الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أبريل 2023

الطعن 64 لسنة 11 ق جلسة 14 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 159 ص 445

جلسة 14 مايو سنة 1942

برياسة حضرة علي حيدر حجازي بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(159)
القضية رقم 64 سنة 11 القضائية

إثبات:
(أ) العناصر التي كوّنت منها المحكمة اقتناعها. وجوب بيان مؤداها. الاكتفاء بمجرّد الإشارة إليها. قصور.
(ب) التحقيق الذي يصح للمحكمة أن تتخذه سنداً لحكمها. سماع الخبير للشهود. ليس تحقيقاً بالمعنى المقصود. تقدير أقوال أولئك الشهود. يجب أن يكون باعتبارها منضمة إلى معاينة الخبير مكوّنة معه عنصراً واحداً. تعويل المحكمة عليها دون غيرها مما تضمنه تقرير الخبير. لا يصح.
(المواد 177 وما يليها و228 مرافعات)

----------------
1 - إذا كانت المحكمة قد ذكرت في حكمها أنها قد كوّنت اقتناعها "من المستندات والمذكرات وتقرير خبير الدعوى" فإن مجرّد الإشارة فيها إلى هذه العناصر دون بيان مؤداها يعدّ قصوراً مبطلاً للحكم إذ لا يمكن معه تعيين الدليل الذي كوّنت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه، والتحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانوناً تأسيس الحكم عليها.
2 - إن التحقيق الذي يصح للمحكمة أن تتخذه سنداً أساسياً لحكمها هو الذي يعمل وفقاً للأحكام التي رسمها القانون للتحقيقات في المادة 177 وما يليها من قانون المرافعات. تلك الأحكام التي تقضي بأن التحقيق يحصل أمام المحكمة ذاتها أو بمعرفة قاض تندبه لذلك، وتوجب أن يحلف الشاهد اليمين، إلى غير ذلك من الضمانات المختلفة التي تكفل حسن سير التحقيق توصلاً إلى الحقيقة. أما ما يجريه الخبير من سماع الشهود - ولو أنه يكون بناء على ترخيص من المحكمة - فلا يعدّ تحقيقاً بالمعنى المقصود إذ هو مجرّد إجراء ليس الغرض منه إلا أن يستهدي به الخبير في أداء مهمته. وقد نصت المادة 228 من قانون المرافعات على أن الشهود لا يحلفون اليمين أمام الخبير. ومقتضى ذلك أن تقدير المحكمة لأقوال الشهود لا يكون إلا باعتبارها منضمة لمعاينة الخبير مكوّنة معه عنصراً واحداً. وإذن فإذا كانت المحكمة لم تذكر في حكمها عن المصادر التي كوّنت منها اقتناعها إلا إشارة مجملة، وذكرت بعض البيان عما قرّره الشهود من الأقوال أمام الخبير، ثم لم تعوّل في حكمها إلا على هذه الأقوال دون غيرها مما تضمنه تقرير الخبير، فإنها بذلك تكون قد جعلت التحقيق الذي أجراه الخبير في مرتبة التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، ويكون حكمها قد جاء مخالفاً للقانون.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن المطعون ضدّه الأوّل مصطفى منيب أفندي اشترى بالمزاد العلني بمحكمة المنصورة المختلطة في 24 من يوليه سنة 1930: 16 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً لأحمد حلمي رخا شائعة في 125 فداناً و20 قيراطاً و14 سهماً مملوكة للمرحوم أحمد رخا بك مشاعاً هو وشركائه. وعقب ذلك رفع المشتري أمام محكمة المنصورة المختلطة على الشركاء دعوى قسمة طلب فيها فرز وتجنيب ما رسا مزاده عليه انتهت بأن خصه 15 فداناً و18 قيراطاً و12 سهماً تسلمها في 18 من سبتمبر سنة 1934. ثم رفع الدعوى رقم 47 سنة 1935 أمام محكمة المنصورة الابتدائية على الورثة طالبهم فيها متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 800 جنيه قيمة ريع الأرض و14 جنيهاً قيمة أموال أميرية دفعها عنهم. وفي 17 من ديسمبر سنة 1935 قضت المحكمة بإلزام الورثة متضامنين بأن يدفعوا له 270 جنيهاً والمصاريف المناسبة ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف مصطفى منيب أفندي الحكم بالاستئناف رقم 464 سنة 53 قضائية طالباً تعديله والحكم له بطلباته. واستأنفه كذلك المحكوم عليهم بالاستئناف رقم 696 سنة 53 قضائية طالبين إلغاءه. وقضت محكمة استئناف مصر تمهيدياً في 30 من ديسمبر سنة 1936 بندب خبير زراعي لمعاينة الأرض المخلفة عن المورّث أحمد رخا والبحث فيمن كان يضع اليد عليها من تاريخ حكم رسوّ المزاد في 24 من يوليه سنة 1930 لغاية 18 من سبتمبر سنة 1934 تاريخ تسلم مصطفى منيب أفندي القدر الذي اختص به في القسمة مع بيان مقدار وضع يد كل من الورثة في خلال هذه المدّة وهل مقدار وضع يد كل واحد منهم يوازي نصيبه في هذه الأطيان أو يختلف عنه. وبالجملة يبين تحت يد من كانت الحصة التي يملكها أحمد حلمي رخا. وفي 24 من يناير سنة 1939 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام كل من أحمد حلمي رخا (مورّث المطعون ضدّها الثانية) والشيخ محمد أحمد رخا (الطاعن) بأن يدفعا إلى مصطفى منيب أفندي (المطعون ضدّه الأوّل) بطريق التضامن مبلغ 534 جنيهاً و200 مليم مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة وإخراج باقي الخصوم من الدعوى بلا مصاريف. طعن الشيخ محمد أحمد رخا في هذا الحكم بطريق النقض. وفي 23 من نوفمبر سنة 1939 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف مصر لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى وألزمت مصطفى منيب أفندي بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقيد ذلك الطعن برقم 27 سنة 9 قضائية.
جدّد مصطفى منيب أفندي استئنافه أمام محكمة الإحالة وطلب أصلياً إلزام المستأنف عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 534 جنيهاً و200 مليم واحتياطياً إلزام الشيخ محمد أحمد رخا (الطاعن) والمطعون ضدّها الثانية من مال مورّثها بالتضامن بينهما بأن يدفعا له هذا المبلغ. وفي 26 من ديسمبر سنة 1940 رفع الطاعن استئنافاً فرعياً قيد برقم 265 سنة 58 قضائية طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وفي أوّل يناير سنة 1941 رفع ورثة المرحوم أحمد حلمي رخا أفندي (المطعون ضدّها الثانية) استئنافاً فرعياً آخر قيد برقم 253 سنة 58 قضائية، طالبين تعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 135 جنيهاً وإلزامهم منه بمبلغ 5 جنيهات و340 مليماً وإلزام المستأنف عليهم من الثاني إلى السادسة بالباقي، كل بقدر وضع يده يدفعونه للمطعون ضدّه الأوّل مع المصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وقد ضم هذان الاستئنافان الفرعيان للاستئنافين الأصليين. ثم قضت المحكمة في 15 من إبريل سنة 1941 بعدم قبول تجديد السير في الدعوى بالنسبة لكل من الشيخ مصطفى رخا وحامد رخا وفاطمة رخا وسكينة رخا (المستأنفين أصلياً في الاستئناف رقم 696 سنة 53 قضائية). وفي موضوع الاستئنافات الثلاثة الأخرى بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشيخ محمد أحمد رخا بأن يدفع إلى مصطفى منيب أفندي مبلغ 503 جنيهات و600 مليم والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وألف قرش أتعاباً للمحاماة عنهما، وإلزام مصطفى منيب أفندي بالمصاريف المناسبة لمبلغ 30 جنيهاً و600 مليم من مصاريف استئناف الشيخ محمد أحمد رخا وكامل مصاريف استئناف ورثة أحمد حلمي رخا ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 11 من سبتمبر سنة 1941 فقرّر الطعن فيه بطريق النقض في 11 من أكتوبر سنة 1941 بتقرير أعلن للمطعون ضدّهما في 11 و16 من ذلك الشهر... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما اشتملت عليه أوجه الطعن أن محكمة الاستئناف ارتكنت في قضائها بإلزام الطاعن بالريع على شهادة شهود سمعوا أمام الخبير ولم يحلفوا اليمين القانونية فلا يمكن أن تكون شهادتهم وحدها سبباً للحكم على الطاعن. لأن شرط الشهادة اليمين فإذا لم تؤد أمام المحكمة كان لشهادة الشهود قيمة استثنائية فقط يجب للأخذ بها أن يعززها دليل آخر وهو ما لم يتوافر في الحكم المطعون فيه إذ أجمل الحكم الأدلة ثم أخذ في تفصيلها فلم يتناول سوى شهادة الشهود. أما غيرها من المستندات والمذكرات ومحاضر أعمال الخبير وتقريره فلم يشر إليها إلا إجمالاً وهي لا تحوي شيئاً يؤدّي إلى النتيجة التي وصلت إليها.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حين عرض للنزاع القائم بين الطرفين قال: "حيث إنه عن الموضوع فإن النقطة الفاصلة فيه هي معرفة من الذي وضع اليد على القدر المطالب بريعه ومن الذي انتفع بهذا الريع من تاريخ نزع الملكية إلى تاريخ استلامه بمعرفة المدعي. وحيث إن هذه المحكمة بعد أن اطلعت على ملف الدعوى وما اشتمل عليه من مستندات ومذكرات وتقرير الخبير ومحاضر أعماله وشهادة الشهود أمامه تبين لها بجلاء أن محمد أحمد رخا (الطاعن) دون سواه هو الذي كان واضعاً يده على نصيب أخيه أحمد حلمي رخا الذي رسا مزاده على البكباشي مصطفى منيب أفندي وهو الذي انتفع به فعلاً......". ثم أخذ الحكم في تدعيم ما قاله بما قرّره الشهود أمام الخبير واستخلص من أقوالهم خلاف ما ذكره الخبير في تقريره بناء عليها من أن محمد أحمد رخا وأحمد حلمي رخا كانا معاً واضعي اليد على أرض النزاع.
وحيث إنه يبين مما تقدّم أن محكمة الموضوع أشارت إلى مصادر الأدلة التي استندت إليها إجمالاً دون بيان لما كوّن لديها منها ما اقتنعت به، ثم انتقلت إلى تقرير أهل الخبرة فخصته بالذكر قاصرة كلامها في هذا الصدد على ما قرّره الشهود لدى الخبير.
وحيث إن مجرّد الإشارة إلى مصادر اقتناع المحكمة من مستندات ومذكرات وتقرير خبير الدعوى - كما سلك الحكم المطعون فيه - ليس إلا إبهاماً في إيراد الأدلة لا سبيل معه إلى تعرّف ما كوّن لدى المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها من مختلف هذه الأوراق وما اشتملت عليه من أخذ ورد ودفاع ومدافعة وغير ذلك، ولا إلى التحقيق من أن ما عوّلت عليه مما يمكن عدّه دليلاً قانونياً يصح تأسيس الحكم عليه. وفي هذا من إعجاز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون ما يجعل الحكم غير مسبب تسبيباً قويماً من هذه الناحية.
وحيث إنه من جهة أخرى فإن التحقيق الذي يسوغ للمحكمة أن تتخذه سنداً أساسياً في حكمها هو التحقيق الذي تجريه وفق أحكام القانون المفصلة في المادة 177 وما يليها من قانون المرافعات. فقد تضمنت هذه الأحكام وجوب حصول التحقيق أمام المحكمة ذاتها أو أحد القضاة الذي تندبه خصيصاً لذلك. كما أوجبت تحليف الشاهد اليمين متى زادت سنه على أربع عشرة سنة. وجاءت كفيلة ببيان القواعد والإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق. أما ما يكون من الخبير من سماع شهود بترخيص من المحكمة فلا يمكن والحالة هذه عدّه تحقيقاً بالمعنى القانوني يصح للمحكمة أن تستمد منه وحده اقتناعها وتتخذه دليلاً تبني عليه حكمها، بل هو لا يعدو أن يكون عنصراً من العناصر التي يستهدي بها الخبير في أداء مهمته على الوجه الأكمل. ولذا فقد نصت المادة 228 من قانون المرافعات على عدم تحليف الخبير الشهود اليمين. وعلى هذا الاعتبار يكون تقدير المحكمة لأقوال هؤلاء الشهود على أساس انضمامها إلى غيرها من الأعمال التي نيط بالخبير أداؤها في دائرة مهمته الفنية أو معاينته الشخصية للماديات التي أرادت المحكمة الاستعانة به على كشف حقيقتها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إجمالاً إلى المصادر التي استقت منها محكمة الموضوع اقتناعها كما سلف أتى ببعض البيان عن تقرير خبير الدعوى من ناحية ما قرّره الشهود لديه من الأقوال، واستمد منها وحدها ما اقتنعت به المحكمة في الدعوى. والحكم إذ فعل ذلك يكون قد أسبغ على التحقيق الذي أجراه الخبير قيمة التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها فخالف بذلك حكم القانون.
وحيث إنه لما تقدّم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباً بالبطلان طبقاً للمادة 103 من قانون المرافعات وهو ما يقتضي نقضه مع إحالة الدعوى إلى محكمة استئناف مصر لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.

الطعن 36 لسنة 46 ق جلسة 25 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 68 ص 338

جلسة 25 من يناير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين د. إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.

---------------

(68)
الطعن رقم 36 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1) حكم "بيانات الحكم". نيابة عامة. بطلان. أحوال شخصية.
إغفال اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية. لا بطلان. كفاية إثبات الحكم إبداء النيابة رأيها. م 178 مرافعات.
(2) قانون. أحوال شخصية "ولاية على المال".
القرارات والأوامر الصادرة في دعاوى الأحوال الشخصية. الولاية على المال. طرق الطعن فيها. خضوعها للقواعد العامة للطعن في الأحكام. علة ذلك.
(3) أحوال شخصية "ولاية على المال". حكم "الطعن في الأحكام". استئناف. بيع.
مشتري العقار من المحجور عليه. لا صفة له في استئناف حكم الحجر الصادر ضد البائع له. علة ذلك. لا محل لإعمال ما كان يقضي به قانون المجالس الحسبية من جواز ذلك.
(4) حكم "الطعن في الحكم". استئناف. "الاستئناف الفرعي".
الحكم بعدم جواز الاستئناف الأصلي. أثره. وجوب الحكم بعدم جواز الاستئناف الفرعي. علة ذلك. تعلق ذلك بالنظام العام.

---------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم وفق المادة 178/ 1 من قانون المرافعات وكانت النيابة قد أبدت رأيها في القضية أمام المحكمة الاستئنافية وأثبت ذلك في الحكم المطعون فيه فإن النعي يكون على غير أساس.
2 - أبقت المادة الأولى من قانون إصدار تقنين المرافعات القائم على نصوص الكتاب الرابع من قانون المرافعات السابق المضاف بالقانون رقم 126 لسنة 1951 فيما عدا المواد من 859 حتى 867 الواردة بالفصل الأول من الباب الأول منه، ومفاد ذلك أن الأحكام الواردة بالكتاب الرابع المشار إليه تصبح جزءاً مكملاً لقانون المرافعات، ومقتضى ذلك تطبيق ما يتضمنه هذا القانون من أحكام عامة على الدعاوى التي نظمتها النصوص المضافة في كل ما لم يرد بشأنه نص جديد مخالف لتلك الأحكام دون حاجة إلى النص على الإحالة إليها، ومؤدى المادة 1017 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الخاص بالقرارات والأوامر وطرق الطعن فيها الواردة بالكتاب الرابع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن يجرى على القرارات والأوامر الصادرة من محاكم الولاية على المال ما يسري على الأحكام القضائية بالنسبة لطرق الطعن فيما لم يرد به نص خاص، لما كان ذلك وكان الكتاب الرابع سالف الذكر لم يرد به نص خاص ببيان من يجوز له الطعن بطريق الاستئناف على القرارات والأوامر الصادرة في مسائل الولاية على المال مما يترتب عليه وجوب أعمال الأحكام العامة الواردة بقانون المرافعات في هذا الخصوص.
3 - مؤدى المادة 211 من قانون المرافعات أنه يشترط في الخصم الذي يحق له الطعن في الحكم أن تكون له صفة لا تتوافر إلا إذا كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه سواء بشخصه أو بمن ينوب عنه، ولا يكفي أن تكون له مصلحة في إلغاء الحكم أو تعديله وكانت الخصومة تتحدد في الاستئناف بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات في الدعوى إليه، وإذ كان الثابت من واقع الدعوى أن الطاعن الأول لم يكن على أي وجه طرفاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى فإن استئنافه للقرار الصادر فيها بتوقيع الحجر على الطاعن الثاني يكون غير جائز ولا يسوغ القول بأن قضاء الولاية على المال جرى على إباحة الطعن للمشتري ممن رقع الحجر عليه، أو أن ذلك كان حائزاً بمقتضى المادة 13/ 2 من قانون المجالس الحسبية الصادر في 13/ 10/ 1925 والتي كانت تبيح للنيابة العامة ولكل ذي شأن أن يستأنف إلى المجلس الحسبي العالي أي قرار صادر من المجالس الحسبية في طلبات توقيع الحجر أو رفعه، وقد ألغى هذا الحكم بالمادة 94 من القانون رقم 99 لسنة 1947 بشأن المحاكم الحسبية والتي قصرت رفع الاستئناف على الأحكام الصادرة في المواد الحسبية من النيابة العامة ومن المحكوم ضده ليس غير، ثم ألغيت هذه المادة بالقانون رقم 126 لسنة 1951.
4 - تجيز المادة 237 من قانون المرافعات رفع الاستئناف الفرعي بعد فوات ميعاد الاستئناف بحيث يعتبر تابعاً للاستئناف الأصلي يدور معه وجوداً وعدماً ويزول بزواله في جميع الأحوال، وإذ كان الاستئناف الأصلي المرفوع من الطاعن الأول غير جائز، فإن الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن الثاني يكون غير جائز كذلك، وهو أمر متعلق بالنظام العام للتقاضي يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي به ولو من تلقاء نفسها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه قدم لنيابة طنطا الكلية للأحوال الشخصية طلب بتوقيع الحجر على شقيقه الطاعن الثاني للسفه والغفلة وتعيينه قيماً عليه، وقال بياناً لطلبه أن المطلوب الحجر عليه أخذ يتصرف في أملاكه على غير مقتض العقل والشرع، وقد تصرف بالبيع في أحد عشر فداناً بطنطا عن الأول وثمانية عشر قيراطاً لآخر دون أن يقتض من أيهما ثمناً، مما يوجب توقيع الحجر عليه للسفه والغفلة؛ وبعد أن حققت النيابة الطلب قدمته إلى محكمة طنطا الابتدائية وقيد برقم 25 ( ) سنة 1971 "أحوال شخصية مال"؛ وبتاريخ 4/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بتوقيع الحجر على الطاعن الثاني للسفه والغفلة وتعيين المطعون عليه قيماً بلا أجر، استأنف الطاعن الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 18 لسنة 24 ق "أحوال شخصية مال طنطا"؛ كما استأنفه الطاعن الثاني بالاستئناف الفرعي رقم 2 لسنة 26 ق. "أحوال شخصية مال طنطا" وطلب كل منهما إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبتاريخ 10/ 6/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئنافين الأصلي والفرعي. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض؛ وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر؛ وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان لخلوه من بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن النعي مردود؛ ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم وفق المادة 178/ 1 من قانون المرافعات وكانت النيابة قد أبدت رأيها في القضية أمام المحكمة الاستئنافية وأثبت ذلك في الحكم المطعون فيه فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن الطاعن الأول لم يكن طرفاً في الدعوى أمام محكمة أول درجة فلا يجوز له الطعن على حكمها بطريق الاستئناف بالتطبيق للمادة 211 من قانون المرافعات؛ ورتب على ذلك عدم جواز الاستئناف الفرعي الذي أقامه الطاعن الثاني باعتباره تابعاً للاستئناف الأصلي في حين أن الطاعن الأول اشترى بعض أموال المحجور عليه؛ ومن حقه الدفاع عما يضر بمصلحته، مما يسوغ له باعتباره، من ذوي الشأن أن يستأنف الحكم الصادر بتوقيع الحجر على البائع له وهو وضع خاص جرى عليه قضاء الولاية على المال، وبالتالي يكون الاستئناف الفرعي جائزاً، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من قانون إصدار تقنين المرافعات القائم على نصوص الكتاب الرابع من قانون المرافعات السابق المضاف بالقانون رقم 126 لسنة 1951 فيما عدا المواد من 859 حتى 867 الواردة بالفصل الأول من الباب الأول منه، وكان مفاد ذلك أن الأحكام الواردة بالكتاب الرابع المشار إليه تصبح جزءاً مكملاً لقانون المرافعات، وكان مقتضى ذلك تطبيق ما يتضمنه هذا القانون من أحكام عامة على الدعاوى التي نظمتها النصوص المضافة في كل ما لم يرد بشأنه نص جديد مخالف لتلك الأحكام دون حاجة إلى النص على الإحالة إليها، وكان مؤدى المادة 1017 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الخاص بالقرارات والأوامر وطرق الطعن فيها الواردة بالكتاب الرابع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن يجرى على القرارات والأوامر الصادرة من محاكم ولاية على المال ما يسري على الأحكام القضائية بالنسبة لطرق الطعن فيما لم يرد به نص خاص. لما كان ذلك وكان الكتاب الرابع سالف الذكر لم يرد به نص خاص ببيان من يجوز له الطعن بطريق الاستئناف على القرارات والأوامر الصادرة في مسائل الولاية على المال مما يترتب عليه وجوب أعمال الأحكام العامة الواردة بقانون المرافعات في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، وكان مؤدى المادة 211 من قانون المرافعات أنه يشترط في الخصم الذي يحق له الطعن في الحكم أن تكون له صفة لا تتوافر إلا إذا كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه سواء بشخصه أو بمن ينوب عنه، ولا يكفي أن تكون له مصلحة في إلغاء الحكم أو تعديله وكانت الخصومة تتحدد في الاستئناف بالأشخاص الذين كانوا مختصين أمام محكمة الدرجة الأولى، كان المناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات في الدعوى إليه، وكان الثابت من واقع الدعوى أن الطاعن الأول لم يكن - على أي وجه - طرفاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى، فإن استئنافه للقرار الصادر فيها بتوقيع الحجر على الطاعن الثاني يكون غير جائز. لما كان ما تقدم، وكانت المادة 237 من قانون المرافعات تجيز رفع الاستئناف الفرعي بعد فوات ميعاد الاستئناف بحيث يعتبر تابعاً للاستئناف الأصلي يدور معه وجوداً وعدماً، ويزول بزواله في جميع الأحوال، وكان الاستئناف الأصلي المرفوع من الطاعن الأول - وعلى ما سلف البيان - غير جائز، فإن الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن الثاني يكون غير جائز كذلك، وهو أمر متعلق بالنظام العام لتقاضي يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي به ولو من تلقاء نفسها ولا يسرى القول بأن قضاء الولاية على المال جرى على إباحة الطعن للمشتري ممن وقع الحجر عليه، إذ أن ذلك كان جائزاً بمقتضى المادة 13/ 2 من قانون المجالس الحسبية الصادر في 13/ 10/ 1925 والتي كانت تتيح للنيابة العامة ولكل ذي شأن أن يستأنف إلى المجلس الحسبي العالي أي قرار صادر من المجالس الحسبية في طلبات توقيع الحجر أو رفعه، وقد ألغى هذا الحكم بالمادة 94 من القانون رقم 99 لسنة 1947 بشأن المحاكم الحسبية والتي قصرت رفع الاستئناف عن الأحكام الصادرة في المواد الحسبية من النيابة العمومية ومن المحكوم ضده ليس غيره ثم ألغيت هذه المادة بالقانون رقم 126 لسنة 1951 وعلى ما سلف بيانه - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف الأصلي لأن الطاعن الأول لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى، ورتب على ذلك قضاءه بعدم جواز نظر الاستئناف الفرعي الذي أقامه الطاعن الثاني فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 63 لسنة 11 ق جلسة 14 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 158 ص 445

جلسة 14 مايو سنة 1942

برياسة حضرة علي حيدر حجازي بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------

(158)
القضية رقم 63 سنة 11 القضائية

عقد. تصرف. 

استظهار حقيقة التصرف من وقائع الدعوى وظروفها. سلطة محكمة الموضوع في ذلك. ألفاظ العقد. لا تتقيد بها المحكمة.
(المادة 138 مدني)

-------------
إذا كان الحكم قد استظهر حقيقة التصرف المتنازع عليه من عدّة عناصر فصّلها في أسبابه استنتج منها أن العقار لم يخرج عن حيازة المتصرف حتى وفاته، وأن التصرف لم يدفع عنه ثمن، وأن العقد الصادر به عرفي ولم يسجل فهو لذلك تبرع مضاف إلى ما بعد الموت فيكون باطلاً، فإن هذه النتيجة مستساغة من مقدّماتها. ولا يؤثر في صحة هذا الحكم عدم أخذ المحكمة بمدلول ألفاظ العقد، لأن من حق قاضي الدعوى أن يقول بحقيقة ما قصده العاقدان في العقد بناء على ما يستظهره من وقائع الدعوى وملابساتها ولو كان ذلك يخالف المكتوب.

الطعن 253 لسنة 47 ق جلسة 6 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 82 ص 427

جلسة 6 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا ومحمد زغلول عبد الحميد.

----------------

(82)
الطعن رقم 253 لسنة 47 القضائية

دعوى "شطب الدعوى". قوة قاهرة.
اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يطلب أحد الخصوم السير فيها خلال 60 يوماً بعد شطبها. اعتباره من مواعيد السقوط. وقوف هذا الميعاد عند تحقق القوة القاهرة. السفر للخارج للعلاج لا يعد كذلك.

---------------
من المقرر أن اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا بقيت مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها - وهو الجزاء المنصوص عليه في المادة 82 من قانون المرافعات - هو من قبيل سقوط الخصومة وزوالها بسبب عدم قيام المدعي بنشاطه اللازم لسيرها، ومنه أن ميعاد الستين يوماً يعد من مواعيد السقوط التي تقف إذا تحققت قوة قاهرة، إذ ليس من العدالة أن يقضى بالسقوط إذا حدثت واقعة عامة لا إرادة للخصم فيها ولا قبل له بدفعها منعته من طلب السير في الدعوى، وقد التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر حين خلص بأسباب سائغة إلى أن السفر للخارج للعلاج من مرض لا يفقد المريض به أهليته للتقاضي ولا يصيبه بالعجز عن تصريف شئونه أو التعبير عن إرادته في تكليف من ينوب عنه في طلب السير في الدعوى لا يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف ميعاداً حتمياً يترتب على مخالفته جزاء السقوط.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1616 لسنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن بغية الحكم عليه في مواجهة الثانية بأن يؤدي إليها مبلغ 1800 ج والفوائد القانونية حتى السداد، وبجلسة 23/ 5/ 1973 قضت محكمة أول درجة إلزام الطاعن في مواجهة الأخرى بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 1158ج و927 م فاستأنفت الطاعن والمحكوم في مواجهتها هذا الحكم بالاستئناف رقم 4912 لسنة 90 ق القاهرة. وبجلسة 27/ 5/ 1976 قررت المحكمة شطب الاستئناف فقام الطاعن بتجديد السير فيه بصحيفة أودعت قلم الكتاب في 22/ 8/ 1976 تحددت فيها لنظره جلسة 13/ 12/ 1976 ثم قصر الأجل بناء على طلب المطعون ضدها لجلسة 15/ 11/ 1976 وتم إعلان المستأنفين بصحيفة التقصير في 11/ 11/ 1976 وبها دفعت المطعون ضدها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تجديده من الشطب خلال ستين يوماً، وتأجل نظره لجلسة 13/ 12/ 1976 لتقديم أصل صحيفة التجديد وبها صممت المطعون ضدها على دفعها، وبجلسة 29/ 12/ 1976 قضت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانه يقول إنه رد على الدفع باعتبار استئنافه كأن لم يكن لعدم تجديده من الشطب خلال ستين يوماً بأنه كان خارج البلاد في فترة الشطب للعلاج من انفصال شبكي وقام بتجديد السير في الاستئناف فور عودته بما يشكل قوة قاهرة لوقف مواعيد السقوط ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بدفاعه وذهب إلى أن سفره للعلاج لا يفقده أهلية التقاضي ولا يحول بينه وبين توكيل من ينوب عنه في تجديد السير في الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر أن اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا بقيت مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها - وهو الجزاء المنصوص عليه في المادة 82 من قانون المرافعات - هو من قبيل سقوط الخصومة وزوالها بسبب عدم قيام المدعي بنشاطه اللازم لسيرها، ومنه أن ميعاد الستين يوماً يعد من مواعيد السقوط التي تقف إذا تحققت قوة قاهرة، إذ ليس من العدالة أن يقضى بالسقوط إذا حدثت واقعة عامة لا إرادة للخصوم فيها ولا قبل له بدفعها منعته من طلب السير في الدعوى، وقد التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر حين خلص بأسباب سائغة إلى أن السفر إلى الخارج للعلاج من مرض لا يفقد المريض به أهليته للتقاضي ولا يصيبه بالعجز عن تصريف شئونه أو التعبير عن إرادته في تكليف من ينوب عنه في طلب السير في الدعوى ولا يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف ميعاداً حتمياً يترتب على مخالفته جزاء السقوط.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الإخلال بحق الدفاع وفي بيانه يقول الطاعن أن المحكمة لم تجبه إلى ما طلبه من إعادة الدعوى للمرافعة حتى يتمكن من تقديم مذكرة شارحة لما أبداه رداً على الدفع، وقضت بقبوله فأخلت بحقه في الدفاع مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هي أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع ويدخل في إطلاقاتها وبالتالي فهي ليست ملزمة بإجابة طلب الإعادة أو الإشارة إليه في حكمها طالما أنها مكنت طالبه من إبداء دفاعه. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 62 لسنة 11 ق جلسة 14 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 157 ص 444

جلسة 14 مايو سنة 1942

برياسة حضرة علي حيدر حجازي بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

----------------

(157)
القضية رقم 62 سنة 11 القضائية

(أ) نقض وإبرام. 

رفع الدعوى على الطاعن وآخرين. صدور الحكم فيها على الأساس الذي رفعت به. إنكار المطعون ضدّه (رافع الدعوى) مصلحة المدّعى عليهم وطلبه بناء على ذلك رفض الطعن. لا يصح.
(ب) دعوى. 

شكل الدعوى. تحديد صفة المدّعي في الخصومة. سند ثبوت هذه الصفة. تبعية العين المتنازع عليها لجهة غير الجهة التي يخاصم عنها المدّعي. لا تعلق لذلك بصفة المدّعي ولا تأثير له في اعتبارها.
(جـ) تسجيل. 

السندات المقرّرة للحقوق العينية التي كان واجباً تسجيلها قبل صدور قانون التسجيل. عقود القسمة.
(د) وضع يد. 

تغيير الصفة. عمل مادّي أو قضائي مجابه لصاحب الحق. محتكر. بيع العين دون الإشارة في العقد إلى أنها محكرة. لا يعتبر تغييراً في الصفة.
(المادة 79 مدني)

---------------
1 - إذا كانت المطعون ضدّها هي التي رفعت الدعوى على الطاعنين وآخرين وطلبت الحكم عليهم بتثبيت ملكيتها لعقار دون أن تعين مقدار ما ينازع فيه كل منهم، ثم صدر الحكم ضدّ المدّعى عليهم على الأساس المرفوعة به الدعوى، فلا يكون لها، وقد اعتبرتهم أصحاب مصلحة، أن تنكر عليهم مصلحتهم في الدعوى بعد صدور الحكم، ثم تطلب بناء على ذلك رفض الطعن المرفوع منهم.
2 - إذا كانت وزارة الأوقاف قد عينت الوقف الذي هو الأصيل في الدعوى وحدّدت صفتها التي تخوّلها النيابة عنه في الخصومة فلا يؤثر في اعتبار صفتها أن يكون السند الذي اعتمدت عليه في ثبوتها قد صدر بعد حجة الوقف، ولا القول بتبعية العين لوقف آخر غير الذي أقامت الدعوى بالنيابة عنه، لأن البحث في ذلك يكون من صميم موضوع الدعوى ولا تعلق له بصفة المدّعي في رفعها.
3 - إن القانون المدني حتى صدور قانون التسجيل في سنة 1923 لم يكن يشترط تسجيل ما عدا عقود القسمة من السندات المقرّرة للحقوق العينية.
4 - إن تغيير الصفة في وضع اليد لا يكون إلا بعمل مادّي أو قضائي مجابه لصاحب الحق. وإذن فإذا باع المحتكر العين دون أن يشير في العقد إلى أنها محكرة فذلك منه لا يعدّ تغييراً في الصفة لأنه لم يحصل في مواجهة الوقف.

الطعن 1007 لسنة 46 ق جلسة 6 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 81 ص 423

جلسة 6 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي؛ أمين طه أبو العلا؛ محمد زغلول عبد الحميد والدكتور منصور وجيه.

-----------------

(81)
الطعن رقم 1007 لسنة 46 القضائية

تأمين "التأمين الإجباري". مسئولية.
التأمين الإجباري من حوادث سيارات النقل. سريانه لصالح الراكبين المصرح بركوبهما بجوار قائد السيارة. عدم امتداد التأمين لغيرهما من الراكبين في صندوق السيارة.

-------------
إذ كان لا خلاف على ركوب القتيل في صندوق السيارة المعدة لنقل البضائع كما لا خلاف على مطابقة وثيقة التأمين للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 والصادر تنفيذاً للمادة الثانية من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري وكانت هذه الوثيقة في شرطها الأول تنص على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارة المؤمن عليها.. ويسري هذا الالتزام لصالح الغير من حوادث السيارات أياً كان نوعها ولصالح الركاب أيضاً من حوادث سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المصرح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ما لم يشملها التأمين المنصوص عليه في القوانين 86 لسنة 1942 و117 لسنة 1950. ولما كان قرار وزير الداخلية المنفذ للقانون واجب التطبيق "القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور" قد أوجب في المادة 51 منه تخصيص 50 سم من مقعد "كابينة" سيارة النقل لجلوس القائد و40 سم لكل من الشخصين المصرح بركوبهما بجواره مما مؤداه أن الراكبين اللذين يفيدان من التأمين هما المسموح بركوبهما إلى جوار القائد في مقعد "الكابينة" وإن من خلاهما لا يصدق عليه وصف الراكب ولا يمتد إليه نطاق التأمين (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4221 لسنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة طلباً لحكم يلزم المطعون ضدها أن تؤدي إليها تعويضاً عما لحقها من ضرر بقتل ولدها يوم 14 مارس سنة 1973 في سيارة مؤمن من مخاطرها لديها، وكانت السيارة وهي معدة لنقل البضائع تقل القتيل وعشرات من العمال في صندوقها عندما انقلبت في منحدر وقتل ثلاثة من ركابها. رفضت محكمة أول درجة الدعوى بحكم استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 2662 سنة 93 ق القاهرة وفيه قضى بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً. طعنت الطاعنة على هذا القضاء بطريق النقض وأودعت المطعون ضدها مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن كما أودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ورفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع بالبطلان يقوم على إعلان صحيفة الطعن إلى المطعون ضدها في غير مركزها الرئيسي بالإسكندرية.
وحيث إنه وقد تم الإعلان في الميعاد وحضر في الطعن من يمثل المطعون ضدها وقدم مذكرة بدفاعها ولم يبين وجه المصلحة في التمسك بالبطلان فإن الدفع وأياً كان وجه الرأي في الإعلان يغدو غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بأول أوجه الطعن خطأ تأييده الحكم المستأنف فيما ذهب إليه من أن التأمين من مخاطر سيارة النقل لا يشمل غير الراكبين المسموح بركوبهما إلى جوار السائق في "كابينة القيادة" مما هو تخصيص بغير مخصص من قانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه لما كان لا خلاف على ركوب القتيل في صندوق السيارة المعدة لنقل البضائع كما لا خلاف على مطابقة وثيقة التأمين للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 والصادر تنفيذاً للمادة الثانية من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري وكانت هذه الوثيقة في شرطها الأول تنص على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارات المؤمن عليها... ويسري هذا الالتزام لصالح الغير من حوادث السيارة أياً كان نوعها ولصالح الركاب أيضاً من حوادث سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ما لم يشملهما التأمين المنصوص عليه في القوانين أرقام 86 لسنة 1942 و117 لسنة 1950 "ولما كان قرار وزير الداخلية المنفذ للقانون واجب التطبيق" والقانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور "قد أوجب في المادة 51 منه تخصيص 50 سم من مقعد "كابينة" سيارة النقل لجلوس القائد و40 سم لكل من الشخصين المصرح بركوبهما بجواره مما مؤداه أن الراكبين اللذين يفيدان من التأمين هما المسموح بركوبهما إلى جوار القائد في مقعد "الكابينة" وأن من خلاهما لا يصدق عليه وصف الراكب ولا يمتد إليه نطاق التأمين وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا عليه من النعي بهذا الوجه.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم بالوجهين الثاني والثالث مخالفة المواد 16 و17 و19 من القانون رقم 652 لسنة 1955 والمادتين 5 و6 من قرار وزير المالية والاقتصاد الصادر تنفيذاً لهذا القانون وذلك فيما توليه هذه المواد للمضرور من حق مباشر على المؤمن لا يتأثر بما قد يكون لهذا الأخير من دفوع قبل المؤمن له ناشئة عن مخالفة شروط الوثيقة أو الغرض المعدة له السيارة أو المسموح به من الركاب مما محله الرجوع بينهما بدعوى على حدة.
وحيث إنه وقد تبين أن الحادث لا يخضع للتأمين ولا تشمله وثيقته فليس من وجه لما يثار من أحوال رجوع المؤمن على المؤمن له فيما يفترض وقوع الحادث في نطاق التأمين بفعل هذا الأخير غشاً كان أو إخلالاً مما لا يكون معه الحكم في إطراحه هذا الدفاع قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


(1) قارن نقض 36/ 10/ 1978 مجموعة المكتب الفني السنة 29 ص.
ونقض 4/ 12/ 1978 مجموعة المكتب الفني السنة 29 ص 1936.

الطعن 59 لسنة 11 ق جلسة 14 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 156 ص 436

جلسة 14 مايو سنة 1942

برياسة حضرة علي حيدر حجازي بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

----------------

(156)
القضية رقم 59 سنة 11 القضائية

(أ) تعويض. 

الجمع بين قانون إصابات العمل وأحكام القانون العام في المطالبة بتعويض الضرر المدّعى به. لا يجوز. مجال تطبيق القانون الأوّل. طلب التعويض بناء على القانون الأوّل ثم طلب تعويض بناء على قواعد المسئولية العامة باعتبارهما طلبين أصليين. استبعاد المحكمة تطبيق القانون الخاص. وجوب النظر في الطلب المؤسس على القانون العام.
(ب) مسئولية مدنية. 

مساءلة المخدوم عن الضرر الذي يصيب الغير بفعل الخادم. أساسها ومناطها. صورة واقعة. عمال في مصنع. قتلهم أحد الموظفين بهذا المصنع.
(قانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 1936 والمادة 152 مدني)

-----------------
1 - لا يجوز الجمع بين أحكام قانون إصابات العمل، باعتباره من القوانين الخاصة، وأحكام القانون العام في المطالبة بتعويض الضرر المدّعى به. لأن القانون الأوّل مجال تطبيقه الأحوال التي أراد فيها المشرع أن يرعى جانب العامل، نظراً لمخاطر العمل، بعدم تحميله عبء إثبات خطأ صاحب العمل أو تقصيره عند المطالبة بالتعويض. فإذا ما لجأ العامل إلى أحكام هذا القانون واتخذها سنداً له في طلب التعويض فإنه لا يصح له بمقتضى المادة الرابعة أن يتمسك بأي قانون آخر ضدّ صاحب العمل ما لم يكن الحادث المطلوب عنه التعويض قد نشأ عن خطأ فاحش. ولكن إذا كان المدّعي بنى طلب التعويض على قانون إصابات العمل، ثم طالب بتعويض بناء على قواعد المسئولية العامة، وطلب الحكم له بالتعويضين على اعتبار أنهما طلبان أصليان، فاستبعدت المحكمة تطبيق قانون إصابات العمل، فإنه يكون من المتعين عليها مع ذلك أن تنظر في الطلب المؤسس على القانون العام.
2 - إن المادة 152 من القانون المدني تقتضي لمساءلة المخدوم أن يكون الضرر الذي أصاب الغير ناشئاً عن فعل الخادم في حالة تأدية وظيفته (en exerçant ses fonctions) تلك العبارة التي يقابلها في المادة 1384 من القانون الفرنسي (dans les fonctions auquelles ils les ont employés). والعبارتان مؤدّاهما واحد، ولا فرق بينهما إلا من حيث إن النص في القانون المصري قد لوحظ فيه دقة التعبير عن المعنى المقصود. والمادة المذكورة إذ جعلت المسئولية تتعدّى إلى غير من أحدث الضرر قد جاءت استثناء من القاعدة العامة التي مقتضاها، بناء على المادة 151 من القانون المدني، أن الذي يلزم بالتعويض هو محدث الضرر. وهذا الاستثناء - على كثرة ما قيل في صدد تسويغه - أساسه أن شخصية المتبوع تتناول التابع بحيث يعتبران شخصاً واحداً. لذلك يكون من المتعين عدم الأخذ بهذا الاعتبار إلا في الحدود المرسومة في القانون وهي أن يكون الضرر واقعاً من التابع أثناء قيامه بوظيفته. وهذا النوع من المسئولية وإن كان محل خلاف أيضاً من حيث وجوب وجود أو عدم وجود علاقة اتصال بين الفعل الضارّ والوظيفة التي وقع أثناء القيام بها إلا أنه لا جدال في أن الحادث الموجب للمسئولية يجب أن يكون قد وقع من التابع في وقت لم يكن قد تخلى فيه عن عمله عند المتبوع فتكون الصلة بينهما قد انقطعت ولو مؤقتاً ويصبح التابع حراً يعمل تحت مسئوليته وحده. ذلك لأن مسئولية المتبوع أساسها ما له من حق إصدار الأوامر والتعليمات إلى تابعه وما عليه من ملاحظته إياه في القيام بعمله. فإذا انعدم هذا الأساس فلا يكون التابع قائماً بوظيفته ولا يكون المتبوع مسئولاً عن تصرفه. وإذن فإذا كان الثابت بالحكم أن حادث القتل المطلوب التعويض عنه قد وقع خارج المصنع الذي يشتغل فيه القتيل، وفي غير أوقات العمل، وأن مرتكبيه من عمال المصنع قد دبروه فيما بينهم خارج المصنع أيضاًً عشية وقوعه، فلا يصح اعتبار أنهم ارتكبوه أثناء تأدية وظيفتهم لدى صاحب المصنع، وبالتالي لا يصح إلزامه بالتعويض عنه مهما كان سببه أو الدافع إليه ما دامت العلاقة الزمنية والمكانية منعدمة بينه وبين العمل الذي يؤدّيه الجناة لمصلحة صاحب المصنع.


المحكمة

وحيث إن هذا الطعن قد بني على أسباب ثلاثة: (أوّلاً) استندت المطعون ضدّها في جميع مراحل الدعوى إلى أحكام قانون التعويض عن إصابات العمل رقم 64 لسنة 1936 وقد كان لزاماً مع ذلك على محكمة الموضوع أن تأخذ بهذه الأحكام، وخاصة بحكم المادة الرابعة منه، وهي تقضي بعدم جواز التمسك ضدّ صاحب العمل بأي قانون آخر خلاف هذا القانون ما دام الحادث لم ينشأ عن خطأ فاحش من جانب صاحب العمل. ولهذا لم يكن سائغاً لمحكمة الموضوع أن ترجع في حكمها إلى المادتين 151 و152 من القانون المدني. (ثانياً) أخطأت محكمة الموضوع في حكمها بالتعويض لأن أحكام قانون العمل التي احتكمت إليها المطعون ضدّها وطلبت تطبيقها والقضاء لها بالتعويض على أساسها تشترط للحكم بالتعويض شروطاً لا تتوافر في وقائع الدعوى، فقد ورد بالمادة الثالثة أن يكون الحادث وقع أثناء تأدية العمل، والحادث في الدعوى الحالية وقع في الطريق العام بعيداً عن مكان العمل وفي غير ساعات العمل. (ثالثاً) أخطأ الحكم أيضاً في تطبيق المادتين 151 و152 مدني لأن المسئولية العامّة عن عمل الغير شروطها: (أولاً) أن يكون الحادث قد وقع أثناء قيام علاقة الخادم بسيده، فإذا كان وقوعه بعد انقطاع هذه العلاقة فإنه يكون قد حصل من أجنبي عن المخدوم لا شأن له بعمله، ولا يسأل قانوناً عن تعويض الضرر الناشئ عن ذلك العمل. والثابت من وقائع الحادث أن العمال المتهمين تركوا العمل بالمصنع في اليوم الذي وقعت فيه الإهانة من مورّث المطعون ضدّها على أوّلهم، وذكروا أنهم لا يودّون العمل في الشركة، ورفضوا أن يصغوا لنصح رئيس قسم النسيج الذي حاول عبثاً أن يثنيهم عن قصدهم. ثم في اليوم التالي لم يحضر أحد منهم للعمل لأن علاقة عقد العمل بينهم وبين الشركة قد انقطعت بفصلهم. (ثانياً) أن يكون الحادث قد وقع من الخادم أثناء قيامه بعمله لا خارجاً عن نطاق العمل وزمانه ومكانه. فلا يمكن الأخذ بما رآه الحكم المطعون فيه من ترتب المسؤولية المدنية اكتفاء بأن الفعل الضار وقع لمناسبة أعمال الوظيفة أو بسببها ولم يكن واقعاً أثناء القيام بأعمال الوظيفة ذاتها.
وحيث إن ما ورد عن الواقعة بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هو "أن النيابة العمومية اتهمت محمد محمد الجندي وعبد الغني محمد الجندي وحسن علي أبو عماشه الشهير بشحاته ومحمد أحمد المرّ بأنهم في يوم 29 مايو سنة 1938 قتلوا محمد أفندي عبد المنعم عمداً بأن اتفقوا فيما بينهم على قتله وترصدوا له في الطريق، ثم انقضوا عليه وطعنوه بآلات حادّة (سكاكين) فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي قاصدين قتله والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. وقد دخلت المدّعية مدّعية بمبلغ 10 جنيهات قبل المتهمين جميعاً متضامنين". وقضت المحكمة بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وألزمتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدّعية بالحق المدني مبلغ عشرة جنيهات مصرية. وقد أوردت المحكمة في أسباب حكمها أن المتهمين يشتغلون بمصنع الحرير التابع لشركة بنك مصر بدمياط عمالاً للنسيج، وموعد العمل الخاص بهم يبتدئ من الساعة الخامسة مساء إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وقد حدث في اليوم السابق ليوم الحادثة أن تأخر محمد الجندي المتهم الأوّل عن الحضور لمباشرة عمله في الميعاد المحدّد فلما أن جاء متأخراً وجد باب المصنع مغلقاً ففتحه له رئيسه المباشر وسأله عن سبب تأخيره فتهيج عليه بدلاً من أن يعتذر، الأمر الذي جعل رئيسه يهدّده بأنه سيقدّمه لمحمد أفندي عبد المنعم (المجني عليه) وهو الرئيس المراقب للعمال جميعاً. فما كان من المتهم إلا أن ردّ عليه بعبارات قبيحة، فقاده إلى عبد المنعم أفندي الذي بعد أن علم بما جرى منه عنفه وضربه كفين وكلفه بمباشرة عمله دون أن يوقع عليه جزاءً. فانصرف الجندي إلى مكان عمله متغيظاً حانقاً بسبب ضربه، ولم يلبث إلا برهة حتى تركه وخرج من المصنع، وتبعه باقي المتهمين (وثانيهما أخوه) تاركين المصنع أيضاً غاضبين مهدّدين، واجتمعوا بعد ذلك في مقهى، وأجمعوا أمرهم على الانتقام من المجني عليه، واعتزموا قتله، وتم لهم في صباح اليوم التالي إذ تربصوا له في أرض فضاء خلف منزله، ولم يكد يخرج منه ويسير قاصداً المصنع حتى لحقوا به وفاجأوه من الخلف وأحاطوا به، وأخذ الجميع يضربونه بسكاكين بحدّين كانوا قد أعدّوها لاقتراف جريمتهم فأصابوه بإحدى عشرة طعنة في صدره وبطنه وظهره وذراعيه فوقع صريعاً يتخبط في دمائه. وتوفى بعد ذلك باثنتي عشرة ساعة. كما ورد به أن المجني عليه قرر قبل وفاته أن الحادث وقع بسبب العمل".
ثم استخلصت المحكمة مما تقدّم أن القتل حدث فعلاً بسبب العمل، وقالت "إن المادة 152 من القانون المدني وإن أوجبت أن تقع الأفعال حال قيام الخدمة بتأدية وظائفهم، وقد استند إليها وكيل المدعى عليه الأوّل (ممثل الشركة الطاعنة) في دفعه المسئولية قائلاً إن العمال لم يكونوا وقت ارتكاب الحادثة يؤدّون وظائفهم الموكولة إليهم لأنهم كانوا خارج المصنع، إلا أن هذه المحكمة ترى أنه يكفي لتوفر هذه المسئولية أن يقع الفعل بمناسبة وظيفته أو بسببها...". ثم عقب الحكم على ما ذكر "بأن لا أهمية لوقوع القتل بعيداً عن المصنع وفي اليوم التالي للمشادّة ما دامت النية مبيتة على ارتكاب الحادث. والأمر هو ترقب الفرصة في الزمان والمكان الملائمين لارتكابها".
عن تطبيق قانون التعويض عن إصابات العمل.
وحيث إن المطعون ضدّها طالبت الشركة في بادئ الأمر بتعويض قدره ثلثمائة جنيه، وأسست دعواها على القانون رقم 64 لسنة 1936 الخاص بالتعويض عن إصابات العمل، ثم عدلت طلباتها إلى طلب الحكم لها أصلياً بتعويض قدره ألفا جنيه بناء على القواعد العامة للمسئولية، ومن باب الاحتياط بما طلبته بصحيفة افتتاح الدعوى، ثم انتهت في المذكرة المقدّمة منها إلى طلب الحكم لها بكلا التعويضين على اعتبار أنهما طلبان أصليان.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ عرض لطلب المطعون ضدّها التعويض مستندة فيه إلى قانون إصابات العمل قال: "إن نظرة واحدة إلى هذا القانون ومرماه والغرض من إصداره تكفي للدلالة (أوّلاً) على أن القصد منه إعطاء العامل والمستخدم الحق في تعويض معين عما يصيبه من أضرار نتيجة لحوادث العمل بغض النظر عن خطأ رب العمل. أي أنه جاء مقرّراً لمبدأ جديد استثناء للمبدأ العام المقرّر بالقانون المدني. (ثانياً) على تحديد مقدار التعويض الواجب تقديره للعامل والأسس التي يبنى عليها هذا التقدير. (ثالثاً) وأخيراً هو قانون خاص بأخطار العمل ذاته". ورأى الحكم بناء على عدم توافر هذه الشروط في الدعوى الحالية أن لا مجال لتطبيق قانون إصابات العمل على واقعة الدعوى. ثم أخذ في النظر في تطبيق قواعد المسئولية العامة المقرّرة في القانون المدني.
وحيث إنه لا اعتراض للطاعنة على ما كان من محكمة الموضوع من استبعاد تطبيق قانون التعويض عن إصابات العمل على الواقعة المطلوب عنها التعويض، إنما الذي تتضرر الطاعنة منه هو ما كان من تعرّض محكمة الموضوع مع ذلك للبحث في المسئولية بناء على القواعد العامة.
وحيث إن ما تعترض به الطاعنة مقبول من ناحية جمع المطعون ضدّها بين المطالبة بتعويض بناء على أحكام القانون الخاص وأحكام القانون العام في آن واحد. ذلك لأن الالتجاء إلى قانون إصابات العمل في دائرته المحدودة لم يكن إلا في الظروف التي أراد فيها المشرع أن يرعى جانب العامل ويعوّضه عن مخاطر العمل دون أن يحمله عبء إثبات خطأ صاحب العمل أو تقصيره. فإذا ما لجأ العامل إلى أحكام هذا القانون واتخذها سنداً له في طلب التعويض حرم بمقتضى المادة الرابعة من القانون ذاته من التمسك بأي قانون آخر ضدّ صاحب العمل إلا في حالة ما إذا نشأ الحادث عن خطأ فاحش من جانبه. أما ما كان من الاعتراض خاصاً بتعرّض المحكمة لأحكام القانون العام بعد أن استبعدت تطبيق قانون إصابات العمل فلا حق للطاعنة فيه لا سيما أن للمطعون ضدّها طلبي تعويض بنى أحدهما على قانون إصابات العمل والآخر على القانون العام، وكان للمحكمة بل من واجبها بعد أن استبعدت أحدهما أن تنظر في طلب التعويض المسند إلى أحكام القانون العام.
عن تطبيق أحكام القانون المدني:
وحيث إن المادة 152 من القانون المدني التي أسست عليها مسئولية الشركة تقتضي أن يكون الضرر الناشئ للغير عن فعل الخادم واقعاً منه في حال تأدية وظيفته(en exerçant ses fonctions). ويقابل هذه العبارة في المادة 1384 من القانون الفرنسي(dans les fonctions auxquelles ils les ont employés) ومؤدّى العبارتين واحد ولا فرق بينهما إلا من حيث اختيار الشارع المصري تعبيراً أكثر دقة للدلالة على المعنى المقصود.
وحيث إن المادة 152 مدني المذكورة بجعلها المسئولية تمتدّ إلى غير الذي أحدث الضرر هي استثناء من القاعدة العامة الواردة في المادة 151 من القانون المدني، تلك القاعدة التي تقصر الالتزام بتعويض الضرر على محدثه. وليس لهذا الاستثناء من مسوّغ مقبول - على كثرة ما قيل في هذا الصدد - سوى أن شخصية المتبوع تمتد إلى التابع بحيث إنهما يعتبران شخصاً واحداً. لذلك كان من المتعين عدم الأخذ بهذا الامتداد إلا في الحدود التي رسمها القانون وهي أن يكون الضرر واقعاً من التابع أثناء قيامه بوظيفته.
وحيث إن هذه المسئولية وإن كانت من ناحية أخرى محل خلاف من حيث وجوب اتصال الفعل الضارّ بالوظيفة إذا كان قد وقع أثناء القيام بها أو عدم وجوب اتصاله بها إلا أنه لا جدال في أن الحادث الموجب للمسئولية يجب أن يكون قد اقترفه التابع في وقت لم يكن قد تخلى فيه عن عمله عند المتبوع وانقطعت الصلة فيه بينهما، ولو مؤقتاً، وأصبح التابع بذلك حراً يفعل ما يريد ويتصرف كما يشاء تحت مسئوليته وحده. ذلك لأن مسئولية المتبوع إنما تقوم على ما للسيد من حق إصدار أوامره وتعليماته إلى تابعه والتمكن من ملاحظته في تنفيذ ما عهد به إليه. فإذا انفلت هذا الزمام من يد المتبوع كان التابع غير قائم بوظيفته، وكان المتبوع من ثم غير مسئول عن تصرفاته بحال ما.
وحيث إن ما أثبته الحكم المطعون فيه هو أن الحادث وقع خارج المصنع وفي غير أوقات العمل، وكان فاعلوه قد دبروه فيما بينهم خارج المصنع عشية وقوعه، وبهذا لا يصح اعتبارهم أنهم كانوا قائمين بأعمال وظيفتهم بأي حال ما. وإذن فمن الخطأ إلزام الشركة صاحبة المصنع بتعويض الضرر عن حادث القتل الذي اقترفوه مهما كان سببه أو الدافع إليه ما دامت الصلة الزمانية والمكانية منعدمة بين الفعل المرتكب والعمل الذي كان يؤدّيه الجناة لمصلحة الشركة. ويكون الحكم إذ قضى بإلزام الشركة بالتعويض استناداً إلى المادة 152 من القانون المدني قد أخطأ في التطبيق القانوني ولذا يتعين نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
وحيث إنه ظاهر مما تقدّم أن الشركة غير مسئولة عن حادث القتل الذي ذهب ضحيته مورّث المطعون ضدّها لعدم توافر الشروط الموجبة لهذه المسئولية طبقاً للمادة 152 من القانون المدني. ولذا يكون الحكم الاستئنافي في غير محله ويتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضدّها.
وحيث إن محامي الشركة الطاعنة أقرّ بقبول الشركة دفع مبلغ ثلثمائة جنيه إلى ورثة القتيل على سبيل المكافأة عملاً بخطابها الرقيم 14 من مارس سنة 1939 المرسل إلى مجلس حسبي قليوب وهو ما يتعين إثباته بنص الحكم، وترى المحكمة جعل مصاريف التقاضي في جميع مراحل الدعوى على جانب الطاعنة بعد أن قرّر محاميها ما يفيد الاستعداد من جانبها لتحمل هذه المصاريف رحمة بالمطعون ضدّها.

الطعن 319 لسنة 44 ق جلسة 25 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 67 ص 333

جلسة 25 من يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.

----------------

(67)
الطعن رقم 319 سنة 44 قضائية

(1) نقض "السبب الجديد". نظام عام. استئناف. إعلان.
إثارة دفاع متعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه وجوب أن تكون عناصره مطروحة على محكمة الموضوع. مثال بشأن ميعاد الاستئناف.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". وفاء.
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر من العين المؤجرة لعدم الوفاء بالأجرة شرط قبولها. تكليف المستأجر بالوفاء. وجوب شمول التكليف على بيان مطابق لحقيقة الأجرة المتأخرة. الاستثناء أن تكون الأجرة محل نزاع.

---------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة مناط جواز إثارة الدفاع المتعلق بسبب قانوني متصل بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض أن تكون العناصر التي يمكن منها الإلمام به موجودة تحت نظر محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يقدم لمحكمة الاستئناف الدليل على أنه صار إعلان حكم محكمة أول درجة إلى المطعون عليها وهو الإجراء الذي بمقتضاه ينفتح ميعاد الطعن بطريق الاستئناف، وكان الطاعن وأن أثار الدفع بسقوط الحق في الاستئناف إلا أنه لا يدعي أن الصورة التنفيذية للحكم الابتدائي والتي تم إعلانها للمطعون عليها طرحت على محكمة الاستئناف وكانت تحت بصرها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون بالنظر إلى الواقع المطروح عليه ويكون النعي عليه على سند لم يسبق عرضه على محكمة فإنه يعد سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - مفاد نص الفقرة أ من المادة رقم 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الأجرة، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ويشترط أن يبين في التكليف بالوفاء الأجرة المستحقة المتأخرة التي يطالب بها المؤجر حتى يتبين المستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وإلا فلا ينتج التكليف أثره، إلا إذا لم تكن قيمة هذه الأجرة محل خلاف بين الطرفين فلا يشترط عندئذ بيانها؛ والأصل أنه يجب ألا تجاوز الأجرة المطلوبة في التكليف ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح في مدوناته أن المطعون عليها تمسكت ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه أجرة غير قانونية وغير مستحقة، مستندة إلى قرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد أجرة عين النزاع بمبلغ 2.454 مليمجـ وإلى ما ورد على لسان الطاعن بالدعوة المرددة بين الخصمين من قصر مطالبته بالأجرة على أساس قرار اللجنة سالف البيان، وإقراره بتقاضيه مبلغ عشرة جنيهات من الأجرة المتأخرة وبما أثبت على لسانه أيضاً في المحضر الإداري من استلام الأجرة المتأخرة حتى يونيو سنة 1971 فإن ما خلص إليه الحكم من أن التكليف بالوفاء حابطة الأثر ولا يصلح أساساً لدعوى الإخلاء لمجاوزته القدر المستحق على المطعون عليها ولتضمنه بيانات غير صحيحة لا مخالفة فيه للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 169 لسنة 1973 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية ضد المطعون عليها طالباً الحكم بإخلائها من العين الموضحة بعقد الإيجار المبرم بينهما وتسليمها له خالية، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول يونيه سنة 1970 استأجرت المطعون عليها شقة بالمنزل المملوك له لقاء أجرة شهرية قدرها 3.500 وإذ قعدت عن الوفاء بالأجرة في المدة من أول يناير سنة 1970 حتى آخر يناير سنة 1973 وجملتها 78 ج و500 مليم رغم تكليفها بالوفاء فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 23 مايو سنة 1973 حكمت المحكمة بإخلاء المطعون عليها من العين المؤجرة وبتسليمها له. استأنف المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 116 لسنة 5 ق المنصورة (مأمورية دمياط) دفع الطاعن بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وبتاريخ 3 مارس سنة 1974 قضت المحكمة برفض الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم رفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد على سند من أن المطعون عليها طالما لم تحضر أمام محكمة أول درجة ولم تقدم مذكرة بدفعها فإن ميعاد استئناف الحكم الابتدائي لا يبدأ إلا من تاريخ الإعلان، الأمر الذي لم يقم دليل على حصوله، في حين أن الثابت من الصورة التنفيذية للحكم الابتدائي أنه تم إعلانها به في 24/ 6/ 1973 ولم تودع صحيفة الاستئناف إلا في 1/ 12/ 1973 ومن ثم فإن الاستئناف يكون قد أقيم بعد الميعاد، ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الاستجابة للدفع قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط جواز إثارة الدفاع المتعلق بسبب قانوني يتصل بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض أن تكون العناصر التي يمكن منها الإلمام به موجودة تحت نظر محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يقدم لمحكمة الاستئناف الدليل على أنه صار إعلان حكم محكمة أول درجة إلى المطعون عليها، وهو الإجراء الذي بمقتضاه ينفتح ميعاد الطعن بطريق الاستئناف، وكان الطاعن وإن أثار الدفع بسقوط الحق في الاستئناف إلا أنه لا يدعي أن الصورة التنفيذية للحكم الابتدائي والتي تم إعلانها للمطعون عليها طرحت على محكمة الاستئناف وكانت تحت بصرها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون بالنظر إلى الواقع المطروح عليه، ويكون النعي عليه تأسيساً على سند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فإنه يعد سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على سند من بطلان التكليف بالوفاء لعدم صحة بياناته إذ أورد أن الأجرة الشهرية المستحقة هي مبلغ 350 ج وأن جملة المتأخر منها في المدة من أول يناير 1971 حتى آخر يناير 1973 مبلغ 87 ج و500 مليم، مع أن الأجرة أقل من ذلك طبقاً للثابت بقرار لجنة تقدير الإيجارات الواجب التطبيق علاوة على إقرار الطاعن بسبق تسلمه الأجرة حتى يونيه سنة 1971 عدا مبلغ عشرة جنيهات فيما بعد، في حين أن الأجرة ليست محل نزاع جدي بين الطرفين، فيكون التكليف بالوفاء صحيحاً، بما يبين من عباراته ومن انشغال ذمة المطعون عليها بالأجرة المطالب بها، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن مفاد نص الفقرة "أ" من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الأجرة، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ويشترط أن يبين في التكليف بالوفاء الأجرة المستحقة المتأخرة التي يطالب بها المؤجر حتى يتبين المستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وإلا فلا ينتج التكليف أثره إلا إذا لم تكن قيمة هذه الأجرة محل خلاف بين الطرفين فلا يشترط عندئذ بيانها، وكان الأصل أنه يجب ألا تجاوز الأجرة المطلوبة في التكليف ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح في مدوناته أن المطعون عليها تمسكت ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه أجرة غير قانونية وغير مستحقة، مستندة إلى قرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد أجرة عين النزاع بمبلغ 2.454 وإلى ما ورد على لسان الطاعن بالدعوى رقم 324 لسنة 1973 مدني بندر دمياط المرددة بين الخصمين من قصر مطالبته بالأجرة على أساس قرار اللجنة سالف البيان، وإقراره بتقاضيه مبلغ عشرة جنيهات من الأجرة المتأخرة، ربما أثبت على لسانه أيضاً في المحضر رقم 3572 لسنة 1973 إداري مركز دمياط من استلام الأجرة المتأخرة حتى يونيه سنة 1971، فإن ما خلص إليه الحكم من أن التكليف بالوفاء حابطة الأثر ولا يصلح أساساً لدعوى الإخلاء لمجاوزته القدر المستحق على المطعون عليها ولتضمنه بيانات غير صحيحة لا مخالفة فيه للقانون، ويضحى ما يسوقه الطاعن من أن الأجرة المتأخرة المثبتة بالتكليف ليست محل نزاع جدي وأنه ثبت انشغال ذمة المطعون عليها بها قولاً مرسلاً لم يقم عليه دليل، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 671 لسنة 46 ق جلسة 6 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 80 ص 413

جلسة 6 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا ومحمد زغلول عبد الحميد.

----------------

(80)
الطعن رقم 671 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى. محاماة. وكالة.
وجوب حصول المحامي على إذن من مجلس النقابة الفرعية قبل رفع الدعوى ضد زميل له. م 133 ق 61 لسنة 1968. سريان هذه القاعدة سواء عمل المحامي لصالح نفسه أو وكيلاً عن غيره.
(2) استئناف. دعوى. محاماة.
الاستئناف المرفوع ضد أحد المحامين. عدم وجوب توقيع محام على صحيفته متى عجز المستأنف عن توكيل محام أو لم يصدر الإذن من مجلس النقابة لمحامي المستأنف برفعه. لا محل لاشتراط التقدم بطلب الإذن بالفعل.
(3 - 6) محاماة. وكالة.
(3) علاقة الخصوم بوكلائهم. عدم جواز تصدي المحكمة لها طالما لم ينكر صاحب الشأن وكالة وكيله.
(4) تكييف العقد المبرم من الخصوم والمحامي بأنه عقد وكالة. قيامه بأعمال مادية تابعة للعمل القانوني الذي باشره لصالحهم. لا يغير من صفته كوكيل عنهم.
(5) أتعاب المحامي المتفق عليها قبل تنفيذ الوكالة. خضوعها لتقدير القاضي. جواز تخفيض المحكمة لها. م 709 مدني.
(6) تقدير المحكمة لأتعاب المحامي عما قام به من أعمال لصالح موكله. استنادها إلى أهمية الدعوى والجهد المبذول فيها. عدم التزامها سرد بيان مفصل لجميع ما باشره المحامي من أعمال.

---------------
1 - تنص المادة 133 من قانون المحاماة الصادر بالقانون 61 لسنة 1968 والمعمول به من تاريخ نشره في 13/ 11/ 1968 على أنه "لا يحق للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميله قبل الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ويجوز في حالة الاستعجال صدور الإذن من رئيس المجلس. وإذا لم يصدر الإذن في الدعاوى المدنية خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب كان للمحامي أن يتخذ ما يراه من إجراءات قضائية مباشرة. وقد جرى قضاء هذه المحكمة - أخذاً بظاهر هذا النص وإعمالاً لحكمته من قيام نقابة المحامين على حسن العلاقة بين أعضائها - على أن الخطاب فيه موجه إلى المحامي الشاكي أو متخذ الإجراء سواء عمل لصالح نفسه أو وكيلاً عن غيره.
2 - المادة 87 من القانون 61 لسنة 1968 فيما نصت عليه بفقراتها 1، 2، 3، 4 هو تحقيق لما رآه الشارع من وجوب أن يستعين المتقاضون في الهام من منازعاتهم أمام المحاكم بمختلف طبقاتها ودرجاتها بالمحامين المقررين لديها حتى تنجو الخصومة من المهاترة وينتفي اللدد فيها. ومنه وجوب تقديم صحف الاستئناف موقعاً عليها من أحد المحامين المقررين أمام محكمته وقد نصت في فقرتها الخامسة والأخيرة على البطلان جزاءاً لمخالفة أحكامها، وهذا الجزاء تبدو قسوته إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد أحد المحامين ولم يكن رافعها لسبب أو لآخر قد تمكن من توكيل محام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من النقابة الفرعية لسبب أو لآخر الإذن المنوه عنه في المادة 133 بما حدا الشارع إلى أن يرد للمتقاضين حقهم الأصيل في أن يباشروا منازعاتهم بأنفسهم إذا كانت مرددة بينهم وبين أحد المحامين، وفي هذا تقول الفقرة المذكورة بعد أن رتبت جزاء البطلان على مخالفة أحكام الفقرات الأربعة السابقة عليها أنه "ومع ذلك فلا ضرورة لتوقيع محام إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد أحد المحامين ولم يصدر من مجلس النقابة الفرعية الإذن المنوه عنه في المادة 133". فأعفتهم من قيد الاستعانة بالمحامين، وليس بصحيح في القانون القول بأن هذا الإعفاء مقيد بشرط أن يكون وكيل المدعي في دعوى مرفوعة ضد محام قد تقدم بطلب للحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ولم يصدر له الإذن إذ لو تحقق هذا الشرط لكان فيما نصت عليه المادة 133 - من جواز أن يتخذ المحامي ما يراه من إجراءات قضائية مباشرة إذا لم يصدر الإذن في الدعاوى المدنية خلال أسبوعين من تاريخ طلبه - كل الغناء ولبدا النص على الإعفاء لغواً لا طائل تحته ولا فائدة منه.
3 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله، والمطعون ضده الرابع لم ينكر وكالة المطعون ضده الأول في التوقيع نيابة عنه على صحيفة الاستئناف كما لم يجحد حضوره عنه أمام المحكمة فاستخلصت محكمة الموضوع من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية وجاء استخلاصها سائغاً يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث يعد النعي عليه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
4 - المناط في تكييف العقود وإعطائها الأوصاف القانونية الصحيحة هو بما عناه المتعاقدون منها حسبما تستظهره المحكمة من نصوصها وتؤدي إليه وقائع الدعوى ومستنداتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كيف العلاقة بين الطاعن والمطعون ضدهم الأربعة الأول بأنها علاقة وكالة مستنداً إلى ما ثبت بالعقد المبرم بين الطرفين من أن الطاعن وهو محام اتفق مع المطعون ضدهم الأربعة الأول على أن يقوم بالدفاع عنهم كمدعين بحقوق مدنية في قضية الجنحة رقم.... في الحصول على حكم نهائي فيها ثم إقامة الدعاوى المدنية اللازمة للحصول على التعويض النهائي وإلى حضوره عنهم كمدعين مدنيين في الجنحة واستئنافه للحكم الصادر بها ضدهم بصفته وكيلاً عنهم، وإقامته الدعوى المدنية رقم... باسمهم واستئنافه للحكم الصادر فيها، وكانت هذه الأعمال تغلب فيها صفته كوكيل وإن استتبعت القيام بأعمال مادية فهذه تعتبر تابعة للعمل القانوني الذي باشره لصالحهم فإنه يكون قد التزم صحيح القانون حين اعتبره وكيلاً عنهم.
5 - تنص المادة 709 من القانون المدني على أنه "1 - الوكالة تبرعية، ما لم يتفق على غير ذلك صراحة، أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل. 2 - فإذا اتفق على أجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة، وإذ كان المبلغ الذي طالب به الطاعن هو أتعاب محاماة تتفق عليها قبل تنفيذ الوكالة - فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعد أجر وكيل يخضع لتقدير المحكمة عملاً بالمادة المذكورة ولا عليها إن هي خفضته.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استند في تقدير أتعاب الطاعن عما قام به من أعمال لصالح المطعون ضدهم بما فيهم القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده الرابع إلى أهمية الدعاوى التي باشرها وما قام به من إجراءات ودفاع والجهد الذي بذله والنتيجة التي حققها لهم، ومن ثم فهو ليس في حاجة إلى سرد بيان مفصل لجميع الأعمال التي باشرها إبان وكالته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن طلب من رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية إصدار أمر بإلزام المطعون ضدهم الأربعة الأول عن أنفسهم وبصفة رابعهم وصياً على قصر بأن يؤدوا إليه مبلغ ألف جنيه على وجه التضامن والتكامل فيما بينهم مع تثبيت الحجز التحفظي الذي أوقعه تحت يد المطعون ضده الخامس على أساس أنه بموجب اتفاق مؤرخ 4/ 2/ 1969 أسند إليه المطعون ضدهم الأربعة الأول بوصفه محامياً أمر الادعاء عنهم متضامنين وعلى سبيل التكافل فيما بينهم مدنياً في قضية جنحة وفيما يرى رفعه من الدعاوى المدنية للحصول على حكم بالتعويض النهائي عن قتل مورثهم، وتضمن الاتفاق تقدير أتعابه عن جميع درجات التقاضي حتى الاستئناف العالي بخمسة وعشرين في المائة مما يقضي به، وقد قضى نهائياً في 3/ 1/ 1972 لصالحهم بمبلغ 4000 جنيه، ولما امتنعوا عن تحرير حوالة حق لصالحه عن ألف جنيه استصدر ضدهم أمر الحجز ونفذه وبتاريخ 11/ 5/ 1972 رفض رئيس المحكمة إصدار أمر الأداء وحدد جلسة لنظر الموضوع وقيدت الدعوى برقم 5216 سنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة كما تظلم المطعون ضدهم الأربعة الأول من أمر الحجز واختصموا فيه المطعون ضدهما الخامس والسادس بالإضافة إلى الطاعن وقيد تظلمهم برقم 5209 سنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة، وقررت المحكمة ضم الدعويين وقضت فيهما بتاريخ 24/ 3/ 1973 برفض التظلم وبإلزام المطعون ضدهم الأربعة الأول عن أنفسهم وبصفة رابعهم وصياً على.... و.... و.... قصر المرحوم.... متضامنين بأن يؤدوا إلى الطاعن مبلغ 1000 جنيه وبصحة إجراءات الحجز وجعله نافذاً فاستأنف المطعون ضدهم الأربعة الأول هذا الحكم بالاستئناف 3607 لسنة 90 قضائية القاهرة وفيه دفع الطاعن ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم التوقيع عليها من محام، فقضت المحكمة بتاريخ 9/ 3/ 1975 برفض الدفع وحددت جلسة لنظر الموضوع وبتاريخ 25/ 4/ 1976 قضت بتعديل الحكم المستأنف بإلزام القصر الثلاثة المشمولين بوصاية المطعون ضده الرابع كمدينين وباقي المطعون ضدهم الأربعة بصفاتهم الشخصية ككفلاء متضامنين بينهم بأن يدفعوا إلى الطاعن مبلغ 300 جنيه وبإلزام المطعون ضدهم الأربعة الأول بصفتهم الشخصية بأن يدفعوا بالتضامن بينهم إلى الطاعن مبلغ 100 جنيه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة إجراءات الحجز التحفظي. طعن الطاعن في هذا الحكم والحكم الصادر بجلسة 9/ 3/ 1975 بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الخامس والسادس ورفضه موضوعاً بالنسبة لباقي المطعون ضدهم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهما الخامس والسادس أنهما ليسا خصمين للطاعن ولم ينازعاه في طلباته فلا يجوز له اختصامهما أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها الخامس والسادس لم تبد منهما منازعة للطاعن أمام محكمة الموضوع كما لم يوجه هو إليهما أي طلب فلا تكون له مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض بما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن فيما خلا ذلك قد استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الطعن على الحكم الصادر بجلسة 9/ 3/ 1975 أقيم على سبب واحد من ثلاثة أوجه ينعى فيه الطاعن عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول في الوجه الأول إن الحكم قضى برفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم توقيعها من محام مقبول أمام محاكم الاستئناف تأسيساً على أن نص الفقرة الأخيرة من المادة 87 من قانون المحاماة 61 سنة 1968 موجه لغير المحامين مع أنه نص عام يخاطب الكافة والإعفاء المنصوص عليه فيه مقيد بشرط أن يكون وكيل المدعي في الاستئناف ضد المحامي قد تقدم بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية وانقضت المواعيد المقررة وهي أسبوعان طبقاً لنص المادة 133/ 3 من قانون المحاماة ولم يصدر الإذن وإذ لم يتقدم أحد للحصول على هذا الإذن طبقاً للشهادة الصادرة من نقابة المحامين الفرعية فإنه لا يكون للمطعون ضدهم كمستأنفين حق التمتع بهذا الإعفاء.
وحيث إن هذا الوجه من النعي مردود ذلك بأن المادة 133 من قانون المحاماة الصادر بالقانون 61 لسنة 1968 والمعمول به من تاريخ نشره في 13/ 11/ 1968 تنص على أنه "لا يحق للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميله قبل الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ويجوز في حالة الاستعجال صدور الإذن من رئيس المجلس وإذا لم يصدر الإذن في الدعاوى المدنية خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب كان للمحامي أن يتخذ ما يراه من إجراءات قضائية مباشرة"، وقد جرى قضاء هذه المحكمة - أخذاً بظاهر هذا النص وإعمالاً لحكمته من قيام نقابة المحامين على حسن العلاقة بين أعضائها - على أن الخطاب فيه موجه إلى المحامي الشاكي أو متخذ الإجراء سواء عمل لصالح نفسه أو وكيلاً عن غيره، ولما كانت المادة 87 من ذلك القانون - فيما نصت عليه بفقراتها 1، 2، 3، 4 تحقيقاً لما رآه الشارع من وجوب أن يستعين المتقاضون في الهام من منازعاتهم أمام المحاكم بمختلف طبقاتها ودرجاتها بالمحامين المقررين لديها حتى تنجو الخصومة من المهاترة وينتفي اللدد فيها، ومنه وجوب تقديم صحف الاستئناف موقعاً عليها من أحد المحامين المقررين أمام محكمته - قد نصت في فقرتها الخامسة والأخيرة على البطلان جزاء لمخالفة أحكامها، فإن هذا الجزاء تبدو قسوته إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد أحد المحامين ولم يكن رافعها لسبب أو لآخر قد تمكن من توكيل محام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من النقابة الفرعية لسبب أو لآخر الإذن المنوه عنه في المادة 133 مما حدا بالشارع إلى أن يرد للمتقاضين حقهم الأصيل في أن يباشروا منازعاتهم بأنفسهم إذا كانت مرددة بينهم وبين أحد المحامين، وفي هذا تقول الفقرة المذكورة بعد أن رتبت جزاء البطلان على مخالفة أحكام الفقرات الأربعة السابقة عليها إنه "ومع ذلك فلا ضرورة لتوقيع محام إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد أحد المحامين ولم يصدر من مجلس النقابة الفرعية الإذن المنوه عنه في المادة 133" فأعفتهم من قيد الاستعانة بالمحامين، وليس بصحيح في القانون القول بأن هذا الإعفاء مقيد بشرط أن يكون وكيل المدعي في دعوى مرفوعة ضد محام قد تقدم بطلب للحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ولم يصدر له الإذن، إذ لو تحقق هذا الشرط لكان فيما نصت عليه المادة 133 - من جواز أن يتخذ المحامي ما يراه من إجراءات قضائية مباشرة إذا لم يصدر الإذن في الدعاوى المدنية خلال أسبوعين من تاريخ طلبه - كل الغناء وليدا النص على الإعفاء لغواً لا طائل تحته ولا فائدة منه.
وحيث إن الطاعن يقول في الوجه الثاني لهذا السبب إن الحكم اعتمد وكالة المطعون ضده الأول كمستأنف عن باقي المطعون ضدهم في تمثيلهم أمام المحكمة سواء بالتوقيع نيابة عنهم على صحيفة الاستئناف أو الحضور أمامها رغم إلغاء المطعون ضده الرابع للتوكيل الصادر منه له قبل رفع الاستئناف تأسيساً على أن أحداً من باقي المستأنفين لم يعترض على توقيع المستأنف الأول نيابة عنهم وأنه رغم إلغاء توكيله السابق قد عاد ووكله بالتوكيل 337 سنة 1974شمال القاهرة، وقد خالف الحكم في ذلك نص المادة 83 من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 كما أنه مع جواز ذلك جدلاً فإن ميعاد التصحيح وهو ميعاد الاستئناف كان انتهى.
وحيث إن هذا الوجه من النعي غير مقبول، ذلك بأن من حق المطعون ضدهم كمستأنفين توكيل غير محام في التوقيع نيابة عنهم على صحيفة الاستئناف على نحو ما سلف بيانه، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله، والمطعون ضده الرابع لم ينكر وكالة المطعون ضده الأول في التوقيع نيابة عنه على صحيفة الاستئناف كما لم يجحد حضوره عنه أمام المحكمة، فاستخلصت محكمة الموضوع من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية، وجاء استخلاصها سائغاً يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث يعد النعي عليه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. وحيث إن الطاعن يقول في الوجه الثالث لهذا السبب إن الحكم المطعون فيه اعتمد وكالة المطعون ضده الأول عن المطعون ضده الرابع رغم أن التوكيلين سواء القديم أو الجديد لا يحملان صفة المستأنف الرابع كوصي على قصر وتكون الخصومة منعدمة بالنسبة لهم.
وحيث إن هذا الوجه من النعي غير مقبول، ذلك بأن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما ينعاه في هذا الصدد على الحكم المطعون فيه حتى يمكن لهذه المحكمة التحقق من صحته فبات عارياً عن دليله أمامها والأصل في الإجراءات - على ما جرى به قضاؤها - أنها قد روعيت.
وحيث إن الطعن على الحكم الصادر بجلسة 25/ 4/ 1976 أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن في السبب الأول منها عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم كيف العقد المبرم بينه وبين المطعون ضدهم الأربعة الأول بأنه عقد وكالة رغم أنهم لم يحرروا توكيلاً عنهم وتضمن العقد النص على مصاريف انتقال والتزام حضور المطعون ضده الأول جميع جلسات الدعاوى مع الطاعن، ومن ثم فقد بات واضحاً أنه عقد مقاولة ورد على أعمال مادية بحتة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المناط في تكيف العقود وإعطائها الأوصاف القانونية الصحيحة هو بما عناه المتعاقدون منها حسبما تستظهره المحكمة من نصوصها وتؤدي إليه وقائع الدعوى ومستنداتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كيف العلاقة بين الطاعن والمطعون ضدهم الأربعة الأول بأنها علاقة وكالة مستنداً إلى ما ثبت بالعقد المبرم بين الطرفين من أن الطاعن وهو محام اتفق مع المطعون ضدهم الأربعة الأول على أن يقوم بالدفاع عنهم كمدعين بحقوق مدنية في قضية الجنحة 3865 سنة 1966 شبرا الخيمة حتى الحصول على حكم نهائي فيها ثم إقامة الدعاوى المدنية اللازمة للحصول على التعويض النهائي وإلى حضوره عنهم كمدعين مدنيين في الجنحة واستئنافه للحكم الصادر فيها ضدهم بصفته وكيلاً عنهم وإقامة الدعوى المدنية 1080 لسنة 1970 كلي القاهرة باسمهم واستئنافه للحكم الصادر فيها، وكانت هذه الأعمال تغلب فيها صفته كوكيل وإن استتبعت القيام بأعمال مادية فهذه تعتبر تابعة للعمل القانوني الذي باشره لصالحهم فإنه يكون قد التزم صحيح القانون حين اعتبره وكيلاً عنهم.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أخضع أجره لنص المادة 709 من القانون المدني رغم أن هذا النص لا يتكلم عن المحامي إذ لا يمكن أن تكون وكالته تبرعية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 709 من القانون المدني تنص على أن "1 - الوكالة تبرعية، ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل. 2 - فإذا اتفق على أجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة"، وكان المبلغ الذي طالب به الطاعن هو أتعاب محاماة متفق عليها قبل تنفيذ الوكالة، فإنه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعد أجر وكيل يخضع لتقدير المحكمة عملاً بالمادة المذكورة ولا عليها إن هي خفضته.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في السببين الثالث والرابع الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يحصل ما سرده في مذكرته المقدمة بجلسة 25/ 4/ 1976 بشأن التطور التشريعي لمهنة المحاماة ولم يتناوله بالرد، كما قدر الحكم أتعاباً له عما قام به من أعمال لصالح المطعون ضدهم بمبلغ 400 ج مؤسساً هذا القضاء على عبارات عامة دون أن يكون أمام المحكمة جميع أعمال الطاعن حتى تكون على بينة من جهده.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن محكمة الموضوع غير مكلفة بإيراد حجج الخصوم وتفنيدها طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله كما أن الحكم المطعون فيه وقد استند في تقدير أتعاب الطاعن عما قام به من أعمال لصالح المطعون ضدهم بما فيهم القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده الرابع إلى أهمية الدعاوى التي باشرها وما قام به من إجراءات ودفاع والجهد الذي بذله والنتيجة التي حققها لهم، ليس في حاجة إلى سرد بيان مفصل لجميع الأعمال التي باشرها إبان وكالته.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 56 لسنة 11 ق جلسة 14 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 154 ص 430

جلسة 14 مايو سنة 1942

برياسة حضرة علي حيدر حجازي بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

---------------

(154)
القضية رقم 56 سنة 11 القضائية

تعهد. 

صاحب الخيار. متى يتحلل من التضمينات؟ عند عدم قبول التعاقد في الفترة المحدّدة للاختيار. قبوله. مسئوليته عن تنفيذ التعهد والتزامه بالتضمينات.

--------------
إذا اتفق الطرفان على أن لأحدهما الخيار في مدّة معينة في أن يشتري العين فإن صاحب الخيار لا يتحلل من التضمينات إلا عند عدم قبول التعاقد في الفترة المحدّدة للاختيار. أما إذا قبل التعاقد فإنه يصبح مسئولاً عن تنفيذه وملزماً بالتضمينات في حالة عدم التنفيذ.

الطعن 727 لسنة 45 ق جلسة 5 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 79 ص 404

جلسة 5 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، وحسن النسر، ومنير عبد المجيد، ومحمد إبراهيم خليل.

---------------

(79)
الطعن رقم 727 لسنة 45 القضائية

(1) إعلان. نقض.
إعلان الطعن. وجوب أن يكون لشخص الخصم أو في موطنه الأصلي. الإعلان في الموطن المختار. شرطه. م 214 مرافعات.
(2) دعوى "تعجيل الدعوى". استئناف.
تعجيل ورثة المدعي للدعوى بعد انقطاع سير الخصومة. عدم بيان الموطن الأصلي لهم بصحيفة التعجيل واتخاذهم فيها موطناً مختاراً لهم. عدم جواز إعلانهم بصحيفة الاستئناف في هذا الموطن. علة ذلك.
(3، 4) استئناف. قانون.
(3) اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لإعلان صحيفته بعد الميعاد المحدد. المادتان 70، 230 مرافعات. استبعاد هذا الجزاء من نص المادة 320 مرافعات. لا يعني عدم إعماله علة ذلك.
(4) إعلان صحيفة الدعوى أو الاستئناف. إجراء لازم لانعقاد الخصومة. سريان قواعد إجراءات الدعوى والأحكام فيها على الاستئناف. م 240 مرافعات. مؤداه سريان إجراءات إعلان الدعوى في المواعيد المنصوص عليها في المادة 70 مرافعات.

----------------
1 - مؤدى نص المادة 214 من قانون المرافعات أن إعلان الطعن في الموطن المختار لا يكون إلا في إحدى حالتين: 1 - إذا كان الموطن المختار - للمطعون عليه - مبيناً في ورقة إعلان الحكم. 2 - إذا كان المطعون عليه هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي، وفي غير هاتين الحالتين لا يصح إعلان الطعن في الموطن المختار لأن الأصل - وعلى ما جرى به نص الفقرة الأولى من المادة المذكورة - أن يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه الأصلي.
2 - إذ كان البين من أوراق الطعن أنه لما انقطع سير الخصومة بوفاة المدعي - مورث المطعون عليهم - أثناء سير الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، عجل المدعى عليهم - الطاعنون - الدعوى قبل ورثته، ولما انقطع سير الخصومة مرة أخرى بوفاة أحد المدعى عليهم - الطاعنين - عجل ورثة - المطعون عليهم - السير فيها بإعلان للمدعى عليهم - الطاعنين - لم يبينوا فيه موطنهم الأصلي واتخذوا فيه موطناً مختاراً، وكان إعلان التعجيل لا يقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، فإن عدم بيان ورثة المدعي لموطنهم الأصلي في ورقة هذا الإعلان لا يجيز للمستأنفين - الطاعنين - إعلانهم بصحيفة الاستئناف في الموطن المختار الذي بينوه في ورقة إعلان التعجيل.
3 - النص في المادة 230 من قانون المرافعات على أن يرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى مفاده أنها أخذت في رفع الاستئناف بطريق إيداع صحيفة قلم الكتاب، فوحد المشرع بذلك بين طريقة رفع الدعوى وطريقة رفع الطعن فاكتفى فيها بإيداع الصحيفة قلم الكتاب بدلاً من إعلانها، ولذلك أسقط حكم الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 230 التي كانت تقضي بأن يعتبر الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته إلى قلم المحضرين، وذلك اتساقاً مع النظام الذي كان قد قرره في رفع الدعوى وواجب المدعى في إجراءاتها حيث كانت تقضي في فقرتها الأولى بأن يرفع الاستئناف بتكليف بالحضور يراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى، ومن ثم فحذف هذه الفقرة كان نتيجة عدول المشرع عن رفع الدعوى أو الاستئناف بتكليف بالحضور واكتفائه في رفعها بإيداع صحيفتها قلم الكتاب فأصبح إعلان الدعوى أو إعلان الاستئناف مجرد إجراء يتم به اتصال الدعوى أو الاستئناف بالخصم لأنه إذا كان يكفي لإجراء المطالبة القضائية إيداع صحيفة افتتاح الدعوى وهو ما يترتب عليها - كأثر إجرائي - بدأ الخصومة، إلا أن انعقاد الخصومة مشروط بتمام إعلان الصحيفة إلى المدعى عليه أو إلى المستأنف عليه، فإذا تخلف هذا الشرط زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية.
4 - إعلان صحيفة الدعوى أو صحيفة الاستئناف إجراء لازم لانعقاد الخصومة بين طرفيها تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، إلا أنه إجراء مشروط بميعاد ومؤدى ذلك أن المادة 240 من قانون المرافعات، إذ تقضى بأن يسري على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام إنما تقصد الإجراءات الخاصة بالدعوى بصفة عامة، وإعلان صحيفة الاستئناف إجراء مشروط حصوله في ميعاد فإحالتها تشمل هذا الإجراء مشروطاً بميعاده وهو ما تقضي به المادة 70 من قانون العقوبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 632 لسنة 1957 مدني أسيوط الابتدائية ضد الطاعنين وآخرين بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقارات الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى. وبجلسة 10/ 3/ 1960 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة بوفاة المدعي - مورث المطعون عليهم - فعجل المدعى عليهم - الطاعنون - الدعوى بإعلان ورثته وبجلسة 3/ 6/ 1966م حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة بوفاة... أحد المدعى عليهم فعجل ورثة المدعي - المطعون عليهم - الدعوى بإعلان ذكروا فيه أنهم يقيمون بالقاهرة وأن محلهم المختار مكتب الأستاذ.... المحامي بأسيوط، وبتاريخ 10/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بإثبات ترك المدعين - المطعون عليهم - الخصومة بالنسبة لمن عدا الطاعن من المدعى عليهم، وبتثبيت ملكية المدعين - المطعون عليهم - للعقارات موضوع النزاع، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 127 سنة 49 ق أسيوط ولدى إعلان المطعون عليهم - ورثة المدعي - بصحيفة الاستئناف بموطن مورثهم المبين بصحيفة افتتاح الدعوى أثبت المحضر عدم تمام الإعلان لأن المطلوب إعلانهم لا يقيمون بالعنوان المذكور. فأعلن الطاعنون صحيفة الاستئناف للمطعون عليهم في 5/ 5/ 1974 بمكتب الأستاذ.... المحامي باعتباره موطنهم المختار المبين في ورقة إعلان تعجيل السير في الدعوى أمام محكمة أول درجة ثم أعادوا إعلانهم فيه بتاريخ 25/ 11/ 1974، وبتاريخ 27/ 4/ 1975 حكمت المحكمة بناء على طلب المستأنف عليهم - المطعون عليهم - باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانهم بصحيفته إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صحيفة الاستئناف قلم الكتاب كنص المادة 70 من قانون المرافعات طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون أن المدعي - مورث المطعون عليهم - أقام الدعوى بصحيفة اشتملت على بيان موطنه الأصلي ومحله المختار، ولما توفى استأنف الطاعنون السير في الدعوى بإعلان تعجيل وجه لورثته في الموطن الأصلي لمورثتهم، ولما انقطع سير الخصومة مرة أخرى بوفاة أحد المدعى عليهم - الطاعنين - استأنف المطعون عليهم السير في الدعوى بإعلان تعجيل جاء به أنهم يقيمون بالقاهرة وأن موطنهم المختار مكتب الأستاذ.... المحامي بأسيوط، وهو ذات ما أورده في إعلانهم بطلباتهم الختامية، وبهذين الإعلانين انعقدت إجراءات جديدة أصبح فيها المطعون عليهم - ورثة المدعي - مدعين وكان عليهم أن يبينوا بالإعلان موطنهم الأصلي وموطنهم المختار لزوال أثر الموطن الأصلي المبين بصحيفة افتتاح الدعوى بوفاة مورثهم - المدعي - فإذا ما جهلوا فيه موطنهم الأصلي جاز إعلانهم بالطعن في موطنهم المختار عملاً بالفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات، وإذ هم أعلنوا المطعون عليهم في موطنهم المختار، بإعلان تعجيل الدعوى بعد أن أثبت المحضر أنهم لا يقيمون في الموطن الأصلي لمورثهم - المدعي - فإن الإعلان يقع صحيحاً وفي الميعاد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى بطلان إعلان صحيفة الاستئناف في الموطن المختار الذي اتخذه المطعون عليهم أمام محكمة أول درجة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى نص المادة 214 من قانون المرافعات أن إعلان الطعن في الموطن المختار لا يكون إلا في إحدى حالتين:
(1) إذا كان الموطن المختار للمطعون عليه مبيناً في ورقة إعلان الحكم.
(2) إذا كان المطعون عليه هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي، وفي غير هاتين الحالتين لا يصح إعلان الطعن في الموطن المختار لأن الأصل - وعلى ما جرى به نص الفقرة الأولى من المادة المذكورة - أن يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه الأصلي. لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أنه لما انقطع سير الخصومة بوفاة المدعي - مورث المطعون عليهم - أثناء سير الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى عجل المدعى عليهم - الطاعنون - الدعوى قبل ورثته، ولما انقطع سير الخصومة مرة أخرى بوفاة أحد المدعى عليهم - الطاعنين - عجل ورثة المدعي - المطعون عليهم - السير فيها بإعلان للمدعى عليهم - الطاعنين - لم يبينوا فيه موطنهم الأصلي واتخذوا فيه موطناً مختاراً، وكان إعلان التعجيل لا يقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، فإن عدم بيان ورثة المدعي لموطنهم الأصلي في ورقة هذا الإعلان لا يجيز للمستأنفين (الطاعنين) إعلانهم بصحيفة الاستئناف في الموطن المختار الذي بينوه في ورقة إعلان التعجيل وإذ هم أعلنوهم بصحيفة الاستئناف في الموطن الذي بينه مورثهم - المدعي - في صحيفة افتتاح الدعوى ورد الإجابة بأن المستأنف عليهم - المطعون عليهم - غير مقيمين فيه كان على الطاعنين أن يتحروا موطنهم ويقوموا بإعلانهم فيه حتى إذا لم يهتدوا إليه بعد التحري الجاد قاموا بإعلانهم للنيابة العامة بالإجراءات التي نصت عليها الفقرة العاشرة من المادة 13 من قانون المرافعات، وإذ تنكب الطاعنون الطريق الصحيح في إعلان المطعون عليهم وأعلنوهم بصحيفة الاستئناف في الموطن المختار في غير الحالتين الواردتين على سبيل الاستثناء في المادة 214 من قانون المرافعات، فإن الإعلان يقع باطلاً وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس. وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن الجزاء الذي رتبته المادة 70 من قانون المرافعات باعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة على قلم الكتاب، لا يسري على الدعوى في مرحلة الاستئناف لأن المشرع لم يحرص على أن يقيد المستأنف بميعاد يتضمن إعلان صحيفة الاستئناف خلاله ولو أراد ذلك لأورد نصاً خاصاً بالاستئناف كما فعل في قانون المرافعات الملغي الذي كانت المادة 405 منه تنص على أن يعتبر الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته على قلم المحضرين بالرغم من قيام المادة 416 منه التي كانت تنص على أنه - يجرى على قضية الاستئناف ما يجرى من القواعد على القضايا أمام محكمة الدرجة الأولى - وهي تقابل نص المادة 240 من قانون المرافعات الحالي، ولا ينال من ذلك أن المادة 230 من قانون المرافعات الحالي تقرر بأن يرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم الكتاب وفق الأوضاع المقررة لرفع الدعوى لأن المادة 405 من قانون المرافعات الملغي كانت تتضمن نفس الحكم، هذا إلى أن المادة 70 من قانون المرافعات الحالي إنما تتحدث عن ميعاد يتعين بتكليف المدعى عليه بالحضور خلاله، أما المادة 230 منه تتحدث عن الأوضاع المقررة لرفع الدعوى وكذلك تتحدث المادة 240 عن القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الثانية فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام أما المواعيد فلا تدخل تحت مدلول عبارات الأوضاع والإجراءات والأحكام الواردة بنص المادتين 230، 240 سالفتي الذكر، والدليل على ذلك أن المادة الخامسة من قانون المرافعات يجرى نصها بأنه "إذ نص القانون على ميعاد حتمي باتخاذ إجراء يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذ تم إعلان الخصم خلاله". وكذلك تتحدث المادة 19 من قانون المرافعات عن المواعيد كما تتحدث عن الإجراءات فتقول "يترتب البطلان على عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المواد 6، 7، 9، 10، 11، 13، وإذ تمسك الطاعنون بهذا الدفاع ولم يتناوله الحكم المطعون فيه بالرد فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 230 من قانون المرافعات قد نصت على أنه يرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى مما مفاده أنها أخذت في رفع الاستئناف بطريق إيداع صحيفته قلم الكتاب، فوحد المشرع بذلك بين طريقة رفع الدعوى وطريقة رفع الطعن فاكتفى فيها بإيداع الصحيفة قلم الكتاب بدلاً من إعلانها، ولذلك أسقط حكم الفقرة الثانية من المادة 409 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 230 التي كانت تقضى بأن يعتبر الاستئناف كأن لم يكن إذ لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته إلى قلم المحضرين، وذلك اتساقاً مع النظام الذي كان قد قرره في رفع الدعوى وواجب المدعي في إجراءاتها حيث كانت تقضي في فقرتها الأولى بأن يرفع الاستئناف بتكليف بالحضور يراعى فيه الأوضاع المقررة بصحيفة افتتاح الدعوى ومن ثم فحذف هذه الفقرة كان نتيجة عدول المشرع عن رفع الدعوى أو الاستئناف بتكليف بالحضور واكتفاءه في رفعها بإيداع صحيفتها قلم الكتاب فأصبح إعلان الدعوى أو إعلان الاستئناف مجرد إجراء يتم به اتصال الدعوى أو الاستئناف بالخصم لأنه إذا كان يكفي إجراء المطالبة القضائية إيداع صحيفة افتتاح الدعوى وهو ما يترتب عليها - كأثر إجرائي - بدء الخصومة، إلا أن انعقاد الخصومة مشروط بتمام إعلان الصحيفة إلى المدعى عليه أو إلى المستأنف عليه، فإذا تخلف هذا الشرط زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية، ومن ثم كان إعلان صحيفة الدعوى أو صحيفة الاستئناف إجراء لازماً لانعقاد الخصومة بين طرفيها تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم إلا أنه إجراء مشروط بميعاد ومؤدى ذلك أن المادة 240 من قانون المرافعات إذ تقضي بأن يسري على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام إنما تقصد الإجراءات الخاصة بالدعوى بصفة عامة وإعلان صحيفة الاستئناف إجراء مشروط حصوله في ميعاد فإحالتها تشمل هذا الإجراء مشروطاً بميعاده وهو ما تقضي به المادة 70 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الطاعنون - المستأنفون - قد وجهوا ورقة إعلان صحيفة الاستئناف إلى المطعون عليهم - المستأنف عليهم - في موطنهم المختار الذي اتخذوه أمام محكمة أول درجة في غير الحالتين اللتين أجاز القانون فيهما إعلان الطعن في الموطن المختار استثناء من الأصل، وكان هذا الإعلان قد رفع باطلاً غير منتج لآثاره القانونية - على نحو ما سلف في الرد على السبب الأول - وقد خلت أوراق الطعن مما يفيد قيام الطاعنين بإعلان المطعون عليهم بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة لقلم الكتاب، وكان المستأنف عليهم - المطعون عليهم - قد دفعوا قبل أن يتعرضوا للموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليفهم بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب وكان ميعاد ثلاثة الأشهر المنصوص عليها في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت عليها المادة 240 الواردة في باب الاستئناف في هذا القانون - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ميعاد حضور بصريح النص ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وهذا الجزاء قد تقرر لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخى المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب ويتحتم على المحكمة عملاً بالمادتين 70 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 و240 من ذات القانون أن توقع الجزاء المذكور في حالة طلبه من صاحب المصلحة ولا يكون لها خيار فيه، ما لم يتنازل عن طلب توقيعه وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 54 لسنة 11 ق جلسة 14 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 153 ص 424

جلسة 14 مايو سنة 1942

برياسة حضرة علي حيدر حجازي بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

---------------

(153)
القضية رقم 54 سنة 11 القضائية

(أ) رهن. 

استغلال العقار المرهون. على الدائن استنزال قيمة الغلة من الدين المؤمن بالرهن: من الفوائد والمصاريف ثم من أصل الدين. أجرة الأرض المرهونة. لا يصح اعتبارها فوائد عن الدين يضمنها الرهن. يجب على الدائن تقديم حساب عن غلة الأرض المرهونة. عدم تحصيله إياها. تقصير منه يتحمل نتائجه.
(المادة 545 مدني)
(ب) فوائد عن متجمد الفوائد. 

شرط الحكم بها. حصول اتفاق خاص على ذلك أو رفع الدعوى بهذا الطلب.
(المادتين 126 و127 مدني)

---------------
1 - إن مقتضى المادة 545 من القانون المدني أن الدائن المرتهن عليه أن يسعى في استغلال العقار المرهون بحسب ما هو قابل له على أن تستنزل قيمة الغلة من الدين المؤمن بالرهن بحيث إنها تستنزل أوّلاً من الفوائد والمصاريف ثم من أصل الدين. ولما كان للدائن المرتهن في سبيل استغلال العقار أن يستغله بنفسه أو يؤجره لغير المدين الراهن أو لنفس المدين الراهن بالشروط الواردة في القانون، ولما كان لا نزاع في أنه إذا كان الإيجار لغير المدين لا يكون دين الأجرة المقتضى تحصيله من هذا الغير مضموناً بالرهن بل يكون استنزال قيمته من الدين على الوجه المتقدّم واجباً ولو لم يحصله الدائن، فإنه إذا كان الإيجار للمدين نفسه فلا وجه لأن يتغير الحكم. ولا يصح اعتبار دين الأجرة فوائد مستحقة عليه للدائن لأن الأجرة - على خلاف الفوائد - هي من حق الراهن على الأساس المتقدّم لا من حق المرتهن. فالقول بأنها من قبيل الفوائد التي يضمنها الرهن خطأ. ومتى كانت الأجرة لا تعدّ مضمونة بالرهن باعتبارها فوائد عن الدين وكانت قيمة الغلة واجباً خصمها من الدين المضمون بالرهن، كان على الدائن المرتهن أن يقدّم عنها حساباً بحيث إنه إن لم يحصل قيمة الغلة أو أهمل في تحصيلها فإنه يكون مسئولاً عن نتائج تقصيره.
2 - يشترط قانوناً للحكم بفوائد عن متجمد الفوائد أن يكون قد حصل اتفاق خاص على ذلك بين الدائن والمدين. فإذا لم يكن هناك اتفاق فإن الحكم بها لا يكون إلا من وقت رفع الدعوى. فإذا لم يحصل اتفاق وكانت هذه الفوائد لم تطلب في الدعوى فإن المحكمة تكون على حق إذا هي لم تحتسبها.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الموضوع - فيما يأتي: في 14 من يناير سنة 1926 ارتهن جندي قرياقص موسى ولبيب سمعان قرياقص (الطاعنان الأوّل والثاني) من الشيخ سليمان عبد الرحمن جابر (المطعون ضدّه) بعقد رهن حيازة مسجل في 17 من فبراير سنة 1926: 20 فداناً و4 أسهم ضماناً لوفاء مبلغ 1220 جنيهاً. وفي 17 من نوفمبر سنة 1928 ارتهن وهبه قرياقص (الطاعن الثالث) وإقلاديوس موسى روفائيل (مورّث باقي الطاعنين) من نفس المدين (المطعون ضدّه) بعقد رهن حيازة مسجل في 13 من ديسمبر سنة 1928: 29 فداناً و4 قراريط و22 سهماً ضماناً لوفاء مبلغ 1800 جنيه. وفي 13 من يونيه سنة 1934 رفع المطعون ضدّه أمام محكمة أسيوط الابتدائية على الطاعنين الأوّل والثاني الدعوى رقم 506 سنة 1934 التي أحيلت فيما بعد إلى محكمة سوهاج الابتدائية بعد إنشائها. وطلب الحكم بفسخ عقد الرهن المؤرّخ في 14 من يناير سنة 1926 وبراءة ذمّته من المبلغ الوارد به وإلزام المدّعى عليها بمبلغ 315 جنيهاً والفوائد بسعر 5% من تاريخ المطالبة الرسمية للوفاء، وتسليم العين إليه ومحو التسجيل المتوقع عليها مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ثم عدّل طلباته بإعلان تاريخه 30 من سبتمبر سنة 1938 أدخل فيه الطاعن الثالث ومورّث باقي الطاعنين وطلب الحكم بصفة أصلية ببطلان عقدي الرهن السالف ذكرهما وتسليمه الـ 49 فداناً و5 قراريط وسهمين المرهونة ومحو التسجيلات المتوقعة عليها مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، واحتياطياً بفسخ عقدي الرهن المذكورين وبراءة ذمّته من دين الرهن وفوائده وحفظ حقه في زائد المنفعة وتسليمه الأطيان مع محو التسجيلات وإلزامهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ورفع الطاعنان الأوّل والثاني أمام محكمة سوهاج الابتدائية الدعوى رقم 146 سنة 1937 على المطعون ضدّه وطلبا فيها الحكم بإلزامه بمبلغ 1220 جنيهاً وحبس العين المرهونة لهما وقدرها 20 فداناً و4 أسهم تحت يدهما حتى يستوفيا دينهما وملحقاته. كما رفع الطاعن الثالث ومورّث باقي الطاعنين أمام المحكمة المذكورة الدعوى رقم 147 سنة 1937 على المطعون ضدّه وطلبا فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 1816 جنيهاً و150 مليماً وحبس العين المرهونة لهما وقدرها 29 فداناً و4 قراريط و22 سهماً حتى يستوفيا دينهما وملحقاته. وفي 21 من يونيه سنة 1937 قرّرت محكمة سوهاج الابتدائية ضم الدعويين رقم 146 و147 سنة 1937 إلى الدعوى رقم 274 سنة 1936 واعتبرت أن هناك ارتباطاً لا يتجزأ بين الرهنين. ثم في 19 من إبريل سنة 1938 أصدرت حكماً تمهيدياً في الدعاوى الثلاث قطعت فيه في بعض نقط النزاع ثم ندبت ثلاثة خبراء لعمل الحساب والاستهلاك ورسمت لهم الطريق الذي يسلكونه في مباشرة عملهم. وقد سجلت المحكمة في حكمها الوقائع الآتية:
(1) أن المعاملة بين طرفي النزاع ترجع إلى 5 من إبريل سنة 1923 حينما اقترض المدين 1000 جنيه بفائدة 210 جنيهات سنوياً واستمرّت المعاملة على هذا الأساس وانتهت بتحرير عقد الرهن الأوّل. (2) أن المدين اقترض 1000 جنيه أخرى في أوّل سنة 1927 بكمبيالة وبفائدة 120 جنيهاً سنوياً وانتهى الأمر بتحرير عقد الرهن الثاني بعد إضافة الفوائد المستحقة عن الدينين وبلغ مجموع ذلك كله 1800 جنيه. (3) أن الأطيان المرهونة كان يزرعها المدين الراهن سنوياً حتى نهاية سنة 1934 ثم وضع الدائنون يدهم عليها من سنة 1935. (4) أن سعر الفائدة انخفض ابتداء من سنة 1929، فقد استأجر المدين الأطيان في سنتي 1929 و1930 بعقد إيجار بمبلغ 630 جنيهاً في السنتين، أي بما يوازي 9% سنوياً واتفق الطرفان على تكملة الفائدة إلى 12% بواسطة تحرير كمبيالتين كل منهما بمبلغ 90 جنيهاً، وتحرّر عقد إيجار بمبلغ 630 جنيهاً عن سنتي 1931 و1932. أما في سنتي 1933 و1934 فقد استأجر المدين الأطيان بسعر الفدان 300 قرش بعد خصم المال أي أن الفائدة هبطت إلى نحو 5%. (5) أن الدائنين حصلوا في 10 من إبريل سنة 1930 على حكم بإلزام المدين بمبلغ 630 جنيهاً عن إيجار سنتي 1929 و1930، واستصدروا في 26 من يونيه سنة 1932 حكماً بإيجار سنتي 1931 و1932، واستصدروا في 27 من مايو سنة 1934 حكماً ثالثاً بإيجار سنتي 1933 و1934. وقد دفع المدين بعض ما حكم به إلا أن المحكمة ترى أن يجرى الحساب على أساس أنها دفعت جميعها على أن يكون للدائنين تنفيذها ضدّ المدين فيما يكون باقياً في ذمته لهم منها. فرفع الطاعنون الثلاثة الأوّل ومورّث باقي الطاعنين استئنافاً عن الحكم التمهيدي أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهم برقم 102 سنة 13 وطلبوا في صحيفته إلغاء الحكم التمهيدي والقضاء بما يأتي: (أوّلاً) رفض دعوى المطعون ضدّه. (ثانياً) إلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 3036 جنيهاً و150 مليماً وحبس العين المرهونة وقدرها 49 فداناً و5 قراريط وسهمان. (وثالثاً) إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ثم توفى إقلاديوس موسى وحل محله ورثته. وفي أثناء سير الاستئناف باشر اثنان من الخبراء العمل في الدعوى الابتدائية وقدّما تقريرين مستقلين، وذلك لعدم الاتفاق فيما بينهم. وفي 25 من أكتوبر سنة 1938 قرّرت المحكمة الابتدائية استبعاد التقريرين المقدّمين من الخبيرين وندبت خبيرين بدلهما للانضمام للخبير الثالث. وقد باشر هؤلاء مأموريتهم وقدّموا تقريراً خلصوا في نتيجته إلى أنه تبقى للطاعنين في ذمة المطعون ضدّه من مبلغي الرهن حتى أوّل أغسطس سنة 1938 مبلغ 397 جنيهاً و726 مليماً على أن يكون للمدّعى عليهم الحق في تنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحتهم ضدّ المطعون ضدّه والخاصة بمبلغ الإيجار. وقد عرض المطعون ضدّه المبلغ الذي أظهره الخبراء ثم أودعه بخزانة المحكمة وتبين بعد ذلك أن هناك فرقاً قدره 813 مليماً نشأ عن احتساب الفائدة عن سنتي 1933 و1934 بواقع 8% بدلاً من 9%، وقد عرض المطعون ضدّه هذا الفرق ثم أودعه بخزانة المحكمة. وفي 31 من مايو سنة 1939 قضت المحكمة الابتدائية: (أوّلاً) بصحة العرضين الحاصلين من المطعون ضدّه البالغ قدرهما 398 جنيهاً و239 مليماً وفسخ رهن 49 فداناً و5 قراريط وسهمين الموضحة بعقدي الرهن وبراءة ذمة المطعون ضدّه من المبالغ الواردة بالعقدين سالفي الذكر ومحو التسجيلات المتوقعة على الأطيان المبينة بهما بناء على ذلك الرهن وإلزام باقي الخصوم بتسليمها له. (ثانياً) برفض باقي طلبات المطعون ضدّه، وأيضاً جميع طلبات خصومه. (ثالثاً) إلزام المطعون ضدّه بالمصاريف الخاصة بمبلغ 398 جنيهاً و539 مليماً وإلزام باقي الخصوم بباقي المصاريف.
فرفع الطاعنون أمام محكمة استئناف أسيوط الاستئناف رقم 47 سنة 15 قضائية عن هذا الحكم وطلبوا إلغاءه بكامل أجزائه والحكم لهم بطلباتهم الأولى. ورفع المطعون ضدّه الاستئناف رقم 53 سنة 15 قضائية عن الحكم المذكور طالباً: (أوّلاً) الحكم ببطلان عقدي الرهن الصادرين منه وما لحق بهما من عقود إيجار صورية. (وثانياً) الحكم بصرف مبلغ 398 جنيهاً و539 مليماً المودع منه بخزانة محكمة سوهاج بغير قيد ولا شرط وإجراء عملية الاستهلاك على أساس أن لا فوائد للخصوم وبراءة ذمته من مبلغ 3000 جنيه مجموع دين الرهنين وحفظ حقه في استرداد ما دفعه من الفوائد الزائدة على الحدّ القانوني بدعوى مستقلة. ومن باب الاحتياط الحكم بفسخ عقدي الرهن وبراءة ذمته من دين الرهن على أساس إضافة مبلغ 465 جنيهاً لحسابه والحكم بصرف مبلغ 398 جنيهاً و539 مليماً المودع وحفظ حقه في استرداد الزائد له من الفوائد المدفوعة. (وثالثاً) إلزام الطاعنين بالمصاريف عن الدرجتين وأتعاب المحاماة المناسبة. وفي 11 من يناير سنة 1940 قرّرت محكمة الاستئناف ضم الاستئناف رقم 102 سنة 13 قضائية المرفوع عن الحكم التمهيدي والاستئناف رقم 53 سنة 15 قضائية إلى الاستئناف رقم 47 سنة 15 قضائية. وفي 16 من نوفمبر سنة 1940 قضت بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم للطاعنين في 30 من يوليه سنة 1941. فقرّر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 26 من أغسطس سنة 1941 إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأنه: (أوّلاً) اعتبر مبلغ 811 جنيهاً و810 مليمات الباقي في ذمة المطعون ضدّه من قيمة الإيجار المحكوم بها عليه مدفوعاً من أصل الرهن مع أنه فوائد عن الدين، وعقود الرهن صريحة في أن العين ضامنة للأصل والفوائد، فالأخذ بما ارتآه الحكم يضيع هذا الامتياز ويخالف ما هو مدوّن بالمستندات. (ثانياً) لم يحتسب لهم فوائد عن متجمد فوائد كل سنة كاملة مع أن القانون يجيز احتسابها، خصوصاً إذا كان هناك اتفاق عليها، والاتفاق موجود في المذكرة المقدّمة من وكيل المطعون ضدّه فقد أقرّ لهم صراحة بهذا الحق وأجرى حسابه على هذا الأساس.
ومن حيث إنه عن الوجه الأوّل فإن مقتضى القانون في المادة 545 مدني أن يسعى الدائن المرتهن في استغلال العقار المرهون بحسب ما هو قابل له، على أن تستنزل قيمة الغلة من الدين المؤمن بالرهن بحيث إنها تستنزل أوّلاً من الفوائد والمصاريف ثم من أصل الدين. ولما كان للدائن المرتهن في سبيل ذلك أن يستغل العقار بنفسه أو أن يؤجره لغير المدين الراهن، أو أن يؤجره لنفس المدين الراهن بالشروط الواردة في القانون، ولما كان مما لا نزاع فيه أنه إذا أجره لغير المدين لا يكون دين الأجرة المقتضى تحصيله من هذا الغير مضموناً بالرهن، ويجب استنزال قيمته من الدين على الوجه المتقدّم حتى لو عجز الدائن المرتهن عن تحصيلها - لما كان ذلك فإن الحالة لا تتغير إن كان الإيجار للمدين نفسه. ولا يصح أن يعتبر دين الأجرة فوائد مستحقة للدائن على المدين، لأن الأجرة، على خلاف الفوائد، هي من حق الراهن على الأساس المتقدّم، لا المرتهن. فالقول إذن بأنها من قبيل الفوائد التي يضمنها الرهن خطأ، وتشبيهها بها من باب القياس مع الفارق. ومتى كان هذا مقرّراً فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه من عدم عدّ ديون الأجرة مضمونة بالرهن باعتبارها فوائد الدين المرهون، خلافاً لما يزعمه الطاعنون.
ومن حيث إنه لما كان من الواجب كما تقدّم أن تخصم قيمة الغلة من الدين المضمون بالرهن فإنه يجب على الدائن المرتهن أن يقدّم حساباً عنها، بحيث إنه إن لم يحصل قيمة الغلة، أو أهمل في تحصيلها، فإنه يكون مسئولاً عن عمله ويجب عليه أن يتحمل النتائج المترتبة عليه. فإذا كان الطاعنون في الدعوى بعد أن أخذوا في تنفيذ الأحكام الثلاثة الصادرة لهم، وبعد أن حصلوا جانباً منها وحجزوا على الحاصلات واتخذوا إجراءات أخرى في سبيل دين الأجرة، تنازلوا عن هذه الإجراءات فلا يلومون إلا أنفسهم، وليس لهم أن يدعوا أن دين الأجرة مضمون بالرهن.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فإن الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ لم يقض للطاعنين بفوائد على متجمد الفوائد. ذلك لأنه يشترط قانوناً للحكم بهذه الفوائد أن يكون قد حصل اتفاق خاص بشأنها بين الطرفين، وإلا فلا يجوز الحكم بها إلا من وقت رفع الدعوى بطلبها، وما دام لا يوجد أي اتفاق بين المدين والدائنين في هذا الخصوص، ولم تحصل مطالبة بتلك الفوائد وقت رفع الدعوى فإن إقرار المحكمة عمل الخبراء من عدم احتساب فوائد مركبة لا تثريب عليها فيه.