جلسة 12 من يونيه سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.
----------------
(207)
الطعن رقم 2347 لسنة 58 القضائية
(1) التزام "حوالة". عقد. حجز. دعوى.
حوالة الدائن لحقه. مسئولية المحيل قبل المحال له ولو كانا قد اتفقا على عدم الضمان. نطاقها. اعتبارها مسئولية تقصيرية. مؤداه. م 311 مدني. ترك المحيل الخصومة في دعوى البيوع بعد استيفاء دينه المحجوز من أجله من المحال إليه. إخلال بالتزامه قبله. علة ذلك.
(2) تعويض. حكم. محكمة الموضوع.
استخلاص الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضائه. خطأ الطاعن وإعمال سلطته في تقدير التعويض المقضي به للمطعون ضدهما أخذاً بالظروف الملابسة. النعي عليه على غير أساس. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1011 لسنة 1981 مدني كلي دمنهور على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض وقالا بياناً لذلك إن بنك مصر الذي يمثله أقام الدعوى رقم 36 لسنة 1969 بيوع دمنهور لنزع ملكية عقارات مورثهما المرحوم خليل علي وضامنيه نفاذاً لعقد فتح اعتماد جاري والمضمون بالرهن العقاري المشهر برقم 3749 لسنة 56 توثيق القاهرة ورغبة منهما في تفادي إيقاع البيع ونزع ملكية تلك العقارات جبراً فقد قاما وآخرين من ورثة الضامنين في العقد بسداد قيمة الدين على أساس شطب الرهن بالنسبة لنصيبهم في عقارات المورث سالف الذكر وحلولهما محل البنك الطاعن بالنسبة لمن لم يشترك في السداد من الورثة في الدين والرهن وإجراءات نزع الملكية مما كان من مقتضاه أن يقرر ممثل البنك في الدعوى بالتخالص والحلول على النحو الذي تم الاتفاق عليه بينهما وبينه إلا أنه بدلاً من ذلك قرر بترك الخصومة في الدعوى وأجابته المحكمة إلى طلبه مما ترتب على القضاء ببطلان تعجيل السير في الإجراءات وإذ نالهما من جراء ذلك أضراراً مادية وأدبية تتمثل في الحيلولة بينهم وبين الحلول محل البنك في إجراءات نزع الملكية وضاع عليهما انتفاعهما بما سدداه عن باقي المدينين من أموال فقد أقام الدعوى بطلباتهما. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 502 سنة 37 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور). وبتاريخ 9/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بالتأييد. طعن المطعون ضدهما في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 1055 لسنة 53 ق. وبتاريخ 7/ 1/ 1987 قضت محكمة النقض بنقض الحكم والإحالة. عجل المطعون ضدهما السير في الدعوى في الاستئناف - وبتاريخ 9/ 3/ 1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام البنك الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهما مبلغ أربعة عشر ألفاً من الجنيهات. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بالنقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى البنك الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه للمطعون ضدهما بالتعويض المقضي به على سند من القول بتوافر الخطأ العقدي في جانبه لإخلاله بالتزامه الناشئ عن عقد الحلول والمنفذ بالعقد الرسمي المشهر برقم 1424 لسنة 1979 توثيق البنوك وتقريره بترك الخصومة في دعوى البيوع وإجابته إلى طلب الترك مع أن المطعون ضدهما قد أقرا بالبند الثالث من العقد بقبولهما الحلول محله حلولاً جزئياً في بعض العقارات المرهونة وشطب الرهن عن البعض الآخر دون أن يرتب هذا العقد أية مسئولية قبله سواءً بالنسبة لضمان يسار المدين أو تجديد الرهن أو أحقيتهما في الرجوع عليه في الحال أو الاستقبال سوى ضمان وجود الحق موضوع الحوالة في ذمة المحال عليه وأعمل حكم المادة 311 من القانون المدني مع أن ما تم الاتفاق عليه لا يندرج تحت أحكامها وأنه في تقريره بترك الخصومة في دعوى البيوع إنما استعمل حقاً خوله له القانون بعد تخالصه بدينه ولم يبد المطعون ضدهما اعتراض عليه مع أنهما كانا ممثلين فيها باعتبارهما من ورثة المنفذ ضده فضلاً عن أنه لم يع أن من الآثار القانونية لعقد الحلول الرسمي زوال صفته في الإجراءات المتخذة في دعوى البيوع، كما أن في قيلته أن في تقريره بترك الخصومة تنازل عن إجراءات الحجز وأن هذا التنازل نافذ قبل الجميع مما ترتب عليه بطلان إجراءات المطعون ضدهما خطأ في القانون إذ أن الحوالة لا تعدو أن تكون إخلالاً منهما في كافة الإجراءات ومنها الحجز وضماناته وهي نافذة قبل الجميع بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 311 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن يكون المحيل مسئولاً عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة بغير عوض أو اشتراط عدم الضمان يدل على أن المحيل يضمن للمحال له جميع الأفعال التي تصدر منه بعد صدور الحوالة ويكون من شأنها الانتقاص من الحق المحال به أو توابعه أو زواله ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة بعوض أو بغير عوض ولو اشترط المحيل عدم الضمان ذلك أن مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية تعتبر مسئولية تقصيرية لا يجوز الاتفاق على التحلل منها أو تعديلها وأن ترك المحيل الخصومة في دعوى البيوع بعد استيفاء دين المحجوز من أجله من المحال إليه يعد إخلالاً بالتزام قبله لما يتضمنه هذا الترك من التنازل عن الحجز الذي اتفق المحيل معه على حلوله محله فيه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه للمطعون ضدهما بالتعويض المقضي على ما خلص إليه من أن بنك الطاعن لم يتخذ الحيطة والحذر الواجبين في المحافظة على حقوق المطعون ضدهما واللذين يفرضهما عليه عقد الحوالة المبرم بينهم بعد أن قاما بسداد الدين المنفذ من أجله وحلولهما محله مما كان من مقتضاه ألا يقرر بترك الخصومة في دعوى البيوع رقم 36 لسنة 1969 بيوع دمنهور - لما ترتب على هذا الترك من تنازل عن كافة إجراءات التنفيذ بعد أن قطعت شوطاً كبيراً وكان من نتيجة ذلك الحكم ببطلان تعجيل المطعون ضدهما للسير في تلك الإجراءات المؤيد استئنافياً في الاستئناف رقم 324 لسنة 36 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) ورتب على ذلك مسئوليته عن تعويضهما عما لحقهما من أضرار نتيجة هذا الخطأ الشخصي من جانبه فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون - ويضحى النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس.
وحيث إن البنك الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ عرف الخطأ الذي قضى على أساسه بالتعويض للمطعون ضدهما إليه مع أن مرجع الخطأ هو صدور الحكم ببطلان صحيفة تعجيل السير في الإجراءات المتخذة في دعوى البيوع مما مؤداه ألا يسأل عن الضرر الاحتمالي أو غير المتوقع فضلاً عن أن خطأه في أساس تقدير التعويض عن الضرر المقول به إذ ربط بين مقدار الدين المنفذ من أجله ومبلغ التعويض المقضي به على قول منه بأنه جابر للضررين المادي والأدبي اللذين لحقا بهما وجمع بينهما في مبلغ التعويض دون أن يحدد مقدار التعويض الجابر لكل ضرر منهما - بما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في الإسناد ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعن على النحو الوارد في الرد على السببين الأول والثاني وأعمل سلطته في تقدير التعويض المقضي به للمطعون ضدهما أخذاً بالظروف الملابسة إذ لم يلزمه القانون باتباع معايير معينه في تقديره وأن له أن يدمج الضررين المادي والأدبي معاً وتقدير التعويض عنهما بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضائه مما يضحى معه نعيه بسبب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.