بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 27-01-2021 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 2 لسنة2020 الهيئة العامة لمحكمة التمييز
طاعن:
جونج بايك لى
مطعون ضده:
امنيات للعقارات ستة المحدودة - والمعروفة باسم ( أمنيات بروبيرتيز السادسة المحدودة و أمنيات بروبيرتيز سيكس ليمتد )
أويستر للتطوير العقاري - ( ش.ذ.م.م ) - حالياً - مؤسسة أمنيات للتطوير العقاري - ( فرع ) والمعروفة بأمنيات بروبيرتيز المحدودة - ( سابقا )
زينب تقى علي
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2020/199 طعن عقاري
بتاريخ 15-12-2020
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ مصطفى محمود الشرقاوي، وبعد المداولة.
حيث ان الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم (119) لسنة 2020 عقاري (جونج بايك تي) - المطعون ضده في الطعن رقم (208) لسنة 2019 عقاري - أقام الدعوى رقم (585) لسنة 2018 عقاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية على المطعون ضدهم 1-(امنيات للعقارات ستة المحدودة - والمعروفة باسم أمنيات بروبيرتيز السادسة المحدودة و أمنيات بروبيرتيز سيكس ليمتد) - الطاعنة في الطعن رقم (208) لسنة 2020 عقاري، 2- (أويستر للتطوير العقاري ش.ذ.م.م.- حالياً - مؤسسة أمنيات للتطوير العقاري فرع - والمعروفة بأمنيات بروبيرتيز المحدودة - سابقا)، 3- (زينب تقى علي)، بطلب الحكم اصليا : ببطلان اتفاقية البيع والشراء المبرمة بين المدعي وبين المدعى عليها الأولى بتاريخ 19 يونيو 2007 بشان الوحدات العقارية من رقم (1001-ايه) إلى رقم (1006-ايه) الكائنة بالطابق العاشر بالبرج المسمى (ذا ابوس) بمنطقة الخليج التجاري، والزام المدعى عليهم برد مبلغ (12،034،275) درهما ورسوم التسجيل بمبلغ (1،203،424,52) درهما والزامهم بالتضامن بأداء التعويض الاتفاقي وقدره (49،225،368,75) درهما وفائدة بواقع (9%) سنويا من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد، واحتياطيا: فسخ اتفاقية البيع والشراء سالفة الذكر مع الحكم بباقي الطلبات. على سند من القول إنه بموجب اتفاقية بيع وشراء مؤرخة في 19 يونيو 2007 اشترى المدعى من المدعى عليها الأولي الوحدات العقارية من رقم (1001-ايه) الي رقم (1006-ايه) الكائنة بالطابق العاشر بالبرج المسمى (ذا ابوس) بمنطقة الخليج التجاري لقاء ثمن إجمالي قدره (30،085،688) درهما سدد منه المدعي مبلغ (12،034،275) درهما وهو ما يمثل نسبة (40%) من إجمالي الثمن، فضلا عن سداده رسوم تسجيل الوحدات بالسجل العقاري المبدئي وقدرها (1،203،424,52) درهما، إلا أن المدعي عليها الاولى أخلت بالتزامها التعاقدي في انجاز وتسليم الوحدات في الموعد المحدد بالتعاقد وهو 30 سبتمبر 2010 بعد تمديده لمدة ستة اشهر، ولما كان عقد البيع سند الدعوى قد نص في البند رقم (12) منه على تعويض اتفاقي حال عدم الانجاز في الموعد المحدد بالتعاقد، وكانت المدعى عليها الأولي قد تصرفت بالبيع على الخارطة للوحدات عين التداعي قبل الحصول على ترخيص من الجهات المختصة لأن تاريخ اصدار رخصتها هو 20 ديسمبر2011، 2وهو لاحق على تاريخ ابرام اتفاقية البيع والشراء سند الدعوى، وكانت المدعى عليها الثالثة هي مدير الشركة المدعى عليها الاولى وفق الثابت في رخصتها التجارية، كما أن سندات قبض المبالغ المسددة من ثمن الوحدات عين التداعي صادرة من المدعى عليها الثانية، ولذا فالمدعي يقيم الدعوى.
والمدعى عليها الأولى قدمت مذكرة بجلسة 27 نوفمبر 2018 ضمنتها طلبا عارضا هو الحكم بفسخ اتفاقية البيع والشراء سند الدعوى وأحقيتها بالاحتفاظ بنسبة ال (40%) المقررة قانونا بموجب القانون رقم (19) لسنة 2017، علي سند من القول إن المدعية تقابلا انجزت المشروع الكائن به الوحدات عين التداعي وحصلت علي شهادات انجاز من الجهات المختصة، وأن المدعى عليها تقابلا امتنعت بغير مبرر عن سداد باقي ثمن الوحدات عين التداعي رغم انذارها، مما دعا المدعية تقابلا إلي اللجوء إلي دائرة الأراضي والأملاك طالبة فسخ التعاقد المبرم بينها وبين المدعى عليها تقابلا، وبعد أن اتخذت دائرة الأراضي والأملاك الإجراءات المنصوص عليها قانونا أصدرت وثيقة بصحة الإجراءات بالنسبة للوحدات العقارية ارقام (1001) و(1002) و(1005) و(1006) وامتنعت عن اصدار وثيقة للوحدتين رقمي (1003) و(1004) بعد علمها بإقامة المدعى عليه تقابلا الدعوى الماثلة.
ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 9 إبريل 2019، اولا: بعدم قبول الدعوى الأصلية بالنسبة للمدعى عليهما الثانية والثالثة لرفعها على غير ذي صفة، ثانيا: عدم قبول الطلب العارض المقدم من المدعى عليها الاولى موضوعا، ثالثا: رفض الدعوى الاصلية.
استأنف المدعي أصليا هذا الحكم بالاستئناف رقم 153 لسنة 2019 عقاري، كما استأنفته المدعى عليها الأولى بالاستئناف رقم 174 لسنة 2019 عقاري. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 29 يونيو 2020: في الاستئناف 153 لسنة 2019 عقاري برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وفى الاستئناف رقم 174 لسنة 2019 عقاري بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بفسخ العقد المؤرخ في 16/6/2007 سند التداعي، وبأحقية المستأنفة تقابلا بالاحتفاظ بنسبة 20% من قيمة الوحدة والبالغ (6،017،137,5) درهما ورد ما زاد عن المبلغ المسدد من المستأنف ضده تقابلا.
طعن المدعى في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعن رقم (199) لسنة 2020 عقاري بصحيفة اودعت الكترونيا بتاريخ 15 يوليو 2020 بطلب نقض الحكم المطعون فيه والاحالة، كما طعنت المدعى عليها الأولى في ذات الحكم بالتمييز موجب بالطعن رقم (208) لسنه 2020 عقاري بصحيفة اودعت الكترونيا بتاريخ 10 أغسطس2020 بطلب نقض الحكم المطعون فيه والإحالة أو التصدي.
ومحكمة التمييز قررت ضم الطعنين.
وحيث إن الدائرة المختصة بنظر الطعن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 15 ديسمبر 2020 - وعملا بنص الفقرة الثانية من البند (أ) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي - إحالته إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز للعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام سابقة، والذي يقضى بانه (من المقرر انه لا يجوز للمطور الغاء العقد بصورة تلقائية بسبب إخلال المشترى بالتزاماته التعاقدية وأهمها عدم سداد الثمن وإنما وجب عليه إتباع الخطوات المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر ويكون للمحكمة المختصة إذا ما لجأ إليها المطور بطلب تقرير فسخ العقد وبأحقيته في خصم النسبة المحددة من الثمن بما يوازى نسبة إنجازه للمشروع سلطة التحقق من ثبوت هذه الشروط الجوهرية التي أوجبها القانون وذلك قبل إجابة المطور لطلباته وفى حالة ثبوتها بضوابطها القانونية لا يكون للمحكمة سلطة رحبة في عدم الحكم بهذه النسب أو بتخفيضها بما لا يتناسب مع معاييرها أو مجاوزة الحد الأقصى المقرر لها قانوناً.-.) .
وإذ اعيد قيد الطعنان برقمي 3، 4 لسنة 2020 .
---------------
وحيث انه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان من الأصول المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تصرفات أو عقود بعد نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع منها قبل إنفاذها إعمالاً لقاعدة عدم رجعية القوانين، إلا أن هذه القاعدة يقف موجب إعمالها في حالة وجود نص في القانون بتقرير الأثر الرجعي أو كانت أحكام هذا القانون متعلقة بالنظام العام، وفي هاتين الحالتين فإن القانون يسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه الوقائع والتصرفات والعقود طالما بقيت سارية عند العمل به حتى وإن كانت قد أبرمت قبل العمل بأحكامه.
لما كان ذلك، وكان القانون رقم (19) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي قد صدر بتاريخ 24 نوفمبر 2020 على أن يعمل به من تاريخ نشره، وقد نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 13 ديسمبر 2020، ونص على أن يستبدل نص المادة (11) من القانون رقم (13) لسنة 2008 النص الوارد به، وإذ كانت الفقرة (ه) من المادة (11) بعد الاستبدال قد نصت على أنه تُعتبر صحيحة ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن كافة الإجراءات والقرارات والتصرفات التي تمت قبل العمل بهذا القانون بما في ذلك فسخ عقود البيع على الخارطة التي تمت من تاريخ العمل بالقانون رقم (13) لسنة 2008 المشار اليه شريطة أن تكون قد تمت وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في التشريعات السارية وقت اتخاذها وذلك باستثناء قرارات الفسخ التي تم الغاؤها بحكم بات من المحاكم المختصة قبل العمل بأحكام هذا القانون، كما نص البند ( 4 ) من ذات المادة على أنه يجوز للمُطوّر العقاري بعد استلامه للوثيقة الرسميّة المُشار إليها في البند (3) من الفقرة (أ) من هذه المادة، وبحسب نسبة انجاز المشروع العقاري، اتخاذ التدابير التالية بحق المُشتري دون اللجوء إلى القضاء أو التحكيم: أ- في حال إنجاز المُطوّر العقاري لنسبة تزيد على (80?) من المشروع العقاري ، فإنه يكون له أيا مما يلي: 1- الإبقاء على عقد البيع على الخارطة المُبرم بينه وبين المُشتري واحتفاظه بكامل المبالغ المُسدّدة له مع مُطالبة المُشتري بسداد ما تبقّى من قيمة العقد.2- الطلب من الدائرة بيع الوحدة العقارية محل عقد البيع على الخارطة بالمزاد العلني لاقتضاء ما تبقّى من المبالغ المُستحقّة له، مع تحمّل المُشتري لكافة التكاليف المُترتّبة على هذا البيع.3- فسخ عقد البيع على الخارطة المبرم بينه وبين المشتري بإرادة المطور المنفردة، وخصم ما لا يزيد على (40%) من قيمة الوحدة العقارية المحددة في عقد البيع على الخارطة، ورد ما زاد على ذلك للمُشتري، على ان يلتزم المطور العقاري برد المبلغ المسحق للمشترى خلال سنة من تاريخ فسخ العقد، أو خلال (60) ستين يوماً من تاريخ إعادة بيع الوحدة العقارية لمُشترٍ آخر، أيُّهما أسبق. ب?- في حال إنجاز المُطوّر العقاري لنسبة تتراوح بين (60%) ولغاية (80?) من المشروع العقاري، فإنّه يكون له فسخ العقد بإرادته المُنفرِدة، وخصم ما لا يزيد على (40%) من قيمة الوحدة العقارية المنصوص عليها في عقد البيع على الخارطة، ورد ما زاد على ذلك للمُشتري خلال سنة من تاريخ فسخ العقد، أو خلال (60) ستين يوماً من تاريخ إعادة بيع الوحدة العقارية لمُشترٍ آخر، أيُّهما أسبق. ج?- في حال مُباشرة المُطوّر العقاري العمل في المشروع العقاري، وذلك من خلال استلامه لموقع البناء والبدء في الأعمال الإنشائية وفقاً للتصاميم المُعتمدة من الجهات المُختصّة، وكانت نسبة إنجازه تقل عن (60%) من المشروع العقاري، فإنّه يكون للمطور العقاري فسخ عقد البيع على الخارطة المبرم بينه وبين المشترى بإرادة المطور العقاري المُنفرِدة وخصم ما لا يزيد على (25%) من قيمة الوحدة العقارية المحددة في عقد البيع على الخارطة، ورد ما زاد على ذلك للمُشتري، على ان يلتزم المطور العقاري برد المبلغ المستحق للمشترى خلال سنة واحدة من تاريخ فسخ العقد على الخارطة، أو خلال (60) ستين يوماً من تاريخ إعادة بيع الوحدة العقارية لمُشترٍ آخر، أيُّهما أسبق. د- في حال عدم بدء المُطوّر العقاري بالعمل في المشروع العقاري لأي سبب خارج عن إرادته ودون إهمال أو تقصير منه، فإنّه يكون له فسخ العقد بإرادته المُنفرِدة وخصم ما لا يزيد على (30%) من قيمة المبالغ المدفوعة له من قبل المُشتري، ورد ما زاد على ذلك للمُشتري خلال (60) ستين يوماً من تاريخ فسخ العقد. (ب) في حال عدم بدء المطور العقاري بالعمل في المشروع العقاري لاي سبب خارج عن ارادته ودون اهمال او تقصير منه، أو في حالة إلغاء المشروع العقاري بقرار مُسبّب ونهائي من المؤسسة، فعلى المُطوّر العقاري رد كافة المبالغ المُستلمة من المُشترين، وفقاً للإجراءات والأحكام المنصوص عليها في القانون رقم (8) لسنة 2007 المُشار إليه. وكان مفاد ما تقدم أن العقود التي يسري عليها القانون رقم (13) لسنة 2008 تخضع من حيث آثارها لأحكام القانون رقم (19) لسنة 2020 بما نص فيه على إعمال الأثر الرجعي، فينسحب تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المترتبة على العقود الخاضعة له ولو كانت سابقة على صدوره، ومن تلك الاجراءات قرارات الفسخ عدا تلك التي تم الغاؤها بحكم بات من المحاكم المختصة قبل العمل بأحكام هذا القانون، على ان تكون الإجراءات والقرارات قد تمت وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في التشريعات السارية وقت اتخاذها حتى ولو أدرك القانون رقم (19) لسنة 2020 الدعوى أمام محكمة التمييز، إذ أن المشرع لم يستثن من نطاق تطبيقه إلا قرارات الفسخ التي صدر فيها حكم بات، فمن ثم يكون على محكمة التمييز إعمال ما نص عليه القانون رقم (19) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي من تلقاء نفسها متى وردت على الجزء المطعون فيه من الحكم. مما مؤداه أنه يحق للمطور فسخ عقود البيع على الخارطة التي تمت من تاريخ العمل بالقانون رقم (13) لسنة 2008 المشار اليه، والاحتفاظ بالمبالغ المسددة من ثمن البيع بما لا يزيد على النسب المبينة قبل كل نسبة انجاز، مع وجوب اتباعه القواعد والإجراءات المنصوص عليها في التشريعات السارية وقت اتخاذ قرار الفسخ، وذلك إذا أخل المشترى بالتزاماته التعاقدية وأهمها عدم سداد الثمن، وذلك بعد إتباع الخطوات المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر بضوابطها القانونية، ويكون لمحكمة الموضوع حينئذ - اذا ما أقيمت الدعوى أمامها من المطور أو المشترى بالمطالبة بالنسب أو استكمالها أو بتخفيضها بحسب الأحوال، الحكم بالنسب التي تراها عادلة بما يتناسب مع ظروف الحال وما تقدره تلك المحكمة دون مجاوزة الحد الأقصى المقرر لها قانوناً، باعتبارها من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها طالما أنها بينت العناصر التي استقت منها حكمها .
لما كان ذلك، فإن الهيئة تنتهي - وبالأغلبية المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي إلى الأخذ بهذا المبدأ والعدول عما يخالفه من أحكام سابقة والفصل في الطعن على هذا الأساس
أولا: الطعن رقم 189 لسنة 2020 عقاري. والمقيد برقم 2 لسنة 2021 هيئة عامة
وحيث إن ذلك الطعن أقيم على سبب واحد من ثلاثة أوجه، ينعي الطاعن بالوجه الثالث منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، إذ قضى برفض طلب بطلان اتفاقية البيع والشراء محل النزاع، هذا في حين أن الثابت مزاولة المطعون ضدهم أوجه نشاط المطعون ضدها الأولى قبل الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، كونها شركة أجنبية تأسست في جزر العذراء البريطانية وأن رخصتها للتطوير العقاري الصادرة عن إدارة التراخيص بدبى كانت بتاريخ 20 ديسمبر 2011، بينما عقد البيع أبرم بتاريخ 16 يونيو 2007، مما يكون معه هذا العقد وقد أبرم قبل العمل بالقانون رقم (13) لسنة 2008 باطلا، اضافة إلى أنه حال إبرام العقد لم يكن محل التعاقد موجودا فيكون عقد البيع باطلا وفقا لأحكام المادتين (209) و(210) من قانون المعاملات المدنية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد نصوص المواد (313) و(314) و(315) و(316) من القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1984 بشأن الشركات التجارية - الساري على وقائع الدعوى - تدل مجتمعة على أنه إذا ما خالفت الشركـة الأجنبية أو المكتب أو الفرع التابع لها أو من زاولوا عملاً نيابة عنها الإجراءات المبينة بتلك المواد، ولـم يقوموا باستيفائها قبـل مـزاولة أي نشاط للشركة داخـل الدولة، فـإنه لا يعتد بها كشخصية اعتبارية ذات ذمة مستقلة عن ذمم الشركاء فيها، وكل ما يتم من أعمال أو تصرفات لحساب هذه الشركة الأجنبية قبل تمام تلك الإجراءات يسأل عنها - وبالتضامن - الأشخاص الذي أجروا العمل أو التصرف وينصرف أثره إلى ذممهم الشخصية، مما مؤداه عدم بطلان ما تم اجرائه من تصرفات قانونية، وهو ما لا ينال منه تمسك الطاعن ببطلان العقد لعدم وجود محل للتصرف اثناء التعاقد، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المناط في تكييف العقود هو بما عناه المتعاقدان منها دون اعتداد بما أطلقاه عليها من تسمية، وأن عقد البيع وفقا لنص المادة (489) من قانون المعاملات المدنية هو مبادلة مال غير نقدي بمال نقدي، ويشترط لانعقاده مطابقة الإيجاب للقبول، وأن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام العقد، فإذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد، ويجب أن يرد على محل قابل لحكم العقد، ويشترط لإنفاذه قيام كل من عاقديه بتنفيذ التزامه الناشئ عن العقد والمترتب عليه، إلا ما كان منه مؤجلاً، وأن البيع المفرز على الخارطة هو بيع تام أخضعه المشرع لأحكام وقواعد خاصة بجانب الأحكام العامة المنظمة له في القوانين الأخرى سواء من حيث صحته أو بطلانه أو نفاذه، ومن هذه الأحكام الخاصة اعتبار استمارة الحجز هي عقد بيع تام طالما ثبت أنها تتضمن الأركان الرئيسية اللازمة لانعقاد البيع وفقا للقواعد العامة السابق بيانها، وهو ما يكون معه النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذا الوجه قائما على غير أساس.
وحيث ان الطاعن ينعى بالوجه الأول من سبب طعنه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ انتهى في قضائه إلى رفض الدعوى تأسيسا على إخلال الطاعن في تنفيذ التزاماته، هذا في حين أن الثابت ان المطعون ضدهم هم من أخلوا بالتزاماتهم التعاقدية بعدم التزامهم بتاريخ الإنجاز لما يزيد عن سبعة أعوام رغم سداد الطاعن نسبة (40%) من القيمة الإجمالية للوحدات العقارية بالإضافة الى نسبة (4%) من قيمة رسوم تسجيل دائرة الأراضي والاملاك، وحبسه لباقي الثمن الذى يمثل (10%) فقط، لأن بسبة ال (50%) الباقية تستحق عند انجاز المشروع، ولقيام المطعون ضدهم اثناء نظر الدعوى أمام محكمة اول درجة بإلغاء تسجيل الوحدات من اسم الطاعن بالسجل العقاري المبدئي، مما تكون معه إرادة الطرفين قد تلاقيت على فسخ اتفاقية البيع والشراء، مما يستوجب إعادة الحال الى ما كان عليه قبل التعاقد ورد ما سدد من ثمن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك ان مفاد نص المادة (272) من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني المقرر في القانون لجميع العقود الملزمة للجانيين يخول المدين دائما أن يتوقى الفسخ بالوفاء بالدين إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى طالما لم يتبين أن هذا الوفاء المتأخر هو مما يضار به الدائن، بما مؤداه أنه يشترط لإجابة طلب الفسخ في هذه الحالة أن يظل الطرف الآخر في العقد متخلفا عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي بالفسخ، كما وأن شرط الفسخ الضمني لا يستوجب الفسخ حتما بمجرد حصول الإخلال بالالتزام، بل هو يخضع لتقدير القاضي دون رقابة عليه في هذا الخصوص من محكمة التمييز طالما أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق، كما ان المقرر وفق ما تقضي به المواد (268) و(269) و(270) من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التقايل هو اتفاق طرفي العقد بعد إبرامه وقبل انقضائه على إلغاء العقد، فيترتب عليه انحلال العقد وانقضاء الالتزامات التي انشأها سواء لم يبدأ في تنفيذها فتزول دون أن تنفذ أو إذا بدأ تنفيذها ولم يكتمل فتزول أيضاً دون أن يتم تنفيذها، وأن هذه الإقالة تعتبر في حق المتعاقدين فسخاً، وفي هذه الحالة يتعين إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض، بينما تعتبر في حق الغير عقد جديد، وأن الشرط الأساسي لصحة الإقالة هو رضاء المتعاقدين، واستخلاص رضاهما أم لا هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها في الأوراق.
لما كان ذلك، وكان حكم اول درجة - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - فد أقام قضاءه في هذا الصدد تأسيسا على ما أورده بأسبابه من أن ((الثابت من كتاب دائرة الأراضي والاملاك المؤرخ 26-11-2018 ومن الوثائق الصادرة من دائرة الأراضي والاملاك بصحة الاجراءات أن المشروع الكائن به الوحدتان عينا التداعي منجز بنسبة 100% وأن الشركة المدعى عليها المالكة للمشروع تقدمت بطلب إلغاء تسجيل الوحدتين وتم فتح إجراء الإلغاء.
وحيث إن المدعي أثبت في صحيفة دعواه أنه توقف عن سداد باقي ثمن الوحدتين عيني التداعي وانه لم يسدد من ثمنهما سوى ما يمثل نسبة 40% من إجمالي ثمن الوحدتين، وحيث إن امتناع المدعي عن سداد أقساط الثمن المستحق للوحدتين عيني التداعي رغم انجاز المشروع الكائن به الوحدتين عيني التداعي ليس له سند صحيح من القانون مما دعا المدعى عليها إلي اللجوء إلي دائرة الأراضي والأملاك طالبة إلغاء تسجيل الوحدتان وجارى اتخاذ اجراءات الالغاء. الأمر الذى تستخلص منه المحكمة أن المدعي هو المقصر في تنفيذ التزامه التعاقدي بعدم سداد أقساط ثمن الوحدتين عينا رغم تمام انجاز المشروع ومن ثم يكون طلبه بفسخ اتفاقية البيع والشراء سند الدعوى لتأخر المدعى عليها في الإنجاز ليس له سند من القانون او الواقع))، ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعن وأوجه دفاعه، وهو ما لا ينال منه ما يثيره الطاعن من أن إرادة الطرفين قد تلاقيت على فسخ اتفاقية البيع والشراء، لما ثبت من أن المطعون ضدها قد تمسكت بإخلال الطاعن بالتزاماته طالبة فسخ التعاقد ولم تتوافق إرادتها مع إرادة الطاعن على طلبه الفسخ، وهوما يكون معه النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع باستخلاصه من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول.
وحيث ان الطاعن ينعى بالوجه الثاني من سبب نعيه على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، إذ انتهى في قضائه إلى أن المطعون ضدهما الثانية والثالثة لم يصدر منهما فعلا إيجابيا في التعاقد حال أن الثابت من سندات القبض أنها صادرة عن المطعون ضدها الثانية فتكون هي التي حصلت على ما سدد من ثمن الوحدات العقارية موضوع الدعوى، وأن مسئولية المطعون ضدها الثالثة ثابتة كون أنه يبين من رخصة المطعون ضدها الأولى عدم وجود شركاء للمطعون ضدها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير مقبول، ذلك انه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن معيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم أو الإجراء المطعون عليه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته أو ابقي على التزامات يريد التحلل منها أو حرمه من حق يدعيه، ولا يكفي مجرد توافر مصلحة نظرية بحتة له متى كان لا يجني أي نفع من ورائها، كما تنتفي مصلحة الطاعن في الطعن الذي يؤسس على سبب لا يؤدي قبوله إلى تحقيق أي فائدة له، أو يحقق له مصلحة نظرية بحتة لا يعتد بها قانوناً، لأن المصلحة النظرية لا تصلح أساساً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلبات الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى، فان ما يرمي إليه من نعيه هذ إلى إثبات صفة المطعون ضدهما الثانية والثالثة - أيا ما كان وجه الراي فيه - لا يحقق له إلا مصلحة نظرية بحتة، ومن ثم يكون غير مقبول.
حيث إنه - ولما تقدم - يتعين رفض هذا الطعن.
ثانيا الطعن رقم 208 لسنة 2020 عقاري. والمقيد برقم 3 لسنة 2021 هيئة عامة
حيث ان حاصل ما تنعى به الطاعنة بذلك الطعن على الحكم المطعون مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ قضى بأحقيتها بالاحتفاظ بنسبة (20%) من قيمة الوحدة والبالغة (6،017،137,5) درهما ورد ما زاد عن هذا المبلغ متدخلا في تقدير نسبة الخصم المقررة للمطور (الطاعنة) بموجب ما نصت عليها أحكام المادة (11) من القانون رقم 13 لسنة 2008 المعدلة بالقانون رقم (19) لسنة 2017، بأن خفض نسبة الخصم المستحقة للطاعنة من 40% إلى 20% من إجمالي الثمن، رغم أحقية الطاعنة في خصم ما نسبته 40% من إجمالي الثمن والاحتفاظ به تطبيقاً لمواد القانون رقم 19 لسنة 2017 التي تعتبر من النظام العام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الهيئة العامة قد انتهت انه - لمحكمة الموضوع اذا ما أقيمت الدعوى أمامها من المطور أو المشترى بالمطالبة بالنسب أو استكمالها أو بتخفيضها بحسب الأحوال، الحكم بالنسب التي تراها عادلة بما يتناسب مع ظروف الحال وما تقدره تلك المحكمة دون مجاوزة الحد الأقصى المقرر لها قانوناً، باعتبارها من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها طالما أنها بينت العناصر التي استقت منها حكمها
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص تأسيسا على ما أورده بأسبابه من أن ((نسبة الإنجاز المثبتة في كافة الوحدات المبيعة في التقرير الصادر من دائرة الأراضي والأملاك أنها بنسبة 100%، وحيث إن للمحكمة في مجال تقديرها للنسبة التي يجوز للمطور الاحتفاظ بها إعمالا لما نص عليه البند (أ) من الفقرة (4/أ) من المادة (11) سالفة البيان، وعلى ضوء طول المدة الزمنية في تنفيذ المشروع وتأخر المستأنفة تقابلا في تسليم الوحدات عن الموعد المضروب في العقد والتي بلغت مدة تزيد عن 7 سنوات واحتفاظها بالمبلغ المسدد طوال تلك الأعوام، ومن ثم فإن المحكمة تنزل بالنسبة المقررة بالمادة المشار إليها إلى نسبة 20% فقط من قيمة الوحدة ليكون الفرق بين النسبتين بمثابة تعويض للمستأنف ضده عن التأخير في الإنجاز))، وإذ كان هذا الذى خلص اليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لما تثيره الطاعنة بطعنها والذي يدور النعي فيه حول تعييب هذا الاستخلاص، فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة منعقدة بالهيئة العامة في الطعنين رقمي ( 2 ) و( 3 ) لسنة 2020 هيئة عامه برفضهما، وبإلزام كل طاعن بمصاريف طعنه وبالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة، مع مصادرة مبلغ التامين في الطعنين.