الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 يونيو 2023

الطعن 426 لسنة 36 ق جلسة 11 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 47 ص 295

جلسة 11 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(47)
الطعن رقم 426 لسنة 36 القضائية

(أ) عمل. "إصابات العمل". تعويض. تأمين.
وفاء رب العمل بالتعويض عن الإصابة للعامل. أثره. حلوله محل الأخير في التعويض قبل المسئول. وجوب إخطار رب العمل للمسئول بالامتناع عن الوفاء بالتعويض للعامل. إهماله ذلك. وفاء المسئول بالتعويض للعامل، مبرئ لذمته قبل رب العمل.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". تأمين. عمل.
واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال في دعوى إصابة عمل.

----------------
1 - مفاد نص المادة السابعة من القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل أن التزام رب العمل بدفع التعويض للمضرور مصدره القانون، إذ جعله مسئولاً عن أداء تعويض محدد، وأحله محل العامل في حق هذا الأخير بالنسبة لهذا المبلغ قبل الشخص المسئول، ومن ثم لا يكون رجوع رب العمل على المسئول بما دفعه للعامل المضرور مستنداً إلى ضرر أصابه هو باعتباره رب عمل ويختلف عن الضرر الذي أصاب العامل بحيث يستوجب تعويضاً آخر خلاف ما يقتضيه العامل، بل إنه يستند إلى ذات الضرر الذي أصاب العامل، ويترتب على ذلك أن المسئول إذا أوفى العامل بالتعويض الكامل الجابر للضرر، فقد برئت ذمته وصار لا محل لرجوع رب العمل عليه، أما إذا دفع رب العمل التعويض للعامل، فإنه يحل محله في اقتضاء ما دفعه من المسئول، وإنما يتعين عليه إخطار المسئول بالامتناع عن الوفاء للمضرور حتى لا يعوض العامل مرتين عن ضرر واحد، فإن هو أهمل هذا الإخطار وأوفى المسئول التعويض للعامل فقد برئت ذمته، وليس لرب العمل إلا الرجوع على المضرور الذي اقتضى التعويض مرتين. وإذ كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن رب العمل لم يطلب من شركة التأمين الامتناع عن دفع التعويض الذي رفعه لورثة العامل المتوفى وحل محلهم فيه، فإن وفاء شركة التأمين يكون مبرئاً لذمتها ولذمة المسئول عن الحادث لأنهما ملتزمان بدين واحد.
2 - النعي بأن ما دفعته شركة التأمين - لورثة العامل المضرور - هو تكملة للتعويض الذي دفعه رب العمل طبقاً لقانون إصابات العمل، هو واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مؤسسة ضاحية مصر الجديدة أقامت الدعوى رقم 5050 سنة 1958 مدني كلي القاهرة ضد السيد رؤوف بطرس سيدهم وشركة الشرق للتأمين طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 600 جنيه، وقالت بياناً للدعوى إنه حدث بتاريخ 29/ 5/ 1955 أن صدمت السيارة رقم 13538 ملاكي القاهرة التي كان يقودها مالكها المدعى عليه الأول عاملاً لديها أثناء تأدية عمله هو المرحوم محمود حسين محمد المغربي فأودت الصدمة بحياته، وحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 3727 سنة 1955 مصر الجديدة وحكم فيها نهائياً بتغريم المدعى عليه الأول عشرين جنيهاً، وأنها تنفيذاً لقانون إصابات العمل دفعت لورثة العامل مبلغ 600 جنيه، وإذ كان يحق لها أن ترجع بهذا المبلغ على المدعى عليهما لأن مالك السيارة كان مؤمناً لدى الشركة المدعى عليها الثانية من مسئوليته الناشئة عن حوادث السيارات فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة الذكر، وقد أجابت شركة التأمين على الدعوى بأن ورثة العامل أقاموا ضدها دعوى بطلب التعويض فتصالحت معهم على مبلغ 530 جنيه دفعتها لهم وقد برئت ذمتها بذلك لأنه كان يتعين على المؤسسة أن تخطرها بما دفعته لهم وأنها حلت محلهم بقيمة التأمين المستحق. وبتاريخ 25/ 11/ 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى. واستأنفت شركة مصر الجديدة التي حلت محل المؤسسة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد استئنافها برقم 170 سنة 81 قضائية، وبتاريخ 31/ 5/ 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وطعنت شركة مصر الجديدة بطريق النقض في هذا الحكم للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة الطاعنة فيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على ما قرره من أنه كان يتعين عليها أن تخطر شركة التأمين بالامتناع عن دفع التعويض إلى ورثة المجني عليه وأنها إذ قعدت عن الإخطار فإنه لا يحق لها أن تطالبها بما دفعته للورثة باعتبارها رب عمل لأن شركة التأمين نفذت التزامها قبل المضرور طبقاً لعقد التأمين وبذلك أسقطت التزام المسئول عن الضرر، وهذا الذي قرره الحكم يخالف القانون من ثلاثة وجوه أولها أن خطأ الجاني سبب لها ضرراً يتمثل في التزامها بدفع التعويض لورثة المجني عليه، ومن ثم يكون من حقها اقتضاء ما دفعته من شركة التأمين لأنها مسئولة عن تعويض كافة الأضرار الناتجة عن الحادث، وثانيها أن تخلفها عن إخطار شركة التأمين بالامتناع عن دفع التعويض للورثة لا يسقط حقها في الرجوع على الشركة، لأنه ما كان يجوز لها أن تمنع المطعون عليهما من تنفيذ التزامهما قبل الورثة، وثالثها أن القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل إذ أوجب على رب العمل في حالة وفاة العامل أن يدفع تعويضاً عن وفاته، فإنه قد أحل رب العمل محل العامل في حقوقه قبل المسئول إذا كان المسئول عن الإصابة غير رب العمل، وأوجب خصم التعويض الذي يقتضيه العامل من هذا المسئول من التعويض المستحق للعامل قبل رب العمل، وإذ كان مصدر التزام رب العمل بالتعويض هو القانون الذي يفترض علم الكافة به فإن المطعون عليهما كانا يعلمان بأنها سوف ترجع عليهما بما أدته من التعويض للورثة باعتبارها رب عمل، ويكون الصلح قاصراً على قيمة الفرق بين التعويض المستحق طبقاً لقانون إصابات العمل والتعويض الكامل الجابر للضرر، وبالإضافة إلى ما تقدم فإنه كان على محكمة الاستئناف أن تبحث ما إذا كان ما دفعته شركة التأمين لورثة العامل المتوفى يمثل التعويض الكامل الجابر للضرر أو أنه قيمة الفرق بين التعويض الكامل والتعويض المستحق طبقاً لقانون إصابات العمل، وإذ هي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً أيضاً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل إذ نص في المادة السابعة منه على أنه "إذا كانت الإصابة الموجبة للتعويض وفقاً لأحكام هذا القانون تقتضي قانوناً مسئولية شخص آخر خلاف رب العمل جاز للعامل أن يطالب بالتعويض رب العمل أو ذلك الشخص الآخر ويحل رب العمل الذي دفع التعويض محل العامل في حقوقه قبل الشخص الآخر كما يخصم التعويض الذي يقبضه العامل فعلاً من الشخص المسئول من التعويض المستحق له قبل رب العمل" فقد أفصح عن أن التزام رب العمل بدفع التعويض للمضرور مصدره القانون إذ جعله مسئولاً عن أداء تعويض محدد وأحله محل العامل في حق هذا الأخير بالنسبة لهذا المبلغ قبل الشخص المسئول، ومن ثم لا يكون رجوع رب العمل على المسئول بما دفعه للعامل المضرور مستنداً إلى ضرر أصابه هو باعتباره رب عمل ويختلف عن الضرر الذي أصاب العامل بحيث يستوجب تعويضاً آخر خلاف ما يقتضيه العامل، بل إنه يستند إلى ذات الضرر الذي أصاب العامل؛ ويترتب على ذلك أن المسئول إذا أوفي العامل بالتعويض الكامل الجابر للضرر فقد برئت ذمته وصار لا محل لرجوع رب العمل عليه، أما إذا دفع رب العمل التعويض للعامل فإنه يحل محله في اقتضاء ما دفعه من المسئول، وإنما يتعين عليه إخطار المسئول بالامتناع عن الوفاء للمضرور حتى لا يعوض العامل مرتين عن ضرر واحد فإن هو أهمل هذا الإخطار وأوفى المسئول التعويض للعامل فقد برئت ذمته، وليس لرب العمل إلا الرجوع على المضرور الذي اقتضى التعويض مرتين، ومتى تقرر هذا وكان الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته أن رب العمل وهي الشركة الطاعنة لم تطلب من شركة التأمين الامتناع عن دفع التعويض لأنها دفعته لورثة العامل المتوفى وحلت محلهم فيه فإن وفاء شركة التأمين يكون مبرئاً لذمتها ولذمة المسئول عن الحادث لأنهما ملتزمان بدين واحد. أما ما تثيره الطاعنة من أن المبلغ الذي دفعته شركة التأمين هو تكملة للتعويض الذي دفعته هي طبقاً لقانون إصابات العمل فهو واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعي في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 369 لسنة 36 ق جلسة 11 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 46 ص 289

جلسة 11 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(46)
الطعن رقم 369 لسنة 36 القضائية

(أ) إثبات. "القرائن القانونية". صورية. إرث. وصية.
طعن الوارث بصورية تصرفات المورث المضرة به. إثباته بكافة الطرق. للوارث عند عدم توافر شروط القرينة القانونية الواردة بالمادة 917 مدني. إثبات حيازة المورث للعين المتصرف فيها كقرينة من القرائن القضائية.
(ب). إثبات. "عبء الإثبات". نظام عام. دفوع.
قواعد الإثبات لا تتعلق بالنظام العام. النعي لأول مرة أمام محكمة النقض بنقل الحكم المطعون فيه لعبء الإثبات. غير جائز.

---------------
1 - ما ورد بالمادة 917 من القانون المدني، لا يعدو أن يكون تقريراً لقيام قرينة قانونية لصالح الوارث تعفيه من إثبات طعنه على تصرفات مورثه التي أضرت به بأنها في حقيقتها وصية، إلا أنه لما كان لهذا الوارث أن يطعن على مثل هذا التصرف بكافة طرق الإثبات، لما هو مقرر من أنه لا يستمد حقه في الطعن في هذه الحالة من المورث وإنما من القانون مباشرة، على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث الذي تتعلق أحكامه بالنظام العام، فيكون تحايلاً على القانون، فإنه يكون للوارث عند عدم توافر شروط القرينة القانونية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني، أن يدلل بكافة طرق الإثبات، على احتفاظ المورث بحيازة العين التي تصرف فيها كقرينة من القرائن القضائية يتوصل بها إلى إثبات مدعاه بأن المورث قصد أن يكون تمليك المتصرف إليه مضافاً إلى ما بعد الموت، وبذلك لم يتخل له عن الحيازة التي يتخلى عنها لو كان التصرف منجزاً، والقاضي بعد ذلك حر في أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ بها، شأنها في ذلك شأن سائر القرائن القضائية التي تخضع لمطلق تقديره.
2 - متى كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد ارتضوا الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق، ونفذوه بسماع شاهديهم، ولم يعترضوا على ذلك الحكم حتى صدر الحكم المطعون فيه، ولما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام، ويجوز الإنفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، فإنه لا يجوز إثارة هذا النعي - نقل عبء الإثبات - لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدتين أمينة وزينب حسن وهبه جاد أقامتا الدعوى 37 سنة 1960 الجيزة الابتدائية ضد جوده وهبه وهبه جاد تطلبان الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر في 15 يوليه سنة 1958 من شقيقهما المرحوم حسن حسن وهبه ببيعه لهما 8 س و21 ط و1 ف بثمن قدره 2267 جنيهاً، وطعن المدعى عليه بجهالته توقيع مورثه وحلف اليمين التي أوجبها القانون، وبتاريخ 23/ 11/ 1961 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية الأولى وورثة الثانية أن التوقيع على عقد البيع قد صدر من المورث، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 25 يناير سنة 1962 فحكمت برفض الدفع بالتجهيل وبصحة توقيع المورث، فطعن المدعى عليه بتزوير عقد البيع، وحكمت المحكمة في 15/ 2/ 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليه أن العقد مزور، وبعد سماع شهود الطرفين تمسك المدعى عليه بأن التصرف موضوع الدعوى صدر في مرض الموت وبذلك يكون في حقيقته وصية ودلل على ذلك باستمرار وضع يد المورث على العين المبيعة حتى وفاته وبما ذكر في العقد من الوفاء بكامل الثمن من انتفاء الباعث على تجرد البائع من ملكه، وبتاريخ 28/ 11/ 1963 حكمت المحكمة برفض دعوى التزوير وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 15/ 11/ 1963 في حدود الثلث تأسيساً على ما ثبت لديها من أن المورث قصد بعقده أن يكون ساتراً لوصية، واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه وبرفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 130 سنة 81 ق، كما استأنفه المدعون طالبين تعديله والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 199 سنة 81 ق، وبتاريخ 27 مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المشترية الأولى وورثة الثانية أنهما دفعتا الثمن إلى البائع ووضعتا اليد على العين منذ الشراء حتى وفاة البائع وليثبت خصمهما العكس، وبعد أن تم التحقيق عادت وبتاريخ 7/ 5/ 1966 فحكمت برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأسباب الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقولون إن عقد البيع قد وقع صحيحاً منجزاً بالنص فيه على إقرار المورث بقبضه الثمن كاملاً وبوضع المشتريتين اليد على العين المبيعة من تاريخ عقد البيع وبما ظهر من تقدم طرفا العقد إلى إدارة الشهر العقاري لاتخاذ إجراءات تسجيله ثم القضاء برفض الادعاء بتزويره وبصحته ونفاذه، مما كان يتعين معه إعمال أثر إقرار البائع في حق ورثته لأنه ملزم لهم ولكن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الإقرار واعتبر العقد غير منجز ويخفي وصية معتمداً في ذلك على قرينة انتفاع المورث بالعين المبيعة حتى وفاته، في حين أن هذه القرينة على فرض قيامها، وعلى ما هو وارد بنص المادة 917 من القانون المدني تقتضي أن يستند انتفاع المورث بالعين المبيعة إلى حق ثابت لا يستطيع المتصرف إليهما تجريده منه كما إذا اشترط لنفسه حق المنفعة وعدم جواز التصرف في العين أو استئجارها مدى حياته أو عن أي طريق آخر مماثل، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى ذلك كما تغاضى عما هو ثابت بعقد البيع من وفاء المشتريتين بكامل الثمن ووضع يدهما على المبيع وكفلهما إثبات ذلك، فإنه يكون فضلا ً عن مخالفته القانون وخطئه في فهم وإدراك معنى التحايل على قواعد الإرث قد قلب قواعد الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بأن ما ورد بالمادة 917 من القانون المدني لا يعدو أن يكون تقريراً لقيام قرينة قانونية لصالح الوارث تعفيه من إثبات طعنه على تصرفات مورثه التي أضرت به بأنها في حقيقتها وصية، إلا أنه لما كان لهذا الوارث أن يطعن على مثل هذا التصرف بكافة طرق الإثبات لما هو مقرر من أنه لا يستمد حقه في الطعن في هذه الحالة من المورث وإنما من القانون مباشرة، على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث الذي تتعلق أحكامه بالنظام العام فيكون تحايلاً على القانون، فإنه يكون للوارث عند عدم توافر شروط القرينة القانونية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني أن يدلل بكافة طرق الإثبات على احتفاظ المورث بحيازة العين التي تصرف فيها كقرينة من القرائن القضائية يتوصل بها إلى إثبات مدعاه بأن المورث قصد أن يكون تمليك المتصرف إليه مضافاً إلى ما بعد الموت وبذلك لم يتخل له عن الحيازة التي يتخلى له عنها لو كان التصرف منجزاً، والقاضي بعد ذلك حر في أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ بها شأنها في ذلك شأن سائر القرائن القضائية التي تخضع لمطلق تقديره. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بأن التصرف الصادر من المورث قصد به الإيصاء، على القرينة التي استمدها من أن المورث تصرف بالعقد موضوع الطعن في كل ما يملكه، وكذلك إلى ما استظهره من التحقيق من أن المورث استمر يضع يده على الأرض موضوع التصرف حتى وفاته، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أخذ بالقرينة القانونية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني دون توافر شروطها يكون على غير أساس. ومردود في الشق الثاني بأن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد ارتضوا الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق في 27 من مارس سنة 1965 ونفذوه بسماع شاهدهم ولم يعترضوا على ذلك الحكم حتى صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 7 مايو سنة 1966، ولما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً فإنه لا يجوز إثارة هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور، وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة الاستئناف إذ أحالت الدعوى إلى التحقيق في 27/ 3/ 1965 لإثبات ونفي وضع اليد على الأرض المبيعة حتى وفاة البائع، وتقدم الطاعنون بشاهد واحد سرد الحكم المطعون فيه أقواله على أنها تتضمن أن المورث باع لأختيه أمينة وزينب - المشتريتين. 45 قيراطاً كان يزرعها معهما حتى توفي وأن هذا الشاهد فسر ذلك بقوله بأن اشتراك المورث معهما في زراعة الأرض استمر حتى مرض سنة 1958 ثم انفردت المشتريتان بزراعتها، ويقول الطاعنون إن هذا الذي سردته محكمة الاستئناف يؤخذ منه بوضوح أن المورث كان يزرع الأرض بنفسه قبل سنة 1958 أي قبل صدور عقد البيع منه لأختيه وأنه لم يضع اليد على الأرض بعد ذلك، ولكن الحكم المطعون فيه أخذ من هذه الشهادة أن البائع ظل واضعاً يده على الأرض المبيعة حتى وفاته وهو منه خطأ في الإسناد، هذا إلى أن الحكم المذكور عول في قضائه على شهادة شاهد المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف في نفي سداد ثمن المبيع وبثبوت وضع يد المورث على العين المبيعة من أن محكمة أول درجة كانت قد طرحت شهادة هذا الشاهد وهي بصدد الفصل في صحة العقد لتناقض شهادته، ومن ثم لم يكن لمحكمة الاستئناف أن تأخذ بهذه الشهادة.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقة الأول بأن هذا الذي قرره الشاهد - ونقله عنه الحكم المطعون فيه - بصدد اشتراك المورث في زراعة الأرض حتى وفاته مع تخلفه عن ذلك بسبب مرضه سنة 1958، لا تناقض فيه ولا ينفي استمرار وضع يد المورث بعد توقفه عن زارعة أرضه، لأنه لا يوجد ما يحول قانوناً من أن تكون الحيازة له دون أن يشترك في زراعتها بنفسه، وإذ أخذ الحكم مما سرده أن المورث ظل واضعاً يده على الأرض المبيعة حتى يوم وفاته فإنه لا يكون مخالفاً للثابت في الأوراق. ومردود في شقه الثاني بأن الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عندما استمعت إلى أقوال شاهد المطعون عليهم كانت بصدد الفصل في الادعاء بتزوير توقيع المورث ببصمة ختمه على عقد البيع وإذ لم تطمئن إلى شهادته طرحتها، في حين أن محكمة الاستئناف استمعت إلى ذات الشاهد وهي بصدد الفصل في أمر وضع يد المورث على الأرض المبيعة حتى وفاته، لما كان ذلك وكانت كل من الواقعتين محل شهادة هذا الشاهد تختلف عن الأخرى، وكان لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير أقوال الشهود وفي الأخذ ببعضها دون البعض الآخر، فإن النعي في حقيقته يكون جدلاً حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

الطعن 328 لسنة 36 ق جلسة 11 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 45 ص 282

جلسة 11 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(45)
الطعن رقم 328 لسنة 36 القضائية

(أ) إعلان. "بطلان الإعلان". نقض "المصلحة في الطعن".
إعلان الطعن بالنقض في الميعاد. لا مصلحة للمطعون عليه في التمسك ببطلان الإعلان طالما أنه قدم مذكرة بدفاعه في الميعاد، ولم يبين وجه مصلحته فيه.
(ب) نقض. "إعلان الطعن".
وفاة الخصم قبل صدور الحكم المطعون فيه. وجوب إعلان الطعن إلى كل من ورثة ذلك الخصم على حده في الميعاد.
(جـ) تقادم. "تقادم مكسب". ملكية. شيوع. إرث.
للوارث أن يتملك بالتقادم نصيب غيره من الورثة متى استوفى وضع يده الشروط القانونية.

----------------
1 - متى كان إعلان الطعن بالنقض قد تم للمطعون عليه في الميعاد وحضر في الطعن وقدم مذكرة بدفاعه في الأجل المحدد قانوناً، فإنه لا يجوز له التمسك ببطلان الإعلان، طالما لم يبين وجه مصلحته في التمسك به.
2 - متى كان الثابت من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن، أن الطاعنين حاولوا إعلان المطعون عليه في محل إقامته فأجيبوا بأنه قد توفى قبل صدور الحكم المطعون فيه، فقاموا بإعلان ورثته جملة في آخر موطن له. ولما كان القانون يوجب على الطاعن أن يراقب ما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل إجراء الإعلان ليعلن بالطعن من يجب إعلانه قانوناً. فقد كان الطاعنين القيام بالتحري اللازم وتوجبه الإعلان إلى كل من ورثة ذلك الخصم على حده في الميعاد، ولا يجوز التحدي في هذا الخصوص بنص المادة 383 من قانون المرافعات السابق، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة أن تكون وفاة الخصم المحكوم له قد وقعت خلال الميعاد الذي يجب إعلان الطعن فيه، وهو ما لم يتحقق في صورة هذا الطعن، ومن ثم يكون الطعن باطلاً بالنسبة لورثة الخصم المذكور.
3 - ليس في القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما يحرم على الوارث أن يتملك بالتقادم نصيب غيره من الورثة، إذ هو في ذلك كأي شخص أجنبي عن التركة يتملك بالتقادم، متى استوفى وضع يده الشرائط الواردة في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم صادق محمود الحلفاوي - مورث الطاعنين - أقام الدعوى رقم 674 سنة 1922 كلي أسيوط ضد محمود حسن حمدي السلحدار المطعون عليه 29 وآخرين بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى 43 فدان وكسور مبينة بكشف التحديد وبعقود الشراء المسجلة الصادرة له من المدعي عليه المذكور والتي نص فيها على أن مصدر ملكية البائع هو الميراث عن والده المرحوم حسن حمدي السلحدار، وإذ تعذر نقل تكليف هذه الأطيان إليه بسبب تصرف بعض الورثة بالبيع وغيره فيما يزيد على أنصبائهم في التركة وكان ذلك يعتبر منازعة في الملكية، فقد أقام هذه الدعوى طالباً القضاء له بملكية الأطيان المبيعة ومحو التسجيلات الموقعة عليها وتكليفها باسمه. وتدخل المرحوم لوزا منفريوس مورث المطعون عليهم الخمسة عشر الأولين بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى 5 س و12 ط و26 ف ضمن القدر المرفوع به الدعوى بيعت له من ورثة آخرين. وفي 24/ 5/ 1925 قضت المحكمة بندب الخبير صاحب الدور لبيان ما تركه مورث البائعين وما اختص به كل وارث وما تصرف فيه سواء كان ذلك ضمن نصيبه أو أكثر وبيان ما وضع يده عليه وسبب ذلك ومدته وبيان مدى أحقية المدعي في دعواه، فباشر الخبير هذه المأمورية وأحيلت القضية إلى محكمة سوهاج الابتدائية بعد إنشائها حيث قيدت بجدولها برقم 278 سنة 1936 كلي سوهاج وفي 27/ 5/ 1941 حكمت المحكمة بإعادة المأمورية إلى الخبير لاستكمال النقص الذي ظهر لها في تقريره وبعد أداء المأمورية على النحو الثابت بملحق التقرير طلب ورثة المدعي الأصلي الحكم لهم بتثبيت ملكيتهم إلى 16 س و11 ط و 41 ف شائعة في 209 فدان وكسور الموضحة الحدود والمعالم بكشف التحديد المقدم في الدعوى 674 سنة 1922 كلي أسيوط الكائنة بزمام نواحي برخيل وبني حبيل والعرابة المدفونة من أعمال مركز البلينا وتسليمها لهم وكف منازعة الخصوم لهم فيها. كما طلب ورثة المرحوم لوزا منقريوس تثبيت ملكيتهم إلى 14 س و10 ط و21 ف ضمن الأطيان المذكورة مع حفظ حقهم في باقي الأرض المبيعة لمورثهم وقدره 12 س و5 ط و3 ف شائعة في 16 س و10 ط و48 ف المتروكة عن المورث المرحوم حسن حمدي السلحدار في زمام النواحي الأخرى. وفي 23/ 3/ 1943 حكمت المحكمة بتثبيت ملكية الست جليلة فراج عن نفسها وبصفتها إلى 23 س و10 ط و24 ف شائعة في 8 س و9 ط و209 ف مبينة الحدود والمعالم بكشف التحديد المرفق وبتسليمها إليها، وبتثبيت ملكية ورثة الخصم المتدخل إلى 15 س و7 ط و 11 ف شائعة في الأطيان السابق بيانها وكف منازعة باقي الخصوم لهم فيها ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، مستندة في ذلك إلى أن تركة المورث الأصلي لم تقسم بإقرار الخصوم، وبأن كلاً من البائعين للمدعي وللخصم المتدخل إنما يملك نصيبه شائعاً في أطيان المورث الكائنة بتلك النواحي الثلاثة وأن حقه في التصرف يجب ألا يتعدى هذا النصيب واستأنف ورثة المدعي الأصلي هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين تعديله والقضاء لهم بطلباتهم كاملة، وقيد استئنافهم برقم 60 سنة 19 قضائية. وفي 18/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليه الأول ببطلان الطعن. وقدم المطعون عليه 47 مذكرة أرفق بها إقراراً موثقاً بالشهر العقاري صادراً من السيدة افرانز محمود الحلفاوي إحدى الطاعنات بقبول ترك الخصومة في الطعن ودفع ببطلان الطعن بالنسبة له. وصممت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت بطلان الطعن بالنسبة للسيدة أمينة مصطفى المطعون عليها الثالثة والأربعين وقبوله بالنسبة للباقين.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه الأول أن الطاعنين أعلنوا أخواته فواكه واستير ولوزا "المطعون عليهن 13، 14، 15" بهذا الطعن في مواجهة النيابة دون أن يثبت المحضر في ورقة الإعلان الخطوات الدالة على البحث والتقصي عن محال إقامتهن الأصلية.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن الطاعنين حاولوا إعلان المطعون عليهن المذكورات بناحية مير مركز القوصية فأجيبوا بعدم الاستدلال عليهن، ثم أعادوا إعلانهن بالقاهرة فلم يستدل عليهن كذلك، فاضطروا إلى إعلانهن في مواجهة النيابة، وإذ تم هذا الإعلان بعد أن بذل الطاعنون جهدهم في سبيل التحري عن محال إقامتهن دون الاهتداء إليها فإن إعلانهن في مواجهة النيابة يكون صحيحاً، هذا إلى أن هذا البطلان بفرض وقوعه هو من ضروب البطلان النسبي، فلا يجوز لغير الخصم التمسك به.
وحيث إن الدكتور أحمد شفيق حماده دفع بعدم قبول الطعن بالنسبة له لإعلانه في عيادته بنزاع لا يتصل بعمله.
وحيث إنه لما كان إعلان الطعن قد تم للمطعون عليه المذكور في الميعاد وحضر في الطعن وقدم مذكرة بدفاعه في الأجل المحدد قانوناً، فإنه لا يجوز له التمسك ببطلان الإعلان طالما لم يبين وجه مصلحته في التمسك به.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن الطاعنين حاولوا إعلان صمويل جيد تادرس في محل إقامته فأجيبوا بأنه قد توفى بتاريخ 27/ 12/ 1962 قبل صدور الحكم المطعون فيه فقاموا بإعلان ورثته جملة في آخر موطن له مخاطباً مع أخيه مراد جيد تادرس، ولما كان القانون يوجب على الطاعن أن يراقب ما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل إجراء الإعلان ليعلن بالطعن من يجب إعلانه قانوناً، فقد كان على الطاعنين القيام بالتحري اللازم وتوجيه الإعلان إلى كل من ورثة ذلك الخصم على حدة في الميعاد، ولا يجوز التحدي في هذا الخصوص بنص المادة 383 من قانون المرافعات السابق، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة أن تكون وفاة الخصم المحكوم له قد وقعت خلال الميعاد الذي يجب إعلان الطعن فيه وهو ما لم يتحقق في صورة هذا الطعن، ومن ثم يكون الطعن باطلاً بالنسبة لورثة الخصم المذكور. كما أن السيدة أمينة مصطفى الجباخنخي المطعون عليها "43" لم تعلن بالطعن في الميعاد فيكون الطعن باطلاً بالنسبة لها كذلك.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون في السببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا لدى محكمة الموضوع بأن البائع لمورثتهم قد تملك الأطيان المبيعة شائعة في 8 س و9 ط و209 ف المتروكة عن مورثة بنواحي برخيل الحبيل والعرابة المدفونة، لا بناء على إرثه لها فقط بل أيضاً بناء على اختصاصه بنصيبه الميراثي شائعاً فيها وحدها وحيازته للمبيع المدة الطويلة المكسبة للملكية من تاريخ وفاة مورثه في سنة 1897 حتى تاريخ بيعه لها في سنة 1918، وأن مورثهم قد خلفه في وضع اليد منذ هذا التاريخ، ولم يأخذ الحكم بهذا الدفاع بحجة أن حيازة البائع للأطيان البيعة لا تصلح سببا لتملكه لها بالتقادم لأنه وارث للمالك الأصلي الذي ترك الأطيان الكائنة بالنواحي المذكورة وغير ها، لأن المسلم به قانوناً أن الوارث إذا وضع يده وحاز بعض الأراضي الموروثة على وجه التخصيص فإن حيازته تكون مشوبة بالغموض إذ يجوز أن تكون بطريق النيابة عن باقي الورثة، هذا في حين أن القانون يعتبر الوارث كالأجنبي في هذا الخصوص فلا يحرمه من أن يتملك نصيب وراث آخر بالتقادم المكسب إذا توافرت شرائطه. ويضيف الطاعنون أنهم تمسكوا لأول مرة في مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن قسمة فعلية قد حصلت بين الورثة عقب وفاة مورثهم في سنة 1897 وأن هذه القسمة قد نفذت بوضع اليد واستدلوا على ذلك بتصرفات بعض ورثته المسجلة، غير أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى دفاعهم في هذا الخصوص مع أنه دفاع جوهري مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ليس من القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يحرم على الوارث أن يتملك بالتقادم نصيب غيره من الورثة إذ هو في ذلك كأي شخص أجنبي عن التركة يتملك بالتقادم متى استوفى وضع يده الشرائط الواردة في القانون. وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بوضع يد البائع لمورثهم على جميع الأطيان موضوع النزاع بطريق التخصيص المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ وفاة والد البائع في سنة 1897 حتى تاريخ البيع لمورثهم في سنة 1918، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع استناداً إلى ما قرره من أن "وضع يد البائع لمورث المستأنفين لا يمكن أن يكون سبباً في تملكه للأرض التي يضع يده عليها من التركة على وجه التخصيص لأن حيازته تكون حيازة غامضة غير ظاهرة منها نية التملك لأنه يجوز أن تكون بطريق النيابة عن باقي الورثة ولذلك فإنها لا تنتج أثرها من حيث التملك بالمدة الطويلة" دون أن يبحث مدى توافر الشروط المؤدية لاكتساب البائع لمورث الطاعنين ملكية القدر المتنازع عليه بالتقادم الطويل، فإنه يكون قد خالف القانون هذا فضلاً عن أن الطاعنين قد تمسكوا لأول مرة في مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف - والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن - بحصول قسمة فعلية بين ورثة المرحوم حسن حمدي السلحدار مورث البائع لهم منذ وفاته في سنة 1897 وأن هذا البائع قد اختص بحصته الميراثية في أطيان المورث الكائنة بالنواحي الثلاثة وحدها وأن كلاً من الورثة الباقين اختص بنصيبه في هذه الأطيان وغيرها واستدلوا على ذلك ببعض التصرفات المسجلة الصادرة من الورثة، ولم تلتفت المحكمة إلى هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وبذلك يكون الحكم قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 229 لسنة 36 ق جلسة 10 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 44 ص 277

جلسة 10 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، ومحمد نور الدين عويس، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

------------------

(44)
الطعن رقم 229 لسنة 36 القضائية

ضرائب. "تقادم الضريبة". تقادم مسقط. "وقف التقادم".
حكم وقف التقادم - في الفترة من 4/ 9/ 1950 إلى 31/ 12/ 1950 - المنصوص عليه في القانون رقم 189 لسنة 1950. حكم عام. سريانه على مبالغ الضرائب المنصوص عليها في ذلك القانون والتي بدأ تقادمها ولم يكتمل.

----------------
مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 189 لسنة 1950 بصياغتها وعمومها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1) أن حكم وقف التقادم في الفترة من 4 سبتمبر حتى 31 ديسمبر سنة 1950 يلحق كافة المبالغ التي كانت مستحقة لمصلحة الضرائب، بوصفها ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى الأرباح الاستثنائية، وبدأ تقادمها ولم يكتمل. ولا يغير من هذا النظر أن يكون الغرض من القانون هو مواجهة الحالات التي كان يخشى الحق في المطالبة بالضريبة عنها قبل نهاية سنة 1950.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب أسيوط قدرت أرباح المرحوم مهران عثمان الزيني مورث المطعون عليهم في الفترة من أول نوفمبر سنة 1946 إلى آخر أكتوبر سنة 1947 بمبلغ 6765 جنيهاً و527 مليماً ورأس المال الحقيقي المستثمر في أول هذه المدة بمبلغ 2625 جنيهاً وأخطرت الورثة بهذا التقدير فاعترضوا عليه وأحيل الخلاف على لجنة الطعن، ولديها دفع الورثة ببطلان الإخطارات الموجهة إليهم. وبتاريخ 28/ 12/ 1953 قررت اللجنة رفض الدفع الشكلي الخاص ببطلان الإخطارات وحددت جلسة تالية لنظر الموضوع. وإذ عاد الورثة ودفعوا ببطلان إجراءات المأمورية وبسقوط حق المصلحة في اقتضاء الضريبة وطلبوا في الموضوع الأخذ بإقرارات الممول، وبتاريخ 1/ 5/ 1954 أصدرت اللجنة قرارها أولاً - بقبول الطعن شكلاً ثانياً - برفض الدفوع التي أبداها الورثة. ثالثاً - باعتماد تقدير المأمورية لصافي أرباح الممول المرحوم مهران عثمان الزيني المقاول بأسيوط بمبلغ 6765 جنيه و527 مليماً رابعاً - بزيادة تقدير المأمورية لرأس المال الحقيقي المستثمر في أول سنة 46 - 47 إلى مبلغ 11111 جنيه، فقد أقام الورثة الدعوى رقم 127 سنة 1954 تجاري أسيوط الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم. ودفعت المصلحة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنة آمنه مهران الزيني وبتاريخ 12/ 12/ 1957 حكمت المحكمة أولاً - برفض الدفع المبدى من مصلحة الضرائب بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعنة آمنه مهران الزيني وبقبول الطعن شكلاً بالنسبة لجميع الطاعنين. ثانياً - برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة الصادر في 1/ 5/ 1954 وبصحته. ثالثاً - برفض الدفع ببطلان النموذجين 18، 19 ضرائب لانعدام محلهما. رابعاً - رفض الدفع ببطلان إجراءات المأمورية لمخالفتها قواعد قانون المرافعات وأحكام القانون رقم 14 لسنة 1939. خامساً - بقبول الدفع بسقوط حق مصلحة الضرائب في المطالبة بالضريبة المستحقة عن سنة النزاع 46 - 47 بمضي المدة وبإلغاء قرار اللجنة فيما قضى به من رفض هذا الدفع وبسقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضريبة عن سنة النزاع. سادساً - تعديل قرار اللجنة المطعون فيه فيما يتعلق بتقدير أرباح سنة النزاع باعتبارها سنة الأساس إلى مبلغ 2749 جنيهاً و206 مليمات بدلاً من 6765 جنيهاً و527 مليمات وتأييد القرار المطعون فيه فيما عدا ذلك. سابعاً - إلزام مصلحة الضرائب مصروفات الطعن وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبة أولاً - إلغاءه فيما قضى به من سقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضرائب المستحقة عن سنة النزاع ورفض الدعوى الابتدائية وبأحقيتها في اقتضاء هذه الضرائب. ثانياً - إلغاءه فيما قضى به من تقدير رقم الربح بمبلغ 2749 جنيهاً و206 مليمات وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه في تقديره لها بمبلغ 6765 جنيهاً و527 مليمات، وقيد هذا الاستئناف برقم 18 سنة 37 ق تجاري. وبتاريخ 8/ 4/ 1963 حكمت المحكمة "أولاً" بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضرائب المستحقة عن سنة 46 - 47 بمضي المدة وألزمت المصلحة بالمصروفات الخاصة بهذا الشطر "ثانياً" بوقف السير في الشق الثاني من الاستئناف الخاص بتقدير أرباح سنة النزاع باعتبارها سنة الأساس حتى يفصل في موضوع الاستئناف رقم 58 سنة 37 ق. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بقبول الدفع بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضريبة المستحقة عن سنة 46/ 47 على أن القانون 189 لسنة 1950 لا يشملها لأنه قانون مؤقت صدر لحماية حق الخزانة العامة من السقوط بالتقادم عن سنوات معينة وهي السنوات من 1938 إلى 1945 وأن التقادم يبدأ من أو يناير سنة 1948 وهو اليوم التالي لانتهاء الأجل المحدد لتقديم الإقرار، وإذ كانت مصلحة الضرائب لم تتخذ أي إجراء من شأنه قطع التقادم خلال الفترة من أول يناير سنة 1948 حتى آخر ديسمبر سنة 1952 وإنما أحالت الممولين إلى لجنة الطعن في 26/ 4/ 1953 بعد أن تكاملت مدة التقادم فإن حقها في اقتضاء الضريبة يكون قد سقط، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن المادة الأولى من القانون رقم 189 لسنة 1950 صريحة في النص على وقف كل تقادم مسقط لحق الحكومة في المطالبة بالمبالغ المستحقة لها بموجب أحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 والقانون رقم 60 لسنة 1941 للمدة من 4 سبتمبر سنة 1950 حتى 31 ديسمبر سنة 1950. وظاهر هذا النص وعمومه يدل على وقف كل تقادم خاص بالضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل والأرباح الاستثنائية لا تنقضي مدته قبل 4 سبتمبر سنة 1950 وذلك للمدة بين هذا التاريخ 4 سبتمبر سنة 1950 وبين 31 ديسمبر سنة 1950، ومتى كانت عبارة النص صريحة واضحة فلا محل للاجتهاد في تفسيرها أو تخصيصها بغير مخصص.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبن من القانون رقم 189 لسنة 1950 أنه نص في مادته الأولى على أنه "يقف التقادم المسقط لحق الحكومة في المبالغ المستحقة لها بموجب أحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل المعدل بالقوانين 260 لسنة 1940، 39، 40 لسنة 1941، 15، 19 لسنة 1942، 120 لسنة 1941، 29 لسنة 1947، 137؛ 138 لسنة 1948، 146 لسنة 1950 وبموجب أحكام القانون 60 لسنة 1943 بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1943 بصفة ضرائب على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى الأرباح الاستثنائية وذلك في المدة من 4 سبتمبر سنة 1950 حتى 31 ديسمبر سنة 1950" وهي بصياغتها وعمومها تدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن حكم وقف التقادم يلحق كافة المبالغ التي كانت مستحقة لمصلحة الضرائب بوصفها ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى الأرباح الاستثنائية وبدأ تقادمها ولم يكتمل، ولا يغير من هذا النظر أن يكون الغرض من هذا القانون هو مواجهة الحالات التي كان يخشى سقوط الحق في المطالبة بالضريبة عنها قبل نهاية سنة 1950. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من سقوط حق مصلحة الضرائب في المطالبة بالضريبة المستحقة عن سنة 1946 - 1947 بمضي المدة على ما قرره الحكم المذكور من أن "مفهوم النص بحسب وضع المشرع له أن يقف التقادم بالنسبة لكل ضريبة يهددها السقوط في الفترة من 4 سبتمبر سنة 1950 حتى 31 ديسمبر سنة 1950" وأن "الضريبة التي يهددها السقوط في هذه الفترة هي تلك المستحقة من سنة 1938 حتى سنة 1945" وأنه وإن كان النص يبدو للوهلة الأولى عاماً بمعنى أنه ينطبق على كل تقادم بدأ قبل 4 سبتمبر سنة 1950 إلا أن المشرع قد حد من عمومه بأن أورد عليه قيداً يقوم في أساسه على وقف كل تقادم تتكامل مدته في خلال الفترة المحددة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه.


(1) نقض 20/ 3/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 320.

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 318 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 43 ص 266

جلسة 9 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(43)
الطعن رقم 318 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "البينة". "القرائن". حكم. " تسبيب الحكم".
(أ) تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع. عدم التزامه بتصديق الشاهد في كل أقواله.
(ب) تقدير القرائن القضائية مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع. قيام الحكم على قرائن متساندة. عدم جواز مناقشة كل منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
(ج) تزوير. "الحكم به دون الادعاء بالتزوير".إثبات. "طرق الإثبات". "البينة".
لمحكمة الموضوع الحكم برد وبطلان أية ورقة من تلقاء نفسها وفي أية حالة كانت عليها الدعوى. هذا الحق رخصة للمحكمة سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح الادعاء أو فشل. للمحكمة في حالة تشككها في صحة الورقة أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بالشهادة.

----------------
1 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع، وهو غير ملزم بتصديق الشاهد في كل أقواله، بل له أن يطرح منها ما لا يطمئن إليه.
2 - تقدير القرائن القضائية هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع. ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في تقديره لقرينة متى كان من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصتها هو منها. ومتى كانت القرائن التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما انتهى إليه، فإنه لا يجوز للخصوم مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
3 - يجوز للمحكمة وفقاً للمادة 290 من قانون المرافعات السابق أن تحكم من تلقاء نفسها برد أية ورقة وبطلانها وإن لم يدع أمامها بالتزوير بالطرق المرسومة في القانون إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وإذ جاءت هذه المادة خالية من أي قيد أو شرط فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - هو تطبيقها في أية حالة كانت عليها الدعوى، سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح هذا الادعاء أو فشل، ويجوز للمحكمة من باب أولى في حالة تشككها في صحة الورقة المتمسك بها أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق استعمالاً لحقها، وذلك في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 634 سنة 1954 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعنين وأخرى توفيت فيما بعد تدعى صنيوره جندي تطلب الحكم بإلزامهم بتسليمها المنقولات المبينة بطلب الحجز أو بدفع قيمتها وقدرها 271 جنيهاً و995 مليماً وصحة الحجز التحفظي الموقع عليها بتاريخ 6/ 11/ 1954، وقالت بياناً لدعواها إنها كانت زوجة للمرحوم نصيف ميخائيل شنوده مورث الطاعنين والمدعى عليها الثالثة وهم والداه وأخوه، وبعد وفاته في 29/ 7/ 1952 طالبتهم بتسليمها المنقولات المملوكة لها والتي كانت في منزل الزوجية ولكنهم رفضوا، فاستصدرت أمراً بتوقيع الحجز التحفظي عليها وتنفيذ الحجز بتاريخ 6/ 11/ 1954 ثم أقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان، وقدم الطاعنان إيصالاً مؤرخاً 15/ 7/ 1953 عليه توقيع للمطعون عليها يتضمن إقرارها باستلام ملابسها ومبلغ سبعين جنيهاً من الطاعن الثاني قيمة نصيبها الميراثي في منقولات الزوجية وادعت المطعون عليها بتزوير هذا الإيصال. دفع الطاعنان والمدعى عليها الثالثة بسقوط حق المطعون عليها في الادعاء بالتزوير لعدم إعلانهم بمذكرة شواهده في الميعاد القانوني. وبتاريخ 30/ 12/ 1956 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها وقعت على بياض على ورقة سلمتها للطاعن الثاني لتحرير طلب إثبات وراثة وأنه ملأ فراغ الورقة بسند التخالص المؤرخ 15/ 7/ 1953، وقد تنفذ هذا الحكم بسماع شهود الطرفين. وأقامت المطعون عليها في نفس الوقت الدعوى رقم 226 سنة 1955 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعنين وضد شركة هلقسيا للتأمين تطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 300 جنيه، وقالت شرحاً لهذه الدعوى إن زوجها كان قد أمن على حياته لصالحها لدى الشركة المذكورة بمبلغ 300 جنيه غير أنها لم تقبض هذا المبلغ بعد وفاته وعلمت أن إجراءات قد اتخذت لصرف مبلغ التأمين إلى الطاعنين، وإذ كانت الشركة مسئولة عن ذلك فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها، وقدم الطاعنان إيصالاً مؤرخاً 13/ 12/ 1953 عليه توقيع للمطعون عليها يتضمن أنها تسلمت من الطاعن الثاني مبلغ التأمين المرسل لها من الشركة، وادعت المطعون عليها بتزوير هذا الإيصال أيضاً ووجهت شركة التأمين دعوى ضمان فرعية إلى الطاعن الثاني لأنه هو الذي صرف الشيك الخاص بمبلغ التأمين، وطلبت أصلياً رفض الدعوى بالنسبة لها واحتياطياً الحكم على الطاعن الثاني بما عسى أن يحكم به عليها، قررت المحكمة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى الأولى رقم 634 سنة 1954. وبتاريخ 29/ 12/ 1963 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 634 سنة 1954 بسقوط حق المطعون عليها في ادعائها تزوير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 وبرد وبطلان هذا الإيصال وبإلزام الطاعنين والمدعى عليها صنيوره جندي بتسليم المطعون عليها المنقولات المبينة بطلب الحجز أو بدفع قيمتها وقدرها 271 جنيهاً و995 مليماً وبصحة الحجز التحفظي، وفي الدعوى رقم 226 سنة 1955 برد وبطلان الإيصال المؤرخ 13/ 12/ 1953 وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا إلى المطعون عليها مبلغ 300 جنيه قيمة التأمين المستحق لها وبرفض الدعوى بالنسبة لشركة التأمين. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 49 سنة 39 ق أسيوط (مأمورية سوهاج) وبتاريخ 18/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع في الدعوى والقصور في التسبيب، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برد وبطلان الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 باستلام المطعون عليها نصيبها في منقولات الزوجية وبرد وبطلان الإيصال المؤرخ 12/ 12/ 1953 باستلامها مبلغ التأمين المستحق لها تأسيساً على ما استخلصه من أقوال شهودها من أنها وقعت على بياض على أوراق سلمتها إلى الطاعن الثاني ليقوم بتحرير طلب إعلام وراثة بمناسبة وفاة زوجها ولصرف مبلغ التأمين، ثم ملأ الطاعن الثاني الفراغ الذي فوق التوقيع بعبارات الإيصالين، في حين أن ما ذكرته المطعون عليها في تقرير الادعاء بالتزوير يختلف مع ما قررته عند مناقشتها أمام محكمة أول درجة ومع أقوال شاهدها الأول الدكتور عدلي جندي بشاي وذلك بالنسبة لكيفية تحرير تلك الأوراق. هذا إلى أن حالة الإيصالين تدل على أن الإيصال الأول حرر على النصف السفلي من الجانب الطولي الأيسر من نصف ورقة ثم حرر الإيصال الثاني فيما بعد على الجزء العلوي لهذا النصف وفصل كل إيصال عن الآخر لتقديمه في الدعوى الخاصة به. وهذه الماديات تدل على عدم صحة ما ادعته المطعون عليها وشاهدها الأول، إذ لو صح إدعاؤها لوجد الهامش الأبيض العلوي من الورقة منزوعاً، ولو صح قول شاهدها لوجد نزع بالهامش الأبيض العلوي والهامش الأيسر والأيمن من الورقة. وقد تمسك الطاعنان في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بدلالة هذه الماديات غير أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع واكتفت بالقول بأنها لا تأخذ بما قرره الطاعنان عن كيفية تحرير الإيصالين لأنه يجافي الواقع دون أن توضح رأيها في ذلك، مع أن التصوير الذي ساقه الطاعنان مستساغ وهو ما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاض الموضوع وهو غير ملزم بتصديق الشاهد في كل أقواله بل له أن يطرح منها ما لا يطمئن إليه، وكان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى أقوال شهود المطعون عليها وحصلت من هذه الأقوال ومن الأوراق المقدمة في الدعوى أن المطعون عليها وقعت على بياض على أوراق سلمتها إلى الطاعن الثاني ليحرر إعلاماً شرعياً بإثبات الوراثة بمناسبة وفاة زوجها وطلباً لصرف مبلغ التأمين المستحق لها من شركة التأمين، وأنه ملأ الفراغ بعبارات الإيصالين المطعون بتزويرهما، ولم تأخذ المحكمة بما ورد خلافاً لهذا الواقعة التي حصلتها سواء في أقوال الشاهد الأول للمطعون عليها أو في سائر أوراق الدعوى، وكان هذا الذي قرره الحكم كاف لحمله، فلا على المحكمة إن هي لم ترد على دفاع الطاعنين بشأن عدم وجود نزع بالإيصالين على النحو الذي قررته المطعون عليها أو شاهدها الأول، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لاطراح هذا الدفاع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رد وبطلان الإيصالين، ولم يأخذ بما ادعاه الطاعنان عن كيفية تحريرهما، واستند في ذلك إلى ما قرره من أن ما أفاض فيه المستأنفان - الطاعنان في صحيفة الاستئناف عن طريقة التوقيع على الورقتين وأنهما كانتا ورقة واحدة ثم فصلهما المستأنف الثاني - الطاعن الثاني - فإن المحكمة لا تلتفت إليه لأنه قول يجافي الواقع الممكن تصديقه وحصوله فلا معنى لأن توقع المستأنف عليها - المطعون عليها - على الورقة في نصفها ثم يحتفظ هو بها بحالتها حتى إذا جاء وقت الحصول على مخالصة عن قيمة التأمين عاد فاستعمل نقس الورقة في جزئها الثاني ثم يفصل الجزئين بعد ذلك ليستعمل كل جزء في القضية الخاصة به، ثم القول بأن القلم هو نفس القلم لأنه تاجر يحتفظ بالقلم معه في كل وقت وظل معه طوال المدة بين تاريخ الإيصالين وهي تقارب الخمسة شهور، وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قرر أن جميع شهود المطعون عليها شهدواً بأنها وقعت على الأوراق التي قدمها الطاعن الثاني، هذا في حين أنه لم يشهد بذلك سوى شاهدها الأول والدكتور عدلي جندي بشاي، أما الشاهدان الآخران فقد قررا أنهما سمعا بهذه الواقعة من المطعون عليها وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه حين سرد أقوال شهود المطعون عليها الذين سمعوا في التحقيق أمام المحكمة، أثبت أن شاهديها الثاني والثالث شهدا بأن المطعون عليها أخبرتهما بأنها وقعت للطاعن الثاني على أوراق بيضاء، ثم خلص الحكم من ذلك إلى أنه يأخذ بأقوال شهود المطعون عليها الذين قرروا جميعاً أنها وقعت على بياض، وكان ما قرره الحكم على هذا النحو لا يتنافى مع ما قرره الشهود في هذا الخصوص، يستوي في ذلك ما قرره الشاهد الأول من أنه حضر هذه الواقعة بنفسه أو ما قرره الشاهدان الثاني والثالث من أنهما سمعا بها من المطعون عليها، لما كان ذلك فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في الإسناد ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالأسباب من الثالث إلى السادس وبالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستلال، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم استند في قضائه برد وبطلان الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 إلى أن هذا الإيصال قد تضمن أن المطعون عليها استلمت ملابسها خلافاً لما ثبت في محضر الحجز الذي أوقعته بتاريخ 6/ 11/ 1954 من أنه هذه الملابس كانت موجودة بمنزل الطاعنين في حين أن إقرار المطعون عليها باستلام ملابسها خلافاً للواقع يدل على صورية الإقرار لا على تزويره. كما استند الحكم في قضائه برد وبطلان الإيصالين إلى ما قرره أحد شهود المطعون عليها في الشكوى رقم 2563 سنة 1964 إداري المراغة من أنه توسط في الصلح بين الطرفين في شهر يوليه سنة 1954، وأن الطاعن الأول وافق على أن يدفع للمطعون عليها مبلغ 150 جنيه نظير المنقولات وقيمة التأمين غير أنها رفضت هذا العرض، هذا في حين أنه ليس ما يمنع من أن يعرض الطاعن الأول حلاً وسطاً للصلح، واستند الحكم أيضاً إلى أن المنقولات ملك الزوجة وأنه لا يعقل أن تتخلى عنها مقابل 70 جنيه، في حين أنه ليس هناك ما يمنع من أن تتخلى المطعون عليها عن هذه المنقولات مقابل أي مبلغ في سبيل الصلح، واستند الحكم كذلك إلى أن أحداً لم يوقع كشاهد على الإيصالين، مع أنه لم تكن هناك حاجة إلى توقيع شهود لأن المطعون عليها تجيد القراءة والكتابة، وأضاف الحكم أن الإيصال المؤرخ 13/ 12/ 1953 جاء خلواً من البيانات الخاصة بمبلغ التأمين فجاء هذا الإيصال مجهلاً، في حين أن البيانات التي تضمنها الإيصال المذكور كافية لإثبات إقرار المطعون عليها باستلام مبلغ التأمين، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بتزوير الإيصالين إلى ما قرره شهود المطعون عليها في التحقيق الذي أجرته المحكمة وفي محضر ضبط الواقعة في الشكوى رقم 2563 سنة 1964 إداري المراغة ومن بينهم الشاهد فخري بشاي الذي قرر أنه حاول مع آخرين إنهاء النزاع صلحاً بين الطرفين في سنة 1954 أي بعد تحرير الإيصالين وأن الطاعن الأول عرض أن يدفع للمطعون عليها مبلغ 150 جنية نظير المنقولات وقيمة وثيقة التأمين ولكنها رفضت، واستخلص الحكم من ذلك تزوير الإيصالين على أساس أنهما لو كانا تحت يد الطاعن الأول في ذلك التاريخ لأظهرهما لمن حاول إجراء الصلح، كما استند الحكم إلى أن الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 تضمن أن المطعون عليها استلمت ملابسها مع أن هذه الملابس كانت من بين ما حجز عليه فيما بعد بتاريخ 6/ 11/ 1954 بناء على طلبها وإلي أن المطعون عليها لم تكن بحاجة لأن تقبل مبلغ 70 جنيه الذي ورد بالإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 بأنها تسلمته على أنه قيمة نصيها فيما ترثه عن زوجها في المنقولات لأن جميع هذه المنقولات مملوكة لها، وإلي أن أحداً لم يوقع كشاهد على الإيصالين خلافاً لما جرت عليه العادة على الرغم مما قرره شاهدا الطاعنين في التحقيق من أنهما كان موجودين وقت تحرير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 وكان من الطبيعي لو صحت شهادتهما أن يوقعا عليه كشاهدين وإلى أن الإيصال الخاص بمبلغ التأمين جاء خلواً من أية بيانات عن المبلغ مما يؤيد أن الفراغ الذي فوقه التوقيع لم يكن يكفي لكل هذه البيانات فجاء هذا الإيصال مجهلاً. لما كان ذلك وكان تقدير القرائن القضائية هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في تقديره لقرينة متى كان من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصها هو منها، وكانت الأدلة والقرائن سالفة الذكر التي استند إليها الحكم المطعون فيه في قضائه بتزوير الإيصالين سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما انتهى إليه، فإنه لا يجوز للطاعنين مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال لاعتماده على القرائن السابقة يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب السابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، ويقول الطاعنان في بيان ذلك إنهما تمسكا في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأنه مما يدل على عدم صحة الادعاء بتزوير الإيصال المؤرخ 13/ 12/ 1953 أن المطعون عليها أقرت بتوقيعها على المخالصة المؤرخة 25/ 11/ 1953 الخاصة بشركة التأمين كما أقرت بتوقيعها على ظهر الشيك الذي أرسلته لها الشركة المذكورة بمبلغ التأمين، ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأن هاتين الورقتين مكتوبتان باللغة الإنجليزية التي تجهلها المطعون عليها، هذا في حين أن المخالصة سالفة الذكر تحمل ترجمة باللغة العربية وأن الشيك يحمل بعض عبارات مكتوبة باللغة العربية، مما يدل على علم المطعون عليها بمحتويات هاتين الورقتين وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص ما يلي "إن الطرق التي اتبعها المستأنف الثاني - الطاعن الثاني - للوصول إلى صرف مبلغ التأمين بنفسه تكشف كلها عن رغبة أكيدة في الاستيلاء على هذا المبلغ بمعرفته دون أن يصل إلى يد صاحبته فقد استوقعها على الإيصال الصادر من شركة التأمين وهو باللغة الإنجليزية التي قررت أنها لا تعرفها ولما طلبت الشركة ضرورة التصديق على الإمضاء من جهة حكومية أو من أحد المحامين راح المستأنف الثاني يحصل على توقيع لأحد نظار المدارس وعلى ختم المدرسة ولعله من أقاربه ومعارفه الذي سهل له هذا الأمر طالما ختم المدرسة تحت يده وهي طريقة غريبة للتصديق رسمياً على إمضاء، كما استوقعها على الشيك الصادر من الشركة وكان أيسر من هذا كله أن تنتقل هي لمرة واحدة إلى مقر الشركة أو إلى البنك". ولما كان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الطاعنان لم يقدما لتأييد إدعائهما بمخالفة الحكم للثابت بالمخالصة الخاصة بشركة التأمين غير صورة رسمية من وجه حافظة المستندات التي قدمتها شركة التأمين إلى محكمة أول درجة، وكان يبين من الاطلاع عليها أن الشركة المذكورة قدمت بين مستنداتها صورة فوتوغرافية من هذه المخالصة موقعاً عليها من المطعون عليها وخلفها ترجمة إلى اللغة العربية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق وإذ قرر أن المخالصة الخاصة بشركة التأمين محررة باللغة الإنجليزية باعتبار أن الترجمة العربية أثبت في الجزء الخلفي منها. لما كان ذلك وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه لم يقرر أن الشيك الذي وقعت عليه المطعون عليها محرر باللغة الإنجليزية، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقولان في بيان ذلك إن المحكمة قضت بسقوط حق المطعون عليها في الادعاء بتزوير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 لعدم إعلان الطاعنين بمذكرة شواهد التزوير في الميعاد القانوني ولكنها قضت رغم ذلك برد وبطلان هذا الإيصال، فتكون المحكمة قد استندت في قضائها إلى الرخصة المخولة لها في المادة 290 مرافعات، هذا في حين أنه طبقاً لهذه المادة لا يجوز للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة إلا إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وهو ما لم يتوافر في صورة الدعوى إذ لم تقض المحكمة برد وبطلان الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 إلا بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا التزوير ثم أنها اعتمدت في حكمها في هذا الخصوص على ما استخلصته من أقوال شهود المطعون عليها، وهو أمر غير جائز مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يجوز للمحكمة وفقاً للمادة 290 من قانون المرافعات السابق أن تحكم من تلقاء نفسها برد أية ورقة وبطلانها وأن لم يدع أمامها بالتزوير بالطرق المرسومة في القانون إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وإذ جاءت هذه المادة خالية من أي قيد أو شرط فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تطبيقها في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح هذا الادعاء أو فشل، ويجوز للمحكمة من باب أولى في حالة تشككها في صحة الورقة المتمسك بها أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق استعمالاً لحقها، وذلك في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أن المحكمة بعد أن تبين لها سقوط الادعاء بتزوير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 لعدم إعلان شواهد التزوير في الميعاد القانوني أصدرت حكمها المؤرخ 30/ 12/ 1956 لتقوم هي بالتحقيق بمعرفتها ثم قضت برد وبطلان الإيصال المشار إليه استعمالاً لحقها الذي خوله لها القانون بالمادة 290 من قانون المرافعات السابق، واستندت في ذلك إلى ما استخلصته من أقوال الشهود الذين سمعتهم مضافاً إليه القرائن الأخرى التي تضافرت في تكوين عقيدتها بتزوير هذا الإيصال وذلك على ما سلف بيانه في الرد على الأسباب السابقة. لما كان ما تقدم فإن المحكمة تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 16/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني. السنة 18. ص 672.

الطعن 2148 لسنة 35 ق جلسة 27 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 168 ص 1660

جلسة 27 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

------------------

(168)

الطعن رقم 2148 لسنة 35 القضائية

اختصاص. توزيع الاختصاص بين المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري. (جامعة) (طالب) (مجلس تأديب) المادتان 183 و184 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 - تأديب الطلاب 

- مفاد نص المادتين (183) و(184) أن السلطة التي خولها المشرع أمر تأديب الطلاب هي محض سلطة إدارية تتمثل في:

1 - مجلس تأديب الطلاب المشكل من غير عناصر قضائية وبالتالي فهو لا يخرج عن كونه لجنة إدارية.
2 - مجلس التأديب الأعلى وناط به المشرع استئناف النظر في قرارات مجلس تأديب الطلاب وهو لا يغاير في طبيعته القانونية الطبيعة الإدارية للمجلس الذي ينظر في قراراته - ممارسة مهمة التعقيب على هذه القرارات لا تجعل قرارات مجلس التأديب الأعلى في صدد هذه المهمة أحكاماً تأديبية بل تعد بحسب تكييفها القانوني السليم من القرارات الإدارية النهائية الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي - نتيجة ذلك: الطعن في قرار مجلس التأديب الأعلى يكون أمام محكمة القضاء الإداري - حكم المحكمة الإدارية العليا بعدم اختصاصها بنظر الطعن والأمر بإحالته إلى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بمحكمة القضاء الإداري - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3/ 5/ 1989 أودع الأستاذ/ عبد الواحد عبد الموجود حسن السحت بصفته وكيلاً عن......، قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2148 لسنة 35 ق ضد رئيس جامعة عين شمس - بصفته في القرار الصادر من مجلس التأديب الأعلى لطلاب جامعة عين شمس بجلسة 9/ 3/ 1989، القاضي بقبول الاستئناف المقدم من الطاعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار الصادر من مجلس التأديب طلاب كلية الحقوق جامعة عين شمس بجلسة 14/ 11/ 1988، والقاضي بإلغاء امتحان الطاعن في العام الجامعي 87/ 1988 وحرمانه من دخول جميع الدبلومات بكلية الحقوق جامعة عين شمس وإبلاغ القرار إلى الجامعات الأخرى بجمهورية مصر العربية.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بقبول الطعن شكلاً ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة المطعون ضدها بالمصروفات.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده، بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فيه وإبقاء الفصل في المصروفات لمحكمة الموضوع.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22/ 5/ 1991، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 1/ 6/ 1991، فنظرته المحكمة بتلك الجلسة، وبجلسة 29/ 6/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن........ الطالب بالدراسات العليا بكلية الحقوق جامعة عين شمس أحيل إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس تأديب طلاب كلية الحقوق جامعة عين شمس لما نسب إليه من ضبطه يغش أثناء امتحانه دبلوم العلوم الإدارية - مادة الإدارة العامة - يوم 5/ 4/ 1988، وقرر مجلس التأديب بجلسته المنعقدة في 14/ 11/ 1988 إلغاء امتحان الطالب المذكور (الطاعن) في العام الجامعي 87/ 1988 وحرمانه من دخول جميع الدبلومات بكلية الحقوق جامعة عين شمس وإبلاغ القرار إلى الجامعات الأخرى بجمهورية مصر العربية، وبناء على الطلب المقدم من الطالب المذكور إلى رئيس جامعة عين شمس المؤرخ 24/ 11/ 1988 طعناً في هذا القرار، فقد تم عرضه على مجلس التأديب الأعلى لطلاب جامعة عين شمس، الذي قرر بجلسته المنعقدة في 9/ 3/ 1989 قبول طلب الاستئناف المقدم من الطالب المذكور شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار السابق.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 155 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، أنه قد استبدل بنص المادة (183) من هذا القانون نصاً يقضي بتشكيل مجلس تأديب الطلاب برئاسة عميد الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب وعضوية كل من وكيل الكلية أو المعهد المختص وأقدم أعضاء مجلس الكلية أو المعهد المختص، كما استبدل بنص المادة (184) من القانون المذكور نصاً يجري على أنه "لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف ويرفع الاستئناف بطلب كتابي يقدم من الطالب إلى رئيس الجامعة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار وعليه إبلاغ هذا الطلب إلى مجلس التأديب الأعلى خلال خمسة عشر يوماً ويشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالي:
- نائب رئيس الجامعة المختص رئيساً.
- عميد كلية الحقوق أو أحد الأساتذة بها.
- أستاذ من الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب.
ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة، وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع.
ومن حيث إن المستفاد من هذين النصين أن السلطة التي خولها المشرع أمر تأديب الطلاب هي محض سلطة إدارية تتمثل في مجلس تأديب الطلاب المشكل من غير عناصر قضائية، وبالتالي فهو لا يخرج عن كونه لجنة إدارية، كما أن مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 المشار إليه وناط به استئناف النظر في قرارات مجلس تأديب الطلاب، لا يغاير في طبيعته القانونية الطبيعة الإدارية للمجلس الذي ينظر في قراراته، وممارسة مهمة التعقيب على هذه القرارات لا تجعل قراراته في صدد هذه المهمة أحكاماً تأديبية، بل تعد بحسب التكييف القانوني السليم لها من القرارات الإدارية النهائية الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي، مما ينعقد الاختصاص بالفصل في الطعون المقامة بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري عملاً بنص البند (ثامناً) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة وهو ما يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن الماثل وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للاختصاص، عملاً بحكم المادة (110) من قانون المرافعات، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن، وأمرت بإحالته إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 300 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 42 ص 262

جلسة 9 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(42)
الطعن رقم 300 لسنة 36 القضائية

(أ) رسوم. "رسوم قضائية". "رد الرسوم". صلح.
استحقاق نصف الرسوم على الدعوى عند الصلح فيها. شرطه. ألا يسبق إثبات الصلح صدور حكم قطعي في مسألة فرعية أو حكم تمهيدي في الموضوع.
(ب) حكم. "تقسيمات الأحكام". "حجية الحكم".
الحكم القطعي. ماهيته. حسمه النزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه. لا رجوع فيه من جانب المحكمة.
(ج) حكم. "تقسيمات الأحكام". دعوى. "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "وقف الخصومة". رسوم. صلح.
الحكم بوقف الدعوى جزاء. جواز الطعن فيه فور صدوره على استقلال. عدم اتصاله بموضوع الدعوى أو اعتباره حكماً قطعياً في مسألة متفرعة عن النزاع. صدوره قبل حصول الصلح في الدعوى لا يحول دون استحقاق تصف الرسوم.

--------------
1 - مفاد نص المادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية معدلة بالقانون رقم 153 لسنة 1956 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - إن استحقاق نص الرسوم على الدعوى عند انتهائها صلحاً، مشروطاً بألا يسبق إثبات المحكمة لهذا الصلح صدور حكم قطعي فيها في مسألة فرعية أو حكم تمهيدي في الموضوع.
2 - الحكم القطعي هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته.
3 - إنه وأن كان الوقف الذي يوقع على المدعي جزاء على إهماله في اتخاذ ما تأمره به المحكمة يعتبر حكماً طبقاً للمادة 109 من قانون المرافعات السابق، ويجوز الطعن فيه فور صدوره على استقلال دون انتظار للحكم في الموضوع، عملاً بالمادة 378 من ذات القانون، إلا أن المشرع قد استهدف به تعجيل الفصل في الدعوى، وتأكيد سلطة المحكمة في سبيل حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، وهو بهذه المثابة لا يتصل بموضوع الدعوى، ولا يفصل فيه نزاع بين الخصوم، ولا يبت في أية مسألة متفرعة عنه، ولا يمكن بذلك اعتباره حكماً قطعياً في مسألة متفرعة عن النزاع في معنى المادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1944، ومن ثم فليس من شأن صدوره قبل حصول الصلح في الدعوى أن يحول دون استحقاق نصف الرسوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 26 لسنة 1963 مدني كلي دمياط بطلب الحكم بصحة التعاقد الصادر إليه عن العقار المبين بصحيفة الدعوى والبالغ قيمته ألفاً وتسعمائة من الجنيهات، وبجلسة 3 من يونيو 1964 قضت المحكمة بوقف الدعوى جزاء لمدة ستة شهور وفقاً للمادة 109 من قانون المرافعات السابق، وبعد تعجيل الدعوى حكمت المحكمة في 17 من فبراير 1965 بإلحاق ما اتفق عليه الطرفان بمحضر الجلسة وإثبات محتوى عقد الصلح فيه وجعله في قوة السند التنفيذي، وبتاريخ 17 من مارس 1965 استصدر قلم كتاب محكمة دمياط الابتدائية - الطاعن بصفته - قائمة الرسوم المستحقة على الدعوى بمبلغ ثلاثين جنيهاً مسواة على أساس احتساب الرسوم النسبية كاملة على ثمن العقار المبيع. عارض المطعون عليه في قائمة الرسوم المشار إليها استناداً إلى أن الدعوى قد تمت صلحاً، وأنه لا يستحق عليها سوى نصف الرسم عملاً بالمادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1944، ومحكمة أول درجة حكمت في 19 ديسمبر 1965 بتعديل قائمة الرسوم المعارض فيها إلى مبلغ 109ج و250 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 283 لسنة 17 ق المنصورة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 10 من إبريل 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بتعديل قائمة الرسوم على أساس أن النزاع انتهى بين الطرفين صلحاً فلا يستحق على الدعوى إلا نصف الرسم عملاً بالمادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1944 وأن الحكم الصادر بإيقاف الدعوى جزاء لا يترتب عليه استحقاق كامل الرسم لأنه من قبيل الأعمال التي تستهدف تهيئة القضية للمرافعة ولا يعد حكماً تمهيدياً أو حكماً قطعياً في مسألة فرعية في معنى المادة سالفة الذكر، وهذا من الحكم غير صحيح في القانون، لأن الحكم الذي يصدر بوقف الدعوى لعقاب المدعي الذي يهمل في اتخاذ ما تأمر به المحكمة عملاً بالمادة 109 من قانون المرافعات، إنما هو حكم قطعي صادر قبل الفصل في الموضوع في مسألة فرعية، مما يمتنع معه إمكان تطبيق المادة 20 من قانون الرسوم القضائية سالفة الذكر وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية معدلة بالقانون رقم 153 لسنة 1956 إذ تنص على أنه "إذا انتهى النزاع صلحاً بين الطرفين، وأثبتت المحكمة ما اتفق عليه الطرفان في محضر الجلسة أو أمرت بإلحاقه بالمحضر المذكور وفقاً للمادة 124 مرافعات قبل صدور حكم قطعي في مسألة فرعية أو حكم تمهيدي في الموضوع لا يستحق على الدعوى إلا نصف الرسوم الثابتة أو النسبية.." فإن مفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن استحقاق نص الرسوم على الدعوى عند انتهائها صلحاً مشروط بألا يسبق إثبات المحكمة لهذا الصلح صدور حكم قطعي فيها في مسألة فرعية أو حكم تمهيدي في الموضوع. ولما كان الحكم القطعي هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته، وأنه وإن كان الوقف الذي يوقع على المدعي جزاء على إهماله في اتخاذ ما تأمر به المحكمة يعتبر حكماً طبقاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات السابق ويجوز الطعن فيه فور صدوره على استقلال دون انتظار للحكم في الموضوع عملاً بالمادة 378 من ذات القانون، إلا أن المشرع قد استهدف به تعجيل الفصل في الدعوى وتأكيد سلطة المحكمة في سبيل حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، وهو بهذه المثابة لا يتصل بموضوع الدعوى ولا يفصل في نزاع بين الخصوم ولا يبت في أية مسألة متفرعة عنه ولا يمكن بذلك اعتباره حكماً قطعياً في مسألة متفرعة عن النزاع في معنى المادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1944 السالفة. وإذ انتهت دعوى صحة التعاقد صلحاً فإن الحكم بوقفها جزاء قبل حصول ذلك الصلح ليس من شأنه أن يحول دون استحقاق نصف الرسم. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


[(1)] نقض 7/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني. السنة 18. ص 571.

الطعنان 1 ، 13 لسنة 31 ق جلسة 2 / 7 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 رجال قضاء ق 12 ص 462

جلسة 2 من يوليه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي.

--------------------

(12)
الطلبان رقما 1 و13 لسنة 31 ق رجال القضاء

(أ) إجراءات الطلب. "ميعاد رفعه". قرار إداري. "التعويض عنه".
ميعاد الطعن في القرارات الإدارية الخاصة بشئون القضاء هو ثلاثون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه لصاحب الشأن - العلم اليقيني يقوم مقام النشر والإعلان. طلب التعويض عن القرار الإداري لا ميعاد لرفع الدعوى به.
(ب) اختصاص "اختصاص ولائي". حكم. "حجية الحكم".
الحكم الصادر من محكمة لا ولاية لها لا يجوز الاحتجاج به أمام المحكمة ذات الولاية.
(ج) قانون. "قاعدة تنظيمية". معاش. "المعاشات الاستثنائية".
لا يكون للقاعدة التنظيمية كيان إذا كانت استثناء من قواعد منصوص عليها في القانون. سلطة الإدارة التقديرية في منح المعاشات الاستثنائية لا ترقى إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ القواعد المقررة أصلاً للمعاشات.

-----------------
1 - يبين من نص المادتين 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة1949 و92 من القانون رقم 56 لسنة 1959 أن الميعاد المقرر للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بشئون القضاء هو ثلاثون يوماً عن تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به ويقوم مقام النشر أو الإعلان العلم اليقيني. أما طلب التعويض عن قرار إداري فهو لا يتقيد بميعاد إذ لا يقصد به إلغاء قرار إداري أو المساس به مما تنتفي معه العلة في تحديد ميعاد لرفع الدعوى - تلك العلة التي ترمي إلى استقرار القرارات الإدارية وعدم تركها مهددة بالإلغاء أمداً طويلاً.
2 - الحكم الصادر من محكمة لا ولاية لها لا تجوز المحاجة به أمام المحكمة ذات الولاية ومن ثم فإذا كان الطالب وقت رفعه الدعوى من رجال القضاء الوطني فإن الحكم الصادر من القضاء الإداري يكون قد صدر من محكمة لا ولاية لها ولا حجية له.
3 - لا يكون للقاعدة التنظيمية كيان تجب مراعاته، إذا كانت استثناء من قواعد منصوص عليها في القانون ومن ثم فإذا كانت المادة 38 من القانون 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات قد خولت (مجلس الوزراء) سلطة تقديرية في منح معاشات أو مكافآت استثنائية لإعمالها في حالات فردية بالنسبة لموظفين أو مستخدمين انتهت مدة خدمتهم وذلك لأسباب خاصة بهم فإن هذه السلطة لا يمكن أن ترقى إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ القواعد المقررة أصلاً للمعاشات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن الطالب سبق أن أقام الدعوى 583 سنة 5 قضائية لدى محكمة القضاء الإداري ضد وزارتي العدل والخزانة قال فيها إنه كان من رجال القضاء المختلط ولما ألغي هذا القضاء نقل إلى القضاء الوطني مستشاراً بمحكمة استئناف المنصورة إلا أنه آثر الاستقالة لأن وضعه لم يكن متفقاً مع أقدميته. وقدم كتاب استقالته إلى وزير العدل في 14 من نوفمبر سنة 1949 ضمنه طلب احتساب معاش على أساس مرتب 1300 ج سنوياً مع ضم المدة الباقية له لبلوغ سن الستين في المعاش وصرف الفرق عنها أسوة بزملائه الذين اعتزلوا خدمة القضاء المختلط بمناسبة إلغائه - وقد طلب وزير العدل من وزير المالية تسوية معاش الطالب تاركاً له تقدير المدة التي تضم إلى مدة الخدمة المحسوبة في المعاش. ولكن وزير المالية رفض إجراء التسوية بقرار أصدره في 15 من يونيه سنة 1950 بل واستقطعت وزارة المالية من معاشه مبلغ 187 ج و325 م قيمة احتياطي المعاش عن المدة التي قضاها في الخارج طلباً للعلم مع أنها أعفت زميله الدكتور عبد السلام ذهني من هذا الاستقطاع - وأنه إزاء هذه التفرقة طلب الحكم له بإلغاء قرار وزير المالية لمخالفته للقانون ولما شابه من إساءة استعمال السلطة وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في تلك الدعوى في 14 من يونيه سنة 1954 بإلغاء قرار وزير المالية بحفظ الطلب المقدم إليه من وزير العدل في 20 من أبريل سنة 1950 في شأن النظر في ضم مدة إلى مدة خدمة المدعي المحسوبة في المعاش أسوه بزملائه وبإلغاء قرار وزير العدل بالامتناع عن عرض طلب المدعي برد المبالغ المستقطعة عن مدة البعثة في احتياطي المعاش وألزمت المحكمة بالمصروفات - ويقول الطالب إن وزارة المالية لم تنفذ هذا الحكم وتجاهلته حتى اضطر إلى إنذار وزارة المالية وسكرتير اللجنة المالية بإنذار رسمي في 6 من ديسمبر سنة 1955 لتنفيذ الحكم المتقدم - وقد أصدرت لجنة المعاشات الاستثنائية قرارها في 3 من نوفمبر سنة 1957 برفض ما يطلبه الطالب - ولذلك أقام الدعوى 503 سنة 12 ق لدى محكمة القضاء الإداري طلب فيها إلغاء ذلك القرار وقضت محكمة القضاء الإداري في 26 من يناير سنة 1959 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة - وقيدت الدعوى المحالة بجدول هذه المحكمة برقم 24 لسنة 29 ق رجال القضاء - وعند نظرها بجلسات التحضير دفع الحاضر عن وزارتي العدل والخزانة بعدم قبول الطلب شكلاً لعدم جواز الإحالة من جهة قضاء إلى جهة قضاء آخر - وانضمت النيابة إليهما في هذا الدفع. ولذلك قرر الطالب بجلسة 10 من يناير سنة 1961 بتركه المرافعة في ذلك الطلب. وقضى بإثبات ترك المرافعة - فقدم الطالب طلبه المقيد برقم 1 سنة 31 ق رجال القضاء إلى هذه المحكمة طلب فيه الحكم بطلباته السابق إبداؤها وهي: أولاً - إلغاء قرار لجنة المعاشات الاستثنائية الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1957 لعدم اختصاصها. ثانياً - إلزام المطعون عليهما بضم مدة الخدمة الباقية لسن الستين إلى سني خدمته المحسوبة في المعاش ورد مبلغ 187 ج و325 م التي استقطعت من معاشه تنفيذاً للحكم النهائي الصادر من محكمة القضاء الإداري في 17 من يونيه سنة 1954 مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات التي تكبدها الطالب في التقاضي - وكذلك قدم الطالب طلباً آخر لدى هذه المحكمة في 28 من مايو سنة 1961 قيد برقم 13 سنة 31 ق رجال قضاء طلب فيه الحكم له على وزارتي العدل والخزانة بمبلغ 7060 ج من ذلك 5060 ج قيمة ما حرمه من معاش يستحقه أسوة بزملائه رجال القضاء المختلط السابقين على أساس ضم المدة الباقية له منذ اعتزاله العمل في نوفمبر سنة 1949 حتى بلوغ سن الستين على أساس مرتبه الفعلي وهو 1300 ج سنوياً مضافاً إليه الفرق بين المعاش والمرتب عن تلك المدة والباقي وقدره 2000 ج بصفة تعويض عن الأضرار الأدبية وما لقيه من عنت في عدم الاستجابة إلى تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري وقد قررت المحكمة ضم الطلب إلى الطلب الأول للارتباط بينهما.
وحيث إن وزارة العدل والنيابة العامة دفعتا بعدم قبول الطلبين شكلاً ذلك أن قرار لجنة المعاشات الاستثنائية قد صدر في 3 نوفمبر سنة 1957 حسبما هو وارد بالطلب رقم 1 لسنة 31 وبالقضية المنضمة رقم 983 سنة 5 ق التي رفعت أمام محكمة القضاء الإداري والحكم الصادر فيها وقد تحقق علم الطالب بصدور هذا القرار يوم تقديم طلب لمحكمة القضاء الإداري على الأقل وهو لم يقدم طلبه الأول إلا في 12 يناير سنة 1961 أي بعد مضي أكثر من ثلاثين يوماً من تاريخ علمه اليقيني بالقرار الإداري المطعون فيه. وهو الميعاد الذي حددته المادة 92 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 57 ق أما طلبه الثاني فلا يتأتى الحكم به إلا بإلغاء قرار لجنة المعاشات الاستثنائية موضوع الطلب الأول ومتى كان الطعن على الأصل غير مقبول شكلاً فإن الطعن على الفرع يكون غير مقبول كذلك لأنه تابع له وناتج عنه.
وحيث إنه يبين من نص المادتين 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 سنة 1949، 92 من القانون رقم 56 لسنة 1959 أن الميعاد المقرر للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بشئون القضاء هو ثلاثون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به ويقوم مقام النشر أو الإعلان العلم اليقيني على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ولما كان قرار لجنة المعاشات الاستثنائية الذي يطعن فيه الطالب قد صدر في 3 نوفمبر سنة 1957 وعلم الطالب به علماً يقينياً منذ أقام دعواه رقم 503 سنة 12 ق أمام محكمة القضاء الإداري في سنة 1958 كما هو واضح من أوراقها المنضمة لهذا الطلب. وكان اختصاص محكمة النقض بنظر تلك الطلبات لم ينشئه القانون 240 لسنة 1955 وإنما جاء هذا القانون كاشفاً عنه ومؤكداً له على ما يبين من مذكرته الإيضاحية لما كان ذلك، فإن الطلب الأول يكون غير مقبول شكلاً ولا يجدي الطالب التجاؤه من قبل إلى محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 503 سنة 12 ق طالما أنه قرر فيها بترك الخصومة وقضت المحكمة بإثبات هذا الترك.
وحيث إنه بالنسبة للطلب رقم 13 سنة 31 ق رجال قضاء الذي يطلب فيه الطالب الحكم له بمبلغ 7060 جنيهاً فهو يتضمن طلبين أولهما مبلغ 5060 جنيهاً وصفه الطالب بأنه قيمة ما حرمه من معاش يستحقه أسوة بزملائه رجال القضاء المختلط السابقين والثاني مبلغ 2000 جنيه وصفه بأنه تعويض عما أصابه من الضرر لعنت الإدارة والطلب الأول في حقيقته يعتبر طلباً خاصاً بمعاش مما ورد ذكره في المادة 23 من قانون نظام القضاء والمادة 90 من السلطة القضائية - وبالتالي يتقيد بميعاد الثلاثين يوماً على ما سلف بيانه ومن ثم فإن هذا الطلب يكون غير مقبول.
وحيث إنه بالنسبة لطلب مبلغ 2000 جنيه باعتبارها تعويضاً عن الضرر الذي أصاب الطالب من جراء عنت الإدارة فإن هذا الطلب لا يتقيد بميعاد لأن طلبات التعويض لا يقصد بها إلغاء قرار إداري أو المساس به مما تنتفي معه العلة في تحديد ميعاد لرفع الدعوى - تلك العلة التي ترمى إلى استقرار القرارات الإدارية وعدم تركها مهددة بالإلغاء أمداً طويلاً.
وحيث إن الطالب يؤسس طلب التعويض على سببين هما مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة ويقول في بيان السبب الأول إن الإدارة لم تحترم الحكم النهائي الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى 583 سنة 5 ق مما لا يجوز معه القول بأن ما يطلبه الطالب يجب عرضه على لجنة المعاشات الاستثنائية. وأن لهذه اللجنة سلطة تقديرية لا معقب عليها - ولا محل كذلك بعد صدور الحكم السابق للتحدث بأن الحالات التي سبق أن قرر مجلس الوزراء فيها معاشات استثنائية لزملاء الطالب هي حالات فردية لا ينصرف أثرها إلا لمن صدر القرار لمصلحتهم دون غيرهم من النظراء - وأضاف الطالب أن مجلس الوزراء اعتمد في سنة 1949 عشرة آلاف جنيه للإنفاق منها في شئون تصفية القضاء المختلط. وأنه لا يطالب بحق استثنائي بل يريد معاملته بما عومل به زملاؤه في القضاء المختلط - ويطلب تنفيذ الحكم الصادر في شأنه من محكمة القضاء الإداري وهو ما لا تختص به لجنة المعاشات الاستثنائية ويقول الطالب في بيان السبب الثاني إن امتناع الإدارة عن تنفيذ حكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه هو إساءة لاستعمال السلطة - وأشار إلى ما أورده حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى 583 سنة 5 ق.
وحيث إن استناد الطالب إلى حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 14 يونيه سنة 1954 مردود بأنه لما كان الطالب حين رفع دعواه أمام محكمة القضاء الإداري - من رجال القضاء الوطني فإن الحكم الصادر من القضاء الإداري يكون قد صدر من محكمة لا ولاية لها - فلا يجوز المحاجة به أمام المحكمة ذات الولاية - ولما كانت معاملة زملاء الطالب من رجال القضاء المختلط لا تخلق قاعدة تنظيمية - إذ القاعدة التنظيمية لا يكون لها كيان إذا كانت استثناء من قواعد منصوص عليها في القانون وقد نصت المادة 38 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو منح مكافآت استثنائية - للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من خدمة الحكومة أو لعائلات من يتوفى من الموظفين أو المستخدمين وهم في الخدمة أو بعد إحالتهم إلى المعاش". وهذه المادة الأخيرة إنما خولت مجلس الوزراء تلك السلطة الاستثنائية لإعمالها في حالات فردية بالنسبة لموظفين أو مستخدمين انتهت مدة خدمتهم ويرى المجلس لأسباب خاصة قائمة بهم يكون تقديرها موكولاً إليه، منحهم تلك المعاشات أو الزيادات في المعاشات أو المكافآت الاستثنائية. ولا يمكن أن ترقى هذه السلطة إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ القواعد المقررة أصلاً للمعاشات. ولما كان القانون 521 سنة 54 قد رمى إلى تخفيف العبء عن مجلس الوزراء فأجاز له بقرار منه أن يعهد بالاختصاصات المخولة له بمقتضى النص السابق إلى لجنة يشكلها رئيس مجلس الوزراء وتكون قراراتها نهائية - وكان الاختصاص الذي تمارسه تلك اللجنة ليس سلطة منضبطة لقواعد معينة بل هو سلطة تقديرية كما سبق البيان - وكان القياس على رجال القضاء المختلط الذين صدرت قرارات لصالحهم بضم مدد إلى مدة خدمتهم المحسوبة في المعاش قياساً مع الفارق - ذلك أن هؤلاء قد انتهت خدمتهم القضائية ولم يعوضوا بنقلهم إلى القضاء الوطني. أما الطالب فقد عوض بنقله إلى القضاء الوطني. فليس له أن يتحدى بما عومل به زملاؤه من رجال القضاء المختلط لأن استقالة الطالب من القضاء الوطني بعد أن نقل إليه لا تجعله في حالة مماثلة لحالة من فقدوا مناصبهم بانتهاء أجل المحاكم المختلطة. ولما كان ذلك، فإنه لا يصح القول بقيام قاعدة تنظيمية لم يعامل بها الطالب. ويكون القرار الذي صدر في حق الطالب بعدم ضم مدة إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش غير مخالف للقانون ولا يشوبه سوء استعمال السلطة وبالتالي يكون طلب التعويض على غير أساس.

الطعن 21 لسنة 30 ق جلسة 2 / 7 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 رجال قضاء ق 11 ص 459

جلسة 2 من يوليه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي.

------------------

(11)
الطلب رقم 21 لسنة 30 ق. "رجال القضاء"

إجراءات الطلب. "ميعاد رفع الطلب".
وجوب رفع الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن به. العلم اليقيني به يقوم مقام الإعلان. صرف الطالب مرتبه على النحو الذي لا يرتضيه بعد صدور القرار المطعون فيه يتحقق به العلم من ذلك التاريخ.

---------------
توجب المادة 92 من قانون السلطة القضائية رفع الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن به وإذ جرى قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض على أن العلم اليقيني يقوم مقام الإعلان فإن هذا العلم يتحقق من تاريخ صرف الطالب مرتبه على النحو الذي لا يرتضيه بعد صدور القرار المطعون فيه، فإذا لم يتقدم بطلبه إلا بعد انتهاء أكثر من ثلاثين يوماً على تاريخ تحقق ذلك العلم فإن طلبه يكون غير مقبول شكلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق تتحصل في أن الطالب رفع هذا الطلب في 12/ 5/ 1960 بعريضة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة تتضمن أنه في 13 فبراير سنة 1958 عين في وظيفة معاون نيابة بمرتب خمسة عشر جنيهاً وفي 22/ 3/ 1959 رقى إلى وظيفة مساعد نيابة وكان إذ ذاك مجنداً ولما تم تسريحه من الجيش وتسلم عمله في أول مايو سنة 1959 ظل مرتبه الشهري خمسة عشر جنيهاً طبقاً للمرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1953 الخاص باستقلال القضاء وقد صدر القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية والذي بدأ العمل به من تاريخ نشره في 21 فبراير سنة 1959 وعدل بموجبه مرتب مساعد النيابة إلى 240 - 360 جنيهاً سنوياً بعلاوة قدرها 30 جنيهاً كل سنتين غير أن وزارة العدل لم تقم بتسوية المرتب على هذا الأساس إلا عندما حل ميعاد العلاوة الدورية في 9 مارس سنة 1960 حيث صدر قرار في 17 مارس سنة 1960 بزيادة مرتبه من 15 إلى 20 جنيهاً شهرياً اعتباراً من 9 مارس سنة 1960 وأخطر بهذا القرار في 14 أبريل سنة 1960 فرفع طلبه في 12/ 5/ 1960 طالباً الحكم بقبول الطلب شكلاً وفي الموضوع بإلزام وزارة العدل بتعديل مرتبه إلى مبلغ 240 جنيهاً سنوياً اعتباراً من 1/ 5/ 1959 تاريخ تسلمه العمل بعد تسريحه من الجيش حتى 9/ 3/ 1960 الذي صدر فيه القرار بمنحه المرتب المذكور وقال في هذا الصدد بأن وزارة العدل لم تتخذ ما يدل على تصرفها قبله على النحو السابق إلا بهذا القرار الأخير والذي أخطر به في 14/ 4/ 1960 ولدي نظر الطلب قدمت الوزارة مذكرة طلبت رفض الطلب واستندت في ذلك إلى أن مرتب معاون النيابة تحدد بالمرسوم بقانون 188 لسنة 1952 بمبلغ 180جنيهاً سنوياً ونص في البند الخامس من القواعد الملحقة به على أنه يراعى في ما يختص بمعاون النيابة نص الفقرة 2 من المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة وهذه الفقرة قد نصت على أن معاون النيابة يعين بمرتب قدره 15 جنيهاً شهرياً ويمنح علاوة الدرجة إلى أن يعين وكيلاً للنيابة من الدرجة الثالثة ومفهوم هذا النص هو إدماج وظيفتي معاون ومساعد النيابة وتحديد مرتب المعاون وتدرجه على التفصيل السابق حتى يعين وكيلاً للنيابة وقد اتبع ذلك في شأن الطالب وقدمت النيابة مذكرة ذكرت فيها أن الطالب انتهت مدة تجنيده في 30/ 4/ 1959 وباشر عمله اعتباراً من 1/ 5/ 1959 وظل يصرف مرتبه من هذا التاريخ حتى طعن في 12/ 5/ 1960 ولم يطعن في المدة القانونية وهي ثلاثون يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون عليه في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن به وأنه يمتنع على الطلب أن يطلب إعمال قانون السلطة القضائية لأن طعنه في حقيقته هو طعن على القرار السلبي الناشئ عن استمرار الوزارة في صرف المرتب على الأساس الذي ارتضاه منذ عودته إلى عمله في 1/ 5/ 1959 أما القرار الصادر في 17 مارس سنة 1960 فهو قرار بعلاوة دورية مستحقة في التاريخ الذي صدر به القرار وغير متعلق بتطبيق قانون السلطة في شأن مرتب المساعدين حتى يكون للطالب الحق في طلب إرجاعه إلى وقت ترقيته إلى وظيفة مساعد فهو قرار منشئ لحالة جديدة يستحيل على الوزير إرجاعها إلى تاريخ سابق طالما أن الوضع قد استقر بقبول الطالب له.
وحيث إنه يبين من الملف الخاص بالطالب أنه صدر قرار وزاري بتاريخ 22 مارس سنة 1959 بتعيينه في وظيفة مساعد نيابة في الدرجة (180 - 360) جنيهاً بماهيته الحالية ومقدارها 180جنيهاً في السنة ولما كان قانون السلطة القضائية الذي يقول الطالب أنه رفع مرتب مساعد النيابة إلى 240 جنيهاً سنوياً قد بدأ العمل به في 21 فبراير سنة 1959 أي قبل صدور القرار بتعيينه مساعداً للنيابة وكانت المادة 92 من هذا القانون توجب رفع الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن به وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم اليقيني يقوم مقام الإعلان وكان علم الطالب علماً يقينياً بالقرار الذي حدد مرتبه بواقع 180 جنيهاً سنوياً قد تحقق على الأقل من تاريخ صرف الطالب مرتبه على النحو الذي لا يرتضيه في أول شهر تال تاريخ تسلمه العمل بعد انتهاء فترة التجنيد وكان الطالب لم يقدم طلبه إلا في 12/ 5/ 1960 أي بعد فوات أكثر من ثلاثين يوماً على تاريخ تحقق ذلك العلم فإن طلبه يكون غير مقبول شكلاً.

الطعن 3098 لسنة 33 ق جلسة 27 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 167 ص 1652

جلسة 27 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

------------------

(167)

الطعن رقم 3098 لسنة 33 القضائية

اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - تحديد قيمة الأعمال المخالفة للبناء (توجيه وتنظيم أعمال البناء) (إثبات) (قرار إداري) (مباني) (منازعة إدارية).
القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983 ولم يعقد للجهة الإدارية عامة أو اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون 106 لسنة 1976 خاصة أي اختصاص بتحديد ملزم لقيمة الأعمال المخالفة أو بحساب مقدار الغرامة الواجبة أو بتحصيلها - درج العمل على الإدلاء بهذا التقدير ضمن ما يعرض على المحكمة الجنائية بشأن المخالفة تيسيراً عليها عند الفصل في الدعوى الجنائية - يجوز لصاحب الشأن أن يجادل في هذا التقدير أمام المحكمة الجنائية إعمالاً للقاعدة المتفرعة عن حق الدفاع والتي تقضي بحرية النفي في المواد الجنائية - تملك المحكمة الجنائية بسط رقابتها على هذا التقدير بما لها من حرية مطلقة في تكوين عقيدتها - مؤدى ذلك: هذا التقدير يعد من الأعمال التنفيذية المرتبطة بالدعوى الجنائية الخاصة بمخالفات البناء والتي لا تخرج عن أن تكون تقدير خبرة إدارية يوضع تحت تصرف المحكمة الجنائية المختصة باعتبارها الخبير الأعلى أساس ذلك: إن تقدير الجهة الإدارية لقيمة المخالفات سواء من تلقاء ذاتها أم بناء على رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) هو مجرد عمل تحضيري بخبرة إدارية يوضع تحت نظر المحكمة الجنائية ولا ينتج أثراً قانونياً في حق ذوي الشأن سواء في المجال الإداري أو الجنائي نتيجة ذلك: لا يعد تقرير الجهة الإدارية قراراً إدارياً بالمعنى الفني مما يقبل الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 11/ 7/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3098 لسنة 33 ق" عليا وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/ 5/ 1987 في الشق العاجل من الدعوى رقم 449 لسنة 40 ق والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير قيمة المباني المخالفة مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وطلب الطاعنون استناداً إلى الأسباب التي ساقوها في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإلغائه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، واحتياطياً الحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات، وقد أودع السيد المستشار...... تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن وخلصت في ختامه للأسباب التي أوردتها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 1/ 1/ 1990 فنظرته الدائرة وتدوول أمامها بالجلسات على نحو ما هو ثابت في محاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 4/ 3/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت بدورها لنظره جلسة 23/ 3/ 1991، وقد نظرته المحكمة على النحو الثابت بالأوراق وقررت إصدار الحكم بجلسة 25/ 5/ 1991 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/ 7/ 1991 لإتمام المداولة، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدها سبق لها أن أقامت الدعوى رقم 499 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 141 الصادر بتاريخ 29/ 9/ 1985 بتقدير قيمة الأعمال المخالفة التي قامت بها المدعية (المطعون ضدها) بالعقار رقم 21 بشارع عيد نافع المتفرع من شارع الملك فيصل بالهرم مع ندب خبير لإعادة تقدير تلك المباني مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وقالت في شرح دعواها إنها تقدمت بطلب تصالح طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وأنه بتاريخ 29/ 9/ 1985 صدر القرار المطعون فيه محدداً قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 25101 جنيه، ونعت المذكورة على هذا - التقدير أنه تم بطريقة عشوائية - إذ لم يراع فيه تغير سعر المتر المسطح من المباني من بناء لآخر، وبجلسة 21/ 5/ 1987 قضت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير قيمة المباني المخالفة وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها سالف البيان على أن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 تخول كل من ارتكب مخالفة لأحكام قانون المباني رقم 106 لسنة 1976 التقدم بطلب لوقف الإجراءات المتخذة ضده، وتوجب في هذه الحالة وقف تلك الإجراءات مع إحالة طلبه إلى لجنة فنية نص المشرع على تشكيلها لبحث المخالفة، فإذا تبين للجنة أن الأعمال المخالفة لا تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو خروجاً على خط التنظيم أو مجاوزة للارتفاع المحدد في قانون الطيران المدني، وقعت على المخالف غرامة بنسب حددها المشرع من قيمة الأعمال المخالفة، وبناء على ذلك فإن تقدير الأعمال المخالفة بواسطة الإدارة تمهيداً لإحالة الأعمال المخالفة إلى المحكمة الجنائية المختصة يتعين أن يستند إلى عناصر مستقاة من واقع حال العقار ومن معاينة جدية له، وإذ خلت الأوراق كما خلا كل من تقرير اللجنة الفنية والقرار المطعون فيه من عناصر التقدير الذي انتهت إليه اللجنة وصدر به القرار المطعون فيه فإن هذا القرار يكون قد خالف القانون بحسب الظاهر، لعدم استناده إلى عناصر محددة في تقدير قيمة المباني المخالفة، ومن ثم تتوافر في طلب وقف التنفيذ ركن الجدية، إذ يؤدي تنفيذ القرار إلى آثار يتعذر تداركها تتمثل في تقديم المدعية (المطعون ضدها) إلى المحكمة الجنائية على أساس تقدير غير قائم على عناصر محددة فإن ركن الاستعجال يتوافر بدوره في هذا الطلب، ويتعين لذلك الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير الأعمال المخالفة بمبلغ 25101 جنيه، ولا يغير من ذلك ما ساقته الإدارة في دفاعها من أن المدعية أقامت المباني المخالفة دون ترخيص ومن أن التقدير قد تم بواسطة لجنة فنية تضم عناصر متخصصة على مستوى عال، وأن المدعية تهدف من دعواها إلى إطالة أمد النزاع ومن أن المحكمة لا تملك أن تحل محل الإدارة في تقدير قيمة المخالفة، ذلك أن إقامة المباني دون ترخيص لا يخول الإدارة الحق في تقدير قيمة المباني المخالفة بطريقة جزافية غير مستندة إلى أسس محددة لأن تقدير قيمة المباني دون بيان لعناصر هذا التقدير يؤدي إلى بطلانه ولو قامت به لجنة فنية أياً ما كان مستواها، لأن استعمال الدعوى للدفاع عن حق لا يدل على ثبوت نية المماطلة أو الرغبة في إطالة أمد النزاع....... وخلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح أحكام القانون إذ قضى بوقف تنفيذ هذا القرار، ذلك أن تقرير اللجنة الفنية المشكلة بقرار المحافظة بتقدير قيمة الأعمال المخالفة لا يخرج عن كونه رأياً استشارياً صادراً من جهة غير إدارية، وحيث إن قرار محافظ الجيزة المطعون فيه باعتماد وتقدير قيمة الأعمال على النحو المبين بتقرير اللجنة لا يخرج عن كونه إثباتاً لحالة واقعية تمهيداً لإحالة الأوراق إلى المحكمة الجنائية لاستصدار حكم جنائي بالغرامة ضد المخالف، باعتبارها الجهة المختصة بذلك، لأن الغرامة هي عقوبة جنائية توقع بحكم قضائي صادر من محكمة مختصة وهذا ما تقضي به صراحة أحكام المادة 66 من الدستور من أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون وهذه القواعد الأساسية للنظام العام العقابي المصري نتيجة حتمية لمبدأ سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وخضوع الدولة للقانون وما يقرره الدستور من استقلال القضاء وحصانته كضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات (المواد 64، 66 من الدستور). يعني هذا أن القرار المطعون عليه ليس من شأنه المساس بمركز المدعية القانوني، وأن هذا المركز لا يتحدد بصفة نهائية إلا بعد صدور الحكم من المحكمة الجنائية المختصة التي يكون لها أن تأخذ بهذا التقدير وتعدل فيه أو تلغيه" ومن ثم فإن المطاعن الموجهة إلى هذا التقدير يتعين إثارتها أمام المحكمة الجنائية المختصة ويكون للمدعية أن تثبت أمامها أن تقدير قيمة الأعمال المخالفة في غير محله وذلك بكافة طرق الإثبات إن صح ادعاؤها.... وبذلك فإن القرار المطعون فيه يفتقد مقومات القرار الإداري ولا يعدو أن يكون إثباتاً لحالة واقعية، وبالتالي لا يدخل في عداد القرارات الإدارية التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في طلب إلغائها، وتكون الدعوى التي أقامتها المطعون ضدها غير مقبولة أصلاً لأن أوراقها قد جاءت خالية مما يفيد صدور قرار إداري يجوز الطعن فيه، وخلصت الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، واحتياطياً الحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت (في حكمها الصادر بجلسة 23 من ديسمبر سنة 1990 في الطعن رقم 1549 لسنة 34 ق. عليا) بأنه لم يعقد للجهة الإدارية عامة أو للجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 116 لسنة 1976 خاصة، أي اختصاص بتحديد ملزم لقيمة الأعمال المخالفة أو بحساب مقدار الغرامة الواجبة أو بتحصيلها، وإنما درج العمل على الإدلاء بهذا التقدير ضمن ما يعرض على المحاكمة الجنائية بشأن المخالفة، تيسيراً عليها عند الفصل في الدعوى الجنائية، وأنه من ثم يجوز لصاحب الشأن أن يجادل في هذا التقدير أمام المحكمة الجنائية إعمالاً للقاعدة المتفرعة عن حق الدفاع، والتي تقضي بحرية النفي في المواد الجنائية، كما تملك المحكمة الجنائية بسط رقابتها على هذا التقدير بما لها من حرية مطلقة في تكوين عقيدتها، وبالتالي فإن هذا التقدير يعد من الأعمال التنفيذية المرتبطة بالدعوى الجنائية الخاصة بمخالفات البناء والتي لا تخرج عن أن تكون تقدير خبرة إدارية يوضع تحت تصرف المحكمة الجنائية المختصة باعتبارها الخبير الأعلى في الدعوى الجنائية المعروضة عليها، ومقتضى تلك الأزمة أن تقدير الجهة الإدارية لقيمة المخالفات سواء من تلقاء ذاتها أم بناء على رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976، هو مجرد عمل تحضيري بخبرة إدارية يوضع تحت نظر المحكمة الجنائية للحكم في الدعوى الجنائية، ولا ينتج في حد ذاته أثر قانونياً في حق ذوي الشأن، سواء في المجال الإداري أو الجنائي، ومتى كان ذلك فإنه لا يعد قراراً إدارياً بالمعنى الفني مما يقبل الطعن فيه أمام القضاء الإداري بحسبان أنه لا يعد كذلك إلا كل إفصاح لجهة الإدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، بقصد إحداث أثر قانوني، متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وذلك ابتغاء تحقيق المصلحة العامة، بحيث إذا انتفى ركن الإلزام القانوني في عمل جهة الإدارة المتعلق بالأفراد، وإذا لم يكن من شأن ما يصدر عنها وإن سمي تجاوزاً قراراً لإلغاء أو التعديل في المراكز القانونية للأفراد وإنشائها كما هو الحال في الطعن الماثل، فمن ثم ينتفي عن عملها وصف القرار الإداري، وإذا أضيف إلى ذلك أنه عندما يصل الإجراء التمهيدي والمبدئي لتقدير الإدارة لقيمة الأعمال المخالفة إلى النتيجة والغاية النهائية التي يتعين أن يبلغها طبقاً لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم (30) لسنة 1983 فإن هذا التقدير لن ينتج أثره في قيمة هذه الأعمال كمسألة أولية يبنى عليها تقديرها للغرامة التي توقع على المخالف، وبالتالي فإنه في جميع الأحوال وبحسب نصوص القوانين القائمة تكون المنازعة في تقدير قيمة هذه الأعمال سواء في صورتها التمهيدية من جهة الإدارة أو في صورتها النهائية ليست منازعة إدارية، وبالتالي فإنه لا محل أساساً لقبولها أمام محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ومشوباً بالخطأ في تأويله وتفسيره وخليق بالإلغاء كما يتعين إبداء ذلك الحكم بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المطعون ضدها بالمصروفات.

الطعن 16 لسنة 31 ق جلسة 29 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 رجال قضاء ق 10 ص 455

جلسة 29 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي، وقطب عبد الحميد فراج.

------------------

(10)
الطلب رقم 16 لسنة 31 ق "رجال القضاء"

تأمين. "العجز عن العمل". إثبات. استقالة. موظفون.
شرط استحقاق مبلغ التأمين كله أو بعضه في حالة فصل الموظف من الخدمة قبل بلوغه سن الستين بسبب عدم اللياقة الصحية أن يكون هذا الفصل قد بني على قرار من الهيئة الطبية المختصة. هذا القرار أداة إثبات العجز التام أو الجزئي.
استقالة موظف لأسباب صحية وقبول الوزارة لها لا يتحقق بها شرط استحقاق مبلغ التأمين على الوجه الذي نص عليه في القانون.

---------------
مؤدى نص المادة 16 من القانون رقم 36 لسنة 1960 أن شرط استحقاق مبلغ التأمين كله أو بعضه في حالة فصل الموظف من الخدمة قبل بلوغه سن الستين بسبب عدم اللياقة الصحية للخدمة، أن يكون هذا الفصل قد بني على قرار من الهيئة الطبية المختصة، وأن الشارع قد أراد أن يتخذ من قرار الهيئة الطبية المختصة أداة لإثبات العجز التام أو العجز الجزئي على حسب الأحوال. فإذا كان الثابت من الأوراق أن الطالب إنما استقال من وظيفته لأسباب صحية وقبلت الوزارة استقالته فإن شرط استحقاق مبلغ التأمين لا يكون قد تحقق على الوجه الذي نص عليه القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد والمرافعة والمداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق: تتحصل في أن الطالب كان يشغل وظيفة نائب رئيس محكمة النقض وأصيب بمرض أقعده عن العمل وأحيل بسببه إلى القومسيون الطبي الذي قرر في 22 يونيه سنة 1960 أنه مصاب بهبوط في القلب وانسداد في شرايينه وإزاء هذا المرض وما ترتب عليه من عجز تام لم يستطع معه مباشرة عمله فقد استقال من وظيفته لأسباب صحية وانتهت خدمته لهذا السبب في 13 يوليه سنة 1960، وإذ تقدم الطالب إلى وزارة العدل يطلب إحالته إلى القومسيون الطبي لتقدير درجة عجزه عن العمل ومداه تمهيداً لصرف مبلغ التأمين المستحق له ورفضت بحجة أنه (لم يطلب وقت تقديم استقالته إحالته على القومسيون الطبي) كما تقدم إلى الهيئة العامة للتأمين والمعاشات وهذه أحالته إلى الجهة الإدارية التي أصدرت قرار إنهاء الخدمة "إذ أن الهيئة لا تتدخل في أسباب انتهاء الخدمة بل تقوم بصرف التعويض إذا كان قرار الفصل بسبب العجز الصحي مبنياً على قرار من الجهة الطبية المختصة" فقد انتهي إلى طلب الحكم باستحقاقه مبلغ التأمين الخاص به ومن باب الاحتياط إحالته إلى القومسيون الطبي والحكم باستحقاقه هذا المبلغ في ضوء ما يظهر من قرار القومسيون، مؤسساً هذا الطلب على أن حالته الصحية كانت معلومة وظاهرة للوزارة وثابتة من قرارات القومسيون الطبي المودعة ملف خدمته وعلى فرض الشك فيها فما كان للوزارة أن ترفض طلب إحالته إلى القومسيون الطبي لتقدير درجة عجزه عن العمل ومداه وقت الاستقالة لأن القانون أوجب قبول استقالة القاضي متى رأى هو عدم تمكنه من مباشرة ولايته. والاستقالة من جانبه تعتبر بمثابة الإحالة إلى المعاش من جانب جهة الإدارة ومن ثم لا يكون هناك وجه لما ذهبت إليه الوزارة من أنه يشترط لاستحقاقه مبلغ التأمين أن يكون سبب الفصل هو العجز الصحي، وأن سبب إنهاء الخدمة هو الاستقالة لا العجز، إذ هي بذلك تجرد الاستقالة من سببها ومن ظروفها وملابساتها الثابتة لديها ومتى كانت حالة الطالب ثابتة من قرارات الهيئة الطبية المختصة وقائمة قبل اعتزال الخدمة فقد تحقق بذلك حكم المادة 16 من القانون رقم 36 لسنة 1960 إذ هي لا تشترط إلا العجز بقرار من هيئة طبية مختصة وهذه الهيئة تستطيع الوقوف على حالة العجز ودرجته بعد صدور قرار الفصل والقرار الذي تصدره يعتبر كاشفاً عن حالة سابقة ولا يحول دون انطباق المادة 16 من القانون واستحقاق الطالب مبلغ التأمين - وردت وزارة العدل بأنه يشترط لاستحقاق مبلغ التأمين في أحوال الفصل بسبب عدم اللياقة الطبية أن يكون هذا الفصل قد بني على قرار من الهيئة الطبية المختصة باعتباره الوسيلة الوحيدة التي أعتد بها القانون لإثبات العجز وطالما أن خدمة الطالب قد انتهت بالاستقالة ولم يطلب وقت تقديمها إحالته إلى هذه الهيئة الطبية المختصة لتقرير عجزه ومداه فإنه لا يستحق مبلغ التأمين، ولا يغير من ذلك أن استقالة الطالب كانت لأسباب صحية لأن الحالة الصحية تختلف عن حالة العجز كما لا يعتبر من ذلك طلب إحالته على القومسيون الطبي بعد تقديم الاستقالة لأن المادة 16 من القانون رقم 36 لسنة 1960 توجب أن يكون قرار الهيئة الطبية بإثبات العجز سابقاً على قرار الفصل - وقدمت النيابة العامة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة.
وحيث إن هذا الطلب في غير محله ذلك أنه وقد نصت المادة 16 من القانون رقم 36 لسنة 1960 على أنه "تستحق مبالغ التأمين في الحالتين الآتيتين: أولاً - وفاة الموظف وهو بالخدمة... ثانياً - فصل الموظف من الخدمة قبل بلوغه سن الستين بسبب عدم اللياقة الصحية للخدمة إذا نشأ عنه عجز تام عن العمل - أما إذا كان العجز جزئياً استحق الموظف نصف مبلغ التأمين. ويشترط لاستحقاق مبلغ التأمين في هذه الحالة أن يكون الفصل بسبب عدم اللياقة الطبية قد بني على قرار من الهيئة الطبية المختصة" مغايرة بذلك الأوضاع السابقة وما كانت تنص عليه المادة 9 من المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 من أنه "تستحق مبالغ التعويض التي يؤديها صندوق التأمين في الحالتين الآتيتين (1) وفاة الموظف وهو بالخدمة قبل بلوغه سن الستين... (2) فصل الموظف من الخدمة قبل بلوغه السن المذكورة بسبب عجزه صحياً عن العمل عجزاً تاماً. فإذا كان الفصل بسبب عجز صحي جزئي استحق الموظف نصف مبلغ التعويض" دون أن يشترط أن يكون قرار الفصل لسبب عدم اللياقة الصحية قد بني على قرار من الهيئة الطبية المختصة" فإنها تكون قد دلت على أن الشارع أراد أن يتخذ من قرار الهيئة الطبية المختصة أداة لإثبات العجز كما أراد أن يتخذ من إسناد قرار الفصل إلى القرار الصادر من هذه الهيئة شرطاً لاستحقاق مبلغ التأمين كله أو نصفه وعلى حسب الأحوال - وإذا كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطالب إنما استقال من وظيفته "لأسباب صحية" في 10/ 7/ 1960 وقبلت الوزارة استقالته في 13/ 7/ 1960 وصدر القرار الوزاري رقم 761 لسنة 1960 برفع اسمه من سجل قيد أسماء رجال القضاء بقبول استقالته من وظيفته اعتباراً من 13/ 7/ 1960 فإن شرط استحقاقه مبلغ التأمين لا يكون قد تحقق على الوجه الذي نص عليه القانون وأوجب على أصحاب الشأن التزامه لاعتبارات من المصلحة العامة وسدا للذرائع - ولما تقدم يتعين رفض الطلب.