الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 مارس 2023

الطعن ١٠٥٨٨ لسنة ٩٠ ق جلسة 23 / 5 / 2022

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

الاثنين ( هـ )

المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ ربيع لبنه نائب رئيس المحكمة . وعضوية السادة المستشارين عمر عبد السلام واحمد الديب وشامل الشرملسي ومحمد ممدوح

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى عاشور -

وأمين السر السيد / مصطفى خالد

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الاثنين ٢٢ من شوال سنة ١٤٤٣ هـ الموافق 23 مايو لسنة ٢٠٢٢ م.

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم ١٠٥٨٨ لسنة ٩٠ القضائية

المرفوع من:

....... محكوم عليه وطاعن

ضد

النيابة العامة المطعون ضدها

---------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ۲۳۵۱ لمنة ۲۰۲۰ جنايات مركز بني سويف المقيدة برقم ١٥٣ لسنة ٢٠٢٠ كلي بنى سويف.

لأنه في يوم ٤ من فبراير سنة ٢٠٢٠ بدائرة مركز بني سويف محافظة بني سويف

- أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "الحشيش" وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا.

- قاد مركبة آلية تحت تأثير المخدر

وأحالته إلى محكمة جنايات بني سويف لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت بجلسة ۱۱ من يونيو سنة ۲۰۲۰ عملاً بالمادة ۱، 2 ، 37 / 1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل والبند رقم (٥٦) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم ٤٦ لسنة ١٩٩٧، والمواد ۱، 3 /1 ، 4 /1، ٦٦، ٧٦ من القانون رقم 66 لسنة ١٩٧٣ المعدل بالقوانين أرقام ۲۱۰ لسنة ۱۹۸۰، ١٥٥ لسنة ۱۹۹۹، ۱۲۱ لسنة ۲۰۰۸ وقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 142 لسنة 2014 مع إعمال المواد ۱۷، ۳۲ ٥٥ ، ٥٦ من قانون العقوبات - حضوريا بتوكيل بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع الشغل وتغريمه عشرة آلاف جنيه لما أسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم.

فطعن الأستاذ / ..... المحامي وكيلاً من المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 1 من أغسطس سنة ٢٠٢٠ . وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه موقعاً عليها من الأستاذ المحامي المقرر بالطعن.

- وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة قانونا:

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر " الحشيش المخدر بقصد التعاطي، وقيادة مركبة تحت تأثيره . قد شابه القصور والتناقص في التسبيب. والفساد في الاستدلال، والخطأ في تطبيق القانون . ذلك أنه جاء قاصراً في بيان واقعة الدعوى. بركنيها المادي والمعنوي، وعول في إدانته على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات ثم اطرحه في معرض رده على الدفع ببطلان ما قاما بإجرائه من تحليل له ، معولاً على نتيجة التحليل الذي أجرته النيابة العامة، رغم بطلان ما سبقه من إجراءات استيقاف وقبض ، وتحليل تم إجرائه في غير حالات التلبس ، ولم يؤذن بإجرائه واحتمال تفاعل العينة مع الكوب البلاستيكي ، وافترض الحكم رضاء الطاعن بأخذ العينة منه ، وهو ما لا أصل له بالأوراق ، هذا إلى أن الطاعن لم يكن محرزاً لثمة مخدر ، وأن ما ظهر بالتحليل هو أثر المخدر بالجسم ، وبما لا يصح معه مساءلته عن جريمة إحرازه، وأن الواقعة لا تعدو مجرد جنحة قيادة مركبة ألية تحت تأثير المخدر ، وأخيراً شاب محضر الضبط البطلان إذ انه مجرد نموذج مطبوع ، وخلا من سؤال الطاعن ، كل ذلك يعيب الحكم ، وستوجب نقضه

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات بالتحقيقات، ومما ثبت بتقرير المعمل المشترك للسموم والمخدرات ببني سويف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وجاء استعراض المحكمة لها ، على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك، وكان لا تناقض بين اطراح الحكم للدليل المستمد من نتيجة التحليل الذي أجراه الشاهد الثاني ، واعتماده نتيجة التحليل الذي أجرته النيابة العامة للطاعن ، باعتباره دليل منبت الصلة بواقعة القبض المدعى ببطلانه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن بطلان القبض والتفتيش - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه ، والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها القبض والتفتيش ، ومن هذه العناصر تقرير المعمل المشترك للسموم والمخدرات ببنى سويف، الذي أثبت إيجابية عينة بول الطاعن لمخدر الحشيش الذي ظهر من التحليل الذي أمرت بإجرائه النيابة العامة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بنتيجة هذا التحليل باعتباره دليلاً مستقلاً عن القبض والتفتيش ، وهو ما يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان استيقافه وبطلان أخذ ضابط المرور العينة منه وانعدام رضائه بذلك ، وانتقاء حالة التلبس ، وبطلان محضره وإطراح أقواله - بفرض صحنه - يكون غير مجد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من احتمال تفاعل العينة مع الكوب البلاستيكي إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي أمرت بإجرائها النيابة العامة . واطمأنت إليها محكمة الموضوع ، واطرحت دفاعه ذلك بأسباب سائغة ، فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل ، وهو من إطلاقاتها ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أثبتت في حق الطاعن أخذا بتقرير المعمل المشترك للسموم والمخدرات ببني سويف، أن عينة بوله قد احتوت على جوهر الحشيش المخدر ، فإن هذا يكفي لاعتبار الطاعن محرزاً لمادة الحشيش بقصد التعاطي ، من غير أن يضبط معه فعلا عنصراً من عناصرها، فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الوجه يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة ٦٦ من قانون المرور، فإن ذلك لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها، مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم كما هو الحال في الدعوى الراهنة . لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

لذلك

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه

الطعن 500 لسنة 29 ق جلسة 25 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 138 ص 890

جلسة 25 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

----------------

(138)
الطعن رقم 500 لسنة 29 القضائية

ملكية. "أسباب كسب الملكية". "التقادم المكسب". حيازة. "ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يد الخلف". وضع يد. خلف. بيع.
التملك بوضع اليد. كفايته بذاته سبباً للتملك. للمشتري الاستدلال بعقد شرائه غير المسجل على انتقال الحيازة إليه. اعتبار حيازته امتداداً لحيازة سلفه البائع له.

--------------
التملك بوضع اليد واقعة متى توافرت شرائطها القانونية فإنها تكفي بذاتها سبباً لكسب الملكية، وليس ما يمنع مدعي التملك بهذا السبب من أن يستدل بعقد شرائه غير المسجل على انتقال حيازة العين إليه وتكون حيازته في هذه الحالة امتداداً لحيازة سلفه البائع له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليه الأول محمود إبراهيم سليم أقام ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم الدعوى رقم 698 سنة 1954 مدني كلي المنصورة وقال بياناً لها إن الطاعن باشر إجراءات نزع الملكية لدين له في ذمة المرحوم محمد محمد مغيره - مورث المطعون عليها الثانية - وحكم له بتاريخ 10 من يونيه سنة 1953 في الدعوى رقم 11 سنة 1951 بيوع كلي المنصورة برسو مزاد 9 ف و13 ط و8 س على أنها بعض تركة هذا المدين وأنه - المطعون عليه الأول - يملك أطياناً قدرها 4 أفدنة و12 قيراطاً و13 سهماً شائعة في الأطيان التي رسا مزادها على الطاعن كان قد اشتراها في سنة 1945 وتملكها بوضع يده عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية هو وسلفه البائع له - مصلحة الأملاك الأميرية - وطلب الحكم له بأحقيته للقدر المملوك له شائعاً في 9 أفدنة و13 قيراطاً و8 أسهم موضحة بصحيفة افتتاح الدعوى وبطلان إجراءات نزع الملكية وحكم مرسى المزاد السالف الذكر ومحو كافة التسجيلات المتوقعة على القدر المذكور بناء على طلب الطاعن وذلك في مواجهة المطعون عليهم من الثالث للأخير، ودفع الطاعن الدعوى بأن أرض النزاع مملوكة لمدينه المرحوم محمد محمد مغيره الذي اشتراها من مصلحة الأملاك الأميرية ووضع يده عليها، وبجلسة 16 من إبريل سنة 1957 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي - المطعون عليه الأول - إنه وضع يده على الأطيان المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى والحكومة من قبله المدة الطويلة المكسبة للملكية ولينفي الطاعن ذلك وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 25/ 3/ 1958 للمدعى - المطعون عليه الأول بطلباته - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 71 سنة 10 ق المنصورة وفي 8/ 1/ 1958 قضت المحكمة بتأييده. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأبدت النيابة الرأي بطلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 23/ 4/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في الوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق - ويقول بياناً لذلك إن الحكم بني قضاءه باستحقاق المطعون عليه الأول للقدر المتنازع عليه وببطلان إجراءات التنفيذ على أنه تملك هذا القدر بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية هو وسلفه - مصلحة الأملاك الأميرية - التي باعت له هذا القدر في 21/ 12/ 1947 مع إنه يجب لكي يعد المشتري خلفاً للبائع - يضم مدة وضع يد سلفه إلى مدة وضع يده - أن يثبت على وجه القطع أن عقداً بالبيع قد عقد وأن يصدر هذا البيع ممن لا يملكه ولا يكفي مجرد إقرار البائع بالبيع، والثابت في الدعوى أن الحكومة تضاربت في أقوالها بشأن حصول البيع للمطعون عليه الأول في سنة 1947 إذ انضمت إليه تارة وتخلت عن مساندته تارة أخرى ومرد هذا التناقض منها إنها في واقع الأمر لم تبع القدر المتنازع عليه للمطعون الأول بعقد مسجل في 28/ 11/ 1955 أما الإقرار الذي تضمنته شهادة تفتيش السرو بحصول البيع في سنة 1947 فهو صادر من غير ذي صفة لعدم تصديق وزير المالية على حصول البيع إذ أن التصديق على البيع لم يتم إلا بالنسبة للعقد الذي سجل فيما بعد أي في سنة 1955 ويقول الطاعن بياناً للوجه الثاني إن الثابت من حكم مرسى المزاد أن مصلحة الأملاك كانت ممثلة في جميع إجراءات نزع الملكية ولم تبد أي اعتراض حتى حكم له بمرسى المزاد وأصبح هذا الحكم نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه وبه خرجت ملكية أرض النزاع عنها إلى الراسي عليه المزاد فإذا ما اشترى المطعون عليه الأول أطيان النزاع بعد ذلك من مصلحة الأملاك في تاريخ لاحق وذلك بالعقد المسجل في 28/ 11/ 1955 فإنه يكون قد اشتراها ممن لا يملكها ولا اعتداد بعقده وإذ اعتبر الحكم أن المطعون عليه الأول قد اشترى أرض النزاع من مالك بوضع اليد يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه فإنه يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه تأسيساً لقضائه باستحقاق المطعون عليه الأول لأرض النزاع ما يلي "وحيث إنه بالنسبة لهذا السبب فقد تناولته محكمة أول درجة في أسبابها وقالت بالنسبة لما أثاره المدعى عليه الأول - الطاعن - في مذكرته الختامية من أنه ينازع في أن المدعي - المطعون عليه الأول - خلف خاص لمصلحة الأملاك يضم إليها مدة وضع يده لأنه لم يشتر القدر المتنازع عليه إلا بعقد مسجل في 28/ 11/ 1955 وأنه قبل هذا التاريخ لم يكن مشترياً فإن هذا القول منه مردود بما جاء بمذكرة الحكومة من أنها باعت إلى المدعي القدر المتنازع عليه في 21/ 12/ 1947 وقام المدعي بدفع مبلغ 75 ج معجل الثمن كما قام بدفع رسوم التسجيل واعتمد هذا البيع في 29/ 3/ 1948 وأن مورث المدعى عليها الثانية - المدين - لم يشتر هذا القدر وأن ما اشتراه بالمزاد العلني في 25/ 5/ 1949 هو باقي مساحة الجزء رقم 16 بحوض العفريت الأمر الذي يقطع بأن مدين المدعى عليه - مدين الطاعن - لم يكن مالكاً في يوم من الأيام للقدر موضوع النزاع وأن المدعي هو المالك الحقيقي وواضع اليد الفعلي لهذا القدر ومن ثم يعتبر خلفاً خاصاً لمصلحة الأملاك يضم إليها مدة وضع يده...، وحيث إن المستأنف - الطاعن - لم يأت بجديد في استئنافه لم تتناوله محكمة أول درجة في أسبابها التي تأخذ بها هذه المحكمة وتجعلها أسباباً لحكمها". ويبين من ذلك أن المحكمة قد حصلت في نطاق سلطتها الموضوعية أن المطعون عليه الأول اشترى في سنة 1947 من مصلحة الأملاك القدر الذي يطالب باستحقاقه واستدلت على ذلك بأدلة مستمدة من أوراق الدعوى وبما قررته مصلحة الأملاك في مذكرتها من أنها باعت إلى المطعون عليه الأول في التاريخ المذكور أطيان النزاع وأن هذا الخير قام بدفع معجل الثمن واعتمد هذا البيع في 29/ 3/ 1948 وهو تحصيل سائغ ومن شأنه أن يؤدى إلى نتيجة التي انتهت إليها فلا معقب عليه. كما يبين من الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أنه قد أشار إلى الإقرار الصادر من تفتيش السرو والمقدم من المطعون عليه الأول في مقام سرد دفاع هذا الأخير وهو لا يعدو أن يكون إخباراً بحصول عقد البيع الذي عقد مع المطعون عليه الأول في سنة 1947 واعتمدته المصلحة في سنة 1948 وقد رتبت المحكمة على انعقاد هذا البيع اعتبار هذا الأخير خلفاً خاصاً يحق له أن يضم مدة وضع يد سلفه إلى مدة وضع يده وأنه بذلك يكون قد كسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة، ولما كان القانون لا يمنع المشتري من أن يستدل بعقد شرائه غير المسجل على انتقال الحيازة إليه وأن تكون حيازته امتداداً لحيازة سلفه البائع له وكان التملك بوضع اليد واقعة متى توافرت شرائطها القانونية فإنها تكفي بذاتها سبباً للتملك، ولما كان ذلك، فإن النعي بأن المطعون عليه الأول لا يعتبر خلفاً خاصاً لمصلحة الأملاك لأن شراءه بالعقد المسجل في سنة 1955 كان لاحقاً لتاريخ الحكم الصادر بمرسى المزاد عليه وتسجيله وانتقال ملكية أطيان النزاع إليه - فلم يصاف عقده محلاً - هذا النعي لا يكون له أساس طالما أن المطعون عليه الأول قد كسب الملكية بسبب آخر مستقل عن العقد المسجل وهو حيازته منذ شرائه الحاصل في سنة 1947 مما يجعله خلفاً لبائعه من ذلك التاريخ ويستفيد من حيازة هذا البائع بضم مدة وضع يد هذا الأخير إلى مدة وضع يده هو بغير أن يحاج بإجراءات البيع التي انتهت برسو المزاد على الطاعن والتي لم يكن المطعون عليه الأول طرفاً فيها ذلك أن البائع - مصلحة الأملاك - لا يمثل المطعون عليه الأول فيها إذا كان كسب هذا الأخير ملكية أطيان النزاع يستند إلى الحيازة وهي سبب مستقل عن العقد المسجل وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فلا يعيبه قصور في التسبيب أو خطأ في القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 433 لسنة 29 ق جلسة 25 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 137 ص 883

جلسة 25 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(137)
الطعن رقم 433 لسنة 29 القضائية

(أ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "القانون 577 لسنة 1954". "لجنة المعارضات" "طبيعتها"
لجنة المعارضات التي أنشأها القانون 577 لسنة 1954 هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي، إذ ناط بها المشرع الفصل في الخلاف القائم بين المصلحة وذوي الشأن على التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "القانون 577 لسنة 1954". "قرارات لجنة المعارضات". "الطعن فيه". "ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الطعن".
ولاية المحكمة الابتدائية قاصرة على نظر الطعون التي تقدم إليها من المصلحة أو من أصحاب الشأن في قرارات لجان المعارضات. هذه الطعون من نوع خاص وليست بدعوى مبتدأة. لا تملك المحكمة تقدير التعويض ابتداء. لا تتعدى ولايتها النظر في مدى موافقة قرار اللجنة لأحكام القانون. ما لم يسبق عرضه على اللجنة وما لم تصدر قراراً فيه لا يجوز طرحه ابتداء أمام المحكمة، إذ لا يتسع الطعن أمام المحكمة للطلبات الجديدة. طلب الطاعن أمام المحكمة زيادة التعويض السابق طلبه أمام اللجنة يعتبر طلباً جديداً فيما يختص بالفرق.
(جـ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "القانون 577 لسنة 1954". "قرار لجنة المعارضات". "الحكم في الطعن المرفوع عنه".
انتهائية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار لجنة المعارضات قاصرة على الأحكام التي تصدرها المحكمة في حدود النطاق الذي رسمه القانون 577 لسنة 1954.

---------------
1 - اللجنة التي أنشأها القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة للفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات عن نزع الملكية للمنفعة العامة وإن كانت بحكم تشكيلها تعتبر هيئة إدارية إلا أن المشرع قد خولها اختصاصاً قضائياً معيناً حين ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة وبين ذوي الشأن على التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية وهذا الفصل يعتبر فصلاً في خصومة (1).
2 - ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الطعون التي تقدم إليها من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات لجان المعارضات مقصورة وفقاً للمادة 14 من القانون 577 لسنة 1954 على النظر في هذه الطعون، ومن ثم فهي هيئة تنظر في طعن على قرار أصدرته اللجنة وهذا الطعن من نوع خاص في قرارات لجان إدارية له أوضاع متميزة وتحكم فيه المحكمة وفق إجراءات وأحكام موضوعية محددة هي الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954، ومن ثم فإن ولاية المحكمة الابتدائية بالنظر في أمر الطعن الموجه إلى قرار اللجنة لا تتعدى النظر فيها إذا كان هذا القرار قد صدر موافقاً لأحكام ذلك القانون أو بالمخالفة له مما يقتضي أن ما لم يكن قد سبق عرضه على اللجنة وأصدرت قراراً فيه لا يجوز طرحه ابتداء أمام المحكمة وبالتالي فلا يتسع هذا الطعن للطلبات الجديدة ولو كانت في صورة طلبات عارضة. وعلى ذلك فطلب الطاعن المنزوعة ملكيته أمام المحكمة ولأول مرة زيادة التعويض السابق طلبه أمام اللجنة يعتبر طلباً جديداً فيما يختص بالفرق بين مبلغي التعويض، فإذا قبلت المحكمة الابتدائية الطلبات المعدلة وقضت بهذا الفرق فإنها تكون قد أخطأت بمجاوزة سلطتها ويكون قضاؤها في ذلك قابلاً للاستئناف وفقاً للقواعد العامة وفي المواعيد العادية المقررة في قانون المرافعات (1).
3 - انتهائية الحكم الذي يصدر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار لجنة المعارضات في التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة وفقاً للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 لا تلحق إلا الأحكام التي تصدرها المحكمة في حدود النطاق الذي رسمه لها القانون المذكور، فإذا تجاوزت هذا النطاق وفصلت في طلبات مبتدأة لم تطرح على اللجنة ولم تصدر هذه اللجنة قراراً فيها فإن قضاءها في هذه الطلبات لا يكون صادراً في طعن مقدم إليها في قرار اللجنة وبالتالي فلا يلحقه وصف الانتهائية المنصوص عليها في المادة 14 سالف الذكر (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن مجلس بلدي القاهرة نزع ملكية عقار مملوك للمطعون ضده وقدرت اللجنة المختصة بإدارة نزع الملكية التعويض المستحق عن هذا العقار بمبلغ 3153 ج و220 م بواقع عشرة جنيهات للمتر المربع من الأرض وستة جنيهات للمتر المربع من المباني فاعترض المطعون ضده على هذا التقدير طلباً تقدير التعويض عن الأرض والمباني مبلغ 7175 جنيهاً بواقع 35 جنيهاً للمتر المربع مضافاً إلى ذلك مبلغ 260 ج و400 م تعويضاً عن عدم الانتفاع وعرضت هذه المعارضة على لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات والمنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة وبجلسة المعارضة طلب تقدير المتر المربع من الأرض بمبلغ 36 ج وعن المباني 7.500 ج فقررت اللجنة رفض المعارضة. طعن المطعون ضده في هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالدعوى رقم 159 سنة 1957 كلي طالباً تقدير الأرض والمباني بمبلغ 7175 ج بواقع 35 ج للمتر المربع يضاف إليه مبلغ 260 ج تعويضاً عن عدم الانتفاع. وبتاريخ 28/ 3/ 1957 قضت المحكمة بندب خبير هندسي لتقدير قيمة العقار وقت الاستيلاء عليه وما فات صاحبه من مقابل الانتفاع من تاريخ الاستيلاء وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن ثمن الأرض البالغ مساحتها 205 متراً مربعاً هو مبلغ 8200 ج بواقع 40 ج للمتر المربع وثمن المباني هو مبلغ 1103.750 ج على أساس تقدير البلدية ومقابل الانتفاع هو مبلغ 260.400 ج عدل المطعون ضده طلباته بجلسة 27/ 6/ 1957 إلى تقدير ثمن المتر المربع من الأرض بمبلغ 50 ج ومن المباني بمبلغ 12 ج وبذلك يكون جملة التعويض المستحق 12457.500 ج عدا مقابل الانتفاع معللاً هذا التعديل بوقوعه في خطأ مادي عند تحرير صحيفة الدعوى وبتاريخ 14/ 11/ 1957 قضت المحكمة: أولاً - بتعديل قرار لجنة المعارضات المطعون فيه بالنسبة لثمن الأرض المنزوع ملكيتها يجعله 8200 ج بدلاً من 2050 ج ورفض الطعن بالنسبة لتقدير ثمن البناء وتأييد قرار اللجنة بشأنه وفتحت باب المرافعة بالنسبة لطلب مقابل الانتفاع ثم حكمت في 27/ 2/ 1958 بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ 125.800 ج استأنف الطاعنان الحكم الأول بعريضة قدماها لقلم كتاب المحكمة في 7/ 1/ 1958 طالبين قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار ثمن الأرض عن العقار المنزوعة ملكيته مبلغ 2050 ج ورفض دعوى المطعون ضده فيما زاد على ذلك. دفع المطعون ضده: أولاً - بعدم جواز الاستئناف لأن الحكم المستأنف حكم انتهائي طبقاً للقانون رقم 577 لسنة 1954. ثانياً - بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد القانوني على اعتبار أن هذا الميعاد هو عشرة أيام باعتبار أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف من الدعاوى التي يفصل فيها على وجه السرعة: ثالثاً - بطلان الاستئناف لتقديمه بغير الطريق القانوني تأسيساً على أنه كان يجب رفعه بتكليف بالحضور. وبتاريخ 30/ 5/ 1959 قضت محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة العامة رأيها برفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه قضى بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 في حين أن البادي من سياق نصوص القانون المذكور أن ولاية المحكمة الابتدائية إنما تتصل بالمنازعة في تقدير التعويض عن العقارات المنزوعة ملكيتها عن طريق الطعن في قرار لجنة الفصل في المعارضات وبإجراءات معينة متميزة عن سائر الدعاوى الأخرى بحيث لا تملك المحكمة إجراء هذا التقدير ابتداء أو أن تتصل به ولايتها عن طريق آخر سواء في صورة دعوى مبتدأة أو في صورة دعوى مقحمة على طعن مطروح مما مقتضاه أن تلتزم المحكمة حدود ما طرح على اللجنة وفصلت فيه فلا تفصل في غير ما طرح على اللجنة سواء أكان ذلك في صورة طلبات جديدة أو طلبات معدلة للطلب الأصلي فإن هي فصلت كان ذلك مجاوزة منها لحدود ولايتها وخروجاً عن نطاق الطعن المعروض عليها بحيث تنتفي معه علة تحريم استئناف حكمها. ولما كان الثابت أن المطعون ضده حدد طلباته أمام لجنة الفصل في المنازعات فقدر التعويض المستحق له عن العقار المنزوعة ملكيته بمبلغ 7175 ج وفصلت اللجنة في هذا الطلب ثم عاد في صحيفة طعنه على قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية وحدد طلباته في الحدود السابقة حتى إذا ما قدم الخبير تقريره قام بتعديل طلباته إلى أزيد مما حددها به أمام اللجنة وقد تعرضت المحكمة لهذه الطلبات المعدلة وفصلت فيها فإن فصلها فيها يكون باعتبارها دعوى عادية لا طعناً في قرار اللجنة ويكون حكمها تبعاً لذلك جائزاً استئنافه.
وحيث إن القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وضع قواعد خاصة أوجب على أصحاب الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق اتباعها عند الاعتراض على التعويضات التي تقدرها لهم المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية كما أوجب اتباعها في الفصل في هذه الاعتراضات التي وصفها بأنها معارضات وهذه القواعد تختلف عما كان ينص عليه قانون نزع الملكية السابق رقم 5 لسنة 1907. فأوجب القانون الجديد في المادة السابعة منه تقديم الاعتراضات الخاصة بالتعويضات خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء المدة التي حددها لعرض الكشوف المتضمنة بيان العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة وبيان أسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها والتعويضات التي تقدرها لهم المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية، وألزم المعترض بأن يرفق باعتراضه إذن بريد يساوي 2% من قيمة الزيادة محل الاعتراض بحيث لا يقل هذا المبلغ عن خمسين قرشاً ولا يجاوز عشرة جنيهات ورتب على عدم إرفاق هذا الرسم كاملاً اعتبار الاعتراض كأن لم يكن، كما نص في المادة 12 على أن ترسل تلك المصلحة ما يقدم إليها من اعتراضات خاصة بالتعويضات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انقضاء المدة المحددة لتقديمها إلى رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات ليحيلها بدوره في ظرف ثلاثة أيام إلى القاضي الذي يندبه لرئاسة لجنة الفصل في هذه المعارضات وعلى أن يقوم قلم الكتاب بإخطار المصلحة وجميع أصحاب الشأن بكتاب موصى عليه بعلم وصول بالتاريخ المحدد لنظر المعارضات أمام اللجنة، وبين في المادة 13 كيفية تشكيل لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات جعل رئاستها لقاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية المختصة وعضويتها لاثنين من الموظفين الفنيين أحدهما عن مصلحة المساحة والثاني عن المصلحة طالبة نزع الملكية على أن تفصل اللجنة في المعارضات خلا شهر من تاريخ ورودها إليها، ونص في المادة 14 على حق المصلحة وذوي الشأن في الطعن في قرار هذه اللجنة أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقارات وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور كما نص على أن تنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها فيه نهائياً - ويبين من هذه النصوص أن اللجنة التي أنشأها القانون رقم 577 لسنة 1954 للفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات وإن كانت بحكم تشكيلها تعتبر هيئة إدارية إلا أن المشرع قد خولها اختصاصاً قضائياً معيناً حين ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة وذوي الشأن عن التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية وهذا الفصل يعتبر فصلاً في خصومة، أما المحكمة الابتدائية فتختص وفقاً لنص المادة 14 من ذلك القانون بنظر الطعون التي تقدم إليها من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات تلك اللجان، فولايتها إذن في هذا الخصوص مقصورة على النظر في هذه الطعون، ومن ثم فهي هيئة تنظر في طعن على قرار أصدرته اللجنة وهذا الطعن هو طعن من نوع خاص في قرارات لجان إدارية له أوضاع متميزة تحكم فيه المحكمة وفق إجراءات وأحكام موضوعية محددة هي الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954 ومتى كان ذلك، فإن ولاية المحكمة الابتدائية بالنظر في أمر الطعن الموجه إلى قرار اللجنة لا تتعدى النظر فيما إذا كان هذا القرار قد صدر موافقاً لأحكام ذلك القانون أو بالمخالفة له مما يقتضي أن ما لم يكن قد سبق عرضه على اللجنة وأصدرت قراراً فيه لا يجوز طرحه ابتداء أمام المحكمة وبالتالي فلا يتسع هذا الطعن للطلبات الجديدة ولو كانت في صورة طلبات عارضة، لما كان ذلك، وكانت طلبات المطعون ضده التي كانت مطروحة على اللجنة وأصدرت قرارها فيها انحصرت في طلب زيادة التعويض إلى 7175 جنيهاً للعقار المنزوعة ملكيته أرضاً وبناء فإن طلبه أمام المحكمة ولأول مرة زيادة التعويض إلى 12457.500 جنيهاً عن العقار أرضاً وبناء يعتبر طلباً جديداً فيما يختص بالفرق بين المبلغين المذكورين وإذ قبلت المحكمة الابتدائية الطلبات المعدلة وقضت بتعديل التعويض إلى مبلغ 9303.750 جنيهات فإنها تكون قد أخطأت بمجاوزة سلطتها ويكون قضاؤها في الفرق بين طلباته أمام اللجنة ومقدارها 7175 جنيهاً وطلباته الختامية أمام المحكمة الابتدائية ومقدارها 12457.500 جنيهاً قابلاً للاستئناف وفقاً للقواعد العامة وفي المواعيد العادية المقررة في قانون المرافعات، ولا يجوز التحدي في هذا المقام بما نصت عليه المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 من انتهائية الحكم الذي يصدر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار اللجنة ذلك أن هذه الانتهائية لا تلحق إلا الأحكام التي تصدرها المحكمة في حدود النطاق الذي رسمه لها القانون المذكور فإذا تجاوزت هذا النطاق وفصلت في طلبات مبتدأة لم تطرح على اللجنة ولم تصدر هذه اللجنة قراراً فيها فإن قضاءها في هذه الطلبات لا يكون صادراً في طعن مقدم إليها في قرار اللجنة وبالتالي فلا يلحقه وصف الانتهائية المنصوص عليه في المادة 14 سالفة الذكر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وانتهى إلى عدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعنين عما قضت به المحكمة للمطعون ضده زيادة عما طلبه أمام اللجنة فإن النعي عليه بمخالفته القانون يكون صحيحاً ويتعين لذلك نقضه.


(1) راجع نقض 7/ 11/ 1963 الطعن 189 س 29 القضائية السنة 14 ص 1020.

الطعن 330 لسنة 29 ق جلسة 25 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 136 ص 878

جلسة 25 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وصبري فرحات.

-----------------

(136)
الطعن رقم 330 لسنة 29 القضائية

(أ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". "نزع الملكية للمنفعة العامة". "إيداع الثمن الذي قدره الخبير". فوائد.
خلو الحكم مما يدل على تقديم طالب نزع الملكية إلى محكمة الموضوع ما يفيد قيامه بالإيداع عملاً بالمادة 17 من القانون 5 لسنة 1907. عدم تقديمه إلى محكمة النقض ما يفيد تقديمه هذا الدليل إلى محكمة الموضوع. لا محل لتمسكه بما رتبه القانون المذكور على هذا الإيداع من أثر في خصوص سريان الفوائد.
(ب) فوائد. "بدء سريان الفوائد". التزام. "محل الالتزام". تعويض نزع الملكية للمنفعة العامة.
عدم سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية على المبالغ التي لا تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى. مثال ذلك ما يستحقه المالك مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة. يكون محل الالتزام معلوم المقدار كلما كان تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاة سلطة التقدير.

---------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه خلواً مما يدل على أن الطاعنتين "طالبتي نزع الملكية" قدمتا إلى محكمة الموضوع ما يفيد قيامهما بالإيداع وفقاً لما يقتضيه نص المادة 17 من القانون رقم 5 لسنة 1907 كما أنهما لم تقدما إلى محكمة النقض ما يفيد تقديمهما هذا الدليل إلى محكمة الموضوع، فإنه لا يكون لهما وجه في التمسك بما رتبه القانون سالف الذكر على هذا الإيداع من أثر في خصوص سريان الفوائد.
2 - مفاد نص المادة 226 من القانون المدني والأعمال التحضيرية لهذه المادة أن لا تسري الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا على المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى. والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير. ولما كان ما يستحقه المالك مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة يعتبر تعويضاً عما ناله من الضرر بسبب حرمانه من ملكه جبراً عنه للمنفعة العامة وهذا التعويض هو مما يكون للقاضي سلطة واسعة في تقديره فإن تحديد المالك ما يطلبه في صحيفة دعواه لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي يقصده القانون وإنما يصدق عليه هذا الوصف بصدور الحكم النهائي في الدعوى (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مرسوماً صدر في 17/ 12/ 1951 بنزع ملكية الأراضي اللازمة لإنشاء حوض البترول الجديد بميناء الإسكندرية وكان من بين الأراضي المنزوعة ملكيتها القطع الرقيمة 32 و33 و35 و41 و50 و52 و33 مكرر الكائنة بعزبة التراس قسم ميناء البصل والمملوكة للشركة المطعون ضدها وقد قدر مجلس التثمين ثمناً لهذه المساحات - عدا القطعة الأخيرة منها - مبلغ 20389.759 ج ولما لم تقبل المطعون ضدها هذا التقدير فقد أحيلت الأوراق إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية فندب رئيس المحكمة خبيراً لإجراء المعاينة والتقدير وقدم الخبير تقريره محدداً ثمن القطع - بمبلغ 30161.596 ج فعارضت المطعون ضدها في هذا التقدير بالدعوى رقم 2609 سنة 1952 كلي الإسكندرية طالبة قبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل مجموع قيمة الأراضي المنزوعة ملكيتها إلى مبلغ 147770.528 ج وإلزام الطاعنتين بأن تدفعا لها فرق الثمن وقدره 126895.129 ج مع الفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وبتاريخ 18/ 4/ 1954 قضت المحكمة الابتدائية بندب خبير لمعاينة الأراضي موضوع النزاع وتقدير قيمتها وقت الاستيلاء وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى تقدير ثمن القطع 45111.228 ج قضت المحكمة الابتدائية بجلسة 28 يونيه سنة 1956 بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للشركة المطعون ضدها مبلغ 31738.650 ج وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 295 سنة 12 ق إسكندرية، كما استأنفته الطاعنتان بالاستئناف رقم 67 سنة 13 ق إسكندرية وبتاريخ 21/ 3/ 1959 حكمت المحكمة في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للشركة المطعون ضدها مبلغ 28752.825 ج وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 20/ 4/ 1959 وقصرتا طعنهما على ما قضى به الحكم من فوائد. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10 أكتوبر سنة 1962 وفيها طلبت النيابة نقض الحكم، وقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 28/ 5/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية قد أخطأ القانون لمخالفته أحكام القانون رقم 5 سنة 1907 والمادة 226 من القانون المدني، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان إنهما دفعتا للمطعون ضدها المبلغ الذي قدره مجلس التثمين ولما قدم خبير الرياسة تقريره بتقدير قيمة الأرض المنزوعة ملكيتها بما يزيد على تقدير المجلس المذكور قامت الطاعنتان بإيداع الفرق بين التقديرين وبذلك تكونان قد أوفتا بما يلزمهما به قانون نزع الملكية رقم 5 سنة 1907 وبالتالي فلا تلتزمان بفوائد طبقاً له، كذلك فإنه لما كان هذا المبلغ المحكوم به يعتبر غير معلوم المقدار وقت الطلب في معنى المادة 226 من القانون المدني، فإن الفوائد لا تسري عليه إلا من تاريخ الحكم النهائي إذ أنه من هذا التاريخ يتحدد التعويض المستحق للشركة المطعون ضدها ويصبح معلوم المقدار.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه خلوا مما يدل على أن الطاعنتين قدمتا إلى محكمة الموضوع ما يفيد قيامهما بالإيداع وفقاً لما يقتضيه نص المادة 17 من القانون رقم 5 لسنة 1907، كما أن الطاعنتين من جانبهما لم تقدما إلى محكمة النقض ما يفيد تقديمهما هذا الدليل إلى محكمة الموضوع، فإنه لا يكون لهما وجه في التمسك بما رتبه القانون سالف الذكر على هذا الإيداع من أثر في خصوص سريان الفوائد، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنتين بالفوائد بالنسبة للمبلغ المحكوم به ابتداء من تاريخ المطالبة الرسمية على ما قرره من "أن مصلحتي المساحة والمواني والمنائر الطاعنتين التزمتا بمجرد صدور مرسوم نزع ملكية أراضي الشركة المطعون ضدها بدفع مبلغ من النقود هو ثمن هذه الأراضي وقد أصبح هذا الثمن معلوماً من وقت رفعها الدعوى به وإن اختلف في تقديره وكل ما في الأمر أن الحكم قد حسم الخلاف بتقدير مبلغ معين تكون ذمة الطاعنتين مشغولة به منذ مطالبتها رسمياً مما تستحق عنه الفوائد بواقع 4% عملاً بالمادة 226 من القانون المدني" وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون، ذلك أن مفاد نص المادة 226 من القانون المدني والأعمال التحضيرية لهذه المادة أن لا تسري الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا على المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى. والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير. ولما كان ما يستحقه المالك مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة يعتبر تعويضاً عما ناله من الضرر بسبب حرمانه من ملكه جبراً عنه للمنفعة العامة وهذا التعويض هو مما يكون للقاضي سلطة واسعة في تقديره فإن تحديد المطعون ضدها ما تطلبه في صحيفة دعواها لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي يقصده القانون وإنما يصدق عليه هذا الوصف بصدور الحكم النهائي في الدعوى لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم ذكره يتعين تعديل الحكم المستأنف في خصوص قضائه بالفوائد وجعل بدء سريانها عن المبلغ المحكوم به من 31/ 3/ 1959 تاريخ الحكم المطعون فيه.


(1) راجع نقض 18/ 4/ 1963 الطعن 58 س 28 ق السنة 14 ص 554، 15/ 2/ 1962 الطعن 310 س 26 ق السنة 13 ص 253.

الطعن 308 لسنة 29 ق جلسة 25 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 135 ص 868

جلسة 25 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وصبري فرحات.

---------------

(135)
الطعن رقم 308 لسنة 29 القضائية

(أ) قانون. "تطبيق القانون من حيث المكان". مسئولية. "مسئولية مدنية". "مسئولية الأشخاص الاعتبارية". "أشخاص اعتبارية". نظام عام.
عدم جواز تطبيق أحكام قانون أجنبي إذا كانت مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر. المادة 28 مدني. مؤدى ذلك، نهى القاضي عن تطبيق القانون الأجنبي كلما كانت أحكامه متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع. مساءلة الأشخاص الاعتبارية مدنياً عما يسند إليها من أعمال غير مشروعة. اتصاله بالنظام العام في معنى المادة المذكورة.
(ب) عمل. "إصابات العمل". تعويض. إثراء بلا سبب.
التزام رب العمل بتعويض العامل طبقاً لأحكام قانون إصابات العمل. لا يمنع من التزامه بالتعويض عن الحادث إذا وقع بسبب خطئه الجسيم. اتحاد الالتزامين المذكورين في الغاية وهي جبر الضرر جبراً مكافئاً له ولا يجوز أن يزيد عليه. اعتبار الزيادة إثراء على حساب الغير دون سبب.

---------------
1 - تنص المادة 28 من القانون المدني على أنه "لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر" ومؤدى ذلك نهى القاضي عن تطبيق القانون الأجنبي كلما كانت أحكامه متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع. وإذ كان الاعتراف بالأشخاص الاعتبارية وتقرير مساءلتها مدنياً عما يسند إليه من أعمال غير مشروعة يعتبر من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتعتبر بالتالي من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 المشار إليها فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد القانون الإيراني وطبق أحكام القانون المصري لما تبينه من أن القانون الأول لا يجيز مساءلة الشخص الاعتباري عن الفعل الضار فإنه لا يكون مخالفاً للقانون، ولا يقدح في صحته ما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً عن قاعدة الإسناد المنصوص عليها في المادة 21 من القانون المدني من أن القانون الأجنبي يختص بالفصل في أهلية المساءلة عن الفعل الضار ذلك أن القانون الأجنبي يمتنع تطبيقه عملاً بالمادة 28 مدني كلما كان حكمه في شأنه المسئولية أو في شأن شرط من شروطها مخالفاً للنظام العام (1).
2 - التزام رب العمل بتعويض العامل طبقاً لأحكام قانون إصابات العمل وإن كان لا يمنع من التزامه بالتعويض عن الحادث طبقاً لأحكام القانون المدني إذ وقع بسبب خطئه الجسيم، إلا أن هذين الالتزامين متحدان في الغاية وهي جبر الضرر جبراً مكافئاً له ولا يجوز أن يكون زائداً عليه، إذ أن كل زيادة تعتبر إثراء على حساب الغير دون سبب (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 2465 سنة 1954 مدني كلي القاهرة ضد الشركة الطاعنة طالبة إلزامها بأن تدفع لها مبلغ 10137.697 ج. وذكرت في بيان دعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 16/ 3/ 1950 التحق مورثها بالعمل لدى الطاعنة في وظيفة مهندس أرض بقسم صيانة الطائرات ولكن الطاعنة تجاوزت عن العقد وكلفته بالقيام بعمل مهندس جوى على الطائرة التي أقلعت في 21/ 12/ 1951 من الماظه إلى طهران ومهرباد بإيران وقد سقطت هذه الطائرة وهي تتهيأ للهبوط في مطار مهرباد فاحترقت وقتل ركابها وملاحوها ومن بينهم مورث المطعون عليها وقد تبين من التحقيقات التي أجرتها لجنة خبراء الطيران التابعة للمنظمة الدولية للطيران المدني ومن التحقيقات التي قام بها خبراء مصلحة الطيران المدني المصرية أن تسيير الطائرة إلى مطار مهرباد كان مجازفة خطيرة لإهمال المطعون عليها في اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بتأمين هبوط الطائرة بذلك المطار وأن قائد الطائرة وهو موظف تابع للطاعنة خالف التعليمات التي أصدرتها إليه إدارة المطار المذكور وترتب على ذلك كله سقوط الطائرة فتكون الطاعنة قد تسببت بخطئها الجسيم المباشر وغير المباشر في وقوع الحادث الذي أودى بحياة المورث ولذلك رفعت المطعون عليها هذه الدعوى ضدها بطلب إلزامها بالمبلغ السابق وهو يشمل التعويض عن وفاة المورث بسبب الخطأ الجسيم الذي وقع من الطاعنة كما يشمل ما يستحقه المورث بذمة الطاعنة عملاً بأحكام قانون عقد العمل الفردي وأحكام قانون التأمين على إصابات العمل التي يلزم رب العمل بالتعويض عنها. وبعد ذلك قصرت المطعون عليها دعواها على إلزام طلب الطاعنة بتعويض قدره 10000 ج على أساس مسئوليتها عن الخطأ الجسيم وطبقاً للقواعد العامة في المسئولية، ودفعت الطاعنة الدعوى بعدم وقوع خطأ منها يوجب مساءلتها. وبجلسة 29/ 1/ 1958 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها تعويضاً قدره 6000 ج، استأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 490 سنة 75 ق وكان مما أثارته في استئنافها أن الحادث وقد وقع بمنطقة مهرباد فإن القانون فإن القانون الإيراني يكون واجب التطبيق عملاً بما تنص عليه قواعد الإسناد في القانون المدني المصري من أن الالتزامات غير التعاقدية يحكمها قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام وإذ كان القانون الإيراني يقصر المسئولية على الشخص الطبيعي فإن دعوى المطعون عليها ضد الطاعنة بوصفها شخصاً معنوياً تكون غير جائزة القبول، وبجلسة 24/ 2/ 1959 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض ولدى عرض الطعن على دائرة فحص الطعون تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتقول في بيان ذلك إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى على أساس أن القانون الإيراني الواجب التطبيق على الواقعة عملاً بالمادة 21 من القانون المدني المصري لا يجيز مساءلة الشخص المعنوي عن الفعل الضار ولكن الحكم المطعون فيه استبعد القانون الإيراني وطبق أحكام القانون المصري وقضى برفض الدفع تأسيساً على أن ما يقرره القانون الإيراني من عدم جواز مساءلة الشخص المعنوي عن الفعل الضار يعتبر مخالفاً للنظام العام في مصر، مع أن ما يقضي به القانون الإيراني في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للنظام العام، ويؤيد ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني تعليقاً على المادة 21 المشار إليها بأن القانون الأجنبي يختص بالفصل في أركان المسئولية ومنها أهلية الشخص للمساءلة عن فعله الضار وأن صلاحية من يقع منه الفعل للتكليف أو المساءلة ليست إلا شرط من شروط المسئولية - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون فيما انتهى إليه من استبعاد القانون الإيراني وإنزال حكم القانون المصري على واقعة الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في خصوص ما تثيره الطاعنة بهذا السبب ما يلي: - "وبالاطلاع على نصوص القانون الإيراني تبين للمحكمة أن القانون المشار إليه أشار إلى التعويض عن الفعل الضار ولكنه ضيق حدوده وحدد حالاته بأن قصر المسئولية على الشخص الطبيعي الذي تسبب مباشرة في وقوع الحادث، وحيث إنه إزاء قصور القانون المدني الإيراني عن إيراد نص بالتعويض عن الفعل الضار الذي يقع بخطأ الشخص المعنوي وإزاء سكوته عن النص على الحالة الممثلة في واقعة الدعوى فإنه لا مناص من الرجوع إلى قواعد القانون الدولي الخاص والقانون المدني لبحث ما يتبع في هذه الحالة" وأورد الحكم بعد ذلك ما تقرره المادة 28 من القانون المدني المصري من عدم جواز تطبيق أحكام القانون الأجنبي الذي تعنيه قواعد الإسناد إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر، وخلص الحكم من ذلك إلى وجوب استبعاد القانون الأجنبي إذا كانت نصوصه تتنافى مع القواعد الأساسية التي يقوم عليها نظام المجتمع في مصر ثم انتهى إلى أن قصور القانون الإيراني عن مساءلة الشخص المعنوي عن العمل غير المشروع يوجب استبعاده وتطبيق أحكام القانون المصري في شأن المسئولية التقصيرية وبني الحكم قضاءه في الدعوى على ذلك الأساس - ولما كانت المادة 28 من القانون المدني تنص على أنه "لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة (ومن بينها نص المادة 21) إذ كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر" وكان مؤدى ذلك نهى القاضي عن تطبيق القانون الأجنبي كلما كانت أحكامه متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع. لما كان ذلك، وكان الاعتراف بالأشخاص الاعتبارية وتقرير مساءلتها مدنياً عما يسند إليها من أعمال غير مشروعة يعتبر من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتعتبر بالتالي من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 المشار إليها فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد القانون الإيراني وطبق أحكام القانون المصري لما تبينه من أن القانون الأول لا يجيز مساءلة الشخص الاعتباري عن الفعل الضار فإن ذلك الحكم لا يكون مخالفاً للقانون، ولا يقدح في صحته ما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً على قاعدة الإسناد المنصوص عليها في المادة 21 من القانون المدني من أن القانون الأجنبي يختص بالفصل في أهلية المساءلة عن الفعل الضار ذلك أن القانون الأجنبي يمتنع تطبيقه عملاً بالمادة 28 السالف الإشارة إليها كلما كان حكمه في شأن المسئولية أو في شأن شرط من شروطها مخالفاً للنظام العام.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وتقول في بيان ذلك إن الحكم بنى قضاءه بمساءلتها عن الحادث وثبوت الخطأ الجسيم في جانبها على أنه قد ثبت بتقرير اللجنة الدولية أن الطاعنة لم تعط طياريها
تعليمات بأن ينفذوا بدقة قوانين الجو والتعليمات المحلية الثابتة بالإعلانات الإيرانية وأنها لم تضع خطة موحدة للاقتراب للهبوط الآلي كما أنها لم تكن حتى تاريخ الحادث قد قامت بتحديد نهايات صغرى للأحوال الجوية أو ذودت طياريها بالمران الكافي للطيران الآلي وذلك في حين أن الثابت بتقرير اللجنة الدولية الذي أحال إليه الحكم أن سبب الحادث هو أن الطيار لم يتبع أية خطة للاقتراب للهبوط الآلي بل حاول أن يظل باستمرار على مرأى من الأرض ففقد القدرة على تقدير موقفه واصطدمت طائرته بهضبة مرتفعة، كما جاء بالتقرير أن الأخطاء التي أخذتها اللجنة على الطاعنة، وهي تلك التي نقلها الحكم، وكذلك الأخطاء التي أحصتها اللجنة على إدارة مطار مهرباد لا يكفي أحدها بذاته أو مجموعة منها لتكون سبباً في وقوع الحادث وبذلك يكون الحكم قد خالف الثابت في الأوراق بما أسنده إلى تقرير اللجنة من أن أخطاء الطاعنة هي السبب المباشر للحادث، كذلك فإن الطاعنة ناقشت لدى محكمة الموضوع الأخطاء التي أسندها إليها تقرير اللجنة الدولية وفندت هذه الأخطاء فذكرت أن قائد الطائرة كان يحمل شهادة الطيران الآلي على ما جاء بتقرير اللجنة ذاته، وأثبتت أنها ذودت طياريها بخطة الاقتراب للهبوط التي جرت عليها سائر الشركات، واستدلت بشهادة أحد طياريها الذي سمعت اللجنة أقواله في التحقيقات على أنها قد حددت النهايات الصغرى للأحوال الجوية كما تمسكت الطاعنة أمام المحكمة بأن سبب الحادث هو الخطأ الذي وقع من القائمين بأمر مطار مهرباد وبينت وجوه هذا الخطأ كما أوردتها اللجنة في تقريرها وهي أن المطار لم يعمل على تحذير الطيار من تدهور الأحوال الجوية كما أهمل في الاتصال بقسم الأرصاد الجوية للحصول على بيانات أخذت عن التغيير في أحوال الطقس علاوة على أن تنبؤاته عن حالة الجو كانت أكثر تفاؤلاً مما ينبغي، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع كله ولم يرد عليه مما يعيبه بالقصور، هذا إلى أن الحكم وقد أقام مسئولية الطاعنة على أنها ارتكبت خطأ جسيما يستوجب مسئوليتها إلا أنه وهو بسبيل تقدير درجة هذا الخطأ لم يعرض لمقدار ما أسهم به مطار مهرباد من الأخطاء التي تسببت في الحادث ولو أنه فعل لأثر هذا تأثيراً كبيراً على تقديره لدرجة الخطأ الذي أسنده إلى الطاعنة وبذلك يكون الحكم مخالفاً للقانون ومعيباً بالقصور في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد ذكر عن الأخطاء التي أسندها إلى الطاعنة ما يلي: "أن الثابت من التحقيقات التي قام بها أعضاء اللجنة الدولية أن الشركة المستأنفة (الطاعنة) لم تعط طياريها تعليمات بأن يتبعوا بدقة قوانين الجو أو التعليمات المحلية الثابتة بالإعلانات الإيرانية الصادرة للطيارين عموماً كما أنها لم تضع خطة موحدة للاقتراب للهبوط الآلي لطياريها بقصد استخدامها في مطار مهرياد وتركت الأمر لقائدي طائراتها لاختيار إحدى خطط الاقتراب التي وضعتها شركات الطيران الأخرى كما أنها لم تكن حتى تاريخ الحادث قد قامت بتحديد نهايات صغرى للأحوال الجوية بالنسبة للخطة التي تختارها فضلاً عن وجوب تمرين طياريها وإعدادهم الإعداد الكافي للطيران الآلي... وحيث إنه مما تقدم جميعه ومما أوردته محكمة أول درجة في حكمها من أسباب صحيحة تقرها هذه المحكمة وتأخذ بها... ويتعين تأييد الحكم المستأنف". وقد جاء بالحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه "ومن حيث إن سبب الحادث هو عدم استعمال الطيار وسائل الهبوط الآلي بالرغم من قربه للمنطقة الجبلية الوعرة وسوء أحوال الطقس ويرجع هذا على ضوء التقرير إلى أن الشركة المدعى عليها (الطاعنة) لم تعد طياريها الإعداد الكافي للطيران الآلي في أحوال جوية مماثلة بل تركت لهم حرية اختيار خطط شركات أخرى. وهذا بلا شك خطأ جسيم ارتكبته الشركة كان من نتيجته أن نكبت الطائرة... ولا يقال إن البعثة المصرية قد اعترضت على سبب الحادث لأنها من ناحية أخرى وافقت على البديهيات المطلوبة من الشركة المدعى عليها كما أن اللجنة ردت على رأي البعثة المصرية بما تقتنع به هذه المحكمة". وقد جاء بتقرير اللجنة الدولية الذي أخذ به هذا الحكم أن سبب الحادث "هو أن الطيار فيما يبدو لم يتبع أي خطة اقتراب للهبوط باستعمال المناورات اللاسلكية الموجودة وبالرغم من قربه للمنطقة الجبلية الوعرة ورغم أحوال الطقس الرديئة التي كانت سائدة في ذلك الوقت في جيرة مطار مهرباد فقد حاول أن يظل باستمرار على مرأى من الأرض ففقد القدرة على تقدير موقفه ولمس الأرض في بقعة خطيرة شمال المطار" كما جاء بذلك التقرير رداً على رأي البعثة المصرية ما نصه "لا يتفق أعضاء اللجنة الدولية - مع المندوبين المصريين فيما يختص بسبب الحادث وأن رأيهم الخاص أن عدم إبلاغ رداءة الأحوال الجوية وتدهور الرؤيا للطيار ليس سبب الحادث فالأمر دائماً متروك للطيار أن يعتمد على ملاحظاته الخاصة ويقرر الهبوط أو التحول إلى مطار آخر وهو لا يستطيع أن يبني هذا القرار إلا على أساس خطة الاقتراب للهبوط التي ينبغي أن يتبع في جميع الأحوال. ويبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه نقل عن تقرير اللجنة الدولية الأخطاء التي أحصتها اللجنة من أعمال الطاعنة ولم يذكر أن تلك الأخطاء أو بعضها كانت هي السبب المباشر للحادث. ولما كان الحكم لم يتناول في تقريراته بيان الخطأ الذي اعتبره علة مباشرة للحادث وأحال في أسبابه إلى الحكم الابتدائي فإنه يكون قد أخذ بتلك العلة التي أوردها هذا الحكم نقلاً عن تقرير اللجنة وهي عدم اعتماد الطيار على الهبوط الآلي ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد استند إلى تقرير اللجنة بما ليس فيه، ولما كانت إحالة الحكم الابتدائي إلى ما ورد في تقرير اللجنة الدولية عن سبب الحادث تجعل التقرير بمثابة جزء من بناء الحكم في هذا الخصوص، وكان التقرير قد انتهى في نتيجته إلى أن الخطأ الذي وقع فيه الطيار وأدى مباشرة الحادث - وهو عدم استعمال طريقة الهبوط الآلي رغم لزومها في الظروف التي سقطت فيها الطائرة - ولم يكن سببه ما قرره المندوبون المصريون من أن مطار مهرياد لم يحذر الطيار من سوء الأحوال الجوية وتدهور الرؤيا وإنما وقع الطيار في ذلك الخطأ بسبب أنه لم يكن يستطيع أن يقرر الهبوط بمطار مهرياد أو التحول إلى مطار آخر إلا على أساس خطة موضوعة للاقتراب للهبوط وقد سجل التقرير على الطاعنة أنها لم تكن حتى تاريخ الحادث قد وضعت أية خطة من ذلك النوع لاستخدامها في مطار مهرياد وإنما تركت الأمر لقائدي طائراتها لاختيار إحدى الخطط التي وضعتها شركات الطيران الأخرى ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه باعتماده أسباب الحكم الابتدائي يكون - وفي حدود ما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الأدلة - قد أثبت وقوع الخطأ من الطاعنة ونفاه عن القائمين على أمر مطار مهرباد واستدل على ذلك بأدلة سائغة مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها، ولا يعدو ما أوردته الطاعنة في نفي الخطأ عن نفسها أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الخطأ الذي وقع من الطاعنة يعد خطأ جسيماً يجوز مساءلتها عنه لا مخالفة فيه للقانون ولا قصور فيه، فإنه يتعين لذلك رفض النعي بهذا السبب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون وتقول في بيان ذلك إنها تمسكت لدى محكمة الاستئناف بأنه لا يجوز للمطعون عليها الجمع بين التعويض الجزافي المقرر بقانون إصابات العمل والذي يلزم به رب العمل دون حاجة لإثبات أي خطأ من جانبه وبين التعويض الذي يستحقه طبقاً للقواعد العامة في المسئولية إذا ثبت أن الحادث مرجعه خطأ جسيم من رب العمل وأوضحت الطاعنة في هذا الوجه دفاعها أنها دفعت للمطعون عليها مبلغ 1476 ج وفاء لما يقضي به قانون إصابات العمل من التزام قبلها ويتعين لذلك خصم هذا المبلغ من جملة التعويض الذي يحكم به للمطعون عليها في الدعوى الحالية ولكن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها تعويضاً شاملاً قدره 6000 جنيه باعتبار هذا المبلغ تعويضاً جابراً لجميع الأضرار التي لحقت بها دون خصم ما سبق أن استأدته المطعون عليها عملاً بأحكام قانون إصابات العمل، ولم يعر الحكم المطعون فيه التفاتاً إلى ذلك الدفاع الذي أبدته الطاعنة مما يعيبه بالقصور ومخالفة ما يقضي به القانون من عدم جواز الجمع بين تعويضين والإثراء بذلك على حساب الغير دون سبب.
"وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي أنه أورد في تقريراته أن المطعون عليها قصرت طلباتها على ما تستحقه من تعويض على أساس مسئولية الطاعنة عن خطئها الجسيم وطبقاً للقواعد العامة في المسئولية" ثم ذكر الحكم بعد ذلك وهو بسبيل تقدير التعويض الذي قضى به على الأساس المتقدم ما يلي "ومن حيث إن المحكمة ترى في مراعاة التعويض المستحق قبل الشركة المدعى عليها (الطاعنة) أن مورث المدعية (المطعون عليها) قد خلف طفلاً صغيراً وحملاً مستكناً انفصل بعد قتل والده وأن الطفلين في حاجة إلى جهاد والدهما في سبيلهما لرعايتهما وإعدادهما لمواجهة أعباء الحياة فأصبحا ولا معين لهما سوى أمهما وهي سيدة لا حول لديها ولا قوة فضلاً عن أن المورث كان شاباً في الثانية والثلاثين يرجو لنفسه مستقبلاً زاهراً - وإزاء هذه الظروف تقدر المحكمة للمدعية عن نفسها وبصفتها تعويضاً قدره ستة آلاف جنيه" وجاء بهذا الحكم في موضع آخر "أن هذه الحالة التي يسمح فيها للعامل بالجمع بين تعويضين عن حادث واحد" كما أورد الحكم المطعون فيه بتقريراته أن المطعون عليها قصرت دعواها على المطالبة بالتعويض طبقا القواعد العامة في المسئولية التقصيرية بعد أن استوفت من الطاعنة ما تستحقه عملاً بأحكام قانون عقد العمل الفردي. ويبين من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنة المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 24/ 11/ 1959 أنها تمسكت في دفاعها أنها أدت إلى المطعون عليها ضمن ما أدته مبلغ التعويض الجزافي المقرر بقانون إصابات العمل وأنه يتعين خصم هذا المبلغ من جملة التعويض الذي تستحقه عن الأضرار التي تدعيها، ولما كان التزام رب العمل بتعويض العامل طبقاً لأحكام قانون إصابات العمل وإن كان لا يمنع من التزامه بالتعويض عن الحادث إذا وقع بسبب خطئه الجسيم إلا أن هذين الالتزامين متحدان في الغاية وهي جبر الضرر جبراً متكافئاً له ولا يجوز أن يكون زائداً عليه، إذ أن كل زيادة تعتبر إثراء على حساب الغير دون سبب، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن صرح في أسبابه أن المطعون عليها استوفت من الطاعنة ما تستحقه طبقاً لأحكام قانون عقد العمل الفردي وأنها قصرت دعواها على طلب إلزام الطاعنة بالتعويض على أساس مسئوليتها عن الخطأ الجسيم طبقاً للقواعد العامة إلا أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد أورد ضمن تقريراته أن للمطعون عليها أن تجمع بين تعويضين عن الحادث كما بني تقديره للتعويض على أساس الإحاطة بجميع الأضرار التي أصابت المطعون عليها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن بالرد على دفاع الطاعنة بأنها أوفت المطعون عليها بالتعويض الذي يقرره قانون إصابات العمل وأنه يتعين خصمه من جملة التعويض الذي تستحقه المطعون عليها عن جميع الأضرار التي لحقتها، ولم يبين ما إذا كان المبلغ الذي قضى به وقدره 6000 ج قد روعي عند تقديره خصم ما تكون المطعون عليها قد قبضته طبقاً للقانون سالف الذكر أم لا، فإن ذلك الحكم يكون معيباً بقصور يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه في هذا الخصوص وحده.


(1) راجع نقض 27/ 5/ 1964 الطعن 17 ق لسنة 32 ق أحوال شخصية العدد الحالي القاعدة 115.
(2) راجع نقض 14/ 5/ 1942 الطعن 59 س 11 ق، 9/ 12/ 1954 الطعن 265 س 21 ق مجموعة 25 سنة جزء 2 ص 867.

الطعن 400 لسنة 30 ق جلسة 24 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 134 ص 863

جلسة 24 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

------------

(134)
الطعن رقم 400 لسنة 30 القضائية

(أ) عمل. "انتهاء عقد العمل". "تقدير قيام مبرر الفصل". محكمة الموضوع.
ضرر. عدم استلزام توافره لإنهاء عقد العمل. الأخطاء المنسوبة إلى العامل. تقرير أنها ليست مبرراً كافياً للفصل. تقدير موضوعي.
(ب) عمل. "انتهاء عقد العمل". "التعويض عن إنهاء العقد". "تقديره". تعويض.
اشتمال الحكم عما يكشف عن نوع العمل ومدة خدمة العامل وظروف الاستغناء عن خدماته. دلالة ذلك على أنه راعى هذه العناصر في تقديره للتعويض.

-------------
1 - متى كانت المحكمة - وهي بصدد دعوى التعويض - لم تستلزم توافر الضرر لإمكان إنهاء عقد العمل، وإنما استعرضت الأخطاء المنسوبة إلى العامل وخلصت منها إلى أنها لا تصلح مبرراً كافياً للفصل وهو استخلاص موضوعي سائغ يقع في سلطة المحكمة التقديرية، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون في خصوص ما استطرد إليه في مناقشته افتراض أن قرار الفصل عقوبة تأديبية تطبق عليه الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون 317 لسنة 1952 يكون غير منتج (1).
2 - متى كان الحكم قد أورد ضمن بياناته ما يكشف عن نوع العمل ومدة خدمة العامل وظروف الاستغناء عن خدماته فإن في ذلك ما يدل على أنه راعي هذه العناصر في تقدير التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 278 سنة 1956 كلي عمال طنطا ضد الطاعن بطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1868 جنيهاً و400 مليم وقال شرحاً لها إنه بتاريخ 1/ 3/ 1950 التحق بالعمل لدى أيونيان بنك. وفي 18/ 4/ 1957 آلت مقومات وأعمال هذا البنك إلى بنك الجمهورية (الطاعن) وإذ فصله من عمله بتاريخ 25/ 9/ 1958 فقد قام دعواه بطلب الحكم له بطلباته تأسيساً على أنه يستحق قبل البنك مبلغ 30.284 ج قيمة الادخار ومبلغ 1500 ج تعويض عن الفصل التعسفي وأن باقي المبلغ المطلوب مقابل مكافأة مدة الخدمة وبدل إنذار وأجازة ومقابل استعلامات ومصاريف علاج وتضمن رد البنك على الدعوى أن الفصل لم يكن تعسفياً وإنما مرده ما وقع من أخطاء تؤثر على سير العمل وفقاً لما ثبت من التحقيقات التي أجريت. وأن الملتزم بمبلغ الادخار هو مؤسسة التأمينات الاجتماعية فخاصمها المطعون عليه الأول في شخص المطعون عليه الثاني وطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 30.284 ج - وبتاريخ 7 مارس سنة 960 حكمت المحكمة "أولاً: بإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمدعي مبلغ 144.154 ج (قيمة المكافأة وبدل الإنذار) والمصاريف المناسبة ثانياً. بإلزام المدعى عليه الثاني بأن يدفع للمدعي مبلغ 27.846 ج - ثالثاً. أعفت المدعي من باقي المصاريف ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات".. واستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا طالباً تعديله وإلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 1696.400 ج وقيد الاستئناف برقم 154 سنة 20 ق وبتاريخ 28/ 6/ 1960 حكمت المحكمة: "بقبول الاستئناف شكلاً. وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليه الأول بأن يؤدى للمستأنف مبلغ 894 ج و154 م (750 ج تعويض و144 ج و154 م مكافأة وبدل إنذار) مع المصروفات المناسبة عن الدرجتين...." وقد طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من وجوه - (أولها) أنه مع اعتراف المطعون عليه الأول بأخطائه المتكررة والتي تمس البنك ونزاهة عماله بما يكفي بذاته لإنهاء عقد عمله ويبعد عن صاحب العمل كل شبهة في التعسف فقد عرض الحكم إلى مناقشة بعض هذه الأخطاء ونفاها وانتهى إلى أن باقي الأخطاء لم يترتب عليها ضرر وهو مخالف لقواعد الإثبات ولأحكام القانون. إذ يدل على أنه استلزم ترتب الضرر على خطأ العامل حتى يكون لرب العمل حق إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة طبقاً للمادة 26 من القانون رقم 317 سنة 1952 الذي يحكم واقعة الدعوى (وثانيها) أنه استند في إلغاء قرار الفصل إلى المادة 29/ 3 من القانون رقم 317 لسنة 1952 وما تستلزمه من وجوب توقيع العقوبة التأديبية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ثبوت المخالفة واعتبر تاريخ انتهاء التحقيق تاريخاً لثبوت المخالفة في حين أن قرار إنهاء العقد غير المحدد المدة حق تستتبعه حرية التعاقد سواء كان هذا الإنهاء مسبوقاً بتحقيق من عدمه. وفي حين أن مفهوم عبارة تاريخ ثبوت المخالفة في حق العامل الواردة بالمادة 39/ 3 من القانون رقم 317 لسنة 1952 هو تاريخ صدور قرار صاحب العمل بالجزاء لا تاريخ انتهاء التحقيق وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع وإذ أغفل الحكم الرد عليه مع أنه دفاع جوهري فإنه يكون فضلاً عن خطئه في القانون مشوباً بالقصور - (وثالثها) أنه قضى للمطعون عليه الأول بمبلغ 75 ج تعويضاً عن فصله دون بيان للعناصر التي اتخذها معياراً في هذا الشأن طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 317 سنة 1952 ودون التفات إلى صحيفة دعوى معلنة كطلب المطعون عليه الأول قدر هو فيها ما يستحقه من تعويض بمبلغ 93 ج.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته. ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على "أن البنك لم يكشف كنه القرار الذي اتخذه بشأن الاستغناء عن خدمة المستأنف فلم يبين ما إذا كان قد اتخذه عقوبة للمستأنف علي ما نسبه إليه إعمالاً لحكم المادة 29 من القانون 317 لسنة 1952 الذي يحكم واقعة الدعوى. أم إنه - أي البنك - قد فسخ العقد لما يقول به من عدم تنفيذ المستأنف لالتزاماته الجوهرية بالتطبيق لنص الفقرة السادسة من المادة 40 من القانون المذكور. ومن ثم يتعين التعرض لهذا القرار من الناحيتين سالفتي الذكر... وأنه إذا نظر إلى قرار الاستغناء عن خدمة المستأنف كعقوبة فإنه يكون باطلاً في حكم الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون 317 لسنة 1952 حيث لم يصدر في خلال المدة المحددة له قانوناً وغني عن البيان أن الشارع حين يوفر ضماناً ما في عقوبة بسيطة كالغرامة يوفره للعامل عند توقيع عقوبة أشد... وأن المستأنف ضده لم يتمسك في قراره بالاستغناء عن خدمة المستأنف بحكم المادة 40 من القانون 317 لسنة 1952 كما يقول بذلك صراحة وكما هو المستفاد من تسليمه للمستأنف بمكافأة وبدل إنذاره وعلى النحو السالف بيانه فلا يبق بعد ذلك إلا ما يعزوه المستأنف ضده إلى المستأنف من أخطاء يتخذ منها مبرراً لصحة قرار الاستغناء." وبعد أن تناول الحكم في تفصيل بيان الأخطاء خلص إلى إنه "يبين مما تقدم أن المستأنف لم يرتكب أمراً يفقد الثقة بالبنك وكل ما في الأمر أنه بسبب تأخير منشورات المركز الرئيسي كان كل من المستأنف والمراجع يتمسك بوجهة نظره وأقصى ما يفسر به عمل المستأنف إنه كان يخالف أمر رئيسه الأمر الذي تعاقب عليه لائحة جزاءات البنك المرفقة بخصم نصف يوم فقط. أما التأخير في القيد بدفاتر البنك فقد ثبت صحة دفاع المستأنف بخصوصه ومن هذا يتضح أنه كان جديراً بإدارة البنك أن تأخذ برأي نائب الوكيل الذي قال به من الاكتفاء بإنذار المستأنف إلى طاعة رؤسائه والالتفات إلى عمله. أما أن يصدر المستأنف عليه قراراً بالاستغناء عن خدمة المستأنف لمجرد مخالفته أوامر رؤسائه مجاوزاً بذلك لائحة جزاءات البنك والتي يلزمه اتباع ما فيها من أحكام فإن هذا يعد فسخاً بإرادة منفردة أو بالأحرى فصلاً تعسفياً موجباً للتعويض ولا يغير من ذلك ما وقع فيه المستأنف من أخطاء كان بعضها بسبب خطأ المركز الرئيسي الناشئ من عدم إرساله تعليماته الجديدة إلا في 19 من أغسطس سنة 1958. أما البعض لآخر فلم يصب البنك منه ضرر ولم يتقدم أحد بالشكوى منه أيضاً". ثم انتهى الحكم إلى القول بأنه "لذلك ينبغي تعويض المستأنف عما أصابه من ضرر نتيجة لفصله تعسفياً. وترى المحكمة في مبلغ سبعمائة وخمسين جنيهاً تعويضاً مجزياً عن هذا الضرر وترتيباً عليه يتعين تعديل الحكم المستأنف على هذا الأساس" ويبين من هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة لم تستلزم توافر الضرر لإمكان إنهاء عقد العمل وإنما استعرضت الأخطاء المنسوبة إلى المطعون عليه الأول وخلصت منها إلى أنها لا تصلح مبرراً كافياً للفصل. وهو استخلاص موضوعي سائغ مما يقع في سلطة المحكمة التقديرية ومتى كان ما تقدم فإن ما ينعاه الطاعن في خصوص ما استطرد إليه الحكم في مناقشته افتراض أن قرار الفصل عقوبة تأديبية تطبق عليه الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون 317 سنة 1952 يكون غير منتج ولا يؤثر في سلامة ما انتهى إليه الحكم. وأما ما ينعاه على الحكم من إغفاله الإشارة إلى عناصر التعويض فإنه لا محل له، ذلك أن الحكم أورد في بياناته ما يكشف عن نوع عمل المطعون عليه الأول ومدة خدمته وظروف الاستغناء عن خدماته بما يدل على أنه راعى هذه العناصر في تقديره للتعويض. ولا وجه للتحدي بعدم الالتفات إلى التعويض الذي قيل بأن المطعون عليه قدره بصحيفة دعوى أخرى بمبلغ 93 ج لأنه فضلاً عن عدم تسليم المطعون عليه الأول بصدور هذه العريضة منه فإن ذلك لا يمنع من تعديل الطلبات أثناء سير الخصومة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 11/ 3/ 1964 الطعن 11 س 30 ق، 5/ 2/ 1964 الطعن 244 س 28 ق السنة 15 ص 330، 173.

الطعن 62 لسنة 27 ق جلسة 24 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 133 ص 857

جلسة 24 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

--------------

(133)
الطعن رقم 62 لسنة 27 القضائية

عقد. "عقد إداري". "أخذ رأي مجلس الدولة". صلح. تحكيم. بطلان. مجلس الدولة.
استفتاء مجلس الدولة في العقود والمشارطات التي تجريها الجهة الإدارية. عدم التزام الإدارة بإتباعه. إغفاله. لا بطلان.

----------------
يبين من عبارة المادة 32 من القانون رقم 9 لسنة 1949 بإنشاء مجلس الدولة وما نصت عليه من أنه "لا يجوز لأية وزارة أو مصلحة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء إدارة الرأي المختصة" ومن المناقشات البرلمانية التي دارت بشأن النص المقابل له في القانون رقم 112 لسنة 1946 أن الشارع إنما أراد به مجرد طلب الرأي فيما تجريه الجهة الإدارية من العقود والمشارطات المذكورة دون أن تكون ملزمة بإتباعه، وأنه لم يقرن هذا الإجراء بجزاء ما ولم يرتب البطلان على مخالفته وبالتالي لم يجعل منه ركناً أو شرطاً لانعقادها أو صحتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة قدمت إقراراتها بأرباحها في السنوات من سنة 1939 إلى سنة 1946 بالمبالغ الآتية على التوالي 869 ج و748 م، 567 ج و391 م، 643 ج و856 م، 559 ج و129 م، 602 ج و100 م، و755 ج و766 م، 1093 ج و988 م، 1520 ج و840 م، إلا أن مأمورية ضرائب الأزبكية لم تعتمد دفاتر الشركات وقدرت أرباحها في السنوات المذكورة بالمبالغ الآتية 11385 ج، 14225 ج، 10352ج، 17035 ج، 13116 ج، 39578 ج، 82671 ج، 55233 ج، ولم توافق الشركة على هذه التقديرات بالنسبة للسنوات من سنة 1940 - 1946 وأحيل الخلاف على لجنة التقدير التي أصدرت قراراً في 15 ديسمبر سنة 1948 يقضي بتأييد تقديرات المأمورية فطعنت الشركة في هذا القرار بالدعوى رقم 17 سنة 1949 تجاري كلي مصر، ولما كان سداد الضريبة واجباً رغم هذا الطعن فقد اتفقت الشركة مع المصلحة على أن يحصل الوفاء بالتقسيط وضماناً لسداد الضريبة أوقعت المصلحة حجزاً إدارياً على بعض عقارات الشركة بتاريخ 6 إبريل سنة 1949 وفي هذا الأثناء تظلمت الشركة للمصلحة من المغالاة في تقدير أرباحها وطلبت فحص حساباتها وتسوية النزاع ودياً فشكلت المصلحة لجنة لفحص هذه الشكوى ثم انتهى الأمر بين الشركة والمصلحة باتفاق مؤرخ في أول أغسطس سنة 1949 قبلت فيه الشركة تعديل أرقام إقراراتها إلى المبالغ التي حددت في هذا الاتفاق وقررت أنها تتحمل بمصروفات القضية - وتنازلت الشركة عن دعواها فقضت محكمة القاهرة بجلسة 3 سبتمبر سنة 1949 بإثبات هذا التنازل إلا أن المصلحة لم تنفذ هذا الاتفاق وعادت إلى مطالبة الشركة بالسداد على أساس الربط الذي تم طبقاً لقرار لجنة التقدير فتمسكت الشركة بالاتفاق المؤرخ أول أغسطس سنة 1949 ولكن المصلحة بادرت إلى اتخاذ الإجراءات لبيع العقارات التي سبق حجزها في 6 من إبريل سنة 1949 وحددت ميعاداً للبيع فرفعت الشركة الدعوى المستعجلة رقم 1429 سنة 1950 مصر بطلب وقف إجراءات البيع فقضى لها بذلك بتاريخ 31 مايو سنة 1950 وتأيد الحكم استئنافياً بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1950 بالاستئناف رقم 34 سنة 1950 س القاهرة ثم رفعت الشركة الدعوى رقم 2315 سنة 1950 كلي مصر ضد المصلحة ومديرية الجيزة طالبة الحكم ببراءة ذمتها من كافة ما هو مستحق عليها من ضرائب عادية واستثنائية عن المدة من سنة 1940 إلى سنة 1946 وبإلغاء الحجز الإداري المتوقع على عقاراتها في 6 إبريل سنة 1946 وبإلزام المصلحة بأن تدفع لها تعويضاً قدره 5000 ج فقضت المحكمة الابتدائية في 15 مارس سنة 1953 ببراءة ذمة الشركة وبإلغاء لحجز وذلك مقابل قيام الشركة بأداء الضريبة المستحقة على أساس اتفاق أول أغسطس سنة 1949 ورفضت طلب التعويض فطعنت المصلحة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 286 سنة 71 ق وقضت محكمة الاستئناف في 17 يناير سنة 1957 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الشركة وأعلن الحكم للشركة في 26 فبراير سنة 1957 فطعنت فيه بطريق النقض في 5 مارس سنة 1957 طالبة الحكم بنقضه للأسباب الواردة بتقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 23 أكتوبر سنة 1960 إحالته على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفضه وصممت النيابة العامة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة في السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون بمخالفة حكم المادة 32 من قانون مجلس الدولة رقم 9 لسنة 1949 ذلك أنه بعد أن انتهى إلى تكييف اتفاق أول أغسطس سنة 1949 بأنه عقد صلح قرر أنه كان يجب أن تستفتى فيه إدارة الرأي بمجلس الدولة تطبيقاً للمادة 32 المشار إليها ورتب على عدم حصول هذا الاستفتاء بطلان الاتفاق المذكور في حين أنه على فرض اعتبار هذا الاتفاق صلحاً فإن عدم استفتاء إدارة الرأي فيه لا يترتب عليه بطلانه لعدم النص على هذا البطلان ولأنه من المسلم أن الفتوى لا تكون ملزمة للجهة الإدارية ولا يترتب على مخالفتها بطلان التصرف ولا يتصور أن يكون الجزاء على عدم الاستفتاء أشد من الجزاء على مخالفة الفتوى بعد صدورها، وأن الجزاء على مخالفة حكم المادة المذكورة لا يعدو أن يكون مساءلة للموظف المخالف تأديبياً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 33 من القانون رقم 9 لسنة 1949 بإنشاء مجلس الدولة تنص على أنه "لا يجوز لأية وزارة أو مصلحة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء إدارة الرأي المختصة" ويبين من عبارة هذا النص ومن المناقشات البرلمانية التي دارت بشأن النص المقابل له في القانون رقم 112 لسنة 1946 أن الشارع إنما أراد به مجرد طلب الرأي فيما تجريه الجهة الإدارية من العقود والمشارطات المذكورة دون أن تكون ملزمة بإتباعه، ولم يقرن هذا الإجراء بجزاء ما ولم يترتب البطلان على مخالفته وبالتالي لم يجعل منه ركناً أو شرطاً لانعقادها أو صحتها، ومن جهة أخرى فإن الثابت في واقعة الدعوى أن جوهر الخلاف بين الطرفين كان منحصراً في تحديد وعاء الضريبة بشأن الاحتياط السري ولم يكن خلافاً في مسائل قانونية تتصل به وهو ما تدل المناقشات البرلمانية على أن الشارع أراد استطلاع الرأي فيه، يضاف إلى ذلك أن استطلاع الرأي في الصلح إنما تستقل به الجهة الإدارية وحدها دون باقي أطرافه وكان يسع المصلحة أن تتخذ هذا الإجراء ولكنها لم تفعل واستمرت على ذلك إلى أن تنازلت الطاعنة عن دعواها أمام المحكمة الابتدائية بناء على هذا الصلح ولم تعترض المصلحة على هذا التنازل، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه "على أن الاتفاق المؤرخ أول أغسطس سنة 1949 الذي تم بين الشركة الطاعنة ومصلحة الضرائب المطعون عليها قد وقع باطلاً لعدم استكمال الشروط اللازمة لصحته" فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان في الإسناد وفساد في الاستدلال إذ أنه بعد أن قضى بإبطال الاتفاق لعدم استفتاء إدارة الرأي بمجلس الدولة فيه عاد وأبطله في موضوعه لسبب آخر وهو الغش وبني قضاءه في هذا الصدد على عدم تقديم الاتفاق للمحكمة وأن هذا الاتفاق أسس على أن مشتريات الشركة ومسحوبات الشركاء مؤيدة بالمستندات بينما الثابت من تقرير المأمورية الأول عدم وجود مستندات للمشتريات والمسحوبات وأن الشركة قد رفضت اطلاع اللجنة التي ألفتها المصلحة برئاسة الأستاذ عزيز بحيري على المستندات، في حين أن هذه الأسباب لا تسوغ القول بالغش ذلك أن عدم تقديم الاتفاق للمحكمة لم يكن سببه محاولة إخفائه عنها ولكن لتفادي تحمل الطاعنة برسوم جديدة - وقد بني الاتفاق على أساس استبعاد المأمورية لحسابات الممول وأوراقه وتحديد أرباحه على وجه جزافي فلا محل إذن للقول بأن التكلفة غير مؤيدة بالمستندات وأما لجنة الأستاذ عزيز بحيري فقد انتدبت بعد إبرام الاتفاق للبحث عن أسباب لإلغائه وقد امتنعت الشركة عن تقديم أوراقها لهذه اللجنة لأنها لم تسلم بحق المصلحة في إعادة مناقشة الأرباح موضوع الاتفاق وفضلاً عن ذلك فإن المصلحة لم تأخذ بهذه المستندات فيستوي تقديمها أو عدم تقديمها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أبطل اتفاق أول أغسطس سنة 1949 لعدم استطلاع رأي مجلس الدولة فيه عاد وأبطله في موضوعه للغش وأورد في الاستدلال على توافره أنه "من الصعب الإغضاء عن تجنب عرض هذا العقد على الهيئة التي كانت تنظر الطعن المرفوع ضد قرار لجنة التقدير رغم اتفاق عاقديه على وجوب المصادقة عليه من الهيئة المذكورة والإحجام عن عرضه عليها تصرف من جانب الشركة ينم عن الرغبة في إخفائه عن نظر محامي الحكومة خشية أن يواجه بالتخفيض الجسيم في الأرباح فيثير اعتراضاً على طلب التنازل عن الطعن ولو أن عقد الصلح موضوع النزاع كان قد تم على الصورة البريئة الخالية من الشبهات لما كان هناك موجب لعدم إظهاره للمحكمة المعروض عليها الطعن ثم إنه لا يغرب عن البال أن محضر الصلح حسب الأرقام الموجودة فيه يرتكز إلى حد كبير على النتائج التي انتهى إليها الأستاذ عبد الله القديم في مذكرته التي رفعها إلى مدير مصلحة الضرائب بتاريخ 24 يوليو سنة 1949 وقد جاء فيها أن مشتريات الشركة مؤيدة بالمستندات وكذلك التكاليف وأن المسحوبات الشخصية صرفت في أعمال الشركة كما تدل على ذلك المستندات الخاصة بها مناقضاً في ذلك كله ما سبق أن ذكرته المأمورية من أن مشتريات بلغت 173124 ج لم تكن مؤيدة بالمستندات وأن المسحوبات الشخصية وهي تتمثل في مبلغ 9363 ج صرف في سنة 1945 ومبلغ 10541 ج صرف في سنة 1946 لم توجد لها مستندات وأن التكاليف أيضاً غير مؤيدة بالمستندات وأنه عندما حامت الشبهات حول محضر الصلح كلف مدير المصلحة لجنة برياسة الأستاذ عزيز بحيري بالاطلاع على مستندات الشركة فرفضت الأخيرة تقديمها وبما أن هذا التصرف من جانب الشركة يصعب تفسيره خارج نطاق الفرضين الآتيين الأول أن المستندات لم يكن لها وجود كما ذكرت المأمورية والثاني أنها إذا كانت موجودة فلا يرجى أن توصل إلى النتائج التي وردت في مذكرة الأستاذ عبد الله القديم وفي كلتا الحالتين يكون مدير مصلحة الضرائب قد أخفيت عنه الحقائق خدمة للشركة فوقع على هذا المحضر اعتقاداً منه بصحة الوقائع وبسلامة الأسس التي بني عليها فإن هذا من شأنه أن يعيب هذا المحضر من الوجهة الموضوعية طبقاً لحكم المادة 535 من القانون المدني القديم الذي صدر في ظله وأن يدفعه بالبطلان" وهذا الذي أورده الحكم وبني قضاءه عليه لا يسوغ القول بوجود الغش المبطل للاتفاق المذكور ذلك أن عدم تقديم الاتفاق للمحكمة للتصديق عليه لا يدل على الرغبة في إخفائه عنها، وامتناع الشركة عن تمكين لجنة الأستاذ عزيز بحيري من الاطلاع على مستنداتها يبرره تمسك الشركة بالقوة الملزمة للاتفاق وأنها تنازلت عن الدعوى تنفيذاً له، والقول بعدم وجود مستندات للمشتريات والمسحوبات لا جدوى فيه لأنه يبين من عقد الصلح أنه لم يؤسس على وجود هذه المستندات، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون متعيناً نقضه لهذا السبب أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 379 لسنة 29 ق جلسة 17 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 131 ص 833

جلسة 17 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

-------------

(131)
الطعن رقم 379 لسنة 29 القضائية

دعوى. "نطاق الدعوى". "وصف السرعة". "مناطه". استئناف. "طريقة رفعه". ضرائب. "رسم الأيلولة على التركات".
مناط نظر الدعوى على وجه السرعة هو أمر الشارع. خلو القانون 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات من النص على وجوب الفصل في الدعاوى الخاضعة له على وجه السرعة. استلزام المطعون فيه رفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور. مخالفته للقانون.

--------------

مناط نظر الدعوى على وجه السرعة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات هو أمر الشارع سواء في قانون المرافعات أو في قانون آخر. وإذ كانت نصوص القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات سواء قبل تعديلها بالقانون 217 لسنة 1951 أو بعده قد خلت من النص على وجوب الفصل في الدعاوى الخاضعة لأحكامه على وجه السرعة، وجرى الحكم المطعون فيه على أن الدعوى المستأنف حكمها وموضوعها الطعن على تقديرات مصلحة الضرائب لتركة المورث من الدعاوى التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة ويرفع الاستئناف عن الأحكام الصادرة فيها بتكليف بالحضور فإنه يكون لا سند له من القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 11 سنة 1955 تجاري ضرائب دمياط ضد مصلحة الضرائب بموجب عريضة أودعت قلم الكتاب طلبا فيها الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع باعتبار صافي تركة المرحوم عبد الغني حسنين الدرس مبلغ 3127 ج و770 م قبل استبعاد قيمة ضرائب الأرباح التجارية المستحقة على المورث حتى تاريخ وفاته" وبتاريخ 31/ 1/ 1956 قضت المحكمة "وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لفحص اعتراضات الطاعنين وتقدير صافي قيمة تركة المورث..." ثم عادت وبعد أن قدم الخبير تقريره وقضت بتاريخ 30 مايو سنة 1957 في موضوع الطعن "بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار صافي تركة المرحوم عبد الغني حسنين الدرس مبلغ 3286 ج و858 م" وإذ أعلن المطعون عليهما مصلحة الضرائب بهذا الحكم بتاريخ 18/ 7/ 1957 فقد استأنفته أمام محكمة استئناف المنصورة بصحيفة أودعت قلم الكتاب وأعلنت إلى الخصوم في 15/ 8/ 1958 وقيد هذا الاستئناف برقم 75 تجاري سنة 9 ق كما رفعت المصلحة استئنافاً آخر عن ذات الحكم بتكليف بالحضور أعلنت صحيفته في 11 أغسطس سنة 1957 وقيد هذا الاستئناف برقم 74 تجاري سنة 9 ق وقررت المحكمة ضم الاستئنافين للارتباط ودفع المطعون عليهما بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد استناداً إلى أن ميعاد الاستئناف عشرة أيام.
وبتاريخ 29/ 4/ 1959 حكمت المحكمة: "أولاً - ببطلان الاستئناف رقم 75 سنة 9 ق لرفعه بغير الطريق القانوني وألزمت المستأنفة المصروفات عن ذلك الاستئناف. ثانياً - وبالنسبة للاستئناف رقم 74 سنة 9 ق حكمت المحكمة برفض الدفع بسقوط الاستئناف وحددت لنظر الدعوى جلسة 24 أكتوبر سنة 1959 وأبقت الفصل في المصروفات الخاصة به الآن." وقد طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض في خصوص ما قضى به من بطلان الاستئناف رقم 75 سنة 9 ق للسبب الوارد بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من بطلان الاستئناف رقم 75 سنة 9 ق استناداً إلى أن الدعوى مما يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة وفيما رتبه على ذلك من وجوب رفع الاستئناف عنها بطريق التكليف بالحضور لا بعريضة تودع قلم الكتاب - في حين أن القانون رقم 142 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 217 لسنة 1951 لم يتضمن نصاً يوجب الفصل على وجه السرعة في الطعون التي ترفع عن قرارات لجان الطعون في ضريبة رسم الأيلولة على التركات.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه طبقاً للمادة 405/ 2 من قانون المرافعات فإن الدعاوى التي يرفع الاستئناف عن أحكامها بتكليف بالحضور هي الدعاوى المنصوص عليها بطريق الحصر في المادة 118 من قانون المرافعات ومنها "الدعاوى التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة". مما مؤداه أن مناط نظر الدعوى على وجه السرعة هو أمر المشرع سواء ورد هذا الأمر في قانون المرافعات أو في قانون آخر. لما كان ذلك، وكانت نصوص القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951 أو بعد هذا القانون قد خلت من النص على وجوب الفصل في الدعاوى الخاضعة لأحكامه على وجه السرعة ومن ثم فإن ما قرره الحكم المطعون فيه بقوله. "فالدعوى المستأنف حكمها من الدعاوى التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة. وبالتالي يرفع الاستئناف عنها بتكييف بالحضور.." لا سند له من القانون. ولما تقدم بيانه فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتعين نقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص.


(1) راجع نقض 20/ 21/ 1962 الطعن 265 س 27 ق السنة 13 ص 1201. وتراعى التعديلات التي أدخلها القانون 100 لسنة 1962 على قانون المرافعات.

الطعن 475 لسنة 29 ق جلسة 11 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 130 ص 828

جلسة 11 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

--------------

(130)
الطعن رقم 475 لسنة 29 القضائية

( أ ) التزام. فوائد. "الفوائد التأخيرية.
لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير إثبات الدائن أن ضرراً لحقه من هذا التأخير. الضرر مفترض قانوناً وغير قابل لإثبات العكس.
(ب) حجز. "حجز ما للمدين لدى الغير". التزام. فوائد. "الفوائد التأخيرية".
الحجز مقتضاه وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء. امتناع المحجوز لديه عن استغلال المال المحجوز أو التصرف فيه. لا يحول الحجز دون استحقاق فوائد التأخير. مثال.
(ج) تنفيذ. التزام. فوائد. "الفوائد التأخيرية".
تراخي الدائن في التنفيذ لا أثر له في المدة السابقة على الحكم الابتدائي، ولا يمنع من استحقاق فوائد التأخير. مثال.

--------------
1 - تنص المادة 228 من القانون المدني على أنه "لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن أن ضرراً لحقه من هذا التأخير". ومفاد ذلك أن القانون افترض الضرر افتراضاً غير قابل لإثبات العكس.
2 - مقتضى الحجز أياً كان نوعه وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجور لديه استغلال المال المحجوز أو التصرف فيه. ومن ثم لا يجوز الحجز دون استحقاق فوائد التأخير. وعلى ذلك فغير صحيح في القانون ما يقرره الحكم من أنه كان للطاعنة (الحاجزة) أن تنتفع بالمال المحجوز تحت يدها بما يؤدي إلى عدم استحقاقها للفوائد.
3 - تقرير الحكم المطعون فيه أنه يترتب على تراخي الدائن في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه عدم استحقاقه لفوائد التأخير غير صحيح في القانون، ذلك أن التراخي في التنفيذ لا يكون له أثر في المدة السابقة على صدور الحكم الابتدائي ولا يمنع من استحقاق الفوائد إذ كان على المدين أن يوفي بالدين أو أن يتمسك بأي سبب من أسباب انقضائه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مصلحة الجمارك - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 1098 سنة 1952 تجاري كلي إسكندرية على المطعون ضده الأول ومورث باقي المطعون ضدهم المرحوم زكي عبد المجيد رستم بصحيفة أعلنت لهما بتاريخ 15/ 9/ 1953 طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن يدفعا لها مبلغ 376 ج و650 م والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، وقالت في بيان دعواها إن المطعون ضده الأول وشقيقه المرحوم زكي رستم كانا قد استوردا خمس رسائل من البرتقال القبرصي خلال الفترة التي كانت أعفيت فيها الموالح من الرسوم الجمركية بمقتضى قرار من وزير المالية دون غيرها من العوائد الأخرى، إلا أن موظفي الجمارك اعتبروا هذا الإعفاء شاملاً لعوائد الرصيف ولهذا فقد طلبت الطاعنة الحكم لها بقيمة عوائد الرصيف التي استحقت على الرسائل المذكورة، وعقب رفع هذه الدعوى استصدرت الطاعنة بتاريخ 23/ 12/ 1952 أمراً من رئيس محكمة إسكندرية الابتدائية بتوقيع الحجز تحت يدها على ما للمطعون ضده الأول وشقيقه المذكور ضماناً للوفاء بقيمة العوائد، فتظلم المحجوز عليهما من هذا الأمر بالدعوى رقم 124 سنة 1953 كلي إسكندرية وحكمت المحكمة الابتدائية بتاريخ 21/ 2/ 1953 بإلغاء الحجز إلا أنه قضى استئنافياً بتاريخ 22/ 12/ 1953 بإلغاء الحكم المذكور ورفض التظلم وتأييد أمر الحجز، أما بالنسبة لموضوع الدعوى فإن المحكمة الابتدائية حكمت بتاريخ 9/ 5/ 1953 بإلزام المدعى عليهما يوسف وزكي عبد المجيد رستم بصفتهما بأن يدفعا لمصلحة الجمارك مبلغ 379 ج و650 م والفوائد بواقع 5% من المطالبة القضائية الحاصلة في 15/ 9/ 1952 حتى تمام السداد، استأنف المحكوم ضدهما هذا الحكم في خصوص قضائه بالفوائد بالاستئناف رقم 400 سنة 12 ق إسكندرية، وبتاريخ 25 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفين (المطعون ضدهم) بالفوائد القانونية 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 25 يوليه سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 9 ديسمبر سنة 1962 وفيها طلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه، قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 30/ 4/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون بوجوه ثلاث: هي أولاً - أنه أقام قضاءه بعدم استحقاق الطاعنة للفوائد التأخيرية تأسيساً على أنه لم يلحقها ضرر من تأخر المطعون ضدهم في الوفاء، في حين أن المادة 228 من القانون المدني تفرض فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن مجرد تأخر المدين عن الوفاء بمبلغ الدين يحدث ضرراً للدائن. ثانياً - أخطأ الحكم فيما جرى به قضاؤه من أن الطاعنة وقد أوقعت الحجز على المبلغ الموجود لديها الحساب المطعون ضدهم فإنها أصبحت تحتجزه لاستيفاء حقها في عوائد الرصيف عندما يحكم لها بها، وهذا الحجز لا يحول دون انتفاع الطاعنة بالمال المحجوز حتى يقض نهائياً في دعوى صحة الحجز، وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أن الوفاء هو الذي يعفي المدين من فوائد التأخير، إذ به يصبح المبلغ الموفى به تحت تصرف الدائن أما الحجز فهو مجرد إجراء يقصد به منع المدين من التصرف في المال المحجوز لحين الحكم في الموضوع، ولا يستطيع الدائن الانتفاع به أو التصرف فيه أثناء قيام النزاع أمام القضاء ثالثاً - أورد الحكم في تقريراته أن الطاعنة لا يحق لها المطالبة بفوائد التأخير لأنها تراخت في تنفيذ الحكم الابتدائي زمناً غير قصير رغم شموله بالنفاذ المعجل ولأنها لم تطالب بعوائد الرصيف في الوقت المناسب بسبب اختلاف رجال مصلحة الجمارك في تفسير قرارات الإعفاء وما إذا كان ينسحب أثرها إلى هذه العوائد أم لا، في حين أن تراخي الطاعنة في تنفيذ الحكم لم يكن ليحول دون قيام المطعون ضدهم بالوفاء بالدين المحكوم به ولو بعرضه عرضاً حقيقياً، وأن اختلاف رجال مصلحة الجمارك في تفسير قرارات الإعفاء لا يحرمها من المطالبة بفوائد التأخير طالما أن لها الحق في المطالبة بقيمة الدين.
وحيث إن الحكم لمطعون فيه أقام قضاءه بعدم أحقية الطاعنة بالمطالبة بفوائد التأخير على ما قرره ما يأتي "وحيث إنه وإن كان المبلغ المحجوز عليه تحت يد المصلحة لم يكن مودعاً كما تقول على ذمة الرسوم المطالب بها في الدعوى الحالية، إلا أنها لم تنكر أيضاً أن هذا المبلغ كان مستحق الأداء لصاحب الحق فيه وهما المستأنفان لولا توقيع الحجز عليه الذي تم بفعل المصلحة، ومن شأن هذا الحجز أن يغير من طبيعة المبلغ ومن السبب الذي بقي من أجله تحت يدها، والواضح أنها لم تحتجزه بعد توقيع الحجز إلا لاستيفاء حقها في عوائد الرصيف عندما يحكم بها، وهذا الحجز لا يحول دون الانتفاع به في فترات النزاع وفي أثناء مراحله المختلفة حتى يقضي نهائياً في دعوى الحجز وفي دعوى الموضوع وقد ظلت المصلحة محتفظة به بالرغم من صدور الحكم من محكمة الدرجة الأولى في التظلم بإلغاء أمر الحجز، وكان العدل يقتضيها أن ترد المبلغ لصاحبه بعد أن حكم لمصلحته ولكنها لم تفعل، ومما لا شك فيه أن في هذا الحجز غل ليد المستأنفين عن استثماره أو الحصول في غلته، بل إن فيه معنى آخر هو أن المصلحة استوفت حقها بطريق هذا الحجز، وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الواضح مما تقدم أنه لم يصب مصلحة الجمارك ضرر من جراء تأخر المستأنفين أو امتناعهم عن أداء عوائد الرصيف إلا بعد أن يقول القضاء حكمه في شأنها ما دام أنها أفادت من المبلغ الذي احتجزته خصوصاً وأنها كانت من جانبها متراخية في تنفيذ الحكم الابتدائي زمناً غير قصير رغم شمول هذا الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة، فضلاً عما ثبت من أن السبب في عدم أداء العوائد في الوقت المناسب هو تضارب رجال المصلحة في تفسير قوانين أو قرارات الإعفاء وهل ينسحب أثرها إلى هذه العوائد من عدمه ومن أجل ذلك يكون الحكم بالفوائد في غير محله" وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون. ذلك أن المادة 226 من القانون المدني تنص على أنه "إذ كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً أن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية..." وتنص المادة 228 منه على أنه "لا يشترط الاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية يثبت الدائن أن ضرراً لحقه من هذا التأخير" ومفاد ذلك أن القانون افترض الضرر افتراضاً غير قابل لإثبات العكس، وغير صحيح ما قرره الحكم من أنه كان للمصلحة "الطاعنة" الحاجزة أن تنتفع بالمال المحجوز تحت يدها بما يؤدي في نظر الحكم إلى عدم استحقاقها للفوائد ذلك أن مقتضى الحجز أياً كان نوعه وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه استغلال المال المحجوز أو التصرف فيه - ومن ثم لا يحول الحجز دون استحقاق فوائد التأخير كما أنه غير صحيح ما قرره الحكم - أنه يترتب على تراخي الدائن في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه عدم استحقاق هذه الفوائد إذ التراخي في التنفيذ لا يكون له أثر في المدة السابقة على صدور الحكم الابتدائي ولا يمنع من استحقاق الفوائد إذ كان على المدين أن يوفي بالدين أو أن يتمسك بأي سبب من أسباب انقضائه.
وحيث إنه وإن كانت تقريرات الحكم المطعون فيه غير صحيحة في القانون - على ما سلف بيانه، إلا أنه إزاء ما دفع به المطعون ضده في مذكرته المقدمة لهذه المحكمة من دفع بالمقاصة وبين ما حكم به للمصلحة وبين ما كان له من مبالغ تحت يدها، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده سبق أن أبدى تمسكه بتسوية الحساب بين ما له وما عليه مما يترتب عليه إن صح وقوعها انقضاء الدين بقدر الأقل منهما وعدم استحقاق الفوائد على ما قد يكون باقياً من دين للمصلحة لما كان ذلك، وكانت العناصر اللازمة للفصل في ذلك غير متوافرة لدى هذه المحكمة مما يقتضي إعادتها للفصل فيها من محكمة الموضوع.