الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 14 لسنة 30 ق جلسة 19 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 أحوال شخصية ق 121 ص 852

جلسة 19 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

----------------

(121)
الطعن رقم 14 لسنة 30 ق "أحوال شخصية"

(أ) وقف. "شرط الواقف" "تفسيره" "الوقف على غير وجوه الخير" "الوقف على وجوه الخير" "مناط التفرقة بينهما" "الاستحقاق في الوقف".
الوقف على غير وجوه الخير لا يكون على سبيل القربة والصدفة وإنما يكون على سبيل البر والصلة ما لم ينط الاستحقاق فيه بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير. عدم اعتبار المبالغ التي كان يصرفها الناظر بموافقة المستحقين من قبيل الاستحقاق والمرتبات التي يفرز من أجلها حصة في أعيان الوقف، وتقرير الحكم أن ذلك الصرف لا يعدو أن يكون صدقة لا تكسبهما صفة الاستحقاق. استخلاص سائغ يظاهره شرط الواقف.
(ب) وقف. "شرط الواقف". "تفسيره". "الاستحقاق في الوقف".
شرط الواقف تخصيص مبالغ معينة من ريع الوقف تصرف لأحفاده نظير قيام كل منهم بمباشرة شأن من شئون الوقف ومن بعدهم لأولادهم - اعتبار هذه المبالغ استحقاقاً لهم لا أجر نظر. لا خروج عن المعنى المستفاد من عبارات الواقف.

---------------
1 - مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو أن الأول لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب إذ لم ينط الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير كأن يجعل الواقف غلة وقفه مصروفه للفقراء منهم فإنه يكون على سبيل القربة والصدقة مما يدخل في نطاق الوقف على وجوه الخير - فإن كان الحكم الابتدائي لم يعتبر المبالغ التي كان يتولى الناظر صرفها للطاعنين بموافقة المستحقين من قبيل الاستحقاق والمرتبات التي يفرز من أجلها حصة في أعيان الوقف - بعد إلغائه - على اعتبار أن هذا الصرف لا يعدو أن يكون صدقة لا تكسبهما صفة الاستحقاق، وقد أقر الحكم المطعون فيه هذا النظر وأضاف إليه أن شرط الواقف محل النزاع ورد ضمن خيرات وصدقات الوقف وأن صرفها كان في نطاق هذه الخيرات، فهذا الذي أقام عليه الحكمان قضاءهما استخلاص سائغ يظاهره شرط الواقف.
2 - إذا استظهرت محكمة الموضوع من شرط الواقف تخصيص مبالغ معينة من ريع الوقف تصرف لأحفاده نظير قيام كل منهم بمباشرة شأن من شئون الوقف ومن بعدهم لأولادهم أن هذه المبالغ تعتبر استحقاقاً لهم لا أجر نظر وإن وردت في صورة مرتبات نظير مباشرة شئون الوقف واستدلت في تكييفها لمدلول الشرط بتسلسل الاستحقاق في الموقوف عليهم وأولادهم وذريتهم لحين انقراضهم أجمعين، فإن هذا التكييف القانوني صحيح تسانده عبارات الواقف ولا خروج فيه عن المعنى المستفاد منها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المرحوم إبراهيم مصطفى النقلي أنشأ وقفاً بمقتضى كتاب صدر منه في 28/ 3/ 1910 وكتب أخرى لاحقة عن أعيان بمدينة الإسكندرية مبينة بكتب الوقف - وقد جعل الواقف الاستحقاق من بعد وفاته لأولاده الذكور والإناث وزوجته وعلى الخيرات في صورة حصص أو مرتبات بحسب آخر التغييرات التي أدخلها على شروط وقفه - وتوفي الواقف والوقف على حاله - وبعد أن صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات تقدم المرحوم ياقوت إبراهيم مصطفي النقلي الحارس على الوقف لمحكمة الإسكندرية الشرعية بالطلب رقم 86 سنة 1953 لفرز حصة يفي ريعها بقدر المشروط للخيرات وحصة أخرى يفي ريعها بقدر المشروط للمرتبات. وقيد هذا الطلب بعد إحالته إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية برقم 112 سنة 1956 تصرفات كلي. وتدخل المطعون عليهم الثلاثة الأولون في هذا الطلب منضمين للحارس وطلبوا فرز حصة في الوقف يفي ريعها بمقدار ما هو مشروط لكل منهم بمقتضى كتاب الوقف الصادر في 2/ 9/ 1929 - وجملة المشروط لهم مجتمعين 32 ج. وأقام الطاعنان بدورهما الدعوى رقم 46 سنة 1955 تصرفات إسكندرية الشرعية طالبين فرز حصة لهما في الوقف يفي ريعها بمبلغ 18 ج و200 م. من ذلك 15 ج. كانا يصرفها ناظر الوقف لهما علاوة على استحقاقهما ومبلغ 3 ج و200 م. مقابل ما ورثاه عن والدتهما المرحومة زنوبة محمد الغزاوي التي كان مقرراً لها مرتباً قدره أربعة جنيهات وتوفيت بعد صدور قانون إلغاء الوقف الأهلي عنها وعن بنتها السيدة بدرية. وقررت المحكمة ضم الدعويين لبعضهما وتدخلت فيهما السيدة بدرية إبراهيم مصطفى النقلي طالبة فرز حصة لها في الوقف يفي ريعها بمبلغ 8 ج و800 م من ذلك 8 ج قيمة مرتب بدل الاستحقاق المقرر لها و 800 مليم قيمة ما آل إليها ميراثاً عن والدتها المرحومة زنوبة محمد الغزاوي. وبتاريخ 20/ 4/ 1959 قضت محكمة أول درجة: أولاً - بقبول تدخل كل من عبد المنعم وعبد القادر ومحمد رشاد أحمد إبراهيم النقلي طرفاً منضماً في الدعوى. ثانياً - وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير لفرز حصة يفي ريعها بما شرط للخيرات فيها وفرز حصة لكل من ياقوت مصطفى النقلي وعبد السلام ومحمد عبد الحميد ولدى إبراهيم مصطفي النقلي وبدرية إبراهيم النقلي وعبد المنعم وعبد القادر ومحمد رشاد أحمد إبراهيم النقلي يفي ريعها بما هو مشروط لكل واحد منهم مرتباً واستحقاقاً وأقامت المحكمة قضاءها على ما قررته من أنه لا استحقاق للسيدة بدرية في الوقف إلا بقدر ما آل إليها عن والدتها زنوبة صاحبة المرتب ويخصها فيه ثمانون قرشاً شهرياً. وأن المرتب الذي كان يعطيه ناظر الوقف إلى كل من عبد السلام ومحمد عبد الحميد (طاعنين) لا يعد استحقاقاً يفرز من أجله حصة إذ لا سند لهذا الاستحقاق في كتاب الوقف فليس لهما من استحقاق إلا ما آل إليهما من نصيب في مرتب والدتهما زنوبة ويخصهما فيه 320 قرشاً - وأن ما شرط لكل من عبد المنعم وعبد القادر ومحمد رشاد أولاد أحمد إبراهيم النقلي الأول بمقدار 12 جنيهاً في الشهر والثاني والثالث بمقدار 10 جنيهات لكل واحد منهما شرياً فإن هذه المبالغ تعتبر استحقاقاً لكل واحد منهم في الوقف بمرتب دائم معين وليس أجراً نظير إدارتهم لأعيان الوقف بدليل ما شرط من صرف ذلك المرتب ذاته إلى أولادهم ثم إلى أولاد أولادهم وهكذا لحين انقراضهم. واستأنف الطاعنان والسيدة بدرية هذا الحكم بالاستئناف رقم 20 لسنة 1959 تصرفات أمام محكمة استئناف الإسكندرية (دائرة الأحوال الشخصية تصرفات) وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لهم بطلباتهم التي أبدوها أمام محكمة أول درجة وبتاريخ 11/ 2/ 1960 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع: أولاً - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار المستأنفين الثاني والثالث (الطاعنين) غير مستحقين في وقف المرحوم والدهما إبراهيم مصطفي النقلي - إلا بمقدار ما ورثاه عن أمهما المرحومة زنوبة محمد الغزاوي وقدره 320 قرشاً شهرياً مناصفة بينهما ومن اعتبار المستأنف ضدهم الثلاثة الأولين (المطعون عليهم الثلاثة الأولين) مستحقين في هذا الوقف بمقدار عشرة جنيهات شهرياً لكل من المستأنف عليه الأول والثالث وأثنى عشر جنيهاً للمستأنف عليه الثاني. ثانياً - تعديل الحكم المستأنف بالنسبة لنصيب المستأنفة الأولى (السيدة بدرية) بجعل نصيبها مبلغ 8 ج و800 م شهرياً بدلاً من 800 م وبإعادة الأوراق إلى محكمة الدرجة الأولى لتكليف الخبير المنتدب بمباشرة المأمورية وقفاً لما تقدم - وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لرفض طلب استحقاق الطاعنين لمبلغ الخمسة عشر جنيهاً وإجابة المطعون عليهم الثلاثة الأولين إلى طلب استحقاقهم مبلغ الـ 32 ج على ما جاء بأسباب الحكم الابتدائي وما أضافته محكمة الاستئناف من أسباب أخرى ضمنتها حكمها. وطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض في هذا الخصوص وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10/ 12/ 1961 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها أخيراً بجلسة 3/ 4/ 1962 وصمم الطاعنان على طلباتهما وطلب المطعون عليهم الحاضرون رفض الطعن. وأصرت النيابة على رأيها الذي أبدته بمذكراتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون بمخالفة شرط الواقف ومسخ مضمونه - ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض طلب الطاعنين فرز حصة من أعيان الوقف يفي ريعها مبلغ 15 ج (خمسة عشر جنيهاً) التي كان يصرفها الناظر لهما شهرياً في المدة من سنة 1938 حتى سنة 1956 على ما قرره من أنه لا سند لهذا الاستحقاق من كتاب الوقف الذي لم يحدد شخصاً معيناً وأن صرف الناظر لهذا المبلغ لهما وموافقة المستحقين على هذا الصرف لا يخرجه عن كونه صدقة لا تكسبهما حقاً ولا تضفي عليهما صفة الاستحقاق - مع أن الواقف شرط في كتاب وقفه الرقيم 28/ 3/ 1910 "أن يصرف من بعد وفاته لأقاربه الفقراء والمساكين والمحتاجين وعاجزين عن الكسب ولو كانوا مستحقين في ريع هذا الوقف وغير كاف لمؤونتهم الضرورية من ريع هذا الوقف حسبما يراه الناظر بالنسبة للزمان وحالة المنفق عليه كل شهر" وأنه ظاهر من هذا النص أن ما يصرفه الناظر لأقارب الواقف المستحقين الذين لا يكفيهم استحقاقهم مقرر بصريح النص في كتاب الوقف وفقاً لهذا الشرط - ومتى كان الناظر قد ارتأى بماله من هذه السلطة التقديرية أن الطاعنين ممن لا يكفي الاستحقاق المقرر لهم مؤونتهم الضرورية ورأى أنهما من المحتاجين غير القادرين على الكسب فذلك مما يدخل في ولايته التي خولها إياه الواقف بلا معقب عليه - وإذ كان جميع المستحقين في الوقف أقروا بمطابقة تصرف الناظر لشرط الواقف في خصوص هذا المرتب الشهري فلا يكون ثمة وجه للقول بأن هذا المرتب لا سند له من كتاب الوقف وبأنه منحة من الناظر والمستحقين. ولما كان يبين من أسباب الحكم الابتدائي أنه لم يعتبر المبالغ التي كان يتولى النظر صرفها للطاعنين بموافقة المستحقين من قبيل الاستحقاق والمرتبات التي يفرز من أجلها حصة في أعيان الوقف على اعتبار أن هذا الصرف لها لا يعدو أن يكون صدقة لا تكسبهما صفة الاستحقاق وقد أيد الحكم الاستئنافي هذا النظر وأضاف إليه أن شرط الواقف محل النزاع ورد ضمن خيرات وصدقات الوقف وأن صرفها كان في نطاق هذه الخيرات وهذا الذي أقام عليه الحكمان قضاءهما استخلاص سائغ يظاهره شرط الواقف إذ أن مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو أن الأول لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذا لم ينط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير فإن جعل الواقف غلة وقفه مصروفه للفقراء منهم كان على سبيل القربة والصدقة مما يدخل في نطاق الوقف على وجوه الخير ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون عليهم الثلاثة الأولين لفرز حصة في الوقف تغل لهم مجتمعين 32 جنيهاً شهرياً استناداً إلى ما قرره الحكم من أن هذا المبلغ مقرر لهم بمقتضى كتاب الوقف الرقيم 2/ 9/ 1929 لا كأجر عن عمل بل كاستحقاق دائم لهم قد خالف القانون بمخالفة شرط الواقف وأساء التأويل وشابه قصور. ذلك أن نص شرط الواقف في هذا الخصوص صريح في أن المبلغ نظير عمل يؤدى للوقف مما يقطع بأنه أجر عن القيام ببعض وظائف الوقف فهو من قبيل أجر الناظر ولا يعتبر استحقاقاً على ما هو مقرر شرعاً طالما كان الأجر متناسباً مع العمل ولا ينطوي على استحقاق مستور. ولأنه لا رابطة بين المقدمات التي قررها الحكم وبين النتيجة التي انتهى إليها في هذا الصدد تبريراً للقول بأن هذا الأجر يعتبر استحقاقاً لأن الأجر بطبيعته ليس دائماً بل هو موقوت ببقاء الأجير يؤدي العمل على خلاف الاستحقاق الدائم على مدى حياة المستحق - ولأن الأجر من شأنه أيضاً أن يحفز الأجير على المحافظة على مصلحة العمل الذي يتناول الأجر عنه - ولأنه لا تلازم كذلك بين أجر خادم الوقف الأجير واستحقاق أولاده.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي "وحيث إنه بالنسبة لما شرط لكل من عبد المنعم أحمد إبراهيم النقلي وعبد القادر أحمد إبراهيم النقلي ومحمد رشاد إبراهيم النقلي فإنه بالرجوع إلى كتاب الوقف المؤرخ 2/ 9/ 1929 تبين أن الواقف شرط أن يجعل بعد وفاته حفيده عبد المنعم المذكور مباشراً وناظراً لجميع عمارات وقفه وترميماته وتصليحه وجعل له في نظير ذلك مرتباً شهرياً قدره 12 جنيهاً يصرف له من ريع الوقف ومن بعده لأولاده ثم لأولاد أولاده وهكذا لحين انقراضهم كما شرط لعبد القادر سالف الذكر 10 جنيهات مصرية في الشهر نظير جبايته لريع وقفه بعد وفاته كما شرط لمحمد رشاد 10 جنيهات نظير أعماله الكتابية لحساب وقفه وبعد وفاة كل منهما يصرف لأولاده ثم لأولاد أولاده وهكذا لحين انقراضهم. والمحكمة بدورها ترى أنه وإن كانت هذه المقادير في شكل مرتبات إلا أنها استحقاق لكل منهم في الوقف بمرتب دائم معين بدليل ما شرط من صرف ذلك المرتب إلى أولاد المستحق المذكور ثم إلى أولاد أولاده وهكذا لحين انقراضهم ولو كان قصد الواقف أن يكون ذلك أجراً نظير إدارتهم لأعيان الوقف لما تطلب أن يصرف إلى أولادهم وأحفادهم حتى ينقرضوا جميعاً. والسبب الدافع لشرط الواقف على هذا النحو هو أن يحمل خلفاءه على العمل من بعده محافظة منهم على أعيان الوقف بحيث لا يعتبر الواحد منهم طالباً للاستحقاق فحسب - يؤكد هذا المعنى أيضاً أن تسلل المرتب في الذرية يستوجب اعتبار ذلك استحقاقاً في الوقف بقدر معين محدود - وتخصيص المذكورين بهذه المبالغ نظير قيام كل منهم بعمل لا يخرجهم عن كونهم مستحقين فيه هم وأولادهم من بعدهم ولأن مرتباتهم هذه لها صفة الدوام والاستمرار وتأخذ حكم الاستحقاق في قانون الوقف..." وقد أقر الحكم المطعون فيه هذه الأسباب وأضاف إليها "أن ما قاله الحكم المستأنف وما انتهى إليه من اعتبار المبلغ المنصرف إلى المستأنف عليهم الثلاثة الأول بمثابة استحقاق صحيح في القانون. ذلك أن المادة الثالثة من القانون 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات نصت على أن (تصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبين بالمادة السابقة ملكاً للواقف إن كان حياً - فإن لم يكن آلت الملكية إلى المستحقين الحاليين كل بقدر حصته في الاستحقاق... ويتبع في تعيين تلك الحصة الأحكام المنصوص عليها في المواد 36، 37، 38، 39 من القانون 48 لسنة 1946) ولم يرد في نصوص القانون 48 لسنة 1946 ما يشير إلى أن المشرع حدد معنى المستحق ولكن في المذكرة التفسيرية لقانون إلغاء الوقف فسرت كلمة المستحق بأنه (هو من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً) ولما كان المستأنف عليهم الثلاثة الأول ممن ينطبق عليهم هذه الشروط فلا يكون الحكم المستأنف قد أخطأ إذ اعتبرهم من المستحقين..." ويبين من هذا الذي أورده الحكمان الابتدائي والاستئنافي أن محكمة الموضوع إذ استظهرت من شرط الواقف تخصيص مبالغ معينة من ريع الوقف تصرف لأحفاده المطعون عليهم الثلاثة الأولين نظير قيام كل منهم بمباشرة شأن من شئون الوقف ومن بعدهم لأولادهم أن هذه المبالغ تعتبر استحقاقاً لهم لا أجر نظر وإن وردت في صورة مرتبات نظير مباشرة شئون الوقف واستدلت في تكييفها لمدلول هذا الشرط حسبما انتهت إليه بتسلسل الاستحقاق في الموقوف عليهم وأولادهم وذريتهم لحين انقراضهم أجمعين - وهو تكييف قانوني صحيح تسانده عبارات الواقف ولا خروج فيه عن المعنى المستفاد منها - إذ كان ذلك، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 4355 لسنة 43 ق جلسة 6 / 2 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 31 ص 331

جلسة 6 من فبراير سنة 1999 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسري زين العابدين عبد الله - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمود سامي الجوادي، ولبيب حليم لبيب، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعطية عماد الدين نجم - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(31)

الطعن رقم 4355 لسنة 43 قضائية عليا

اتحاد الإذاعة والتليفزيون - عاملون بالإدارة القانونية - الترقية والنقل خارج المجموعة النوعية لوظائف القانون.
المادة 33 من لائحة شئون العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بقرار مجلس الأمناء رقم 396 لسنة 1993 والمادة 19 من قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها رقم 47 لسنة 1973.
الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعليا يكون بالاختيار بشرط تحقق مرتبة الكفاية المطلوبة مع التقيد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية - يشترط لشغل أعضاء الإدارة القانونية لوظائف الدرجة الممتازة والعالية خارج المجموعة النوعية لوظائف القانون فضلاً عن توافر الشروط السابقة موافقة العضو كتابة على نقله إلى وظيفة غير قانونية وموافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (17) من قانون الإدارات القانونية وصدور قرار من الجهة الإدارية بنقل العامل إلى وظيفة غير قانونية بموجب سلطتها التقديرية التي تتمتع بها في هذا النطاق - لا بد من توافر هذه الشروط مجتمعة ليشغل عضو الإدارة القانونية إحدى وظائف الدرجتين الممتازة والعالية خارج المجموعة النوعية لوظائف القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8/ 6/ 1997 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4355 لسنة 43 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12/ 4/ 1997 في الدعوى رقم 879 لسنة 50 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار وزير الإعلام رقم 116 لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة مستشار من الدرجة العالية بقطاع الإذاعة مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام المطعون ضدهما بصفتهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 23/ 11/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية موضوع) وحدد لنظره أمامها جلسة 2/ 1/ 1999 وبها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/ 1/ 1999 حيث تقرر مد أجل النطق به لجلسة اليوم لإتمام المداولة وبها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 28/ 10/ 1995 أقام السيد/ ...... الدعوى رقم 879 لسنة 50 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من وزير الإعلام ورئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون بصفتهما طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 116 لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطيه وترقية من يليه في ترتيب الأقدمية لشغل وظيفة مستشار من الدرجة العالية وبأحقيته في التعيين في هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال المدعي "شرحاً دعواه" أنه حصل على ليسانس الحقوق عام 1969 وعين بالإدارة القانونية بقطاع الإذاعة إلى أن رقي مديراً عاماً للشئون القانونية في 7/ 4/ 1985 ثم تم تسكينه مديراً عام للفتوى واللوائح بالقرار رقم 214 لسنة 1990 ثم صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 8/ 5/ 1995 بتعيين بعض العاملين في وظيفة مستشار من الدرجة العالية بقطاع الإذاعة متخطياً إياه في التعيين رغم أنه تقدم بموافقة كتابية باعتبار أنه من المخاطبين بالقانون رقم 47 لسنة 1973 وأنه تظلم من هذا القرار في 6/ 7/ 1995 ثم أقام دعواه للحكم له بطلباته وبجلسة 12/ 4/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها برفض الدعوى تأسيساً على أن الثابت أن المدعي يشغل وظيفة مدير عام بالإدارة القانونية بالجهة المدعى عليها من 7/ 4/ 1985 وأنه تقدم بطلب مؤرخ 8/ 10/ 1994 لترشيحه لشغل وظيفة مستشار من الدرجة العالية، وأنه لا إلزام على جهة الإدارة بنقله إلى خارج الإدارة القانونية وإذ قامت الجهة الإدارية بإصدار قرارها المطعون فيه بتعيين بعض العاملين بها من إدارات أخرى في وظيفة مستشار من الدرجة العالية وهي وظيفة تكرارية دون تعيين المدعي في هذه الوظيفة فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر صحيحاً. وأضاف الحكم أن مجرد تقدم المدعي بموافقة كتابية تتضمن موافقته على النقل خارج الإدارة القانونية لا يعني نقله إذ إن ذلك مرهون بالسلطة التقديرية للجهة الإدارية وموافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (17) من قانون الإدارات القانونية وقد خلت الأوراق مما يفيد موافقة اللجنة المذكورة على هذا النقل ولم يصدر قرار بذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلة مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن حكم المادة (17) من القانون رقم 47 لسنة 1973 لا يسري على طلب النقل الذي تقدم به الطاعن إذ لا يشترط الحصول على موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة المشار إليها باعتبار أنه لم يطلب النقل إلى وزارة أخرى وإنما طلب النقل خارج الهيكل الوظيفي ليشغل وظيفة مستشار من الدرجة العالية وهو ما لا يستلزم موافقة اللجنة المشار إليها وأضاف أن القرار المطعون فيه جاء مشوباً بإساءة استعمال السلطة إذ إنه لم يعامل الطاعن معاملة بعض زملائه المعينين في وظيفة مستشار من الدرجة العالية دون أخذ موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (17) سالفة الذكر كما أن القرار المطعون فيه قد عين في الوظيفة المذكورة من هو أدنى منه في الأقدمية والكفاية وهو ما يصم هذا القرار بعيب إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن المادة (33) من لائحة شئون العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادر بقرار رئيس مجلس الأمناء رقم 369 لسنة 1993 تنص على أن "تكون الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية بالاختيار وذلك على أساس بيانات تقييم الأداء وما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز...... ويشترط في الترقية بالاختيار أن يكون العامل حاصلاً على مرتبة ممتاز في تقرير الكفاية عن السنتين الأخيرتين ويفضل من حصل على مرتبة ممتاز في السنة السابقة مباشرة وذلك مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية....."
وتنص المادة (19) من قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها رقم 47 لسنة 1973 على أنه (لا يجوز نقل أو ندب مديري وأعضاء الإدارات القانونية إلى وظائف غير قانونية إلا بموافقتهم الكتابية. على أنه إذا قدرت كفاية أحدهم بدرجة دون المتوسط في سنتين متواليتين جاز نقله إلى عمل آخر يتلاءم مع استعداده في نطاق الوزارة أو خارجها بفئته ومرتبه فيها فإذا قدم عنه ثلاثة تقارير بدرجة ضعيف جاز إنهاء خدمته مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة وذلك كله بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (17) من هذا القانون.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية يكون بالاختيار بشرط تحقق مرتبة الكفاية المطلوبة مع التقيد بالأقدمية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية، إلا أنه يشترط لشغل أعضاء الإدارات القانونية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية خارج المجموعة النوعية لوظائف القانون. فضلاً عن توافر الشروط المنصوص عليها في المادة (33) من لائحة شئون العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون سالفة الذكر، موافقة العضو كتابة على نقله إلى وظيفة غير قانونية وموافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (17) من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه وصدور قرار من الجهة الإدارية بنقل العامل إلى وظيفة غير قانونية بموجب سلطتها التقديرية التي تتمتع بها في هذا النطاق ولا بد من توافر هذه الشروط مجتمعة ليشغل عضو الإدارة القانونية إحدى وظائف الدرجتين الممتازة والعالية خارج المجموعة النوعية لوظائف القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة مدير عام الفتوى واللوائح بإدارة الشئون القانونية بقطاع الإذاعة وأنه تقدم بطلب مؤرخ 8/ 10/ 1994 لترشيحه لشغل وظيفة مستشار من الدرجة العالية بقطاع الإذاعة وهي وظيفة تكرارية تنتمي للمجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا إلا أنه وقد خلت الأوراق من موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (17) من قانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه كما أن الجهة الإدارية لم تصدر قراراً بنقله إلى وظيفة غير قانونية دونما إساءة لاستعمال سلطتها في ذلك ومن ثم فإنه لا تثريب على الجهة الإدارية عندما أصدرت قرارها المطعون فيه رقم 116 لسنة 1995 بتعيين بعض العاملين بقطاع الإذاعة في وظيفة مستشار ليس من بينهم الطاعن استناداً إلى عدم استيفاء الطاعن للشروط القانونية اللازمة لشغله هذه الوظيفة. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون متفقاً والتطبيق الصحيح لحكم القانون وتكون الدعوى قائمة على غير سند جديرة بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر إذ قضى برفض الدعوى فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون النعي عليه غير سديد مما يتعين معه الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.

الطعن 454 لسنة 36 ق جلسة 10 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 122 ص 743

جلسة 10 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(122)
الطعن رقم 454 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "حالات الطعن". قوة الأمر المقضى. إيجار.
جواز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضى. وجوب توافر وحدة الخصوم والموضوع والسبب. مثال في دعوى إيجار.
(ب) إثبات. "العدول عن إجراءات الإثبات". إيجار. "إيجار الأماكن. قوة الأمر المقضى".
القضاء بندب خبير لبيان أجرة المثل. جواز العدول عن هذا الإجراء إذا ما تبينت المحكمة الأجرة الحقيقية والفصل في الدعوى على هذا الأساس. لا يعد مخالفة لحجية الأمر المقضي.

--------------
1 - جوزا الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضى، شرطه أن يكون الحكم السابق صادراً بين الخصوم أنفسهم، وتخلف شرط وحدة الخصوم لا يغني عنه وحدة المسألة في الدعويين وكونها كلية شاملة، إذ أن مناط حجية الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضى به، هو وحدة الخصوم ووحدة الموضوع والسبب. وإذ كان الحكم السابق قد صدر في خصومة قامت بين الطاعن (المؤجر) ومستأجر آخر بخصوص تخفيض إيجار الشقة التي يؤجرها الأخير بذات عقار النزاع، ولم يختصم فيها أحد من المطعون عليهم (مستأجرين لباقي وحدات العقار) فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه، بدعوى مخالفته الحكم السابق لا يكون جائزاً لتخلف أحد شروط المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - متى كان الحكم السابق - في ذات الدعوى - قد رأي تقدير الأجرة على أساس أجرة المثل في أكتوبر سنة 1952 مخفضاً بنسبة 15% حتى آخر يونيه سنة 1958 وقضى بندب خبير لبحث ذلك، ثم رأي الحكم المطعون فيه أن أجرة شهر يونيه سنة 1958 ثابتة وواضحة من أوراق الدعوى فقضى بالعدول عما حكم به من ندب خبير لبيان أجرة المثل، وذلك عملاً بالحق المخول للمحكمة بمقتضى المادة 165 مرافعات، ومن ثم فقد أضحى قضاء الحكم السابق في خصوص بيان أجرة المثل غير قائم، ولا يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في نزاع على خلاف حكم آخر حائز لقوة الشيء المقضى فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الدكتور أحمد حشمت أبو ستيت وآخرين أقاموا الدعاوى أرقام 5307 سنة 1959 و2561 سنة 1959، 3147 سنة 1959، 1444 سنة 1959 مدني كلي القاهرة ضد السيد/ إسماعيل عبد الحميد بركات طلبوا فيها الحكم (أصلياً) بتخفيض القيمة الإيجارية لكل شقة من الشقق المؤجرة لكل منهم بنسبة 20% طبقاً للمادة 5 مكرر 4 من القانون رقم 121 سنة 1947 المضافة بموجب القانون 55 سنة 1958 (واحتياطياً) بتخفيض الأجرة بواقع 15% طبقاً للمادة 5 مكرر من قانون الإيجارات المضافة بالقانون 199 سنة 1952، وأصدرت المحكمة قرارات متعاقبة بضم الدعاوى الخمس لبعضها للفصل فيها بحكم واحد للارتباط بينها، وبتاريخ 25/ 5/ 1960 حكمت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب خبير للاطلاع على أوراق الدعاوى المذكورة والانتقال إلى الأمكنة المؤجرة لتقدير أجر المثل في كل منها في أكتوبر سنة 1952 مخفضاً بنسبة 15% حتى آخر يونيه سنة 1958 ومخفضاً بنسبة 20% من أول يوليه سنة 1958 وبعد أن قدم الخبير تقريره واستمعت المحكمة لدفاع الخصوم حكمت في 12/ 6/ 1966 بتخفيض الأجرة بنسبة 20% اعتباراً من أجرة شهر يوليه سنة 1958 طبقاً لأحكام القانون 55 لسنة 1958 وطعن الطاعن بصفته في الحكم المذكور بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة وصمم الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليهم الستة الأول والثامنة والتاسع والحادي عشر الحكم أصلياً بعدم جواز الطعن واحتياطياً برفضه، وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف حكم سابق مما يجيز له الطعن فيه بطريق النقض عملاً بالقانون رقم 57 سنة 1959 الصادر في شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض وفي بيان ذلك يقوم الطاعن إن الخلاف قام بين مستأجري العقار وبين مالكه حول القوانين التي يجب تطبيقها بالنسبة لتخفيض إيجارات الأعيان المملوكة له فأقام المستأجرون الدعوى رقم 5207 سنة 1959 والدعاوى المنضمة إليها بطلب تخفيض الأجرة، وأقام الطاعن الدعوى رقم 3795 سنة 1958 القاهرة الابتدائية ضد المهندس يوسف غبريال مستأجر الشقة رقم 28 بذات العقار، وكان الخلاف في الدعوى المذكورة يدور حول سريان القانون رقم 55 سنة 1958 الخاص بخفض الإيجارات على العقارات المبنية بعد 18/ 9/ 1952 ابتداء من الأجرة المستحقة عن شهر يوليو سنة 1958 وصدر الحكم فيها بتاريخ 26/ 4/ 1959 بعدم سريان أحكام هذا القانون على شقق العقار المذكور وهو حكم نهائي لم يطعن فيه بأي طعن، وبالرغم من ذلك فقد صدر الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 5207 سنة 59 كلي القاهرة والدعاوى المنضمة لها بتاريخ 12/ 6/ 1966 بجعل نسبة الخفض بواقع 20% من الإيجار، ثم 13.7% ثم 20% حسب البيان الذي أورده، وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 55 سنة 1958 فجاء على خلاف الحكم السابق، هذا إلى أن محكمة الموضوع كانت قد حكمت بتاريخ 25/ 5/ 1960 وقبل صدور الحكم المطعون فيه حكماً بندب خبير لتقدير أجر المثل لأماكن النزاع في أكتوبر سنة 1952 مخفضاً بنسبة 15% حتى آخر يونيه سنة 1958 ومخفضاً بنسبة 20% من أول يونيه سنة 1958 واستندت في أسباب هذا الحكم إلى أن أماكن النزاع تخضع للقانونين رقمي 199 سنة 1952، 55 سنة 1958 ويسري عليها كلا التخفيضين، ثم أصدرت حكمها المطعون فيه بتاريخ 12/ 6/ 1966 مستندة فيه إلى أن القانون رقم 55 سنة 1958 هو الواجب التطبيق وحده لإجراء خفض إيجار أماكن النزاع، فجاء حكمها بذلك مخالفاً للحكم القطعي السابق صدوره منها في ذات النزاع وبين الخصوم أنفسهم مما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود في الوجه الأول بأن جواز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضى شرطه أن يكون الحكم السابق صادراً بين الخصوم أنفسهم، وتخلف شرط وحدة الخصوم لا يغني عنه وحدة المسألة في الدعويين وكونها كلية شاملة، إذ أن مناط حجية الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضى به وحدة الخصوم ووحدة الموضوع والسبب. إذ كان ذلك وكان الحكم السابق صدوره في الدعوى رقم 3795 سنة 1958 كلي إيجارات القاهرة قد صدر في خصومة قامت بين الطاعن والسيد المهندس يوسف غبريال بخصوص تخفيض إيجار الشقة التي يؤجرها الأخير بذات عقار النزاع ولم يختصم فيها أحد من المطعون عليهم، فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بدعوى مخالفته الحكم السابق لا يكون جائزاً لتخلف شرط من شروط المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959، والنعي مردود في وجهه الثاني بأنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه والحكم الذي أصدرته المحكمة قبله في 25/ 5/ 1960 بندب خبير لتقدير أجر المثل أن الحكم المطعون فيه جاء مماثلاً للحكم الصادر قبله من حيث تطبيق أحكام القانون رقم 55 لسنة 1958 على إيجار شقق النزاع بتخفيض الأجرة بنسبة 20% اعتباراً من أجرة شهر يوليه سنة 1958. وأن الخلاف بين الحكمين منحصر في مسألتين (الأولى) أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بما ارتآه حكم 25/ 5/ 1960 من تخفيض الأجرة بنسبة 15% في المدة السابقة لشهر يوليه سنة 1958. وهذا الذي أخذ به الحكم المطعون فيه قضاء لصالح الطاعن و(الثانية) أن حكم 25/ 5/ 1960 كان قد رأي تقدير الأجرة على أساس أجرة المثل في أكتوبر سنة 1952 مخفضاً بنسبة 15% حتى آخر يونيه سنة 1958 وقضى بندب خبير لبحث ذلك ثم رأي الحكم المطعون فيه أن أجرة شره يونيه سنة 1958 ثابتة وواضحة من أوراق الدعوى فقضى بالعدول عما حكم به في 25/ 5/ 1960 من ندب خبير لبيان أجرة المثل، وذلك عملاً بالحق المخول للمحكمة بمقتضى المادة 165 مرافعات. ومن ثم أضحى قضاء الحكم السابق في خصوص بيان أجرة المثل غير قائم. ولا يكون الحكم المطعون فيه لا يكون قد فصل في نزاع على خلاف حكم آخر حائز لقوة الشيء المقضى فيه. ولما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة ابتدائية في منازعة ناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 فإن الطعن فيه بطريق النقض لا يكون جائزاً.

الطعن 59 لسنة 34 ق جلسة 9 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 121 ص 739

جلسة 9 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمد طايل راشد.

----------------

(121)
الطعن رقم 59 لسنة 34 القضائية

ضرائب. "دعوى الضرائب". استئناف. "ميعاد الاستئناف". قانون.
أحكام المحاكم الابتدائية في الطعون في قرارات لجان الطعن الخاصة بالضريبة على إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل. ميعاد استئنافها ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم. لا يغير من ذلك أن القانون 100 لسنة 1962 جعل ميعاد الطعن في الحكم من وقت النطق به.. عدم جواز إهدار القانون الخاص لإعمال القانون العام.

---------------
مؤدى نص المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - معدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1952 - والمادة 99 منه - معدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1954 - أن ميعاد الاستئناف الذي يرفع من الممول أو من مصلحة الضرائب عن الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية المتعلقة بالطعون في قرارات اللجان الخاصة بالضريبة على إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل هو ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم، ولا يغير من ذلك أن المشرع، وبمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1962، جعل ميعاد الطعن في الحكم سارياً من وقت النطق به بدلاً من وقت إعلانه على تقدير أن الخصم يفترض فيه عادة العلم بالخصومة وما يتخذ فيها من إجراءات، ذلك أن المشرع نفسه نص في المادة 379 من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على أن "يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من وقت صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك"، فضلاً عن أن قانون المرافعات هو القانون العام فيما يختص بالمواعيد والإجراءات في حين أن النص في المادة 99 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن ميعاد استئناف الأحكام المبينة فيها ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم وإنما هو نص خاص، والمقرر قانوناً أنه لا يجوز إهدار القانون الخاص لإعمال القانون العام، لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن أحمد عبد الله أبو طالب أقام الدعوى رقم 163 لسنة 1959 المنيا الابتدائية ضد مصلحة الضرائب يطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة طعن بني سويف رقم 418 لسنة 1958 الخاص بتحديد أرباحه التجارية في السنوات من سنة 1951 إلى سنة 1954، وبتاريخ 1/ 11/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) وبالنسبة لسنتي 1952، 1953 بإلغاء القرار المطعون فيه واعتبار الطاعن غير خاضع لضريبة الأرباح التجارية عن تجارة الأقطان في هاتين السنتين وألزمت مصلحة الضرائب بمصروفات هذا الشق (ثانياً) وبالنسبة لسنتي 1951، 1954 وقبل الفصل في موضوعهما بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت مصلحة الضرائب بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أن الطاعن قد امتهن تجارة الأقطان في هاتين السنتين وصرحت للأخير بالنفي بذات الطرق. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم - في شقه الأول - طالبة الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة المطعون فيه بالنسبة لسنتي 1952، 1953 واعتبار المستأنف عليه خاضعاً لضريبة الأرباح التجارية والصناعية عن تجارة الأقطان في هاتين السنتين. (ثانياً) أصلياً اعتبار قرار اللجنة نهائياً بالنسبة لسنتي 1952، 1953 واحتياطياً رفض طعن المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة وتأييد القرار المطعون فيه بالنسبة لهاتين السنتين. (ثالثاً) إلزام المستأنف عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقيد هذا الاستئناف برقم 86 سنة 1 ق، ودفع المستأنف عليه بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وبتاريخ 3/ 12/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدفع وبسقوط الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وألزمت المستأنفة بالمصروفات الاستئنافية وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وبالجلسة طلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بسقوط الحق في الاستئناف على أن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية - والتي لم تعلن بعد هو ستون يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون في 14/ 7/ 1962 وأن الاستئناف وقد رفع بتاريخ 31/ 12/ 1962 أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً على تاريخ العمل بالقانون فإنه يكون قد رفع بعد الميعاد المقرر بالقانون ويتعين الحكم بسقوط الاستئناف، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في الطعن في قرارات لجان الطعن بشأن الأرباح التجارية والصناعية هو ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان هذا الحكم طبقاً لنص المادتين 54، 99 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ولا محل لاحتساب ميعاد الاستئناف وبدء سريانه طبقاً لقانون المرافعات، لأنه لا يلجأ لهذا القانون باعتباره القانون العام في المواعيد والإجراءات المقررة بقانون خاص يخالف القانون العام في أحكامه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1952 - تنص على أن "لكل من مصلحة الضرائب والممول الطعن في قرارات اللجنة أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية خلال شهر من تاريخ إعلانه بالقرار على الوجه المبين بالمادة السابقة، ويجوز استئناف الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في هذا الشأن أياً كانت قيمة النزاع" كما تنص المادة 99 منه - معدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1954 على أن "يكون ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية طبقاً للمادة 54 ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الحكم" وهي نصوص صريحة قاطعة في أن ميعاد الاستئناف الذي يرفع من الممول أو من مصلحة الضرائب عن الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية المتعلقة بالطعون في قرارات اللجان الخاصة بالضريبة على إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل هو ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم، ولا يغير من ذلك أن المشرع، وبمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1962 جعل ميعاد الطعن في الحكم سارياً من وقت النطق به بدلاً من وقت إعلانه، على تقدير أن الخصم يفترض فيه عادة العلم بالخصومة وما يتخذ فيها من إجراءات، ذلك أن المشرع نفسه نص في المادة 379 من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على أن "يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من وقت صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك." فضلاً عن أن قانون المرافعات هو القانون العام فيما يخص بالمواعيد والإجراءات في حين أن النص في المادة 99 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن ميعاد استئناف الأحكام المبينة فيها ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم إنما هو نص خاص، والمقرر قانوناً إنه لا يجوز إهدار القانون الخاص لأعمال القانون العام لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بسقوط الحق في الاستئناف على ما قرره من أن ".... الحكم المستأنف صدر بتاريخ أول نوفمبر سنة 1960 أي قبل العمل بالقانون رقم 100 سنة 1962 ولما كان لم يعلن بعد فيكون مبدأ سريان ميعاد الاستئناف هو يوم 14/ 7/ 1962 وقد تجاوز المستأنف الميعاد القانوني إذ لم يرفع الاستئناف إلا بالعريضة المقدمة لقلم المحضرين في 31/ 12/ 1962" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 40 لسنة 29 ق جلسة 19 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 أحوال شخصية ق 120 ص 843

جلسة 19 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

-----------------

(120)
الطعن رقم 40 لسنة 29 ق "أحوال شخصية"

(أ) حكم. "بياناته". أحوال شخصية. "تدخل النيابة العامة". نيابة عامة.
وجوب إبداء رأي النيابة في قضايا الأحوال الشخصية. لا لزوم لإبداء الرأي في كل خطوة من خطوات الدعوى. عدم إبداء النيابة رأيها بعد إعادة القضية إلى المرافعة. لا بطلان.
(ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "الإرث".
دعاوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين من المصريين كانت من اختصاص المحاكم الشرعية تجرى فيها وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
(ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "ثبوت النسب".
دعوى النسب بعد وفاة المورث لا ترفع استقلالاً، بل يجب رفعها ضمن دعوى حق في التركة. اختصاص القضاء الشرعي بدعوى النسب عملاً بقاعدة قاضي الأصل هو قاضي الفرع - خروج دعوى النسب من اختصاص المجالس الملية.
(د) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "ثبوت النسب" "الإرث" "الأحكام الواجبة التطبيق".
تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم تحكمه الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها.
(هـ) حكم. "عيوب التدليل" "قصور" "ما لا يعد كذلك". أحوال شخصية."ثبوت النسب". إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
تقدير أقوال الشهود مما تستقل به محكمة الموضوع. عدم تعويل الحكم في إثبات النسب على أقوال الشهود وحدها بل أضاف إليها إقرار المتوفى بالزوجية وبنسبة الحمل المستكن إليه في محضر تحقيق وقيده للمولود في دفاتر الصحة باعتباره ابنا له. النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في غير محله.

--------------
1 - لم يوجب القانون أن تبدى النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى. ومتى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية فإنه لا يعيبه عدم إبداء النيابة رأيها في المرحلة اللاحقة على إعادة القضية إلى المرافعة لأن ذلك محمول على أنها لم تجد ما يدعوها لتغيير رأيها السابق وإبداء رأي جديد. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 107 مرافعات من أنه "يجوز للمحكمة في الأحوال الاستثنائية التي ترى فيها قبول تقديم مستندات جديدة أو مذكرات تكميلية أن تأذن في تقديمها وفي إعادة المرافعة وتكون النيابة آخر من يتكلم".
2 - دعاوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين من المصريين كانت من اختصاص المحاكم الشرعية تجري فيها وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
3 - دعوى النسب بعد وفاة المورث لا يمكن رفعها استقلالاً وبالنسب وحده بل يجب أن تكون ضمن دعوى حق في التركة يطلبه المدعي مع الحكم بثبوت نسبه، مما ينبني عليه أن اختصاص القضاء الشرعي بالنظر في دعوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين يستتبع حتماً اختصاصه بدعوى النسب عملاً بقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع ولا مجال للقول بفصل دعوى النسب عن دعوى الميراث وجعل الأولى من اختصاص المجلس الملي، لأنه إذا اعتبر ثبوت النسب مسألة أولية يجب الفصل فيها أولاً من المجالس الملية فإن دعوى الميراث لا تكون إلا مجرد تقسيم للتركة لا يقتضي الالتجاء إلى القضاء. ولا جدوى من الاستناد إلى القانون 462 لسنة 1955 في هذا الصدد لأن هذا القانون إنما نقل الاختصاص من المحاكم الشرعية والمجالس الملية إلى القضاء العام دون تغيير لقواعد الاختصاص السابقة فيما بين القضاء الشرعي والمجالس الملية.
4 - تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم تحكمه الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها.
5 - تقدير أقوال الشهود مما تستقل به محكمة الموضوع. فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يأخذ في إثبات النسب بأقوال الشهود وحدها وإنما أخذ بإقرار المتوفى بالزوجية وبنسبة الحمل المستكن إليه في محضر تحقيق وبقيده في دفاتر الصحة وباعتباره ابنا له، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 29 لسنة 1954 كلي القاهرة الابتدائية الشرعية بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على بنتيها مرجريت وجورجيت وحمل مستكن ضد الطاعن الثاني قالت فيها إنها زوجة ثانية للمرحوم جورج طواف وأن أولادها المذكورين منه وطلبت الحكم باعتبارهم ضمن ورثته مع الطاعنين ثم قصرت الدعوى على أولادها وبعد إلغاء المحاكم الشرعية أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية حيث قيدت برقم 98 لسنة 1956 كلي أحوال شخصية وتدخل باقي الطاعنين في الدعوى منضمين للطاعن الثاني وقضت المحكمة بقبول تدخلهم فيها وطلب الطاعنون إحالة القضية إلى الدائرة الملية تأسيساً على أن الطاعن الثاني كان قد دفع الدعوى أمام المحكمة الشرعية بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وبعدم سماعها لسبق الفصل فيها من المجلس الملي للسريان الكاثوليك وقضت المحكمة في 25 فبراير سنة 1956 برفض الدفع بالإحالة فاستأنفه الطاعنون بالاستئنافين رقم 116، 117 سنة 73 ق استئناف القاهرة وقضت محكمة الاستئناف في 4 إبريل سنة 1956 بعدم جواز الاستئناف لأن الحكم المستأنف لم يفصل في موضوع الخصومة وطعن الطاعنون بالنقض في هذا الحكم فقضت دائرة فحص الطعون بجلسة 28 نوفمبر سنة 1956 بعدم جواز الطعن وعاد الطاعنون إلى المحكمة الابتدائية وتمسكوا بالدفع بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل فيها وقضت المحكمة الابتدائية بجلسة 24 نوفمبر سنة 1956 برفض الدفع وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها وفاة المورث وأن أولادها منه وهم من ضمن ورثته وصرحت للطاعنين بالنفي وقالت في حكمها إن الحكم الصادر من المجلس الملي للسريان الكاثوليك صدر من جهة لا ولاية لها فاستأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 213 سنة 73 ق استئناف القاهرة وقضت محكمة الاستئناف في 13 إبريل سنة 1957 بعدم جواز الاستئناف واستمرت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية وقضت في 29 يونيو سنة 1957 بعد سماع الشهود بوفاة المورث وبأن أولاد المطعون عليها من ورثته وقسمت التركة على هذا الأساس فاستأنف الطاعنون هذا الحكم والحكمين السابقين بالاستئناف رقم 164 سنة 74 ق استئناف القاهرة وقضت محكمة الاستئناف في 28 يونيو سنة 1956 بالتأييد فقرر الطاعنون في 26 يوليو سنة 1959 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وطلبوا للأسباب الواردة بتقرير الطعن نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت بجلسة 13 ديسمبر سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفضه وصممت النيابة العامة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان لإغفاله إجراءاً جوهرياً ذلك أن محكمة الاستئناف كانت قد حجزت القضية للحكم بعد أن قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها ثم أعيدت القضية للمرافعة بناء على طلب الطاعنين للرد على مذكرة النيابة ولضم الجنحة رقم 1043 سنة 1950 الرمل ولمناقشة المطعون عليها وقدم الطرفان مذكراتهما وترافعا بجلسة 3 يونيو سنة 1959 ثم حجزت القضية للحكم لجلسة 28 يونيو سنة 1959 دون أن تسمع المحكمة رأى النيابة فيما استجد في الدعوى واكتفت بمذكرة النيابة المؤرخة في 7 إبريل سنة 1958 مع أنها كانت سابقة على تاريخ فتح باب المرافعة وقد جد بعدها في الدعوى دفاع مفصل وتبادل مكاتبات مع محكمة الرمل لضم قضية الجنحة ثم مرافعة شفوية ولم تبد النيابة رأيها في ذلك كله مما يعتبر مخالفة للقانون ولأحكام المادتين 106 و107 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن القانون لم يوجب أن تبدي النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى ولا في كل مستند فيها وإنما أوجب إبداء رأيها في القضية على أي وجه وقد أثبت الحكم المطعون فيه ذلك واسم عضو النيابة الذي أبدي رأيه فيها وأما أن النيابة لم تبد الرأي في المرحلة اللاحقة على إعادة القضية إلى المرافعة فإنه محمول على أنها لم تجد في ذلك ما يدعوها لتغيير رأيها السابق أو إبداء رأي جديد وأنه وإن كانت المادة 106 من قانون المرافعات نصت على أنه "لا يجوز للخصوم بعد تقديم (النيابة) أقوالها وطلباتها أن يطلبوا الكلام ولا أن يقدموا مذكرات جديدة وإنما يجوز لهم أن يقدموا للمحكمة بياناً كتابياً لتصيح الوقائع التي ذكرتها النيابة" كما نصت المادة 107 من القانون المذكور على أنه "ومع ذلك يجوز للمحكمة في الأحوال الاستثنائية التي ترى فيها قبول تقديم مستندات جديدة أو مذكرات تكميلية أن تأذن في تقديمها وفي إعادة المرافعة وتكون النيابة آخر من يتكلم" ومفاد هذا النص أن تكون النيابة أخر من يتكلم إذا عن لها الكلام هذا فضلاً عن أن المشرع لم يرتب البطلان على عدم مراعاة تلك الأحكام ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في النعي على الحكم بأنه قد اكتنفه الغموض والإبهام وأقيم على أسباب قلقة مخالفة للقانون إذ أنه انتهى إلى القول بتطبيق المادة 305 من اللائحة الشرعية على الدعوى وهي تجيز أن يستأنف استقلالاً الحكم الصادر برفض الدفع بالإحالة إلى الدائرة الملية وبرفض الدفع بعد سماع الدعوى لسبق الفصل فيها فإذا لم يطعن بالاستئناف فيهما فإن استئناف الحكم الصادر في الموضوع يشملهما - أما إذا استؤنف الحكمان في الدفع استقلالاً وقضى فيهما فإنه يمتنع على الخصوم طرح استئنافهما من جديد ولكن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر ذلك نظر في موضوع الاستئناف عن هذين الدفعين وقضى فيهما بالرفض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن الحكم في الدفع بالإحالة وفي الدفع بعدم سماع الدعوى السابقة الفصل فيها مما يجوز استئنافه استقلالاً عملاً بأحكام اللائحة الشرعية الواجبة التطبيق دون قانون المرافعات عاد وقرر أنه احتراماً لحجية الحكمين السابقين صدورهما من محكمة الاستئناف في هذين الدفعين يتعين بحث موضوعهما وقضت فيهما بالرفض ومن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعنون في هذا السبب ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب النعي يتحصل في النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون من عدة وجوه الأول أن الحكم اعتبر أن الدعوى دعوى ميراث مع أن الإرث في ذاته من حيث هو إرث لا خصومة فيه وإنما الخصومة قائمة على النسب والزوجية وهذه الخصومة يختص بالفصل فيها المجلس الملي للسريان الكاثوليك وأما استناد الحكم المطعون فيه إلى حكم محكمة النقض الصادر في 18 يونيه سنة 1942 فهو في غير محله لأن الأوضاع القانونية تغيرت بعد ذلك بصدور القوانين رقم 147 لسنة 1949، 461 سنة 1955، 462 سنة 1955 حيث تنص المادة 13 من القانون الأول وهي تتحدث عن الأحوال الشخصية بأن منها الإرث والنسب فتحدثت عن كل منهما على الانفراد دون أن تربط بينهما وتنص المادة السادسة من القانون الأخير على أنه إذا كان المتنازعون مصريين غير مسلمين واتحدوا طائفة وملة وكانت لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون فإن الأحكام تصدر طبقاً لشريعتهم في نطاق النظام العام مما يؤدي إلى عدم التلازم في الأحكام بين الاختصاص القضائي والتشريعي بحيث يتعين على محكمة الأحوال الشخصية أن تطبق في مسألة النسب شريعة الطرفين في هذه الحالة وإن كانت تطبق على الإرث أحكام الشريعة الإسلامية وقد سبق صدور حكم المجلس الملي بانحصار الإرث في الطاعنين على أساس أن الدين المسيحي يحرم تعدد الزوجات ومن ثم يجب احترام ما قضى به حكم المجلس المذكور مما يتعين معه قبول الدفع بعدم سماع الدعوى والوجه الثاني أن الحكم خالف المادة 17 من قانون نظام القضاء والمادة 14 من قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1959 ذلك أن المحكمة لم تجب الطاعنين إلى ما طلبوه من وقف السير في دعوى الميراث حتى يفصل في النسب من الدائرة الملية المختصة والوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف النظر القانوني السليم من أن دعوى النسب تحكمها شريعة المتوفى وحده أياً كانت طائفة أو ملة من يدعون وراثته والوجه الرابع أن ما قرره الحكم من أن الميراث عند غير المسلمين ليس مسألة دينية في غير محله لأن المطلوب معرفته هو النسب ذاته وهو من مسائل الأحوال الشخصية التي تحوي عنصراً دينياً عند المسيحيين يصل إلى مرتبة السر الإلهي عند الكاثوليك بالذات والوجه الخامس أن الحكم المطعون فيه إذ أقر إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات النسب قد خالف القانون لأن النسب عند المسيحيين مسألة دينية تعتمد على عقد النكاح الذي يجب أن يتم طبقاً للأوضاع الدينية وأن الديانة المسيحية لا تعرف قاعدة أن الولد للفراش ولا عبرة بما سارت عليه بعض الدول المسيحية الغربية من توريث ابن السفاح لأنها وإن كانت خولته حقاً في الميراث إلا أنها لم تعطه وصف الابن الشرعي.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المتوفى أقر بقيام الزوجية بينه وبين المطعون عليها في محاضر تحقيق الجنحة رقم 1043 لسنة 1950 رمل الإسكندرية التي قدم الطاعنون صوراً رسمية منها وأقر فيها بالحمل المستكن الذي انفصل حياً وتسمى جوزيف واستدل الحكم بالمستخرج الرسمي لشهادة ميلاد البنت جورجيت المولودة في 18 أغسطس سنة 1951 على أن المتوفى هو الذي أبلغ عنها باعتباره أباها واستدل الحكم كذلك بالقرائن على بنوة البنت الثالثة مرجريت للمتوفى وهي أكبر من أخويها ثم قرر الحكم بعد ذلك أنه طبقاً لنص المادة 875 من القانون المدني يتعين تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على هذا النزاع ورجع في تفسيره لحكم المادة المذكورة إلى الأعمال التحضيرية للقانون المدني التي تؤيد هذا النظر وقرر الحكم أنه طبقاً لنص هذه المادة وأحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث ولما قضت به محكمة النقض في 18 يونيه سنة 1942 فإن دعوى النسب تعتبر فرعاً من دعوى الميراث مما تختص به المحكمة الشرعية وتقضي فيه طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وقال الحكم إن القول بأن الأوضاع تغيرت بعد صدور حكم النقض المشار إليه وذلك بصدور القوانين رقم 147 سنة 1949، 461، 462 سنة 1955 لا سند له إذ لم يرد فيها ما يؤيد هذا الادعاء بل على النقيض من ذلك قد نص القانون الأخير على وجوب تطبيق حكم المادة 280 من اللائحة الشرعية على ما كانت تختص المحاكم الشرعية بالفصل فيه وهذه المادة تقضي بالأخذ بأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة في الأحوال التي لم يرد فيها نص، وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن دعاوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين من المصريين كانت من اختصاص القضاء الشرعي يجرى فيها على وفق أحكام الشريعة الإسلامية وأن دعوى النسب بعد وفاة المورث لا يمكن رفعها استقلالاً بالنسبة للنسب وحده بل يجب أن تكون ضمن دعوى حق في التركة يطلبه المدعي مع الحكم بثبوت نسبه مما ينبني عليه أن اختصاص القضاء الشرعي دون سواه في دعوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يستتبع حتماً اختصاصه بدعوى النسب عملاً بقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع أما القول بفصل دعوى النسب عن دعوى الميراث وجعل الأولى وحدها من اختصاص المجلس الملي لا القضاء الشرعي فلا مجال له لأنه إذا اعتبر ثبوت النسب مسألة أولية يجب الفصل فيها أولاً من المجالس الملية فإن دعوى الميراث لا تكون إلا مجرد تقسيم للتركة وهذا لا يقتضي الالتجاء إلى القضاء لما كان ذلك، وكانت المادة 875 من القانون المدني تنص على أن "تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال أموال التركة إليهم تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها" وكانت المادة السادسة من القانون رقم 462 سنة 1955 تنص على أنه "تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة ومقتضى هذه المادة إتباع أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة، وكان القول بأن الأوضاع القانونية قد تغيرت بعد صدور قضاء محكمة النقض السابق في 18 يونيو سنة 1942 وذلك بصدور القانون رقم 147 سنة 1949 بنظام القضاء والقانونين رقمي 461، 462 سنة 1955 بشأن إلغاء المحاكم الشرعية فإن هذا القول الذي يثيره الطاعنون لا سند له من القانون لأن ذكر النسب مع الإرث في المادة 13 من قانون نظام القضاء لا يؤدي إلى فصل النزاع في النسب عند نظر المنازعة على الإرث لأن نفس حكم النقض السابق المشار إليه قرر إمكان رفع الدعوى بالنسب استقلالاً إذا كان المدعى عليه فيه حياً وعدم جواز ذلك ضد الميت وأما الاستناد إلى القانون رقم 462 سنة 1955 فلا جدوى فيه للطاعنين لأن هذا القانون إنما نقل الاختصاص من المحاكم الشرعية والمجالس الملية إلى القضاء العام دون تغيير لقواعد الاختصاص السابقة فيما بين القضاء الشرعي والمجالس الملية ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الرابع من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد مع مخالفة الثابت في الأوراق ومخالفة القانون. ذلك أن شهادة شهود الإثبات التي أخذت بها محكمة أول درجة وأقرها عليها الحكم المطعون فيه قد بنيت على التسامع وقد أثبت الحكم أن شهادتهم تفيد أن المتوفى رزق بأولاد المطعون عليها على فراش الزوجية رغم خلو محضر التحقيق من ذلك كما أن الحكم لم يستقر على رأي فيما إذا كانت تخضع لقواعد موضوعية أو لقواعد الإجراءات ولم ترد المحكمة على دفاع الطاعنين من أنه لا يؤخذ بإقرار المتوفى لأنه صادر من ذمي تحرم ديانته تعدد الزوجات فضلاً عن أنه لم يقدم الدليل على الزوجية ومن ثم فلا بنوه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن تقدير أقوال الشهود أمر تستقل به محكمة الموضوع ولم يأخذ الحكم المطعون فيه في إثبات النسب بأقوال الشهود وحدها وإنما أخذ بإقرار المتوفى في محضر تحقيق الجنحة رقم 1043 سنة 1950 رمل الإسكندرية بالزوجية وبنسبة الحمل المستكن إليه كما قام بقيد البنت جورجيت في شهادة الميلاد بالصحة باعتبار أنها بنته واعتبر الحكم أن الشهادة تحكمها قواعد موضوعية وبنى قضاءه عليها وعلى الإقرار وأطرح ما غاير ذلك من الأدلة وهذا من حق محكمة الموضوع لا معقب عليها فيه، وقد بين الحكم المطعون فيه أن النزاع تحكمه قواعد الشريعة الإسلامية كما تقدم ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث لذلك يكون الطعن في غير محله ويتعين رفضه.

الطعن 37 لسنة 37 ق جلسة 3 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 120 ص 734

جلسة 3 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.

-------------

(120)
الطعن رقم 37 لسنة 37 القضائية

عقد. "فسخ العقد". بيع. "نقل". التزام. "استحالة التنفيذ". حكم. عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً.
خروج المبيع من ملكية البائع. استحالة تنفيذ التزامه بنقل الملكية للمشتري. التزامه برد الثمن والتعويض. إغفال الحكم الرد على الدفع بعدم جواز رد الثمن قبل طلب الفسخ. لا قصور.

-----------------
يعتبر الفسخ واقعاً في العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه، ويكون التنفيذ مستحيلاً على البائع، بخروج المبيع من ملكه ويجعله مسئولاً عن رد الثمن، ولا يبقي بعد إلا الرجوع بالتضيمنات إذا كانت الاستحالة بتقصيره. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جعل الطاعنة (البائعة) مسئولة عن رد الثمن بسبب استحالة التنفيذ بعد انتقال ملكية الأطيان المبيعة إلى الغير بعقد البيع المسجل، ثم رتب على فسخ البيع إلزام البائع برد الثمن، فإن الحكم يكون مقاماً على أسباب تكفي لحمل قضائه، ولا عليه إن هو أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة (البائعة) في دفاعها من عدم جواز مطالبتها بالثمن قبل طلب الفسخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الرؤوف محمود محمد محمود أقام الدعوى رقم 2 لسنة 1964 مدني دمنهور الابتدائية ضد السيدة/ آيات محمد عبد الرحمن محمود ودسوقي بيومي حموده وعبد العزيز عبد العزيز سيف طالباً الحكم أصلياً بإثبات التعاقد عن الأطيان البالغ مساحتها فداناً وقيراطاً والموضحة بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 625 ج وتسليمها له ومحو ما عليها من تسجيلات، واحتياطياً إلزام المدعى عليهما الأولى والثاني متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 600 جنيه مع المصاريف والأتعاب في الحالين، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 24/ 1/ 1956 باعت المدعية الأولى مساحة فدان وقيراط من هذه الأطيان بثمن قدره 625 ج للمدعى عليه الثاني، وإذ كان من حق المدعي أن يشفع في هذه المساحة فقد تنازل له عنها المدعى عليه الثاني ودياً بموجب اتفاق مؤرخ 2/ 2/ 1956 ودفع له مبلغ 500 ج وتعهد بدفع بالباقي وقدره 125 ج للمدعى عليها الأولى، سدد لها مبلغ مائة جنيه بإيصال إلا أنها عمدت على تهريب القدر المبيع فباعته مرة ثانية إلى المدعى عليه الثالث بيعاً صورياً بموجب عقدين سجل أحدهما ولم يسجل الآخر، وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، ودفعت المدعى عليها الأولى بأن ملكية العين انتقلت فعلاً إلى الغير ولا يجوز طلب رد الثمن إلا بعد طلب الفسخ، وأنه قد تم الاتفاق بينها وبين المدعى عليه الفسخ بموجب عقد مؤرخ 16/ 7/ 1963 يتضمن تصفية الخلافات بينهما وتنازلهما عن الشكاوى المقدمة منهما، وبتاريخ 30/ 3/ 1964 استصدر المدعي الأمر بتقدير دينه قبل المدعى عليها الأولى بمبلغ 600 جنيه كما استصدر الأمر بحجز ما للمدين لدى الغير وأضاف إلى طلباته أثناء نظر الدعوى طلب صحة الحجز، وبتاريخ 20/ 2/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع للمدعي مبلغ 600 ج والمصاريف وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وتثبيت حجز ما للمدين لدى الغير الموقع من المدعي تحت يد نفسه وجعله نافذاً. واستأنفت المدعى عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها، وقيد الاستئناف برقم 103 سنة 21 قضائية، وبتاريخ 18/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة أن عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 7/ 1963 كان يشمل الاتفاق على فسخ البيع موضوع النزاع وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 22 نوفمبر سنة 1966 فحكمت في موضوع الدعوى بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بأن تدفع للمستأنف عليه الأول مبلغ 400 ج والمصروفات المناسبة عن الدرجتين، وتأييده فيما عدا ذلك وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن ولم يحضر المطعون عليهما الثاني والثالث ولم يبديا دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه اعتبر المبلغ الذي دفعته الطاعنة بمقتضى الاتفاق المؤرخ 16/ 7/ 1963 وفاء لجزء من الثمن الذي دفعه لها المطعون عليه الأول مستنداً في ذلك إلى ما قرره شهود الطرفين في التحقيق من أنها دفعت إليه مبلغ مائتي جنيه قيمة نصف فدان من القدر المتنازع عليه باعتبار أن هذا القدر قد شمله الصلح الذي تم بينهما وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وقصور من وجهين (أولهما) أنه لم يفصح عن تكييفه لاتفاق 16/ 7/ 1963 واعتبر مبلغ المائتي جنيه جزءاً من الثمن رغم أن بنود الاتفاق وأقوال شهود الطرفين صريحة في أن المطعون عليه الأول تخالص نهائياً مع الطاعنة ولا يستحق قبلها أية أطيان زراعية أو عقارات أو أموال سائلة وإذا ظهر لديه عقود أو إيصالات على خلاف ذلك تعتبر لاغية (وثانيها) أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بتصفية الحساب نهائياً بينها وبين المطعون عليه الأول وأنها دفعت مبلغ المائتي جنيه يوم الصلح لحساب هذه التصفية، وقد استندت في ذلك إلى ما هو ثابت بعقد الصلح وإلى ما قرره المطعون عليه الأول في الشكوى الإدارية رقم 2385 سنة 1960 إداري شبراخيت من استلام المطعون عليه الثاني للأطيان موضوع النزاع ووضع يده عليها بعد شرائه لها، وما قرره شهود الطرفين في التحقيق الذي أجرته المحكمة من أن الاتفاق على الصلح كان شاملاً جميع الخلافات التي كانت قائمة بين الطرفين، وقد أغفل الحكم هذا الدفاع ولم يرد عليه وهو ما يعيبه بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق يبين أن المحكمة كلفت الطاعنة بإثبات أن العقد المؤرخ 16/ 7/ 1963 كان يشمل الاتفاق على فسخ عقد البيع موضوع الدعوى باعتبار أن هذا العقد مبدأ ثبوت بالكتابة لاشتماله على عبارات عامة تفيد إقرار المطعون عليه الأول بإلغاء ما تحت يده من عقود موقع عليها من الطاعنة، كذلك بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على قوله "إنه وقد بان للمحكمة أن أقوال شهود طرفي النزاع أن صلحاً قد جرى بينهما وقد تضمن هذا الصلح في مشروعه الذي ارتضياه ووقعا عليه أن من ضمن القدر المتنازع عليه نصف فدان قد شمله الصلح وأوفت المستأنفة بقيمته التي قدرها مجلس الصلح بمبلغ مائتي جنيه للمستأنف عليه ومن ثم فهي ترى احتساب مبلغ المائتي جنيه من المبلغ المحكوم به وخصمه منه" ومن ذلك يبين أن المحكمة فسرت شروط عقد الصلح على ضوء أقوال شهود الطرفين بأن الصلح قد اقتصر على نصف فدان من القدر المبيع أوفت الطاعنة بقيمته للمطعون عليه الأول ولم يشمل الجزء الثاني. وإذ كان ما قرره الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ لأقوال الشهود وعبارات الاتفاق المؤرخ 16/ 7/ 1963 من تسوية الخلافات التي كانت قائمة بين الطرفين على الأطيان والعقارات والأموال السائلة وتتضمن الرد على ما تمسكت به الطاعنة من أن الاتفاق شمل فسخ البيع فسخاً كلياً وكان الحكم قد رتب على ذلك مسئولية الطاعنة عن رد باقي الثمن الذي قبضته بموجب البيع بعد أن استحال تنفيذه، فإنه لا يكون قد خالف القانون، أو شابه قصور.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه الأول استرداد المستحق من الثمن المترتب على عقد البيع المؤرخ 24/ 1/ 1956 دون أن يطلب فسخ هذا العقد، وهو من الحكم قصور في التسبيب ذلك أن الفسخ لا يقع إلا بحكم قضائي فلا يجوز طلب استرداد الثمن إلا بعد طلب الفسخ وقد تمسكت الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه الأول أغفل طلب الفسخ إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، ولا يكفي في ذلك ما قرره الحكم الابتدائي من استحالة تنفيذ العقد لانتقال الملكية إلى المطعون عليه الثاني، ذلك أن فسخ العقد لا يكون إلا بطلب يفصل فيه قبل التعرض لطلب رد الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الفسخ يعتبر واقعاً في العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه ويكون التنفيذ مستحيلاً على البائع بخروج المبيع من ملكه ويجعله مسئولاً عن رد الثمن، ولا يبقى بعد إلا الرجوع بالتضيمنات إذا كانت الاستحالة بتقصيره، وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه الأول اعتمد في المطالبة باسترداد الثمن الذي دفعه إلى الطاعنة بموجب عقد البيع المؤرخ 24/ 1/ 1956 وعقد الاتفاق المؤرخ 2/ 2/ 1956، على أنها باعت الأطيان موضوع النزاع إلى المطعون عليه الثاني بعقد بيع مسجل، وأنها تمسكت في دفاعها بأن ملكية العين انتقلت فعلاً إلى الغير، وقد اتفقت على التفاسخ في البيع مع المطعون عليه الأول، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى الاتفاق على التفاسخ، وجعل الطاعنة مسئولة عن رد الثمن بسبب استحالة التنفيذ بعد انتقال ملكية الأطيان المبيعة إلى الغير بعقد البيع المسجل، ثم رتب على فسخ البيع إلزام البائع برد الثمن فإن الحكم يكون مقاماً على أسباب تكفي لحمل قضائه ولا عليه إن هو أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها من عدم جواز مطالبتها بالثمن قبل طلب الفسخ.

الطعن 2036 لسنة 50 ق جلسة 5 / 2 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 ق 49 ص 210

جلسة 5 من فبراير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مدحت المراغي، جرجس إسحق، عبد الحميد سليمان والسيد السنباطي.

-------------

(49)
الطعن رقم 2036 لسنة 50 القضائية

(1) دعوى. إثبات.
إثبات إجراءات نظر الدعوى. مناطه. ما هو ثابت بمدونات الحكم ومحاضر الجلسات.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم فيها من أدلة. من سلطة محكمة الموضوع. حسبها أن تورد الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
(3) إعلان "الإعلان للنيابة".
خلو ورقة الإعلان للنيابة من بيان آخر موطن للمعلن إليه في مصر أو في الخارج. م 63 مرافعات. لا بطلان. شرط ذلك.
(4) دعوى "انقطاع الخصومة".
انقطاع سير الخصومة. لا أثر له على ما تم قبله من إجراءات. الإجراءات الحاصلة بعده مكملة لها.
(5) دعوى "بطلان صحيفة الدعوى". بطلان.
بطلان صحف الدعاوى وإعلانها الناشئ عن عيب في الإعلان زواله بحضور المعلن إليه في الجلسة أو تقديمه مذكرة بدفاعه. م 114 مرافعات.
(6) بيع "بيع جبري". حكم "تسبيبه".
أوضاع ومواعيد البيوع الجبرية - المواد 401 مرافعات وما يعدها. أعمال إجرائية أثر عدم إتباعها. بطلان البيع.
(7) محكمة الموضوع "طلب إعادة الدعوى للمرافعة". دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة".
إجابة طلب فتح المرافعة. من سلطة محكمة الموضوع. التفاتها عنه. رفض ضمني له.
(8) دعوى. بيع "البيع الجبري". تجزئة "أحوال عدم التجزئة". حكم "أثر الحكم". بطلان.
الحكم الصادر في دعوى بطلان إجراءات البيع الجبري. اعتباره صادراً في موضوع غير قابل للانقسام. انسحابه على جميع الخصوم في الدعوى.

-----------------
1 - من المقرر أن العبرة في خصوص إثبات إجراءات نظر الدعوى بما هو ثابت منها بمدونات الحكم ومحاضر الجلسات.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم فيها من أدلة وما يطرح فيها من قرائن، وحسبه في ذلك أن يورد الحقيقة التي اقتنع بها ودلل عليها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة كافية لحمله.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن خلو ورقة الإعلان للنيابة من بيان آخر موطن للمعلن إليه في مصر أو في الخارج على نحو ما توجبه المادة 13 من قانون المرافعات، لا يترتب عليه البطلان إذا كان المعلن يجهل أي موطن للمعلن إليه، ما لم يثبت المتمسك بالبطلان أن خصمه كان يستطيع القيام بالتحريات الكافية للتقصي عن موطنه و لو فعل لتوصل إليه، وذلك مع مراعاة قدر الميعاد المقرر لاتخاذ الإجراءات وما إذا كان يسمح للمعلن بفترة زمنية كافية لإجراءات تلك التحريات وهو ما يخضع لتقدير محكمة الموضوع.
4 - المقرر وفقاً لنص المادة 133 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أن انقطاع سير الخصومة لا يؤثر في أي إجراء من إجراءاتها السابقة وأن الدعوى تستأنف سيرها بعد الانقطاع بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام من زالت صفته.
5 - من المقرر وفقاً لنص المادة 14 من قانون المرافعات أن بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وأوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه.
6 - مؤدى نص المادة 893 من القانون المدني أن تباع عقارات التركة بالمزاد العلني وفقاً للأوضاع وفي المواعيد المنصوص عليها في البيوع الجبرية ما لم يتفق جميع الورثة على أن يتم البيع بطريقة أخرى، ومتى كان ذلك وكانت الأوضاع والمواعيد سالفة الذكر والمنصوص عليها في المواد 401 من قانون المرافعات وما بعدها أعمال إجرائية يترتب البطلان على عدم إتباعها، وبالتالي فإن البيع الحاصل دون اتخاذها لا يكون صحيحاً.
7 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إجابة طلب فتح باب المرافعة هو بحسب الأصل من الأمور الخاضعة للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع فإن هي التفتت عنه أو أغفلت الإشارة إليه كان ذلك بمثابة رفض ضمني له.
8 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى ببطلان إجراءات البيع الجبري لا تقبل التجزئة، وأن الحكم الصادر فيها يعد صادراً في موضوع غير قابل للانقسام وينسحب على جميع الخصوم في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن الثاني رفع الدعوى رقم 1457 لسنة 1976 م. ك شمال القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ محضر رسو المزاد وعقد البيع المؤرخين 10/ 7/ 1969 فيما جاء بهما من بيع المصفي القضائي لتركة المرحومة....... له حصة قدرها 7 و3/ 7 قيراطاً شيوعاً في 24 قيراطاً في المنزل المبين بصحيفة الدعوى وقال بياناً للدعوى أنه رسى عليه مزاد بيع الحصة المذكورة في المنزل المخلف عن المورثة لقاء ثمن قدره 10000 ج وهو ما تحرر نفاذاً له عقد بيع ابتدائي بينه وبين المصف القضائي السابق للتركة، وأنه سدد إليه كامل الثمن واتفق على توقيع العقد النهائي خلال مدة ستة أشهر إلا أن المصفي المذكور والورثة المطعون ضدهم تقاعسوا عن ذلك فأقام دعواه ضد الورثة جميعاً وضد الطاعن الأول الذي عين مصفياً قضائياً للتركة خلفاً للمصفي المتقاعد. وبجلسة 11/ 5/ 1977 قضت المحكمة الابتدائية بإجابة الطاعن الثاني إلى مطلبه. استأنف المطعون ضدهما الثاني والثالث بالاستئناف رقم 6048 س 95 ق القاهرة. وبجلسة 25/ 6/ 1980 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقولون أن الطاعنين الأول والثاني دفعا بسقوط حق المطعون ضدهما الثاني والثالث في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد القانوني لأنهما أعلنا بالحكم الابتدائي بتاريخ 27/ 12/ 1977 كالثابت بالصورة التنفيذية المعلنة للمستأنفين والمقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 27/ 2/ 1979 إلا أن المحكمة قضت رغم ذلك بقبول الاستئناف شكلاً بمقولة عدم تقديم الصورة التنفيذية للحكم المستأنف المدعي بإعلانها، في حين أنها قدمت بالجلسة المذكورة وهو ما أشر به على ورقة الإعلان بأنها نظرت في الاستئناف رقم 6048 س 95 ق بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك أنه لما كان من المقرر أن العبرة في خصوص إثبات إجراءات نظر الدعوى بما هو ثابت منها بمدونات الحكم ومحاضر الجلسات وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 14/ 5/ 1979 أنه سجل في موضعين عنه أن المستأنف عليه لم يقدم الصورة التنفيذية للحكم المستأنف والتي ادعى أنها أعلنت للمستأنفين ولا الشهادة الدالة على عدم حصول استئناف منها، ذلك أن الحكم أورد ابتداء - وفي صدد تحصيله لوقائع الاستئناف - قوله "وحيث إن الحاضر عن المستأنف عليه قدم طلباً ومذكرة ضمنها: أولاً - دفعاً بسقوط الحق في الاستئناف بمقولة إن الحكم المستأنف قد أعلن للمستأنفين ومضى ميعاد الاستئناف حسبما يبين من الصورة التنفيذية لذلك الحكم المعلنة للمستأنفين ومن الشهادة الدالة على عدم وجود استئناف من المستأنفين، ثانياً - أصلياً ببطلان صحيفة الاستئناف فيما يتعلق بطلب وقف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف لعدم اشتمالها على أسباب هذا الطلب واحتياطياً بعدم قبول طلب وقف النفاذ.. ومن باب الاحتياط الكلي برفض الاستئناف. ولم يقدم المستأنف الصورة التنفيذية للحكم المستأنف المعلنة للمستأنفين ولا الشهادة الدالة على عدم حصول استئناف منهما. وقدم تأييداً لدفاعه 1 - مظروف بريد مسجل مرسل من رفيق 2 - مظروف بريد مسجل مرسل من كمال... كما قدم صورة رسمية من الحكم رقم 1437 سنة 61 مدني كلي القاهرة... وشهادة بعدم حصول استئناف الحكم سالف الذكر". ثم أورد الحكم المطعون فيه، وفي مقام رده على الدفع المبدى بسقوط الحق في الاستئناف قوله "وحيث إن المستأنف عليه لم يقدم الصورة التنفيذية للحكم المستأنف والتي ادعى أنها أعلنت للمستأنفين ومضى ميعاد استئنافها لذلك الحكم..." وكان الثابت مع ذلك بمحضر جلسات الاستئناف أن المستأنف عليهم الطاعنين لم يمثلوا بأي من جلسات الاستئناف السابقة على صدور الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 14/ 5/ 1979 وهي جلسات 17، 30/ 1/ 1979، 13، 27/ 2/ 1979، 13، 26/ 3/ 1979، 30/ 4/ 1979 وأن ما قدموه بالاستئناف من المستندات التي أشار إليها الحكم المطعون فيه قدم رفق طلب بإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم لجلسة 30/ 1/ 1979 وأرفقوا معها مذكرة ضمنوها دفعهم بسقوط الاستئناف وإذ أجابتهم المحكمة إلى الطلب وأعادت الدعوى للمرافعة لجلسة 13/ 2/ 1979 فقد تخلفوا مع ذلك عن حضور جميع الجلسات التالية حتى صدور الحكم سالف الذكر وإذ تطمئن المحكمة تماماً إلى سلامة ما ورد بمدونات الحكم وبمحاضر الجلسات على النحو السالف فإنها تلتفت بالتالي عما ذهب إليه الطاعنون على خلاف ذلك على الرغم بأن الصورة التنفيذية للحكم المستأنف والشهادة الدالة على عدم حصول استئناف عنه كانت مقدمة منهم لمحكمة الاستئناف بجلسة 27/ 2/ 1979 وهو ما ركنوا في التدليل عليه إلى حافظة مستندات أودعت بملف الاستئناف - بعد أن أثبتوا على وجهها تاريخ الجلسة المذكورة للإيهام بأنها قدمت بها - إلا أن أوراق الدعوى تكفلت بدحض هذا الزعم من أساسه وكشفت عن زيفه إذ فضلا عن الثابت من عدم مثولهم أصلاً أو من ينوب منهم بأي من الجلسات المذكورة حتى يتسنى لهم تقديمها فيها فقد حصل الحكم - تأصيلاً - كافة ما قدموه فعلاً من مستندات رفق الطلب والمذكرة تأييداً لدفعهم فيها بالسقوط مما يقطع بأن الحافظة المذكورة لم تقدم بملف الاستئناف حتى صدور الحكم المطعون فيه بجلسة 14/ 5/ 1979 بل أودعت بالملف بعد ذلك ولا ينال من ذلك الاستدلال بالتاريخ المدون قرين الحافظة المذكورة بالتعلية الثانية بالملف - 27/ 2/ 197 - على أنه تاريخ تقديم الحافظة إذ أنه فضلاً عن أن بيان التاريخ الواجب قيده بظهر الملف خاص بتاريخ الأوراق ذاتها لا بتاريخ تقديمها فإن الواضح مع ذلك أنه دون نقلاً عن المثبت بشأنه بوجه الحافظة المذكورة - تعريفاً لها عن غيرها من الأوراق - والذي خلصت المحكمة إلى عدم صحته على نحو ما بين فيما سلف، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون في قضائه بقبول الاستئناف شكلاً قد صادف صحيح الواقع والقانون - ويكون النعي عليه بما ورد في هذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الرابع والخامس القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد وفي فهم واقع الدعوى وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعنين الأولين دفعا بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة لأن المطعون ضدهما الثاني والثالث - المستأنفين - تنازلاً عن حصتهما الميراثية في العقار لولدي المطعون ضده الثالث اللذين رفعا الدعوى رقم 7485 لسنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة لعزل الطاعن الأول من مهمته كمصف للتركة وطلب الإحالة للتحقيق لإثبات ذلك كما دفعاً أيضا بعدم جواز الاستئناف منهما لسبق قبولها الحكم المستأنف برفعها الدعوى رقم 522 لسنة 1978 مدني كلي شمال القاهرة إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل بحث الدفع الأول ولم يعن بتحقيقه وخلط بينه وبين الدفع الثاني وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم فيها من أدلة وما يطرح فيها من قرائن وحسبه في ذلك أن يورد الحقيقة التي اقتنع بها ودلل عليها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة كافية لحمله - لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل كلاً من الدفعين سالف الذكر والمبدين من الطاعنين وأحاط بهما وواجههم ورد عليهما بما يقتضيانه إذ خلص إلى رفض الدفع الأول - بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة - استناداً لعدم تقديم الدليل على تنازل المطعون ضدهما الثاني والثالث عن حصتها في التركة لآخرين فضلاً عن كفاية الأدلة على ثبوت هذه الصفة لهما، كما خلص كذلك إلى رفض الدفع الثاني - القائم على قبول المطعون ضدهما للحكم المستأنف - استناداً لما قرره من أن الرضا بالحكم المستأنف لا يستفاد من مجرد رفع دعوى العزل، وهي أسباب سائغة وكافية لحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الصدد ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن جميع الإعلانات التي وجهت للطاعنة الثالثة سواء بصحيفة الاستئناف أو إعادة الإعلان أو بإعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 12/ 6/ 1979 هي إعلانات باطلة لإجرائها في مواجهة النيابة بمقولة أنها مجهولة الموطن ودون أن تشتمل على آخر موطن معلوم لها في مصر أو في الخارج، ذلك رغم علم المستأنفين بموطنها بالخارج باعتبارها أرملة والدهما فضلا عن سبق إرشاد الطاعن الأول لهما عنه مما يبطل الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن خلو ورقة الإعلان للنيابة من بيان آخر موطن للمعلن إليه في مصر أو في الخارج - على نحو ما توجبه المادة 13 من قانون المرافعات لا يترتب عليه البطلان إذا كان المعلن يجهل أي موطن للمعلن إليه ما لم يثبت المتمسك بالبطلان أن خصمه كان يستطيع القيام بالتحريات الكافية للتقصي عن موطنه ولو فعل لتوصل إليه وذلك مع مراعاة قدر الميعاد المقرر لاتخاذ الإجراءات وما إذا كان يسمح للمعلن بفترة زمنية كافية لإجراء تلك التحريات وهو ما يخضع لتقدير محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين الأول والثاني قد أعلنا الطاعنة الثالثة بصحيفة الدعوى الابتدائية للنيابة دون بيان آخر موطن معلوم لها بمقولة أنها تقيم بالخارج ومجهولة الموطن فلا على المطعون ضدهما الثاني والثالث لدى استئنافهما للحكم أن يسترشدا بذات البيان الذي سجله عنها الطاعنان بصحيفة الدعوى والحكم المستأنف في إعلانها بصحيفة الاستئناف خاصة مع خلو الأوراق مما يدل على مدى تمكن المستأنفين من إجراء التحري رغم ذلك أو مدى جدواه وهو ما يضحى معه النعي على الحكم ببطلان إجراءات تلك الإعلانات على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعن الثاني تمسك أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان صحيفة إدخاله في الاستئناف بعد بلوغه سن الرشد وزوال صفة الطاعن الأول كولي عليه لخلوها من بيان موضوع الاستئناف وأسباب وطلبات المستأنفين فيه كما دفع كذلك ببطلان إعادة إعلانه إلا أن الحكم لم يأخذ بهذا الدفع بمقولة إن الطاعن الثاني أعلن إعلاناً صحيحاً بصحيفة الاستئناف في شخص الطاعن الأول الذي كان ولياً طبيعياً عليه وأنه يكفي حضوره في الخصومة بعد ذلك لتصبح الخصومة صحيحة في حقه دون إعلان وهو ما يقوم على خطأ في فهم الواقعة ولا يواجه دفاعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وفقاً لنص المادة 133 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أن انقطاع سير الخصومة لا يؤثر في أي إجراء من إجراءاتها التي تمت قبله وتعتبر الإجراءات التي تحصل بعد تعجيل السير فيها مكملة للإجراءات السابقة وأن الدعوى تستأنف سيرها بعد الانقطاع بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام من زالت صفته، وكان من المقرر مع هذا وفقاً لنص المادة 114 من قانون المرافعات أن بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وأوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن الأول - الذي كان يمثل الطاعن الثاني في الدعوى بصفته ولياً عليه - قرر بجلسة 17/ 1/ 1980 ببلوغ ابنه سن الرشد وهو ما تأجلت الدعوى من أجله حيث تم إعلان الطاعن الثاني واختصامه في الاستئناف بإعلان مؤرخ 26/ 1/ 1980 حيث مثل بعد ذلك بالاستئناف بوكيل عنه وقدم مذكرة بدفاعه وهو ما يكفي بذاته كي تستأنف الخصومة سيرها صحيحة ومنتجة لكافة آثارها في حقه دون ما وجه للقول ببطلان الإعلان لزواله - إن كان - بالحضور بل ودون إعلان وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من بطلان محضر رسو المزاد وعقد البيع بمقولة إنه تم بالمخالفة للمادة 893 مدني التي تستوجب بيع العقار جبرياً وفق المقرر في قانون المرافعات وأن هذا البطلان لا تصححه الإجازة اللاحقة من المصفي الجديد وهو ما لا يملكه باعتبار أن البطلان مقرر لمصلحة جميع المستحقين وهذا القول من الحكم يتنافى مع حجية الحكم النهائي القاضي بتعيين الطاعن الأول مصفياً للتركة والتصريح له ببيع أعيانها وإذ لم يفطن الحكم إلى ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نص المادة 893 من القانون المدني أن تباع عقارات التركة بالمزاد العلني وفقاً للأوضاع وفي المواعيد المنصوص عليها في البيوع الجبرية ما لم يتفق جميع الورثة على أن يتم البيع بطريقة أخرى. ومتى كان ذلك وكانت الأوضاع والمواعيد سالفة الذكر والمنصوص عليها في المواد 401 من قانون المرافعات وما بعدها أعمال إجرائية يترتب البطلان على عدم إتباعها، وبالتالي فإن البيع الحاصل دون اتخاذها لا يكون صحيحاً وكان الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر منتهياً إلى أن محضر رسو المزاد تم بمعرفة المصفي نفسه ودون اتخاذ إجراءات بيع العقار جبرياً ودون موافقة جميع الورثة فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً وليس في هذا ما يمس حجية الحكم بتعيين الطاعن الأول مصفياً مصرح له بالبيع إذ أن إجازته - بوصفه مصفياً لاحقاً - لمحضر رسو المزاد والبيع ليس من شأنها تصحيح إجراءات لم تتم ولا تعني التحلل من المواعيد والأوضاع المنصوص عليها في البيوع الجبرية وبذلك يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب السابع هو بطلان الحكم المطعون فيه لبطلان في الإجراءات وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الاستئناف الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه كان منظوراً مع ثلاثة استئنافات أخرى مرتبطة حجزت جميعها للحكم لجلسة واحدة. وإذ طلب الطاعنان الأول والثاني بعد ذلك إعادتها للمرافعة إلا أن محكمة الاستئناف التفتت عن إجابة هذا الطلب فإن فصلت في الاستئناف الماثل وحده وأصدرت الحكم المطعون فيه بينما أعادت باقي الاستئنافات الأخرى للمرافعة مهدره بذلك الارتباط بين الاستئنافات المذكورة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إجابة طلب فتح باب المرافعة هو - بحسب الأصل - من الأمور الخاضعة للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع فإن هي التفتت عنه أو أغفلت الإشارة إليه كان ذلك بمثابة رفض ضمني له لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يبينوا مع ذلك ماهية المستندات التي كانت مقدمة بالاستئنافات الأخرى المشار إليها ومدى صلتها أو ارتباطها أو دلالتها بالنسبة للاستئناف الماثل حتى يمكن الوقوف على أثر ذلك على دفاعهم فيه فإن النعي على الحكم بما ورد في هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثامن هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الحصة المبيعة تشمل أنصبة غير متنازع عليها من أصحابها وهما الطاعنة الثالثة والمطعون ضده الأول وأصبح الحكم نهائياً بالنسبة لهما لعدم الطعن فيه وبذلك أصبح النزاع بشأنهم قاصر على نصيب المطعون ضدهما الثاني والثالث وقدره قيراطين من أربعة وعشرين قيراطاً وهو ما كان يتعين أن ينحصر فيه نطاق الخصومة أمام محكمة الاستئناف وإذ تجاوز الحكم المطعون فيه ذلك إلى بطلان محضر رسو المزاد وعقد البيع عن الصفقة كلها وبالرغم من قابليتها للتجزئة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى ببطلان إجراءات البيع الجبري لا تقبل التجزئة وأن الحكم الصادر فيها يعد صادراً في موضوع غير قابل للانقسام وينسحب على جميع الخصوم في الدعوى ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من بطلان إجراءات البيع التي ألزم القانون المدني مصفي التركة باتباعها عند بيع أعيان التركة فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 2142 لسنة 78 ق جلسة 17 / 2 / 2016 مكتب فني 67 ق 27 ص 190

جلسة 17 من فبراير سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى ثابت عبد العال وياسر محمد بطور نواب رئيس المحكمة.
----------------
(27)
الطعن رقم 2142 لسنة 78 القضائية

(1 - 3) تقادم "التقادم المسقط: قطع التقادم: من صور انقطاع التقادم".
(1) التقادم. انقطاعه بالمطالبة القضائية وبكل إجراء يقوم به الدائن للمطالبة بحقه في مواجهة مدينه أمام الجهة المختصة.

(2) انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية. م 383 مدني. شرطه. صحة هذه المطالبة شكلا وموضوعا. عدم تحققه إلا بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضه. انتهاؤها بغير ذلك. أثره. زوال أثرها في الانقطاع واعتبار التقادم الذي بدأ قبلها مستمرا لم ينقطع. بدء سريان التقادم من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه.

(3) رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة. أثره. انقطاع التقادم طوال المدة التي تستغرقها الدعوى. صدور الحكم النهائي بعدم الاختصاص. أثره. العودة إلى سريان التقادم من جديد بذات صفات التقادم الذي قطع ووفقا للقواعد التي تحكمه.

(4) اختصاص "الإحالة إلى المحكمة المختصة: قرار المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة".
قرار المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة. حقيقته. قضاء ضمني بعدم اختصاصها بنظرها.

(5) تقادم "التقادم المسقط: قطع التقادم: من صور انقطاع التقادم".
إقامة المطعون ضده دعوى التعويض أمام محكمة غير مختصة. أثره. انقطاع التقادم حتى صدور الحكم بعدم الاختصاص والإحالة أو صدور قرارا بالإحالة إلى المحكمة المختصة. إقامة الدعوى قبل مرور ثلاث سنوات على تاريخ زوال سبب الانقطاع. مؤداه. عدم سقوط الحق في التعويض بالتقادم. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى نتيجة صحيحة. استناده إلى تقريرات خاطئة. لمحكمة النقض تقويمه دون أن تنقضه.

(6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها: المسئولية التقصيرية: الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية".
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.

(7) خبرة "سلطة محكمة الموضوع في تقدير عمل الخبير".
عمل الخبير. استقلال محكمة الموضوع بتقديره محمولا على أسبابه. عدم التزامها بالرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه. "مثال: بشأن اتخاذ الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه من تقرير الخبرة عمادا لقضائه بالتعويض بعد استظهار عناصر الضرر".

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية أو بكل إجراء يقوم به الدائن للمطالبة بحقه في مواجهة مدينه أمام الجهة التي أناط بها الشارع الفصل فيما ينشأ من نزاع بشأنه ويترتب عليه ذات آثار المطالبة.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط قيام الأثر الذي يرتبه الشارع على إجراء قانوني معين هو مطابقة هذا الإجراء أصلا لما اشترطه القانون فيه، ومن ثم فإن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية عملا بالمادة 383 من القانون المدني يستلزم صحة هذه المطالبة شكلا وموضوعا وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه أو بعضه، أما انتهاؤها بغير ذلك بالقضاء برفضها أو بعدم قبولها فيترتب عليه زوال ما كان لها من أثر في قطع التقادم، واعتبار الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمرا وتبدأ مدة التقادم القصير من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه.

3 - أن التقادم الذي يقطعه رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يظل منقطعا طوال المدة التي تستغرقها الدعوى المقامة ثم يعود إلى السريان من جديد من يوم صدور الحكم النهائي بعدم الاختصاص ويحتفظ التقادم الذي يبدأ في السريان بعد الانقطاع بصفات التقادم الذي قطع ويبقى خاضعا للقواعد نفسها التي تحكمه.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قرار المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.

5 - إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده علم بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه من تاريخ صدور الحكم ببراءة ذمته من الرسوم الجمركية في الدعوى رقم ... لسنة 2000 مدني جنوب القاهرة المؤيد بالاستئناف رقم ... لسنة 117 ق القاهرة في 9/ 4/ 2001 والذي نشأ فيه حقه في المطالبة بالتعويض، وأنه أقام دعواه رقم ... لسنة 2001 مدني منفلوط أمام مأمورية منفلوط الكلية - غير المختصة - ومن ثم فإن التقادم ينقطع بتلك المطالبة ويظل أثرها في الانقطاع باقيا حتى صدور حكم فيها بعدم الاختصاص والإحالة، وإذ صدر قرار الإحالة من محكمة منفلوط إلى المحكمة المختصة في 29/ 10/ 2003 وهو ما يستوي في أثره مع الحكم بعدم الاختصاص والإحالة، وإذ أقام المطعون ضده دعواه الطعين حكمها في 21/ 10/ 2004 قبل اكتمال مدة التقادم ومرور ثلاث سنوات على تاريخ زوال سبب الانقطاع في 29/ 10/ 2003 المترتب على رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة فإن حقه في التعويض لا يكون قد سقط بالتقادم سالف الذكر ولا أثر في ذلك للحكم الصادر بتاريخ 11/ 5/ 2004 في الدعوى رقم ... لسنة 2003 جنوب القاهرة الابتدائية بعدم القبول، إذ إن أثره يقتصر على زوال صحيفة الدعوى المشار إليها في قطع التقادم ولا يمتد إلى أثر الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني كلي منفلوط في قطع التقادم والذي ظل باقيا حتى صدور قرار الإحالة إلى المحكمة المختصة في 29/ 10/ 2003 وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع بالتقادم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه ما تضمنته أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لهذه المحكمة أن تقومه دون أن تنقضه ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع التقديرية متى كان استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأته أنه وجه الحق في الدعوى ما دام قائما على أسباب لها أصلها في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه وأن في أخذها بالتقرير محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن على استقلال. لما كان ذلك، وكان البين من تقرير الخبير المقدم في الدعوى الذي اعتمد عليه قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن مصلحة الجمارك قامت بإخطار المطعون ضده بكتاب مؤرخ في 5/ 7/ 1993 بالتنبيه بالدفع وإنذار بالحجز وبزيادة الرسوم الجمركية على السيارة محل التداعي دون إبداء سبب تلك الزيادة وانتهى التقرير إلى أنه لا مسوغ للمصلحة الطاعنة يخول لها السلطة في رفع ومضاعفة تلك الرسوم رغم سبق تقديرها بمبلغ أقل وموافقتها على سدادها بالتقسيط وقيام المطعون ضده بسداد جزء منها في 18/ 7/ 1992، وأنها عادت وأخطرته في 14/ 9/ 1994 بالخيار بين سداد الرسوم كاملة بعد الزيادة أو إعادة تصدير السيارة أو التنازل عنها ورغم اختيار المطعون ضده إعادة تصديرها للخارج على نفقته قامت ببيعها بالمزاد العلني رغما عنه بمبلغ أقل من قيمة الرسوم المطالب بها مما ألحق الضرر به، وكان ما انتهى إليه التقرير له سنده من أوراق الدعوى ومن شأنه أن يؤدي إلى ثبوت الخطأ في حق المصلحة الطاعنة وتضمن الرد على ما أثارته من مطاعن فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ اتخذ من تقرير الخبير عمادا لقضائه بالتعويض بعد أن استظهر عناصر الضرر بنوعيه الذي لحق بالمطعون ضده فإن هذا التقرير يعتبر جزءا لا يتجزأ من الحكم المطعون فيه وأن تعييبه بما ورد بهذا الوجه من سبب الطعن ينحل جدلا في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في تقدير أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحى غير مقبول.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة - مصلحة الجمارك - الدعوى رقم ... لسنة 2004 تعويضات جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 150.000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا، وقال بيانا لذلك إنه بتاريخ 18/ 7/ 1992 عاد من دولة الكويت على إثر الغزو العراقي بسيارته الخاصة وتوجه بها إلى جمرك سيارات الإسكندرية الذي قدر الرسوم الجمركية المستحقة عليها بمبلغ 44821 جنيها ثم فوجئ بإخطار المصلحة الطاعنة له بارتفاع قيمة تلك الرسوم إلى مبلغ 85106 جنيها وقد قام بسداد مبلغ 9469 جنيها تجنبا للتحفظ على السيارة واضطر إلى تخزينها بجمرك سيارات القاهرة وطلب إعادة تصديرها للخارج على نفقته ورد المبالغ المحصلة إلا أن الطاعنة أرسلت له خطابا تخيره فيه بين سداد الرسوم الجمركية أو إعادة التصدير أو التنازل عن السيارة فتمسك بإعادة تصديرها إلا أنه فوجئ بقيامها ببيع السيارة لوط مضبوطات بمبلغ 21675 جنيها وقدرت عليها رسوما جمركية بمبلغ 119226 جنيها وخاطبته بالتنبيه عليه بسداد مبلغ 85453 جنيها ومن ثم أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 27/ 2/ 2007 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 100000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عما لحقه من أضرار. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق، كما استأنفته الطاعنة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق، ضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 12/ 12/ 2007 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، الذي عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين، تنعى المصلحة الطاعنة بالوجه الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنه رفض الدفع المبدى بسقوط حق المطعون ضده في التعويض بالتقادم الثلاثي بقالة وجود مانع قانوني حال بينه وإقامة دعواه معتبرا الدعوى السابقة رقم ... لسنة 2003 جنوب القاهرة الابتدائية التي أقامها المطعون ضده للمطالبة بحقه المدعى به والمقضي فيها بعدم القبول مانعا قانونيا حال بينه ورفع دعوى التعويض الراهنة في الميعاد القانوني رغم أنها لا أثر لها في وقف التقادم كما أن أثرها في قطع التقادم قد زال بصدور حكم فيها بعدم القبول لرفعها بغير الطريق القانوني، وإذ علم المطعون ضده بحقه في التعويض اعتبارا من 9/ 4/ 2001 بصدور حكم لصالحه في الدعوى رقم ... لسنة 2000 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ببراءة ذمته من الرسوم الجمركية التي تطالبه بها المصلحة الطاعنة بيد أنه لم يقم دعواه إلا في 21/ 10/ 2004 بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات فإنها تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي، وإذ رفض الحكم إجابته إلى هذا الدفع فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية أو بكل إجراء يقوم به الدائن للمطالبة بحقه في مواجهة مدينه أمام الجهة التي أناط بها الشارع الفصل فيما ينشأ من نزاع بشأنه ويترتب عليه ذات آثار المطالبة، وأن مناط قيام الأثر الذي يرتبه الشارع على إجراء قانوني معين هو مطابقة هذا الإجراء أصلا لما اشترطه القانون فيه، ومن ثم فإن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية عملا بالمادة 383 من القانون المدني يستلزم صحة هذه المطالبة شكلا وموضوعا وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه أو بعضه، أما انتهاؤها بغير ذلك بالقضاء برفضها أو بعدم قبولها فيترتب عليه زوال ما كان لها من أثر في قطع التقادم، واعتبار الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمرا وتبدأ مدة التقادم القصير من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه، كما أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التقادم الذي يقطعه رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يظل منقطعا طوال المدة التي تستغرقها الدعوى المقامة ثم يعود إلى السريان من جديد من يوم صدور الحكم النهائي بعدم الاختصاص ويحتفظ التقادم الذي يبدأ في السريان بعد الانقطاع بصفات التقادم الذي قطع ويبقى خاضعا للقواعد نفسها التي تحكمه، وأن قرار المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده علم بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه من تاريخ صدور الحكم ببراءة ذمته من الرسوم الجمركية في الدعوى رقم ... لسنة 2000 مدني جنوب القاهرة المؤيد بالاستئناف رقم ... لسنة 117 ق القاهرة في 9/ 4/ 2001 والذي نشأ فيه حقه في المطالبة بالتعويض، وأنه أقام دعواه رقم ... لسنة 2001 مدني منفلوط أمام مأمورية منفلوط الكلية - غير المختصة - ومن ثم فإن التقادم ينقطع بتلك المطالبة ويظل أثرها في الانقطاع باقيا حتى صدور حكم فيها بعدم الاختصاص والإحالة، وإذ صدر قرار الإحالة من محكمة منفلوط إلى المحكمة المختصة في 29/ 10/ 2003 وهو ما يستوي في أثره مع الحكم بعدم الاختصاص والإحالة، وإذ أقام المطعون ضده دعواه الطعين حكمها في 21/ 10/ 2004 قبل اكتمال مدة التقادم ومرور ثلاث سنوات على تاريخ زوال سبب الانقطاع في 29/ 10/ 2003 المترتب على رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة فإن حقه في التعويض لا يكون قد سقط بالتقادم سالف الذكر ولا أثر في ذلك للحكم الصادر بتاريخ 11/ 5/ 2004 في الدعوى رقم ... لسنة 2003 جنوب القاهرة الابتدائية بعدم القبول، إذ إن أثره يقتصر على زوال صحيفة الدعوى المشار إليها في قطع التقادم ولا يمتد إلى أثر الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني كلي منفلوط في قطع التقادم والذي ظل باقيا حتى صدور قرار الإحالة إلى المحكمة المختصة في 29/ 10/ 2003 وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع بالتقادم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه ما تضمنته أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، إذ لهذه المحكمة أن تقومه دون أن تنقضه ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أنه أيد الحكم الابتدائي الذي أقام قضاءه بالتعويض على تقرير الخبير الذي انتهى إلى توافر الخطأ في جانب الطاعنة والذي ترتب عليه بيع السيارة بالمزاد العلني رغم أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع باعتراضها على ذلك التقرير واتباع مصلحة الجمارك الإجراءات القانونية في بيع السيارة لتقاعس المطعون ضده عن إنهاء الإجراءات الجمركية سواء بسداد الرسوم أو إعادة تصديرها أو التنازل عنها رغم إخطاره بذلك، وإذ أقام الحكم قضاءه على تقرير الخبير دون أن يعرض لتلك الاعتراضات فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع التقديرية متى كان استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، وأن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأته أنه وجه الحق في الدعوى ما دام قائما على أسباب لها أصلها في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه وأن في أخذها بالتقرير محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن على استقلال. لما كان ذلك، وكان البين من تقرير الخبير المقدم في الدعوى الذي اعتمد عليه قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن مصلحة الجمارك قامت بإخطار المطعون ضده بكتاب مؤرخ في 5/ 7/ 1993 بالتنبيه بالدفع وإنذار بالحجز وبزيادة الرسوم الجمركية على السيارة محل التداعي دون إبداء سبب تلك الزيادة وانتهى التقرير إلى أنه لا مسوغ للمصلحة الطاعنة يخول لها السلطة في رفع ومضاعفة تلك الرسوم رغم سبق تقديرها بمبلغ أقل وموافقتها على سدادها بالتقسيط وقيام المطعون ضده بسداد جزء منها في 18/ 7/ 1992، وأنها عادت وأخطرته في 14/ 9/ 1994 بالخيار بين سداد الرسوم كاملة بعد الزيادة أو إعادة تصدير السيارة أو التنازل عنها ورغم اختيار المطعون ضده إعادة تصديرها للخارج على نفقته قامت ببيعها بالمزاد العلني رغما عنه بمبلغ أقل من قيمة الرسوم المطالب بها مما ألحق الضرر به، وكان ما انتهى إليه التقرير له سنده من أوراق الدعوى ومن شأنه أن يؤدي إلى ثبوت الخطأ في حق المصلحة الطاعنة وتضمن الرد على ما أثارته من مطاعن فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ اتخذ من تقرير الخبير عمادا لقضائه بالتعويض بعد أن استظهر عناصر الضرر بنوعيه الذي لحق بالمطعون ضده فإن هذا التقرير يعتبر جزءا لا يتجزأ من الحكم المطعون فيه وأن تعييبه بما ورد بهذا الوجه من سبب الطعن ينحل جدلا في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في تقدير أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحى غير مقبول.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.