صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الخميس، 6 يوليو 2023
مرسوم بقانون اتحادي 19 لسنة 2019 بشأن الإعسار
الطعنان 743 ، 748 لسنة 9 ق جلسة 5 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 5 ص 30
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيزي زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
----------------
(5)
القضيتان رقم 743 ورقم 748 لسنة 9 القضائية
(أ) موظف "انتهاء الخدمة. فصل بغير الطريق التأديبي".
فصل الموظف يتم عن طريق التأديب أو بغير الطريق التأديبي - مقارنة - الفصل التأديبي يدخل في باب الجزاءات المنصوص عليها قانوناً - الفصل غير التأديبي مرده إلى وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة - وهو من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة بلا معقب عليها ما دام أن قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة - الفصل التأديبي قوامه مخالفات محددة - ذلك ما لا يتطلبه الفصل بغير الطريق التأديبي الذي يكفي وجود أسباب تبرره لدى الإدارة.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. فصل بغير الطريق التأديبي".
قرار إنها خدمة موظف - تكييفه - إنهاء خدمة المدعي استناداً إلى ما تضمنته مذكرة إدارة الشئون القانونية والتحقيقات من أنه غير جدير وغير منتج - ثبوت أنه لم يسبق صدور هذا القرار أو توجيه أية اتهامات إليه أو التحقيق في شأنها - تكييف هذا القرار - اعتباره إنهاء خدمة بغير الطريق التأديبي.
(جـ) اختصاص "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. ما يخرج من اختصاصه. أعمال السيادة".
القانون رقم 31 لسنة 1963 - قرارات رئيس الجمهورية بالفصل بغير الطريق التأديبي - اعتبارها من أعمال السيادة - ثبوت أن قرار فصل المدعي قد صدر بقرار وزاري - الدفع بعدم الاختصاص - على غير أساس.
(د) موظف "نهاية الخدمة. فصل بغير الطريق التأديبي". قرار إداري "سببيه".
الفصل بغير الطريق التأديبي لا يستلزم مواجهة الموظف بما ينسب إليه - رقابة القضاء الإداري لركن السبب - لا تعني أن يحل نفسه محل الجهة الإدارية - مدى هذه الرقابة وحدودها.
(هـ) مؤسسة مديرية التحرير. الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي. نيابة إدارية - موظف "نهاية الخدمة. فصل بغير الطريق التأديبي".
فصل موظفي الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي بغير الطريق التأديبي - يدخل في اختصاص مدير الهيئة - لا يتأثر الاختصاص بسريان أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات الإدارية.
(و) موظف. "نهاية خدمة. فصل"
المرتب خلال مدة الفصل لا يتقرر تلقائياً كأثر من آثار الإلغاء - للموظف أن يرجع بالتعويض عن القرار الباطل إذا توافرت عناصره.
(ز) تعويض. قرار إداري. "شكل". اختصاص.
القضاء بالتعويض ليس من مستلزمات القضاء بالإلغاء - لكل من القضائيين أساسه الذي يقوم عليه - عيب عدم الاختصاص أو عيب الشكل الذي قد يشوب القرار الإداري فيؤدي إلى إلغائه لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض ما لم يكن العيب مؤثراً في موضوع القرار.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من أغسطس سنة 1959 أقام العقيد أحمد محمد أبو خود الدعوى رقم 1255 لسنة 13 القضائية ضد السيد وزير الإصلاح الزراعي بصفته الرئيس الأعلى للهيئة الدائمة لإصلاح الأراضي البور طالباً الحكم بإلغاء القرار المطعون عليه والصادر من مراقبة المستخدمين بالإدارة العامة لمديرية التحرير في 29 من مارس سنة 1959 بإعفائه من العمل بمديرية التحرير اعتباراً من أول إبريل سنة 1959 وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع له تعويضاً قدره 4886 جنيهاً بما في ذلك مرتب شهر مارس سنة 1959 مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه كان يشغل منصب وكيل حكمدار مديرية الجيزة ثم أحيل إلى المعاش في أول أكتوبر سنة 1954 وفي 22 من مايو سنة 1956 عين بوظيفة مفتش إداري بمؤسسة مديرية التحرير بالقاهرة بموجب الأمر الإداري رقم 23 الصادر في 6 من يونيو سنة 1956 بمرتب شهري قدره سبعة وثلاثون جنيهاً يضاف إليها بدل التنفيذ بواقع 20% من المرتب الأصلي شهرياً لانتدابه للعمل بقري مديرية التحرير وفي 3 من نوفمبر سنة 1957 صدر قرار جمهوري بتبعية مؤسسة مدير التحرير للهيئة الدائمة لإصلاح الأراضي البور التابعة لوزارة الإصلاح الزراعي - وظل يؤدي واجبة على النحو الأكمل ولم ينسب إليه أي إهمال أو تقصير ونتيجة لذلك أسند إليه منصب مراقب التفتيش الإداري بالنيابة في يناير سنة 1958 فأصبح بذلك مسئولاً عن كل ما يتعلق بهذا التفتيش - ولكن رغم صدور القرار الجمهوري المشار إليه الذي استهدف بداية عهد الإصلاح بمؤسسة مديرية التحرير ظل الإسراف وسوء استعمال السلطة قائمين فتقدم في 19 من يناير سنة 1958 بأول تقرير لرئيسه المباشر السيد مدير التنفيذ بالمديرية مبيناً أوجه العلاج التي يراها لإصلاح وتنظيم إدارة التفتيش ثم تقدم بتقرير ثان في 25 من يناير سنة 1958 قصد منه استكمال تنظيم أوجه النقص التي رآها سائدة بالإدارة إلا أن نشاطه لم يقابل بالعناية المرغوبة بل أصبح هدفاً للنيل منه بغية التستر على أوجه الإهمال وسوء استغلال السلطة التي كانت متفشية في إدارة التفتيش في ذلك الوقت وإزاء ذلك اضطر إلى أن يرفع شكوى إلى المدير العام لمديرية التحرير في 30 من ديسمبر سنة 1958 بين فيها أوجه النقص وسوء الإدارة وعدم احترام القوانين والأوامر الإدارية ولما لم يتخذ أي إجراء بصدد هذه الشكوى اضطر إلى أن يرفع صورة منها إلى السيد وزير الإصلاح الزراعي والسيد وكيل الوزارة بغية الأمر بإجراء تحقيق فيها وأحيلت الشكاوى المذكورة إلى مكتب مدير تحقيقات مديرية التحرير لتحقيقها - ومضي المدعي يقول أنه حينما طلب منه أن يدلي بأقواله تبين لمدير التحقيقات أن هذه الأقوال ستجر إلى تشعب التحقيق وإدانة كثير من المسئولين فرأى ألا يسترسل في ذلك التحقيق مكتفياً بإنهائه ودياً بدليل اكتفائه بما قدمه هو من أقوال ومذكرات وأقفل التحقيق دون أن يلقى مسئولية على أحد من المسئولين الذين شملتهم الشكوى - وذكر المدعي أنه فوجئ في 16 من فبراير سنة 1959 بنقله إلى الإحصاء بالمركز الرئيسي للمؤسسة بالقاهرة وهي وظيفة أقل بكثير من الوظيفة التي كان يشغلها وذلك دون مبرر إلا أن يكون القصد تهديده وإرغامه على السكوت على ما يرى ويلمس من مخالفات قانونية خطيرة ولكنه نفذ قرار النقل ولم يرضخ للتهديد وتقدم بشكوى إلى كل من السيد نائب الرئيس المشير عبد الحكيم عامر والسيد وزير الإصلاح الزراعي والسيد وزير الدولة والسيد مدير عام النيابة الإدارية عرض فيها كل ما يعلم من الوجه المخالفة وسوء استعمال السلطة وأوجه الإسراف وأحيلت الشكاوى التي قدمت إلى السيد نائب الرئيس والسيد وزير الدولة إلى النيابة الإدارية لتحقيقها وحدد يوم 21 من مارس سنة 1959 لبدء هذا التحقيق أما الشكوى التي قدمت إلى السيد وزير الإصلاح الزراعي فقد أحالها إلى إدارة التحقيقات بالمديرية لتحقيقها وقام مدير التحقيقات ببدء التحقيق فيها في مساء يوم 18 من مارس سنة 1959 وهو نفس المحقق الذي حقق الشكوى الأولى - وقال المدعي أن هذا التحقيق كان شكلياً أخذت فيه أقوال بصفة عامة ولم يجر وفقاً للقواعد القانونية فلم يستدع شهود ولم تطلب أوراق رسمية تؤيد ما جاء بالشكوى بل لم تدون أقواله جميعها - وفي 21 من مارس سنة 1959 رفع مدير التحقيقات مذكرة بنتيجة تحقيقه طلب فيها إعفاءه من العمل اعتباره من أول إبريل سنة 1959 فتظلم هو من القرار المذكور بتظلم رفعه إلى وزير الإصلاح الزراعي سلم إليه في 2 من مايو سنة 1959 ولكن الإدارة لم تجب على هذه التظلم فأقام هذه الدعوى طالباً إلغاء القرار المذكور للأسباب الآتية:
أولاً - أن السيد مدير التحقيقات باشر التحقيق رغم علمه بقيام النيابة الإدارية به وكان الهدف من الإسراع فيه هو النية المبيتة لدى المسئولين بالمديرية على فصله من وظيفته.
ثانياً - أن صاحب الولاية في إجراء التحقيق هو النيابة الإدارية التي كانت قد قررت البدء في تحقيق الشكوى يوم 21 من مارس سنة 1959 وأخطرت مدير التحقيقات بالتنبيه على المدعي للتوجه إلى دار النيابة الإدارية لأخذ أقواله وما كان ينبغي فصله إلا بناء على قرار من مجلس تأديب وهو إجراء لم تتخذه جهة الإدارة.
ثالثاً - أنه هو صاحب الشكوى التي رفعها للجهات العليا المسئولة بعد أن يئس من تحقيقها في جهة الإدارة التي يتبعها وحددت النيابة الإدارية موعداً لتحقيقها وعلمت بذلك إدارة التحقيقات بالمديرية وكان الأحرى بها أن تنتظر نتيجة التحقيق الذي تجريه النيابة الإدارية ولكنها قلبت الأوضاع فأصبح الشاكي مشكواً وأصدرت قرارها المطعون عليه بينما لا تزال النيابة الإدارية صاحب الولاية تقوم بهذا التحقيق فيكون قد شاب هذا القرار عيب إساءة استعمال السلطة.
ومضى المدعي يقوم أنه قد لحقه من القرار المطعون عليه ضرر مادي وأدبي إذ فقد مرتبه الذي يبلغ 44 جنيهاً و400 مليم شهرياً منذ أول إبريل سنة 1959 وهو من مواليد 23 من أغسطس سنة 1904 ووفقاً للقانون تنتهي خدمته في سن الستين فتكون المدة الباقية له في الخدمة لو لم يصدر القرار المطعون عليه هي أربعة وستين شهراً مجموع مرتبه فيها 2841 جنيهاً و600 مليم فضلاً عن مبلغ 44 جنيه و400 مليم مرتب شهر مارس سنة 1959 الذي لم يصرف له - كما أصابه ضرر أدبي جسيم لأنه ضابط بوليس عظيم سابق وقد أساء فصله التعسفي إلى سمعته الأمر الذي يطالب عنه بتعويض قدره ألفان من الجنيهات فيكون مجموع التعويض الذي يطالب به 4841 جنيهاً و600 مليم.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً الحكم برفضها - وأسست دفعها بعدم القبول على أن المدعي قد أعفي من وظيفته في 26 من مارس سنة 1959 وأعلن بهذا القرار في 29 من مارس سنة 1959 فتظلم منه في 27 من إبريل سنة 1959 للسيد وكيل الوزارة ولم يقم الدعوى إلا في 27 من أغسطس سنة 1959 - وذكرت بالنسبة إلى الموضوع أن المدعي قد أحيل إلى المعاش من وظيفته بوزارة الداخلية في 3 من أكتوبر سنة 1954 وحصل على معاش يبلغ 47 جنيهاً و450 مليم شهرياً والتحق بالعمل بمديرية التحرير كمفتش إداري في 22 من مايو سنة 1956 بمرتب قدره 35 جنيهاً وآخر مرتب كان يتقاضها هو 37 جنيهاً - ويشترط لاستمراره في عمله بمديرية التحرير طبقاً للقانون رقم 25 لسنة 1957 أن تتقدم المديرية قبل نهاية شهر يونيو من كل عام إلى السيد وزير الخزانة بطلب تجديد مدة خدمته وقد وافق السيد وزير الخزانة بكتابة المؤرخ في 4 من مارس سنة 1959 على تجديد تلك المدة حتى 28 من فبراير سنة 1959 وفي هذا التاريخ تقدم المدعي بشكوى إلى السيد وزير الإصلاح الزراعي تحوي وقائع ضد مدير التنفيذ بالمنطقة الجنوبية ثبت بصورة قاطعة أنها كيدية وانتهى التحقيق بتوصية المسئولين بالمديرية بعدم إدراج اسمه في كشوف التجديد التي سترسل إلى السيد وزير الخزانة ووافق على هذا الرأي السيد المستشار الجمهوري والمدير العام لمؤسسة مديرية التحرير ووكيل الوزارة للإصلاح الزراعي في 26 من مارس سنة 1959 فالمدعي لم يفصل بل امتنعت المديرية لظروف ارتأتها عن إدراج اسمه في كشوف التجديد المشار إليها - وأضافت الجهة الإدارية أن حقها في التحقيق لم يلغ بصدور القانون رقم 19 لسنة 1959 وأن النيابة الإدارية قد انتهت في تحقيقها لشكوى المدعي إلى طلب حفظها مما يدل على أنها تضمنت وقائع غير صحيحة ضد رئيسه المباشر - وقالت أن طلبه تعويضاً عن الضرر المادي مردود بأنه من أرباب المعاشات وكان يتحتم أن تنتهي مدة خدمته في 28 من فبراير سنة 1959 ما لم تطلب المديرية تجديد هذه المدة وقد رأت الموافقة على رأي السيد المحقق بعدم تجديدها وطلب إعفائه ابتداء من أول إبريل سنة 1959 إذ ثبت أنه لم يقصد بشكاويه المصلحة العامة كما أورد فيها ألفاظاً لا يصح أن تصدر من مسئول علاوة على عدم صحة الوقائع الواردة بها وعدم إنتاجه في العمل وعقبت في طلبه تعويضاً عن الضرر الأدبي بأنه مسئول عن تقديم الشكاوى الكيدية محل التحقيق الأمر الذي يتعين معه أن يتحمل الأضرار الناتجة عن ذلك - وأضافت أنها قد توخت المصلحة العامة في إصدار القرار وأن ما قدمه المدعي من مذكرات وشكاوى يدل على طبيعة غير معتادة وانحراف عن السلوك المألوف.
وعقب المدعي على دفاع الجهة الإدارية بمذكرة قال فيها أنه أقام دعواه في الميعاد وأن القانون رقم 25 لسنة 1957 لا يوجب تجديد مدة خدمته كل عام وأن حكم المادة الثانية من القانون المذكور لا ينطبق عليه وذكر أنه عين في 22 من مايو سنة 1956 بقرار من عضو مجلس الإدارة المنتدب لمؤسسة مديرية التحرير وفقاً للمادة الأولى من لائحة التوظف الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1955 تنفيذاً للقانون رقم 248 لسنة 1954 فهو موظف عام وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 210 لسنة 1951 فلا محل لقول الجهة الإدارية أنها لم تطلب تجديد مدة خدمته بل كان يجب أن يكون فصله بقرار من مجلس التأديب - وأضاف أنه كان يباشر عمله بجد ونشاط في حدود اختصاصاته المحددة وفقاً للقرار رقم 20 الصادر في 3 من مايو سنة 1956 من السيد عضو مجلس الإدارة المنتدب والأمر رقم 8 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1957 ومن مدير عام المؤسسة وعلى هذا النحو كان مسئولاً عن جميع الأخطاء التي ترتكب مخالفة للقرار المذكور وكان السكوت عليها يعتبر تقصيراً من جانبه يعرضه للمؤاخذة الإدارية من جانب رئيسه مدير التنفيذ وعلى هذا الأساس تقدم بتقاريره إلى رئيسه فلما أهملت تقدم بشكاويه - وقال أن الدافع إلى إصدار قرار فصله لا يمت إلى الصالح العام بصلة ولا يغير من الأمر شيئاً أن النيابة الإدارية قد انتهت إلى عدم مساءلة الذين شملتهم شكواه لأن تحقيقها لم يكن وافياً.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي بمديرية التحرير وما يترتب على ذلك من آثار وبالتعويض الذي تقدره المحكمة مع إلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعقب كل من الطرفين على هذا التقرير بما يؤيد وجهة نظره.
وتضمن مذكرة الجهة الإدارية (رقم 17 دوسيه) أنه قد صدر قرار من السيد الوزير المختص بتفويض السيد المهندس الزراعي محمد عبد الوهاب عزت المدير العام للإصلاح الزراعي بدرجة وكيل وزارة في الإشراف على الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي في حدود الاختصاصات المخولة له في الهيئة الدائمة للإصلاح الزراعي - وفي هذا القرار الهيئة تنازل السيد وزير الإصلاح الزراعي عن سلطته في فصل الموظفين بعد إجراء تحقيق لمدير الإصلاح الزراعي وهو السيد محمد عزت عبد الوهاب (المادة الثانية بند ثانياً من لائحة المستخدمين الصادر بها القرار رقم 96 في 12 من إبريل سنة 1954).
وذكرت الجهة الإدارية أنه يبين من ذلك:
أولاً: أن مديرية التحرير أدمجت في الهيئة الدائمة وأنها تطبق اللائحة الداخلية للإصلاح الزراعي الصادر بها القرار رقم 96 المشار إليه.
وثانياً: أن اللائحة تبيح للسيد مدير عام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الحق في فصل الموظفين بعد إجراء تحقيق.
وثالثاً: أن السيد محمد عزت عبد الوهاب المدير العام للهيئة العامة للإصلاح الزراعي خول ذات السلطة بالنسبة للهيئة الدائمة ومديرية التحرير ومنها فصل الموظفين بعد إجراء تحقيق.
ورابعاً: أن اللائحة الجديدة لم تكن قد صدرت بعد في ذلك التاريخ.
ومضت الجهة الإدارية تقول أن السيد محمد عزت عبد الوهاب وكيل وزارة الإصلاح الزراعي والمشرف العام على مديرية التحرير والهيئة الدائمة وقتئذ هو صاحب السلطة في فصل الموظفين بعد إجراء تحقيق وذلك بتفويض من السيد الوزير (عضو مجلس الإدارة المنتدب) وهو الذي اعتمد التحقيق الذي أجري مع المدعي وانتهى الرأي فيه إلى إعفائه من وظيفته فيكون القرار قد صدر ممن يملك إصداره وانتهت الجهة الإدارية في مذكرتها إلى أنها تتمسك بالدفع الشكلي وتطلب من باب الاحتياط رفض الدعوى.
وصحح المدعي شكل الدعوى بتوجيهها إلى السيادة مجلس إدارة الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وعضو مجلس الإدارة المنتدب الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ومدير عام الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي.
وبجلسة 6 من مارس سنة 1963 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء قرار الفصل المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الوارد بالأسباب وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وبإلزام كل من المدعي والحكومة المصروفات المناسبة مع المقاصة في مقابل أتعاب المحاماة وأقامت قضاءها برفض الدفع على أن المدعي قد تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 29 من إبريل سنة 1959 ولم يثبت أنه أخطر برفض تظلمه - وأقام دعواه في 27 من أغسطس سنة 1959 فتكون مقبولة شكلاً وأقامت قضاءها في موضوع الدعوى على أن الاختصاص بفصل موظفي مديرية التحرير كان معقوداً للسيد مديرها العام في الفترة السابقة على صدور القرار الجمهوري رقم 2270 لسنة 1960 غير أنه صدر القانون رقم 19 لسنة 1959 معدلاً للقانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ونص في المادة الأولى منه على سريان أحكام المواد من 3 إلى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفي المؤسسات والهيئات العامة ومن ثم تنبسط أحكام هذه المواد على موظفي المؤسسات والهيئات العامة ومنها الهيئة العامة لاستصلاح الأراضي التي اعتبرت مديرية التحرير وحدة منها بعد إدماجها بها وقد نسخ نص المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 القواعد الخاصة بتأديب موظفي المؤسسات والهيئات العامة الواردة في قوانينها ولوائحها فيما يتعارض مع نصوص المواد من 3 إلى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 وبذلك يصبح الاختصاص المخول لمدير عام الهيئة بتأديب موظفيها ملغياً من 17 من يناير سنة 1959 تاريخ العمل بالقانون رقم 19 لسنة 1959 وذلك فيما يتعارض مع أحكام هذا القانون وإذ كان مرتب المدعي يزيد على خمسة عشر جنيهاً فإن السلطة التي تختص بإصدار قرار إنهاء خدمته هي المحكمة التأديبية المختصة ونظراً إلى أن الجهة الإدارية لم تعرض أمر المدعي على تلك المحكمة لمحاكمته عن الأسباب التي من أجلها أنهت خدمته وهي تقديمه شكاوى ضد رؤسائه لم يقصد بها المصلحة العامة في شيء وأنه غير جدير بمنصت مراقب التفتيش الإداري وأن الألفاظ التي وردت في شكواه لا يصح أن تصدر من مسئول علاوة على أنه غير منتج وإنما صدر قرار الإعفاء من الخدمة من جهة الإدارة فإنها تكون قد انتزعت ولاية المحكمة التأديبية في محاكمة المدعي عما نسب إليه وهو عيب ينهض إلى حد اغتصاب السلطة وبذلك يكون القرار قد وقع مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء دون حاجة إلى التصدي لموضوعه - كما أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة لم تجر تحقيقاً قبل إصدار قرارها المطعون فيه وهو أمر أوجبه قانون التوظف واللائحة الداخلية للهيئة قبل إصدار قرار إنهاء الخدمة أو توقيع عقوبة تأديبية وهذا الإجراء الجوهري قد رتب المشرع على إغفائه أو مخالفته بطلان القرار - أما قول الجهة الإدارية أن فصل المدعي كان بالتطبيق للقانون رقم 25 لسنة 1957 فلا حجة فيه إذ مجال هذا القانون منبت الصلة بمجال البقاء في الوظيفة فعدم موافقة جهة الإدارة على الجمع بين مرتب الوظيفة العامة وبين المعاش لا يعني حتمية ترك الخدمة إذ قد يفضل الموظف الاستمرار في الخدمة - ولما كان القرار المطعون فيه حال دون المدعي ومباشرة أعمال وظيفته وبالتالي حرم من مرتبه مدة فصله وكان هذا الحرمان لخطأ الجهة الإدارية في اغتصاب السلطة عند إصدار قرار الفصل الذي منع المدعي من تأدية أعمال وظيفته فإن المحكمة ترى أحقيته في اقتضاء مرتبه عن مدة الفصل كأثر من آثار الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه كما ترى في هذا تعويضاً كافياً لجبر الضرر الذي ناله مراعية في ذلك أن المدعي يتقاضى معاشاً من الحكومة وإنما كان يستطيع التكسب بالعمل الحر وأن قرار فصله معيب من الناحية الشكلية فقط - ولما كان المدعي قد فصل اعتباراً من أول إبريل سنة 1959 ولم يتقاض مرتب مارس فيتعين الحكم باستحقاقه مرتب هذا الشهر طالما أنه أدى فيه عمله.
ومن حيث إن طعن المدعي على هذا الحكم يقوم على أنه لما كان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اتجه أخيراً إلى التشكيك في أحقية الموظف المفصول الذي يلغى قرار فصله في اقتضاء رابته عن التي ظل فيها بعيداً عن وظيفته مؤثراً أن يقضى للموظف بتعويض بجبر الضرر الفعلي الذي تخلف عن قرار فصله - فإنه يرى أن القضاء برفض طلبه الحكم له بتعويض ما لحقه من أضرار مادية وأدبية قد يعرضه لخسارة جسيمة إذا ما طرح الأمر على المحكمة الإدارية العليا وقضت بإلغاء هذا الشق من الحكم الصادر لصالحه - ولو ناله ضرر محقق من قرار فصله فقد حرم من راتبه عن المدة من أول إبريل سنة 1959 إلى حين عودته إلى وظيفته وامتنعت الجهة الإدارية عن صرف راتبه عن شهر مارس سنة 1959 رغم أسبقيته على صدور قرار الفصل وجملة راتبه من تاريخ فصله إلى تاريخ بلوغه سن الستين في أغسطس سنة 1964 هو 2841 جنيهاً و 600 مليم فمن حقه أن يقبض هذا المبلغ إما على أنه راتب وإما على أنه تعويض خصوصاً وقد ثبت أنه لم يزاول عملاً من أي نوع خلال المدة من تاريخ فصله إلى الآن - كما أن قرار الفصل وما قام عليه من افتراءات عليه يبين مدى الضرر الأدبي الذي أصابه والذي يستحق عنه حتماً تعويضاً يجبره وقد قدر هذا التعويض في صحيفة دعواه بألفي جنيه مراعياً في هذا التقدير مكانته كضابط عظيم كان شاغلاً لمنصب كبير في الشرطة هو منصب وكيل حكمدار الجيزة فما كان يسوغ رميه بالألفاظ التي وردت في مذكرات مديرية التحرير وقد أثبتت الأيام أن الذين أصدروا قرار فصله لم يكونوا أمناء على المصالح التي كانوا قائمين عليها وقد سبقوا إلى محكمة أمن الدولة العليا ولولا أن الأدلة لم تكن كافيه لإدانتهم لقضى عليهم بأحكام رادعة ولكل ذلك يكون الشق من الحكم الذي قضى برفض طلبه الخاص بتعويضه بمبلغ 4481 جنيه و600 مليم عن الأضرار المادية والأدبية التي تخلفت من قرار فصله مجانباً للصواب.
ومن حيث إن طعن الجهة الإدارية على الحكم المذكور يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: أن هذا الحكم ذهب إلى أن قرار الفصل قرار تأديبي وبناء على هذا النظر قضي بإلغائه لصدوره من غير مختص بتأديب موظفي مديرية التحرير ولكن الواقع أنه قرار غير تأديبي إذ الثابت أن تهمة بذاتها لم توجه إلى المطعون ضده كما أنه لم يجر تحقيق معه بل أن التحقيق الذي انتهى إلى صدور القرار سمعت أقواله فيه لا باعتباره متهما ولكن بصفته شاهداً على اتهام غيره ولذلك فإنه قرار فصل بغير الطريق التأديبي صدر من مختص بذلك هو وكيل وزارة الإصلاح الزراعي بصفته مشرفاً على مديرية التحرير ونظراً إلى أنه قرار فصل بغير الطريق التأديبي فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري لا يكون مختصاً بالطلبات المتعلقة به وفقاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963 إذ أراد المشرع بنص المادة الأولى من هذا القانون أن يؤكد عدم اختصاص مجلس الدولة بالنظر في طلبات الإلغاء أو التعويض المتعلقة بأعمال السيادة وكشف فيه عن النطاق الحقيقي لتلك الأعمال وأنها تتضمن كافة القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم وتتعلق بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي وذلك واضح من المذكرة الإيضاحية للقانون - وإذ كان القانون سالف الذكر قد صدر قبل أن يفصل نهائياً في هذه الدعوى فإنها تخضع لحكمه إعمالاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات.
ثانياً: أن القرار الصادر بإعفاء المطعون ضده قد صدر من مختص بإصداره ذلك أنه بصدور القرار الجمهوري في 3 من نوفمبر سنة 1957 بإدماج مؤسسة مديرية التحرير في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وبإلغاء قانون إنشائها - وسريان كافة الأحكام واللوائح التي تنظم الهيئة على مؤسسة مديرية وهي تقضي باعتبار مجلس إدارة الهيئة السلطة العليا على شئونها وتصريف أمورها وإدارتها وقد صدر قرار مجلس الإدارة بأن يعهد إلى وكيل وزارة الإصلاح الزراعي بالإشراف على مديرية التحرير - أما القضاء ببطلان القرار لإغفال إجراء تحقيق مع المطعون ضده فمخالف لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أنه لا يلزم في مجال الفصل - بغير الطريق التأديبي أن يواجه الموظف بما ينسب إليه وأن يحقق معه أو يسمع دفاعه فيه - هذا ولم يستطع المطعون ضده أن يدحض أسباب قرار إعفائه أو يقيم الدليل على عدم صحتها ذلك أنه وإن كان للموظف أن يتابع العمل في المرفق الذي يعمل به ملفتاً النظر إلى ما يقع من أخطاء محدداً مرتكبيها إلا أنه لا يمكن أن ينقلب ذلك إلى خصومة يقيمها بينه وبين أولئك المخطئين يلاحقهم بهما على جميع المستويات حتى تصبح شغله الشاغل يكرس لها كل وقته وجهده فيصبح هو ذاته من المخطئين بانصرافه عن عمله إلى ملاحقة غيره فقد تقدم المطعون ضده ببلاغات يصعب حصرها نسب فيها على أحد الموظفين بالمديرية مخالفات عدة حققتها المديرية فثبت عدم صحتها ثم حققتها النيابة الإدارية فثبت أيضاً فسادها ولكن المطعون ضده لم يكتف بما قدمه من بلاغات ضد ذلك الموظف بل شكا أيضاً من أحيلت عليهم بلاغاته لتحقيقها فشكا مدير إدارة الشئون القانونية والتحقيقات بالمديرية ووكيل النيابة الإدارية وكل ذلك يدل على أنه لا يصلح لتولي أعباء وظيفته بالمديرية ولذلك فإن قرار إعفائه يكون قد قام على أسبابه موافقة للقانون وعجز هو عن إثبات عكسها كما لم يستطيع تعييب القرار بشائبة الانحراف بالسلطة فيكون قد صدر صحيحاً مبرءاً من العيوب مما لا وجه معه للطعن عليه أو لمساءلة الحكومة بتعويض عنه.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على طعن الجهة الإدارية بقوله أن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر دعواه في غير محله وأن الطاعنة قد أغفلت وهي تناقش قضاء محكمة القضاء الإداري ما استندت إليه هذه المحكمة من سريان القانون رقم 19 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 117 لسنة 158 على موظفي المؤسسات والهيئات العامة وأن هذا القانون قد نسخ القواعد الخاصة بتأديب موظفي المؤسسات والهيئات العامة التي تتعارض مع أحكامه وفرق بين طائفة من الموظفين متخذاً المرتب معياراً لهذه التفرقة وما انتهت إليه المحكمة من أنه نظر إلى أن مرتب المطعون ضده وقت صدور فصله كان يجاوز خمسة عشر جنيهاً فإن السلطة التي تختص بإصدار قرار فصله وإنهاء خدمته هي المحكمة التأديبية المختصة بذلك وطلب الحكم برفض الطعن وإلزام الحكومة مصروفاته ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها في الطعنين انتهت إلى أنها ترى:
أولاً: ضم الطعنين رقمي 743 و748 لسنة 9 القضائية لارتباطهما.
وثانياً: الحكم بقبول الطعنين المذكورين شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار الصادر بتاريخ 26 من مارس سنة 1959 بفصل السيد/ أحمد محمد أبو خود من الخدمة بمديرية التحرير ومن استحقاقه لكامل مرتبه عن مدة الفصل كأثر من آثار إلغاء ذلك القرار ومن رفض طلبه تعويضاً عن القرار المذكور - إلى القضاء له بالتعويض الذي تقدره المحكمة عن هذا القرار وذلك مع إلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة قد عقبت على هذا التقرير بمذكرة قالت فيها أن مقطع النزاع في الدعوى يتحدد في بيان طبيعة القرار المطعون فيه هل هو قرار تأديبي أو قرار فصل بغير الطريق التأديبي ذلك أنه إذا كانت ثمة وقائع معينة محددة قبل الموظف فإن من حق جهة الإدارة أن تسلك أي الطريقين كما تشاء الطريق التأديبي أو غير التأديبي - والفصل بغير الطريق التأديبي أعم من الفصل التأديبي وهو كما يقوم على وقائع غير محددة قد يقوم على وقائع محددة بخلاف الفصل بالطريق التأديبي الذي لا يقوم إلا على وقائع محددة - فوصف الوقائع التي بني عليها القرار موضوع الدعوى بأنها محددة أو غير محددة لا يغير من كونه قرار فصل بغير الطريق التأديبي وقد صدر من مختص - أما استناد المدعي وهيئة المفوضين إلى القانون رقم 19 لسنة 1959 المعدل للقانون رقم 117 لسنة 1958 فينطوي على خلط بين المجالين التأديبي وغير التأديبي ذلك أن هذا القانون خاص بالمجال التأديبي فلاً يمكن أن يكون هنا تعارض أو نسخ بين نصوصه وبين النصوص المطعون فيه من وجوب إجراء تحقيق مع المدعي قبل إصدار القرار المتعلق بالفصل بغير الطريق التأديبي - أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فمجاله هو توقيع عقوبة تأديبية - أما أسباب قرار إعفاء المدعي من الخدمة فلم يتعرض لها الحكم ولم يستطع المدعي دحضها أو إقامة الدليل على عدم صحتها - فيكون قرار إعفائه قد صدر صحيحاً ومبرءاً من العيوب.
ومن حيث إن المدعي قد أودع مذكرة ثانية بدفاعه في الطعن ردد فيها ما سبق أن أبداه من دفاع أمام محكمة القضاء الإداري وأضاف أن السبيل الوحيد لفصل الموظف الدائم بغير الطريق التأديبي هو القرار الجمهورية واستند إلى ما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة من أن قرار فصله باطل لصدوره من غير مختص ثم أشار إلى ما لحقه من أضرار مادية وأدبية بسبب فصله وصمم على طلباته - وأودع مع مذكرته حافظة بمستنداته.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي من مواليد 23 من أغسطس سنة 1904 وأنه تخرج في كلية الشرطة وعمل بوزارة الداخلية إلى أن صدر قرار من مجلس قيادة الثورة في 30 من سبتمبر سنة 1954 بإحالته إلى المعاش - وفي 21 من مايو سنة 1956 تقدم بطلب إلى السيد عضو مجلس الإدارة المنتدب لمديرية التحرير لتعيينه في إحدى وظائف المديرية التي تتناسب مع مؤهلاته وثقافته وصدر قرار بتعيينه بالتفتيش الإداري بالقاهرة بمرتب قدره 35 جنيهاً اعتباراً من 22 من مايو سنة 1956 زيد إلى 37 جنيهاً من أول يوليو سنة 1956 ومنح بدل تنفيذ قدره 20% من مرتبه في 14 من سبتمبر سنة 1959 والمستفاد من الأوراق أن وزارة الخزانة قد وافقت على أن يجمع بين مرتبه وبين معاشه البالغ 45 جنيهاً و739 مليماً والذي استبدل منه عشرة جنيهات - وبعد أن أدمجت مؤسسة مديرية التحرير في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي بمقتضى قرار السيد رئيس الجمهورية في 3 من نوفمبر سنة 1957 تقدم المدعي بتقرير مؤرخ في 19 من يناير سنة 1958 إلى مدير التنفيذ بالمديرية قال فيه أن إدارة التفتيش الإداري لا يمكنها النهوض بأعبائها الخطيرة بعد التعديل الجديد وهي بحالتها الراهنة لعدم كفاءة موظفيها وعدم كفاية عددهم وطلب تدعيم تلك الإدارة ثم في 8 من فبراير سنة 1958 تقدم بمذكرة إلى مدير التنفيذ قال فيها أنه لا يمكن بقاء التفتيش الإداري كما هو بحالته الراهنة لأنه غير منتج وبلغت الفوضى فيه منتهاها لعدم اكتراث موظفيه واستهتارهم وأنه لصالح العمل يقترح إلغاء التفتيش والاكتفاء بإنشاء مكتب إداري يلحق بمكتب مدير التنفيذ - وفي 25 من ديسمبر سنة 1958 وجه كتاباً شديد اللهجة إلى مدير المستخدمين بالمديرية اعتراض فيه على قيام هذا المدير بالاطلاع على دفتر الحضور والانصراف الخاص بالتفتيش الإداري - وفي 30 من ديسمبر سنة 1958 تقدم بشكوى إلى مدير عام المديرية تضمنت أن مدير التنفيذ لا يحترم اختصاصات التفتيش الإداري ويحاربه بوسائل مختلفة للقضاء عليه وأن الشلل والأنانية والانفصالية متفشية في المديرية مما ترتب عليه عدم استقرار الأمور والفوضى وكثرة الحوادث وطلب أن تقوم النيابة الإدارية بالتحقيق في شكواه - وفي 24 من يناير سنة 1959 تقدم بطلب إلى المدير العام أشار فيه إلى تعذر التعاون بينه وبين مدير التنفيذ وطلب انتدابه مؤقتاً بالإدارة العامة إلى أن يتم التحقيق - وفي ذات التاريخ تقدم بشكوى إلى السيد رئيس الجمهورية ذكر فيها أن الإسراف والشلل والانفصالية قد تفشت بمديرية التحرير وأرفق بها صورة من شكواه المؤرخة في 30 من ديسمبر سنة 1958 وقال أنه لم يتخذ فيها أي إجراء وطلب إحالتها إلى النيابة الإدارية ومرفق بالأوراق كتاب موجه من مكتب المدير إلى مراقب المستخدمين في 26 من يناير سنة 1959 في شأن المدعي تضمن أنه لم يقم بتنفيذ قرار انتدابه للعمل بمكتب التنفيذ ذلك القرار الذي صدر إليه لما لوحظ من أنه لم يقم بالأعمال المنوطه به فضلاً عن تعطيل الموظفين القائمين بالعمل معه بالتفتيش وأن كل ما بذله من نشاط خلال ذلك العام عبارة عن عشرة تقارير خاصة بتنظيم أعمال الإسكان اتضح بعد إحالتها إلى التحقيقات عدم جدية ما جاء بكثير منها - وأثناء قيام إدارة الشئون القانونية والتحقيقات بالتحقيق في شكواه - ذلك التحقيق الذي بدأ في 25 من يناير سنة 1959 - تقدم إلى المحقق بخمس مذكرات في 25، 27، 29، 31 من يناير و2 من فبراير سنة 1959 نسب في بعضها إلى مدير التنفيذ أنه يحارب التفتيش الإداري ولا يحترم تقاريره وبين ما يقوم به هذا التفتيش من أعمال وقال في إحداها أنه منذ أول يناير سنة 1958 أصبح هو الرئيس الأعلى بالنيابة للتفتيش الإداري - وفي 28 من فبراير سنة 1959 تقدم بشكوى إلى السيد وزير الإصلاح الزراعي نسب فيها عدة مخالفات إلى مدير التنفيذ وقد أحيلت هذه الشكوى في 9 من مارس سنة 1959 إلى إدارة الشئون القانونية والتحقيقات التي قامت بتحقيقها وانتهت في مذكرتها عن هذا التحقيق المؤرخة في 31 من مارس سنة 1959 إلى أن التحقيق قد تكشف عن فساد جميع الوقائع التي ذكرها الشاكي ضد السيد مدير التنفيذ وذكرت أنه (لما وجد الشاكي أنه قد وضع تحت المراقبة بالنسبة لحضوره وانصرافه بدأ في الشكاوى.. وأرسل شكوى للسيد رئيس الجمهورية الأمر الذي يدل على أنه لم يقصد بشكاويه المصلحة العامة في شيء - كما أن المذكور تقدم بخمس مذكرات في التحقيق تظهر بجلاء أنه غير جدير بمنصب مراقب التفتيش الإداري - وحيث إنه أورد في شكواه ألفاظاً لا يصح أن تصدر من مسئول علاوة على عدم إنتاجه - ولما كانت المديرية بصدد اختيار الصالح من أرباب المعاشات للاستمرار في العمل - لذلك نرى إعفاء السيد أحمد محمد أبو خود المفتش الإداري من العمل بمديرية التحرير). وفي 26 من مارس سنة 1959 وافق السيد المهندس محمد عبد الوهاب علي عزت المشرف على الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي على هذا الاقتراح بعد أن وافق عليه المستشار الجمهوري ومدير عام المديرية - وبكتاب مؤرخ في 29 من مارس سنة 1959 أخطر المدعي بأنه قد تقرر إعفاؤه من العمل بالمديرية اعتباراً من أول إبريل سنة 1959.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء تكييفه طبيعة هذا القرار الصادر بفصل المدعي من عمله - هل هو جزاء تأديبي يخضع للقواعد والإجراءات المقررة لذلك أم هو إنهاء لخدمته بسب عدم صلاحيته للوظيفة العامة - ثم استظهار ما إذا كان هذا القرار قد صدر في الحدود القانونية من السلطة المختصة بإصداره أم لا - ذلك أن فصل الموظف من الخدمة يتم بإحدى طريقتين أما عن طريق التأديب أو بغير طريق التأديب طبقاً للأوضاع المرسوم قانوناً والفصل التأديبي يدخل في باب الجزاءات المنصوص عليها قانوناً أما الفصل غير التأديبي فمرده إلى وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام فلزم أن يكون لها الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض من الموظفين وفصل من تراه منهم أصبح غير صالح لذلك وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة - وإذا كان الفصل التأديبي قوامه مخالفات محددة تثبت في حق الموظف فلذلك ما لا يتطلبه الفصل بغير الطريق التأديبي الذي يكفي فيه وجود أسباب تبرره لدى الإدارة.
ومن حيث إن قرار إنهاء خدمة المدعي قد صدر استناداً إلى ما تضمنته مذكرة إدارة الشئون القانونية والتحقيقات من أنه غير جدير بمنصبه وغير منتج ولم يسبق صدور هذا القرار توجيه أية اتهامات إليه أو التحقيق معه في شأنها - فهو لم يكن في الواقع من الأمر جزاء تأديبياً بل كل إنهاء لخدمة المدعي بغير الطريق التأديبي لعدم صلاحيته للبقاء في وظيفته العامة لأسباب قدرت الجهة الإدارية خطورتها.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة قد دفعت بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مستندة في ذلك إلى القانون رقم 31 لسنة 1963 الذي اعتبر من قبيل أعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادر بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي - وإلى أن القانون المذكور يسري على القرار الصادر بفصل المدعي - وهذا الدفع مردود بأن القرارات التي أضفى عليها القانون المذكور حصانة عدم الخضوع لرقابة القضاء باعتباره إياها من أعمال السيادة هي قرارات السيد رئيس الجمهورية ولما كان المدعي لم يفصل بقرار منه بل بقرار من المشرف على الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي فإن فصله لا يعتبر من قبيل أعمال السيادة بحسب القانون المشار إليه - ومن ثم فإن الدفع بعدم الاختصاص يكون غير قائم على أساس سليم معا يتعين معه رفضه.
ومن حيث إن الأسباب التي قام عليها قرار فصل المدعي لها أصل ثابت في الأوراق السابق الإشارة إليها والتي يستفاد منها أن التفتيش الإداري الذي كان المدعي على رأس موظفيه منذ أول يناير سنة 1958 لم يكن يضطلع بأعباء مهمته على وجه منتج وأنه قد تعذر على المدعي التعاون مع رؤسائه ومرؤوسيه وأنه رغم شغله لوظيفة مراقب التفتيش الإداري وجه إلى مدير التنفيذ - وهو رئيسه المباشر - تهما عديدة أسفر التحقيق عن عدم صحتها - وإذ استخلصت الجهة الإدارية من كل ذلك أن المدعي غير صالح للبقاء في وظيفته فإن استخلاصها يكون سائغاً ومستمداً من أصول تنتجه - وقد أكد سلامة هذا الاستخلاص ما انتهى إليه تحقيق النيابة الإدارية بعد ذلك في شكوى المدعي من عدم صحة كثير من التهم التي وجهها إلى مدير التنفيذ وعدم وجود مخالفة في الوقائع المحددة الواردة بالشكوى الأمر الذي حداً بالنيابة الإدارية إلى أن تقترح حفظها - ولا محل للنعي على قرار الفصل بأنه لم يسبقه إجراء تحقيق معه إذا أنه لا يلزم في مجال الفصل بغير الطريق التأديبي أن يواجه الموظف بما ينسب إليه وأن يحقق معه وإنما يكفي أن يقوم به السبب المبرر للفصل ورقابة القضاء الإداري لقيام هذا السبب لا تعني أن يحل نفسه محل الجهة الإدارية فيما هو متروك لتقديرها ووزنها فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى الإدارة من دلائل وبينات وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب أو أن يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار وإنما الرقابة التي لهذا القضاء تجد حدها الطبيعي كرقابة قانونية في التحقق مما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها أم لا وما إذا كان تكييف الوقائع بفرض وجودها مادياً صحيحاً أو خاطئاً.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إلهيا وهي عدم صلاحية المدعي للبقاء في وظيفته من أصول تنتجها حسبما سبق البيان فإن قرار فصله يكون قائماً على سببه المبرر له قانوناً.
ومن حيث إن المدعي قد نعى على هذا القرار أنه لو أعتبر فصلاً بغير الطريق التأديبي فإنه يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص لصدوره ممن لا يملك إصداره إذا كان يتعين أن يصدر بهذا الفصل قرار من رئيس الجمهورية.
ومن حيث إنه يتعين للفصل فيما أثاره المدعي في هذا الشأن تقصي القواعد القانونية التي تحكم موظفي مديرية التحرير - ففي 20 من مارس سنة 1954 صدر القانون رقم 148 لسنة 1954 بإنشاء مؤسسة مديرية التحرير وتنفيذاً لهذا القانون أصدر مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1955 قرار باللائحة المالية ولائحة التوظف لمؤسسة مديرية التحرير - وفي 3 من نوفمبر سنة 1957 صدر قرار من السيد رئيس الجمهورية بإدماج مؤسسة مديرية التحرير في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي متضمناً النص على القانون واللوائح الصادرة تنفيذاً له ومنها لائحة التوظف المشار إليها - وبإدماج مؤسسة مديرية التحرير في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي أصبحت تسري عليها جميع الأحكام التي تنظم هذه الهيئة التي أنشئت بالقانون رقم 169 لسنة 1954 وقد نصت المادة الرابعة منه على أن يكون للهيئة لائحة داخلية تصدر بقرار منها بعد موافقة مجلس الوزراء - وتنفيذاً لهذا النص أصدرت الهيئة في 25 من أكتوبر سنة 1955 قراراً باللائحة الداخلية وذلك بناء على موافقة مجلس الوزراء ونصت المادة الثامنة من هذه اللائحة على أن (تنتدب الهيئة الدائمة أحد أعضائها ليكون عضواً منتدباً وتكون له الاختصاصات الآتية: - ... (2) تعيين الموظفين وفصلهم من الخدمة وترقيتهم ومنحهم العلاوات الدورية ونقلهم وكذلك ندبهم وإعارتهم من الوزارات والجهات الحكومية وغيرها وتحديد المرتبات والأجور المستحقة لهم وذلك كله وفقاً للنظام الذي قررته الهيئة الدائمة) ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 643 لسنة 1955 بشأن الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي متضمناً النص في المادة الثانية منه على أن (يعين بقرار من مجلس الوزراء العضو المنتدب للإشراف على تنفيذ قرارات الهيئة وفقاً لما تبينه اللائحة الداخلية...) وفي المادة السابعة على أن (يصدر مجلس الوزراء قراراً باللائحة الداخلية للهيئة وتتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها في جميع شئونها وعلى الأخص في إدارة وتنظيم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون إليها - ولمجلس الوزراء أن يفوض الهيئة فيما يرى أن يعهد به إليها من القواعد والنظم سالفة الذكر) وقد عدلت المادة الثانية بالقانون رقم 633 لسنة 1956 ثم بقرار رئيس الجمهورية رقم 613 لسنة 1957 الصادر في 10 من يوليو سنة 1957 فأصبح نصها (يكون للهيئة مجلس إدارة يشكل بقرار من رئيس الجمهورية ويصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيين المدير العام للهيئة...) كما أصبح نص المادة السابعة بعد تعديلها بالقرار الجمهوري المذكور (يعد مجلس الإدارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها وتنظيم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم...) وفي 3 من ديسمبر سنة 1962 صدر القرار الجمهوري رقم 2270 لسنة 1961 باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي متضمناً النص على أن (تلغى اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المؤرخة في 25 من أكتوبر سنة 1955 وكل قرار يخالف أحكام اللائحة المرافقة) - وتضمن اللائحة النص في المادة 13 منها على اختصاص مدير عام الهيئة (بتعيين الموظفين في غير الوظائف الرئيسية وترقيتهم ونقلهم ومنحهم العلاوات وتأديبهم وإنهاء خدمتهم وفقاً للنظم التي يقررها مجلس الإدارة) وغني عن البيان أن هذه اللائحة لا تسري على واقعة الدعوى الماثلة إذ أن قرار فصل المدعي قد صدر في 26 من مارس سنة 1959 قبل العمل بها.
ومن حيث إنه يبين من النصوص سالفة الذكر أن اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي الصادرة في 25 من أكتوبر سنة 1955 قد ظلت سارية حتى ألغيت بقرار من رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 أي أن المدعي كان في تاريخ فصله خاضعاً لأحكام تلك اللائحة التي عقدت الاختصاص بفصل الموظفين لعضو مجلس الإدارة المنتدب - إلا أن تنفيذ أحكام قرار رئيس الجمهورية الصادر في 10 من يوليو سنة 1957 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 643 لسنة 1955 كان يقتضي أن يحل محل العضو المذكور مدير عام الهيئة - ولم يتأثر الاختصاص بالفصل غير التأديبي بصدور القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة إذا أن مجال تطبيق أحكام هذا القانون ينحصر في التأديب والجزاءات التأديبية.
ومن حيث إن الذي أصدر القرار بفصل المدعي هو السيد المهندس محمد عبد الوهاب عزت المشرف على الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وللوقوف على ماذا كان مختصاً أو غير مختص بإصدار هذا القرار يتعين الرجوع إلى اللوائح والقرارات التي تحدد اختصاصه - والمستفاد من الأوراق أنه عين مديراً عاماً للإصلاح الزراعي بدرجة وكيل وزارة بقرار رئيس الجمهورية رقم 713 لسنة 1957 واستناداً إلى القانون رقم 17 لسنة 1957 الذي خول وزير الدولة للإصلاح الزراعي جميع الاختصاصات المقررة للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي أصدر السيد الوزير في 10 من سبتمبر سنة 1957 قراره رقم 70 متضمناً النص على أن (يعهد للسيد المهندس الزراعي محمد عبد الوهاب علي عزت المدير العام للإصلاح الزراعي بالإشراف على الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي في حدود الاختصاصات المخولة له في الهيئة الدائمة للإصلاح الزراعي. (وصورة هذا القرار مودعة بملف تظلم المدعي المرافق للأوراق) - وتضمنت لائحة مستخدمي اللجنة العليا للإصلاح الزراعي الصادر بها القرار رقم 96 في 12 من إبريل سنة 1954 النص على اختصاصات عضو اللجنة العليا المنتدب - ومن بين هذه الاختصاصات ما أصدره العضو المنتدب من قرار بتفويض المدير العام في مباشرة الاختصاصات المذكورة وهي تجمل فيما يلي:
(1) فصل الموظفين المعينين في الخدمة بقرار مسبب وبعد إجراء تحقيق.
(2) خفض الوظيفة أو المرتب أو الوظيفة والمرتب معاً قرار مسبب وبعد إجراء تحقيق.
(3) توقيع الجزاءات على الموظفين بالخصم من الماهية فيما لو زاد الجزاء على سبعة أيام بقرار مسبب وبعد إجراء تحقيق ولا شك في أن هذا الاختصاصات - وهي اختصاصات تأديبية بتوقيع جزاءات تتدرج في شدتها بما يتناسب مع خطورة المخالفات التي يسفر التحقيق عن ثبوت ارتكابها - قد آل معظمها إلى المحكمة التأديبية المختصة وذلك بالنسبة إلى الموظفين الذين تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً وفقاً لأحكام المادة الثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959.
ومن حيث إنه يتبين مما تقدم أن فصل موظفي مديرية التحرير المندمجة في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي - بغير الطريق التأديبي لم يكن يدخل في اختصاص السيد المهندس محمد عبد الوهاب علي عزت المشرف على الهيئة الدائمة المذكورة وإذ أصدر قراره بفصل المدعي في 26 من مارس سنة 1959 فإنه يكون قد جاوز حدود اختصاصه وباشر اختصاصاً لم يخول له ضمن الاختصاصات التي ناطتها لائحة 25 من أكتوبر سنة 1955 بعضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي.
ومن حيث إنه إذ شاب القرار المذكور عيب عدم الاختصاص فإنه يكون باطلاً ويتعين القضاء بإلغائه ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها دون الأسباب التي أقام عليها قضاؤه في هذا الشأن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحق في المرتب لا يعود تلقائياً كأثر من آثار إلغاء قرار الفصل بل يكون للموظف المقضي بإلغاء قرار فصله أن يرجع على الجهة الإدارية بالتعويض عن هذا القرار الباطل إذا توافرت عناصره ومقوماته - والقضاء بالتعويض ليس من مستلزمات القضاء بالإلغاء بل لكل من القضاءين أساسه الخاص الذي يقوم عليه.
ومن حيث إن عيب عدم الاختصاص أو عيب الشكل الذي قد يشوب القرار الإداري فيؤدي إلى إلغائه لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض ما لم يكن العيب مؤثراً في موضوع القرار فإذا كان القرار سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه المبررة رغم مخالفة قاعدة الاختصاص أو الشكل فإنه لا يكون ثمة محل لمساءلة الجهة الإدارية عنه والقضاء عليها بالتعويض لأن القرار كان سيصدر على أي حال بذات المضمون لو أن تلك القاعدة قد روعيت - ولما كان القرار الصادر بفصل المدعي صحيحاً في مضمونه لقيامه على السبب المبرر له قانوناً - فإنه لا يستحق تعويضاً عنه لمجرد كونه مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم لم يكن هناك محل للقضاء المدعي باستحقاقه لمرتبه من تاريخ فصله كأثر لإلغاء قرار الفصل وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون مخالفاً للقانون الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه فيما قضى به في هذا الشأن - كما أنه لا محل لإجابة المدعي إلى طلب الحكم له بتعويض عن قرار فصله وهو التعويض الذي أقام طعنه طالباً القضاء له به.
ومن حيث إن المدعي لم يقتصر على طلب الحكم بالإلغاء والتعويض بل طلب أيضاً إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له مرتبه عن شهر مارس سنة 1959 الذي لم يصرف له.
ومن حيث إنه قد فصل بقرار في 26 من مارس سنة 1959 اعتباراً من أول إبريل سنة 1959 وليس في الأوراق ما يفيد أن مرتب شهر مارس قد صرف له كما أن الجهة الإدارية لم تنازع في استحقاقه لهذا المرتب فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما تضمنه من قضاء باستحقاق المدعي لمرتب هذا الشهر الذي أدى فيه عمله.
ومن حيث إنه لذلك يتعين الحكم في الطعن المقام من المدعي برفضه لعدم قيامه على أساس سليم مع إلزامه بالمصروفات وفي الطعن المقام من الجهة الإدارية بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من القضاء باستحقاق المدعي لمرتبه اعتباراً من تاريخ فصله مع تأييده فيما عدا ذلك وإذا خففت الجهة الإدارية في بعض طلباتها فإن المحكمة ترى إلزامها بجميع مصروفات هذا الطعن وفقاً لأحكام المادة 359 من قانون المرافعات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع:
(أولاً) برفض الطعن رقم 473 لسنة 9 القضائية المقام من المدعي وألزمته بالمصروفات.
(ثانياً) وبالنسبة إلى الطعن رقم 748 لسنة 9 القضائية المقام من الجهة الإدارية بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي لمرتبه اعتباراً من تاريخ فصله وبتأييده فيما عدا ذلك على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات الطعن.
الطعن 32 لسنة 9 ق جلسة 5 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 4 ص 21
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيزي زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
-------------------
(4)
القضية رقم 32 لسنة 9 القضائية
(أ) موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية". دعوى "دعوى تسوية" "التظلم السابق على رفع الدعوى".
القانون رقم 120 لسنة 1960 - طلب شاغلي الدرجات الشخصية ممن تحققت فيهم الشروط التي يتطلبها القانون المذكور اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكامه - رخصة مباح لهم استعمالها - الأمر في قبول أو رفض الطلب مرده إلى القانون ذاته وإلى تقدير جهة الإدارة أو اختيارها - الدعوى التي تقام في هذا الخصوص في حقيقة تكييفها دعوى تسوية لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
(ب) محكمة إدارية عليا "الطعن أمامها". موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية".
الطعن المقدم للمحكمة الإدارية العليا من الخصوم ذوي الشأن، على خلاف طعن هيئة مفوضي الدولة، يحكمه أصل مقرر هو ألا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة وجود ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وشق آخر غير مطعون فيه - يعتبر الطعن القائم في شق منهما مثيراً للطعن في شقه الثاني - أساس ذلك، تجنب قيام حكمين متعارضين - تطبيق ذلك بالنسبة لدعوى أقيمت بطلب أصلي هو تسوية الحالة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وآخر احتياطي هو الحكم بتعويض مؤقت قضى فيها بعدم قبول الطلب الأول لرفعه بعد الميعاد وبإجابة الطلب الاحتياطي - طعن جهة الإدارة في شق الحكم الخاص بالقضاء بالتعويض المؤقت لا يثير الطعن في شقه الخاص بعدم قبول الدعوى - عدم وجود ارتباط جوهري بينهما (1).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 15 من يناير سنة 1962 أقام المرحوم/ علي حسن إبراهيم الدعوى رقم 156 لسنة 9 القضائية ضد السيد وزير الزراعة طالباً الحكم أصلياً بتعويضه تعويضاً عينياً وذلك بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 واحتياطياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه من مواليد 7 من أكتوبر سنة 1900 وبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 6 من أكتوبر سنة 1960 وتقدم بطلب إحالته إلى المعاش مع تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 ورغم استيفائه جميع الشروط التي نص عليها هذا القانون صدر قرار بحفظ طلبه وهو قرار مخالف للقانون ولقصد المشرع من إصداره وهو علاج مشكلة الموظفين المنسبين علاجاً شاملاً وتعويضهم تعويضاً عادلاً إلى جانب الرغبة الملحة في التخلص من الدرجات الشخصية - وكان سبب الرفض هو أن المدة الباقية على بلوغه سن الإحالة إلى المعاش أقل من سنة وهو شرط باطل لمخالفته للقانون ولقصد الشارع علاوة على أنه مناف للعدالة يخلق أوضاعاً شاذة بإغداق المزايا على الموظف الأقل سناً ومرتباً ودرجة ويجعله يتقاضى معاشاً يزيد عما يتقاضاه زميله الأكبر سناً والأطول خدمة وقد سكت القانون عن تحديد الحد الأقصى لسن طالب الاعتزال حرصاً من الشارع على المساواة بين الموظفين ومما يدل على أن هذا القانون يعتبر من قبيل الإنصاف أو قواعد التسوية أن النية كانت متجهة إلى تعميمه بالنسبة لمن خرجوا قبل صدوره فيكون من باب أولى واجب التطبيق على جميع من خرجوا في ظله - أما عبارة الصالح العام التي وردت بالمذكرة الإيضاحية فكان المقصود بها الموظفين الذين على درجات أصلية دون أصحاب الدرجات الشخصية وقد وردت نصوص بعبارات عامة صريحة الدلالة على قصد المشرع تعميم تطبيقه وأضاف المدعي أنه واضح من المذكرة المرفوعة من مراقبة المستخدمين إلى السيد الوزير في شأن طلبه أن سبب الرفض هو أن المدة الباقية أقل من سنة وذكر أنه يحق له المطالبة بتعويض عما أصابه من أضرار نتيجة لهذا القرار الباطل وأنه قد تقدم بطلب إعفاء قيد برقم 136 لسنة 8 القضائية قضى بقبول بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1961.
وأجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أنه جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960 أن على المصالح والوزارات البت في طلبات ترك الخدمة في ضوء المصلحة العامة وأن المدعي قد تقدم في 30 من مايو سنة 1960 بطلب يلتمس فيه إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون المشار إليه وعرض على الوزارة فاستعملت سلطتها طبقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية وحفظت الطلب في 11 من يونيو سنة 1960.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بأحقية المدعي في مبدأ التعويض عن القرار المطعون فيه والحكم له بقرش واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزام المدعى عليها المصروفات.
وبجلسة أول أكتوبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبأحقية المدعي في تعويض مؤقت قدره قرش واحد وإلزام الوزارة المصروفات وأقامت قضاءها بعدم قبول الطلب الأصلي على أن القضاء به يعني ضمناً الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير الزراعة في 11 من يونيو سنة 1960 ونظراً إلى أنه لم يتبع ما نصت عليه المادتان 12، 20 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فإن هذا الطلب يكون غير مقبول شكلاً - كما أقامت قضاءها بالتعويض المؤقت على أن سلطة جهة الإدارة في البت في الطلبات المقدمة من الموظفين إعمالاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مقيدة بما تتطلبه المصلحة العامة فإن ثبت أن رفض الطلب كان تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقضي بحسن سير المرفق وانتظامه كان قرارها سليماً أما إذا انتهجت جهة الإدارة منهجاً لا يرتبط بالمصلحة العامة ولم يكن الدافع لها إلا قرب نهائية خدمة الموظف كان تصرفها مجاوزاً لحدود سلطتها ومخالفاً للقانون والثابت أن الجهة الإدارية قد حفظت الطلب المقدم من المدعي بتاريخ 11 من يونيو سنة 1960 استناداً إلى سبب لم ينص عليه القانون وهو أن المدة الباقية له تقل عن سنة من تاريخ تقديم طلبه فتصرفها على هذا الوجه يكون غير مشروع - ونظراً إلى أن تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 كان سيحقق للمدعي فائدة محتمة فيكون عدم إجابته إلى طلبه قد أصابه بضرر محقق الأمر الذي رأت معه المحكمة إجابته إلى طلبه الاحتياطي والحكم له بتعويض مؤقت قدره قرش واحد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قرر أن الجهة الإدارية قد حفظت طلب المدعي استناداً إلى أن المدة الباقية على إحالته إلى المعاش من تاريخ تقديم الطلب تقل عن سنة ذلك أن قرار الرفض قد صدر غير مسبب ولم تفصح جهة الإدارة عن سببه ولا يغير من هذا أن المذكرة التي رفعت للوزارة بشأن هذا الطلب قد ذكر بها أن تاريخ إحالة مقدم الطلب إلى المعاش هو 6 من أكتوبر سنة 1960 إذ أن ذكر هذه العبارة كان من قبيل سرد حالته كما أنه على فرض أن السبب الذي استنتجه الحكم صحيح فإنه ليس في ذلك أية مخالفة للقانون أو خروج على المحكمة التي توخاها الشارع بل أنه إعمالاً لهذه الحكمة ذلك أن المسلم أن للجهة الإدارية سلطة البت في طلبات الموظفين المقدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 على ضوء المصلحة العامة وهذا ما قررته المذكرة الإيضاحية له وقد قصد المشرع منه تحقيق هدف خاص هو التخلص من الدرجات الشخصية بعد أن تضخم عددها لكثرة ترقية الموظفين المنسيين فإذا كان هذا الهدف متحققاً بإعمال القواعد العامة المقررة في قانون الموظفين بانتهاء خدمة الموظف لبلوغه السن القانونية للإحالة إلى المعاش فلا محل في هذه الحالة لتطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 وإلا كان في ذلك تحميل للخزانة العامة بأعباء مالية بمنح الموظف ميزات مالية دون مبرر مما يعتبر خروجاً على الهدف الذي قصده المشرع وانحرافاً في استعمال السلطة وهذا ما حاولت الجهة الإدارية تفاديه في حالة المطعون ضده إذ تبين أنه يبلغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش خلال مدة تقل عن سنة من تاريخ تقديم طلبه فلم تجد محلاً لتطبيق القانون 120 لسنة 1960 ومما تقدم يتضح أن القرار المطعون فيه قرار سليم متفق مع القانون ومن ثم يكون قد انعدم ركن الخطأ وتنتفي مسئولية الإدارة.
ومن حيث أن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكومة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى أحقية المطعون ضده في تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الحكومة المصروفات وذلك تأسيساً على أن الصحيح في الأمر هو أن دعوى المنازعة في القرار الصادر برفض طلب المدعي اعتزاله الخدمة بمقتضى أحكام القانون المذكور تعد بحسب تكييفها القانوني السليم دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش فلاً تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً المقرر لطلبات الإلغاء - وأن الطعن وأن اقتصر على شق الحكم الخاص بالتعويض يثير المنازعة في شقه الخاص بالإلغاء لأن مثار المنازعة في الواقع هو مشروعية أو عدم مشروعية موقف الإدارة من عدم تسوية حالة المدعي طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 فالتسوية والتعويض نتيجتان مترتبتان على أساس قانوني واحد وترتبط إحداهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي ولد في 7 من أكتوبر سنة 1900 فكان سنة عند العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وقد جاوز الخامسة والخمسين - وقد تقدم في 30 من مايو سنة 1960 بطلب يلتمس فيه أحالته إلى المعاش طبقاً للقانون المشار إليه - وفي 2 من يونيو سنة 1960 أعدت مراقبة المستخدمين والمعاشات مذكرة في شأن هذا الطلب تضمنت أن المدعي قد رقي إلى الدرجة السابعة الكتابية بصفة شخصية اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 وأن مرتبه أصبح خمسة وثلاثين جنيهاً اعتباراً من أول إبريل سنة 1960 وأن المدة الباقية لبلوغه السن القانونية في 6 من أكتوبر سنة 1960 تقل عن سنة - وفي 9 من يونيو سنة 1960 أشر السيد وكيل الوزارة المساعد على هذه المذكرة بما نصه (للعرض على السيد الدكتور الوزير رجاء التفضل بالنظر مع العلم بأن تاريخ إحالته على المعاش 6/ 10/ 1960) وفي 11 من يونيو سنة 1960 أشر السيد الوزير على المذكرة بما يفيد رفض الطلب.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب شاغلي الدرجات الشخصية اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رخصة مباحة لهؤلاء الموظفين لهم استعمالها متى تحققت فيهم الشروط التي تطلبها هذا القانون - وإذ كان هدف المشرع من إصداره هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين المنسيين ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية والتخلص منها قدر المستطاع وكانت المحكمة التشريعية إنما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة إلى كل من الموظف والخزانة العامة وقدر أنها تبرر إصدار مثل هذا التشريع - فإن ثمة قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقق المصلحة العامة في ترك أمثال هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة وتتمثل هذه المصلحة في إلغاء درجاتهم الشخصية التي أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها فلا وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه وبناء على ما تقدم فإن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم منهم لاعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون المذكور ليس مرده إلى تقدير جهة الإدارة واختيارها وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة متعلقة بالمعاش لمن يطلبون اعتزال الخدمة من ذوي الدرجات الشخصية المتوافرة فيهم شروط مقررة بحيث إنه متى توافرت هذه الشروط الواجبة قانوناً حقت لهم الإفادة من أحكام القانون وحق على جهة الإدارة تمكينهم من هذه الإفادة - وبهذه المثابة فإن الدعوى التي تقام في هذا الخصوص تكون في حقيقة تكييفها دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن عدم قبول الوزارة طلب المدعي اعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رغم أنه توافرت فيه الشروط التي تطلبها هذا القانون يكون غير قائم على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمدعي بما طلبه من تعويض مؤقت تأسيساً على خطأ الوزارة في عدم قبول طلبه المذكور قد أصاب الحق في قضائه ومن ثم فإن طعن الوزارة على هذا الحكم يكون غير سديد مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الطعن المقدم للمحكمة العليا من هيئة المفوضين - التي ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية في المنازعة وإنما تتمثل فيها الحيدة لصالح القانون وحده - يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمها في المنازعة غير مقيدة بطلبات هيئة المفوضين - إلا أن الطعن من الخصوم ذوي الشأن الذين إنما يطعنون لصالحهم وحدهم يحكمه أصل مقرر بالنسبة للطعن في الأحكام وهو إلا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة قيام ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وبين شق آخر غير مطعون فيه بأن كان هذا الشق الأخير مترتباً على الشق الأول بحيث يتأثر الحكم فيه بنتيجة الحكم في ذلك الشق الأول - فإنه لا مندوحة تجنباً لقيام حكمين نهائيين متعارضين من أن يعتبر الطعن القائم في الشق الأول منهما مثيراً للطعن في الشق الثاني.
ومن حيث إن طعن الوزارة في الحكم الصادر لصالح المدعي إنما ينصب على شقة الخاص بالقضاء له بتعويض مؤقت - وهذا الطعن لا يفتح الباب لنقض ما قضى به صالحها ضد المدعي من عدم قبول طلبه الأصلي شكلاً وهو الطلب الخاص بتسوية حالته والذي كان مطروحاً أمام المحكمة الإدارية وقعد عن الطعن في شق الحكم الصادر فيه إذ فضلاً عن أن الأصل هو ألا تضار الوزارة الطاعنة بطعنها فإنه ليس هناك ارتباط جوهري من قبيل ما سلف بيانه بين هذا الشق الذي لم يطعن فيه من الحكم وبين شقه الآخر المطعون فيه والخاص بالتعويض المؤقت - ذلك أن الحكم في الطعن بما يؤكد حق المدعي في التعويض أو بما ينفي حقه فيه لا يؤثر على ما حكم به في طلبه الأصلي سالف الذكر من عدم قبوله شكلاً إذ أن الحكم بذلك مبني على تكييف الطلب المذكور بأنه طلب إلغاء لقرار إداري لا طلب تسوية وعلى أنه وقد رفع بعد الميعاد القانوني وذلك دون تعرض لمشروعية تصرف الجهة الإدارية أو عدم مشروعيته بما قد يتعارض مع الأساس الموضوعي الذي يبني عليه الحكم بالتعويض.
ومن حيث إنه لذلك يتعين الحكم برفض الطعن مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.
(1) قارن حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 1565 لسنة 3 القضائية الصادر بجلسة 27/ 4/ 1957 والمنشور بمجموعة السنة الثانية المبدأ رقم 101 ص 975، والحكم الصادر في القضية رقم 161 لسنة 3 القضائية بجلسة 29/ 6/ 1957 والمنشور بمجموعة السنة الثانية المبدأ رقم 137 ص 1335، والحكم الصادر في القضية رقم 230 لسنة 9 القضائية بجلسة 23/ 5/ 1965 والمنشور بمجموعة السنة العاشرة مبدأ رقم 133 ص 1470.
الطعن 1204 لسنة 8 ق جلسة 30 / 10 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 3 ص 16
جلسة 30 من أكتوبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.
-----------------
(3)
القضية رقم 1204 لسنة 8 القضائية
موظف "موظفو وزارة التربية والتعليم الذين يعملون بالخارج".
معاملتهم المالية معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي من حيث بدل الاغتراب ومرتب الزواج وخلافه مما نص عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليو سنة 1955 والقرار الجمهوري رقم 81 لسنة 1956 - هم أولئك الذين حددهم القراران المذكوران وصفاً وحصراً - لا وجه لإضافة طوائف أخرى إليهم ولو توفرت فيها ذات الحكمة التي من أجلها تقررت هذه المعاملة - أساس ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي قدم إلى لجنة المساعدة القضائية طلب معافاة من الرسوم قيد تحت رقم 704 لسنة 7 القضائية وفي 14 من نوفمبر سنة 1960، قرر السيد مفوض الدولة للمحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والثقافة والإرشاد القومي قبول هذا الطلب، فأقام المدعي بناء عليه الدعوى رقم 154 لسنة 8 القضائية أمام المحكمة المذكورة ضد وزارة التربية والتعليم بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة في 27 من ديسمبر سنة 1960 طالباً الحكم "باستحقاقه لفروق، المرتب الدبلوماسي وملحقاته المستحقة له طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955 والقرار الجمهوري الصادر في 13 من أغسطس سنة 1956، وذلك عن المدة من 28 من إبريل سنة 1956 إلى أول يونيه سنة 1958 مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات..".
وقد أجابته المحكمة إلى طلباته بالحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 29 من مارس سنة 1962، وبنت قضاءها على أن القرار الجمهوري المشار إليه استهدف استكمال المساواة في المعاملة بين موظفي وزارة التربية والتعليم بالخارج وبين رجال السلك السياسي دون تفرقة بين طائفة وأخرى ومن ثم فإن القول بقصر العمل بأحكام قرار مجلس الوزراء والقرار الجمهوري سالف الذكر على موظفي مكاتب البعثات التي يناط بها الإشراف على الطلبة المصريين في الخارج يجافي عموم النص وإطلاقه.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن القرار الجمهوري الذي استند إليه الحكم المطعون فيه لم يأت بجديد في بيان الأشخاص الذين يفيدون من المعاملة المالية التي نص عليها قرار مجلس الوزراء بيد أن المطعون عليه لا يفيد من هذا القرار الأخير لأنه لم يكن يعمل - خلال الفترة التي يطالب عنها بمرتب الدبلوماسيين - في أحد مكاتب البعثات في الخارج، وإنما كان يعمل بمكتبة تابعة للجامعة الشعبية بأم درمان بالسودان، ولو أن السيد وكيل وزارة التربية والتعليم كان قد طلب تحويلها إلى مركز ثقافي غير أن التعليمات المالية حالت دون ذلك.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 18 من يوليه سنة 1955 - بناء على المذكرة المرفوعة إليه من وزارة التربية والتعليم على أن "يعامل موظفو وزارة التربية والتعليم بالخارج من الفنيين والإداريين (بالكادر العالي) معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي، كما يعامل الموظفون الكتابيون بمكاتب البعثات معاملة أمناء المحفوظات وذلك من حيث بدل الاغتراب (نظير بدل التمثيل) ومرتب الزواج وإعانة غلاء المعيشة وفرق خفض الجنيه (في البلاد التي يصرف بها) وبدل السفر ونفقات العلاج وغير ذلك من الرواتب الإضافية والمصاريف وذلك اعتباراً من أول السنة المالية 1955 - 1956".
ومن حيث إنه في 13 من أغسطس سنة 1956 أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار رقم 81 لسنة 1956 الذي حدد موظفي وزارة التربية والتعليم الذين يعملون في الخارج ويتمتعون بالمعاملة المالية التي يتمتع بها رجال السلك السياسي وهم "المستشارون والملحقون والثقافيون ومديرو مكاتب البعثات ومعاونوهم من الفنيين والإداريين والكتابيين ومديرو المعاهد الثقافية التي أنشأتها مصر في بعض بلدان العالم....".
ومن حيث إنه طبقاً للقرارين المذكورين لا يعامل موظف وزارة التربية والتعليم الذي يعمل بالخارج معاملة نظرائه من رجال السلك السياسي من حيث بدل الاغتراب المقابل لبدل التمثيل ومرتب الزواج وخلافه مما نص عليه هذان القراران إلا إذا كان شاغلاً لوظيفة فنية أو إدارية بالكادر العالي مما أشار إليه وصفاً وتحديداً القرار الجمهوري آنف الذكر، أو إذا كان موظفاً كتابياً بمكاتب البعثات ممن عناهم القرار ذاته حصراً فيعامل معاملة أمناء المحفوظات في هذا الخصوص. ومن ثم فلاً يمتد نطاق تطبيق هذين القرارين إلى من عدا هؤلاء من موظفي هذه الوزارة لمجرد أنهم يعملون في الخارج.
ومن حيث إنه لا يجوز إضافة طوائف أخرى إلى تلك التي حددها القرار الجمهوري المشار إليه حصراً وخصها دون سواها بالمعاملة المالية التي تضمنها حتى ولو توفرت في رجالها ذات الحكمة التي من أجلها تقررت هذه المعاملة الخاصة لذويها وهي ضرورة توفير المظهر الحسن والحياة الكريمة للموظف الذي يمثل بلده بالخارج لأن تقرير ما إذا كانت الوظيفة تتطلب أعباء مالية معينة، وأما إذا كان من المصلحة تبعاً لذلك أن يتمتع شاغلها بالمعاملة المالية الممتازة هو أمر متروك تقديره للسلطة المختصة التي تمتلك ذلك قانوناً، كما أن من المسلم قانوناً أنه لا يجوز في المسائل المالية التوسع في تفسيرها أو القياس عليها.
ومن حيث إنه متى كان الثابت من الأوراق أن المدعي كان موظفاً بالكادر الكتابي وأنه كان يعمل بالسودان بمكتبة الخرطوم التابعة لدار الكتب، ثم صدر في 28 من إبريل سنة 1956 قرار السيد وكيل وزارة التربية والتعليم للشئون الثقافية بندبه للعمل بالمركز الثقافي بأم درمان، فمن ثم فإنه لم يكن من موظفي مكاتب البعثات، كما أنه لم يكن شاغلاً لإحدى الوظائف الأخرى التي نص عليها القرار الجمهوري المتقدم ذكره وعلى هذا فلا حق له أن يعامل المعاملة المالية التي يتمتع بها رجال السلك السياسي أو أمناء المحفوظات، وإذا قضى الحكم المطلعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.