الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 مارس 2023

الطعن 366 لسنة 29 ق جلسة 3 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 121 ص 767

جلسة 3 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

-----------------

(121)
الطعن رقم 366 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "ضريبة المهن الحرة". "وعاء الضريبة".
الضريبة على الممولين من أصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عال من إحدى الجامعات. نظام الضريبة الثابتة. جواز اختبار المحاسبة على أساس أرباحهم الفعلية. شرطه، تقديم طلب بذلك في الميعاد المحدد بمقتضى خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول. لا يغني عن ذلك تقديم الممول إقرارات بأرباحه الفعلية.

----------------
مفاد المادة الأولى والفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 642 لسنة 1955 أن المشرع استحدث للممولين أصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عال من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها نظام الضريبة الثابتة ومنحهم إلى جانب ذلك رخصة اختيار المحاسبة على أساس أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدموا طلباً للمحاسبة على هذا الأساس في الميعاد المحدد بمقتضى خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول ولا يغني عن هذا الطلب قيام الممول بتقديم إقرارات بأرباحه السنوية إذ هو التزام آخر لا شأن له بطلب المحاسبة على أساس الأرباح الفعلية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه وهو محام يخضع للضريبة على المهن غير التجارية المقررة بمقتضى الفصل الثاني من الكتاب الثالث من القانون رقم 14 لسنة 1939 - قدم لمراقبة ضرائب عابدين إقراراته عن أرباحه في سنتي 1955، 1956 وربطت المراقبة الضريبة عليه في هاتين السنتين وفق نظام الضريبة الثابتة المقررة بالقانون رقم 642 سنة 1955 حيث لم يطلب محاسبته على أساس أرباحه الفعلية وحددت الضريبة المستحقة عليه في كل منهما بمبلغ ثمانين جنيهاً وأخطرته بهذا الربط على النموذج 19 ضرائب في 30 مايو سنة 1957. ولما لم يرتض المطعون عليه هذا الربط أحيل النزاع إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1957 بتأييد قرار المراقبة من حيث خضوع المطعون عليه للضريبة الحكمية ومقدارها ثمانون جنيهاً في كل من سنتي النزاع فأقام المطعون عليه الدعوى 3 سنة 1958 تجاري كلي ضرائب القاهرة طالباً إلغاء هذا القرار ومحاسبته على أساس أرباحه الفعلية. وبتاريخ 10 نوفمبر سنة 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد قرار اللجنة المطعون فيه وألزمت المطعون عليه بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 75 سنة 76 قضائية استئناف القاهرة. وبتاريخ 23 إبريل سنة 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم خضوع المطعون عليه للضريبة الثابتة وخضوعه للضريبة على الأرباح الفعلية وألزمت مصلحة الضرائب بالمصروفات المستحقة على الدعوى في الدرجتين وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بتقرير الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وصممت النيابة على ما أبدته في مذكرتها طالبة نقض الحكم.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 642 لسنة 1955 إذ البادي منها أن المشرع استحدث بمقتضى هذه الفقرة نظام الضريبة الثابتة بالنسبة لأصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عال من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها من الجامعات الأخرى على سبيل الاستثناء من الربط المقرر بالنسبة لذوي المهن الحرة في المواد 72 وما بعدها من القانون رقم 14 لسنة 1939 ورخص لهم في نفس الوقت اختيار المحاسبة على أساس أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدم الممول طلباً للمأمورية لمحاسبته على هذا الأساس بمقتضى خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول في الميعاد المحدد لتقديم إقرارات الأرباح السنوية. وإذ قرر الحكم المطعون فيه محاسبة المطعون عليه على أساس أرباحه الفعلية دون أن يقدم طلباً بالمحاسبة على هذا الأساس وجرى في قضائه على أن تقديم الممول لإقرارات الأرباح السنوية يتضمن طلب المحاسبة على أساس الأرباح الفعلية - فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن الشارع قد نص في المادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955 على أنه "استثناء من أحكام المواد 72 و73 و75/ 4 - 5 و76 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه تحدد ضريبة المهن الحرة بالنسبة لأصحاب المهن التي تستلزم مزاولتها الحصول على دبلوم عال من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها من الجامعات الأخرى على الوجه الآتي....." ونصت الفقرة الأولى من المادة الثانية منه على أنه "يجوز للممولين الذين يسري عليهم نظام الضريبة الثابتة اختيار المحاسبة على أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدموا طلباً بذلك بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول يرسل إلى المأمورية المختصة في الميعاد المحدد لتقديم إقرارات الأرباح السنوية" كما نص في المادة الخامسة على أنه "... يعمل به اعتباراً من السنة الضريبية 1955"، ومفاد هذه النصوص أن المشرع استحدث للممولين من أصحاب المهن الحرة الحاصلين على دبلوم عال من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها من الجامعات الأخرى وابتداء من سنة 1955 نظام الضريبة الثابتة وذلك استثناء من القواعد المقررة لمحاسبة أصحاب المهن الحرة ومنحهم إلى جانب ذلك رخصة اختيار المحاسبة على أساس أرباحهم الفعلية بشرط أن يقدموا طلباً للمحاسبة على هذا الأساس في الميعاد المحدد بمقتضى خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول ولا يغني عن هذا الطلب قيام الممول بتقديم إقرارات بأرباحه السنوية إذ هو التزام آخر لا شأن له بطلب المحاسبة على أساس الأرباح الفعلية الذي يعتبر استثناء من الأصل الذي استحدثه المشرع في القانون 642 لسنة 1955 - وإذ كان الثابت في الدعوى الماثلة أن المطعون عليه لم يطلب محاسبته على أساس أرباحه الفعلية وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن تقديم الإقرار بالأرباح السنوية يتضمن في ذاته طلباً بالمحاسبة على أساس الأرباح الفعلية - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 496 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 32 ص 197

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي, ومحمد سيد أحمد حماد, وعلي عبد الرحمن.

--------------

(32)
الطعن رقم 496 لسنة 35 القضائية

استيلاء. "الإخلال بالالتزام المترتب عليه". تعويض. مسئولية.
استيلاء وزارة التربية والتعليم على عقار بناء على القانون 76 لسنة 1947. التزامها برده عند انتهاء الاستيلاء بالحالة التي كان عليها وقت الاستلام. إخلالها بهذا الالتزام يوجب عليها التعويض.

--------------
مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947 والمادة 45 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، أن استيلاء وزارة التربية والتعليم على عقار عملاً بالسلطة المخولة لها بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 1947، يرتب في ذمتها عند انتهاء الاستيلاء لأي سبب من الأسباب، التزاماً قانونياً برد هذا العقار إلى صاحبه بالحالة التي كان عليها وقت الاستلام، فإن أخلت بهذا الالتزام وجب عليها تعويض ذلك العقار عما أصابه من ضرر بسبب هذا الإخلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن اللواء أمين منصور لودن أقام الدعوى رقم 2910 سنة 1952 كلي القاهرة ضد وزارة التربية والتعليم وسيد أحمد عمر وقال شرحاً لها، إنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ أول يونيه سنة 1948 استأجر منه المدعى عليه الثاني العقار المبين بالصحيفة لاستعماله مقراً لروضة أطفال الجامعة العربية، وأن هذا المستأجر قد أساء استعمال العين المؤجرة وأحدث بها تغييرات وأزال أشجار الحديقة وأقام عليها مبان جديدة على ما هو ثابت في دعوى إثبات الحالة رقم 3641 سنة 1950 مستعجل القاهرة - ولهذا فقد رفع عليه الدعوى رقم 3208 سنة 1951 مدني كلي القاهرة بطلب إخلاء العين المؤجرة وتسليمها إليه مع ملحقاتها - وفي 6/ 1/ 1953 حكمت المحكمة له بطلباته، وما أن صدر هذا الحكم حتى لجأ المستأجر المذكور إلى وزارة التربية والتعليم فأصدرت بتاريخ 14/ 1/ 1953 القرار الوزاري رقم 10502 بالاستيلاء جبراً على هذا العقار، ونفذته يوم صدوره بأن استلمت العقار بمقتضى محضر تسليم وقامت بدورها بتسليمه للمدعى عليه الثاني، فحالت بذلك دون تنفيذ حكم الإخلاء، الأمر الذي اضطره لرفع الدعوى رقم 658 سنة 8 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء قرار الاستيلاء وقد حكمت له بطلباته. وحينئذ قام المدعى عليه الثاني بهدم المباني التي كان قد أقامها على العين المؤجرة. وإذ كان قد نص في عقد الإيجار على أن تكون المباني التي يحدثها المستأجر بالعين المؤجرة ملكاً للمؤجر بغير مقابل وعلى منع المستأجر من إزالتها، وكانت هذه المباني قد سلمت للوزارة على أثر صدور قرار الاستيلاء، فإن المدعى عليهما يكونان مسئولين عن تعويضه عن هدمها، وقد قدرت قيمة هذا التعويض في دعوى إثبات الحالة رقم 4166 سنة 1952 مستعجل القاهرة بمبلغ 400 ج عن المباني التي هدمت ومبلغ 63 ج و250 م عن التلفيات التي أحدثها المستأجر بمباني العين المؤجرة، هذا بالإضافة إلى أن لجنة التعويضات بمحافظة القاهرة كانت قد قدرت التعويض عن مقابل عدم الانتفاع بهذا العقار بعد الاستيلاء عليه بمبلغ 17 ج شهرياً، وأنه عارض في هذا التقدير في الدعوى رقم 4263 سنة 1960 كلي القاهرة وقد قضي فيها برفع هذا التعويض إلى مبلغ 28 ج شهرياً، وأن الوزارة سددت التعويض عن مقابل عدم الانتفاع بالعقار بواقع 17 ج شهرياً عن المدة من يناير سنة 1952 حتى مايو سنة 1953، ثم امتنعت عن الدفع بعد ذلك حتى تاريخ تسليم العقار إليه في آخر ديسمبر سنة 1953، ولهذا فقد رفع هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب إلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 862 ج و780 م، منه مبلغ 475 ج و250 م قيمة التعويض المستحق عن هدم المباني التي أحدثها المستأجر بالعين المؤجرة وصارت ملكاً للمدعي بنص العقد، والتعويض المستحق عن التلفيات التي أحدثها المستأجر بالمباني الأصلية للعين المذكورة ومبلغ 178 ج قيمة الفرق بين التعويض الشهري الذي كانت تدفعه له الوزارة بواقع 17 ج شهرياً والتعويض المحكوم به وقدره 28 ج شهرياً وذلك حتى شهر مايو سنة 1953، ومبلغ 196 ج قيمة التعويض الشهري عن المدة من 1/ 6/ 1953 حتى آخر ديسمبر سنة 1953، وطلبت وزارة التربية والتعليم رفض الدعوى. وفي 25/ 12/ 1961 حكمت المحكمة أولاً بإلزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع للمدعي مبلغ 662 ج و250 م والمصاريف المستحقة على هذا المبلغ (ثانياً) وقبل الفصل في طلب مبلغ 196 ج بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق هذا الحكم. واستأنفت الوزارة الشق الأول من هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 427 سنة 79 ق وقد توفى المستأنف عليه اللواء أمين منصور لودن أثناء نظر الاستئناف، وحل ورثته محله في الخصومة، وفي 20/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع للورثة مبلغ 178 ج ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها الأولى رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في أسباب طعنهم أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض عن هدم وإتلاف المباني استناداً إلى أن وزارة التربية والتعليم غير مسئولة عن هذا التعويض، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون إذ أن مسئولية الوزارة هي مسئولية أصلية أساسها التزام قانوني برد العين المستولى عليها إلى مالكها بالحالة التي كانت عليها وقت الاستلام، وأن الإخلال بهذا الالتزام يوجب مسئوليتها ولا يحول دون ذلك إلا القوة القاهرة وهو أمر لم يثبت في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 76 سنة 1947 قد خولت وزير التربية والتعليم بموافقة مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات بالاستيلاء على أي عقار خال يراه لازماً لحاجة الوزارة أو معاهد التعليم على اختلاف أنواعها، ونصت الفقرة الأخيرة منها على أن "يتبع في هذا الشأن الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945" كما نصت المادة 45 من هذا المرسوم بقانون على أن "تقوم الوزارة قبل الاستيلاء على المؤن والأماكن والمواد المطلوبة بجرد تلك الأشياء جرداً وصفياً في حضور صاحب الشأن فيه أو بعد دعوته للحضور بخطاب مسجل، وفي نهاية الاستيلاء يتبع نفس الإجراء لمعاينة الاستهلاك الاستثنائي أو تقويم المباني أو هلاك المواد" ومؤدى ذلك أن استيلاء وزارة التربية والتعليم على عقار عملاً بالسلطة المخولة لها بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 1947 يرتب في ذمتها عند انتهاء الاستيلاء لأي سبب من الأسباب التزاماً قانونياً برد هذا العقار إلى صاحبه بالحالة التي كان عليها وقت الاستلام، فإن أخلت بهذا الالتزام وجب عليها تعويض مالك العقار عما أصابه من ضرر بسبب هذا الإخلال. ولما كان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه أن مورث الطاعنين كان قد أجر العقار المملوك له إلى السيد/ سيد أحمد عمر لاستعماله مقراً لمدرسة، ونص في عقد الإيجار على أن تكون المباني التي يحدثها المستأجر في العين المؤجرة ملكاً للمؤجر بغير مقابل ويمتنع على المستأجر إزالتها - وأن المستأجر أقام مبان على أرض الحديقة الملحقة بالعقار المؤجر وأن المؤجر استصدر بعد ذلك حكماً على المستأجر بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها إليه - وعلى أثر صدور هذا الحكم، الذي أنهى العلاقة بين الإيجارية أصدر وزير التربية والتعليم بتاريخ 14/ 1/ 1963 القرار رقم 10502 بالاستيلاء على العقار المذكور، ونفذته الوزارة يوم صدوره واستلمت العقار بما فيه من مبان كان المستأجر قد أقامها بالعين المؤجرة ثم قامت بدورها بتسليمه للمستأجر السابق سيد أحمد عمر، وإذ كان قرار الاستيلاء قد ألغي بالحكم رقم 658 سنة 6 قضائية الصادر من محكمة القضاء الإداري فإن وزارة التربية والتعليم - وعلى ما سبق بيانه - تلتزم برد العقار إلى صاحبه بالحالة التي كان عليها وقت استلامه. لما كان ذلك وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن بعض المباني التي كانت مقامة على العين وقت الاستيلاء عليها قد هدمت وبعضها أتلف، وكان ذلك قبل تسليم العقار المستولى عليه إلى صاحبه فإن الوزارة تكون مسئولة عن تعويض المالك عما أصابه من ضرر بسبب ذلك، ولا يغير من هذا النظر أن تكون الوزارة قد عهدت بحيازة العقار المستولى عليه إلى المستأجر السابق، وأن يكون هو الذي هدم المباني، ذلك أن العلاقة التي كانت تربطه بالمالك قد انقضت بصدور حكم الإخلاء ونشأت علاقة جديدة بين المالك وبين الوزارة بموجب قرار الاستيلاء، من مقتضاها التزام الوزارة بأن ترد العين لمالكها بالحالة التي كانت عليها عند استلامها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 357 لسنة 29 ق جلسة 3 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 120 ص 764

جلسة 3 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

-----------------

(120)
الطعن رقم 357 لسنة 29 القضائية

دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "سقوط الخصومة".
سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح. اتصاله بمصلحة الخصم. جواز التنازل عنه صراحة أو ضمناً.

-------------
سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح فيها يتصل بمصلحة الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته، فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً بحيث إذا بدا منه ما يدل على أنه نزل عن التمسك به لا يجوز له بعد ذلك أن يعود فيما أسقط حقه فيه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن وآخرين أقاموا الدعوى رقم 1046 تجاري كلي القاهرة ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة طعن ضرائب القاهرة الصادر في 10/ 4/ 1952 الخاص بتقدير صافي أرباحهم التجارية والصناعية عن السنوات من سنة 1941 إلى سنة 1948... وبتاريخ 5 أكتوبر سنة 1952 قررت المحكمة "استبعاد الدعوى من جدول القضايا حتى يسدد المدعون الرسوم المستحقة لقلم الكتاب" وبصحيفة معلنة في 17/ 2/ 1954 عجل المدعون الدعوى وتحدد لنظرها جلسة 17/ 4/ 1954 وفيها دفعت مصلحة الضرائب بسقوط الخصومة طبقاً لنص المادتين 301 و303 من قانون المرافعات وطلب المدعون وقف الدعوى لمدة ستة أشهر حتى يفصل في طلب الصلح المقدم منهم بتاريخ 14/ 4/ 1954 ووافق الحاضر عن مصلحة الضرائب على هذا الطلب وأقرتهم المحكمة عليه ولما لم يتم الصلح عجلها المدعون وتمسكت مصلحة الضرائب بالدفع. وبتاريخ 19 مايو سنة 1956 حكمت المحكمة "بسقوط الخصومة في الدعوى وألزمت الطاعنين المصروفات" واستأنف المدعون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدفع. وقيد هذا الاستئناف برقم 381 سنة 73 ق وبتاريخ 16/ 4/ 1959 قضت المحكمة "بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.." وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط الخصومة لعدم تعجيلها قبل مضي سنة من تاريخ استبعادها من الجدول وهو خطأ في تطبيق القانون لأن مصلحة الضرائب بعد أن دفعت بسقوط الخصومة عادت ووافقت على وقف الدعوى للصلح. ومؤدى هذه الموافقة اعتبار الدعوى قائمة ومنتجة لكافة آثارها لما تنطوي عليه هذه الموافقة من معنى التنازل عن الدفع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً بحيث إذا بدا من الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته ما يدل على أنه قد نزل عن التمسك بسقوط الخصومة فلا يجوز له بعد ذلك أن يعود فيما أسقط حقه فيه. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن موافقة مصلحة الضرائب على وقف الدعوى للصلح لا يفيد تنازلها عن التمسك بالدفع وذلك بقوله: "إن قبول الحاضر عن مصلحة الضرائب وقف الدعوى بناء على طلب المدعين إلى أن يفصل في طلب التصالح الذي قدموه في 14 من إبريل سنة 1954 لا يوصل إلى التنازل الضمني عن الدفع بالسقوط الذي كان أبداه وإنما هو يتفق مع ما هدف إليه المشرع من الرغبة في حسم المنازعات المشار إليها بالطريق الودي - فإذا ما قام ممثل مصلحة الضرائب بموافقة المدعين على الوقف نزولاً على تلك الرغبة وإفساحاً للمجال أمام الطاعنين في إسماع صوتهم للجنة المصالحات ثم انتهى الأمر بعد ذلك برفض الصلح فإن مؤدى هذا إلى أن تعود الدعوى للمحكمة للسير فيها على حاصل ما كان قد أبدى فيها من دفوع وأوجه دفاع قبل وقفها الاتفاقي ولا يعتبر مسلك مصلحة الضرائب في مثل هذه الحالة نزولاً عن دفعها السابق إبداؤه منها" وهو استخلاص موضوعي سائغ مما يقع في سلطة المحكمة التقديرية. ومن ثم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 1/ 5/ 1958 الطعن 151 س 23 ق السنة التاسعة ص 382 و7/ 3/ 1957 الطعن 191 س 23 ق السنة الثامنة ص 210.

الطعن 492 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 31 ص 190

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-------------

(31)
الطعن رقم 492 لسنة 35 القضائية

( أ ) تقادم. "قطع التقادم". ضرائب. إثبات.
توجيه الممول إلى المصلحة المدينة كتاب موصى عليه بعلم الوصول برد ما حصلته منه بغير حق. سبب جديد من أسباب قطع التقادم الواردة في القانون المدني. علم الوصول هو دليل الإثبات عنه الإنكار. يغني عنه أي ورقة تصدر من الجهة المدينة تدل على وصول كتاب المطالبة.
(ب) جمارك. "تحديد عوائد الأرضية".
تحديد عوائد الأرضية ليس متروكاً لتصرف مصلحة الجمارك. وزير المالية هو المخول وحده سلطة تحديد هذه العوائد.

----------------
1 - نص المادة 3/ 2 من القانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم أضاف إلى أسباب قطع التقادم الواردة في القانون المدني سبباً جديداً هو، توجيه الممول إلى المصلحة المدينة كتاب موصى عليه مع علم الوصول يطالبها فيه برد ما حصلته منه بغير حق، والغرض من اشتراط أن يكون هذا الكتاب موصى عليه، إنما هو ضمان وصول الطلب إلى الجهة المدينة، وأن يكون علم الوصول هو سبيل إثباته عند الإنكار، وكل ورقة تصدر من الجهة المدينة وتدل على وصول كتاب المطالبة إليها تتحقق بها الغاية من علم الوصول، ويكون فيها الغناء عنه مما تعتبر معه المطالبة في هذه الصورة تنبيهاً قاطعاً للتقادم.
2 - الأرضية والمخازن الجمركية، وإن كانت من أملاك الدولة المخصصة للمنفعة العامة إلا أن المشرع قد نظم طريق الانتفاع بها بالمادة التاسعة من القانون رقم 2 لسنة 1930 الذي نص على أنه "تحدد بمقتضى قرار يصدره وزير المالية عوائد الأرضية والشيالة والتمكين...." فدل بذلك على أنه لم يترك أمر تحديد عوائد الأرضية لمطلق تصرف مصلحة الجمارك وإنما خول وزير المالية وحده سلطة تحديد هذه العوائد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة ثابت ثابت (المطعون ضدها) أقامت الدعوى رقم 3722 سنة 1960 كلي القاهرة ضد مصلحة الجمارك وجمرك المحمودية بصحيفة أعلنت إليهما في 10، 18/ 7/ 1960 طالبة الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لها مبلغ 10247 ج و650 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وقالت شارحة لدعواها إن جمرك المحمودية حصل منها - في الفترة من 17/ 9/ 1953 إلى 26/ 1/ 1955 عوائد أرضية ورسوم بلدية على سماد كانت قد استوردته من الخارج بفئة مقدارها 300% من الفئة الأصلية بدلاً من 200%، وهي الفئة المقررة في القوانين واللوائح التي كان معمولاً بها في تلك الفترة وبذلك تكون مصلحة الجمارك قد أخذت منها بغير حق المبلغ المطالب به ويحق لها استرداده - وإذ طالبت المصلحة المذكورة برده إليها بمقتضى خطاب مؤرخ 6/ 9/ 1956 وأجاب جمرك المحمودية على هذا الخطاب بخطاب مؤرخ 4/ 12/ 1956 تضمن أن الإدارة العامة وافقت على رد تلك الفروق إليها، وطلب منها موافاته بكشوف موضح بها أرقام وتواريخ قسائم التوريد وأرسلت إليه الكشوف المذكورة، وأخذ الموضوع يتردد بين جمرك المحمودية وقسم الرأي بمجلس الدولة الذي انتهى إلى أحقية الشركة في استرداد ذلك المبلغ، وحررت المصلحة استمارة صرفه إليها إلا أن الموضوع وقف عند هذا الحد - فقد أقامت هذه الدعوى بطلباتها سالفة الذكر، وفي 25/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بندب خبير للاطلاع على ملف الشركة بمصلحة الجمارك وبيان ما تم في شأن الفروق المستحقة للشركة وكلفته - في حالة عدم الاهتداء إلى استمارة صرف الفروق المشار إليها - بتقدير الرسوم وعوائد الأرضية المقررة قانوناً على ما استوردته الشركة من أسمدة، وبيان ما دفعته زيادة عن المستحق قانوناً، وبعد أن قدم الخبير تقريره دفعت المصلحة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى تأسيساً على أن الشركة قد وضعت تحت التصفية، وعين الأستاذ/ جورج كردوش مصفياً لها فزالت بذلك صفة المدعي في تمثيلها، كما دفعت بسقوط حق الشركة في المطالبة برد هذه الرسوم بمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ دفعها حتى تاريخ رفع الدعوى. وفي 30/ 3/ 1964 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين وبإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للشركة المدعية مبلغ 10247 ج و650 مليم والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى السداد، واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 1073 سنة 81 ق وتمسكوا بالدفعين السابق إبداؤهما أمام محكمة أول درجة. وفي 7/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم، وطلبت الشركة المطعون عليها رفض الطعن. وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة باسترداد الرسوم المدفوعة دون حق بالتقادم مستنداً في ذلك، إلى أن هذا التقادم قد انقطع بالكتاب المؤرخ 6/ 9/ 1956 الذي أرسله المطعون عليه إلى مصلحة الجمارك وعلمت به علماً يقينياً بدليل إشارتها إليه في كتابها المؤرخ 4/ 12/ 1956. كما انقطع بالكتب التالية له المرسلة للمصلحة والمؤرخة في 3/ 5/ 1957, 30 / 5/ 1957، 10/ 9/ 1959 وهو منه مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه من وجهين، أولهما أنه يشترط وفقاً للمادة 3 من القانون رقم 646 سنة 1953 في كتاب المطالبة برد هذه الرسوم حتى ينتج أثره في قطع التقادم أن يكون موصى عليه بعلم الوصول، فلا يكفي أن يكون مسجلاً كما لا يقوم العلم اليقيني مقام هذا الإجراء الشكلي الذي أوجبه القانون، وإذ كانت هذه الكتب التي اعتمد عليها الحكم غير مصحوبة بعلم وصول فإنها لا تكون قاطعة للتقادم، وثانيهما أنه على فرض أن خطاب مصلحة الجمارك المؤرخ 4/ 12/ 1956 قد تضمن اعترافاً بحق الشركة المطعون عليها في الفروق المطالب بها فإن من شأن هذا الإقرار نزول جهة الإدارة عما انقضى من مدة التقادم فقط ثم يبدأ سريان تقادم جديد من تاريخ صدور هذا الخطاب، وإذ كانت الدعوى لم ترفع إلا في يوليه سنة 1960 فإنها تكون قد رفعت بعد اكتمال مدة التقادم الثلاثي الجديدة مما كان يتعين فيه قبول الدفع بسقوط الحق في المطالبة، وغني عن البيان أن الكتاب المذكور لا يعتبر بمثابة تعديل للربط يترتب عليه وجوب اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 646 لسنة 1953 والتي تستلزم إخطار الممول بحقه في الرد بخطاب موصى عليه بعلم وصول حتى يبدأ سريان التقادم في حقه، هذا إلى أن إقرار مندوب المصلحة أمام الخبير بأنها لا تمانع في رد الفروق المطالب بها إلى الشركة بعد موافقة وزارة الخزانة لا يفيد التنازل عن مدة التقادم بعد اكتمالها، ولا يدل على مقدار الرسوم المطالب بردها لأن هذا الإقرار قد صدر ممن لا يملك سلطة التصرف في أموال الدولة، وبالإضافة إلى ذلك فإن الكتب المرسلة من مصلحة الجمارك إلى الشركة المطعون عليها والتي اعتمد عليها الحكم ليس من شأنها قطع التقادم، لأنها لا تتضمن إقراراً بالحق أو نزولاً عن التقادم وإنما اقتصرت على القول بأن الموضوع قيد البحث.
وحيث إن النعي مردود في جملته، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أخذ بالحكم المطعون فيه بأسبابه أنه بعد أن عرض لأحكام المادتين 178، 377/ 2 من القانون المدني ومواد القانون رقم 646 سنة 1953 أقام قضاءه برفض الدفع على ما قرره من أن "المدعي يطالب بالرسوم والفوائد التي دفعها بغير وجه حق في الفترة من 17/ 9 / 1957 إلى 26/ 1/ 1955 ولم يرفع الدعوى إلا في 18/ 7/ 1960 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات، وحتى يتلافى الدفع بالسقوط تمسك بالخطابات المتبادلة بينه وبين مصلحة الجمارك واعتبرها قاطعة لمدة التقادم، وبمراجعة هذه الخطابات المقدمة منه بحافظتيه ظهر أن هناك خطاب مرسل من مصلحة الجمارك للمدعي بتاريخ 4/ 12/ 56 ثابت فيه أن خطاباً وصلها من المدعي بخصوص رد الفروق بتاريخ 6/ 9/ 1956، الأمر الذي يقطع بأن المدعي قد أرسل إلى مصلحة الجمارك خطاباً بتاريخ 6/ 9/ 1956، يطالبها برد الفروق وقد وصل إلى علمها ذلك، بدليل أن المصلحة أشارت إلى هذا الخطاب في كتابها المرسل منها للمدعي بتاريخ 4/ 12/ 1956، ثم بعد ذلك تبادلت الخطابات بين المدعي ومصلحة الجمارك بخصوص رد هذه الفروق بدليل الخطابات المرسلة من المصلحة للمدعي في 3/ 5/ 1957، 30/ 5/ 1957، 10/ 9/ 1959 وجميع هذه الخطابات مودعة بحافظة المدعي، كما قدم المدعي بالحافظة الأخيرة صورة الخطاب المرسل من مصلحة الجمارك بتاريخ 3/ 11/ 1959 إلى مستشار الدولة بإدارة الفتوى تأخذ رأيه في رد الفروق، وكذا قدم صورة من الفتوى الصادرة من مجلس الدولة برد هذه الفروق، وترى المحكمة من جميع هذه الخطابات المتبادلة بين المدعي ومصلحة الجمارك، أن المدعي قد طالب برد الفروق قبل مضي الثلاث سنوات ووصل إلى علم المصلحة هذه المطالبة قبل مضي الثلاث سنوات، الأمر الذي يقطع بأن التقادم قد قطع بالمطالبة بموجب الخطابات المتبادلة وأن القانون رقم 646 سنة 1953 قد اشترط في الطلب القاطع للتقادم هو الذي يرسله الممول بخطاب موصى عليه بعلم الوصول، وقد قصد بهذا الإجراء إثبات علم المصلحة المرسل إليها بورود الطلب الخاص بالاسترداد، وقد ثبت لدى هذه المحكمة في هذه الدعوى أن طلب الاسترداد وصل إلى مصلحة الجمارك بدليل خطابها الذي تعترف فيه بوصول طلب المدعي الخاص باسترداد الفروق ولا يكون لها بعد كل ذلك الحق في التمسك بالتقادم الذي قطع على النحو السالف بيانه، ويكون الدفع بالتقادم على غير أساس من القانون ويتعين رفضه". وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه برفض الدفع صحيح ولا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 646 سنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم تنص على أنه "يعتبر كذلك تنبيهاً قاطعاً للتقادم وطلب رد ما دفع بغير وجه حق إذا أرسله الممول إلى الجهة المختصة بكتاب موصى عليه مع علم الوصول" فأضاف المشرع بهذا النص إلى أسباب قطع التقادم الواردة في القانون المدني سبباً جديداً، هو توجيه الممول إلى المصلحة المدينة كتاب موصى عليه يطالبها فيه برد ما حصلته منه بغير حق والغرض من اشتراط أن يكون هذا الكتاب موصى عليه، إنما هو ضمان وصول الطلب إلى الجهة المدينة وأن يكون علم الوصول هو سبيل إثباته عند الإنكار، وكل ورقة تصدر من الجهة المدينة وتدل على وصول كتاب المطالبة إليها تتحقق بها الغاية من علم الوصول، ويكون فيها الغناء عنه، مما تعتبر معه المطالبة في هذه الصورة تنبيهاً قاطعاً للتقادم، لما كان ذلك وكان يبين من الكتب الأربعة الموصى عليها والمرسلة من المطعون عليه إلى مصلحة الجمارك في 6/ 9/ 1956، 30/ 5 / 1957، 25/ 8/ 1959 والتي عول عليها الحكم المطعون فيه أنها تضمنت مطالبة المصلحة برد فروق العوائد والرسوم التي حصلتها منه بغير حق. كما يبين من الكتب الأربعة المرسلة من مصلحة الجمارك إلى المطعون عليه في 4/ 12/ 1956، 30/ 5/ 1957, 16/ 6/ 1957، 5/ 9/ 1959 أنها كانت رداً على الكتب الأربعة المرسلة إليها منه والسالف الإشارة إليها وأنها قد وصلت فعلاً إلى المصلحة، وبالتالي فإن كتب الطاعن المذكورة تعتبر تنبيهات متلاحقة تمت في فترات متقاربة وقطعت أي تقادم قبل أن تكتمل مدته، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، هذا ولا وجه لما أثاره الطاعنون في الشق الأخير من السب الثاني خاصاً بنفي اعتبار كتاب 4/ 12/ 1956 تعديلاً للربط يستلزم اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 2 من القانون رقم 646 لسنة 1953، وبعدم حجية ما قرره مندوب مصلحة الجمارك أمام الخبير من أن المصلحة لا تمانع في رد الفروق، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعول على هذه الاعتبارات وإنما أسس قضاءه على انقطاع التقادم فقط، وبالتالي فإن النعي بهذا الشق لا يكون قد صادف محلاً من الحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين قرر أنه لا خلاف بين الطرفين حول المبلغ المطلوب استرداده حسبما أورده الخبير، إذ أنه علاوة على أن مندوب مصلحة الجمارك لا يملك التنازل عن حقوق الدولة، فإن من حق جهة الإدارة رفع الرسوم المقررة لشغل الأرضية الموجودة بالميناء أو أماكن التخزين حسبما يتراءى لها دون معقب عليها، وإذ كان الثابت أن القرار الوزاري رقم 83 لسنة 1950 قد تضمن زيادة فئات الأرضية على الأسمدة فإن ما انتهى إليه الحكم يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت الأرضية والمخازن الجمركية من أملاك الدولة المخصصة للمنفعة العامة إلا أن المشرع قد نظم طريق الانتفاع بها، فنص في المادة التاسعة من القانون رقم 2 لسنة 1930 الصادر في 14/ 2/ 1930 بتعديل التعريفة الجمركية على أنه "تحدد بمقتضى قرار يصدره وزير المالية عوائد الأرضية والشيالة والتمكين" فدل بذلك على أنه لم يترك أمر تحديد عوائد الأرضية لمطلق تصرف مصلحة الجمارك، وإنما خول وزير المالية وحده سلطة تحديد هذه العوائد، وبمقتضى هذه السلطة أصدر وزير المالية القرار رقم 12 لسنة 1930 في 14/ 12/ 1930 ونص في مادته الأولى على أن "يستمر تحصيل عوائد الأرضية والشيالة والتمكين طبقاً للأنظمة وبالفئات المعمول بها الآن" وعندما رؤى زيادة عوائد الأرضية على الأسمدة الكيماوية أصدر وزير المالية القرار رقم 30 لسنة 1950، وأشار في ديباجته إلى المادة 9 من القانون رقم 2 لسنة 1930 والمادة الأولى من القرار رقم 12 لسنة 1930، ونص في مادته الأولى على أن "تزاد عوائد الأرضية على الأسمدة الكيماوية المفرغة في مخازن النترات بالجمارك بواقع 100% من الفئات المعمول بها بالقرار المشار إليه" مما مؤداه مضاعفة عوائد الأرضية أي جعلها بنسبة 200% من القيمة الأصلية، وإذ كان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه أخذاً بما انتهى إليه الخبير في تقريره أن عوائد الأرضية حصلت بواقع 300% وليس 200% كما حددها قرار وزير المالية سالف الذكر، وأن الزيادة المدفوعة تعادل المبلغ المطالب به، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام المصلحة برد هذا المبلغ فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 484 لسنة 29 ق جلسة 28 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 119 ص 758

جلسة 28 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-----------------

(119)
الطعن رقم 484 لسنة 29 القضائية

(أ) ارتفاق. "حقوق الارتفاق". "التنازل عنها". محكمة الموضوع. حقوق عينية.
التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً. استخلاص التنازل الضمني مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع.
(ب) ارتفاق. "حقوق الارتفاق". "التنازل عنها". حق. حقوق عينية. تسجيل.
التنازل عن حقوق الارتفاق صراحة أو ضمناً. أثره، إلزامه المتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. لا يمنع من ذلك عدم تسجيل التنازل.

----------------
1 - التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً إذ القانون لم يشترط لتحققه صورة معينة. فمتى كانت المحكمة قد استخلصت هذا التنازل الضمني استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بتقدير موضوعي من سلطتها المطلقة.
2 - التنازل سواء كان صريحاً أو ضمنياً يعتبر ملزماً للمتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل مما يجب تسجيله إذ لا يترتب على عدم التسجيل سوى تراخي زوال الحق العيني المتنازل عنه. فإذا كان الطاعنان قد أقاما دعواهما بطلب تعويض مخالفة المطعون عليه لقيود البناء وذلك بعد أن كانا قد تنازلا عن هذه القيود ضمنياً - على ما حصله الحكم المطعون فيه - مما يعتبر معه هذا الطلب إنكاراً منهما للتنازل الصادر من جانبهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بهذا التنازل ورتب عليه آثاره لا يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن الطاعنين أقاما ضد المطعون عليه الدعوى رقم 3731 سنة 1949 مدني كلي القاهرة طالبين القضاء بإلزامه أن يدفع لهما على سبيل التعويض مبلغ 2000 ج وقالا بياناً لدعواهما إنه بعقد مسجل تاريخه 8 من إبريل سنة 1920 اشتري مورثهما المرحوم حبيب لطف الله من شركة الفنادق المصرية ما كانت تملكه من أرض في منطقة الجزيرة بالقاهرة ونص في العقد على أن الشركة البائعة تحول له كل ما لها من حقوق قبل المشترين منها وبتاريخ 6 من يونيو سنة 1933 اشتري المطعون عليه قطعة من تلك الأرض وقد اشترطت الشركة البائعة في عقد البيع الصادر للمشترية منها مباشرة - السيدة عديلة نبراوى ألا تبني على الأرض التي اشترتها سوى منزلاً واحداً لا تقام فيه محال للتجارة ولا يقام البناء على مسافة تقل عن متر عن حافة الطريق وألا تزيد مساحة ما يبني على ثلثي مساحة الأرض وألا يتجاوز ارتفاعه خمسة عشر متراً ولما كان المطعون عليه قد خالف هذه القيود التي وضعتها المالكة الأصلية فقد قام الطاعنان بإنذاره بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1938 بالتزام تلك القيود ولكنه لم يفعل مما حدا بالطاعنين إلى مطالبته بالتعويض بالدعوى الحالية، دفع المطعون عليه الدعوى بأنه أقام بناءه بحالته في سنة 1937 وبأن أفراد أسرة لطف الله ومنهم الطاعنان - قد تصرفوا بالبيع في قطع كثيرة من أراضي منطقة الجزيرة ولم يراع المشترون منهم قيود البناء التي فرضتها شركة الفنادق - ولم يعترض الطاعنان أو أفراد أسرتهما على تلك المخالفة مما يفيد تنازلهما عن تلك القيود كما أن شركة الفنادق نفسها قد تنازلت عن هذا الحق بدليل إقامتها أبنية لم تلتزم فيها تلك القيود وتصريحها لبعض المشترين منها بمخالفتها. وبجلسة 11 من مارس سنة 1954. حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لمعاينة العقار المملوك للمطعون عليه وبيان ما فيه من مخالفات لقيود البناء وما إذا كانت تلك المخالفات قائمة في عقارات أخرى من عدمه. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت محكمة الدرجة الأولى بجلسة 28 من يناير سنة 1957 برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 764 سنة 75 ق القاهرة وبجلسة 24 من أكتوبر سنة 1959 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ورأت النيابة في مذكرتها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل الوجه الأول من السبب الأول في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواهما على أنهما تنازلا تنازلاً ضمنياً عن حقوق الارتفاق المقررة على البناء الذي أقامه المطعون عليه بينما لم يصدر منهما تنازل عن هذه الحقوق لا صراحة ولا ضمناً ولا يستفاد التنازل الضمني إلا من أعمال تدل عليه دلالة قاطعة ولا يعد السكوت عن مباشرة الحق نزولاً ضمنياً عنه لأن الحق لا يسقط إلا بعدم الاستعمال خمس عشرة سنة وقد أنذر الطاعنان المطعون عليه في 31 من ديسمبر سنة 1938 بوجوب مراعاة قيود البناء التي وضعتها شركة الفنادق التي حل محلها ولم يذكر الحكم المطعون فيه الأعمال التي قاما بها والتي تدل دلالة قاطعة على نزولهما عن حقوق الارتفاق، ويقول الطاعنان في بيان السبب الثاني إن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن للمطعون عليه عذراً في عدم التقيد بحقوق الارتفاق دون أن يفصح عن هذا العذر فإنه يكون قاصر البيان.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن كيف القيود والاشتراطات المقررة على عقار المطعون عليه بأنها حقوق ارتفاق روعي في التزامها منفعة جميع العقارات الكائنة بمنطقة الجزيرة والتي كان مملوكة أصلاً لشركة الفنادق المصرية، بعد أن كيف الحكم تلك القيود والاشتراطات بهذا التكييف لم يؤسس قضاءه برفض دعوى الطاعنين على إهمالهما لحقهما وعدم استعمالهما إياه بما يؤدى إلى سقوطه بل أسسه على أنهما تنازلا عن هذا الحق وعلى أن المطعون عليه كان معذوراً إذا ما اعتقد - للمخالفات التي ارتكبها الطاعنان وسلفهما - شركة الفنادق المصرية - وغالبية المشترين منها قيام هذا التنازل وزوال تلك الحقوق وأنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أن "الأصل أن سكوت صاحب العقار المرتفق عن إخلال صاحب العقار المرتفق به بالتزامه لا يفيد معنى التنازل الضمني عن الارتفاق، ولكن الأمر في الدعوى الحالية ليس مجرد سكوت من مالك عقار مرتفق على إخلال ملتزم بمقتضى ارتفاق على عقاره ولكن الأمر في الدعوى الحالية إخلال متبادل بهذا الارتفاق المقرر لمصلحة جميع العقارات وقد شمل الإخلال به معظم هذه العقارات وصار طرازاً غالباً يبدو معه الأمر كأن الإخلال بذلك الالتزام المقرر لإقامة المباني سيما المستحدثه في ذلك الحي بحيث فقد طابعه الذي أريد له لفرض تلك القيود على مبانيه - حالة مسوغة للاعتقاد بسقوط هذه القيود عن تلك المباني. ولا شك أن ذلك الإخلال بالارتفاق على تلك الصورة المتبادلة بين معظم الملاك المتواترة على مدى الزمن يكفي للدلالة القاطعة على معنى نزول أصحاب حق الارتفاق عنه كما يكفي ذلك الإخلال الغالب بمقتضى الارتفاق لجعل التقيد به فاقد السبب وما كان هذا السبب إلا لتقييد جميع الملاك به سعياً وراء تكوين حي ذي طابع خاص وهو ما فقده منذ أصبحت مخالفة تلك القيود طرازاً غالباً في مبانيه سيما الحديثة منها وهذا عندما كانت عليه الحال عندما أقام المستأنف عليه - المطعون عليه - عمارته وقد جاء بالتقرير المقدم في الدعوى أنه خالف القيود المفروضة بعقد الشراء الأصلي للأرض التي أقيم عليها والصادر أصلاً بتاريخ 13 فبراير سنة 1902 من شركة الفنادق المصرية إلى السيدة عديلة النبراوى غير أن العقارات المجاورة مباشرة لذلك العقار وكذلك الواقعة في نفس المنطقة فقد تم أغلبها مخالفاً للقيود الموجودة في العقود وقد شملت هذه المخالفة أغلب العقارات المقامة على قطع من الأراضي كانت مملوكة في الماضي للمدعيين - الطاعنين أو لمورثهما أو لشركة الفنادق المصرية وأن مجموع قطع الأراضي في حي الجزيرة هو 117 قطعة ما زال ثلاث منها فضاء وبني منها 68 قطعة تمثل 58% من مجموعها وهي جميعاً مخالفة للقيود المفروضة في عقود البيع وأن المباني التي روعيت فيها تلك القيود تمثل 39.5% من المجموع كما أن أغلبها مبان قديمة وقد أنهى الخبيران تقريرهما بالقول بأنه تبين من ذلك أن المباني المخالفة للاشتراطات هي المباني الغالبة في المنطقة التي كانت مملوكة في الماضي للمدعين أو لمورثيهما أو لشركة الفنادق المصرية...." إلى أن قال - "وترى هذه المحكمة ما رأته محكمة الدرجة الأولى أن تلك الملابسات مجتمعة تفيد التنازل الضمني عن ذلك الارتفاق المتبادل بين سكان الحي محل النزاع مما يقيم للمستأنف عليه العذر في مخالفته وينفي عنه الخطأ والمسئولية" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً إذ القانون لم يشترط لتحققه صورة معينة. ومتى كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت هذا التنازل الضمني وعذر المطعون عليه في عدم التزام قيود البناء التي كانت مقررة على عقاره استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا معقب عليها في ذلك لتعلقه بتقدير موضوعي من سلطتها المطلقة، متى كان ذلك، فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول الخطأ في القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على صدور تنازل ضمني من الطاعنين عن حق الارتفاق في حين أن حق الارتفاق من الحقوق العينية العقارية والنزول عنه يجب أن يكون صادراً ممن يملكه وأن يكون مسجلاً إذ من شأن النزول عنه زاوله والحقوق العينية العقارية لا تزول طبقاً للمادة التاسعة من قانون الشهر العقاري المقابلة للمادة الأولى من قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 إلا بالتسجيل.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التنازل سواء كان صريحاً أو ضمنياً يعتبر ملزماً للمتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل مما يجب تسجيله إذ لا يترتب على عدم التسجيل سوى تراخي زوال الحق العيني المتنازل عنه. ولما كان الطاعنان قد أقاما دعواهما بطلب تعويض عن مخالفة المطعون عليه لقيود البناء وذلك بعد أن كانا قد تنازلا عن هذه القيود ضمنياً - على ما حصله الحكم المطعون فيه - مما يعتبر معه هذا الطلب إنكاراً منهما للتنازل الصادر من جانبهما فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بهذا التنازل ورتب عليه آثاره لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 468 لسنة 29 ق جلسة 28 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 118 ص 750

جلسة 28 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

--------------

(118)
الطعن رقم 468 لسنة 29 القضائية

(أ) صورية. "إثبات الصورية". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
تقدير أدلة الصورية مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا رقابة عليه لمحكمة النقض.
(ب) صورية. "إثبات الصورية". حكم. "تسبيب كاف".
إقامة الحكم قضاءه بالصورية على دعامتين مستقلتين هما شهادة الشهود والقرائن. استقامة الدعامة الأولى وكفايتها وحدها لحمل الحكم. لا محل للنعي على الدعامة الثانية.
(جـ) عقد. "المفاضلة بين العقود". صورية. حكم. "تسبيب كاف".
اعتبار العقد صورياً صورية مطلقة. أثره، اعتباره غير موجود في الحقيقة. لا مجال للمفاضلة بينه وبين عقد آخر. المفاضلة لا تكون إلا بين عقود حقيقية.

---------------
1 - إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في نطاق سلطتها الموضوعية توافق إرادة طرفي للعقد على الصورية ودللت على ذلك بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهت إليه ولم تخرج بأقوال الشهود عما يؤدى إليه مدلولها، وكان تقدير أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، فإنه لا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك (1).
2 - إذا أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بصورية العقد على دعامتين مستقلتين إحداهما عن الأخرى، الأولى شهادة الشهود والثانية القرائن التي ساقها الحكم، فإنه إذا استقامت الدعامة الأولى وكانت كافية وحدها لحمل الحكم فإن النعي على الدعامة الثانية بالتناقض وفساد الاستدلال يكون غير منتج (2).
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار عقد الطاعنة صورياً صورية مطلقة فإنه يترتب على ذلك ألا يكون لهذا العقد وجود في الحقيقة وبالتالي فلم يكن الحكم بحاجة عند إبطال هذا الحكم إلى التعرض للمفاضلة بينه وبين المطعون ضدها الأولى لأن هذه المفاضلة لا تكون إلا بين عقود حقيقة. ومن ثم فإن خطأ الحكم فيما استطرد فيه تزيداً عند إجراء هذه المفاضلة لا يؤثر على سلامة النتيجة التي انتهى إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بموجب عقد رسمي مؤرخ في 29/ 7/ 1947 ومسجل برقم 6584 باعت المطعون ضدها الخامسة إلى المطعون ضده الرابع مساحة من الأرض الفضاء مبينة بالعقد وحفظت لنفسها امتيازاً بما لم يؤد من الثمن. وبتاريخ 5 من مايو سنة 1948 رهن المطعون ضده الرابع هذه المساحة للمطعون ضدها السادسة بعقد رهن رسمي وثق تحت رقم 2304 وشهر الرهن برقم 5068 وبتاريخ 29/ 11/ 1949 باع المطعون ضده الرابع هذه المساحة بعقد عرفي للمطعون ضدهما الثاني وأخته المطعون ضدها الثالثة مناصفة بينهما فأقام المطعون ضده الثاني على نصف هذه المساحة مبنى مكوناً من دور واحد أصبح المنزل رقم 26 شارع علي باشا اللاله بالمطرية. وبتاريخ 10/ 5/ 1961 باع المطعون ضده الثاني نصيبه في المساحة المذكورة بما عليه من بناء لزوجته المطعون ضدها الأولى نظير ثمن قدره 856 جنيهاً دفعت منه مبلغ 300 جنيه وتعهدت بدفع ما يخص تلك المساحة من دين الرهن وقدره 175 جنيهاً ثم باع المطعون ضده الثاني وأخته المطعون ضدها الثالثة المساحة التي اشترياها من المطعون ضد الرابع بما عليها من مبان إلى الطاعنة لقاء ثمن قدره 1450 جنيهاً وبموجب عقد عرفي مؤرخ في 19/ 7/ 1953 وبعد ذلك رفعت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 3855 سنة 1953 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدهما الثاني والرابع طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لها من المطعون ضده الثاني وسجلت صحيفة دعواها في 1/ 9/ 1953 ثم عدلت طلباتها مضيقة إليها طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون ضده الرابع للبائع لها وسجلت صحيفة تعديل الطلبات في 14/ 7/ 1955 كما رفعت الطاعنة الدعوى رقم 3892 سنة 1953 مدني كلي القاهرة طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقدها المؤرخ 19/ 7/ 1953 وشطب الرهن والامتياز ومحو التسجيلات الموقعة عليها - قررت المحكمة ضم الدعويين إلى بعضهما ثم تدخلت الطاعنة والمطعون ضدها الأولى كل منهما في دعوى الأخرى طالبة رفضها - طعنت المطعون ضدها الأولى على عقد الطاعنة بالصورية المطلقة فقضت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الصورية المدعاة وبعد تنفيذ هذا الحكم بسماع شهود الطرفين قضت محكمة القاهرة الابتدائية في 3/ 6/ 1957 في الدعوى رقم 3855 سنة 1953 مدني كلي القاهرة المرفوعة من المطعون ضدها الأولى بقبول طلب تدخل الطاعنة وفي الموضوع برفضها وفي الدعوى رقم 3892 سنة 1953 مدني كلي القاهرة المرفوعة من الطاعنة بقبول طلب تدخل المطعون ضدها الأولى وفي الموضوع بصحة ونفاذ عقد الطاعنة المؤرخ 19/ 7/ 1953 وبشطب الرهن والامتياز ومحو التسجيلات - استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 421 سنة 75 قضائية. ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 23/ 6/ 1959 أولاً: في الدعوى رقم 3855 سنة 1953 مدني كلي القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في 29/ 11/ 1949 الصادر من المستأنف عليه الثاني (المطعون ضده الرابع) إلى المستأنف عليهما الأول والرابعة (المطعون ضدهما الثاني والثالثة) عن نصف القدر المبيع بالعقد المذكور البالغ مساحته 210.30 أمتار المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى المرفوعة من المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 10/ 5/ 1951 الصادر من المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الثاني) للمستأنفة عن العقار المبين بعريضة الدعوى الأصلية والمعدلة والتسليم. وثانياً - في الدعوى المضمومة رقم 3892 سنة 1953 مدني كلي القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في 19/ 7/ 1953 الصادر من المستأنف عليها الرابعة (المطعون ضدها الثالثة) للمدعية فيها (الطاعنة) عن نصف قطعة الأرض وهي الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى تحت رقم 1 أي المساحة الأولى فيها - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان لقصوره في التسبيب ومخالفته الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم في معرض التدليل على الصورية نسب إلى شهود المطعون ضدها الأولى جميعاً قولهم إن الطاعنة تستأجر المنزل موضوع عقد المطعون ضدها الأولى مع أن هذه الواقعة التي عول عليها الحكم لم ترد إلا في أقوال الشاهد الأول - كما أن ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن الثابت من أقوال شهود المطعون ضدها الأولى أن المطعون ضده الثاني لم يكن جاداً في تصرفه مفاده أن الحكم استظهر ذلك في شهادة كل من شهود الإثبات مع أن الشاهد الثاني من هؤلاء الشهود جزم بأنه لا يعرف شيئاً عن تعاقد الطاعنة مع المطعون ضده الثاني وبذلك يكون الحكم قد استند إلى ما يخالف الثابت بالأوراق - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قرر أن العبرة بنية العاقدين وقد وضح تماماً أنها غير جدية مع أن الشهود أجمعوا أنهم لا يعرفون الطاعنة (المشترية) ولا يعلمون شيئاً عن ظروف تعاقدها مع المطعون ضده الثاني ولا سبب هذا التعاقد ولا ما يدعوها إلى التواطؤ معه وأنه إن ساغ اعتبار أقوالهم مؤدية إلى وضوح نية المطعون ضده الثاني على صورية تصرفه فإن هذه الأقوال لا تفيد شيئاً في إثبات اتجاه نية الطاعنة إلى تلك الصورية - والصورية تقتضي قيام تدبير واتفاق بين الطرفين - كذلك فإن الحكم قد قرر أن الثابت من أقوال شهود المطعون ضدها الأولى أن المطعون ضده الثاني لم يكن جاداً في تصرفه وإنما تظاهر بالبيع للطاعنة مع أن الشهادة المنسوبة إلى هؤلاء الشهود قاصرة عن العلم بصورية التصرف الحاصل إلى الطاعنة بل إن مصدر هذا العلم بالصورية عند من شهد به راجع إلى المطعون ضده الثاني الذي أنكر ما نسبه الشهود إليه - وفي ذلك خروج من الحكم بأقوال الشهود إلى ما لا تؤدى إليه دلالته وإذ لم يرد الحكم على نفي المطعون ضده لواقعة الصورية المقول بإقراره بها فإنه يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قرر بصدد التدليل على صورية عقد الطاعنة ما يأتي: "إن الثابت من أقوال شهود المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) أمام محكمة أول درجة أن المستأنف عليه (المطعون ضده الثاني) لم يكن جاداً في تصرفه وأنه إنما تظاهر بالبيع للمستأنف عليها الثالثة (الطاعنة) وهي التي تستأجر ذات المنزل بسبب الخصومة العنيفة التي شجرت بين المستأنفة المشترية وبين زوجها البائع لها وكان من أثر هذا الخلاف أن استصدر المستأنفة حكماً بالنفقة ولعدم دفع النفقة استصدرت حكماً بالحبس في القضيتين 1566 سنة 1953 روض الفرج الشرعية، 505 سنة 1954 روض الفرج الشرعية. وقد شهد شهود المستأنفة أن المستأنف عليها الثالثة المشترية الثانية (الطاعنة) تستأجر المنزل موضوع عقد المستأنفة وأن الخلاف شجر بين الزوجين في مايو سنة 1953 تقريباً ولعدم الصلح رفعت المستأنفة دعوى النفقة وصدر لها حكم بها ونفذته المستأنفة وطلب المستأنف عليه الأول الزوج من أحد الشهود التوسط في الصلح وأصرت الزوجة على تسجيل العقد أولاً كشرط للصلح. كما شهد شاهد آخر أنه لا يعرف شيئاً عن عقد المستأنف عليها الثالثة وشهد بالخلاف بين الزوجين. وشهد ثالث أن الزوجة المستأنفة كانت تقيم بجواره قبل زواجها وبقيام الخلاف عادت لمنزلها الأصلي ورفعت المذكورة دعوى نفقة وأخذت في تسجيل عقدها إلا أن المستأنف سارع بالتصرف في المنزل إلى الأخرى وحاول هو أي الشاهد ووالدته أن يصلحا بين الزوجين ولكنها أي الزوجة اشترطت تسجيل العقد وأقر المستأنف عليه الأول أمامه أن البيع غير جدي وأنه قصد به الضغط على المستأنفة لكي تقبل الصلح وإذا ما تم فإنه على استعداد لإنهاء العقد الثاني وأنه لم يبع للست عزيزة ولكن ليس في وسعه دفع دين النفقة. وهذه الأقوال الأخيرة صريحة ومصدرها المستأنف عليه الأول وحده وحكاية الخلف والنزاع والاحتكام للقضاء وصدور حكم النفقة والحبس كل ذلك ثابت تماماً، أما ما شهد به شاهدا المستأنف عليها الثالثة فإن ما شهدا به لا يقطع مطلقاً في جدية العقد إذ شهدا بما كان قد حدث أمامهما حسب الظاهر لهما فقط من باب التمثيل كما قالت المستأنفة حقاً في صحيفة استئنافها. والعبرة بنية المتصرفين وقد وضحت تماماً أنها غير جدية وأن الغرض منها خلق عقد ظاهر للضغط على المستأنفة وواضح أن محكمة أول درجة لم تطمئن لهذا الظاهر من القول إلا بسبب مكانة هذين الشاهدين المذكورين فحسب إلا أن هذه المكانة لا تتعارض مع صورة الظاهر وأن الحقيقة التي خفيت عليهما هي ما شهدا به شهود المستأنفة وبالتالي يكون التعاقد الثاني بالنسبة للمستأنفة صورياً" ويبين من نهج الحكم في سرده لأقوال شهود المطعون ضدها الأولى أن ما تنعاه عليه الطاعنة من مخالفته للثابت بالأوراق غير صحيح، ذلك أنه بإمعان النظر فيه يبين أنه حين سرد أقوال الشهود خص كل شاهد بما شهد. ومن هذا التخصيص يتضح أن واقعة استئجار الطاعنة للمنزل المبيع قد نسبت في الحكم المطعون فيه - وبما يتفق والثابت في محضر التحقيق - إلى أحد الشهود دون الباقين وعلى هذا الأساس عول عليها الحكم - أما ما نسبه الحكم إلى الشهود من قولهم بأن المطعون ضده الثاني لم يكن جاداً في تصرفه وذلك رغم عدم قول أحد الشهود بذلك فإن الواضح أيضاً من سرد الحكم لأقوال الشهود أنه قرر أن أحد الشهود لا يعرف شيئاً عن عقد الطاعنة ومن ثم فقد كان الحكم على بينة من عدم إجماع الشهود على تلك الواقعة - على أنه إن جاء بالحكم ما يفيد نسبة هذه الواقعة إلى شهود المطعون ضدها فإن الحكم قد أورده في مقام الاستخلاص الذي ينظر فيه إلى التعميم والتغليب - وبذلك يكون تعييب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق غير صحيح - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في نطاق سلطته الموضوعية توافق إرادة طرفي العقد على الصورية ودلل على ذلك بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ولم يخرج بأقوال الشهود عما يؤدى إليه مدلولها - لما كان ذلك، وكان تقدير أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى فإنه لا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه. ولا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم من قصور في الرد على إنكار المطعون ضده الثاني لما نقله عنه شاهدا الإثبات لأن اعتماد الحكم لأقوال هذين الشاهدين ينطوي على إطراح لهذا النفي وفيه الرد الضمني عليه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بصورية عقد الطاعنة على شهادة الشهود وعلى قرائن أخرى ساقها - ولما كانت شهادة الشهود محل تعييب بالنعي السابق وكانت القرائن التي ساقها الحكم هي بدورها معيبة بالتناقض وفساد الاستدلال في نظرها - فإن الحكم إذ أقام قضاءه على تلك الأدلة مجتمعة يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصورية عقد الطاعنة أقام قضاءه - على ما صرح به في أسبابه - على دعامتين مستقلتين إحداهما عن الأخرى، الأولى شهادة الشهود والثانية القرائن التي ساقها الحكم وإذ كانت الدعامة الأولى قد استقامت وكافية وحدها لحمل الحكم فإن النعي على الدعامة الثانية بفرض صحته يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثلاث الأولى على الحكم المطعون فيه خطأه عند إجرائه المفاضلة بين عقدي الطاعنة والمطعون ضدها الأولى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم وقد انتهى إلى اعتبار عقد الطاعنة صورياً صورية مطلقة فإنه يترتب على ذلك ألا يكون لهذا العقد وجود في الحقيقة وبالتالي فلم يكن الحكم بحاجة إلى التعرض للمفاضلة بين هذا العقد وعقد المطعون ضدها الأولى لأن هذه المفاضلة لا تكون إلا بين عقود حقيقية ومن ثم فإن خطأ الحكم فيما استطرد فيه تزيداً عند إجراء هذه المفاضلة لا يؤثر على سلامة النتيجة التي انتهى إليها وعلى ذلك يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون ذلك أن طلباتها أمام محكمة الدرجة الأولى وكانت تتضمن طلب صحة ونفاذ عقدها مع طلب شطب الامتياز والرهن المتوقعين على العين محل العقد فقضي الحكم الابتدائي لها بهذين الطلبين ولما استأنفت المطعون ضدها الأولى الحكم الابتدائي طلبت إلغاءه جميعه وقد صدر الحكم المطعون فيه بتعديل الحكم الابتدائي فيما قضى به للطاعنة دون أن يتضمن قضاؤه النص على تأييد الحكم الابتدائي فيما حكم به في خصوص شطب الامتياز والرهن وإذ كان شطب الامتياز والرهن محكوماً به بمقتضى الحكم الابتدائي على المطعون ضدهما الخامسة والسادسة اللتين لم تستأنفا ذلك الحكم فإن الحكم المطعون فيه إذا ألغى الحكم الابتدائي في هذا الخصوص يكون مخالفاً للقانون بما لم يطلب وفي غير خصومة منعقدة كما وقع باطلاً لعدم تسبيب قضائه بذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الوقائع السالف بيانها أن المطعون ضدها الأولى طلبت في دعواها رقم 3855 سنة 1953 مدني كلي القاهرة الحكم بصحة ونفاذ عقدها وحينما تدخلت في دعوى الطاعنة رقم 3892 سنة 1953 مدني كلي القاهرة طلبت رفض طلب صحة ونفاذ عقد المدعية فيها (الطاعنة) بالنسبة للقدر الذي اشترته والذي هو موضوع الدعوى الأولى، وإذ صدر الحكم الابتدائي برفض دعواها وبصحة ونفاذ عقد الطاعنة وشطب الامتياز والرهن واستأنفته المطعون ضدها الأولى طالبة إلغاءه جميعاً فإن لازم هذا الاستئناف أن يكون منصباً على ما حكم به ضدها من رفض دعواها وصحة ونفاذ عقد الطاعنة دون شطب الامتياز والرهن الذي كان محكوماً به ضد المطعون عليهما الخامسة والسادسة، فإذا ما قضى الحكم المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 3892 سنة 1953 فإن هذا التعديل يكون مقصوراً على ما قضى به الحكم من صحة ونفاذ عقد الطاعنة دون أن يمس ما قضى به الحكم الابتدائي من شطب الامتياز والرهن والذي لم يكن محل طعن من المحكوم عليهما فيه وهما المطعون عليهما الخامسة والسادسة. ومن ثم يكون القول بمساس الحكم المطعون فيه بقضاء الحكم الابتدائي في هذا الخصوص غير سديد وإذ لم يتضمن قضاء الحكم المطعون فيه أسباباً عن شطب الامتياز والرهن فقد التزم الحكم حدوده إذ لم يصدر منه في هذا الخصوص قضاء يستأهل التسبيب ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 22/ 1/ 1959 الطعن 29 س 24 ق السنة العاشرة ص 64.
(2) راجع نقض 15/ 4/ 1937 الطعن 88 س 6 ق مجموعة 25 سنة ص 550.

الطعن 445 لسنة 29 ق جلسة 28 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 117 ص 742

جلسة 28 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

--------------

(117)
الطعن رقم 445 لسنة 29 القضائية

(أ) الإيرادات المرتبة. وقف. "المرتبات المقررة". "إلغاء الوقف على غير الخيرات". تقادم.
المرتبات المقررة في الأوقاف. فقدها صفتها باعتبارها استحقاقاً في الوقف بمجرد إلغاء تلك الأوقاف. تعويض الحكومة أصحاب تلك المرتبات برصد مبالغ شهرية لهم بقيمة ما كانوا يستحقونه أصلاً في تلك الأوقاف. اعتبار هذه المبالغ في حكم الإيرادات المرتبة. تقادمها بخمس سنوات عملاً بالمادة 211 مدني قديم. الحق في المطالبة بالفروق المتعلقة بهذه المبالغ. تقادمه بدوره بخمس سنوات.
(ب) إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
اطمئنان المحكمة إلى تقرير الخبير وأخذها به للأسباب الواردة فيه. كون تلك الأسباب سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. النعي على الحكم بالقصور لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(جـ) نقد. "تقييم العملة". "التقدير الجزافي". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
التقدير الجزافي لا يصلح أساساً لتقييم العملة. اعتماد الحكم في قضائه بتقدير العملة بأكثر مما قدرتها به وزارة المالية على هذا التقدير الجزافي وحده قصور.

----------------
1 - إذ كانت المبالغ التي تصرفها وزارة المالية لأصحاب المرتبات المقررة في الأوقاف الملغاة قد فقدت صفتها باعتبارها استحقاقاً في الوقف وذلك بمجرد إلغاء تلك الأوقاف، وكانت الحكومة قد رأت تعويض أصحاب تلك المرتبات برصد مبالغ شهرية لهم بقيمة ما كانوا يستحقونه أصلاً في تلك الأوقاف، فإن هذه المبالغ التي يجرى صرفها شهرياً تعتبر في حكم الإيرادات المرتبة فتتقادم بخمس سنوات عملاً بالمادة 211 من القانون المدني القديم، ومن ثم فإن الحق في المطالبة بالفروق المتعلقة بهذه المبالغ يتقادم أيضاً بهذه المدة.
2 - متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير وأخذت به للأسباب الواردة فيه وكانت تلك الأسباب سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن ما تثيره الطاعنة من قصور الحكم المطعون فيه لإقامة قضائه على هذا التقرير لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للدليل الذي اعتمدت عليه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - التقدير الجزافي لا يصلح أساساً لتقييم العملة لما له من قيمة محددة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في قضائه بتقدير العملة بأكثر مما قدرتها به وزارة المالية على التقدير الجزافي وحده يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مورثة المطعون عليهم المرحومة نفوسة أحمد مصطفى أقامت في 8 من مايو سنة 1944 الدعوى رقم 2557 سنة 1944 مدني كلي مصر ضد وزارة المالية (الطاعنة) وطلبت إلزامها بأن تدفع لها مبلغ 16288 ج و056 م مع ما يستجد من 17/ 3/ 1944 بواقع 95 ج و275 مليماً شهرياً وبتعديل سركي المعاش الشهري إلى هذا القدر. وقالت في بيان دعواها إن لوقف المرحوم جوهر أغا دار السعادة المشمول بنظارتها مرتبات علوقة تقوم وزارة المالية بصرفها شهرياً طبقاً لما هو مقرر بكتاب الوقف وذلك بموجب تذاكر ديوانية بمقدار 238 عثمانياً وأربع فقرات ونصف وأن الوزارة قدرت هذه المرتبات بالعملة المصرية بمقدار 0.577 مليماً شهرياً على ما هو وارد بسركي معاش تحت يدها وأنه إذ تبين للمدعية أخيراً أن قيمة هذه المرتبات عند تحويلها إلى العملة المصرية هي 95 ج و275 م فقد رفعت الدعوى - بالمطالبة بالفرق بين ما كانت تصرفه الوزارة وبين القيمة الحقيقية لتلك المرتبات وذلك من تاريخ تنظر المدعية على الوقف في 27 من نوفمبر سنة 1929 حتى 17 من مارس سنة 1944 مع ما يستجد بعد ذلك - وأثناء سير الدعوى عدلت مورثة المطعون عليهم طلباتها إلى مبلغ 3279 ج و668 م مع ما يستجد من 17 مارس سنة 1944 بواقع 17 ج و310 شهرياً وتعديل سركي المعاش إلى هذا القدر الأخير - وبتاريخ 30 من مارس سنة 1946 حكمت المحكمة برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على أن مورثة المطعون عليهم لم تقدم ما يدل على أن قيمة العثماني تزيد على ما قدرته به الوزارة - استأنف المطعون عليهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 147 سنة 72 ق وطلبوا الحكم بطلبات مورثتهم الختامية - وبتاريخ 20 من مايو سنة 1956 قضت محكمة الاستئناف بندب خبير حسابي للاطلاع على حجة الوقف ومستندات الطرفين والوثائق والدكريتات والأوامر الخاصة بالعملة لتحديد ما يساويه كل من العثماني والعتامنة والنقرة من العملة المصرية وتقدير قيمة المرتب الشهري الوارد بحجة الوقف بهذه العملة - وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن مرتبات العلوقة المقررة في حجة الوقف عبارة عن 220 عثمانياً تبلغ قيمتها 84 ج و773 م و18 من العتاسنه قيمتها 3 ج و600 م و4.5 نقرة قيمتها 90 مليماً وجملة ذلك 88 ج و463 م - وقد أخذت محكمة الاستئناف بهذا التقرير وحكمت بتاريخ 7 من يونيه سنة 1959 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليهم مبلغ 1059 ج و798 م وهذا المبلغ يمثل الفرق بين ما كانت تصرفه الوزارة وبين تقدير الخبير في مدة الخمس سنوات السابقة على تاريخ التنبيه بالوفاء الحاصل في 28/ 1/ 1942 وفي المدة من هذا التاريخ حتى وفاة الناظرة المدعية في 4/ 9/ 1950 - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بما جاء في مذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون، ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الموضوع بسقوط حق مورثة المطعون عليهم في المطالبة بالتقادم فرفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع تأسيساً على القول بأن المبلغ المطالب به متجمد دين على الوقف وأن الديون على الوقف لا تسقط بمضي 33 سنة هذا في حين أن المبلغ المطالب به ليس إلا مرتباً عوضت به وزارة المالية مستحقي الأوقاف الأهلية الملغاة في عهد محمد علي واتخذ هذا التعويض صورة مرتب دوري تحددت قيمته ومقداره وقت تقريره وليس بصحيح ما قرره الحكم من أن هذا المبلغ لا يسقط بمضي المدة والحكم إذ يقرر ذلك لا يكشف عن الأساس القانوني لقضائه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه رد على الدفع الذي أبدته الطاعنة بسقوط حق مورثة المطعون عليهم بالتقادم بقوله "وحيث إنه عن سقوط الحق في المطالبة بتعديل المرتب لمضي مدة تزيد على ثلاث وثلاثين سنة دون مطالبته بالزيادة فإن المبلغ المطالب به هو متجمد دين على الوقف والديون على الوقف لا تسقط بمضي ثلاث وثلاثين سنة - إنما إذا كان الدين المطالب به هو إيراد مرتب يدفع شهرياً كما يقول المستأنفون (المطعون عليهم) فهو حق دوري متجدد يتقادم بخمس سنوات طبقاً للمادة 375 من القانون المدني وعلى هذا الأساس لا يستحق المستأنفون فرق العملة في المرتب الشهري الخاص بمورثتهم إلا عن الخمس سنوات السابقة على تاريخ الإنذار المعلن منها بالتنبيه بالوفاء في 28/ 1/ 1942 أي من 28/ 1/ 1937 إلى تاريخ وفاتها في 4/ 9/ 1950" ومن ذلك يبين أن الحكم - خلافاً لما تدعيه الطاعنة - قد بين الأساس القانوني لقضائه كما أنه لم يذكر أن الدين المطالب به لا يسقط بالتقادم بل إنه على العكس من ذلك قد قضى بسقوط ما استحق منه فيما جاوز الخمس سنوات السابقة على تاريخ التنبيه بالوفاء - ولما كانت مورثة المطعون عليهم رافعة الدعوى لم تنازع في مقدار استحقاقها في الوقف وإنما اقتصرت منازعتها على أن وزارة المالية قومت قيمة المستحق لها - بصفتها - بالعملة المصرية بما يقل عن قيمته الصحيحة ولهذا طالبت بالفرق بين تقويم الوزارة لهذا المستحق وبين التقويم الذي تراه صحيحاً - لما كان ذلك، وكانت الفروق متعلقة بحق دوري متجدد لأن المبالغ التي تصرفها الوزارة لأصحاب المرتبات المقررة في الأوقاف الملغاة في عهد محمد علي ومن بينها الوقف الذي كان في نظارة مورثه المطعون عليهم - هذه المبالغ قد فقدت صفتها باعتبارها استحقاقاً في الوقف وذلك بمجرد إلغاء تلك الأوقاف - وإذا كانت الحكومة قد رأت تعويض أصحاب تلك المرتبات برصد مبالغ شهرية لهم بقيمة ما كانوا يستحقونه أصلاً في تلك الأوقاف فإن هذه المبالغ التي يجرى صرفها شهرياً تعتبر في حكم الإيرادات المرتبة - وهو ما سلمت به الطاعنة في سبب الطعن - فتتقادم بخمس سنوات عملاً بالمادة 211 من القانون المدني القديم الذي يحكم النزاع حول التقادم في هذه الدعوى، ومن ثم فإن الحق في المطالبة بالفروق المتعلقة بتلك المبالغ يتقادم أيضاً بهذه المدة - ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة ولم يقض للطاعنة بالفروق عن المدة السابقة على تاريخ التنبيه بالوفاء إلا عن خمس سنوات فقط يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى في الوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ حين أخذ بما انتهى إليه الخبير من حيث تقدير قيمة العملة العثمانية وتحويلها إلى العملة المصرية الحالية ذلك أن الوارد بحجة الوقف الصادرة في سنة 1198 هجرية هو أن المقرر لمرتبات العلوقة عبارة عن 238 عتمانياً (بالتاء المثناة) وأربع نقرات لكن الحكم المطعون فيه جاري الخبير فيما افترضه خطأ من أن كتاب الوقف تناول نوعين مختلفين من العملة العثمانية - 220عتمانياً و18 عتمانياً (بالتاء المثناة) وقدر لكل منهما قيمة مستقلة بالعملة المصرية بينما الثابت في حجة الوقف العتامنة الموقوفة إنما هي مرتب علوقة بدفتر متقاعدين بالمدينة المنورة ولا يفهم منها أن الواقف قصد نوعين من العملة - والعتماني هو العملة المعروفة الواردة في جميع مصادر التاريخ الخاصة بالعملة والقيمة الحقيقية له هي 1/ 120 من القرش باعتبار أن كل ثلاث عتامنة تساوي نصف فضة وكل أربعين نصف فضة تساوي قرشاً وهذا هو ما اتخذته الطاعنة أساساً عند تحويل المرتب من عتماني ونقرة إلى قروش ووصلت من ذلك إلى تقدير المرتب بمبلغ 577 مليماً شهرياً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الثابت من تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه للأسباب الواردة فيه أن الخبير أثبت فيه أنه اطلع على كتاب الوقف المؤرخ في الثامن والعشرين من محرم سنة 1199 - وتبين أنه ورد هذا الكتاب أن الواقف وقف مرتبات العلوقة كالأتي: أولاً - مائتا عتماني وعشرون عتمانياً علوقة بدفتر عتقاء متقاعدين بالمدينة المنورة لقراء قرآن بموجب تذكرة ديوانية مؤرخة في غرة محرم سنة 1190. ثانياً - وجميع مرتب العلوقة الذي عبرته سبعة عتامنة بدفتر متقاعدين. بموجب تذكرة ديوانية مؤرخة في غرة محرم سنة 1191. ثالثاً - وجميع المرتب العلوقة الذي عبرته سبعة عتامنة ونقرة ثلاثة بدفتر متقاعدين... بموجب تذكرة ديوانية مؤرخة 13 جماد الآخر سنة 1189. رابعاً - جميع المرتب العلوقة الذي عبرته أربعة عتامنة ونقرة واحدة ونصف نقرة بدفتر متقاعدين...... وجب تذكرة ديوانية مؤرخة 24 جماد الآخر سنة 1189 وخلص الخبير من ذلك إلى أن جملة المستحق صرفه لأصحاب مرتبات العلوقة هي 220 عتمانياً و18 عتمانياً 4.5 نقرة وإلى أن الظاهر من كتاب الوقف أن العتماني عملة أخرى غير العتامنة - لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تقدم إلى محكمة النقض كتاب الوقف للتدليل على أن ما نقله عنه الخبير واستخلصه منه في هذا الشأن يخالف الثابت فيه كما لم تدع الطاعنة بأنها قدمت إلى محكمة الموضوع دليلاً على أن العتماني والعتامنة الوارد ذكرهما في كتاب الوقف إنما هما عملة واحدة وليسا عملتين مختلفتي القيمة كما اعتبرهما الحكم المطعون فيه لما كان ذلك، فإن نعيها بهذا الوجه يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه التخاذل والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على تقرير الخبير على الرغم من أن هذا الخبير قدم للنتيجة التي انتهى إليها بمقدمات لا تحملها وجرت أبحاثه في نطاق بعيد عن مقطع النزاع في الدعوى فتناول القرش الرومي وقيمته مع انقطاع الصلة بينه وبين العتماني أو القرش المصري ثم وصل بينهما في النتيجة - كما أنه بعد أن أقر بعجزه عن معرفة قيمة كل من "العتامنة والنقرة" عاد وأجرى تقدير قيمتهما بالعملة المصرية جزافاً واعتبرهما كسوراً للعتماني وذكر لكل منهما قيمة لا تمثل الواقع أو الثابت في الأوراق - وإذ أقام الحكم قضاءه على مثل هذا التقدير فإنه يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه يبين من الصورة الرسمية المقدمة بملف الطعن لتقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أن هذا الخبير اعتمد في تقديره لقيمة العتماني بالعملة المصرية على ما تبين له من الاطلاع على حجة وقف عبد الرحمن كتخدا عزبان المحررة في 15 محرم سنة 1174 عن وقف يماثل الوقف محل النزاع في كثير من الوجوه وصادر في تاريخ قريب لصدور ذلك الوقف - ما تبين له من أن الواقف عبد الرحمن كتخدا أورد في كتاب وقف هذا أنه من بين ما وقفه 50 عتمانياً علوقة بدفتر متقاعدين مكة وأن قيمتها 8670 نصف فضة وبعد أن وصل الخبير عن هذا الطريق إلى معرفة قيمة العتماني بالنسبة لنصف الفضة سعى إلى معرفة قيمة النصف فضة بالعملة المصرية الجاري التعامل بها في الوقت الحاضر وقد توصل إلى ذلك عن طريق الأحكام التي أصدرتها المحاكم الشرعية في النزاع الذي دار بشأن تقويم القرش الرومي الوارد ذكره في بعض كتب الأوقاف القديمة فقد تبين للخبير من مطالعة الحكم الصادر من محكمة مصر الشرعية في 4 من فبراير سنة 1942 أنه ورد في أسبابه أن القضاء الشرعي جرى على اعتبار أن 90 من أنصاف الفضة تساوي عشرين قرشاً من النقود المصرية الجاري التعامل بها الآن وأشار هذا الحكم إلى أحكام سابقة أخذت بهذا التقدير - وعلى أساس أن 50 عتمانياً تساوي 8670 نصف فضة وأن 90 نصف فضة تساوي عشرين قرشاً أجرى الخبير تقويم الـ 220 عتمانياً المقررة في كتاب الوقف محل النزاع بالعملة المصرية وانتهى إلى تقدير قيمتها بمبلغ 84 ج 773 م - لما كان ذلك، وكان الخبير على خلاف ما تزعمه الطاعنة لم يخرج في بحوثه عن النطاق الذي يقتضيه بحث النزاع الحالي كما لم يخلط بين العتماني والقرش الرومي وأنه إذا كان قد رجع إلى الأحكام الشرعية الصادرة في الأزمنة الخاصة بتقويم القرش الرومي فإنما كان ذلك لاهتداء بما ورد فيها في معرفة ما يساويه النصف فضة بالعملة المصرية - لما كان ما تقدم، وكانت محكمة الاستئناف قد اطمأنت إلى تقدير الخبير وأخذت به للأسباب الواردة فيه وكانت الأسباب التي اعتمد عليها الخبير في شأن تقويمه لقيمة العتماني والتي أخذ بها الحكم المطعون فيه سائغة وتؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم في ذلك الخصوص فإن ما تثيره الطاعنة في هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للدليل الذي اعتمدت عليه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة في الشق الثاني من هذا السبب من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في خصوص تقويمه لقيمة العتامنة والنقرة بالعملة المصرية فإنه لما كان الثابت من تقرير الخبير أنه ورد فيه ما نصه "أما عن العتامنة والنقرة الواردة بحجة الوقف موضوع الدعوى فلم نعثر على ما يفسرها...." وقال الخبير في موضع آخر من التقرير "أما العتامنة والنقرة فهي كسور سنقدرها لأنه لم يتبين إطلاقاً ما تساويه" وانتهى الخبير في نتيجة تقريره إلى تقدير قيمة كل منهما جزافاً فقدر الواحدة من العتامنة بمبلغ عشرين قرشاً والنقرة الواحدة بمبلغ قرشين - ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد هذه النتيجة للأسباب الواردة في تقرير الخبير وكان التقدير الجزافي الذي لجأ إليه الخبير في تقييم العتامنة والنقرات لا يصلح أساساً لتقييم العملة لما لها من قيمة محددة فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في قضائه بتقدير العتامنة والنقرات بأكثر مما قدرتهما به وزارة المالية على هذا التقدير الجزافي وحده فإنه يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص مما يتعين معه نقضاً جزئياً في ذلك الخصوص وحده ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 490 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 30 ص 183

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة رئيساً وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي؛ وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(30)
الطعن رقم 490 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". بطلان. حكم. "المصلحة في الطعن". إعلان. "بطلان الإعلان".
إعلان الطعن في الميعاد. تقديم المطعون ضده مذكرة بدفاعه. التمسك ببطلان الإعلان. عدم بيان وجه مصلحته. عدم قبول الدفع بالبطلان.
(ب) نقض. "أسباب الطعن".
وجوب بيان أوجه الدفاع التي تمسك بها الطاعن وكيفية قصور الحكم في الرد عليها. لا يصح لمحكمة النقض أن تستخرج بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه.
(جـ) تنفيذ عقاري. "سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية". دعوى "الطلبات في الدعوى".
إثبات المدين في تقرير اعتراضه على قائمة شروط البيع حكم قاضي البيوع ببطلان إعلان ورقة الإخبار وإلزام طالب البيع باتخاذ إجراءات التنفيذ من أول إجراء وإشارته في هذا الصدد إلى المادة 615 مرافعات. يتضمن ذلك طلب الحكم بسقوط تسجيل التنبيه للتأشير على هامشه بعد الميعاد.
(د) تنفيذ عقاري. "سقوط تنبيه نزع الملكية".
التأشير الذي يعصم تنبيه نزع الملكية من السقوط لو تم في الميعاد والذي عنته المادة 615/ 2 مرافعات هو التأشير بإخبار صحيح.

----------------
1 - متى كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد، وكان المطعون عليه قد حضر وقدم مذكرته خلال الأجل الممنوح له، فإنه لا يصح له التمسك ببطلان إعلانه إلا إذا بين وجه مصلحته في التمسك به (1).
2 - إذ لم يبين الطاعن أوجه الدفاع التي تمسك بها لدى محكمة الاستئناف، وكيفية قصور الحكم في الرد عليها، مكتفياً بالإشارة في تقرير الطعن إلى تقديمه مذكرة بدفاعه لمحكمة الموضوع تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه لتتقصى هي وجوه القصور ومناحي الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن هذه الإشارة لا تعدو أن تكون دليلاً على ما كان يجب أن يبينه في التقرير من مواضع القصور ووجوهه، وإذ لم يفعل فإنه لا يصح لمحكمة النقض أن تتخذ منها مصدراً تستخرج منه بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه.
3 - ما ذكره المدين في تقرير اعتراضه على قائمة شروط البيع - من صدور حكم قاضي البيوع ببطلان إعلان ورقة الإخبار وأن على طالب البيع أن يتخذ إجراءات التنفيذ من أول إجراء وأشار إلى المادة 615 مرافعات - يتضمن طلب الحكم بسقوط تسجيل التنبيه للتأشير على هامشه بالإخبار بعد الميعاد عملاً بنص المادة 615 مرافعات، مما لا يصح معه القول بأن الحكم المطعون فيه قد قضى بما لم يطلبه المدين, كما ينتفي معه سقوط حق المدين في التمسك بسقوط تسجيل التنبيه لعدم إبدائه في اعتراضه على قائمة شروط البيع.
4 - إذ قضي ببطلان الإعلان المتضمن إخبار المدين بإيداع قائمة شروط البيع، فإنه يترتب على ذلك أن التأشير على هامش تسجيل التنبيه بهذا الإخبار الباطل يعتبر كأن لم يكن، ذلك أن التأشير الذي عنته المادة 615/ 2 مرافعات والذي من شأنه لو تم في الميعاد أن يعصم تسجيل تنبيه نزع الملكية من السقوط، هو التأشير بإخبار صحيح إذ به وحده يتحقق مراد الشارع من مضي إجراءات التنفيذ على العقار إلى غايتها من بيع العقار المحجوز بعد تصفية المنازعات المتعلقة بها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل، في أن أحمد السيد حسن "الطاعن" اتخذ إجراءات التنفيذ على عقارات مدينه سليمان محمد سليمان وهي أطيان زراعية وفاء لمبلغ 423 ج و740 م، محكوم بها له فأعلنه بتنبيه نزع الملكية في 25/ 7/ 1961 ثم سجل هذا التنبيه في 16/ 9/ 1961 برقم 5265 سوهاج وطلب من قاضي البيوع مد أجل إيداع قائمة شروط البيع لمدة تسعين يوماً، فمنحه القاضي تلك المهلة على أن تبدأ من 10/ 5/ 1962 ثم أودع تلك القائمة في قلم الكتاب بتاريخ 24/ 6/ 1962 وأخبر قلم الكتاب المدين بهذا الإيداع بإعلان مؤرخ 25/ 6/ 1962، وذكر فيه أنه قد حددت جلسة 21/ 8/ 1962 لنظر الاعتراضات على قائمة شروط البيع، وجلسة 25/ 9/ 1962 عند عدم تقديمها وأبلغ مكتب الشهر العقاري بهذا الإخبار بتاريخ 27/ 6/ 1962 على هامش تسجيل التنبيه، وإذ لم يقدم المدين اعتراضاً فقد نظرت الإجراءات التي كانت قد قيدت برقم 8 سنة 1962 بيوع كلي سوهاج بجلسة 25/ 9/ 1962 ولم يحضر فيها المدين ثم أجلت إلى جلسة 13/ 11/ 1962 ثم إلى جلسة 1/ 1/ 1963 للنشر، وفي هذه الجلسة الأخيرة حضر المدين ودفع ببطلان الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع فحكم قاضي البيوع بتلك الجلسة (أولاً) بوقف السير في إجراءات البيع (وثانياً) برد وبطلان ورقة الإعلان بإيداع قائمة شروط البيع المعلنة للمدين بتاريخ 25/ 6/ 1962 (وثالثاً) على الدائن استيفاء الإجراءات من جديد وعلى قلم الكتاب مراعاة تحديد جلسة لنظر الاعتراض على القائمة وأخرى للبيع.
وإثر صدور هذا الحكم، عاد قلم الكتاب إلى إخبار المدين من جديد بإيداع قائمة شروط البيع وأخطر مكتب الشهر العقاري فأشر بتاريخ 22/ 1/ 1963 بهذا الإخبار على هامش تسجيل التنبيه، وبتاريخ 5 مارس سنة 1963 قرر المدين في قلم الكتاب باعتراضه على قائمة شروط البيع لأنه كان على الدائن بعد أن حكم ببطلان ورقة الإخبار أن يتخذ إجراءات التنفيذ على العقار من جديد، ولا يكتفي بإخبار صحيح، ولأنه لا يملك إلا أقل من خمسة أفدنة، وبتاريخ 27/ 10/ 1963 قضت المحكمة الابتدائية في ذلك الاعتراض المقيد برقم 102 سنة 1963 كلي سوهاج بقبوله شكلاً وفي الموضوع، برفضه واستأنف المدين هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والقضاء ببطلان إجراءات البيع، وقيد استئنافه برقم 140 سنة 38 قضائية سوهاج، وبتاريخ 5/ 6/ 1965 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية الحاصل في 16/ 9/ 1961 وما ترتب عليه من إجراءات وطعن الدائن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير ودفع المطعون عليه ببطلانه وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الدفع وبقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن، هو أن ورقة إعلانه بالتقرير بالطعن قد خلت من بيان الجهة التي يقيم فيها المعلن إليه، ومن بيان انتقال المحضر إلى محل إقامته لإعلانه فيه، وهو ما يخالف المادتين 10, 11 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد وكان المطعون عليه قد حضر وقدم مذكرته خلال الأجل الممنوح له، فإنه لا يصح له التمسك ببطلان إعلانه إلا إذا بين وجه مصلحته في التمسك به.
وإذ كان الثابت في الأوراق أن كلاً من إعلان الطعن وتقديم المطعون عليه لمذكرته قد تم في الميعاد، وأن المطعون عليه لم يبين وجه مصلحته في التمسك ببطلان الإعلان بفرض تحققه فإنه يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن قد بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول، إنه قدم إلى محكمة الاستئناف مذكرتين تضمنتا دفاعه إلا أن تلك المحكمة أعرضت في أسباب حكمها المطعون فيه عن هذا الدفاع المدون بهما، فلم تذكر فيه شيئاً واكتفت بما أوردته في تلك الأسباب من أن المستأنف عليه قدم مذكرتين طلب فيهما تأييد الحكم المستأنف وهو منها مخالفة لنص المادة 349 من قانون المرافعات وقصور وإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي تمسك بها لدى محكمة الاستئناف، وكيفية قصور الحكم في الرد عليها, ولا يغني في ذلك أنه أشار في تقرير الطعن إلى هاتين المذكرتين وإلى أنهما قد تضمنتا دفاعه تاركاً لمحكمة النقض مقارنتهما بالحكم المطعون فيه لتتقصى هي وجوه القصور ومناحي الإخلال بحق الدفاع, ذلك أن هذه الإشارة لا تعدو أن تكون دليلاً على ما كان يجب أن يبينه في التقرير من مواضع القصور ووجوهه, وإذ كان لم يفعل فإنه لا يصح لمحكمة النقض أن تتخذ منها مصدراً تستخرج منه بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر من قاضي البيوع بتاريخ 1/ 1/ 1963 اقتصر على تقرير البطلان بالنسبة لإخبار المدين بإيداع قائمة شروط البيع، دون أن يعرض لتسجيل تنبيه نزع الملكية أو التأشير على هامشه بالإخبار، وأنه لما أعيد إخبار المدين بإيداع القائمة بإعلان صحيح واعترض هذا المدين على قائمة شروط البيع ولم يضمن اعتراضه شيئاً من تسجيل التنبيه والتأشير على هامشه بالإخبار، ورغم ذلك فقد قضى الحكم المطعون فيه بسقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية استناداً إلى أن التأشير المؤرخ 25/ 6/ 1962 على هامش هذا التسجيل كان بإخبار باطل، وأنه لذلك يعتبر كأن لم يكن وأن التأشير المؤرخ 22/ 1/ 1963 بالإخبار الصحيح كان بعد الميعاد القانوني مما يترتب عليه سقوط التنبيه، وهو من الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون لأنه بقضائه هذا يكون قد حكم بما لم يطلبه المدين، وعلى فرض أن المدين تمسك لدى محكمة الاستئناف بسقوط التسجيل فإن حقه في هذا التمسك قد سقط عملاً بالمادتين 642 و646، لأنه لم يتمسك به في اعتراضه على قائمة شروط البيع وعلى فرض أن حقه لم يسقط فإن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق الفقرة الثانية من المادة 615 من قانون المرافعات، لأن تلك الفقرة إذ نصت على سقوط تسجيل التنبيه إذا لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوماً التالية له التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع أو صدور أمر قاضي البيوع بمد هذا الميعاد، فقد دلت على أن مجرد التأشير بالإخبار يحول دون سقوط التنبيه حتى ولو كان التأشير بإخبار باطل لأنه لا سقوط إلا بنص، وقد خلت الفقرة السالف ذكرها من اشتراط الإخبار الصحيح، ويرى الطاعن أن نص المادتين 632 و637 من قانون المرافعات يؤيدان هذا النظر الذي يذهب إليه لأن قلم الكتاب لو أخبر الأشخاص الذين حددتهم المادة 632، فصح إخبار بعضهم وبطل إخبار الآخرين وأشر بهذه الإخبارات في الميعاد على هامش التسجيل، لعصم ذلك التنبيه من السقوط رغم أن بعضها باطل.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الثابت من الاطلاع على اعتراض المدين على قائمة شروط البيع أنه تضمن ما يأتي "أنه حكم بجلسة 1/ 1/ 1963 ببطلان إعلان ورقة الإخبار وكان على طالب البيع أن يتخذ إجراءات التنفيذ من أول إجراء ولكنه لم يتخذ الإجراءات بإعادة التنبيه وتسجيله وإيداع قائمة جديدة"، وإذ قضت المحكمة الابتدائية برفض الاعتراض واستأنف المدين حكمها ذكر في صحيفة استئنافه أن مفهوم الحكم الصادر بتاريخ 1/ 1/ 1963 هو أن قاضي البيوع ألزم الدائن مباشرة الإجراءات بإعادة إجراءات البيع من بدايتها وأشار في هذا الصدد إلى نص المادة 615 من قانون المرافعات، وهذا الذي ذكره المدين في تقرير اعتراضه على قائمة شروط البيع وما دعمه به في صحيفة استئنافه بتضمن طلب الحكم بسقوط تسجيل التنبيه للتأشير على هامشه بالإخبار بعد الميعاد عملاً بنص المادة 615 من قانون المرافعات وهو ما لا يصح معه القول بأن الحكم المطعون فيه قد قضى بما لم يطلبه, المدين كما ينتفي معه سقوط حق المدين في التمسك بسقوط تسجيل التنبيه لعدم إبدائه في اعتراضه على قائمة شروط البيع وإذ كان ذلك، وكان الحكم النهائي الصادر من قاضي البيوع في 1/ 1/ 1963 قد قضى ببطلان الإعلان المؤرخ 25/ 6/ 1962 والمتضمن إخبار المدين بإيداع قائمة شروط البيع، فإنه يترتب على ذلك الحكم أن التأشير على هامش تسجيل التنبيه بهذا الإخبار الباطل يعتبر كأن لم يكن، ذلك أن التأشير الذي عنته المادة 615/ 2 من قانون المرافعات والذي من شأنه لو تم في الميعاد أن يعصم تسجيل تنبيه نزع الملكية من السقوط، هو التأشير بإخبار صحيح إذ به وحده يتحقق مراد الشارع من مضي إجراءات التنفيذ على العقار إلى غايتها من بيع العقار المحجوز بعد تصفية المنازعات المتعلقة بها. ولا وجه لما يثيره الطاعن من أنه إذا تعدد الأشخاص الذين يجب إخبارهم بإيداع القائمة وهم أولئك الذين حددتهم المادة 632 من قانون المرافعات وصح إخبار بعضهم بينما بطل إخبار الآخرين فإن التأشير بها في الميعاد على هامش التسجيل يعصم التنبيه من السقوط، ولا يجوز بعد ذلك المساس بالتأشير أو التسجيل إلا برضائهم, لا وجه لذلك لأن الإخبار في هذه الدعوى لم يوجه إلا إلى شخص واحد هو المدين، ولم يؤشر في الميعاد على هامش تسجيل التنبيه بغير هذا الإخبار الذي حكم ببطلانه، ومن ثم فلا يكون في الدعوى تأشير تم في الميعاد بأي إخبار صحيح، متى تقرر هذا وكان التأشير بالإخبار الثاني، قد وقع بعد الميعاد فإنه لا يحول دون سقوط تسجيل التنبيه. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أنه "لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن تسجيل تنبيه نزع الملكية تم في 16/ 9/ 1961 م وصدر أمر السيد قاضي البيوع بمد أجل الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع تسعين يوماً اعتباراً من 10/ 5/ 1962 فإن الميعاد الواجب مباشرة إجراء التأشير على هامش تسجيل التنبيه بالإخبار بإيداع قائمة شروط البيع خلاله ينتهي يوم 9/ 8/ 1962 وإذ ثبت أن التأشير المشار إليه لم يتم إلا في 22/ 1/ 1963 فإنه يترتب على ذلك سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية وبالتالي تبطل كافة الإجراءات المترتبة عليه" فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 3/ 3/ 1955 - الطعن رقم 358 لسنة 21 ق - مجموعة الربع قرن ص 1112.
نقض 25/ 10/ 1967 - الطعن رقم 245 لسنة 33 ق مجموعة المكتب الفني س 18 - ص 1552.

الطعن 457 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 29 ص 174

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

--------------

(29)
الطعن رقم 457 لسنة 35 القضائية

تزوير. "التوقيع على بياض". إثبات. "الإثبات بالبينة".
تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها. خيانة أمانة يخضع إثباته للقواعد العامة. وقوع التغيير من غير من سلمت له الورقة اختياراً. تزوير يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات.

---------------
تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض وإن كان يعتبر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) (2) - خيانة أمانة يخضع للقواعد العامة، إلا أنه إذا وقع هذا التغيير من آخر غير من سلمت له الورقة اختياراً، فإنه يعتبر تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن سعد عبد الموجود يس استصدر بتاريخ 11/ 11/ 1962 من محكمة سوهاج الابتدائية أمر الأداء رقم 108 سنة 1962 بإلزام المرحوم علي عبد الكريم عاشور، بأن يؤدي له مبلغ 700 ج والمصاريف بناء على السند الإذني المؤرخ 26/ 7/ 1961، وتظلم الصادر ضده الأمر أمام محكمة سوهاج الابتدائية، وقيد التظلم برقم 194 سنة 1962 مدني واستند في تظلمه إلى أنه لم يكن مديناً للمتظلم ضده سعد عبد الموجود يس بأي مبلغ بل على العكس أنه كان ضامناً له لدى بنك الإسكندرية في سداد 150 ج بموجب كمبيالة مؤرخة 13/ 7/ 1961 تستحق في 30/ 11/ 1961، وقد قام فعلاً بسداد المبلغ وتسلم الكمبيالة مؤشراً عليها بذلك، وأنه من غير المعقول أن يضمن المتظلم ضده بتاريخ 13/ 7/ 1961 في سداد مبلغ 150 ج للبنك ثم يستدين منه مبلغ 700 ج في 26/ 7/ 1961، إذ لو كان لديه هذا المبلغ ما استدان من بنك الإسكندرية 150 ج قبل ذلك بثلاثة عشر يوماً وأضاف المتظلم أنه ينكر صدور السند موضوع أمر الأداء منه وينكر توقيعه عليه، ويستدل على ذلك بأن كتابة الأرقام في صلبه حديثة وأن الخط الذي كتبت به الإمضاء لا يتناسب مع الخط الذي حرر به صلب السند مما ينبئ أن الإمضاء كتب في تاريخ وأن الصلب كتب في تاريخ آخر وطلب قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع برد وبطلان السند المؤرخ 26/ 7/ 1961 واعتباره كأن لم يكن وإلغاء أمر الأداء المتظلم منه وإلزام المتظلم ضده بالمصروفات. وبتاريخ 22/ 12/ 1962 قرر المتظلم في قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية بالطعن بالتزوير في السند المذكور ثم أعلن شواهده للمتظلم ضده وطلب الحكم برد وبطلان السند. وبجلسة 30/ 12/ 1962 قضت محكمة أول درجة قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المتظلم بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود، أنه وقع على السند المطعون فيه على بياض لصالح محمود علي حسن كشك وأخيه جابر ضماناً لمعاملة تجارية عن سنة 1959 الزراعية، وأن المتظلم ضده تحصل على السند وملأ البياض بالبيانات المطعون فيها على خلاف الحقيقة. ولينفي المتظلم ضده ذلك بالطرق ذاتها ويثبت أن السند المطعون فيه سند صحيح صادر من الطاعن. وبجلسة 24/ 3/ 1963 ناقشت المحكمة المتظلم في ظروف تحرير السند فأدلى بأقوال حاصلها أن محمود علي كشك يشتغل في تجارة القطن والبصل وأن عادة المزارعين جرت على أن يحرروا لصالحه سندات على بياض وبعد أن يوردوا له القطن والبصل تتم المحاسبة ويسترد كل منهم سنده. وقد حدث أن وقع السند موضوع النزاع على بياض وسلم إلى محمود علي كشك على ذمة توريد بصل وقد ورد له منه ما قيمته 200 ج وتمت المحاسبة وقبض باقي حسابه دون أن يسترد السند لأن محمود كشك كان مريضاً ثم توفى بعد ذلك، وأن المعاملة استمرت بعد ذلك مع أخيه جابر كشك ثم حدث نزاع بينهما وامتنع عن معاملته، وأضاف أنه وقع على السند وسلمه إلى محمود كشك أمام محمود أحمد نصر وعبد الرحيم شيخون وأنه طالب جابر كشك برد السند فرفض، ولما حدث النزاع بينهما سلم السند للمتظلم ضده وملأ البياض بقيمة الدين المطالب به في حين أنه لا توجد بينه وبين المتظلم ضده أية معاملات تجارية. وبعد أن سمعت المحكمة لشهود الطرفين طلب المتظلم ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لفحص السند وبيان ما إذا كان الصلب والتوقيع والتاريخ قد حررت بقلم واحد في وقت واحد أم بأقلام مختلفة وفي أوقات متفاوتة، فأجابته المحكمة لطلبه وقضت قبل الفصل في الموضوع بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بأسيوط والاطلاع على السند وبيان ما إذا كان صلب السند والتوقيع المثبت عليه وتاريخه قد حررت جميعاً بقلم واحد أم بأقلام مختلفة وفي أوقات متفاوتة، وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن بيانات صلب السند وكذلك تاريخه قد حررت جميعها بقلم كوبياً واحد غير القلم المحرر به التوقيع، وأنه يتعذر تحديد الوقت الذي كتب فيه كل من الصلب والتوقيع. عادت بتاريخ 26/ 1/ 1964 فحكمت حضورياً في موضوع التظلم (أولاً) برد وبطلان السند الإذني المؤرخ 26/ 12/ 1961 (ثانياً) بإلغاء أمر الأداء رقم 108 سنة 1962 المتظلم منه واعتباره كأن لم يكن (ثالثاً) رفض دعوى المتظلم ضده وإلزامه بالمصروفات ومبلغ 5 ج مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المتظلم ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم برفض الادعاء بالتزوير وبتأييد أمر الأداء رقم 108 سنة 1962 كلي سوهاج وإلزام المستأنف عليها بصفتيها بأن تدفع من تركة مورثها المرحوم علي عبد الكريم عاشور (المتظلم المتوفى) المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 61 سنة 39 قضائية ودفعت المستأنف عليها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. وبتاريخ 4 مايو سنة 1965 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 30/ 12/ 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وفي الحكم القطعي الصادر بعد ذلك من محكمة أول درجة بتاريخ 26/ 1/ 1964، وفي الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 4 مايو سنة 1965 بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن قرر وكيل الطاعن أنه يقصر طعنه بالنقض على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، وصمم على طلب نقضه للأسباب الواردة بالتقرير ولم تحضر المطعون عليها وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن في خصوص ما قصر عليه وهو الحكم الصادر من محكمة الاستئناف قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم وإن أورد القاعدة السليمة الواجبة الاتباع عند الادعاء بتغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض وهي أن الأصل اعتبار التغيير خيانة أمانة يرجع في إثباته إلى القواعد العامة في الإثبات، وأنه لا يجوز الخروج على هذا الأصل إلا في حالة الحصول على الورقة الموقعة على بياض خلسة أو تدليساً فيعتبر تغيير الحقيقة عندئذ تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات، إلا أن الحكم تناقض مع نفسه عند تطبيق قواعد الإثبات فاعتبر تغيير الحقيقة المدعى به في السند موضوع الدعوى الموقع على بياض تزويراً يجوز إثباته بالبينة، في حين أن مورث المطعون عليها نفسه معترف في تقرير الطعن بالتزوير وفي إعلان شواهده أنه قد سلم السند موقعاً منه على بياض ولم يتسلمه منه أحد خلسة أو غشاً، الأمر الذي تمسك من أجله الطاعن بأن الواقعة على هذا النحو لا تعتبر تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق وإنما هي خيانة أمانة ولا يجوز إثبات عكس ما ملئ به السند إلا بالكتابة، والنتيجة الحتمية لذلك هي عدم قبول الادعاء بالتزوير وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه الواقعة تزويراً وليست خيانة أمانة وأجاز إثباتها بكافة الطرق بما فيها البينة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه وإن كان تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض يعتبر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة خيانة أمانة يخضع في إثباته للقواعد العامة، إلا أنه إذا وقع هذا التغيير من آخر غير من سلمت له الورقة اختياراً فإنه يعتبر تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة. وإذ كان الثابت من الرجوع إلى الأوراق أن مورث المطعون عليها قد تمسك بأنه لم يوقع على السند على بياض لصالح الطاعن الذي لا تربطه به أية معاملة، وإنما دفعه وسلمه إلى محمود كشك وأخيه جابر ضماناً لمعاملة تجارية بينهم في سنة 1959 وقد تمت تصفية هذه المعاملة ولكنهما لم يردا له السند، بل سلماه للطاعن الذي ملأه على خلاف الحقيقة بما يفيد مديونيته له بمبلغ 700 جنيه وكانت محكمة أول درجة قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الواقعة، وأيدها في ذلك الحكم المطعون فيه استناداً إلى ما قرره من أنه إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة لغش أو بأية طريقة خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعتبر تغييراً لحقيقة فيها تزوير ويجوز إثباته بالبينة. فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان، وفي بيان ذلك يقول إنه اعتمد على شهادة الشهود الذين سمعوا بناء على الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 30/ 12/ 1962 م بإحالة الدعوى إلى التحقيق وقرر أنه استبان منها أن الواقعة تزوير يجوز إثباتها بالبينة وليست واقعة تسليم اختياري لسند موقع على بياض، ومفاد ذلك أن المحكمة أحالت الدعوى إلى التحقيق دون أن يكون لديها السند القانوني الذي يبيح الإثبات بالبينة وأنها استقت الدليل على أن الواقعة تزوير من التحقيق في حين أن هذا الدليل يجب أن يكون قائماً قبل صدور حكم التحقيق حتى يباح قانوناً الإثبات بالبينة والقرائن، وإذ خالف الحكم التمهيدي هذا النظر فإنه يكون باطلاً، وينسحب هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه الذي أقره واعتمد على التحقيق الذي تم بمقتضاه، وبالإضافة إلى ذلك فإن الحكم الصادر بالإحالة إلى التحقيق حدد لمورث المطعون عليها واقعة معينة ليثبتها وهي أن التوقيع المثبت على السند المطعون فيه هو توقيعه، وأنه وقع به على بياض لصالح محمود علي حسن كشك وأخيه جابر في معاملة تجارية معهما عن سنة 1959 الزراعية وحرر لهما السند المطعون فيه على بياض ضماناً لهذه المعاملة التجارية، وأن الطاعن تحصل على هذا السند وكتب في البياض الذي فوق الإمضاء سند المديونية المطعون فيه على خلاف الحقيقة وأجاز للطاعن النفي، ومفاد ذلك أن الواقعة التي حددها الحكم للإثبات والنفي إنما تنصب على أن السند المطعون عليه بالتزوير هو نفس السند الذي كان قد حرره مورث المطعون عليها إلى محمود كشك وأخيه جابر في سنة 1959، ولا يجوز إطلاقاً الالتفات عن هذه الواقعة إلى واقعة بعيدة عنها. وقد تمسك الطاعن في مرحلتي التقاضي بأن مورث المطعون عليها عجز عن إثبات هذه الواقعة على ما يبين من أقوال شاهديه بمحضر التحقيق، إذ لم يقل أيهما بأن السند موضوع هذا الطعن هو نفس السند الذي وقع عليه مورث المطعون عليها وسلم لمحمود كشك وأخيه. ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، في حين أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، هذا إلى أن الحكم استخلص من أقوال الشهود أن السند المطعون فيه قد وقعه مورث المطعون عليها على بياض لصالح محمود كشك وسلمه إليه وأن الأخير سلمه بدوره للطاعن الذي ملأ البياض ببيانات مزورة، ثم انتهى إلى اعتبار أن الطاعن قد حصل على هذا السند بالتواطؤ مع من أؤتمن عليه ودون بياناته على غير الحقيقة، في حين أن أحداً من الشهود لم يقل بذلك، كما أن جابر كشك المقول بأنه تسلم السند على بياض كذب هذه الواقعة، بل أن نفس مورث المطعون عليها ناقض نفسه بشأنها إذ قرر في طعنه بالتزوير أنها حصلت في موسم سنة 1959 الزراعية ثم عاد وقرر في محضر التحقيق المؤرخ 24/ 3/ 1963 أنها حصلت في سنة 1956، وفي هذا وذاك ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور فضلاً عن مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه، بأنه يبين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 20/ 12/ 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق أنه استظهر الجد في الادعاء بالتزوير من الشاهد الأول، ومبناه أن مدعي التزوير قد سلم السند موقعاً منه على بياض إلى آخر لذمة معاملة تجارية، وأن هذا الآخر سلمه إلى الطاعن الذي ملأه ببيانات تخالف الحقيقة المتفق عليها مع من تسلم السند ومن أن هذه الواقعة تعد تزويراً مما لا يجوز إثباته بالبينة تطبيقاً للمبدأ المقرر قانوناً، وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد المبدأ القانوني الصحيح في الحالة التي يعتبر فيها تغيير الحقيقة في المحرر الموقع على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق لا خيانة أمانة، استخلص من أقوال الشهود ثبوت واقعة التزوير ذاتها، إذ كان ذلك فإن النعي عليه بأنه أقر جواز إثبات للواقعة المتنازع عليها بالبينة قبل أن تقوم الشواهد على أنها تزوير يكون على غير أساس، والنعي مردود في الشق الثالث منه بأن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أقام قضاءه على قوله "أما شاهدي الإثبات فقد شهدا بأن مورث المستأنف عليها وقع على بياض على سند لصالح محمود علي حسن كشك لذمة توريد بصل وكان ذلك في حضورهما وأنهما أيضاً وقعا على سندات مماثلة لنفس الغرض، وأنهما لا يعلمان شيئاً عن مصير السند الذي وقعه مورث المستأنف عليها وأضاف أحدهما وهو عبد الرحيم شيخون بأنه يعلم بحدوث سوء تفاهم بين مورث المستأنف عليها وبين محمود علي كشك الذي تسلم السند، وبعد وفاته حدث سوء تفاهم بين الأول وبين جابر علي كشك وهذه الشهادة تطمئن لها المحكمة وترى الأخذ بها، وتخلص منها إلى أن السند المطعون عليه وقعه مورث المطعون عليها على بياض لصالح محمود كشك وسلم إليه وقد سلمه هذا الأخير بدوره للمستأنف، الذي حرر بيانات على صلب السند وتاريخه على غير الحقيقة أي أن المستأنف حصل على السند المطعون عليه الموقع على بياض متواطئاً في ذلك مع من أؤتمن عليه، ودون بيانات الصلب على غير الحقيقة وأنه يؤيد ذلك ما ثبت من أقوال شاهدي الإثبات من أن المستأنف رجل فقير لا مال له يمكنه من إقراض مورث المستأنف عليها مبلغ 700 ج لأنه يشتغل بالعمولة لحساب أحد أقاربه بالإسكندرية وأنه لا توجد معاملة بينه وبين مورث المستأنف عليها، وقد أيد ذلك شاهد النفي جابر علي كشك الذي شهد بأنه لا يعلم بوجود معاملة بين الطرفين" ومن ذلك يبين، أن التحقيق جرى حول الواقعة الصادر الحكم بتحقيقها وأن المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود الذين اطمأنت إليهم، أن مورث المطعون ضدها وقع السند على بياض لصالح محمود كشك وأخيه وأن الطاعن تسلمه فملأ بياناته على خلاف الحقيقة مما يعد تزويراً منه، وإذ كان هذا الاستخلاص منها سائغاً ويتفق مع الثابت بأوراق الدعوى ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي في شقه الثالث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في فهم الواقع في الدعوى كما أخطأ في الإسناد. وفي بيان ذلك، يقول الطاعن إن الحكم استدل على عدم إقراضه مورث المطعون عليها في 26/ 7/ 1961 مبلغ 700 ج بموجب السند المطعون عليه بالتزوير من أن الأخير سبق أن ضمنه في 13/ 7/ 1961 لدى بنك الإسكندرية في اقتراض مبلغ 150 ج بسند حرر للبنك وبأن الطاعن عجز في 30/ 11/ 1961 عن الوفاء بدين البنك فقام مورث المطعون عليها بسداده وحصل على سند المديونية من البنك، وأن هذا وذاك لا يسوغ معه القول بمقدرة الطاعن على إقراض المورث المذكور700 ج في 26/ 7/ 1961 في حين أن ضمانة مورث المطعون عليها للطاعن لا تعدو أن تكون إجراء شكلياً، لأن البنك على ما جرت به العادة لا يقرض مدينه إلا بإشراك ضامن معه كما أن تسلم مورث المطعون عليها سند الدين، لا يؤدي إلى القول بأنه هو الذي سدد قيمته بل أن الطاعن قد سدد الدين بنفسه، وبعد أن استرد السند سلمه لمورث المطعون عليها ليطمئن على السداد وعلى انتزاع توقيعه عليه، وقد جاءت تأشيرة البنك على ظهر السند بأن القيمة خصمت من الحساب الجاري مؤيدة لذلك. كما حصل على شهادة من بنك الإسكندرية، بهذا المعنى بعد صدور الحكم المطعون فيه، ويبين من ذلك كله أن الحكم قام على فهم وإسناد خاطئين واستخلاص غير سليم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد في هذا الخصوص أنه ليس من السائغ عقلاً ومنطقاً أن يضمن مورث المستأنف عليها المستأنف لدى بنك الإسكندرية في الوفاء بسند قيمته 150 ج في 13/ 7/ 1961، ثم يقرضه المستأنف مبلغ 700 ج في 26/ 7/ 1961 خصوصاً إذا لوحظ أن المستأنف قد عجز عن الوفاء بدين البنك في 3/ 11/ 1961 وقام مورث المستأنف عليها بسداد الدين وحصل على سند المديونية من البنك وقدمه بالحافظة رقم 8 دوسيه ابتدائي، أما قول المستأنف بأنه هو الذي سدد الدين لأنه خصم من حسابه، فمردود بأنه وإن كان يبين من تأشيرة البنك على قرار السند أن القيمة سددت من الحساب الجاري دون بيان اسم صاحب ذلك الحساب، إلا أنه لا جدال في أن وجود سند المديونية تحت يد الضامن، قاطع الدلالة على أن الوفاء بالدين تم من حسابه هو دون المدين، وهو استخلاص سائغ من الحكم، من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه والجدل فيه لا يعدو أن يكون جدلاً في أمور واقعية مما تستقل به محكمة الموضوع. أما المستند الذي قدمه الطاعن لأول مرة أمام هذه المحكمة للدلالة على أنه هو الذي أوفى الـ 150 ج للبنك كمدين خصماً من حسابه الجاري والمقول منه بأنه قد حصل عليه من البنك بعد صدور الحكم، فإن هذا المستند لا يعدو أن يكون دليلاً جديداً لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع ولا يجوز بالتالي التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في القول بعدم إقراض الطاعن مورث المطعون عليها مبلغ 700 ج إلى ما قرره أحد شهود الإثبات من أن الطاعن رجل فقير لا مال له، وأنه يشتغل بالعمولة لحساب أحد أقاربه بالإسكندرية وأنه لا توجد معاملة بينه وبين مورث المطعون عليها، وما كان للحكم أن يستخلص عدم مقدرة الطاعن مادياً من أقوال شاهد رغم ثبوت أن الطاعن يعمل في تجارة القطن ويعامل بنك الإسكندرية. وما كان للحكم أن يعتد بما قرره الشاهد المذكور من أنه لا توجد معاملة بين الطاعن ومورث المطعون عليها، في الوقت الذي أثبت فيه الحكم أن الأخير كان ضامناً للطاعن لدى بنك الإسكندرية في سند قيمته 150 ج وأنه سدد القيمة كضامن. هذا إلى أن الثابت من التحقيقات أن جميع عناصر الواقعة التي اخترعها مورث المطعون عليها، ليصورها على أنها تزوير مستنداً في ذلك إلى أنه كان قد وقع السند على بياض لحساب شخصين فسلماه لآخر هو الطاعن فملأه على خلاف الحقيقة، هذه الواقعة عجز مورث المطعون عليها عن إثبات عناصرها، مما كان يقتضي رفض الادعاء بالتزوير لأن المكلف بالإثبات عجز عنه قانوناً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز الجدل فيه أمام هذه المحكمة.


(1) الطعن رقم 150 لسنة 33 ق - جلسة 16/ 6/ 1966 - مجموعة المكتب الفني س 17 - ع 3 ص 1399.
(2) الطعن رقم 227 لسنة 33 ق - جلسة 16/ 3/ 1967 - مجموعة المكتب الفني س 18 - ع 2 ص 665.