الدول، فكل حزب - يتكون في مصر – لا بد أن يحمل على كاهله وهو يعد برامجه وسياساته - تراث آلاف السنين وتجارب المصريين في صراعهم المستمر في سبيل الحياة وفي سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع يتمتع بالقوة والرفاهية، وهذه التجارب والقيم الناتجة عنها قد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث والنوازل.......... ووضع الحلول اللازمة للمشاكل التي يواجهها المجتمع مما يفرض فوراً وحتماً عديداً من أوجه الشبه بين جميع الأحزاب المصرية حتى في وضعها للسياسات ولبرامج الخاصة بكل منها وتنظيم مباشرة جهدها وقدرتها على مواجهة المشاكل، دون أن ينفي ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة لا تتكرر للحياة السياسية المصرية.
ومن ثم فإن التميز يكمن صدقاً وحتماً - في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة - وتعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها من البدائل المتعددة في ظروف الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المصريين ينفرد به على باقي الأحزاب.. ويفرق بينها بحيث لا يكون نسخة ثابتة مقلدة من البرامج والسياسات التي يتبناها ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له. فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي حزب من الأحزاب القائمة إذ أن السماح لمثل هذا الحزب الذي يطابق غيره بالظهور على الساحة السياسية لا يشكل أي جدوى أو إضافة جديدة تثري العمل الوطني - وبناء على ما سلف جميعه فإن التميز بهذه المثابة يختلف عن الانفراد وعن الامتياز والأفضلية عن باقي الأحزاب، فالتميز الظاهر وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد - لو توافرت باقي الشروط التي حتم توافرها الدستور والقانون - يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس وتفردها على باقي الأحزاب الأخرى بينما الانفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة وهو أمر مستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين وذلك لأن الأهداف والغايات الأساسية للمجتمع والأسس التي تمثل النظام العام الدستوري المصري يلتزم بها أي حزب وتنعكس بالتالي هذه الوحدة في النظام الجوهري للأسس المبدئية لأي من الأحزاب المصرية على أية برامج أو سياسات تضعها بما يحتم توفر قدر من الشبه أو التماثل في بعض هذه البرامج والسياسات دون بلوغ درجة التطابق أو الشبه والتماثل الكامل أو شبه الكامل الذي يفقد معه الحزب تحت التأسيس شخصيته المتميزة، والتميز الظاهر يبرر جدوى وجدية أهدافه وغايته ويبرر وجوده في الحياة الدستورية والسياسية المصرية - ولما كان الامتياز والأفضلية لحزب على غيره إنما تقوم على مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته، وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والشعور إلى ميدان التطبيق الواقعي في حياة أعضائه وغيرهم من المواطنين بأبسط السبل وأيسرها الامتياز بهذا المعنى يدخل في نطاق الرقابة على الممارسة والأداء ويخرج عن نطاق الرقابة في النشوء المبتدأ الذي يقتصر على توافر الجدية والجدوى من برامج وسياسات الحزب المتميزة ظاهرياً، فالامتياز يدخل في نطاق الرقابة الشعبية التي يكون لها وحدها الحق - في المفاضلة بين الأحزاب القائمة - لترى أيها أقدر سياسياً وحزبياً وأهدى سبيلاً إلى تحقيق أمالها وأحلامها على أرض الواقع، ومن ثم يخرج عن نطاق الرقابة على تأسيس الحزب السياسي مهمة التأكد من مدى قدرة الحزب طالب التأسيس على الامتياز على غيره في نشاطه وممارسته في الساحة السياسية الحزبية لتحقيق البرامج التي يطرحها بنجاح - فكل برنامج قابل للنجاح أو الفشل بدرجات متباينة، ولا يمكن أن يتأكد ذلك إلا في ساحة العمل والممارسة الحزبية والنضال السياسي - ومن ثم يكفي ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة، ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التي أوردها الحزب بحسب الثابت في عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنة عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التي انتهى إليها ولا يكفي لطرح الثقة بهذه البرامج الادعاء بأنها مغرقة في الخيالات والأوهام، ما دام الحزب قد قدم في الأوراق تصوراً محدداً للخطوات التنفيذية المنطقية والعملية التي يجدها مؤدية لتحقيق برامجه، ما لم يتأكد فنياً وعلي أساس علمي ومنطقي دحض هذه الآراء واستحالة تنفيذها - وبعبارة أخرى إذا تأكد انفصال هذه الآراء عن واقع الحياة وعن قدرات الشعب ومكانته الاجتماعية والاقتصادية وغيرها بحيث تبدو تلك الآراء مجرد تطلعات وأماني يتمناها الجميع ويفتقرون إلى القدرة على تحقيقها - وعلي أن يتقرر على سند علمي وفني مناقشة برنامج الحزب تحت التأسيس لبيان زيف توقعات الحزب وضحالة أفكاره وأنه حزب غير جاد في رعاية مصالح الجماهير مستهيناً بعقلها ومغامراً بثقتها مما يستوجب حجبه عن حلبة الصراع السياسي تجنباً لإهدار الكثير من الطاقات والقدرات والأموال بغير طائل.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم من تحديد لشرط التمايز على برنامج حزب السلام تحت التأسيس، وبعد استعراض كامل للبرنامج تبين أن حزب السلام تحت التأسيس يدعو في مجال السياسية الخارجية وأخذاً في الاعتبار أن مصر دولة إسلامية عربية أفريقية وأنها قلب العالم العربي - مما يستوجب عدم دخولها في أية محاور مع أو ضد أية دولة إسلامية لتصبح هي الحكم في النزاعات بين هذه الدول وليست طرفاً فيها، فالبادي المعلوم أن مصر أحد الأعضاء البارزين في جامعة الدول العربية وفي منظمة الوحدة الأفريقية وهيئة الأمم المتحدة وفي دول عدم الانحياز وفي المؤتمر الإسلامي وتقوم سياستها المعلنة على أساس التعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشروعية وفي مجال السياسة الداخلية فيدعو الحزب إلى إلغاء القوانين التي تحد من حرية الأفراد في التعبير عن رأيهم غير المخالف للنظام العام والآداب، وإلغاء قوانين المدعي الاشتراكي ومحاكم أمن الدولة والقيم، وأن يكون شكل الحكم جمهورياً برلمانياً, وأن يكون انتخاب الرئيس ونائبه من الشعب مباشرة وهي أمور كلها سبقته إليها برامج أحزاب أخرى قائمة.
وفي مجال السياسة الاقتصادية - وبعد أن استعرض الحزب في برنامجه مشاكل البلاد الاقتصادية ونادى بوضع خطتين للإصلاح إحداهما عاجلة والأخرى آجلة أما العاجلة فهي إطلاق الحرية للقطاع الخاص بغير حدود وبغير رقابة من الدولة وبغير ضرورة للحصول على موافقات أو إذن من أية جهة على أن يترك للقطاع العام الحرية في الإدارة والتمويل والتطوير والإبداع، والخطة الآجلة تقضي باستمرار القطاع العام في الصناعات الثقيلة ويترك للقطاع الخاص الصناعات الخفيفة، ويدعو الحزب إلى التكامل الاقتصادي بين مصر وليبيا والسودان كنواه للوحدة العربية والسوق العربية المشتركة وهي سياسة توليها الحكومة القائمة أهمية كبرى، وأفراد القطاع العام للصناعات الثقيلة والخاص للصناعات الخفيفة أمر يكاد يكون مطبقاً فعلاً أو تضمنته نظريات عفى عليها الزمن أو برامج لأحزاب أخرى، أما عن الديون وكيفية سدادها فقد قطعت الحكومة القائمة شوطاً كبيراً في هذا السبيل، فضلاً عن عدم بيان الحزب تحت التأسيس لكيفية سداد باقي الديون عن طريق الشعب في ضوء قدرات الشعب وما هي الوسيلة لذلك، وبالنسبة لسعر الصرف فقد أصبح موحداً وثابتاً ومعمولاً به في الواقع، كما تكفل التشريعات القائمة إشراف الدولة ورقابتها من خلال البنك المركزي على جميع البنوك العاملة في مصر، وأما عن دعوة الحزب لتغليظ العقوبة على التلاعب في الشيك فثمة مشروع قانون بشأن حماية الشيك معروض على مجلس الشعب، وأما عن دعوة الحزب إلى التكامل الاقتصادي بين مصر وليبيا والسودان كنواه للوحدة والسوق العربية المشركة فقد سبقت هذه الدعوة عدة تجارب في هذا الصدد وإن لم يكتب لها النجاح إلا أنها ما زالت مطروحة على الساحة ومطلباً لكافة الشعوب العربية وخاصة شعوب الدول الثلاث وتطرحها برامج كثير من الأحزاب.
وفي مجال الصناعة يقسم الحزب تحت التأسيس الصناعات إلى ثقيلة تتبناها الدولة، وخفيفة إنتاجية ومغذية وقطع غيار وتترك للقطاع الخاص، ويدعو إلى نقل التكنولوجيا ووقف تصدير المواد الخام التي يمكن تصنيعها في مصر, ويدعو الحزب إلى ترشيد استهلاك الكهرباء وتصنيع معدات الطاقة الشمسية كاملاً في مصر والاهتمام بالطاقة الجديدة، والبحث عن تصنيع كل ما يمكن تصنيعه من مشتقات البترول وتصديرها إلى الدول الأوروبية، وهي كلها أمور ليس فيها من جديد والدعوة إليها من قبل برامج أحزاب أخرى بل يدعو إليها الأفراد والكتاب على صفحات الجرائد بصفة دورية.
وفي مجال الزراعة واستصلاح الأراضي: تقوم سياسة الحزب تحت التأسيس على تشجيع رأس المال المصري في تكوين شركات متخصصة في هذا المجال، وتوزيع الأراضي الصحراوية الصالحة للزراعة على الشباب وتعميم نظام الصرف المغطي، والتوسع رأسياً وأفقياً في الأراضي المزروعة وحماية مياه النيل من التلوث، وكلها مجالات مطروحة سلفاً من قبل أحزاب أخرى، أو موضع اجتهاد الحكومة القائمة وهدفاً لها تصبو إلى تحقيقه وإن عجزت عنه إمكانياتها ووسائلها.
وفي مجال الإسكان تقوم سياسة الحزب على اقتصار مهمة الدولة على التخطيط للمدن، وإعادة النظر في قوانين الإسكان لحل المشكلة عن طريق العرض والطلب، وعرض الأراضي المملوكة للدولة في المدن الجديدة والصحراء بأسعار رمزية، وتشجيع إقامة مجتمعات صناعية وجعل القاهرة مدينة مغلقة، وعدم فرض رسوم أو ضرائب على مواد البناء وعدم تجديد المصانع القائمة حالياً داخل المدن الكبرى وتشجيع هدم المباني القديمة وإقامة منتزهات وحدائق عليها مع الاهتمام باتساع الشوارع وهي أمور توليها الحكومة القائمة عنايتها وتدعو إليها برامج أحزاب أخرى.
كما يدعو الحزب إلى تعمير سيناء بالزراعات المناسبة مثل النباتات الطبية والعطرية وزراعة الزيتون واستخدام الطاقة الشمسية والرياح في استخراج مياه الآبار والبحث عن المعادن بسيناء وهي أمور إن لم يكن قد طبق معظمها فعلاً فهي في الطريق إذ تمت زراعة سيناء بأشجار الزيتون وبالفواكه والنباتات العطرية والطبية ومهدت بها الطرق ومشروع ترعة السلام.
وعن التعليم فقد عرض برنامج الحزب لمشاكله ويدعو إلى ربط التعليم بالأهداف والقدرات الذهنية والعلمية وفقاً لضوابط أجملها فيما يأتي:
لا مجانية إلا للمتفوقين، الالتحاق بأي مرحلة تالية لكل الطلبة بشرط أداء النفقات، تشجيع التعليم الفني، إنشاء التعليم المهني، تغير النظرة للتعليم الجامعي فلا يلتحق به إلا المتفوقين وبالمجان ولغيرهم بالمصروفات. ومجانية التعليم للمتفوقين على النحو السالف بيانه وإن كانت تدخل في مفهوم تنظيم التعليم وترشيده ولا تذهب إلى حد المنع والحرمان لغير المتفوقين إلا أنها دعوة مسبوقة من خبراء التعليم ومن الأحزاب الأخرى بل إن تحديد حداً أدنى للدرجات للالتحاق ببعض المدارس والجامعات إنما هو تطبيق لذات المعيار في تنظيم التعليم والدعوة إلى الجامعة الأهلية تكتمل بإتمامها منظومة التعليم على نحو ما ينادي به الحزب وغيره في مجال التعليم.
وفي مجال الصحة يرى الحزب تحت التأسيس أنه ليس ثمة برنامج محدد للقضاء على المرض، وأصبح المواطن العادي لا يجد الرعاية الطبية الكاملة أو شبه الكاملة في المستشفيات الحكومية التي تردت إلى حالة من الفوضى والإهمال، وانتشرت ظاهرة المستشفيات التخصصية، ويذكر الحزب أن سياساته في مجال الصحة تقوم على عدة أسس هي أن يكون لكل طفل بطاقة صحية مع تأثيم عدم التردد على الطبيب كل ستة أشهر، وجعل المستشفيات الحكومية هيئات مستقلة بميزانيات خاصة، رفع دخول الأطباء، تطوير نظام التأمين الصحي, تشجيع إنشاء المستشفيات الخاصة المتوسطة والبادي أن الحكومة القائمة تولي نظام التأمين الصحي رعايتها وجعلت لكل تلميذ بطاقة صحية وثمة هيئات تتبعها المستشفيات، وما خلا ذلك من أمور دعى إليها الحزب مجرد تصورات وأماني لا تطابق حقيقة الواقع فضلاً عن تناقضها في الدعوى إلى القضاء على المستشفيات الخاصة ثم الدعوة إليها كمستشفيات خاصة متوسطة.
وعن تلوث البيئة يرى الحزب تحت التأسيس أن يكون ثمة برنامج متكامل لحماية البيئة من التلوث بمنع إقامة المصانع القريبة من المدن، وإرغام تلك المصانع على معالجة نفاياتها. وإنشاء معمل خاص لذلك وتطوير استخدام تكنولوجيا الغاز الحيوي وقيام هيئة متخصصة لحماية البيئة. وقد انتهت الحكومة القائمة من إعداد مشروع قانون موحد لحماية البيئة يتضمن تطوير جهاز شئون البيئة الحالي، وتغيير اسم جهاز البيئة ليصبح "الجهاز المركزي للبيئة" وإعداد مكاتب فرعية للجهاز في المحافظات تشرف على الشئون الفنية المتصلة بالبيئة.
وعن النقل والمواصلات يرى الحزب تحت التأسيس تطوير النقل البري من خلال مد الطرق الرئيسية إلى أطراف وحدود مصر شرقاً وغرباً، وتيسير نقل المواطنين داخل المدن، ومد خطوط الطرق الرئيسية إلى السودان، وربط المحافظات الجديدة ببعضها عن طريق السكك الحديدية، وتطوير الأسطول البحري وتشجيع الاستثمار في هذا المجال ونقل وزارة النقل البحري إلى الإسكندرية وفتح مواني الترانزيت، وتحويل شركة مصر للطيران إلى شركة مساهمة مصرية حتى يمكن تطويرها مع إنشاء مواني جوية حديثة، وهي كلها دعوات ومطالب تحقق بعضها والبعض الآخر موضع الاهتمام من الحكومة الحالية ومن برامج الأحزاب الأخرى.
وعن السياحة يدعو الحزب إلى إلغاء القوانين والقرارات التي تسبب مضايقة للسائح وتلك التي تعرقل عمل شركات السياحة وتشجيع جهود تلك الشركات، وتشجيع الاستثمار في السياحة، وإنشاء مجلس أعلى للسياحة, وتطوير فنادق القطاع العام، وهي كلها أمور ملموسة من الحكومة القائمة ولم تدخر وسعاً في هذا المجال التي تجمع كل الآراء في أهمية هذا القطاع وحيويته وتبنى تلك الوسائل وغيرها للنهوض به.
وعن الشباب يدعو الحزب إلى مد جسور الحوار والفكر المستنير مع الشباب وأن تهتم أجهزة الدولة بكافة أموره ويركز الحزب على الحل الاقتصادي لمشاكل الشباب باعتباره الحل الأساسي لجميع مشاكله.
من حيث حاجته إلى العمل والمسكن والزواج - وإذا كان الحزب قد حدد عناصر المشكلة ومواطن الداء على نحو يتفق معه كل ذي فكر ورأي من الأحزاب الأخرى وغيرها من الحكومة الحالية إلا أن الحزب تحت التأسيس لم يحدد الوسيلة لمعالجة المشاكل والوصول إلى المرجو فيها من أهداف حين كان عليه أن يوجه جهده ويعمل فكره في إيجاد الوسيلة وتدبير العلاج.
ومن حيث إنه يتبين مما تقدم ومن سائر ما تضمنه برنامج الحزب طالب التأسيس أن المشروعات والأفكار التي عرضها الحزب في برنامجه المودع ملف الطعن لا تعدو أن تكون شعارات حماسية سياسية تتضمن مجموعة من الأفكار والأقوال المرسلة التي لا يتوافر فيها الجدية الواجبة ولا يتحقق من ورائها أية جدوى ظاهرة وتفتقر إلى تحديد وسائل تحقيقها حتى يمكن الحكم على مدى جديتها وجدواها وخيرها، فضلاً عن عدم وضوح الرؤية وعدم التحديد لمؤسسي الحزب مما جعلهم يفقدون السبيل إلى صياغة برنامج يحدد المشاكل ويضع الحلول التي تتلاءم مع ظروف العصر وارتباطها بالحلول التي تتبناها الأغلبية العظمى من الأمة لقضايا المجتمع.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن البرنامج المقدم من الحزب محل الطعن يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي، ومن ثم فإنه يكون غير جدير بالانضمام مع باقي الأحزاب القائمة في قائمة العمل السياسي.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق جميعه وإذ انتهت لجنة الأحزاب إلى افتقار برنامج الحزب للتحديد والتميز وأصدرت قرارها بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ................. بتأسيس حزب السلام، فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه، ويكون الطعن على قرارها قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد خسر طعنه ومن ثم فإنه يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


(1) الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/ 5/ 1988 في القضية رقم 44 لسنة 7 ق دستورية.

الطعن 99 لسنة 5 ق جلسة 14 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 70 ص 823

جلسة 14 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم البغدادي المستشارين.

-----------------

(70)

القضية رقم 99 لسنة 5 القضائية

وقف عن العمل 

- المادة 10 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - تقريرها حكماً مقتضاه أن الأصل أنه يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه - إجازتها للمحكمة التأديبية استثناء صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة - المقصود بالتأقيت ليس مجرد انتهاء التحقيق وإنما التصرف في شأن الموظف نهائياً إما بحفظ الأوراق أو بتوقيع جزاء من السلطة الرياسية أو من المحكمة التأديبية - التصرف النهائي في أمر مرتب الموظف الموقوف طوال مدة الوقف يكون للسلطة التأديبية أو للمحكمة التأديبية بعد التصرف في شأن الموظف نهائياً - الاختصاص في هذا الشأن يكون للمحكمة التأديبية إذا كان التصرف في أمر المرتب مقترناً بالفصل في الدعوى التأديبية ويكون للسلطات الرياسية فيما عدا ذلك.

----------------

إن المادة العاشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أن "لمدير عام النيابة الإدارية أو أحد الوكيلين أن يطلب وقف الموظف عن أعمال وظيفته إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك, ويكون الوقف بقرار من الوزير أو الرئيس المختص, فإذا لم يوافق الرئيس المختص على وقف الموظف وجب عليه إبلاغ مدير عام النيابة الإدارية بمبررات امتناعه, وذلك خلال أسبوع من طلبه, ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة, ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذي أوقف فيه, ما لم تقرر المحكمة صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة, إلى أن تقرر عند الفصل في الدعوى التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه". والمستفاد من هذا النص أنه يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذي أوقف فيه، وذلك كأصل عام، ولكن القانون أجاز للمحكمة التأديبية استثناء من هذا الأصل أن تقرر صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة. والحكمة التشريعية لذلك هي حفظ أود الموظف ومن يعولهم؛ بمراعاة أن المرتب هو مصدر رزقه. والمقصود بالتأقيت هنا ليس مجرد انتهاء التحقيق بوساطة النيابة الإدارية مع بقاء أمر الموظف معلقاً رهن المحكمة التأديبية، وإنما المقصود بالتأقيت هو التصرف في هذا الشأن نهائياً؛ إما من غير محاكمة وذلك بحفظ الأوراق، أو بتوقيع جزاء من السلطة الرياسية بغير محاكمة، أو بالفصل في أمر الموظف من المحكمة التأديبية، فإذا ما تم التصرف على هذا الوجه أو ذاك في شأن تأديب الموظف بقي بعد ذلك التصرف نهائياً في أمر مرتبه طوال مدة الوقف، فإن كانت الأولى كان التصرف النهائي في ذلك متروكاً للسلطة الرياسية التي تملك إصدار أمر الوقف ابتداء، سواء الوزير أو الرئيس المختص حسب الأحوال طبقاً للفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون المذكور، وإن كانت الأخرى كان ذلك من اختصاص المحكمة التأديبية طبقاً للفقرة الثالثة من المادة المذكورة؛ إذ تنص في آخرها على أن "تقرر عند الفصل في الدعوى التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف، سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه". وغنى عن القول أن هذا النص - إذ يعقد هذا الاختصاص للمحكمة التأديبية مقترناً بالفصل في الدعوى التأديبية - يترك الاختصاص للسلطات الرياسية فيما عدا ذلك، كما لو لم ينته الأمر بصدور حكم من المحكمة التأديبية، بل اقتصر على حفظ الأوراق أو بتوقيع جزاء من السلطة الرياسية بدون محاكمة.


إجراءات الطعن

في 18 من ديسمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في القرار الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 2 لسنة 1 ق المرفوعة من النيابة الإدارية ضد محمد طه سويلم الذي قضى "بصفة مؤقتة صرف ثلاثة أرباع مرتب المتهم محمد طه سويلم عن مدة إيقافه". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه، وتقرير صرف مرتب السيد/ محمد طه سويلم كاملاً عن مدة الوقف". وقد أعلن الطعن للنيابة الإدارية في 24 من ديسمبر سنة 1958، وللخصم في 5 من يناير سنة 1959، وعين لنظره جلسة 17 من يناير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه نسب إلى محمد طه سويلم كاتب مستشفى ببا أنه حاول الاعتداء على طبيب أول مستشفى ببا، وقد صدر قرار في 13 من أكتوبر سنة 1958 بوقفه عن العمل، وفي 27 من أكتوبر سنة 1958 تقدمت النيابة الإدارية إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصحة طالبة وقف صرف مرتب الكاتب المذكور عن مدة إيقافه إلى أن تنتهي جميع التحقيقات عن التهم المنسوبة إليه. وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1958 قررت المحكمة "بصفة مؤقتة صرف ثلاثة أرباع مرتب المتهم محمد طه سويلم عن مدة إيقافه". وأسست قرارها على أن "الثابت من الأوراق أن التحقيق المشار إليه تم في 8 من أكتوبر سنة 1958 وصدر قرار وقف المتهم في 13 من أكتوبر سنة 1958؛ ومن ثم فإن مصلحة التحقيق لم تكن تقتضي الإيقاف بعد أن تم جانب كبير منه؛ الأمر الذي يجعل الإيقاف في هذه الحالة قد وقع دون مسوغ من القانون". وأنه "على ضوء ما تقدم ترى هذه المحكمة بصفة مؤقتة الاكتفاء بصرف ثلاثة أرباع مرتب المتهم عن مدة إيقافه، وذلك إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الوقف المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 هو إجراء احتياطي لا يكون مبرراً إلا إذا اقتضت مصلحة التحقيق الالتجاء إليه؛ بمعنى أن يكون بقاء الموظف في عمله معوقاً لسير التحقيق أو عاملاً على دفعه عن الوصول إلى الحقيقة، فإذا انتفت هذه الأسباب انتفت الحكمة في الوقف، فإذا وقع تخلف عنه سببه القانوني، وبالتالي يكون هذا الوقف مخالفاً للقانون إذا كان التحقيق قد انتهى أوشك على الانتهاء. وأن الثابت من الأوراق أنه سمعت أقوال طبيب أول المستشفي وأقوال الشاهدين في 8 من أكتوبر سنة 1958، ثم صدر قرار الوقف في 13 من أكتوبر سنة 1958؛ ومن ثم فهذا القرار - على نحو ما ذهبت إليه المحكمة - قد وقع دون مسوغ من القانون، وإذا كان الأمر كذلك وكانت ولاية المحكمة التأديبية لا تتسع لإلغاء قرار وقف صدر على خلاف القانون، فكان يتعين، والحالة هذه، أن تهدر المحكمة الأثر القانوني المترتب على الوقف، وهو وقف المرتب، وأن تقرر صرفه كاملاً، وإذ أخذت المحكمة بغير هذا النظر فإن قرارها يكون قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المادة العاشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أن "لمدير عام النيابة الإدارية أو أحد الوكيلين أن يطلب وقف الموظف عن أعمال وظيفته إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ويكون الوقف بقرار من الوزير أو الرئيس المختص، فإذا لم يوافق الرئيس المختص على وقف الموظف وجب عليه إبلاغ مدير عام النيابة الإدارية بمبررات امتناعه، وذلك خلال أسبوع من طلبه، ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة، ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذي أوقف فيه، ما لم تقرر المحكمة صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة، إلى أن تقرر عند الفصل في الدعوى التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف، سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه".
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أنه يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذي أوقف فيه، وذلك كأصل عام، ولكن القانون أجاز للمحكمة التأديبية استثناء من هذا الأصل أن تقرر صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة؛ والحكمة التشريعية لذلك هي حفظ أود الموظف ومن يعولهم؛ بمراعاة أن المرتب هو مصدر رزقه، والمقصود بالتأقيت هنا ليس مجرد انتهاء التحقيق بوساطة النيابة الإدارية مع بقاء أمر الموظف معلقاً رهن المحكمة التأديبية، وإنما المقصود بالتأقيت هو التصرف في هذا الشأن نهائياً، إما من غير محاكمة وذلك بحفظ الأوراق، أو بتوقيع جزاء من السلطة الرياسية بغير محاكمة، أو بالفصل في أمر الموظف من المحكمة التأديبية، فإذا ما تم التصرف على هذا الوجه أو ذاك في شأن تأديب الموظف بقى بعد ذلك التصرف نهائياً في أمر مرتبه طوال مدة الوقف، فإن كانت الأولى كان التصرف النهائي في ذلك متروكاً للسلطة الرياسية التي تملك إصدار أمر الوقف ابتداء، سواء الوزير أو الرئيس المختص حسب الأحوال، طبقاً للفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون المذكور، وإن كانت الأخرى كان ذلك من اختصاص المحكمة التأديبية طبقاً للفقرة الثالثة من المادة المذكورة؛ إذ تنص في آخرها على أن "تقرر عند الفصل في الدعوى التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف، سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه". وغني عن القول أن هذا النص - إذ يعقد هذا الاختصاص للمحكمة التأديبية مقترناً بالفصل في الدعوى التأديبية - يترك الاختصاص للسلطات الرياسية فيما عدا ذلك، كما لو لم ينته الأمر بصدور حكم من المحكمة التأديبية، بل اقتصر على حفظ الأوراق أو توقيع جزاء من السلطة الرياسية بدون محاكمة.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها، فيتعين لذلك حفظ الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 524 لسنة 39 ق جلسة 2 / 1 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 أحزاب ق 6 ص 46

جلسة 2 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة، وبحضور السادة أعضاء الشخصيات العامة وهم: 1 - السيد الأستاذ/ برنس محمد حسين صابر، 2 - السيد الدكتور/ علي علي حبيش، 3 - السيد المهندس/ حسن محمد شبانه، 4 - السيد الأستاذ/ عبد الغني حسن، 5 - السيد الأستاذ/ حسين فكري جلال فكري.

-------------------

(6)

الطعن رقم 524 لسنة 39 القضائية

(أ) أحزاب سياسية - لجنة شئون الأحزاب - اختصاصاتها - الرقابة القضائية عليها.
المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية معدلاً بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980 و144 لسنة 1983.
القرارات الصادرة من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب تخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المتميز طبقاً للقانون رقم 40 لسنة 1977 وذلك في ضوء أحكام الدستور والمبادئ العامة - من هذه المبادئ: حق المصريين في تكوين الأحزاب السياسية بشرط ألا تكون معادية لنظام المجتمع وألا تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية - من المبادئ الأساسية التي قام عليها قانون نظام الأحزاب السياسية مبدأ جدية تكوين الأحزاب السياسية - معنى هذا المبدأ أن يكون قيام الحزب جدياً وممثلاً لاتجاه شعبي جدي وواقعي وليس مجرد وجود صوري لا يعبر إلا عن مؤسسيه دون أن تكون له قاعدة جماهيرية واضحة ودون أن يكون لوجوده إضافة جدية للعمل السياسي - تنحصر مهمة لجنة شئون الأحزاب السياسية في بحث أوراق الحزب تحت التأسيس للتأكد من توافر الشروط التي حددها الدستور والقانون - للجنة أن تعترض على قيام الحزب إذا ما تخلف فيه شروط من تلك الشروط - يجب أن تصدر الجنة قراراً مسبباً - أساس ذلك: أنها تتصرف في إطار سلطة مقيدة - يخضع قرار اللجنة لرقابة هذه المحكمة للتحقق من مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقته لأحكام الدستور والقانون.
(ب) أحزاب سياسية - شروط تأسيسها - شروط تميز برنامج الحزب.
يجب توافر شرط تميز برنامج الحزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدأً أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري بما يكفل تطبيق مبدأ التعدد الحزبي - هناك مبادئ أساسية تلتزم بها جميع الأحزاب - مؤدى ذلك: أن شرط التميز يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ - التميز المطلوب قانوناً ليس مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه عن الأحزاب الأخرى - يجب النظر إلى شرط التميز بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى وليس المطلوب أن يكون ثمة تناقض وتباين تام بين الحزب وغيره من الأحزاب - يكفي في مجال التميز استظهار قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته ونقل أفكاره من دائرة العقل إلى الواقع والتطبيق - مؤدى ذلك: أنه إذا كانت البرامج التي تبناها الحزب لا تعدو أن تكون ترديداً لما لدى الأحزاب الأخرى فإن الحزب يكون فاقداً شرط التميز الظاهر - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 14 من ديسمبر سنة 1992 أودع الأستاذ/ ..... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن........ وإلى عن نفسه وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب العدالة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 10/ 11/ 1992 بالاعتراض على تأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب العدالة".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وقدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني - خلص فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عينت جلسة 31/ 1/ 1993 لنظر الطعن أمام هذه المحكمة المشكلة طبقاً لحكم المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية، وتداولت المحكمة نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات، إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة 12/ 12/ 1993 ومذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع.
وقدمت هيئة قضايا الدولة - خلال الأجل - مذكرة استهلتها بأن الطاعن سبق له أن تقدم بطلب إلى لجنة الأحزاب السياسية للموافقة على تأسيس حزب جديد باسم "الحزب الاشتراكي المصري" واعترضت اللجنة على تأسيس الحزب فأقام الطاعن طعناً أمام المحكمة الإدارية العليا (دائرة الأحزاب) حيث قضى برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات، وذلك استناداً على الأسباب الواردة بالحكم.
وفي معرض الدفاع أوضحت هيئة قضايا الدولة، أن تقرير لجنة شئون الأحزاب السياسية - المطعون فيه - ساق أسباباً سائغة للقرار الذي أصدرته اللجنة، وفحوى تلك الأسباب عدم توافر شرط التميز الظاهر في برنامج حزب العدالة عن غيره من الأحزاب، كما أوضح تقرير اللجنة التشابه الكبير القائم بين البرامج المشار إليه وبرنامج الحزب الاشتراكي المصري الذي كان الطاعن قد تقدم بطلب لتأسيسه واعترضت عليه اللجنة وتأيد اعتراضها بالحكم الذي صدر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 392 لسنة 37 ق، وخلصت هيئة قضايا الدولة لكل ما تقدم إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات. وبجلسة 12/ 12/ 1993 قررت المحكمة التأجيل إدارياً لجلسة 2/ 1/ 1994 لعدم اكتمال تشكيل المحكمة من الشخصيات العامة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 9/ 8/ 1992 وجه الطاعن - بصفته وكيلاً عن مؤسسي حزب سياسي جديد باسم حزب العدالة - إخطاراً كتابياً إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بطلب الموافقة على تأسيس ذلك الحزب المشار إليه سلفاً - وأرفق بالإخطار قائمتين بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 122 عضواً منهم "72" عضواً من العمال والفلاحين، "50" عضواً من الفئات مصدق رسمياً على توقيعاتهم، كما أرفق به برنامج الحزب ولائحتي نظامه الأساسي والمالي.
وإعمالاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قام رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية، بإبلاغ رئيس مجلسي الشعب والشورى، وكذلك المدعي العام الاشتراكي بأسماء الأعضاء المؤسسين، وتم عرض الإخطار على لجنة شئون الأحزاب التي نظرته بجلسة 17/ 8/ 1992 والجلسات التالية، وبجلسة 10/ 11/ 1992 أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ عادل عبد الحليم حسن والي بتأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب العدالة" وذلك على سند من أن برنامج الحزب يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي أو تميزه تميزاً ظاهراً عن برنامج الأحزاب القائمة، على النحو الذي أوردته المادة الثانية، والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية.
وقد أوردت اللجنة أسباب قرارها فأوضحت أن برنامج الحزب لا يتضمن إضافة جادة تثري العمل السياسي أو تميزه عن برامج الأحزاب القائمة. ولا يعدو في جملته أن يكون اختياراً لأنظمة دولية أو محلية قائمة فعلاً مما تزخر به برامج الأنظمة السياسية، فإن ما أورده البرنامج تحت عنوان "التأكيد على الديمقراطية" من طلب إلغاء ما أسماه بالقوانين الاستثنائية وجداول الانتخابات الحالية، ومنح مجلس الشورى سلطة تشريعية واسعة وإنشاء صندوق لتمويل العمل السياسي من حصيلة الغرامات التي توقع على المتخلفين في كافة العمليات الانتخابية، وتكافؤ الفرص بين مرشحي الأحزاب المختلفة في وسائل الإعلام والدعاية، وإصدار قانون محاكمة الوزراء ورئيس الجمهورية وتخويل مجلس الشعب حق تعديل الميزانية دون شرط موافقة الحكومة، كل ذلك أمور ليس فيها من جديد فهي إما واردة في برامج الأحزاب القائمة أو قائمة ومعمول بها.
وما أورده البرنامج بشأن إنشاء بنك للشباب يقوم على تحصيل اشتراكات شهرية بدءاً من السنة الأولى من أعمارهم. ويقدم للمشتركين فيه قروضاً حسنة تساعدهم على الزواج وتوفر لهم فرص عمل إنتاجية وخدمية في كافة الميادين، فإن حكومة الحزب الوطني - تستطرد لجنة شئون الأحزاب - عالجت ذلك جذرياً باستصدار القرار الجمهوري رقم 40 لسنة 1991 بإنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومن أهدافه نشر الصناعات الصغيرة والحرفية وهي صناعات تتجه مباشرة إلى قضية البطالة في مصر، كما يقوم الصندوق بتمويل مشروعات الشباب من خلال ما يقدمه لهم من قروض.
وأما عن دعوة الحزب إلى إقامة كومنولث عربي إسلامي أفريقي فإن الحزب لم يحدد وسائله لإقامة هذا الإتحاد وإنما أورد رؤوس موضوعات يتوقعها بعد قيام هذا الإتحاد ، وأن الواقع العملي يغني عن مثل هذا الإتحاد ، فمصر عضو في جامعة الدول العربية، وفي منظمة الشعوب الأفريقية، وفي المؤتمر الإسلامي ولها نشاطها البارز في كل هذه المنظمات بما يغني عن التطلع إلى أمر هو أقرب إلى الخيال، وأما ما يتحدث عنه برنامج الحزب تحت عنوان مبادئ حقوق الإنسان فلا يعدو أن يكون نقلاً عن الميثاق الدولي لحقوق الإنسان فضلاً عن وروده كاملاً في الباب الثالث من الدستور.
وتستطرد لجنة شئون الأحزاب السياسية قائلة إن ما تضمنه برنامج الحزب من ضرورة استكمال خطط تربية النشئ والشباب منذ المرحلة الابتدائية والتركيز على المواد الدينية والتربية الوطنية والاهتمام بالتربية البدنية، فإن حكومة الحزب الوطني تولي المسألة التعليمية أكبر اهتمام ورصدت لها موازنة غير مسبوقة واعتبرت التعليم من أساسيات الأمن القومي للبلاد، إلى جانب قيام المجلس الأعلى للشباب والرياضة برعاية النشئ والشباب تربوياً وبدنياً، وأما ما يتحدث عنه البرنامج بشأن استقلال القضاء وحصانة القضاة ورعايتهم فإن قانون السلطة القضائية في مصر يكفل للقضاة كل استقلال، فضلاً عن رعاية الدولة لشئونهم الصحية والاجتماعية سواء في ذلك القائمين منهم في الخدمة أو من أحيلوا إلى التقاعد، ودليل ذلك صدور القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.
وأما عن برنامج الحزب في الإعلام والدعوة إلى الحفاظ على حرية الصحافة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية، والتوسع في إقامة مراكز الإعلام الداخلي وصالات العرض السينمائي والاهتمام بالإعلام الخارجي فكل ذلك أمور قائمة ترعاها حكومة الحزب الوطني، وما تضمنه برنامج الحزب في مجال الصناعة والنقل والمواصلات والإسكان لم يتضمن إضافة جادة تميزه عن برامج الأحزاب الأخرى أو ما تقوم به حكومة الحزب الوطني. وأضافت اللجنة أن برنامج "حزب العدالة" تحت التأسيس أورد أموراً محددة سبق أن تضمنها برنامج "الحزب الاشتراكي المصري" تتعلق بإنشاء بنك للقمح تحقيقاً لإنتاج رغيف كامل المصرية، وإنشاء القضاء الشعبي في الأحياء السكنية لفض المنازعات وإجراء المصالحات، ونظام الإدارة المحلية وانتخاب المحافظين، ولم يضف إليها برنامج الحزب الجديد شيئاً يستحق الذكر في ضوء ما تضمنه قرار اللجنة بالاعتراض على "الحزب الاشتراكي المصري" وحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في شأنه.
وخلصت اللجنة للأسباب المشار إليها - ولكل ما ورد من أسباب لقرارها - إلى الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ عادل عبد الحليم حسن والي لتأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب العدالة".
ومن حيث إن مبني الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه قد قام على غير أساس سليم من القانون ذلك أن دستور جمهورية مصر العربية ينص في المادة الخامسة منه على أن النظام السياسي المصري يقوم على تعدد الأحزاب، ولكن قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 والمعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 أضاف المزيد من القيود على التعددية الحزبية، بأن اشترط تميز برنامج الحزب وسياساته وأساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى ولذلك فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا - يستطرد الطاعن - قد استقر على أنه يتعين إعمال القيود والشروط التي تضمنها قانون الأحزاب السياسية وفقاً للأصل الذي قرره الدستور، وأن المحكمة الإدارية العليا قضت بأن التميز المشار إليه في المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 هو وسيلة لتنظيم مبدأ حرية تكوين الأحزاب وأنه يكون محكوماً في شرعيته بهذا الأصل العام ولا يجب أن يفهم في غير هذه الحدود وإلا صار قيداً على الحرية، إلا أن لجنة شئون الأحزاب خرجت عن هذا المنهج فهي حرصت على مقارنة برنامج "الحزب" مع الأحزاب الأخرى كلها لا مع كل حزب منفرداً ومستقلاً عن غيره، كما أنها تجاوزت عن اشتراط التماثل واكتفت بالتشابه لكي تنفي التميز عن "الحزب" المطلوب تأسيسه، وهذا النهج من جانب لجنة شئون الأحزاب لا يبقى على المبدأ الدستوري المتعلق بحرية المساهمة في الحياة العامة، وتعدد الأحزاب كنظام سياسي، كما أنه قد يؤدي إلى أن يقوم بعض طالبي تأسيس الأحزاب إلى اصطناع برامج للتميز لكي تنفي التشابه مع أي حزب من الأحزاب القائمة ثم لا يكون لتلك البرامج أي أثر يذكر في ممارسات الحزب بعد تأسيسه.
ورداً على ما استندت عليه اللجنة - في اعتراضها على برنامج "الحزب تحت التأسيس" من أن برنامج الحزب أورد أموراً محددة سبق أن تضمنها برنامج "الحزب الاشتراكي المصري" تتعلق بإنشاء بنك القمح وإنشاء القضاء الشعبي وانتخاب المحافظين، أوضح الطاعن أن الأمور المشار إليها كانت سبباً من أسباب التميز الظاهر في برنامج الحزب الاشتراكي المصري حسبما انتهت إليه هيئة مفوضي الدولة في تقريرها المودع في الدعوى رقم 392 لسنة 37 ق.
وعن ما جاء في أسباب اعتراض اللجنة من أن برنامج الحزب الماثل لا يتضمن إضافة جادة تثري العمل السياسي أو تميزه عن برامج الأحزاب القائمة، فقد أوضح الطاعن أن ثمة نقاطاً كثيرة توضح التمايز في برنامج "الحزب" مثل أ ) مشروعات الجهود الذاتية كإنشاء بنك الشباب للقضاء على كل مشاكل الأسرة، وإنشاء بنك للقمح للقضاء على مشكلة استيراد القمح وإنشاء القضاء الشعبي في الأحياء السكنية لفض المنازعات البسيطة، وإنشاء الرياضة الخاصة لتنفيذ نظام الاحتراف ومضاعفة مرتبات رجال القضاء والشرطة دورياً، وذلك كله لم تتعرض له اللجنة، ب) المشروعات القومية مثل إقامة اتحاد كومنولث عربي إسلامي أفريقي، وإنشاء جامعة الشعوب العربية والإسلامية وإنشاء المحكمة الإدارية العربية، ج) في النظام الداخلي للحزب: إنشاء حكومة ظل، والنزول بالتشكيلات التنظيمية والقاعدية إلى مستوى مسئول العمارة ومسئول الشارع.
وخلص الطاعن - لما تقدم - ولكل ما ورد بتقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء قرار لجنة الأحزاب السياسية الصادر في 10/ 11/ 1992 بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس حزب سياسي باسم حزب العدالة واعتباره كأن لم يكن.
ومن حيث إن هذه المحكمة بتشكيلها المتميز الذي حددته المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980، 144 لسنة 1983 إنما تلتزم في إعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب، بأحكام الدستور والقانون ويقتضي ذلك ابتداء تحديد دور هذه اللجنة في أداء مهمتها الواردة بالقانون والصلاحيات والإمكانيات التي أتيحت لها في بسط رقابتها على برامج الأحزاب تحت التأسيس وذلك في ضوء أحكام مواد الدستور والمبادئ الدستورية العامة التي يتعين فهم وتفسير أحكامه في ظلها والأهداف والغايات القومية التي تسعى إلى تحقيقها.
فقد أكدت وثيقة إعلان الدستور الذي صدر سنة 1971 على أن جماهير شعب مصر هي التي قبلت وأعلنت ومنحت لنفسها الدستور وقد انعقد عزمها على بذل كل الجهد لتحقيق أولاً - السلام القائم على العدل بحسبان أن التقدم السياسي والاجتماعي لكل الشعوب لا يمكن أن يتم إلا بحرية الشعوب وبإرادتها المستقلة. ثانياً - أن الوحدة العربية هي أمل الأمة العربية باعتبارها نداء تاريخ ودعوة مستقبل. ثالثاً - التطوير المستمر للحياة في الوطن إيماناً بأن التقدم لا يحدث تلقائياً أو بالوقوف عند إطلاق الشعارات وأنها قوته الدافعة لتحقيقه في إطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلافة والمبدعة للشعب.
وقد نص الدستور في المادة الثالثة منه على أن "السيادة للشعب وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور.. "ونص في الخامسة على قيام الإتحاد الاشتراكي العربي والمبادئ الأساسية التي تنظم وتحكم نشاطه وبينها مبدأ الديمقراطية، ثم أفرد الدستور الباب الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة حيث نص في المادتين 47، 48 على حرية الرأي وحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ونص في المادة (54) منه على حق المواطنين في الاجتماعات العامة والمواكب الشعبية وفي المادة (55) على حق المواطنين في تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون وحظر في ذات الوقت "إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري". ثم صدرت ورقة أكتوبر سنة 1974 التي طرحت في استفتاء شعبي وتضمنت بأنه "إذا كانت ثورة يوليو سنة 1952 قد أنجزت الكثير في الحرية الاجتماعية، بأنه بكل أمانة لابد أن يسلم أن جانب الحرية السياسية" لم يتحقق على الوجه الذي يريده الشعب.. وأنه لا جدوى للقمة العيش إذا فقد الإنسان أهم ما يميزه وهو الحرية السياسية.. وأن الديمقراطية ليست نصوص ولكنها ممارسة عملية ويومية..".
وكانت ورقة تطوير الإتحاد الاشتراكي التي قدمت في أغسطس سنة 1974 قد تضمنت أن نفي فكرة الحزب الواحد عن الإتحاد الاشتراكي العربي لا يمكن أن يتم إلا بالتسليم بتعدد الاتجاهات داخله ثم شكلت لجنة مستقبل العمل السياسي برئاسة رئيس مجلس الشعب وعضوية عدد من أعضاء النقابات المهنية والعمالية التي تدارست الاتجاهات السياسية للتطوير وهي ثلاثة اتجاهات "أولها" يرى إنشاء منابر ثابتة داخل إطار الإتحاد الاشتراكي، والثاني: يذهب إلى إنشاء منابر متحركة، أما الثالث "فيعتبر" الإتحاد حزباً سياسياً للثورة يلتزم بمبادئها ومواثيقها ويقوم خارجه أحزاب أخرى، وبعد تطوير نظام المنابر طالبت اللجنة البرلمانية للرد على بيان الحكومة - في تقرير لها مؤرخ 23/ 12/ 1976 بإعداد تشريع لأحزاب السياسية لأنه "قد صادر ضرورياً أن يصدر مجلس الشعب قانوناً ينظم قيام الأحزاب وأسلوب إعلانها والضوابط الموضوعية التي تصاحب قيامها، وبناء على ذلك فقد صدر القانون رقم 40 لسنة 1977 بتنظيم الأحزاب السياسية والذي أصبح نافذاً اعتباراً من 7 من يوليو سنة 1977 وقد نصت المادة الأولى منه على أن "للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام القانون". ونصت المادة الثانية على أن "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم".
وحددت المادة الثالثة دور ورسالة الأحزاب السياسية بأن نصت على أن: "تسهم الأحزاب التي تؤسس طبقاً لأحكام القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية.."
وقد أورد القانون المذكور الأحكام المتعلقة بشروط تأسيس الأحزاب واستمرارها وانقضائها، كما نص على تشكيل لجنة تسمى لجنة شئون الأحزاب السياسية تقدم إليها طلبات التأسيس ويكون لها حق الاعتراض على تأسيس الحزب بقرار مسبب إذا كان قيامه يتعارض مع أحكام القانون.
وفي 11 من أبريل سنة 1979 نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء الذي تضمن موضوعات معينة منها، إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية وبعد موافقة الشعب على ما طرح في الاستفتاء تم تعديل المادة الخامسة من الدستور - على مقتضى نتيجة الاستفتاء الذي تم في مايو سنة 1990 - وأصبح نصها على النحو الآتي.. "النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات، والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون "الأحزاب السياسية".
ومن حيث إنه يبين من العرض المتقدم أن أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 صدرت بمراعاة ما قررته أحكام الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها دستور سنة 1971 من حق المصرين في تكوين الجمعيات بما يشمل الجمعيات السياسية أو الأحزاب بشرط ألا تكون معادية لنظام المجتمع، أو تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وبناء على الحريات العامة المقررة في هذه الدساتير مثل حرية الرأي والتعبير وحق الاجتماع، وأن قيام الأحزاب بناء على كونها حق عام للمصريين كان معلقاً على إزالة الحظر القانوني الذي فرض انفراد الإتحاد الاشتراكي بالساحة السياسية، ومن ثم فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها أو الانتماء إليها يكون هو الأصل والمبدأ العام الدستوري الذي يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي الذي تأخذ به جمهورية مصر العربية، وقد أورد تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المبادئ الأساسية الجوهرية التي قام عليها القانون رقم 40 لسنة 1977 والتي صيغت أحكامه تحقيقاً لها، ومن بين تلك المبادئ مبدأ جدية تكوين الأحزاب السياسية بمعنى أن يكون قيام الحزب جدياً وممثلاً لاتجاه شعبي جدي وواقعي وليس مجرد وجود صوري لا تعبر إلا عن مؤسسيه دون أن تكون له قاعدة جماهيرية واضحة ودون أن يكون لوجوده إضافة جدية للعمل السياسي، وبناء على المبادئ والأسس التي أقامت اللجنة بناء عليها أحكام قانون الأحزاب السياسية فقد نصت المادة الرابعة من القانون على أنه: "يشترط لتكوين أو استمرار حزب سياسي ما يلي: أولاً - عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع: 1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع. 2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971. 3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
ثانيا - تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى..".
كما تنص المادة السابعة من القانون المشار إليه بعد تعديلها بالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أنه "يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة التالية عن تأسيس الحزب موقعاً عليه من خمسين عضواً من أعضائه المؤسسين، ومصدقاً رسمياً على توقيعاتهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب..".
وتنص المادة الثامنة على أن تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي: 1 - رئيس مجلس الشورى رئيساً. 2 - وزير العدل. 3 - وزير الدولة لشئون مجلس الشعب. 4 - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي أو من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم.
"وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون، وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه..".
"وللجنة في سبيل مباشرة اختصاصاتها طلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التي ترى لزومها من ذوي الشأن في المواعيد التي تحددها لذلك ولها أن تطلب أية مستندات أو أوراق أو بيانات أو معلومات من أية جهة رسمية أو عامة، وأن تجرى ما تراه من البحوث بنفسها أو بلجنة فرعية منها.." وعلي اللجنة أن تصدر قرارها بالبت في تأسيس الحزب على أساس ما ورد في إخطار التأسيس الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق............" ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن..".
ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية" أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة، على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية..".
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم من أحكام أن مهمة اللجنة وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة البيان والتي قررت أن تكوين الأحزاب حق عام للمصريين، ولهم حرية تكوينها والانتماء إليها، وإن كل جماعة ارتضت تكوين حزب سياسي يجب عليها إخطار اللجنة المذكورة، قبل البدء في ممارسة مهامها ونشاطها على الساحة السياسية وجعل القانون مهمة هذه اللجنة منحصرة في بحث أوراق الحزب تحت التأسيس للتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور وأورد القانون تفصيلاً لها، ويكون للجنة حق الاعتراض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف في حقه شرط أو أكثر من الشروط المتطلبة، وفي هذه الحالة فقد حرص القانون على ضرورة أن تصدر اللجنة قرارها مسبباً باعتبار أنها تتصرف في إطار سلطة مقيدة بنص الدستور وفي مجال ممارسة حرية من الحريات التي كفلها الدستور، وعلى أن يخضع قرار اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التي شكلها المشرع بالتشكيل المتميز الذي يكفل لها إعمال هذه الرقابة والتحقق من مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقته لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إنه قد حرصت نصوص القانون على تأكيد هذا المعنى عندما عبر المشرع في المادة السابعة عن الطلب المقدم بتأسيس الحزب بأنه "إخطار" أي "إبلاغ" عن نية جماعة منظمة في ممارسة حقوقها الدستورية على الوجه الذي يكفله الدستور، كما عبر المشرع عن سلطة اللجنة عند البت في الإخطار "بعبارة" الاعتراض على التأسيس مستبعداً - وبحق - عبارتي الموافقة أو الرفض حرصاً منه على التأكيد بأن مهمة اللجنة تقف عند فحص أوراق الحزب والتحقق من توافر الشروط الواردة في الدستور والقانون فهي تباشر سلطة مقيدة بحيث لا تقف حائلاً في سبيل ولوج أي حزب سياسي إلى ميدان السياسة إلا إذا كان لديها من الأسباب الحقيقية والجوهرية - وفقاً لما هو وارد بنص دستوري أو قانوني - ما يبرر عدم السماح لمؤسسي الحزب بإقامته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة الأحزاب السياسية قد أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن لتأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب العدالة " وذلك على سند من أن برنامج الحزب يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي أو تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة، فضلاً عن عدم اتسامه بالتحديد مما يجعله غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة لعدم توافر الشروط التي تتطلبها المادة الثانية والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية في حق هذا الحزب.
ومن حيث إنه من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم 40 لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند ثانياً من المادة الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب واستمراره تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يتعين توافر هذا الشرط في كل حزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدأً أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ التعدد الحزبي وفقاً لأحكام الدستور وقانون تنظيم الأحزاب السياسية سالف الذكر، وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى لكي يكون لمبدأ التعددية الحزبية جدوى سياسية محققة للصالح القومي بما تؤدي إليه من إثراء للعمل الوطني، ودعم للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وتوسيعاً لنطاق المفاضلة بين الأحزاب واختيار أصلحها من حيث تبينها لأنسب الحلول وأنفعها لتحقيق المصالح العامة للشعب.
ومن حيث إنه - بادئ ذي بدء - يتعين الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية القائمة أو التي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه متمثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول منه، والمقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع، ومبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو1971، كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 40 لسنة 1977 ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز سواء في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات، ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف الأمر الذي يؤدي إلى أن التماثل الذي قد يقترب من التطابق مفترض حتماً في تلك المبادئ والأهداف الأساسية التي تقوم عليها الأحزاب ولذلك فإن عدم التميز أو التباين في هذا المجال الوطني والقومي لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس أي حزب كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها سلفاً لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فليس في عبارة النص المشار إليه - أو دلالته أو مقتضاه - ما يوصى بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون ثمة تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بين الحزب وبين جميع الأحزاب الأخرى، ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى فذلك أمر منطقي وطبيعي ومرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد يلزمهم جميعاً بالمقومات الأساسية للمجتمع المصري، ودون أن ينفي ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة جادة غير مكررة للحياة السياسية المصرية.
ومن حيث إن التميز يمكن - وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة وتعبر عن توجه فكري في مواجهة المشاكل العامة، واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة ينفرد بها عن باقي الأحزاب ويعرف به بينها فلا يكون نسخة أخرى مكررة من برامج وسياسات تبناها حزب قائم فعلاً، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي من الأحزاب القائمة، فالتميز يختلف عن الانفراد ذلك لأن التميز - وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد - يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس، بينما الانفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة، وهو أمر يستحيل قيامه في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين على النحو المشار إليه.
ومن حيث إن الامتياز والأفضلية لحزب على غيره يمكن - أيضاً - في مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والتفكير إلى دائرة الواقع والتطبيق، ومن ثم يكفي لكي يكون الحزب متميزاً فيما قدمه من برامج وسياسات - وهو مناط الخضوع للرقابة عند التأسيس أن تكون تلك البرامج والسياسات جدية وممكنة عقلاً، وتؤدي بطريقة واقعية إلى النتائج التي استهدف الحزب تحقيقها في برنامجه ومن خلال نشاطه وممارسته للعمل السياسي والجماهيري. أما إذا كان الحزب مفتقراً أصلاً إلى جدية برنامجه، وأن البرنامج الذي يتبناه الحزب لا يعدو إلا أن يكون ترديداً لما لدى الأحزاب الأخرى من برامج أو صيغت خططه وسياساته في عبارات إنشائية مرسلة غير محددة فإن الحزب يكون فاقداً لشرط التميز الظاهر بالمفهوم الذي عناه المشرع في المادة الرابعة من قانون الأحزاب وامتنع عليه اللحاق بالأحزاب السياسية القائمة لعدم جدواه لفقدانه الأسس اللازمة لإضافة جديدة إلى الحياة السياسية والدستورية والحزبية للبلاد.
ومن حيث إنه على هدي المبادئ المتقدمة فإنه يبين من الاطلاع على برنامج الحزب تحت التأسيس أنه أورد النقاط التي يراها "نقاط تمايز" وذلك على الوجه الآتي (ص 24 من البرنامج المقدم في الطعن).
أولاً - مشروعات الجهود الذاتية لأبناء الشعب وحل مشاكلهم عن طريق المساهمة الذاتية في المجالات المختلفة وهي:
1 - إنشاء بنك الشباب للقضاء على مشاكل الأسرة الناشئة.
2 - إنشاء بنك القمح للقضاء على مشكلة استيراد القمح.
3 - إنشاء القضاء الشعبي في الأحياء السكنية لفض المنازعات البسيطة.
4 - إنشاء الرياضة الخاصة لتنفيذ نظام الاحتراف.
5 - مضاعفة مرتبات رجال القضاء والشرطة دورياً لمدة عشر سنوات.
ثانياً - المشروعات القومية:
1 - إقامة اتحاد كومنولث عربي إسلامي أفريقي لخلق قوة توازن تحمي مصالح شعوبه من الهيمنة الأجنبية في ظل التكتلات الدولية.
2 - إنشاء جامعة الشعوب العربية والإسلامية تتكون من منظمات شعبية جماهيرية.
3 - إنشاء المحكمة الإدارية العربية لفض المنازعات بين المواطنين من الدول العربية وحكوماتهم فيما يقع عليهم من ظلم لانتقاص حقوق الإنسان.
4 - تطبيق مبادئ حقوق الإنسان.
ثالثاً - في النظام الداخلي للحزب:
1 - تشكيل حكومة ظل: تقابل حكومة الحزب الحاكم للتنسيق والتعاون وتدريب الكوادر التي تضمن استمرار المسيرة الديمقراطية ووضع المقترحات والحلول أمام وزارة الحكم.
2 - النزول بالتشكيلات التنظيمية والقاعدية إلى مستوى مسئول الشارع ومسئول العمارة.
3 - تشكيل لجان الحزب على مستوى المناطق والأقاليم.
4 - إنشاء تنظيمات مساعدة هي: التنظيم النسائي/ التنظيم الشبابي/ معهد إعداد الكوادر.
ومن حيث إن الحزب تحت التأسيس يرى أن في إنشاء بنك للشباب لكي يعالج أهم مشكلة تصادف الشباب، واحدة من نقاط التميز في برنامج الحزب موضحاً ذلك بأن هدف البنك في مجال الزواج هو تقديم قرض لكل شاب أو شابة عند بلوغهما سناً معينة، وفي المجال الحضاري، يساهم البنك في تأسيس وإنشاء المكتبات العامة ودور النشر المتخصصة على المستوى القومي، كما يساهم البنك في المجال الرياضي عن طريق إنشاء وتأسيس منشآت رياضية متكاملة، وفي المجال الاقتصادي يساهم البنك في توفير فرص عمل إنتاجية وخدمية للشباب من خلال قروض حسنة تمكنهم من عمل تعاونيات في ميادين الصناعة والزراعة والتجارة ويبين من الإيضاحات التي أوردها برنامج الحزب في هذا الشأن أنها لم تتضمن جديداً يجعله متميزاً، ذلك أن من الملاحظ حالياً الاهتمام بنشر الثقافة الجادة والواعية بين جموع المواطنين وبصفة خاصة بين الشباب من خلال العديد من المكتبات العامة المنتشرة سواء على مستوى المحافظات والمدن والأحياء أو على مستوى دور التعليم بمراحله المختلفة، وتعمل الأجهزة المختصة بالدولة على تشجيع الشباب لارتياد هذه المكتبات من خلال المسابقات الثقافية وما تمنحه من جوائز للمتفوقين، أو من جلال الندوات التي تقام أثناء معسكرات الشباب الصيفية، فضلاً عن الاهتمام الجاد "بالكتاب" والذي يتمثل في إقامة معرض سنوي للكتاب يضم الكتب العربية والأجنبية، ويقدم تخفيضات هائلة تشجيعاً للشباب على القراءة، بالإضافة إلى ما تصدره "الهيئة العامة للكتاب" من مطبوعات لا بقصد الاتجار ولكن بغية نشر الوعي الثقافي بين الكافة، أما في المجال الرياضي فإن ثمة منشآت رياضية متكاملة، تم إنشاؤها فعلاً تقام عليها المسابقات الرياضية المحلية والدولية، فضلاً عن انتشار الأندية ومراكز رعاية الشباب في كافة المدن والمراكز تقدم الخدامات الرياضية والاجتماعية والثقافية للشباب - وفيما يتعلق بأهمية "بنك الشباب" كما يراه الحزب تحت التأسيس بغية المساهمة في توفير فرص عمل إنتاجية وخدمية للشباب فهو أمر قائم فعلاً من خلال ما توفره الدولة لشباب الخريجين من أرض مستصلحة أو قابلة لاستصلاح وتمكنهم من تملكها بشروط ميسرة جداً، أو من خلال ما يقدمه بنك ناصر الاجتماعي من قروض طويلة الأجل أو متوسطة الأجل لكل من يرغب في البدء في مشروع إنتاجي، هذا فضلاً عن أن قراراً جمهورياً كان قد صدر برقم 40 لسنة 1991 بإنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي يختص بتنمية وتعبئة الموارد المالية والفنية للمعاونة في تنمية الموارد البشرية ورفع المعاناة عن محدودي الدخل وتنفيذ مشروعات محددة الزيادة، وذلك كله من خلال تقديم القروض اللازمة لتمويل المشروعات للشباب، فضلاً عن تدربيهم على اكتساب مهارات حرفية مما يوفر لهم فرص العمل ويساعدهم على تكوين أسر جديدة، ويبين من كل ما تقدم أن الأفكار التي طرحها برنامج الحزب تحت التأسيس عن إنشاء بنك للشباب هي لا تعدو إلا أن تكون ترديداً لبرامج وخطط قائمة ويجرى تنفيذها فعلاً بغض النظر عن المعوقات التي تعترض التنفيذ أحياناً.
ومن حيث إن ما يطرحه الحزب - كنقطة من نقاط التميز - بشأن إنشاء بنك القمح بقصد تحقيق هدف قومي وهو الوصول إلى رغيف مصري 100% وذلك من خلال زيارة إنتاج القمح للخروج من نطاق التبعية أو التهديد، فلئن كان ذلك ما يبتغيه كل مواطن مصري، إلا أن البرنامج الماثل "للحزب تحت التأسيس" خلا من أي خطة علمية واضحة من شأنها أن تحقق ما يراه الحزب، وقد جاءت عبارته - بشأن ما يراه من زيادة إنتاج القمح - عامة ومجملة خالية من أي دراسة جادة أو خطوات محددة، خاصة وأن العمل على زيادة إنتاج القمح يتطلب الكثير من الإمكانيات المالية والبشرية والدراسات العلمية - وهو أمر لم يقم الحزب بدراسته، ومن وجه آخر فإن القمح حالياً أصبح سلعة عالمية تخضع لقانون العرض والطلب ويتحدد سعره هبوطاً أو صعوداً من خلال "بورصة القمح" وقد يؤدي ذلك إلى أن يكون اللجوء أحياناً إلى استيراد القمح ما يوفر الكثير على ميزانية الدولة فيما لو تم التوسع في زراعته بالنظر إلى فارق السعر بين تكاليف زراعته وتكاليف استيراده، خاصة وأن استيراد القمح - بقصد تغطية احتياجات الدولة - لم يعد مظهراً من مظاهر الخضوع والتبعية السياسية بعد إذ لجأت بعض الدول الكبرى إلى الاستيراد بحسبانه يحقق ميزة اقتصادية، ومن وجه ثالث فإن بنك الائتمان الزراعي - وهو قائم بالفعل - يقدم كل الإمكانيات المتاحة والتيسيرات الممكنة بقصد تشجيع الزراعة على التوسع في إنتاج القمح، ويخلص من ذلك كله إلى أن دعوة الحزب لإنشاء ما يسمى ببنك القمح تفتقر إلى الجدية وإلي الدراسة الاقتصادية والزراعية التي تحقق لها التميز والتفرد.
ومن حيث إنه عن دعوة الحزب تحت التأسيس إلى إنشاء القضاء الشعبي في الأحياء السكنية لفض المنازعات البسيطة وإجراء المصالحات فإن الحزب لم يبين كيفية تولي الأفراد العاديين سلطة الفصل في المنازعات البسيطة وإجراء المصالحات أو القواعد والإجراءات الواجب إتباعها، أو مدى القوة الإلزامية لما يصدر من قرارات أو كيف يتم تنفيذها سواء في مواجهة الأطراف المتنازعة أو في مواجهة الغير إذا ما تعلقت حقوقهم بها، فضلاً عن ذلك فإن النظام القضائي المصري يتأبى على أن يتولى القضاء غير رجال السلطة القضائية الذين يتمتعون بالحيدة والاستقلال بما يمكنهم من فض كافة المنازعات بما يحقق العدالة، ومن ثم فإن دعوة الحزب إلى إنشاء قضاء شعبي حسبما جاء في برنامجه، تكون مفتقرة إلى الجدية فضلاً عن عدم توافر عنصر التميز فيها.
ومن حيث إن ما يدعو إليه برنامج الحزب تحت التأسيس من مضاعفة مرتبات رجال القضاء والشرطة دورياً لمدة عشر سنوات فهو نظام قائم فعلاً من خلال قانون السلطة القضائية، والقانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية والقرارات الوزارية التي تنظم لهم هذه الخدمات والتي تكفل لهم الرعاية الكاملة، وهو الأمر القائم فعلاً بالنسبة لرجال الشرطة.
أما عن دعوة الحزب إلى إنشاء الرياضة الخاصة لتنفيذ نظام الاحتراف فإن الأندية الرياضية اعتنقت نظام الاحتراف في مجال رياضة كرة القدم الأمر الذي أدى إلى أزمات مالية وقعت فيها هذه الأندية، خاصة وأن الدول التي تطبق نظام الاحتراف في مجال الرياضة تفسح المجال "للمراهنات" وهو ما تأباه النظم القانونية في مصر، وليس أدل على ذلك من أن ثمة أفكاراً مطروحة تنادي بالعدول عن نظام الاحتراف.
أما ما تضمنه برنامج الحزب تحت بند المشروعات القومية من إقامة اتحاد كومنولث عربي إسلامي أفريقي، وإنشاء جامعة الشعوب العربية والإسلامية، وإنشاء المحكمة الإدارية العربية لفض المنازعات بين المواطنين من الدول العربية وحكوماتهم، وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان، فهذه كلها أفكار ليست بجديدة وتضمينها برنامج الحزب تحت التأسيس ليس من شأنه أن يجعله متميزاً ذلك أن مصر وكما قالت لجنة شئون الأحزاب وبحق عضو في جامعة الدول العربية وعضو في منظمة الشعوب الأفريقية وعضو في المؤتمر الإسلامي ولها نشاطها البارز في كل هذه المنظمات، وأن الدعوة إلى إقامة جامعة الشعوب الإسلامية فهو أمر ليس بجديد إذ كانت ثمة تجربة سابقة لم يكتب لها النجاح، وأما ما يدعو إليه الحزب من تطبيق مبادئ حقوق الإنسان فإن الدستور المصري أفرد باباً كاملاً هو الباب الثالث "الحريات والحقوق والواجبات العامة " أورد فيه ما هو وارد بالميثاق الدولي لحقوق الإنسان.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم إلى أن ما أن ما أورده الحزب تحت التأسيس في برنامجه بحسبانها "نقاط التميز" تفتقر إلى الملامح الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي، فضلاً عن أنها لا تعبر عن توجه فكري مميز في حل المشاكل العامة، ومن ثم فإن الحزب تحت التأسيس يكون غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة.
ومن حيث إنه استناداً على ما سبق بيانه فإن لجنة شئون الأحزاب وقد انتهت إلى أن برنامج "حزب العدالة" يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة، فضلاً عن عدم اتسامه بالتحديد، وأصدرت قرارها بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس حزب العدالة فإنها تكون قد أعملت صحيح حكم القانون، ويكون قرارها المطعون فيه صحيحاً ولا وجه للطعن عليه.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.


(1) راجع: - الأحكام الصادرة في الطعون رقم 777 لسنة 30 ق ورقم 23282 لسنة 34 ق ورقم 45 لسنة 35 ق، ورقم 1175 لسنة 35 ق الصادر من هذه المحكمة بجلسة 14/ 4/ 1990
- وحكمها الصادر في الطعن رقم 3293 لسنة 36 ق بجلسة 15/ 3/ 1992.
- وحكمها الصادر في الطعن رقم 3402 لسنة 38 ق بجلسة 6/ 2/ 1994.

الطعن 97 لسنة 5 ق جلسة 14 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 69 ص 816

جلسة 14 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم البغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

------------------

(69)

القضية رقم 97 لسنة 5 القضائية

موظف - وقفه عن العمل 

- المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 52 من المرسوم الصادر باللائحة التنفيذية لهذا القانون والمادة 10 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - مقتضاها أنه لا يجوز مد وقف الموظف مدة تزيد على ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية المواد المشار إليها لا تستوجب اقتصار إذن المحكمة بالمد على ثلاثة أشهر ثم يتجدد الإذن بذلك كل مرة كما هو الشأن في حبس المتهمين احتياطياً - علة التفرقة بين الحكمين.

----------------
إن المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "للوزير ولوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يوقف الموظف عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف على ثلاثة أشهر إلا بقرار من مجلس التأديب..."، وتنص المادة 52 من المرسوم الصادر باللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر على أنه "إذا امتدت مدة الوقف إلى ثلاثة أشهر دون أن ينتهي التحقيق تعيين عرض الأوراق في نهاية تلك المدة على مجلس التأديب للنظر في استمرار الوقف"، ثم صدر في 11 من أغسطس سنة 1958 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري ناصاً في المادة العاشرة منه على أن "لمدير عام النيابة الإدارية أو أحد الوكيلين أن يطلب وقف الموظف عن أعمال وظيفته إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ويكون الوقف بقرار من الوزير أو الرئيس المختص.... ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية....". والمستفاد من النصوص المتقدمة أنه لا يجوز مد وقف الموظف مدة تزيد على ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية، فالحظر منصب على وقف الموظف عن عمله لمدة تزيد على ثلاثة أشهر إلا بإذن من المحكمة المذكورة، ولم تستوجب النصوص أن يقتصر إذن المحكمة بالمد على ثلاثة أشهر فقط، ثم يتجدد الإذن بذلك كل مرة، كما هو الشأن مثلاً في حبس المتهمين احتياطياً - حيث تنص المادة 142 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "ينتهي الحبس الاحتياطي حتماً بمضي خمسة عشر يوماً على حبس المتهم، ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم أن يصدر أمراً بمد الحبس مدة أو مدداً أخرى لا يزيد مجموعها على 45 يوماً...."، ونصت المادة 143 من القانون المذكور على أنه "إذا رأى قاضي التحقيق مد الحبس الاحتياطي زيادة على ما هو مقرر بالمادة السابقة وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر عرض الأوراق على غرفة الاتهام لتصدر أمرها بما تراه بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، ولغرفة الاتهام مد الحبس مدداً متعاقبة لا تزيد كل منها عن 45 يوماً إلى أن ينتهي التحقيق" - وعلة الفرق في الحكمين واضحة؛ ذلك لأن الحبس الاحتياطي - وهو تقييد للحرية الشخصية - أمر يتعذر تداركه إذا ما وقع فعلاً، فوجب التحوط لهذا الأمر قبل وقوعه، ومن هنا كان الإذن به مقصوراً على 45 يوماً في المرة الواحدة مع وجوب تجديد الإذن كل مرة، أما الوقف فلا يترتب عليه بالنسبة للموظف سوى وقف صرف مرتبه، وهذا أمر من الممكن تداركه على النحو الذي نظمته الفقرة الثانية من المادة العاشرة؛ إذ خولت المحكمة التأديبية صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة، كما خولها - عند الفصل في الدعوى التأديبية - تقرير ما يتبع في شأن المرتب في مدة الوقف، سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه؛ ومن ثم فيكون للمحكمة التأديبية - إذا ما عرض عليها أمر مد الوقف - أن تقدر المدة اللازمة حسبما تقتضيه مصلحة التحقيق أو المحاكمة التأديبية بحسب ظروف الحال وملابساته.


إجراءات الطعن

في 16 من ديسمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في القرار الصادر من المحكمة التأديبية لموظفي وزارة الزراعة بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1958 في الطلب المقدم إليها من النيابة الإدارية ضد فؤاد محمد توفيق الموظف بوزارة الزراعة بقسم أملاك الفيوم، والقاضي "بمد وقف السيد/ فؤاد محمد توفيق لمدة ستة أشهر من تاريخ هذا القرار، مع وقف صرف كامل مرتبه مؤقتاً خلال مدة الإيقاف". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه، وتقرير استمرار وقف السيد/ فؤاد محمد توفيق لمدة ثلاثة أشهر". وقد أعلن الطعن للنيابة الإدارية في 25 من ديسمبر سنة 1958، وللموظف المذكور في 4 من يناير سنة 1959، وعين لنظره جلسة 3 من يناير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه في 12 من نوفمبر سنة 1957 قبض على السيد/ فؤاد محمد توفيق لاتهامه بأخذ مبلغ عشرين جنيهاً رشوة ممن يدعى عبد الرازق يونس لتسهيل تسجيل واعتماد بيع فدانين من أملاك الحكومة؛ وبناء على ذلك أوقف المذكور عن العمل تطبيقاً لحكم المادة 96 من القانون رقم 210 لسنة 1951. وقد قررت النيابة العامة حبسه لمدة ثلاثين يوماً من 13 من نوفمبر سنة 1957، ثم أخطرت النيابة العامة بعد ذلك المصلحة التابع لها هذا الموظف بأن القضية أحيلت إلى محكمة جنايات الفيوم في 5 من ديسمبر سنة 1957. وفي 24 من ديسمبر سنة 1957 قررت المحكمة الإفراج عن المتهم إذا دفع ضماناً مالياً قدره مائة جنيه، وقد قام المذكور بدفع الضمان وأفرج عنه مساء يوم 24 من ديسمبر سنة 1957، وحضر للمديرية صباح يوم 25 من ديسمبر سنة 1957، وقد رأت المديرية استمرار وقف المذكور حتى يفصل في القضية، فعرض الأمر على إدارة الرأي لوزارة المالية والاقتصاد، فأفتت بأن للمصلحة سلطة تقديرية في إعادة الموظف المذكور إلى عمله أو عدم إعادته، فإذا رأت بعد الاستئناس برأي النيابة العامة أن مصلحة التحقيق أو المحاكمة الجنائية تقتضي الاستمرار في وقفه عن العمل، فلها أن تقرر ذلك مع مراعاة المدة والإجراء المنصوص عليهما في المادة 95 من قانون موظفي الدولة. وقد سئلت نيابة الفيوم عن رأيها في استمرار وقف المتهم أو إعادته إلى عمله فرأت النيابة في 8 من مارس سنة 1958 استمرار وقفه حتى يفصل في الدعوى. واستناداً إلى ذلك أصدر مدير عام مصلحة الأملاك قراراً في 9 من أبريل سنة 1958 بوقف السيد/ فؤاد محمد توفيق عن العمل اعتباراً من 25 من ديسمبر سنة 1957، التاريخ التالي لانتهاء الوقف بقوة القانون، وبعرض أمره على مجلس التأديب عند تشكيله؛ لأن مدة الوقف زادت على ثلاثة أشهر؛ ونظراً إلى أن مجلس التأديب الخاص بمصلحة الأملاك لم يبت في تشكيله بمعرفة الوزارة، فقد طلبت المصلحة من الوزارة إحالة المتهم إلى مجلس التأديب الخاص بالوزارة لتجديد مدة الوقف. ونظراً لصدور القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والذي أنشئت بموجبه المحاكم التأديبية تقدمت النيابة الإدارية إلى المحكمة التأديبية المختصة للنظر في استمرار وقف المتهم، فقررت المحكمة في 23 من نوفمبر سنة 1958 "مد وقف السيد/ فؤاد محمد توفيق لمدة ستة أشهر من تاريخ هذا القرار، مع وقف صرف كامل مرتبه مؤقتاً خلال مدة الإيقاف". فطعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا القرار، وأقام طعنه على أن المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 تقضي بأنه لا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة، وأن مفاد هذا النص أن الوقف غايته ثلاثة أشهر بصفة عامة تنفرد بها جهة الإدارة لأول مرة، فإذا جاوز التحقيق مع الموظف الموقوف هذه الغاية تعين الرجوع إلى المحكمة التأديبية المختصة لتصدر قرارها باستمرار الوقف إذا اقتنعت بدواعيه لمدة أخرى أقصاها ثلاثة أشهر، وهكذا كما استطال التحقيق واقتضى الأمر إقصاء الموظف عن وظيفته؛ وعلة هذا أن المشرع، وقد استهدف من وراء وقف الموظف صيانة التحقيق من خطره إذا ظل قائماً بأعمال وظيفته، فإنه قصد أيضاً تأمين الموظف وتوفير الضمانات له، فمنح جهة الإدارة سلطة الوقف لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ثم وكل بعد ذلك استمرار الوقف إلى القضاء يقضى به المدة تلو الأخرى كلما قامت أسبابه، على شريطة ألا يزيد الوقف في كل مرة على ثلاثة أشهر حتى لا يظل الموظف موقوفاً إلى أجل بعيد فيضار بالوقف، وحتى لا تبقى الوظيفة شاغرة إلى أمد طويل فتضار المصلحة العامة، هذا فضلاً عن أن التزام هذه الفترة الزمنية من جانب جهة الإدارة ثم من جانب المحكمة التأديبية على السواء فيه استنهاض للسلطة التي تتولى التحقيق وحثها على التعجيل به. وإذ أخذ القرار بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة هو ما إذا كان يجوز للمحكمة التأديبية - إذا ما عرض عليها أمر مد وقف موظف عن عمله - أن تأمر باستمرار وقفه لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أم أنها لا تملك أن تحكم بالوقف لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، وإن كانت تملك تجديده لمدة أخرى لا تزيد كل منها على هذه المدة.
ومن حيث إن المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "للوزير ولوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يوقف الموظف عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف على ثلاثة أشهر إلا بقرار من مجلس التأديب..."، وتنص المادة 52 من المرسوم الصادر باللائحة التنفيذية للقانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر على أنه "إذا امتدت مدة الوقف إلى ثلاثة أشهر دون أن ينتهي التحقيق تعين عرض الأوراق في نهاية تلك المدة على مجلس التأديب للنظر في استمرار الوقف"، ثم صدر في 11 من أغسطس سنة 1958 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري ناصاً في المادة العاشرة منه على أن "لمدير عام النيابة الإدارية أو أحد الوكيلين أن يطلب وقف الموظف عن أعمال وظيفته إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ويكون الوقف بقرار من الوزير أو الرئيس المختص... ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية...".
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أنه لا يجوز مد وقف الموظف مدة تزيد على ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية، فالحظر منصب على وقف الموظف عن عمله لمدة تزيد على ثلاثة أشهر إلا بإذن من المحكمة المذكورة، ولم تستوجب النصوص أن يقتصر إذن المحكمة بالمد على ثلاثة أشهر فقط، ثم يتجدد الإذن بذلك كل مرة، كما هو الشأن مثلاً في حبس المتهمين احتياطياً - حيث تنص المادة 142 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "ينتهي الحب الاحتياطي حتماً بمضي خمسة عشر يوماً على حبس المتهم، ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم أن يصدر أمراً بمد الحبس مدة أو مدداً أخرى لا يزيد مجموعها على 45 يوماً..."، ونصت المادة 143 من القانون المذكور على أنه "إذا رأى قاضي التحقيق مد الحبس الاحتياطي زيادة على ما هو مقرر بالمادة السابقة وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر عرض الأوراق على غرفة الاتهام لتصدر أمرها بما تراه بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، ولغرفة الاتهام مد الحبس مدداً متعاقبة لا تزيد كل منها عن 45 يوماً إلى أن ينتهي التحقيق" - وعلة الفرق في الحكمين واضحة؛ ذلك لأن الحبس الاحتياطي - وهو تقييد للحرية الشخصية - أمر يتعذر تداركه إذا ما وقع فعلاً، فوجب التحوط لهذا الأمر قبل وقوعه، ومن هنا كان الإذن به مقصوراً على 45 يوماً في المرة الواحدة مع وجوب تجديد الإذن كل مرة، أما الوقف فلا يترتب عليه بالنسبة للموظف سوى وقف صرف مرتبه، وهذا أمر من الممكن تداركه على النحو الذي نظمته الفقرة الثانية من المادة العاشرة؛ إذ خولت المحكمة التأديبية صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة، كما خولها - عند الفصل في الدعوى التأديبية - تقرير ما يتبع في شأن المرتب في مدة الوقف، سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه إليه كله أو بعضه؛ ومن ثم فيكون للمحكمة التأديبية - إذا ما عرض عليها أمر مد الوقف - أن تقدر المدة اللازمة حسبما تقتضيه مصلحة التحقيق أو المحاكمة التأديبية بحسب ظروف الحال وملابساته.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها، ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الثلاثاء، 11 يوليو 2023

الطعن 25 لسنة 2023 تمييز دبي عمالي جلسة 7 / 3 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 07-03-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 25 لسنة2023 طعن عمالي
طاعن:
رافيندير موهان دهير
مطعون ضده:
الكيمست للرعاية الصحية ذ م م
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/391 استئناف عمالي
بتاريخ 12-01-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر عمر يونس جعرور وبعد المداولة .
حيث تتحصل الوقائع وحسبما يبين من الحكم المستأنف وسائر الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3225 لسنة 2021 عمال جزئي في مواجهة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها والخصم المدخل بأن يؤديا له- وفق طلباته الختامية- مبلغ 447,900 درهماً وقيمة شهادة 100,000 سهم وفقاً لقيمة المثل التي صرفتها للعمال لديها بواقع ثلاث دولارات أمريكية للسهم الواحد أي مبلغ 300,000 دولار، وتذكرة العودة، وتقدم بشكوى لدى الجهات المختصة والتي أحالت الشكوى للمحكمة لتعذر التسوية فقام بقيد الدعوى تأسيساً على أنه التحق بالعمل لدى المطعون ضدها من تاريخ 10-7-2011 بموجب عقد عمل غير محدد المدة لقاء أجر شهري 70.000 درهم ووعد بتسليمه 250 ألف سهم منحة عينية من أحدى شركاتها في مجموعة جزر الكايمن باسم افيفو غروب وسلمته منها 100 ألف سهم بعد خمس سنوات وأبرمت له عقد جديد براتب شهري 37.500 درهم مع البدلات ولم تسلمه باقي الأسهم مما يحق له صرف قيمة الاسهم مثل زملائه في العمل، وفى شهر ديسمبر 2019 توقفت عن سداد راتبه دون وجه حق وطالبهما بمستحقاته وهى :- مبلغ 122.775 درهماً بدل اجازة سنوية ومبلغ 75.000 درهم قيمة الأجور المتأخرة ومبلغ 112.500 درهم بدل فصل تعسفي، ومبلغ 137.625 درهماً مكافأة نهاية خدمة . و تذكرة عودة نقداً أوعيناً. وندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره، أدخل الطاعن خصم جديد يدعى/ رانجيت سيتوليكها، وطلب بإلزامه مع المطعون ضدها بمستحقاته المبينة في صحيفة الدعوى وبتاريخ 31-1-2022 حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 391 لسنة 2022 عمال، وبتاريخ 25-4-2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بالتمييز رقم 136 لسنة 2022 عمال، وبتاريخ 28-6-2022 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه تأسيساً على أنه ضمن لائحة استئنافه طلباً بإعادة الدعوى لذات الخبير المحاسبي لبحث كافة رسائل البريد الإلكتروني التي تثبت استمرار علاقة العمل والمستحقات العمالية والتي تعد قاطعة للتقادم، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع رغم جوهريته مما يعيبه بالقصور بالتسبيب. ونظرت محكمة الاستئناف المحال إليها الدعوى بعد النقض، وندبت المحكمة الخبير السابق وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 12-1-2023 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة طلب فيها نقض الحكم. وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعها -في الميعاد- طلب فيها رفض الطعن.
وحيث أن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن فيها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فيه القصور في التسـبيب والفسـاد في الاسـتدلال والاخلال بحق الدفاع إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي والاحالة إليه وإلى تقرير الخبرة ورفض طلب الفصل التعسفي وبدل الإنذار وعدم احقيته بقيمة شهادة الأسهم من المطعون ضدها الصادرة عن شركة أفيفو غروب المسجلة في جزر الكايمن ما وراء البحار على الرغم من اعتراضاته على تقرير الخبير لأن الشركة الصادر عنها شهادة الأسهم هي التي تقوم بإدارة المطعون ضدها والمالكة لها، وان شهادة الأسهم صادرة له بموجب عقد العمل من الشركة المالكة للمطعون ضدها واسهمها غير مدرجة بالبورصة بما يتعذر معه تحصيل قيمتها، ولم يواجه طلبه إعـادة الـدعوى للخبير لبحـث كافـة رسائـل البريد الإلكتروني التي تثبـت اسـتمرار علاقـة العمل والمستحقات العمالية، ووضع نفسه تحت تصرف المطعون ضدها حتى تاريخ البريد الالكتروني وأخر يوم عمل له بتاريخ 16-1-2021 وهو يوم إعلانه بأنها ستسدد له مستحقاته وسبب انتهاء علاقة العمل عدم سدادها رواتبه بما يكون معه الفصل غير مبرر ويستحق معه بدل انذار وأن استمرارها بسداد أجوره حتى تاريخ 12-1-2021 بما تنقطع معه مدة التقادم الحولي كما إنها لم تسدد له كافة الرواتب، وهو دفاع جوهري قد يتغير معه وجه الرأي بالدعوى بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة السادسة من قانون تنظيم علاقات العمل -المنطبق على الواقعة- ان القانون منع بموجب هذا النص سماع الدعوى بالمطالبة بأي حق من الحقوق العمالية أيا كان مصدرها سواء تقررت بموجب أحكام هذا القانون أو بموجب عقد العمل إذا مضت عليها سنة من تاريخ الاستحقاق، بحيث يكون المعول عليه في حساب بدء سريان السنة هو التاريخ الذي استحق فيه الحق المطالب به أي من تاريخ اليوم الذي يصبح فيه الحق المطالب به مستحق الأداء. ومن المقرر أيضاً أن العامل لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة وعلى ما تفيده المادة 132 من قانون تنظيم علاقات العمل إلا عند انتهاء خدمته، كما أن بدء عدم سماع الدعوى بها هو تاريخ فصل العامل أو تركة الخدمة. ومن المقرر كذلك وفقا لنص المادة السادسة من قانون تنظيم علاقات العمل عدم قبول دعوى المطالبة بالحقوق العمالية بغير اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في النص المشار إليه وهي تقديم طلب بها إلى دائرة العمل المختصة ليتخذ ما يلزم لتسوية النزاع ودياً، وإحالته إلى المحكمة المختصة عند تعذر التسوية، الأمر الذي يحول بين المطالبة بهذه الحقوق وبين إقامة الدعوى بها أمام المحكمة المختصة طالما أن إجراءات دائرة العمل في شأن طلب العامل أمامها والتي تنتهي بإحالته إلى المحكمة المختصة عند تعذر التسوية الودية، لم تتم بعد، لما يترتب عليه من عدم قبول دعواه بصريح النص وهو ما يقوم به عذر شرعي يؤدي إلى وقف مرور الزمن المانع من عدم سماع دعواه طوال الفترة التي تستغرقها هذه الإجراءات، وعدم احتسابها في المدة المقررة لعدم سماع الدعوى. ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصر من عناصر الإثبات في الدعوى ولها الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها بسلامة الأسس التي أقيم عليها ويتفق مع الواقع الثابت في الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير، كما أنها غير ملزمة بإجابته إلى طلب ندب خبير أخر أو إعادة المأمورية لنفس الخبير. ومن المقرر إن لمحكمة الاستئناف أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي المستأنف الذي ايدته طالما كانت أسبابه كافية ولم يستند الطاعن على أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدمه أمام محكمة اول درجة ولا جناح على محكمة الاستئناف أن هي لم تورد أسباب الحكم المستأنف أو تضيف إليها مكتفية بالإحالة إليها لأن في الاحالة ما يقوم مقام أيرادها لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ندب خبيراً في الدعوى وأودع تقريره الأصلي والتكميلي وقضت بعدم سماع الدعوى على ما أورده من أن ((المدعى (الطاعن) قد أقام دعواه للمطالبة بالمستحقات العمالية الناشئة عن عقد العمل وهى التعويض عن الفصل التعسفي والأجور المتأخرة ومقابل الاجازة السنوية ومكافاة نهاية الخدمة وقيمة تذكرة العودة نقداً أو عيناً وكان تاريخ استحقاق تلك المستحقات انتهاء علاقة العمل وهو طبقا لما انتهى إليه الخبير المنتدب في تقريره بتاريخ 31-12-2019 وتقدم بشكواه لدائرة العمل في 15/3/2021 أي أنه أقام الدعوى بعد أكثر من سنة من تاريخ الاستحقاق ومن ثم تقضى المحكمة بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان. وحيث انه عن طلب المدعى بإلزام المدعى عليها بصرف قيمة الاسهم وكان الثابت من تقرير الخبير أنه وفقاً للخطاب الجانبي المؤرخ في 24-4-2016 أتفق الطرفين على تخصيص 100,000 سهم لصالح المدعي . وقد قدم المدعي شهادة امتلاك أسهم رقم 519 صادرة عن "مجموعة افيفو" بتاريخ 17-7-2016 تفيد الشهادة أن المدعي يمتلك 100,000 سهم من أسهم شركة AVIVO GROUP المؤسسة في جزر كايمان . أن الأسهم المملوكة للمدعي هي في شركة أخرى ليست طرفاً في الدعوى ( شركة AVIVO GROUP) ) ولها ذمة مستقلة عن المدعى عليها. وبناءاً عليه تكون مطالبة المدعي بهذه الأسهم تجاه المدعى عليها مطالبة تعوزه الدقة من الناحية الحسابية. حيث أن المطالبة من الناحية الحسابية تكون تجاه شركة AVIVO GROUP لم يقدم المدعي أية مستندات أصولية تؤكد امتلاكه أية أسهم بالشركة المدعى عليها (المطعون ضدها) . مما مفاده ان طلب إلزام المدعى عليها قد اقيم على غير سند ترفضه المحكمة)). وأضاف الحكم المطعون فيه بعد أن أعاد الدعوى للخبير الذي أودع تقريره قوله من أن ((محكمة أول درجة قد انتدبت خبيراً محاسبياً في الدعوى وقد تم الاعتراض عليه من قبل المستأنف (الطاعن) أمام هذه المحكمة وطلب إعادة الدعوى للخبير وقد قامت المحكمة بإعادة المأمورية لذات الخبير للوقوف والرد على كل ما أثاره المستأنف والتحقق من اعتراضاته الواردة في الطلب الاحتياطي، وحيث أنه بالاطلاع على تقرير الخبير المنتدب تبين للمحكمة أن الخبير قام بالرد على الاعتراضات الموجهة للتقرير من قبل المستأنف ـ ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إليه وتعتد به وتأخذ به محمولا على أسبابه، ولا ترى جدوى من طلب المستأنف بندب خبير آخر، .... والحكم المستأنف قد ألم بوقائع الدعوى وظروفها وواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية، وكانت أسبابه سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، ومن ثم فإن هذه المحكمة تؤيده وتجعل من أسبابه أسباباً لقضائها، وكانت المحكمة قد أنتدب خبيراً في الدعوى وتم إعادة المأمورية لذات الخبير بعد تكليف المحكمة الخبير الانتقال إلى مقر المستأنف ضدها(المطعون ضدها) التي كان يعمل لديها المستأنف للاطلاع على مستنداتها ودفاترها وكشوفها المحاسبية والإلكترونية وقد انتهى السيد الخبير إلى أن مما تم عرضه وما سبقت مناقشته ضمن الفقرة رقم 4 و 5 بالتقرير فإن كافة الاعتراضات التي ساقها المستأنف على تقرير الخبرة الأصلي لا تغير من النتائج التي توصلت إليها الخبرة بهذا التقرير، وبناءاً عليه تؤكد الخبرة على صحة النتائج الواردة بالتقرير الأصلي وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من هذا التقرير، والمحكمة تطمئن إلى تقرير الخبير التكميلي والأخذ بما انتهى إليه من نتيجة لسلامة الأسس والأبحاث التي انتهى إليها الخبير واستناد التقرير إلى ما قدم من الطرفين من مستندات وأوراق وكان التقرير محققاً للغاية المقصودة من أجراء الخبرة ومن ثم فإن هذه المحكمة تعول على تلك الأسباب وتأخذ بها أسباباً لقضائها، وإذ كان ذلك فإن المستأنف لم يقدم ما هو جديد يغير مما انتهت عليه محكمة أول درجة ، ومن ثم يكون الحكم المستأنف قد وقع صحيحاً متوافقاً لأحكام القانون، ويكون الاستئناف قد أقيم على غير أساس مما يتعين رفضه) وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس .
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعن بالمصروفات مع مصادرة التامين.

الطعن 34 لسنة 2023 تمييز دبي عمالي جلسة 2 / 5 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 02-05-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 34 لسنة2023 طعن عمالي
طاعن:
سيرفس بلاس للخدمات الأمنية ش.ذ.م.م
مطعون ضده:
حسن على فقير محمد
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2281 استئناف عمالي
بتاريخ 26-01-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده القاضي المقرر محمد علي الهادي الجمري وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في إن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 2662/2022 عمالي جزئي بطلب القضاء بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له وفق طلباته المعدلة مبلغ 59283.33 درهم قيمة مستحقاته العمالية مع إلزام الطاعنة بالرسوم والمصاريف. وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد عمل غير محدد المدة التحق بالعمل لدى الطاعنة بتاريخ 13/7/2015 براتب شهري 5000 درهم و3000 درهم أجر أساسي، وأن الطاعنة فصلته تعسفيا من العمل بتاريخ 23/1/2022 وامتنعت عن سداد مستحقاته العمالية وتشمل رواتب متأخرة23,833.33 درهم عن الشهور يونيو، أغسطس، نوفمبر، ديسمبر 2021 بالإضافة إلى 23 يوم من شهر يناير 2022، مكافأة نهاية خدمة15,450 درهم عن كامل مدة الخدمة (6سنوات و7شهور و23 يوم)، بدل فصل تعسفي15,000 درهم إجمالي راتب 3 شهور ، بدل شهر إنذار5,000 درهم ، تذكرة عودة2,000 درهم . تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة حيث قدم الحاضر عن الطاعنة مذكرة جوابية ضمنها صحيفة دعوى متقابلة طلب في ختامها إلزام المطعون ضده بأن يؤدى لها مبلغ 1,000,000 درهم مليون درهم تعويضاً لها عن الأضرار التي حاقت جراء أفعال المطعون ضده والتي تتمثل في قيامه بإنشاء شركة منافسة لها دون علمها تمارس ذات نشاطها والتعامل والتعاقد مع عملائها دون علمها وتحريض موظفيها خفية لترك العمل لديها والعمل طرف الشركة التي يملكها والفائدة القانونية بمقار 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وحتى تمام السداد بالإضافة لمبلغ 7500 درهم تعويضا لها عن تركه وانهائه علاقة العمل بإرادته المنفردة. ندبت محكمة أول درجة خبيراً وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت أولاً ــ في الدعوي الأصلية: بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغ (32900) درهم وألزمت الطاعنة بالمناسب من المصاريف وأعفت المطعون ضده من نصيبه فيها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. ثانيا ـ في الدعوى المتقابلة: بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعنة مبلغ (51232.70) درهم وألزمت المطعون ضده بالمصروفات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2281/2022 عمالي كما استأنفه المطعون ضده بالإستئناف رقم 2308/2022 عمالي. بتاريخ 26/1/2023 حكمت محكم الإستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعنة برسوم الاستئناف رقم 2281/2022 عمالي ومصادرة التأمين وأعفت المطعون ضده من رسوم الإستئناف المقابل رقم 2308/2022 وألزمته التأمين. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب طلب الكتروني قدمته لمكتب إدارة الدعوي بتاريخ 2023/2/21 طلبت فيه نقضه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على شقين الشق الأول يتعلق بالدعوى الأصلية التي أقامها المطعون ضده ، حيث تنعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق حين قضي للمطعون ضده في الدعوى المذكورة بمكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار والتعويض عن الفصل التعسفي على الرغم من ثبوت إرتكاب المطعون ضده لمخالفات جسيمة حال قيامه أثناء وجوده برأس عمله بإنشاء شركة منافسة تمارس نفس نشاط الشركة الطاعنة في مجال خدمات الحراسة وأما الشق الثاني من الطعن فيتعلق بالدعوى المتقابلة التي أقامتها الطاعنة ضد المطعون ضده حيث تنعي الطاعنة أيضاً على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق حين قضي لها بمبلغ حين 51,232.70 درهم فقط دون الحكم بكامل المبلغ المطالب به بلائحة الدعوى المتقابلة (1,000,000) درهم أو بما يتناسب مع حقيقة الضرر الحاصل بحقها مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الطعن في شقه الأول المتعلق بالدعوى الأصلية غير مقبول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قبول الطعن علي الحكم المطعون فيه بطريق النقض هو من المسائل المتعلقة بالنظام العام وتلتزم المحكمة بالفصل فيها من تلقاء نفسها ولا يصار إلي بحث أسباب الطعن إلا إذا كان مقبولاً ومن المقرر وفقاً لنص المادة 23/3 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (57) لسنة 2018 أن الأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف تكون نهائية غير قابلة للطعن بالنقض إذا كانت قيمة الدعوي لا تجاوز خمسمائة ألف درهم لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن قيمة المبلغ الذي طالب به المطعون ضده في الدعوى الأصلية ( 59273.33) درهم وهو مبلغ يقل عن النصاب المقرر للطعن على الحكم الصادر من محكمة الإستئناف بطريق التمييز ومن ثم فإن الطعن يكون غير مقبول .
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بالدعوى المتقابلة قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بالدعوى المتقابلة مردود ، ذلك أنه من المقرر وفقاً لنص المادة 389 من قانون المعاملات المدنية إذا لم يكن التعويض مقدراً في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوى الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه بما مؤداه أنه إذا نجمت خسارة أو وقع ضرر على المدعى بسبب إخلال المدعى عليه بالتزامه التعاقدي فإن المدعى عليه يلزم بأداء التعويض المساوي والجابر للضرر الذي لحق بالمدعى من جراء ذلك ومن المقرر أن تقدير التعويض هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أن القانون لم يوجب إتباع معايير معينة للتقدير، ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم القواعد الواردة بالمساق المتقدم وقضي بتعويض الطاعنة وفقاً لسلطته التقديرية وأقام قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده بمدوناته ((.......وكان الثابت للمحكمة قيام المدعي بمزاولة نفس النشاط الخاص بالمدعى عليها من خلال دخوله شريكاً في شركة ...... أثناء مدة خدمته لدى المدعى عليها مما يُعد هذا مخالفة .... وكانت المحكمة قد ثبت لديها من أوراق الدعوي ومستنداتها وتقرير الخبير المقدم فيها الخطأ من جانب المدعي عليه تقابلاً وهو الموجب للتعويض وتقدره المحكمة بمبلغ خمسين ألف درهم ..........)) وكان هذا الذي انتهت إليه محكمة الموضوع سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي على حكمها المطعون فيه لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن في شقه المتعلق بالدعوى الأصلية لقلة النصاب وبرفضه في شقه المتعلق بالدعوى المتقابلة وألزمت الطاعنة بالمصروفات مع مصادرة التامين.