الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 مارس 2023

الطعن 438 لسنة 29 ق جلسة 28 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 116 ص 731

جلسة 28 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

--------------

(116)
الطعن رقم 438 لسنة 29 القضائية

(أ) تنفيذ عقاري. "طلب وقف البيع أو الاستمرار فيه". " قاضي البيوع". " سلطته في ذلك".
سلطة قاضي البيوع في الحكم بوقف البيع أو بالاستمرار فيه في أحوال الوقف الجوازي. انحصارها في تقدير مدى جدية طلب الوقف دون التعرض لبحث الموضوع الذي من أجله يطلب الوقف.
(ب) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". " التنازل". تقادم. " التقادم المسقط".
التنازل الذي يتضمن إبراء الدائن مدينه من الالتزام، من وسائل انقضاء الالتزام. لا يرد عليه التقادم المسقط. صدور التنازل نهائياً، أثره، إنشاء مركز قانوني ثابت ولا يتقادم أبداً ويحق للمتنازل إليه أن يطلب في أي وقت إعمال الآثار القانونية لهذا التنازل. من ذلك إبطال ما اتخذه المتنازل من إجراءات بالمخالفة لتنازله.
(جـ) إثبات. "إجراءات الإثبات"." الاستجواب ". "العدول عنه". محكمة الموضوع.
عدول المحكمة عن استجواب الخصم استناداً إلى حصرها مقطع النزاع في الدعوى في أمر واحد رأت أن الفصل فيه يقضي على النزاع ويغني المحكمة عن اتخاذ أي إجراء آخر. اعتبار ذلك بياناً ضمنياً لسبب العدول، إذ هو يدل على أنها رأت أن لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء وأن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إليه.

---------------
1 - سلطة قاضي البيوع في الحكم بوقف البيع أو بالاستمرار فيه - في أحوال وقف البيع الجوازية - إنما تنحصر في تقدير مدى جدية طلب الوقف، فيأمر بوقف البيع إذا بدا له أن الطلب جدي أو يرفض الوقف ويأمر بالاستمرار في إجراءات التنفيذ إذا ظهرت له عدم جديته دون أن يتعرض لبحث الموضوع الذي من أجله يطلب الوقف. ومن ثم فإن قضاء قاضي البيوع في هذا الخصوص لا تكون له حجية تمنع محكمة الموضوع من الفصل فيه (1).
2 - التنازل الذي يتضمن إبراء الدائن مدينه من التزام ما إنما هو وسيلة من وسائل انقضاء الالتزامات، وإذ كان التقادم المسقط هو وسيلة أخرى من وسائل انقضاء الالتزام دون الوفاء به، فإنه لا يمكن أن يرد على مثل هذا التنازل، ومن ثم فإنه متى صدر التنازل نهائياً فإنه ينشئ مركزاً قانونياً ثابتاً ولا يتقادم أبداً ويحق للمتنازل إليه أن يطلب في أي وقت إعمال الآثار القانونية لهذا التنازل ومن بينها إبطال ما اتخذه المتنازل من إجراءات بالمخالفة لتنازله.
3 - متى كانت محكمة الاستئناف قد حصرت مقطع النزاع في الدعوى في أمر واحد ورأت أن الفصل فيه يقضي على النزاع ويغني المحكمة عن اتخاذ أي إجراء آخر، فإن في هذا ما يعتبر بياناً ضمنياً لسبب عدول المحكمة عن تنفيذ حكم الاستجواب إذ هو يدل على أنها رأت أن لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء وأن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إليه (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعن وكبير كتاب محكمة المنصورة المختلطة المطعون عليه الثاني - الدعوى رقم 87 سنة 1949 مدني كلي المنصورة قائلاً إن الطاعن كان قد حصل على حكم لصالحه بتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1923 في القضية رقم 52 سنة 1923 مدني كلي المنصورة تأيد استئنافياً بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1923 يقضي بإلزام المرحوم أحمد حسن عابدين - والد الطاعن والمطعون عليه الأول - أن يدفع له مبلغ 800 جنيه وأنه بموجب عقد اتفاق أبرم في 27 من مارس سنة 1924 بين الطاعن والمطعون عليه الأول ووالدهما المرحوم أحمد حسن عابدين تنازل الطاعن نهائياً عن الحكم سالف الذكر مقابل تنازل المطعون عليه الأول ووالده عن حكم صادر لمصلحتهما يقضي بإلزام الطاعن أن يدفع له مبلغ 500 جنيه ولكن الطاعن رغم تنازله نهائياً عن الحكم الصادر لصالحه قد اتخذ به إجراءات كيدية وأنه لذلك يطلب المدعي الحكم بإثبات تنازل الطاعن عن الحكم المذكور وببراءة ذمته - باعتباره أحد ورثة المرحوم أحمد حسن عابدين من المبلغ المقضى به وإلغاء جميع ما اتخذ ويتخذ بذلك الحكم من إجراءات واعتباره كأن لم يكن، دفع الطاعن الدعوى بأن والده المرحوم أحمد حسن عابدين كان قد تصرف إليه وإلى أخيه المطعون عليه الأول في بعض أملاكه كما كان قد حرر سندات مديونية لزوجته ولبعض بناته فأقام بعض دائنيه من الأجانب دعوى أمام المحاكم المختلطة بإبطال تلك التصرفات وأنه إزاء رغبته وأخيه المطعون عليه الأول في الحصول من والدهما على إقرار يصحح به تصرفاته إليهما بعد استيفاء الدائنين الأجانب ديونهم فقد قبل - هو الطاعن - أن يتنازل عن الحكم الصادر لصالحه ضد والده قبولاً معلقاً على شرط نفاذ تصرفات الوالد السابقة ولذلك حرر بين الأب وولديه اتفاق 27 من مارس سنة 1924 من نسخة واحدة أودعت عند الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي ووكيل الوالد الذي أضاف إلى الاتفاق عبارة تفيد أن الحكم المتنازل عنه يبقي أمانة لديه وأن التنازل عنه لا ينتج أثره إلا إذا تحقق الشرط المعلق عليه وهو نفاذ تصرفات الوالد لأولاده وإذ كان هذا الشرط لم يتحقق بسبب القضاء نهائياً بإبطال تصرفات الوالد فإن التنازل المعلق عليه يعتبر كأن لم يكن، ثم دفع الطاعن الدعوى بعدم جواز نظرها لسبق الفصل في ذات النزاع بالحكم الصادر من قاضي البيوع في الدعوى رقم 39 سنة 72 ق مختلط المنصورة رد المطعون عليه الأول هذا الدفاع بأن اتفاق 27 مارس سنة 1924 كان باتاً غير معلق على شرط وأنه إذا كان الأمين - الأستاذ عبد اللطيف أحمد قد أضاف إليه ما يعلق نفاذه على شرط فإن أحداً من المتعاقدين لم يقبل تلك الإضافة بدليل عدم التوقيع عليها من أيهم وأنه ليس للأمين أن يعدل من شروط عقد الأمانة المودع لديه. وبتاريخ 8 من مايو سنة 1949 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن تعديل اتفاق 27 من مارس سنة 1924 تم بموافقة جميع أطرافه ولم يستشهد الطاعن أحداً في هذا التحقيق وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي الذي استشهده المطعون عليه حكمت في 18 من فبراير سنة 1953 بإثبات تنازل الطاعن عن الحكم الصادر في القضية رقم 52 سنة 1923 مدني كلي المنصورة والاستئناف الخاص به الصادر بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1923 وبراءة ذمة المطعون عليه الأول من المبلغ المحكوم به بوصفه أحد ورثة المرحوم أحمد حسين عابدين وإلغاء ما اتخذ بمقتضاه من إجراءات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 101 سنة 5 ق المنصورة وتمسك بدفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى ثم دفع بسقوط حق المطعون عليه الأول بالتقادم لمضي المدة الطويلة بين التنازل عن الحكم في 27 مارس سنة 1924 - إن صح أن هذا التنازل لم يكن مقيداً بشرط وبين إقامة الدعوى في 18 من مايو سنة 1949 بطلب إثباته - وبتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1955 حكمت محكمة الاستئناف: أولاً - برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى. ثانياً - برفض الدفع بسقوط حق المطعون عليه الأول بالتقادم. ثالثاً - بإعادة الدعوى إلى المرافعة لاستجواب المطعون عليه الأول في الظروف التي دعت إلى تحرير اتفاق 27 مارس سنة 1924 من نسخة واحدة وسبب إيداعه عند الأستاذ عبد اللطيف أحمد، وفي 2 من يونيو سنة 1959 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم السابق عليه الصادر بتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1955 وأبدت النيابة الرأي بطلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8 من يناير سنة 1963 وفيها قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة نظر الطعن بجلسة 26 من مارس سنة 1964 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في الشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ذلك أنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وأقام دفعه على أنه كان قد اتخذ ضد المطعون عليه الأول إجراءات نزع الملكية والبيع بالدعوى رقم 39 سنة 72 ق مختلط بيوع المنصورة تنفيذاً لذات الحكم موضوع هذه الدعوى فتقدم المطعون عليه الأول إلى قاضي البيوع بأوجه الدفاع التي يتمسك بها في الدعوى الحالية وناقش قاضي البيوع جميع تلك الأوجه وانتهى إلى رفضها وإلى القضاء بإيقاع البيع وتأيد هذا القضاء استئنافياً وأن هذا الحكم مانع من إعادة نظر الدعوى لوحدة الموضوع والسبب والخصوم، لكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن قاضي البيوع أشبه بقاضي الأمور المستعجلة ولا يختص أصلاً بالفصل في الدفع ببطلان إجراءات التنفيذ لسبب موضوعي وأن كل ما له من سلطة أن يأمر بوقف البيع أو الاستمرار فيه بحسب ما يبدو له من جدية الدفع أو عدم جديته وأن قاضي البيوع في الدعوى رقم 39 سنة 72 ق مختلط المنصورة قد التزم هذه الحدود إذ قضى بالاستمرار في البيع، ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أنه يبين أن قاضي البيوع في القضية رقم 39 سنة 72 ق مختلط المنصورة قد استعرض جميع أوجه دفاع المطعون عليه الأول ومنها تمسكه بتنازل الطاعن عن الحكم موضوع هذه الدعوى وقطع بعدم قبول تلك الأوجه فيحوز حكمه في هذا الصدد حجية الشيء المقضي.
وحيث إنه يبين من الحكم الصادر في دعوى البيع رقم 39 سنة 72 ق مختلط المنصورة - الذي قدم الطاعن صورته الرسمية بملف الطاعن - أن قاضي البيوع رد طلب المطعون عليه الأول وقف إجراءات البيع لرفعه دعوى باستحقاقه شخصياً للعقارات المنزوعة ملكيتها ولتنازل الدائن - الطاعن - عن الحكم المنفذ به الصادر في الدعوى رقم 52 سنة 1923 كلي المنصورة، رد هذا الطلب بأن لقاضي البيوع الحق في أن يقضي بإجراء البيع إذا بدت له دعوى الاستحقاق غير مستندة إلى أساس سليم وبأن أوجه الدفاع التي يتمسك بها المدين - المطعون عليه الأول - ظاهرة القصد في إطالة أمد النزاع مما يتعين معه الحكم بإيقاع البيع دون التفات إلى دعوى الاستحقاق الفرعية، ولما كانت سلطة قاضي البيوع في الحكم بوقف البيع أو بالاستمرار فيه - في أحوال وقف البيع الجوازية - إنما تنحصر في تقدير مدى جدية طلب الوقف فيأمر بوقف البيع إذا بدا له أن الطلب جدي أو برفض الوقف ويأمر بالاستمرار في إجراءات التنفيذ إذا ظهرت له عدم جديته دون أن يتعرض لبحث الموضوع الذي من أجله يطلب الوقف، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ورتب عليه نتيجته فلم يعتبر لقضاء قاضي البيوع في هذا الخصوص حجية تمنع محكمة الموضوع من الفصل فيه فإن الحكم المذكور لا يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى في الشق الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون، ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون عليه الأول في التمسك بالتنازل الوارد بعقد 27 من مارس سنة 1924 لمضي أكثر من خمسة عشرة سنة على تاريخ هذا العقد أو على أسوأ الفروض على تاريخ الحكم الصادر بإبطال تصرفات والده في 17 من يناير سنة 1949 ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع تأسيساً على أن التقادم لا يرد إلا على الحقوق التي أهمل صاحبها في المطالبة بها وبالتالي لا يرد على انقضاء الدين بطريق التنازل، وهذا النظر مخالف للقانون إذ أن المطعون عليه الأول لم يكن يطلب مجرد براءة ذمته وإثبات التنازل عن الحكم بل كان يطلب إلغاء ما اتخذ ويتخذ من إجراءات بموجب الحكم المذكور وهو ما يسقط الحق في طلبه بالتقادم، ويضيف الطاعن أن تنازله عن الحكم الصادر له ضد والده كان معلقاً على شرط نفاذ تصرفات والده إليه ولما كان قد قضى بإبطالها بحكم نهائي فإن هذا يستتبع عدم نفاذ التنازل.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن التنازل الذي يتضمن إبراء الدائن مدينه من التزام إنما هو وسيلة من وسائل انقضاء الالتزامات، ولما كان التقادم المسقط هو وسيلة أخرى من وسائل انقضاء الالتزام دون الوفاء به فإنه لا يمكن أن يرد على مثل هذا التنازل ومن ثم فإنه متى صدر التنازل نهائياً - كما هو الحال في النزاع الحالي - فإنه ينشئ مركزاً قانونياً ثابتاً ولا يتقادم أبداً ويحق للمتنازل إليه - المطعون عليه - أن يطلب في أي وقت إعمال الآثار القانونية لهذا التنازل ومن بينها إبطال ما اتخذه المتنازل من إجراءات بالمخالفة لتنازله، أما ما يدعيه الطاعن من أن تنازله كان معلقاً على شرط لم يتحقق فمردود بأن محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة أن التعديل الوارد بالشرط المضاف إلى عقد 27 من مارس سنة 1924 والمتضمن تعليق التنازل على الحكم بصحة التصرفات الصادرة من الوالد لولديه - قد استخلصت أن هذا التعديل لم يحصل باتفاق العاقدين ومن ثم فإن النعي على الحكم لعدم إعماله مقتضى هذا التعديل يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه ذلك أن محكمة الاستئناف كانت قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1955 باستجواب المطعون عليه الأول في الظروف التي دعت إلى تحرير اتفاق 27 من مارس سنة 1924 من نسخة واحدة وفي سبب إيداعه عند الأستاذ عبد اللطيف أحمد، ومع تعلق الوقائع محل الاستجواب بصميم النزاع فإن المحكمة لم تنفذ هذا الحكم ولم تبين أسباب عدولها عن تنفيذه إن كانت قد رأت العدول وفي ذلك بطلان في الإجراءات أثر في الحكم بما يبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 4 من يونيو سنة 1959 أنه استهل أسبابه بقوله "ومن حيث إنه من المتفق عليه أن العقد سالف الذكر وهو من نسخة واحدة كصريح النص الوارد به قد أودع أمانة عند الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي ويدور الخلاف حول العبارة التي ذيل بها العقد فيقول المستأنف - الطاعن - إنها وضعت باتفاق أطراف العقد وينكر المستأنف عليه - المطعون عليه - حصول الاتفاق على تعديل البند السابق كما ورد بذيل العقد وإزاء هذا الخلاف رأت محكمة الدرجة الأولى أن تناقش الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي في ظروف وملابسات تحرير تلك العبارة التي ذيل بها العقد" ثم أورد الحكم حاصل أقوال الأستاذ عبد اللطيف أحمد وعرض للخلاف السابق وانتهى إلى القول "وبذلك فلم يعد هناك محل للتحدي بهذا التعديل الذي اختلس من الأمين في غفلة من المستأنف عليه ووالد الطرفين... ومن ثم لا يكون لوجود الحكم بيد المستأنف - الطاعن - قيمة طالماً أنه تنازل عنه بعقد 27/ 3/ 1924 تنازلاً نهائياً لا رجوع فيه" ومفاد ذلك أن محكمة الاستئناف حصرت مقطع النزاع في الدعوى في أمر واحد هو معرفة ما إذا كان التعديل الوارد في نهاية العقد قد حصل باتفاق أطرافه أم لا ورأت أن الفصل في هذه المسألة يقضي على النزاع ويغني المحكمة عن اتخاذ أي إجراء آخر وفي هذا ما يعتبر بياناً ضمنياً لسبب عدول المحكمة عن تنفيذ حكم الاستجواب إذ هو يدل على أنها رأت أن لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء وأن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إليه، ومتى كان ذلك، فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالشق الثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني فساد الاستدلال والتناقض وقصور التسبيب وفي ذلك يقول إن الحكم لم يعتد بما ورد في نهاية عقد الاتفاق المؤرخ 27 من مارس سنة 1924 - تعديلاً للبند السادس منه - ذلك التعديل الموقع من الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي والذي يقر فيه بإيداع العقد المذكور أمانة طرفه لا يسلم للطاعن ولا يكون له من أثر إلا إذا حكم بإلغاء التصرفات الصادرة إليه وإلى أخيه - المطعون عليه الأول - من والدهما، لم يعتد الحكم بهذا التعديل قولاً منه إنه قد اختلس من الأمين في غفلة من المطعون عليه الأول من والد الطرفين وأنه مما يؤيد ذلك أن الأمين استوقع الطاعن على ورقة مؤرخة 20 من مارس سنة 1924 تفيد أن الطاعن قد أودع الحكم رقم 52 سنة 1923 كلي المنصورة عنده لا يسلم للطاعن ولا يجرى تنفيذه إلا إذا ألغيت عقود البيع الصادرة له، وهذا الذي قاله الحكم من أن التعديل المذكور قد اختلس من الأمين قول عار عن الدليل بل إن الدليل قائم على صحة ذلك التعديل وهو وروده في ذات عقد الاتفاق وتذييله بتوقيع للأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي ووكيل المطعون عليه الأول كما أن الورقة المؤرخة 20 من مارس سنة 1924 من شأنها أن تؤيد التعديل المدعي ولا تنفيه وهو ما يشوب الحكم بفساد الاستدلال ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه يقرر تارة أن واقعة رد الأمين الحكم محل النزاع للطاعن واقعة مجحودة ويقرر تارة أخرى أن وجود هذا الحكم تحت يد الطاعن ليست له قيمة طالما أنه قد تنازل عنه بعقد 27 من مارس سنة 1924 تنازلاً نهائياً لا رجوع فيه وهذا من الحكم تناقض يبطله، ويستطرد الطاعن قائلاً إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن التعديل الوارد بآخر عقد الاتفاق المؤرخ 27 من مارس سنة 1924 يقيد المطعون عليه الأول ووالده بالرغم من عدم توقيع أيهما عليه لوروده في عقد الاتفاق نفسه بما يجعله جزءاً مكملاً لهذا العقد ولو لم يكن هذا التعديل وليد اتفاق الطرفين لما حرر على ذات العقد ولما وقع عليه الأستاذ عبد اللطيف أحمد وكيل المطعون عليه الأول ووالده كما تمسك الطاعن بأنه إذا كان التعديل الوارد بالبند السادس من اتفاق 27 من مارس سنة 1924 يعتبر مجرد عرض منه فقد صادف هذا العرض قبولاً من والده بتوقيع وكيله الأستاذ عبد اللطيف أحمد عليه، وبأنه قد وقع بتاريخ 29 من مارس سنة 1924 إقراراً بمعنى هذا التعديل وسلمه للأستاذ عبد اللطيف أحمد وإذ قدم المطعون عليه الأول هذا الإقرار ضمن مستنداته في هذه الدعوى فإن ذلك يؤكد موافقته على ذلك التعديل، ولو كان الطاعن قد تنازل عن الحكم الصادر لصالحه ضد والده تنازلاً باتاً لطالبه المتنازل إليهما بتسليمهما الحكم المتنازل عنه عند صدور هذا التنازل، ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد عليه جميع أوجه دفاعه هذه ولم يعتمد على دليل ينقضها فشابه بذلك قصور يبطله.
وحيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه الصادر في 4 من يونيو سنة 1959 بصدد ما يثيره الطاعن في هذا السبب ما يأتي: "ومن حيث إن المستأنف عليه - المطعون عليه الأول - ينكر تعديل البند السادس كما ورد بذيل العقد وإزاء هذا الخلاف رأت محكمة الدرجة الأولى أن تناقش الأستاذ عبد اللطيف أحمد المحامي عن ظروف وملابساته تحرير تلك العبارة التي ذيل بها العقد فقرر بجلسة 25/ 5/ 1949 أن المستأنف - الطاعن - حضر إليه وأفهمه بأن ثمة اتفاقاً تم بينه وبين أخيه المستأنف عليه - المطعون عليه الأول - ووالدهما على إيداع الحكم طرفه لا يسلم إليه ولا يجوز تنفيذه إلا إذا صدر حكم يقضي بإلغاء عقود البيع وقد صدقه وتجاوز حقوقه في تحرير ما ذيل به العقد ولما عرض الأمر على المستأنف عليه ووالد الطرفين لم يوافقا على هذا التعديل ونفي في صورة جازمة أن إيداع العقد لديه كان بسبب تعليق تنفيذه على اشتراطات أخرى غير الثابتة به وعلى ذلك قضت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف - الطاعن - أن تعديل الذي ذيل به عقد 27/ 3/ 1924 تم باتفاق أطرافه الثلاثة هو والمستأنف عليه ووالدهما إلا أن المستأنف بعد أن استأجل التحقيق لتقديم شهوده عاد يطلب الفصل في الدعوى بغير أن يقدم شهوداً، ومن حيث إنه يبين من العقد محل النزاع أنه احتوى التزامات التزمها المستأنف عليه ووالد الطرفين فتعهد المستأنف عليه أن يقوم بسداد باقي دين كنج والياس الجميل والذي بسببه قضى بعدم نفاذ عقود المستأنف - تعهد هذا التعهد وتم تنفيذه على ما ثبت بمحضر العرض المقدم من المستأنف عليه... كما أن هذا المستأنف عليه ووالده تنازلا عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 314 سنة 1924 مدني كلي المنصورة... والمتضمن التزام المستأنف أن يدفع لوالده وللمستأنف عليه مبلغ 437 ج و62 م وما يستجد من الإيجار بدءاً من أول يوليو سنة 1923 حتى التسليم مع المصاريف وهذا الحكم هو المنوه عنه بالبند السابع من العقد - ومن ثم يصبح واضحاً أن تنازل المستأنف - الطاعن - عن الحكم الصادر له في الدعوى 52 سنة 1923 مدني كلي المنصورة كان له ما يقابله من التنازل عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 314 سنة 1923 مدني كلي المنصورة مضافاً إليه التزام المستأنف عليه - المطعون عليه الأول - بسداد باقي دين كنج والياس الجميل الذي تم بمحضر العرض سالف الذكر فلم يعد هناك محل للتحدي بهذا التعديل الذي اختلس من الأمين في غفلة من المستأنف عليه ووالد الطرفين يؤكد ذلك أن الأمين استوقع المستأنف - الطاعن - على ورقة مؤرخة 20/ 3/ 1924 مقدمة تحت رقم.... تفيد أن المستأنف يودع الحكم 52 سنة 1923 سالف الذكر لدى الأمين ولا يسلم إليه ولا يجرى تنفيذه إلا إذا ألغيت عقود البيع الصادرة له وهذا بذاته هو العرض الذي عناه الأمين في مناقشته أمام محكمة الدرجة الأولى والذي رفضه المستأنف عليه ووالده كما قال بذلك الأمين أمام محكمة الدرجة الأولى، ومن حيث إنه لا يبقي بعدئذ إلا ما يدعيه المستأنف - الطاعن - من تسليم الأمين له الحكم محل النزاع وهو قول مجحود من المستأنف عليه - المطعون عليه الأول - من أول الأمر وقد فتح للمستأنف باب التحقيق فعجز عن الإثبات ومن ثم لا يكون لوجود هذا الحكم بيده من قيمة طالما أنه تنازل عنه بعقد 27/ 3/ 1924 تنازلاً نهائياً لا رجوع فيه في مقابل ما حصل التنازل عنه له وما سدد عنه من دين كان يلزمه" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال الأمين الأستاذ أحمد عبد اللطيف المحامي التي لم يقدم الطاعن ما ينفيها رغم تمكينه من نفيها بجميع طرق الإثبات بما فيها البينة أن التعديل الوارد على اتفاق 27/ 3/ 1924 قد اختلس من الأمين في غفلة من المطعون عليه الأول وأن هذا الأخير ووالده لم يوافقا عليه ولما كان لا يجوز نقض العقد أو تعديله إلا باتفاق عاقديه فإن الحكم أهدر هذا التعديل وأعمل مقتضى التنازل الصادر من الطاعن بعد أن أثبت أنه كان له ما يقابله ولما كان ما استخلصه الحكم من أقوال الأمين هو استخلاص سائغ يؤدى إليه مدلول هذه الأقوال وكانت عبارات ورقة 20/ 3/ 1924 تحتمل المعنى الذي ذهب إليه الحكم في تفسيرها وكان لا تناقض فيما قرره الحكم في شأن واقعة تسليم الطاعن الحكم محل النزاع لأن ما عنته المحكمة هو أنه ما دام الطاعن قد تنازل عن هذا الحكم تنازلاً نهائياً لا رجوع فيه - على ما تفيده عبارات العقد فإنه لا يكون لتسليم الطاعن الصورة التنفيذية لهذا الحكم أهمية سواء صحت واقعة تسليم الأمين هذه الصورة إليه أو لم تصح - لما كان ما تقدم، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بما يثيره في هذا السبب من أنه كان للأستاذ عبد اللطيف أحمد سلطة قبول التعديل الوارد على العقد نيابة عن المطعون عليه ووالده - وهو دفاع يخالطه واقع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض - لما كان ذلك كله، فإن جميع ما يثيره الطاعن في هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً منه في تقدير محكمة الموضوع للدليل وفي فهمها للواقع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 24/ 12/ 1959 الطعن 300 س 25 ق السنة العاشرة ص 845.
(2) راجع نقض 13/ 12/ 1962 الطعن 27 س 27 ق السنة 13 ص 1105.

الطعن 17 لسنة 32 ق جلسة 27 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 أحوال شخصية ق 115 ص 727

جلسة 27 من مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي أحمد، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

---------------

(115)
الطعن رقم 17 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". قانون. "تنازع القوانين من حيث المكان". مواريث. نظام عام.
تطبيق القانون الأجنبي. شرطه. عدم مخالفته للنظام العام أو للآداب في مصر. أحكام المواريث المستندة إلى نصوص قاطعة في الشريعة الإسلامية. اعتبارها من النظام العام في حق المسلمين في مصر. كون المتوفاة والخصوم الذين يتنازعون تركتها مسلمين. امتناع تطبيق أحكام القانون الأجنبي لاختلافهما مع أحكام الشريعة الإسلامية وقانون المواريث. لا مخالفة للقانون.

--------------
وفقاً للمادة 28 من القانون المدني لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته نصوص القانون إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر، وإذ كان تطبيق القانون الفرنسي على واقعة الدعوى من شأنه حرمان كل من الزوج والأخ من الإرث بينما تعتبرهما الشريعة الإسلامية وأحكام قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 من أصحاب الفروض والعصبات، وكانت أحكام المواريث الأساسية التي تستند إلى نصوص قاطعة في الشريعة تعتبر في حق المسلمين من النظام العام في مصر إذ هي وثيقة الصلة بالنظام القانوني والاجتماعي الذي استقر في ضمير الجماعة بحيث يتأذى الشعور العام عند عدم الاعتداد بها وتغليب قانون أجنبي عليها بما لا يسع القاضي الوطني معه أن يتخلى عنها ويطبق غيرها في الخصومات التي ترفع إليه متى كان المورث والورثة فيها من المسلمين - إذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن المتوفاة مسلمة وأن الخصوم الذين يتنازعون تركتها مسلمون، فإن الحكم المطعون فيه إذ امتنع عن تطبيق أحكام القانون الأجنبي على واقعة الدعوى لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 75 لسنة 1960 القاهرة الابتدائية (أحوال شخصية أجانب) بعريضة رفعتها إلى السيد رئيس المحكمة بتاريخ أول مايو سنة 1960 طلبت فيها وفي مذكراتها ومرافعاتها الختامية الحكم بثبوت وفاة المرحومة الشريفة زينب عمر السقاف الفرنسية الجنسية والمسلمة الديانة بتاريخ 6/ 1/ 1959 بالفيلا المملوكة لها بشارع شجرة الدر رقم 2 بالزمالك وانحصار ارثها فيها من غير شريك ولا وارث أو من يستحق وصية واجبة واعتبار الإشهاد الصادر بتاريخ 18/ 2/ 1959 في غيبتها والمقيد برقم 8 سنة 1959 تركات أجانب محكمة القاهرة الابتدائية كأن لم يكن واعتبار جميع الآثار التي ترتبت عليه باطلة، وقالت في بيان دعواها إن والدتها المرحومة الشريفة زينب عمر السقاف توفيت في 6/ 1/ 1959 وانحصر إرثها فيها بغير شريك ولا وارث آخر سواها، ونظراً لأن المطعون عليه الثاني وهو زوج المتوفاة استصدر في غيبتها بتاريخ 18/ 2/ 1959 إعلام وفاة ووراثة تضمن انحصار ارثها فيه وفي المطعون عليه الأول بوصفه أخاً لها دون المدعية مع أنهما لا يرثانها طبقاً لأحكام القانون الفرنسي الواجبة التطبيق إعمالاً لقاعدة الإسناد المقررة في المادة 17 من القانون المدني المصري والتي تقضى باستحقاقها لتركة والدتها المتوفاة - فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها السابقة وبتاريخ 7/ 3/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً: أولاً - بإلغاء إشهاد الوفاة والوراثة الصادر بتاريخ 18/ 2/ 1959 تركات أجانب واعتباره كأن لم يكن. ثانياً - بثبوت وفاة المرحومة الشريفة زينب عمر السقاف الفرنسية الجنسية والمسلمة الديانة بالقاهرة في 6/ 1/ 1959 وانحصار إرثها في ورثتها الشرعيين وهم زوجها بهيج عبد الحميد إبراهيم وابنتها الشريفة هدى أحمد السقاف وشقيقها إبراهيم السقاف للزوج الربع وللبنت النصف وللأخ الشقيق الباقي تعصيباً دون وارث أو شريك غيرهم ودون أن تترك المتوفاة وصية. ثالثاً - إلزام المدعية والمدعى عليه الثاني مصروفات هذه الدعوى مناصفة فيما بينهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - استأنف المطعون عليه الثاني بهيج عبد الحميد إبراهيم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من إلغاء الإشهاد والمؤرخ 18/ 2/ 1959 وقيد استئنافه برقم 56 سنة 78 قضائية وكذلك استأنفته الطاعنة فرعياً طالبة إلغاءه فيما قضى به من اشتراك المطعون عليهما معها في ميراث المتوفاة والحكم لها بطلباتها أمام محكمة أول درجة وقيد استئنافها برقم 78 سنة 78 ق - وبتاريخ 28/ 2/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام كل من المستأنفين بمصاريف استئنافه مع المقاصة في أتعاب المحاماة، وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة حيث صممت الطاعنة على طلبها نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه الأول ولم يبد دفاعاً وحضر المطعون عليه الثاني وطلب رفض الطعن كما صممت النيابة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها طالبة رفض الطعن.
وحيث إن الطاعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله فيما قضى به من انحصار ارث المتوفاة "في ورثتها الشرعيين وهم زوجها وابنتها وشقيقها" - وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المذكور وإن سلم بأنها ابنة المتوفاة التي كانت مسلمة ديانة فرنسية جنسية وأن القانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي الذي يؤدي في تطبيقه حسبما جاء بالمادتين 741 و745 - إلى أن الطاعنة باعتبارها ابنة للمتوفاة ترث التركة كلها وتحجب الزوج والأخ - إلا أنه قد أخطأ فيما قرره من قيام التعارض بين قواعد الميراث في القانون الفرنسي وبين قواعد الميراث في الشريعة الإسلامية ومن وجوب تنحية القانون الفرنسي وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وقانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على واقعة الدعوى استناداً إلى أن قواعد الميراث في القانون الفرنسي تخالف النظام العام في مصر - في حين أن نطاق النظام العام في مسائل الأحوال الشخصية لا يقوم على فكرة من العقيدة الدينية وأن تعارض القانون الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية مع قواعد الشريعة الإسلامية لا يعني وجوب استبعاد القانون الواجب التطبيق والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل قاعدة الإسناد المقررة في المادة 17 من القانون المدني لغواً ولا عمل لها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وفقاً للمادة 28 من القانون المدني لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته نصوص القانون إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر، وإذ كان تطبيق القانون الفرنسي على واقعة الدعوى من شأنه حرمان كل من الزوج والأخ من الإرث بينما أن الشريعة الإسلامية وأحكام قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 المستمدة منها تعتبرهما من أصحاب الفروض والعصبات وكانت أحكام المواريث الأساسية التي تستند إلى نصوص قاطعة في الشريعة تعتبر في حق المسلمين من النظام العام في مصر إذ هي وثيقة الصلة بالنظام القانوني والاجتماعي الذي استقر في ضمير الجماعة بحيث يتأذى الشعور العام عند عدم الاعتداد بها وتغليب قانوني أجنبي عليها بما لا يسع القاضي الوطني معه أن يتخلى عنها ويطبق غيرها في الخصومات التي ترفع إليه متى كان المورث فيها من المسلمين - إذا كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن المتوفاة مسلمة وأن الخصوم الذين يتنازعون تركتها مسلمون - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى على أن "النظام العام المصري في دائرة الأحوال الشخصية يقوم على فكرة من الإسلام ولذلك فإنه يتعين في هذه الحالة الامتناع عن تطبيق أحكام القانون الأجنبي متى اختلفت مع أحكام الشريعة الإسلامية وقانون الميراث المستقاة من القرآن..." فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.

الطعن 6 لسنة 32 ق جلسة 27 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 أحوال شخصية ق 114 ص 721

جلسة 27 مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وعبد المجيد يوسف الغايش، وإبراهيم محمد عمر هندي.

----------------

(114)
الطعن رقم 6 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"

وقف. "إلغاء الوقف على غير الخيرات". "دعوى الاستحقاق". اختصاص. قوة الشيء المحكوم فيه. دعوى. "عدم جواز نظر الدعوى".
دعوى. تكييفها بأنها دعوى ملكية في حين أنها دعوى استحقاق يدور النزاع فيها حول معرفة من انحل عليه الوقف من أطراف الخصوم. اختصاص المحاكم الشرعية بنظرها. لا حجية للحكم الصادر فيها من المحكمة المدنية. الاعتداد بهذا الحكم. مخالفة القانون.

--------------
الحكم الصادر في الدعوى باعتبارها دعوى ملكية ومما تدخل في اختصاص المحاكم المدنية أياً كان سببهاً في حين أنها في جوهرها دعوى استحقاق في وقف يدور النزاع فيها حول معرفة من انحل عليه الوقف من أطراف الخصوم وهل كان بغير عوض فيصبح ما انتهى فيه الوقف ملكاً للواقف أم كان بعوض فيؤول إلى مستحقيه الحاليين، وهي بهذا الوصف مما كانت تختص المحاكم الشرعية - قبل إلغائها - بالنظر فيه طبقاً للمادة الثامنة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بعد تعديله بالقانون رقم 399 لسنة 1953 - هذا الحكم لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه لصدوره من محكمة لا ولاية لها. وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذا الحكم ورتب عليه عدم جواز نظر الدعوى المرفوعة بالاستحقاق في الوقف لسابقة الفصل فيها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنتين وأنيسة إبراهيم خليفة رفعن على المطعون عليهما الدعوى رقم 123 سنة 1956 أمام محكمة المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية طلبن فيها الحكم بوفاة المرحوم إبراهيم عمر خليفة وأنهن من ورثته وتستحق زوجته رقية محمد خليفة "الطاعنة الأولى" ثلاثة قراريط وتستحق كل من بنتيه عزيزة "الطاعنة الثانية" وأنيسة قيراطين وثلث قيراط من 24 قيراطاً تنقسم إليها أعيان الوقف التي آلت ملكيتها إليه وقلن سرحاً للدعوى إن المتوفى المذكور وقف الأعيان المبينة بحجة الوقف الصادرة منه أمام محكمة المنصورة الجزئية الشرعية بتاريخ 17/ 2/ 1943 على نفسه مدة حياته ثم من بعده على زوجته وأولاده وجعل منه نصيباً معيناً للخيرات وبما للواقف من حق التغيير في وقفه فقد تقدم بطلب لهيئة تصرفات محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية قيد برقم 278 سنة 1951 لسماع إشهاد بالتغيير في وقفه وقد وافق المطعون عليه الأول والده على سماع الإشهاد وعدل عن معارضته في سماعه بإقرار حرره على نفسه بخطة وإمضائه يعترف فيه بأنه غير متمسك بعقد اتفاق 26/ 7/ 1942 الذي كان يدعي بمقتضاه أن الوقف كان نظير عوض مالي وإذ صدر القانون رقم 180 سنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات وبتاريخ 24/ 4/ 1953 توفى الواقف وانحصر ميراثه الشرعي في زوجته رقية "الطاعنة الأولى" وفي أولاده "محمد المطعون عليه الأول"، ومحمود وعزيزة وأنيسة وزكية وزينب يخص الزوجة ثمن تركته فرضاً وكل بنت 2 و1/ 3 قيراطاً وللذكر من الأولاد ضعف الأنثى فقد طلبن لكل منهن بهذا النصيب ومنع تعرض المطعون عليهما في الوراثة لصيرورة الوقف ملكاً بمقتضى القانون وفوضت وزارة الأوقاف الرأي للمحكمة ودفع المطعون عليه الأول الدعوى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم 1130 سنة 1953 المنصورة الابتدائية الوطنية التي رفعها المطعون عليه الأول ضد الطاعنين وباقي الورثة بطلب تثبيت ملكيته لأعيان الوقف وقضى فيها بتاريخ 26/ 4/ 1955 بندب خبير لفرز حصة الخيرات والمرتبات المبينة بحجة الوقف وجاء في أسباب هذا القرار "أن دعوى تثبيت الملكية صحيحة وأن رافعها يعتبر مالكاً للموقوف من تاريخ وفاة الواقف في 24/ 4/ 1953" كما دفعها بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأنها دعوى ملكية وأنكر ما نسب إليه من أنه وافق والده على سماع إشهاد التغيير وأنه غير متمسك بالعوض الذي دفعه لوالده وطعن بالتزوير في محضر جلسة 2/ 7/ 1952 في مادة التصرفات رقم 278 سنة 1951 المنصورة الابتدائية وبتاريخ 12/ 5/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً.... برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها ورفض دعوى التزوير وتغريم المطعون عليه الأول خمسة وعشرين جنيهاً لقلم كتاب المحكمة ووفاة المرحوم إبراهيم عمر خليفة في 24/ 4/ 1953 وأن من تركته الأعيان التي وقفها بكتاب وقفه المؤرخ 17/ 2/ 1943 والتي أصبحت ملكاً له من 14/ 9/ 1952 بصدور القانون رقم 180 سنة 1952 وأن المدعيات من ورثته تستحق الزوجة ثلاثة قراريط وكل من بنتيه عزيزة وأنيسة قيراطين وثلث قيراط من 24 قيراطاً تنقسم إليها تركته ومنع تعرض المطعون عليهما لهن في هذا الاستحقاق مع إلزام المطعون عليه الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 22 سنة 1958 ق وطلب أصلياً قبول الدفعين الذي أبداهما أمام محكمة أول درجة واحتياطياً بطلان محضر جلسة 2/ 7/ 1952 ومن باب الاحتياط الكلي رفض الدعوى وبتاريخ 3/ 1/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً ببطلان الحكم المستأنف لعدم ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية وبقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة حيث تنازلت الطاعنتان عن السبب الأول وطلبتا نقض الحكم لسببين الثاني والثالث وطلب المطعون عليه الأول أصلياً عدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً رفضه - ولم تحضر المطعون عليها الثانية ولم تبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن المطعون عليه الأول دفع بعدم قبول الطعن لعدم تقديم صورة رسمية من حكم محكمة المنصورة الابتدائية الوطنية الصادر في الدعوى رقم 1130 سنة 1953 مدني بتاريخ 26/ 4/ 1955 الذي قضى في منطوقه بندب خبير لفرز نصيب الخيرات وقطع في أسبابه بأن المطعون عليه الأول يعتبر مالكاً لأعيان الوقف من تاريخ وفاة والده.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله - ذلك أن الطاعنتين قدمتا صورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي وفي ضوء هذا النطاق يكون الطعن استوفى أوضاعه طبقاً للمادة 7 من القانون رقم 57 سنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من إلغاء الحكم الابتدائي وعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 1130 سنة 1953 مدني كلي المنصورة في حين أن الحكم الصادر في هذه الدعوى هو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع وبفرض أنه تضمن قضاء فيه فإن قضاءه هذا لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه لأن المحاكم الشرعية كانت هي المحاكم صاحبة الولاية العامة في المنازعات المتعلقة بأصل الوقف وقد استبقى القانون رقم 399 سنة 1953 بعد إنهاء الوقف على غير الخيرات الاختصاص لهذه المحاكم في دعاوى الاستحقاق التي ترفع في شأن الأوقاف المنتهية وإذ كان موضوع النزاع في الدعوى رقم 1130 سنة 1953 المشار إليها هو الاستحقاق في الوقف وصيرورته ملكاً للواقف بمقتضى القانون رقم 180 سنة 1952 ثم أيلولة هذا الملك لورثته الشرعيين فلا يكون للمحكمة المدنية ولاية النظر فيه وحكمها لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه ولمحكمة الأحوال الشخصية أن تفصل فيه إذا طرح عليها من جديد.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه مهد لقضائه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1130 سنة 1953 مدني كلي المنصورة بقوله "بأنه يتعين ابتداء تحقيق ما إذا كان الحكم المحتج به قد صدر من محكمة لا ولاية لها في إصداره فيندرج بذلك تحت وصف الأحكام المعدومة أم أنه صدر من محكمة مختصة وظيفياً بإصداره فيكتسب قوة الأمر المقضي فيه..." وبما أن هذا التحقيق يستجر النظر في تعرف طبيعة الحق محل المنازعة وهل يدخل في نطاق وظيفة المحكمة الشرعية أم في نطاق وظيفة المحكمة المدنية والمناط في تعرف طبيعة الحق المدعى به للوقوف على مدى دخوله في وظيفة جهة قضاء دون أخرى لا يخضع في ذاته إلى تكييف الخصوم له وإن اتفق الخصوم على ولاية جهة اختصاص بذاتها بل يخضع هذا التكييف لما تبينته المحكمة من وقائع الدعوى وإنزال حكم القانون عليها" وانتهى إلى تكييف الدعوى رقم 1130 سنة 1953 مدني كلي المنصورة بأنها دعوى ملكية عادية تدخل في نطاق المحاكم المدنية أياً كان سببها وذلك بقوله "إن الثابت من أوراق الدعوى رقم 1130 سنة 1953 مدني كلي المنصورة المحتج بحكمها الصادر بتاريخ 26/ 4/ 1955 والثابت من أوراق الدعوى المستأنف حكمها أن جوهر النزاع ليس في واقعة الوفاة والوراثة وتحديد عدد الورثة بل في تحديد قدر ما يخص كل وارث من تركة المورث وعلى الخصوص في الأطيان الزراعية محل إشهاد الوقف المتقدم ذكره فجوهر النزاع هو ملكية تلك الأعيان وقدر ما يخص كلاً من طرفي النزاع في هذه الملكية ففي الوقت الذي يقول فيه المستأنف إنه مالك للقدر جميعه قصر المستأنف عليهن على أن ملكيته قاصرة على نصيبه الشرعي كوارث للمتوفى ومن هذا الخلاف على هذا القدر بني الخلاف على جهة القضاء المختصة فبينما يرى المستأنف أنه مالك للأطيان وأن دعواه 1130 سنة 1953 مدني كلي المنصورة كانت بطلب ثبوت هذه الملكية "ترى المستأنف عليهن أن الدعوى في حقيقتها دعوى استحقاق في وقف من صميم اختصاص المحاكم الشرعية ودائرة الأحوال الشخصية من بعدها وأن الحكم المحتج به صدر من جهة قضاء غير مختصة وظيفياً بإصداره" وأنه "للمحكمة وهي بسبيل الفصل في أمر الملكية محل النزاع عليها أن تستظهر حكم القانون في سند تلك الملكية سواء أكان هذا السند إشهاد وقف أو عقد بيع أو أي سبب قانوني آخر ولا يقال إنه ما دام أن سند الملكية إشهاد وقف فليس من سبيل سوى الالتجاء إلى المحكمة الشرعية لتقول كلمتها فيه طالما أن الأمر بعيد عن أصل الوقف" وبهذا كيف الحكم المطعون فيه الدعوى رقم 1130 سنة 1953 مدني المنصورة بأنها دعوى ملكية في حين أنها في جوهرها دعوى استحقاق يدور النزاع فيها حول معرفة من انحل عليه الوقف من أطراف الخصوم وهل كان الوقف بغير عوض فيصبح ما انتهى فيه الوقف ملكاً للواقف طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 180 سنة 1952 أو كان بعوض مالي فيئول إلى المطعون عليه الأول وحده طبقاً للمادة الرابعة من هذا القانون وهي بهذا الوصف ما كانت تختص المحاكم الشرعية بالنظر فيه طبقاً للمادة الثامنة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من القانون رقم 180 سنة 1952 بعد تعديله بالقانون رقم 399 سنة 1953 التي نصت على "أنه تستمر المحاكم المذكورة في نظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع في شأن الأوقاف التي أصبحت منتهية" ومن ثم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فإن الحكم الصادر فيها لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه لصدوره من محكمة لا ولاية لها وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث الأسباب الأخرى.

الطعن 402 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 28 ص 167

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

---------------

(28)
الطعن رقم 402 لسنة 35 القضائية

(أ) إفلاس. "تصرفات المفلس في فترة الريبة". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". بطلان. "بطلان التصرفات". تأمينات عينية. "رهن".
طلب وكيل الدائنين بطلان عقد رهن تأميني، استناداً للمادة 227 تجاري. دفاع الدائن المرتهن بنفي سوء نية من تصرفه. تمسك المدعي ببطلان التصرف دون اعتبار لهذا الدفاع ودون الإشارة للمادة 228 تجاري. اعتبار الحكم بأن طعن وكيل الدائنين لا ينصب على الدين. لا قصور أو مخالفة للأوراق.
(ب) إفلاس. "تصرفات المفلس في فترة الريبة". نقض. "المصلحة في الطعن". دعوى. "سبب الدعوى". بطلان. "بطلان التصرفات". تأمينات عينية. "رهن". حكم. "حجية الحكم". "التزيد في الأسباب".
طلب الحكم وجوباً ببطلان عقد الرهن استناداً للمادة 227 من القانون التجاري وحدها. تعرض الحكم لسبب بطلان آخر لم يطلب منه الحكم فيه. تزيد لا يحوز حجية. لا مصلحة في الطعن عليه.

---------------
1 - لما كانت صحيفة افتتاح الدعوى قد اقتصرت على طلب بطلان عقد الرهن التأميني، الذي أنشأه المدين الراهن لوقوعه بعد التاريخ الذي تحدد لتوقفه عن دفع ديونه، واستند الطاعن في ذلك إلى المادة 227 من قانون التجارة التي تحدثت عن البطلان الوجوبي لتصرفات المدين التي تقع بعد التاريخ الذي حددته المحكمة لتوقفه عن دفع ديونه أو عشرة أيام سابقة عليها، وكذلك بطلان كل رهن أو اختصاص وقع في هذه الفترة عن دين سابق على تلك المواعيد، ولم تخرج مذكرة الطاعن عن هذا المعنى وكان الدائن المرتهن قد نفى سوء النية عن تصرفه ولم يشر الطاعن أمام محكمة الاستئناف إلى المادة 228 من قانون التجارة التي تجيز الحكم ببطلان تصرفات المدين الأخرى، التي تقع بعد تاريخ توقفه عن دفع ديونه، إذا ثبت أن الطرف الآخر للتصرف كان عالماً باختلال أشغال المدين، فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن وكيل الدائنين لا يطعن على الدين ولا يعترض عليه يكون متفقاً مع الثابت في الأوراق ولا يشوبه قصور أو خطأ في الاستخلاص.
2 - إذا طلب الحكم وجوباً ببطلان عقد الرهن لوقوعه في فترة الريبة على سند من المادة 227 وحدها من قانون التجارة، فإن ما قرره الحكم المطعون فيه في أسبابه بشأن عدم قيام المبرر لتطبيق المادة 231 من ذات القانون، والتي تجيز الحكم ببطلان قيد الرهن، إذا تم بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوماً من تاريخ عقد الرهن يكون تزيداً فيما لم يطلب منه القضاء فيه ولا تحوز هذه الأسباب حجية الشيء المنقضي، ومن ثم لا يكون للطاعن مصلحة في الطعن فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المحاسب مصطفى شوقي بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة الحاج محمد فؤاد درويش، أقام الدعوى 290 سنة 63 إفلاس القاهرة ضد المفلس والسيدتين جورجيت وفيكتورين رياض ديمترى القصاب والأمين العام للشهر العقاري طلب فيها "الحكم ببطلان عقد الرهن التأميني المحرر بقلم العقود الرسمية بمكتب الشهر العقاري والتوثيق بالجيزة والمؤرخ 7/ 4/ 1960 برقم 486 سنة 1960 والمقيد برقم 3649 القاهرة بتاريخ 11/ 5/ 1960 والصادر من المدعى عليه الأول إلى المدعى عليهما الثانية والثالثة والمتضمن رهنه لهما كامل أرضي ومباني العقار 31 شارع الأخشيد بالروضة قسم مصر القديمة، والمبين الحدود والمعالم بهذه العريضة مقابل دين قدره 6000 ج ستة آلاف جنيه، وإلغاء التسجيلات والقيودات المقررة على العقار المذكور، اعتبار العقد كأن لم يكن" وقال شرحاً لدعواه إن المدين الراهن أشهر إفلاسه بتاريخ أول إبريل سنة 1961 في الأحكام 300 و303 سنة 1953 و11 سنة 1960، وتحدد يوم أول يناير سنة 1959 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن دفع ديونه، كما أقيم المدعي وكيلاً للدائنين ثم تأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 205 سنة 78 ق وأصبح المدعي وكيلاً دائماً للدائنين وإذ جاء تاريخ عقد الرهن التأميني بعد التاريخ المحدد لتوقف المدين عن دفع ديونه، فإنه يقع باطلاً استناداً للمادة 227 من قانون التجارة. وبتاريخ 30 مايو سنة 1962 حكمت المحكمة ببطلان عقد الرهن وإلغاء التسجيلات والعقود المقررة على العقار نفاذاً للعقد المذكور واعتباره كأن لم يكن، واستأنفت المدعى عليهما الثانية والثالثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبتين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافهما برقم 414 سنة 81 القاهرة، وبتاريخ 20 إبريل سنة 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المادة 227 من قانون التجارة نصت على بطلان العقود والتصرفات التي عينتها تلك المادة إذا قام بها المدين بعد التاريخ الذي عينته المحكمة لتوقفه عن دفع ديونه أو في ظرف العشرة أيام السابقة عليه، كما نصت على أنه يكون أيضاً لاغياً ولا يعتد به كل رهن عقار من عقارات المدين أو منقول من منقولاته، وكل ما يتحصل عليه الدائن من الاختصاص بأموال مدينه لوفاء دينه، إذا حصل ذلك في المواعيد المذكورة آنفاً لوفاء ديون استدانها المدين قبل تلك المواعيد وأن المشرع قد نقل هذا النص عن الفقرة الأخيرة من المادة 446 من قانون التجارة الفرنسي والتي تنص على بطلان كل رهن عقاري أو قضائي وكل رهن حيازي واقع على عقار أو منقول نشأ على أموال المدين لضمان ديون سابقة، وهذه المادة لا تشترط إلا أسبقية الدين على الرهن بينما أوجبت المادة 227 من قانون التجارة المصري رجوع هذه الأسبقية إلى ما قبل المواعيد المذكورة بالمادة، والخاصة بتاريخ التوقف عن الدفع وعشرة أيام سابقة عليه، ولما كان الفقه المصري قد أجمع على وجوب تفسير النص المصري على ضوء النص الفرنسي، لأنه منقول عنه، فإنه لا يشترط للحكم ببطلان الرهن أو الاختصاص إلا أن ينشأ أيهما خلال فترة الريبة لضمان دين سابق سواء كان قد ترتب في ذمة المفلس قبل فترة الريبة أو خلالها، والحكم المطعون فيه وإن اعتنق هذا الرأي إلا أنه ذهب إلى أن دين المفلس والرهن الذي حمل به عقاره نشأ في وقت واحد بما يخرج هذا التصرف عن تطبيقه أحكام المادة 227 سالفة الذكر. وإذ كان تاريخ عقد الرهن 7 إبريل سنة 1960 وتاريخ التوقف عن الدفع أول يناير سنة 1959 فإن عقد الرهن يدخل فترة الريبة. ولما كان البند الأول من هذا العقد ينص على أن المدين قد استدان بموجب ذلك العقد ستة آلاف جنيه بفائدة 4% وذيل ذلك بعبارة "من تاريخ اليوم لغاية السداد" دون أن يشير إلى أن قيمة الدين، قد دفعت أمام الموثق كما جرت به العادة في مثل هذا العقد، فإن ذلك يدل دلالة قاطعة على أن الدين قد نشأ قبل الرهن فضلاً على أنه يبين أن طلب المشروع المقدم للشهر العقاري عن عقد الرهن أنه مؤرخ 24 مارس سنة 1960، وبناء على الطلب القديم برقم 1431 في 6 مارس سنة 1960، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بإلغاء الحكم المستأنف جاء على غير مقتضى القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باستيعاد أحكام البطلان المقررة في المادة 227 من قانون التجارة على أنه "إذا نشأ الرهن معاصراً للدين، فلا يكون عندئذ هدفاً للبطلان الوجوبي، إذ يدل نشوء الرهن والدين في وقت واحد على أن الدائن لم يخرج الدين إلا بشرط الحصول على الرهن، فلا محل إذن للطعن في الرهن وحده وإنما يجوز الطعن في الدين حتى إذا ما قضى ببطلانه سقط الرهن بالتبعية وأن الثابت من عقد الرهن المحكوم ببطلانه أن الرهن نشأ معاصراً للدين وتحرر عن الاثنين عقد واحد، فقد نص في البند الأول من عقد الرهن على أنه (بموجب هذا العقد استدان الحاج محمد فؤاد درويش الطرف الأول من السيدتين جورجيت وفكتورين الطرف الثاني مناصفة بينهما ستة آلاف جنيه) ونص في البند الثالث على أنه (ضماناً لسداد المبلغ وفوائده وملحقاته رهن الطرف الأول الحاج محمد فؤاد درويش للطرف الثاني) وتأكد ذلك بما نص عليه في قائمة قيد الرهن من أنه (بموجب عقد رهن تأمين رسمي محرر بقلم العقود الرسمية بمكتب الشهر العقاري والتوثيق بالجيزة بتاريخ 7/ 4/ 1961 رقم 486 لسنة 1960 اقترض الحاج محمد فؤاد درويش من السيدتين جورجيت الشهيرة بإيفون وفيكتورين كريمتي السيد رياض ديمترى القصاب ستة آلاف جنيه مصري لكل منهما النصف) وأنه (ضماناً لسداد الدين وفوائده وملحقاته رهن الحاج محمد فؤاد درويش إلى السيدتين جورجيت الشهيرة بإيفون وفيكتورين كريمتي رياض ديمترى القصاب) وأنه "وقد ثبت نشوء الرهن والدين في وقت واحد، فلا محل لتطبيق المادة 227 من قانون التجارة ولا محل للطعن في الرهن ويكون الحكم إذ قضى ببطلان الرهن استناداً إلى هذه المادة في غير محله" وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً ويؤدي إلى ما انتهى إليه من تقرير معاصرة المديونية لنشوء الرهن فإن هذا التقرير منه لا معقب عليه فيه، ولا يغني الطاعن ما ذكره عن تاريخ طلب مشروع شهر عقد الرهن والطلب المقدم بشأنه, إذ ليس لهما من دلالة مخالفة لتلك التي استخلصها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن الحكم المطعون فيه شابه القصور وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه لما كان يحق له أن يعترض على الدين ذاته ويطلب إبطاله لما اتصل به من إجراءات باطلة ومشوبة بالتواطؤ وبنية الإضرار بجماعة الدائنين واستناداً إلى أن المطعون عليهما الثانية والثالثة أقامتا الدعوى 6032 سنة 64 كلي القاهرة - التي أدخل الطاعن خصماً فيها - ضد السيد/ درويش محمد فؤاد درويش، بطلب إلزامه بسداد ذات الدين موضوع الرهن بوصفه ضامناً للمدين بما يدل على أنهما لم يكتفيا بالرهن التأميني على العقار لخشيتهما إبطاله ولعلمهما بارتباك حالة المدين فإنه يكون من غير المستساغ استخلاص الحكم من العبارة الواردة بمذكرة الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية - والتي تقول إنه "ثبت للسيد وكيل الدائنين أن المدين المفلس قد اقترض من السيدتين جورجيت ديمترى القصاب الشهيرة بإيفون وشقيقتها فيكتورين رياض مبلغ ستة آلاف جنيه، وضماناً لهذا القرض رهن رهناً رسمياً" - أن الطاعن لا يطعن على الدين ولا يعترض عليه، بينما كل ما يمكن أن تفيده هذه العبارة هي تقرير واقعة اكتشاف الطاعن لاقتراض المدين المفلس لمبلغ معين من المطعون عليهما الثانية والثالثة في الوقت الذي ظاهرت فيه أوراق الدعوى الطاعن فيما يقول ببطلان الرهن.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت صحيفة افتتاح الدعوى قد اقتصرت على طلب بطلان عقد الرهن التأميني الذي أنشأه المدين الراهن لوقوعه بعد التاريخ الذي تحدد لتوقفه عن دفع ديونه، واستند الطاعن في ذلك إلى أن نص المادة 227 من قانون التجارة التي تحدثت عن البطلان الوجوبي لتصرفات المدين التي تقع بعد التاريخ الذي حددته المحكمة لتوقفه عن دفع ديونه أو عشرة أيام سابقة عليها وكذلك بطلان كل رهن أو اختصاص وقع في هذه الفترة عن دين سابق على تلك المواعيد ولم تخرج مذكرة الطاعن عن هذا المعنى، وكانت الدائنتان المرتهنتان نفتا سوء النية عن تصرفهما وأصرتا بصحيفة الاستئناف على صحة الدين وصحة الرهن واقتصر الطاعن في مذكرته أمام المحكمة الاستئنافية على ترديد ما ساقه أمام محكمة أول درجة وذهبت إلى القول ببطلان التصرف دون اعتبار لتمسك الدائنين بحسن نيتهما ودون أن يشير إلى المادة 228 من قانون التجارة التي تجيز الحكم ببطلان تصرفات المدين الأخرى التي تقع بعد تاريخ توقفه عن دفع ديونه إذا أثبت أن الطرف الآخر للتصرف كان عالماً باختلال أشغال المدين، فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن وكيل الدائنين لا يطعن على الدين ولا يعترض عليه يكون متفقاً مع الثابت بالأوراق ولا يشوبه قصور أو خطأ في الاستخلاص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أنه لما كان الثابت أن الرهن عقد في 7 إبريل سنة 1960 وقيد في 11 مايو سنة 1960، وكانت المادة 231 من قانون التجارة تنص على أنه "يجوز الحكم ببطلان ما يحصل من التسجيلات بعد وقت وقوف المدين عن دفع ديونه أو في الأيام العشرة التي قبل هذا الوقف إذا مضت مدة أزيد من خمسة عشرة يوماً من تاريخ عقد الرهن العقاري أو الامتيازي وتاريخ التسجيل" وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض تطبيق هذه القاعدة على ما قرره من أنه "لا مبرر لتطبيق المادة 231 من قانون التجارة التي تجيز الحكم ببطلان القيد الحاصل في فترة الريبة إذا مضت مدة أزيد من خمسة عشر يوماً بين تاريخ تقرير الرهن وتاريخ إجراء القيد" فإن الحكم يكون في هذا الخصوص قد خلا من التسبيب القانوني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الطاعن قد أقام دعواه على ما يبين من الرد على السبب الثاني بطلب الحكم وجوباً ببطلان عقد الرهن لوقوعه في فترة الريبة على سند من المادة 227 وحدها من قانون التجارة، فإن ما قرره الحكم المطعون فيه في أسبابه بشأن عدم قيام المبرر لتطبيق المادة 231 من ذات القانون والتي تجيز الحكم ببطلان قيد الرهن إذا تم بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوماً من تاريخ عقد الرهن يكون تزيداً فيما لم يطلب منه القضاء فيه ولا تحوز هذه الأسباب حجية الشيء المقضي، ومن ثم لا يكون للطاعن مصلحة في الطعن عليها.

الطعن 459 لسنة 29 ق جلسة 21 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 113 ص 716

جلسة 21 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

---------------

(113)
الطعن رقم 459 لسنة 29 القضائية

(أ) حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات "طرق الإثبات". "قرائن قانونية". دعوى.
قوة الأمر المقضي، أثرها، منع الخصوم من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها الحكم بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أبديت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. مثال.
(ب) حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات "طرق الإثبات". "قرائن قانونية". دعوى. نظام عام.
قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام.

--------------
1 - متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. ومن ثم فمتى كان الحكم الصادر في الدعوى الأولى المرفوعة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد المقايضة قد حسم النزاع بين الخصوم في خصوص صحة هذا العقد وقضى بصحته، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً فإنه يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة ويمنع الخصوم من التنازع فيها بدعوى تالية موضوعها طلب بطلان ذلك العقد، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أنهما متصلتان اتصالاً علياً إذ علة الحكم بصحة العقد في الدعوى الأولى عدم بطلانه والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً أنه غير باطل (1).
2 - قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليها الأولى - شركة اسحق ويعقوب شموئيل قاطان وشركاهم - كانت قد أقامت ضد الطاعن ومدير جمرك الإسكندرية بصفته الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة طالبة القضاء: أولاً - بصحة ونفاذ عقد المقايضة المعقود بينها وبين الطاعن في 8 من إبريل سنة 1952 بشأن 258 طرداً من التمباك. ثانياً - بتثبيت ملكيتها لهذا القدر من التمباك الكائن بجمرك الإسكندرية والذي آلت ملكيته إليها بمقتضى عقد 8 إبريل سنة 1952 وأحقيتها في استلامه. ثالثاً - بصحة إجراءات الحجز المتوقع على هذا التمباك تحت يد مدير جمرك الإسكندرية. رابعاً - بأحقيتها في معدل المقايضة وقدره 27.5 قرشاً عن كل كيلو جرام من التمباك المتقايض عليه. وقالت بياناً لدعواها إنها بموجب عقد مقايضة تاريخه 8/ 4/ 1952 بادلت الطاعن 258 بالة من التمباك كانت مودعة بمخزن وكلائه بجمرك الإسكندرية بكمية معادلة من التمباك - مملوكة لها - كانت مودعة بجمرك بور سعيد ولكن الطاعن لم ينفذ عقد المقايضة فأرسلت إليه في 24 إبريل سنة 1952 خطاباً تنبه عليه فيه بتسليمها التمباك الذي آل إليها بالعقد المذكور فرد الطاعن في 8 مايو سنة 1952 يبلغها أنه لا يمكنه تنفيذ هذا العقد لأنه يرغب في شحن البضاعة إلى عمان ويتعين عليه فتح اعتماد بقيمتها فيها لصالح الجمهورية العربية المتحدة ولكن تبين له أن السلطات الأردنية لا تسمح بفتح اعتماد عن تمباك مصدره إيران وأن المطعون عليها الأولى أغفلت التنبيه عليه بذلك عند التعاقد وأضافت المطعون عليها المذكورة أنها لذلك استصدرت من قاضي الأمور الوقتية أمراً بتوقيع الحجز على التمباك الذي آل إليها بعقد المقايضة وإذ كان ثمن الكيلو من التمباك المقدم منها يزيد عن ثمن الكيلو من التمباك المقدم من الطاعن بمبلغ 27.5 قرشاً فقد طلبت القضاء بطلباتها السابقة. وقد حكم في الدعوى المذكورة بجلسة 23 يناير سنة 1954 للمطعون عليها الأولى بكامل طلباتها وعرضت المحكمة في حكمها هذا لدفاع الطاعن المؤسس على استحالة تنفيذ عقد المقايضة لعدم إمكانية إخراج البضاعة من مصر إلا بفتح اعتماد وردت عليه بأن عقد المقايضة المحرر بين الطرفين في 8 إبريل سنة 1952 قد خلا من أي نص يفيد أن نية الطاعن كانت متجهة إلى شحن التمباك إلى عمان وأنه لو صح هذا القول لأشير إليه في العقد الذي حوى جميع التفصيلات. وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بانقضاء مواعيد الطعن فيه، وبعد ذلك أقام الطاعن ضد المطعون عليها الأولى وآخرين - حلبوني وكحالة وشركاهم ووزارة المالية - دعواه الحالية رقم 1139 سنة 1955 تجاري كلي القاهرة طالباً القضاء بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تدفع له مبلغ 20000 جنيه والفوائد بواقع 5% سنوياً من المطالبة الرسمية للسداد قائلاً في بيان دعواه إنه بموجب عقد المقايضة سالف الذكر والمؤرخ 8 إبريل سنة 1952 بدل المطعون عليها الأولى كمية من التمباك بكمية مماثلة منه والتزم بمعدل قدره 27.5 قرشاً عن كل كيلو ولما أراد وكلاؤه - حلبوني وكحالة وشركاهم - تنفيذ العقد ودفع المعدل تبين لهم أن تصدير التمباك المقايض عليه إلى عمان يستلزم فتح اعتماد بالقيمة لصالح مصر في عمان، ولما كانت السلطات الأردنية لا تسمح بفتح اعتماد عن تمباك مصدره إيران وكانت المطعون عليها الأولى قد أفهمته أن شحن التمباك المتبادل عليه إلى أية جهة ممكن دون حاجة لفتح اعتماد فإن عقد المقايضة سالف الذكر يكون مستحيل التنفيذ وإذ كان ذلك، وكانت المطعون عليها الأولى قد حصلت على حكم نهائي في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة يقضي بتسليمها التمباك المقدم منه وإلزامه بالمعدل وذلك نفاذاً لعقد المقايضة المتقدم الذكر فإنه يطالبها بثمن التمباك الذي وكان مملوكاً له وبالتعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية ويقدر ذلك جمعية بالمبلغ المطالب به. دفعت المطعون عليها الأولى بعدم جواز نظر هذه الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة وطلب الطاعن رفض هذا الدفع تأسيساً على اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً وخصوماً، وبجلسة 12 يونيو سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 384 سنة 75 ق وبجلسة 23 يونيو سنة 1959 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ورأت النيابة في مذكرتها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 8 يناير سنة 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة وذلك على الرغم من اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً وخصوماً فموضوع الدعوى الأولى صحة ونفاذ عقد المقايضة المؤرخ 8 إبريل سنة 1952 وقوامها الخطاب المرسل منه إلى المطعون عليها الأولى في 8 مايو سنة 1952 وسندها القانوني أحكام القانون المدني والخصوم فيها الطاعن والمطعون عليها الأولى، بينما موضوع الدعوى الثانية بطلان عقد المقايضة سالف الذكر وطلب التعويض وقوامها الخطاب الوارد من المطعون عليها الأولى بتاريخ 23 مايو سنة 1952 والخطاب الوارد إليه من وكيلها بتاريخ 27 يونيو سنة 1952 وسندها القانوني المادتان 1 و4 من قانون النقد رقم 80 سنة 1947 المتعلقة أحكامها بالنظام العام والخصوم فيها الطاعن والمطعون عليها الأولى ووزارة المالية.
وحيث إنه يبين من الوقائع المتقدم ذكرها أن الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة قد حسم النزاع بين الطاعن والمطعون عليها الأولى في خصوص صحة عقد المقايضة المؤرخ 8 إبريل سنة 1952 وما دام هذا الحكم قد أصبح نهائياً - فيجوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة ويمنع الخصوم أنفسهم عن التنازع فيها بالدعوى الثانية، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أنهما متصلتان اتصالاً علياً إذ علة الحكم بصحة العقد في الدعوى الأولى عدم بطلانه والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً أنه غير باطل. ولا عبرة بما يقوله الطاعن من أن قوام الدعوى الأولى خطابه المؤرخ 8 مايو سنة 1952 وسندها القانوني أحكام القانون المدني وأن قوام الدعوى الثانية خطاب في 23 مايو سنة 1952، 27 يونيو سنة 1952 وسندها القانوني أحكام قانون النقد رقم 80 سنة 1947 ذلك أن هذا أو ذاك لا يعدو أن يكون من الأدلة الواقعية والحجج القانونية وهو وارد على ذات المسألة السابق الفصل فيها فلا يجوز قانوناً النظر فيه إذ أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. أما ما يثيره الطاعن من أن تنفيذ عقد المقايضة المحكوم بصحته في الدعوى الأولى فيه مخالفة لقوانين النقد في مصر التي تعتبر من النظام العام فإنه بفرض صحة هذا الادعاء فإن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم القاضي بصحة هذا العقد تعلو على اعتبارات النظام العام، ولا ينفي وحده الخصوم في الدعويين أن يكون الطاعن قد اختصم في الدعوى الثانية وزارة المالية التي لم تكن خصماً في الدعوى الأولى ذلك أن الطاعن وقد كان خصماً حقيقياً في الدعوى الأولى فإن الحكم الصادر فيها يكون حجة عليه، هذا علاوة على أن وزارة المالية - كما قرره الحكم المطعون فيه بحق - قد أدخلت في الدعوى الثانية باعتبارها ممثلة لمراقبة النقد ومصلحة الجمارك ولم توجه إليها طلبات ما ولم يقض عليها بشيء وأنها لذلك لم تكن خصماً حقيقياً.
وحيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم حجية الحكم السابق وقضى بعدم قبول الدعوى الثانية لسبق الفصل فيها فإنه لا يكون مخالفاً للقانون مما يتعين معه رفض الطعن.


(1) راجع نقض 6/ 6/ 1963 الطعن 215 س 28 ق السنة 14 ص 876، 12/ 4/ 1962 الطعن 319 س 26 ق السنة 13 ص 441.
(2) راجع نقض 15/ 11/ 1951 طعن 24 س 19 ق مجموعة 25 سنة ص 78.

الطعن 200 لسنة 29 ق جلسة 21 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 112 ص 706

جلسة 21 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

--------------

(112)
الطعن رقم 200 لسنة 29 القضائية

(أ) عقد. "ركن الرضا". أهلية. "عوارض الأهلية". "السفه والغفلة". "تصرفات ذي الغفلة والسفيه".
الاستغلال هو اغتنام الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله فيها ويثري من أمواله. والتواطؤ يكون عندما يتوقع السفيه أو ذو الغفلة الحجر عليه فيعمد إلى التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب. تصرف ذي الغفلة أو السفيه قبل صدور الحجر لا يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ. علم المتصرف إليه بسفه المتصرف أو غفلته لا يكفي لإبطال التصرف بل يجب إلى جانب ذلك العلم قيام الاستغلال والتواطؤ. ولا يكفي لتحقق الاستغلال مجرد قصده بل يلزم ثبوت استغلال المستغل لذي الغفلة أو السفيه فعلاً وحصوله من وراء العقد على فوائد أو ميزات تجاوز الحد المعقول.
(ب) التزام. "آثار الالتزام". "الشرط الجزائي". تعويض. محكمة الموضوع.
خضوع الشرط الجزائي وفقاً للقانون المدني الملغى لمطلق تقدير القاضي.
(جـ) حق. "حقوق الامتياز". تأمينات عينية. "تقريرها".
الامتياز لا يقرر إلا بنص في القانون. اشتراطه في العقد. عدم الاعتداد به.

----------------
1 - التصرف الصادر من ذي غفلة أو من السفيه قبل صدور قرار الحجر لا يكون - وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض في ظل القانون المدني الملغى وقننه المشرع في المادة 115 من القانون القائم - باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ. ويقصد بالاستغلال أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثري من أمواله. والتواطؤ يكون عندما يتوقع السفيه أو ذو الغفلة الحجر عليه فيعمد إلى التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب. ومن ثم فلا يكفي لإبطال التصرف أن يعلم المتصرف إليه بما كان يتردى فيه المتصرف من سفه أو غفلة بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا العلم قيام الاستغلال أو التواطؤ بالمعنى السابق بيانه. كما أنه لا يكفي لتحقق هذا الاستغلال توفر قصد الاستغلال لدى المتعاقد مع السفيه أو ذي الغفلة بل يجب لذلك أن يثبت أن هذا المتعاقد قد استغل ذي الغفلة أو السفيه فعلاً وحصل من وراء العقد على فوائد أو ميزات تجاوز الحد المعقول حتى يتحقق الاستغلال بالمعنى الذي يتطلبه القانون (1).
2 - الشرط الجزائي كان يخضع دائماً - وفقاً للقانون المدني الملغى - لمطلق تقدير القاضي فلا يحكم إلا بما يراه مناسباً من التعويض للضرر الذي لحق الدائن (2).
3 - الامتياز لا يقرر لحق إلا بمقتضى نص في القانون. ومن ثم فإن اشتراط المتعاقد امتيازاً لحقه في التعويض لا يعتد به وبالتالي يكون النص عليه في العقد لغواً (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر المرافعة وبعد والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1553 سنة 1930 كلي القاهرة وانتهى فيها إلى اختصام السيدة مشكورة أحمد شيرين بصفتها ناظرة وحارسة قضائية على وقف المرحوم حسين باشخليفه شرقية - وحسن أحمد شيرين بصفته قيماً على والده أحمد شيرين وشبل مرعي - وطلب إلزام المدعى عليها الأولى بصفتيها بأن تدفع له من ريع الوقف المذكور مبلغ 1800 جنيه وتثبيت الحجز التحفظي الذي أوقعه تحت يد المدعى عليه الأخير على ما في ذمته لأحمد شيرين وجعل هذا الحجز نافذاً - وقال الطاعن في بيان دعواه إنه بموجب عقد إيجار تاريخه 8 من يونيه سنة 1925 وثابت التاريخ في 27 من يوليه سنة 1925 استأجر من أحمد شيرين بصفته ناظراً لذلك الوقف مائة فدان تقريباً كائنة بناحيتي دناصور وزاوية البقلي مركز شبين الكوم وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1938 وبأجرة جملتها 1800 جنيه عن جميع هذه المدة عجل منها مبلغ 800 جنيه وقت تحرير العقد واتفق على دفع الباقي بعد خصم الأموال الأميرية منه على أقساط خلال مدة الإجارة كما التزم المؤجر في العقد في حالة تأجيره الأرض المؤجرة للغير على نفس المدة برد ما قبضه من الأجرة وبتعويض قدره ألف جنيه - وأن المؤجر على الرغم من ذلك أقدم على تأجير الأطيان ذاتها ولنفس المدة التي ارنست أبو طاقية الأجنبي الجنسية وذلك بعقد إيجار رسمي تاريخه 18 من فبراير سنة 1926 فبادر الطاعن إلى رفع الدعوى رقم 15005 سنة 52 ق أمام محكمة مصر المختلطة واختصم فيها هذا الشخص وأحمد شيرين وطعن في هذا العقد بالصورية وبتحريره بالتواطؤ بينهما بقصد حرمانه من الانتفاع بالأطيان السابق تأجيرها إليه وطلب في تلك الدعوى الحكم بأفضلية عقده وتسليمه هذه الأطيان في التاريخ المحدد لبدء تنفيذه وهو أول نوفمبر سنة 1928 ولما رأى الطاعن أن إجراءات التقاضي أمام المحكمة المختلطة قد طالت واستنفدت معظم مدة عقده ترك هذه الدعوى ولجأ إلى القضاء الوطني وأقام أمامه دعواه الحالية بطلب رد الأجرة المقبوضة ومبلغ التعويض المشروط في العقد وإذ كان قد صدر قرار في 6 من إبريل سنة 1927 بتوقيع الحجر على المؤجر أحمد شيرين للسفه والغفلة فقد اختصم في دعواه هذه - القيم عليه ووزارة الأوقاف الذي خلفته في نظارة الوقف ولما عينت السيدة مشكورة ناظراً بدلاً من وزارة الأوقاف وحارسة قضائية على الوقف اختصمها بهاتين الصفتين وطلب إلزامها بالمبلغ المطالب به كما اختصم والده ليحكم في مواجهته بتثبيت الحجز الذي كان قد أوقعه تحت يده على ما لمدينه أحمد شيرين في ذمته من ديون. وقد طعنت ناظرة الوقف فيما طعنت به على عقد الإيجار أساس الدعوى بأنه باطل لصدوره من أحمد شيرين أثناء قيام حالة السفه والغفلة به ومع علم الطاعن بهذه الحالة وقت إبرام العقد، ورد الطاعن على هذا الدفاع منكراً علمه بتلك الحالة وقت تحرير العقد وقال إنه ما دام تاريخ هذا العقد سابقاً على تاريخ تقديم طلب الحجر وهو 21 فبراير سنة 1927 وعلى تاريخ القرار الصادر بتوقيعه فإن آثار الحجر لا تلحقه، وبتاريخ 28 من فبراير سنة 1931 حكمت المحكمة الابتدائية ببطلان الحجر الموقع تحت يد الشيخ شبل مرعي - والد الطاعن - ثم حكمت في 11 يونيه سنة 1949 قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الناظرة على الوقف والقيم بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن حالة السفه والغفلة كانت قائمة بالناظر السابق أحمد شيرين قبل تحرير عقد الإيجار وأن المدعي (الطاعن) أقدم على قبول هذا التصرف وهو عالم بقيام سبب الحجر وصرحت المحكمة للطاعن بنفي ذلك بالطرق عينها. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 28 من نوفمبر سنة 1950 بإلزام السيدة مشكورة بصفتها ناظرة وحارسة على وقف المرحوم حسين باشخليفة أن تدفع للطاعن من ريع الوقف المستحق للمدعي عليه الثاني بصفته قيماً على والده أحمد شيرين مبلغ ألف وثمانمائة جنيه. وبنت المحكمة قضاءها بذلك على أنه لم يثبت لها علم الطاعن بسفه المؤجر أو غفلته عند إبرام العقد - استأنف القيم على المحجور عليه والسيدة مشكورة بصفتيها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهما برقم 165 سنة 68 ق وطلبا إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن وأثناء سير الاستئناف حلت محلهما فيه السيدة سمية أحمد شيرين بصفتها قيمة على والدها أحمد شيرين وبصفتها حارسة على أملاك الوقف المذكور بعد حله وتمسكت ببطلان العقد لعلم الطاعن بسفه المؤجر وبغفلته عند استصدار هذا العقد واستغلاله هذه الحالة ونعت على الحكم المستأنف فساد استدلاله على نفي هذا العلم وبتاريخ 30 يونيه سنة 1956 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف ضده (الطاعن) تأسيساً على إبطال العقد فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 14 من أكتوبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن. وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفساد الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بإبطال عقد الإيجار الصادر إليه من أحمد شيرين على سند واحد هو ما استخلصه من أنه (الطاعن) حين تعاقد مع الأخير كان يعلم بسفهه وغفلته وأنه قصد استغلال هذه الحالة، وذهب الحكم بين الأسباب التي استخلص منها فهمه هذا وانتهى إلى القول "ومن كل ذلك يبين أن عقد الإيجار موضوع الدعوى وإن كان قد حرر قبل توقيع الحجر على المؤجر إلا أنه صدر في فترة قيام أسباب الحجر وأن المستأجر (الطاعن) أقدم على الاستئجار وهو عالم بقيام هذه الأسباب وهي السفه والغفلة لدى المتعاقد معه ومن ثم يكون هذا العقد باطلاً" - ويرى الطاعن أن الحكم إذ جعل إبطال التصرف الصادر من المحجور عليه لسفه أو غفلة أو لكليهما - قبل توقيع الحجر منوطاً بظهور حالة السفه والغفلة وعلم المتصرف إليه بها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الأصل أن كل تصرف يصدر من المحجور عليه قبل قرار الحجر يكون صحيحاً ولا يبطله علم المتصرف له بحالة السفه والغفلة ولا مجرد قصده الإفادة من هذه الحالة وإنما يبطل هذا التصرف إذا صدر بطريق التواطؤ والغش بين المحجور عليه والمتصرف له بقصد التحايل على القانون ولما كان الحكم قد اكتفى بالتدليل على علم الطاعن بسفه المؤجر وغفلته وأهمل الأساس الذي لا يقوم البطلان إلا عليه فإنه يكون مخالفاً للقانون وقاصراً قصوراً يعيبه. ويضيف الطاعن أن الحكم وإن قرر أنه حين تعاقد مع أحمد شيرين كان يعلم بسفهه وغفلته وقصد استغلال هذه الحالة إلا أنه خلا من أي دليل أو مجرد قرينة تصلح لإثبات قصد الاستغلال الذي نسبه إليه - أما ما استند إليه الحكم من أنه كان عند إبرامه العقد طالباً بكلية الحقوق ومن أن العقد أبرم قبل مدته بثلاث سنوات وذكر فيه أن حدود الأطيان المؤجرة معلومة للطرفين كما اشترط فيه تعويض كبير يزيد على صافي الإيجار بعدم خصم الأموال وذلك في حالة إخلال المؤجر بالتزامه وتأجيره الأطيان للغير - ومن أن الطاعن خلق لحقه في هذا التعويض امتيازاً على ريع الوقف وما استخلصه الحكم من شهادة شاهد الإثبات الرابع من أن الطاعن لم يدفع من مبلغ الثمانمائة جنيه الذي ذكر في العقد أنه عجله من الأجرة سوى مبلغ خمسمائة جنيه وأن الباقي خصم مقابل الهدايا التي قدمها شقيق الطاعن إلى ابنة المؤجر في فترة الخطوبة التي فسخت فيما بعد - هذه الأسباب التي استند إليها الحكم - بعضها غير صحيح وهي جميعها لا تؤدى عقلاً إلى ما رتبه عليها الحكم من أن (الطاعن) كان عند إبرامه العقد يعلم بسفه المؤجر وقصد استغلال هذه الحالة - فليس صحيحاً أن التعويض المشروط يربو على قيمة أجرة الأطيان في مدة الثلاث سنوات المتفق عليها ولا أن الطاعن خلق لنفسه حق امتياز على ريع الوقف. وحتى لو صح تفسير النص الوارد بهذا الشأن على النحو الذي فسرته به المحكمة فإن هذا النص يكون لغواً لا ينشأ به حق امتياز ولا يعدو أن يكون نصاً تهديدياً ومن جهة أخرى فإن المفروض عند الاتفاق على التعويض أن يحدده الطرفان مقابل الربح الذي يضيع على المستأجر من عدم إنفاذ عقده والأمر في تحديد هذا التعويض منوط في جميع الأحوال بتقدير المحكمة للضرر الذي يلحق بالمستأجر وللمحكمة وفقاً للقانون القديم الذي أبرم العقد في ظله أن تخفض التعويض المتفق عليه بما يتناسب مع هذا الضرر، وكون الطاعن طالباً عند إبرامه العقد لا يفيد استغلاله حالة السفه والغفلة التي كانت قائمة بالمؤجر لأن الطاعن كان مزمعاً أن يجمع بعد تخرجه بين العمل في المحاماة وفي الزراعة وهو ما حصل فعلاً بعد أن أنهى دراسته كذلك فإن علمه بحدود الأطيان المؤجرة لا يفيد بأي حال علمه بسفه المؤجر ولا قصده استغلال هذا السفه وقد دلل الطاعن أمام محكمة الموضوع على انتفاء الاستغلال بأنه استأجر ذات الأطيان في سنة 1931 في مزاد علني من وزارة الأوقاف - بعد أن وليت النظر على الوقف - بأجرة سنوية قدرها خمسة جنيهات للفدان أي بما يقل عن الأجرة المتفق عليها في العقد محل النزاع.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد شروط عقد الإيجار سند الدعوى استعرض أقوال الشهود الطرفين والأحكام التي استشهدت بها القيمة وناظرة الوقف على قيام حالة السفه والغفلة بالمحجور عليه أحمد شيرين وقت إبرامه ذلك العقد ثم قال الحكم "وحيث إن هذه المحكمة ترى أن أقوال شهود الإثبات التي يطمأن إليها صريحة في أن أحمد شيرين كان على درجة ظاهرة من السفه والغفلة لا تخفي على أحد فضلا ًعن المقربين منه والمتصلين به كما أنها صريحة في أن عائلة الشيخ شبل مرعي كانت على صلة وثيقة به بحكم استئجار عميدها منذ سنة 1910 أطيان الوقف التي كان أحمد شيرين ناظرها والمستحق الوحيد فيها وبحكم اختلاطه بأفرادها والتجائه إلى عميدها هرباً من تنفيذ حكم الحبس لعدم دفعه مبلغ النفقة لوالده - وحيث إن المحكمة ترى أن هذه الحالة ما كانت تخفي على المستأنف عليه (الطاعن) بالذات وأنه حين تعاقد على إيجار أطيان الوقف كان يعلم بها وكان يقصد استغلالها وذلك للأسباب الآتية: أولاً - ظروف تحرير عقد الإيجار وملابساته والصيغة التي كتب بها فقد تبين أن عقد الإيجار أبرم بين أحمد شيرين وبين المستأنف ضده بتاريخ 8 يونيه سنة 1925 وأثبت تاريخه في 27 يوليه سنة 1925 أي في وقت كان فيه هذا الأخير طالباً بكلية الحقوق وقد حدد لبدء تنفيذه آخر أكتوبر سنة 1928 ولانتهائه أخر أكتوبر سنة 1931 وليس من المألوف أن يقدم طالب علم على استئجار نحو مائة فدان أثناء دراسته وأن يدفع جزءاً كبيراً من الإيجار مقدماً وأن يقدم على ذلك قبل إمكان انتفاعه بالعين بنحو ثلاث سنوات. وما من شك في أن هذا قرينة تؤيد أقوال شاهد الإثبات الرابع من أنه حين للصلح وسط سأل المستأنف عليه عن ظروف التأجير فأخبره بأن والده كان يطالب أحمد شيرين بنحو ثلاثمائة جنيه بمقولة أنها صرفت من بضع سنوات سابقة في شراء هدايا وحلوى وما يماثلها أثناء خطبة أخيه محمود شبل مرعي لابنة أحمد شيرين. وأنه انتهز هذه الفرصة - فرصة التجاء الأخير لمنزل أبيه - وأشار على والده بتحرير عقد إيجار عن أطيان الوقف يبدأ بعد ثلاث سنوات ويحتسب فيه هذا المبلغ من قيمة الإيجار. فلما سأله عن السبب في عدم كتابة العقد باسم أبيه قال أنه كتبه باسمه دفعاً للشبهات لوجود قضايا بين والده وأحمد شيرين. ومعنى ذلك أن المستأنف عليه ووالده انتهزا فرصة مواتيه كانت حالة أحمد شيرين فيها كما وصفها شهود الإثبات وكتبا هذا العقد بقصد الاستغلال لا بقصد عقد صفقة عادية تكون من مالك الأرض إلى مزارع لا من ناظر وقف إلى طالب في الحقوق.... وحيث إنه مما يؤيد علم المستأنف عليه بحالة السفه والغفلة لدى أحمد شيرين والرغبة في استغلالها نفس صيغة العقد فقد حرر بعبارة عامة لم تذكر فيها حدود الأطيان المؤجرة كما جرت العادة وإنما كتبت عبارة "الحدود معلومة للطرفين" فكأن المستأنف عليه يعرف المؤجر ويعرف حدود أطيانه ولا يرى داعياً لذكرها مع أنه لا يزال طالب علم وكأنه يعلم بظروف سفهه وغفلته وإلا لما كتب تعويضاً كبيراً يزيد عن قيمة الصافي من الإيجار بعد خصم الأموال في حالة ما إذا أجرها للغير مع أن التعويض عن التأجير للغير شرط غير مألوف ولئن علله المستأنف عليه بأن المؤجر اعتاد ذلك فهو بهذا يسلم ضمناً بأنه ملم بظروفه وأحواله وبحالة الغفلة والسفه يؤجر مرتين عن ذات المدة يتقاضى القليل ويكتب الكثير يضاف إلى ذلك أن المستأنف عليه اشترط على المؤجر عند التأجير للغير لا رد المبلغ المقال بدفعه مقدماً ولا دفع التعويض الجسيم الذي نص عليه وإنما خلق لنفسه حق امتياز على ريع الوقف وليس مألوفاً أن يقبل مؤجر في ظروف عادية خلق مثل هذا الحق كما ليس مألوفاً أن يحرر عقداً غريباً كهذا العقد قبل مدته بثلاث سنوات وأن يدفع له مثل هذا التأمين الجسيم دون أن يوقع شاهد واحد عليه مما يهدم أقوال شهود النفي الذين زعموا وجودهم عند تحرير العقد إذ لو صحت أقوالهم لما أحجموا عن الشهادة عليه. ثانياً - ما شهد به أحمد رفعت من رؤيته المستأنف عليه يتردد على منزل أحمد شيرين بالمطرية منذ كان طالباً بكلية الحقوق وما شهد به شاهد الإثبات الرابع من أنه علم من ذات المستأنف ضده أن خطبة بين أخيه وبين ابنة أحمد شيرين قد عقدت قبل عقد الإيجار ببضعة سنوات، ثم أوضح الحكم دلالة الأحكام المقدمة من ناظرة الوقف على قيام حالة السفه والغفلة بأحمد شيرين من قبل الحجر عليه وقال "ومعنى ذلك أن حالة السفه والغفلة كانت قائمة بما لا يدع مجالاً للشك في وقت تحرير عقد الإيجار موضوع الدعوى وأن أقوال الشهود في هذا الصدد يطمأن إلى سلامتها وأن أمر سفه أحمد شيرين وغفلته كان ظاهراً للعيان تحدثت عنه الأحكام وأثيرت بشأنه المنازعات القضائية التي لم تكن بعيدة عن المستأنف عليه" وانتهى الحكم إلى القول "وحيث إنه من كل ذلك يتبين أن عقد الإيجار موضوع الدعوى الصادر من أحمد شيرين بتاريخ 8 يونيه سنة 1925 وإن كان قد حرر قبل توقيع الحجر عليه إلا أنه صدر في فترة قيام أسباب الحجز وأن المستأجر (الطاعن) أقدم على الاستئجار وهو عالم بقيام أسباب الحجر للسفه والغفلة لدى المتعاقد معه ومن ثم يكون هذا العقد باطلا" - ولما كان التصرف الصادر من ذي غفلة أو من السفيه قبل صدور قرار الحجر لا يكون - وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في ظل القانون المدني الملغى وقننه المشرع في المادة 115 من القانون القائم - باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ - ويقصد بالاستغلال أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثري من أمواله، أما التواطؤ فيكون عندما يتوقع السفيه أو ذو الغفلة الحجر عليه فيعمد إلى التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب. ومن ثم فلا يكفي لإبطال التصرف أن يعلم المتصرف إليه بما كان يتردى فيه المتصرف من سفه أو غفلة بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا العلم قيام الاستغلال أو التواطؤ بالمعنى السابق بيانه - كما أنه لا يكفي لتحقق الاستغلال ما قرره الحكم من أن الطاعن أبرم مع أحمد شيرين عقد الإيجار بقصد الاستغلال إذ أنه بفرض توفر هذا القصد لدى الطاعن فإنه لا يكفي بذاته لإبطال العقد بل يجب لذلك أن يثبت أن الطاعن استغل المؤجر فعلاً وحصل من وراء عقد الإيجار على فوائد أو ميزات تجاوز الحد المعقول حتى يتحقق الاستغلال بالمعنى الذي يتطلبه القانون. لما كان ما تقدم، وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم في إبطال عقد الإيجار الصادر من أحمد شيرين إلى الطاعن قبل صدور قرار الحجر على المؤجر وقبل طلب توقيع هذا الحجر بأكثر من سنة ونصف. هذه الأسباب ليس فيها من شأنه أن يؤدى عقلاً إلى أن الطاعن حين أبرم هذا العقد كان متواطئاً مع المؤجر أو أنه استغل حالة سفهه وغفلته وأثرى من أمواله عن طريق عقد الإيجار الذي أبرمه معه - ولا ينتج في إثبات الاستغلال ما استخلصه الحكم من أقوال أحد شهود الإثبات من أن الطاعن لم يدفع من مبلغ الثمانمائة جنيه الوارد ذكره في العقد على أنه عاجل الأجرة - سوى مبلغ خمسمائة جنيه وأن الثلاثمائة جنيه الباقية خصمت نظير هدايا الخطبة التي كان والد الطاعن يطالب المؤجر بقيمتها بسبب فسخ هذه الخطبة ولا ما ذكره الحكم من أن الطاعن اشترط في العقد تعويضاً مبالغاً فيه في حالة إخلال المؤجر بالتزامه وتأجيره الأطيان للغير ولا ما قرره الحكم من أن الطاعن خلق لنفسه حق امتياز على ريع الوقف، كل هذا الذي ساقه الحكم غير منتج في إثبات الاستغلال ذلك أن الاتفاق على خصم دين في ذمة المؤجر من معجل الأجرة الذي نص عليه في العقد لا يعتبر استغلالاً إلا إذا كان هذا الدين غير محقق الوجود واحتال الطاعن على استيفائه عن طريق عقد الإيجار الذي عقده مع المؤجر. وهو الأمر الذي لم يستظهره الحكم المطعون فيه أو يقيم الدليل عليه - أما المبالغة في تحديد التعويض المشروط في العقد فإن الشرط الجزائي كان يخضع دائماً وفقاً للقانون الملغى الذي أبرم العقد في ظله لمطلق تقدير القاضي فلا يحكم إلا بما يراه مناسباً من التعويض للضرر الذي لحق الدائن - أما اشتراط الطاعن امتيازاً لحقه في التعويض فإنه بفرض أن العقد يتضمن اشترطاً بهذا المعنى - فإنه لما كان الامتياز لا يقرر لحق إلا بمقتضى نص في القانون فإن هذا الاشتراط لا يعتد به وبالتالي يكون النص عليه في العقد لغواً - لما كان ذلك كله، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور وبمخالفة القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 15/ 2/ 1962 الطعن 348 س 26 ق السنة 13 ص 268.
(2) راجع نقض 27/ 3/ 1952 الطعن 10 س 20 ق مجموعة 25 سنة ص 265.
(3) راجع نقض 5/ 5/ 1955 الطعن 123 ص 22 ق مجموعة 25 سنة ص 395.

الطعن 117 لسنة 30 ق جلسة 20 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 111 ص 703

جلسة 20 من مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

---------------

(111)
الطعن رقم 117 لسنة 30 القضائية

عمل. "انتهاء عقد العمل". "معاش العامل".
اعتبار المنحة والعلاوة الاجتماعية جزءاً من الأجر لا يمنع من احتساب المعاش على أساس الأجر الأصلي وحده ما دام نظام العمل في المنشأة قد جرى على ذلك.

---------------
إذا كان الحكم المطعون فيه رغم تسليمه بأن نظام العمل في البنك قد جرى على احتساب المعاش على أساس المرتب الأصلي وحده دون إضافات أخرى، قد عاد فقرر إدخال المنحة والعلاوة الاجتماعية في حساب الأجر الذي يسوى عليه المعاش استناداً إلى أنهما يعتبران جزءاً من الأجر مع أن اعتبارهما كذلك لا يمنع من احتساب المعاش على أساس الأجر الأصلي وحده طبقاً لنظام العمل في البنك، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد البنك الطاعن الدعوى رقم 2128 سنة 1956 كلي الإسكندرية طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدى له معاشاً شهرياً قدره 21 جنيهاً و800 مليم ابتداء من أول ديسمبر سنة 1955 حتى آخر فبراير سنة 1956 ومبلغ 4 جنيهات و251 مليماً علاوة غلاء معيشة عن كل شهر استناداً إلى أنه التحق بخدمة البنك من أول يونيه سنة 1938 ثم فوجئ بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1955 بفصله من العمل بحجة مقتضيات التنظيم الإداري للبنك بعد إدماج البنك اليوناني مع بنك أثينا وتطبيق النسبة الخاصة بالمصريين عملاً بقانون الشركات مع أن السبب الحقيقي لفصله يرجع في الواقع إلى أنه أصيب بمرض في عينه جعله غير قادر على الاستمرار في العمل وقال إنه أصبح مستحقاً للمعاش طبقاً للائحة صندوق المعاشات وقضت محكمة أول درجة بتاريخ 10 مارس سنة 1957 برفض الدعوى فطعن المطعون عليه في هذا الحكم بالاستئناف برقم 111 سنة 13 ق استئناف الإسكندرية وقضت محكمة الاستئناف في 31 ديسمبر سنة 1957 بندب مكتب الخبراء لتحديد مقدار المعاش الذي يستحقه المطعون عليه بعد أن فصلت في أسباب حكمها باستحقاقه للمعاش وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره قضت المحكمة في 11 نوفمبر سنة 1958 بإعادة المأمورية إليه لأداء المأمورية المبينة في الحكم ثم قضت في 2 فبراير سنة 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه معاشاً شهرياً قدره 18 جنيهاً و320 مليماً مع صرف صافي المتجمد من أول ديسمبر سنة 1955 حتى آخر يناير سنة 1960 ومقداره 671 جنيهاً و800 مليم فقرر الطاعن في 27 فبراير سنة 1960 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بتقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 13 أكتوبر سنة 1963 إحالته إلى هذه الدائرة حيث صمم الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وطلبت النيابة العامة رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في سبب النعي على الحكم المطعون فيه أنه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أقام قضاءه على وجوب احتساب المعاش الشهري للمطعون عليه لا على أساس المرتب الثابت وحده وإنما على أساس أجره عن أربعة عشر شهراً مقسومة على اثني عشر شهراً وذلك بأن أدخل في حساب الأجر مرتب شهرين يعطيه البنك لموظفيه سنوياً كما أضاف للأجر قيمة العلاوة الاجتماعية التي يعطيها البنك للمطعون عليه وهذا يخالف العرف المستقر في أسس احتساب المعاشات لا في البنك وحده وإنما في سائر الجهات الحكومية والأهلية ورغم أن البنك قد استمر على تطبيق هذا العرف منذ أربعين سنة تنفيذاً لأحكام لائحة صندوق المعاشات ولم يحتسب معاش موظفيه إلا على أساس المرتب الشهري وحده إضافة المنحة السنوية أو أية علاوة أخرى.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعترض على تقرير مكتب الخبراء المقدم تنفيذاً للحكم الصادر في 31 ديسمبر 1957 بأن الأساس الذي يجب إجراء حساب المعاش عليه هو المرتب الأصلي وحده دون إضافة مبلغ المنحة أو العلاوة الاجتماعية واستند إلى العرف الذي جرى عليه البنك مع موظفيه الذين أحيلوا على المعاش من قبل وإلى لائحة صندوق المعاشات فقضت المحكمة في 11 نوفمبر سنة 1958 بإعادة المأمورية لمكتب الخبراء لتحقيق دفاع الطاعن وقدم المكتب تقريره وبين فيه أن البنك الطاعن يجرى حسابه للمعاش بالنسبة للموظفين على أساس المرتب الشهري الأصلي الثابت وحده دون أية إضافة لعلاوة اجتماعية أو متوسط منحة ولكن الحكم المطعون فيه لم يحفل بهذا النظر وأورد في أسبابه "أن الجدل الذي يثيره البنك المستأنف عليه بصدده لا يقوم على أساس سليم من الواقع أو القانون ولا ينهض ما كان يسير عليه البنك خاصاً بموظفيه لتأييده وذلك لأنه مقر بالكشف المقدم منه لمكتب الخبراء بأن العلاوة الاجتماعية والبالغ قدرها جنية علاوة ثابتة ومقيدة مرتباً أساسياً كما أنه مقر بأنه يمنح موظفيه في السنين الأخيرة منحة ثابتة قدرها مرتب شهرين فهما على هذا الاعتبار يكونان جزءاً مكملاً للأجر الأصلي لا يمكن للبنك أن يتحلل من دفع شطر منه ومن ثم يصبح المبلغ الإجمالي أجراً أساسياً..." وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا سند له من القانون ذلك أنه رغم تسليمه بأن نظام العمل في البنك قد جرى على احتساب المعاش على أساس المرتب الأصلي وحده دون إضافات أخرى فإنه قد قرر إدخال المنحة والعلاوة الاجتماعية في حساب الأجر الذي يسوى عليه المعاش استناداً إلى أنهما يعتبران جزءاً من الأجر من أن اعتبارهما جزءاً من الأجر لا يمنع من احتساب المعاش على أساس الأجر الأصلي وحد ما دام نظام العمل في البنك قد جرى على ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر فإنه يكون متعيناً نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 337 لسنة 29 ق جلسة 20 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 110 ص 700

جلسة 20 من مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين أحمد زكي محمد، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

--------------

(110)
الطعن رقم 337 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "سنوية الضريبة".
الأصل في السنة المالية للمنشأة أن تكون متمشية مع السنة التقويمية. السنوات المتداخلة. تحديد الضريبة في الحالتين على أساس الربح الذي تكشف عنه الميزانية الختامية في نهاية كل سنة.
أرباح سنة 1946 المتداخلة في سنة 1947 لا تتحقق إلا في سنة 1947. اعتبارها سنة الأساس.

-----------------
وإن كان الأصل في السنة المالية للمنشاة هو أن تكون متمشية مع السنة التقويمية إلا أنه رعاية لصالح الممولين ممن تختلف سنتهم المالية عن السنة التقويمية اعتبر الشارع نظام السنوات المتداخلة وجعل تحديد الضريبة في الحالتين على أساس الربح الذي تكشف عنه الميزانية الختامية في نهاية كل سنة مراعياً في ذلك أن النشاط الذي تزاوله المنشأة يظل يتردد طوال السنة بين الكسب والخسارة ثم يتحدد في نهايتها، وإذ كان الربح الناتج خلال سنة 1946 المتداخلة في سنة 1947 يتحدد في سنة 1947 فإنها تكون - لا سنة 1947/ 1948 - هي سنة الأساس التي عناها الشارع في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الجمالية أخطرت المطعون عليه بأنها اتخذت أرباحه المقدرة في سنة 1946/ 1947 أساساً للربط عليه في السنوات من سنة 1949/ 1950 إلى سنة 1952/ 1953 وإذ لم يقبل المطعون عليه ذلك أحيل الخلاف على لجنة الطعن المختصة التي أصدرت قرارها بتاريخ 27/ 2/ 1956 "باعتبار أرباح سنة 1947/ 1948 هي سنة القياس عند تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 والقانون رقم 587 لسنة 1954" فأقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 267 سنة 1956 تجاري كلي القاهرة ضد المطعون عليه بطلب الحكم "بإلغاء قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 27/ 2/ 1956 وتأييد المأمورية في اعتبار سنة القياس بالنسبة للمطعون عليه هي سنة 1946/ 1947". وبتاريخ 31 مايو سنة 1958 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة "واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه وقيد هذا الاستئناف برقم 412 سنة 75 ق وبتاريخ 26/ 3/ 1959 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أرباح سنة 1947/ 1948 أساساً لربط الضريبة في السنوات اللاحقة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن الشارع نص في المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على اتخاذ أرباح الممول في سنة 1947 أساساً لتقدير الأرباح في السنوات التالية ومن ثم فإن سنة القياس البتة وأن تكون هي سنة 1947 الميلادية أو سنة 1946/ 1947 المتداخلة التي يتحقق فيها الربح في سنة 1947.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وقد نصت المادة 38 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أنه "تحدد الضريبة سنوياً على أساس مقدار الأرباح الصافية في بحر السنة السابقة أو في فترة الاثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية". كما نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على أنه "استثناء من أحكام الفصل الخامس من الكتاب الثاني من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة إلى الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن كل من السنوات من 1948 إلى 1951". فإن الشارع يكون بذلك قد دل على أن الأصل في السنة المالية للمنشأة أن تكون سنة تقويمية. ولكنه رعاية منه لصالح الممولين ممن تختلف سنتهم المالية عن السنة التقويمية أباح نظام السنوات المتداخلة وجعل تحديد الضريبة في كلا الحالين على أساس الربح الذي تكشف عنه الميزانية الختامية في كل سنة معولاً في ذلك على أن النشاط الذي تزاوله المنشأة يتردد بين كسب وخسارة طوال السنة ثم يتحدد في نهايتها. وإذ كان الربح الناتج من المتاجرة خلال سنة 1946 المتداخلة في سنة 1947 إنما يتحقق في سنة 1947 فإنها تكون هي سنة الأساس التي عناها المشرع في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة. والحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبر سنة 1947/ 1948 هي سنة الأساس فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما سبق بيانه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 412 سنة 75 ق تجاري القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف واتخاذ أرباح المطعون عليه المقدرة من سنة 1946/ 1947 أساساً للربط عليه في سنوات النزاع.


(1) راجع نقض 7/ 2/ 1962 الطعن 61 س 27 ق السنة 13 ص 178.

الخميس، 16 مارس 2023

الطعن 340 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 27 ص 159

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(27)
الطعن رقم 340 لسنة 35 القضائية

(أ) قضاة. "تغير أحد أعضاء الهيئة". دعوى.
تغيير أحد أعضاء الهيئة الذي يوجب إعادة الإجراءات، هو التغيير الذي يترتب عليه انتفاء صفة القاضي أو زوال ولايته، نقل القاضي أو ندبه بمحكمة أخرى داخل دائرة اختصاص المحكمة الأصلية لا يوجب ذلك.
(ب) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها".
قضاء المحكمة ليس هو المنطوق وحده، وإنما هو ذات القول الفصل في النزاع أو في جزء منه أياً كان موضعه، سواء في الأسباب أو في المنطوق، الفصل القطعي في جزء من النزاع في أسباب الحكم. جواز الطعن فيه استقلالاً.
(جـ) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". قوة الأمر المقضي. استئناف.
إغفال محكمة الاستئناف الرد على دفاع متعلق بقضاء سابق، حاز قوة الأمر المقضي قبل رفع الاستئناف. لا قصور.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير عمل الخبير". خبرة.
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة الخصوم بتعيين خبير مرجح متى وجدت في تقدير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى، ما يكفي لإقناعها بالرأي الذي انتهت إليه.

----------------
1 - تغيير أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة والذي يستلزم إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة هو التغيير الذي يترتب عليه انتفاء صفة القاضي، أو زوال ولايته، كالاستقالة والوفاة والرد والعزل أو النقل بعد تبليغه بالقرار الجمهوري المتضمن نقله، أما نقل القاضي أو ندبه بمحكمة أخرى داخل دائرة اختصاص المحكمة الأصلية، فلا يحول دون اشتراكه في الأحكام الصادرة في الدعاوى التي سمع فيها المرافعة، لعدم انقطاع صلته بتلك المحكمة واستمرار احتفاظه بصفته.
2 - قضاء المحكمة ليس هو المنطوق وحده، وإنما هو ذات القول الفصل في النزاع أو في جزء منه، أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، وإذ كان يبين من الحكم الصادر بندب خبير أنه فصل في أسبابه في موضوع الملكية واستحقاق الريع وطلب الإزالة، فإنه بذلك يكون حكماً قطعياً في تلك المسائل وتمهيدياً بالنسبة لندب الخبير، مما يجوز الطعن فيه استقلالاً في خصوص شقه القطعي في المواعيد المحددة قانوناً وإلا سقط الحق في الطعن.
3 - متى كان الطاعن لم يستأنف ما ورد في حكم ندب خبير من قضاء قطعي بشأن تطبيق أحكام قواعد الالتصاق، إلى أن انقضى ميعاد الاستئناف وحاز هذا القضاء قوة الشيء المحكوم فيه فإنه ما كان لمحكمة الاستئناف أن تتعرض لبحث هذا القضاء السابق، الذي حاز قوة الأمر المقضي قبل رفع الاستئناف، وإنما هي ملزمة باتباع هذا القضاء والتقيد به، ومن ثم فإن إغفالها الرد على ما أثاره الطاعن أمامها في هذا الخصوص، لا يعتبر قصوراً مبطلاً للحكم.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب تعيين خبير مرجح، متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى ما يكفي لإقناعها بالرأي الذي انتهت إليه، وكان لها في حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو بعضه طبقاً لما تطمئن إليه في قضائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الدكتور محمد عبده الجيار أقام الدعوى رقم 7 سنة 1960 كلي المنصورة ضد الدكتور يونان مرقص يطلب فيها الحكم بإزالة ما أحدثه من مبان ومنشآت على الأرض الفضاء المملوكة له في خلال أسبوع من تاريخ النطق بالحكم، وإلا قام بإزالتها بمصاريف يرجع بها عليه، وبإلزامه كذلك بأن يدفع له قيمة الريع بواقع 100 ج شهرياً من يوم 6/ 7/ 1959 حتى تمام الإزالة، وقال شرحاً للدعوى إنه في التاريخ المشار إليه رسا عليه مزاد القطعة المذكورة رغم تسجيل محضر المزاد في 26/ 12/ 1959، وظهر عند التسليم أن المدعى عليه أحدث بها المباني والمنشآت التي يطلب إزالتها، فأقام هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وطلب المدعى عليه رفض الدعوى بمقولة إنه اشترى الأرض موضوع النزاع من الأستاذ سعد الشناوي بعقد ابتدائي حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 736 سنة 50 كلي المنصورة وأصبح هذا الحكم نهائياً بفوات ميعاد الطعن فيه، وإذ كان من حقه إقامة المنشآت عليها، فإنه لا يحق للمدعي طلب إزالتها إلا بعد دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسببها طبقاً للمادتين 925، 926 من القانون المدني. وفي 2/1/ 1962 حكمت المحكمة بندب خبير للانتقال إلى الأرض موضوع النزاع ومعاينتها وإجراء مقاسها وتقدير قيمتها قيمة ما زاد في ثمنها بسبب إقامة المباني والمنشآت المقامة عليها وتقدير قيمة ما أنفقه المدعى عليه في إقامتها وتقدير قيمة ريع الأرض موضوع النزاع. وبعد صدور هذا الحكم أقام المدعى عليه الدعوى رقم 532 سنة 1962 كلي المنصورة ضد المدعى عليه وكل من محمد أبو المعاطي والحسيني أحمد شعبان - المطعون عليهما الثاني والثالث - طالباً الحكم بعدم تأثير عقود الإيجار المحررة بينهم في حقه - فأمرت المحكمة بضم هذه الدعوى إلى الدعوى المنظورة، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت بتاريخ 23/ 4/ 1963 فحكمت ( أ ) في الدعوى رقم 7 لسنة 1960 كلي المنصورة بأحقية المدعي (المطعون عليه الأول) في ملكية المباني والمنشآت المقامة على الأرض المبينة بصحيفة الدعوى مقابل أن يدفع للمدعى عليه (الطاعن) مبلغ 1836 ج، وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي قيمة الريع من 26/ 12/ 1959 حتى اليوم بواقع 344 ج و250 م في السنة.
(ب) وفي الدعوى رقم 532 لسنة 1962 كلي المنصورة برفضها. استأنف المدعى عليه هذا الحكم والحكم السابق صدوره في 2/ 1/ 1962 لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءهما والقضاء برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 248 سنة 15 ق، كما استأنفهما المدعي بالاستئناف رقم 254 سنة 15 ق طالباً القضاء بإزالة ما أحدثه المدعى عليه من مبان، واحتياطياً باعتباره مالكاً للمباني دون مقابل، إذا لم يقم المدعى عليه بنزعها في خلال شهر من تاريخ النطق بالحكم، كما استأنف المدعي الحكم الصادر برفض الدعوى رقم 532 سنة 1962 بالاستئناف رقم 253 سنة 15 ق طالباً إلغاءه والقضاء له بالطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين الآخرين إلى الاستئناف رقم 248 سنة 15 ق حكمت في 6/ 4/ 1965 بسقوط حق المستأنفين في الطعن على الحكم الصادر بجلسة 2/ 1/ 1962 في الاستئنافين رقمي 248 و254/ 15 ق بالنسبة لما انتهت به الخصومة في شأن الملكية والاستحقاق في الريع وفي طلب الإزالة وبقبولهما شكلاً بالنسبة للطعن الوارد فيهما على الحكم الصادر في 23/ 4/ 1963 وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وبقبول الاستئناف رقم 253/ 15 ق شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف (المطعون عليه الأول) بكافة طرق الإثبات القانونية أن عقد الإيجار المؤرخ 30/ 3/ 1962 الصادر من المستأنف عليه الأول (الطاعن) إلى المستأنف عليه الثاني بتأجير مباني سينما النصر والثابت التاريخ في 9/ 4/ 1962 والمحول من الدكتور يونان إلى المستأنف عليه الثالث والمطعون عليه الثالث حرز بطريق التواطؤ بينهم للإضرار به، وصرحت للمستأنف عليهم النفي بذات الطرق - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير طلب فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً (أولاً) بقبول الاستئناف رقم 248/ 15 قضائية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الابتدائي رقم 7 لسنة 1961 كلي المنصورة ورفض دعوى المطعون ضده الأول (ثانياً) برفض الاستئناف رقم 254/ 15 ق (ثالثاً) وفي الاستئناف رقم 253/ 15 ق برفضه وتأييد الحكم الابتدائي رقم 532 سنة 62 كلي المنصورة واحتياطياً: بإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف المنصورة للفصل فيها مجدداً. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى في الاستئناف رقم 253/ 15 ق بإحالة الدعوى إلى التحقيق وكان هذا الحكم لا يعتبر منهياً للخصومة كلها أو بعضها، فإن الطعن فيه لا يجوز إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن بالنسبة للحكم الصادر في الاستئناف المشار إليه، وفيما عدا ذلك فإن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأول منهما بطلان الحكم المطعون فيه ذلك أن السيد المستشار محمد ماهر كان أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وقد اشترك في الحكم الصادر فيها رغم نقله للعمل ببور سعيد أثناء فترة حجز القضية للحكم، ولما كان النقل يستتبع زوال ولاية القاضي ولا يعتبر في حكم المادة 342 من قانون المرافعات من الموانع المادية التي تجيز الاستغناء عن حضور القاضي تلاوة الحكم اكتفاء بالتوقيع على مسودته، فإن اشتراكه في الحكم بعد زوال ولايته يكون مبطلاً له.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تغيير أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة والذي يستلزم إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة، هو التغيير الذي يترتب عليه انتفاء صفة القاضي، أو زوال ولايته كالاستقالة والوفاة وكالرد والعزل أو النقل بعد تبليغه بالقرار الجمهوري المتضمن نقله أما نقل القاضي أو ندبه بمحكمة أخرى داخل دائرة اختصاص دائرة محكمته الأصلية فلا يحول دون اشتراكه في الأحكام الصادرة في الدعاوى التي سمع فيها المرافعة لعدم انقطاع صلته بتلك المحكمة واستمرار احتفاظه بصفته، لما كان ذلك وكان الثابت أن السيد/ المستشار محمد ماهر الذي سمع المرافعة ووقع على مسودة الحكم المطعون فيه، لعدم تمكنه من حضور تلاوته، ظل مقيداً بمحكمة استئناف المنصورة التي تشمل دائرة اختصاصها مدينة بور سعيد التي نقل إليها بقرار الجمعية العمومية لمستشاري المحكمة، فإن اشتراكه في الحكم المطعون فيه الذي تضمن وجود المانع من حضور تلاوته وقيامه بالتوقيع على مسودته يكون مطابقاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشابه القصور من وجوه (أولها) تقريره بأن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بندب خبير قد فصل في أسبابه في بعض موضوعات الخصومة وأصبح نهائياً لعدم رفع استئناف عنه، ورتب على ذلك سقوط حق الطاعن في استئنافه، في حين أن ذلك الحكم مجرد حكم تمهيدي لا يقيد المحكمة التي أصدرته ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً عملاً بنص المادة 378 من قانون المرافعات - (وثانيها) أن محكمة أول درجة قضت بندب خبير لمباشرة المأمورية المبينة بمنطوق حكمها الصادر في 2/ 1/ 1962 على ضوء المادة 925 - من القانون المدني - الخاصة بأحكام قواعد الالتصاق مع أن مناط تطبيق هذه القواعد ألا يوجد إذن صريح أو ضمني من مالك الأرض للمباني، أما المشتري بعقد غير مسجل، فإن لديه إذناً ضمنياً من البائع بالانتفاع بالعين ويعتبر البناء الذي يقيمه المشتري عقاراً مستقلاً عن الأرض وملكاً خالصاً لمن أقامه على سبيل البقاء والقرار، بالرغم من تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه لم يناقشا هذا الدفاع ولم يردا عليه وهو ما يعيبهما بالقصور. (وثالثها) أن محكمة أول درجة لم تأخذ بتقرير الخبير المنتدب ولا بالتقرير الاستشاري الذي تكفل بتفنيده، وكان يتعين عليها في هذه الحالة ندب خبير مرجح، إلا أنها لم تفعل وجعلت من نفسها خبيراً في الدعوى وقامت بتخمين القيمة المستحقة للمباني دون أن ننتقل إليها فجاء تقديرها أقل مما ارتضاه المطعون عليه الأول ورفضه الطاعن, هذا إلى أن المحكمة إذ اعتمدت قيمة الريع حسبما وردت بتقرير الخبير المنتدب رغم تخفيضها ثمن المباني تكون قد ناقضت نفسها، ذلك أن تقدير الريع بمعرفة الخبير تم على أساس أن قيمة المباني 3600 ج وليس 1836 ج وهو المبلغ الذي قدرته المحكمة على سبيل الظن والاحتمال. ولما كان هذا التناقض مما يبطل حكمها فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بتأييده يكون باطلاً كذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف على قوله "إن الذي يبين من طلبات الخصوم ومن الأسباب المتصلة بمنطوق الحكم اتصالاً غير قابل للتجزئة والمترتب عليها إجراءات إثبات المأمورية أن الحكم الصادر بجلسة 2/ 1/ 1962 قد أنهى الخصومة في طلب الملكية باعتبارها مسألة أولية للريع، كما أنهى الخصومة في طلب استحقاق الريع ولو لم يحدد مقداره وكذلك في طلب الإزالة إذ رفضه ضمناً وبذلك يكون قد انحسم بهذا الحكم بعض موضوعات الخصومة، والحكم بهذه المثابة يكون قابلاً للطعن المباشر ولا يحول دون ذلك أن يكون منطوقه قد اشتمل على أمر بندب خبير طالما أن أسبابه المتصلة بهذا المنطوق قد اشتملت على قضاء قطعي أنهى الخصومة في بعضها، وكان ارتباط الأسباب بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن قضاء المحكمة ليس هو المنطوق وحده وإنما هو ذات القول الفصل في النزاع أو في جزء منه أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، وإذ كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر بجلسة 2/ 1/ 1962، وإن قضى في منطوقه بندب خبير لتقدير الريع، إلا أنه لم يصل لهذه النتيجة إلا بعد أن فصل في أسبابه في موضوع الملكية واستحقاق الريع وطلب الإزالة، وبذلك يكون حكماً قطعياً في تلك المسائل وتمهيدياً بالنسبة لندب الخبير, مما يجوز الطعن فيه استقلالاً في خصوص شقه القطعي في المواعيد المحددة قانوناً وإلا سقط الحق في الطعن والنعي في الوجه (الثاني) مردود بأنه لما كان الطاعن لم يستأنف الحكم الصادر بجلسة 2/ 1/ 1962 فيما ورد به من قضاء قطعي بشأن تطبيق أحكام قواعد الالتصاق إلى أن انقضى ميعاد الاستئناف وحاز هذا القضاء قوة الشيء المحكوم فيه، فإنه ما كان لمحكمة الاستئناف أن تتعرض لبحث هذا القضاء السابق الذي حاز قوة الأمر المقضي قبل رفع الاستئناف، وإنما هي ملزمة باتباع هذا القضاء والتقيد به، ومن ثم فإن إغفالها الرد على ما أثاره الطاعن أمامها في هذا الخصوص لا يعتبر قصوراً مبطلاً للحكم. والنعي في الوجه (الثالث) مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لتقرير الخبير وذكر الأسس التي بني عليها تقديره ثمن الأرض، خلص إلى أن هذه الأسس من شأنها أن تدحض المثالب التي وجهها المستأنف (الطاعن) إلى التقرير في السبب الثاني من أسباب استئنافه وتقنع المحكمة بأن الخبير قام بأداء المهمة التي نيطت به على أسس من الواقع الذي عاينه وعلى هدى من التقدير الذي ارتآه متفقاً مع الواقع، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب تعيين خبير مرجح متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى ما يكفي لإقناعها بالرأي الذي انتهت إليه، وكان لها في حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو بعضه طبقاً لما تطمئن إليه في قضائها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض أو القصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.